منوعات

علميّاً كيف يؤثّر النوم في علاقاتك؟

 

 

في جسدٍ يعمل بشكل طبيعيّ، يساعد النوم الدماغ على معالجة المشاعر الإنسانيّة والذكريات خلال اليوم. حين تستيقظ صباحاً وقد نلت قسطاً من الراحة، تكون لديك مساحة ذهنيّة كافية لخلق ذكريات جديدة وتسجيلها وللعمل على التجارب التي تمرّ بها أثناء اليوم.

على عكس هذا، فإنّ الحرمان من النوم يشبه السقوط في نهر متجمّد: كما يقول كريستوفر وينتر، طبيب الأمراض العصبيّة المقيم في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا ومؤلّف كتاب “حلّ النوم” The Sleep Solution”، فالجسد يغلق عمليّة انتشار الزوائد، ويحاول الحفاظ على جوهره في حالة من الدفء؛ باختصار يدخل الجسد في طور محاولة البقاء”. ويضيف أنك حين لا تنام جيّداً فإنّ “قدرة دماغك على القيام بالأمور المعتادة تتأثر وتتفكّك إلى: إيجاد الطعام، قضاء الحاجة، واجتياز يومك”.

إنّ هذا يعني أنّ لا مزيد من الوقت للنشاطات الإضافيّة -كالحوارات مع شريكك في الحياة، نزهات اجتماعيّة، أو أن تتذكّر جمع ملابسك المنشورة.

لأجل هذا، فإنّ النوم شيءٌ أساسيّ وأكثر أهميّة ممّا تعتقد لعلاقاتك الاجتماعيّة. وكما يقول وينتر، فإنّ “كلّ الأشياء التي تجعل علاقةً ما ناجحة غالباً ما تتحطّم تماماً في حالة قلّة النوم”.

هنا نستعرض ثلاثة مجالات يؤثّر بها النوم في العلاقات، وكيفيّة توفير الطاقة الكافية للصمود أمامها.

مشاعرك تخرج عن السيطرة

هل سبق أن شعرت بالرغبة في أن يصل شريكك إلى مقصود الكلام مباشرة، أو أنّك قلق أكثر من المعتاد بعد سهر طوال الليل لعملٍ ما؟ ربّما كنت متعباً بعض الشيء.

كما يقول وينتر، عندما تعاني من قلّة النوم، لا يعمل جزء الدماغ المسؤول عن ربط العواطف بالذكريات -اللوزة الدماغية- بصورة جيّدة. ربما ظهر هذا في صورة قيام اللوزة الدماغية بإطلاق نواقل عصبيّة أكثر أو أقلّ من الطبيعيّ، وهذا يمكن أن يؤدّي- كما يقول وينتر- إلى المبالغة في ردّ الفعل (في حالة وجود نواقل أكثر) أو إلى ألّا تلاحظ عواطف الآخرين (في حالة وجود نواقل أقل). في الواقع، فإنّ دراسة أجريت عام 2013، ونُشرت في مجلّة Psychosomatic Medicine ، قد وجدت أنّ نشاط اللوزة الدماغية استجابةً للضغوطات في حالة قلّة النوم يشير إلى أعراض الاكتئاب والإجهاد الملموس.

باختصار، عندما نعاني من قلّة النوم فإنّنا من المرجّح أكثر أن نبالغ في ردّ الفعل على مواقف ما كانت لتزعجنا في العادة. تقول جينيفر مارتن- أخصائيّة علم النفس العيادي والمتخصّصة في طب النوم السلوكيّ في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس- أنّ “هذا يمكن أن يؤدّي إلى علاقات أكثر تأزماً وأقلّ رضاً”.

وتضيف مارتن: “إذا سبَق لك أن رأيت طفلاً في عامه الثاني، وقد أهمل غفوته، فهذا نموذج ترى فيه كيف يكون ردّ فعلنا جميعاً، على الجانب العاطفيّ، في حالة الحرمان من النوم. تبدو المشكلات الصغيرة أكبر من حجمها، ويتضخّم ردّ فعلنا. تشير بعض الدراسات إلى أنّ احتماليّة الشعور بالحزن أو القلق تكون أكبر إذا لم يحصل المرء على قسطٍ من النوم أو كان يعاني الحرمان من النوم”.

وتواصل مارتن قائلةً إنه ولسوء الحظّ فإن هذا الأمر يزداد سوءاً، لأنّنا في الحقيقة لا نلحظ عادةً هذا التضخّم في ردود فعلنا العاطفيّة.

من الآن وصاعداً، حين تجد نفسك تنزعج بسهولة، أو تشعر بالقلق أو بالفظاظة، فكّر في برنامج نومك في اللّيالي القليلة السابقة. إنّ مجرّد إدراك أنك قد تكون في طور المبالغة في ردّ الفعل، يمكن أن يساعدك في إزالة الموقف، كما يقول وينتر.

نصيحة أخرى تقول إنّ عليك الاحتفاظ بالحوارات الجادّة ليومٍ تكون قد نلت قبله قسطاً وافراً من الراحة. يؤكّد وينتر أنّ النوم يجعلنا أقل عرضة للسلوكيات الخطيرة ويضيف أنّنا نتّخذ قرارات أفضل ونميل إلى أن نكون أكثر صبراً ولدينا قدرة أكبر على الاستماع والتركيز (وكلّها من مكوّنات أي علاقة صحيّة) حينما نحصل على قسط جيّد من الراحة.

قلّة النوم يمكن أن تجعلك مريضاً أو متعباً

طبقاً لمراكز الوقاية ومكافحة الأمراض، فإنّ النوم غير الكافي يمكن أن يعرّضك لمخاطر صحيّة تشمل السكّري والسمنة وأمراض القلب والاكتئاب. وكما تقول مارتن، هناك مشكلات أخرى كذلك تأتي من قلّة النوم، مثل نزلات البرد، وهذا قد يكون عائقاً أمام الخروج في نزهة مع شريكك.

في نهاية المطاف، إذا كنت تشعر بالحنين إلى البيت، فإنّ رغبتك في قضاء الوقت مع أيّ أحد أو أي شيء غير سريرك ستتلاشى. تقول مارتن إن “هذا قد يكون له أثر سلبيّ على العلاقات”. وتضيف أنّه مع مرور الوقت، قد يقضي التخلّف عن عشاء أو بعض الدعوات بسبب الإرهاق أو المرض ببطء على علاقاتك.

بالطبع فإنّ نزلة البرد ليست إلّا مثالاً من النطاق الأصغر، لكن الباحثين يشيرون إلى أنّ قيام أيّ من الشريكين بدور القيّم يمكن أن يكون عبئاً مُجهداً، وبخاصّة للنساء، بما يؤثّر سلباً في الصحة الذهنيّة.

برامج النوم غير المنتظمة يمكنها أن تسبّب مشكلات في العلاقات

،إذا كنت في علاقة وتعمل في مناوبات غير منتظمة، فإنّ وضع خطط للقاء منتهتمّ بهم يمكن أن يصبح تحدّياً، ففي نهاية المطاف يمكن أن يكون من الصعب إيجاد الوقت للخروج في نزهة للطهي بالخارج، إذا كنت تعمل في المساء وشريكك يعمل من التاسعة حتى الخامسة مثلاً.

يقول يونتر إنّه “من النادر وجود شخص يمكنه أن يتقن الأمر في ما يتعلّق بالعلاقات والعمل في ساعات غير معتادة”.

لهذا يقترح مشاركة تقويم غوغل مع أحبائك؛ إذ يقول وينتر إنّ هذا يمكن أن يساعدك ليس في مجرّد التخطيط مُسبقاً وإنّما في تذكّر الترتيبات التي قمت بها بالفعل – وبخاصة إذا علمنا أنّ قلة النوم يمكنها أن تؤثّر في الذاكرة ولكن ماذا ينبغي أن تفعل إذا كان شريكك لديه جدول غير منتظم؟ تلفت مارتن إلى أنّ الوصول إلى نقطة لقاء، كالسهر لبعض الوقت أو الطلب من شريكك الاستيقاظ مبكّراً قليلاً، يمكنه أن يساعد في توفير الوقت الذي يمكن قضاؤه معاً.

وربّما الأهم من كل هذا، يجب احترام حاجة الشريك إلى النوم. تقول مارتن إنّه “لبعض الأسباب، يشعر البعض كما لو كان بإمكانهم الطلب من شركائهم الاستغناء عن النوم أحياناً من أجل قضاء بعض الوقت معاً”. لكن هناك رهان أفضل وهو التركيز على قضاء وقت جيّد معاً حين يكون الشريك في حالة يقظة. تضيف مارتن أنّ ”حواراً لمدة نصف ساعة من المرجّح أن يكون أهم من مشاهدة ساعتين على نتفليكس من أجل الحفاظ على علاقة صحيّة”.

هذا المقال مترجم من موقع time.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي

إقرأ أيضاً: هذا ما يحدث لعقلك وجسدك عندما تتصفح هاتفك قبل النوم

 

Time

درج

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى