شعر

سأبدأ العيش كصوفيّ مختارات للشاعر الأميركي إدوارد هيرش

 

ترجمة عاشور الطويبي

 

صباح يوم أحد باكر

Edward Hirsch

 

كنتُ أسخر من أبي وجماعته الحمقى

بسبب النهوض المبكرّ في صباح الأحد

وتناول القهوة في محلٍّ قريب،

الآن أنا أحدُ هؤلاء الحمقى.

 

ليس هناك من يهتم بمذلاتي القديمة،

التي تواصل جرّي في نومي

كسلكٍ من عُلبٍ معدنيّة فارغة

تُجلجلُ خلف سيّارة مهجورة.

 

هكذا هو الأمر: بمجرّد ما تعتقد

أنّك قد نسيت الفتاة ذات الشعر الأحمر

التي تركتك عالقاً في موقف السيارات

منذ أربعين عاًما، تستقيظ

 

مبكرًا بما يكفي كي تراها تختفي

عند الركن من حُلمك

على درّاجة ناريّة لأحدهم،

تزمجر وهي تدخل الطريق الرئيسي عند الشروق.

 

وها أنذا الآن أجلس في مقهى

شحيح الإضاءة مليئاً بالمبكّرين،

النوافذُ مغطّاة بالسناج

والقهوة دافئة ومرّة.

 

 

 

أيّ شيء سوى المثال

 

 

 

كلانا، أليس كذلك، في الليالي المضبّبة

ندور حول المتحف الذي يتدلّى خفيضاً في الجهة المقابلة من الشارع

نتمهّل عند البركة خلف المعبد.

 

الحالُ، كيف مرّت سُحُب الجنوب بطيئة فوقنا،

موسماً بعد موسم، سنةً بعد سنة،

 

فيما أنت تتبعين خيط عبقٍ غامضٍ

 

عبر المرج المضاء بفخامة،

تفحّصتِ السناجب في أشجار البلّوط الحيّة،

وخضتِ في حوض السباحة البنيّة العاكسة

بعمودٍ مكسور.

 

كنتِ سليلة كلاب الماء

ولاشيء سوى مثال

عندما خرجتِ من صهدٍ لزجٍ

بجبهة سوداء تقطرُ بالماء

وتكشيرةً جانحة، زمجرةً غير ملجومة.

 

إنّه وجهك الروسي الذي جعلني أجلس

متّوازنًا على فرع شجرة خشبي منهك،

ضائعاً في ليلة لا تريد أن تنتهي،

وأنت مستلقية-هادئة، مستغرقة، متيقظة-

تلفين بجانبي على العشب المتوهّج.

 

فلنقف ونمضِ.

اسبقيني واركضي يا صديقتي القديمة،

هزّي العتمة المائية.

 

 

 

السبت الأخير

 

 

 

وفجأة رنّ جرسُ الباب،

كصفّارة انذار، في صباح سبت.

«من هناك؟” صحتُ.

«المدمّر الجديد.”

 

كنت مصابا بالعدوى، هذا صحيح،

لكني لم أكن أتوقّع مجيئه

مبكرّا، بدون انذار.

لم أتوقّع أن يكون صغيراً جدا.

 

 

 

أغنية ضدّ الانتقاء الطبيعي

 

 

 

البقاء للضعيف!

رجل بذراع مصابة،

بيتٌ فاقد لطوبةٍ واحدة، درجة

مرميّة بعيدًا عن بقيّة الدرج

مثلما أُبعدتُ عنك ذات مرّة؛

هذا يومنا معا، ليس

 

هذا ما كنّا نتخيّله،

ما كنّا نتأمله عنندما كنّا صغارًا

وما زلنا نأمل، ما زلنا نتخيّل أشياء،

الفقدُ أمرٌ قاسٍ، ذراعٌ مهشمةٌ

في وقت يزيده قسوة

 

أن تتعوّد العيش في المدينة، كلمةٌ أخرى

سقطت من معجمنا

وما تبقّى من الكلمات أكثر ثقلاً

على ألستنا، أكثر بعدًا من

أنفسنا، رُغم ذلك يواصل

الناس الحديث، البقاء للحديث.

 

ليس سهلاً التنازلُ على أطراف من جسمك،

ومحاولة الاستمرار بذلك القدر

والأكل كلّ اسبوع، ذلك وأكثر

النقود التي نعلم أنّنا لن نتحصّل عليها أبدًا،

ليس فقط الأشياء التي لن نستطيع شراءها،

بل لا نستطيع حتى النظر إليها في المتاجر؛

هذا يؤلمنا، لكننا نواصل العيش، نكافح للبقاء

إلى درجة أنّ الفشل ذاته يصبح

أغنية ما، أغنيتنا، شاهدنا الوحيد

لطريقة موتنا، يوما بيوم؛

ساق مهشّمة، كلمة مدفونة؛

هكذا نتعرّف على أنفسنا، ولماذا.

 

أرق

 

 

 

تُعرّي الجسدَ الباردَ

ترقدُ عند الغسق، أزرقٌ يسطعُ

على النوافذ والشمس

قُّشّرتْ من أجل ليلة شتويّة. مصمتة الشفتين

 

تتوق لتتجّسد في نوم،

لتفترس الأسد الأبيض

 

يا نومُ، شاهدْ الحجرة ببطء

تحطّ بنفسها في الظّلال، تحطّ

 

بنفسها في نبيذ قذفته

ظلمةُ ليلةٍ أخرى. في صمت

 

تواجه حافّة العتمة الخارجية الزرقاء،

تلك المفارق حيث نلتقي بالموتى،

تعلمُ أنّ أولى صيحات شوارعهم سوف تنهض

 

وتستكين على صدرك

كحيوانات عنيدة

أو حافّة ظهر السكين

على وشك النزول. وطوال الليل

تُركتـَ جالساً على مقعد

خائفاً، تفكّرُ في الجمجمة

تحت الجلد الناعم، كيف

نعود كحيواناتٍ إلى حيواتنا

 

أحاط بها ضبابٌ رقيقٌ،

مكشوفة للريح التي تضرب فرائنا

 

مُنعَ عنّا الدفء، مُنعَتْ عنا الراحة،

مُنعَ عنّا النوم والغرانيت.

 

 

 

تين أخضر

 

أرغبُ أنْ أحيا كشجرة التين الصغيرة تلك

نبتت عند الشاطيء كربيع

ومدّتْ أوراقها فوق الرمل المحصّب.

 

طوال الصيف ثمارها الخضراء العنيدة

(زهور صغيرة مغطاة بجلد ناعم)

تنضجُ وتنمو في الرذاذ المِلحيّ الساطع.

 

شجرة معرفة الخير

والشرّ كانت شجرة تين، أو هكذا قيل،

لكنّ الخيال البرّي كان وحشيّاً ضالاًّ.

 

أرغبُ أنْ أعشقَ كتلك الشجرة المعوجّة-

وحيدة، حلوةً مرةً، وحرّة تماماً-

تلك التي سجدت أمام أعتى الرياح

لكنهم لم ينجحوا في رميها بعيداً.

حطّتْ عينها نصب الأفق القصيّ

وجلبتْ العسل من الصخرة.

 

 

 

رُطَب

 

في ميامي أتمشّى تحت أشجار النخيل،

أشتري حفنة رطب من بائع عربي جوّال.

 

أريدُ أن أتذوّق طعم لزوجة وحلاوة

الطفولة ثانية، سعفُها ونواها السرّي.

 

عمّتي لِيلْ كانت تقدّم الرُطب لعائلتنا

في صحون فخّار. تعجنه على النار.

 

قالت أنّ أّوّل مذاق الرُطب

كاصبع طفل في فمك،

 

والثاني كهسيس

الأب يرتّل صلاة العشاء.

 

*

 

الشيخ الأكبر ابن عربي كان يعتقد

أنّ الله خلق شجرة النخيل

مما فاض من خميرة آدم.

آدم كان الأصل والمثال.

لكلّ أجساد البشر

وشجرة النخيل، كانت أخته الحقيقية.

 

كان لآدم أختٌ جذورُها في الأرض

وفروعُها في الريح.

 

لذلك، النخلة عمّتنا.

 

*

 

النخلة منتصبةٌ مستقيمةٌ كالإيمان-

ابن عربي قارنها بالمؤمن الصحيح-

 

وتدرك ما الشهوة. أحبار اليهود القدامى تكلّموا

عن شجرة نخيل مثمرة خارج طبريا

 

كانت تذبل لوحدها

ولا تعطي ثمرًا إلا بعد توبيرها

 

بوبْرٍ من نخلة من جرش.

تنمو في أودية الأراضي الواطئة الحارّة.

 

عشقي رحلَ إلى الجبال

أُرسلُ إليها جريدة نخيل.

*

 

توجدُ نخلة النصر في نقود الهاسمونيين

وديبورا كانت تقضي بين قومها في ظلّ

 

نخلةٍ خضراء وباذخة كالمسيح،

صورةُ، اخاف، أنها لا تأتي في وقتها.

 

نقش الرومان صورة

السجين يهودا- يهودا السجين-

 

جالساً في حالة حِداد تحت نخلة،

أنا افضّل النخلة الانجيلية الضخمة

 

التي رأيتها مرّة منقوشة على افريز حجري

في كنيس في الجليل.

 

*

 

عندما عجزت عمّتي عن المضغ

كانت ابنة عمتي ترحي لها الرطب

 

وتطعمها بملعقة صغيرة،

آخر بقايا عسل الحديقة.

ابن عربي آمن أنّ الله خلقَ

أرضًا هائلة من قطعة واحدة من الخميرة

بحجم بذرة سمسم.

كانت صغيرة لدرجة لا ترى،

 

لكنها غدتْ عالما من سهول، جبال، صحارى، وديان ….

 

*

 

أوضحَ جعفر الصادق الإمام السادس،

عندما طرد الله آدم

من الجنة باكياً

وحاضناً زوجته العارية

 

أمره أن يقتلع النخلة

يلقي بها خارج الجنّة

 

هكذا أعاد آدم غرسها في مكة.

وبذلك صار المرُّ حلوًا مرّة أخرى.

 

كلّ أشجار النخيل الأخرى، شرقًا وغربًا،

يعود أصلها إلى نوى من نخيل المدينة.

 

محبوبتي حلمتْ بنخلة

مدفونةً بداخلها، والطيور تنشدُ

 

المدائح ليلا ونهارا.

أغنيةُ الطائر تلاشت آن استيقظتْ

 

سريعاً نسيتْ الأنشودة.

كلّ هذا حدث منذ سنوات مضت.

لكن ذات ليلة حين تذوقتْ حبّة رُطب،

شعرت بالنخلة تمدّ سعفها

 

في مكان ما داخلها

وأصواتاً صافيةً مجنّحة ترتفع إلى أعلى.

 

*

 

هل قلتُ أنّ البائع المتجوّل تنهّد

عندما أعطاني الرطب الجني؟

 

أردتُ أن تدوم حفنة الرطب

لكنّ الحلاوة ذابت في فمي،

 

وهي طين بشري هالكٌ،

بينا أتجوّل تحت ظلّة أشجار.

 

نحن نعيش على هذه الأرض الشاسعة لمدّة قصيرة

الآن ما علينا إلا أن نحزن ونحتفل.

سعف على شكل يد مبسوطة.

مذاق رطب مقدّس.

 

 

 

أُزيحُ الظلمة

 

 

 

في الليل وفي مهمّة غامضة عبر الردهة

يذرعُ أبي البيت من غرفة إلى غرفة.

ساعديني، يا أرواحُ، لأخترق حلمه

وأُخفّفَ مروره القلق.

 

أزيحُ الظلمة لرجل المبيعات

القادر على ابهاج كلّ شيء عدا الظلال،

 

مهاجرٌ يقف على ذروة ليلة

شاسعة

 

بدون مشّائته أو عصاه

ولا يتذكر ما الذي كان يريد قوله،

 

رغم أن ذراعه الأيمن مرفوعة إلى أعلى، كما في نبوءة،

بينا اليسرى ترتجف بلا هدف منذرة.

 

في الليل أبي الذي يذرع البيت من غرفة إلى غرفة

لم يعد أبا أو زوجاً أو ابنا،

 

بل ولداً واقفاً على حافّة غابة

ينصتُ إلى صيحات الذئاب القصيّة،

 

إلى كلاب بريّةٍ،

إلى خفق أجنحة وحشية ترتجف في أعالي الأشجار.

 

 

 

المعجم الصغير للتعذيب في الثمانينيات

 

ليس ذاك رجلا يتألم

إنما تليفون برازيلي-

لن يقدر على اجراء مكالمات

 

ليست تلك امرأة تزحف على الأرض

إنما رقصة قديمة،

مثل التانغو.

 

اسحب كرسيّا بحبلٍ معقود.

لنعدّ حفلة شاي وخبز محمص

ومقبلات.

 

لنتخذ مقعدا

على منقار ببغاء.

لنرقص للموتورولا بسماعات الرأس.

 

هل تريد الاستحمام

في حوض البورسلين؟

هل تريد الغناء للأرنب الصغير؟

 

لنركض إلى حجرة الضيوف.

لنأخذ رحلة في الحافلة

إلى جسر سان جونيكا.

انس الأفران والمداخن.

انس الرفّ والبرغي،

قفص النمر.

 

نحن نحتفل بعيد ميلاد

في رعبك.

نحن نشعل الشموع على كعكتك المفضلة.

 

نحن نأخذك إلى الاستعراض

على شاطيء رملي.

أنت ستنزل في غواصة.

 

 

 

سأبدأُ العيش كصوفي

 

اليوم سأرتدي كنزة خضراء صوفية

وأعبر الحديقة في هطولٍ ثلج غسقي.

 

الأشجار تقف في الحقل كسبعة وعشرين نبيّا،

كلّ واحد محطة حجّ-صامتة، تتأمل.

 

قشورُ الضوءٍ الزرقاء التي تسقطُ بين أجسادهم

شفرات سرٍّ، كسوف.

 

سأتفحّص أوراقهم كصفحات في كتاب

وسآخد بعين الاعتبار طيور الحمام، تلاميذ الشتاء.

سأركع على ركبتي على درب السنجاب المهزوم

وسأحدّقُ في بركة فارغة باحثاً عن صورة صوفيا.

 

سأبحث في السماء عن علامات

كأنّ مستقبلي كلّه تمّ التنجّم به.

 

سأعود إلى البيت وحيدًا، وحيدًا أوحد،

مريد ظِلال، في مديح الغرائب.

 

 

 

السماء الشاسعة

 

صغيراً أمشي على الشاطيء

في الليل تحت السماء الشاسعة.

الرمل المبلول يتحرّك تحت قدميّ

والموج يرعدُ على الساحل.

 

أمشي بعيدًا عن الدربِ

بكلّ حشوده الزاهية

الفنادق بأضوائها الرامشة.

الريح تزفر لمئات الأميال.

 

أختفي سريعاً في العتمة

أتلاشى من المشهد.

أنا محارة صغيرة

بسرّية وصلت إلى الساحل

تحمل صوت البحر

يتدفّق عبر جسدها.

 

أنا الآن بالغ الصغرِ لا أحد يراني.

كيف وكلّ هذا الحب الهائل يملؤني؟

 

لم أكن أبداً قادراً على الصلاة

 

جُرّني إلى الشاطيء

إلى المنارة المهجورة والقمر الذي يقرع العوارض الخشبيّة.

 

دعني أسمع اندفاع الريح بين الأشجار

أرى النجوم تأفل، واحدةً واحدةً،

كوجوه موتى منسيّين.

 

لم أكن أبداً قادراً على الصلاة،

دعني أنقشُ اسمي في كتاب الموج

 

أحدّقُ في قبّة

السماء المترامية

أرى صوتي يبحرُ إلى الليل.

 

 

 

من قصيدة جبرائيل

 

لم أن أكن أعلم أن الحِداد والفقد

كمن يحمل كيس اسمنت

إلى أعلى الجبل ليلاً

قمّةُ الجبل لا ترى

لا وجود لقمّة جبل

حزنُ سيزيف البائس

 

لم أكن أعلم أنّي سأشقى

بين الأحراش بلا

سبيلٍ يؤدّي إلى أعلى

 

فلا درب هناك

فقط صخرةٌ صمّاءُ

نهرٌ للغوص

 

ووقتٌ بحجراته القرو-وسطية

وقتٌ بحوافّه المسنّنة

وأدواته الصمّاء

لم أكن أعلم أنّ الحِدادَ

والفقدَ

عملٌ مظلمٌ

نحمله داخلنا

رغم أّنّه يصاحبني أحيانا في النوم

نكونُ معاً مرّة أخرى

ثمّ أستيقظّ

يا حزن سيزيف البائس

لستُ مستعدّاً لحملك الثقيل

ملتصقّا بجسدي

 

انظرْ بتمعّنٍ وسترى

تقريباً كلّ واحدٍ يحمل كيس

اسمنت على ظهره

 

لذا تحتاج إلى شجاعة

كي تغادر الفِراش في الصباح

وتتسلّق النهار

 

 

 

بداية الشعر

 

خطوط سكّة الحديد تقسمُ المخيّم نصفين

في الليل ترقدُ في سريرك الضيّق

تنصتُ إلى الصفير الموحش

لقطارٍ يعبرُ السهل في الظلام.

 

 

 

القضيّة ضدّ الشعر

 

فيما عرضت قضيّتك ضدّ الشعر-

نقّاد افلاطون في اللامنطق،

الكذب الهوميروسي، خَدعوا المواطنين-

لجماعة شعراء براغ،

الليلُ أزداد حلكة في النوافذ القديمة،

طيورُ السنونو تجمّعت في الحافّة الضيّقة

صاحتْ لفجرٍ يتلاشى،

متسوّلٌ يغنّي في الشارع.

 

 

 

إيزيس لا حجاب

 

لندن، 1977

 

المقهى الهندي ومحلّ بيع الكتب الخييء

الذي نسيهُ الوقتُ، الفاقدُ الأهمية، ضاعا،

 

كذلك العشيّات الممطرة اللانهائية

عندما أجلس للقراءة-أو محاولة القراءة-

دروب الفجر الذهبي الصوفية

 

التي ألهمت كثيراً ييتس و مود غونّي،

بينا نادلٌ غريبُ الأطوار بذراعٍ واحدة

يلعب الشطرنج في الركن.

 

شربتُ كؤوس شاي ساخنة بالتوابل

يائساً من نثرٍ رصاصي

لمنظومة لم أستطع فكّها،

 

إيزيس مختبئة خلف حُجُبٍ عديدة

والواقع يصيرُ مضبّباً كالمدينة نفسها.

حتى النوافذ بدتْ من جماعة صليب الوردة الصوفية.

 

في الخارج، في الشوارع الجانبية أصابع معوجة

سبّابات تشيرُ إلى لا مكان،

مضمومة في أكمام، نهايات مقفلة.

 

المقهى الهندي ومحلّ بيع الكتب الخبيء

وأنا الحالم المتفائل

ما زالا في داخلي، وكذلك الليل

 

حملتُ كتبي عبر متاهة

من مبانٍ غريبةٍ، علاماتٍ غامضةٍ،

وانتهيتُ عند حافّة حديقة شاسعة

 

فيها فجأة لمعت السماء

فوقنا، ريح ٌغربيّةٌ رفعتْ

الأوراق المبلولة من على الأرض الطريّة

 

الأشجار تتوهّجُ في المدى

كظلال النساء اللاهية الخفيفة

ترقص في ملابس داخلية سوداء.

 

إدوارد هيرش شاعر وأكاديمي، ولد عام 1950 في مدينة شيكاغو، ويعتبرُ واحداً من شعراء أميركا البارزين. تحصل على عديد المنح منها: ماكارثر وغوغنهايم. كذلك حاز على جائزة مدينة روما للشعر وجائزة بابلو نيرودا للشعر وجائزة أكاديمية الفنون والآداب. كما انتخب مستشارا للأكاديمية الأمريكية للشعراء. أصدر تسع مجموعات شعرية، آخرها كتاب يحتوي على قصيدة واحدة طويلة في رثاء ابنه بعنوان: جبرائيل. وأصدر كتبا لاقت رواجاً كبيراً عن الشعر: معجم الشاعر، اختيار الشاعر، وكتاب كيف تقرأ الشعر وتقع في غرام الشعر.

إدوارد هيرش يترأس مؤسسة جون سايمون غوغنهايم.

 

شاعر ومترجم ليبي، يقيم في النرويج

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى