مقالات

أدباء ومبدعون في رسائل إلى 2019: رغم المناحة العظيمة… ليست هذه نهاية التاريخ

 

 

رشيد وحتي،  محمد ناصر الدين

كيف نخاطب العام الجديد أدبياً وثقافياً وشخصياً بأمنياتنا وآمالنا وآلامنا؟ هل من مكان لبارقة أمل في رسائلنا للعام الجديد ونحن أبناء وبنات منطقة «المناحة العظيمة» والتعبير للمفكر والمؤرخ العراقي فاضل الربيعي، من مناحات إيزيس على إيزيريوس، وعشتار على تموز وبكائيات كربلاء الشجية؟ هل نخاطب زماننا لنهجوه على طريقة الإمام الشافعي (نعيب زماننا والعيب فينا، ولو نطق الزمان لنا هجانا) أم أن ثمة مكاناً في الأمنيات الشخصية على الأقل للحب، والحلم والأغنيات؟ هل ستكون أمانينا لـ 2019 هي ذاتها للعام الذي يليه، فيصحّ عندها ما يقال فينا بأننا نعيش على هامش العالم، إن لم نكن عالة عليه؟ في العام الماضي والذي قبله، لم تتوقف المراكب الصغيرة المحمّلة باللاجئين من الاقتراب من السواحل الإيطالية ومضيق جبل طارق.

لم تتوقف جثث الأطفال عن الطوفان فوق مياه المتوسط. لا تزال الكلمة تواجه بالمنشار، وقبة الكنيسة بالديناميت. لا تزال فلسطين التي على بعد شبرين من القلب قريبة بعيدة، لا يزال حَمام العراق ممنوعاً من التجول بين مئذنتي النعمان وموسى الكاظم، وأرض الكنانة مكلومة بالإرهاب والعسكر. هم نخبة من أهل الشعر والأدب والثقافة، من لبنان والعراق وتركيا وفلسطين ومصر، عرفناهم في «قصائد مهربة الى حبيبتي آسية» و«الموت يأخذ مقاساتنا» و«رسالة إلى الأختين» و«نزهة بحزام ناسف» و«شهوة القيامة» و«أسباب رائعة للبكاء» و«بنات الله» وغيرها…. سألناهم في «كلمات» عن رسالة يودون توجيهها للعام ٢٠١٩، حاملة تمنياتهم العامة والخاصة، في المدار الشخصي والمحلي والعالمي ليأخذونا معهم إلى الغد. رغم المناحة العظيمة، فإننا كما يقول سعد الله ونوس محكومون بالأمل، و«ما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ».

نَخــــب/ عباس بيضون

‎يريدون أن أخاطب السنة الآفلة: ليست المرة الأولى التي يخطر فيها شيء كهذا. لعلّ هذه اللعبة الأدبية تحدث في نهاية كل سنة. لا داعي للقول إننا هكذا نخترع الزمن الذي ينبغي أن يتزمّن. بدون ذلك، لن يكون له وجود. لن يكون لنا أيضاً وجود، فنحن كائنات زمانية. لكن هذا دليل آخر على عدم وجودنا. نخاطب الزمن الغارب الذي لم نستطع إيقافه، الذي صار هكذا مِلكاً لنا. لمجرد أنه مات قبلنا، صار لنا كون وصار لنا زمان. عند كل عيد، نشعر بأننا نملك سلطة ونخرج لاستعراضها. نرميها كنَخب ونختصرها كنَخب، وهكذا نخرج مرة أخرى من الجنة منتصرين على الحياة التي صارت فجأة رقماً ساقطاً، شيكاً على بياض بالملايين غير المعدودة إلا بالبياض. ثم يكون من قوتنا أن نكلم السنة التي ترتجف على الحافة. لن نخاطبها بالطبع بالدموع، فنحن في هذه الساعة أسياد وأحرار من أي ضغط وفي أيدينا ذلك النَخب الذي يشبه زهرة الخلود.

‎نحن الآن بين عامين في قطيعة وفي فراغ وفي قوس قزح وومضة تساوي النَخب ولا زمن فيها. سنكون ملوكاً في هذه اللحظة ولن نأبه. سنقول إن هذه الصحبة كانت باهظة وكانت من شوك وعضّتنا دقائقها وثوانيها. سنقول إننا الآن سادة ولن ننشغل بحك جلودنا. نحن ملوك ولن نخدم بعد على طاولة الثواني. نحن أبناء العدم ولن نُستعبد بعد في حانة الأيام. سيقول البعض سرقتنا الأيام، أحبّتنا ضاعوا بين يوم ويوم دهستهم رؤوس السنين. سحقتهم الليالي، خسرنا بعدد الشهور وعدد الأسابيع. لم يكن هناك ثمن لذلك. لقد خُطفنا عن الطريق، قُتلنا بكلماتنا، صرنا عبيد خطانا.

‎غلبتنا أفكارنا وسقطنا تحت نوايانا. ماذا نفعل إذا سقطت الكأس سوى أن نحطمها على جسد السنة الميتة، سوى أن نبدلها بأول صباح جديد؟ ذلك سندخل فيه الى أكواخنا ونبدأ هناك خدمتنا، ستكون هناك قطعة من الزمن في انتظارنا. سيكون هناك رأس آخر فوق الصخرة التي علينا أن نحملها. ستكون هناك خدمة طويلة وستسحبنا الأسابيع جسداً وراء جسد الى حيث يخف الزمن، يخف إلى أن لا يبقى فيه سوى العدم ونعود نحن ملوك اللحظة وربما أسياد الفراغ، ولن يكون هناك أيضاً ما يقال سوى أن من يتكلمون تصلنا أصواتهم من بلاد أخرى، ومن يتذكر يعرف أن ليس هنا سوى خرخرة النهر الذي يتدفق بين القبور في جبال الماضي حيث يقول الرقيم إننا خرجنا من الجنة.

* شاعر وروائي لبناني

أن لا يغرق الأطفال في المتوسط

أتمنى ألا يكون عام ٢٠١٩ أسوأ من العام الذي قبله، حيث عرف بلدي تركيا والعالم الكثير من الكوارث. بلى، لا أخفي مرارتي أمام تغير النظام السياسي في تركيا، من الآن فصاعداً، رجُلٌ واحد، السيد إردوغان، يقرر كل شيء. هذا النظام السوبر رئاسي هو كارثة حقيقية للديموقراطية التركية، وللمنطقة كذلك. أتمنى أن يساق قتلة الصحافي السعودي جمال خاشقجي إلى العدالة ويحاكَموا، ومن ضمنهم المخطِّط (بصيغة المفرد أو الجمع) الذي يبدو أنه يختبئ خلف حصانته. أتمنى أن تصل الكارثة السورية التي أثارت الكثير من الأسى الى خواتيمها، وألا يغرق الأطفال بعد اليوم في المتوسط. أمنية أخيرة بخصوص الثقافة: أن يتمكن الكتّاب من التعبير بحرية. لا إبداع من دون حرية.

* روائي ومفكر تركي

لديّ حلم/ عيسى مخلوف

كأن لا مصير للعالم العربي خارج هذه الثنائيّة: إما الاستعمار وإما الاستبداد. ألا يمكن أن يفكّر أهل هذه المنطقة من العالم في مصير ثالث لا يكون الإنسان فيه مستباحاً، أسير القمع والظلم منذ الولادة حتى الموت، فاقداً لأبسط الحقوق الإنسانية في الحرية والكرامة، مدفوعاً نحو حروب أهليّة لا تنتهي؟

أليس من حقّ أهل هذه المنطقة أن تكون لهم مدارس ومعاهد وجامعات ومؤسّسات ومراكز بحوث تساعدهم على الاندماج في هذا العصر وإيجاد موقع لهم فيه، وتفتح أمام أبنائهم مستقبلاً آخر غير أن يكونوا وقوداً لحروب عبثيّة، وغير التشدّد الديني والتعصّب والتطرّف ورفض الاختلاف، أو الارتماء في المجهول والهرب والهجرة؟

التخلّف ليس قدراً، والجهل ليس قدراً. وحالة الفقر والبطالة ليست قدراً. وليس قدراً الإحساس بالاغتراب. ألا يحقّ لهذه الشعوب أن تفكّر في العدالة وتكافؤ الفرص والخروج من العبوديّة؟

ألا يحقّ لها أن تحلم بغد أفضل؟ وأن تردّد العبارة التي استهلّ بها مارتن لوثر كينغ خطابه الداعي إلى المساواة والحرّية، الخطاب الذي ألقاه عند نصب لنكولن التذكاري عام ١٩٦٣، وكرّر فيه مراراً: «لديّ حلم».

كم طال هذا الحلم في العالم العربي، وكم للأسف سيطول!

* شاعر وكاتب لبناني مقيم في فرنسا

أُشبِهُ جدتي في الانتظار

في ٢٠١٨ سمعت ابني يغني مرتين في حفلات المدرسة وكان هذا سبباً كافياً للحياة.

في ٢٠١٨ شعرت بأني أشبه جدتي في كل شيء، لكن فرصها في التعليم والحياة كانت أقل مني. ترملت في سن مبكرة مع كثير من الأبناء.

جدتي كانت تأخذ ابنها إلى المدرسة أيام الامتحانات وتنتظره خارجاً.

كبر الابن وذهب إلى الجيش. كانت تمشي له مسافات طويلة مرعبة حتى تراه فقط وتنتظره هناك.

أشبه جدتي في كل شيء تقريباً وبخاصة في الانتظار.

أحياناً، أريدها أن تخرج من حلمي بها. تسمع موسيقى البيانو التي في رأسي، ونتحدث كثيراً عن الصمت، وعن الغياب الذي جعلنا نتحدث.

دائماً ما كنت أريد أن آخذ حقي كاملاً من الحياة كأني أقتص لها.

آخذ حقها من السنوات التي تركتها تركض بدون حب أو أمان أو أحلام تناسب روحها. الآن أشعر بأني فعلت كل شيء بسنواتي السابقة المبعثرة بالنجاحات والدهشة والتعب.

وانتهيت هنا، تماماً، مثل تلك المرأة التي أحبها. في انتظار ابني أن تتحقق له الأمنيات في كل مرحلة ثم يكبر ليعرف أكثر عن محبة العالم وألمه. ليعرف أكثر عن محبة العالم فقط.

أحلامي الشخصية:

أتمنى أن أظل أكتب وأن أصبح أقرب في طريق الحصول على الدكتوراه. أن أظل دوماً قادرة على الحلم. وأن أجد مكاناً يسكن فيه ذلك الضياع، مكاناً يشبه البيت.

والأحلام الأخرى هى ألا يفقد أحد صوته أبداً. أن لا يكون هناك شخص يسرق منه الصوت أو تطمس صورته. ألا يكون هناك متحدث بالنيابة عن المسجونين والمفقودين أو الذين ظلموا.

أن يأخذ كل من ترك الكلام صوته من جديد.

* شاعرة مصرية

زمان يكتبونه لنا بالسكاكين/ كاظم خنجر

لا شيءَ سيحدثُ، لا لحظة ستضيء، لا أحدَ سيُولد، بينما سيستمر القتلة بالتكاثر بلا هوادة؛ فالزمن لم يعد كفيلاً بمحوهم، فهم ينتشرون به وعبره، يكتبونه لنا بسكاكينهم وبأساطيلهم، بسجونهم وراياتهم، بكراهيتهم وآياتهم. إلى الآن، لم نتعلم الخروج من سنة حتى ندخلَ في أخرى، إلى الآن نحيا ونموت في التأريخ. ما الذي قمنا بتأسيسهِ في ٢٠١٨ _ أو قبلها _ حتى نكمله في ٢٠١٩ سوى الدوران في الفراغ ذاته؟ اللاشعور بالزمن كارثتنا العميقة. الكارثة التي يغذّيها الدين من جهة والقومية من جهة أخرى. لا يمكنني أن أتمنى النظر والعمى ملء عيوني، لا يمكن أن أوهمَ نفسي بأن أضعَ الأمل في المستقبل، بينما اليأس يلتهم كل شيء. «إن الكلمات البليغة تجلب على البشر شروراً كثيرة. إنها حكمة ندركها بتقدمنا في العمر» هكذا ختم سوفوكليس «أنتيغون»، نحن مجتمعات الكلمات البليغة، المجتمعات التي لا تتقدم بالعمر، المجتمعات الراسخة تحت الشرور والضياع.

لا أستطيع أن أوجّه شيئاً يا أصدقائي للسنة الجديدة، فيدي قطعوها ولساني قصّوه، وعيني فقأوها.

* شاعر ومسرحي عراقي

أمنيات غير منضبطة/ محمد علي شمس الدين

الأمنيات لعام ٢٠١٩ شاسعة وغير منضبطة، وبعضها يتعلق بالأحلام. لذلك سأتركها جانباً، وأقول ليست لي لهذا العام الجديد أي أمنية محددة. ولكن أسأل نفسي أليس لي أجندة ثقافية… توقعات… خطة عمل ما…؟ وأجيب بلى مستفيداً من قراءتي للتاريخين القديم والقريب وانتباهي للفلسفة.

أولاً، تستمر أنواع الفنون من شعر ورسم وموسيقى وسينما في الاتجاه نحو الانكسار والتبعثر. يمكن استراق لحظات متصلة بحالات صارخة كالهجرات في الحدود والبحر والموت من الجوع أو التوحش.. حب صعب جسدي، عنف وحنان صراع طبقي متفاقم… لصنع أعمال فنية قصائد برقية أفلام قصيرة روايات.

ثانياً، صراع القوى الناعمة في العالم سيكون أشد من الصراع العسكري والأمني.

ثالثاً، هدنات متقطعة واستدراكات في المنطقة العربية.

رابعاً، ترسيخ استحالة الوجود الإسرائيلي ووقوع المساحة الفلسطينية بين العجز الصهيوني المفضوح والقهر الفلسطيني المولد للثورة، ليس ثمة هدنة لتدفق الدم الفلسطيني.

خامساً، في لبنان الثورة الشاملة على الفساد المالي والسياسي والاجتماعي هي ثورة شديدة الصعوبة نظراً الى تركيب المجتمع اللبناني القائم على طوائف وعصبيات تحمي الفساد المالي والسياسي وتحوله إلى مؤسسة وتوارث. إن أي ثورة شاملة سرعان ما تتحول إلى اقتتال طائفي.

سأدعو بقوة إلى إعمال مادتين معطلتين في الدستور اللبناني لأسباب تخدم الطبقة الحاكمة هما المادة ٧ التي تنص على أن اللبنانيين متساوون أمام القانون، والمادة ٥٩ وتنص على الإلغاء التدريجي للطائفية السياسية من خلال هيئة في مجلس النواب يرأسها رئيس الجمهورية، ومن أعضائها حُكماً رئيس الحكومة وأعضاء من النخب الفكرية والعملية في المجتمع.

الأجندة الشخصية:

  1. استكمال إصدار كتابي «فهرست الكائنات الشعرية» بأجزائه الثلاثة: الجزء الأول «الطرائد» من ٦٧٣ صفحة حول التراجيديا والموسيقى والزمان عند ابن عربي وت. س. إليوت والغرناطي والدمشقي، والجزء الثاني بعنوان «خدوش على التاج» من ٢٨٣ صفحة، والثالث بعنوان «على تماس» من ٣٣٢ صفحة. صفحات تتناول أبرز شعراء العالم بما يشبه الأوعية المتصلة.
  2. استكمال كتابة حلقات روائية ذات جوهر شعري وفانتازي واقعي ومتخيل تم إنجاز خمس حلقات منها.
  3. قراءة كتب تتعلق بنزعات النشاز في التاريخ مثل تاريخ الإلحاد في الإسلام والخروج على الانتظام وكتب تتناول ميثولوجيات الشعوب، ومتابعة الحركة الشعرية والأصوات الجديدة بالعربية والفرنسية وبعض الترجمات.

* شاعر لبناني

لنُخاطِب العالم/ ياسر عبد اللطيف

الحقيقة، لا أقوى على تمنّي أمر عام، وكل ما أرجوه ألا تزداد الأمور سوءاً في المنطقة العربية المنكوبة بكلّ أنواع الشرور السياسية والثقافية والاجتماعية، والطبيعية أحياناً.

وعلى المستوى المهني، أرجو أن يواصل الأدب العربي رحلة كفاحه للتخلص من التصوّر السائد عنه في سوق الأدب الدولية، بأنّه أدب إخباري وظيفته أن يمدّ العالم المتقدم بتصورات جاهزة عن تلك المنطقة المنكوبة من العالم. أدب للحروب الأهلية والاضطرابات السياسية، أدب للاضطهاد الديني والأقلياتي، أدب للمعتقلات والتعذيب.

لا شكّ في أنّ تلك الأمور كلّها من صميم واقعنا الذي نعيشه، ولكن سؤال الأدب كان طوال عمره وسيظلّ في مكان آخر غير الإخبار والإنباء وإبهار العالم المتقدم بفظائع حياتنا التعيسة. نرى الآن روايات، بل وقصائد شعر تُدبّج خصّيصاً للترجمة، ويظنّ كتّابها في أنفسهم العالمية، وهم لا يفعلون سوى ترسيخ كلّ النظرات الكولونيالية والاستشراقية القديمة، وربما بمسحة من تحضر في اللكنة، كأن كاتبنا العالمي يقول: «أنا من يكتب لست من هؤلاء الوحوش، لكنني أخبركم عنهم وأعلن انتمائي لعالمكم النظيف

والإنساني».

بعيداً من المفاهيم الدينية أو القومية حول اللغة العربية وقدسيتها أو أهميتها، فهناك حقيقة واقعية توثِّقها الأرقام والإحصائيات، وهي أنّها اللغة الرابعة في الانتشار عالمياً، بعد الإنكليزية والماندرين الصينية والإسبانية. وتتفوَّق العربية بذلك بدرجتين على الفرنسية، وبثلاث على الروسية وبعدد كبير من الدرجات على الألمانية. ولو استبعدنا لغة الماندرين لكونها خاصة بشعب بعينه غير عابرة للأقطار، ستأتي العربية ثالثةً في الترتيب العالمي من حيث الانتشار الأفقي على سطح البسيطة. تلك حقيقة بسيطة ومعروفة ولا أكفّ عن ترديدها. لم يمنع الانحطاط السياسي لأميركا اللاتينية، ولا لإسبانيا ذاتها حتى وقت قريب، من تبوّء أدب تلك الأمم المكانة التي يستحقها. كتابنا العالميون يواصلون عبر أدبهم العالمي الحفاظ على الوضع المتدني لأدب العربية ربطاً له بانحطاطنا السياسي. هم من حيث لا يدرون أو يدرون، وبترسيخهم تلك الصور، أدوات مساعدة للهيمنة. ولن تنتهي هذه الهيمنة، على الصعيد الثقافي على الأقل، ما لم تنطق العربية بما تستطيع أن تخاطب به العالم، بجدارة وعلى قدم المساواة، فتُجبره على الإنصات.

* شاعر مصري مقيم في كندا

أن نستعير وجه الأرض/ ماري جليل

أتمنى أن تسقي دموع الموتى روح الإنسانية اليابسة

أن تزهر عظامهم سنابل قمح نملح بها أمعاء الأطفال الخاوية

أن نستعير وجه الأرض لنصنع إنساناً أليفاً نستجدي به غيثاً ولو بعد حين

* شاعرة لبنانية مقيمة في كندا

لتستحِقّنا الحياة/ نعيم تلحوق

ليس من السهل أن نحكم أو نجزم على عام دون آخر. الأعوام تمضي ولا ندرك ضرورتها ولا ضرورتنا فيها. قد يكون ٢٠١٨ هو عام الكشف ثقافياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، ونحن بانتظار ما سيكشفه مستور ٢٠١٩ ثقافياً. أتمنى أن يكون عام ٢٠١٩ هو عام التجلي بكل ما تحمل هذه الكلمة من مضامين ــــ لا أقصد البعد الديني ــــ بقدر ما أعني إعادة الحياة إلى الحياة، إعادة الكتاب إلى أيدي الناخب والمنتخب، القارئ والكاتب. أن ترى الكتاب في المقهى والشارع والبيت والحديقة والسيارة والطائرة والقطار بين أيدي عشاقه. إنها نغمة جديدة لإعادة الروح إلى البياض، بسبب ما جرّت علينا التكنولوجيا من أوهام كالعيش خلف صناديق مغلقة عن العالم ومفتوحة على داخلنا.

أمّا ماذا أنتظر من عام ٢٠١٩، فلن أنتظر الكثير. الحياة أقصر من أن أنتظر ٣٦٥ يوماً على غير طائل. لكني أرغب أن يكون عاماً واعياً لصدى الوقت المغروس في أعمارنا، والمدى المغروس في أعماقنا. أرغب أن لا يكون غريم للمثقف العربي سوى الزمن، وعليه ألا يقبل غريماً أقل من ذلك. أن نسعى جميعاً بجهد لحذف المقدس والمستحيل من قاموسنا كي تتجلى الأفكار وتسطع الرؤيا. أرغب أن يعزز الكاتب اللبناني والعربي حضوره الغائب بين الناس، كي لا يزداد الورم الثقافي والترهل الفكري. أن يجعل سواد حبره أكثر صفاء من صفحة البياض، وعليه ألا يخاف الحبر أكثر مما يخاف الورق، وأن يستعد لغده لا لنبش ماضيه. أن يقول لا لكل ما يقتل الهوية، ونعم لإنهاء الأفكار المسبقة عن الحياة، فأصعب شيء في الوجود هو الحياة لأنها ليست لعبة، بقدر ما هي «الأنا» التي تبحث عما يجب أن تكون، لأن وظيفتها أن تتعلم أن تكون. عسى أن نكون معطائين ومحبين ومحترمين: أن نحترم نصوص الآخرين لنحبهم لا أن نحبهم لنحترمهم… وأن نقدم دون منّة أو

حساب.

سيبقى الشعر والموسيقى والرواية والرسم بخير ما دام المثقف بخير. وعليه، فإن المطلوب منه أن لا ينتظر ليحقق خيره، بل أن يعمل ليكون له الخير العميم. بذا نكون قد حققنا أغراضنا حين نبني حداثتنا، دون أن يناولنا إياها أحد. عصر المناولات انتهى، وجاء عصر إنتاج أغراضنا وأفكارنا وإنساننا، لتولد فينا الحياة وتعود الحياة إلى الحياة، عبر العناصر الثلاثة: الهوية، المكان والرؤيا… فنؤكد أننا جديرون في الذهاب إلى المعنى… لتستحقّنا الحياة.

* شاعر لبناني

بطولات أودّ اقترافها/ زياد خداش

في ٢٠١٩، أرغب بقوة في التهام مزيد من الشوكولاته الداكنة. الجلوس فترات أطول مع أبي الثمانيني لأني أعرف أن الاستماع المتحمس إلى حكاياته التي يكررها مراراً هو سبب في عمر أطول له، زيارة الأندلس، قرطبة تحديداً؛ ومعاينة غرفة أبو عبد الله الصغير خاذل أمه، وأمته، إعادة قراءة روايات دوستويفسكي، ومحاولة التخلي عن إدمان عالم هنري ميللر الذي أهلك مخيلتي وحبس ذائقتي، مواصلة البكاء في الليل من دون سبب، ومواصلة الشك الدائم بكل نظرية أو فكرة أو رأي. مواصلة الإيمان بأنني لست أهم كاتب في العالم، والاقتناع بأن هناك كثيرين يسخرون من نصوصي ولا يتذوقون عالمي. البحث عن روايات غربية جديدة لم يرشحها لي أصحابي ولم يقرأها كثيرون. محاولة كسر إيماني بأن لا أدب روائياً عربياً، قادراً على طرح أسئلة جديدة وإضافة طرائق تعبير مختلفة، والمساهمة في إرث الرواية العالمية الجمالي، النوم وحيداً وعارياً أمام شاطئ الميت في صيف حارق، قربي زجاجة فودكا، ورسالة اعتذار من صديقة كانت تستلقي قربي قبل أن تهرب، مدفوعة بتعلق مفاجئ بطالب من طلابي وتركتني لأجله. محاولة تغيير عاداتي في الخوف من التحديق في عيون الذين أتحدث معهم.

سأكسر خوفي من مواجهة جمهور أمسياتي، سأفكّ الحظر عن قراءة أدب الذين لا أحبهم شخصياً؛ على اعتبار إمكانية صحة النظرية التي تقول إن حقارة الكاتب في حياته الشخصية ربما لا تلغي نبل جوهر نصوصه. تجديد أساليبي في مقاربة موضوعة الحرية مع طلابي. إعادة الاعتبار لمعين بسيسو عبر قراءة جديدة لقصائده سياقاً ولغة، ومحاولة تفكيك تهمة الأدب المباشر عنه. إقناع نفسي بأن نفَسي السردي قصير، وبالتالي لن ُيكتب لي النجاح في كتابة نص روائي كما حلمت طويلاً. التمسك بفن القصة القصيرة، كطريقة تعبير عن البرقي واللماح والساطع والمتفجر والمحتشد بالدلالات من مشاهد وحالات، في حياتنا الاجتماعية والسياسية والثقافية.

كتابة تجربتي في التعليم المختلف وفضح غباء المؤسسة التربوية الفلسطينية وإثبات جهنمية أساليبها في تحطيم الإنسان الفلسطيني، وتحضير روحه للهزيمة المتكررة.

في ٢٠١٩ سأتجرأ وأكتب سيرة هزائمي مع نساء لم يحببني واعتذرن عن ذلك بأدب: «سامحني لا أشعر بأني أحبك»، لكني عشقتهن، أيما عشق، ولم أفصح لهن عن ذلك أبداً. في هذا العام لن أتوقف عن الظن بأن الأدب نجاة واغتسال، وأهم من ذلك هو حب شديد لكل شيء حتى لنمل الطرقات، لن أتخلى عن حلم العودة إلى قريتي في بيت نبالا قضاء الرملة، التي سرقها المحتلون؛ ولن أقايض عليها هواء رام الله الساحر ونهدها المجنون.

سأقول للبنت الحلوة التي تحاول إغوائي بأن كتاباتها ضعيفة وأنها تفتقد الموهبة، وهذه بطولة جديدة أود اقترافها!

* شاعر وكاتب فلسطيني

لا أريد شيئاً من هذه البلاد سوى أن تعود بلاداً/ مروان علي

عاد والدي من القامشلي محملاً بأكياس ورقية كثيرة مليئة بالفواكه والخضر والفستق السوداني والكستناء وثمرة واحدة (جوز الهند)، بالإضافة إلى الزبيب القادم إلينا من حقول العنب في القرى الكردية في أطراف وَانْ وماردين. وحين سألت أمي عن السبب، قالت: الليلة ستبدأ السنة الجديدة. لم نجهز مثل سكان الأحياء الراقية الألعاب النارية وأشجار الميلاد، بل مثل كل الأطفال الفقراء انتظرنا أنا وإخوتي حلول المساء للهجوم على وجبة البرغل الكردي والفريكة ولحم الديك الرومي. أتذكر تلك الليلة بكل تفاصيلها. بعد التهام كل شيء، نمنا قبل حلول منتصف الليل بعدما قبلتنا أمي قبلة سريعة ونامت قبلنا.

وفِي نهاية عام ١٩٩٢ كنت في بيروت. وفِي اليوم الأخير من كانون الأول (ديسمبر)، قررت الاعتذار من الأصدقاء وعدت إلى دمشق في سيارة أجرة كانت مكتظة بالعمال السوريين الذين يعملون في لبنان وعادوا ليكونوا بين أهلهم في نهاية السنة وبداية السنة الجديدة. نزلت في ساحة المرجة وذهبت إلى مقهى الحجاز القريب. تأملت الشام الجميلة وجبال قاسيون وحركة الناس في الأسواق القريبة التي تظل مفتوحة لوقت متأخر. شعرت كما لو أنني في كرصور وبين عائلتي.

التقيت بالصدفة بصديق واستغرب حين عرف بعودتي من بيروت قائلاً: يا رجل كيف تترك بيروت في ليلة رأس السنة، هل أنت مجنون؟ قلت: نعم. فجأة قررت أن أكون تحديداً في هذه الليلة تحت سماء سوريا. كنت وحيداً في الشام، استمتعت بالشوارع الخالية في الفجر والبيوت البعيدة في أطراف قاسيون. مشيت كثيراً، وفِي النهاية عدت إلى الفندق الصغير في ساحة المرجة، وفِي نهار اليوم الثاني غادرت إلى القامشلي. طوال هذه السنوات التي أمضيتها بعيداً عن سوريا، كانت هناك أمنية واحدة: العودة إلى سوريا والاحتفال بعيد نهاية السنة مع الأصدقاء الذين ظلوا هناك تحت سماء دمشق. لكن مع اندلاع الحرب، تراجعت عن هذا الحلم الصغير إلى حلم أكبر. أن تتوقف الحرب ونعود بشراً كما كنّا وتعود سوريا

إلينا.

لا أريد شيئاً من هذه البلاد سوى أن تعود بلاداً أمشي في شوارعها دون خوف، وحين أتعب أسند ظهري لجذع شجرة تعرفني. لا أريد شيئاً من هذه البلاد سوى أن تعود بلاداً ونعود بشراً نحب ونغني وننسى أن نموت. هذا كل ما أريده من السنة الجديدة.

* شاعر سوري مقيم في ألمانيا

صناعة السلام لا السلاح/ بسام منصور

ماذا يمكن للمرء أن يتمنى للعام الجديد وعالمنا ورشة خراب عارمة، نوع من تسونامي كونية لا تتوقف عن الترداد والدمار والقتل؟ إنسانيتنا بكاملها تتمتع باختلاق المشاكل والمحارق، غير عابئة بالبحث عن حلول تعالج فيها أمراضها المتفاقمة، المتراكمة والمتزايدة كأن في سر ميلادها جرثومة فنائها.

هل يحق لي أن أفكر على هذا النحو، أن أعبِّر على هذا النحو وأنا على مطلع سنة جديدة؟

بالتأكيد لا، وأنا هنا أخالف طبيعة الجماعة المفترض بي أن أتفاءل وأعطي براهين عن الأمل القادم حتى تستمر المدينة سعيدة ببؤسها، متمتعة بمصائبها المتواصلة كأنها ليست أكثر من تجربة صعبة وستمر إلى غد أفضل.

ليت لي أن أكذب، ليت لي أن أكذب على من أحب وعلى من لا أحب، لكنت تفاءلت بعض الشيء وقلت كلاماً يمكن أن نستأنس به ويدخل الفرح العابر إلى القلوب الخائبة ولو لبعض الوقت، مهما كان هذا البعض قصيراً.

ولكن، لا بأس من المحاولة في أن نرى في بعض التظاهرات هنا وهناك أعمالاً جادة تتحول مع الوقت إلى جهود قادرة على ليّ ذراع الأحمق العالمي دونالد ترامب في الخروج من لعبة الحرب واستبدال صناعة السلاح بصناعة السلام.

الأكيد أن صناعة السلاح هي العدو الأول للحياة ليس فقط لأنها أداة قتل، بل لأنه في بناء المجتمعات على اقتصادها، يحمل تعميمها النار إلى العالم أجمع. النار حتى لا تنتشر يجب أن تنطفئ، وفي عدم إطفاء النار، مهما كانت بعيدة، فإنها ستصل إلينا عاجلاً.

إن جحافل اللاجئين في مختلف القارات لا يمكن وقفها ببناء الأسوار والحواجز. إنهم يتجاوزون الأسوار الطبيعية من جبال وبحار ومحيطات وصحارى ولا يمكن لأسوار صناعية واهية أن تمنعهم من المضي في مسيرتهم. لأن لهذه المسيرة العملاقة محركاً خارق القوة اسمه اليأس. والسور الحقيقي لوقفها هو في القضاء عليها في رحمها من الأمكنة التي تنطلق منها عبر استبدال صناعة السلاح بصناعة السلام، بحيث لا يعود المرء في حاجة إلى الهرب حتى يضمن لنفسه حياة سالمة ومستقرة وتصبح قضية السفر أو عدمه قضية إرادية محض وليست قهراً إضافياً… والدول التي تخاف على حدودها من جحافل اللاجئين تكون عمياء في اعتقادها أنها قادرة على تقوية هذه الحدود من دون بناء السلام عند الذين يحتاجون إليه.

ونحن في عالمنا، في حاجة إلى بناء السلام وبناء أسبابه أكثر من أي مكان آخر في العالم. سلام المساواة وسلام الحقوق وسلام الكرامات المصانة للجميع. السلام في سوريا والعراق واليمن وليبيا والسلام في حديقة السلام العالمية، فلسطين المحتلة.

أما في لبنان، فأمنيتي هي أن تخرج هذه «الجمهورية السكرانة» من حروبها الأهلية النفسية التي لا تزال تتناهشها كمرض عضال، بحيث تصحو لتكون دولة المواطن. المواطن هو الأساس، قبل البنك وقبل الزعيم وقبل الطائفة وقبل المذهب.

الإنسان هو الأصل وهو السبب والهدف.

* شاعر لبناني مقيم في فرنسا

كبرنا… لكن أحلامنا لم تتقوَّس بعد/ محمود خير الله

أيتها السنة التي دخلت لتوّها من الباب، لا يحق لك يا صغيرتي أن تبولي في طعام أبيك، فأنا والناس جميعاً في هذا العالم، محض طبخاتٍ قدمتها لك تلك السنوات السابقة، التي هي بمثابة أسلافك، فاهدئي قليلاً يا حبيبتي، التي تغفو الآن في عالم الغيب، لتبدأ هطول أيامها وسط الصقيع والبرد والتجمد، ووسط هذه الأخبار العاتية التي تشبه الأمواج الركيكة، أيتها الصغيرة التي تتهيأ للقتل والتآمر والرياح والحروب والخطب، قبل أن تعودي بعد شهور ليلتهمك التكرار وتبتلعك العادة، تلك التي التهمت كل السنوات السابقات.

أعدكِ أيتها الصغيرة بألا أكون وغداً مَعك، مثلما كانت أمك 2018 وغدةً معي، حيث أفقدتني أكثر من نصف دخلي الشهري، لأن دولة ما ــــ كانت بالأمس تحلم بالثورة ــــ لم تعد الآن تؤمن بالصحف، أعدك بالعناد والإصرار، وأن أظل أكتب وأنشر، وأبحث في الوردة عن الرحيق، بطاقة لا تنفد وعزم لا يلين.

أعدكِ أيتها الحبيبة بأن أمشي أكثر، لكي أستطيع أن أحبَ أكثر وأكتب أكثر، سوف أقبِّل الناس ــــ وخصوصاً الأطفال ــــ في الشوارع أكثر، سوف أبتسم للعجوز التي تعبر بجواري، وربما أخذتُ بيدها إلى الضفة الأخرى من الشارع، وبحركة من يدي سوف أوقف السيارات لتمر سيدة عجوز في هذا العالم، من دون أن يحدث الأذى، سوف أمشي كثيراً، فما قيمة الحب يا حبيبتي بدون مَشي طويلٍ ومُهلك. ولو ساعدتني الظروف سوف أبكي أكثر، أكثر من كل الأعوام السابقة، فربما كانت الكارثة أنني لم أكن أبكي ــــ من قبل ــــ بما فيه الكفاية.

أيتها الشقيقة القادمة من اللهب والعواصف والتهجير والشقاء والثورات الطائشة، ليس نصراً أن يموت آلاف الأبرياء في قصف واحد. ليس عدلاً أن يجوع الناس والطعام مُراق في قصر واحد. ليس وطناً ذاك الذي يتسول المستشفيات من جيوب الفقراء، ويبني السجون من الموازنة العامة للدولة. اهدئي علينا يا ابنة السنوات التي ثُرنا فيها، فكان العقاب أن نجوع وأن تتقوَّس في الميادين أحلامنا البيضاء كرايات الهزيمة، وحين جئتِ إلينا صغيرة. قلنا لك اهدئي، فقد تشققت عظامنا من فتحات الندوب، وانسدت آذاننا من كثرة الكذب، ولم يعد أمامنا سوى أن نجلس ونكتفي بالنظر، وأنت تأتين في البداية هوجاء كقطار فالت من قطارات العالم الثالث، لكي تعبري بعد عام، عرجاء كالزمن.

بالنسبة إليّ لا يزال ــــ وعلى الرغم من كل ما قيل ــــ هناك الكثير من الأمل في 2019. عن نفسي أنتظرُ صدور ديواني الخامس «الأيام حين تعبر خائفة» خلال «معرض القاهرة الدولي للكتاب» (يناير 2019)، وأعمل على كتابة الجزء الأول من السيرة الذاتية تحت عنوان «قطار بطيء إلى القاهرة». كما أعمل على مشروع كتاب بعنوان «التاريخ إذا روته قنينةُ خمر» أسرد فيه قصة التاريخ الطويل الذي عاشته الخمور في مصر عبر العصور، منذ سنة 3000 قبل الميلاد إلى اليوم، في محاولة لفهم جوانب مهمة في الوجدان المصري. كما أتطرق إلى قصة الخمور في الثقافة العربية قبل الإسلام وبعده، كما في الثقافة الشعبية العربية، وفي قصص «ألف ليلة وليلة» أيضاً.

* شاعر مصري

ملحق كلمات

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى