سياسة

النص الكامل لقانون قيصر والتحليلات الإخبارية التي تناولت القانون وتأثيراته الاقتصادية والسياسية متجدد باستمرار

=================================

———————————————

النص الكامل لمشروع قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين

قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين- النص الحرفي

الجلسة الثانية في دورة الكونغرس رقم 114

لوقف قتل الشعب السوري بالجملة، وتشجيع التوصل لتسوية سلمية عبر التفاوض، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان السوري على جرائمهم.

في مجلس النواب

12 يوليو 2016

تقدم مستر إنجيل (بالأصالة عن نفسه، ومستر رويس، وميس روس-ليتنين، ومستر دوتش، ومستر بوي نائب تكساس، ومستر كيلدي، ومستر ميسير، ومستر تيد ليو نائب كاليفورنيا، ومستر كينزينغر نائب إلينوي، وميسيز ماكموريس روجرز، ومستر بيير، ومستر إليسون، ومستر لوينثال) بمشروع القانون التالي، الذي أُحيل إلى لجنة الشؤون الخارجية إلى جانب لجنتي الشؤون القضائية والخدمات المالية، لفترة يحددها فيما بعد رئيس المجلس للنظر في كل حالة وفق البنود التي تقع ضمن صلاحيات اللجنة المعنية.

مشروع قانون

لوقف قتل الشعب السوري بالجملة، وتشجيع التوصل لتسوية سلمية عبر التفاوض، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان السوري على جرائمهم.

المطلوب من مجلس الشيوخ ومجلس النواب في الكونغرس الاتحادي للولايات المتحدة الأميركية:

القسم الأول: العناوين القصيرة وجدول المحتويات

(أ) عنوان قصير: يمكن إطلاق اسم “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2016” على هذا القانون.

(ب) جدول المحتويات: فيما يلي جدول المحتويات لهذا القانون:

القسم الأول: العناوين القصيرة وجدول المحتويات

القسم الثاني: النتائج

القسم الثالث: رأي الكونغرس

القسم الرابع: بيان بالسياسة

العنوان الأول: الإجراءات الإضافية المتصلة بالطوارئ الوطنية والمتعلقة بسوريا

المادة 101: العقوبات المتعلقة بالبنك المركزي السوري والأجانب المنخرطين في تعاملات بعينها

المادة 102: المحظورات فيما يختص بنقل الأسلحة والمواد المتعلقة بها إلى سوريا

المادة 103: قاعدة تفسير النصوص

العنوان الثاني: تعديلات على قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012

المادة 201: فرض عقوبات على أشخاص بعينهم مسؤولين عن أو متواطئين بارتكاب انتهاكات ضد مواطنين سوريين أو أفراد من عائلاتهم.

المادة 202: فرض عقوبات على نقل سلع أو تقنيات إلى سوريا من المرجح أن تستخدم في ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان

العنوان الثالث: التقارير والتنازلات بشأن أنشطة متعلقة بحقوق الإنسان في سوريا

المادة 301: تقرير حول رصد وتقييم برامج المساعدات الحالية في سوريا والموجهة للشعب السوري

المادة 302: قائمة حديثة بالأشخاص المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا..

المادة 303: تقييم التأثير المحتمل والاحتياجات اللازمة لإقامة مناطق آمنة أو مناطق حظر الطيران في سوريا.

المادة 304: تقديم الدعم للكيانات التي تنشط في جمع الأدلة للاستعانة بها في التحقيقات حول جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا منذ مارس 2011.

العنوان الرابع: تعليق العقوبات الخاصة بسوريا

المادة 401: تعليق العقوبات المتصلة بسوريا

المادة 402: تنازلات وإعفاءات

العنوان الخامس: السلطة التنظيمية وتاريخ انقضاء أجل القانون

المادة 501: السلطة التنظيمية

المادة 502: تاريخ انقضاء أجل القانون

القسم الثاني: النتائج

توصل الكونغرس إلى النتائج التالية:

(1) أصبح أكثر من 15 مليون سوري في عداد اللاجئين أو النازحين طوال السنوات الخمس الماضية.

(2) أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ما يزيد على 60 ألف سوري، بمن فيهم أطفال، لقوا حتفهم في السجون السورية منذ العام 2012.

(3) في يوليو/تموز 2014، استمعت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إلى شهادة مصور فوتوغرافي عسكري سوري سابق، الملقب بقيصر، كان قد فر من سوريا واستطاع تهريب آلاف الصور الفوتوغرافية لجثث أشخاص تعرضوا للتعذيب. ففي شهادته، قال قيصر “رأيت صورا مروعة لجثث أشخاص تعرضوا لكم هائل من التعذيب والجروح البليغة والاختناقات”.

(4) ظل نظام الأسد يحول مرارا وتكرارا دون وصول المدنيين في المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها وذلك من أجل تلقي المساعدات الإنسانية في انتهاك لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

(5) لربما تعتمد عملية انتقال السلطة السورية وقيادتها المستقبلية على ما تقوم به الأمم المتحدة وشركاؤها حاليا من أجل إنقاذ حياة السوريين، ورفع المعاناة عنهم، ومساعدتهم في تحديد مستقبلهم.

القسم الثالث: رأي الكونغرس

يدرك الكونغرس أن:

(1) أفعال بشار الأسد الإجرامية ضد الشعب السوري تسببت في وفاة أكثر من 400 ألف مدني، وأدت إلى تدمير ما يزيد على 50% من البنى التحتية الحيوية لسوريا، وإجبار 14 مليونا ونيف على النزوح مما عجَّل بحدوث أسوأ أزمة إنسانية منذ أكثر من 60 سنة،

(2) الإجراءات الدولية حتى يومنا هذا لم تكن كافية لحماية السكان الضعفاء من التعرض لهجمات من القوات النظامية وغير النظامية، بما فيها قوات حزب الله، برا وجوا بالبراميل المتفجرة، والأسلحة الكيميائية، وحملات التجويع الجماعي، وتعذيب وإعدام المعارضين السياسيين بأعداد كبيرة، وهجمات القناصة على النساء الحوامل، والاستهداف المتعمد للمرافق الصحية، والمدارس، والمناطق السكنية، وأماكن التجمعات البشرية بما في ذلك الأسواق.

(3) تمسك الأسد المستمر بالزعامة وأفعاله في سوريا يعد بمثابة عامل جذب للفكر المتطرف لتنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى.

القسم الرابع: بيان بالسياسة

تقوم سياسة الولايات المتحدة على ضرورة استغلال كل الطرق الدبلوماسية والاقتصادية الجبرية لإرغام حكومة بشار الأسد على وقف القتل بالجملة للشعب السوري فورا، والعمل بفعالية لنقل السلطة إلى حكومة ديمقراطية في سوريا تعيش في سلام وأمن مع جاراتها.

العنوان الأول: الإجراءات الإضافية المتصلة بالطوارئ الوطنية والمتعلقة بسوريا

المادة (101): العقوبات المتعلقة بالبنك المركزي السوري والأجانب المنخرطين في تعاملات بعينها.

(أ) لتطبيق إجراءات محددة على البنك المركزي السوري، باستثناء ما هو منصوص عليه في الفقرتين (أ) و (ب) من المادة 402، سيتخذ الرئيس الإجراءات الواردة بالمادة 5318 أ (ب) (5) من العنوان رقم 31 من قانون الولايات المتحدة.

(ب) منع نقل أموال الأجانب المنخرطين في تعاملات معينة.

(1) عموما: يحق للرئيس فرض العقوبات الوارد ذكرها في الفقرة (ج) في موعد لا يتعدى 30 يوما من تاريخ إقرار هذا القانون وذلك إذا انخرط متعمدا في أي نشاط وردت الإشارة إليه في الفقرة (2).

(2) بيان بالأنشطة: يعتبر الأجنبي منخرطا في أي نشاط من الأنشطة المذكورة في هذه الفقرة إذا ما قام بالآتي:

(أ) إذا قدم متعمدا دعما ماليا أو ماديا أو تقنيا كبيرا، بما في ذلك الانخراط في أو تسهيل معاملة أو معاملات أو خدمات مالية مهمة إلى:

(*) الحكومة السورية (ومن بينها المرافق الحكومية الناشطة في الأعمال التجارية)، البنك المركزي السوري، ويشمل ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية أو قواتها المسلحة، أو أيا من وكلائها أو مؤسساتها الفرعية، أو

(**) يكون الأجنبي عرضة للعقوبات المالية بموجب الآتي:

(1) قانون السلطات الاقتصادية للطوارئ الدولية (رقم 50 يو أس سي 1701) الخاص بسوريا أو أي نص قانوني آخر يفرض عقوبات تتعلق بسوريا، أو

(2) أي قرار يتبناه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يقضي بفرض عقوبات فيما يتعلق بسوريا

(ب) تعمد:

(*) بيع أو تزويد سلع وخدمات وتكنولوجيا ومعلومات هامة، أو تقديم دعم قد يفيد مباشرة وبشكل أساسي في تسهيل صون أو زيادة الإنتاج المحلي السوري من الغاز الطبيعي، أو المنتجات البتروكيميائية أو النفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري،

(**) البيع إلى سوريا أو تزويدها بنفط خام أو مكثفات، أو منتجات نفطية مكررة، أو غاز طبيعي مسال، أو منتجات بتروكيميائية بقيمة سوقية تبلغ 500 ألف دولار أو يزيد، أو تلك التي تصل قيمتها السوقية الإجمالية مليوني دولار أو يزيد خلال 12 شهرا،

(***) بيع أو تزويد طائرات مدنية أو قطع غيار أو سلع أو خدمات أو تكنولوجيا أساسية ذات صلة بتشغيل الطائرات أو شركات الخطوط الجوية لأي شخص أجنبي يعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، أو

بيع أو تزويد سلع أو خدمات أو تكنولوجيا أساسية لشخص أجنبي يعمل في مجال الشحن (IV)

البحري (بما في ذلك الموانئ ومناطق التجارة الحرة)، أو النقل، أو قطاعات الاتصالات السلكية واللاسلكية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية،

(ج) تعمد الانخراط في غسل الأموال للقيام بنشاط من قبيل المنصوص عليه في الفقرة (أ) أو (ب)،

(د) تعمد التسهيل لأي أجنبي للاشتغال في نشاط منصوص عليه في الفقرة (أ) أو (ب)،

(ه) تعمد قروض أو اعتمادات -بما في ذلك ائتمان صادرات- أو تمويل نشاط ورد ذكره في الفقرة (أ) أو (ب)، و

(و) قيام شخص أجنبي بأنشطة كما نصت عليه الفقرات من (أ) إلى (د) سواء بالتملك أو الإدارة.

(ج) عقوبات ضد شخص أجنبي: العقوبات التي يجوز فرضها على الأجنبي المذكور في الفقرة (ب) هي على النحو التالي:

(1) عموما: يجوز للرئيس ممارسة كافة الصلاحيات الممنوحة بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية للطوارئ الدولية (رقم 50 يو أس سي 1701) -فيما عدا مقتضيات المادة 202 من القانون المذكور- إلى الحد اللازم لتجميد ومنع كل التعاملات في كافة الأموال والمصالح الخاصة بالشخص الأجنبي إذا كانت تلك الأموال والمصالح داخل الولايات المتحدة، أو تقع ضمن الولايات المتحدة، أو ضمن حيازة أو إدارة شخص من الولايات المتحدة.

(2) الأجانب غير المؤهلين للتأشيرات أو الدخول أو العفو المشروط:

(أ) التأشيرات أو الدخول أو العفو المشروط: الأجنبي الذي تنطبق عليه أي من المعايير الواردة بالفقرة (أ) ويكون وزير الخارجية أو وزير الأمن الوطني (أو من ينوب عن أي من الوزيرين) على معرفة به أو يعتقد أنه على معرفة به، وهو:

(*) الممنوع من دخول الولايات المتحدة،

(**) لا تتوفر فيه شروط التأشيرة أو أي وثيقة تسمح له بدخول الولايات المتحدة، و

(***) أو ذلك الذي لا يسمح له بدخول الولايات المتحدة أو الحصول على عفو مشروط منها أو التمتع بأي منفعة بموجب قانون الهجرة والجنسية (رقم 8 يو أس سي 1101).

(ب) التأشيرات الملغاة:

(*) عموما: يحق للقنصل المعني أو وزير الخارجية أو وزير الأمن الوطني (أو من ينوب عن أي من الوزيرين) إلغاء أي تأشيرة أو سمة دخول أخرى صادرة لأجنبي تنطبق عليه أي من المعايير الواردة بالفقرة (أ) بغض النظر عن تاريخ صدورها.

(**) سريان الإلغاء:

(1) يسرى الإلغاء الوارد بالبند (!) على الفور، و

(2) تعتبر لاغية تلقائيا أي تأشيرة سارية أو سمة دخول أخرى بحوزة الأجنبي.

(3) استثناء يقتضيه الالتزام باتفاقية مقر الأمم المتحدة، لا يجوز تطبيق العقوبات المنصوص عليها بالفقرة (2) على أجنبي إذا كان السماح له بالدخول إلى الولايات المتحدة ضروريا بما يتيح للولايات المتحدة الامتثال للاتفاقية المتعلقة بمقر الأمم المتحدة والتي وُقعت في قرية ليك ساكسيس في 26 يونيو/حزيران 1947 ودخلت حيز التنفيذ في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1937 بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة، أو أي التزامات أخرى قابلة للتطبيق.

(4) الجزاءات – تُطبق الجزاءات الواردة بالفقرتين (ب) و (ج) من المادة 206 من قانون الصلاحيات الاقتصادية للطوارئ الدولية على أي شخص يتعمد انتهاك أو القيام بمحاولات لانتهاك، أو يتآمر لانتهاك أو يتسبب بانتهاك اللوائح الصادرة بموجب المادة 501 (أ) لتنفيذ ما ورد بالفقرة (1) من هذا البند إلى حد مماثل للجزاءات التي تسري على شخص يتعمد ارتكاب عمل غير قانوني نصت عليه المادة 206 (أ) من هذا القانون.

(د) تعريفات في هذا القسم:

(1) مسموح، أجنبي. “مسموح” و “أجنبي” مصطلحان لهما مدلولات المصطلحات الوارد ذكرها بالمادة 101 من قانون الهجرة والجنسية (رقم 8 يو أس سي 1101).

(2) دعم مالي أو مادي أو تكنولوجي. مصطلح ” دعم مالي أو مادي أو تكنولوجي” له نفس مدلول المصطلح الوارد ذكره بالمادة 542.304 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(3) الحكومة السورية. “مصطلح الحكومة السورية” له نفس مدلول المصطلح المذكور بالمادة 542.305 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(4) تعمد. مصطلح “متعمدا” له نفس مدلول المصطلح بالمادة 566.312 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(5) غسل الأموال. مصطلح “غسل الأموال” يعني الانتقال غير المشروع للنقود أو العائدات المكافئة للنقد، إلى داخل أو خارج دولة ما أو عبرها، أو عبر إحدى المؤسسات المالية.

(6) النفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري. مصطلح “النفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري” له نفس مدلول المصطلح بالمادة 542.314 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(7) معاملة أو معاملات أو خدمات مالية ضخمة. تعتبر المعاملة أو المعاملات أو الخدمات المالية مهمة في سياق الأغراض الواردة بهذه المادة وطبقا للمادة 566.404 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(8) سوريا. مصطلح “سوريا” له نفس مدلول المصطلح المشار إليه في المادة 542.316 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

القسم (102) المحظورات فيما يختص بنقل الأسلحة والمواد المتعلقة بها إلى سوريا

(أ) العقوبات:

(1) عموما: للرئيس أن يفرض على أي شخص أجنبي العقوبات المنصوص عليها بالفقرة (ب) إذا رأى أن هذا الشخص تعمد -في أو بعد تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ- تصدير، أو نقل، أو تقديم دعم مالي أو مادي أو تكنولوجي كبير إلى سوريا من شأنه أن يساهم بشكل أساسي في قدرة الحكومة السورية على:

(أ) امتلاك أو تطوير أسلحة كيميائية أو بيولوجية أو نووية أو أي تكنولوجيات أخرى،

(ب) امتلاك أو تطوير قدرات باليستية أو صواريخ موجهة (كروز)،

(ج) امتلاك أو تطوير أسلحة تقليدية متطورة بأعداد وأنواع تقوض الاستقرار،

(د) امتلاك لوازم دفاعية، أو خدمات دفاعية، أو معلومات دفاعية (وهي مصطلحات جرى تعريفها في قانون الرقابة على صادرات الأسلحة رقم 22 يو أس سي 2751)، أو

(ه) امتلاك مواد حددها الرئيس في قائمة أعتدة الولايات المتحدة الحربية المنصوص عليها في المادة 38 (أ) (1) من قانون الرقابة على صادرات الأسلحة (رقم 22 يو أس سي 2778 (أ) (1)).

(2) إمكانية التطبيق على أجانب آخرين. تسري العقوبات الواردة بالفقرة (ب) على أي شخص أجنبي:

(أ) خَلَف شخصا أجنبيا وردت الإشارة إليه في الفقرة (1)، أو

(ب) امتلك أو أدار تلك القدرات الواردة بالفقرة (1).

(ج) عقوبات ضد شخص أجنبي. العقوبات المقرر فرضها على أي شخص أجنبي حسبما ورد بيانه بالفقرة (أ) هي على النحو التالي:

(1) عموما: للرئيس أن يمارس كافة الصلاحيات الممنوحة له بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية للطوارئ الدولية (رقم 50 يو أس سي 1701) -فيما عدا المقتضيات التي نصت عليها المادة 202 من القانون المذكور- إلى الحد اللازم لتجميد وحظر كافة المعاملات الخاصة بالأموال والمصالح المملوكة للشخص الأجنبي إذا كانت تلك الأموال والمصالح داخل الولايات المتحدة، أو تقع ضمن الولايات المتحدة، أو ضمن حيازة أو إدارة شخص من الولايات المتحدة.

(2) الأجانب غير المؤهلين للتأشيرات أو الدخول أو العفو المشروط –

(أ) (أ) التأشيرات أو الدخول أو العفو المشروط: الأجنبي الذي تنطبق عليه أي من المعايير الواردة بالفقرة (أ) ويكون وزير الخارجية أو وزير الأمن الوطني (أو من ينوب عن أي من الوزيرين) على معرفة به أو يعتقد أنه على معرفة به، وهو:

(*) الممنوع من دخول الولايات المتحدة،

(**) لا تتوفر فيه شروط التأشيرة أو أي وثيقة تسمح له بدخول الولايات المتحدة، و

(***) أو ذلك الذي لا يسمح له بدخول الولايات المتحدة أو الحصول على عفو مشروط منها أو التمتع بأي منفعة بموجب قانون الهجرة والجنسية (رقم 8 يو أس سي 1101).

(ب) التأشيرات الملغاة:

(*) عموما: يحق للقنصل المعني أو وزير الخارجية أو وزير الأمن الوطني (أو من ينوب عن أي من الوزيرين) إلغاء أي تأشيرة أو سمة دخول أخرى صادرة لأجنبي تنطبق عليه أي من المعايير الواردة بالفقرة (أ) بغض النظر عن تاريخ صدورها.

(**) سريان الإلغاء:

(1) يسرى الإلغاء الوارد بالبند (!) على الفور، و

(11) تعتبر لاغية تلقائيا أي تأشيرة سارية أو سمة دخول أخرى بحوزة الأجنبي.

(3) استثناء يقتضيه الالتزام باتفاقية مقر الأمم المتحدة، لا يجوز تطبيق العقوبات المنصوص عليها بالفقرة (2) على أجنبي إذا كان السماح له بالدخول إلى الولايات المتحدة ضروريا بما يتيح للولايات المتحدة الامتثال للاتفاقية المتعلقة بمقر الأمم المتحدة والتي وُقعت في قرية ليك ساكسيس في 26 يونيو/حزيران 1947 ودخلت حيز التنفيذ في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1937 بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة، أو أي التزامات أخرى قابلة للتطبيق.

(4) الجزاءات – أي شخص ينتهك، أو يحاول انتهاك، أو يتآمر لانتهاك أو يتسبب بانتهاك أي من اللوائح، أو الترخيص، أو الأمر الصادر لتنفيذ ما جاء بهذه المادة سيكون عرضة للجزاءات الوارد ذكرها بالفقرتين (أ) و ([) من المادة 206 لقانون الصلاحيات الاقتصادية للطوارئ الدولية (رقم 50 يو أس سي 1705) إلى حد مماثل لتلك التي تسري على شخص يتعمد ارتكاب عمل غير قانوني نصت عليه الفقرة (أ) من هذه المادة.

(د) تعريفات – في هذا القسم:

(1) مسموح، أجنبي. “مسموح” و “أجنبي” مصطلحان لهما مدلولات المصطلحات الوارد ذكرها بالمادة 101 من قانون الهجرة والجنسية (رقم 8 يو أس سي 1101).

(2) دعم مالي أو مادي أو تكنولوجي. مصطلح ” دعم مالي أو مادي أو تكنولوجي” له نفس مدلول المصطلح الوارد ذكره بالمادة 542.304 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(3) الشخص الأجنبي. مصطلح “الشخص الأجنبي” يُراد به نفس المصطلح الوارد ذكره في المادة 594.304 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(4) تعمد. مصطلح “متعمدا” له نفس مدلول المصطلح بالمادة 566.312 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(5) سوريا. مصطلح “سوريا” له نفس مدلول المصطلح المشار إليه في المادة 542.316 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

(6) شخص من مواطني الولايات المتحدة. مصطلح “شخص من الولايات المتحدة” له نفس مدلول المصطلح بالمادة 542.319 تحت العنوان رقم 31 من مدونة اللوائح الاتحادية.

المادة (103) قاعدة تفسير النصوص:

العقوبات المراد إنفاذها تحت هذا العنوان هي تلك التي تُفرض إلى جانب عقوبات مماثلة أو متصلة بها بموجب أي بند آخر من القانون.

العنوان الثاني: تعديلات على قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012

المادة 201: فرض عقوبات لأسباب محددة على أشخاص مسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان أو مشاركين في ارتكابها ضد مواطنين سوريين أو أفراد من عائلاتهم.

(أ) عموما – تُعدل الفقرة (أ) من المادة 702 من قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012 (رقم 22 يو إس سي 8791) لتقرأ على النحو التالي:

(ب) العقوبات المقررة –

(1) عموما، يحق للرئيس ممارسة كل الصلاحيات الممنوحة له بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية للطوارئ الدولية (رقم يو إس سي 1701) -باستثناء ما ورد في القانون الآنف الذكر من مقتضيات- إلى الحد الذي يراه ضروريا لتجميد ومنع كافة التعاملات في الأموال والمصالح التي بحوزة شخص مدرج بالقائمة المشار إليها بالفقرة (ب)، إذا كانت تلك الأموال والمصالح في الولايات المتحدة أو تقع ضمن الولايات المتحدة، أو في حيازة أو إدارة شخص من الولايات المتحدة.

(2) الأجانب غير المؤهلين للتأشيرات أو الدخول أو العفو المشروط –

(أ) التأشيرات أو الدخول أو العفو المشروط: الأجنبي الذي تنطبق عليه أي من المعايير الواردة بالفقرة (أ) ويكون وزير الخارجية أو وزير الأمن الوطني (أو من ينوب عن أي من الوزيرين) على معرفة به أو يعتقد أنه على معرفة به، هو –

(*) الممنوع من دخول الولايات المتحدة،

(**) من لا تتوفر فيه شروط التأشيرة أو أي وثيقة تسمح له بدخول الولايات المتحدة، و

(***) أو ذلك الذي لا يسمح له بدخول الولايات المتحدة أو الحصول على عفو مشروط منها أو التمتع بأي منفعة بموجب قانون الهجرة والجنسية (رقم 8 يو إس سي 1101).

(ب) التأشيرات الملغاة –

(*) عموماً: يحق للقنصل المعني أو وزير الخارجية أو وزير الأمن الوطني (أو من ينوب عن أي من الوزيرين) إلغاء أي تأشيرة أو سمة دخول أخرى صادرة لأجنبي تنطبق عليه أي من المعايير الواردة بالفقرة (ب) بغض النظر عن تاريخ صدورها.

(**) سريان الإلغاء –

(#) يسرى الإلغاء الوارد بالبند (*) على الفور، و

(##) تعتبر لاغية تلقائيا أي تأشيرة سارية أو سمة دخول أخرى بحوزة الأجنبي.

(3) الجزاءات -أي شخص يتعمد انتهاك أو القيام بمحاولات لانتهاك، أو يتآمر لانتهاك أو يتسبب بانتهاك بنود هذه المادة أو أي من اللوائح أو التراخيص أو الأوامر الصادرة تنفيذا لما ورد بهذه المادة سيكون عرضة للجزاءات الواردة بالفقرتين (ب) و (ج) من المادة 206 من قانون الصلاحيات الاقتصادية للطوارئ الدولية (رقم 50 يو إس سي 1705) تماما كما الشخص الذي يرتكب عملا غير قانوني نصت عليه الفقرة (أ) في تلك المادة من هذا القانون.

(4) السلطة التنظيمية – يصدر الرئيس، خلال فترة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ سريان هذا القانون، لائحة تنظيمية، كل ما كان ذلك ضروريا، لتنفيذ ما هو منصوص عليه في هذه المادة.

(5) استثناء يقتضيه الالتزام باتفاقية مقر الأمم المتحدة — لا يجوز تطبيق العقوبات المنصوص عليها بالفقرة (2) على أجنبي إذا كان السماح له بالدخول إلى الولايات المتحدة ضروريا بما يتيح للولايات المتحدة الامتثال للاتفاقية المتعلقة بمقر الأمم المتحدة والتي وُقعت في قرية ليك ساكسيس في 26 يونيو/حزيران 1947 ودخلت حيز التنفيذ في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة، أو أي التزامات أخرى قابلة للتطبيق.

قاعدة تفسير النصوص – لا يجوز تفسير ما ورد في هذه المادة على أنه يقيد سلطة الرئيس في فرض عقوبات جديدة إلحاقا لما نص عليه قانون الصلاحيات الاقتصادية للطوارئ الدولية (رقم 50 يو إس سي 1701) أو الأوامر التنفيذية أو اللوائح أو أي بنود أخرى في هذا القانون ذات صلة.

(ج) انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة الموضحة – تم تعديل المادة 702 من قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012 (رقم 22 يو إس سي 8791) بإضافة التالي في نهايته:

(د) انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة- يشمل مصطلح “انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة” الوارد بالفقرة (أ):

(1) استهداف البنية التحتية المدنية المتعمد بما في ذلك المدارس والمستشفيات والأسواق، و

(2) إعاقة الوصول الفوري والآمن لجميع العاملين في أنشطة الإغاثة الإنسانية حتى أولئك الذين يعبرون منهم خطوط النار والحدود.

(ج) تاريخ النفاذ – تدخل التعديلات الواردة بالفقرتين (أ) و (ب) حيز التنفيذ من تاريخ إقرار هذا القانون، ويجري تطبيقه عقب ذلك التاريخ وذلك فيما يتعلق بالعقوبات المنصوص عليها بموجب الفقرة (أ) من المادة 702 من قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012.

المادة 202: فرض عقوبات على نقل البضائع أو التكنولوجيا إلى سوريا التي تستخدم على الأرجح في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

تُعدل الفقرات (أ) و (2) و (ج) من المادة 703 من قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012 (رقم 22 يو إس سي 8792) لتقرأ:

(1) في الفقرة (*) بحذف “أو” في النهاية؛

(2) في الفقرة (**) بحذف علامة الوقف (.) في النهاية أو إدراج الشولة المنقوطة (؛)،

(3) إضافة الآتي في النهاية:

(***) أي صنف يحدده الرئيس ضمن قائمة ذخائر الولايات المتحدة وفقا للفقرة (أ) (1) من المادة 38 من قانون الرقابة على صادرات الأسلحة (رقم 22 يو إس سي2778)؛ أو

(****) بضائع وتكنولوجيات أخرى يحددها الرئيس والتي قد تستخدمها الحكومة السورية لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد الشعب السوري.

المادة 203: فرض عقوبات على الأشخاص الذين يعيقون وصول المساعدات الإنسانية.

يُعدل قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012 (رقم 22 يو إس سي 8791) ليقرأ:

(1) إعادة تسمية المادتين 705 و706 بنفس عنواني المادتين 706 و707 على التوالي؛

(2) بإدراج الآتي بعد المادة 704:

المادة 705: فرض عقوبات على الأشخاص الذين يعيقون وصول المساعدات الإنسانية.

(أ) عموما – يحق للرئيس فرض العقوبات المبينة بالفقرة (ج) من المادة 702 فيما يتعلق بأي شخص مدرج في القائمة المذكورة بالفقرة (ب).

قائمة بالأشخاص الذين يعيقون وصول المساعدات الإنسانية. –

(1) عموما. — يُحيل الرئيس، في موعد لا يتجاوز 120 يوما من تاريخ إقرار قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2016، إلى لجان الكونغرس المختصة قائمة بالأشخاص الذين يرى الرئيس أنهم انخرطوا في أعمال تعيق الوصول الفوري والآمن للأمم المتحدة، ووكالاتها المتخصصة وشركائها في التنفيذ، والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، وجميع العاملين الآخرين في أنشطة الإغاثة الإنسانية في سوريا، بما فيها تلك التي تعبر خطوط النار والحدود.

(2) تحديث القائمة. – يُحيل الرئيس إلى لجان الكونغرس المختص قائمة محدثة بالأشخاص كما وردت بالفقرة (1) أعلاه:

(أ) في موعد لا يتعدى 300 يوم من تاريخ إقرار قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2016 وكل 180 يوما بعد ذلك؛

(ب) كلما وردت معلومات جديدة.

(3) شكل التقرير والنشر للعامة: –

(أ) الشكل: تُحال القائمة المذكورة بالفقرة (1) من دون تصنيف لكن قد يتضمن ملحقا مصنفا.

(ب) النشر للعامة: يُتاح الجزء غير المصنف من القائمة الواردة بالفقرة (1) للجمهور وتُنشر على المواقع الإلكترونية لوزارتي الخزانة والخارجية؛

(3) في المادة 706 (بعد إعادة تسميتها)، تُحذف عبارة “أو 704” وتُدرج محلها عبارة “704 أو 705”

” (1) الاستهداف المتعمد للبنية التحتية المدنية وتشمل المدارس والمستشفيات والأسواق، و

” (2) إعاقة الوصول الآمن والفوري لجميع العاملين المنخرطين في أنشطة الإغاثة الإنسانية، بما في ذلك عبر خطوط الصراع والحدود”.

(ج) تاريخ السريان. ــــــــــــــ تسري التعديلات التي تُتخذ بموجب القسمين الفرعيين (أ) و (ب) من تاريخ إعمال هذا القانون وستُطبق في ما يتصل بفرض العقوبات بموجب القسم 702 (أ) من قانون محاسبة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012.

القسم 202. فرض العقوبات فيما يتعلق بنقل السلع أو التقنيات إلى سوريا والتي من الممكن استخدامها لانتهاك حقوق الإنسان.

تم تعديل القسم 703 (ب) (2) (ج) من قانون محاسبة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012 (22 يو أس سي 8792 (2) (ج) ــــــــ

(1) في البند (i) بإبراز (أو) في النهاية؛

(2) في البند (ii) بإبراز النقطة في النهاية وإدخال نقطة وفاصلة؛ و

(3) بإضافة التالي في النهاية:

“”(iii) أي مادة يحددها الرئيس لأغراض القائمة الأميركية للذخيرة والعتاد بموجب القسم 38 (أ) (6) من قانون تنظيم تصدير الأسلحة (22 يو أس سي 2778 (أ) (1))؛ أو

” (iv) سلع أو تقنيات أخرى يحددها الرئيس يمكن استخدامها بواسطة الحكومة السورية لارتكاب أعمال تنتهك حقوق الإنسان ضد الشعب السوري”.

القسم 203. فرض عقوبات متعلقة بأشخاص يتسببون في إعاقة وصول المساعدات الإنسانية.

تم تعديل قانون المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012 (22 يو أس سي 8791 وما يليها) ــــــــ

(1) بإعادة تحديد القسمين 705 و706 مثل القسمين 706 و707، على التوالي؛

(2) بإدخال التالي بعد القسم 704:

“القسم 705. فرض عقوبات تتعلق بأشخاص يتسببون في إعاقة الحصول على المعونات الإنسانية.

“(أ) عموما. ــــــــ يفرض الرئيس عقوبات موصوفة في القسم 702 (ج) بحق أي شخص موجود اسمه بالقائمة المطلوبة بالقسم الفرعي (ب).

“(ب) قائمة الأشخاص الذين يتسببون في إعاقة وصول المعونات الإنسانية. ــــــــ

“(1) عموما. ــــــ يسلم الرئيس للجان الكونغرس المناسبة في فترة لا تتجاوز 120 يوما من تاريخ سريان قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2016، قائمة بأسماء الأشخاص الذين يحدد الرئيس أنهم شاركوا في إعاقة الوصول الفوري والآمن للأمم المتحدة، وكالاتها المتخصصة، والشركاء المنفذين، والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية غير الحكومية، وجميع المشاركين الآخرين في أنشطة الإغاثة الإنسانية في سوريا بما في ذلك عبر خطوط الصراع والحدود.

“(2) تحديث القائمة. ــــ يسلم الرئيس للجان الكونغرس المناسبة قائمة محدثة بموجب الفقرة (1) ـــــــ

“(أ) خلال فترة لا تتجاوز 300 يوم من تاريخ سريان قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2016 وكل 180 يوما بعد ذلك؛ و

“(ب) كلما توفرت معلومات جديدة.

“(3) شكل التقرير؛ نشره للجمهور. ـــــــــــــ

“(أ) الشكل. ــــــــــ تُسلم القائمة المطلوبة بموجب الفقرة (1) بشكل غير مصنف لكن من الممكن أن تشتمل على ملحق مصنف.

“(ب) نشره للجمهور. ـــــــ يُتاح الجزء غير المصنف من القائمة المطلوبة بموجب الفقرة (1) للجمهور وينشر على المواقع الإلكترونية لوزارة الخزانة ووزارة الخارجية.”؛ و

“(3) في القسم 706 (كما يُعاد تحديد)، بإبراز “أو 704” وإدخال “704، أو 705”.

العنوان الثالث- التقارير والتنازلات حول الأنشطة الإنسانية المتعلقة بسوريا

القسم 301 تقرير حول مراقبة وتقويم برامج المساعدات المستمرة في سوريا وللشعب السوري.

(أ) عموما. يسلم وزير الخارجية ومدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للجان الكونغرس المناسبة، وفي فترة لا تتجاوز 180 يوما من تاريخ سريان هذا القانون، تقريرا حول مراقبة وتقويم برامج المساعدات المستمرة في سوريا وللشعب السوري.

(أ) (ب) ما يتضمنه التقرير. التقرير المطلوب بموجب القسم الفرعي (أ) يتضمن:

(1) خطط مراقبة وتقويم للمشروع، متضمنة أهدافا قابلة للقياس ومعايير للأداء للمساعدات التي تعبر الحدود السورية، و

(2) التحديات الرئيسية لبرامج المراقبة والتقويم في سوريا.

القسم 302. قائمة محدثة بأسماء الأشخاص المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.

(أ) عموما. يسلم الرئيس للجان الكونغرس المناسبة، في فترة لا تتجاوز 120 يوما من سريان هذا القانون، قائمة محدثة بأسماء الأشخاص المطلوبين بموجب القسم 702 من قانون محاسبة حقوق الانسان في سوريا لعام 2012 (22 كونغرس الولايات المتحدة رقم 8791).

(ب) شكل التقرير؛ إتاحته للجمهور. تُسلم القائمة المطلوبة بموجب القسم الفرعي (1) دون تصنيف، لكن يجوز أن تشمل ملحقا مصنفا إذا كان ذلك ضروريا.

(3) إتاحته للجمهور. يُتاح الجزء غير المصنف من التقرير المطلوب بموجب الفقرة (1) للجمهور ويُنشر على المواقع الإلكترونية لوزارة الخزانة ووزارة الخارجية.

القسم 303. تقييم الفعالية المحتملة والمتطلبات لإقامة مناطق آمنة أو مناطق حظر طيران في سوريا.

(أ) يسلم الرئيس للجان الكونغرس المناسبة، في فترة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ سريان هذا القانون تقريرا:

(1) يقيّم الفعالية المحتملة، المخاطر، والمتطلبات العملياتية لإقامة منطقة حظر طيران والحفاظ عليها على جزء من سوريا أو بكل سوريا، ويشمل:

(أ) المتطلبات العملياتية والقانونية للقوات الجوية للولايات المتحدة والتحالف لإقامة منطقة حظر طيران في سوريا؛

(ب) تأثير منطقة حظر الطيران في سوريا على جهود تقديم المعونات الإنسانية ومكافحة الإرهاب في سوريا والمنطقة المحيطة؛ و

(ج) إمكانية الحصول على مساهمات بقوات من دول أخرى لإقامة منطقة حظر طيران بسوريا؛ و

(2) يقيّم الفعالية المحتملة، المخاطر، والمتطلبات العملياتية لإقامة منطقة آمنة واحدة أو أكثر في سوريا للنازحين في الداخل أو لتيسير تقديم المساعدات الإنسانية، وتشمل:

(أ) المتطلبات العملياتية والقانونية لقوات الولايات المتحدة والتحالف لإقامة منطقة آمنة واحدة أو أكثر في سوريا؛

(ب) التأثير المحتمل لمنطقة آمنة واحدة أو أكثر في سوريا على جهود تقديم المعونات الإنسانية ومكافحة الإرهاب في سوريا والمنطقة المحيطة؛ و

(ج) إمكانية الحصول على مساهمات من دول أخرى وشركاء غير حكوميين (تم فحصهم) لإقامة منطقة آمنة واحدة أو أكثر في سوريا.

(ب) الشكل. يُسلم التقرير المطلوب بموجب الفقرة الفرعية (أ) بشكل دون تصنيف، لكن يجوز أن يتضمن ملحقا مصنفا إذا كان ذلك ضروريا.

القسم 304. المساعدة لدعم الكيانات التي تتخذ خطوات تتصل بجمع الأدلة للتحقيق في جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية في سوريا منذ مارس/آذار 2011.

(أ) عموما. يُفوّض وزير الخارجية، ويعمل من خلال مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية، حقوق الإنسان والعمل ومساعد الوزير لشؤون المخدرات الدولية وشؤون إعمال القانون لتقديم المساعدة لدعم الكيانات التي تقوم بتحقيقات جنائية، وبناء القدرات السورية للتحقيق، ودعم الدعوات القضائية في المحاكم الوطنية، وجمع الأدلة والحفاظ على سلسلة الأدلة للمحاكمات في نهاية الأمر ضد مرتكبي جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية في سوريا منذ مارس/آذار 2011.

(ب) التقرير. يسلم وزير الخارجية، في فترة لا تتجاوز عام من تاريخ سريان هذا القانون، لجان الكونغرس المناسبة تقريرا مفصلا بشأن المساعدات التي قُدمت بموجب القسم الفرعي (أ).

العنوان الرابع – تعليق العقوبات فيما يتعلق بسوريا

القسم 401. تعليق العقوبات فيما يتعلق بسوريا

(أ) تعليق العقوبات:

(1) المناقشات التي لا تنتهي بالإدراج في الاتفاق. إذا حدد الرئيس أن المباحثات المعترف بها دوليا لحل مشكلة العنف في سوريا لم تنته باتفاق أو ليس من المتوقع أن تنهي باتفاق، للرئيس الحق في التعليق الكلي أو الجزئي، كلما كان مناسبا، فرض العقوبات المطلوبة بموجب هذا القانون أو أي تعديل ينشأ بموجب هذا القانون لفترة لا تتجاوز 120 يوما قابلة للتجديد لفترات إضافية لا تتجاوز 120 يوما، إذا سلم الرئيس لجان الكونغرس المناسبة، كتابة، تحديدا وشهادة بأن الحكومة السورية أوقفت الهجمات العسكرية والانتهاكات الفظة لحقوق الشعب السوري الإنسانية، وبالتحديد ———

(أ‌) لم تعد الأجواء السورية تُستخدم من قبل الحكومة السورية والقوات المرتبطة بها لاستهداف السكان المدنيين عبر الأدوات الحارقة، بما فيها البراميل المتفجرة، الأسلحة الكيميائية، والأسلحة التقليدية بما فيها الصواريخ التي تُطلق من الجو والمتفجرات؛

(ب‌) لم تعد المناطق التي يحاصرها نظام الأسد والقوات المرتبطة به بما فيها حزب الله والقوات الإيرانية غير النظامية، محرومة من وصول المساعدات الدولية وتتمتع بالوصول المنتظم للمساعدات الإنسانية، حرية السفر والرعاية الطبية؛

(ج) إطلاق الحكومة السورية جميع المعتقلين السياسيين المحتجزين قسرا في إطار نظام حكومة الأسد بما فيها المرافق التي تحتفظ بها عناصر الأمن، الاستخبارات والقوات المسلحة المرتبطة بالحكومة السورية، وتسمح الحكومة السورية بالوصول بشكل كامل إلى نفس المرافق للتحقيق من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية المناسبة؛ و

(د‌) لم تعد قوات الحكومة السورية والقوات المرتبطة بها بما فيها حزب الله، والقوات الإيرانية غير النظامية، والقوات الجوية الروسية تهاجم عمدا المرافق الطبية، المدارس، المناطق السكنية، وأماكن تجمع المواطنين بما في ذلك الأسواق، في انتهاك صارخ للأعراف الدولية.

(2) المباحثات التي تنتهي باتفاق:

(أ) التعليق المبدئي للعقوبات. إذا قرر الرئيس أن المباحثات المعترف بها دوليا لحل مشكلة العنف في سوريا انتهت بالتوصل لاتفاق أو من المرجح أن تنتهي بالتوصل لاتفاق، يحق للرئيس تعليق، كلما كان مناسبا، كليا أو جزئيا، فرض العقوبات المطلوبة بموجب هذا القانون أو أي تعديلات نشأت بموجب هذا القانون لفترة لا تتجاوز 120 يوما إذا سلم الرئيس، كتابة، لجان الكونغرس المناسبة تحديدا وشهادة بأن:

(i) في حالة إن كان من المرجح أن تنتهي المباحثات بالتوصل لاتفاق،

(I) في حالة انخراط الحكومة السورية، ولجنة المباحثات العليا السورية أو ما يخلفها، والأطراف الدولية المناسبة في مباحثات مباشرة وجها لوجه؛ و

(II) في حالة إن كان تعليق العقوبات بموجب هذا الاتفاق أو أي تعديل ينشأ بموجب هذا القانون ضروريا لتقدم مثل هذه المباحثات؛ و

(ii) إذا أثبتت الحكومة السورية التزامها بخفض كبير وأساسي للهجمات والعنف ضد المواطنين السوريين من قبل الحكومة السورية والقوات المرتبطة بها.

(ب) تجديد تعليق العقوبات:

يحق للرئيس تجديد تعليق العقوبات بموجب الفقرة الفرعية (أ) لفترات إضافية لا تتجاوز 120 يوما، إذا سلم الرئيس عن كل فترة تحديدا وشهادة، كتابة، للجان الكونغرس المناسبة بأن:

(*) إذا استمر الالتزام بالشروط الموصوفة في البنود (i) و (ii) من الفقرة الفرعية (أ)؛

(**) إذا كان تجديد تعليق العقوبات ضروريا لتنفيذ اتفاق موصوف في الفقرة الفرعية (أ) أو حدث تقدم باتجاه التوصل لاتفاق موصوف في الفقرة الفرعية (أ)؛

(***) أوقفت الحكومة السورية والقوات المرتبطة بها الهجمات ضد المدنيين السوريين؛ و

(****) التزمت الحكومة السورية علنا بمباحثات حول حكومة انتقالية في سوريا واستمرت في إثبات هذا الالتزام عبر انخراط مستدام في محادثات وتقدم كبير ومؤكد باتجاه تنفيذ مثل هذا الاتفاق.

(3) الإيجاز وإعادة فرض العقوبات:

(أ) الايجاز. خلال فترة لا تتجاوز 30 يوما عقب تسليمه تحديدا وشهادة للجان الكونغرس المناسبة في حالة تجديد تعليق العقوبات بموجب الفقرة (2) (ب)، يقدم الرئيس إيجازا للجان الكونغرس المناسبة حول موقف المباحثات الموصوفة في الفقرة (2) وسيرها.

(ب) إعادة فرض العقوبات. إذا قدم الرئيس إيجازا للجان الكونغرس المناسبة بموجب الفقرة الفرعية (أ) يشير فيها الرئيس إلى توقف في المحادثات الموصوفة في الفقرة (2) لفترة تساوي 90 يوما أو تزيد، سيتم إعادة فرض العقوبات التي عُلقت بموجب الفقرة (2) (ب) ويُمنع أي تعليق إضافي لمثل هذه العقوبات.

(ب) رأي الكونغرس الذي يجب أخذه في الاعتبار لتحديد حكومة انتقالية في سوريا. إنه من رأي الكونغرس أن حكومة انتقالية في سوريا هي حكومة:

(1) تتخذ الخطوات القابلة للتحقق منها للإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وتتيح الفرصة كاملة للوصول للسجون السورية للتحقيق من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية المناسبة؛

(2) تتخذ الخطوات القابلة للتحقق منها لإبعاد كبار مسؤولي الحكومة السورية السابقة المشاركين في تخطيط، تنفيذ أو إخفاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أو انتهاك حقوق الإنسان من المناصب الحكومية وأي شخص خاضع للعقوبات بموجب أي نص قانوني؛

(3) تنخرط في عملية لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة لإقامة حكومة جديدة:

(أ) تُنظم هذه الانتخابات في وقت مناسب وتُجدول عندما يكون تعليق العقوبات أو تجديد تعليق الانتخابات بموجب هذا القسم ساريا؛ و

(ب) تُنفذ تحت إشراف مراقبين معترف بهم دوليا؛

(4) تتقدم بخطوات ملموسة باتجاه إقامة سلطة قضائية مستقلة؛

(5) تثبت احترامها والتزامها بحقوق الإنسان المعترف بها دوليا والحريات الأساسية المحددة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛

(6) تتخذ خطوات للتلبية القابلة للتحقق منها لالتزاماتها بموجب معاهدة الأسلحة الكيميائية ومعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وتتخذ خطوات ملموسة باتجاه أن تصبح من ضمن الموقعين على اتفاقية منع تطوير، إنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية والسامة والقضاء عليها والتي دخلت حيز التنفيذ في مارس/آذار 1975 والالتزام بنظام السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ وقوائم السيطرة الأخرى، كلما كان ذلك ضروريا؛

(7) أوقفت تطوير ونشر الصواريخ العابرة للقارات وصواريخ كروز؛ و

(8) تتخذ خطوات قابلة للتحقق منها لإبعاد من كانوا في مناصب مسؤولية في أجهزة الاستخبارات أو الأمن وكذلك الجيش خلال الصراع وتورطوا بحكم مسؤولياتهم أو تآمروا في تعذيب أو قتل خارج القضاء أو إعدام مدنيين، ويشمل ذلك من لهم علاقة بصنع القرار أو تنفيذ الخطط لاستخدام الأسلحة الكيميائية.

القسم 402. التنازل والإعفاءات.

(أ) الإعفاءات. تُعفى الأنشطة والمعاملات التالية من العقوبات المفروضة بموجب هذا القانون:

(1) أي نشط خاضع لمتطلبات إعداد التقارير بموجب العنوان V في قانون الأمن القومي لعام 1947 (50 كونغرس الولايات المتحدة 3091 وما يليها)، أو خاضعة لأي أنشطة استخبارية أميركية مأذونة.

(2) أي معاملة واجبة الانسجام مع واجبات الولايات المتحدة بموجب:

(أ) الاتفاقية الموقعة بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة بشأن مقر الأمم المتحدة في ليك سكسيس بتاريخ يونيو/حزيران 1947 وبدأ سريانها في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1947؛ أو

(ب) اتفاقية العلاقات القنصلية، المبرمة في فيينا أبريل/نيسان 1963 وبدأ سريانها في 19 مارس/آذار 1967.

(ب) التنازل عن المساعدة للديمقراطية والدعم الإنساني:

(1) بيان بالسياسة. سياسة الولايات المتحدة هي أن تستخدم استخداما كاملا سلطة التنازل بموجب هذا القسم الفرعي لضمان تقديم مساعدات إنسانية كافية أو دعم كاف لتعزيز الديمقراطية.

(2) التنازل. يحق للرئيس التنازل عن تطبيق العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون، على أساس كل حالة على حدها، ولفترة لا تتجاوز 120 يوما وقابلة للتجديد لفترة لا تتجاوز 120 يوما، إذا سلم الرئيس للجان الكونغرس المناسبة تحديدا مكتوبا بأن التنازل ضروري لتقديم العون الإنساني أو الدعم لتعزيز الديمقراطية للشعب السوري.

(3) محتوى التحديد المكتوب، يحتوي التحديد المكتوب المقدم بموجب الفقرة (1) والمتعلق بالتنازل وصفا لجميع ضوابط الإبلاغ والمحاسبة التي تم استخدامها لضمان أن الأنشطة التي يغطيها التنازل هي عون إنساني أو دعم لتعزيز الديمقراطية ولا تستتبع أي أنشطة في سوريا أو معاملات مع الحكومة السورية لا ترتبط بشكل معقول بالعون الإنساني أو دعم تعزيز الديمقراطية.

(4) توضيح للأنشطة المأذونة بموجب التنازل. يحق للرئيس ألا يفرض عقوبات بموجب هذا القانون ضد أي منظمة إنسانية معترف بها دوليا وقامت بــــ:

(أ) الانخراط في معاملة مالية تتصل بالعون الإنساني أو لأغراض إنسانية عملا بتنازل صدر بموجب الفقرة (1)؛

(ب) نقل بضائع أو خدمات ضرورية لتنفيذ عمليات متصلة بالعون الإنساني أو أغراض عملا بمثل هذا التنازل؛ أو

(ج) اتصال عرضي، خلال تقديم العون الإنساني أو المساعدة لأغراض إنسانية عملا بمثل هذا التنازل، مع أفراد يخضعون لسيطرة لشخص أجنبي خاضع لعقوبات بموجب هذا القانون أو أي تعديل بموجب هذا القانون.

(د) التنازل:

(1) عموما. يحق للرئيس التنازل عن تطبيق عقوبات بموجب هذا القانون لشخص أجنبي، على أساس كل حالة على حدها، ولفترات لا تتجاوز 120 يوما، إذا قدم الرئيس ما يثبت للجان الكونغرس المناسبة أن هذا التنازل ضروري لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية.

(2) التشاور:

(أ) قبل صدور التنازل. يبلغ الرئيس ويقدم إيجازا للجان الكونغرس المناسبة حول مشاركة الشخص الأجنبي في أنشطة موصوفة في هذا القانون، قبل خمسة أيام على الأكثر من سريان تنازل بموجب الفقرة (1).

(ب) بعد صدور التنازل. يبلغ الرئيس ويقدم إيجازا للجان الكونغرس المناسبة حول مشاركة الشخص الأجنبي في أنشطة موصوفة في هذا القانون، خلال فترة لا تتجاوز 90 يوما بعد صدور تنازل بموجب الفقرة (1)، وكل 120 يوما بعد ذلك إذا ظل التنازل ساريا.

العنوان الخامس السلطة التنظيمية وانتهاء سريان القانون

القسم 501. السلطة التنظيمية:

(أ) ينشر الرئيس، خلال فترة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ سريان هذا القانون، لائحة تنظيمية، كل ما كان ذلك ضروريا، لتنفيذ هذا القانون والتعديلات التي تتم بموجب هذا القانون.

(ب) إبلاغ الكونغرس. يبلغ الرئيس، خلال فترة لا تقل عن 10 أيام قبل نشر اللائحة التنظيمية بموجب القسم الفرعي (أ)، ويقدم للجان الكونغرس المناسبة اللائحة التنظيمية المقترحة ونصوص هذا القانون والتعديلات التي تتم بموجبه وتنفذها اللائحة التنظيمية.

(ج) في هذا القسم، تعني عبارة “لجان الكونغرس المناسبة”:

(1) لجنة العلاقات الخارجية ولجنة الخدمات المالية بمجلس النواب؛ و

(2) لجنة العلاقات الخارجية ولجنة الشؤون المصرفية، الإسكان والشؤون الحضرية بمجلس الشيوخ.

القسم 502. انتهاء فترة السريان.

تنتهي فترة سريان هذا القانون ابتداء من 31 ديسمبر/كانون الأول 2021.

——————————————-

نحن والأسد على أبواب قيصر/ علي حميدي

في واحد من المشاهد السيريالية التي ستبقى في ذاكرة السوريين طويلا.. يمد ضابط روسي يده قاطعا الطريق على بشار الأسد الذي يلحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويمنعه من مواصلة تقدمه وهو الذي كان ينوي توديعه وهو يغادر قاعدة حميميم الجوية السورية التي تتخذها روسيا قاعدة عسكرية، وفي مشهد آخر لا يقل سيريالية وهواناً يظهر بشار الأسد (الذي سنعلم لاحقا أنه شُحن بطائرة عسكرية من دمشق) يظهر وحيدا في قاعدة كبيرة في مكان ما من روسيا ويفتح أمامه باب كبير ليدخل عليه فلاديمير بوتين “القيصر الروسي” ومن ذات الباب الروسي يدخل على بشار الأسد قيصر جديد هذه المرة أميركي.

وفي العلاقة بين “قيصر روسيا” وبشار الأسد الكثير ليقال عن مزيج من العنجهية والفُجر والتعدي يقابله هوان وركون وانصياع مطلق.. ودونية تجلت مرة مثلا في مشهد وزير دفاع الأسد المُقزم قاعدا جوار سيده في قاعة روسية في دمشق السورية، وإن كان القيصر الروسي كما يحب أن ينادى، حُمّل لقباً كوريث لإمبراطورية ومجد تليد وعززه بوحشية معاصرة وإجرام وتدخل سافر فحاك المعنى بجانبه السلطوي الظالم القاهر للشعوب، فإن القيصر الأميركي الجديد حيك من صور جثث لأبناء سوريا الذين قتلتهم عصابة الأسد في الأقبية، تعذيبا وجوعا ومرضا وبردا وقهرا، القيصر الأميركي معزز بخلفية دموية وحشية وسلوك أسدي منقطع النظير في تاريخنا المعاصر على الأقل، قيصر روسيا يقتلنا ونأمل أن قيصرنا لن يفعل.. وعلى أبواب القيصرين يقف بشار الأسد.

قانون قيصر الأميركي الذي سيُفعّل ضد الأسد ونظامه وداعميه ومن سيفكر بدعمه، ليس منة من واشنطن ولا فيض إنسانية من النواب الأميركيين بقدر ما هو فيض من دم السوريين بعضهم الذي قُتل في السجون، وحيث إن دم السوريين سفك في كل بقاع البلاد ولم تنصف هذه الدماء بعد فماذا نريد من قيصر؟

نريد من قيصر الآن أن يكون مسمارا في نعش نظام الأسد الذي صنعه الثوار ومن خلفهم، من هم صابرون على مدى أكثر من تسع سنوات وهاهو يأتي اليوم مدعوما بثقل أميركي داخلي مثّله نواب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري دعوا رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب وإدارته لتطبيق صارم لقانون قيصر على نظام الأسد وعرابيه ومن يحافظون على وجوده معتبرين بشار الأسد منبوذا ولا يمكن أن يكون مسؤولا شرعيا، وهذه الصفات لا تطلق على جهة أو شخص يمكن التعامل معه أو التعويل على تعديل سلوكه كما دأب المسؤولون الأميركيون على التصريح، فالممنبوذ وغير الشرعي لا يعدل سلوكه بل يغيره، وهذا التغيير لن يكون إلا بأيدي السوريين فليستعدوا إذن لجولة جديدة من المواجهة مع الأسد قد تكون صعبة، لكن يمكن أيضا أن تكون نهائية وحاسمة في ظل الوضع الكارثي للبلاد والعباد الناجم عن سلوك الأسد والأسديين، الجولة الجديدة تحتاج إلى صبر -وهذا لا ينقص السوريين- وتحتاج إلى حكمة لإدارة المرحلة ليستفيدوا أقصى ما يمكن منها ومن تطبيق القانون العتيد الذي يتزامن أيضا مع عقوبات مستقلة وخاصة على إيران غير العقوبات التي ستشملها كإحدى عرّابي الأسد.

هذا عام حاسم إذن، وقبيل تطبيق قانون قيصر وعلى أبوابه يترنح النظام اقتصاديا وكذلك عسكريا ودبلوماسيا، وإن غُلقت عليه الأبواب نهائيا كما يتوعده تطبيق القانون فلا بد أنه سيختنق وكما دخل القيصر الروسي عليه من الأبواب الموصدة لينقذه من سقوط كان وشيكا، ها هو يُدخل عليه قيصر كقانون لعقابه، فكيف سينقذه وهو الغريق، وكيف يمكن لحبال النجاة التي ما زالت إيران وميليشياتها تلقيها لإنقاذه أن تصل إليه، وهي أي إيران تحتاج إلى حبال نجاة، كل هذه المعطيات تجعل الأيام القادمة أصعب وأقسى على النظام لكن من خبرتنا في التعامل معه هو المُؤسس بقوة على الطائفية والمصلحية القاتلة فلن يخرج إلا وفق معادلته الصفرية -الأسد أو لا أحد- ونحن لا نريد الأسد وكذلك لا نريد اللا أحد، بل نريد أن تعود بلادنا إلينا دونه، ولندرك أيضا أن الرافضين لحكم الأسد أمام مسؤولية كبرى وفرصة يجب أن لا تضيع ويضيع معها مستقبل سوريا.

بعد أيام سيطبق قانون قيصر وما بعده ليس كما قبله فعلى الجميع أن يكونوا بمستوى التضحيات الجسام التي صَنع بعضها قيصر، وكلها لا بد ستصنع المستقبل.

تلفزيون سوريا

——————————–

قيصر… المُصوّر السوري الذي قد يقضي على نظام الأسد

“شاهدت أعضاء مبتورة كأصابع اليد وعيوناً مقتلعة وجثثاً شبه محروقة وأسناناً مكسورة وآثار ضرب بكابلات كهربائية وأجساداً هزيلة نتيجة تجويع على مدى أشهر… قررت ألا أكون جزءاً من هذا وأن أنشق وأغادر البلاد”.

هكذا روى المصور السوري قيصر في إحدى المقابلات سبب هروبه من سوريا وفضحه ممارسات تعذيب وقتل ممنهجة من قبل النظام السوري بحق معتقلين سياسيين عقب الثورة التي اندلعت في البلاد عام 2011.

و”قيصر” هو اسم مستعار حفاظاً على سلامة المصور السوري الذي لم يظهر علناً أمام الإعلام ولم يسمح بتسجيل صوته، وقد تحدث عبر مترجمه مع وسائل الإعلام المختلفة منذ هروبه من سوريا واستقراره في فرنسا عام 2013.

تمكن قيصر من حفظ ونقل 55 ألف صورة توثق تعذيب نحو 11 ألف معتقل سوري ومقتلهم بين عامي 2011 و2013، مما قاد إلى تحقيقات في ممارسة النظام السوري “جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب” في كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وإلى إقرار تشريع أمريكي سُمّي قانون قيصر يلزم واشنطن بملاحقة المسؤولين السوريين وكل من يتعامل معهم حيثما كانوا، في حين تؤكّد السلطات السورية أن الصور مفبركة وتنفي اتهامات التعذيب والقتل.

من هو قيصر؟

قبل قيام الحرب الأهلية في سوريا، قبل تسع سنوات، وطوال 13 عاماً، كان قيصر يعمل في وحدة تصوير الطب الشرعي التابعة للشرطة العسكرية في دمشق.

كانت وظيفته تصوير الجثث الناجمة عن الحوادث السيارات وحرائق والانتحار وحوادث تتعلق بوزارة الدفاع. لكن مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد النظام، في آذار/ مارس عام 2011، انتدب وجميع مصوري الشرطة العسكرية لتصوير ضحايا الأحداث.

قال قيصر: “طُلب من فريقنا الذهاب إلى المستشفيات العسكرية والتقاط صور للمحتجزين والمدنيين الذين تعرضوا للتعذيب حتى الموت. أصبح ذلك هو عملنا الوحيد طوال الوقت حتى هربت”.

بدأ الأمر بعدد قليل من الضحايا يومياً، 10 إلى 11 جثة، وتطور سريعاً إلى 40 أو 50 جثة كان عليه تصويرها. في أيلول/ سبتمبر من العام نفسه، قرر ألا يستمر في ذلك، غير أنه أراد توثيق الجرائم بحق المعتقلين والضحايا وفضحها أولاً.

استمر قيصر، على مدى عامين ونصف العام تقريباً، في نسخ الصور وحفظها ونقلها إلى صديق له لإخراجها إلى مكان آمن خارج سوريا، إذ كان لديه خوف دائم من التعرض للمداهمة والاعتقال وحتى القتل.

مهمة انتحارية

لم يكن يسيراً على “قيصر” الذي كان يعمل لدى أحد الأجهزة الأمنية السورية السيئة السمعة في ما يتعلق بحقوق الإنسان، توثيق جرائم النظام، فقد أوضح في إحدى المقابلات: “كنت أعمل لساعات… ألتقط الصور وأقوم بتحميلها وحفظها. كان عليّ أن أخفي مشاعري وأن أوقف الدموع في عيني لأنهم إذا رأوا دمعة واحدة تتساقط أو تعبيراً واحداً عن التعاطف على وجهي فقد أقتل وتُقتل أسرتي. لا أعرف كيف تمكنت من فعل ذلك”.

كذلك لم تكن مطالعة مشاهد التعذيب التي شُبهت بجرائم التعذيب النازي يسيرة البتة. كان بعض الضحايا من جيرانه وأصدقائه، وطاردته صورهم خلال نومه ويقظته.

أضاف قيصر: “لا تمر لحظة من دون أن أتذكرهم. إنها تبقى في عقلك، عندما أغمض عيني، أستمر في رؤيتهم”. كان قاسياً أن يتعامل قيصر مع نحو 50 جثة يومياً بواقع 15 إلى 30 دقيقة عمل لكل جثة.

عهد قيصر بهذه الصور لاحقاً إلى “الحركة الوطنية السورية” المعارضة للنظام. أرسلت الحركة الصور للمنظمات الحقوقية، منها هيومن رايتس ووتش التي أكدت صحتها. وتبيّن أن الصور التقطت بين أيار/ مايو عام 2011 وآب/ أغسطس عام 2013.

عدالة بطيئة

تظهر الصور التي قدمها قيصر للمشترعين الأمريكيين، حين أدلى بشهادته أمام الكونغرس الأمريكي للمرة الأولى في تموز/ يوليو عام 2014، العديد من الجثث الملقاة، وهي في حالة مزرية، في مرآب رملي يشبه المسلخ، تابع لأحد المستشفيات العسكرية في العاصمة السورية.

جثث لآباء وأمهات وأطفال متناثرة على الأرض، يظهر عليها الهزال الشديد نتيجة التجويع لأشهر، بالإضافة إلى آثار تعذيب وحشي.

وفور الإدلاء بشهادته في الكونغرس وعرض بعض الصور، سُنّ تشريع يحمل اسمه الرمزي للتحرك ضد مسؤولي النظام السوري، غير أن تمرير التشريع ودخوله حيز التنفيذ استغرق أعواماً عدة.

وفي فرنسا، فُتح تحقيق يتهم الأسد بارتكاب “جرائم حرب” في أيلول/ سبتمبر عام 2015. وكُلف المحققون في المكتب المركزي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية والإبادة وجرائم الحرب بدء التحقيقات انطلاقاً من صور قيصر.

وفي أيلول/ سبتمبر عام 2017، تم تقديم نحو 27 ألف صورة من صور قيصر إلى القضاء الألماني ضمن تحقيقات جارية بشأن وقوع جرائم حرب وتعذيب واسعة النطاق من النظام السوري بحق معتقلين.

وتقدم قيصر حينذاك بشكوى للنيابة العامة الفدرالية ضد مسؤولين كبار في الاستخبارات والشرطة العسكرية السورية متهماً إياهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، استناداً إلى مبدأ “الولاية القانونية العالمية” الذي يتيح لألمانيا ملاحقة مرتكبي الجرائم على اختلاف جنسياتهم أو المكان الذي ارتكبوا فيه هذه الجرائم.

غير أن ردات الفعل على جهده سببت له نوعاً من الإحباط، إذ كان يأمل تحركاً عالمياً عاجلاً لإنقاذ السوريين من كوابيسهم التي يعيشونها بفعل ممارسات النظام ووقف عجلة القتل الدائرة بحق المعارضين.

وصرح المصور السوري: “كنت أتخيل أن حصيلة عملي ومخاطرتي بحياتي إكثر من عامين والمشاهد المؤلمة التي التقطتها قد تحرك الضمير العالمي على الفور. للأسف مرت أعوام ولم يتحرك”.

يُذكر أن “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” يدخل حيز التنفيذ منتصف الشهر الجاري. بموجبه، تُفرض عقوبات جديدة على القادة السوريين ومرتكبي الانتهاكات سوريين كانوا أو أجانب وتُجمد أصولهم ويمنعون من دخول الولايات المتحدة.

وتلتزم الإدارة الأمريكية دعم الملاحقة الدولية للمتهمين بارتكاب انتهاكات تتصل بحقوق الإنسان، فيما يستهدف المصانع العسكرية والبنى التحتية والمصرف المركزي في سوريا، ويسمح بمعاقبة الدول التي تدعم النظام السوري مثل سوريا وإيران.

يدرك قيصر أنه ليس بالإمكان إعادة الضحايا السوريين، لكنه سعيد بأن “القتل يمكن أن يتوقف أخيراً يتوقف عدد الجثث”، آملاً أن يبعث سريان القانون رسالة إلى نظام الأسد وإلى ضحايا ممارساته حالياً داخل سوريا، مفادها أنه لا ينبغي فقدان الأمل وأن “الحقيقة والعدالة ستسودان دائماً. بغض النظر عن المدة التي يستمر فيها الظلام في سوريا، لن نتوقف عن العمل حتى يأتي النور. القتل والتعذيب في سوريا سينتهيان وسنحصل على حريتنا والديمقراطية يوماً ما”.

في الوقت نفسه، يأمل الكثيرون أن تسهم صور قيصر في إعداد ملف لاتهام الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين ذات يوم.

رصيف 22

———————–

ماذا يعني توقيع ترمب «قانون قيصر» السوري سياسياً وعملياً؟/ إبراهيم حميدي

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على قانون موازنة الدفاع الذي يتضمن “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019” بعد موافقة مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس عليه.

وسُمي التشريع بـ “قانون قيصر” نسبة إلى مصوّر سابق في الجيش السوري، خاطر بحياته لتهريب آلاف الصور توثق تعذيب وقتل السجناء داخل السجون، إلى خارج سوريا. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو ان القانون “خطوة مهمّة تعزيز المحاسبة عن الفظائع التي ارتكبها النظام” و “يقدّم للولايات المتحدة أداة للمساعدة في وضع حدّ للصراع الرهيب والمستمرّ في سوريا”.

ماذا يتضمن؟

من شأن دخول القانون حيز التنفيذ أن يسفر عن:

اولا، فرض عقوبات على كافة الأفراد والشركات التي تمول آلة الحرب، بما في ذلك البنك المركزي السوري، والشركات النفطية، وشركات التشييد والبناء، والميلشيات.

ثانيا، فرض العقوبات على متهمين بـ “جرائم حرب” في الجيش والحكومة ومركز الأبحاث والدراسات العلمية.

ثالثا، طرح حلول عسكرية وغير العسكرية على الكونغرس لحماية المدنيين.

رابعا، تثبيط البلدان المجاورة عن توفير الدعم الاقتصادي إلى دمشق.

خامسا، التأكد من أن الرئيس الأميركي يمكنه رفع العقوبات بموجب أحكام القانون في حالة اتخاذ دمشق الخطوات الملموسة والإجراءات الجادة على مسار احترام حقوق الإنسان مع أـولوية سلامة وأمن المدنيين وإطلاق السجناء والعودة الطوعية والآمنة للاجئين.

ما هي العقوبات؟

-تصنيف البنك المركزي السوري ضمن فئة البنوك “المعنية بتبييض الأموال بصفة أساسية”.

-توسيع رقعة العقوبات والمزيد من القيود على الأجانب الذي أجروا المعاملات مع الحكومة السورية على صعيد : (أ) الغاز الطبيعي، والنفط، والمنتجات النفطية، و(ب) الطائرات وقطع غيار الطائرات، و(ج) تنفيذ مشاريع البناء والمشاريع الهندسية لصالح الحكومة.

ماذا يعني سياسياً وعملياً؟

اولا، إحباط مشاريع إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية بمساهمة سوريين او غير سوريين.

ثانيا، حذر دول عربية واوروبية في التطبيع السياسي مع دمشق او المساهمة بالاعمار.

ثالثاً، حصول واشنطن على ورقة تفاوضية رئيسية مع موسكو بربط اعطاء استثناءات او رفع العقوبات بتنازلات سياسية.

رابعا، صعوبة عمل مؤسسات او منظمات وشركات خاصة في سوريا بسبب البعد النفسي والخوف من اثار العقوبات.

خامساً، تشجيع الاتحاد الاوروبي على فرض عقوبات اقتصادية جديدة.

سادسا، تعميق الازمة الاقتصادية في لبنان بحكم التداخل بين الاقتصادين والاعتماد على النظام المصرف اللبناني وتراجع رهان المساهمة باعمار سوريا.

————————————-

التغيير بديلاً وحيداً عن انهيار حتمي/ عروة خليفة

يفصلنا يوم واحد فقط عن دخول قانون «قيصر لحماية المدنيين في سوريا» حيز التنفيذ، فيما تستمر النقاشات حول تداعيات هذا القانون منذ أسابيع، ويطغى عليها الحديث عن تأثيراته على السكان المدنيين في البلد الذي يعاني من حرب النظام على الشعب منذ قرابة العشر سنين. فهل كانت مفاعيل قانون العقوبات الجديد، حتى قبل أن يبدأ تنفيذه عملياً، هي المحرّكَ وراء انكشاف العملة السورية، ووراء الانهيارات في أسواق مهمة ورئيسية مثل سوق الدواء خلال الشهر الماضي؟

ليست العقوبات التي يفرضها قانون قيصر، الذي أقرّ بداية العام الجاري، هي الأولى من نوعها على سوريا، إذ عانت البلاد من عقوبات متنوعة خلال حكم الأسدين الأب والابن، مثل العقوبات على سوريا خلال الثمانينات، التي كانت شماعة مثالية للتغطية على انهيار العملة السورية نتيجة سوء الإدارة والسرقات الكبرى، ومن بينها دفع مبالغ طائلة من العملة الصعبة لرفعت الأسد قبل خروجه من سوريا، ما أدى إلى إفراغ الخزينة العامة منها، وهو ما أدّى إلى عدم القدرة على استيراد كثير من المواد. إلّا أنّ استمرار الإنتاج في قطاعات الصناعة والزراعة جنّب البلاد انهياراً اقتصادياً شاملاً، إذ كان وجود أراض صالحة للزراعة تحت سيطرة النظام قد سمح بتحويل الزراعة إلى التركيز القمح، ما أدى إلى تجنيب البلاد ويلات المجاعة.

واليوم يجري استخدام الخطاب نفسه من قبل النظام، عبر الحديث عن الحصار والعقوبات التي تسببت بانهيار الاقتصاد، مع اقتراب ميعاد تنفيذ قانون قيصر لحماية المدنيين. لكن هل كان الاقتصاد السوري قادراً على الاستمرار لولا عقوبات قيصر؟ تشير المؤشرات والأرقام، والفشل في إدارة الموارد وتأمين الأساسيات خلال العام الماضي، إلى أن هذا ليس ممكناً، إذ يعاني الاقتصاد تحت إدارة حكومة النظام السوري من أزمات متتابعة جرى علاجها بشكل إسعافي. واليوم، مع نفاذ الحلول الإسعافية تلك، فإنه يواجه الانهيار فعلياً حتى من دون الحديث عن قيصر، وذلك على الأقلّ منذ إعلان طهران إيقافها الخط الائتماني الذي كانت توفره من أجل تأمين النفط للنظام نهاية عام 2018، وهو أمر اضطر النظام إلى توفير العملة الصعبة من أجل الحصول على النفط اللازم لتأمين المحروقات الأساسية، وكانت أزمة المازوت والبنزين التي لحقت القرار الإيراني واضحة للعيان، إذ أصبح تأمين المحروقات من أجل المواصلات العامة والاستخدامات الأساسية مثل التدفئة أمراً شبه مستحيل خلال بعض الفترات. كانت الصور من مدينة دمشق، التي توقفت السيارات فيها عن العمل بشكل شبه نهائي، صادمة للجميع، لكنها عبّرت بشكل واضح عن الأزمة التي بدأت تحصل للاقتصاد السوري.

قبيل هذه الأزمة التي انكشفت بشكل واضح خلال العام الماضي، كانت وسائل الإعلام المقربة من موسكو تروج لنهاية الحرب في سوريا وانتصار النظام وبدء الانتعاش الاقتصادي، وهو ما مارسه النظام في الدعاية الموجهة لمؤيديه والسكان عموماً، والتي كان لها أثر حتى على دول الجوار، إذ تأهب عدد من الاقتصاديين ورجال الأعمال في لبنان والأردن للمشاركة في عملية إعادة الإعمار المفترضة في سوريا، والتي كان يفترض أنها ستدرّ الملايين وربما المليارات على الجميع. وكان مشروع «ماروتا سيتي»، المقام على أنقاض حي بساتين الرازي في دمشق المنهوب والمدمر جزئياً خلال الحرب، واجهة هذه الدعاية التي تبشر بنموذج مشابه ربما لما حصل في الشيشان بعد حرب الإبادة التي شنها بوتين بداية حكمه لروسيا، ودمر فيها الدولة الصغيرة التي طالبت بالاستقلال، ومن ثم تمّ العمل على إعادة إعمارها عبر استقطاب استثمارات روسية وأجنبية كإعلان انتصار بوتيني ساحق هناك.

وكما ظهر لاحقاً، فإن نجمة التاج في تلك الدعاية كانت مشروعاً فاشلاً اقتصادياً، إذ لا يزال ماروتا سيتي معلّقاً حتى الآن. وبينما كانت تحذيرات على تويتر من الخارجية الأميركية كافية لإخافة أي مستثمر خليجي كان يرغب بالاستثمار في ذلك المشروع أو غيره، لم يكن حلفاء النظام في وضع يسمح لهم بضخ مبالغ ضخمة وهم يعانون أنفسهم من عقوبات أميركية، بينما حليفهم العملاق في الصين يعاني تحت ضربات الحرب التجارية التي بدأها ترامب مع بكين، فارضاً انخفاضاً في نمو ثاني أكبر اقتصادات العالم، وتراجعاً عن تصوراتها في مشاريع كانت تعتبر ضخمة للغاية مثل «طريق الحرير البري»، وهو ما كان كفيلاً باليأس من أي نجدة من بكين التي لن تغامر في الاستثمار في اقتصاد مدمر لبلد غير مستقر سياسياً. وحتى في غياب التهديدات الأميركية للمستثمرين الخليجيين، فإن عدم وجود منح أو استثمارات كافية لإعادة إعمار البنية التحتية في كامل البلاد، أو على الأقل في المدن الكبرى، يعني أن الاستثمارات في القطاعين العقاري والصناعي ستكون خاسرة حتماً، خاصةً مع استمرار عدم الاستقرار، ما سيجعل أي استثمار خليجي من دون أثر يذكر على الاقتصاد الكلي.

قبل ذلك، كانت العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على نظام الأسد، ورجال أعماله المقربين الذين يحتكرون عملياً جزءاً كبيراً من الاقتصاد السوري، قد أدت إلى تجميد قدرة العديد من هؤلاء على القيام بالعمليات التجارية، وخفّضت نسب الصادرات السورية إلى الاتحاد الأوروبي الذي كان أحد أكبر الشركاء التجاريين للبلاد قبل 2011. وقد أدى هذا بدوره إلى انكماش في نمو اقتصاد البلاد بعد أن خسرت أسواق تصدير أساسية بالنسبة لمنتجاتها الزراعية والصناعية، وقاد أيضاً إلى عدم قدرة النخبة الاقتصادية والمالية المقربة من النظام إلى الوصول إلى الأسواق العالمية وتداول الدولار نتيجة العقوبات، ما أدى إلى استنزاف مخزون العملة الصعبة في البنك المركزي، وهو ما كان أحد أسباب تراجع سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الصعبة.

وفي نهاية العام الماضي، أتى الحراك الثوري اللبناني الذي استبق انهياراً اقتصادياً في البلاد، كان يبدو حتمياً نتيجة عمليات النهب المنظمة، ليهزّ النظام الطائفي الحاكم في البلد، وهو ما أدى في إحدى نتائجه إلى هزّ المنظومة التي كانت تقدم الدعم بشكل واسع للنظام السوري، باعتبارها طريقاً سريعاً للتهرّب من العقوبات، وبوابة أساسية للاستيراد بعد انهيار البنية التحتية في سوريا. وقد أدى إغلاق المصارف في لبنان، وتجميد عدد كبير من الحسابات إلى إغلاق أحد آخر منافذ التعامل التجاري بالعملة الصعبة بالنسبة للتجار السوريين، وبالنسبة للنظام أيضاً، إذ بينما كان التاجر يستطيع الحصول على الدولار في لبنان سابقاً بسعره الأقرب للحقيقي، فإن تمويل الاستيراد والتصدير في سوريا عن طريق النظام يتطلب فرض أسعار مغايرة عن الواقع، ما يعني خسارات فادحة للصناعة والتجارة في البلد.

الحل الوحيد في هذه الظروف هو التوقف عن العمل، كما حدث في سوق الأدوية السورية مؤخراً، وبينما استطاع حافظ الأسد في الثمانينات النجاة عبر مساعدات مستمرة وكبيرة من ليبيا ودول الخليج، مع وجود اقتصاد مستقر نسبياً وبنية تحتية غير مدمّرة ووصول إلى كل المساحات القابلة للزراعة، فإن حظوظ النظام أقل بكثير في عهد الابن الذي دمرت حربه المدن والبلدات المنتفضة، ما أدى إلى تهجير ربع السكان إلى الخارج وتدمير البنية التحتية، وفرض تقسيمات للسيطرة، وعدم القدرة على الوصول إلى المساحات الأهم لزراعة القمح في الجزيرة السورية.

مقارنة الوضع السوري الراهن مع العراق خلال التسعينات، أو مع سوريا نفسها خلال الثمانينات، ليست مقارنة صائبة، فالبلدان لم يكونا مدمرين خلال تلك السنوات، التي فُرضت فيها عقوبات لم تستطع تغيير النظام السياسي، لكنها ألحقت ضرراً كبيراً بحياة السكان، الذين تعرضوا لمجاعة حقيقة في العراق، وعاشوا معاناة لم تصل حدود المجاعة في سوريا. كان البلدان يمتلكان قدرة على إنتاج النفط ما وفَّرَ الطاقة الرخيصة للاقتصاد، كما قادت عمليات التحويل في الزراعة في سوريا إلى قدرتها على الاكتفاء ذاتياً من القمح، وإن أضرّ ذلك بمجمل التنوع الزراعي في البلاد.

سيكون للعقوبات تأثيرات اقتصادية بالفعل، إلّا أنّ انهيار الاقتصاد السوري هو أمر يحصل منذ العام الماضي، وكنا سنشهد بعضاً من أقسى فصوله على أي حال خلال الأشهر والسنوات القليلة القادمة، وكل ما قامت به عقوبات قيصر (أو بالأحرى الخوف منها) هو تسريع هذه العملية، التي ستؤدي حتماً إلى انهيار في قدرة النظام على تأمين الأساسيات، وهو أمر لم يحدث له مثيل من قبل في سوريا حتى في أسوأ الظروف، وهي أوضاع بالغة الصعوبة والكارثية على السكان.

سنكون إذاً أمام أوضاع غير مسبوقة تاريخياً، بعد أن تم إثبات عدم صلاحية دعاية الانتعاش الاقتصادي ونهاية الحرب داخلياً وإقليمياً، وهي أمور ستضع حلفاء النظام وداعميه أمام خيارات شديدة الضيق، إذ سيكون مشهد الانتصار العسكري منقوصاً بالنسبة لموسكو، كما أنّ تكلفة وجودها وفرض الاستقرار في مناطق انتشارها ستكون أعلى. وكان مسؤولون أميركيون قد تحدثوا مراراً عن الحل الوحيد أمام روسيا بوضوح شديد، وهو ما كثّفته السفارة الأميركية في سوريا مؤخراً في ضرورة أن «يتخذ النظام خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل سياسي للصراع السوري يحترم حقوق الشعب السوري ورغبته»، وهي شروط تعني ضمنياً إجراء تغيير جذري للنظام لا يكون فيه مكان لبشار الأسد، وهو حلّ صعب بالطبع على موسكو، لكنه المتاح الوحيد أمامها إذا أرادت تمويل إعادة الإعمار في البلاد.

اعتاد نظام الأسد على الانتظار في مواجهة الظروف غير المواتية له، الانتظار حتى تتغير الظروف الدولية لصالحه، أو تسير في الاتجاه المعاكس للضغوط التي كانت تمارس عليه. هكذا فعل الأسد الأب في الثمانينات، وكذلك فعلَ ابنه بعد اغتيال رفيق الحريري. وليس من المتوقع أن يفكر النظام بطريقة جديدة اليوم، فبشار الأسد ينتظر أن يأتيه فرجٌ جديد يشبه زيارة ساركوزي لدمشق عام 2008 منهياً عزلته الدولية. سيتعامل النظام مع العقوبات الجديدة بالطريقة نفسها، وهذا يدعو للخوف فعلاً، الخوف على الناس الذين سيضطرون لمواجهة الجوع من أجل بقاء سلالة الأسد إلى الأبد، لكن هناك حقيقتان أساسيتان؛ الأولى أنّ هذا القرار اليوم لم يعد بيد نظام الأسد، الذي رهن مراكز القوى في نظامه والدولة التي يحكمها لموسكو، والثانية أن الأبد في هذه المعادلة محجوز فقط لبوتين وحده، ليمسي بشار الأسد جزءاً من أبد الآخرين لا أبده هو، ومن ثم يمكن التنازل عنه مقابل ثمن مناسب.

في الحقيقة، خيارُ «الصمود» بمعنى الاستمرار في مواجهة العقوبات وابتلاء الناس بآثارها غير متاح، لأن اتخاذه يعني انهيار المنظومة الاقتصادية في البلاد، وهو أمر لن يروق حتى لمؤيدي النظام الأشد ولاءً، وهو بالتأكيد لن يكون في صالح موسكو. أما طهران، فإن العقوبات المشددة عليها، والضغط السياسي والعسكري الواسع يبدو قادراً على إبعادها عن الصورة، وإن مؤقتاً، في حين تمسك موسكو الأكثر راحة من ناحية الضغوط الأميركية بمراكز صنع القرار في البلد، ليصبح الخيار عملياً بيد بوتين، الذي سيقرر إن كان بشار الأسد «سيصمد» أم لا، وهو ما يعني فرصة تاريخية للتخلص من أحد وجوه النظام، والانتقال إلى مرحلة جديدة تتضمن قدرة على الحركة في هوامش لم تكن متوفرة سابقاً.

لن يقوم قانون قصير بأكثر ممّا قام به النظام نفسه خلال العقد الماضي من تدمير للبلاد واقتصادها، وفيما يدفع السكان الثمن الأكبر لمزيج السياسات الفاشلة اقتصادياً وتدمير البلاد والعقوبات الخارجية، لا يبدو أن هناك حلّا جذرياً في الأفق لأوضاع الناس المعيشية، التي تهدد بمجاعة في سوريا، سوى إجراء تغييرات تتوافق مع التوقعات الدولية التي ستسمح بإعادة فتح الإقتصاد السوري، وإلا فإن السوريين سيواجهون أصعب أيامهم خلال الفترة القليلة القادمة، في ظل نظام سياسي يقوم بجرّ البلاد إلى الهاوية، التي تبدو أقرب اليوم نتيجة العقوبات الاقتصادية، إلّا أنها كانت مصيراً محتوماً نتيجة سياسات النظام في جميع الأحوال.

موقع الجمهورية

———————————-

تجويع السوريين أم إنقاذهم!/ قاسم البصري

يأمل القائمون على عقوبات قيصر، والداعمون لها، أنها ستدفع النظام السوري وحلفاءه إلى تقديم تنازلات جوهرية، وذلك نتيجة ما ستتسبب به من تجفيف لمصادر تمويل آلة النظام العسكرية والأمنية المتوحشة، ومن تعطيل لقدرته على إدارة البلد، ومن عرقلة لمشاريع إعادة الإعمار التي يراهن عليها النظام وحلفاؤه بعد كسبهم للحرب. ولكن إذا كان مدى إنجاز العقوبات لأهدافها لا يزال رهيناً بما سيحمله المستقبل، أي أنه لا يزال طي الغيب، فإن هناك نتيجة مؤكدة لها، بتنا نراها اليوم بشكل مباشر حتى قبل دخول القانون حيز التنفيذ، وهي تسريع تدهور الأوضاع المعيشية في سوريا بشكل رهيب، ودفعُ الملايين منهم خلال أسابيع قليلة من العيش تحت خط الفقر إلى العيش على حدود المجاعة.

ومن نافل القول إن نظام الإبادة الأسدي، المدعوم من روسيا وإيران، هو المُتسبب بما وصلت إليه سوريا من تدميرٍ طال بناها التحتية وأدوات الإنتاج فيها بفعل آلته العسكرية، وهو الذي استخدم مقدرات البلاد رهناً وتفريطاً لضمان بقائه واستدامة قدرته على تحطيم أحلام السوريين بالحرية، وفي قتلهم وتشريدهم داخلياً ونحو خارج البلاد، وهو الذي تسبّب بوصول الاقتصاد السوري إلى التحلل الذي أصابه، مما أدّى إلى فقدان الليرة السورية معدلاتٍ كبيرةً جداً من قيمتها، وصولاً إلى وضع ملايين السوريين تحت خط الفقر. وعليه فإنّ المجاعة التي تتهدّد السوريين اليوم هي من صنع الأسدية قبل أن تكون من صنع عقوبات قيصر، لكنَّ ما تفعله هذه العقوبات هو أنها تسرّع الدخول في المجاعة، لأنها تأتي في وقتٍ دقيقٍ وصلت فيه إمكانيات المدنيين على ضمان حدّ الكفاف إلى عتبتها الأخيرة، وذلك دون أن أي أفق واضح لحلّ ينهي المأساة التي يواظب نظام الأسد على استدامتها ضماناً لبقائه.

-1-

تتفق الإحصائيات الحالية على أنّ أكثر من 85 بالمئة من سكان سوريا يعانون الفقر وتهديد أمنهم الغذائي، وعلى الرغم من أنّ عقوبات قيصر تستثني المواد الغذائية والدوائية والتجهيزات الطبية، فإن الانهيار المؤكد لقيمة الليرة السورية سيجعل من المستحيل على الغالبية الساحقة من السوريين شراء هذه المواد حتى لو توفرت، لا سيّما أنّ متوسط أجور السوريين حالياً هو أقل من 30 دولاراً شهرياً، فكيف بعد أن تهبط قيمة الليرة مجدداً ويغدو متوسط الأجور لا يتجاوز 6 أو 7 دولارات على سبيل المثال؟ علاوةً على ذلك، قد تمنع العقوبات الكثير من الأطراف من تبادل المواد الغذائية والطبية مع سوريا، رغم أنها مستثناة نظرياً من العقوبات، وذلك خشية خرق العقوبات من دون قصد، فطلبات الامتثال للعقوبات الموضوعة من الجانب الأميركي معقدة، وليس يسيراً أمر مراعاتها بشكلٍ كامل.

والأرجح أن العقوبات ستشمل مصرف سوريا المركزي، وعندها لن يكون بمقدور النظام السوري ومعظم المُستوردين السوريين إجراء أي تعاملات تجارية لاستيراد المواد الأساسية التي يحتاجها المدنيون، وستُمنى الليرة السورية بخسائر خيالية ستتحطم معها القدرة الشرائية للسوريين إلى حدود مخيفة، لا سيما أنّ ذلك يتزامن مع الأزمة النقدية اللبنانية، وما لذلك من انعكاسات كبيرة على توريد السلع إلى سوريا. ويبدو أنّ لبنان لن يكون مجدداً نافذة النظام السوري وواجهاته لتحصيل القطع الأجنبي وتوظيفه في عمليات الاستيراد، فهو لن يستطيع مواجهة الضغوط الأميركية وشروط صندوق النقد الدولي المُطالبة بوقف المعاملات المصرفية لصالح النظام السوري. 

وبالرغم من أن القوائم الاسمية للشخصيات المشمولة بالعقوبات لن تطال رجال الأعمال غير المُساهمين في دعم نظام الأسد، فإننا نعلم أنّ الاقتصاد السوري تديره أوليغارشية أسدية أصيلة أو شخصيات تعمل كواجهة للأوليغارشية الممسكة فعلياً بزمام الاقتصاد، وهذه الأسماء باتت واضحة ومعروفة بالنسبة للجميع، وبالتالي من الصعب أن يُفلت أحدهم من قائمة العقوبات الاسمية التي سيُعلن عنها قريباً. ومن شأن معاقبة هذه الأسماء كلّها أن يؤدي إلى تعطّل عمليات الاستيراد بالكامل، حتى تلك المستثناة من العقوبات، وعلى أقل تقدير حتى يتمكن النظام من خلق واجهات جديدة تُجري عمليات الاستيراد لصالحها. هنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الشخصيات التي ستُشمل بالعقوبات كان قسمٌ منها معاقباً أصلاً، وهي لم تصل إلى ثروتها إلا جّراء سرقة السوريين بالاستفادة من صِلتها الوثيقة بالأسدية، ولذا فإنه واجبٌ عقابها ومنعها من المساهمة في تمويل اقتصاد النظام، ولكن ما هو البديل المُتاح لتأمين احتياجات الناس؟ هل يسمح النظام أصلاً لأشخاص من خارج الدائرة المحسوبة عليه والعاملة لصالحه أن تتمتع بالقدرة على أداء نشاطات اقتصادية في سوريا؟

قد يكون البديل الضامن لاستمرار توريد الغذاء والدواء إلى سوريا هو مزيد من المساعدات التي تقدّمها الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، وهو ما نصّ قانون قيصر على استمراره، ولكنّ الواقع حالياً هو أنّ هذه المساعدات تصطدم بعدم وجود داعمين لها، كما أنّ أزمة فيروس كورونا ألقت بظلالٍ ثقيلةٍ عليها. وإنّ انقطاع الغذاء والدواء عن السوريين مع تحطّمٍ كامل لقدرتهم الشرائية قد يضع العالم كله إزاء أزمةٍ أخلاقية، لا مفرّ منها إلا بتقديم مساعدات حقيقية للساكنين في مناطق سيطرة النظام، وبذلك سيكون من تبعات العقوبات إعفاء النظام من تأمين احتياجات محكوميه وتقديمها بدلاً عنه، وستظلّ العقوبات رغم ذلك فرصة لنظام الأسد وداعميه لمواصلة استغلالها كشمّاعة يحملون عليها كل ما حل بسوريا من أزمات اقتصادية ومعيشية. 

ما من وسيلةٍ واضحة لنجنّب مجاعة قادمة في سوريا في حال استمرار عقوبات قيصر شهوراً عديدةً من دون تقديم تنازلات تفضي إلى رفعها أو تخفيفها، فالاقتصاد السوري قد دخل مرحلة التحلّل والاضمحلال، وإنّ أي مقاربة لإمكانية تجنّب الجوع في سوريا شبيهة بما حصل إبان العقوبات على نظام صدام حسين أو النظام الإيراني غير واردة، فنظام صدام حسين كان يسيطر على العراق بالكامل، وعلى ثروات نفطية لها وزنها في سوق النفط العالمي، دفعت الأمم المتحدة بعد سنوات من بدء سريان العقوبات في العام 1990 إلى مفاوضته على هذه الثروات من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء (1995). أما إيران، فهي بلد كبيرة ومتنوعة القطاعات الإنتاجية، وقادرة على خلق نوع من الاكتفاء الذاتي في ما يتعلق بالسلع الاستهلاكية والضرورية لاستمرار الحياة، وهو ما ليس متوفراً في سوريا التي يديرها الأسد. كما أنّ لعلاقات النظام الإيراني المتشابكة مع الغرب في عددٍ من القطاعات، ومعها أهمية السوق الإيرانية وموقع إيران الاستراتيجي، أهمية وازنة دفعت لمنح عدد من الدول في مرحلةٍ سابقة استثناءاتٍ لمواصلة الاستيراد الطاقي من إيران، كما دفعت إلى خلق الآلية المالية الأوروبية للتعامل التجاري مع إيران «إنستكس».

ولكن ماذا عن النظام السوري؟ ما الذي يستطيع تقديمه للحصول على آليات وبرامج مشابهة للحالتين العراقية والإيرانية بهدف تجنيب السوريين الدخول في مجاعة وكارثة إنسانية غذائية وصحية؟ ماذا بوسع اقتصاد دولة فيها خمسة احتلالات، ولا يتجاوز مجمل ناتجها المحلي 6 مليار دولار بينما تبلغ قيمة مستورداتها 5.8 مليار دولار، أن تقدم لتجنب السيناريوهات المريرة؟ إن نظرةً بسيطةً على حجم الاقتصاد السوري وقيمة صادراته ووارداته تعطينا صورة عن حجم المأساة التي قد تحل ببلدٍ تستورد أبسط المواد الاستهلاكية اللازمة لتقويت الناس.

2

إذن ستزيد عقوبات قيصر، بلا شك، من معاناة السوريين وفَاقتهم، ولكن هل ستحدث خرقاً يدفع موسكو للتخلي عن بشار الأسد، وهل ستؤدي إلى تفاهمات أميركية روسية لبدء مرحلة جديدة في سوريا؟ لا يتحدث نص القانون طبعاً عن تنحي بشار الأسد كشرط لرفع العقوبات أو تخفيفها، لكنه يتحدث عن إجراءات منها محاسبة مرتكبي جرائم الحرب، وإطلاق سراح المعتقلين، ووقف الاستهداف المتعمّد للمدنيين، وغيرها من شروط ينتهي تنفيذها إلى تغيير النظام بشكل جذري في نهاية المطاف. كذلك تكررت تصريحات أميركية واضحة عن ضرورة إخراج إيران من سوريا، وعن ضرورة سير النظام جدياً في طريق الحلّ السياسي. ولعلّ مجمل الشروط الأميركية مشابهةٌ لما سعت جميع المفاوضات السياسية مع نظام الأسد، في جنيف وغيرها، إلى إلزامه به من دون جدوى، بالرغم من صدور قراراتٍ أممية بخصوصها، أبرزها القرار 2254.

إذن، ينبغي هنا السؤال؛ لماذا ستنجح أميركا في دفع روسيا للتخلي عن الأسد هذه المرة؟ وهل لديها استراتيجية واضحة تندرج ضمن مخططٍ متكامل يفضي إلى إطلاق عملية سياسية في سوريا بالتنسيق مع موسكو، بوصفها اللاعب الرئيسي في البلاد، وهي التي تؤمّن غطاءً سياسياً وعسكرياً كفيلين ببقاء النظام السوري واستمراره في التعنّت ورفض الانصياع إلى أي جهود من شأنها الشروع بعملية سياسية حقيقية في البلاد.

يُفترض بأيّ خطواتٍ أميركية في سوريا أن تنال قبول الروس بما يحافظ على مصالحهم، وهنا يُعوَّل على قانون قيصر في خلق موقف روسي مختلف من بشار الأسد بعد فرض العقوبات، قائم على أنّ المصالح الروسية في سوريا، بعد توقف زخم العمليات العسكرية إلى حدٍّ كبير، تقتضي الحصول على مكتسبات اقتصادية، نتيجة استثمارات طاقية وتوظيف للموانئ السورية على البحر المتوسط، فضلاً عن أموال كبيرة ستتحصل عليها شركات روسية من خلال برامج إعادة إعمار مأمولة.

في الحقيقة، يدرك الروس أنّ قانون قيصر يعني التشدّد في نبذ نظام الأسد وتعذّر تعويمه والتطبيع السياسي والاقتصادي معه، إلا أنّ رفض الانصياع الروسي للعقوبات كأداة للتغيير قد يقع ضمن استراتيجية أوسع لموسكو، قائمة على رفض الاستخدام غير المسبوق لسلاح العقوبات من قبل إدارة ترامب. والانصياعُ الروسي في الحالة السورية، يعني الاعتراف بجدوى هذا السلاح المُستخدم حالياً بشكلٍ غير مسبوق ضدّ روسيا نفسها. وفي الوقت نفسه، قد تكون العقوبات وسيلةً مساعدةً لموسكو من أجل مزيدٍ من الخضوع يقدمه بشار الأسد، وأداة ابتزاز يمكن توظيفها لتحصيل المزيد من الاستثمارات طويلة الأجل من نظامٍ مفلس ليس أمامه سوى رهن البلاد للبقاء في السلطة. وقد تستفيد موسكو من عقوبات قيصر في إضعاف دور إيران في سوريا وصولاً إلى إخراجها، وهو ما تسعى إليه فعلياً الولايات المتحدة، مما سيعني تفرداً روسياً في سوريا.

ورغم أنه يُمكن للعقوبات الاقتصادية الحالية تجميد الاستفادة الروسية من استثماراتها وخططها في سوريا مؤقتاً، ولكن يبقى لموسكو أن تقدّر مخاطر التخلي عن بشار الأسد والجدوى من ذلك في مقابل ما يمكن تحصيله بالنتيجة. وهذا الأمر يتم دون اكتراث لمشاهد الفقر والجوع الذي سيكابده ملايين السوريين نتيجة العقوبات وبقاء الوضع السياسي على حاله، رغم أنّه سيُفسّر فشلاً لموسكو في سوريا. ولعلّ القول بأنّه لم يعد في سوريا استثمارات ومصالح روسية يمكن تحصيلها عبر نظام الأسد ليس دقيقاً، فها هي روسيا، وقبل أيام من دخول الحزمة الأولى من عقوبات قيصر حيّز التنفيذ، قد منحت سفيرها مزيداً من الصلاحيات وتواصلاً مباشراً مع الكرملين، كما دفعت النظام إلى توقيع اتفاقٍ جديد يتعلق بتوسعة قواعد القوات الروسية البرية والبحرية، بعد أن اعتقدنا أنّه قد سبق لروسيا أن سيطرت على البحر السوري بشكلٍ كامل.

خلاصة ما سبق، هو أنّه ما من تغيير في استراتيجية واشنطن تجاه النظام السوري، وليست تملك خطوات جدية لإحداث تغيير سياسي يأمله السوريون في بلادهم، كما يبدو أنه ما من دلائل على استعداد موسكو للتخلي عن دعمها للأسد بفعل العقوبات، وبالتالي فإنّ عقوبات قيصر غير محسومة النتائج السياسية على الأرض بقدر ما هي محسومة التبعات القاسية المُفضية إلى تجويع السوريين، وقد تكون العقوبات تجربةً مريرة العواقب طالما أننا نعوّل على أطرافٍ متوحشة لا تقيم وزناً لحيوات السوريين.

والواقع أنّ السوريين قد وصلوا إلى درجةٍ من الإنهاك يصعب معها التجريب بهم دون وجود هدف وخطة واضحة تؤدي إلى تغييرات حقيقية، وإذا كانت العقوبات ستؤدي إلى إزاحة نظام الأسد وانتقال البلاد إلى مرحلة انتقال سياسي، فهذا لن يأتي إلا عبر قرار سياسي يبدو أنه ما زال متعذراً وتعوزه الجدية، وليس بمقدور العقوبات الاقتصادية وحدها تحقيقه. ولذا، يجب التفكير ملياً في إمكانية أن تؤدي العقوبات المفروضة على الأسد إلى إكمال ما فعله بحق المدنيين السوريين دون طائل، وهو أمرٌ ينبغي عدم القبول به.

—————————–

قيصر”.. يُسقط النظام أم يخذل السوريين؟/ عقيل حسين

جدل واسع يدور في أوساط المعارضة السورية، حول الآثار المترتبة على تطبيق قانون العقوبات الأميركي الجديد “قيصر” بعد التدهور الحاد في سعر صرف الليرة السورية، منذ مطلع حزيران/يونيو، والذي يقول خبراء الاقتصاد إنه لا يمثل سوى مقدمة لانعكاسات أكبر.

لكن الأراء منقسمة بشكل كبير حول ما إذا كانت هذه الانعكاسات ستحقق أهدافها الأساسية بالإضرار بالنظام ذاته، أم أنها ستلحق الأذى بالمواطن العادي، خاصة في ضوء تجارب العقوبات السابقة التي فرضت على دول وأنظمة أخرى، لم تكن نتائجها متطابقة مع الأهداف التي أقّرت من أجلها.

تضر بالشعب

يرى المتحفظون على هذا القرار في أوساط المعارضة، أن العقوبات الاقتصادية لم تؤدِ إلى إسقاط أي نظام، بل إنها غالباً ما زادت من قبضته على الحكم، باعتبارها تشكل ذريعة للحكومات من أجل الامعان في تكميم أفواه المعارضة، وإظهار أي صوت مناوئ لها كمتآمر مع الجهات الخارجية التي تطبق العقوبات.

هذا على الصعيد السياسي، أما اقتصادياً، يضيف أصحاب هذا الرأي، إن الأنظمة ورجال السلطة يبقون بمنأى عن الآثار السلبية للتضخم وانخفاض القدرة الشرائية التي تصيب المواطن العادي وتزيد من الفقر والبطالة، وهذا النوع من الأضرار بدأت تظهر آثاره سريعاً على السوريين، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام أو خارجها، الأمر الذي يتطلب، من وجهة نظر هؤلاء، إعادة تقييم الموقف من العقوبات المفروضة على سوريا بشكل عام، وقانون “قيصر” بشكل خاص.

وأقرت الولايات المتحدة في 20 كانون أول/ديسمبر 2019 حزمة جديدة من العقوبات على النظام في سوريا، كما كان لافتاً اتفاق النواب من الحزبين الجمهوري والديموقراطي على القانون الذي حمل اسم “قيصر”، نسبة إلى منشق عن النظام استطاع تهريب أكثر من خمسين ألف صورة لضحايا التعذيب في معتقلات النظام أقيم لها معرض في مبنى الكونغرس الأميركي والعديد من الدول الغربية.

ورغم أن العقوبات الجديدة لم تدخل حيز التنفيذ بعد، إذ من المقرر أن تكون نافذة ابتداءً في 17 حزيران/يونيو على أبعد تقدير، بحسب القانون، إلا أن آثارها بدأت تظهر بقوة منذ بداية هذا الشهر، حيث تدهور سعر صرف الليرة السورية التي خسرت في خمسة أيام بنحو 150 في المئة، ما أدى إلى ارتفاع حاد بالاسعار، زاد من معاناة السكان الذين يواجهون بالأصل ارتفاعاً في معدلات التضخم والبطالة والفقر.

مسؤولية النظام

لكن المدافعين عن هذا القانون يرون أن التدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد اليوم، هو نتيجة سياسات النظام خلال السنوات العشر الماضية، والتي كان من المؤكد أنها ستؤدي إلى هذه النتائج الكارثية، بسبب استنزاف موارد البلاد الاقتصادية لصالح الحرب، التي أدت كذلك إلى تدمير البنية التحتية ما عطل الانتاج، بالإضافة إلى تفشي الفساد الذي تضاعفت مستوياته خلال الأعوام الماضية.

ويضيف أصحاب هذا الرأي، أنه وبينما يظهر النظام عجزه عن تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن، بحجة العقوبات الاقتصادية ونقص العملة الصعبة، فإنه يواصل شراء السلاح من روسيا وغيرها من الدول، وتمويل عملياته العسكرية وحربه التي يشنها ضد الشعب منذ تسع سنوات، حتى أنه يرفض الاستمرار في تطبيق اتفاقية الهدنة في إدلب التي ما كانت لتصمد لولا الضغط الروسي عليه.

ويذهب هؤلاء أبعد من ذلك حين يحذرون من خدمة النظام بشكل غير مباشر في حال التبني غير الناقد لهذه الرواية، التي يعمل النظام على تكريسها للتهرب من التزاماته تجاه المواطن، ورمي المسؤولية على “العدو” في ما آلت إليه الأمور في البلاد، بينما الواقع والأرقام تؤكد أن النظام هو المتسبب الرئيس في التدهور الاقتصادي لسوريا.

وينبه هؤلاء إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون “قيصر”، تخضع للمراجعة الدورية من أجل تجنب أي آثار سلبية على الشعب السوري، بالإضافة إلى أنها تستفيد من العقوبات التي فرضت سابقاً في دول أخرى لتجنب الثغرات الانسانية فيها، حيث نصت بوضوح على عدم مساسها بقطاعات الصحة والغذاء والانتاج الذي لا يخدم النظام.

كما أنها، وهو الأهم من وجهة نظر المدافعين عن قانون “قيصر”، تتضمن بنداً ينص على رفع العقوبات في حال أوقف النظام قصف المدنيين وأفرج عن المعتقلين ودخل مفاوضات جدية مع المعارضة لتحقيق انتقال سياسي، وهي شروط بسيطة يستطيع النظام أن يلبيها بكل بساطة لو كان مهتماً بمعاناة الشعب وظروفهم.

لكن متى كان النظام مهتماً بمعاناة الناس وهمومهم!

ليس هذا هو النقد الوحيد الذي يسجله المتحفظون على دعم تطبيق المزيد من العقوبات الاقتصادية، بل يضيفون إلى ما سبق أن الولايات المتحدة والغرب كان باستطاعتهم ولا يزالون العمل على تغيير النظام بشكل أسرع وبطرق أقل كلفة وضرراً من العقوبات التي لن تؤدي اسقاطه كما يعتقد مؤيدوها، بينما يرى الكثيرون أن هذا الجدل يعبر عن حالة أخلاقية داخل أوساط المعارضة، يجب تكريسه والتصدي لأي خطاب يشمت بمعاناة السكان في مناطق سيطرة النظام مهما كان المبرر.

المدن

—————————

الليرة السورية وأخواتها/ عيسى الشعيبي

من عدّة وجوه ذات دلالات مجازية، يشبه مقام الليرة السورية (وأخواتها)، وهن اليوم في عين العاصفة، حالة فعل “كان” الماضي الناقص في اللغة العربية، ففيما تنتمي الليرة إلى صنف العملات الرسمية، على اختلاف قيمها، وتعتبر وحدة قياسٍ معمولا بها لتبادل السلع والخدمات، إلا أنها، مثل “كان” وأخواتها غير القابلات للتصريف نحوياً، قاصر ومجزوءة وممنوعة من التداول في سوق القطع، مثل الأخوات السبع، اللواتي يندرجن في حقل الأفعال، لكنهن لا يرتقين إلى مستوى الفعل، حيث تفتقر الأخوات الفاضلات لخاصية الدلالة على وقوع حدثٍ بعينه، ولا ينطوي فحوى أي منهن على معنىً بذاته، كما لا تكتفي الواحدة منهن بمرفوع، بل تحتاج إلى منصوبٍ كي تستقيم جملتها المفيدة.

ومع أن هذه الليرة عملة قانونية معترف بها، منذ انفصالها عن نظيرتها الليرة اللبنانية عام 1946، غير أنها لم تعد، أخيرا، تتمتع بالملاءة وقوة إبراء العملة القابلة للصرف، وقد بات الحال من بعضه لدى العملتين الأختين، خصوصا بعد أن دخلتا معاً في طورٍ من التآكل التدريجي المزدوج، قبل أن تنهارا على نحو دراماتيكيٍّ لافت، وتهبطا معاً إلى قعر سلة العملات الرديئة، ونعني بهن، إلى جانب الليرتين هاتين، الدينار العراقي، والريال اليمني، وفوق ذلك كله الريال الإيراني، وهو الأب المؤسس لعملية انهيار الأخوات الخمس الشقيات بشقاء الطاعن في السقوط الحر.

ليست الغاية من هذه المطالعة عرض مسار التآكل المتزامن لعملات ما يسمى محور الممانعة، فهذا موضوعٌ آخر لا يتسع له المجال، ولا تنطوي هذه المقاربة على شعور بالتشفي بما آل إليه حال عملة قاعدة الارتكاز في طهران، وفي بقية العواصم الأربع المختطفة، فعامة الناس البسطاء، وليس الحكام، هم الذين يكتوون بنار الفقر والغلاء من دون ذنب لهم، وإنما الغاية من هذه القراءة التمثّل وأخذ العبر والدروس مما انتهت إليه الحصيلة غير النهائية لمغامرة مشروع التوسع الإمبراطوري الإيراني الذي أودى بحاضر شعوب المشرق العربي ومستقبلها، ومعهم شعب اليمن “السعيد” جداً بخلطة الحرب والفقر والجوع والكوليرا وكورونا، والبقية تأتي.

الذين يأخذون على محبّر بياض هذه الزاوية مبالغته في انتقاد سياسات الجمهورية الإسلامية بقسوةٍ شديدةٍ أحياناً، ويحذّرون من مغبة استبدال هذه العداء الطارئ بالعداء الدائم مع إسرائيل، مدعوون إلى فحص هذا الاستخلاص القائم على ملاحظةٍ واحدة فقط، تخصّ القاسم المشترك الأعظم بين عملات دول الممانعة هذه، لعلهم يرون، بأم العين، آثار أقدام الحرس الثوري الكارثية أين حلت، ويسمعون ملء السمع أوجاع شعوب أربع عواصم عربية، امتلأت فضاءاتها بالمزاعم الثورية، والفتن المذهبية، وافتقرت، في الوقت نفسه، إلى السلم الأهلي، الأمن الغذائي، وحدّث ولا حرج عن التقتيل والترويع والتهجير، وعرّج يا أخا العرب على المشهد البانورامي إن بقي لديك متسع من الوقت، للوقوف برهةً على جانبٍ ضئيل من مشهد الخراب العظيم.

والحق أنه لا داعي لبيان أسباب انهيار الليرة السورية وأخواتها الخمس المتلاشيات في أسواق الصرف، فالمكتوب يُقرأ من عنوانه، والبعرة تدل على البعير، حيث كلما استفحل التدخل الإيراني في أرض، استفحل معه الاضطراب والفساد والاستبداد، وجرّ معه الفشل والإفلاس، وغرق الناس في الفقر والفقر المدقع والانقسام الطائفي. فبحسب معطيات الأمم المتحدة، المنشورة قبل تجاوز الدولار سقف ثلاثة آلاف ليرة، دخل نحو 80% من المواطنين السوريين تحت خط الفقر، وبات تسعة ملايين يواجهون خطر المجاعة، فيما 2.5 مليون معرّضون للموت جوعاً، فما بالك عندما يدخل قانون قيصر حيّز التطبيق غداً؟

ولعل ما يجري في لبنان من انهياراتٍ نقديةٍ وماليةٍ ومصرفيةٍ متسارعة، وينذر بفوضى سياسية واقتصادية اجتماعية عارمة، يحكي لنا واقع الليرتين الشقيقتين، اللتين تنامان على وسادتين متجاورتين، في سريرٍ واحد ممتد عبر البلدين الواقعين في القبضة الإيرانية، حيث أدّى الانهيار في البلد الصغير إلى تعجيل الانهيار الأعمق في البلد الأكبر، وفيما أصبح راتب العميد في الجيش السوري (90% منهم علويون) لا يشتري غراماً واحداً من الذهب، باتت دخول السوريين الشهرية، كما دخول اللبنانيين، تكفيهم أسبوعا، وهو وضع لا يماثله سوى وضع مواطني الرفيق مادورو في فنزويلا، ذلك المجاهد الذي أدى صلاة النصر الافتراضية في المسجد الأقصى.

العربي الجديد

————————————

معارض عَلَوي مقرب من موسكو يطالب الأسد بالاستقالة

المصدر: العربية.نت – عهد فاضل

طالب لؤي حسين، المعارض للنظام والمقرب من الخارجية الروسية، رئيس النظام السوري بشار الأسد بالاستسلام. بحسب تدوينة له في حسابه الفيسبوكي الموثق، الثلاثاء، متحدثا عن انهيار الليرة، ومتسائلا ما إذا كان رئيس النظام يتصور أنه يمكن للناس أن تعتاد على الجوع، لافتا إلى أن تغيير رئيس وزراء الأسد، لم يترك أثراً على قيمة العملة السورية.

رئيس مافيا

وقال حسين: “الرئيس الذي يجد أنه غير قادر على مواجهة ما يصيب أمته من انهيار، يقف ويعلن استسلامه. يقول أنا أستسلم أمام جوع الناس، لهذا أنا أستقيل وسأبقى أدير شؤون البلاد إلى أن تختاروا من ترونه قادراً أكثر مني على مواجهة الجوع، هذا عندما يكون الشخص رئيسا لدولة، أما إن كان رئيسا لمافيا فلا يهتم بمثل هذه الأمور”.

وسعى نظام الأسد، لاستثمار جائحة كورونا، من أجل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليه، وللتخلص من أزمته الاقتصادية الخانقة، وطالب مرارا برفعها، بدعوى مكافحة كورونا، إلا أن إطلاق أنصاره في الشوارع، وبالآلاف، وبدون كمامات، كشف زيف تلك الدعاوى، بحسب مراقبين قالوا إن تظاهرة محافظة طرطوس وحدها، والتي حشد لها الأسد لدعمه ومحاولة لإسكات معارضيه، اليوم الثلاثاء، لو كان فيها مصاب واحد بكورونا، فهذا يعني أن المحافظة ستبتلى بعشرات آلاف الإصابات، بسبب شدة التلاصق بين أنصار الأسد، بحسب الصور التي نشرتها “سانا” الناطقة باسم النظام.

انخفاض متسارع لليرة

واتخذ نظام الأسد، عدة قرارات وصفت بالعاجلة، تحسبا لشروع الإدارة الأميركية بتطبيق قانون “قيصر” المرتقب غدا الأربعاء، فأقال رئيس وزرائه، وغيّر خمسة محافظين دفعة واحدة، ثم منع البنوك من الإقراض، كلياً، وأقفل شركات الصرافة وشركات تحويل الأموال ومنع انتقال الأموال، بين المحافظات التي يسيطر عليها، إلا بمقادير محدودة، فيما المبالغ الكبيرة يجب أن تمر على بنوكه.

وعاودت الليرة السورية الانخفاض العنيف أمام الدولار، الثلاثاء، بحسب مختلف المصادر من داخل سوريا، وهو الأمر الذي أشار إليه المعارض السوري لؤي حسين، في تدوينته التي طالب فيها الأسد بالاستقالة.

ولؤي حسين، بحسب مركز كارنيغي للشرق الأوسط، ولد سنة 1960 لأسرة تنحدر من الطائفة العلوية، كاتب وناشط سوري اعتقل منذ عام 1984، وهو من مؤسسي تيار بناء الدولة السورية، وكان من بين الأوائل الذين اعتقلتهم السلطات، لتعبيرهم عن دعمهم متظاهري محافظة درعا، عام 2011.

وتحدثت الخارجية الروسية، على موقعها الالكتروني، يوم الجمعة الماضي، عن اتصال جرى بين ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، ولؤي حسين، جرى فيه بحث جملة قضايا، منها التطورات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وذكر حسين نفسه، بأن سبب الاتصال بينه ونائب وزير الخارجية الروسي، هو لبحث الوضع المعيشي السوري وانهيار قيمة الليرة وما وصفه بخطورة تفاقم الأزمة المعيشية.

“قيصر” يفاقم أزمة الأسد

وكانت تحدثت أنباء مختلفة، في شهر نيسان/ أبريل الماضي، عن انتقادات روسية وصفت بالعنيفة، وجهتها موسكو لبشار الأسد، uن طريق تسريبات، ورد في بعضها اتهام للأسد بالعجز عن إدارة البلاد الغارقة في الفساد بسبب نظامه، الأمر الذي حدا ببعض الشخصيات المحسوبة على الأسد، مثل النائب في برلمانه، خالد العبود، لتوجيه تهديدات لروسيا وللرئيس الروسي نفسه. ثم تحرّكت مجموعة من ضباط الأسد السابقين وبعض موظفيه الحاليين، وأصدرت بيانا موجهاً إلى الخارجية الروسية، تستنكر فيها، ما وصفته بالحملات “المؤذية” في بعض وسائل الإعلام الروسي، بحق الأسد.

ولا تزال الاحتجاجات مستمرة على تردي الأوضاع الاقتصادية في بعض مناطق البلاد، خاصة في ظل توقعات بأن يكون لسريان قانون “قيصر” الأميركي، آثار حادة ستفاقم أزمة النظام الاقتصادية.

وأظهرت الصور والفيديوهات المنقولة من محافظة السويداء السورية ذات الغالبية من طائفة الموحدين الدروز، والتي تتظاهر منذ أيام احتجاجاً على سوء الوضع المعيشي ورافعة شعار رحيل الأسد، قيام عناصر تتبع لحزب البعث الذي يقوده الأسد، بالاعتداء على المتظاهرين، تدعمهم قوات أمن النظام التي قامت باعتقال عدد من المحتجين.

——————————————

ما أثر العقوبات الأمريكية الجديدة على سوريا؟

عمان: يبدأ هذا الأسبوع سريان أقسى العقوبات الأمريكية على سوريا بما يزيد الضغوط على رئيس النظام بشار الأسد وهو يصارع أزمة اقتصادية متصاعدة بعد حرب في عامها العاشر.

وتقول واشنطن إن العقوبات ستساعد في محاسبة الأسد وأنصاره على جرائم حرب في صراع سقط فيه مئات ألوف القتلى. أما دمشق فتقول إن العقوبات تصعيد للحرب الاقتصادية على مواطنيها.

وقال مساعدون في الكونغرس الأمريكي إنهم يتوقعون صدور إعلان قريبا قد لا يتجاوز يوم الأربعاء.

ما الذي سيتغير؟

تخضع سوريا بالفعل لعقوبات تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جمدت أرصدة الدولة ومئات من الشركات والأفراد. وتحظر واشنطن بالفعل على الأمريكيين تصدير أي سلع إلى سوريا أو الاستثمار فيها كما تحظر الصفقات التي تشمل منتجات النفط والغاز.

وتمنح العقوبات الجديدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلطات أوسع لتجميد أرصدة أي فرد أو طرف يتعامل مع سوريا بغض النظر عن جنسيته وتغطي عددا أكبر بكثير من القطاعات من البناء إلى الطاقة.

كما يستهدف قانون العقوبات للمرة الأولى من يتعاملون مع كيانات روسية وإيرانية في سوريا وهو ما يوجه ضربة لحلفاء الأسد.

وربما يصف التشريع الجديد مصرف سوريا المركزي بأنه مصدر قلق أولي فيما يتعلق بغسل الأموال.

ويمكن رفع العقوبات إذا ما لبت سوريا ستة مطالب منها إنهاء قصف المدنيين والإفراج عن عشرات الألوف من المعتقلين والسماح بعودة اللاجئين “آمنين مكرمين”.

ما هو الأثر الاقتصادي؟

من المتوقع أن تعمل العقوبات على إثناء المستثمرين بدرجة أكبر عن دخول سوريا وتعميق عزلتها عن النظام المالي العالمي. ويقول خبراء في الشأن السوري إن العقوبات تقضي على أمل سبق أن داعب دمشق وموسكو في بدء حملة عالمية لإعادة البناء قبل مرحلة انتقال سياسي ترضي الغرب.

ويقول مصرفيون إن لبنان الذي يعد معبرا تقليديا للسلع والتمويل إلى سوريا سيتضرر بشدة إذ ستضطر الأعمال التي تربطها صلات بدمشق إلى التعامل مع المخاطر الجديدة.

ويقول رجال أعمال إن شركاء أعمال آخرين في الأردن والإمارات أصابهم التوتر وبدأوا يتخلون عن خطط للاستثمار في سوريا.

وكان شبح تطبيق العقوبات الجديدة أحد العوامل التي تسببت في انهيار العملة السورية في الآونة الأخيرة. كما أن أثرياء السوريين في الخارج سيمتنعون عن استثمار أموالهم في وطنهم.

ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية تظهر أيضا إمكانية حدوث موجة جديدة من الاضطرابات. وقد تجددت في السويداء في الآونة الأخيرة مظاهرات ندر أن تشهدها سوريا. وكانت السويداء من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام التي لم تشهد انتفاضة على الأسد في 2011.

هل سيتضرر المواطن السوري العادي؟

يعفي القانون الجديد واردات السلع الغذائية الضرورية وغيرها من ضرورات إنسانية لكنه يشدد الفحص لمساعدات الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية لضمان عدم استفادة النظام السوري منها.

ورغم أن بعض المنظمات الغربية غير الحكومية ترى أن نظام الأسد يستحق العقاب فهي تخشي أن يلحق أي ضرر بالمدنيين.

(رويترز)

————————

العربي الجديد” يستطلع آراء أهالي إدلب عن “قانون قيصر

جلال بكور، عامر السيد علي

استطلع “العربي الجديد” آراء مواطنين في إدلب السورية قبيل موعد تطبيق قانون العقوبات الأميركي “قيصر” لحماية المدنيين السوريين، والذي سيطاول النظام السوري وحلفاءه.

ومن المتوقع أن يدخل القانون حيز التنفيذ يوم غد الأربعاء الموافق 17 يونيو/ حزيران الحالي، وينص على فرض عقوبات اقتصادية تطاول النظام وداعميه في مختلف القطاعات العسكرية والاقتصادية. وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2019، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية لعام 2019.

ويرى جميع من تم استطلاع رأيهم أن القانون ستكون له تبعات سلبية على الحال الاقتصادية في المنطقة، إلا أنهم أجمعوا على أن تلك التبعات لا تهم السوريين طالما أن القانون وضع بهدف رحيل النظام، مبدين تخوفهم أيضا من مماطلة المجتمع الدولي ومواربة النظام.

ويرى إبراهيم الزير أن “القانون سوف يؤثر بشكل سلبي على الناس”، لكنه إن كان سيؤدي إلى إزالة بشار الأسد عن حكم سورية فهو مستعد لـ”العيش على الخبز اليابس فقط طوال حياتي، وليرحل بشار الأسد عن حكم سورية”.

وقال باسل عبد الهادي إن القانون سوف يزيد من معاناة السوريين وسيرفع الأسعار أكثر، لكن الناس سترتاح إن أدى القانون إلى الخلاص من النظام السوري، ويؤكد استعداده لتحمل التبعات الاقتصادية في سبيل الخلاص من النظام.

بدوره، أكد بكور جديع أن القانون سيؤثر على كل السوريين اقتصاديا، لأن “السوريين ما زالوا يتعاملون بالليرة السورية، وهي التي تتأثر بالعقوبات”، مشددا مثل غيره على أنه “مستعد لتحمل التبعات في سبيل الخلاص من بشار”.

وقال فوزي غنوم: “إننا لسنا ضد تطبيق قانون قيصر، لكننا نطالب الحكومة هنا بمساعدة الناس لتحمل تبعات القانون”، مؤكدا أن “الناس تعيش يومها، وليست لديها مدخرات للمستقبل، وهي مستعدة لتحمل كل شيء”.

ويرى محمد الحمصي أنه “من الطبيعي أن يؤثر القانون على المدنيين في الشمال السوري”، مؤكدا أن “الحال ذاهب إلى الأسوأ في حال تمت المماطلة كالعادة في مسألة رحيل النظام”.

وقال هاشم بطل: “الوضع سيئ أصلا، وسيزداد سوءا بعد تطبيق القانون، لكن المهم هو رحيل النظام وسقوطه”. ويشار إلى أن قيمة الليرة السورية هوت أخيرا إلى مستويات غير مسبوقة، وذلك مع اقتراب تطبيق قانون قيصر على النظام وداعميه.

وبحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية، فإن القانون هو “خطوة مهمّة من أجل تعزيز المحاسبة عن الفظائع التي ارتكبها بشار الأسد ونظامه في سورية”. وتمّ إطلاق تسمية “قانون قيصر” نسبة إلى مصوّر سابق في الجيش السوري، خاطر بحياته لتهريب الآلاف من الصور التي توثق تعذيب السجناء وقتلهم داخل سجون نظام الأسد إلى خارج سورية.

وقالت الوزارة: “يقدّم قانون قيصر للولايات المتحدة أدوات، من أجل المساعدة في وضع حد للصراع الرهيب والمستمر في سورية من خلال تعزيز قضية مساءلة نظام الأسد”.

https://www.youtube.com/watch?time_continue=47&v=Fq1ey9CMUns&feature=emb_logo

وأضافت: “كما يسعى القانون أيضا إلى حرمان نظام الأسد من الموارد المالية التي يستخدمها، من أجل تسعير حملة العنف والتدمير التي أودت بحياة مئات الآلاف من المدنيين. ويرسل قانون قيصر إشارة واضحة، مفادها أنه لا ينبغي لأي طرف خارجي الدخول في أعمال مع هذا النظام أو أعمال تؤدّي إلى إثرائه”.

———————————–

قانون “قيصر” يدخل حيز التنفيذ: آثار منتظرة بسورية ولبنان

واشنطن ــ فكتور شلهوب

يدخل قانون “قيصر” المتضمن عقوبات أميركية جديدة على النظام السوري حيز التنفيذ غدا الأربعاء. وتراهن واشنطن على القانون الجديد لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.

وتؤكد الإدارة الأميركية عزمها على تطبيق القانون بصورة صارمة لتسديد ضربة إضافية قاسية للاقتصاد السوري الذي ينهار، ولبعث رسالة مفادها أن إعادة إعمار سورية يجب أن تكون برضا الولايات المتحدة.

وتستهدف العقوبات أيضاً “حزب الله” اللبناني بهدف تقليص دوره باعتباره الذراع الإيرانية الأهم في المنطقة وأحد الأنابيب الرئيسية لمد الاقتصاد السوري بالأوكسجين اللازم لاستمراره. وفي الحسابات والتقديرات الأميركية فإن مردود القانون من هذه الناحية الجيوسياسية قد يكون الأفعل.

فالساحة اللبنانية في حالة اختناق مالي وسياسي يهدد بانفجار كبير. وثمة من يتوقع “انهيار الدولة اللبنانية”. ومن شأن عقوبات قيصر صبّ الزيت على النار ووضع المزيد من الضغوط على “حزب الله” لإجباره على الانكفاء من سورية.

فالحزب حسب المعلومات الأميركية، يقوم من خلال شبكة أعماله بعمليات تجارية مع النظام السوري عبر المعابر الحدودية غير الرسمية التي تبلغ نحو 120 معبراً لتهريب البضائع بين البلدين.

وتذكر مصادر أن المصرف المركزي في لبنان يتكبد سنوياً خسائر بنحو 4 مليارات دولار بسبب تهريب المحروقات المدعومة من الدولة إلى سورية.

ولا يقتصر قانون “قيصر” على استهداف الجانب التجاري للحزب، بل يشمل أيضاً قطاع الخدمات والبنى التحتية ومجالات الاستثمار والمصارف، وإن كانت هذه الأخيرة منضبطة إلى حد بعيد بحدود العقوبات الأميركية. ويشمل القانون أيضاً الاتفاقات العسكرية وهيئات التنسيق بين سورية ولبنان ومنها “المجلس الأعلى اللبناني السوري” المشكل منذ عام 1991 و”اتفاق الدفاع الأمني” الموقع في 2019.

ومع أن القانون يطاول “كل فرد أو دولة أو هيئة أو شركة تدعم أو تتعامل مع النظام السوري” بالعقوبات والمقاطعة، إلا أن وزارة المالية الأميركية لم تكشف بعد عن طبيعة عقوباتها تجاه لبنان في حال لم يتقيد بقانون “قيصر”.

ربما جاء ذلك لأن الإدارة الأميركية تتوقع أن يكون الانضباط اللبناني بمضمون القانون “محدوداً نظراً لتداخل وترابط اقتصاد البلدين والحدود المفتوحة ووجود ودائع سورية في البنوك اللبنانية”. ويُقال أن على لبنان أن يختار بين الابتعاد عن المحور السوري الإيراني وبين عدم الحصول على المساعدات الدولية، وكلاهما ينطوي على خطر تفجر الوضع في البلد الذي يشهد بالفعل تظاهرات يومية.

ويتوقع محللون صعوبة التوصل في المفاوضات الجارية بين لبنان وصندوق النقد الدولي للحصول على مساعدة مالية، فالشروط معقدة وشبه مستعصية والمردودات إذا توفرت ستكون شحيحة. طلب لبنان مبلغ 10 مليارات من الصندوق وهو أكثر من عشر مرات الكوتا الخاصة به وهي فقط 861 مليون دولار.

ونظراً لعدم قدرته على الأغلب في الوفاء بالشروط، فإنه من المستبعد أن يحصل على أكثر من 3 إلى 5 مليارات دولار، حسب دراسة نشرتها قبل أيام مؤسسة كارنغي للدراسات في واشنطن. هذا في أحسن الأحوال، علماً بأن المفاوضات ما زالت جارية والاحتمالات تتضاءل مع تزايد تردي الوضع اللبناني. والمعلوم أن موافقة الصندوق تعتبر بمثابة المفتاح لتدفق المساعدات الدولية الأخرى.

ولكن جرائم الحرب التي وثّقتها صور الضابط السوري المنشق المكنّى بـ”قيصر” والقابعة في الكونغرس منذ 2014، استخدمت مدخلاً مشروعاً لتحقيق أهداف سياسية أكثر من كونها معاقبة على ممارسات جرت قبل ست سنوات، وإلا لكان من المفترض فرض العقوبات في حينه.

وتركت العقوبات للحظة المواتية كلحظة الضيق الراهن في سورية ولبنان لجني أقصى الفوائد منها، ولو أن هناك من يحذر من أن الإفراط في استخدام العقوبات قد يؤدي إلى نتيجة سلبية، فمزيد من العقوبات على النظام السوري يعني فاتورة أكبر في لبنان.

————————————

الليرة السورية تعاود الانحدار..بعد مكاسب وهمية

عادت الليرة السورية لتسجل انخفاضاً جديداً في سوق الصرف لكنها ما تزال تحافظ على التحسن العام الذي طرأ على قيمتها منذ خمسة أيام، وهو تحسن يصفه الخبراء بالمؤقت والوهمي.

وسجلت العملة الاثنين، 2500 ليرة مقابل الدولار في العاصمة دمشق، بينما وصلت إلى 2750 في إدلب، وأفضل سعر لها كان في مدينة حلب حيث بلغ سعر صرف العملة الأميركية 2400 ليرة.

وكانت الليرة قد حققت أفضل تعافٍ لها صباح الأحد مع سعر صرف 2225 في حلب، و2275 في دمشق، بعد أن تجاوز سعر صرف الليرة بداية شهر حزيران/يونيو الجاري حاجز ال3500 ليرة مقابل الدولار.

لكن الخبير الاقتصادي السوري عبد الرحمن أنيس، يرى أن التعافي الذي شهدته الليرة السورية كان مؤقتاً، وسببه استجرار كميات من العملة الصعبة من لبنان وهذا ما بدا جلياً في الانكسار المتسارع لليرة اللبنانية.

وبالإضافة إلى ذلك، يضيف أنيس أن فرض إجراءات ورقابة مشددة على شركات الصرافة والحوالات الخارجية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، والتي كان أعلن عنها مصرف سوريا المركزي قبل أيام، وتشديد الاجراءات حيال شراكات الصرافة، واغلاق سوق تحويل العملات السوداء ساهم أيضاً في هذا التحسن.

ووصف التحسن هذا بأنه “دفتري” فقط، أي أنه وهمي، بمعنى آخر إذا أراد أي شخص شراء دولار فلن يجده متوفراً في الأسواق بهذه الاسعار، وانما سيواجه صعوبة في الشراء بمبلغ أقل من 2500، وربما يصل الى 3500 أو 4000 ليرة للدولار الواحد.

———————————–

قانون قيصر يدخل حيّز التنفيذ.. الجزء الأول: زيادة عزل نظام الأسد

تشير العقوبات الجديدة على سورية المستندة إلى دعم الحزبين إلى استمرار العزلة الدبلوماسية والإرغام الاقتصادي، لكن تأثيرها يعتمد في النهاية على مدى استعداد السلطة التنفيذية لإعطاء أولوية للقضية.

عندما وقّع الرئيس ترامب على تشريع تفويض الدفاع الوطني الأخير، ليصبح قانونًا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أجاز أيضًا قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية المدعوم من الحزبين، وهو القانون الذي سُمي باسم المنشق العسكري السوري الذي قدّم مجموعة كبيرة من الأدلة توثق جرائم حرب نظام الأسد. يفرض القانون عقوباتٍ على الحكومات أو الشركات أو الأفراد الذين يموّلون نظام بشار الأسد تمويلًا غير مباشر، أو الذين يساهمون في حملاته العسكرية. إن توقيع عقوبات قيصر يُظهر الآن تصورات بالمخاطر بخصوص ممارسة الأعمال التجارية (البزنس) في سورية، ومع اقتراب الموعد النهائي لتطبيقه، في 17 حزيران/ يونيو، يعتقد كثيرون أن الإجراءات المرتقبة ستزيد المعاناة الاقتصادية على أنصار النظام ومؤيديه.

استعاد الأسد وحلفاؤه السيطرة على معظم البلاد، من خلال عمليات الهجوم العسكرية المستمرة على الأرض، وفي ضوء هذا الواقع، ما تزال روسيا تشجع الآخرين على قبول فكرة أن الأسد سيبقى، وعلى الترحيب به من جديد في المجتمع الدولي، وعلى تمويل إعادة إعمار سورية. يرفض قانون قيصر هذه الفرضية: إذا نُفذ القانون بفاعلية، فإن قوة العقوبات الجديدة يمكن أن تردع شركاء الولايات المتحدة عن المشاركة في إعادة الإعمار، أو عن توسيع علاقاتها مع سورية، في ظل نظام الأسد الحالي. يتفحص الرصد السياسي المكون من جزأين قضايا السياسة ومعايير الاستهداف التي ستشكل هذا التنفيذ؛ فالجزء الأول ينظر في العقوبات المفروضة على سورية، بينما يناقش الجزء الثاني كيف يمكن استخدام القانون ضد “حزب الله” في لبنان.

هل عقوبات قيصر هي الحلقة المفقودة؟

تستهدف العقوبات الجديدة في قانون قيصر الكياناتِ التي تعمل لمصلحة نظام الأسد في أربعة قطاعات: النفط/ الغاز الطبيعي، والطائرات العسكرية، والبناء، والهندسة [[1]]. وهذا يشمل الدعم المباشر وغير المباشر للنظام، مثل دعم الميليشيات المدعومة من إيران وروسيا العاملة في سورية. وإضافة إلى ذلك، يتطلب القانون من إدارة ترامب تحديد مسألة: هل البنك المركزي السوري هو كيان “مصدر قلق رئيس بشأن غسيل الأموال”، وفقًا للقسم 311 من القانون الوطني الأميركي، أم لا؟

تخضع معظم هذه النشاطات للعقوبات من قبلُ، بموجب سلسلة من الأوامر التنفيذية الصادرة في عهد أوباما، ومن ضمنها الأمر التنفيذي رقم 13582/ 2011 [[2]]، الذي جمّد ممتلكات الحكومة السورية، والكيانات التي تزودها بالدعم التكنولوجي أو المادي أو المالي، والكيانات التي تعمل لتحقيق مصالحها أو تعمل نيابة عنها. على سبيل المثال، زعمت إدارة ترامب أن البنك المركزي السوري يخضع لعقوبات بموجب هذا الأمر، والبنك يخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي كذلك. بشكل منفصل، يخضع كثير من الأفراد والكيانات السورية للعقوبات الأميركية الحالية التي فُرضت بناءً على السلوك الداعم للإرهاب أو الفساد أو انتهاكات حقوق الإنسان أو نشر أسلحة الدمار الشامل أو غير ذلك من الانتهاكات.

حتى الآن، فشلت استراتيجية استهداف النظام مباشرة -من خلال العقوبات التي تبنتها مجموعة “أصدقاء سورية” متعددة الأطراف في عام 2011، والحكومة الأميركية قبل أعوام- في تغيير سلوك الأسد. والسبب الأساسي في هذا أن روسيا وإيران قدمتا لنظام الأسد دعمًا عسكريًا وماليًا ودبلوماسيًا حاسمًا. على الرغم من أنهما تفتقران إلى الموارد المالية لإعادة بناء سورية، فمن غير المحتمل أن تغيّر عقوبات قيصر التزامهما ببقاء النظام، وإلى جانب ذلك، تخضع كلتا الحكومتين وشبكاتهما بالفعل لعقوبات واسعة النطاق تقودها الولايات المتحدة، بسبب تصرفات وسلوكات داخل الحالة السورية أو خارجها.

من هم المستهدَفون المحتملون؟

على الرغم من خطورة العقوبات الحالية، ما يزال المستثمرون الأجانب مهتمين بفرص الأعمال (البزنس) السورية، ولا سيما الشركات في دول الخليج الفارسي وأوروبا الشرقية. على سبيل المثال، بعد ذوبان الجليد (الدفء) الدبلوماسي في العام الماضي، بين الإمارات العربية المتحدة والأسد، حضر وفدٌ من رجال الأعمال السوريين، يضم أفرادًا تشملهم عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، منتدًى للقطاع الخاص نظمته الإمارات في أبو ظبي. وفي وقت لاحق من عام 2019، حضر وفدٌ إماراتي كبير معرض دمشق الدولي السنوي. ويبدو أن الإمارات -من خلال إعادة تأسيس وجودها في سورية- تأمل في موازنة النفوذ الإيراني، ولذلك تعرضت -منذ ذلك الحين- لضغوط أميركية كبيرة لتجنب مخالفة العقوبات. ومع ذلك، ذكرت بعض التقارير أن المستثمرين الإماراتيين والسعوديين والكويتيين استمروا في تأسيس شركات، أو في الحصول على تراخيص للعمل في قطاعي البناء والسياحة في سورية.

ولا تزال بعض الشركات التي تتخذ من لبنان مقرًا لها فعّالة هناك، ومن ضمنها القطاعات المستهدَفة بقانون قيصر (مثل النفط والغاز). وبعض هذه الشركات يملكها لبنانيون، في حين أسست نخبٌ سورية شركات أخرى. أثار تنفيذ القانون الذي يلوح في الأفق مخاوف في لبنان، بشأن التعرض لعقوبات قيصر، وهو ما قد يدفع اقتصاد البلاد المضطرب إلى الاقتراب من حافة الهاوية.

في النهاية، سوف يكمن تأثير القانون في الإشارات التي ترسلها واشنطن، وفي استعدادها لفرض العقوبات حتى على الشركات أو الحكومات التي لها شراكة مع الولايات المتحدة. ستحتاج الإدارة إلى توضيح أن سورية ما تزال مغلقة أمام إعادة التأهيل أو إعادة الأعمال التجارية (البزنس) في ظل ظروفها الحالية، كما ستحتاج إلى بذل جهد متجدد لردع أولئك الذين يسعون إلى الاستفادة من أنشطة إعادة الإعمار التي يشرف عليها النظام بظروفه الحالية.

قانون قيصر وتخفيف العقوبات

ظاهريًا، تهدف الولايات المتحدة إلى إنهاء الحرب السورية عبر عملية سياسية، تقودها الأمم المتحدة وتفضي إلى حكومة تمثيلية شاملة في دمشق. لكن إدارة ترامب لم تعد تؤكد أن الأسد يجب أن يغادر السلطة، وصارت تصرّ على أن يغيّر الأسد سلوكه. ولتحقيق هذا الهدف، يوضح قانون قيصر الحالة النهائية، من خلال وضع معايير يجب على النظام وحلفائه الوفاء بها قبل رفع العقوبات، مثل:

    وقف الحملة الجوية السورية الروسية ووقف استهدافها المتعمّد للمدنيين والمباني المدنية.

    السماح بوصول المساعدات الإنسانية، من دون قيود إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام/ روسيا/ إيران، تماشيًا مع مصالح واشنطن كأكبر مانح للمساعدات لسورية.

    الإفراج عن جميع السجناء السياسيين.

    اتخاذ خطوات نحو الامتثال للمعاهدات الدولية المتعلقة بالأسلحة البيولوجية والنووية والكيمياوية.

    تسهيل العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين.

    تأسيس عملية مساءلة حقيقة، ومصالحة صادقة.

والجدير بالذكر أن هذه المعايير لا تتضمن شرطًا بأن يشارك النظام في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، أو شرطًا يصرّ على رحيل الأسد. ومع ذلك، تشير ظروف العمل الجدية إلى أنه يجب أن يكون هناك نظام مختلف تمامًا في السلطة، قبل أن تُرفع العقوبات. بهذا المعنى، يمكن لفرض عقوبات قيصر أن يساعد في الإشارة إلى التزام الولايات المتحدة طويل المدى بالتغييرات الأساسية في سورية. إن تركيز القانون على المساءلة يضع هدفًا مطلوبًا، لكنه غير نهائي، لأن الأسد لن يذعن أبدًا للتحقيقات التي تورطه هو ونظامه في ارتكاب جرائم الحرب. وإذا نفذت وزارتا الخارجية والخزينة العقوبات بفاعلية، وأوصلت رسالتها بمهارة إلى الجماهير المعنية؛ فإن بإمكانها أن تجعل الحكومات والشركات تفكر مرتين قبل إعادة العلاقات مع النظام، بظرفه الحالي، أو السعي وراء عقود إعادة الإعمار المربحة.

الخلاصة

في ظل حكم الأسد، أصبحت الحياة في سورية لا تُحتمل؛ حيث أدى التضخم المفرط وتراجُع قيمة العملة إلى ارتفاع تكاليف الغذاء والدواء، إلى درجة لم يعد بمقدور معظم المواطنين الحصول عليها، وقد نزل المتظاهرون إلى الشوارع مرة أخرى، في بعض المناطق، بينما لا يزال نظام الأسد يرتكب فظائع يومية. وأدت الأزمة المالية اللبنانية المجاورة، ووباء كورونا (COVID-19) في جميع أنحاء المنطقة، إلى تفاقم الانهيار الاقتصادي، وزادت الصعوبات اليومية لأولئك الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها النظام، وتقلّصت موارد مؤيدي الأسد في موسكو وطهران.

على الرغم من هذه الصورة الرهيبة، يبدو أن النظام سيشرع في استئناف هجماته، لتوسيع سيطرته على المناطق المتبقية التي تسيطر عليها قوات المعارضة في محافظة إدلب. حيث ما يزال الأسد، حتى في ظل الظروف غير المستدامة (القوات العسكرية المنهكَة، والاقتصاد المنهار، والحلفاء المرهقين، والوباء العالمي) يتبع استراتيجية الحصار العسكري وترويع شعبه.

تعتمد سياسة الولايات المتحدة على تحقيق العزلة السياسية، وفرض العقوبات الاقتصادية، لجعل الحياة على الأسد وزبانيته غير محتملة، حتى يُجبَر على المشاركة بشكل هادف في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة. حيث إن الجولات المتتالية من العقوبات المباشرة لم تردع الأسدَ -حتى الآن- عن هدفه المتمثل في تحقيق النصر العسكري، وهو يعتقد أنه سيُثبت الحقائق على الأرض التي تسمح له بالاستغناء عن عملية الأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن قانون قيصر يهدف إلى مواجهة أي تفكير واهم، مع التوضيح لدمشق وموسكو وطهران، ولكل الكيانات التي تستفيد من اقتصاد الأسد الحربي، أن واشنطن -ببساطة- لن تقبل بوجود نظام لا يُجري إصلاحات في سورية.

من المؤكد أن 17 حزيران/ يونيو لن يوجّه ضربةً حاسمةً لنظامٍ أثبت متانته وتحمّله. وستعتمد فاعلية قانون قيصر على إمكانية أن تدعم الإدارة هيكل عقوباتها بما يكفي لإنفاذه، في الوقت الذي تسعى فيه بقوة للخروج من منحدر دبلوماسي نحو عملية سياسية. ستحتاج وزارة الخزانة إلى مواكبة مستمرة للتهديد بقرارات ومهام جديدة، لردع الاستثمار وإعادة الإعمار. وهذا يوجب على الإدارة إعطاء أولوية لسورية، والتأكد أن العاملين بخصوص مجموعات جديدة من عقوبات قيصر لديهم الدعم والموارد اللازمة للبقاء على المسار مدة طويلة.

اسم المقال الأصلي         The Caesar Act Comes into Force (Part 1): Increasing the Assad Regime’s Isolation

الكاتب* دانا سترول وكاترين باوير، Dana Stroul and Katherine Bauer

مكان النشر وتاريخه         معهد واشنطن للسياسات في الشرق الأدنى، The Washington Institute for Near East Policy، 11 حزيران/ يونيو 2020

رابط المقال         https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-caesar-act-comes-into-force-part-1-increasing-the-assad-regimes-isolati

عدد الكلمات       1395

ترجمة   قسم الترجمة/ أحمد عيشة

* دانا سترول: باحثة في معهد واشنطن في القضايا العربية، وعضو سابق كبير في هيئة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

* كاترين باوير: باحثة في معهد بلومين شتاين -كاتز ومسؤولة سابقة في وزارة الخزانة الأميركية.

[1] – للحصول على نص PDF الكامل للقانون، انظر الصفحة 1,093 من قانون تفويض الدفاع الوطني على الرابط:

https://www.congress.gov/116/bills/s1790/BILLS-116s1790enr.pdf

[2] – https://www.treasury.gov/resource-center/sanctions/Programs/Documents/syria_eo_08182011.pdf

مركز حرمون

ترجمة نفس المقال السابق من مصدر نشر المقال

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/the-caesar-act-comes-into-force-part-1-increasing-the-assad-regimes-isolati

 “قانون قيصر” يدخل حيز التنفيذ (الجزء الأول): زيادة عزل نظام الأسد

دانا سترول و كاثرين باور

حين وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشروع “قانون تفويض الدفاع الوطني” الأخير ليصبح قانوناً في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أقرّ أيضاً بـ “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” الذي يحظى بتأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والذي سمّي تيمناً بالجندي السوري المنشق الذي كشف عن مجموعة كبيرة من الأدلة التي توثّق جرائم حرب نظام الأسد. ويفرض التشريع عقوبات على الحكومات أو الشركات أو الأفراد الذين يموّلون بشكل غير مباشر نظام بشار الأسد أو يساهمون في حملاته العسكرية. وتعكس التوقعات بشأن العقوبات الناتجة عن “قانون قيصر” أساساً تصورات بمخاطر مزاولة الأعمال في سوريا، ومع اقتراب الموعد النهائي للتطبيق في 17 حزيران/يونيو، يعتقد الكثيرون أن الإجراءات الناتجة ستزيد المعاناة الاقتصادية التي يرزح تحت وطأتها أنصار النظام. 

لقد استعاد الأسد وحلفاؤه سيطرتهم على معظم البلاد من خلال التقدّم العسكري المستمر على الأرض، وفي ضوء هذا الواقع، كانت روسيا تشجع الآخرين على تقبل بقاء الأسد في الحكم، والترحيب به مجدداً في الحظيرة الدولية، وتمويل إعادة إعمار سوريا. ويرفض “قانون قيصر” هذه الفرضية: وإذا تم تنفيذ سلطات العقوبات الجديدة بشكل فعال، فيمكن أن تردع شركاء الولايات المتحدة حتى عن المشاركة في إعادة الإعمار أو توسيع العلاقات مع سوريا في ظل نظام الأسد الذي لم يخضع للإصلاح. ويتناول هذا المرصد السياسي المكوّن من جزأين قضايا السياسة ومعايير الاستهداف التي ستحدد إطار تطبيق العقوبات. ويتناول الجزء الأول العقوبات المفروضة على سوريا، بينما يناقش الجزء الثاني كيف يمكن استخدام التشريع ضد «حزب الله» في لبنان.

هل عقوبات “قانون قيصر” هي الجزء المفقود؟

تستهدف سلطات العقوبات الجديدة في “قانون قيصر” الكيانات التي تعمل لصالح نظام الأسد في أربعة قطاعات، هي: النفط / الغاز الطبيعي، والطائرات العسكرية، والبناء، والهندسة (للحصول على النص الكامل للقانون في ملف “بي. دي. إف”، انظر الصفحة 1،093 من “قانون تفويض الدفاع الوطني”). ويشمل ذلك الدعم المباشر وغير المباشر للنظام، مثل دعم الميليشيات المدعومة من إيران وروسيا العاملة في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب القانون من إدارة ترامب تحديد ما إذا كان «المصرف المركزي السوري» هو كيان من النوع الذي يشكل “مصدر قلق رئيسي بشأن غسيل الأموال” عملاً بالمادة 311 من قانون الوطني الأمريكي.

ويخضع معظم هذا النشاط أساساً للعقوبات بموجب سلسلة من الأوامر التنفيذية التي صدرت في عهد أوباما، من بينها “الأمر التنفيذي رقم 13582” (2011)، التي جمّدت أملاك الحكومة السورية، والكيانات التي تزودها بالدعم التكنولوجي أو المادي أو المالي، والكيانات التي تعمل لصالحها أو تتصرف نيابة عنها. على سبيل المثال، أعلنت إدارة ترامب أن «المصرف المركزي السوري» يخضع للعقوبات بموجب هذا الأمر؛ ويخضع المصرف لعقوبات “الاتحاد الأوروبي” أيضاً. وبشكل منفصل، يخضع العديد من الأفراد والكيانات السورية للعقوبات الأمريكية القائمة على السلوك لأسباب تتعلق بدعم الإرهاب أو الفساد أو انتهاكات حقوق الإنسان أو انتشار أسلحة الدمار الشامل أو غيرها من الانتهاكات.

وحتى الآن، عجزت استراتيجية استهداف النظام بشكل مباشر – بما في ذلك من خلال العقوبات التي تبنتها مجموعة “أصدقاء سوريا” المتعددة الأطراف في عام 2011 والحكومة الأمريكية قبل سنوات – عن تغيير سلوك الأسد. ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى أن روسيا وإيران منحتاه دعماً عسكرياً ومالياً ودبلوماسياً مطلقاً. وعلى الرغم من أن الدولتين تفتقران إلى الموارد المالية لإعادة إعمار سوريا، إلّا أنه من غير المرجح أن تغيّر عقوبات “قانون قيصر” التزامهما بصمود النظام؛ ناهيك عن ذلك، تخضع الحكومتان وشبكاتهما أساساً لعقوبات واسعة بقيادة الولايات المتحدة بسبب إجراءاتهما داخل السياق السوري أو خارجه.  

مَنْ الذين قد يكون مستهدفين؟

على الرغم من مخاطر العقوبات القائمة، لا يزال المستثمرون الأجانب مهتمين بفرص الأعمال في سوريا، ولا سيما الشركات في دول الخليج العربي وأوروبا الشرقية. على سبيل المثال، بعد التقارب الدبلوماسي العام الماضي بين دولة الإمارات والأسد، شارك وفد من رجال الأعمال السوريين، بمن فيهم الأفراد الخاضعين للعقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في منتدى للقطاع الخاص نظمته الإمارات في أبوظبي. وفي وقت لاحق من عام 2019، حضر وفد إماراتي كبير “معرض دمشق التجاري الدولي” السنوي. ومن خلال إعادة ترسيخ وجودها في سوريا، يبدو أن الإمارات تأمل في أن تشكّل ثقلاً موازناً في وجه النفوذ الإيراني، وقد تعرضت منذ ذلك الحين لضغوط أمريكية كبيرة لتجنب مخالفة العقوبات. ومع ذلك، أفادت بعض التقارير أن المستثمرين الإماراتيين والسعوديين والكويتيين استمروا في تشكيل شركات أو الحصول على تراخيص للعمل في قطاعي البناء والسياحة في سوريا.     

كما لا يزال عدد من الشركات التي مقرها في لبنان ناشطة في سوريا، بما في ذلك في القطاعات المستهدفة بـ “قانون قيصر” (كالنفط والغاز). وبعض هذه الشركات مملوكة للبنانيين، بينما تم تأسيس شركات أخرى من قبل النخب السورية. وقد أثار تطبيق القانون الوشيك مخاوف في لبنان بشأن التعرّض لعقوبات “قيصر”، الأمر الذي قد يدفع باقتصاد البلاد المتعثّر إلى الاقتراب من حافة الهاوية.

وفي النهاية، سوف يَكمن تأثير التشريع في الإشارات التي ترسلها واشنطن واستعدادها لفرض العقوبات على حد سواء، حتى على الشركات أو الحكومات التي دخلت في شراكة مع الولايات المتحدة. ومن الضروري أن توضّح الإدارة الأمريكية أن سوريا ستبقى مغلقة أمام إعادة الإعمار أو الأعمال التجارية في ظل ظروفها الراهنة، وأن تُظهر مساعي متجددة لردع أولئك الذين يسعون إلى الاستفادة من أنشطة إعادة الإعمار التي يشرف عليها نظام لم يشهد إصلاحات.

“قانون قيصر” وتخفيف العقوبات

تهدف الولايات المتحدة ظاهرياً إلى إنهاء الحرب في سوريا من خلال عملية سياسية بقيادة الولايات المتحدة تؤدي إلى تشكيل حكومة جامعة وتمثيلية في دمشق. ولم تعد إدارة ترامب تصرّ على ضرورة خروج الأسد من الحكم، لكنها تشدّد على تغيير سلوك نظامه.

ولتحقيق هذه الغاية، ينص “قانون قيصر” على حالة نهائية من خلال وضع معايير يجب على النظام وحلفائه الوفاء بها قبل رفع العقوبات، مثل:

• وقف الحملة الجوية السورية الروسية واستهدافها المتعمد للمدنيين والمنشآت المدنية

• السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام / للسيطرة الروسية / الإيرانية، تماشياً مع مصالح واشنطن كأكبر مانح للمساعدات لسوريا

• الإفراج عن جميع السجناء السياسيين

• اتخاذ خطوات نحو الامتثال للمعاهدات الدولية المتعلقة بالأسلحة البيولوجية والنووية فضلاً عن الأسلحة الكيميائية

• تسهيل العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين

• إرساء عملية مساءلة، وحقيقة، ومصالحة صريحة.

والجدير بالذكر أن هذه المعايير لا تتضمن مطلباً بإشراك النظام في العملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة أو تصرّ على رحيل الأسد. ومع ذلك، تشير الشروط القاسية لهذا القانون إلى ضرورة وصول نظام مختلف إلى حدّ كبير إلى الحكم قبل رفع العقوبات. وبهذا المعنى، يمكن أن يساعد فرض عقوبات “قانون قيصر” في الإشارة إلى التزام الولايات المتحدة على المدى الطويل بالتغييرات الأساسية في سوريا. إن تركيز القانون على المساءلة يضع معياراً عالياً، لأن الأسد لن يرضخ أبداً للتحقيقات التي تورطه هو ونظامه في ارتكاب جرائم حرب. وإذا فرضت وزارتا الخارجية والخزانة الأمريكيتين عقوبات بموجب “قانون قيصر” بفعالية وتمّ تمرير الرسالة التي تحملها بدهاء إلى الجمهور المعني، فيمكنها أن تجعل الحكومات والشركات تفكّر ملياً قبل إعادة العلاقات مع النظام بشكله الحالي أو إبرام عقود إعادة إعمار مربحة. 

الخاتمة

في ظل حكم [نظام] الأسد، أصبحت الحياة في سوريا لا تطاق على نحو متزايد – فقد أدى التضخم المفرط والانحدار الحاد للعملة السورية إلى دفع أسعار المواد الغذائية والأدوية إلى مستويات لا يمكن لمعظم المواطنين تحمّلها، وقد خرج المتظاهرون إلى الشوارع مرة أخرى في بعض المناطق، ولا يزال النظام يرتكب فظائع يومية. وأدت الأزمة المالية اللبنانية في البلد المجاور ووباء “كوفيد-19” في جميع أنحاء المنطقة إلى تفاقم الانهيار الاقتصادي، مما زاد من الصعوبات اليومية لأولئك الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها النظام وأجهد موارد مؤيدي الأسد في موسكو وطهران.

وعلى الرغم من هذا المشهد القاتم، يبدو أن النظام استأنف هجومه لبسط سيطرته على المنطقة التي لا تزال خاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة إدلب. وحتى في ظل أصعب الظروف – المتمثلة بقوات عسكرية مستنزفة، واقتصاد منهار، وحلفاء خاضعون لضغوط كبيرة، وجائحة عالمية – لا يزال الأسد يتبع استراتيجية الحصار العسكري وترهيب شعبه.

وتستند سياسة الولايات المتحدة إلى العزلة السياسية والعقوبات الاقتصادية من أجل تضييق الخناق على الأسد وأتباعه لدرجة أنه اضطر إلى الانخراط بشكل هادف في عملية الأمم المتحدة. وحتى الآن، لم تنجح جولات متعاقبة من العقوبات المباشرة في ثنيه عن السعي إلى تحقيق انتصار عسكري، الذي يَعتقد على الأرجح أنه سيفرض وقائع ميدانية تسمح له بالاستغناء عن عملية الأمم المتحدة. ومع ذلك، يهدف “قانون قيصر” إلى مواجهة أي تفكير من هذا القبيل كان يتمناه النظام، مع التوضيح لدمشق وموسكو وطهران والكيانات التي تستفيد من الاقتصاد الحربي للأسد أن واشنطن لن تقبل ببساطة نظاماً غير قابل للإصلاح في سوريا.   

ويقيناً، لن يشكّل تاريخ 17 حزيران/يونيو ضربة قاضية للنظام الذي أثبت قدرته على الصمود. وستتوقف فعالية “قانون قيصر” على ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستنجح في توفير الموارد المناسبة لهيكلية عقوباتها بينما تسعى بقوة إلى الخروج من منحدر دبلوماسي ونحو عملية سياسية. سيتعين على وزارة الخزانة الأمريكية مواصلة تحديث قائمة التصنيفات الإرهابية لمنع الاستثمارات وإعادة الإعمار. وسيتطلب ذلك من الإدارة الأمريكية إعطاء الأولوية لسوريا وضمان تمتّع الجهات التي تعمل على وضع مجموعات جديدة من العقوبات بموجب “قانون قيصر”، بالدعم والموارد الضرورية كي تصمد في مهمتها لفترة طويلة.  

دانا سترول هي “زميلة كاسين” في معهد واشنطن وعضو أقدم سابق من الملاك المهني في “لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي”. كاثرين باور هي زميلة “بلومنستين كاتس فاميلي” ومسؤولة سابقة في وزارة الخزانة الأمريكية.

————————————-

قبل تطبيقه بأيام.. كيف سيؤثر قانون “قيصر” على النظام السوري؟

قال أستاذ تاريخ الشرق الأوسط عمرو العظم إن جوهر قانون “قيصر” هو استخدام العقوبات، وهو نهج للإدارات الأميركية في التعامل مع الأنظمة الاستبدادية، متوقعا أن يؤدي القانون إلى الضغط على النظام السوري.

وأضاف العظم في تصريحات لحلقة (2020/6/12) من برنامج “من واشنطن” أن القانون لن يسقط النظام السوري، كما أنه سيؤدي إلى الضغط بشكل كبير على الشعب.

وتابع أن القانون يهدف إلى منع استفادة النظام السوري وروسيا وإيران من إعادة إعمار سوريا لمدة خمس سنوات على الأقل، مستبعدا أن تتخلى موسكو عن الرئيس بشار الأسد بسبب تداعيات القانون، ولكن قد تتخلى عنه إذا حققت مصالح شخصية للرئيس فلاديمر بوتين.

من جهته، قال غابرييل سوما عضو الهيئة الاستشارية لحملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية إن قانون “قيصر” قد يؤدي إلى إقناع روسيا بضرورة إنهاء نظام الأسد، لكن الوضع في سوريا معقد بسبب تواجد مقاتلين أجانب يقاتلون في صفوف النظام، بالإضافة إلى محاولة الأسد الاستفادة من إعادة إعمار سوريا، لكن قانون “قيصر” يمنع حدوث مثل هذه الاستفادة.

وأضاف سوما أن ليس لدى الولايات المتحدة أو روسيا أي مصالح حيوية في سوريا، لكن قد يكون لموسكو مصالح جيوسياسية هناك من خلال إنشاء قواعد في البحر الأبيض المتوسط. وتهدف الإدارة الأميركية من القانون إلى منع أي دولة تسعى لفتح خطوط للتجارة مع النظام السوري لأنه قتل أكثر من نصف مليون شخص.

من جهته، قال الكاتب والباحث السياسي فتحي الضو إن حادثة مقتل الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد أيقظت العالم، والدليل على ذلك خروج المظاهرات في كل أنحاء الكرة الأرضية. وتأتي هذه الصحوة العالمية مع إصدار قانون “قيصر” المتعلق بسوريا، وهو ما أعطاه زخما كبيرا.

وأضاف الضو أنه لا يؤمن بمبدأ العقوبات في محاسبة الأنظمة التي تقتل شعبها، مشيرا إلى أن العراق والسودان تعرضا لمثل هذه العقوبات لكنهما استطاعا إيجاد مخارج منها.

————————————-

هموم نقدية على مشارف تطبيق قانون قيصر

مع اقتراب موعد تطبيق قانون قيصر، لكن ليس بسببه فقط، يستمر الانحدار المتسارع في قيمة الليرة السورية ويزداد قلق الناس حول معيشتهم وغدهم، وترتفع الأصوات الداعية إلى استبدال عملة أخرى بالليرة السورية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري ، وعلى الأرض يتحول الناس عن الليرة السورية بسرعة وضمن الطاقات والخيارات المتاحة. في نفس الوقت هناك أصوات ترد على تلك الدعاوي لأسباب تكنيكية وسياسية، تتعلق بمسألة ارتباط استبدال العملة بالانفصال السياسي. في هذه المادة نحاول أن نلقي بعض الأضواء على الأسباب  الكامنة خلف تلك الدعاوي من المنظور الاقتصادي النقدي والتحديات التي يمكن أن تطرحها عملية الاستبدال.

من المهم أن نعلم أن النقود (وخصوصا النقود النقدية) هي في الأساس عرف اجتماعي، بمعنى أن النقود في ظهورها تطورت كعرف اجتماعي كما تطورت اللغة. أي أن قبول أي شخص منا لقبول قطعة نقدية ما(سلعية أو ورقية) مرتبط بمدى قناعتنا أن الآخرين يقبلونها بنفس القيمة، كما أننا نستخدم كلمة تفاحة  للإشارة إلى تلك الفاكهة الحمراء والصفراء والحلوة والكروية.. ويفهم الآخرون علينا لأنهم يستخدمون نفس الكلمة ويعرفونها. لذلك فإن قدرة النقود على القيام بعملها يرتبط بالدلالات الاجتماعية (الاقتصادية لاحقا) التي يربطها الناس بها بشكل عام أي القيمة المستقرة. ويمكن أن نصوغ الأمر بلغة أحدث بأن قدرة الناس على نقل أفكارهم بشكل دقيق للآخرين من خلال اللغة يتوقف على وحدة واستقرار الرموز الدالة على الأفكار. وقدرة النقود على أداء وظائفها، والتي يمكن أن نجملها بأداء وظيفة لغة الاقتصاد يتوقف على وحدة واستقرار القيمة التي يعزوها الناس لها.

مع التطور التاريخي، ولأسباب عديدة، لكن أهمها تأمين استقرار قيمة النقود (محاربة التضخم وتأمين استقرار سعر الصرف)، انتقلت وظيفة إصدار النقود إلى الدولة، ممثلة غالبا بالبنك المركزي. وقد تبلور هذا الأمر بشكل واضح بعد الانتقال التام من النقود السلعية (المسكوكات المعدنية)  إلى النقود القانونية (العملة الورقية). باعتبار أن النقود السلعية لها قيمة معينة بحد ذاتها، لكن النقود القانونية هي أوراق ليس لها قيمة محددة بل تستمد قيمتها من الوضع الاقتصادي والسياسي للدولة المصدرة. لذلك أصبح هناك عقد نقدي غير معلن بين الناس أو المجتمع والدولة،  يقبل الناس بموجبه النقود الورقية التي تصدرها الدولة كنقود على أن تلتزم الدولة بالحفاظ على استقرار قيمة تلك النقود أي سلامة لغة الاقتصاد في دلالات الرموز والمعاني. وما تستفيده الدولة من تلك العملية هي دفع العملية الاقتصادية للأمام بشكل عام. لكن المقابل المباشر للعقد هو الاقتراض من الناس. فكل شخص يقبل في معاملة اقتصادية ما ورقة نقدية يعني أنه أقرض الدولة المصدرة ما يعادل قيمة تلك الورقة النقدية من سلع وخدمات طوال مدة احتفاظه بها، وعند انتقال الورقة النقدية إلى شخص آخر يصبح ذلك الشخص الآخر مقرضا الدولة بنفس المقدار.

ما يحدث الآن في سوريا هو هبوط مستمر في القيمة الداخلية والخارجية للعملة، أي تضخم مستمر وهبوط مستمر لسعر الصرف، يحمل المواطنين واقتصاد البلد كل الآثار السلبية للتضخم. ومن المتوقع أن يزداد ذلك الهبوط بشكل أكبر بعد تطبيق قانون قيصر. أي أن الدولة السورية بشكل مقصود أو غير مقصود تخلت عن العقد النقدي.

رد الناس على ذلك، وكما يحدث عادة، بالتخلي من طرفهم عما يستطيعونه من العقد النقدي، أي التراجع عن استخدام الليرة السورية في المجالات التي يجدون بدائل لها. الليرة السورية حاليا تقريبا فقدت كامل وظيفتها كمخزن للقيمة، حيث يخزن الناس ثرواتهم في الأصول المادية والذهب والعملات الأجنبية. وبدرجات متفاوتة فقدت الليرة وظيفتي وسيط التبادل ومقياس القيمة والتسعير، وهذا ما يدفع أكثر وأكثر نحو تراجع قيمتها وزيادة التضخم. لماذا لا يستطيع الناس التخلي عن الليرة السورية بالكامل؟

في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام هناك عدة أسباب: أولا، هناك السبب القانوني الذي يلزم بالتعامل والتسعير بالليرة السورية ويجرم التعامل بالعملات الأجنبية. ثانيا، باعتبار الدولة هي أكبر فعالية اقتصادية في البلد وغالبية الناس يتعاملون معها بشكل أو بآخر اقتصاديا فهم مضطرون للتعامل بعملتها، على سبيل المثال فإن أصحاب الرواتب من الموظفين ودافعي الضرائب وموردي السلع الخدمات للدولة ليس لديهم خيار سوى التعامل بالليرة السورية. مع ذلك هنا درجة عالية من الدولرة في التعاملات الضخمة والتهرب من استخدام الليرة كمخزن للقيمة.

في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام هناك تعامل أقل بالليرة السورية لكنها مستمرة في التداول. هنا لا يوجد قانون واضح يفرض التعامل بالليرة السورية أو يجرم التعامل بالعملات الأجنبية. لذلك فإن سبب الاستمرار أساسا هو وجود فعاليات اقتصادية هامة جدا ما زالت مرتبطة بالنظام بشكل أو بآخر. فهناك موظفون ما زالوا يتلقون الرواتب من حكومة النظام وهنا فعاليات اقتصادية شرعية وسوداء ما زالت تدفع الضرائب لها وتتبادل معها منافع اقتصاد الحرب الذي هو ربما علامة وحدة سوريا الوحيدة الباقية. إلى جانب ذلك هناك غياب للترتيبات المؤسسية النقدية والمصرفية الموحدة التي تساعد في التحول. أي ليست هناك مرجعية ذات سلطة قادرة على بناء ترتيبات نقدية- مصرفية يمكن أن يتم الاستناد لها في التحول.

وبعد؟ في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام يستمر الناس في التخلص من الليرة بأشكال مختلفة لكنهم ما زالوا مضطرين لاستخدامها جزئيا والتعرض للنتائج الكارثية لهبوط قيمتها. هل يستطيع المتنطحون لدور السلطة في تلك المناطق القيام بعمل ما؟ الجواب نعم من الناحية النظرية، لكن من الناحية العملية هناك كثير من الصعوبات. والمطلوب حاليا:

هو وجود سلطة إدارية (سياسية) موحدة نوعا ما وذات مصداقية تضبط منافذ الاحتكاك مع النظام.

ضبط العلاقات الاقتصادية مع مناطق سيطرة النظام سواء كانت في الاقتصاد الأبيض أو الأسود، وهذا الأخير ضخم وخطير وذو نفوذ قوي جدا.

الإعلان عن عملة ما مبرئا قانونيا لكل الذمم المالية والتسعير ودفع الضرائب والرواتب بتلك العملة (يمكن أن تكون الدولار أو الليرة التركية أو الدينار العراقي……إلخ على أن تكون العملة على درجة مقبولة من الاستقرار).

إنشاء مكاتب مصرفية في المدن ومراكز التجمع البشري الكبرى تقوم تلك المكاتب بدور المصارف في تلقي الودائع وتسوية الديون بين الناس عن طريق الائتمان وكذلك تتولى عملية تحويل الليرة إلى العملة المعتمدة. كذلك يمكن لتلك المكاتب أن تقدم بعض القروض القصيرة بالعملة البديلة..

تخصيص كمية كافية من العملة المعنية لكي يتم ضخها في السوق عن طريق المكاتب المصرفية عند ظهور علامات على الانكماش ونقص العملة.

هل هذه دعوة للانفصال؟ بالتأكيد لا. بل مقترحات لحلول مؤقته في محاولة للتخفيف من معاناة  الناس حيث يمكن تخفيفها. وللتدليل على أن الأمر ليس انفصالا يمكن أن نشير إلى أن هناك كثيرا من الدول في العالم لا تمتلك عملتها الخاصة بل تستخدم عملة دولة أخرى، السلفادور والإكوادور وتيمور الشرقية على سبيل المثال تستخدم الدولار الأميركي, ولم ينتج عن ذلك إلحاق الأولى بالثانية سياسيا. وكذلك هناك تجربة استخدام  الدينار العراقي الطبعة السويسرية (الدينار السويسري) في كردستان العراق طوال الفترة 1993-2003, بينما كان العراق في ظل الحكومة المركزية يستخدم طوال تلك الفترة الدينار العراقي طبعة ما بعد عامي 1991 التي سميت بالدينار الصدامي. بعد عام 2003 أعيد توحيد العملة والبلد.

تلفزيون سوريا

—————————

الأسد “مأزوم” في الصحافة الغربية.. والشعب يكسر المحرمات

أفردت الصحافة الغربية مساحات واسعة للحديث عن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها نظام الأسد، والمتمثلة بانهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، وارتفاع السلع الغذائية التي يحتاجها المواطنون بشكل يومي، ولاسيما مع قرب تطبيق “قانون قيصر”، والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ، بعد أربعة أيام.

وعلى الرغم من “التطمينات” التي يطلقها نظام الأسد، كخطوة لتهدئة الشارع السوري، تستمر الاحتجاجات الشعبية ضده، أبرزها في مدينة السويداء، والتي شهدت اليوم السبت، مظاهرات خرجت من ساحة السير واتجهت نحو “دوار المشنقة”، وطالب فيها المتظاهرون بإسقاط نظام الأسد، ودعوا للإفراج عن المعتقلين.

وبحسب ما رصدت “السورية.نت” في الصحف الأجنبية، اليوم، أجمعت غالبيتها على أن نظام الأسد مقبل على “أزمة اقتصادية غير مسبوقة”، على أن تشتد وتيرتها، الأربعاء المقبل، في أولى أيام تطبيق قانون “قيصر”.

العقوبات تهز سورية وتعجل من الانهيار

البداية من صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، والتي نشرت مقالاً، أمس الجمعة، تحت عنوان “العقوبات الأمريكية التي اقترب فرضها على سورية تهزها وتعجل من انهيارها اقتصادياً“.

تطرقت الصحيفة إلى المظاهرات الشعبية التي تشهدها محافظة السويداء، وقالت إن سورية تشهد في الوقت الحالي حالة خوف والترقب من إغلاق كل الأبواب أمامها، مشيرةً إلى أن البلاد “تتهاوى تحت وطأة العقوبات الغربية التي فرضت عليها منذ سنوات، وكذلك بسبب فساد الحكومة وحالة الاقتتال الداخلي، وبسبب جائحة كورونا وتدهور الاقتصاد الذي زاد من وضعه سوءاً الأزمة المالية التي عصفت بلبنان”.

وبحسب الصحيفة: “تواجه سورية اليوم عزلة شبه كاملة، وذلك مع اقتراب فرض أقسى عقوبات أمريكية، والتي ستدخل حيز التنفيذ خلال الأسبوع المقبل”.

وفي الوقت الذي ظهر فيه الأسد وقد كسب الحرب عسكرياً وتغلب على معارضيه، تضيف الصحيفة أنه “بات يواجه الآن تحدياً أكبر من ذي قبل يهدد حكمه، وذلك بعدما أصبح أكثر من 80% من شعبه يعيش تحت خط الفقر”.

“الربيع السوري” يتجدد

صحيفة “الغارديان” البريطانية أفردت مساحة واسعة للحديث عن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها نظام الأسد أيضاً، وتغطية شبه يومية.

ونشرت الصحيفة مقالاً، اليوم السبت، تحدثت فيه عن مظاهرات السويداء، وعن الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.

وبحسب الصحيفة، فإن الطعام في سورية الآن أصبح أكثر تكلفة من أي وقت آخر، “مما أثار مشاهد تذكّر باحتجاجات الربيع العربي لعام 2011 في شوارع مدينة السويداء الموالية للحكومة هذا الأسبوع”.

وأضافت أن “الأسد انتصر في حرب سورية، لكنه يكافح حالياص على جبهات عديدة أخرى، بما في ذلك تهديد الفيروس التاجي، والعداء مع أغنى رجل في سورية، وابن عمه رامي مخلوف، وتحقيق التوازن بين المصالح المتباينة لمؤيديه في موسكو وطهران”.

ومع ذلك، فإن أكبر مشكلة يواجهها بشار الأسد، بحسب الصحيفة “هي الاضطراب المالي المجاور في لبنان، والذي ساعد على دفع الاقتصاد السوري إلى الانهيار (…) قد تكون العقوبات الأمريكية الجديدة ضد نظامه التي تدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل مدمرة”.

الأسد يواجه ضغوطاً متزايدة

إلى جانب ما سبق تطرقت صحيفة “وول ستريت جورنال” لما تعيشه سورية في الوقت الحالي، ونشرت مقالاً اليوم عنونته بـ”الأسد السوري يواجه ضغوطاً متزايدة من الشارع بسبب تدهور الاقتصاد“.

وقالت الصحيفة: “نادراً ما تظهر المظاهرات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، محطمة أحد المحرمات على الانتقادات المباشرة للنظام مع تفاقم أزمة العملة السورية”.

وأضافت أن احتجاجات متفرقة سيطرت على الجو العام لسورية، وسط غضب متزايد على الاقتصاد المتدهور، و”اختبار سلطة الرئيس بشار الأسد وهو يحاول تعزيز سلطته بعد تسع سنوات من الصراع”.

وخلال الأسبوع الماضي، تابعت الصحيفة: “خرج المتظاهرون في مدينة السويداء الجنوبية إلى الشوارع وهم يهتفون ضد الأسد، ودعا البعض إلى إسقاط نظام الأسد، وهي عبارة نادراً ما تُسمع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة”.

“هل الأسد السوري على الحافة”؟

مجلة “فورن بوليسي” الأمريكية نشرت مقالاً، اليوم السبت عنونته بتساؤل: “هل الأسد السوري على الحافة“؟

وقالت الصحيفة إن “العقوبات الأمريكية الجديدة تدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، مما يهدد اقتصاد البلاد الهش ويوجه ضربة جديدة للنظام”.

واعتبرت “فورن بوليسي” أنه من المقرر أن يتعرض الاقتصاد السوري المنهار لضربة أخرى يوم الأربعاء المقبل ، عندما تدخل العقوبات الأمريكية الجديدة حيز التنفيذ، والتي ستفرض عقوبات ضد أي فاعل عالمي يتعامل مع نظام الأسد.

وأوضحت الصحيفة أن “قانون قيصر”، الذي حصل على دعم من الحزبين في الكونجرس وتم تمريره كجزء من مشروع قانون الإنفاق الدفاعي السنوي، يضع العقوبات الأكثر قوةً على نظام الأسد، منذ عام 2011.

وأشارت إلى أن العقوبات التي سيفرضها “قيصر” تهدف إلى “الضغط على الأسد المحاصر من أجل تفعيل إصلاحات حقوق الإنسان”.

——————-

قانون قيصر”: عقوبات قاسية أم ضربة قاضية؟

في 17 حزيران (يونيو) الجاري يدخل “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” مرحلة التنفيذ الفعلي الأولى، بعد أن أقره الكونغرس واعتمده الرئيس الأمريكي ترامب ضمن سلّة الدفاع الوطني للعام 2020، بما يتضمنه من استهداف لإيران وروسيا بصفة أساسية، وكذلك مختلف الجهات المتعاملة مالياً وتجارياً مع النظام السوري على امتداد العالم، فضلاً عن أفراد النظام والمؤسسات والكيانات التابعة له. وإذْ يرى البعض أن هذه عقوبات جديدة قاسية ولكنها تُفرض على اقتصاد سوري آخذ في الانهيار أساساً بدليل فقدان العملة الوطنية 70% من قيمتها، يرى آخرون أن القانون قد يشكل ضربة قاضية للنظام تضاف إلى ما يعانيه أصلاً من مشكلات داخلية مزمنة ومعقدة.

————————–

سيف قانون قيصر على عنق النظام السوري/ منهل باريش

العقوبات تطارد شبكاته الاقتصادية

يدخل قانون قيصر حيز التنفيذ في 17 حزيران (يونيو). واستبق موعد تطبيقه انهيار كبير في أسعار صرف الليرة السورية، والذي وصل إلى حد غير مسبوق (3000 ليرة للدولار الواحد) قبل أن يعود ويتراجع إلى سعر 2650 ليرة للدولار. ودفع الوضع الاقتصادي الضاغط بعدة احتجاجات في مناطق سيطرة النظام، أبرزها محافظة السويداء، حيث تدخل المظاهرات أسبوعها الثالث.

وتلاقي حركة احتجاجات السويداء صدى إيجابيا وترحيبا عاليا لدى أغلب السوريين في مناطق المعارضة، فيما تشهد مناطق في حلب الشرقية ودمشق اعتراضات شعبية يومية تتطور للاصطدامات خصوصا بين الميليشيات والمدنيين، بسبب سرقة مخصصاتهم اليومية من مادة الخبز.

ولم تقتصر الاحتجاجات على مناطق النظام، وانتقلت إلى محافظة إدلب بسبب رفع سعر ربطة الخبر إلى 600 ليرة سورية، رغم أن أغلب الطحين في الشمال يأتي عبر المساعدات الإنسانية الدولية والتركية.

وعن شكل تأثير قانون قيصر على المناطق السورية، ميز الباحث الاقتصادي، مناف قومان بين المناطق المتأثرة بتطبيق قانون قيصر، واعتبر في اتصال مع “القدس العربي” أن التأثير الأكبر سيطال مناطق النظام، لأن العقوبات تمس “أي جهة أو شخص يساهم في تعويم الأسد ومساعدته على إعادة الإعمار” وهذا سيصب في المحصلة بآثار سيئة على المواطنين. فعدم تمكن النظام من استيراد النفط جراء العقوبات عليه وعلى إيران سيخفض كمية المحروقات في البلد وهذا سيحيل النظام لأزمة محروقات قاسية وتقنين متزايد على الكهرباء. ومن ثم عدم قدرة النظام على الولوج للنظام المالي العالمي جراء العقوبات على المركزي، ومع شح الدولار في الأسواق والأزمة المالية في لبنان سيحيل هذا إلى أزمة في الواردات وبينها المواد الأساسية من قمح وسكر وأرز وغيرها، ونقص هذه المواد في الأسواق سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وهذا من شأنه أن يقلص من قدرة المواطن الشرائية مع تدني الأجور وتآكل قيمة الليرة.

بالنسبة لمناطق شرق الفرات يرجح أن تكون نتائج القانون أقل وطأة مقارنة بمناطق النظام، بسبب الدعم الأمريكي ووفرة الموارد ونسبة غير كبيرة من السكان. ونوه قومان “إذا تمكنت الإدارة الذاتية من انتزاع استثناء من العقوبات على بيع النفط لمناطق النظام هذا يعني استمرار تدفق الإيرادات للإدارة الذاتية”. وفي حال الرفض الأمريكي، سينعكس ذلك سلبا على موارد قوات سوريا الديمقراطية، ويضعها ذلك في مواجهة سياسية مع النظام، تجنبتها مرارا وحاولت تزوير الزوايا في كل المشاكل العالقة.

بالتأكيد، سيؤدي انخفاض قيمة الليرة إلى ضغط كبيرة على السوريين الذين يقبضون بالعملة السورية، والذين أصبحت رواتبهم تعادل بين 13-20 دولارا في الشهر، مثل موظفي القطاع الحكومي في مناطق سيطرة النظام. وسيؤدي عدم استقرار سعر الصرف إلى فوضى في تسعير السلع والمواد والخدمات وإبقائها في حالة اضطراب مستمر لا يتوقف.

 وتوقع أن تكون مناطق سيطرة المعارضة هي الأقل ضرراً بسبب “نفاذها على تركيا وجراء استبدال الليرة السورية بالليرة التركية” ووصف الخطوة بـ “صمام أمان للتجار والأفراد من تكبد خسائر وتذبذب الأسعار”.

ويعيش الغالبية من السوريين في الداخل تحت خط الفقر حسب بيانات الأمم المتحدة، ويرجح ازدياد الأمور سوءا مع ارتفاع الأسعار بنسبة 130 في المئة عن شهر أيار (مايو) الماضي، حسب برنامج الغذاء العالمي.

وقال نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية حول سوريا في الأمم المتحدة، مارك كاتس في تغريدة له على موقع تويتر، يوم الثلاثاء، “أكثر من تسعة ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في وقت تواصل أسعار المواد الغذائية ارتفاعها، وتنخفض قيمة الليرة السورية بمعدل قياسي”. ويؤثر الانخفاض على أسعار المواد الغذائية والتي أصبح أغلبها مستوردا عدا الخضار فهي إنتاج محلي.

معاناة كبيرة

أعاد الانهيار الأخير في سعر صرف الليرة السورية صورة حصار العراق قبل الغزو الأمريكي إلى الذاكرة، وهو الحصار الذي جوع أهله وحرمهم حتى الدواء. ويخشى كثير من السوريين بينهم معارضون من انزلاق الأمور في سوريا إلى معاناة كبيرة، بحجة الضغط على النظام وحصاره عسكريا. وذهب البعض إلى تبني آراء غير حقيقية كتحويل المبالغ الصغيرة من المغتربين إلى أهاليهم، والواقع أنها مجرد شائعات تبناها البعض بدون أي أس من الصدقية. إلا أن قانون قيصر يتجنب اللجوء إلى عقاب جماعي لسوريا أو للدولة السورية. على العكس من ذلك، فقد نهجت أمريكا منذ عام 2011 بمعاقبة شخصيات ومؤسسات داعمة للنظام السوري ومتورطة في تعذيب المحتجين وتمويل ميليشيات عسكرية.

وفي شروحات تطبيق القانون الأمريكي، لفت المحامي والمعارض السوري محمد صبرا، في تصريح لـ”القدس العربي” إلى أن القانون محكوم بضابطين، الأول هو موضوع النشاط وحدده القانون بخمسة مجالات، هي: توفير الدعم المالي والتقني للنظام السوري أو لأي من الميليشيات والمرتزقة الذين يقاتلون في سوريا ويتبعون الحكومتين الروسية الإيرانية. أو أن يقدم خدمات تكنولوجية في قطاع النفط والغاز، وتقديم قطع تبديل الطائرات التي تستخدم لأغراض عسكرية من قبل النظام والميليشيات المقاتلة إلى جانبه، ويقدم بشكل مباشر خدمات بناء أو خدمات هندسية.

الضابط الثاني: هو شخصي محدد في أن ينخرط أي شخص بصفقة مالية أو من أي نوع آخر مع حكومة النظام أو مع شخصية سياسية رفيعة في النظام. وأن يتعاقد أي شخص في صفقة مع مقاول عسكري أو مرتزق أو قوة شبه عسكرية. أو أن يتعاقد أي شخص مع آخر خاضع للعقوبات الأمريكية فيما يتعلق بسوريا.

وتدلل الضوابط على أن المعاقبين سيندرجون في إطار الشخصيات السياسية البارزة أو يتعاقدون مع الميليشيات والمرتزقة. وسيحرم المنتهكون من دخول الولايات المتحدة الأمريكية والحصول على التأشيرات.

ورغم الضغط الهائل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد حفظ القانون طريقا سريعا لوقف العمل بالقرار خلال مدة ستة أشهر (180) يوما، شريطة أن يتوقف النظام السوري عن قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيمائية، وإطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسريا، والسماح لمنظمات حقوق الإنسان الدولية بإجراء التحقيقات اللازمة، والتزام النظام بالاتفاقيات الدولية وعدم إنتاج وتخزين واستخدام السلاح الكيميائي، والتوقيع على اتفاقية حظر إنتاج السلاح البيولوجي، وسماح النظام للاجئين بالعودة الآمنة والطوعية والكريمة.

ويرجح أن تزيد قوائم المعاقبين اقتصاديا من رجالات النظام السوري، وبالطبع ستتوسع القائمة لتشمل آخرين في بلدان مثل لبنان الذي يعتبر مصدرا هاما للمحروقات السورية والمواد الغذائية، والسوق السوداء التي تمد النظام السوري بالدولار. ويعتبر العراق ثاني بلد متوقع أن تطاله العقوبات الاقتصادية بسبب قانون قيصر كونه المورد للمحروقات والأغذية والسلاح للمليشيات الإيرانية.

وقبل أسبوع من موعد بدء تطبيق قانون قيصر، عقد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، مباحثات مع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي فيرشينين، الخميس الماضي.

وأوضحت الخارجية الأمريكية في بيان لها أن جيفري “ناقش العملية السياسية السورية مع فيرشينين، في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”. وتطرق الطرفان إلى آخر التطورات في إدلب، وفي شمال شرقي وجنوب غربي البلاد.

وأعلنت الخارجية الروسية موعد زيارة مرتقبة، لوزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف إلى موسكو، حيث يجتمع بنظيره الروسي فلاديمير بوتين. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن المباحثات ستجري يوم 16 من حزيران (يونيو) الجاري، قبل يوم من بدء تطبيق قانون قيصر على النظام السوري.

وتسعى أمريكا من خلال زيادة الضغط الاقتصادي على أن تتبنى روسيا سياسة مغايرة لسياسة الحسم العسكري التي انتهجتها منذ تدخلها في سوريا إلى جانب النظام في أيلول (سبتمبر) 2015. والتي توقفت بشكل مؤقت في آذار (مارس) الفائت. وتضغط من أجل فرض عملية التسوية، من خلال السلال الأربع المعطلة بسبب سلة الدستور، حيث شكلت اللجنة الدستورية لكتابة دستور جديد للبلاد، إلا أن النظام السوري يعطل عقد جلسة اللجنة المصغرة ويضع العصي في دواليب عقده في جنيف أو حتى عبر الدائرة التلفزيونية، ومن الواضح أن الاستراتيجية الأمريكية تعتزم على إنهاك النظام وعصره اقتصادياً، وربط تخفيف القيود عنه بمسألة التقدم في الحل السياسي.

 وعلى الضفة الأخرى، تتعالى صيحات الانتقاد في أوساط الخبراء والمحللين في روسيا لنظام الأسد، وتدعو الصحافة الروسية بين الفينة والأخرى إلى أن التخلي عن شخص بشار الأسد هو النتيجة الحتمية والأقل تكلفة على موسكو ومصالحها في روسيا. وسيورط قانون قيصر الشبكة المالية والاقتصادية للكرملين بعقوبات إضافية بسبب محاولة إمداد النظام المستمرة.

 القدس العربي

 ——————————-

قانون قيصر يدخل حيز التنفيذ.. الجزء الثاني: الضغط على حزب الله في لبنان

إضافة إلى استهداف حزب الله والجهات الفاعلة المحلية الأخرى التي تدعم نظام الأسد وتضر بالاقتصاد اللبناني، يمكن للتشريع الأميركي الجديد أن يساعد في تعزيز سيادة بيروت.

إن تنفيذ واشنطن الوشيك لقانون قيصر لحمايةِ المدنيين السوريين يدقّ ناقوس الخطر في لبنان، كما ذكرنا في الجزء الأول من هذا الرصد السياسي. وعلى الرغم من أن المقصد الأساسي من القانون هو معاقبة حكومة بشار الأسد على الفظائع التي ارتكبتها ضد الشعب السوري، فإن النظام لم يكن ليتمكن من البقاء مدة طويلة بما يكفي لارتكاب هذه الانتهاكات، من دون دعم مباشر وغير مباشر من الميليشيات والمسؤولين والشركات اللبنانية.

وثمة ما هو أكثر أهمية من ذلك وهو أن “حزب الله” كان في طليعة الحرب السورية، طوال أعوام، يساعد بشار الأسد في إدارة حملاته الوحشية بكفاءة عالية، من خلال الاعتماد على المقاتلين والموارد من لبنان. كما أن علاقاته (حزب الله) العميقة تستمر مع النظام إلى اليوم، ومن ضمنها قطاع صناعة الوقود والقطاعات الأخرى المستهدفة صراحة بموجب قانون قيصر. وهذا يعطي المسؤولين الأميركيين فرصة لمعاقبة الأفراد والقنوات والأدوات اللبنانية، التي يستخدمها كل من “حزب الله” ودمشق لتعويم نظام الأسد.

والواقع أن الأرض خصبة لمزيد من الضغط على الجماعة وحلفائها داخل لبنان. طلبت الحكومة التي يقودها “حزب الله” في بيروت من صندوق النقد الدولي حزمة مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار، كذلك يفهم المسؤولون المحليون تداعيات تحدي القانون الأميركي والمجتمع الدولي الأوسع، في هذه اللحظة الحرجة. وبناء على ذلك، يجب على واشنطن وشركائها التوضيح بأن البلاد لا يمكن أن تتوقع مساعدة من صندوق النقد الدولي، ما لم تبدأ بقطع العلاقات العسكرية والتجارية الخاصة مع نظام الأسد. وعلى الرغم مما يقوله “حزب الله” للشعب اللبناني، ما يزال بإمكان البلد أن يُنقذ نفسه، من خلال الامتثال للإصلاحات والشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي ومؤتمر باريس وقرارا مجلس الأمن الدولي 1559 و1710. إن قانون قيصر فرصةٌ لتعزيز هذه الحجة، وفي الوقت نفسه هو فرصة لكبح جماح أنشطة التهريب التي يمارسها “حزب الله”، وتعزيز رقابة البلد على حدوده.

من الذي يجب أن يشعر بالخوف؟

يرتبط لبنان بسورية، سياسيًا واقتصاديًا وماليًا، منذ مدة طويلة. وحقيقة أن الحدود بين البلدين ما تزال غير محددة رسميًا تسمح بعمليات تهريب يومية بلا رادع وتدقيق، وهو ما يجعل تقدير حجم التبادلات المالية بين البلدين أمرًا صعبًا. لكن بعض التفاصيل واضحة، حيث ذكرت (رويترز) في تشرين الثاني/ نوفمبر أن “لدى السوريين الأثرياء ودائع بمليارات الدولارات في البنوك اللبنانية”. وكثير من هذه الأموال غدا محاصَرًا، مع تفكك الاقتصاد اللبناني، ومع فرض البنوك المحلية قيودًا مشددة على السحوبات النقدية بالدولار الأميركي.

قد تخضع بعض هذه البنوك وشركائها والشركات اللبنانية المرتبطة بها لعقوبات جديدة، بسبب المساعدة المادية لنظام الأسد، خاصة إذا كانت تلك البنوك أو الشركات مرتبطة -بأي شكل من الأشكال- بالدعم اللوجستي لعمليات “حزب الله” العسكرية في سورية. ومع ذلك، فإن التأثير الأكثر أهمية لقانون قيصر قد يكون الردع، أي يجب على الشركات اللبنانية (التي كانت تأمل في الوصول إلى السوق السورية من خلال المشاريع التجارية أو إعادة الإعمار) أن تعيد النظر في تلك الخطط.

مهربو الوقود هم مجموعة مهمة أخرى قد تتأثر بهذا القانون. في الوقت الذي لا يستطيع لبنان تحمل خسارة المزيد من احتياطياته من العملات الأجنبية، ألمح رياض سلامة (حاكم البنك المركزي) في الشهر الماضي، إلى أن البلاد تخسر 4 مليارات دولار سنويًا، بسبب “حزب الله” والجهات الفاعلة الأخرى، من خلال عمليات تهريب الوقود المدعوم من الحكومة إلى سورية. تشعر الشركات المشاركة في عمليات النقل والشحن بالقلق والخوف بالفعل، ويعتقد كثيرٌ من السكان المحليين أن قانون قيصر قد شُرّع عن قصد لاستهداف التهريب في كلا الاتجاهين: الوقود المتجه إلى سورية، والأسلحة الواردة إلى لبنان. ولذلك، يجب على المسؤولين الأميركيين استخدام التهديد بفرض عقوبات قيصر، للضغط على المسؤولين اللبنانيين من أجل تشديد الرقابة على الحدود، واتخاذ تدابير أخرى تساعد في الحد من تهريب الوقود عبر المعابر غير الرسمية.

يجب أن يشعر بعض حلفاء “حزب الله” السياسيين بالقلق من التشريع الأميركي الجديد أيضًا. وعلى الرغم من أن الرئيس ميشيل عون، وجبران باسيل (زعيم التيار الوطني الحر)، ونبيه بري (رئيس مجلس النواب) كانوا حذرين في تعاملهم مع النظام السوري، فقد كان الحلفاء الآخرين أقلّ خجلًا في إعلان دعمهم العسكري للأسد، ومن ضمن هؤلاء الحلفاء “الحزب السوري القومي الاجتماعي”، ووئام وهاب (رئيس حزب التوحيد العربي). على سبيل المثال، ذكرت بعض التقارير أن وئام وهاب أرسل أفرادًا للقتال إلى جانب النظام، في الأعوام الماضية (قُتل عدد منهم خلال معارك عام 2014 في محافظة السويداء).

تعزيز الحدود وفصلها عن الأسد

باستخدام هذه الانتهاكات وغيرها من الانتهاكات المتعلقة بسورية، كوسيلة ضغط، يمكن لقانون قيصر مساعدة لبنان في تعزيز سيادته وتمكين مؤسساته ضد الجهات غير الحكومية. وخصوصًا، إذا كان التهديد بعقوبات قيصر يقنع المسؤولين اللبنانيين بترسيم رسمي لحدودهم والبدء في تنفيذ قرارات مجلس الأمن 1559 و1680 و1701 بشكل صحيح، عندها سيكون “حزب الله” أقلّ حرية في استغلال المؤسسات الوطنية لدعم نظام الأسد المجاور. وعلى ذلك، سيصبح المهربون أقل حرية في مواصلة الأنشطة التي تضر بالاقتصاد اللبناني، وتجلب الأسلحة الخطرة إلى أراضيه. وعلى الصعيد الإقليمي، من شأن تعزيز سيادة لبنان أن يساعد المجتمع الدولي في ممارسة مزيد من الضغط على “الجسر البري” الإيراني إلى بيروت والحدود الإسرائيلية.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، يمكن الاستفادة من قانون قيصر بطريقتين: الأولى يمكن أن يساعد القانون في تثبيط الجهود لتطبيع العلاقات اللبنانية مع سورية، طالما أن النظام بظروفه الحالية يسيطر على السلطة في دمشق. عندما أثار ناشطون لبنانيون وشخصيات معارضة المخاوف، في الشهر الماضي، من أن تهريب الوقود يضر بالاقتصاد؛ صرّح حسن نصر الله (زعيم حزب الله) بأن الحل الوحيد هو تطبيع العلاقات من أجل التنسيق بشكل صحيح مع سورية لحل المشكلة. فالجماعة تفضّل هذا الحل، لأنها تحتاج إلى إبقاء ما يقدر بـ 120 معبرًا غير رسمي تحت سيطرتها، بدلًا من ترسيم الحدود ووضعها تحت إشراف ورقابة الجيش اللبناني؛ حيث لم يعد بمقدور المواطنين اللبنانيين (والبنوك) تحمّل الأضرار الناجمة عن الحدود الفضفاضة ومشاركة “حزب الله” في سورية.

الطريقة الثانية يمكن لقانون قيصر أن يدفع لبنان إلى تعليق اتفاقاته العسكرية طويلة الأمد وهيئاته التنسيقية مع دمشق. وتشمل هذه العملية “المجلس الأعلى السوري اللبناني”، وهو هيئة أُنشئت بموجب معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، التي وُقعت عام 1991 إبّان الاحتلال السوري. ووفقًا لهذه الاتفاقية (التي لم تُلغَ عندما انسحبت القوات السورية من لبنان عام 2005) فإن البلدين “سيعملان على تحقيق أعلى مستويات التعاون والتنسيق، في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والعلمية وغيرها”. كما توفر المعاهدة آليةً لإضفاء الطابع المؤسسي على هذا التنسيق، عبر لجان ثنائية. وعلاوة على ذلك، فإن اتفاقية الدفاع والأمن، الموقعة في وقت لاحق من ذلك العام، تدعو إلى تنسيق وتعاون شاملين بين المؤسسات العسكرية والأمنية والاستخبارية في البلدين.

إن قانون قيصر أداةٌ قويةٌ لتعزيز الحجة القائلة بأنه لم يعد من الممكن ربط لبنان بالنظام السوري الحالي، على المستويين الاقتصادي والأمني. ومن أجل منع حدوث انهيار اقتصادي شامل، تحتاج البلاد إلى إبعاد نفسها عن محور الأسد-إيران، ومواجهة أي تطبيع مع النظام الحالي في دمشق. إن التهديد بفرض عقوبات قيصر هو إحدى طرق حثّ المواطنين اللبنانيين على إدراك أن الابتعاد الواضح والثابت عن نظام الأسد هو شرط مسبق للمساعدة الدولية.

في الوقت نفسه، يجب على المسؤولين الأميركيين التأكيد أن القانون لا يهدف إلى الإضرار برجال الأعمال اللبنانيين الذين لم يشاركوا في دعم نظام الأسد؛ حيث إن سورية -بالنسبة إلى كثير من الصناعيين والتجار والمزارعين المحليين- هي الطريق البري الوحيد لإرسال بضائعهم إلى بقية المنطقة. تحتاج هذه الشركات إلى أن تطمئن بأن قانون قيصر لا يستهدفها أو لا يهدف إلى إلحاق مزيد من الضرر بالاقتصاد الهش. وتحقيقًا لهذا الهدف، ينبغي لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة أن يوضح بالتفصيل أنواع التجارة المشروعة العابرة للحدود والشحن التي لن تتأثر بالقانون.

اسم المقالة الأصلي        The Caesar Act Comes into Force (Part 2): Pressuring Hezbollah in Lebanon

الكاتب   حنين غدّار، Hanin Ghaddar

مكان النشر وتاريخه         معهد واشنطن للسياسات في الشرق الأدنى، The Washington Institute for Near East Policy، 12 حزيران/ يونيو 2020

رابط المقالة        https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-caesar-act-comes-into-force-part-2-pressuring-hezbollah-in-lebanon

عدد الكلمات       1190

ترجمة   قسم الترجمة/ أحمد عيشة

مركز حرمون

———————————–

الأسد على الحافة: موعد قصاص قيصر وغضب الموالاة واقتصاد منهار فأين المفر؟/ إبراهيم درويش

يوفر ضعف الأسد الحالي فرصة

مع وصول “قيصر” إلى سوريا وبالتبعية إلى لبنان، رد الاقتصاد في البلدين على قرب سريان مفعوله بفقدان الليرة السورية نسبة 60 في المئة من قيمتها بشكل يفتح المجال إلى تضخم مفرط ومعاناة للسوريين الذين يعانون منذ تسعة أعوام حربا أهلية قتلت أكثر من 700.000 شخصا وشردت 12 مليون نسمة من سكان سوريا البالغ عددهم قبل الحرب حوالي 23 مليون نسمة.

وأصبح “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” الذي أقره الكونغرس الأمريكي عام 2019 وأدمج في قانون إقرار الدفاع الوطني عام 2020 جزءا لا يتجزأ منها ولن يكون قابلا للمراجعة. وجاء اسمه من شخص مجهول رمز إليه بـ “قيصر” وهو مصور عسكري في السجون السورية استطاع تهريب صور لتعذيب وجثث سجناء في أقبية السجون السورية ما بين 2011-2014 إلى خارج سوريا، يقترب عددها من 50.000 صورة وتم عرض بعضها في متحف الهولوكوست التذكاري في واشنطن والأمم المتحدة.

وعلى خلاف العقوبات الأخرى التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الماضي والتي استهدفت أفرادا وكيانات في نظام بشار الأسد أو داعميه داخل البلاد، فإن قانون قيصر يستهدف بالإضافة للأفراد والكيانات التابعة للنظام، صناعات البنى التحتية والطاقة وشبكات وكيلة تابعة لروسيا وإيران، وهما الطرفان الداعمان اللذان عملا على بقاء الأسد في السلطة طوال سنين الحرب الأهلية الدموية. ووسعت صلاحيات القانون لتشمل العواصم القريبة من سوريا ودول الخليج والدول الأوروبية وغيرها ممن احتفظت بعلاقات تجارية مع نظام الأسد، فهو يعاقب الهيئات والشركات التي ستقوم بالتعامل تجاريا مع الأسد. ومن يخرق القانون فستكون أمواله عرضة للتجميد وحظر السفر بل والاعتقال، بعبارة أخرى خنق النظام وقطع الموارد عنه تحت ذريعة إجباره على الدخول في مفاوضات حقيقية وبعدها يتم النظر في العقوبات ورفعها.

ومن المعروف أن فرض العقوبات على الدول أسهل من رفعها، وتعلمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن أفضل طريقة للحصول على أوراق نفوذ ضد أعدائها هي فرض العقوبات على كل من لا يخضع لها. ويمكن النظر إلى تطبيق “قانون قيصر” في 17 حزيران/يونيو على أنه مواصلة لحرب الولايات المتحدة ضد نظام الجمهورية الإسلامية وسياسة الضغط الأقصى التي يرعاها صقور الإدارة خاصة وزير خارجيته مايك بومبيو. ويأمل الداعون لقلب النظام الإيراني الراعي الأكبر لنظام بشار الأسد باستخدام ما تبقى لهم من أشهر في الإدارة قبل انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني/نوفمبر لتدفيع طهران الثمن وتفكيك النظام السوري.

تذمر في السويداء

مع أن العقوبات لا تصيب إلا الناس العاديين والذين ستزداد معاناتهم أكثر، فقد بدت إشارات التذمر والغضب في التظاهرات التي اندلعت في معاقل النظام التقليدية، فقد شهدت محافظة السويداء تظاهرات غاضبة لعن فيها المتظاهرون بشار الأسد وهتفوا بشعارات الثورة “الشعب يريد إسقاط النظام” و “ارحل ارحل يا بشار” وقالوا إن سوريا هي لهم وليست لعائلة الأسد. ونفس المتظاهرون في السويداء عن مخاوفهم وحالتهم الاقتصادية. وفي شهادات نقلتها صحيفة “وول ستريت جورنال” (12/6/2020) وقالت إن الاحتجاجات كسرت “محرم” عدم انتقاد النظام في معاقله. ورد المتظاهرون المؤيدون للنظام باحتجاجات أخرى حملوا فيها الولايات المتحدة المسؤولية. ونقلت الصحيفة عن ناشط في طرطوس قوله “قيمة راتبي الشهري هي بطيخة”. بل وأصبحت طبخة “المجدرة” المكونة من العدس والأرز مكلفة للكثير من السكان. وقال ناشط في حزب الشباب الوطني “هناك حصار على سوريا وبقانون قيصر ستزيد الأمور سوءا”. واضطرت الكثير من المحلات التجارية إغلاق أبوابها بسبب تراجع العملة لحين تحسن قيمتها. ونقلت صحيفة “الغارديان” (12/6/2020) عن فؤاد شبانة من مدينة تدمر قوله “المسألة ليست في توفر المواد” ولكن “لا أحد يمكنه شراء أي شيء، فكل راتبي الشهري يوفر لي كيلو لحم. وهو يعادل 14 دولارا”. وتقول إلزابيث تسكورف من معهد أبحاث السياسة الخارجية: “ترتفع أسعار المواد في سوريا بما فيها المنتج محليا مع مستوى سعر الفائدة”. وقالت إن “التضخم يتسارع بدرجة تكون فيه أسعار البضاعة أقل في الصباح منها في المساء”. مشيرة إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 50 في المئة وهو ما يضع سوريا في نادي الدول التي عانت من تضخم مفرط.

الليرة التركية

وفي شمال-غرب سوريا التي يتلقى الموظفون العاملون فيها رواتبهم بالليرة التركية تفكر السلطات هناك بالتحول عن الليرة الوطنية واستخدام العملة التركية، خاصة أن مناطق في حلب وتلك القريبة من الحدود التركية خاضعة للسيطرة التركية أو الجماعات الوكيلة عنها بالإضافة لإدلب التي يعيش فيها 3 ملايين نسمة، مما يعني فصل ثلث سكان سوريا عن الليرة، في ضربة قوية لاقتصاد يتراجع بشكل سريع.

لبنان

ويرى المراقبون أن تدهور الاقتصاد مرتبط بالأحداث في لبنان التي انهار فيها النظام المصرفي. وكانت المصارف هي المكان الآمن للأرصدة السورية التي مكنت النظام من شراء المواد الأساسية، إلا أن الظروف الاقتصادية وتداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد في البلدين فاقمت من معاناة سكان البلدين وأخرجت اللبنانيين إلى الشوارع رغم قيود الحركة لمنع انتشار كورونا. وتعيش دول المنطقة أزمات متعددة من الحروب والفساد وسوء الإدارة وعدم الاستقرار وأخيرا وباء فيروس كورونا الذي قالت مجلة “إيكونوميست” (11/6/2020) إنه عاد في موجة ثانية سواء في السعودية وإيران وإسرائيل ولبنان. وتكشف الاحتجاجات السورية عمق الغضب على الحكومة السورية التي فشلت في تخفيف المعاناة الاقتصادية على المواطنين. وأجبرت الأوضاع المعيشية والغضب العام في قواعد النظام الأسد على عزل رئيس الوزراء عماد خميس الذي حمل في آخر ظهور له في مجلس الشعب السوري الولايات المتحدة والعقوبات التي فرضتها على سوريا. وحاول الأسد الحصول على أموال لدعم اقتصاده المترنح عبر ملاحقة الأثرياء الذي تربحوا من الحرب الأهلية، وتابع السوريون خلال الفترة الماضية مسلسلا دراميا كشف عن الخلافات في داخل عائلة الأسد وشكوى رجل الأعمال رامي مخلوف الذي دعم النظام خلال فترة الحرب الأهلية إلا أن الرئيس وهو ابن خالته بات يطالبه بالمزيد. وتم اعتقال عدد من موظفيه خاصة في شركته الكبرى سيرياتل، ولم يشفع له تمويله للحرب ولا توفيره المكالمات الهاتفية المجانية للقوات السورية أو أجهزة الأمن. فالأسد المحاصر لا يمكنه الطلب من روسيا الدعم ولا من إيران التي تئن تحت كاهل العقوبات الاقتصادية التي طالت كل مفصل من مفاصل الدولة وحتى المصدر الرئيسي للمال وهو النفط، أضف إلى هذا أن إيران كانت البؤرة الرئيسية لفيروس كورونا لوقت طويل ولا يزال الفيروس يحصد أرواحا من المدنيين الإيرانيين وعلى قاعدة يومية. وفي سوريا تحذر المنظمات الإنسانية من مجاعة قادمة خاصة أن 85 في المئة من سكان سوريا يصنفون فقراء. وقالت إن العقوبات عادة ما تصيب الناس العاديين ولا تحقق هدفها المنشود. وقدر برنامج الغذاء العالمي في نيسان/إبريل أن نسبة السوريين الذي باتوا يفتقدون الأمن الغذائي ارتفعت بنسبة 22 في المئة خلال العام الماضي، أي 7.9 مليون سوري باتوا يتناولون وجبتين في اليوم بدلا من ثلاث وجبات.

ساحة بالوكالة

وتبدو سوريا التي دمرت مدنها وأنهك اقتصادها غير قادرة على تلقي صدمة جديدة، ستترك آثارا بعيدة المدى لا على مستقبل النظام ولكن على السكان والمنطقة بشكل عام، كما تقول صحيفة “الغارديان” (12/6/2020). فالقانون كما تشير هو جزء من الحرب الأمريكية على إيران ووكلائها في المنطقة، وبدلا من استخدام الذريعة السياسية ها هي تعطي الحرب صبغة قانونية في محاولة لسحق طرفين رئيسين داعمين للنظام وهما إيران وحزب الله. ولكن الإستراتيجية الأمريكية أدت إلى سلسلة من الأزمات بالمنطقة حيث يواجه لبنان حالة من الانفجار الاقتصادي واضطرابات مدنية. أما العراق فيعيش ظروفا اقتصادية صعبة بسبب قلة الموارد المالية الناجمة عن انخفاض أسعار الطاقة. وقال وزير لبناني “في تعجلهم للإطاحة ببشار وخامنئي نسي (الأمريكيون) أصدقاءهم” و “جعلهم الهوس الأيديولوجي غير مبالين لمعاناة الناس الحقيقيين”. وقال مصرفي لبناني “هذه كارثة على الحكومة” اللبنانية. و”سيفرضون عقوبات على المصارف والتجار اللبنانيين. وهبطت العملة في بلدنا مثل عملتهم، وواحد من الأماكن الني نستطيع التعامل تجاريا معها هي دمشق ولو أغلق هذا فقد انتهينا”. وبدا الربط واضحا بين الأزمتين اللبنانية والسورية في أذهان المسؤولين الأمريكيين الذين برروا استخدام نفس النهج ضدهما. وزعم المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري أن خسارة العملة السورية قيمتها جاء بسبب التحركات الأمريكية. وقال “يثبت انهيار العملة السورية أن روسيا وإيران لا تستطيعان الحفاظ على نظام الأسد الذي لم يعد قادرا على إدارة سياسة اقتصادية فاعلة أو تبييض الأموال في المصارف اللبنانية”. ويقول جوليان بارنز-ديسي مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الأسد هو العامل الأول في الدمار الذي تشهده سوريا إلا أن الموقف الأمريكي قائم الآن على سياسة لعبة الأمم وضرورة منع روسيا وإيران الفوز في الحرب. و “ما أخشاه ان يقود قانون قيصر إلى عكس الأهداف التي شرع من أجلها، أي تغذية النزاعات السيئة للنظام ولنزاع واسع. فالهدف الأمريكي المعلن من سياسة الضغط الأقصى هو تركيع النظام وإجبار داعميه للاعتراف بالهزيمة، لكن النظام يعرف كيف يتمسك بالسلطة وكذا من يدعمونه”. وقال إن الشعب السوري عانى ولوقت طويل وتم تدمير البلاد بسبب النزاع حيث ننظر الآن إلى الحافة ومرحلة خطيرة من النزاع والذي سيحمل معه دمارا جديدا.

لم ينتصر إذا

ويبدو أن الأسد يدفع استحقاقات قراره مواجهة الثورة السلمية بالسلاح، فهو وإن “انتصر” لكنه يقف اليوم على ركام المدن المحطمة وهيكل من دولة كان اسمها سوريا، تسخر إسرائيل كل يوم من سيادتها بالغارات المستمرة ضد ما تقول إنها أهداف إيرانية. ولم يعد قادرا حتى على التحكم بالمناطق التي استعادها مثل محافظة درعا “مهد الثورة” في الجنوب التي شهدت في الفترة الأخيرة عودة مسلحة. أما بادية الشام فقد أعاد تنظيم “الدولة” المهزوم نفسه. ويبدو أن هوس الأسد في استعادة السيطرة على إدلب جعله يتعامى على مشاكل مناطقه الاقتصادية. ويرى تشارلس ليستر من معهد الشرق الأوسط في مقال بمجلة “بوليتيكو” (11/6/2020) أن الورطة التي يعيشها الأسد تعطي الولايات المتحدة ورقة نفوذ للعب دور إيجابي بحل الأزمة. مع أنه يستبعد هذا في ظل إدارة ترامب القائمة على النزوات. وأشار إلى أن معظم أسباب الثورة عام 2011 لا تزال قائمة وعميقة إن لم تكن أسوأ، فلا انتصار للأسد بهذا المعنى. وبالتأكيد فالحياة في سوريا عام 2020 تعتبر أسوأ من الظروف الأسوأ التي مرت على البلاد في الفترة ما بين 2014-2015. وقام الأسد من خلال التمسك بالسلطة بتدمير بلاده واقتصادها. وتحدث ليستر عن ثلاثة سيناريوهات تتراوح من العزلة على طريقة كوريا الشمالية إلى التحلل بطريقة تمس الأزمة كل مفصل من مفاصل الحياة السورية ولا يمكن لأحد تخيلها، مما يفتح المجال لبؤس جديد ومجاعات وجرائم. أما السيناريو الثالث، فهو حدوث تغيير في قمة الهرم الحاكم، وهو ما اقترحه عدد من الموالين القدامى للنظام. ومن الصعب التكهن بحيوية أي من هذه السيناريوهات، ولكن هناك سيناريو آخر يمكن للولايات المتحدة أن تديره بالتعاون مع الأوروبيين وشركائها في الشرق الأوسط. أي الضغط على رعاة النظام والتوصل لتسوية. ورغم ما تعرض له النفوذ الأمريكي في سوريا فأمريكا لا تزال مهمة هناك والعالم ويمكنها والحالة هذه تشكيل نتيجة أي تسوية. وفي الحقيقة يوفر ضعف الأسد الحالي فرصة. ويرى أن سوريا مهمة للمصالح الأمريكية والشرق الأوسط وما بعد. فقائمة الآثار التي تركها النزاع السوري على مسار العالم خلال العقد الماضي متعددة: موجات اللجوء من سوريا إلى أوروبا التي ساعدت بزيادة الشعبوية في السياسة الأوروبية. وكذا صعود تنظيم “الدولة” المفاجئ ورد المجتمع الدولي. ولا نبالغ بالقول إن انتخاب ترامب عام 2016 قد أسهم بالفوضى في سوريا. وعادت روسيا بتحد إلى الشرق الأوسط. وحققت طهران من داخل الفوضى السورية حلمها بإنشاء ممر بري يبدأ من إيران وينتهي بلبنان.

القدس العربي

————————————

قانون قيصر” يخلط الأوراق الإماراتية في سوريا ويهدد أحلامها التوسعية في المنطقة/ سليمان حاج إبراهيم

الدوحة ـ”القدس العربي”:  تغوص الإمارات العربية المتحدة مجدداً، في مستنقع أزمات المنطقة، وهذه المرة في وحل المياه السورية الراكدة، بعد نسف قانون قيصر الأمريكي، الذي يستهدف حلفاء وداعمي نظام بشار الأسد، آمال شركاتها وأذرعها الطامحة للتوسع والباحثة عن نفوذ لم يعد متاحاً تحقيقه في أي مكان.

 وتجد أبو ظبي نفسها في مأزق صعب، تبحث لها عن مخرج من مغامرتها الجديدة، بالتزامن مع ورطتها في ليبيا، واحتراق أوراق حليفها المشير خليفة حفتر.

وخلط قانون قيصر، أوراق الإمارات التي كانت تسارع الخطى لتطبيع شامل للعلاقات مع النظام السوري، وتخطط سراً لسحب عواصم أخرى لمحورها، أملاً في تثبيت دعائمه والاستئثار بقراره، خدمة لأجنداتها.

الخطة الإماراتية في التغلغل في بلاد الشام لم تدرس بعناية تفاصيل المشهد الملغوم، وغابت عن صانع قرارها تحولات الملف لأولوية حيوية للرئيس دونالد ترامب الذي يبحث بدوره عن متنفس لأزماته الداخلية.

مغامرة أبو ظبي في سوريا خرجت للعلن مع الاتصال الذي أجراه ولي عهدها حاكم الإمارات الفعلي الشيخ محمد بن زايد مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، وهو أول اتصال علني من زعيم خليجي منذ بدء الأزمة السورية قبل 9 سنوات. لكن قبل الاتصال لم تكن العلاقات بين أبو ظبي ودمشق انقطعت خلال السنوات الماضية؛ بل كانت على قدر عالٍ من التنسيق المتبادل والدعم السياسي والمالي الذي قدمته الإمارات للنظام السوري.

التقارب الإماراتي السوري العلني، كان يستند على مناورات سرية بدأت تفاصيلها تكشف علناً، لتتضح خبايا دور أبو ظبي في تمويل جزء كبير من الحملات الروسية، والدعم المادي للنظام الذي كان يعاني عزلة دولية. وحافظت الإمارات على التبادل المالي، مع أركان النظام، وكانت بنوكها تشكل متنفساً لبشار الأسد.

ولم تجد أبو ظبي حرجاً في التأكيد أن علاقاتها مع النظام السوري ظلت قائمة حتى في ذروة التصعيد الدولي ضد جرائمه المرتكبة ضد المدنيين.

وأعلن القائم بأعمال دولة الإمارات العربية المتحدة في دمشق، المستشار عبد الحكيم إبراهيم النعيمي “أن العلاقات بين بلاده وسوريا متينة ومتميزة وقوية”.

وأضاف خلال حفل استقبال سابق، بمناسبة العيد الوطني للإمارات العربية في سفارتها بدمشق “علاقات البلدين تقوم على أسس واضحة وثابتة قاعدتها لم الشمل العربي عبر سياسة مُعتدلة”.

الرياض في مفترق طرق

انتقال الأذرع الإماراتية من طرابلس الغرب نحو الشام، يتم في ظاهره العلني، من دون أي توافق مع حليفتها السعودية التي تجد نفسها في مفترق طرق، ومأزق صعب، يجعلها تخشى الانغماس في لعبة أبو ظبي والتماهي مع خططها. وتخشى الرياض أن تلسعها نيران واشنطن على ضوء ملفاتها المتراكمة. وحتى الآن، فإن المملكة وإن كانت ترغب في تطبيع العلاقة مع نظام الأسد “نكاية” في تركيا حليفة غريمتها الدوحة، إلا أن هذه الرغبة لا يمكنها أن تقفز على الإرادة الأمريكية، خصوصاً وأن ملف اغتيال جمال خاشقجي في قنصلية الرياض في اسطنبول، لا يزال مفتوحاً.

مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، عبد الله بن يحيى المعلمي، لم يغلق الباب في تصريح صحافي، في وجه إمكانية إعادة بلاده فتح سفارتها بدمشق على غرار الإمارات. لكنه تدارك الأمر بالتأكيد أنه لا توجد حالياً أي نية لدى الرياض لاتخاذ خطوة مشابهة لما فعلته دولة الإمارات بإعادة فتح سفارتها بدمشق، موضحاً أن الوقت لم يحن بعد.

وأضاف أن “العلاقات السعودية السورية يمكن أن تعود ببساطة في أي يوم وأي لحظة؛ إذا انتهت الأزمة السورية وتم التوافق بين الشعب السوري على التوجهات المستقبلية في البلاد” مشيراً إلى أن “سوريا لا بد أن تعود يوماً إلى جامعة الدول العربية وهذا بحاجة لعدة خطوات” وفق تعبيره.

تحول الموقف السعودي حول الملف السوري، تزامن مع وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحكم في المملكة، ومن لحظتها تغيرت لهجة السعودية بشأن الرئيس السوري بشار الأسد ومصيره.

وبدا ذلك في جليا آب/اغسطس 2017 حيث دار الجدل حول ما إذا كانت المملكة مارست ضغطا على المعارضة أثناء اجتماعها مع وزير الخارجية السابق عادل الجبير الذي طلب – حسب تسريبات المعارضة – التنازل عن الثوابت الأساسية المتعلقة بضرورة رحيل الأسد قبل أي عملية انتقالية.

وهو ما يتناقض والتصريحات السعودية السابقة ونبرة الرياض الحادة، والتي أكدت مرارا وتكرارا في وقت سابق بأنه لا مكان للأسد في سوريا.

التردد السعودي حيال نظام الأسد، لم يثن أبو ظبي التي تريد الذهاب بعيداً في خطتها الرامية لإنقاذ الأسد، وتراهن عليه، خدمة لأجندتها وبحثاً عن موطئ قدم في المنطقة الملغومة، ولتكون دوماً نداً لأنقرة.

وتفتش الإمارات بعد تصاعد لهجة واشنطن مع سريان قانون قيصر، عن أي ثغرة من شأنها الولوج من خلالها، وتفادي أي حرج أو عتب من الإدارة الأمريكية. وتقوم استراتيجيتها أساساً على تطويع “القانون الجديد” والتأكيد على الفرق بين الشركات التي لها أنشطة عسكرية، وتلك المتخصصة في أعمال البناء والهندسة المدنية أو التكنولوجيا.

هذه المحاولات تأتي على خلفية تزايد وتيرة زيارة وفود وممثلي شركات المقاولات الإماراتية دمشق، منذ أغسطس/آب 2019.

ونشر عدد من المراكز البحثية المتابعة للشأن السوري، تقارير عن النشاط الإماراتي في سوريا.

وتشير المتابعات إلى أنه وقبل بضعة أشهر من إعادة فتح أبو ظبي بعثتها الدبلوماسية في دمشق قبل عام، زار مسؤولون إماراتيون سوريا عدة مرات لمناقشة دور بلادهم في الاستثمار في إعادة الإعمار بعد الحرب. وبطبيعة الحال، تريد روسيا أن تستخدم دول الخليج العربية الغنية مواردها المالية الكبيرة لتمويل عملية إعادة الإعمار، لأن الروس يفتقرون إلى الموارد اللازمة لفعل ذلك بمفردهم، الأمر الذي يقود إلى أهمية تعزيز الشراكة بين أبو ظبي وموسكو.

وتراهن الإمارات على إعادة الإعمار والمصالح المالية في خطواتها المقبلة، ومحاولات الالتفاف على القانون الذي تراهن عليه واشنطن في تضييق الخناق على نظام الأسد، وحلفائه، وتحديداً إيران. وتتطلع الإمارات إلى جانب الصين وغيرها من الدول، إلى مثل هذه الفرص. وتحاول أبو ظبي استخدام قوتها الاستثمارية في مجال إعادة الإعمار لجذب سوريا بعيداً عن تركيا وإيران.

هذه الخطوات أثارت حفيظة وزارة الخارجية الأمريكية، التي عبرت عن علمها بزيارة وفود اقتصادية لدمشق في تغريدات صدرت من حساب تويتر الخاص بموقع السفارة الأمريكية في سوريا.

وتسوق اللوبيات الإماراتية في واشنطن أن هدف تحركاتها في سوريا، مبعثه تشييد سد في وجه روسيا، وإيران، ومناكفتها، طالما أنها حليف موثوق للولايات المتحدة.

وحسب تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي، فإنه عند “التأمل في المصالح الإماراتية التي دفعت أبو ظبي إلى إعادة دعم حكومة الأسد بهذا الوضوح، فثمة العديد من العوامل التي يجب أخذها في الحسبان”. وشدد المصدر على أن الإمارات مقارنة بالسعودية وقطر على الأقل، لم تكن أبداً متمسكة بالإطاحة بالنظام البعثي في سوريا. وباعتبارها دولة مجلس التعاون الخليجي الأكثر عداءً لجماعة الإخوان المسلمين وقوتها الإقليمية، أدرك المسؤولون في أبو ظبي رغم كل خلافاتهم مع حكومة الأسد حول مجموعة من الملفات (إيران، وحزب الله اللبناني، إلخ) أن انهيار النظام السوري كان سيفيد على الأرجح جماعة الإخوان المسلمين السورية.

ووفقاً لتقارير إعلامية تركية، نسقت الإمارات مع دمشق لمساعدة جيش الأسد لقتل بعض قادة الجماعات المناهضة للنظام في الفترة بين عاميّ 2012 و2014 مثل زهران علوش وحسان عبود وأبو خالد السوري، وعبدالقادر صالح. وفضلاً عن ذلك، طوال الحرب الأهلية السورية، لم يكن سراً أن الإماراتيين تركوا أبوابهم مفتوحة لرجال الأعمال السوريين الأثرياء المرتبطين بالنظام وأفراد عائلة الأسد.

حامي الثورات المضادة

توجه للسلطات الإماراتية منذ بداية الربيع العربي، أصابع الاتهام، لكونها تعمل على وأد التجارب الديمقراطية في المنطقة، وتقف في وجه تطلعات الشعوب المطالبة بالحرية.

وحتى الآن تنظر أبو ظبي إلى نظام الأسد على أنه أحد الناجين منه. وبعد أن شهد المسؤولون الإماراتيون سقوط الحكومات المتحالفة معهم في تونس والقاهرة عام 2011 خلال موجة الانتفاضات الشعبية التي أدت إلى صعود الأحزاب الإسلامية المحلية إلى السلطة، أصبحوا لا يرغبون في رؤية نظام إسلامي سني يسيطر على دمشق. وحالياً، في فترة ما بعد الربيع العربي، تروج الإمارات لنموذج “الاستقرار السلطوي” المناهض للإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، وأكدت دعمها للجنرالات المستبدين “العلمانيين” في القاهرة وشرق ليبيا، حسب ما يرى الموقع الأمريكي.

وتروج أبو ظبي في واشنطن عبر قنواتها غير الرسمية، أن خطواتها في دعم شرعية نظام الأسد، تحت شعار مكافحة “الإرهاب” و”التطرف” وهي تدغدغ بذلك مشاعر التيار اليميني في البيت الأبيض.

عقدة تركيا

الانغماس الإماراتي في مستنقع الأزمة السورية، تدفعه عدد من المحددات الأساسية، إضافة إلى عامل محاربة التيارات الإسلامية، يأتي منها الدور التركي، الذي تحول لمتلازمة للسياسة الخارجية الإماراتية.

ويهمس المسؤولون الإماراتيون المقربون من دوائر صنع القرار في البيت الأبيض في آذان نظرائهم الأمريكيين، أن “السياسة الخارجية الطموحة لتركيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل تهديداً خطيراً لا لمصالح الإمارات فحسب، بل لمصالح الولايات المتحدة أيضاً”.

وتراهن أبو ظبي على دعم علني وسري لنظام الأسد، وتعتبره خطوة من الضروري أن تتخذها الدول العربية لمواجهة هذا “التهديد” المفترض.

ويتباحث ساسة أبو ظبي تزامناً مع تفعيل قانون قيصر الأمريكي، في البدائل المتاحة للالتفاف عليه، من دون إغاظة واشنطن ولا رئيسها الذي يخطط لإبعاد الأنظار عن الضغوط الداخلية التي يواجهها وتنسف خططه للظفر بولاية ثانية.

ولا تزال الإمارات تحلم باليوم الذي تجرى فيه لقاءات رسمية بين بشار الأسد محمد بن سلمان في العاصمة السورية دمشق، لمناقشة خطط إعادة الإعمار، وتحقيق انتصار وهمي يراود أذهان الإماراتيين منذ فترة.

لكن المجريات الميدانية، تؤكد جميعاً أن الأحلام الإماراتية ستظل بعيدة المنال، وتزيد من متاعب ولي عهد أبو ظبي الذي احترقت كل أوراقه في المنطقة، مع احتمال أن تكون المغامرة السورية الأخيرة، في سلسلة الإخفاقات التي تكبدها في كل مكان.

اقتباس

الإماراتيون تركوا أبوابهم مفتوحة للأثرياء المرتبطين بنظام وعائلة الأسد

—————————-

هل سينقذ الكرملين الاقتصاد السوري من تداعيات قانون قيصر؟/ فالح الحمراني

على خلفية اقتراب دخول العقوبات الأمريكية على سوريا المسماة بـ”قانون قيصر” حيز التطبيق، ومؤشرات تداعياتها، حتى قبل أن تكون سارية المفعول على اقتصاد البلاد، عرضت روسيا على واشنطن الدخول في حوار موضوعي حول الأزمة السورية، ولمحت إلى مخاطر الإرهاب التي ما زالت قائمة واحتمالات تهديدها للغرب. ومن المرتقب أن تطال العقوبات مصالح الدول التي تتعاون مع سوريا، وترتبط بها بعلاقات اقتصادية، وستكون من بينها روسيا، فضلا عن إيران ولبنان.

ولفت تقرير لمؤسسة “باري” الإخبارية أن سوريا الحليف الرئيسي لروسيا في الشرق الأوسط، تشهد أزمة عملة. منوها بأنه حتى الشركات الروسية بدأت بسبب العقوبات ترفض الصفقات في سوريا. وانخفضت تدفقات العملات الأجنبية إلى البلاد بشكل حاد في أوائل حزيران/يونيو. والمشكلة الهامة في سوريا، كما يرى التقرير، هي استيراد الحاجات الأساسية. فسوريا تستورد حتى الأرز والمعكرونة والعدس. وتأمل الولايات المتحدة في أن تتسبب الأزمة الاقتصادية في اضطرابات اجتماعية وبالتالي رحيل بشار الأسد. ومن غير المرجح أن تساعد الدول العربية والإسلامية سوريا. فتركيا والمملكة العربية السعودية ضمن أعداء الحكومة السورية الحالية. وأضاف التقرير: يبقى الكرملين، لا أحد يعرف ما هو القرار الذي سيتخذه فلاديمير بوتين.

ووفقا لنائب وزير خارجية الاتحاد الروسي سيرجي ريابكوف أثناء مناقشة نظمها “مجلس الشؤون الخارجية” عبر الإنترنت في التاسع من الشهر الجاري بصدد العلاقات الروسية ـ الأمريكية، فإن روسيا تجري حوارا مهنيا ومكثفا مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، ويتم من خلال القنوات العسكرية تشغيل آلية حل النزاعات، وهذه تجربة جيدة جدا لروسيا، ويمكن استخدامها لاحقا في حالات أخرى. وقال ريابكوف: “نؤكد من جديد اهتمامنا بتحسين الاتفاقية الثنائية مع الولايات المتحدة بشأن منع الأنشطة العسكرية واتفاق تجنب الحوادث العسكرية الخطيرة، وسيكون من المفيد أيضا استخدام التجربة السورية”. وعلق الدبلوماسي على العلاقات الحالية بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا، وأبدى استعداده للحوار، قائلا: “سنبذل قصارى جهدنا لضمان فهم الولايات المتحدة بشكل صحيح لماذا وماذا نفعل هناك”. مؤكدا “سوف نوسع الحوار مع الولايات المتحدة إذا ردت بالمثل، وإذا أرادت ذلك. من جانبنا نحن مستعدون لذلك”. وسيتم عرض مبادرة الحوار في الأيام المقبلة، قبل دخول العقوبات الجديدة على سوريا حيز التنفيذ.

وعلى حد تقييم وكالة أنباء “نوفوستي” الرسمية فإن الوضع الاقتصادي في سوريا أصبح معقدا بشكل حاد مع اقتراب العقوبات الأمريكية الجديدة الذي يؤثر على جميع مجالات الاقتصاد السوري تقريبا. وستنطبق العقوبات أيضا على الشركات والأفراد الأجانب الذين يتعاونون مع الحكومة السورية. وهناك العديد من الشركات والمشاريع الروسية التي ستشملها العقوبات.

ولا تستبعد بعض التقارير أن تكون روسيا قد اتخذت تدابير لدعم الليرة السورية التي أظهرت مؤخرا انخفاضا سريعا بسبب حزمة العقوبات الأمريكية الجديدة، التي وصفتها الحكومة السورية بأنها حرب اقتصادية. ومن المحتمل أن تضطر موسكو إلى إعادة تنسيق تفاعلها مع دمشق ومساعدتها على تجنب المخاطر.

ولفت المحللون الانتباه إلى أن العملة السورية، بعد انخفاض حاد تمكنت قليلا من التعافي، وارتفعت الليرة بنسبة 20 في المئة تقريبًا مقابل الدولار. ودفعهم ذلك إلى الذهاب بأن الجانب الروسي استخدم أدوات لتحقيق الاستقرار، على سبيل المثال، ضخ العملة الصعبة في البنك المركزي السوري. وإذا صح هذا فإن موسكو تحاول إعادة النظر في سياستها بموجب “قانون قيصر” والذي على الرغم من أنه لم يدخل حيز التنفيذ، فقد أصبح بالفعل أحد العوامل في انخفاض قيمة الليرة الحالي إلى جانب إجراءات المضاربة من قبل الصيارفة المحليين. وضمن هذا السياق ربطت بعض التقارير قرار إقالة الرئيس بشار الأسد عماد محمد خميس من منصبه كرئيس لمجلس الوزراء الخميس 11 حزيران/يونيو الجاري. وذكرت بوابة “نيوز. رو” الإخبارية أن القانون ينص على عقوبات ضد القوات السورية وغيرها من المسؤولين المتورطين وفقا للرؤية الأمريكية بارتكاب فظائع خلال الحرب الأهلية السورية، فضلا عن تمويل التحقيقات والملاحقات القضائية في جرائم الحرب. ويفرض أيضا عقوبات على أولئك الذين يدعمون “الجهود العسكرية لنظام الأسد” في الحرب، ويخول وزير الخارجية الأمريكي دعم منظمات جمع الأدلة بشأن أولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب في سوريا. والعقوبات الجديدة تسمح أيضا بمقاضاة الشركات الأجنبية إذا اتضح أنها تدعم القمع. وتقف روسيا في صف الدول التي تدعم الأسد عسكريا. ويعتقد الخبراء أن اعتماد القانون يمنح الولايات المتحدة طريقة أخرى لمعاقبة بشار الأسد وحلفائه.

وذكروا أيضا بأن مشروع القانون سيدفع سوريا وروسيا للتوقف عن استخدام المجال الجوي لضرب المدنيين، وتوفير ضمانات وصول البعثات الإنسانية إلى المناطق “المحاصرة من قبل الحكومة السورية” والإفراج عن السجناء السياسيين وضمان التحقيق في الجرائم في هذه المنطقة.

والأكثر إثارة للاهتمام في مشروع القانون كما يراه محللون روس هي التدابير ضد الدول، حيث يعاقب قانون قيصر التعاون مع نظام الأسد في عدد من المجالات، وليس فقط المشاركة في العمليات العسكرية، ولكن أيضا في سياقات أخرى. لذا فإن الدول والمنظمات الأجنبية مهددة بالعقوبات للمشاركة في إعمار البنية التحتية في سوريا.

ويزعم أن تشديد العقوبات سيحرم نظام الأسد من الأموال، بما في ذلك من المستثمرين الأجانب، ولن يسمح له بالاستفادة من مشاريع البناء. بالإضافة إلى ذلك فإن استعادة المرافق الاجتماعية والحياة السلمية في المناطق المحررة عامل مهم في نتائج الصراع السياسي.

وكتبت صحيفة “روسيسكايا غازيتا”: أن القانون الموجه للحماية المدنية لعام 2019 المعروف باسم قانون قيصر، والذي سيدخل حيز التنفيذ في 17 حزيران/يونيو، وفقًا للوثيقة، التي تلقت دعمًا من الحزبين في الكونغرس الأمريكي، فإن العقوبات لن تنطبق فقط على الحكومة السورية والجيش السوري، وحسب ولكن أيضا على أي دولة تدعم النظام السوري”. ووضع هذا القانون لبنان في موقف صعب.

وترى الصحيفة ان الإجراءات التي ينص عليها قانون قيصر، بفرض القيود على الأطراف المتعاونة مع النظام السوري أثارت قلقا شديدا لدى لبنان، الذي يحتاج حاليًا إلى مساعدة جادة من صندوق النقد الدولي. وأضافت: سيجبر قانون قيصر بيروت على تنفيذ سلسلة من الإصلاحات لتحسين النظام الأمني ​​على الحدود مع سوريا.

اقتباس

بعض الشركات الروسية بدأت ترفض الصفقات في سوريا

—————–

السوريون يترقبون “ساعة الصفر” الأمريكية وتكاليف الحياة تزداد قساوة/ كامل صقر

دمشق-“القدس العربي”: يسيطر قانون العقوبات الأمريكية “قيصر” على مُجمل النقاشات داخل سوريا، في الشارع وأحاديث الناس، في الوسط الإعلامي، بين الاقتصاديين والأكاديميين وحتى داخل الأجهزة الرسمية للحكومة السورية.

يسأل الجميع بعضهم البعض ويسألون أنفسهم سؤالاً جوهرياً: ما الحل لمواجهة قيصر؟

النقاشات أيضاً في سوريا تطال البحث في دور الحليفين الروسي والإيراني في كبح آثار القانون على الاقتصاد السوري المنهك أصلاً، وماذا يستطيع الحلفاء فعله في هذا الشأن.

وبينما كان السوريون يقلّبون احتمالات “قيصر” ونتائجه المرتقبة، جاءهم تصريح من السفير الروسي والمبعوث الخاص للرئيس بوتين في دمشق ألكسندر يفيموف يقول فيه أن بلاده تعتزم ألا تتخلى عن نهجها المبدئي من أجل دعم الشعب السوري. وأن روسيا لن تترك سوريا في هذه الأيام العصيبة.

وانتشر تصريح المسؤول الروسي على حسابات وصفحات التواصل الاجتماعي في سوريا بسرعة كبيرة وسط سؤال عما إذا كان يفيموف يقصد في عدم التخلي عن سوريا تقديم الدعم الاقتصادي الذي سيُنقذ الموقف أم أن عدم التخلي يشمل الشأن السياسي والميداني فقط؟

الزيادات الحاصلة في أسعار مختلف المواد الغذائية والاستهلاكية والخدمية والتي بلغت 200 في المئة خلال الأيام الماضية، تبدو صادمة بالنسبة للسوريين بسبب فداحتها وثقلها الذي لا تحتمله جيوبهم. معظم السوريين يربطون تلك الزيادات الهائلة في الأسعار بقانون “قيصر” وقرب تطبيقه على الأرض والذي تسبب بانخفاض قيمة الليرة أمام الدولار خلال أسبوع واحد بنسبة تزيد عن مئة في المئة.

إعادة هيكلة الأولويات الحياتية والمعيشية صارت السلوك الأميز بين السوريين، والواضح أن انزياحات وتغييرات كبيرة حصلت في أنماط معيشة السوريين خلال عدة أيام فقط وهي الأيام التي شهدت ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة من 1400 إلى 3000. وهو ارتفاع خطير للغاية بدأ يترك انعكاساته في الأسواق والخدمات وكل أشكال الحياة السورية.

وزير المالية السوري مأمون حمدان قال في آخر تصريح له، أن سبب ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة بجزء كبير منه ليس اقتصادياً، لأن حجم الإنفاق لم يزد بل تم تخفيضه، وكذلك حجم المستوردات، قلّ ولم يزد. واعتبر حمدان أن سبب الارتفاع يعود إلى التلاعب في سعر الصرف، وحالة الهلع لدى المواطنين، والعامل النفسي الذي يعمل عليه المروّجون، ما يدفع المواطنين إلى البحث عن شراء القطع الأجنبي أو الذهب أو العقارات للحفاظ على مدخراتهم.

لكنه قال إن “الحكومة لن تبقى متفرجة بأي شكل من الأشكال”. موضحاً أن الحكومة لم تتدخل حتى الآن بطرح الدولار في الأسواق. لكن ثمة أسئلة في أوساط المراقبين للشأن الاقتصادي حول ما إذا كانت السلطات السورية تملك القدرة والكمية الكافية من الدولار لضخه في السوق وتخفيض سعره.

أسعار المواد الغذائية داخل سوريا حالها حال أسعار النفط العالمية تتقلب صعوداً وهبوطاً مع ارتفاع أو انخفاض سعر صرف الدولار، يُمسي السوريون على قائمة أسعار لمواد أساسية كاللحوم والدجاج والزيوت والبيض والأرز وغيرها من المواد، ويصبحون على أسعار أخرى مفاجِئة. هذا الأمر أربك الأسواق والأسرة السورية في إمكانية التخطيط المعيشي وتدبُّر أمورها وحاجاتها اليومية.

عامة السوريين وان كانوا يجهلون اللائحة التنفيذية لقانون العقوبات الأمريكية “قيصر” إلا أنهم يتخوفون كثيراً من موعد البدء بتطبيقه بعد أيام قليلة وما الذي سيحصل بعد تطبيقه وكيف سيُصبح حال الأسواق، وهل ستفقد الأسواق جزءاً من المواد المستوردة بسبب القانون، هل ستخلو الأسواق من مواد ضرورية تأتي من الخارج، ما هي البدائل والاحتمالات؟

بشكل مفاجئ أعفى الأسد رئيس الحكومة عماد خميس وكلف الوزير أحمد عرنوس ليقوم بمهامه ريثما يحصل تغيير حكومي في البلاد بعد شهرين. رئيس الحكومة الجديد الذي يشغل أيضاً منصب وزير الموارد المائية ذهب نحو محاصرة التهريب وقطع معابره على اعتبار انه يستنزف الكثير من القطع الأجنبي.

في الشارع السوري الآن، ثمة مطالبات بإعادة ضخ السيولة في الأسواق عبر مِنَح مالية تقدم للموظفين لثلاثة أشهر أو أكثر، مع إغلاق تام لمنافذ التهريب، وكذلك إعادة العمل بنظام البونات التي كانت توزع شهرياُ على كل أسرة سورية لشراء المواد الأساسية بأسعار رمزية.

ثمة مَن يقترح أن تقوم المصارف العامة بتقديم قروض معفاة من الفوائد لمدة سنة للمشاريع الصغيرة، بضمانات عقارية، بدلاً من تجميد مئات الملايين من العملة السورية التي تخسر يومياً قيمتها.

إضافة إلى مطالبة السلطات المالية بوضع تسعيرة منطقية وواقعية لسعر صرف الحوالات الدولارية القادمة من الخارج والتي يُرسلها السوريون المقيمون في الخارج لأسرهم وأهاليهم.

—————————–

قانون قيصر” محاولة أخيرة من واشنطن لخنق النظام السوري وتحقيق تحولات سياسية/ رائد صالحة

واشنطن-“القدس العربي”: يتفق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأعضاء الكونغرس، في مشهد نادر، على شيء واحد يتعلق بالشأن السوري، وهو الحرص على تنفيذ قانون قيصر لحماية المدنيين، الذي يعاقب أي شخص يدعم قطاعات الجيش والطاقة والهندسة السورية ما لم تقم دمشق بسلسلة من الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان، ومعاقبة البنك السوري المركزي، الذي وصفته واشنطن بأنه “مصدر قلق رئيسي لغسل الأموال”.

ومن المتوقع، خلال أيام، أن تعلن وزارة الخزانة الأمريكية عن الشريحة الأولى من العقوبات المرتبطة بالقانون، وهو التشريع الأكثر توسعاً حتى الآن في حملة خانقة بالفعل للعقوبات الأمريكية التي تستهدف النظام السوري.

وتبدو طموحات القانون مغرية تماماً في واشنطن، حيث اقترح صناع السياسة تصعيد الضغط الاقتصادي على نظام الأسد بطرق من شأنها معاقبة مجرمي الحرب وتحقيق التنازلات السياسية والمساعدة في تحقيق انتقال سياسي طال انتظاره.

وأوضح العديد من المحللين الأمريكيين أن الإطار السياسي لقانون قيصر يبدو واضحاً، وأشاروا إلى أن القانون ليس معقداً، حيث تراكمت العقوبات الأمريكية على سوريا منذ عام 1979 وتسارعت بشكل كبير مع بداية الثورة السورية والحملة القمعية التي تلت ذلك في عام 2011 وضمن هذه السلسلة تكمن حداثة القانون في نطاقه الواسع.

وأضافوا أن التدابير السابقة استهدفت مزيجاً من الجهات الفاعلة الفردية وقطاعات مختارة، في حين يتعهد قانون قيصر، على النقيض من ذلك، بفرض ما يسمى بالعقوبات الثانوية على الشركات من مختلف الجنسيات، التي تتعامل مع الجهات الخاضعة للعقوبات في قطاعات متعددة من الاقتصاد السوري، خاصة في قطاعات البناء والطاقة، وهكذا يهدف المشروع إلى تعميق عزلة دمشق عن طريق ردع الاستثمار من قبل أي شركة من بيروت إلى دبي إلى بكين.

وأصر مؤيديو القانون على أن العقوبات الجديدة ستمنح صناع السياسات في واشنطن شكلاً، يحتاجونه بشدة، من أشكال النفوذ، حيث لا يمتلكون سوى القليل، في حين قال بعض النقاد إن أنصار العقوبات يبالغون بالفعل في تقدير قوتها كأداة سياسية، بينما يتم تجاهل تأثير العقوبات على المدنيين.

وتتردد، أيضاً، أسئلة في واشنطن بشأن قدرة العقوبات على تغيير سلوك الأسد، وهناك توقعات متشائمة في أن القانون سيدفع الاقتصاد السوري المدمر إلى عمق البؤس، ولكن هناك اتفاقا على أن القانون سيمنع النظام السوري من تحقيق أي نوع من أشكال التعافي الاقتصادي، مع إشارات إلى ضرورة وضع آليات عالمية للرصد والتطبيق تتجاوز تلك المطلوبة في التدابير السابقة.

وأوضح خبراء أن القوة الحقيقية لقانون قيصر تكمن في أن تداعياته ستظهر على المدى الطويل وليست بشكل مباشر، وتعني فقرة “الغروب” في القانون أنه سيبقى صالحاً لمدة 5 سنوات، وربما لفترة أطول، ويمكن للرئيس الأمريكي أن يوقف تنفيذ القانون إذا استجاب النظام لسبعة معايير، من بينها الإفراج عن المعتقلين السياسيين، واتخاذ خطوات يمكن التحقق منها لتثبيت مساءلة ذات مغزى.

وحرص الكونغرس الأمريكي في المجلسين من الحزبين الديمقرطي والجمهوري على إظهار إجماع بشأن تشديد العقوبات الأمريكية، حيث جددت مجموعة من المشرعين الدعوة لإدارة ترامب لتطبيق حزمة عقوبات صارمة على نظام الأسد.

وتعاون رؤساء وأعضاء لجان العلاقات الخارجية في كلا المجلسين على إصدار بيان في هذا الشأن قبل الموعد النهائي في 17 حزيران/يونيو لإصدار العقوبات بموجب قانون حماية المدنيين، الذي أصبح قانوناً في كانون الأول/ديسمبر 2019 وكان من بين الموقعين النائب إليوت إنجل والسيناتور جيمس ريش وبوب مينيندز.

وأكد المشرعون في البيان على أنه يجب على الإدارة أن تنخرط في تطبيق صارم ومستدام لقانون قيصر من أجل إرسال رسالة إلى النظام وعناصره مفادها أن الأسد لا يزال منبوذاً، وأضافوا: “لن يستعيد مكانته كرئيس شرعي، يجب على النظام ومن يرعاه أن يوقفوا ذبح الأبرياء وأن يمدوا للشعب السوري طريقاً نحو المصالحة والاستقرار والحرية”.

وظهرت تأكيدات في العاصمة الأمريكية بإن الإدارة تسير في الطريق الصحيح للوفاء بالموعد النهائي، وأن البنك المركزي السوري سيحكم عليه أن يكون مؤسسة مالية ذات أهمية أساسية في غسيل الأموال.

وردد العديد من المشرعين الأمريكيين شهادة المصور “قيصر” أمام لجنة العلاقات الخارجية في وقت سابق من العام الجاري، حيث قال إن القانون هو “شعاع الأمل الأخير للشعب السوري في غياب أي حل سياسي أو إنساني”.

ويعاقب قانون قيصر الأجانب الداعمين للنظام السوري من أشخاص وشركات ودول اقتصادياً وعسكرياً ومعلوماتيا، ويفرض القانون، الذي يدوم لمدة خمسة أعوام، عقوبات على البنك المركزي السوري، في حال احتمال ما وصفته الإدارة الأمريكية بأنه “مصدر قلق رئيسي لغسل الأموال” كما يعاقب منتهكي حقوق الإنسان والمتواطئين معهم، وينص على مساعدة الشعب السوري، ويبحث في سبل حمايته، ويدعم جميع الأدلة والتحقيق لمحاسبة مجرمي الحرب، وهو يربط رفع العقوبات بالتزام النظام السوري بحقوق الإنسان وإيقاف الانتهاكات والإفراج عن المعتقلين.

وعلى الرغم من الحماس الأمريكي لتنفيذ قانون قيصر، إلا أن بعض المخاوف ظهرت في واشنطن بشأن تداعيات القانون على المدنيين، حيث أكد خبراء على أن “جهود إحياء التعليم والإسكان والمستشفيات ستشل بشكل كامل تقريباً” وقالوا إن القانون سيخيف الاستثمار الصيني والروسي والاستثمارات المقبلة من بعض دول الخليج في البلد الذي مزقته الحرب.

وأشار العديد من المحللين إلى أن تطبيق جزء صغير من القانون قد يؤدي إلى تدمير كامل للاقتصاد السوري، حيث يتجاوز الأمر إعادة الإعمار ليصل إلى قضايا فرعية. وعلى سبيل المثال كان للعقوبات ضد إيران تأثير مدمر على إمدادات الوقود في العام الماضي.

وامتدح صانعو السياسات القانون باعتباره خطوة نحو المساءلة عن جرائم نظام الأسد، ولكن هناك اعتقادا بأنه، بدون ضمانات قوية وسياسة أمريكية متماسكة، فإن القانون قد يؤذي المدنيين، الذين يهدف لحمايتهم بينما يفشل في التأثير على النظام نفسه.

وأوضح محللون أن الولايات المتحدة تعتقد بأن تقديم الأموال إلى مشاريع إعادة الإعمار في المناطق التي يسيطر عليها الأسد، ستعني إعادة البناء في ممتلكات أولئك الذين هاجروا للدول الأوروبية، وهذا يعني تدميرها نهائياً، كما أنها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى نوع من التطهير العرقي.

وأعرب صانعو السياسة في واشنطن عن أملهم في أن يزيد قانون قيصر من معاناة البلاد بطرق قد تخلق تشققات داخل النخبة الحاكمة أو تزيد من الضغط الروسي على دمشق للإصلاح، على أمل جذب دولارات المساعدات الغربية، في حين أشار بعض الخبراء إلى أن موسكو غير قادرة على استخراج تنازلات ذات معنى من عميلها في دمشق، ولا يوجد سبب مقنع يدعو للقول إن هذا النمط سيتغير.

والعقوبات، هي المصدر الرئيسي لنفوذ واشنطن في سوريا، ولكنها، حسب ما قال العديد من الباحثين، لن تكون رافعة مفيدة إلا إذا اقترنت باستراتيجية شاملة وواضحة وواقعية، ولكن واشنطن ما زالت تتحدث بلغة أهداف غير محددة وغير قابلة للتصديق، من تأمين انتقال سياسي إلى طرد القوات الإيرانية، وعلى أي حال، تداعيات القانون لا تزال غامضة، ولكن الكثير من المدنيين يعتقدون أن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ ولا يرون أي أمل في أي تغيير للأفضل.

————————————-

مواجهة لبنان لقانون قيصر وصفة انتحار جماعي والجوع ينتظر/ رلى موفّق

بيروت-“القدس العربي”:يروي أحد اللصيقين بـ”حزب الله” أن الحزب أبلغ الفرنسيين بأنه إذا تمّت محاصرته كلياً من قبل الأمريكيين في لبنان، فإنه سيقلب الطاولة. قطع الشريان الحيوي بين لبنان وسوريا هو أحد أدوات الإطباق الأمريكي عليه الذي سيدخل في 17 حزيران/يونيو الجاري مرحلة متقدمة مع بدء تنفيذ “قانون قيصر”. باتت الساحة اللبنانية مسرح مواجهة مباشرة ومُعلنة ومفتوحة بين واشنطن وذراع إيران العسكرية الأقوى في المنطقة.

سوريا خط الإمداد العسكري لـ”الحزب” ولبنان رئتها الاقتصادية في ظل العقوبات المفروضة عليها. هذه المعادلة ما عادت ثابتة اليوم، واهتزازها لن يُصيب خط الإمداد، فالمعابر “الاستراتيجية” التي يعرفها الأمريكيون والإسرائيليون جيداً ستبقى مفتوحة، وسيستمر “حزب الله” حتى إشعار آخر-بتمرير السلاح تحت نظر ما تلتقطه الأقمار الاصطناعية وطائرات الاستطلاع المتعددة الاتجاهات، ووفق قواعد الاشتباك بينه وبين إسرائيل. الأمر يتعلق بالشريان الاقتصادي الذي يُشكّله لبنان لنظام بشار الأسد. فرغم كل التحذيرات الأمريكية للقطاع المصرفي اللبناني والعقوبات التي فرضتها واشنطن على كيانات وأفراد من “حزب الله” ونظام الأسد الذين يشكّلون المنفذ لسوريا، بقيت بيروت تُشكّل منصّة التعامل بالعملات الأجنبية وفتح الاعتمادات لشراء المواد الأساسية، ولا سيما القمح بديلاً عن دمشق.

ومع تزايد سيطرة “حزب الله” على مفاصل الدولة اللبنانية، كان الحصار المالي والاقتصادي على البلاد يزداد هو الآخر، إلى أن أضحى الدولار عملة نادرة في “سويسرا الشرق” التي شكّل نظامها الاقتصادي الحر ومصارفها ومؤسساتها التعليمية والطبية وانفتاحها علامة فارقة في محيطها العربي.

ما أن شحّ الدولار الأمريكي في سوق بيروت حتى تراجعت قيمة العملة اللبنانية ومعها قيمة العملة السورية، وكرَّت سُبحة انهيار العملتين. كان الرهان دائماً لدى السياسيين أنه ليس من مصلحة العرب والغرب التخلي عن لبنان وتركه للانهيار الاقتصادي-المالي، نظراً للتداعيات التي قد تترتّب أمنياً من الفوضى مع وجود ما يزيد على مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية، والحاجة إلى توفير المناخات الإيجابية لضمان أمن القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان المنتشرة على الحدود مع إسرائيل، والرغبة في إبقاء الساحة اللبنانية بعيدة عن حرائق المنطقة. لكن هذا الرهان ما عاد يستقيم. فلن تكون هناك من مظلة عربية ودولية على لبنان قبل الخروج من عباءة إيران إلى موقع “النأي بالنفس” وسيطرة الدولة على مقدراتها، وضبط المرافئ البرية والجوية والبحرية، ووقف مزاريب الفساد والقيام بإصلاحات مالية وإدارية وقضائية. وسُلّم المفتاح إلى صندوق النقد الدولي، حيث لا سبيل إلى الالتفاف والتذاكي والابتزاز.

بعد مطرقة الصندوق، جاء سندان “قانون قيصر”. أيام قليلة ويدخل حيّز التنفيذ. بعد السابع عشر من حزيران/يونيو لن يكون كما قبله بالنسبة للبنان وسوريا. سيُقطع حبل السرّة بين لبنان الرسمي بكل رئاساته ومؤسساته الدستورية، التي يُديرها “حزب الله” من الخلف، وبين النظام السوري. وإذا أراد الأمين العام لـ”الحزب” السيد حسن نصرالله أن يُلحقه بسوريا، فهو يعلم أن مصيره سيكون شبيهاً لمصير سوريا، وما عاد هناك أصلاً من مقوّمات كثيرة لدى لبنان لمد النظام السوري.

في الأيام الماضية، شهد الوسط التجاري ارتدادات “قانون قيصر”. تحوّل إلى صندوق بريد. جرى إحراق قلب بيروت علّ قلب واشنطن يلين. سبق ذلك انقلاب على النظام المالي نفذته حكومة حسان دياب عكسته التعيينات في مصرف لبنان، التي هيمن عليها اللون السياسي لـ”محور إيران” وجرى استبعاد “رجل واشنطن” محمد بعاصيري منها، في رسالة تحدٍ مباشرة للأمريكيين. وبعده، تمت محاصرة حاكم المصرف رياض سلامة والتهويل عليه بسلاح الإقالة لإجباره على ضخ الدولار في السوق، بعد تلاعب مدروس بسعر الصرف رفع الدولار الواحد إعلامياً وافتراضياً إلى 7 آلاف ليرة، وفعلياً إلى ما يزيد عن 5 آلاف، ليتبعها نزول فوضوي إلى الشارع وتخريب وتكسير وإحراق لمصارف ومحلات تجارية في بيروت وطرابلس. في الأولى كانت بصمات جمهور “الثنائي الشيعي” والشيوعيين من حلفاء “الحزب” واضحة وجليّة. وتُرِك الفعل في طرابلس لـ”سرايا المقاومة” وهي مجموعات سنيّة تنخرط تحت لواء “الحزب” في إطار السرايا.

كان سلامة كشف في مؤتمر صحافي عقده قبل أسابيع بعد هجمة عليه، أنه جرى خلال السنوات الخمس استيراد ما قيمته سنوياً 4 مليارات دولار بما يزيد على حاجة لبنان، قاصداً أنه جرى تمويل النظام السوري بـ20 مليار دولار من المواد السيادية، ولا سيما القمح والمشتقات النفطية، وهذا جاء على حساب احتياطي البنك المركزي.

ما عاد سراً أن الدولار الذي يُضخ في السوق يتمّ سحبه من قبل شبكة صيارفة، لا يمكن إلا أن تكون مغطاة سياسياً، إلى سوريا. وجفاف الدولار مع غياب التحويلات الخارجية، وتوقف البنك المركزي عن الضخ، يتطلب من “حزب الله” – عبر حكومته – وضع سلامة أمام خيارين: إما الاستقالة – الإقالة وإما الانصياع لطلب مدّ السوق بالعملة الصعبة. فكان أن تقرَّر أن تبدأ عملية الضخ للجم تدهور الليرة. قيل إن المبلغ سيصل إلى 300 مليون دولار، وسط اقتناع بأنه سيصبّ في نهاية المطاف في خزانة الأسد، على حساب استنزاف ما تبقى من احتياط مصرف لبنان الذي خُصّص لتمويل فاتورة استيراد المواد السيادية من قمح ومحروقات ودواء دون سواها على أساس سعر صرف الدولار الرسمي الذي ما زال يقف عند عتبة الـ1500 ليرة.

عملية الضخ، إن حصلتْ، لن تكون قادرة على الاستمرار على أبواب نفاد الاحتياط النقدي اللبناني. نصر الله لا يتوانى عن تحويل لبنان إلى “غزة ثانية” وهو فعل عملياً ذلك. فالحكومة سترضخ عند كل استحقاق. فما أن وزَّعت وزيرة الدفاع زينة عكر على الوزراء في جلسة حكومية نسخة عن “قانون قيصر” للسير بين أسطره تفادياً لعقوبات قد تطال وزارات تتعامل مع نظيراتها السورية، حتى انهالت عليها الحملات. ذهبت رئاسة الحكومة إلى التبرير بأن مجلس الوزراء لم يدرس القانون بل شكَّل لجنة من اختصاصيين لتحديد مفاعيله على لبنان. ولكنها مهما درست، فإنها أمام احتمالين لا ثالث لهما: إما الامتثال لبنود القانون أو تحمّل تبعات خرقه.

باتت المناورة ضيّقة، والخيارات محدودة. فبموجب “القانون” الذي أقرَّه الكونغرس الأمريكي لحماية المدنيين في سوريا، سيُطلب من الرئيس الأمريكي فرض عقوبات جديدة على الدول التي تدعمها، أو أي شخص أو جهة تتعامل مع الحكومة السورية أو يوفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية، أو المصرف المركزي السوري أو مَن يشارك في مشاريع البناء والهندسة التي تسيطر عليها الحكومة السورية. وهذا يضع لبنان بأكمله تحت سيف قيصر إنْ أراد مواجهة واشنطن أو خرق القانون أو الالتفاف عليه. وما عاد ينفع أصبع نصر الله الذي يرفعه في وجه اللبنانيين بعدما طوّع خصومه وشلَّ قدراتهم، وقرروا الاكتفاء بالجلوس على ضفة النهر بانتظار ما ستُسفر عنه الحرب الأمريكية-الإيرانية الدائرة على الأرض اللبنانية.

—————————

أيام معدودة قبل سيزر: تجويع السوريين بدأ بالفعل

لا يمكن للقوانين والعقوبات الأمريكية القادمة من النصف الآخر للكرة الأرضية أن تصب في صالح الشعب السوري مهما اتسعت قاعدة المبادئ الإنسانية التي تنادي بها وتهدف إليها

إعداد يارا محمد

كنت في البداية كتابة مقال مفصل يحلل ويتتبع حرب الفيديوهات التي شنها “رجل الأعمال” السوري رامي مخلوف ضد ابن خاله، الرئيس السوري بشار الأسد. كان الأخير قد قرر مع أجهزته الأمنية، وبتعليمات ممن يوجهه من جهات خارجية “وداخلية كزوجته أسماء الأسد” وضع يده على استثمارات وشركات مخلوف ونقل إدارتها إلى الحكومة السورية بحجة التهرب الضريبي، وعلى رأسها “سيرياتيل” شركة الاتصالات الأكبر في سوريا. مخلوف تجرأ على ما لم يسبقه إليه أحد، وخرج عبر عدد من الفيديوهات العلنية، لينقل إلى الشعب “بكل التواضع والتباكي والتذلل الممكن” تفاصيل المعركة التي بدأها النظام بتكتمه وسريته المعهودين. في فيديوهاته أكد مخلوف أن شركاته نظامية الأوراق، ولا شأن للضرائب بما يجري، وأنه محض تبلي على مملكة أعماله التي سيؤدي التعدي عليها إلى أذى متعمد للاقتصاد السوري كله.

حمل الحدث في بدايته عناصر المفاجأة من جهة، والتسلية والضحك والشماتة من جهة أخرى، بشخص تسلّى بما يكفي بالاقتصاد السوري خلال العشرين سنة الأخيرة، متضمنة تسع سنوات الحرب. توجب في النهاية العودة إلى الواقع، وتذكر ما لم ننسه، بأن لا مساحة للتسلية مع النظام الحالي، وأن الحرب التي بدت كحرب ثروات بين أبناء الخال امتدت آثارها ليأكلها الشعب في أجنابه. يتزامن هذا الخلاف العائلي على تقاسم الشركات ذات رأس المال الأكبر، مع محاولة البلاد الخروج من الركود الاقتصادي الذي تلا أزمة كورونا، ومع اقتراب دخول قانون سيزر حيز التنفيذ. يجتمع كل هذا، مع استمرار إغلاق الحدود السورية اللبنانية، وتداعيات فوضى الاقتصاد اللبناني على سوريا، لتسجل الليرة السورية في الأسبوع الأخير التدهور الأكبر في تاريخها، وبتسارع مرعب، تجاوز في الأيام الأخيرة إلى 2،700 ليرة مقابل الدولار الأمريكي. لهذا قررت تغيير التوجه من مخلوف لما أكبر منه ومن رئيسه، وهو العقوبات الاقتصادية التي أقرتها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية ضد النظام السوري – وطبعاً اللي رح ياكلها هو الشعب.

قانون على مين؟

تعود بدايات قانون سيزر أو قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين إلى العام 2016. وقع عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهايةً في العام 2019، ليدخل حيز التنفيذ في 17 يونيو الحالي. سيزر أو قيصر هو الاسم الرمزي لمصور عسكري سابق عمل مع الشرطة العسكرية للنظام السوري، كشف في صوره عن جرائم قتل وعمليات تعذيب منظمة أقدمت عليها حكومة نظام الأسد. يدعي هذا القانون الأمريكي بحماية المدنيين السوريين، من خلال فرض عقوبات مشددة تشمل الأشخاص والمؤسّسات التي تعاونت مع النظام في شتّى المجالات، إضافة إلى عقوبات على مصرف سوريا المركزي، وعقوبات تطال قطاع الطاقة في البلاد، إلى جانب إيقاف مساعدات إعادة الإعمار. بعيدًا عن التأثير المباشر لقانون العقوبات، يرى مؤيدوه أنه سيكون المحرك الأكبر للغضب الشعبي داخل سوريا، مما قد يسبب ضغطًا داخليًا إضافيًا على النظام الحاكم قد تقنعه نهاية بالتسليم، خاصة مع اقتراب انتهاء الدورة الرئاسية الحالية، وتزايد الإشاعات حول الغضب الروسي على شخص الرئيس الحالي.

لكن ذلك قد يكون فعالًا في حال كانت السلطة الحالية تلقي بالًا لما يمر به ما تبقى من الشعب السوري اليوم، أو لو أنها لم تكن مفصومةً بالكامل عنه في خططها وتطلعاتها وسياستها. إذ يبدو أن الصمود في وجه الإرهاب – القضية التي نصبها النظام الحالي في وجه العالم من تسع سنوات- كانت غطاءً لتأمين الوقت الكافي لبناء سفينة نوح تحمل على متنها بضعة شخصيات قبل أن يبدأ الطوفان.

أزمات عائلية

لا يمكن للقوانين والعقوبات الأمريكية القادمة من النصف الآخر للكرة الأرضية أن تصب في صالح الشعب السوري، مهما اتسعت قاعدة المبادئ الإنسانية التي تنادي بها وتهدف إليها. هذا ما حفظناه غيبًا منذ وقت طويل ومن تجارب شعوب مختلفة. لم تكن في صالح دول أكبر وأغنى من سوريا، كفنزويلا وإيران وغيرها، وحتمًا لن يكون أثرها أفضل على سوريا التي قضت الحرب على بناها التحتية وصناعاتها الوطنية. لكن ما لم يكن متوقعًا هو أن تنهار الليرة السورية إلى هذا الحد قبل دخول القانون حد التنفيذ حتى، متجاوزةً الـ 2،500 ليرة سورية مقابل الدولار، فيما لم تكن قد تجاوزت الـ 1،000 ليرة سورية مقابل الدولار في نهاية شهر فبراير الماضي وقبل بداية التدابير التي فرضها انتشار فيروس كورونا (47 ليرة سورية مقابل الدولار الأمريكي بداية العام 2011). إلا أن التسارع الغير منطقي في تغير أسعار الصرف كان قد بدأ بالفعل بعد التهديدات المباشرة التي وجهها رامي مخلوف إلى بشار الأسد بانهيار الاقتصاد في حال استمرار التضييق على شركاته في البلاد.

نظريات كثيرة ترفض نسب الأزمة الاقتصادية الحالية بحجمها المهول إلى قرار شخص واحد، بل ترجح أن يكون خلاف النظام مع رامي مخلوف “القريب قرابة الدم” قد جعل أثرياء الحرب يتلمسون رؤوسهم في علاقتهم مع النظام وضماناته لهم في الفترة التي تسبق تنفيذ العقوبات. الأمر الذي دفع المؤثرين الأكبر في الاقتصاد السوري من أصحاب الثروات إلى شراء الدولار بأسعار مضاربة وذات قفزات غير منطقية وغير مبالية. ولكن، مهما تشعبت التحليلات، فالحقيقة أنه ليس باستطاعة أي يكن في الداخل السوري، أن يحرك ساكنًا ومن تلقاء نفسه في دولة الأنظمة الأمنية هذه، وأنه كان من الصعب “وشبه المستحيل” أن تتم عمليات الشراء هذه دون توجيهات واضحة من “سيادته” ودون أن تصب نهاية في “جيبة سيادته.” خاصةً وأن ما تبقى من عمر سيادته قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، هو عام على الأكثر، ويتوجب عليه تحصيل رواتبه التقاعدية بذاته خاصة مع تكاثر الإشاعات عن عدم رضا روسيا عن أدائه في الآونة الأخيرة.

رفاهية الدواء

في النهاية، كل النظريات حول ما تقوم به وما تنوي عليه الأسرة الحاكمة في سوريا اليوم تبقى مجرد تكهنات، إذ يستمر النظام الحالي بمفاجأتنا في تصريحاته وتبريراته، وخلافاته العائلية المتتابعة جيلًا بعد جيل، والتغيرات المستمرة في علاقات التحالف والعداوة التي يشكلها. يبقى الثابت الوحيد هو الشعب، الأضحية الدائمة. في الأسبوعين الأخيرين، وجد السوريون أنفسهم يتعاملون مع واقع جديد فرضه تدهور الليرة السورية، وامتداد تأثيراته إلى كافة جوانب حياتهم اليومية.

إلى جانب تأثير سعر صرف الليرة على أسعار استيراد المواد المختلفة، فهو يؤثر كذلك على أسعار مستلزمات الإنتاج لما تبقى من صناعات وطنية، وعلى رأسها الصناعات الدوائية. في الأسبوعين الأخيرين، بدأت أزمة نقص الدواء في الظهور ومن ثم التفاقم. بادر أصحاب المعامل بالاحتجاج على قرار الحكومة باستمرار بيع الدواء بحسب أسعار الصرف التي يحددها المصرف المركزي السوري (يستمر المصرف المركزي بتحديد سعر الصرف الرسمي بأقل من ثلث قيمته الفعلية في السوق السوداء). تلا الأمر بدء معظم أصحاب الصيدليات في العاصمة دمشق والمدن الأخرى بإغلاق صيدلياتهم، وبشكل جماعي، في خطوة اعتبرها كثيرون احتكارًا للدواء مع توقعات استمرار تدهور الليرة، فيما يصر الصيادلة على اعتبارها إضرابًا عن بيع الدواء في ظل الاقتصاد المتدهور مما سيقود إلى ضرر حتمي في قطاع الصناعات الدوائية.

جوع بالجملة

سرعان ما انضم إلى عملية الإقفال الجماعي أصحاب البقاليات ومحلات بيع المواد الغذائية، معلنين استحالة استمرار عملية البيع، وتبديل أسعار بيع بضائعهم للمواطن أكثر من مرة في اليوم الواحد، بالتزامن مع سرعة تبدل أسعار الصرف. إذ يبدو أنه بات شرطًا لازمًا على كل تاجر وكل مشترٍ في سوريا اليوم متابعة حياته اليومية حاملًا الآلة الحاسبة في يده، مغيرًا حساباته وإمكانياته على البيع والشراء بمرور الدقائق. إقفال البقاليات ولو جزئيًا على امتداد يومين كان كفيلًا بخلق حالة فزع لدى العامة من بدء عمليات الاحتكار، أو تعسر الوصول إلى المواد الغذائية، خاصة مع حرج التوقيت، بعد أن مرت البلاد بحالة إقفال عام تجاوزت الشهرين بسبب فيروس كورونا، انتظر خلالها السوريون بفارغ الصبر العودة إلى أعمالهم وحياتهم الطبيعية قبل وصول هذه الأزمة الجديدة.

لذا فمجرد التفكير بإمكانية المواطن العادي أن يخزن بعض المنتجات والمواد الغذائية للأيام القادمة إلى حين أن تهدأ هذه الفوضى، بات امتيازًا أكبر من القدرة المادية لمعظم العائلات التي بات ينهكها شراء مستلزمات الوجبة اليومية. في النهايةً أصدرت وزارة التجارة الداخلية قرارًا يمنع المحلات التجارية من الإغلاق تحت طائلة إحالة أصحابها للقضاء. هكذا، ما بين حيرة التجار، وعجز النظام، تجد نفسك تقف في سوبرماركت الحي، تشتري علبتي معجون أسنان، وعلبة شامبو، وعلبتي سجائر، وظرف قهوة بن مطحون سيكفيك بالكاد لثلاثة أيام، مقابل ثمانية عشر ألف ليرة سورية (أقل من عشر دولارات) أي بالضبط نصف راتب الموظف الحكومي في البلاد حسب سعر الصرف اليوم.

في ظل هذه الفوضى اليوم، لا تحتاج الحكومة السورية إلى مزيد من المعتقلات. لقد أصبح الجميع في معتقل واحد كبير يعجز فيه عن الاعتراض أو الرفض أو إبداء أي رد فعل تجاه المتغيرات الجديدة المفروضة. يتوجب على الجميع مجبرًا الالتزام بالتعليمات، فيما تتابع عمليات النهب العلنية في الداخل قبل “وحتمًا بعد” وصول المزيد من قوانين العقوبات من الخارج التي لن تؤدي إلا ترك ملايين السوريين في الداخل يواجهون جوعًا لم يعرفوه حتى في السنوات الماضية، حين لم يهطل من السماء سوى القذائف والصواريخ. المساحة الوحيدة المتبقية لدى السوري للتحرك أو للفعل، هي توقيع عريضة الكترونية تطالب بوقف تنفيذ قانون سيزر، وإلغاء العقوبات الأمريكية (التي لم تساهم سوى في تسابق النظام وحلفائه على نهب ما تبقى من البلاد)، وإنشائهم بضعة مجموعات وصفحات نشطة على السوشيال ميديا يتبادل عبرها البعض صورًا لمخزونهم الشخصي من الأدوية في منازلهم، للتبرع لمن يمكن أن يستفيد منها أو مبادلتها مع دواء آخر.

——————–

 “الاقتصاد أضعفه أكثر من الحرب”.. الأسد تحت ضغوط عدة قبل أيام من تطبيق “قانون قيصر

ثلاثة أيام تبقت على بدء تطبيق “قانون قيصر” الذي يفرض عقوبات شديدة على نظام بشار الأسد في سوريا، ويتزامن ذلك مع ضغوط أخرى يتعرض لها النظام، أبرزها تزايد حالة الاحتقان، الذي عبّر عنه سوريون في مظاهرات مثَّلت صدمة للسلطات بمحافظة السويداء، والتراجع الكبير في قيمة الليرة من جراء تدهور الاقتصاد.

الأسد في وضع صعب: من المُقرر أن تصبح العقوبات التي ستفرضها أمريكا على الأفراد والشركات التي ستعمل مع نظام الأسد، نافذةً بدءاً من 17 يونيو/حزيران 2020، ضمن ما يُعرف باسم “قانون قيصر”.

ينص القانون على فرض عقوبات اقتصادية على أركان النظام وداعميه الإيرانيين والروس، وكل شخص أو جهة، أو دولة تتعامل معه، وتعتبر هذه العقوبات، في حال تطبيقها، الحد الأعلى ما دون التدخل العسكري المباشر، الذي يمكن أن يتعرض له النظام.

موقع Voice of America قال السبت 13 يونيو/حزيران 2020، إن بشار الأسد يشعر بالضغط من العقوبات الأمريكية، والاحتجاجات التي تزامنت مع انهيار قيمة الليرة السورية وتدهور الاقتصاد.

أشار الموقع إلى أن المتاجر والأعمال التجارية في دمشق أُغلقت بسبب تقلب أسعار الصرف بشدة، كما أُغلقت المصانع التي تنتج سلعاً دوائية، بسبب نقص المواد الخام، في حين أجبر نقص الوقود حكومة الأسد على شراء الغاز من لبنان.

وقد أسهمت عوامل متعددة، من بينها الأزمة الاقتصادية الكبرى في لبنان، والعقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران؛ أهم حليف إقليمي للأسد، والخلاف الداخلي بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف؛ رجل الأعمال الثري، في انهيار الليرة السورية.

في هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي السوري، أسامة القاضي، لشبكة عرب ميديا، إن “العداء بين الأسد وقريبه تسبب في فقدان الليرة السورية ثلث قيمتها على الأقل”، مضيفاً أن قرار الحكومة تجريم تداول العملة الأجنبية في السوق السوداء، أجج الأزمة أيضاً.

من جانبهم، أشار محللون إلى أن لصراع الحكومة مع مخلوف، تداعيات سلبية، وربطوا بين ملامسة سعر الصرف في نهاية الأسبوع عتبة الثلاثة آلاف ليرة مقابل الدولار فيما الرسمي محدد بـ700 ليرة وقرب تطبيق قانون “قيصر” الذي أقرّته واشنطن.

وفي محاولة منه لتخفيف الغضب أقال الأسد الخميس 11 يونيو/ حزيران 2020 رئيس الحكومة عماد خميس من منصبه، وكلّف وزير الموارد المائية حسين عرنوس بمهام رئيس الوزراء، والأخير مشمول على غرار سلفه بالعقوبات التي تفرضها منذ سنوات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام.

“ضغوطات كثيرة”: من جانبه، قال جوشوا لانديس، رئيس برنامج الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، لموقع Voice Of America الأمريكية، إن هذا الانهيار غير المسبوق في العملة السورية قد أحبط الجميع.

أضاف لانديس أن “ثمة قدراً هائلاً من الامتعاض في سوريا حالياً. وكل من أعرفه بسوريا في وضع اقتصادي سيئ. هناك قدر كبير من الضغط، وهذه التظاهرات تعبير عن الألم الذي يشعر به السوريون بسبب انهيار الليرة السورية”.

في سياق متصل، قالت صحيفة “التايمز” البريطانية، الأحد 14 يونيو/حزيران 2020، إن الأسد يواجه أكبر تحدٍّ له في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات قبل 9 سنوات، ونقلت عن المحلل الاقتصادي، والباحث بمعهد الشرق الأوسط، كريم شعار، قوله إن “ما فعله  الوضع الاقتصادي من انخفاض شعبية الأسد في ستة أشهر، لم يتحقق طوال فترة الحرب”.

لفتت الصحيفة أيضاً إلى أن الأسد يواجه مزيجاً من الأزمات، وأن الأزمة الاقتصادية تلقي بثقلها على السكان حتى في المناطق التي نجت نوعاً ما من الحرب كدمشق واللاذقية، مشيرةً إلى الارتفاع غير المسبوق في أسعار المواد الغذائية، وهو ما يمثل تحدياً خطيراً للأسد.

—————————-

أدفع ثمن ذنب لم أقترفه”… كيف تؤثر العقوبات على من يعيشون داخل سوريا؟/ زينة شهلا

في كل مناسبة تحمل تغييراً في العقوبات المفروضة على سوريا، يعود الحديث عن أثرها وقدرتها على تحقيق الأهداف المنشودة منها، إضافة للجدل حول المتضررين الفعليين من تطبيقها، والآراء المتباينة حول ضرورة الاستمرار بها، تعديلها، رفعها جزئياً أو إيقافها كلياً.

اليوم، تقفز هذه الأحاديث إلى الواجهة مع قرب تطبيق قانون قيصر الأمريكي في النصف الثاني من الشهر الحالي، والذي يحمل في طياته إجراءات أشد وطأة وتأثيراً على الحكومة السورية والعديد من الكيانات المتعاملة معها.

ورغم أن تاريخ فرض العقوبات الأمريكية على سوريا يعود لثمانينيات القرن الفائت، ولأسباب عديدة تتعلق باتهام الحكومة السورية بدعم الإرهاب والسعي لتطوير برامج التسليح الخاصة بها، إلا أن ما بعد 2011 ليس كما قبله، حيث فُرضت حزم عقوبات غربية، وبشكل أساسي أمريكية وأوروبية، على قطاعات اقتصادية معينة، وأشخاص ورجال أعمال وكيانات عدة، ترى الدول التي أقرتها بأنها ستضغط للانتقال نحو مسار سياسي ودبلوماسي ينهي الحرب الدموية في البلاد.

ومع صعوبة تحديد مدى نجاح هذه العقوبات في تحقيق مساعيها، فهي ومن دون شك أثرت بشكل أو بآخر على الحياة اليومية لملايين السوريين داخل سوريا وعلى أصعدة مختلفة، اقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً، قد تختلف وجهات النظر حول عمق هذا التأثير، لكنه أمر يصعب إغفاله أو تجنب الحديث عنه.

القطاع الصحي: استهداف غير مباشر وأثر واضح

في دراسة صدرت عن كلية لندن للاقتصاد في نيسان/ أبريل الفائت، يتحدث الصحفي السوري المتخصص بالشؤون الاقتصادية، زياد غصن، عن نتائج العقوبات المفروضة على سوريا على القطاع الصحي، وهو رغم استثنائه من هذه العقوبات، إلا أن آثارها على كل ما له علاقة بتطويره وتأمين احتياجاته واضحة للغاية.

من هذه الآثار تتحدث الدراسة عن نقص بعض الأدوية، وبشكل خاص أدوية الأمراض المزمنة،، كالقلب والضغط والسكري، وعرقلة تموين السوق السورية بالمواد الأولية اللازمة للتصنيع الدوائي المحلي الذي كان قبل الحرب يغطي 93% من الحاجة المحلية، حيث امتنعت الشركات المتعددة الجنسيات عن التعامل مع الشركات السورية، واقتصرت طرق الشحن على تلك القادمة عبر لبنان مع انتفاء استخدام الموانئ البحرية والجوية السورية، إضافة إلى تأثير العقوبات على التعاملات المصرفية وتحويل الأموال.

أدى ذلك، حسب ما تقول الدراسة، إلى ارتفاع تكلفة استيراد المواد الأولية وتأخر وصولها، وتعذر استيراد بعض المواد الأولية المستخدمة في الصناعة الدوائية والاضطرار للبحث عن بدائل أخرى، واستيراد بدائل للأدوية النوعية، والتي بات الحصول عليها من المصادر الأوروبية متعذراً، من مصادر قد تكون أحياناً غير معتمدة دولياً، وسحب الشركات الأجنبية الامتيازات الممنوحة للمعامل السورية لإنتاج حوالي 8% من الأصناف المنتجة محلياً.

إضافة لذلك، وجدت المستشفيات نفسها عاجزة عن توفير ما تحتاجه من تجهيزات وقطع تبديلية، جراء ارتفاع ثمنها، انخفاض سعر صرف العملة المحلية وارتفاع تكاليف الشحن، فاتجهت نحو بعض الدول الآسيوية أو التفت على العقوبات من خلال حلقات وسيطة تؤدي في نهاية المطاف لرفع التكاليف بشكل كبير.

جميع هذه الآثار تبدو اليوم واضحة للعيان داخل سوريا، فأسعار الدواء المحلي ارتفعت لدرجة بات كثير من السوريين مضطرين للمفاضلة بين الدواء ومصاريف أخرى، وربما في بعض الأحيان الاستغناء عنه أو تقليل كميته، وفُقدت العديد من الأصناف الدوائية، وتراجعت جودة الخدمات الصحية المقدمة في عدد من المشافي والمراكز الطبية.

زيادة مصاعب الإنتاج والاستيراد والتصدير

خلال سنوات النزاع التسع التي عاشتها سوريا، طال الدمار والتراجع مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد، ويقدر البنك الدولي خسائر الناتج المحلي الإجمالي حتى العام 2017 بمقدار 226 مليار دولار أمريكي.

وزادت العقوبات المفروضة على سوريا منذ العام 2011 دون شك من هذه الخسائر، حيث باتت عمليات الاستيراد والتصدير والإنتاج المحلي أكثر صعوبة، فهي وإن كانت بمعظمها مستثناة من العقوبات بشكل نظري، إلا أن الواقع يتحدث عن عدم تعامل كثير من الكيانات الأجنبية مع أي كيان سوري بأي عملية اقتصادية أو مالية أو مصرفية، إما بسبب التخوف من كون هذا الكيان واجهة لشخصيات ومؤسسات خاضعة للعقوبات، أو نتيجة وجوب مرور العمليات التي تتعامل بالدولار الأمريكي –وهذا حال معظمها- عبر المصارف الأمريكية التي تمنع ذلك بشكل مطلق.

وبالتالي تحول اسم سوريا لمصدر رعب ضمن أي عملية تجارية أو اقتصادية أو مصرفية، الأمر الذي أثّر في نهاية المطاف على توافر العديد من المنتجات في الأسواق المحلية، مع تراجع وتيرة الاستيراد، تزايد صعوبات الإنتاج المحلي وإيقاف العديد من الشركات العالمية عملها وإنتاجها بشكل كلي داخل سوريا، وبات لا بد من البحث عن بدائل لحصول السوريين على ما يحتاجونه من سلع وخدمات، الأمر الذي تزداد صعوبته يوماً بعد آخر.

ومن هذه البدائل، كما يتحدث رائد سالم، الذي يمتلك محلاً لبيع المنتجات الإلكترونية وسط دمشق، التوجه نحو أسواق جديدة، على رأسها الصين وجبل علي في دبي، واللذين تحولا لمصدرين غاية في الأهمية للحصول على هذه المنتجات، “وهذا هو حال معظم من يعتمد على استيراد أي نوع من البضائع أو المواد الأولية، فلا بد من البحث عن أسواق بديلة تقبل التعامل مع سوريا”، يقول رائد أثناء لقاء مع رصيف22.

بالمقابل، ومع امتناع كثير من التجار والشركات الغربية عن الاستمرار بتوريد مختلف أنواع المنتجات إلى سوريا، وأيضاً إعطاء وكالات للتجار السوريين، كان لا بد للبعض، كما يشرح رائد، من اللجوء للسوق السوداء كي يحصلوا على ما يحتاجونه، إلى جانب الاستعانة بالأسواق اللبنانية، الأمر الذي ازدادت مصاعبه ومخاطره في الأشهر الست الأخيرة، بعد اندلاع الانتفاضة هناك وتدهور الأحوال الاقتصادية أيضاً بشكل غير مسبوق.

“يعاني معظم التجار السوريين اليوم من كمّ هائل من الصعوبات، وإن كانت قطاعاتهم غير مشمولة بالعقوبات، ونلحظ أثر ذلك كل يوم مع تناقص أنواع وكميات البضائع التي نراها في الأسواق السورية”، يقول رائد، ويضيف: “نحاول الاستمرار بالعمل والتواجد في الأسواق رغم انخفاض مبيعاتنا ونسب أرباحنا بشكل كبير، لكننا فعلاً لا ندري إن كنا سنتمكن من ذلك في الأشهر القادمة مع تشديد العقوبات وتوسيعها، دون أن يتحول عملنا لخسارة مطلقة”.

خدمات تعليمية وترفيهية محظورة

مطلع الشهر الحالي، نشر حساب السفارة الأمريكية في دمشق على موقع فيسبوك إعلاناً لدورة مجانية مصممة لغير الناطقين باللغة الإنكليزية، بهدف تقوية المهارات اللغوية اللازمة للنجاح في سوق العمل الدولي، وذلك عبر موقع كورسيرا الشهير بتقديم مساقات مجانية، ضمن مجالات علمية وعملية متنوعة.

أثار الإعلان سخط وسخرية مئات السوريين مع حجب موقع كورسيرا لخدماته التعليمية عن كل من يحاول الوصول إليه من سوريا، حيث يحصل المستخدم على رسالة تفيد بأن “الموقع يعتذر عن السماح للمتعلمين من هذا البلد بالوصول للمنصة، بسبب القيود المفروضة من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC (التابع لوزارة الخزانة الأمريكية)”.

فمثل قطاعات أخرى، تأثرت العديد من الخدمات المقدمة عبر الإنترنت بالعقوبات الغربية على سوريا، حيث فُرضت قيود على وصول المستخدمين من المعرّفات والعناوين الرقمية الخاصة بسوريا، ومنعوا من الاستفادة من ميزات تعليمية وترفيهية واجتماعية كثيرة.

وإضافة لموقع كورسيرا، تمنع عدة مواقع وصول المستخدمين من داخل سوريا إليها أو لبعض خدماتها، فمثلاً، لا تظهر سوريا ضمن قائمة “الترند” على موقع تويتر، رغم إمكانية استخدامه وتصفح التغريدات منه، ويمنع موقع وتطبيق زووم، الذي يقدم خدمة تنظيم الاجتماعات عن بعد، إنشاء أي حساب جديد من سوريا، كما تمنع مواقع أخرى، منها نتفليكس وإر بي إن بي الوصول إليها من أي عنوان سوري، وتحجب مواقع، منها ساوند كلاود ويوتيوب، جزءاً من محتواها عن المستخدمين من داخل سوريا.

ويتحدث حسام دروبي، وهو طالب بمرحلة الدكتوراه في جامعة دمشق، عن تعذر حصوله على بعض خدمات الترجمة المقدمة من موقع جامعة كامبردج، بسبب تواجده داخل سوريا، حيث حصل على رسالة تشرح بأن “الدخول للموقع ممنوع بسبب محاولة الوصول للخدمة من بلد يحظر استخدامها فيه”.

ويرى حسام خلال حديث مع رصيف22 بأن للجميع حقاً في الوصول لأي نوع من المعلومات، وبأن الطلب والعلم والغذاء قطاعات يجب أن تكون حتماً غير مشمولة بأي نوع من العقوبات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما يتمنى لو أن الحرب والعقوبات لا تطال الشباب والطلاب السوريين، “فربما في النهاية، هم من سيساهمون بحل النزاع والوصول للسلام الذي نصبو إليه”، وفق تعبيره.

ويضيف الشاب الثلاثيني: “لا يوجد أي مبرر لحرماننا من التمتع بمزايا يحصل عليها أي شخص في العالم، فقط لأننا موجودون في سوريا، خاصة وأننا نتحدث عن خدمات لا علاقة لها بالحرب أو السياسة على الإطلاق. أشعر أنني أدفع ثمن ذنب لم أقترفه، وأني ضحية صراع لستُ طرفاً فيه”.

——————-

صاندي تايمز: الأسد يواجه أخطر تحد في رئاسته.. وموسكو متعبة منه

نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا أعدته مراسلة الشرق الأوسط لويز كالاغاهان، قالت فيه إن رئيس النظام السوري بشار الأسد، يواجه أكبر تحد له منذ بداية الحرب الأهلية قبل تسعة أعوام.

وقالت إن سكان العاصمة دمشق ظلوا ولسنوات بعيدين عن الحرب الأهلية التي كانت تجري في مكان ناء عنهم، ففي الوقت الذي كانت تتعرض فيه عدة مدن في البلاد للقصف المدفعي والجوي ويشرد أهلها، كان سكان العاصمة يتجولون في السوق القديم ويصلّون في المسجد الأموي العريق.

وفي الوقت الذي تعرض فيه الاقتصاد للعقوبات والخوف من انتقاد الرئيس ونظامه، إلا أن الناس في دمشق كانوا يعيشون حياة عادية وإن بدرجة نسبية، حتى تغير كل هذا بسبب قانون قيصر الذي سيسري مفعوله في هذا الأسبوع ووصول فيروس كورونا.

ويعاني الناس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة مثل بقية البلاد، ولكن معاناتهم مختلفة من ناحية ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، في تحد خطير لرئاسة الأسد.

وقال كريم شعار المحلل الإقتصادي والباحث في معهد الشرق الأوسط: “ما فعله الوضع الاقتصادي من ناحية انخفاض شعبية الأسد في ستة أشهر لم يتم تحقيقه طوال فترة الحرب” و”هذا أمر مدهش”. وتشير الصحيفة إلى مزيج من الأزمات التي عجلت بالانهيار الاقتصادي من العقوبات الأمريكية إلى كوفيد-19 والانهيار الاقتصادي في لبنان مما أثر على قيمة العملة السورية وأفقدها نسبة 60% من قيمتها.

وبدأت المحلات التجارية في دمشق الأسبوع الماضي بإغلاق أبوابها والاحتفاظ بالبضائع لحين تحسن سعر الليرة. واصطف الناس لشراء المواد الغذائية، ليكتشفوا بعد انتظار طويل أن الكميات محددة مثل كيلو واحد فقط من الأرز.

وحاول أحد المواطنين شراء مضاد حيوي من صيدلية، للقال له إنه غير متوفر. وقال طبيب سوري يعيش في الخارج، إنه علم عن عدم توفر حتى الأدوية الأساسية. وقال أحد سكان دمشق: “لم يحدث هذا أبدا من قبل” و”الناس خائفون”.

وأعادت المحال فتح أبوابها يوم الجمعة مع أنها كانت خالية من البضائع المستوردة، فيما استقر سعر العملة. ويقول السكان إن سعر كيلو الأرز تضاعف منذ عدة أشهر. ففي بلد يعتبر فيه 83% من السكان فقراء، فإن زيادة أسعار المواد الغذائية مثل الخبز وزيت الطعام والمواد الطبية يعتبر مشكلة للكثير منهم.

وبدأ الناس الذين يعيشون في مناطق النظام يشعرون بأثر زيادة الأسعار. وقال أحد السكان: “لا أدري إن كان الوضع سيزداد سوءا” و”لا أعرف كم سيكون سعر الأرز غدا، وبالطبع فالناس خائفون”.

ومع انخفاض سعر العملة، انتشرت تظاهرات في مدن مثل السويداء التي يعيش فيها أبناء الطائفة الدرزية وظلت بعيدة عن الحرب. وظهرت لقطات فيديو لمتظاهرين يهتفون بشعارات معادية للأسد. وترى الصحيفة أن الصدع بين الأسد وابن خاله الملياردير رامي مخلوف فاقم من الأوضاع وكذا كوفيد-19 الذي دفع السلطات لإغلاق المحلات وحجر الناس بالبيوت.

وفي الأسبوع الماضي، قام بشار الأسد وبطريقة مفاجئة بعزل رئيس الوزراء عماد خميس بعد أربعة أعوام من تعيينه. ويقول المراقبون إن التحرك جاء ردا على الأوضاع الاقتصادية المتردية والاحتجاجات.

وعادة ما يوجه سكان المناطق التابعة للنظام نقدهم نحو رئيس الوزراء بدلا من الرئيس الذي يعتبر نقده محرما. وتعلق الصحيفة أن عائلة الأسد لم تكن تأمل بسوريا ما بعد حرب كهذه. وكانت رسالة الأسد واضحة منذ بداية الحرب، إما الأمن والاستقرار في ظل نظامه، أو الحرب والراديكالية في ظل المعارضة.

ونجت عدة مدن مثل دمشق واللاذقية من أسوأ آثار الحرب التي ضربت مدنا أخرى وشردت الملايين. ولكنه وبعد استعادته السيطرة على المناطق التي خسرها، يواجه الأسد نكسات كبيرة. فقد أخافت العقوبات الأمريكية التي ستطبق هذا الشهر رجال الأعمال. فقانون قيصر لا يعاقب المسؤولين السوريين والشركات التي تدعمه، بل والشركات ورجال الأعمال في الخارج ممن يعقدون صفقات تجارية مع شركات سورية.

وعانى حلفاء الأسد مثل إيران التي قدمت للأسد 6 مليارات في العام من آثار العقوبات الأمريكية وتداعيات كوفيد-19. ويواجه لبنان الذي كان الشريان بالنسبة لرؤوس الأموال السورية من أزمة مالية ومصرفية واقتصادية حادة.

وتبلغ أرصدة سوريا في المصارف اللبنانية 45 مليار دولار. ويقول الشعار: “يرتبط النظامان المصرفي السوري واللبناني” و”تركت الأزمة المالية في لبنان آثارا خطيرة على سوريا”.

ولم يعد لدى النظام أيٌ من الحلفاء لطلب مساعدتهم، فروسيا الني ساعدت في دعم النظام ليس مهتمة بتقويته، مما زاد من الشائعات حول سماح فلاديمير بوتين باستبداله. وقال دبلوماسي يعمل في سوريا: “أعتقد أنهم تعبوا منه” و”لا أعتقد أنهم يمانعون باستبداله بدمية أخرى طالما ظل النظام متماسكا”.

القدس العربي

———————————-

بعد 20 سنة في حكم سوريا: طبيب العيون… بين قانون قيصر والربيع الدمشقي

في هذا الشهر، يمكن أن تفرض الولايات المتحدة على سوريا الوجبة الأكثر إيلاماً من العقوبات في إطار “قانون قيصر” الذي تم سنه في كانون الأول 2019. “قيصر” هو لقب ضابط سابق في الشرطة السورية، كان قد التقط في الأعوام 2013 – 2015 آلاف الصور في السجون والمستشفيات السورية، مثبتةً جرائم الحرب التي نفذها النظام. صور دقيقة جداً لأعضاء محطمة، وأعضاء جنسية نُكّل بها، وجثث مشوهة عانت من تعذيب شديد، وجرى تنزيلها على حاسوب قيصر الشخصي، ونجح في الفرار إلى أوروبا، ونشرها في أرجاء العالم.

يحافظ قيصر على البقاء مجهولاً، لكن صوره الصادمة جعلت الكونغرس الأمريكي يصوغ قانوناً يهدف إلى وقف القتل في سوريا. شهد الضابط أمام الكونغرس في العام 2014، لكن بعد خمس سنوات صادق الكونغرس على القانون. هو يشبه في جوهره قوانين العقوبات التي فرضت على إيران وشملت فرض عقوبات على أي شخص أو شركة أو دولة تتاجر أو تساعد النظام السوري بأي وسيلة أخرى.

القانون يحدد سبعة معايير لرفع العقوبات، وتشمل: وقف استخدام المجال الجوي لسوريا للمس بالمدنيين، سواء من قبل سلاح الجو السوري أو سلاح الجو الروسي؛ وجعل مناطق تسيطر عليها سوريا وروسيا وإيران ستكون مفتوحة لنقل المساعدات الإنسانية؛ وأن تطلق سوريا سراح جميع السجناء السياسيين؛ وألا تقصف القوات السورية والروسية وقوات أخرى العيادات والمستشفيات؛ وعلى النظام السوري أن يقوم بخطوات قانونية ضد من نفذ جرائم حرب؛ وتسهيل عودة المزيد من اللاجئين، وتعويض المواطنين عن موت أقاربهم… هذا جزء مفصل جداً يشمل جميع النشاطات الاقتصادية والعسكرية ليس فقط لسوريا، بل لإيران وروسيا أيضاً. وليس واضحاً كيف تنوي الولايات المتحدة إجبار روسيا وإيران على التمسك ببنود القانون، وهل تنوي فرض المزيد من العقوبات على إيران وروسيا في الوقت الذي تجري فيه واشنطن مفاوضات مع روسيا حول مستقبل ليبيا وتحاول التوصل معها إلى حل الأزمة في سوريا. يمكن التقدير بأن روسيا وإيران لن تتأثرا أكثر من اللازم جراء المحظورات والعقوبات التي يفرضها القانون. في حين أن النظام السوري لا يتوقع أن تغيراً ما سيؤثر بصورة جوهرية في الاقتصاد الواقع أصلاً تحت نير عقوبات شديدة. وأوضحت واشنطن أن المحافظات الكردية في شمال سوريا لن تكون خاضعة للعقوبات، لكن هذه المحافظات تقوم بالاتجار بصورة متشعبة مع النظام السوري: هم يبيعون له النفط والقمح ومنتوجات زراعية أخرى. بصورة متناقضة، القانون لا يتطرق إلى تركيا التي احتلت أجزاء من شمال سوريا وتشرف هي وروسيا على المناطق الآمنة في شمال سوريا. في الأشهر الأخيرة سمعت ادعاءات قاسية ضد تركيا بشأن المس بالمدنيين الأكراد في مدينة عفرين المحتلة، وضد المليشيات التي تعمل في خدمة الأتراك.

 لا يوجد منتجات

إن نجاعة وقوة “قانون قيصر” ما زالت تنتظر الإثبات على الأرض. ولكن الولايات المتحدة تهدد بإعادة تفعيل العقوبات الدولية التي فرضت على إيران والتي رفعت في أعقاب التوقيع على الاتفاق النووي في 2015. الأمر الذي يمكن أن يشعل هذه العملية هو انتهاء الحظر العسكري الذي فرض على إيران كجزء من الاتفاق النووي، الذي بحسبه لا يمكن لإيران أن تشتري أو تبيع سلاحاً تقليدياً مدة خمس سنوات، منذ تاريخ التوقيع على الاتفاق، وهي فترة ستصل نهايتها في تشرين الأول القادم. دول أوروبا وروسيا والصين الموقعة على الاتفاق وعلى بند الحظر تعارض تمديده. بناء على ذلك، تهدد الولايات المتحدة بتفعيل البند في الاتفاق الذي ينص على إعادة العقوبات الدولية (سناب باك) في حالة أن إيران خرقت الاتفاق النووي. إيران بالفعل خرقت الاتفاق علناً – بعد سنة من انسحاب الولايات المتحدة منه – لكن وبعد أن أصبحت الولايات المتحدة غير شريكة في الاتفاق، فإن التفسير المقبول يقول إنه لا يمكن لأمريكا أن تطالب بتفعيل بند العقوبات طبقاً للاتفاق، التي هي نفسها تخلت عنه بصورة أحادية الجانب.

سياسة العقوبات الأمريكية لم تنجح حتى الآن في إثمار النتائج السياسية التي طمحت إليها. ولم تغير إيران وسوريا سياستهما. فالأنظمة تواصل وجودها وإدارة حروبها رغم الصعوبات الاقتصادية الضخمة، وبالنسبة لهما فإن أياً من أنظمة العقوبات لا تطالب باستبدال النظام. وتقول النظرية إنه ومن أجل أن تنجح العقوبات، يجب عليها أن توضح للأنظمة بأنها لا تستطيع مواصلة إدارة سياستها والبقاء في السلطة دون الاستجابة لطلبات فارضي العقوبات.

هذا التهديد في هاتين الدولتين لا يعمل، كما حاله طوال أكثر من 12 سنة فرضت فيها العقوبات على العراق. بعد تسع سنوات على الحرب التي جاءت من خلال العصيان المدني الأكثر قتلاً الذي عرفته الدول العربية، أعاد نظام الأسد لنفسه السيطرة على معظم أجزاء الدولة، وتعترف به معظم دول العالم باعتباره الخيار الواقعي الوحيد لإدارة الدولة. في إيران، ورغم الاحتجاجات والمظاهرات، لا ينوي النظام تغيير وجهه. وللمفارقة، فإن العقوبات الأمريكية خلقت أدوات مشتركة بين إيران وسوريا، وكل واحدة منهما ملزمة بالتمسك بسياستها لمنع سقوط الأخرى والصمود أمام العقوبات الأمريكية.

بالنسبة للأسد، هذه تجربة جديدة في إدارة العلاقات الدولية. مرحلة أخرى في تطوره السريع كزعيم طردته الجامعة العربية وفقد السيطرة المباشرة في لبنان ووجد نفسه في لعبة قاسية بين الدول العظمى، وبقي الزعيم الوحيد الذي لم يُعزل كجزء من ثورة الربيع العربي. يمكن التقدير بأن والده سيفخر به، لو شهده.

هذا الأسبوع قبل عشرين سنة، في 10 تموز 2000، وبعد شهر من خروج الجيش الإسرائيلي من لبنان، اهتز الشرق الأوسط من نبأ وفاة حافظ الأسد. هذا لم يكن مفاجئاً. الزعيم الذي حكم سوريا حوالي ثلاثين سنة، بدأ قبل بضع سنوات من وفاته في إعداد بلاده للزعيم الذي سيرثه، بعد أن عانى من عدة نوبات قلبية. في 1994 استدعى ابنه بشار من لندن، الذي كان يتخصص في طب العيون، وبدأ في إعداده وريثاً له. لم يكن بشار الخيار الأول للأب. هذا الدور أعده حافظ لابنه باسل، الشاب المفعم بالنشاط، الذي كان يحب السيارات السريعة والحياة الرغيدة. ولكن بعد موته في حادثة طرق بقي بشار -عديم التجربة السياسية والعسكرية- هو خياره الوحيد. كان ذلك إعداداً سريعاً، الذي جعل الابن يقفز بسرعة في الرتب العسكرية. ورغم أن عمره كان 34 سنة، أي أقل بست سنوات من العمر الذي نص عليه الدستور كي يتولى الرئاسة، تم تغيير الدستور طبقاً لذلك وتحول إلى الرئيس الأكثر شباباً في الشرق الأوسط.

بعد شهر على موت والده أدى اليمين، في السنة نفسها، حظي بفوز ساحق ومعروف مسبقاً بنسبة 97.27 في المئة من الأصوات في الانتخابات. الشاب طويل القامة الذي عاد من لندن، تحول في فترة قصيرة إلى أمل سوريا والشرق الأوسط. وجد نفسه في صداقة مع شابين ورثا العرش عن والديهما قبل ذلك بسنة، وهما عبد الله ملك الأردن الذي توج في 1999، ومحمد السادس ملك المغرب الذي توج في تموز 1999، بالضبط قبل سنة من تتويج الأسد.

ربيع دمشق

بعد عشرين سنة، تبدو فترة ولاية الأسد الأولى كأسطورة. رغم أنه أحيط بكبار الضباط القدامى وكان يعتمد تماماً على نصائح أجهزة المخابرات والسياسة السورية، فقد قرر أن يبدأ بالحوار العام ويسمح بوجود صالونات سياسية ونشر مقالات انتقادية حول طريقة إدارة نظام الحكم، وأشعل الأمل في أن تصبح سوريا في عهده دولة جديدة ومنفتحة ومزدهرة اقتصادياً، تمد يديها إلى ثقافة الغرب.

ظهر على المنصة العامة مثقفون ليبراليون مثل ميشيل كيلو، والاقتصادي عارف دليلة، والمفكر برهان غليون، ورياض سيف، وآخرون كثيرون تعاملوا بجدية مع المناخ النقي الذي ضخه الأسد للدولة، وصدقوا أن سوريا عادت إلى ماضيها البعيد، قبل حكم حزب البعث، وأن هناك مكاناً محترماً للمثقفين الذين سيشكلون صورتها.

ولكن “ربيع دمشق”، كما لقبت تلك الفترة القصيرة، انتهى خلال عدة أسابيع. أوضحت “الأجهزة” للرئيس الشاب بأن البنية الحاكمة ستتحطم، وأن رأس المال العائلي سيختفي، وسينتهي النظام “الصحيح” إذا واصل اليساريون والليبراليون بطرح أفكار ديمقراطية. كما أنه لم ينقصه أيضاً تهديدات بانقلاب عسكري لليّ ذراعه والتوضيح بأن سوريا ليست بريطانيا. وأن النخبة السياسية والعسكرية والاقتصادية لا تنوي التنازل عن مكانتها وعن المكاسب التي حققتها في عهد والده؛ فقد أغلقت الصالونات، واعتقل الكثير من المثقفين، وعدد منهم حكم بفترات سجن بتهمة “المس بالنظام العام”، وغادر البلاد آخرون، وأعاد استخدام أدوات الحكم التي استخدمها والده.

من بين الزعماء الشباب الثلاثة الجدد الذين صعدوا إلى قمة السلطة في دولهم، كان الأسد هو الأكثر قسوة، حتى قبل العصيان المدني في آذار 2011 الذي أدى حتى الآن إلى موت أكثر من نصف مليون شخص وإلى تهجير أكثر من سبعة ملايين مواطن. بعد عشرين سنة على الحكم التي في نصفها كان مشغولاً في الحرب ضد مواطنيه، فإن طبيب العيون المهذب بات يواصل قتل من يعالجهم، وخلق حوله حزاماً آمناً استراتيجياً تشارك فيه إيران وروسيا، كل منهما لأسبابها الخاصة، في الوقت الذي تبقي فيه الولايات المتحدة التي يقودها ترامب خارج اللعبة ومع رزم عقوبات سيدفع ثمنها المواطنون.

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 12/6/2020

القدس العربي

————————————-

قانون قيصر الكُردي تحت “الإدارة الذاتية”/ شفان إبراهيم

لا خير في حكومةٍ أو أجسامٍ سياسية لا تنظر إلى نفسها مُلزمة بتأمين قوت شعب جاد بآلاف من شبابه في معارك وحروب، لم يجنِ منها مكاسب سياسية حتى يومنا. ولا فائدة في أطرافٍ تتسيّد المشهد السياسي، ولا تستطيع التخفيف من عمق الوجع الوجودي المصاحب لذوات قاطني المنطقة الكُردية في سورية وحيواتهم، بمن فيهم النازحون، لكونهم ما خرجوا من بيوتهم طواعيةً. ذاك الألم يكمن في عقلية إدارة يُخال لها أن المواطن ندٌّ لها، وأن التعامل بــ”النكايات” خيرٌ من الالتفات إلى همومهم والاستماع وفق قاعدة لا قناعات مسبقة. يقول المسؤولون إنهم منحوا القمح بسعر زهيد، وعلى السكان ردّ الجميل، وكأن العلاقة بين تاجر ومشترٍ، يتعاملان بالرِبّا. القضية تتعلق بحجم التأثر الرسمي، حكومةً وأحزاباً كُردية، بما يحدث أمامهم، إذ لا يقلّ الموقف من أيّ حدثٍ أهميةً عن الحدثِ نفسه. وهو بطبيعة الحال يعود إلى بنية تلك الأطراف وتاريخانية اهتماماتها بقضايا الناس اليومية.

هذه البلاد المنكوبة التي انتهت مقومات الحياة فيها، لا وجود فيها لرجال سلطةٍ يحملون همَّ المواطن وحقوقه. فقط ثمةَ شعبٌ يتقيأ لسماع قوانينهم ووعودهم التي ما صدقناها منذ ثماني سنوات. لعل أكثر العوامل المساعدة لـ”الإدارة الذاتية” في محق تطلعات المكونات الموجودة، أنها لم تتلقَّ أيَّ ردّ أو معارضة على كُل ممارساتها ضد معارضيها، من موظفيها ومنتسبي مؤسساتها، ما أوجد لها هامشاً ضخماً للعمل والتلاعب بالعقول، والضغط على الأذهان، فأقدمت على تعميق الهُوَّة ما بين مُنتسبي وظائفها والشرائح الأخرى المعارضة لها، وحاصرت مؤيديها والعاملين في مختلف القطاعات الخاضعة لسيطرتها. بمعنىً أدق، أوجدت مجتمعاً خاصاً بها، ولم يتجرّأ أحدٌ من منتسبي مجتمعها على الحديث، حتّى سراً، ضد ممارساتها، فلم تجد حرجاً أو استحياءً من الاستطراد بكل الأصوات المناهضة لها. المرّة الوحيدة التي رفعت الشرائح الموظفة في الإدارة الذاتية صوتها عالياً لم ترتبط بالحريات ولا بالديمقراطيات، ولا بالحياة السياسية، ولا بالظروف المعيشية، ولا بقضية الاعتراف بالآخر، الاعتراف الذي راح الكُرد يقولون منذ عقود إن صراعهم الهوياتي مع النظام السوري إنما هو حوله عينه. الاعتراض تمحور حول سعر شراء محاصيلهم، حين استشعروا خطراً مباشراً يُداهمُ رغيف خبزهم، أدركوا ضرورة رفع الصوت عالياً. وهو الحق الأكثر رواجاً، أن يدافع المرءُ عن لقمة أبنائه ومستقبلهم، بيد أن الفصل كمِنَ في عزوفهم عن الوقوف في وجه ممارساتٍ قمعية، واقتصادٍ مزاجي كيفي، صنعت طغمةً فاسدةً، وحيتاناً من الاستغلال والفساد والنهب المنظم وسرقة قوت الفقراء.

ثمة سؤالان معمَّقان مرتبطان فيما بينها. الأول بشأن منع الإدارة الذاتية أصحاب المحاصيل الزراعية من بيعها للنظام السوري، إذ لا تنبني القضية على قاعدة معارضة النظام. ورغم قانون العقوبات الأميركية، فإن الحاكم الفعلي للاقتصاد المحلي هو النظام السوري، وبل حتّى مراكز تسلُّم المحاصيل الزراعية، من مبانٍ وصوامع و… إلخ، هي من بناء النظام. إذ لم تنجز الإدارة الذاتية مشروعاً اقتصادياً، تنموياً يُمكن أن يؤمن فرص عمل للمواطنين خارج سياقات الإقناع الحزبي ضمن هياكل الحكم المحلية. ولا إمكانية لتغيير قناعة المواطنين بشأن حصول النظام السوري على ما يلزمه من قمح وشعير، أسوةً بالأعوام الماضية، بل ثمة قناعة راسخة بأن الإدارة الذاتية ستبيع النظام أطناناً من القمح بسعر مرتفع! والسؤال الثاني مرتبط بإصرار “الإدارة الذاتية” على شراء القمح بالعملة السورية، مع ما يتوافر لديها من كتلة مالية بالعملة الصعبة، يُرجّح أن الفلاح لن يستفيد من ذلك، خصوصاً مع احتمال انخفاض سعر الدولار في فترة صرف فواتير توريد القمح. الغصّة التي لا تُفارق المواطنين أنهم يعيشون في كنفِ حكومةٍ هدفها الاستفادة منهم.

يبدو أن “شرق الفرات” يعيش قانونين لقيصر، أولهما سيتأثر من ارتباطه بالمركز في دمشق وسعر صرف الدولار وحجم العقوبات، وثانيهما فشل “الإدارة الذاتية” في إيجاد مخرج للمجاعة المقبلة. بيد أنها ستجد مخرجاً لتوصيف تظاهرات أهالي منبج، وإن كانت في بداياتها وصغيرة الحجم، لكن المتوقع ربطها بإيادٍ خارجية ورغبات إقليمية في الانقضاض على التجربة الفريدة! وثمة عُرفٌ ثابت في عدم إيجاد حلول للمشكلات، إن رغبت السلطات بتمييع القضايا وعدم حلها، لجأت إلى تشكيل اللجان. علماً أن القصة تحتاج فقط إلى إرادة سياسية ورغبة جادّة لصرف الأموال على المواطنين، عبر دعم الخبز بالدقيق والمازوت، وخفض سعر المحروقات والغاز، وتأمين المستلزمات الحياتية بسعرٍ مدعَّم من هذه السلطات، وإن اضطرّت إلى دفع الفروق من ميزانيتها، فهذا وجه الشرعية الشعبية التي تسعى إليها الحكومات الديمقراطية التّي تحترم نفسها وتقدِّر شعبها.

وبالتزامن مع جائحة الفقر والجوع المكتسح للمنطقة، تجتمع الأطراف الكُردية للبحث في توحيدالقرار السياسي والإداري والعسكري بينهم. وفي رصد الرؤية الشعبية لهذه الحوارات مؤشِّر جديد يشرح نظرة الشارع إلى الأحزاب الكُردية، حيث سبق أن شكل الكُرد أطراً سياسية تحت مسمى التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا، والجبهة الديمقراطية الكُردية في سوريا. ثم تلاهما تشكيل المجلس السياسي الكردي، ولجنة التنسيق الكردية. كان حجم الالتزام الشعبي وقواعد الأحزاب مميزاً مع القرارات التي كانت تصدر عنهم، بل كانت الفئات النخبوية تشكل ضواغط جيدة بهدفِ مزيد من التقارب والانسجام. وشهدت مدينة قامشلو أضخم تظاهرة في تاريخها بعد توقيع اتفاقية هولير/ أربيل في 11 يونيو/ حزيران 2016، وتشكيل الهيئة الكُردية العليا، وملحق الاتفاقية الموقع في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2017، وأيضاً تلقفت الجماهير حدث توقيع اتفاقية دهوك الموقعة في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2018  بارتياح، لكن بأقل من نظيرتها في هولير والأطر السابقة، نتيجة بدء انحسار الثقة، بعد الممارسات والتفرّد وعدم الاهتمام بمتطلبات العيش الكريم للأهالي. وجميع الاتفاقات كانت بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، وكانت تهدف إلى ترتيب البيت الكردي، والخروج بصياغة ومشروع موحد لإدارة المنطقة الكردية مع باقي المكونات، والموقف من المعارضة والنظام السوريين.

لكن المُحدد الشعبي للحوار القائم حالياً، راح يختلف جذرياً عن كُل ما سبق، ولا مجال للتشكيك في مدى إخلاص الشارع الكُردي وتفانيه في سبيل قضيته القومية في سورية، لكن جدّة الحدث الشعبي تبلورت بوجود خط رؤيةٍ جديدة، وبعين أخرى غير مشابهة نهائياً لسابقاتها. ثمة رؤية تقول إن لم تؤمن نتائج الحوار قوتنا اليومي، ومستلزمات حياتنا، وإن لم يُفض الاتفاق إلى عودة المُهجرين من دون سوقهم إلى التجنيد الإلزامي للإدارة الذاتية، وإن لم يؤمن الحوار مستقبلاً للأجيال التي ضاع مستقبلها بسبب مناهج الإدارة الذاتية، وإن لم يكن من نتائج الحوار حتّى قبل الانتهاء منها، تأمين ما يسدّ الأفواه الجائعة، فلا فائدة شعبية منها، على أقل تقدير في الظروف الراهنة.

وصحيحٌ أن ما يتوافر لدى المجلس الكُردي من أموال، مقارنةً بالأرقام المرعبة للمداخيل الاقتصادية والمالية للإدارة الذاتية لا يكاد يُذكر أبداً، ولا مجال للمقارنة ولا حتّى مجرد ربع بالمليون. لكّن المجلس الكُردي لو استغنى عن ذلك الرقم البسيط، ولو شهرين، ويؤمن قوت عشرات من العوائل المعدومة، لحقق عاملين متداخلين، سيشعر شهرين بمرارة العيش التي عانتها الأسر والناس ثماني سنوات، وسيحقق مكسباً جماهيرياً جيداً. وفي الطرف الآخر، إن الخمسة ملايين دولار رسوم تصدير المواشي إلى إقليم كردستان، وقرابة الــ330 ألف دولار شهرياً ضرائب إدخال الدخان إلى المنطقة، بإمكانها إعانة الملايين شهرياً، إلى حين إيجاد مخرج للأزمة التي من المتوقع أن تزيد عدد حالات الانتحار والسرقة. هذا عدا عن النفط والضرائب وعشرات الموارد المالية التي تستأثر بها “الإدارة الذاتية” وحدها.

سيذكر التاريخ مجاعةً فتكت بمنطقة تعجّ بالخيرات والأموال والموارد الاقتصادية التي كانت تُعيل سورية كُلها، بكتلة موظفيها ومشاريعها والتسليح والسرقة والنهب، لكنها تعجز عن تأمين رغيف خبز بسعر لا تُبكي النسوةَ حزناً على جوع أطفالهن.

العربي الجديد

———————————–

================================

«قانون قيصر» يضرب «صميم النظام»… وستة شروط لرفع القيود/ رنا أبتر

يحبس النظام السوري وحلفاؤه أنفاسهم مع قرب دخول «قانون قيصر» حيّز التنفيذ في منتصف يونيو (حزيران)، وتكشير العقوبات الأميركية عن أنيابها بعد التهديد والوعيد. فالعقوبات المُرتقبة صُممت بعناية لتضرب النظام وداعميه في الصميم، وقد تمعّن المشرعون الأميركيون في كتابتها، وعدلوها مراراً وتكراراً منذ عام 2014، لتصبح جاهزة لرؤية النور بعد حصولها على مباركة الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء في عام 2019. وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على القانون في غرفة مكتظة بأعضاء الكونغرس الذين عملوا جاهدين لإقراره من خلال إدراجه في قانون موازنة الدفاع السنوية، حرصاً منهم على ضرورة تطبيق بنوده بحذافيرها.

وكما ذكر المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، فإن العقوبات ستصبح سارية المفعول في شهر يونيو (حزيران)، لتتمّ من خلالها ملاحقة الأفراد والمجموعات التي تتعامل مع نظام الأسد. وأتى إعلان جيفري ليكون بمثابة طلقة تحذيرية لكل الدول والمجموعات التي تدعم النظام وتموّله، وتحديداً روسيا وإيران. وهذا ما يميّز هذه العقوبات عن سابقاتها. فقد بدأت الولايات المتحدة بفرض عقوبات مختلفة على سوريا منذ عام 1979، سواء بسبب دعمها للإرهاب أو احتلالها للبنان أو سعي النظام للحصول على أسلحة دمار شامل وبرامج صواريخ. وتم تمديد نظام العقوبات هذا من قبل إدارة باراك أوباما بعد اندلاع الصراع في مارس (آذار) 2011. لكنّ لغة العقوبات في «قانون قيصر» اختلفت، إذ ركّز المشرّعون فيها على استهداف 3 أنظمة وتوابعها: النظام السوري ومؤسساته، والنظام الروسي والمسؤولين فيه، والنظام الإيراني ووكلائه.

وصُممت بنود القانون بشكل يهدف إلى ثني الشركات والأفراد عن الاستثمار في سوريا، والمشاركة في جهود إعادة الأعمار التي تقودها الحكومة السورية. ويقول مصدر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط» إن إدارة ترمب اعتمدت قبل تمرير القانون على إيصال رسائل شفهية وتهديدات مبطنة للدول الأوروبية والعربية لحثّها على عدم فتح قنوات دبلوماسية مع سوريا، وذلك بهدف ثنيها عن الاستثمار في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام. لهذا فقد كان هدف «قانون قيصر» الأساسي ترجمة تهديدات الإدارة بطريقة ملموسة، وتوفير الدعم لها في مساعيها، من خلال فرض عقوبات اقتصاديّة وماليّة على الدول والأفراد الذين يسعون للانخراط في جهود إعادة الأعمار.

ويسعى «قانون قيصر» إلى توسيع نظام العقوبات السابق، عبر استهداف المؤسسات الحكومية السورية والأفراد، من مدنيين ومسؤولين، الذين يموّلون النظام السوري وروسيا وإيران، سواء أكان هذا التمويل متعلقاً بأنشطتهم العسكريّة أو جهود إعادة الإعمار أو انتهاكات حقوق الإنسان. كما يفتح الباب أمام فرض عقوبات على أصحاب الشركات الأجنبية التي تجمعها صلات بالأسد وحلفائه.

وبحسب نص القانون، ستُفرض هذه العقوبات على أي شركة عالمية أو فرد يستثمر في قطاعي الطاقة أو الطيران، وكل من يزوّد الخطوط الجويّة السورية بقطع غيار وصيانة، إضافة إلى كل من يقدم ديوناً للنظام. وستشمل العقوبات مصرف سوريا المركزي، إذا ما ثبت أنه يشارك في عمليّات غسل أموال. وتتراوح العقوبات على الأفراد بين تجميد الأصول ومنع دخولهم إلى الولايات المتحدة.

ويفرض القانون عقوبات على أي حكومة أو مجموعة تُسهّل من صيانة أو توسيع إنتاج الحكومة السورية المحلي للغاز الطبيعي والبتروليوم ومشتقاته، ما يعني بالتالي الشركات الروسية والإيرانية الخاصّة التي تحاول استغلال الحرب للسيطرة على موارد سوريا الطبيعية وبنيتها التحتية.

ومع اللهجة القاسية للعقوبات، تحديداً فيما يتعلق بجهود إعادة أعمار البلاد والنهوض الاقتصادي، يتخوف بعضهم من تأثيرها بشكل غير مباشر على المدنيين. فرغم أن العقوبات ستعرقل بشكل أساسي بناء تجمعات فخمة، فإنها ستحول أيضاً دون إعادة تأهيل البنى التحتية، وإصلاح خدمات أساسية أخرى. فالإدارة الأميركية تعد أن الأسد يستغلّ مشاريع إعادة الأعمار لتعزيز موقعه في السلطة، ومصادرة الأملاك، وإعادة رسم التركيبة السكانية عبر انتزاع ملكية الفقراء.

إضافة إلى ذلك، سيظهر التأثير الأبرز لهذه العقوبات على قطاع الغاز والنفط المتأزم أصلاً. فسوريا تستورد نحو 60 في المائة من احتياجاتها المحلية للغاز، لكنّها بالكاد تستطيع تأمين 24 في المائة من احتياجات سكّانها في الوقت الحالي.

ولهذه الأسباب، وفي محاولة منهم لتحديد أطر لحماية المدنيين، أضاف المشرّعون بنوداً تستثني المساعدات الإنسانية من العقوبات، وذلك عبر إعطاء الرئيس الأميركي صلاحية عدم فرض العقوبات على المنظمات غير الحكومية التي توفر المساعدات الإنسانية لسوريا.

ورغم اللغة القاسية للقانون، فإن بنوده تشدد على أن الولايات المتحدة منفتحة على الحل الدبلوماسي، لكن بشروط. ومن يقرأ هذه الشروط يعلم أن التسوية مستحيلة من دون تنحّي نظام الأسد، ووقف دعم روسيا وإيران له، إذ يضع القانون شروطاً ستة لرفع العقوبات الأميركية، وهي: وقف قصف المدنيين من قبل الطائرات الروسية والسورية، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة من قبل القوات الإيرانية والروسية والسورية، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية وتحرّك المدنيين بحرّية، وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، والسماح بدخول منظمات حقوق الإنسان إلى السجون والمعتقلات السورية، ووقف قصف المراكز الطبية والمدارس والمناطق السكنية والتجمعات المدنية كالأسواق من قبل القوات السورية والإيرانية والروسية، والمجموعات التابعة لها، وعودة المهجّرين السوريين بطريقة آمنة إرادية محترمة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، وإحقاق العدالة لضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري.

ويعوّل أعضاء الكونغرس والإدارة على أن تؤدي هذه العقوبات القاسية إلى قلب الطاولة على نظام الأسد، وسحب الغطاء الروسي.

– لماذا سُمّي «قانون قيصر»؟

> أُطلق على القانون اسم «قانون قيصر» تيمناً بالمصوّر العسكري السوري الذي انشقّ عن النظام، وهرّب أكثر من 55 ألف صورة توثّق جرائم الأسد في السجون والمعتقلات في البلاد. وقد زار قيصر الكونغرس باستمرار على مدى الأعوام الماضية، وعرض صوره على المشرعين، لحثّهم على ضرورة الضغط على نظام الأسد لوقف جرائمه. وعُرف قيصر في أروقة الكونغرس بمعطفه الأزرق الذي يغطي معالم وجهه، والقفازات التي تخفي يديه، فهو يخشى من ظهور أي علامة قد تشير إلى هويته، وتؤدي إلى ملاحقته من قبل النظام السوري.

ويقترح القانون، من دون الإلزام، فرض عقوبات متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان على مسؤولين سوريين، بدءاً من الرئيس السوري ورئيس الوزراء ونائبه، مروراً بقادة القوات المسلحة البرية والبحرية ومسؤولي الاستخبارات، وصولاً إلى المسؤولين في وزارة الداخلية من إدارة الأمن السياسي والمخابرات والشرطة، وقادة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، والمسؤولين عن السجون التي يسيطر عليها النظام ورؤساء الفروع الأمنية كافّة.

الشرق الأوسط»

—————————-

قيصر” الأمريكي حلّ على سوريا فماذا عن “القيصر” الروسي؟/ رلى موفّق

بيروت-“القدس العربي”: تتطلّع بيروت بقلق إلى ما ينتظرها مع دخول قانون “قيصر” حيّز التنفيذ في غضون أيام. هذا القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي ووقعه الرئيس في كانون الأول/ديسمبر 2019 سيقضّ مضاجع كثيرين في لبنان، بدءاً من أركان السلطة مروراً بـ”حزب الله” وحلفائه وصولاً إلى اللبنانيين عموماً إذا ما تعاملوا مع النظام السوري بشكل مباشر أو غير مباشر.

قبل أسابيع، قدَّم الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، مطالعة اقتصادية لحاجة لبنان إلى إعادة ترتيب العلاقات الرسمية مع النظام السوري. وبَّخ الحكومة، التي يديرها من الخلف، كيف أنها تطرق أبواب العالم للحصول على المساعدات وتذهب إلى صندوق النقد الدولي، بينما هناك طريق واضح وعقلاني: طريق بيروت – دمشق – بغداد الذي يتطلب عودة المياه السياسية إلى مجاريها مع نظام الأسد. اتّكأ على خطر الانهيار الاقتصادي وخطر المجاعة لمطالبة لبنان بالتوجه نحو الشرق بدل الغرب، والانخراط في محور إيران وامتداداته إلى روسيا والصين. نظّر بأن سوريا حاجة لبنانية، ورفع الصوت في وجه الدعوات لنشر قوات دولية على الحدود بين البلدين، بوصفها أحد أهداف حرب تموز/يوليو 2006، محذراً من “أن ذلك لا علاقة له بالاقتصاد أو منع التهريب، بل له علاقة بقوة الردع التي تحمي لبنان في مواجهة الأطماع الإسرائيلية”.

في خلفية المشهد، تحضر مفاعيل قانون “قيصر”. فـ”حزب الله” سيواجه مزيداً من الضغوط على الساحة اللبنانية، ومعه سيعيش حلفاؤه قلقاً مريعاً من أن تطالهم “العصا” الأمريكية. يقول الأستاذ في القانون الدولي د. أنطوان صفير إن قانون “قيصر” المخصص للمسألة السورية، ينص على “معاقبة كل من يقدّم أي مساعدة أو أي دعم أو أي تواصل مع النظام في سوريا. وهو يأتي في صيغة شاملة، بحيث لا يفرّق بين الشركات والأشخاص والدول والمؤسسات أو المنظمات غير الحكومية، وما سواها. وعليه، ستقع تحت طائلته دول ومنظمات ومؤسسات وتجّار وشركات وبنوك تتعامل مع النظام السوري بشكل مباشر أو غير مباشر. وعندما نتكلم عن معونة أو عن دعم، فذلك يشمل ما هو مالي ومصرفي وتجاري وعسكري”.

هذه القنوات المالية والمصرفية والتجارية والعسكرية مفتوحة بين البلدين بطرق مباشرة والتفافية. من هنا يُبدي كثير من الخبراء اقتناعاً بأنه ستكون للقانون تداعيات على لبنان. في رأي صفير أن “التداعيات على لبنان تأتي من بأب أن هناك أفرقاءً وشخصيات وتيارات وأحزاباً وتجّاراً ومصارف يتعاونون مع النظام السوري ويقدّمون له الدعم، ويتواصلون معه، أو يشكلون امتداداً لسياسته في لبنان”، لكنها أيضاً ستأتي “من باب أي تعاون مستقبلي ممكن أن يقوم بين الدولة اللبنانية والدولة السورية أو شركات، أو بين أحزاب لبنانية والدولة السورية، أو بين شخصيات لبنانية والدولة السورية”.

“قيصر” لبناني قيد الإعداد

وما سيضاعف من تعقيد الأمور على لبنان، ويُفاقم من المحاذير، وفق أستاذ القانون الدولي، وجود مشروع قانون آخر في الكونغرس الأمريكي يشبه قانون “قيصر” ولكن يتعلق بلبنان، أي أنه يقطع كل مساعدة، ويمنع الدعم الدولي، أي دعم المؤسسات الدولية والمنظمات الدولية والدول طبعاً، وهذا ما يُشكّل طبعاً حالة اختناق للبنان في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.

في توصيف الخارجية الأمريكية، فإن القانون يرسل إشارة واضحة مفادها أنه لا ينبغي لأي طرف خارجي الدخول في أعمال مع هذا النظام أو أعمال تؤدّي إلى إثرائه. هذا يتناول بالطبع روسيا وإيران، لكنها أيضاً تدق جرس الإنذار للعراق ولبنان الواقعين تحت تأثير نفوذ طهران، وكذلك تُرسل رسائل ملطّفة إلى حلفائها الذين يحاول بعضهم مدّ يد العون إلى نظام الأسد لحسابات سياسية أخرى.

دور رئيسي لزكّا

أهمية القانون، كما يقول متابعون، تكمن في أنه جزء من المنظومة القانونية الأمريكية. وهناك آليات وفريق عمل متخصص، يُعرف بـفريق “قيصر”، بينه المعتقل السابق في إيران اللبناني -الأمريكي نزار زكا الذي كشف عن “وجود دفعات أربع من العقوبات ستطلق اعتباراً من منتصف تموز/يوليو وحتى نهاية آب/أغسطس تتضمّن أسماء مسؤولين وشركات خاصة في سوريا ولبنان والعراق وإيران وروسيا. وأن العقوبات ستشمل كيانات حزبية وشركات وأفراداً قدّموا الدعم الاقتصادي والسياسي للنظام السوري منذ تاريخ توقيعه في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى اليوم”. ويلفت زكا إلى أن “قانون قيصر” يختلف عن العقوبات السابقة، لأنه يشمل كل من يتعامل مع النظام من داخل سوريا وخارجها، وسيطال مواقع داخل الدولة على عكس العقوبات السابقة التي كانت تطال أفراداً محددين.

لم يظن المصور السوري المنشق (يُعتقد أنه ينتمي لمنطقة حوران) الذي حمل صوره الـ55 ألفاً العائدة لـ11 ألف معتقل إلى العالم دليلاً دامغاً على جرائم حرب ارتكبتها منظومة الأسد التي سيطالها الحساب طال الزمن أو قصر، أن جهده السري سيكون بمثابة المقصلة التي لن تطال النظام السوري فحسب، بل دول المحور الداعم له والجماعات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي وفّرت له فرص “صموده” على مدى الأعوام الأخيرة.

وبهذا المعنى فإن قانون “قيصر” الأمريكي ستكون له مفاعيل إقليمية ضاغطة تلقي بأثقالها على لبنان، الذي غالباً ما اعتبر “الحديقة الخلفية” لسوريا التي عاندت طويلاً الاعتراف بـ”بلاد الأرز” كدولة وكيان وتفادت ترسيم الحدود “المفتوحة” بين البلدين.

وفي رأي دوائر مراقبة في بيروت أن قانون “قيصر” بقدر ما هو لمحاصرة النظام في سوريا ومنع الأوكسجين عنه وعزله، سيكون رسالة صارمة للبنان الذي أدى اختلال التوازن السياسي الداخلي فيه إلى قيام حكم (رئاسة وحكومة وبرلمان) يشكل امتداداً لـ”محور الممانعة”.

ولم يكن عابراً جنوح الحكم في لبنان في اتجاه التلويح الدائم بالحاجة إلى تطبيع العلاقة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تارة من بوابة النازحين وتارة أخرى عبر النافذة الاقتصادية في لحظة الانهيار المالي – المعيشي الذي تعانيه بيروت.

وغالباً ما شكّلت الدعوة للانفتاح على النظام السوري عنصر التماهي الرئيسي بين “حزب الله” وحليفه المسيحي، أي فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهو ما يأخذ بعداً “أيديولوجياً” من خلال المجاهرة بـ”المشرقية” كخيار لانتزاع لبنان من عروبته، وإلحاقه بمحور “تحالف الأقليات” الذي تتقاطع فيه أدوار إيران وروسيا.

ولم تكن هذه التوجهات الطاغية لدى حلفاء النظامين السوري والإيراني في بيروت مجرّد “نيات سياسية”، بل برزت ترجماتها الفعلية على شكل وقائع صادمة حين كشف النقاب أخيراً عن ان لبنان كان يُنفق منذ العام 2013 نحو 4 مليارات دولار على سلعة مدعومة (كالمحروقات) يتم تهريبها إلى سوريا مما حمّل الخزينة اللبنانية التي أصيبت بالخواء نحو 24 مليار دولار.

تداعيات “قيصر” لبنانياً

ويعتقد خبراء في السياسة والاقتصاد والقانون في بيروت أن المفاعيل اللبنانية لقانون “قيصر” ستأخذ أبعاداً بالغة التأثير، وفي مقدمها:

    الانتقال من محاصرة “حزب الله” بالعقوبات ومحاولة خنقه وإضعاف اقتصاده الموازي في لبنان، إلى ميدان آخر قضائي من خلال الدعاوى التي قد ترفع ضده في المحافل الدولية والأمريكية لمشاركته في قمع ثورة الشعب اللبناني.

ولأن قانون “قيصر” سيتعاطى مع “حزب الله” كأحد الأطراف التي آزرت الجيش السوري في حربه ضد شعبه، فإنه من المرجح أن تتسع مروحة العقوبات الأمريكية لتطال حلفاء لـ”الحزب” من خارج البيئة الشيعية، وهو ما ألمح إليه أخيراً مساعد وزير الخارجية الأمريكية ديفيد شنكر.

    وضع الحدود اللبنانية – السورية على الطاولة من زاوية الحاجة إلى وقف عمليات التهريب “الممنهجة” لتزويد نظام الأسد بمقومات الصمود، وسط “عين حمراء” دولية وأمريكية مردها إلى ما أصاب لبنان من انهيارات شكّل التهريب إلى سوريا أحد أسبابها، وما يصيب سوريا من خلال تطويل عمر نظام الأسد.

    إخضاع لبنان لمعاينة دقيقة نتيجة أدوار بعض رجالاته وشركاته ومؤسساته في دعم النظام السوري بأشكال مموّهة، وإسقاط الأوهام في إمكان الرهان على المشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا ودفع “فواتير سياسية” في معرض تقديم “أوراق اعتماد” لحلفاء الأسد في لبنان لهذه الغاية.

فمع دخول قانون “قيصر” حيّز التنفيذ أشياء كثيرة ستتغير في لبنان المسكون بصراع متعدد الأوجه منذ اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري في شباط/فبراير العام 2005، وهو الصراع الذي لن يهدأ رغم صعوده حيناً وخفوته أحياناً، غير أن السؤال الذي يزداد وطأة في بيروت هو: كيف سيواجه “حزب الله” مفاعيل القانون الأمريكي الجديد وتداعياته؟

لن يرفع “حزب الله” الرايات البيض رغم براغماتيته التي تجعله يشعر بأنه الأرض السياسية تهتز تحت قدميه، ومن المرجح أن يمارس سياسة المزيد من الهروب إلى الأمام عبر السعي إلى تطويع الوقائع التي يصعب ترويضها، وتالياً فإن من المتوقع أن يأخذ لبنان إلى مزيد من العزلة عن المجتمعين العربي والدولي عبر جعله “غزة ثانية” ملحقة بالتعبير الذي دخل القاموس السياسي اللبناني حديثاً، أي “السوق المشرقية”.

بعد تسعة أعوام على الثورة “المذبوحة” في سوريا، جاء قانون “قيصر” كأحد أبرز المنعطفات في مسار الأزمة التي تحوّلت إقليمية – دولية بامتياز، وربما يضاهي تحوّلات كثيرة حصلت كاستخدام الكيماوي من قبل النظام والانفلاش المريب لـ”داعش” ودخول إيران وميليشياتها ومجيء الروس.

ها هي أمريكا ترمي بقانون “قيصر” في تحوّل لا بدّ من انتظار صداه لدى “قيصر” موسكو، فلاديمير بوتين الذي جعل من نفسه “مايسترو” الملف السوري!

القدس العربي

—————————-

قيصر”يشق المعارضة..محاولة سعودية لإستهداف الائتلاف/ عقيل حسين

جدل كبير تفجر داخل أوساط المعارضة السورية بعد نشر صحيفة “عكاظ” السعودية لقاءً مع فريق المنشق الشهير عن النظام، المعروف باسم “قيصر”، تضمن انتقاداً حاداً للائتلاف الوطني واتهامات لبعض الشخصيات المعارضة بالسعي لتحقيق مكاسب خاصة من عمل فريق المصور السابق في الأمن الجنائي بدمشق، والذي سرّب أكثر من خمسين ألف صورة بعد فراره من سوريا، تظهر جثث معتقلين تم تعذيبهم حتى الموت في أفرع النظام الأمنية.

جدل كان يمكن أن لا يحظى باهتمام، واتهامات فضفاضة دون تحديد أسماء في اللقاء الذي نشر في 17 أيار/مايو، لولا قيام بعض المعارضين المعروفين بتوجيه اتهامات مباشرة لشخصيات بارزة في الائتلاف أو مقربين من هذه المؤسسة بالوقوف خلف ما وصفوه “بعملية ابتزاز وتهديد ومحاولة اختطاف قيصر”، بالإضافة إلى اتهام مؤسسة الائتلاف ذاتها بالعمل على الاستثمار في هذا الملف لتحقيق مكاسب سياسية.

الائتلاف كان قد سارع للرد على ما ورد في اللقاء، وخاصة الانتقادات والاتهامات التي وجهت إليه على لسان “سامي” شريك قيصر ومساعده الرئيسي في تجهيز الملف في سوريا وتهريبه إلى الخارج لاحقاً، عبر بيان قلّل فيه من أهمية ما ورد من اتهامات. وقال إن واجب الائتلاف كمؤسسة يفرض عليه أن يستثمر أي قانون يخدم مصالح الشعب السوري، وأن يتحرك انطلاقاً من هذا الواجب، كما أن أي شخص يقوم بتوثيق الجرائم إنما يقوم بواجبه، دون أن يصبح وكيلاً حصرياً عن الضحايا.

ولأن اتهامات “قيصر” أو فريقه لم تقتصر على مؤسسة الائتلاف فقط، بل تعدتها إلى الحديث عن أفراد وشخصيات في المعارضة، فقد اقتحم بعض المعارضين من خارج الائتلاف ساحة الجدل بقوة، وأخذوا على عاتقهم مهمة تفسير ما جاء في اللقاء الذي نشرته الصحيفة، وتحديد أسماء المتهمين المقصودين فيه، ما أحدث ضجة كبيرة.

ويبدو أن تفاعل الحدث على هذا الشكل، دفع المعارض عماد الدين رشيد، المتهم الأبرز، للرد، حيث نشر الاثنين على صفحته في فيسبوك بيان “توضيح حول ما نشرته جريدة عكاظ السعودية” نفي فيه بشكل غير مباشر الاتهامات التي توجه إليه، بل وشكّك كذلك في اللقاء الذي نشرته الصحيفة، مضيفاً أنه من أول من عمل على إيصال ما بحوزة قيصر من ملفات إلى المحاكم الدولية ودوائر صناع القرار في الولايات المتحدة وأوروبا.

وحذّر من أن يكون الهدف من إثارة هذا الجدل هو التأثير على مصداقية شهادة قيصر مع اقتراب تطبيق العقوبات الأميركية الجديدة على النظام السوري قائلاً: “إنني بحكم معرفتي بحيثيات ظروف قيصر الأمنية، أستبعد جداً أن يكون قد تهاون بأمنه وأجرى مقابلة صحافية”.

الصحيفة السعودية تلقفت على الفور بيان عماد الدين رشيد، ونشرت تعقيباً حمل عنوان “وكاد المريب أن يقول خذوني” رأت فيه أن رشيد أوقع نفسه بنفسه عندما قام بالرد على الاتهامات التي وردت في اللقاء رغم أن إسمه لم يذكر فيه صراحة. وأضافت “كان الأولى بعد مرور تسعة أيام على الحوار، أن ينفي كل من قيصر وسامي الحديث الصحافي، وهذا لم يحدث إطلاقاً”.

والواقع أن رشيد، المعارض المقيم في تركيا، لم يكن يدفع عن نفسه الاتهام غير المباشر الذي جاء في المقابلة بقدر ما كان يرد على الاتهامات المباشرة التي وجهها إليه معارضون آخرون، وفي مقدمتهم كمال اللبواني، الذي نشر أسماء محددة قال إن قيصر وسامي كانوا يقصدونها باتهاماتهم، وأكد في عدد من المنشورات على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي أن أربعة من أعضاء الائتلاف، بالإضافة إلى عماد الدين رشيد هم المقصودون بحديث فريق قيصر، ما أحدث ضجة كبيرة، زاد من حدتها حديث اللبواني عن أن فريق قيصر أكد هذه الاتهامات في شهادته أمام الكونغرس الأميركي.

لكن إحدى الشخصيات المعارضة التي تحدثت في جلسة الاستماع بالكونغرس هذه، أكدت ل”المدن”، أن قيصر لم يشر من قريب أو بعيد إلى هذه القضية خلال شهادته.

إلا أن كمال اللبواني، ورداً على هذا النفي الذي وضعته أمامه “المدن” قال: “شهادة قيصر ضد جهات وأسماء في المعارضة تم تسجيلها في تقرير سري سلم للكونغرس”.

ورغم أن اللبواني لم يذكر كيف تمكن من الاطلاع على التقرير السري، إلا أنه بدا واثقاً من المعلومات التي أوردها في السابق، وجدد التأكيد على الاتهامات التي ساقها ضد عماد الدين رشيد ب”محاولة التكسب مادياً من هذا الملف”، بالإضافة إلى اتهامه قيادياً في الائتلاف مقرب من رشيد، بأنه حاول اغراء “قيصر” وصديقه “سامي” بالمال من أجل التوجه إلى موسكو، قبل أن يبدأ مع ثلاثة أعضاء آخرين بتهديدهما وابتزازهما، على حد قوله.

ومع ذلك فإن اللبواني لم ينف محاولة التوظيف السياسي لهذه القضية في الصراع المحتدم بين السعودية وتركيا من أجل الهيمنة على المعارضة السورية، مشيراً إلى أن “السعودية تريد استخدام هذه الورقة ضد المعارضة التابعة لتركيا في إطار الصراع على اللجنة الدستورية والهيئة العليا للتفاوض”. وأضاف أن “التوظيف كان سيئاً والحقيقة كان يجب أن تقال بغير هذه الطريقة وبغير هذا المكان، الأمر الذي يسيء بالفعل للقضية ويضعف من الاتهامات التي أراها ثابتة”.

المدن

—————————

واشنطن تقدم عرضاً للأسد..للخروج من أزمته

كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري أن الولايات المتحدة قدمت عرضاً لرئيس النظام السوري بشار الأسد للخروج من الأزمة التي تعاني منها سوريا. وأوضح أن العقوبات الأميركية لعبت دوراً في انهيار العملة السورية.

وقال جيفري في وقت متأخر من ليل الأحد/الاثنين، إن انهيار قيمة العملة السورية كان إلى حد ما نتيجة الإجراءات التي اتخذنتها الولايات المتحدة. واعتبر أن هذا الانهيار دليل على أن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تعويم النظام السوري، وعلى أن النظام نفسه لم يعد قادراً على إدارة سياسة اقتصادية فاعلة.

وأضاف جيفري أن النظام السوري لم يعد قادراً على تبييض الاموال في المصارف اللبنانية التي تعاني بدورها من أزمة، في إشارة إلى شح الدولار في المصارف اللبنانية، مع انخفاض احتياطيات المصرف المركزي.

وكشف جيفري أن واشنطن قدّمت للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة. وقال: “إذا كان الأسد مهتماً بشعبه سيقبل العرض ونحن على تواصل مستمر مع الروس ومع اللاعبين البارزين والآخرين ومع المعارضة السورية التي يجب أن تبقى موحدة”.

وأوضح أن قانون “قيصر” يعطينا صلاحية يمكن استخدامها وفقاً لما نراه مناسباً لتحقيق سياستنا وسنتخذ إجراءات ضد الأنشطة التي نرى أنها تُبقي الأسد قادراً على معارضة العملية السياسية وتُبقي قواته في الميدان. وتابع: “نحن نقرر الأنشطة التي تشملها للعقوبات وقيصر لا يحدد أن كل القطاعات التي تنشط في مجال معين ستخضع تلقائيا للعقوبات”.

وقال: “إذا تم خرق وقف إطلاق النار سنزيد الضغط الاقتصادي والدبلوماسي وسننسق مع الأتراك، بحسب ما قاله الرئيس دونالد ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول طبيعة الدعم الذي نقدمه لهم في إدلب”.

وتابع: “نريد أن نرى عملية سياسية ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام لأنه لا يمكننا المطالبة بذلك بينما نعمل تحت مظلة الامم المتحدة”. وأضاف “نطالب بتغيير سلوك النظام وعدم تأمينه مأوىً للمنظمات الإرهابية، وعدم استعماله السلاح الكيماوي ضد شعبه وجيرانه، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لتبسط هيمنتها على دول في المنطقة”.

وأكد جيفري أن “هدف الولايات المتحدة هو إخراج كل القوات الإيرانية من سوريا”، معتبراً أنها “سبب الكثير من الأعمال السيئة التي تحصل هناك”. وقال: “العقوبات المشمولة بقانون قيصر ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل أوتوماتيكي، وأي تعامل بين أي دولة وبين النظام الإيراني، وخرقها ستكون له تبعات على الدول غير الملتزمة”.

وأوضح المبعوث الأميركي أن “الأوروبيين شركاؤنا ويجب التمييز بين موقفهم معنا تجاه سوريا وبين موقفهم تجاه إيران، كما أن هناك فروقاً بين موقف حكومتنا وبين مواقف حكومات اوروبية تجاه السياسة الخاصة بإيران”.

وأعلن حرص الولايات المتحدة على ثلاثة أمور هي: تطبيق العقوبات الاقتصادية على النظام وداعميه، وعلى الانشطة التي تساعده على قمع شعبه. ألا تتم إعادة إعمار سوريا في ظل نظام الأسد، وروسيا وايران والنظام السوري لا يوفرون وسيلة لدفعنا الى تمويل إعادة الإعمار لكننا لن نفعل ذلك. ونحرص على ألا تقدم أي جهة دولية على تمويل الاعمار في ظل هذا النظام.

المدن

—————————

 جذور رامي مخلوف تُعمّق جراح الموالين

«قانون قيصر» يخنق أسواق دمشق قبل 10 أيام من تنفيذه

لندن: إبراهيم حميدي

كان مفاجئاً الظهور المتكرر لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف، على موقع «فيسبوك»، بدءاً من 20 أبريل (نيسان) الماضي، سواء في بيانات أو فيديوهات بثها من يعفور قرب دمشق، بدأت مطلبية، ثم تحولت إلى تحذيرية، لأمرين: الأول، أنه ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، ومعروف أنه يملك ثروة مالية ضخمة داخل البلاد وخارجها. والثاني، أنه لم تجرِ العادة خلال السنوات والعقود الماضية على أن يتجرأ شخص من «النواة الصلبة»، على توجيه انتقادات مباشرة، أو غير مباشرة، وهو موجود داخل سوريا.

ومنذ بروز مخلوف بصورته الجديدة، كان التركيز على ثروته ومؤسساته المالية، ونزاعه مع الحكومة حول «سيريتل». لكن العودة إلى جذوره و«أدواته» السياسية والاجتماعية تلقي ضوءاً إضافياً على خلفيات «تمرده» و«حصانته الموقتة»، الأمر الذي قُوبل بتفكيك شبكاته وشركاته السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، وإحداث جروح أو شقوق بين الموالين.

وسجّلت الليرة السورية، أمس، تدهوراً قياسياً، لتتخطى عتبة 2400 مقابل الدولار، قبل 10 أيام من تطبيق عقوبات أميركية جديدة عبر «قانون قيصر». وانعكس هذا ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية الرئيسية والأدوية.

——————————

قانون قيصر لم يطبق بعد.. لماذا انهارت الليرة السورية؟

قال الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض خالد خوجة إن انهيار الليرة السورية بدأ مع شن النظام السوري الحرب على الشعب، أما الانهيار الاقتصادي فقد بدأ منذ العام 2005 حيث كان نصف الشعب تحت خط الفقر.

وأضاف خوجة في تصريحات لحلقة الاثنين (2020/6/8) من برنامج “ما وراء الخبر”، أن النظام عمل على حصر الأموال في مجموعة من المقربين منه، والخلاف الذي حدث مؤخرا مع رامي مخلوف -أحد أبرز رجال الأعمال وابن خال الرئيس بشار الأسد- إنما هو بسبب اقتسام هذه الأموال، معتبرا أن الأزمة الاقتصادية في لبنان أثرت بقوة على الليرة السورية.

وتابع أن قانون “قيصر” الأميركي يقضي بفرض عقوبات على الأنشطة التي يقوم بها النظام السوري لا على النظام نفسه، معتبرا أنه بمثابة ذر للرماد في العيون، وأنه مجرد تبرير من الإدارة الأميركية لخذلانها الشعب السوري وعدم محاسبتها النظام السوري بعد أن قصف السوريين بالسلاح الكيميائي، وارتكب العديد من المجازر بحقهم.

في المقابل، يرى الكاتب الصحفي يونس عودة أن انهيار الليرة السورية يعود بالدرجة الأولى إلى الحرب التي تشن على سوريا منذ عشر سنوات، واعتبر أن استخدام الورقة الاقتصادية محاولة لتركيع النظام من أجل خدمة الكيان الصهيوني في المنطقة، وأن فرض أميركا قانون “قيصر” هو من باب التدخل في شؤون الغير، مشددا على أنه ليس من حقها فرض هذه الإجراءات.

وأضاف عودة أن القانون يهدف إلى محاربة الشعب السوري والمواقف السورية من كل القضايا في المنطقة، واستبعد فرض أي حل في سوريا دون أخذ رأي الشعب لأنه جزء من البلاد، “كما أن الشعب قاوم كل مشاريع التدمير التي تحاك ضد سوريا منذ العام 2011”.

من جهته، قال مدير مركز الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس إن هدف واشنطن هو تغيير النظام السوري، وترى الإدارة الأميركية أن الضغط الاقتصادي سيحفز الشعب على الانتفاضة ضد النظام والتعجيل بانتخابات تزيحه من السلطة.

وأضاف لانديس أن العقوبات الاقتصادية ستؤذي النظام، لكن المتضرر الأكبر منها هو الشعب السوري، مستدعيا ما حدث في العراق في تسعينيات القرن الماضي حين مات العديد من العراقيين بسبب الجوع الناجم عن الحصار.

وتابع بأن الاتحاد الأوروبي طالب بوقف العقوبات بسبب جائحة كورونا، إلا أن الإدارة الأميركية رفضت هذه الطلبات، وترى أن الضغط الأقصى سيؤدي إلى انهيار النظام.

وينص قانون “قيصر” على فرض عقوبات جديدة على كل من يدعم الحكومة السورية ماليا أو عينيا أو تكنولوجيا، كما يفرض عقوبات على بشار الأسد ومن يقدمون الدعم لأفراد نظام.

——————————

نزيف الليرة.. تجدد الاحتجاجات جنوبي سوريا قبيل أيام من تطبيق قانون قيصر

تجددت اليوم الاثنين المظاهرات في السويداء جنوبي سوريا احتجاجا على تردي الوضع المعيشي جراء الانهيار الكبير لسعر صرف الليرة (العملة المحلية) وغلاء الأسعار، وذلك قبيل أيام من بدء تطبيق “قانون قيصر” الذي سيضم عقوبات أميركية قاسية قد تشل الاقتصاد السوري المتهالك.

ولليوم الثاني على التوالي، شهدت مدينة السويداء مظاهرات مناهضة لنظام بشار الأسد، احتجاجا على تدهور الوضع المعيشي وغلاء الأسعار في مناطق سيطرة النظام، وعدم قدرة السكان على تأمين احتياجاتهم.

وفي مدينة طَفَس بريف درعا قرب الحدود مع الأردن، خرجت أمس مظاهرات احتجاجا على النظام الذي حملوه مسؤولية ارتفاع الأسعار، والأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها.

وأطلق ناشطون في السويداء ودرعا حملة باسم “بدنا نعيش”، وعبروا من خلالها عن غضبهم، سواء في الشوارع أو وسائل التواصل الاجتماعي.

    #متداول || مظاهرات غاضبة تجوب مدينة #السويداء تطالب نظام الأسد بالرحيل على إثر تدهور #الليرة_السورية وغلاء المعيشة#الأمل_ميديا #السويداء_تنتفض #Syria pic.twitter.com/sKmr6fTrPv

    — الأمل ميديا-Alamal Media (@alamlmediatv) June 7, 2020

هبوط تاريخي

وتأتي الاحتجاجات في وقت تواصل فيه الليرة هبوطها الكبير أمام الدولار، مسجلة أدنى مستوى لها في تاريخها، بعد أن تجاوز سعر صرف الدولار 3200 ليرة بالسوق السوداء، وبهذا يرتفع سعر صرف الدولار بأكثر من مئتين في المئة مقابل الليرة منذ مطلع العام الجاري.

وكان الدولار يساوي 45 ليرة عام 2011، والذي انطلقت فيه الثورة ضد نظام الأسد.

وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء عماد خميس إن سعر الصرف تأثر بفعل تشديد العقوبات الخارجية والأوضاع في بعض الدول المجاورة. وأضاف أن حكومته تتابع إجراءات لضبط سعر الصرف، من بينها فتح ملفات فساد كبيرة، ومنع التعامل بغير الليرة، واعتبر أن العقوبات الأميركية “تستهدف لقمة عيش المواطن، وعمل مؤسسات دولته”.

    رئيس حكومة الأسد عماد خميس:ما يحدث اليوم ضد الليرة جزء من الحرب الكونية الكبرى.#تعليق: من يسأل هذا المعتوه كيف ستصمد الليرة بدون إمدادات للخزينة؟

    غاز ما في, نفط مافي,قطن ما في,قمح ما في,مصانع ما في, الموانئ بعتوها, الفوسفات بعتوه, المعابر الحدودية بعتوها.

    كيف بدك تثبت الليرة؟

    — العميد ركن أحمد رحال (@rahhalahmad06) June 8, 2020

قانون قيصر

بالمقابل، قال المبعوث الأميركي لسوريا جيمس جيفري أمس إن بلاده قدمت للأسد طريقة للخروج من أزمة الليرة، وإنه إذا كان مهتما بشعبه فسيقبل العرض. وأضاف جيفري أن واشنطن تريد أن ترى عملية سياسية، ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، فهي تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى “للمنظمات الإرهابية”  أو قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة.

واعتبر المبعوث الأميركي، في لقاء عبر الإنترنت، أن العقوبات المشمولة بقانون “حماية المدنيين السوريين” -المعروف بقانون قيصر- ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي، وكذلك أي تعامل مع النظام الإيراني.

وأرجع جيفري انهيار الليرة لقيود أميركية منعت النظامَ من غسل أمواله بمصارف لبنان، ولرد الولايات المتحدة المفترض في حال قيام دول أوروبية أو الصين أو الإمارات بتقويض تطبيق قانون قيصر الذي يفرض عقوبات على أي جهة في العالم تتعامل مع حكومة دمشق أو توفر لها التمويل، بما في ذلك البنك المركزي أو أجهزة الاستخبارات والأمن السورية.

—————————–

تظاهرات في السويداء تطالب الأسد بالرحيل.. ما علاقة قانون قيصر بذلك؟

خرجت احتجاجات شعبية لليوم الثاني على التوالي في محافظة السويداء جنوب سوريا، ردًا على تردي الأوضاع الاقتصادية مع اقتراب دخول المرحلة الأولى من قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين حيز التنفيذ، وهو القانون الذي يفرض عقوبات تعتبر الأشد في تاريخ العقوبات الأمريكية على النظام السوري، وكل من يدعمه ماليًا أو عينيًا أو تكنولوجيًا، إضافةً للكيانات والشركات المحلية التي اعتمد عليها خلال الأعوام الماضية لتمويل عملياته العسكرية التي مكنته من السيطرة على أكثر من 75 بالمائة من المناطق الخارجة عن سيطرته.

وكانت السويداء قد شهدت خلال الأسابيع الماضية تنفيذ نشطاء للعديد من الاعتصامات والتظاهرات الاحتجاجية حملت عنوان “بدنا نعيش”، غير أن التظاهرات التي بدأت منذ يوم السبت الماضي بمشاركة عشرات النشطاء توسعت مطالبها لتنادي برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، وخروج القوات الأجنبية من سوريا على رأسها روسيا وإيران.\

بينما أظهرت مقاطع مصورة انتشرت على نطاق واسع بين السوريين ترديد المتظاهرين لهتافات: “يا إدلب السويداء معاكي للموت” و”الشعب يريد إسقاط النظام” و”و”يرحم روحك يا سلطان البلد صارت لإيران”، في إشارة للزعيم السوري سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي في ثلاثينيات القرن الماضي، الذي ينحدر من جبل العرب.

كما قالت شبكة السويداء 24 المحلية إن النظام السوري استقدم إلى محيط مبنى المحافظة تعزيزات أمنية من وحدات الأمن الداخلي وحفظ النظام على خلفية التظاهرة الغاضبة التي خرجت الأحد، وأضافت أن استقدام التعزيزات الأمنية جاء بالتزامن مع وصول وفد من الضباط والمسؤولين، ودخولهم إلى مبنى المحافظة بغية عقد اجتماع على خلفية التطورات الأخيرة، دون أن تضيف المزيد من التفاصيل.

وتأتي التظاهرات التي تشهدها السويداء قبل أقل من 10 أيام على دخول قانون قيصر الأمريكي حيز التنفيذ، بعد موافقة النواب والمشرعين الأمريكيين على تفاصيل بنوده، قبل أن يصادق عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من العام الماضي، على أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 17 حزيران/يونيو الجاري، وذلك بعد ثلاث سنوات من الشد والجذب بين الجمهوريين والديمقراطيين للموافقة على بنوده التفصيلية.

ما هو قانون قيصر؟

تأتي تسمية القانون الأمريكي بـ”قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” من اسم المصور العسكري السوري السابق الملقب بقيصر، وهو شخص لا يزال مجهول الهوية حفاظًا على سلامته الشخصية، وقام بعد إعلان انشقاقه عن النظام السوري بتسريب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قتلوا تحت التعذيب في معتقلات النظام السوري.

وأثارت صوره التي أظهرت جثثًا لأشخاص ملقين على الأرض ماتوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري ردود فعل غاضبة في أوروبا وواشنطن، حيث تم عرضها في مبنى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وفي مبنى الكابيتول هيل الأمريكي، فضلًا عن حضوره شخصيًا إلى مبنى الكابيتول أكثر من مرة للحديث عن معاناة المعتقلين  في سجون النظام السوري.

يشمل القانون في مرحلته الأولى سلسلة من العقوبات الاقتصادية المشددة ضد النظام السوري وحلفائه، والشركات والأفراد المرتبطين به، وحلفاء النظام السوري الرئيسيين روسيا وإيران، وكل شخص أو جهة، أو دولة تتعامل معه، وتعتبر هذه العقوبات حال تطبيقها، الحد الأعلى ما دون التدخل العسكري المباشر الذي يمكن أن يتعرض له النظام السوري.

تشير وكالة الأناضول في معرض تعليقها على القانون الأمريكي إلى أنه ينسجم إلى حد كبير مع قراري مجلس الأمن 2118 و2254 الخاصين بسوريا، ويلقي بمسؤولية التنفيذ والالتزام على النظام وكل من روسيا وإيران، وبالتالي فهو يجعل من الروس “شركاء تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة”، كما يعزز من مدى العقوبات المفروضة على إيران لتشمل المؤسسات والهيئات ذات الصلة “غير المعلنة”، وتتحرك عبر يافطات مختلفة في لبنان وقبرص ودول أخرى.

ومن المتوقع أن يؤدي قانون قيصر لحظة دخوله حيز التنفيذ إلى شل مفاصل اقتصاد النظام السوري باستهدافه البنية المالية، بدءًا من مصرف سوريا المركزي الشريان الاقتصادي للكيانات المرتبطة بالنظام السوري، إضافة إلى وضع قيود على حركة التبادل الاقتصادي بين النظام وحلفائه، لجهة إمداده بالمواد والأموال وكل ما يساعده على استمرار حربه ضد السوريين.

الليرة السورية في أسوأ معدلاتها منذ سنوات

سجلت الليرة السورية أسوأ معدل لها منذ عام 2011، ووفقًا لموقع الليرة اليوم فإن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي وصل حتى لحظة إعداد التقرير إلى 3.100 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، في حين سجلت الليرة سعر 3.491 ليرة مقابل اليورو الواحد، علمًا أن متوسط الأجور الشهرية للعاملين في مؤسسات النظام السوري لا يتجاوز 38 ألف ليرة سورية شهريًا، أي ما يعادل 13 دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أسرة مكونة من ثلاثة أشخاص تحتاج إلى ما لا يقل عن مائتي ألف شهريًا لتأمين أبسط مستلزمات المعيشة اليومية، في وقت وصل فيه متوسط الإيجار الشهري لمنزل في المناطق العشوائية 50 ألف ليرة شهريًا.

فيما أكدت مصادر محلية من دمشق في حديث لـ”ألترا صوت” إغلاق غالبية المحال في الأسواق الشعبية بسبب ارتفاع الأسعار “بشكل هيستيري” على حد تعبيرها، مشيرة لإغلاق الصيدليات بعد توقف المعامل الطبية عن العمل بسبب منعهم من قبل النظام السوري من التعامل بالدولار الأمريكي، وتهديدهم بالملاحقة قضائيًا في تهم تصل عقوبتها للحبس سبعة سنوات.

وكان الأسد قد أصدر مرسومًا تشريعيًا مطلع العام الجاري ينص على معاقبة كل من يتعامل داخل مناطق سيطرته بالدولار الأمريكي، وأشار المرسوم في مضمونه إلى أنه “يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات والغرامة المالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة” بغير الليرة السورية، وقالت تقارير صحفية محلية إن غالبية المحال التجارية في مناطق سيطرة النظام السوري أغلقت أبوابها بسبب تدهور الحالة الاقتصادية، وعدم توفر القدرة الشرائية عند معظم السوريين.

فيماتداولت صفحات موالية للنظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي رسالة لأصحاب المطاعم في محافظة حمص أعلنوا فيها إغلاق مطاعمهم حتى استقرار السوق على سعر صرف الليرة، ووفقًا لمصادر محلية تحدثت لـ”ألترا صوت” فإن غالبية التجار لا يمكنهم استيراد المواد الأولية التي لا تشملها العقوبات الأمريكية، بسبب تشديد النظام السوري عبر مصرف سوريا المركزي على إجراء جميع تعاملاتهم المالية مع الخارج بالعملة المحلية.

بينما كانت مناطق الإدارة الذاتية التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدعم أمريكي، قد أصدرت قرارًا يمنع خروج مادة القمح من مناطق سيطرتها إلى مناطق النظام السوري، محذرةً من أن أي مخالفة ستحيل صاحبها للمساءلة القانونية، وأشار الصحفي أيمن عبد النور إلى أن القرار جاء ردًا على عرض النظام شراء الكيلو الواحد بـ400 ليرة من مزارعي المنطقة.

يضيف عبد النور أن قرار منع بيع القمح للنظام السوري سيؤدي لما وصفه “بأزمة قاتلة” في تأمين مادة الخبز، التي تعتبر مكونًا غذائيًا أساسيًا للسوريين، وتابع موضحًا أن كمية القمح المتواجدة في مستودعات النظام السوري لا تكفي لأكثر من شهر، في ظل مواجهته صعوبة في استيراد القمح من الخارج، نظرًا لاقتراب قانون قيصر الدخول حيز التنفيذ، وعدم توفر قطع النقد الأجنبي لشراء القمح من الشركات الروسية.

 الترا صوت

—————————-

قانون قيصر” يدخل حيّز التنفيذ قريباً… تداعياته على لبنان وشكل المواجهة المقبلة/ حنان حمدان

في الأيام الأخيرة، بدأ النقاش يتفاعل بشأن قانون العقوبات الجديد “قانون قيصر” (Caesar Act) الذي تعتزم الولايات المتحدة الأميركية تطبيقه على سوريا. ويشمل النظام وحلفاءه وكل من يتعامل معه من أفراد وشركات أو يقدم إليه مساعدة ولو بالمجان، ويُفترض أن يدخل القانون حيز التنفيذ منتصف حزيران/يونيو الجاري.

وبرغم عدم ذكر لبنان صراحة في القانون، أوحت مؤشرات وتصريحات أمريكية أن للقرار تداعياته على الدول المجاورة، ومنها لبنان، وهذا ما يطرح علامات استفهام حول حجم هذه التداعيات وشكل المواجهة المحتملة.

ففي 27 أيار/مايو الماضي، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكية ديفيد شينكر: “سننظر في حزمة من العقوبات ونرى ما يمكن تنفيذه، وستشمل شخصيات من التحالف السياسي الداعم للحكومة اللبنانية، أي حلفاء حزب الله”.

ويتزامن تفاعل النقاش بشأن هذا القانون مع ارتفاع وتيرة الحديث عن ضبط المعابر غير الشرعية والحدود اللبنانية السورية، وفي وقت يستكمل لبنان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لمواجهة أزمته المالية وفق خطة الحكومة الإقتصادية التي أقرتها في 30 نيسان/أبريل 2020. ولطالما اعتبر الصندوق إجراءات وقف التهريب شرطاً أساسياً لتقديم المساعدة للبنان، في حين يحضر حزب الله عند الحديث عن الجهة المسيطرة على غالبية المعابر الحدودية.

وللحد من التهريب، قررت الحكومة اللبنانية في 14 أيار/مايو 2020 مصادرة جميع المواد التي يتم إدخالها أو إخراجها من البلاد بصورة غير شرعية، وكذلك الآليات التي تقلها، بعد جدل سياسي بشأن تهريب مادتيْ المازوت والطحين المدعوم من الدولة اللبنانية التي تعاني أزمة اقتصادية حادة، عبر هذه المعابر الى سوريا، وهذا ما يستنزف الخزينة العامة.

وقال رئيس الحكومة حسان دياب في 29 أيار/مايو الماضي: “سنوقف اقتصاد التهريب عبر إقفال هذه المعابر التي تتسبب بأضرار كبيرة للدولة اللبنانية وتستفيد منها حفنة من المهربين”. علماً أنّ الحدود اللبنانية السورية مغلقة منذ شهرين في إطار إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا في البلاد.

اللافت أن هذا القانون يأتي بالتوازي مع تقديم السيناتور الأمريكي تيد كروز مشروع قانون في الكونغرس ضد لبنان بذريعة أن لبنان هو تحت سلطة حزب الله، وفق ما لفت إليه الخبير القانوني الدولي في الشؤون الاقتصادية علي زبيب لرصيف22، مشيراً الى التوقيت المشبوه لهذه القوانين.

وربط زبيب التوقيت بصدور القانون في سياق تفاوض لبنان مع المؤسسات المالية التي يمكن أن تكون حريصة على تأخير المفاوضات أو عدم مد لبنان بالأموال اللازمة، وذلك حتى تبيان طبيعة القانون، وخشية من أن يستخدم لبنان المساعدات للتعاطي اقتصادياً مع سوريا، أو لشراء مواد تُهرّب عبر المعابر غير الشرعية، لذا كان إصرار صندوق النقد على منع التهريب.

يعتبر معظم الخبراء المتابعين لهذا الملف أن انكشاف مدى تأثر لبنان بهذا القانون يبقى رهناً للوقت، وتتضح معالمه مع انطلاقة تطبيقه، إذ لا يزال مبهماً بعض الشيء ولا يمكن حسم تبعاته. لذلك يترقب الجميع راهناً ما ستؤول إليه الأمور في الأيام والأسابيع المقبلة.

فعلياً تنقسم الآراء، من باب التوقعات، بين من يعتبر أن القانون سيشكل خطراً على لبنان وبين من يقول إنه ليس بهذه الخطورة ويمكن الالتفاف عليه. وبمعزل عن هذا وذاك، يجد فريق ثالث أن لبنان لا يملك ترف الاعتراض وعدم التزام القانون.

لا يعتقد الخبير الاقتصادي جاد شعبان، وهو أستاذ مشارك في الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في بيروت، أن لهذا القانون مفاعيل خطرة على لبنان في المدى المنظور، وذلك لسببين أساسيين يختصرهما بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين ليس كبيراً وغير واضح المعالم والتعامل الرسمي الحالي مع سوريا شبه مقطوع، ويرى أن الآثار ستظهر على المدى البعيد في الأغلب، بحسب ما قاله لرصيف22.

في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي حسن مقلد لرصيف22: “فعلياً لم يكن هناك مستوى من الاندفاع اللبناني على مدى السنوات السابقة للعمل في سوريا على قدر ما تفرضه الضرورة والمصلحة والعلاقات بين البلدين. وعلى المستوى السياسي، فإن الدولة اللبنانية لا تتعاطى مع الدولة السورية حتى في القضايا الأساسية التي يمكن أن تعود عليها بالفائدة، كأنّ يعبر لبنان إلى الداخل العربي عبر سوريا، وأن يستقدم لبنان الكهرباء بأسعار متدنية وتشجيعية”.

بدوره، اعتبر زبيب أن “هناك تساؤلات حيال مدى تطبيق الأمريكيين القانون بحذافيره، والجرأة في تطبيقه، أو احتمال إهماله بعض الشيء، وهذا مرهون بالوقت”، متوقعاً أن يكون هدف هذا القانون سياسياً بحتاً لأخذ موقع مختلف لدى التفاوض مع سوريا، أو أن يكون المحاولة الأخيرة لضرب النظام السوري.

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي جان طويلة، في حديثه مع رصيف22، أن “هذا القانون سيشمل لبنان حتماً بسبب تطبيع عدد من الأفراد والشركات اللبنانية مع سوريا، وإن لم يظهر ذلك في المرحلة الأولى من تطبيق العقوبات”.

الجانب الاقتصادي

يتفق معظم خبراء الاقتصاد على أن التهديد الأكبر الذي يشكله تطبيق هذا القانون هو على الاستثمارات المستقبلية، والدخول إلى السوق السورية للمساهمة في “إعادة إعمار سوريا”، الجملة التي وردت صراحة في القانون.

بحسب شعبان، “ستكون الشركات عرضة لخطر فرض عقوبات أميركية عليها كتجميد حساباتها المصرفية”، وهذا ما سيرغمها على الانسحاب من سوريا. علماً أن الشركات الفاعلة راهناً في سوريا هي شركات صينية وإيرانية وروسية، فيما الوجود اللبناني ضئيل.

وقال مقلد إن هذه الشركات ستكون أمام خيارين “إما التوقف عن العمل أو حمل المخاطر والعمل وفق تحايل معيّن”.

يُذكر أن لبنان كان يسعى إلى تسويق ميناء طرابلس (شمال لبنان) ليكون باباً في إعادة إعمار سوريا، لكن مع القانون الجديد يبدو أن العقوبات الأميركية عائق أساسي أمام ذلك.

هذا المنطق في فرض القانون يعني أن خيار اللجوء الى السوق المشرقية الذي روّج له حزب الله والتيار الوطني الحر في الأسابيع الماضية، عبر البوابة السورية، كخيار أساسي لإنقاذ لبنان من اقتصاده المنهار، بات أيضاً شديد الصعوبة، وإلا فسيكون لبنان الرسمي – وليس حزب الله فحسب – في مرمى العقوبات الأمريكية.

يُشار إلى أن مسألة فرض عقوبات جديدة تشمل حزب الله وحلفاءه، لا سيّما شخصيات بارزة في التيار الوطني الحر، يتم الحديث عنها أخيراً، لكن لا أحد يعلم هل تستخدم الإدارة الأمريكية القانون السوري لتوسعة مروحة العقوبات في الفترة المقبلة أم لا، وفق ما قاله شعبان.

في سياق متصل، قال طويلة: “ستكون لهذا القانون تداعياته الاقتصادية إذا لم يلتزمه لبنان، أقله وقف المساعدات الأمريكية. لذا يجب أخذ هذا الأمر في الاعتبار، كونه قد يكون سبباً في عدم حصول لبنان على أموال صندوق النقد، في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة اللبنانية أن خلاص لبنان لا يمكن أن يكون إلا من خلال هذا الصندوق”.

ولفت طويلة إلى “احتمال أن يكون هذا القانون بطاقة جديدة بين يدي أمريكا لعزل حزب الله والضغط عليه أكثر فأكثر، وقد ينعكس هذا الأمر سلباً على لبنان كله، لكون الحكومة محسوبة على هذا الطرف وحلفائه”.

الجانب القانوني

فعلياً، القانون موجه في الدرجة الأولى إلى النظام السوري، وفي ما يعني لبنان أنه يشمل أي دولة أو شركة أو فرد يتعامل مع الدولة السورية في مجال الدعم الاقتصادي، “وهذا ما يعني خروج هؤلاء جميعاً من النظام المصرفي بكليته، وفرض عقوبات اقتصادية بحقهم ووضع أسمائهم لدى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية – الأوفاك” وفق زبيب الذي وصف “قانون قيصر” بأنه من أصعب القوانين التي أقرت ضد سوريا منذ بداية الحرب فيها عام 2011، وهو شبيه بقانون تحرير العراق، وقانون منع التمويل الدولي لحزب الله اللبناني الذي صدر عام 2015 وعُدّل عام 2017.

ويعتقد زبيب أن خطورته على لبنان تكمن في شموليته، لأنه قانون شامل وفضفاض وليس له حدود، يبدأ بدوائر صغرى ويتسع من الأفراد إلى الدول، قائلاً: “لا نعلم كيف سيوظف المشترع الأميركي هذا القانون، حتى يتذرع به ليفرض عقوبات على من يريد”.

ورأى مقلد أن “هذا القانون خطوة متقدمة في العقوبات المفروضة على سوريا، لا سيما أنه يشمل نشاطات ذات منحى إنساني وصحي تطال السكان وأي تعاون مع المصرف المركزي. وعليه، هو قانون غير مسبوق في العلاقات بين الدول”، لافتاً الى أنه ليس قانوناً دولياً بل قانون أمريكي.

وعن مدى إلزاميته، قال زبيب: “القانون غير ملزم، إذ ليس هناك دولة تلتزم قانون دولة أخرى، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل بطريقة مختلفة، فهي تفرض قوانينها على مصارفها، أي المصارف المراسلة لجميع مصارف العالم لكون الدولار هو العملة الأقوى، وتالياً تستطيع من خلال مصارفها منع التعامل مع أي مؤسسة مالية دولية لا تطبق القوانين الأمريكية. وعليه ليس لدى أي مؤسسة مالية الجرأة على رفض هذا القانون”.

شكل المواجهة المحتملة

في ما يتصل بشكل المواجهة المقبلة، اعتبر مقلد أن ردة الفعل ستكون مرتبطة بردة فعل الدولة السورية وحلفائها من الدول على هذا القانون فور بدء تطبيقه. برأيه، ربما ستتحايل سوريا وحلفاؤها على العقوبات كما فعلت طوال السنوات التسع الماضية، وقد يجعلهم التصعيد الأمريكي يلجأون إلى فتح خيارات اقتصادية أعمق وأوسع في ما بينهم، لا سيما في ظل تغيرات فرضها فيروس كورونا على المستوى الدولي، والحديث عن حرب اقتصادية باردة بين الصين وأميركا ينعكس في بؤر التوتر، ومنها سوريا.

وقال مقلد: “لو توفر القرار السياسي اللبناني لكانت سوريا أصبحت رئة لبنان، ولحصلت الاستفادة من ذلك في الاتجاهين. وفي حال توفّر هذا القرار يمكن أن تفرض الدولة اللبنانية شروطها، وبذلك تتفادى العقوبات، ولكن في ظل غيابه سيكون قانون قيصر ضاغطاً على لبنان”.

وأشار مقلد الى وجود طرائق كثيرة لتفادي العقوبات وفق القانون الأمريكي نفسه، كاستخدام اليورو أو العملات الوطنية والتواصل عبر شركات وطنية تتعامل بين البلدين.

من جهته، أضاف زبيب: “لا بد من إيجاد طرائق كي لا يرضخ لبنان لهذا القانون الذي له علاقة بضرب دولة ثانية هي دولة مجاورة، ولا يتصل بلبنان وامتثاله. مثل العمل عبر شركات غير لبنانية والشركات غير المعنية للتعامل مع القطاع المصرفي الأمريكي أو لديها استثمارات خارجية، وغيرها من الأمور لكسر هذا القانون”.

وختم: “أما الدولة اللبنانية فهي غير مُلزَمة بفرض عقوبات أو أي نوع من الأمور الجزائية على أي شركة لبنانية تتعامل مع سوريا في جميع الأحوال. من المتوقع أن تبدأ السوق اللبنانية باستيلاد طرائق للالتفاف على هذا القانون من أجل التعامل مع الدولة السورية من دون أن يُعرّض نفسه للعقوبات التي ليس لدى لبنان القدرة على تحملها في ظل الحاجة إلى المؤسسات المالية الدولية التي تسيطر أمريكا عليها بكليتها”.

رصيف 22

—————————–

الساحل السوري يغلي..روسيا تتواسط لدى وجهاء المنطقة للتهدئة

مع قرب دخول قانون قيصر، بدأ تظهر ملامح تغير في خارطة القوى على الساحة السورية، فالميليشيات الإيرانية المنهكة أصلاً بسبب العقوبات الاقتصادية وكورونا، باتت غير قادرة على استنزاف طاقاتها المتبقية بشكل أكبر لصالح نظام الأسد، والهيمنة الروسية على مفاصل القرار والمعابر الحدودية والمطارات، بعد أن دمّر النظام البنية التحتية على مدى سنوات، أفقدت النظام السوري مقدرته على الخروج من عباءة الروس، وحلّ مشكلاته بمعزل عنها، وهو ما شكّل طعنة لحزب الله، وكيل تجارة المخدّرات في العالم.

لتطورات بدأت تحدث تصدّعات في صفوف حاضنة النظام الشعبية، المتمثلة بكبار الشخصيات العسكرية، والذين هم تابعون لإيران بطبيعة الحال، بحكم التركيبة الطائفية للنظام، ورجال الأعمال الذين لم يعد الأخير قادراً على حمايتهم من الهيمنة الروسية على مصنع القرار.

وبحسب مصادر ليفانت نيوز، فقد انتقل الخلاف بين رامي مخلوف وبشار الأسد إلى مستوى جديد، أقحم فيه الشعب في الخلافات المتأزّمة بين الطرفين على خلفية قضية سيرياتيل، سيما مع اقتراب تطبيق قانون قيصر من جهة، والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد؛ ما استدعى طلب المعونة من رجال الدين في الطائفة العلوية لتهدئة الأوضاع.

حيث طلب بشار الأسد معونة رجال الدين العلويين، والذين أجروا عدة اجتماعات مع أمناء الشعب الحزبية، ورؤساء الأفرع الأمنية في طرطوس واللاذقية لحل الأزمة، حيث أن التصعيد جارٍ بين الحاضنة الشعبية لبشار الأسد في اللاذقية ومحيطها، والحاضنة الشعبية لرامي مخلوف في محيط جبلة والقرداحة، تحديداً قرى بيت ياشوط، القصيلبية، زاما، راس العين، وعين شقاق، حيث ينتشر مؤيّدو الأخير في الشوارع ليل نهار، ويكيلون الشتائم لبشار الأسد وآل الأخرس، وقد حاول الروس مراراً التدخّل لاحتواء الموقف، والتقوا وجهاء حميميم لهذا الغرض.

وقال مصدر ليفانت نيوز أنّ “رؤساء المفارز الأمنية في كلّ هذه المناطق يدينون بالولاء لرامي مخلوف، كما أنّهم كانوا يتلقّون منه مساعدات مالية، وبينهم عائلات علوية عريقة منحازة لآل مخلوف ضدّ آل الأسد، ومن بينهم عائلات: جديد، خضور، هواش، عدرا وعائلة حيدر”.

كما علمت ليفانت نيوز أن “موالي بشار الأسد يتهمون خصومه بالتبعية للإيران، فيما يُتّهمون هم أنفسهم من قبل الطرف الآخر بالتبعية لإيران، فيما يتّهم أتباع مخلوف الروس بإشعال فتيل الأزمة في المنطقة”، كما حصلت على معلومات مفادها أن اجتماعاً “جرى الأسبوع الماضي في حميميم وتمّ خلاله إبلاغ وجهاء المنطقة أن سوريا مقبلة على مرحلة جديدة، وأنّ عليهم إقناع أبنائهم من المسؤولين والضباط، وأفراد الجيش بذلك، مقابل الحصول على حماية الروس مستقبلاً”.

وتجدر الإشارة إلى أن زعماء العشائر العلوية في صافيتا، مصياف، منطقة الشيخ بدر، ومصياف هم الأكثر موالاة وتشدّداً لإيران، ويرفضون الروس، كما أنّ هذه العائلات ومشايخها ييدعمون رامي مخلوف والجناح الإيراني بقوة في جيش النظام.

إلى ذلك، يحث هؤلاء أبناءهم على الالتحاق بالميليشيات الشيعية، ويتهمون الروس بالتسبب في مظلومية رامي مخلوف.

جدير بالذكر أن السبب المباشر لبروز هذه الاصطفافات هو موجة الغلاء التي تشهدها سوريا، حيث اشتكت زوجة عميد في جيش النظام السوري بأن دخل زوجها لا يتجاوز 65 دولاراً أمريكياً، فيما وصل سعر كيلو الأرز إلى دولارين، وكيلو اللحم ب15 دولاراً أمريكياً، بحسب مصادر ليفانت نيوز الخاصة.

————————-

أول تعليق رسمي من نظام الأسد حول “قانون قيصر

أدان نظام الأسد، في أول تعليق له، قانون قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة عليه، معتبراً أنه يستند إلى “جملة من الأكاذيب والإدعاءات المفبركة”.

ونقلت وكالة أنباء النظام “سانا”، اليوم الأربعاء، عن مصدر في وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة الأسد، أن “الجمهورية العربية السورية تعرب عن إدانتها الشديدة لقيام الإدارة الأميركية بتشديد الإجراءات القسرية المفروضة على سورية عبر مايسمى قانون قيصر”، مناشداً المجتمع الدولي برفع كافة العقوبات المفروضة على النظام.

واعتبرت الخارجية أن فرض الولايات المتحدة لـ”قانون قيصر” في ظل انتشار فيروس “كورونا” في مناطق سيطرة النظام، يُعتبر “انتهاكاً سافراً لأبسط حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ويجعلها تتحمل مسؤولية أساسية عن معاناة السوريين في حياتهم ولقمة عيشهم”.

وتحدث المصدر عن موجة “إرهاب اقتصادي” تتعرض له سورية، بقوله إن “الإرهاب الاقتصادي ما هو إلا الوجه الآخر للإرهاب الذي سفك دماء السوريين ودمر المنجزات التي تحققت بعرقهم ودمائهم”.

ويُعتبر ذلك أول تعليق رسمي من نظام الأسد منذ بدء الحديث عن عقوبات “قانون قيصر”، ودخولها حيز التنفيذ مطلع يونيو/ حزيران الجاري، وسط توقعات بتضييق الخناق الاقتصادي على الأسد وتدهور الأوضاع الاقتصادية في سورية.

ويتذرع نظام الأسد بأن العقوبات المفروضة عليه تمنعه من اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة فيروس “كورونا” المستجد، مع ارتفاع عدد الإصابات في مناطق سيطرته إلى 123 إصابة، مطالباً المجتمع الدولي برفع تلك العقوبات.

وطُرح “قانون قيصر” للمرة الأولى على طاولة الكونغرس الأمريكي عام 2016، وسُمي بذلك نسبة إلى المصوّر العسكري المنشق عن النظام عام 2014، والذي سرب 55 ألف صورة لمعتقلين في سجون الأسد، تثبت مقتل أكثر من 11 ألفاً منهم.

وعُرضت تلك الصور في مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث أثارت الرأي العام العالمي، وسط مطالب بفرض عقوبات على نظام الأسد وداعميه.

وينص “قانون قيصر”على فرض عقوبات على كبار المسؤولين والقادة العسكريين في نظام الأسد وعائلته، بمن فيهم عقيلته أسماء، بالإضافة إلى توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية على سورية، لتشمل قطاعات رئيسية عامة يقودها أشخاص في حكومة الأسد، أو أي شركات خاصة تدعمه في مسألة إعادة الإعمار.

كما ينص القانون على تقويض داعمي الأسد، وبالتحديد روسيا وإيران، عبر فرض عقوبات مباشرة عليهما، تشمل مسؤولين حكوميين وشركات الطاقة التابعة لهما، بالإضافة إلى أي جهات تساعد الأسد في مسألة إعادة الإعمار.

ومن المتوقع أن يزداد الخناق الاقتصادي على الأسد، في وقت يعاني فيه الاقتصاد السوري من انهيار غير مسبوق، إلى جانب تدهور قيمة الليرة السورية مع تخطيها حاجز 1900 أمام الدولار، وسوء الوضع المعيشي للمواطنين.

——————————

وسط رعب النظام أمام قانون «قيصر» الأمريكي… هبوط الليرة يهز أسواق سوريا

دمشق ـ «القدس العربي» ووكالات: يبدو أن النظام السوري يتهيب كثيراً هذه الأيام ويتحسب للنتائج الخطيرة عليه مع اقتراب تفعيل قانون قيصر الأمريكي، الذي وضع لحماية المدنيين السوريين، مع دخوله حيز التنفيذ منتصف الشهر الحالي، والذي تفرض واشنطن بموجبه عقوبات على النظام السوري والجهات التي تتعامل معه، وهو قانون يحمل اسم قيصر، نسبة إلى لقب مصور عسكري انشقّ عن الجيش السوري عام 2013 وبحوزته 55 ألف صورة توثّق انتهاكات في السجون السورية، إثر اندلاع النزاع الذي بدأ ثورة شعبية سلمية تطالب بإسقاط النظام في عام 2011.

ويسعى قانون قيصر إلى توسيع نظام العقوبات السابق، عبر استهداف المؤسسات الحكومية السورية والأفراد من مدنيين ومسؤولين، الذين يمولون النظام السوري وروسيا وإيران، سواء أكان هذا التمويل متعلقاً بأنشطتهم العسكرية أو جهود إعادة الإعمار أو انتهاكات حقوق الإنسان. كما يفتح الباب أمام فرض عقوبات على أصحاب الشركات الأجنبية التي تجمعها صلات بالأسد وحلفائه.

ومع الساعات الأولى لدخول قانون العقوبات الأمريكية ضد النظام حيز التنفيذ، تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء حاجز الـ 2000 ليرة سورية، ليضرب بذلك وبشكل مباشر أسواق الغذاء والدواء التي قفزت إلى أرقام وصفها السوريون بالفلكية.

بعض المحال التجارية أقفل أبوابه لعدم ورود البضائع بعد الارتفاع الحاصل في سعر صرف الدولار، وانكمشت الأسواق الاستهلاكية بشكل ملحوظ.

صحيفة «الوطن» الناطقة باسم النظام السوري قالت إن الإدارة الأمريكية «تحاول تأكيد موقفها العدائي تجاه الشعب السوري، وتحاول إعطاء دفعة أمل جديدة لحلفائها للاستمرار بتنفيذ سياستها الحالمة بتحقيق مكاسب لم تحصل عليها بالطرق الإرهابية».

مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري قال «إن النظام المصرفي السوري مقيد تماماً من إجراء أي تحويلات مالية خارجية بسبب العقوبات غير القانونية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وإن بنوك الاتحاد الأوروبي وضعت أيديها على الأصول السورية التي كانت مكرسة لتأمين الغذاء والدواء لسوريا».

وكانت دمشق قد أدانت قيام الولايات المتحدة بتطبيق «قانون قيصر» وتشديد الإجراءات العقابية على سوريا. واعتبرت الخارجية السورية أن «ما يسمى قانون قيصر يستند على جملة من الأكاذيب والادعاءات المفبركة من قبل الأطراف المعادية للشعب السوري».

وقال وزير الصحة السوري نزار يازجي في مؤتمر صحافي عقد في دمشق الخميس إن «الإجراءات الأمريكية القسرية أحادية الجانب، وما يسمى قانون سيزر (قيصر) يطال المواطن السوري حتى بالدواء ويعيق استمرار أدوية الأمراض المزمنة».

من جهة أخرى وفي مجال دعم نظام دمشق، قالت سفارة موسكو إن روسيا أرسلت مجموعة من الطائرات المقاتلة من طراز ميغ-29 إلى سوريا، وإن طيارين سوريين يستخدمون بالفعل الطائرات للقيام بمهام داخل المجال الجوي للبلاد.

وقالت السفارة الروسية في سوريا على تويتر مساء الأربعاء، إن الدفعة الأحدث من الطائرات كانت للجيش السوري. وأضافت «استقبل الجيش العربي السوري الدفعة الثانية من الطائرات المقاتلة من طراز ميغ-29 من روسيا، في إطار التعاون العسكري والفني بين بلدينا. بدأ السوريون بالفعل بالقيام بمهام بتلك الطائرات».

ميدانياً وفي ظل التنافس الأمريكي ـ الروسي المحموم في سوريا، انسحبت قوات روسية من قرية سورية كانت تنوي إقامة نقطة عسكرية فيها، بعد ضغوطات أمريكية.

وصباح الأربعاء، وصلت قوات عسكرية روسية عبر مروحيات وعربات مدرعة، إلى قرية «قصر ديب» التابعة لمدينة المالكية، شمال شرقي سوريا، حيث تمركزت هناك، إلا أن دوريات أمريكية قطعت الطريق على شاحنات كانت تحمل معدات لوجستية إلى النقطة التي نزلت فيها القوات الروسية، وأجبرتها على العودة إلى القامشلي قرب الحدود السورية التركية.

وأفادت مصادر محلية للأناضول، أن القوات الأمريكية طالبت الروس بالانسحاب من النقطة، وأجرت دوريات مكثفة حولها، ما دفعهم إلى الانسحاب منها، والعودة إلى قاعدتهم في مطار القامشلي.

————————————

ما هي فرص النظام في مواجهة تداعيات “قيصر”؟

ضمن محاولاته السيطرة على تداعيات البدء بتطبيق قانون “قيصر” الذي يتضمن عقوبات أميركية مشددة، ورغم أن الآثار السلبية للقانون بدأت بالظهور حتى قبل دخوله حيز التطبيق، إلا أن النظام أطلق حملة إعلامية تهدف إلى احتواء الأجواء السلبية التي بدأت تلقي بظلالها على الاقتصاد السوري المنهك أصلاً.

وقال وزير الاقتصاد في حكومة النظام سامر خليل إن “الحكومة مستمرة بالعمل على تعزيز تعاونها الاقتصادي مع الدول الداعمة لها”، مشيراً إلى روسيا وإيران. وحثّ خليل على “التحلي بالواقعية وعدم التأثر بحالة التهويل التي تحاول كثير من الدول الترويج لها، بهدف خلق آثار مضاعفة في الجانب الاقتصادي”، ناتجة عن تطبيق “قيصر”.

وتحدث عن إطلاق مجموعة من البرامج على المدى القصير والمتوسط والطويل، لتوفير مستلزمات العملية الإنتاجية والخدمية، وحماية ودعم الإنتاج المحلي، وإحلال بدائل عن المستوردات تدريجياً.

ومنذ توقيع الرئيس الأميركي على القانون نهاية العام 2019، دأبت كل من طهران وموسكو على انتقاده، وأكدتا على استمرار التعاون مع النظام، حيث كشفت احصاءات أممية رسمية أن إيران تعتبر المزود الأول لحكومة النظام بالعملة الصعبة، حسب الخبير الاقتصادي محمد صديق.

وقال صديق ل”المدن”، إن “قانون قيصر سيكون له أثر  نقدي حاسم، ذلك أنه سوف يمنع من تثبيت النظام من قبل الروس والايرانيين وخاصة لجهة مده بالعملات الصعبة، حيث تعتبر طهران، حسب تقارير الامم المتحدة، المصدر الأول لتمويل النظام بالدولار، بينما تعتبر المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المصدر الثاني، الأمر الذي يتوجب معه اتخاذ اجراءات معينة لمنع تدفق هذه العملات أيضاً إلى مناطق النظام من المناطق الخارجة عن سيطرته”.

وحول فاعلية وجدية الاجراءات التي تتحدث حكومة النظام عن القيام بها لاحتواء الآثار المحتملة للعقوبات الجديدة، أكد صديق أنه “مع وجود فساد إداري ومالي متفش في هيكلية عمل قطاعات الدولة بشكل كامل، فإن كل الاجراءات التي يمكن أن تتخذ لن يكون لها أثر ناجع”.

وأضاف “للأسف فإن المواطن السوري سيتأثر وبشدة أيضاً، كما تأثر الشعب الإيراني والشعب العراقي في فترة الحصار والعقوبات بالرغم من استثناء قطاعات الغذاء والصحة، خاصة وأن قطاع الطاقة المستهدف الأول بالعقوبات يرتبط بعدد كبير من القطاعات الانتاجية وسوف تصبح الحياة أكثر صعوبة نتيجة لذلك”.

كما أن التضخم النقدي الذي سوف يطرحه النظام، يتابع صديق، وتمويل التنمية بالعجز كسياسة يمكن أن ينتهجها النظام في فترة تطبيق القانون، سوف تفاقم الآثار التضخمية بما سيؤدي لارتفاع فاحش بالأسعار.

وتابع: “كل هذا وغيره سوف يجعل من حياة المواطن السوري على قدر كبير من الصعوبة مع بدء سريان العقوبات الجديدة التي من الواضح مدى جدية الإدارة الأميركية في تطبيقها، إذ من المقرر أن يجتمع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو مع سفراء وممثلي كل الدول المعنية بالشأن السوري في 15 حزيران/يونيو، أي قبل يومين من المهلة النهائية لبدء سريان العقوبات، وسوف يشرح لهم جدية وحزم الإدارة الامريكية في تنفيذ هذا القانون”.

وكان ترامب، قد وقع على موازنة وزارة الدفاع الأمريكية التي تتضمن قانون “قيصر” لحماية المدنيين في سوريا في كانون أول/ديسمبر 2019. ويشمل قانون العقوبات كل من يقدم الدعم العسكري والمالي والتقني للنظام السوري، من الشركات والأشخاص والدول، بما فيها روسيا وإيران، ويستهدف كل من يقدم المعونات الخاصة بإعادة الإعمار في سوريا.

المدن

———————————–

قانون قيصر” ضربة قاضية للاقتصاد اللبناني.. قبل السوري/ عزة الحاج حسن

قد لا تشكل الدولة اللبنانية هدفا مباشراً لقانون “قيصر” الأميركي، إلا أن اقتصادها سيكون من دون شك في مرمى العقوبات، لما له من ارتباطات على مختلف المستويات الرسمية منها والخاصة، ما يحتّم على السلطات اللبنانية البحث بعمق في ملفاتها وآلية التعامل مع قانون العقوبات الأميركي، وفق ما تقتضيه مصلحة البلد العليا.

يستهدف قانون “قيصر” بشكل واضح “كل شركة أو كيان أو حتى أفراد من الداخل السوري أو من أي دولة خارجية للعقوبات، إذا ما دخلوا في علاقات تجارية مع النظام، أو قدّموا الدعم العسكري والمالي والتقني”. من هنا، تستحضرنا عشرات الأسئلة حول مصير العديد من القطاعات الاقتصادية اللبنانية والشركات الخاصة نظراً لارتباطها مع سوريا دولة ومؤسسات، إن بحكم الموقع الجغرافي أو لكون سوريا تشكل المنفذ البري الوحيد أمام لبنان على الشرق الأوسط والعالم، فما هو حجم العلاقات الاقتصادية التي تربط لبنان بسوريا؟ وما المقصود بالدعم المالي للنظام السوري؟ وهل يُعد دفع ثمن استجرار الكهرباء من سوريا دعماً مالياً؟ وهل استمرار حركة التبادل التجاري بين لبنان وسوريا مخالف للقانون، وقد يعرّض المؤسسات والتجار اللبنانيين إلى العقوبات؟ وهل يُعتبر سداد الرسوم للجمارك السورية عند مرور البضائع اللبنانية إلى الدول العربية مخالفاً لقانون قيصر؟ والأخطر، هل تُعتبر مساهمة المصارف اللبناية في المصارف السورية تعاملاً مالياً مع النظام السوري بشكل غير مباشر؟ وما مصير الاتفاقيات الثنائية بين البلدين؟

علاقات تجارية

لا يقتصر قانون قيصر الأميركي على وقف كافة خطوط ومداخل البضائع والعملة الصعبة إلى الدولة السورية عن طريق التهريب وحسب، بل أيضاً عبر العلاقات الرسمية بين البلدين، من تعاملات مالية واقتصادية وتعاون وتبادل واستثمارات وإيداعات وغير ذلك. وإذا ما طبّق القانون من دون استثناءات تراعي مصلحة الدولة اللبنانية، وحاجات مواطنيها.. فإن قانون قيصر سيشكل الضربة القاضية للاقتصاد اللبناني قبل السوري.

لا يوجد دراسات أو إحصاءات دقيقة عن حقيقة التبادلات التجارية بين لبنان وسوريا، سوى دراسة واحدة أعدّها الخبير الاقتصادي توفيق كاسبار، قبل انطلاق الحرب السورية عام 2011، جزم فيها أن “الأرقام المسجلة لتجارة البضائع التي تتيحها دائرة الجمارك هي أدنى بكثير من الأرقام الفعلية، لسبب رئيسي متصل بالتهريب الحاصل في الاتجاهين”.

وحسب حديث كاسبار إلى “المدن”، فإن حركة التبادل التجاري كانت ضعيفة نسبياً قبل الحرب السورية، وقد زادت تراجعاً وضعفاً أكثر فأكثر بعد العام 2011، وهي لا تمثل أكثر من نسبة 4 في المئة فقط من إجمالي الناتج المحلي أو إجمالي المبادلات التجارية، ويرى كاسبار أن العلاقات الاقتصادية بين لبنان وسوريا تراجعت بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية.

ووفق أرقام إدارة الجمارك اللبنانية، يبلغ حجم التجارة الخاصة بين لبنان وسوريا في العام 2019 نحو 92 مليون دولار للاستيراد، ونحو 190 مليون دولار للتصدير. أما لجهة التجارة العامة فيبلغ حجم الاستيراد نحو 92 مليون دولار والتصدير 229 مليون دولار. ما يعني أن مجمل نشاط التبادل التجاري بين البلدين تقارب 603 مليون دولار.

كهرباء ومصارف وخدمات

تشكّل بعض الملفات ذات الشأن الاقتصادي مصدر قلق للسلطات اللبنانية، لاحتمال تأثرها بالعقوبات الأميركية، أبرزها ملف عبور البضائع اللبنانية إلى الخارج عبر المعابر البرية السورية، والمصارف اللبنانية العاملة في سوريا، وعملية استجرار الكهرباء من سوريا إلى لبنان.

بالنسبة إلى عبور البضائع اللبنانية، لا أرقام دقيقة بشأنها، لا سيما أن البضائع اللبنانية قد تدخل إلى سوريا عن طريق التهريب قبل أن يعاد تصديرها إلى العراق على سبيل المثال. لكن المعابر البرية بين لبنان وسوريا تشكّل منفذاً أساسياً للبضائع اللبنانية، في ظل ارتفاع تكلفة التصدير بالبحر أو الجو، وفشل التجربة مع بداية الحرب السورية.

أما في ملف الكهرباء، فترتبط الدولة اللبنانية بعقود استجرار الطاقة الكهربائية من سوريا وعقود تشغيل وصيانة. وقد بلغت قيمة التغذية الكهربائية من سوريا عام 2017 نحو 80 مليون دولار ثم تراجعت إلى نحو 2 مليون دولار عام 2018. ويتم استجرار الطاقة الكهربائية من سوريا إلى لبنان عبر شبكتي ربط رئيسيتين. تبلغ سعتهما نحو 200 ميغاواط، في حين تقدّر حاجة لبنان إلى الطاقة بنحو 3500 ميغاواط.

وعلى مستوى القطاع المصرفي، فالمصارف اللبنانية، وفق مصادر، قامت منذ سنوات بالحجز على ودائع ضخمة تعود لرجال أعمال سوريين، وذلك تماشياً مع العقوبات السابقة التي فرضت على سوريا. أضف إلى أنها انفصلت عام 2011 عن فروعها الـ7 العاملة في سوريا، وباتت منذ ذلك الحين مصارف سورية ذات مساهمات من مصارف لبنانية.

هذا ما ستطاله العقوبات

ونظراً لارتباط المصارف السورية ومنها تلك التي تستحوذ على مساهمات من مصارف لبنانية، مع المصرف المركزي السوري، وهو المشمول مباشرة بالعقوبات بموجب قانون قيصر، فذلك يعني أن المصارف ستخضع بدورها للعقوبات أو أقله ستتأثر بها، وفق ما يؤكد معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لـ”منظمة سوريا للطوارئ”، والذي يشكّل جزءاً من فريق صياغة قانون “قيصر”. والعقوبات ستطال كافة المصارف التي تتعامل مع المركزي السوري، وتلك التي تضم حسابات مالية لكل شخص أو مؤسسة تتعامل مع النظام السوري، ومنها المصارف ذات المساهمات اللبنانية.

ويوضح مصطفى في حديثه إلى “المدن”، أن البنك المركزي السوري من أهم الأهداف التي يرصدها قانون قيصر. كما أن هناك لائحة أسماء وكيانات DSN  (designated syrian national list) تشملها عقوبات منذ ما قبل قانون قيصر. وهذه القائمة تستهدف كل الأشخاص الذين يقدمون الدعم للنظام، كذلك المتعاملين مع المشمولين باللائحة، تقع عليهم عقوبات من الدرجة الثانية. وهذا الأمر يشمل الكثير من اللبنانيين، مؤسسات وأفراداً.

قانون قيصر يطال القطاع الخاص كما القطاع العام السوري، خصوصاً في حال ثبوت دعم أو تعاون أو شراكات بين مؤسسات القطاع الخاص وأشخاص مدرجة أسماؤهم على لائحة العقوبات، يقول مصطفى. فمثلاً في حال وجود شخص أو مؤسسة أو شركة أو مصرف أو أي كان على علاقة بمؤسسة عامة سورية يمدها بأي نوع من المساعدة أو الدعم أو يربطه بها عمل، فإن العقوبات ستطاله حكماً، كالشراكات والاستثمارات التي يبنيها سامر فوز أو رامي مخلوف أو أي شخص آخر له علاقات مع النظام السوري من قريب أو بعيد.

أما عما إذا كانت عملية استجرار لبنان الكهرباء من سوريا ستتأثر سلباً بالعقوبات، فيوضح مصطفى أن المسألة ترتبط بضخامة العلاقة التبادلية بين الدولة اللبنانية والنظام السوري، “ومن المتوقع أن يتم الأخذ بالاعتبار مدى حاجة لبنان إلى الكهرباء التي يتم استجرارها من سوريا، وحجم المبالغ التي يتم تحويلها إلى النظام لقاء تلك الكميات من الطاقة”. ويلفت مصطفى إلى أن القانون لا يستهدف عقاب الشعب اللبناني، إنما الحد من مدّ النظام السوري بالدعم المالي.

كذلك الأمر فيما خص عبور البضائع اللبنانية من البوابة السورية إلى الدول العربية. يوضح مصطفى ان قانون قيصر سيتعامل بصرامة مع الداعمين المباشرين والأساسيين للنظام، مع استثناء كل ما يتعلق بالمدنيين وبالإمدادات ذات الطابع الإنساني والحاجات الضرورية. لافتاً إلى أن العقوبات ستتم وفق أولويات. أي من خلال تحديد شكل وآلية الدعم السياسي والاقتصادي وغير ذلك للنظام السوري.. “أما العبور بالبضائع عبر سوريا فلا أعتقد ان توضع ضمن الأولويات بالنسبة للعقوبات”، يقول مصطفى.

ويشدد مصطفى على أن الهدف من القانون الإضرار بمصالح النظام السوري، مع استثناء مصالح المدنيين، علماً أن أي إجراء قابل للتعديل فيما بعد، وفق مقتضيات الحاجة “كما سيتم التركيز على فرض عقوبات مباشرة على كل من يساهم بإعادة الإعمار في سوريا. فالشركات التي تسعى لمشاركة النظام في الإعمار ستتعرض مباشرة للعقوبات الأميركية”.

هل من استثناءات

لا يرتبط لبنان بالاقتصاد السوري عبر بوابة المصارف والتبادل التجاري فقط، بل تشمل العلاقات عدداً كبيراً من القطاعات، من بينها الاستثمارات السورية في لبنان، والتي ازدادت مع بداية الحرب السورية. أضف إلى التدفقات المالية التي يقف وراءها مئات آلاف العمال السوريين في لبنان.

أما فيما خص الاستثناءات من قانون العقوبات، فلا يمكن التيقن بشأنها اليوم. وفي حال تم التشدّد في تنفيذ العقوبات، ولم تشمل استثناءات فيما يتعلق بالاقتصاد اللبناني، لاسيما لجهة استجرار الكهرباء وعبور البضائع اللبنانية، فذلك سيشكّل تكبيلاً وضرباً للاقتصاد اللبناني، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور كامل وزني، في حديثه إلى “المدن”. لذلك، يجب أن تتم دراسة البُعد الاقتصادي والاجتماعي لتطبيق قانون قيصر.

فمهما حاولت السلطات اللبنانية التعويض عن المعابر البرية السورية، لتصدير المنتجات والبضائع اللبنانية إلى الخارج، سيكون من الصعب تحمل تبعات تعليق التصدير عبر سوريا، لاسيما أن الدولة اللبنانية أجرت تجارب في وقت سابق للتصدير عبر المنافز البحرية والجوية. لكنها أثبتت فشلها رغم دعمها مادياً.

من الصعب حالياً معرفة تداعيات قانون قيصر على لبنان، وتوجه الدولة اللبنانية بالتعاطي مع العقوبات على النظام السوري ومموليه. لكن من غير المستبعد أن يكون لبنان في صلب تداعيات العقوبات، إذا لم يلتزم بضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية. فشد الخناق سيحصل على لبنان وسوريا على السواء. هذا ما يلحظه مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية سامي نادر في حديثه إلى “المدن”. فالعقوبات الأميركية ستطال الأركان المالية والعسكرية للنظام والبنك المركزي السوري، وكل من يتعامل معه ويدعمه، من بينها المصارف السورية التي عليها إقفال حسابات الاشخاص الداعمين للنظام، أو الخاضعين للعقوبات. أما في ما خص المصارف اللبنانية في سوريا، فيرى نادر أنه يجب التدقيق في طبيعة علاقاتها مع البنك المركزي السوري والحسابات التي تحويها.

المدن

—————————

 تفاقم الأزمة الغذائية للسوريين جراء «تدهور الليرة» وحرائق المحاصيل

العملة الوطنية ارتفع سعر صرفها 40 ضعفاً من 2011

تفاقمت الأزمة المعيشية في دمشق ومناطق عدة في سوريا وسط تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار وحصول حرائق ضربت محاصيل زراعية أساسية.

وقالت مصادر مقربة من أسواق الصرف في دمشق لوكالة الأنباء الألمانية إن «سعر صرف الدولار سجل بعد ظهر اليوم في العاصمة دمشق حوالي ألفي ليرة، وهذه المرة الأولى التي يبلغ سعر الصرف هذا المبلغ ما يعادل 40 ضعفاً عن سعر الصرف عام 2011. وذكرت المصادر «أن حركة الأسواق أصيبت بالشلل بعد الارتفاع الذي شهده الدولار، وأن الكثير من المحال التجارية أغلقت بسبب ارتفاع أسعار البضائع مقارنة بسعرها بالدولار».

وبحسب المصرف المركزي على سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، مسجلاً سعر 704 ليرات للدولار الأميركي، 762 ليرة سورية لليورو، في حين ثبت سعر الحوالات الخارجية على سعر 700 ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد.

وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، في وقت عادت الحرائق «المفتعلة» في أرجاء سوريا لتلتهم قوت السوريين، في سيناريو مشابه للصيف الماضي، وعاد معها تقاذف الاتهامات بين أطراف النفوذ والنزاع، والسباق بين الحكومة السورية و«الإدارة الذاتية» على شراء المحاصيل الزراعية.

في منطقة شمال شرقي البلاد، حيث تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية بدعم التحالف الدولي بقيادة أميركا على معظمها مع سيطرة تركيا والفصائل الموالية له على عدد من المدن والبلدات على الشريط الحدودي، ومع موسم حصاد محصولي القمح والشعير، عادت الحرائق منذ مايو (أيار) الماضي لتلتهم المحاصيل وأتت على 270 دونماً في قرية خربة الظاهر بريف محافظة الحسكة وقرابة 100 دونم في قرية رشو بريف تل براك، و250 دونماً في قرية صفيا و35 دونما في قرية الميلبية و50 دونماً تقريباً في قرية المجرجع، بحسب تقارير صحافية.

وتحدثت التقارير عن إحراق طائرة لأكثر من 200 دونم من حقول القمح لرميها بالونات حرارية فوق الأراضي الزراعية بريف مدينة الشدادي جنوب الحسكة.

وأوردت وسائل إعلام روسية المساحات المحروقة حتى الآن في شمال وشمال شرقي سوريا، وتحدثت عن «17200 دونم في دير الزور (شرق)، و4550 في الحسكة (شمال شرق) و25000 في رأس العين وتل تمر (شمال شرق)، بينما في عين العرب (شمال) 950 دونما وعين عيسى (شمال) 250 والرقة (شمال) 190 والطبقة (شمال) 525 ومنبج (شمال) 1750».

وتقول مصادر أهلية في الحسكة لـ«الشرق الأوسط»: «المؤكد أن هذه الحرائق تتم بفعل فاعل»، وتشير إلى أن تركيا «تقصف بشكل عشوائي على مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية) ما يؤدي إلى نشوب حرائق»، والتنظيمات الموالية لها «تقوم بشكل متعمد بإضرام النار» في الأراضي الزراعية الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، وأيضا «هناك الخلايا النائمة لتنظيم داعش المندثر والتي ربما تقوم بالانتقام من الأهالي»، مرجحة أن تزداد الحرائق مع «الإجرام المتواصل للنظام التركي».

في المقابل، اتهم مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في شكوى رسمية قدمها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الولايات المتحدة وتركيا بتعمد إحراق المحاصيل الزراعية في منطقة الجزيرة السورية بهدف إفراغ السلة الغذائية السورية من خيراتها.

وتعتبر منطقة شمال شرقي البلاد «السلة الزراعية» للبلاد، إذ تنتج نحو 50 في المائة من إجمالي إنتاج القمح في سوريا. وأفادت هيئة الزراعة والاقتصاد التابعة لـ«الإدارة الذاتية» بأن المساحة التقريبية للأراضي الزراعية التي تعرضت للاحتراق العام الماضي لغاية يونيو (حزيران) تقدر بـ40860 هكتارا، بينما قدرت الحكومة السورية المساحات الزراعية المتضررة جراء الحرائق بـ3600 دونم.

وبعدما شهد موسم العام 2019 أكثر من 300 حريق أتت على مواسم المزارعين في ريف محافظة السويداء جنوب البلاد، حصلت في بداية الشهر الماضي عدة حرائق في يوم واحد في حقول ببلدات وقرى بريف المحافظة ذات الغالبية الدرزية والتي تنتشر فيها فصائل مناهضة للحكومة.

وتصف مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط»، تلك الحرائق بـ«المريبة والمفتعلة على الأغلب»، لكنها تجنبت توجيه اتهام صريح بارتكابها لأي جهة، وتقول: «لا أحد يعرف بدقة من وراءها، ولكن الوضع في المحافظة غير مرضي عنه، (من قبل الحكومة) وهناك عدم اكتراث اتجاه ما يحصل».

وفي بداية الشهر الجاري أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية، إخماد 27 حريقاً في عدة مناطق من محافظة درعا الجنوبية، وطالت مساحات واسعة من حقول القمح والزيتون وبقايا الحصاد والأعشاب اليابسة والحمص والكرسنة، وسط توتر تشهده المحافظة.

وانسحبت الحرائق أيضا على ريفي حماة وحمص وسط البلاد وحلب شمالا، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية أشارت إلى أن مجموع المناطق التي أحرقت محاصيلها، تجاوزت الـ300 هكتار، تتوزع على أرياف حلب والرقة والحسكة. وكما حصل خلال موسم العام الماضي تسابقت الحكومة السورية و«الإدارة الذاتية» على شراء المحاصيل الزراعية من أصحابها، إذ أعلنت الأولى رفع سعر تسلم محصول القمح للموسم الحالي إلى 400 ليرة للكيلو غرام الواحد، بعد أن كان 225. على حين رفعت الثانية السعر إلى 315 ليرة.

ولم تتحدث الحكومة السورية عن أي تقديرات عن إنتاج القمح لهذا العام، والذي كان قبل 2011 أربعة ملايين طن في العام، وكان بإمكانها تصدير 1.5 مليون طن، في وقت قدر تقرير أممي، إنتاج العام الماضي بنحو 1.2 مليون طن، وسط معلومات أن الحكومة السورية تسلمت منه نحو 500 ألف طن فقط.

وتحتاج المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة ما بين مليون ومليون ونصف طن سنوياً لسد احتياجاتها من مادة الطحين، ولذلك تقوم منذ اندلاع الحرب في البلاد قبل أكثر من تسع سنوات بطرح مناقصات عالمية للشراء.

———————————-

أجنحة الشام” تتحايل على العقوبات..قبل أن تنكسر/ عدنان نعوف

بكثيرٍ من الحَذر، يتمّ تداول المعلومات حول رحلات طيران بينَ سوريا وأوروبا. تحايلتْ على العقوبات وعلى إجراءات الإغلاق نتيجة “كورونا”، وذلك رغم الإعلان رسمياً عن تسيير رحلات مشابهة لاحقاً.

أسباب قِلّة التفاصيل تتلخص في خوف اللاجئين السوريين من انتشار أخبار زيارات بعضهم لبلدهم الأم، ما قد يَضرّ بأوضاعهم القانونية، ويدفع الحكومات الأوروبية لإعادة النظر بحصولهم على حق اللجوء. أما السبب الآخر فهو أن قسماً ممّن سافروا ويسافرون، تحوّلوا إلى “السمسرة” وتقاضي عمولات عن “الوساطة” بين “الزبائن” الجدد وبين مكاتب الطيران، لذا فهُم يتحفظون على أي معلومة “مجانية”.

وفي مقابل هذا التحفّظ من المسافرين، لا يكاد يمرّ أسبوع دون أن تُعلن شركة “أجنحة الشام” عن رحلات ترانزيت إلى ألمانيا أو السويد أو إلى دول أخرى، لتترك بذلك انطباعاً زائفاً بأن حركة الطيران طبيعية بين أوروبا وسوريا، وأنّه لا يوجد تقييد مفروض على نظام الأسد بهذا الشأن من قبل الاتحاد الأوروربي، الذي لا يزال يمنع الطائرات السورية الحكومية والخاصة من الهبوط في مطاراته.

مشهد كهذا أثار التساؤلات عن حقيقة هذه الرحلات، وعمّا إذا كانت تدخل ضمن “الخطة البديلة” التي تحدّث عنها وزير النقل في حكومة النظام الشهر الفائت، والتي تتلخص باستخدام مطارات “دول أقرب” يمكن للطائرات السورية التحرك منها أو إليها. وهو ما بدا كإلتفاف على قرارات المنع، ومحاولة لتحريك مياه التواصل الراكدة مع الحكومات الأوروبية، بذريعة إجلاء العالقين بسبب كورونا.

حجز رحلة من سوريا الى فرانكفورت على متن أجنحة الشام

كسر شكلي ومعنوي للحظر، وجد ضالّته في مطار “يريفان”، ليكون محطّة ترانزيت لحركة المسافرين بين دمشق وبين العاصمة الأرمينية، باعتبارها أقرب نقطة أوروبية لا تطالها عقوبات “الاتحاد” وإجراءاته، ويمكن منها الانتقال إلى دول أبعد.

ولعلّ أبرز الأمثلة على رحلات الترانزيت هذه، رحلة (دمشق- فرانكفورت) في السادس والعشرين من أيار/مايو، عبر طيران شركة “أجنحة الشام”.

ووفقاً لما ذكَرَهُ مسافرون سوريون (من حملة الجنسيات والإقامات الأوروبية) كانوا على متن الرحلة، فإنهم استقلوا ثلاث طائرات؛ واحدة سوريّة (أجنحة الشام)، واثنتان تابعتان لشركة بيلاروسية، أقلّتهم من سوريا إلى أرمينيا ثم بيلاروسيا وأخيراً ألمانيا، وتراوحت التكلفة بين 950 و1500 دولار للمسافر الواحد، بحسب المكاتب وأماكن التوقف والإقامة، وبلغت مدّة الرحلة مع الانتظار 20 ساعة تقريباً.

وتشكّل الرحلات عبر هذا المسار بديلاً مثالياً للسفر عن طريق لبنان، في ظل استمرار إغلاق “مطار رفيق الحريري الدولي” أمام الحركة المعتادة، “من دون أن يلغي ذلك احتمال تسيير رحلات خاصة من حين لآخر، تحت بند الإجلاء أو سواه. طبعاً في حال أخذ موافقة المديرية العامة للطيران المدني” حسبما ألمح مصدر لبناني مطلع تحدّث لـ “المدن”.

ويأتي البحث المستمرّ عن بدائل من قبل الطيران السوري “الخاص”، ممثلاً ب”أجنحة الشام”، في وقت ازداد فيه تضييق نظام الأسد على الشركة، باعتبارها إحدى الواجهات الاقتصادية لرامي مخلوف. وكانت أحدث فصول هذا التضييق تمثلت بفرض وزارة النقل في حكومة النظام مبلغ عمولة 45 ألف ليرة سورية على كل تذكرة سفر (داخلي) يتم حجزها مع طيران “أجنحة الشام” وتتوجّه إلى مدينة القامشلي. وإثر ذلك، أصدرت الشركة بياناً أوضحت فيه أنها اضطرّت لرفع أسعار تذاكرها إلى 70 ألف ليرة للشخص، ما أدى إلى إحجام المسافرين عن الحجز على طيران الشركة.

لكنّ مساعي “أجنحة الشام” للتعويض ومحاولة فتح أبواب تمويل جديدة، تصطدم بتواضع الإمكانيات كونها تملك بعض الطائرات المستأجرة والتي يُقدّر عددها بين 4 إلى 6 طائرات.

ويشير رئيس “مجموعة عمل اقتصاد سوريا” الدكتور أسامة قاضي، في حديث ل”المدن”، إلى أن أعباء هذه الشركة يمكن أن تزداد مع بدء تطبيق قانون “قيصر” الأميركي “في حال نُسبت ملكيتها لحكومة النظام السوري، أو ثبت قيامها بنشاطات لصالحه، كنقل قطع غيار الطائرات أو أي سلع أو تقنيات أو عتاد أو مقاتلين”. وتوقّع قاضي أن تؤول ملكيّة شركة “أجنحة الشام” لشخص جديد، “بعد أن يتم استبدال المنظومة الاقتصادية لرامي مخلوف بأخرى”.

ومعلوم أن الشركة مملوكة نظرياً ووفق مبدأ الحصص، إلى رجلي الأعمال محمد أنور شموط ومحمد عصام شموط. لكنّ المالك الفعلي وفق مصادر مقرّبة عديدة، هو رامي مخلوف، إبن خال رئيس النظام بشار الأسد.

وفيما إذا كان تنقّل المغتربين السوريين عبر طيران “أجنحة الشام” يستطيع رفد خزينة النظام بعملة صعبة، وسط تزايد الضغوط الأوروبية والأميركية، لم ينفِ قاضي حاجة نظام الأسد لأي أموال ينفقها المغتربون لصالحه، لكنه رأى أن أية مداخيل مالية من هذا النوع مهما كبُرت أو صغرت “غالباً ستبقى خارج سوريا، ولن تستفيد منها الخزينة”. فعندما ستضع واجهة جديدة يدها على الشركة “ستحسب ألف حساب قبل إدخال قطع أجنبي إلى الخزينة السورية”، والسبب هو “المرسوم رقم 3 للعام 2020 والذي حدّد سعراً لشراء الدولار من قبل البنك المركزي مقداره 700 ليرة، بينما يتجاوز سعر الدولار فعلياً في السوق 1900 ليرة”.

ورداً على سؤال عن احتمال تأثّر مَسارات رحلات “أجنحة الشام” وتقييد تنقلاتها بشكل أكبر بعد تطبيق قانون “قيصر”، أكد قاضي أن الولايات المتحدة يهمّها أن تراقب أي طيران للشركة يتوجّه إلى إيران، بالدرجة الأولى. وعند رصد أي ارتباط لها أو أي نشاط داعم للنظام السوري، حينها سيتمّ تطبيق عقوبات عليها بموجب هذا القانون.

المدن

—————————–

مصير الأسد مرتبط بالانتخابات الأميركية..هل يسقط إذا فاز ترامب؟

ترى مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أن مصير رئيس النظام السوري بات مرتبطاً بمصير الانتخابات الأميركية المقبلة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، التي ستحدد التعامل الأميركي مع النظام الإيراني، وبالتالي قدرته على الاستمرار في دعم النظام السوري.

وتلمح المجلة في تقرير بعنوان: “الانتخابات الأميركية ستحدد مصير الأسد”، إلى أن نظام بشار الأسد قد ينهار، إذا فاز الرئيس دونالد ترامب بولاية جديدة، نتيجة حملة الضغوط القصوى التي أرهقت نظام طهران اقتصادياً، وجعلته غير قادر على دعم حلفائه كما في السابق.

وتقول إن “الأثر الاقتصادي للحرب الأهلية السورية يضرب مجدداً، وبات يهدد بجولة جديدة من الاضطرابات. نظراً لتدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران أيضاً، الداعم المالي الرئيسي لسوريا، الذي يتجاوز دعمه حتى دعم روسيا، فقد اضطرت سوريا إلى الاعتماد على مواردها المحدودة، من دون أي تأثير يذكر”.

الآن، يعتمد بقاء نظام بشار الأسد بشكل مثير للسخرية، على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر وما سيترتب عليها على صعيد العلاقات الأميركية-الإيرانية.

نتج تدهور الاقتصاد السوري إلى حد كبير عن تدمير البنية التحتية المدنية منذ بداية الثورة في عام 2011، إلى جانب العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى ما يقرب من ثلث مستوى ما قبل الصراع، فيما انخفضت موجودات البنك المركزي إلى حوالي 480 مليون دولار مقابل أكثر من 20 مليار دولار في العام 2010، ما أدى إلى انهيار سعر العملة.

في الظروف العادية، يمكن، بحسب المجلة، أن تتوقع سوريا الاعتماد على إيران للحصول على مساعدة مالية، لكن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 ركّعت الاقتصاد الإيراني، مما أجبر الحكومة الإيرانية على تركيز مواردها المحدودة على الداخل، وترك سوريا لمواجهة مشاكلها الاقتصادية وحدها. جائحة كورونا وجّهت أيضاً، ضربة أكبر للاقتصاد الإيراني، وتسببت في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 15 في المئة.

تمتعت أغلب سياسات الولايات المتحدة تجاه سوريا بدعم الحزبين الجمهوري والديموقراطي، وتبنت كل من إدارتي ترامب وسلفه باراك أوباما نهجاً مشابهاً تجاه النظام السوري: الانخراط في تدخل عسكري شامل لهزيمة “داعش”، فرض عقوبات اقتصادية قاسية على نظام الأسد.

لكن بينما كان تدخّل الولايات المتحدة مساعداً في انهيار الاقتصاد السوري، كان بإمكان الأسد دائماً الاعتماد على دعم إيران لتعزيز وضعه. لهذا السبب، كان للمقاربات المتباينة بين ترامب وأوباما تجاه إيران، أكبر الأثر على الاقتصاد السوري.

في الواقع، كان الدعم الإيراني عاملاً حاسماً في إبقاء نظام الأسد طافياً في خضم النزاع، واستخدم هذا الدعم لهزيمة كل من “داعش” وقوى المعارضة وإعادة فرض سلطته في أجزاء كبيرة من البلاد. كما لعبت روسيا دوراً مهماً في سوريا. بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والجوي لقوات الأسد، حمت موسكو عبر دور سياسي حيوي، سوريا من أكثر من 14 قراراً أممياً من خلال ممارسة حق النقض في مجلس الأمن.

خفف أوباما إثر الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، الضغط الاقتصادي بشكل كبير على طهران. وأدى الاتفاق إلى فك تجميد العديد من الأصول الأجنبية لإيران وسمح لاقتصادها بالازدهار، وبالتالي منحها القدرة على مواصلة تقديم الدعم لحلفائها في الخارج. لكن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي عكس الواقع. بعد هذه الخطوة إنقطع خط الائتمان من إيران إلى سوريا، مما أدى على الفور إلى انهيار قطاع النفط السوري، الذي تعتمد عليه البلاد بشدة.

استجابت حكومة النظام السوري للأزمة الإيرانية بتطبيق إجراءات تقشف صارمة. وأصدر الأسد مرسومين تشريعيين زادا من راتب المتقاعدين والموظفين العموميين بهدف وضع المزيد من الأموال في جيوب الناس على أمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وفي نهاية المطاف تحفيز الاقتصاد.

كان منطقه سليماً، لكن توجيهاته السياسية، بحسب “فورين بوليسي”، كانت مقيدة بنقاط الضعف الكامنة في الاقتصاد. بالإضافة إلى فقدان رأس المال المادي، عزلت العقوبات الاقتصادية سوريا عن السوق الدولية، مما حد من قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي أدى بدوره إلى إعاقة قدرتها الإنتاجية. وأكثر من ذلك، فإن قدرة التمويل الذاتي للاقتصاد محدودة، لا سيما وأن الأسر السورية اضطرت إلى الاعتماد بشكل متزايد على مدخراتها للبقاء.

وتقول: “حتى رجال الأعمال السوريين الأغنياء لا يقدمون سوى القليل من المساعدة. لقد قاموا بسحب معظم أموالهم من البنوك السورية وإعادة استثمارها في البلدان المجاورة. لذا، على الرغم من أن مبادرات سياسة الأسد أعطت المزيد من المال لمزيد من السوريين، إلا أنهم لم يتمكنوا من التغلب على مجموعة متنوعة من التحديات التي يواجهها الاقتصاد”.

لأن الكثير من صحة الاقتصاد السوري يتوقف على حصول الحكومة على دعم مالي من إيران، فإن مستقبل البلاد، وبالتالي، مستقبل بشار الأسد كرئيس، يعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.

وترى “فورين بوليسي” أنه إذا فاز ترامب بولاية ثانية، يمكن للسوريين توقع تكرار الأحداث: استمرار حملة الضغوط القصوى على طهران، مع الحفاظ على عقوبات صارمة وإجبارها على تركيز مواردها على اقتصادها المتدهور.

لكن إذا فاز المرشح الديموقراطي جو بايدن، فمن المحتمل أن تعود الولايات المتحدة إلى الدبلوماسية، وتختار التعامل مع إيران، والأهم من ذلك، إعادة الدخول في صفقة أوباما النووية. كجزء من هذه العملية، من المحتمل أن ترفع إدارة بايدن بعض العقوبات الاقتصادية على إيران، مما يسمح لها بتوجيه مواردها مرة أخرى نحو الخارج.

بطبيعة الحال، الخطر الكامن في مثل هذه الخطوة هو أن الأسد سيتعزز في سوريا، مما يقوض نظام العقوبات الأميركية هناك ويعزز مكانة إيران في الشرق الأوسط. ولكنه سيعني أيضاً التخفيف من المظالم العامة وإعادة الاقتصاد السوري إلى مسار الاستقرار، بحسب المجلة.

المفارقة في كل هذا، بحسب “فورين بوليسي”، هو أن ما هو مناسب للشعب السوري في المناطق التي يسيطر عليها النظام مناسب أيضاً للأسد، على الأقل في الوقت الحالي. التدفق النقدي من إيران سيعزز بلا شك نظامه، مما يسمح له بإعادة بناء “شرعيته” في الداخل من خلال تخفيف السخط بين السوريين الفقراء.

لكن المجلة تجزم بأن لا رئاسة ترامب ولا بايدن ستؤديان إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية على سوريا، لذا فإن إمكانات النمو في البلاد ستظل محدودة طالما أن الأسد في السلطة. لكن إذا استطاعت سوريا الاعتماد مرة أخرى على دعم كبير من إيران، فالتوقعات تصب في صالح أن يمسك الأسد بزمام السلطة إلى أجل غير مسمى.

———————————

هل ينتفض السوريون في مناطق سيطرة النظام؟

يجند النظام وسائل الإعلام التابعة له من أجل الترويج للخطط والإجراءات الحكومية التي يقول إنها “تستهدف تحسين المستوى المعيشي للمواطن وخفض الأسعار ومواجهة النقص في العديد من المواد الأساسية”، هذه الاجراءات التي كان آخرها إطلاق خطة لتطوير وانماء سهلي الغاب وعكار، واعتماد مشاريع زراعية وصناعية فيها، تقول الحكومة إنها واعدة على المدى القصير والبعيد.

وبينما يتحدث إعلام النظام عن هذه الخطط وما ستوفره من اكتفاء ذاتي وفرص عمل وآفاق اقتصادية حالمة، يجد المواطن نفسه في كل يوم أمام واقع أسوأ من اليوم الذي سبقه، فالليرة السورية تتهاوى على مدار الساعة، والأسعار تحلق والسلع تغييب من الاسواق بسبب ميل متصاعد نحو الاحتكار، مع اقتراب تطبيق قانون العقوبات الأميركي المشدد “قيصر”، والذي لا يعرف أغلب المواطنين حتى الآن تبعاته الحقيقية في ظل الجدل الدائر حوله، لكنهم يدركون أنها ستكون تبعات خطيرة بكل الأحوال، بدليل انعكاساتها السلبية حتى قبل أن تدخل حيز التطبيق.

تتحدث الحكومة عن افتتاح 314 صالة تسوق جديدة تابعة للشركة السورية للتجارة، في الوقت الذي لا يستطيع فيه المواطن شراء شيء. كيلو الثوم ب4500 ليرة والبازلاء ب1000 واللحمة ب25 ألفاً وليتر الحليب ب1500 حسب إعلام النظام ذاته.

البنزين والمازوت والغاز رغم أنها مواد مدرجة على البطاقة الذكية بأسعار مدعومة، لكنها غير متوفرة، حتى الفلاحين والمزارعين لم يحصلوا على حصتهم الأخيرة من الوقود المخصص لتشغيل آلياتهم، بينما تنخفض القدرة الشرائية تبعاً لانخفاض الليرة، في الوقت الذي لا يزيد فيه متوسط الراتب عن 60 ألف ليرة، مع وجود نحو 80 في المئة من السوريين عاطلين عن العمل وبلا دخل مستقر.

حالياً لا يُلاحظ تصاعد نبرة التذمر بين السوريين وحسب، بل وحتى التهجم على كبار المسؤولين لدرجة الاقتراب من رئيس النظام بشار الأسد كما لم يحدث من قبل، حتى أن الكثيرين من المواطنين تجاوزوا مرحلة “مناشدة الرئيس”، إلى اعتباره المسؤول الأول المطالب بمعالجة الواقع المتردي وإيجاد حلول للتدهور.

الناشط مصطفى، وهو من الموالين للنظام، يقول إن “فريق العمل بدأ يلاحظ في الفترة الأخيرة تصاعداً في حدة اللهجة في التعليقات، بما فيها التي تتناول الأسد ذاته، واللافت أن هذه التعليقات مصدرها مناطق سيطرة النظام”، ويضيف أن “جميع الصفحات المؤيدة كثّفت جهودها مؤخراً من أجل متابعة التعليقات أولاً بأول، وحذف ما لا يتناسب وسياسة النشر منها”.

وفي شهادته ل”المدن” التي يستخدم فيها إسماً مستعاراً بالطبع، يؤكد مصطفى أيضاً أن “الاحتقان في الواقع هو أكبر بكثير مما يظهر على الميديا، فالناس بدأت تنتقد الرئيس علناً، على الأقل بدرجة غير مسبوقة، أما في الحقيقة، فالجميع هنا ينتظر الخلاص كيفما كان، والكل بات يتساءل، حتى وسط الحاضنة الشعبية للنظام، لماذا لا يستقيل الرئيس وتنتهي هذه المعاناة”.

ورداً على سؤال حول إذا ما كان يتوقع تحركاً شعبياً أو من داخل النظام نفسه للتخلص من الأسد والمقربين منه، يقول مصطفى: “لا أتخيل ذلك.. القبضة الأمنية لا زالت قوية، والناس هنا تجد نفسها محاطة بعشرات الميليشيات المسلحة بالإضافة إلى قوى الأمن والمخابرات، ناهيك عن قناعتهم بأن أي تحرك شعبي لن تكون له أي نتائج سوى المزيد من الدماء والاعتقالات، لكن لا أحد يستطيع الجزم في النهاية بما يمكن أن يحدث، خاصة مع تفاقم الكارثة الاقتصادية”.

حتى المعارضة لا تبدو متفائلة بانتفاضة شعبية ضد النظام بمناطق سيطرته، كما أنها منقسمة حول الآثار المتوقعة للعقوبات الاقتصادية على النظام، ويخشى الكثيرون أنها ستتسبب بازدياد معاناة المواطنين، ليس القابعين تحت حكم النظام وحسب، بل وفي عموم أنحاء البلاد.

محمد الشاغل، وهو ناشط معارض، يؤكد ل”المدن”، أن مناطق سيطرة الفصائل لا تعيش وضعاً أفضل. وعلى الرغم من توفر المواد الغذائية، إلا أن أسعارها مرتفعة جداً وخارج قدرة المواطن على الشراء، خاصة مع تفشي البطالة وانتشار الفقر، أما بالنسبة للوقود فالوضع هنا ليس بأفضل حالاً من مناطق سيطرة النظام، وعبوة الغاز على سبيل المثال تجاوز سعرها العشرين ألف ليرة، بينما سعرها الرسمي 2500، والناس تعيش على رواتب عدد محدود جداً من الأفراد وعلى ما يرسله لهم ذووهم من الخارج، أي بشكل عام الأوضاع هنا بالسوء نفسه التي هي عليه هناك.

رغم أن العقوبات الأميركية الجديدة المفروضة على النظام لم تدخل حيز التطبيق بعد، إلا أن آثارها السلبية على اقتصاد النظام بدت فادحة، لكن هذه الآثار يبدو أن انعكاساتها على المواطن العادي لا تبدو سهلة. ورغم حقيقة أن الوضع الاقتصادي للسوريين كان سيئاً بكل الأحوال، ورغم أن آمالاً تعلق على أن تسهم هذه العقوبات في إجبار النظام على الشعور بمخاطرها والدخول بشكل جدي في عملية سياسية تفضي إلى تغيير حقيقي، إلا أن هذه الآمال تبدو شديدة الحذر، خاصة وأن المعطيات الحالية لا تبشر بالكثير على هذا الصعيد.

——————————–

«قيصر» يقتحم أبوابكم!/ راجح الخوري

لم تقم وزيرة الدفاع اللبنانية زينة عكر، بدسّ قنبلة داخل جلسة مجلس الوزراء اللبناني نهاية مايو (أيار) الماضي. بل كل ما فعلته أنها وزّعت على الوزراء نسخة بالعربية لـ«قانون قيصر»، بالتنسيق مع الرئيس حسان دياب، بهدف الاطلاع على مضمونه، وما يمكن أن يصيب لبنان منه، وخصوصاً أن الحكومة تنهمك في مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي، بغية الحصول على مساعدات تمنع انهيار لبنان، الذي دخل مرحلة الإفلاس!

وسائل الإعلام المقربة من «حزب الله»، تعاملت مع الأمر كقنبلة فعلية، ولم تتردد في توجيه الانتقاد الضمني لقرار دياب تشكيل من الاختصاصيين لتحديد نتائج ومفاعيل هذا القرار على لبنان، والأمر طبيعي، لكنه بدا مضحكاً من منطلق أن «قانون قيصر» الذي يدخل حيز التنفيذ في 17 يونيو (حزيران) الحالي، كان الكونغرس الأميركي أقرّه في 20 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، ووقّعه الرئيس دونالد ترمب، ومنذ ذلك الحين شكّل هاجساً مقلقاً، بل خانقاً، لأنه سيفرض مروحة شاملة من العقوبات الخانقة جداً على كل الكيانات التي تعاملت مع النظام السوري.

ليس لبنان وحده يواجه هذه العقوبات، العراق أيضاً الذي كان لافتاً ومثيراً أنه فرض لأول مرة وفي خطوة لافتة وذات معنى قبل أيام على إسماعيل قاآني، خليفة قاسم سليماني، أن يحصل على تأشيرة دخول، وبأمر صارم من رئيس الوزراء مصطفى كاظمي، والقانون يشمل إيران طبعاً، وروسيا التي تستعجل ترتيب أوراق هيمنتها في سوريا، قبل البدء بتطبيق ذلك القانون، الذي ليس من المبالغة القول إن كل الدول والكيانات التي تعاملت مع النظام السوري ترتعب من نتائج ما قد يحمله من عقوبات!

والمعروف أن تسمية القانون تعود إلى ضابط سوري منشق، سرّب نحو 11 ألف صورة لمعتقلين قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية، وتأكد صحة هذا من خلال مكتب التحقيقات الفيدرالي، ما دفع الكونغرس بالإجماع تقريباً ما عدا 8 من أعضائه إلى إقراره؛ حيث وقّع ترمب عليه فوراً، وسيبدأ تنفيذه خلال 10 أيام.

الغريب فعلاً أن يستفيق لبنان الآن على ضرورة تشكيل لجنة لدراسة هذا القانون وتأثيراته العميقة المتوقعة عليه، أولاً لأن الأمر مطروح منذ نهاية العام الماضي، وثانياً لأن لبنان تبلغ من الأميركيين تكراراً أنه لا يمكن أن يتلقى دولاراً واحداً من مساعدات الدول المانحة إن لم يلتزم القرار، وثالثاً أنه كان منغمساً في نقاش يزداد وضوحاً وسخونة، حول أهمية وضرورة تفعيل العلاقات مع النظام السوري، بدفع من الثلاثي الذي شكّل حكومة اللون الواحد، أي «حزب الله» و«حركة أمل» و«التيار الوطني الحر». ورابعاً بعد انفجار فضائح تهريب المازوت والبنزين والقمح المدعومين من لبنان إلى سوريا عبر المعابر الفالتة، التي عندما قررت الدولة في اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى بدعوة من الرئيس عون، التشدد في إقفال هذه الحدود جاءها الجواب فوراً من حسن نصر الله، بأنه لو نشر الجيش اللبناني كله على الحدود فلن يستطيع إقفالها، ولا بد من التعاون مع النظام السوري، ما يعني… ليذهب قانون قيصر إلى الجحيم.

في أي حال، بعد توزيع نص القانون على الوزراء، أعلنت رئاسة الحكومة أنها لم تتبنَ القرار، وأن تشكيلها لجنة من الاختصاصيين هو لدراسة الهوامش التي يمكن العمل فيها من دون ارتدادات سلبية على لبنان، لكن كيف، والقانون يهدف إلى إقفال كل منافذ التعامل والتعاون مع النظام السوري، ومساعدته بكل الطرق والوسائل العملية والسياسية؟! وفي هذا السياق ما يندرج على لبنان يندرج على العراق وإيران وروسيا، ومن الواضح أن مروحة العقوبات تشمل كل الشركات والمؤسسات والأشخاص والمراكز والكيانات التي يثبت التعامل معها، حتى ما يسمى «الأمانة السورية»، وهي جمعية غير رسمية تزعم القيام بأعمال خيرية، باتت معرضة للعقوبات.

طبعاً «حزب الله» في مقدم المستهدفين من القانون، إضافة إلى كل الذين حاولوا ويحاولون مساعدة النظام السوري سياسياً حتى دعائياً، وفي نص القانون ما يؤكد بوضوح أنه يستهدف أي شخصيات رسمية وسياسية وحزبية ورجال أعمال، تربطهم علاقات تجارية بالنظام السوري، ويقول حرفياً: «إن كل شركة أو كيان حتى أفراد من الداخل السوري أو من أي دولة خارجية سيكونون معرضين للعقوبات إذا ما دخلوا في علاقات مع النظام، أو قدموا الدعم العسكري والمالي والسياسي والتقني له». وبحسب النص، ستفرض العقوبات على أي شركة عالمية أو فرد يستثمر في قطاع الطاقة أو الطيران، وكل من يزوّد الخطوط الجوية السورية بقطع الغيار أو الصيانة، إضافة إلى كل من يقدم ديوناً للنظام. وتشمل العقوبات مصرف سوريا المركزي والمصارف المتعاونة مع دمشق.

ربما على هذه الخلفية تحديداً، يمكن فهم خبر «إنترفاكس»، نهاية مايو، بأن الرئيس فلاديمير بوتين أمر وزارتي الدفاع والخارجية بإجراء مفاوضات سريعة مع سوريا للحصول منشآت برية وبحرية إضافية، إلى جانب قاعدة حميميم، تسديداً لديون موسكو على دمشق، هذا في وقت لم يتردد الإيرانيون بالتذكير تكراراً بما دفعوه وتكلفوه مساعدةً للنظام السوري!

في أي حال، يضع قانون قيصر الوضع الحكومي اللبناني في مهبّ تحديات صعبة، فإذا كان مجرد درس محتوى القانون أثار زوبعة من التشكيك داخل الحكومة، في وقت بدا واضحاً أن الدولة اللبنانية التي طالما ساهمت في تأمين الغطاء والذرائع لدور «حزب الله» في سوريا، والتي دعت عبر وزير خارجيتها السابق جبران باسيل إلى إعادة العلاقات مع النظام السوري وعودته إلى مقعده في الجامعة العربية مثلاً، ستجد أن أمامها فواتير صعبة ومكلفة.

«القنبلة» لم تأتِ من توزيع عكر نصَّ القرار المذكور، بل جاءت عملياً وبكثير من الإثارة من المقابلة المثيرة للسفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، مع قناة «OTV» التابعة «للتيار الوطني الحر» والتي تعتبر ناطقة باسم العهد، حليف «حزب الله»؛ حيث كان حديثها رسالة مزدوجة وحازمة وذات معنى عميق، عندما وصفت «حزب الله» من المحطة الحليفة له بأنه تنظيم إرهابي، وخصصت مساحة من حديثها عن العقوبات التي ستطال بعض الأطراف اللبنانية الحليفة له؛ حيث كان واضحاً أنها نبّهت بلا تردد أو إحراج إلى أن من يريد «النجاة» من العقوبات الاقتصادية، عليه فكّ كل التزام سياسي سابق وحالي مع «حزب الله» وإلا فإنه سيكون في دائرة الاستهداف، وبهذا بدت كأنها تنبّه حلفاء النظام السوري في لبنان من جماعة «8 آذار» الذين يقودهم «حزب الله» بأن مروحة العقوبات المتصاعدة هي أوسع وأشمل من لوائح العقوبات السابقة، المعروفة باسم «OFAC»!

هل كثير القول إن الحكومة اللبنانية التي واجهت سلسلة من الخيبات والعراقيل، ربما تصبح الآن أمام مصيرها المحتوم، وخصوصاً بعدما تبيّن أن «حزب الله» ممتعض جداً من توزيع نص القانون، ومنزعج أكثر من مطالبة دياب الوزراء، وبينهم وزيرا الحزب، وضع ملاحظاتهم عليه قبل المباشرة بمناقشته، التي لا تهدد مصير الحكومة المهتزة أصلاً، بل تهدد بوضع لبنان على كفّ عفريت جديد!

الشرق الأوسط

————————-

 تدهور قياسي لليرة السورية مع قرب تطبيق قانون «قيصر»

سجّلت الليرة السورية تدهوراً قياسياً في قيمتها في السوق الموازية، اليوم (السبت)، لتتخطى عتبة 2300 مقابل الدولار، وفق ما قال تجار ومحللون لوكالة الصحافة الفرنسية، في انخفاض يسبق قرب تطبيق عقوبات أميركية جديدة عبر قانون «قيصر».

وبينما سعر الصرف الرسمي يعادل 700 ليرة مقابل الدولار، تشهد الليرة منذ أيام انخفاضاَ غير مسبوق.

وأكّد ثلاثة تجار في دمشق أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية تجاوز 2300 ليرة السبت «لأول مرة في تاريخه».

وتشهد سوريا بعد 9 سنوات من الحرب أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها مؤخراً تدابير التصدي لوباء «كوفيد – 19»، كما زاد الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر أموالهم، الوضع سوءاً في سوريا.

وأوضح محللان لوكالة الصحافة الفرنسية، أنّ المخاوف من تداعيات بدء تطبيق قانون «قيصر» في 17 يونيو (حزيران)، الذي يفرض عقوبات على المتعاونين مع دمشق، يعدّ سبباً إضافياً في تراجع قيمة الليرة.

وقال الخبير الاقتصادي والباحث لدى «شاثام هاوس»، زكي محشي، إنّ الشركات الأجنبية، بينها الروسية، اختارت أساساً عدم المخاطرة.

ولفت إلى أنّ تحويل الأموال يحتاج أسبوعين إلى ثلاثة، «ما يعني أنّ التحويلات التي تحصل اليوم ستُدفع بعد 17 يونيو».

وتوقّع مدير برنامج سوريا في مجموعة الأزمات الدولية، هايكو ويمن، أنّه مع دخول العقوبات حيّز التنفيذ، «سيصبح التعامل مع سوريا أكثر صعوبة ومحفوفاً بالمخاطر».

ويفرض قانون «قيصر»، الذي ندّدت دمشق به الأربعاء، قيوداً مالية على سوريا، بما في ذلك وقف مساعدات إعادة الإعمار.

ويفرض عقوبات على الحكومات والشركات التي تتعامل مع دمشق، بينها شركات روسية.

وحسب الباحثين، فإن لصراع رجل الأعمال البارز رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، وأحد أعمدة نظامه اقتصادياً، مع السلطات، تداعيات سلبية على عامل الثقة.

وقال ويمن إن أزمة مخلوف، الذي يملك أكبر شركة اتصالات في سوريا ومنعته السلطات مؤخراً من السفر، وحجزت احتياطاً على أمواله، «تخيف الأثرياء»، وأضاف: «يشعرون أنه لا أحد بأمان».

وحذّر محشي من أن انخفاض قيمة الليرة، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع في الأسعار، ستكون له تداعيات «كارثية» على السوريين.

ويعيش غالبية السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما تضاعفت أسعار السلع في أنحاء البلاد خلال العام الأخير.

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، جيسيكا لاوسون، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ أي انخفاض إضافي في قيمة الليرة سينعكس ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية الرئيسية التي يتمّ استيرادها كالأرز والعدس.

ونبّهت إلى أنّ ارتفاع الأسعار «يهدّد بدفع مزيد من السوريين إلى الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائي، فيما القدرة الشرائية تتآكل باستمرار».

وحذّر مصرف سوريا المركزي، الشهر الماضي، في بيان، من أنّه «لن يتوانى عن اتخاذ أي إجراء بحق أي متلاعب بالليرة السورية، سواء من المؤسسات أو الشركات أو الأفراد»، مؤكداً عزمه اتخاذ «كافة الإجراءات الكفيلة باستعادة ضبط أسعار الصرف».

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ عام 2011، تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة، وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

—————————————–

ليبراسيون: المصائب تتراكم على بشار الأسد بعد 9 سنوات من الحرب و20 عاما في السلطة/ آدم جابر

تحت عنوان “بشار الأسد محاصر بعد 20 عاماً في السلطة” قالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية، إن المصائب تتراكم على الرئيس السوري ونظامه، مع استمرار العقوبات الدولية ضده والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ناهيك عن الخلاف داخل الحاشية الحاكمة، وانتقادات موسكو وطهران له، والمظاهرات الشعبية.

وأضافت الصحيفة الفرنسية أن الأسد الذي يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية العشرين لوصوله إلى السلطة خلفاً لوالده حافظ، يواجه اليوم، بعد تسع سنوات من الحرب المدمرة على بلاده، تمزقاً غير مسبوق داخل حاشيته التي تتحكم في شؤون الدولة السرية منذ عام 1970.

وما يحصل حالياً مع ابن خاله رامي مخلوف، قرش عالم الأعمال في سوريا منذ 20 سنة، أكد للسوريين حجم الفساد وتحويل موارد البلاد من قبل هذه الحاشية الحاكمة. كما أنه يقسم العائلة، خاصة الطائفة العلوية، التي ضحت بعشرات الآلاف من أبنائها في القتال من أجل بقاء النظام.

وتابعت ‘‘ليبراسيون’’ التوضيح أنه بعد تسع سنوات من الحرب، لم يستطع نظام بشار الأسد السيطرة على كامل الأراضي السورية، بعد أن فشل في إحكامها على منطقتين رئيسيتين، في الشمال الشرقي، الذي تديره إدارة كردية، ونصف محافظة  إدلب بشمال غرب البلاد، والتي ما تزال خارج سيطرته، وتبقى استعادتها من الأولويات بالنسبة لدمشق، التي أطلقت في شهر ديسمبر الماضي هجوماً من أجل ذلك، بدعم من روسيا، فيما غاب الدعم الإيراني لهذه العملية باعتبار أن المنطقة ليست أولوية بالنسبة لطهران.

وقد أدى قصف الطيران الحربي الروسي والسوري إلى كارثة إنسانية، حيث فرّ نحو مليون مدني إلى شمال المحافظة على الحدود مع تركيا، المكتظة أصلاً بمخيمات النازحين.

وردّت السلطات التركية بإرسال تعزيزات من الجنود والعربات المدرعة إلى سوريا. وفي مارس/ آذار الماضي، وقّعت موسكو وأنقرة على اتفاق لوقف إطلاق النار، تم بموجبه تسيير دوريات عسكرية مشتركة بين جيشيهما على طول الطريق السريع M4 الذي يربط العاصمة بحلب شمالاً.

منذ ذلك الحين، توقف القتال والضربات الجوية إلى حد كبير، على الرغم من أن روسيا شنت غارات في أوائل شهر يونيو / حزيران الجاري للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر، وذلك بهدف منع الجماعات المسلحة من الاقتراب من الطريق السريع.

وقد أعاد الوضع الراهن إحياء الاحتجاجات العامة، حيث تجمع يوم الأحد الماضي آلاف الأشخاص في مدينة إدلب، رافعين شعارات معادية لنظام بشار الأسد، ولكن أيضا شعارات ضد أبو محمد الجولاني، زعيم تنظيم ‘‘هيئة تحرير الشام’’ الذي يسيطر على المحافظة.

هذه الاحتجاجات، تمت أيضا في مناطق يسيطر عليها النظام، كما هول الحال في جيب السويداء الدرزي، وذلك احتجاجاً على الانهيار الاقتصادي. ولكن أيضا في درعا، التي خرجت منها الانتفاضة في عام 2011. لكن الجماعات المسلحة عادت للظهور، وبدأت بهجمات صغيرة ضد القوات الموالية للحكومة، كما تشير ‘‘ليبراسيون’’.

القدس العربي

——————————-

الكونغرس يطالب ترامب بالصرامة:الأسد لا يزال منبوذاً

دعا برلمانيون أميركيون الجمهوري والديموقراطي، إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى تطبيق “صارم” للعقوبات المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر”.

وينصّ القانون خاصة على تجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه، طالما أن مرتكبي الانتهاكات لم يحاكموا. ويستهدف القانون أيضاً كيانات روسية وإيرانية تعمل مع نظام بشار الأسد.

و”قانون قيصر” الذي وقّعه الرئيس الأميركي، في ديسمبر/ كانون الأول، يفترض أن يدخل حيّز التنفيذ في 17 حزيران/يونيو كحد أقصى. والإثنين، قال رئيسا لجنتي الشؤون الخارجية بمجلسي النواب والشيوخ ونائباهما، في بيان مشترك، إنّ “الشعب السوري عانى كثيراً، ولمدّة طويلة، في ظلّ الأسد وعرابيه”.

وأضاف الجمهوريان جيمس ريش ومايكل مكول، والديموقراطيان إليوت إنغل وبوب مينينديز، في بيانهم، أنّه “يجب على الإدارة تطبيق قانون قيصر بشكل صارم وفي موعده، حتى تصل إلى النظام ومن يحافظون على وجوده رسالة مفادها أنّ الأسد لا يزال منبوذاً”.

وشدّدوا على أنّ الأسد “لن يكون قطّ مسؤولاً شرعياً (…) يجب على النظام وعرّابيه وضع حدّ لقتل الأبرياء ومنح السوريين طريقاً للمصالحة والاستقرار والحريّة”.

و”قيصر” هو اسم مستعار لمصور سابق في الشرطة العسكرية السورية انشق عن النظام عام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة تظهر الوحشية والانتهاكات في السجون السورية.

وكانت جلسة الاستماع السرية إليه في الكونغرس عام 2014 الدافع لصياغة هذا القانون، الذي حمل اسمه وأقر في 2019. وخلال مثوله مجدداً أمام مجلس الشيوخ في آذار/مارس الماضي في جلسة أخفى فيها وجهه وارتدى سترة رياضية بغطاء للرأس، دعا المنشق واشنطن إلى المضي قدماً في معاقبة دمشق.

وشهدت الليرة السورية في الأشهر الماضية تدهوراً تاريخياً مقابل الدولار. وفقدت أكثر من 280 في المئة من قيمتها منذ بداية العام، مع تفاقم التضخم والمشاكل داخل أروقة النظام خصوصاً بين مقربين من رئيس النظام بشار الأسد وبين ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، وسط شائعات سرت عن تخلٍ روسي عن الأسد.

ووصل سعر صرف الليرة السورية في بعض مناطق الشمال السوري ليل الاثنين، إلى 3700 ليرة أمام الدولار، قبل أن تعود وتحقق بعد المكاسب وتنهي اليوم الطويل بين 3100 و3200 في أغلب المناطق.

ويبدو أن النظام السوري يعيش حالة من الصدمة الاقتصادية بسبب قانون قيصر الذي سيجعله في عزلة، في الوقت الذي لن يجد فيه أي مساعدة من قبل حلفائه، سواء إيران التي تعاني من عقوبات دولية، أو روسيا التي أصبحت تتثاقل من فاتورة الحرب ودعمها لبشار الأسد

——————————–

20 عاماً من حكم بشار الأسد: من ربيع دمشق إلى بلد معزول مزقته الحرب

ارتهان نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى الخارج عمّق الأزمة السورية وأطال أمد الحرب.

بيروت – عند وفاة الرئيس السابق حافظ الأسد، أمل السوريون بتغيير مع تبوء نجله الشاب سدّة الرئاسة، لكن بعد عشرين عاماً، يرئس الرئيس الحالي بشار الأسد بلداً معزولاً مزّقته الحرب وأنهكت العقوبات اقتصاده.

وتسلّم الأسد الإبن (55 عاماً)، طبيب العيون الذي تخصّص في بريطانيا، مقاليد السلطة بعد شهر من وفاة والده في 10 يونيو 2000. وتمّ ذلك بعد تعديل دستوري خفّض سن الترشّح من أربعين إلى 34 عاماً.

وبدا حينها الرئيس الشاب بمظهر الإصلاحي الذي يخطط لتحرير الاقتصاد والانفتاح بخجل على الغرب، إلا أنّ هذه الصورة تبدّلت تدريجياً خصوصاً بعد احتجاجات شعبية ضده في منتصف مارس 2011 قمعتها قوات الأمن بالقوة، وما لبثت أن تحولت نزاعاً دامياً تعدّدت أطرافه.

ويقول الباحث في مركز السياسة العالمية فيصل عيتاني لوكالة الصحافة الفرنسية إنه حين تبوأ الابن السلطة “ساد الكثير من القلق، فسوريا لم تكن قد شهدت قط انتقالاً سلمياً للسلطة منذ عقود، لكن ذلك سرعان ما تبدّد مع تسلّمه الحكم وعكسه هالة الحداثة والشباب والانفتاح”.

وشهدت سوريا بين سبتمبر 2000 وفبراير 2001 فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. ودعا نحو مئة من المثقّفين والفنانين السلطات إلى “العفو” عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ 1963.

لكن توقيف عشرة معارضين صيف العام 2001 وضع حداً لـ”ربيع دمشق” القصير الأمد والذي جاء بعد أربعين سنة من حكم الأسد الأب بيد من حديد.

وارتبط اسم الرئيس الراحل بالقمع الدموي لانتفاضة الإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982، ما تسبب بمقتل عدد تتراوح التقديرات بشأنه بين عشرة آلاف وأربعين ألفاً.

خيبة كبيرة

ويوضح الخبير في الشأن السوري في جامعة جورجتاون دانيال نيب أنه “في بلد لم يشهد انفتاحاً سياسياً أو اقتصادياً هاماً (…)، بدا وكأن وصول بشار إلى الرئاسة يعد بإصلاح طال انتظاره”.

ويضيف “اختلف بشار تماماً عن الشخصيات الأخرى في النظام، فقد كان شاباً وتلقى تعليمه في الخارج”. وكان الأسد الأب يعدّ ابنه البكر باسل لخلافته، لكن وفاته في حادث سيارة عام 1994 غيّر المعادلة.

لم يدم التفاؤل طويلاً، و”سرعان ما ماتت فكرة بشار الليبرالي” وفق عيتاني، بينما “كانت خيبة الأمل الكبيرة على المستوى الاقتصادي” بعدما “تبيّن أنّ اقتصاد السوق الاجتماعي الذي مارسه هو عبارة عن صيغة للفساد الجشع وسط الدائرة القريبة منه”.

وتسبّب ذلك “بتعميق التفاوت الاقتصادي، ووقع كثيرون من الطبقة المتوسطة وسكان المناطق الريفية في فقر مدقع”.

وباءت محاولات الأسد الذي استقبله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2008 وشكلت زوجته أسماء محط أنظار الإعلام الغربي الذي أسهب في وصف أناقتها وثقافتها، لجعل سوريا أكثر قرباً من الغرب، بالفشل.

بعد قمعه للتظاهرات السلمية التي تحوّلت نزاعاً دامياً تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص منذ العام 2011 وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها، طالبت دول غربية وعربية برحيل الأسد عن السلطة ودعمت معارضيه. لكنها تخلّت لاحقاً عن هذا المطلب بعدما ركزت جهودها على التصدي للتنظيمات الجهادية.

وتلاحق نظام الأسد عقوبات قاسية أنهكت اقتصاده، وسيدخل آخرها ويُعرف باسم قانون قيصر حيز التنفيذ الأسبوع المقبل. وقد أقره الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويعيش اليوم الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وتشهد الليرة السورية انهياراً غير مسبوق ومتواصلاً أمام الدولار يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين خرج العشرات منهم في مدينة السويداء (جنوب) في اليومين الأخيرين إلى الشارع تعبيراً عن غضبهم مطلقين شعارات مناوئة للأسد.

في موازاة ذلك، لا تزال مناطق عدة في شمال شرق سوريا وشمال غربها خارجة عن سيطرة القوات الحكومية.

مدين للخارج

وبعد أكثر من تسع سنوات من الحرب، تمكّن الأسد من الاحتفاظ بالسلطة وتسيطر قواته على أكثر من سبعين في المئة من مساحة البلاد بفضل دعم رئيسي من حليفين أساسيين هما إيران وروسيا. إلا أنّ بلاده تحوّلت ساحة للتنافس بين قوى دولية.

ويقول عيتاني “ترأس حافظ الأسد دولة مستقرة سياسياً وآمنة للغاية، حتى لو كانت “فقيرة أيضاً”.

وشكّلت دمشق في عهده لاعباً استراتيجياً على المستوى الإقليمي، سهّلت انخراط حزب الله بمواجهة إسرائيل ومارست وصاية في لبنان على مدى سنوات طويلة.

ويعتبر أنّ الأسد الأب “أبقى دائماً على سوريا مستقلة عن التدخل الأجنبي” فيما “أصبح بشار مديناً للنفوذ الخارجي من أجل الحفاظ على نظامه سليماً”.

وفيما يُتوقّع أن تغرق سوريا في مزيد من الفقر في المرحلة المقبلة، كشف الصراع الأخير بين رجل الأعمال البارز رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري، والسلطات التي تطالبه بتسديد مبالغ مالية وحجزت على أمواله تصدّعاً جديداً في دائرة الأسد الاقتصادية، لكنّ ذلك لن يغير من موقع الأسد.

ويقول عيتاني “يشبه بشار حافظ في مثابرته وقدرته على إبقاء قلب النظام سليماً، لكنه ليس كفوءاً ولا محظوظاً كما كان والده”.

————————————

النظام يرد على تصريحات جيفري حول الأزمة الاقتصادية وعرض واشنطن له

رد نظام الأسد على تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، حول التطورات الأخيرة المتعلقة بقانون “قيصر” وما سبقه من أزمة اقتصادية غير مسبوقة في سورية.

ونقلت وكالة أنباء النظام “سانا”، اليوم الثلاثاء، عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة الأسد، أن تصريحات جيفري “تشكل اعترافاً صريحاً من الإدارة الأمريكية بمسؤوليتها المباشرة عن معاناة السوريين”، معتبراً أن السياسة الأمريكية “ستفشل مجدداً أمام إصرار السوريين على التمسك بسيادة وطنهم واستقلالية خياراتهم السياسية والاقتصادية”.

وندد المصدر بـ”قانون قيصر”، الذي سيدخل حيز التنفيذ في وقت لاحق خلال الشهر الجاري، بقوله إن “تشديد العقوبات هو الوجه الآخر للحرب المعلنة على سورية، بعد ترنح المشروع العدواني أمام الهزائم المتتالية لأدواته من المجموعات الإرهابية”.

وكثف نظام الأسد خلال الفترة الماضية من انتقاده وتنديده بقانون قيصر، الذي ينص على تشديد العقوبات على النظام وداعميه، في وقت تعاني فيه سورية من أزمة اقتصادية رافقها انهيار حاد في قيمة الليرة السورية، وغلاء في الأسواق، وسط تدهور الوضع المعيشي للمواطنين.

وكان المبعوث الأمريكي إلى سورية، جيمس جيفري، علّق الأزمة الاقتصادية السورية بقوله إن “واشنطن ستواصل الضغط على نظام الأسد اقتصادياً، وستستمر بعزله دبلوماسياً، وبفرض العقوبات عليه وعلى داعميه، حتى التوصل إلى حل سياسي في سورية بناء على قرار الأمم المتحدة رقم 2254 الذي يدعو إلى إجراء انتخابات في البلاد، والبدء بعملية دستورية جديدة”.

وفي تصريحات لجيفري قدمها لمنظمتي “American for free syria” و “Syrian American council”:، أول أمس الأحد، قال: “نحن قدمنا للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة (…) إذا كان الأسد مهتماً بشعبه سيقبل العرض، ونحن على تواصل مستمر مع الروس ومع اللاعبين البارزين والآخرين ومع المعارضة السورية التي يجب أن تبقى موحدة”.

وأشار المسؤول الأمريكي إلى أن انهيار قيمة العملة السورية كان إلى حد ما نتيجة الاجراءات التي اتخذتها واشنطن، معتبراً أن “هذا الانهيار دليل على أن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تعويم النظام، والذي لم يعد قادراً على إدارة سياسية إقتصادية فاعلة”.

وتشهد سورية أزمة اقتصادية هي الأسوأ التي مرت عليها منذ مطلع أحداث الثورة السورية، حيث يستمر انهيار سعر صرف الليرة السورية في سوق العملات الأجنبية، مسجلاً مع افتتاح سوق اليوم الثلاثاء 3100 ليرة أمام الدولار الواحد، الأمر الذي أثّر على أسعار المواد الغذائية والاحتياجات التي يحتاجها المواطنون بشكل يومي.

وشهدت محافظتي درعا والسويداء مظاهرات شعبية مطالبة برحيل النظام، احتجاجاً على ارتفاع الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة، محملين نظام الأسد المسؤولية.

——————————–

نهاية الأسد تقترب.. وحزب الله يٌغرقُ لبنان فقراً/ بدوان عبد النور

ربما صار الأسد عبئاً حتى على الروس. فسوريا استنزفتهم، واستنزفت إيران أيضاً. وكلا الطرفين باتا يتناتشان بقايا الدولة السورية، بحثاً عن دولار هنا وهناك. فروسيا العظمى دخلت في منازلة مع رامي مخلوف، بحثاً عن سيولة مالية. فيما إيران غارقة في مشكلاتها الداخلية والإقليمية مع العقوبات الأميركية.

وقد تكون أميركا وحدها ممسكة بخيوط أساسية مريحة في صراعات الشرق الأوسط، وتستنزف الجميع. فلا وقف للحروب، ولا إعمار لسوريا، إلا برضاها وبشروطها. فالروس والإيرانيون المأزومين اقتصادياً، غير قادرين على تقديم أي شيئ لسوريا. حاولوا ابتلاعها كفريسة، ولم يستطيعا هضمها.

“قانون قيصر” قد يقلب التوازنات في المنطقة، ويسرّع تفكك بقايا النظام السوري وتحلله. فنظام الأسد شيء، وبشار الأسد شيء آخر. نظام الأسد سقط قبل سنوات سبع، عنما وصل الثوار إلى تحت شباك قصر المهاجرين، واضطر الأسد الإبن إلى طلب النجدة من الروس، فتحول مجرد دمية في أيديهم. وظل في القصر صورة رسمية معلقة، مثل والده، في بعض دوائر الدولة لا أكثر. نظامه سقط، واليوم معرض الأسد نفسه للسقوط.

التظاهرات والدروز

من مؤشرات اقتراب سقوطه تجدد الاحتجاجات في مناطق سورية كثيرة، وفي دمشق أخيراً. ومنها أيضاً انقلاب الدروز على نظامه في السويداء، بعدما كانوا من أبرز مؤيديه طوال 50 سنة.

وكان وليد جنبلاط في لبنان قد انقلب من قبل على النظام الأسدي، بعدما أمضى حوالى 30 سنة في تبعيته له. ثم انفضّ عنه مع هبوب رياح التغيير الأميركية، فقفز جنبلاط الإبن من سفينة الاحتلال السوري الآفل في لبنان. الدروز وزعاماتهم يجيدون استباق هبوب الرياح السياسية. فهم العرب الوحيدون الحاضرون في الجيش الإسرائيلي. وهم  مع النظام السوري لاستعادة الجولان. وهم مع الثورة السورية في لبنان. وهذا ليس من باب إدانتهم. بل توصيفاً لهم كجماعة أقلية ميكروسكوبية تجيد إنقاذ نفسها في منطقة زلازل وبراكين متل الشرق الأوسط.

خوف متجدد

وقد يكون الشرط الأول لأميركا كي توقف استنزاف الدب الروسي في سوريا، قطع رأس إيران وميليشياتها فيها. لم يعد وجود إيران في سوريا قابلاً للاحتمال. لقد أدوا دورهم وقسطهم للعلى، وحان موعد إقصائهم. هل ينطبق عليهم القول المأثور: “الناس نيام إذا ماتو انتبهوا”؟ وهو قول قد يقضّ مضاجع حسن نصرالله في لبنان، بعدما تكبد حزبه أكثر من ألفي قتيل وخمسة آلاف جريح، دفاعاً عن سوريا الأسد. فيا لضياع الخطب العصماء والتعرّق ورفع الأصابع، والانتفاخ بالقوة واللعب في ملاعب الكبار. لقد ذهب هذا كله هباءً، وكلف لبنان ما لا طاقة له على تحمّله.

لكن هيهات أن تعرف الحكمة سبيلها إلى عقول أصحاب الانتصارات الإلهية، فلا يغرِقون لبنان مجدداً في عبثية محاولاتهم إنقاذ نظام الأسد المقبل على الانهيار. ربما لم يعد ينفع ذاك النظام تهريبُ الطحين والمازوت والدولارات. والخوف كل الخوف من حزب سلطة وتسلط، مشبع بهلوسات دينية وماورائية أبوكاليبتية، من أن يختار هدم الهيكل على رؤوس اللبنانيين جميعاً.

كانت المعادلة التي أرساها حافظ الأسد وسمحت لنظامه أن يستمر طوال 40 سنة، تتجلى في تصدير مشاكل نظامه الداخلية إلى الخارج، باتباعه سياسة توسعية أنهكت لبنان والفلسطينيين. وكانت المعادلة هي التالية: بقاء الأسد في لبنان مسألة حياة أو موت لنظامه. وبعد سنوات ست على خروجه من لبنان انتقلت الأزمات والثورات إلى ملعبه الداخلي في سوريا.

والخوف اليوم من أن يقدم حزب الله على قلب المعادلة ليصبح خروجه (وإيران تالياً) من سوريا نهاية للنظامين اللبناني والسوري، والعراقي استطراداً، في خضم بداية سقوط المحور الإيراني كله.

هلوسة جماهيرية

كيف يمكن أن يتحلى بالحكمة والحِلم محورٌ يعتبر إعلامه وجمهوره أن مواجهته مع أميركا لم تصب بنكسة إقليمية كبيرة بعد مقتل رائده قاسم سليماني؟ والذي كان رد الحرس الثوري عليه، إسقاط طائرة مدنية على متنها 250 راكباً، ومن ثم تنظيم جنازة لسليماني قتل فيها 350 إيرانياً دهساً في الزحام. أليس هذا درساً قاسياً للممانعة التي عدّته، كعادتها، نصراً إلهياً على الاستكبار العالمي؟

قد يكون جواب هذا كله غير سياسي، بل يجب البحث عنه في علم النفس الجماهيري. فأي نقاش سياسي، مهما كانت الآراء، يكون ممكناً، شرط وجود حدٍّ أدنى من المنطق المشترك.

لكن كيف يستقيم نقاش يقوم على قواسم مشتركة، مع جماعات وجمهور واسع يعيش في التهويم والهلوسة والهذيان؟ هذه هي المأساة الحقيقية مع هذا الجمهور وتلك الجماعات التي خضعت طويلاً ولا تزال لغسيل دماغ مخيف.

فمرشدهم في لبنان تسبب بحروب دمرت مناطق وحولتها خراباً، وقتلت ألوفاً من أبناء بيئته، وهجرت تهجيراً موقتاً 90 في المئة منهم، وأدت إلى هجرة 10 في المئة منهم إلى خارج لبنان هجرة نهائية. وكانت نتيجة الحرب العملية تنفيذ كل شروط العدو التاريخي المذلة. لكن هذا كله امّحى سريعاً بعبارة “لو كنت أعلم”. وتحولت الحرب في أدبيات المرشد نصراً إلهياً.

فقر و200 ألف صاروخ

جمهور النصر الإلهي، مع سواه من اللبنانيين، يفتك بهم اليوم الجوع والفقر والغم. وشبان ذلك النصر يقاتلون في الخارج ويعودون إلى ديارهم وأهلهم في توابيت، ضحايا 600 دولار في الشهر. اقتصادهم وشطر من اقتصاد لبنان قائم على السوق السوداء والتهريب وزراعة الحشيشة وتصنيع المخدرات وتبييض الأموال.. وأجيال تتربى بلا أفق.. وتحسب هذا كله عنفواناً وكرامة، ظانّةً أن الجيش الإسرائيلي يتآكل خوفاً وقلقاً.

وتتطلب الموضوعية ألا نحمّل ما يسمى محور الممانعة وحده الكوارث والمآسي التي تصيب لبنان. فجماهير أو رعايا الزعماء اللبنانيين لها قسطها من كوارث لبنان ومآسيه.

لكن رعايا الزعامات اللبنانية، من غير جمهور الممانعة اللصيق بحزب الله، يتميزون بمسألتين:

أولاً، نسبة التهويم والهلوسة في سردياتهم ورواياتهم “لايت”، أو درجاتها يمكن ضبطها وهضمها وتسييلها في مشروع وطني مشترك، ولو بالحد الأدنى.

ثانياً، هلوسات الجمهور غير الممانع، ليست مدعومة بـ 200 ألف صاروخ، وبحوالى 50 ألف مقاتل، وبعلاقات أخطبوطية مع محور يبدأ من خندق الغميق ويمتد إلى سوريا والعراق واليمن، وصولاً إلى نظام الملالي في طهران.

—————————-

واشنطن: تطبيق الـ2254 المخرج الوحيد للنظام السوري

أفاد مسؤول في ​وزارة الخارجية الأميركية​ أمس، أن “​العقوبات الأميركية​ على ​سوريا​ تهدف الى منع الرئيس ​بشار الاسد​ ونظامه من الالتفاف على النظام المالي الدولي”، مضيفاً أنها “تهدف أيضاً لمنع ​النظام السوري​ وشركائه من جني أرباح من الحرب التي فرضها على ​الشعب السوري​”.

وقال إن “العقوبات لا تهدف الى حرمان الشعب السوري الحصول على حاجاته الأساسية”، لكن “النظام السوري هو المسؤول عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية الى المدنيين”. وشدد على أنه “سنبقي مع شركائنا دعمنا لتوفير الحاجات الإنسانية لايجاد نوع من الاستقرار والأمن للشعب السوري”.

إلى ذلك، أعلنت السفارة الأميركية في دمشق على وسائل التواصل الإجتماعي، أن “استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام السوري هي قرار مجلس الأمن الرقم 2254، والولايات المتحدة ستواصل ​سياسة​ العقوبات الموجهة وزيادة الضغط الاقتصادي على نظام الرئيس السوري بشار الأسد”.

وخلصت الى أن “على النظام السوري اتخاذ خطوات لتنفيذ حل سياسي أو عليه ان يواجه المزيد من العقوبات والعزلة”.

,وقبل ثلاثة أيام، عزا المبعوث الأميركي الخاص لسوريا جيمس جيفري، انهيار قيمة العملة السورية إلى الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة، وكشف أن بلاده قدمت الى رئيس النظام بشار الأسد عرضا للخروج من هذه الأزمة. وأوضح أن واشنطن تريد أن ترى عملية سياسية ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، فهي تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى لـ”المنظمات الإرهابية”، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة.

رد سوري

ورداً على كلام جيفري، نقلت الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا” عن مصدر رسمي في ​وزارة الخارجية السورية، أن “تصريحات ​جيمس جيفري​ في ما يتعلق بالأوضاع الراهنة في ​سوريا​ تشكل اعترافاً صريحاً من ​الإدارة الأميركية​ بمسؤوليتها المباشرة عن معاناة السوريين، وأن تشديد العقوبات هو الوجه الآخر للحرب المعلنة على سوريا بعد ترنح المشروع العدواني أمام الهزائم المتتالية لأدواته من المجموعات الإرهابية”. واعتبر أن “هذه التصريحات تؤكد مجدداً أن ​الولايات المتحدة​ تنظر الى المنطقة بعيون إسرائيلية، لأن المطالب التي يتحدث عنها هي مطالب اسرائيلية قديمة متجددة لفرض سيطرتها على المنطقة”. وختم بأن “هذه السياسة الأميركية التي تشكل انتهاكاً سافراً لأبسط حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني سوف تفشل مجدداً أمام اصرار السوريين على التمسك بسيادة وطنهم واستقلالية خياراتهم السياسية والاقتصادية”.

تركيا نحو زيادة قواتها

في غضون ذلك، أعربت تركيا عن عزمها على زيادة قوتها العسكرية في سوريا، بحجة الرد على هجمات النظام السوري، وقالت إنها تواصل مبادراتها كدولة محورية في إدلب، وتمسكها بعدم فقدان المكاسب التي حققتها هناك.

جاء ذلك في بيان نشرته رئاسة دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية على حسابها الرسمي في موقع “تويتر” تحت عنوان “لماذا إدلب مهمة بالنسبة الى تركيا؟”. وجاء في البيان أن تركيا حققت مكاسب كبيرة في حماية المدنيين، ووقف تدفق اللاجئين، ومكافحة الإرهاب.

ورأى أن “تركيا أهم جهة لحل الحرب الداخلية في سوريا، التي شارفت سنتها العاشرة”، وهي “الدولة الأكثر استضافة للاجئين على مستوى العالم، وكذلك الأكثر تضرراً من الحرب الداخلية في سوريا، التي ترتبط بها بحدود برية تبلغ 911 كيلومتراً”.

وقال إن “نظام بشار الأسد، وداعميه ممن يسعون للهيمنة على المنطقة من خلال السيطرة على كامل إدلب، تحدوهم رغبة في إبقاء النظام السوري في الحكم، والقضاء على قوى المعارضة، متجاهلين مدى تأثر تركيا من الحرب الداخلية”.

وأكد أنه “ليس ثمة خيار آخر بالنسبة الى تركيا سوى زيادة قوتها العسكرية في المنطقة، والرد على هجمات النظام السوري… وفي هذه النقطة، تأتي الأهمية الكبيرة لطريقي “إم 4″، و”إم 5″(بين حلب وحماه) البريين الدوليين اللذين يربطان شرق سوريا بغربها”.

إلى ذلك، صرح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن جماعات متشددة في منطقة إدلب، تحاول تقويض وقف النار المستمر منذ ثلاثة أشهر والذي توصلت إليه تركيا وروسيا لكن الاتفاق لا يزال قائماً. وقال في مقابلة مع قناة “الخبر” التركية: “هناك بعض الجماعات المتشددة، بعضها جماعات غير معروفة لها أجندتها الخاصة، تحاول تقويض وقف النار وتنتهكه، لكننا نناقش الأمر مع نظرائنا الروس ولا يزال اتفاق الخامس من آذار قائماً”.

ولم يشر أكار الى الغارات الجوية التي تعرضت لها قرى عدة تسيطر عليها المعارضة السورية الاثنين، والتي كانت أولى الغارات منذ بدء وقف النار في آذار.

النهار

———————————-

موسكو تعلن انفتاحها على حوار مع واشنطن حول الملف السوري/ رائد جبر

مسؤولة أممية: 9 ملايين يعانون نقص الغذاء… والوضع هو الأسوأ منذ 2011

أكدت موسكو، أمس، أنها منفتحة على حوار واسع مع الولايات المتحدة يشمل كل الملفات التي تهم الطرفين، وخصوصاً حول الوضع في سوريا. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إن بلاده تنطلق من ضرورة البناء على «التجربة السورية» في تعزيز آليات التنسيق على المستوى العسكري لمنع وقوع اصطدامات أو حوادث غير مقصودة بين القوات الروسية والأميركية في مناطق الأزمات والنزاعات. في الأثناء، نقلت وكالة «نوفوستي» الحكومية عن مسؤولة في برنامج الغذاء العالمي تحذيراً بأن الوضع في سوريا وصل إلى مرحلة تعد الأسوأ منذ اندلاع الأزمة في 2011، ونبهت إلى معاناة ملايين السوريين من نقص حاد في الغذاء.

وقال ريابكوف خلال مشاركته أمس، في ندوة افتراضية نظمها مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، وركزت على آفاق العلاقات الروسية – الأميركية، أن موسكو مستعدة للانخراط فوراً بحوار موسع مع الولايات المتحدة لتحسين الاتفاقات التي تهدف إلى منع وقوع حوادث خطيرة أو احتكاكات بين الجانبين، مشيراً إلى الأهمية الخاصة لبحث التجربة السورية في هذا الشأن، وزاد أن بلاده تسعى إلى فتح الحوار مع واشنطن حول كل الملفات التي تخص الوضع في سوريا.

وزاد الدبلوماسي الروسي المسؤول عن ملف العلاقة مع الولايات المتحدة وعن ملف التسلح والأمن الاستراتيجي، «نحن نخوض حواراً مكثفاً للغاية ومهنياً مع واشنطن من خلال القنوات العسكرية، ونعمل على حل النزاعات، وهذه تجربة جيدة»، مؤكداً «اهتمام موسكو بالعمل مع الولايات المتحدة لتحسين الاتفاقات بشأن منع الحوادث العسكرية الخطيرة على أساس الخبرة المكتسبة في سوريا بهذا المجال». وأضاف ريابكوف «سنوسع الحوار إذا استجابت واشنطن لدعوتنا وأرادت ذلك، نحن من جانبنا مستعدون».

وأوضح، أن بلاده تولي أهمية لاستخدام «التجربة السورية» في مجالات عدة، وقال «نؤكد من جديد اهتمامنا بتحسين الاتفاقية الثنائية مع أميركا لمنع الحوادث العسكرية الخطيرة، وتفعيل هذه الاتفاقية التي وفرتها التجربة السورية في التعامل مع حالات كثيرة في العالم».

لكن ريابكوف لفت في الوقت ذاته، إلى أن «أمامنا في نهاية المطاف مسائل أكثر تعقيداً من إيجاد صيغة رسمية لتعاوننا مع الولايات المتحدة حول سوريا. سنعمل ما في وسعنا لكي تفهم الولايات المتحدة فهماً صحيحاً طبيعة وأسباب خطواتنا».

وحملت هذه العبارة إشارة إلى الملفات الخلافية في سوريا، التي تفاقمت أخيراً، وخصوصاً بسبب التحركات الأميركية في شرق البلاد، وفي المنطقة الجنوبية، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بقاعدة عسكرية في منطقة التنف.

لكن على رغم الملفات الخلافية، حافظ الطرفان طوال سنوات الأزمة في سوريا على قنوات التنسيق العسكرية مفتوحة، تجنبا لوقوع حوادث. وأشاد مسؤولون روس أكثر من مرة بمستوى التنسيق العسكري ونجاحه في تجنب وقوع احتكاكات خلال تحركات العسكريين من البلدين على الأرض السورية أو في أجواء البلاد. على صعيد آخر، نشرت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية مقابلة مع جيسيكا لوسون، ممثلة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في البلاد، قالت فيها، إن «أكثر من 9 ملايين شخص في سوريا يعانون حالياً من نقص حاد في الغذاء»، مشيرة إلى أن هذا «أعلى معدل منذ اندلاع النزاع المسلح في البلاد منذ ما يقرب من عشر سنوات».

وقالت المسؤولة الأممية، إن «الرقم يتجه إلى التصاعد وهو حالياً وصل إلى 9.3 مليون سوري وخلال الأشهر الستة الماضية، زاد عدد هؤلاء الأشخاص بمقدار 1.4 مليون شخص»، مشيرة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في سوريا بنسبة 115 في المائة خلال العام الأخير.

ميدانياً، أعلن مركز المصالحة أن قنبلة يدوية الصنع انفجرت أمس، في مدينة كوباني السورية خلال مرور دورية للشرطة العسكرية الروسية. وأوضح في بيان، أنه «في صباح يوم 9 يونيو (حزيران) خلال منعطف عند نقطة النهاية لمسار دورية روسية تم تفجير عبوة ناسفة تحتها ولم تقع إصابات، وعادت الوحدات الروسية إلى القاعدة بأمان». ولفت البيان في الوقت ذاته، إلى أنه سجل خلال اليوم الأخير وقوع انتهاكين لنظام وقف الأعمال العدائية.

الشرق الأوسط

——————————–

روسيا لـ «حوار شامل» مع أميركا حول سوريا

أكدت موسكو، أمس، استعدادها لـ«حوار شامل» مع واشنطن حول الوضع في سوريا.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في ندوة عبر الفيديو نظمها «مجلس العلاقات الخارجية» في نيويورك، إن موسكو مستعدة للانخراط فوراً بحوار موسع مع الولايات المتحدة لتحسين الاتفاقات التي تهدف إلى منع وقوع حوادث خطيرة أو احتكاكات بين الجانبين، مشيراً إلى الأهمية الخاصة لبحث التجربة السورية في هذا الشأن. وزاد أن بلاده تسعى إلى فتح الحوار مع واشنطن حول كل الملفات التي تخص الوضع في سوريا، مؤكداً «اهتمام موسكو بالعمل مع الولايات المتحدة لتحسين الاتفاقات بشأن منع الحوادث العسكرية الخطيرة على أساس الخبرة المكتسبة في سوريا بهذا المجال».

وأجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أمس تناول التطورات في إدلب إلى جانب ليبيا.

على صعيد آخر، خرجت مظاهرة مؤيدة للنظام السوري في مدينة السويداء تزامناً مع مظاهرة أخرى شارك فيها معارضون، لليوم الرابع، وسط إطلاق نار من مجهول على المتظاهرين المعارضين، الذين طالبوا بـ«إطلاق سراح معتقلي الرأي، وبينهم رائد الخطيب»، الذي اعتقل بعد مشاركته في مظاهرة أول من أمس.

———————

صمود وإصرار وتعاضد”..شعارات نظام الأسد لمواجهة التدهور الاقتصادي

استنفر نظام الأسد، خلال الأيام الماضية، عبر إعلامه ومسؤوليه لمواجهة التدهور الاقتصادي، لكن لم يكن عبر خطوات وإجراءات تحد من زيادة التدهور، وإنما عبر شعارات اعتاد على إطلاقها في كل مناسبة تتمثل بألفاظ “الصمود والإصرار والتعاضد” بين السوريين.

وفي كل أزمة تعصف بالنظام وحكومته، إن كانت سياسية أم اقتصادية، ينبري الإعلام والمسؤولين  لربطها بنظيرة “المؤامرة” التي تهدف لإضعاف الدولة وإسقاطها، في وقت وصلت نسبة الفقر في سورية إلى أكثر من 80% بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وخلال الأيام الماضية، شهدت الليرة السورية تراجعاً في قيمتها بشكل غير مسبوق، إذ وصل سعر صرفها أمام الدولار إلى 3000 ليرة، قبيل أيام من بدء تطبيق قانون “قيصر”.

وترافق ذلك مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية والغذائيات، في حين أغلقت المحلات التجارية أبوابها وامتنعت عن عمليات البيع والشراء، لكون حكومة النظام حددت أسعار للبيع وهددت بفرض عقوبات على من يتجاوزها، وهي أسعار يقول بعض التجار وأصحاب المحال التجارية أنها دون سعر التكلفة، لذلك فضّل بعضهم الامتناع عن البيع.

وبالتزامن مع ذلك، كانت طالبت، بثينة شعبان، المستشارة الإعلامية والسياسية لرئيس النظام، بشار الأسد، المواطنين بالـ”الصمود”، في مواجهة التدهور الاقتصادي الحاد، وهو ما أثار سخرية واسعة من حكومة النظام، التي لم تطرح أي خططٍ لمواجهة التدهو، واكتفت بإطلاق الشعارات.

واعتبرت شعبان، في تصريح لموقع “الوطن أونلاين”، أن “قانون قيصر يستهدف سورية، لكونها تشكل الركيزة الأساسية في محور المقاومة، وحلقة مهمة جداً في الشرق الأوسط وفي التوازن الإقليمي والدولي”.

وقالت إنه “يجب أن تكون العزيمة نفسها والصبر نفسه الذي مارسناه طيلة سنوات الحرب على سورية، وهذا ليس بالأمر السهل، ولكن لا خيار لنا سوى الصبر والصمود وهذا الصمود سيؤتي أكله قريباً”.

واتهم نظام الأسد الولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف وراء التدهور الاقتصادي، مستنداً إلى تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري جيمس جيفري، بأن الإجراءات الأمريكية أسهمت في انهيار العملة السورية.

وفي رده على جيفري، اعتبر النظام في بيان نشرته وكالة “سانا” أن “السياسة الأمريكية، التي تشكل انتهاكاً سافراً لأبسط حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، سوف تفشل مجدداً أمام اصرار السوريين على التمسك بسيادة وطنهم واستقلالية خياراتهم السياسية والاقتصادية”.

وأضاف أن “الدفاع عن الاقتصاد الوطني سيشكل هزيمة جديدة للمحاولات اليائسة للإدارة الأمريكية في التدخل في الشأن السوري”.

ودعا وزير الأوقاف في حكومة الأسد، محمد عبد الستار السيد، إلى “تعزيز حالة التعاضد والتعاون بين أبناء الشعب السوري، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية نتيجة الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على سورية”.

وقال السيد، خلال لقائه الفعاليات الدينية في حمص اليوم الثلاثاء، إن “سورية بصمود شعبها وحكمة قيادتها، ستحقق الانتصار بالحرب الاقتصادية، كما انتصرت بالحرب العسكرية وستفشل كل المؤامرات التي تستهدف صمود الشعب السوري”.

أما مدير أوقاف حمص، عصام المصري، فقد طالب خطباء المساجد، أن يركزوا في خطب يوم الجمعة على الحالة المعيشية للمواطنين، وأن يطالبوا التجار بعدم رفع الأسعار والاحتكار والتحلي بالصبر.

————————-

واشنطن تحدد شرطها لإخراج الأسد من أزمته.. وتهدد بعقوبات جديدة

حددت الولايات المتحدة الشرط الذي سيتم بموجبه رفع العقوبات عن نظام الأسد، وخروجه من الأزمة الاقتصادية، متحدثةً عن قرار مجلس الأمن رقم “2254”.

ونشر حساب “السفارة الأمريكية في سورية” عبر “تويتر”، اليوم الأربعاء، تغريدة جاء فيها أن “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام السوري”، مطالباً الأسد باتخاذ خطوات “لا رجعة فيها” نحو حل سياسي.

وأضاف أن أي حل سياسي في سورية يجب أن “يحترم حقوق الشعب السوري ورغبته”، مهدداً بفرض المزيد من العقوبات على الأسد، في حال لم يستجب لتك المطالب.

وتابع “ستواصل الولايات المتحدة فرض العقوبات الهادفة والضغط الاقتصادي المتزايد على نظام الأسد إلى حين تحقيق تقدم لا رجعة فيه في المسار السياسي، بما في ذلك من خلال وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد بحسب ما يدعو إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام السوري. وينبغي أن يتخذ النظام خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل سياسي للصراع السوري يحترم حقوق الشعب السوري ورغبته أو سيواجه المزيد من العقوبات الهادفة والعزلة.

    — U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) June 10, 2020

وحمّل حساب “السفارة الأمريكية في سورية” نظام الأسد مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تمر بها سورية، بقوله: “يتحمل بشار الأسد ونظامه مسؤولية الانهيار الاقتصادي السوري بشكل مباشر، إذ يبذرون عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لتمويل حرب غير ضرورية ضد الشعب السوري بدل توفير احتياجاته الأساسية”.

مضمون التغريدة جاء مشابهاً لتصريحات صادرة عن المبعوث الأمريكي إلى سورية، جيمس جيفري، قبل أيام، والذي قال إن بلاده ستواصل الضغط على نظام الأسد اقتصادياً، وستستمر بعزله دبلوماسياً، وبفرض العقوبات عليه وعلى داعميه، حتى التوصل إلى حل سياسي في سورية بناء على قرار الأمم المتحدة رقم 2254 الذي يدعو إلى إجراء انتخابات في البلاد، والبدء بعملية دستورية جديدة.

وتحدث جيفري عن عرضٍ قدمته واشنطن للأسد، من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية، بقول “نحن قدمنا للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة (…) إذا كان الأسد مهتماً بشعبه سيقبل العرض، ونحن على تواصل مستمر مع الروس ومع اللاعبين البارزين والآخرين ومع المعارضة السورية التي يجب أن تبقى موحدة”.

وينص قرار مجلس الأمن رقم “2254”، الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة، على البدء بمسار سياسي جديد في سورية، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وصياغة دستور جديد للبلاد في غضون ستة أشهر.

ويدعم القرار أيضاً إجراء انتخابات رئاسية “حرة ونزيهة” على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف أممي.

وتشهد سورية أزمة اقتصادية هي الأسوأ التي مرت عليها منذ مطلع أحداث الثورة السورية، حيث يستمر انهيار سعر صرف الليرة السورية في سوق العملات الأجنبية، الأمر الذي أثّر على أسعار المواد الغذائية والاحتياجات التي يحتاجها المواطنون بشكل يومي.

ويأتي الانهيار في سعر صرف الليرة قبل أيام من دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يفرض عقوبات على الأسد وكبار المسؤولين في نظامه، وجميع الداعمين له اقتصادياً، خاصة فيما يتعلق بمسألة إعادة الإعمار.

——————————–

العقوبات حاضرة غائبة في مؤتمر بروكسل

على الرغم من عدم إدراج مُنظمي الاجتماعات مسألة العقوبات ضمن جدول الأعمال الرئيسي، إلّا أن كثيراً من التسريبات تحدثت عن أنّ هذا الموضوع سيكون أحد مواضيع النقاش الأساسية في مؤتمر بروكسل الرابع لدعم مستقبل سوريا والمنطقة. سيُعقد المؤتمر افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس بسبب جائحة كورونا، وسيأتي متزامناً مع حدثين رئيسيين، أولهما موعد تجديد قرار «عبر الحدود» الذي يسمح بتمرير المساعدات إلى سوريا دون موافقة حكومة نظام الأسد، والثاني هو إعلان الأوامر التنفيذية المتعلقة بتطبيق قانون قيصر، الذي أقره الكونغرس الأميركي بداية العام الجاري ضمن قانون موازنة الدفاع الأميركية لعام 2020، وأصبح نافذاً بعد توقيع الرئيس الأميركي عليه.

سيُعقد الحدث الوزاري في الثلاثين من حزيران (يونيو) الجاري، وتسبقه بأسبوع المناقشات التي ستعقد بين المفوضية الأوروبية ودول الاتحاد ومنظمات المجتمع المدني السورية والعاملة في كل من سوريا وتركيا ولبنان والأردن، حيث ستقدم تلك النقاشات رؤية السوريين لشكل الدعم المطلوب من الاتحاد الأوروبي والدول المانحة خلال العام القادم. في هذا الجانب، قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب برويل: «شاغلنا المباشر هو تلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب السوري، والعمل من أجل وقف دائم لإطلاق النار على مستوى الدولة وإيجاد حل سياسي شامل (…) مؤتمر بروكسل هو أداة فعالة للاتحاد الأوروبي للتعامل مع جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة لدعم من الجهود السياسية والإنسانية للأمم المتحدة».

وستفرض الحلول البديلة لإقامة المؤتمر في ظلّ كورونا عدداً من التحديات على المنظمات السورية، التي كانت تنظم عدداً من الفعاليات الجانبية على هامش المؤتمر كل عام، لإيصال صوتها والقيام بالمناصرة اللازمة للقضية السورية. يقول أسعد العشي مدير منظمة بيتنا سوريا للجمهورية: «على الرغم من أننا نستطيع القيام بأغلب النشاطات التي كنا نقوم بها خلال المؤتمر السابق الذي حضرناه فيزيائياً، إلّا أن غياب التواصل المباشر سيؤثر بالتأكيد على قدرتنا على إيصال الرسائل بشكل جيد، كما أنّ الفُرص التي كانت تُتاح للمنظمات السورية من خلال اللقاءات المباشرة ستتراجع اليوم، وكذلك سنواجه تحديات تقنية لتأمين حضورنا بشكل جيد لأعمال المؤتمر التي ستقام بشكل افتراضي».

ومن أجل مواجهة صعوبات التنسيق وغياب اللقاءات المباشرة، التي كانت تضم نقاشات تسبق الاجتماع الوزاري من أجل تحسين استجابة الدول المانحة، يسرت رابطة الشبكات السورية مبادرة لعدد من المنظمات الإنسانية لتحضير رؤيتهم لمؤتمر بروكسل، والرابطة تحالف لتجمعات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية السورية. يقول الدكتور فادي حكيم، مدير المناصرة في مكتب تركيا التابع للجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز): «تم عقد لقاءات افتراضية لكل القطاعات المنفصلة ضمن مبادرة ألية تنسيق مؤتمر بروكسيل في تركيا الميسرة من قبل رابطةالشبكات، وقامت مجموعة مصغرة شاركت فيها سامز بصياغة ورقة تعبر عن رؤية عدد من المنظمات الإنسانية والمدنية من مختلف أنحاء سوريا، تمّ تقديمها للدول المنظمة لمؤتمر بروكسل من أجل تجاوز غياب اللقاءات المباشرة وإيصال صوت المنظمات السورية للمانحين».

تحدثنا إلى لبنى قنواتي، المدير الإقليمية لمنظمة النساء الآن لأجل التنمية، وهي تقول في هذا الشأن إن «هناك تحديات يفرضها حضور المؤتمر والتجهيز له بشكل افتراضي، بداية بغياب الحماس تجاه المؤتمر ذاته لانعقاده في ظرف ضاغط على كل الناس، والنساء تحديداً، وصعوبة التجهيز للفعاليات المرافقة له، باعتبار أن كل الأطراف تتواصل بشكل افتراضي، وتعاني منذ انطلاق الجائحة تحت أعباء مختلفة. لكن المشاركة الافتراضية، بالمقابل، ستُفسح المجال أمام العديد من السيدات، وخاصة داخل سوريا، إذ كانت صعوبة السفر والحصول على التأشيرات وعبور الحدود المغلقة، أحد العوائق الأساسية التي تمنع من المشاركة. رغم جهود عديدة بذلت العام الماضي لدعوة عدة سيدات من داخل سوريا، إلا أن الاتحاد الأوروبي لم ينجح في تأمين تأشيرات دخول لهنَّ إلى منطقة الشنغن، ولعلّ الانعقاد الافتراضي للمؤتمر في هذا العام يحسن من فرص المشاركة ونقل أصوات الناس في سوريا».

تواجه الاستجابة الإنسانية في سوريا عدداً كبيراً من التحديات اليوم، ليس آخرها المخاوف من انتشار فيروس كورونا المستجد، إلّا أن أكبرها هو النقص الكبير في الدعم المقدم للمجتمع المدني والمنظمات الإنسانية. تقول قنواتي: «هناك تخوفات حقيقة من استمرار تراجع الدعم، وهو الأمر الذي بدأ أصلاً منذ قرابة عامين. من يتابع الشأن المدني في سوريا يعرف أن مخصصات الدعم تزداد شحاً وتعقيداً وصعوبة، وأن القيود على دعم منظمات المجتمع المدني السوري تزداد مع تقييد العبور عبر الحدود، والقوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب، والتي تؤثر بشكل مباشر على عمل منظمات المجتمع المدني. لقد شاهدنا خلال السنتين الماضيتين انسحاب العديد من الداعمين من برامج دعم سوريا، الأمر الذي أدى إلى إغلاق وتوقف العديد من المشاريع التي تخدم الناس. لدينا تخوفٌ حقيقيٌ من آثار هذه الظروف على المبادرات المحلية العاملة على الأرض، التي تمتلك هيكليات مختلفة عن المنظمات وتستند إلى مصادر دخل محدودة جداً. العديد من هذه المبادرات، وخاصة النسائية منها، حُرمت من الدعم لأن وصولها بالأساس إلى هذه الفرص كان مرتبطاً بوجود منظمات وسيطة تؤمن الغطاء القانوني لها. هذه المبادرات لها دور أساسي وسياسي هام في تمثيل النساء ونقل احتياجاتهنّ وتمكينهنّ، وهي تحافظ على مساحة العمل المدني داخل سوريا، وسيكون لتوقفها آثار كارثية على المساحة التي صارعت النساء لبنائها خلال سنوات الثورة، وخاصة بعد الضربات المتتالية التي تلقاها المجتمع المدني عموماً، والمبادرات المحلية على وجه الخصوص، نتيجة التهجير القسري وخساره الممتلكات والنزوح المتكرر والضغوط الهائلة على الفرق العاملة في الشأن المدني والعام».

ويأتي استمرار تراجع الدعم في ظروف قد تكون الأسوأ اقتصادياً على السوريين، وعن هذا يقول الدكتور محمد كتوب، مدير المناصرة والسياسات في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، للجمهورية: «هناك تراجع كبير في تمويل المانحين، ففي حين تم تمويل 42 % من الاحتياجات في عام 2019 كاملاً، لم يصل التمويل لعام 2020، ونحن ننهي النصف الأول منه، إلى 17 % من الاحتياجات. هذا تحدٍ كبير، إذ لا يمكن العمل بقيمة 17 % من الاحتياجات، خاصة مع تفاقم الاحتياج نتيجة الانهيار الاقتصادي وظروف كورونا ووجود صعوبات لوجستية».

ويبدو أنّ تحدي نقص الدعم سيكون الموضوع الأول للنقاش خلال لقاءات مؤتمر بروكسل الافتراضية، إلّا أنّ الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدول المانحة نتيجة جائحة كوفيد-19 سيكون لها أثر كبير على الأغلب على التزامات الدول لهذا العام. وبينما وصلت تعهدات الدول المانحة خلال مؤتمر بروكسل الثالث العام الماضي إلى 6.2 مليار يورو، فإننا قد نكون أمام أرقام أقلّ هذه السنة، وسيكون لذلك تأثير كبير بلا شك على قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم الخدمات للسوريين داخل سوريا وفي دول الجوار.

وتؤثر الجائحة على مستويات الاستجابة الإنسانية عموماً، والصحية بشكل خاص، إذ سيتم حشد مزيد من الدعم لمواجهة احتمالات وصول هذه الجائحة إلى شمال غرب سوريا، ما يعني تراجعاً في دعم باقي الاحتياجات الأساسية. يتابع د. حكيم في حديثه للجمهورية: «كان هناك بالأساس فجوة في تمويل احتياجات العمل الإنساني قد تصل إلى أكثر من خمسين بالمئة، واليوم قد يكون لكورونا تأثير كبير على هذه الاستجابة. بالنسبة لنا كمنظمة إنسانية تعمل في المجال الصحي، فإن أحد أهدافنا الأساسية هي لفت الانتباه للمخاطر المحدقة في حال انتشار فيروس كورونا المستجد بشكل أكبر في سوريا. نحن الآن نركز على الوقاية والتحضير لزيادة القدرة على الاستجابة، مثل توفير الأجهزة والمعدات الطبية لتغطية النقص الموجود، إذ أننا نرى أنّ التجهيزات الموجودة غير كافية للاستجابة الفعّالة، وكان لنا توصيات طبية برفع الكفاءة في القطاع الصحي، وتوصيات في تحسين الحوكمة الصحية في المناطق السورية المختلفة، والتركيز على دعم قطاع التعليم الطبي نتيجة وجود نقص في الكوادر الطبية المؤهلة، وهي واحدة من أكبر التحديات التي تواجهنا».

لن تغيب العقوبات، وخاصة قانون قيصر عن أجواء المؤتمر بالتأكيد، فعلى الرغم من عدم تضمين جدول الأعمال بنداً خاصاً بالموضوع، إلا أنّ الحديث عن قطاعات الصحة وسبل العيش التي ستتأثر بتلك العقوبات سيكون المدخل الأساسي لهذا النقاش. ويبدو أنّ هناك ثلاثة اتجاهات رئيسية للسوريين الذين سيشاركون في المؤتمر، فحسب عدد من التسريبات، تُعِدُّ مجموعة المنظمات الآتية من مناطق النظام، أو المدعومة منه والتابعة له، لحملة علاقات عامة ضمن المؤتمر ضد العقوبات بشكل كامل على شخصيات مرتبطة بالنظام وعلى القطاعات الحكومية التابعة له، وهي لن تختلف كثيراً عن الحملة التي أقيمت خلال المؤتمر الماضي، والتي انتهت بالضغط لتوقيع بيان يتضمن رفضاً لتلك العقوبات باعتبارها تؤثر على المدنيين فقط.

الاتجاه الثاني الذي تحدثت عنه تسريبات ومعلومات خاصة حصلت عليها الجمهورية، لم يتجاوز حتى اللحظة مرحلة التنسيق لكتابة بيان ضد العقوبات من قبل منظمات إنسانية عاملة في مناطق خارج سيطرة النظام في سوريا، باعتبار أنّ هذه العقوبات ستؤثر فقط على المدنيين. وتفيد التسريبات التي حصلت عليها الجمهورية بأنّ الأفكار الرئيسية المطروحة لدى هذا الاتجاه حتى الآن تتحدث عن رفض لكامل العقوبات، دون تمييز بين تلك التي تطال أشخاص ومؤسسات بعينها وتلك التي تطال قطاعات بأكملها.

في الاتجاه الثالث، قامت عددٌ من منظمات المجتمع المدني السورية بتحضير رؤية حول العقوبات على سوريا، حددت فيها ضرورة استمرار الضغط على النظام بكل الطرق لوقف انتهاكات حقوق الإنسان، كما حاولت البحث بشكل تفصيلي في العقوبات، وفرقت بين نوعين منها، الأول يشمل العقوبات على أفراد ومؤسسات مشاركة بشكل مباشر في انتهاكات ضد السوريين، والثاني عقوبات قطاعية سيكون لها تأثير على المدنيين، لتقول إنّ رفع أي نوع من العقوبات دون تنازلات من النظام سيكون فرصة له لتمويل حربه على السوريين مجدداً، مع التأكيد على ضرورة تخفيف العقوبات القطاعية لحماية المدنيين السوريين من آثارها وفق شروط معينة، بحيث لا يكون هذا التخفيف مُكافأة مجانية للنظام.

يقول أسعد العشي مدير منظمة بيتنا سوريا للجمهورية: «الهدف من هذه الرؤية هو بحث موضوع العقوبات، وأثرها على المدنيين. موقفنا واضح جداً من العقوبات على الأفراد والمؤسسات، فهي يجب أن تستمر كنوع من الضغط، إلا أن العقوبات القطاعية، أي التي تشمل قطاعات كاملة، فإنها يجب أن تُدرس بدقة، كي يتم تخفيف الأثر على المدنيين».

لا يمكن معرفة تبعات تراجع دعم القطاع الإنساني في سوريا من اليوم على وجه التحديد، إلّا أنّ هذا التراجع سيزيد من سوء الأوضاع السيئة أصلاً في البلاد،  لتتضافر كل الظروف ضد حياة السوريين، بعد أن شهدوا تدمير مدنهم وبلداتهم بالطائرات والمدفعية على مدى عشر سنوات.

موقع الجمهورية

———————————————

سوريا بين فكي كماشة..قيصر يطرق الأبواب وخبز يهدد النظام

نورا الجندي

يبدو أن قانون قيصر الأميركي لن يمر مرور الكرام على سوريا أبداً، بل من الممكن له أن يغيّر مسار المجريات، فتأثيراته الكبيرة لن تطال فقط النظام في سوريا بل كل المحيطين به والداعمين له، بما فيهم دول وأشخاص.

“قانون القيصر” الأميركي يعصف بالليرة السورية “قانون القيصر” الأميركي يعصف بالليرة السورية أسواق المال

فبعدما أكد متعاملون ومصرفيون أن الليرة السورية هبطت إلى مستوى قياسي جديد خلال اليومين الماضيين في وقت يسارع فيه المستثمرون للحصول على الدولار قبل فرض القانون بعد أيام من يونيو/حزيران الجاري، عادت الليرة وارتفعت قليلا وسط معلومات عن ضخ النظام لعملة صعبة في السوق.

الأسد ضخ دولاراً

في التفاصيل، وبعد سقوط حر سريع كانت سجلته الليرة السورية وصل إلى 3200 ليرة مقابل الدولار الواحد خاسرة بذلك ما يعادل ثلث قيمتها، عادت وارتفعت قليلا لتصل إلى ما يقارب 2600 ليرة للدولار الواحد، الأربعاء.

وأفادت معلومات بأن النظام ضخ عملة صعبة في السوق خففت الارتفاع المخيف للدولار، وذلك إثر مظاهرات خرجت ضده في مناطق عدة كالسويداء ودرعا تطالب بإسقاطه ورحيل بشار الأسد.

فيما أكد مصرفيون أن قيصر المزمع صدوره بعد أسبوع تقريبا سيكون الأشد بين كل ما أصدر من عقوبات طالت النظام وأتباعه خلال السنوات الماضية، ما دفع مستثمرين ورجال أعمال إلى التحرك فوراً، إذ يخشى هؤلاء من أن تؤدي العقوبات الجديدة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها سوريا.

وهو ما ترجم فعلاً بعد إغلاق تجار كثر محالهم في مختلف أرجاء البلاد رافضين البيع حتى استقرار الأمور ومعرفة إلى أن سيصل الدولار، فيما سارع الناس بحسب المصادر، إلى جمع الدولارات وحماية مدخراتهم.

تعليقا على الموضوع وفي تصريح خاص لـ”العربية نت” أشار خبير الاقتصاد السوري وائل حمّاد المدير التنفيذي لشركة ICM Capital، إلى أن عوامل كثيرة أدت إلى تدهور العملة السورية إلى هذا الحد، حيث ذكّر حمّاد بداية أن النظام في سوريا استطاع طيلة سنوات الحرب تقريبا أن يضبط سعر الصرف بمساعدة الدول الحليفة له وبدعم منها، كما أن بداية التراجع الملموس لليرة بدأ يظهر بشكل مؤلم مع بدء الاحتجاجات في لبنان أي قبل أشهر، مؤكدا أن الوضع الحالي في سوريا أضحى صعباً للغاية.

واستذكر الخبير أن الحرب في سوريا تركت ندوباً كثيرة، حيث أضحت البلاد تنتج ما يقارب 150 ألف طن من القمح بعدما كانت تنتج 5 ملايين طن، وكانت تنتج 385 برميل نفط يومياً فأصبح إنتاجها يصل إليى ما ما يقارب في بعض الأحيان 2000 لا أكثر، وحتى تصدير الدواء حيث كانت تصدر إلى ما يقارب 96 دولة، فبعدما كانت تتمتع باكتفاء ذاتي خرجت معامل سوريا عن الخدمة، وقطاعات أخرى كثيرة تضررت من الأزمة.

جرّ إلى الحوار

كما أن للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران دور كبير جدا على سوريا، وما مر به العراق أيضا من أزمات إلى أن وصل فيروس كورونا المستجد المنطقة، ومن قبله طبعا احتجاجات لبنان، كل هذه العوامل كانت كفيلة بأن تصل سوريا لما وصلت إليه اليوم.

وأضاف حمّاد أنه مع الصعوبات التي يعانيها النظام المصرفي في لبنان، أثرت سلباً على التبادل التجاري مع لبنان الذي هو رئة سوريا والعكس صحيح، فكان ذلك ضربة قاسمة لليرة، إلى أن جاء قانون قيصر، الذي إذا لم تكن نيته إسقاط النظام فعلاً فسيكون بالتأكيد أداة تدفع الأسد إلى قبول الحوار وإيجاد مخرج للأزمة.

مع العلم أن الولايات المتحدة كانت أبدت مساء الأربعاء، حرصاً واضحاً على إيضاح موقفها من الوضع الاقتصادي والمالي المنهار في سوريا، فأرسلت سلسلة مواقف عبر تغريدات على تويتر ردّت فيها على تصريحات مسؤولين سوريين من النظام أرادوا تحميل واشنطن مسؤولية هذا الانهيار.

وقالت تغريدة في حساب السفارة الأميركية في سوريا: “يتحمل بشار الأسد ونظامه مسؤولية الانهيار الاقتصادي السوري بشكل مباشر، إذ يبذّرون عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لتمويل حرب غير ضرورية ضد الشعب السوري بدل توفير احتياجاته الأساسية”.

وأضافت في تغريدة أخرى: “على غرار ما قاله السفير جيفري مرارا وتكرارا في الاجتماعات الخاصة والعلنية على حد سواء، يتحمل بشار الأسد ونظامه مسؤولية الانهيار الاقتصادي السوري بشكل مباشر”، مؤكدة أن “العقوبات الجديدة مرسومة لردع بشار الأسد ونظامه عن استغلال النظام المالي العالمي ومنظومة الإنتاج الدولية ومنعهما من استعمالها لقهر الشعب السوري، حيث تريد واشنطن منع نظام الأسد وشركائه من استعمال الحرب التي شنّوها على الشعب السوري لتحقيق مغانم”.

فيما يتمسك الأميركيون بمبدأ الحل غير العسكري في سوريا من خلال مسار دولي، ويرون أنه من الضروري إنشاء نظام بعيد عن إيران لا يسمح ببقاء قواتها على أرض سوريا.

محاولات إنعاش

وعن إجراءات النظام، حين قام بضخ أموال في السوق خلال الساعات الماضية لكسر حدة التداعيات قليلا، أكد حمّاد أن هذه ما هي إلا حلول مؤقتة، ومحاولات إنعاش ليس لها أثر كبير على المدى الطويل، فالاقتصاد السوري اليوم أصبح بأتعس حالته وهو بحاجة إلى قرارات كبيرة جدا وخطط عميقة تحتاج وقتا كبيراً للخروج من هذه المحنة.

هل يتدخل الحلفاء؟

يشار إلى أن النظام في سوريا كان اعتاد في مثل هذه الأزمات، على تدخل الحلفاء لإنقاذه وتمييل كفة الميزان لصالحه، إلا أنه وأمام الوضع الجديد اليوم، حلفاء النظام معاقبون أصلاً، كروسيا وإيران وحزب الله، وبالتالي لا ملامح لحلول من هذه المنطلقات، بحسب ما أشار إليه حمّاد، الذي أضاف أن السيناريوهات أمام قيصر الآن مفتوحة، مؤكداً على أنه وبحسب التحليلات الاقتصادية فلا مكان لتفسير هنا يجزم بما ستؤول إليه الأوضاع، وذلك لأن سوريا لا تملك تاريخا اقتصاديا شابته أزمات كهذه وخرجت منها ليتم الاعتماد عليه.

قوات إيرانية في سوريا قوات إيرانية في سوريا

إلا أن الأكيد أن البلاد ستمر بسبب القانون بأزمة عملة بمستوى حاد صعب التنبؤ به.

قيصر ولبنان

قانون قيصر بحسب الخبير، لن يجر سوريا وحدها إلى الهاوية، فلبنان دائم التأثير بجارته والعكس صحيح، وبحسب حمّاد لا حل أمام بيروت إلا طريقتها المعهودة المتمثلة باتباع سياسة النأي بالنفس.

وبذلك يعود لبنان إلى النقطة السياسية، لأن آثار قيصر ستعم على المنطقة بأسرها بما فيها إيران، والعراق، ولبنان، والأردن فضلا عن سوريا، إلا أن للبنان سيكون النصيب الأكبر بعد سوريا، ومن الممكن أن تشهد الفترة القادمة انهيارا كبيرا بالعملة هناك، ما سيدفع أصواتا داخلية إلى الظهور والمناشدة مجددا بالنأي بالنفس، كي لا يصبح هذا البلد في قبضة العقوبات الأميركية أيضا.

أطفال سوريا في لبنان أطفال سوريا في لبنان

وبالتالي من الممكن أن نرى خلال الأيام القادمة مشاحنات سياسية لبنانية ودعوات للابتعاد عن نيران قيصر، بحسب حمّاد، خصوصا وأنها بدأت بالفعل قبل أيام.

يذكر أن قانون قيصر المتوقع تنفيذه بعد أيام، كان قد أثار قلقا كبيرا، خصوصا وأنه يطال شركات أجنبية تتعامل مع شركات سورية تدعم النظام، ودول عظمى وأفراد، وذلك وسط خشية المستثمرين من أن تشديد العقوبات على تلك الكيانات سيقلل من احتمالات تدفق رأس المال من الخارج، متسببا بأزمة كبيرة.

———————————–

صمود وإصرار وتعاضد”..شعارات نظام الأسد لمواجهة التدهور الاقتصادي

استنفر نظام الأسد، خلال الأيام الماضية، عبر إعلامه ومسؤوليه لمواجهة التدهور الاقتصادي، لكن لم يكن عبر خطوات وإجراءات تحد من زيادة التدهور، وإنما عبر شعارات اعتاد على إطلاقها في كل مناسبة تتمثل بألفاظ “الصمود والإصرار والتعاضد” بين السوريين.

وفي كل أزمة تعصف بالنظام وحكومته، إن كانت سياسية أم اقتصادية، ينبري الإعلام والمسؤولين  لربطها بنظيرة “المؤامرة” التي تهدف لإضعاف الدولة وإسقاطها، في وقت وصلت نسبة الفقر في سورية إلى أكثر من 80% بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وخلال الأيام الماضية، شهدت الليرة السورية تراجعاً في قيمتها بشكل غير مسبوق، إذ وصل سعر صرفها أمام الدولار إلى 3000 ليرة، قبيل أيام من بدء تطبيق قانون “قيصر”.

وترافق ذلك مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية والغذائيات، في حين أغلقت المحلات التجارية أبوابها وامتنعت عن عمليات البيع والشراء، لكون حكومة النظام حددت أسعار للبيع وهددت بفرض عقوبات على من يتجاوزها، وهي أسعار يقول بعض التجار وأصحاب المحال التجارية أنها دون سعر التكلفة، لذلك فضّل بعضهم الامتناع عن البيع.

وبالتزامن مع ذلك، كانت طالبت، بثينة شعبان، المستشارة الإعلامية والسياسية لرئيس النظام، بشار الأسد، المواطنين بالـ”الصمود”، في مواجهة التدهور الاقتصادي الحاد، وهو ما أثار سخرية واسعة من حكومة النظام، التي لم تطرح أي خططٍ لمواجهة التدهو، واكتفت بإطلاق الشعارات.

واعتبرت شعبان، في تصريح لموقع “الوطن أونلاين”، أن “قانون قيصر يستهدف سورية، لكونها تشكل الركيزة الأساسية في محور المقاومة، وحلقة مهمة جداً في الشرق الأوسط وفي التوازن الإقليمي والدولي”.

وقالت إنه “يجب أن تكون العزيمة نفسها والصبر نفسه الذي مارسناه طيلة سنوات الحرب على سورية، وهذا ليس بالأمر السهل، ولكن لا خيار لنا سوى الصبر والصمود وهذا الصمود سيؤتي أكله قريباً”.

واتهم نظام الأسد الولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف وراء التدهور الاقتصادي، مستنداً إلى تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري جيمس جيفري، بأن الإجراءات الأمريكية أسهمت في انهيار العملة السورية.

وفي رده على جيفري، اعتبر النظام في بيان نشرته وكالة “سانا” أن “السياسة الأمريكية، التي تشكل انتهاكاً سافراً لأبسط حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، سوف تفشل مجدداً أمام اصرار السوريين على التمسك بسيادة وطنهم واستقلالية خياراتهم السياسية والاقتصادية”.

وأضاف أن “الدفاع عن الاقتصاد الوطني سيشكل هزيمة جديدة للمحاولات اليائسة للإدارة الأمريكية في التدخل في الشأن السوري”.

ودعا وزير الأوقاف في حكومة الأسد، محمد عبد الستار السيد، إلى “تعزيز حالة التعاضد والتعاون بين أبناء الشعب السوري، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية نتيجة الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على سورية”.

وقال السيد، خلال لقائه الفعاليات الدينية في حمص اليوم الثلاثاء، إن “سورية بصمود شعبها وحكمة قيادتها، ستحقق الانتصار بالحرب الاقتصادية، كما انتصرت بالحرب العسكرية وستفشل كل المؤامرات التي تستهدف صمود الشعب السوري”.

أما مدير أوقاف حمص، عصام المصري، فقد طالب خطباء المساجد، أن يركزوا في خطب يوم الجمعة على الحالة المعيشية للمواطنين، وأن يطالبوا التجار بعدم رفع الأسعار والاحتكار والتحلي بالصبر.

—————————-

واشنطن تحدد شرطها لإخراج الأسد من أزمته.. وتهدد بعقوبات جديدة

حددت الولايات المتحدة الشرط الذي سيتم بموجبه رفع العقوبات عن نظام الأسد، وخروجه من الأزمة الاقتصادية، متحدثةً عن قرار مجلس الأمن رقم “2254”.

ونشر حساب “السفارة الأمريكية في سورية” عبر “تويتر”، اليوم الأربعاء، تغريدة جاء فيها أن “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام السوري”، مطالباً الأسد باتخاذ خطوات “لا رجعة فيها” نحو حل سياسي.

وأضاف أن أي حل سياسي في سورية يجب أن “يحترم حقوق الشعب السوري ورغبته”، مهدداً بفرض المزيد من العقوبات على الأسد، في حال لم يستجب لتك المطالب.

وتابع “ستواصل الولايات المتحدة فرض العقوبات الهادفة والضغط الاقتصادي المتزايد على نظام الأسد إلى حين تحقيق تقدم لا رجعة فيه في المسار السياسي، بما في ذلك من خلال وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد بحسب ما يدعو إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام السوري. وينبغي أن يتخذ النظام خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل سياسي للصراع السوري يحترم حقوق الشعب السوري ورغبته أو سيواجه المزيد من العقوبات الهادفة والعزلة.

    — U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) June 10, 2020

وحمّل حساب “السفارة الأمريكية في سورية” نظام الأسد مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تمر بها سورية، بقوله: “يتحمل بشار الأسد ونظامه مسؤولية الانهيار الاقتصادي السوري بشكل مباشر، إذ يبذرون عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لتمويل حرب غير ضرورية ضد الشعب السوري بدل توفير احتياجاته الأساسية”.

مضمون التغريدة جاء مشابهاً لتصريحات صادرة عن المبعوث الأمريكي إلى سورية، جيمس جيفري، قبل أيام، والذي قال إن بلاده ستواصل الضغط على نظام الأسد اقتصادياً، وستستمر بعزله دبلوماسياً، وبفرض العقوبات عليه وعلى داعميه، حتى التوصل إلى حل سياسي في سورية بناء على قرار الأمم المتحدة رقم 2254 الذي يدعو إلى إجراء انتخابات في البلاد، والبدء بعملية دستورية جديدة.

وتحدث جيفري عن عرضٍ قدمته واشنطن للأسد، من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية، بقول “نحن قدمنا للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة (…) إذا كان الأسد مهتماً بشعبه سيقبل العرض، ونحن على تواصل مستمر مع الروس ومع اللاعبين البارزين والآخرين ومع المعارضة السورية التي يجب أن تبقى موحدة”.

وينص قرار مجلس الأمن رقم “2254”، الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة، على البدء بمسار سياسي جديد في سورية، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وصياغة دستور جديد للبلاد في غضون ستة أشهر.

ويدعم القرار أيضاً إجراء انتخابات رئاسية “حرة ونزيهة” على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف أممي.

وتشهد سورية أزمة اقتصادية هي الأسوأ التي مرت عليها منذ مطلع أحداث الثورة السورية، حيث يستمر انهيار سعر صرف الليرة السورية في سوق العملات الأجنبية، الأمر الذي أثّر على أسعار المواد الغذائية والاحتياجات التي يحتاجها المواطنون بشكل يومي.

ويأتي الانهيار في سعر صرف الليرة قبل أيام من دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يفرض عقوبات على الأسد وكبار المسؤولين في نظامه، وجميع الداعمين له اقتصادياً، خاصة فيما يتعلق بمسألة إعادة الإعمار.

———————————

الأسد يعبىء البعث للانتخابات: إطلاق مرحلة “الاستئناس

بينما كان منتظراً أن يخرج بخطاب عام الأحد، اكتفى رئيس النظام السوري بشار الأسد برسالة داخلية موجهة الى كوادر حزب “البعث”، ركزت على التحضير لانتخابات مجلس الشعب المقررة في تموز/يوليو.

وكان لافتاً تجاهل الأسد للتطورات السياسية والعسكرية في سوريا، كما أهملت رسالته الاشارة إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، مع قرب تطبيق قانون العقوبات الأميركي الجديد المشدد “قيصر”،  حيث اكتفى رئيس النظام، وهو الأمين العام ل”حزب البعث” أيضاً، بتشجيع كوادر الحزب الحاكم منذ العام 1963 على المشاركة في اختيار مرشحي الحزب للانتخابات البرلمانية القادمة.

ومن المؤكد أن اقتصار الكلمة/الرسالة على ملف حزبي خاص دون التطرق للشأن العام في سوريا، سيصيب السوريين الذين انتظروا خطاب الأسد بالصدمة، خاصة وأن الكثيرين منهم كانوا يتوقعون أن يعلن خطوات جديدة من أجل مواجهة الأنهيارات الاقتصادية في البلاد، بينما كان البعض قد ذهب في تفاؤله أبعد من ذلك، حين توقع أن يقدم رئيس النظام تنازلات سياسية تساهم بالدفع بالعملية السياسية لانهاء الحرب في البلاد.

ورغم أن الأسد خصص كلمته التي نشرتها صفحة “البعث” على “فايسبوك”، بشكل كامل للحديث عن الشأن الحزبي، إلا أنه لم يقدم فيها أي جديد يذكر يمكن أن يعتبر مؤشراً على تطور خطاب وفكر حزب “البعث”، حيث جدد أمينه العام التأكيد على عراقة “البعث” وأصالته، وعلى تطوره وتفاعله، وعلى تضحياته ونضاله .. الخ!

    كلمة للرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي موجهة إلى كوادر البعث مع بدء الاستئناس المتعلق باختيار ممثليهم…

    Posted by ‎حزب البعث العربي الاشتراكي – القيادة القطرية‎ on Sunday, June 14, 2020

وبينما يتفق جميع السوريين على تحميل الفساد الذي ينخر في النظام والحزب الحاكم المسؤولية الأكبر عن انزلاق سوريا إلى حرب مدمرة على مدى السنوات التسع الماضية، وانهيار اقتصادها، أرجع الأسد سبب ما يحصل في البلاد إلى معزوفة “الحرب المركبة والشرسة التي تواجه البلاد” وتداعياتها، مطالباً البعثيين باستمرار العمل على مواجهتها بكل الوسائل الممكنة، وأحدها المشاركة “بالاستئناس” حول اختيار مرشحي “البعث” للبرلمان.

لكن الأسد اقر بأخطاء بسيطة ارتكبها الحزب أو أعضاء أو قادة فيه، لكن لا يبدو أنها كانت مهمة من وجهة نظره لكي تستحق إقراراً كافياً بأثرها، حيث اكتفى بالقول: “تلك السنون قد حفلت بمحطات مضيئة من الفكر والتضحية والبناء، فهي لم تخلُ من الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الأحزاب، والتي أدت لتراجع دور الحزب في بعض المراحل، والإساءة إلى صورته في مراحل أخرى. كما أدت إلى عزوف البعض عن الانخراط في تحمل المسؤوليات .. كما أن بعض الخلل في العلاقة بين القيادة والقاعدة داخل الحزب، شكل عقبة تسببت في انكفاء القواعد عن تحمل مسؤولياتها، وبالتالي غيابها -أو تغييبها- عن ممارسة حقها وواجبها في الترشح والانتخاب والمشاركة في إيصال القيادات الكفؤة لتمثيلها في المواقع الحزبية أو في المؤسسات الوطنية المنتخبة. كل ذلك أدى لحالة من الركود الحزبي على المستوى الفكري والإجرائي”.

الأسد ضمّن رسالته أيضاً الحل لكل ما سبق، والذي يتمثل ب”القيام بأهم إجراء يحفظ المؤسسة الحزبية ويطورها ويقويها، وهو توسيع مشاركة القواعد الحزبية في اختيار ممثليهم لمجلس الشعب..” لأن “القيام بهذه الخطوة في هذه الظروف، إنما يدل على الحيوية العالية وروح التجدد التي تميز ويتميز بها الحزب”.

تعابير الأسد في وصف البعثيين لا تتفق مع رؤية السوريين بمختلف توجهاتهم التي تعتبر أنه إذا كان الأسد الأب قوض الحزب لصالح ديكتاتوريته الفردية في سوريا، فإن مرحلة حكم الابن قد قوّضت “البعث” تماماً وجعلت منه مجرد أطلال، بل إن البعض يؤكد أن بشار الأسد لم يكن مقتنعاً بأي يوم بحزب “البعث” وكان يسخر منه ومن أفكاره وخطابه حتى بعد تسلمه الحكم باسم الحزب نفسه.

وكانت معلومات قد تحدثت الأحد عن توجيهات روسية تم إبلاغ بشار الأسد بها قبل ساعات من الكلمة التي كان ينوي القاءها تلفزيونياً، وأن موسكو اعترضت على مضمون هذه الكلمة التي لا تتفق وتوجهات الكرملين القادمة حول سوريا.

——————————-

سلطات دمشق تفقد آخر امتيازاتها في الشمال السوري

علق موالو النظام السوري على الصور والأخبار المتداولة بشأن اعتماد الليرة التركية في مناطق الشمال السوري، بالقول أنها “حركة استعمارية تركية جديدة”.

وفيما توعدوا تركيا بدفع الثمن قريباً، فإن مناطق الشمال السوري شهدت ضخ العملة التركية من الفئة النقدية الصغيرة، بالتزامن مع الانهيار السريع الذي تشهده الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي.

وانتشرت صور في مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر الأسعار في المحلات التجارية وقد باتت بالليرة التركية، بما في ذلك الحلويات التقليدية على سبيل المثال، علماً أن المنطقة الخارجة عن سيطرة النظام السوري وتنتشر فيها فصائل مسلحة موالية لأنقرة، كانت تشهد تعاملات بالليرة السورية والليرة التركية والدولار الأميركي، قبل القرار الجديد الذي سيحصل الموظفون في المجالس المحلية بموجبه على رواتبهم بالليرة التركية، فيما حددت المجالس المحلية أجور العديد من المهن والتعاملات الفردية بين المدنيين.

وفيما سيباع الخبز في المحلات بالليرة التركية، فإن الحكومة السورية المؤقتة، ستنجز تعاملاتها بالدولار الأميركي بالإضافة لليرة التركية، في استمرار لسياسة بدأت مطلع العام وسمحت بتسعير الخبز بالليرة التركية بموازاة منع تداول الورقة النقدية من فئة 2000 ليرة سورية حينها.

وإذا كانت مقومات سلطة الدولة على أي منطقة، تتلخص بأربعة عوامل هي بالسلطات المالية والأمنية والسياسية والتربوية، فإن مناطق الشمال السوري باتت مع القرار الجديد، تفتقد لها تماماً. ولا يتعلق الأمر هنا بالحرب الاقتصادية على النظام السوري مثلما يتحدث الموالون، بل يمتد نحو فكرة التقسيم كحل ينهي الأزمة السورية المستمرة منذ نحو 10 سنوات. سواء كان ذلك التقسيم فعلياً بشكل مناطق ذات حكم ذاتي، أو ضمنياً بشكل مناطق نفوذ، وهي نقطة شغلت المعلقين في “فايسبوك” و”تويتر”.

ومن اللافت أن الحديث عن استبدال الليرة السورية بالليرة التركية أو عملات أخرى، ليس جديداً، بل هو أمر متكرر خلال السنوات الماضية، لكن الهبوط المتسارع في قيمة الليرة السورية خلال الأشهر الأخيرة، كان حاسماً على ما يبدو في اتخاذ القرار.

يذكر أن مناطق الإدارة الذاتية الكردية، مازالت تتعامل بالليرة السورية، وصرح عدد من المسؤولين الأكراد، في الأيام القليلة الماضية، لوسائل إعلام محلية، بعدم وجود أي نية للتخلي عن الليرة السورية، لصالح الدولار الأميركي أو الدينار العراقي أو لصالح طرح عملة جديدة، علماً أن المنطقة تشهد تعاملات فردية بالدولار الأميركي، إلا أن التعاملات الرسمية ودفع الرواتب للموظفين يتم بالليرة السورية حسبما أوضحت مواقع متخصصة في الشأن الاقتصادي.

وتساءل المغردون إن كانت الخطوة التالية ستتمثل بإعطاء الجنسية التركية للسوريين في مناطق الشمال السوري مثلاً، فيما قال آخرون أن قانون “قيصر” يمهد لتقسيم سوريا. وكتب أحدهم في “تويتر”: “يبدو ان قيصر قد فصّل على مقاس تقسيم سوريا فمناطق الشمال ستعتمد الليرة التركية ومناطق قسد ستعتمد الدولار ومناطق الاسد ستعتمد الروبل. ونحن في الشمال بعد ان تم فرض تعليم اللغة التركية و الليرة التركية هل سنتحول الى سجناء تحت الرعاية التركية ام مواطنين اتراك؟”.

    #Syrian sweets in #Turkish lira pic.twitter.com/nSOOboe1V2

    — Ibrahim Hamidi (@ibrahimhamidi) June 12, 2020

    بشكل رسمي.. لقد بدأ تداول الليرة التركية في المناطق الخارجة عن سيطرة ادارة دمشق في سوريا

    بهذا تبقى توزيع البطاقات الشخصية للسكان بالقريب إن شاء الله :))) #ادلب #سوريا #حلب #دمشق #تركيا https://t.co/BC32puSfZz

    — Ayşegül 🇹🇷 (@Ayegl09488564) June 12, 2020

    مع تفاقم الازمة الاقتصادية في سوريا وانهيار الليرة بدأت تركيا بدعم “القيادة او الحكومة” في ادلب وتنقل لها اموال بالعملة التركية للبنوك والمرافق الاقتصادية لتمكين السكان باستخدام الليرة التركيا بدلا من السورية.

    خطوة اخرى للسيطرة التركية على الشمال السوري#تركيا #اردوغان #ادلب pic.twitter.com/6PRXtBNdGu

    — Firas Hamed فراس حامد (@FirasHamedtv) June 12, 2020

    يقال بانه تم إغراق #إدلب بالليرة التركية بدلاً من الليرة السورية وهي حركة استعمارية تركية جديدة تضاف الى سجلها الماضي الاسود في التآمر على #سوريا ونهب ثرواتها وقتل شعبها وتدمير مدنها خدمة للحليف الأمريكي والإسرائيلي والخليجي المعادي لسوريا ولكن تركيا ستدفع الثمن باهضاً قريباً pic.twitter.com/S2qsArl68h

    — سوريا وطني الغالي✌️🇸🇾 (@__S_y_r_i_A_) June 13, 2020

    بدأت تركيا فعليا بتتريك ادلب وضمها الشبه رسمي لتركيا بعد اتخاذ قرار

    باستبدال العملة السورية بالعملة التركية بحجة انهيار الليرة السورية

    هذا الأمر

    يذكرنا

    بعرض بوتين للاسد بالقبول بضم ادلب ومناطق من شمال سوريا

    لتركيا لحين تسوية الأوضاع في باقي المدن السورية واعادتها للسيطرة

    شو رأيكم

    — أ./ محمد النعيمي (@ALLWTN) June 9, 2020

    يبدو ان قيصر قد فصل على مقاس تقسيم سوريا فمناطق الشمال ستعتمد الليرة التركية ومناطق قسد ستعتمد الدولار ومناطق الاسد ستعتمد الروبل والتومان وليرة الحمار .ونحن في الشمال بعد ان تم فرض تعليم اللغة التركية و الليرة التركية هل سنتحول الى سجناء تحت الرعاية التركية ام مواطنين اتراك

    — Jack Crosser (@JackCrosser1) June 7, 2020

———————————

أزمة خبز متوقعة في سوريا.. القصف أجبر الفلاحين على ترك مزارعهم فانهار محصول القمح والشعير

لحق ضرر كبير بمحصولي القمح والشعير خلال الموسم الحالي، في منطقة “خفض التصعيد” شمالي سوريا، بسبب نزوح أصحاب الأراضي هرباً من عمليات نظام الأسد العسكرية، وارتفاع مصاريف الحصاد حيث تُركت مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالقمح والشعير، دون عناية. ما سيؤثر بطبيعة الحال على صناعة الخبز.

أما في المناطق التي لم تصلها قوات النظام، أدى ارتفاع الأسعار الناجم عن انخفاض الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، إلى زيادة مصاريف حصاد القمح والشعير.

صعوبات شديدة: ورغم الصعوبات، فإن نسبة من الفلاحين أصروا على حصاد محصولهم، حتى في المناطق القريبة من خطوط الجبهة مع النظام، الذي يستهدف أراضيهم بالقصف بين الحين والآخر.

ففي حديث للأناضول، أفاد المزارع تقى حسن، من قرية “الجينة” بريف حلب الغربي، بأن محصول القمح انخفض بشكل كبير هذا العام بسبب هجمات النظام.

أضاف أنه من الفلاحين الذين غادروا بلدتهم مع اشتداد قصف النظام، ما منعه من الاعتناء بأرضه خلال فترة النزوح. ولفت إلى أنه عند عودته إلى أرضه، كان الوقت قد فات للقيام برش بعض الأدوية والمبيدات، وهو ما تسبب بانخفاض كمية المحصول.

كما زاد: “النظام استهدف معدات وماكينات الحصاد في الحقول”، مشيراً أن خطوط التماس مع قواته تبعد عنهم ثلاثة كيلو مترات، وهو ما يجعل العمل في الحقل خطيراً.

مساحات من الأراضي: وتسيطر قوات النظام على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في حملتها الأخيرة، وهو ما يعني انخفاض المحصول، وممهداً لتشكل أزمة طحين في المنطقة.

كما لفت حسن إلى أن ارتفاع سعر اليد العاملة، واحتكار التجار وذلك “بشراء المحاصيل بأسعار منخفضة عن سعر السوق”، زاد الوضع سوءاً.

بينما قال عبدالحميد عبدالقادر، وهو مالك حصادة في المنطقة، للأناضول، إن “ارتفاع أسعار الوقود، وانخفاض مستوى المحصول، وسيطرة النظام على مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالقمح، تسبب بأزمة خبز في المنطقة”.

اتفاقية سابقة: سبق أن أعلنت تركيا وروسيا وإيران، في مايو/أيار 2017، توصلهم إلى اتفاق على إقامة “منطقة خفض تصعيد” في إدلب، ضمن اجتماعات أستانة المتعلقة بالشأن السوري.

ورغم تفاهمات لاحقة، تم إبرامها لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب وأحدثها في يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن قوات النظام وداعميه واصلت هجماتها على المنطقة.‎

وأدت الهجمات إلى مقتل أكثر من 1800 مدني، ونزوح ما يزيد عن مليون و942 ألفاً إلى مناطق هادئة نسبياً، أو قريبة من الحدود التركية، منذ يناير/كانون الثاني 2019.

أزمة الليرة: بطبيعة الحال، أثر انخفاض الليرة السورية على كافة الأوضاع في البلاد حتى إن الحكومة السورية المؤقتة، بدأت بتسعير بعض المواد الأساسية بالليرة التركية والدولار الأمريكي، بعد التدهور الكبير في قيمة الليرة السورية والذي ازدادت وتيرة تراجعه خلال الأسابيع الماضية.

حيث انخفضت الليرة السورية إلى مستويات قياسية مقابل الدولار، خلال الأسابيع القليلة الماضية، واستقر سعرها خلال اليومين الماضيين عند 2500 ليرة للدولار الواحد، مقارنة مع 990 – 1000 ليرة مقابل الدولار نهاية 2019.

من جانبه أوضح رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبدالرحمن مصطفى، في تصريحات للأناضول، أن الحفاظ على القوة الشرائية للعمال والموظفين في المناطق المحررة، يستدعي ضخ القطع النقدية الصغيرة من الليرة التركية”.

قال مصطفى، الخميس، إن الوقت الحالي “ضروري لتسعير المواد بغير الليرة السورية” مشيراً أنه “تم البدء بالفعل بتسعير المواد الأساسية مثل الخبز والمشتقات النفطية وغيرها، بالليرة التركية كما يتم تسعير مواد أخرى بالدولار”.

قانون قيصر: يأتي انهيار الليرة، قبل دخول قانون قيصر الأمريكي حيز التنفيذ، والذي في حال بدء سريانه سيتسبب بانهيارات أكبر في الليرة السورية.

حيث صدّق الكونغرس بشقيه، النواب والشيوخ، على قانون قيصر في 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، بعد ثلاث سنوات من الشد والجذب بين الجمهوريين والديمقراطيين.

كما صادق الرئيس الأمريكي ترامب عليه بعد مروره من الكونغرس ومجلس النواب في الشهر ذاته، حيث ينتظر دخول القانون حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران الجاري.

يشمل القانون في مرحلته الأولى، سلسلة عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري وحلفائه، والشركات والأفراد المرتبطين به، فيما ستتبعها على مراحل إجراءات عقابية أخرى.

ينسب قانون “حماية المدنيين السوريين” إلى مصور عسكري في الطب الشرعي لقب بـ”القيصر” انشق عن النظام عام 2013، وانضم إلى المعارضة وبحوزته آلاف الصور توثق عمليات قتل واسعة ارتكبتها قوات النظام بحق خصومه خلال الحرب الدائرة في سوريا منذ 2011.

—————————————

قيصر الذي أطال عمر الإدارة الذاتية/ حسين جلبي

لولا قانون قيصر، لجرى تفكيك “الإدارة الذاتية الديمقراطية” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، بعد أن فقدت عوامل وجودها ومبرراته، خاصة بعد نجاح العملية العسكرية التركية الأخيرة؛ في المنطقة الحدودية السورية الواقعة شرقي نهر الفرات، وتقاسم عدة دول بينها سوريا، مناطق واسعة كانت تحت نفوذ تلك الإدارة.

نظام الأسد الذي خرجت “الإدارة الذاتية الديمقراطية” من تحت عباءته قبل عشر سنوات، وكانت بمنزلة حديقته الخلفية، التي وفرت له ثروات المنطقة الاستراتيجية، ومنحته الفرصة للتفرغ للخطر الوجودي الذي كان يتهدده في معاقله الرئيسية، يريدها اليوم أيضاً ولكن لسبب مختلف، فهي ستكون بمنزلة الرئة التي سيتنفس من خلالها؛ من الحصار المطبق الذي سيتم فرضه عليه بموجب قانون قيصر، وهو ما لن يتمكن من الحصول عليه، إذا ما قام بتفكيك الإدارة ومتابعة رفع علمه على بقايا مناطق نفوذها، حيث ستتعرض هذه بدورها للحصار باعتبارها جزءاً من “سوريا الأسد”، وستتحول إلى عبء عليه، ولن يبقى له بذلك أي منفذ يمنع خنقه.

يريد الأميركيون بدورهم بقاء إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي، التي وفرت لهم موطئ قدم على الأرض السورية، وكانت بمنزلة الخزان البشري؛ الذي وفر لهم المقاتلين مجاناً تقريباًـ لقتال تنظيم “الدولة”، وبعد أن كانت مناطق الإدارة بمنزلة ملعب نظام الأسد، وقد شهدوا ذلك بأعينهم طوال سنوات، يريدون الآن حرمانه منها وتوجيه الضربة القاصمة عبرها، فقد أدركوا أهميتها بالنسبة إليه ويعتبرونها بمنزلة “اليد التي توجعه”، والتي سيسعون للإمساك بها بقوة وإيذائه عبرها.

وهكذا تقاطعت المصالح الأميركية مع مصالح نظام الأسد، في الإبقاء على “الإدارة الذاتية”، وأبعد من ذلك، تقاطعت مصالحهما في تطعيم تلك الإدارة وتغطيتها بقشرة المجلس الوطني الكُردي، كلٌّ منهما لأسبابه الخاصة، ولعل أحد الأسباب المشتركة بينهما في هذا الشأن، هو عمل كلاهما على تحقيق هدفه دون منغصات، النظام في التنفس عبر المنطقة والأميركان في حصاره منها، وهنا يصبح إرضاء الأتراك أولويةً للطرفين، ويكون ذلك من خلال تأمين ممر آمن لإخراج حزب العمال الكُردستاني من المنطقة، وتغيير شكل الإدارة بطريقة تجعلهم يعيدون النظر، أو يؤجلون عملية عسكرية جديدة في المنطقة.

بناءً على ذلك، ورغم أن مفاوضات “توحيد الصف الكُردي” بين المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد الديمقراطي ضرورة كُردية، فإنها ستبقى تراوح مكانها، وقد بدأت المطبات تظهر بالفعل بعد بداية سريعة، تحدثت عن توافقات كبيرة أثارت لغطاً أكبر، وكلما أُزيل أحد العوائق من طريقها فسيظهر آخر، وحتى إذا توصل الطرفان إلى اتفاق الحد الأدنى، فلن يجري تنفيذه بطريقة مفيدة، بل سيعمد حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يلعب عادةً على كل الحبال ويراهن على عامل الوقت؛ إلى وضع العصي في العجلات، بحيث لن يحصل المجلس الوطني الكُردي؛ مقابل الرضا بلعب دور اللاعب الذي لا بد منه لاستمرار اللعبة، سوى على بعض الرشى الشخصية، وذلك كلما ارتفعت أصوات أنصاره المتذمرة.

—————————-

 “قيصر” يقترب.. ونظام الأسد يروّج أنه للانتقام من الشعب السوري/ أحمد زكريا

يحاول النظام السوري ومع اقتراب تطبيق قانون العقوبات “قيصر”، وعبر ماكيناته الإعلامية، الترويج إلى أن هذا القانون هدفه “مص دم الشعب السوري” والانتقام منه بلقمة عيشه، متجاهلاً حقيقة الأمر التي تقول، إن القانون موجهٌ لنظام الأسد وداعميه، هذا النظام الذي استولى على ممتلكات الشعب السوري وخاصة المعارضين والمهجّرين والنازحين، وإن القانون يهدف لحماية المدنيين من النظام.

وتضغط الإدارة الأمريكية على نظام الأسد من بوابة “قيصر” وذلك من أجل الامتثال للعملية السياسية والجلوس إلى طاولة مفاوضات جنيف، وتنفيذ الشروط التي من أبرزها إطلاق سراح المعتقلين ووقف قتل المدنيين، ومحاكمة مجرمي الحرب وفك الحصار عن المدن، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى خارج مناطق سيطرته، والسماح للمنظمات الدولية بالدخول للمعتقلات والسّجون السّرية والنظامية للوقوف على حقيقة ما يجري.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا “جيمس جيفري” قال في تصريحات نقلتها وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً، قدمنا عرضاً للأسد، ولو كان مهتماً بشعبه فسيقبل به ويتوقف تنفيذ قانون “قيصر”.

وسبق هذه التصريحات، تأكيداتٌ من واشنطن بأن “استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام هي الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولي 2254”.

ورغم كل المؤشرات التي تدل على أن قانون “قيصر” سيكون القشة التي ستقصم ظهر نظام الأسد، إلا أنه ما يزال يتعنت محاولاً تحميل القانون مسؤولية المعاناة المعيشية والاقتصادية وانهيار العملة المحلية، التي تشهدها سوريا.

وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي “محمد علي صابوني” لـ “نينار برس”، إنه “لا ريب أن “قانون قيصر” – إن تم تطبيق بنوده كما أُقِرّت – فسيكون له تأثير بالغ على المنظومة الأسدية، فتأثيره لن ينحصر على النظام فقط بل على كل من يدعم أو يساعد النظام في مجالات عديدة، كتأمين قطع تبديل الطائرات والأسلحة، وستنخفض الموارد المالية للنظام حيث ستدرج أسماء الكثير من الشخصيات والشركات والجهات التابعة للنظام تحت قائمة العقوبات”.

وأضاف أنه “وعلى الرغم من أن بعض المحللين قللوا من تأثير قانون قيصر على العصابة في دمشق، ومنهم من شبه هذه العقوبات بالعقوبات على العراق والتي استمرت 13 عاماً، لكن الثابت أن هناك فارقاً مهماً عما حصل حينها في العراق، وهو أن العراق كان يملك النفط وبمقابله يحصل على ما يريده من مواد غذائية أي (النفط مقابل الغذاء)، أما في الحالة السورية فإنه لا يوجد نفط مقابل الغذاء، والأسد لم يعد يسيطر على شيء من موارد سوريا”.

وتابع أن “حقول النفط موجودة تحت سيطرة أمريكا وأذرعها وهذا بحد ذاته يجعل من المستحيل على النظام أن يستمر لشهور وليس لسنوات، خاصة بعد أن استنفذ النظام كامل قدراته المالية والعسكرية، بل وقدرات جيرانه كالعراق وحليفته إيران ومعهم روسيا التي غرقت في المستنقع السوري وأضحت تبحث عن مخرجٍ لها يخلصها مما هي فيه، خاصةً بعد أن ارتفعت أصوات الحقوقيين الأحرار الذين شككوا في قانونية معظم عقود الإيجار والاستثمار المجحفة التي أبرمتها روسيا مع نظامٍ فاقد للشرعية وقد خالفت معظم تلك العقود ما ورد في الدستور السوري المعمول به حالياً”.

ولم يقتصر الأمر بالنسبة لإعلام النظام الموالي في محاولة بث الرعب في نفوس المواطنين من قانون “قيصر”، بل دخل على خطهم بعض مسؤولي النظام وأبرزهم المستشارة الإعلامية والسياسية لأسد “بثينة شعبان” التي دعت إلى الصمود في وجه القانون وتداعيات الأزمة الاقتصادية المرتقبة، وعدم إهمال مسألة العقوبات المشددة التي سيفرضها القانون، الأمر الذي أثار سخرية كثيرين حتى من هم داخل مناطق سيطرة النظام رغم المعاناة التي يمرون بها، مطالبين “شعبان” إضافةً لحكومة النظام بالصمود كون الشعب السوري لم يعد يحتمل أكثر من ذلك بسبب تسلق النظام وحكومته على أكتافهم حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن.

وقال نائب رئيس الهيئة السياسية لمحافظة إدلب الدكتور “مأمون سيد عيسى” لـ “نينار برس”، إنه “بما يتعلق بالمدنيين هنالك نقطةٌ مهمة وهي أن النظام يحاول أن يرمي كل فشله على قانون قيصر، وبالتالي فإن تراكم السياسات الخاطئة للنظام واستباحة أموال السوريين هي من أوصلته إلى هذا الوضع”.

وتساءل أنه “كيف للنظام أن يشتري طائرات (ميغ 29) كما حصل الشهر الماضي، وكيف يحشد ليحارب في إدلب في الوقت الذي لا يستطيع توفير الخبز أو الكهرباء لحاضنته، فكيف لن تُفقد الأدوية إذا كان ممنوعاً على أصحاب معامل الأدوية أن يحصلوا على الدولار؟”.

ورأى “سيد عيسى” أن “القانون لم يكن ليحاصر السوريين في مناطق النظام، فالغذاء والدواء والمساعدات وتحويل الأموال للمدنيين مسموح بإرسالها ضمن ضوابط، أي لا تُرسل للجيش أو لأحدٍ له علاقة بالجرائم أو بالأعمال العسكرية التي يقوم بها النظام”.

وأشار إلى أنه “فيما يتعلق بتأثيرات قيصر على النظام وحلفائه فسيكون لقيصر تأثير غير مباشر في إسقاط النظام، لكن الرضوخ للقانون ووقف الحرب وإخراج الإيرانيين ومحاكمة المجرمين وإبعادهم عن الحكم، كل ذلك سيؤدي إلى إضعاف النظام ومن ثم سقوطهِ المضبوط دولياً”.

وتهدف الإدارة الأمريكية من فرض قانون “قيصر” على النظام، إلى الحد من قدرته وحلفائه على الاستفادة من الصراع المستمر، أو من أي إعادة للإعمار بعد الصراع، بما في ذلك الاستيلاء القسري على ممتلكات الشعب السوري، حسب ما صرح به مؤخراً مصدر في الخارجية الأمريكية.

وحول ذلك قال “سيد عيسى” إن “العقوبات ستؤدي إلى رفع كلفة حلفاء النظام إيران وروسيا من حيث دعم واستمرار هذا النظام، ومنع روسيا من الاستفادة من إعادة الإعمار، وبالتالي سوف يجبر روسيا على القبول بالحل السياسي وفق القرارات الدولية”.

وأكد أن “الأمريكيين لا يمكن لهم القول نحن نريد إسقاط النظام فهنالك مبادئ دولية تتكلم عن حقوق الشعوب في اختيار مصيرها، لكن الظروف السابقة ستعمل على إسقاط النظام عبر إجباره على الدخول في مراحل الحل السياسي، ومجلس الحكم الانتقالي ثم انتخابات رئاسة جمهورية وانتخابات برلمانية، وصولاً إلى نظام يحقق تطلعات السوريين”.

ويلهث الداعمين لنظام الأسد سواء من مصر أو لبنان أو إيران وحتى روسيا، وراء الطلب من أوروبا والدول الغربية للضغط من أجل وقف تنفيذ قانون “قيصر” زاعمين أنها “عقوباتٍ قسرية وجائرة وأحادية الجانب”، متذرعين بشماعة الشعب السوري، ورافعين شعار أن “تلك العقوبات وهذا القانون سيزيدان من معاناة الشعب السوري”.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”


=====================

تحديث 17 حزيران 2020

تحليلات إخبارية تناولت القانون وتأثيراته الاقتصادية والسياسية

————————

 «تسع سنوات من النزاع الدموي»… أبرز محطات الحرب في سوريا

خلّف النزاع السوري منذ اندلاعه قبل تسعة أعوام أكثر من 380 ألف قتيل وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية والقطاعات المنتجة، كما شرّد ملايين النازحين واللاجئين، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

فيما يأتي أبرز محطات الحرب في سوريا:

في مارس (آذار) 2011. تظاهر العشرات في دمشق مطالبين بـ«الحرية» في بلد تحكمه منذ 1971 عائلة الأسد بيد من حديد. وقمع النظام بالقوة المظاهرات المعارضة التي امتدت إلى مدن سورية أخرى.

في يوليو (تموز)، أعلن عقيد في الجيش السوري لجأ إلى تركيا، تأسيس «الجيش السوري الحر» الذي انضم إليه مدنيون قرروا حمل السلاح وجنود انشقوا عن الجيش السوري.

وسرعان ما تحوّلت الاحتجاجات إلى نزاع مسلح. ودعم الغرب ودول عربية المعارضة. وسيطر مقاتلو المعارضة على مناطق مهمة خصوصاً في حمص (وسط) وأجزاء مهمة في حلب (شمال)، ثاني أكبر مدن البلاد.

في مارس 2012. سيطر الجيش على معقل المعارضة في حمص. وشهدت مناطق عدة عمليات عسكرية دامية، خصوصاً في حماة (وسط) بعد مظاهرات حاشدة ضد النظام.

في يوليو من العام ذاته، بدأت فصائل معارضة معركة للسيطرة على دمشق. احتفظت الحكومة بالسيطرة على العاصمة، لكن مقاتلين سيطروا على مناطق واسعة في ضواحيها أبرزها الغوطة الشرقية.

واعتباراً من 2013. بدأت الطائرات والمروحيات بإلقاء الصواريخ والبراميل المتفجّرة على المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل تزامناً مع حصار بري خانق.

في أبريل (نيسان) 2013، أعلن «حزب الله» اللبناني دخوله الحرب في سوريا دعماً لقوات الحكومة السورية.

ودعمت إيران النظام السوري مادياً وعسكرياً عبر «مستشارين عسكريين» ومقاتلين شيعة من إيران وباكستان وأفغانستان والعراق.

في 21 أغسطس (آب) 2013، تسبب هجوم بأسلحة كيماوية في ريف دمشق بمقتل أكثر من 1400 شخص، بحسب الولايات المتحدة، ووجهت أصابع الاتهام إلى دمشق التي نفت تورطها.

وتراجع الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما عن توجيه ضربات عسكرية واتفق مع موسكو على تدمير الأسلحة الكيماوية التي يملكها النظام السوري.

في يونيو (حزيران) 2014. أعلن تنظيم «داعش» إقامة «الخلافة» في مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا وفي العراق المجاور. وبعد ثلاثة أشهر، بدأ تحالف دولي بقيادة واشنطن شنّ أولى ضرباته الجوية ضد التنظيم في سوريا، بعد العراق.

في أكتوبر (تشرين الأول) 2017. تمكنت قوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف بين فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، من طرد التنظيم من الرقة التي كانت تعد أبرز معاقله في سوريا. ومُني التنظيم بعدها بخسائر متلاحقة على جبهات عدة وانكفأ مقاتلوه باتّجاه البادية وجيوب تم طرده منها تباعاً.

وقُتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي عام 2019 في عملية نفذتها فرقة من القوات الخاصة الأميركية في إدلب بشمال غربي سوريا.

في 30 سبتمبر (أيلول) 2015. بدأت روسيا تنفيذ ضربات جوية في سوريا دعماً للأسد. وشكّل هذا التدخل منعطفاً في النزاع السوري، سمح بتعديل موازين القوى ميدانياً لصالح دمشق. ومُني مقاتلو المعارضة بعد ذلك بهزيمة تلو الأخرى، أبرزها خسارتهم مدينة حلب نهاية 2016. ثم الغوطة الشرقية في ريف دمشق عام 2018.

في أبريل 2017 أدى هجوم بغاز السارين نُسب إلى قوات النظام إلى مقتل أكثر من 80 مدنياً في خان شيخون بمحافظة إدلب.

رداً على ذلك، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضرب قاعدة الشعيرات الجوية بوسط سوريا.

في أبريل 2018، شنت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضربات مشتركة على مواقع عسكرية للنظام رداً على هجوم يحتمل أنه كيماوي في دوما قرب دمشق.

في التاسع من أكتوبر 2019. أطلقت تركيا مع مقاتلين سوريين موالين لها هجوماً جوياً وبرياً لإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن الحدود مع سوريا، وذلك بعد انسحاب القوات الأميركية من مناطق حدودية.

وسيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً وبعمق نحو 30 كلم يمتد بين مدينتي تل أبيض ورأس العين.

وكانت تركيا نفذت من قبل عمليتين عسكريتين في الشمال السوري منذ 2016.

في ديسمبر (كانون الأول) 2019 أطلقت دمشق وبدعم من ضربات جوية روسية هجوماً لاستعادة إدلب، آخر معاقل الفصائل المسلحة المعارضة.

وتسببت العملية بأزمة إنسانية، إذ أرغمت نحو مليون شخص على الفرار من مدنهم وبلداتهم وقراهم نحو منطقة ضيقة قرب الحدود مع تركيا.

وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار برعاية روسيا وتركيا في مارس 2020 بعد أشهر من القصف والمعارك.

«تسع سنوات من النزاع الدموي»… المأساة الإنسانية للحرب السورية في أرقام

سقوط أكثر من 380 ألف قتيل وتشريد أكثر من نصف السكان من منازلهم وتعرض مناطق بأكملها للدمار، تلك هي حصيلة الحرب المدمرة المستمرة منذ مارس (آذار) 2011 في سوريا والتي تسببت بمأساة إنسانية كبرى، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

فيما يلي أرقام تدل على المأساة الإنسانية لأكثر من تسع سنوات من الحرب:

تخطى عدد القتلى منذ اندلاع الحرب 380 ألف قتيل، وفق حصيلة أعلنها المرصد السوري لحقوق الإنسان في مطلع يناير (كانون الثاني) 2020.

وبين القتلى بحسب المرصد أكثر من 115 ألف مدني ضمنهم 22 ألف طفل و13612 امرأة.

تعتبر منظمة الصحة العالمية أن الأزمة السورية هي من الحالات الطارئة الأكثر خطورة وتعقيداً في العالم، لا سيما أن النزاع سدد ضربة أضعفت المرافق الصحية إلى حد كبير.

وتصل نسب الإعاقة في بعض المناطق إلى 30 في المائة من السكان، مما يشكل ضعف المتوسط العالمي (بحسب أرقام مارس 2019).

ويعاني ما لا يقل عن 45 في المائة من الذين أصيبوا جراء الحرب من إعاقة دائمة تتطلب عناية متخصصة لفترة طويلة بعد انتهاء الأعمال الحربية.

تسبب النزاع في سوريا بأكبر موجة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية.

واضطر أكثر من نصف سكان سوريا إلى النزوح داخل سوريا أو اللجوء إلى خارج البلاد. ويرتفع عدد اللاجئين بحسب أرقام الأمم المتحدة إلى 5.5 مليون نسمة، فيما تخطى عدد النازحين داخل البلاد ستة ملايين نسمة، وفق أرقام فبراير (شباط) 2020.

وتستقبل تركيا على أراضيها أكبر عدد من اللاجئين السوريين يبلغ 3.6 مليون نسمة.

وتقدر سلطات لبنان عدد السوريين على أراضيها بنحو 1.5 مليون، أقل من مليون منهم مسجلون لدى مفوضية اللاجئين. ويعيش معظم اللاجئين في ظروف الفقر ويعولون على المساعدات الدولية.

ويقيم في الأردن، بحسب السلطات، 1.3 مليون سوري، في حين تقول مفوضية اللاجئين إن عدد المسجلين لديها منهم 657 ألفاً.

ولجأ نحو 300 ألف سوري إلى العراق، معظمهم من الأكراد، وأكثر من 130 ألفاً إلى مصر.

وتدفق مئات آلاف السوريين إلى أوروبا، وخصوصاً ألمانيا حيث يشكلون القسم الأكبر من طالبي اللجوء.

منذ بداية النزاع، اتُهم النظام السوري بانتهاك حقوق الإنسان، وفي العديد من الحالات بالتعذيب والاغتصاب والإعدامات الجماعية وحتى شن هجمات كيميائية.

وبحسب المرصد السوري، قضى ما لا يقل عن 100 ألف شخص تحت التعذيب أو بسبب ظروف اعتقال بالغة السوء في السجون السورية. ووفق المصدر ذاته، مرّ نصف مليون شخص بالسجن منذ بداية الحرب عام 2011.

وفي 2013. فر مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية يعرف باسم مستعار هو «سيزار»، أو «قيصر» من سوريا حاملاً 55 ألف صورة مروعة لآلاف الجثث التي تحمل آثار تعذيب، هي جثث معتقلين في سجون النظام بين 2011 و2013.

وأدلى «قيصر» وهو متخفٍ بشهادته أمام الكونغرس الأميركي في عام 2014. مما أدى إلى إقرار القانون الجديد الذي سمي باسمه ودخل حيز التنفيذ (الأربعاء) وينص على فرض عقوبات جديدة على النظام السوري وحلفائه.

وقتل عدة آلاف من الأشخاص في سجون التنظيمات المعارضة والمتطرفة في سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

أدت تسع سنوات من الحرب إلى تدمير الاقتصاد.

وفي ظل البطالة وانقطاع التيار الكهربائي والغاز المنزلي، بات 83 في المائة من السكان يعيشون اليوم تحت عتبة الفقر، مقابل 28 في المائة قبل الحرب، بحسب الأمم المتحدة.

وتجد 80 في المائة من العائلات صعوبة في تأمين حاجاتها الغذائية الأساسية، وفق برنامج الأغذية العالمي.

وقدرت السلطات السورية خسائر قطاع النفط والغاز منذ 2011 بعشرات مليارات الدولارات، إذ فقدت القوات السورية السيطرة على معظم حقول النفط. وتواجه البلاد حالياً نقصاً في المحروقات.

ويلقي الاقتصاديون المقربون من النظام باللوم في الأزمة على العقوبات الأميركية والأوروبية التي تستهدف المسؤولين ورجال الأعمال وقطاعي البنوك والنفط.

كما تأثرت سوريا بالأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان المجاور والذي كان منذ فترة طويلة مصدراً للعملة الصعبة لمناطق النظام.

وقدرت الأمم المتحدة تكلفة الدمار الناجم عن الحرب بنحو 400 مليار دولار في بلد باتت مدن وقرى بأكملها مجرد أنقاض وركام.

وتدهور الوضع الاقتصادي خلال الأشهر الماضية، إذ انخفضت الليرة السورية إلى أدنى مستوياتها التاريخية أمام الدولار وارتفع التضخم.

ويقول برنامج الأغذية العالمي إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 133 في المائة منذ مايو (أيار) 2019. وإن 9.3 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

الشرق الأوسط


ترجمة خاصة لبيان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو حول بدء تطبيق “قانون قيصر” اليوم:
بيان من وزير الخارجية مايكل آر. بومبيو
تعيينات قانون قيصر المتعلق بسوريا

منذ أكثر عن ستة أعوام ماضية، أصاب المصور الشجاع المعروف باسم قيصر العالم بصدمة بالغة لدى نجاحه في تهريب أدلة مصورة إلى خارج سوريا حول تورط نظام الأسد في تعذيب وإعدام عدة آلاف من السوريين داخل سجون النظام. ويقف هذا العمل الشجاع بمثابة مصدر الإلهام وراء قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين (قانون قيصر) الذي وقعه الرئيس ترمب منذ 180 يوماً ماضية. وتبعاً للقانون الجديد، أجاز الكونغرس الأميركي فرض عقوبات اقتصادية شديدة من أجل دعم المحاسبة عن الأعمال الوحشية التي ارتكبت بحق الشعب السوري من قبل نظام الأسد وداعميه الأجانب. اليوم، أصبحت بنود العقوبات الواردة في “قانون قيصر” سارية على نحو كامل. وعليه، فإن أي طرف يدخل في نشاط تجاري مع نظام الأسد، مهما كان موقعه من العالم، سيصبح عرضة لقيود على السفر وعقوبات مالية.
اليوم، تكشف وزارتا الخزانة والخارجية عن 39 جهة جرى تعيينها في ظل “قانون قيصر” والأمر التنفيذي رقم 13894 باعتبار ذلك بداية ما سيشكل حملة مستدامة من الضغوط الاقتصادية والسياسية لحرمان نظام الأسد من العوائد والدعم الذي يستخدمه في شن الحرب وارتكاب فظائع جماعية بحق الشعب السوري.
ونحن هنا نعين اسم العقل المدبر وراء هذه المعاناة، بشار الأسد وزوجته أسماء الأسد، تبعاً للأمر التنفيذي 13894 القسم 2 (إيه) (آي) (إيه) والقسم 2 (إيه) (آي آي)، على الترتيب بجانب ممول تلك الفظائع محمد حمشو وميليشيا لواء الفاطميون الإيراني تبعاً للأمر التنفيذي 13894 القسم 2 (إيه) (آي) (دي). كما نعين هنا ماهر الأسد، إضافة إلى الفرقة الرابعة من الجيش العربي السوري التابعة له وقائديها غسان علي بلال وسامر الدانا، تبعاً للأمر التنفيذي 13894 القسم 2 (إيه) (آي) (إيه). وأخيراً، نعين بشرى الأسد ومنال الأسد وأحمد صابر حمشو وعمرو حمشو وعلي حمشو ورانيا الدباس وسمية حمشو تبعاً للأمر التنفيذي 13894 القسم (إيه) (آي آي).
وسنمضي في هذه الحملة خلال الأسابيع والشهور المقبلة من أجل استهداف الأفراد والكيانات التجارية الداعمة لنظام الأسد والتي تعوق جهود التوصل إلى حل سلمي سياسي للصراع، تبعاً لما يدعو إليه قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254. ونتوقع فرض عقوبات أكثر بكثير ولن نتوقف حتى يتوقف الأسد ونظامه عن الحرب الوحشية غير المبررة التي يشنونها ضد الشعب السوري وتوافق الحكومة السورية على تسوية سياسية للصراع تبعاً لما يدعو إليه قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254. وسنتولى تنفيذ حملة الضغوط الاقتصادية والسياسية الخاصة بنا عبر التعاون الكامل مع الدول الأخرى ذات النهج المشابه لنا، خاصة شركائنا الأوروبيين الذين منذ ثلاثة أسابيع فقط جدوا العقوبات التي يفرضونها ضد نظام الأسد للأسباب ذاتها.
في الواقع، الكثير من عشرات الأفراد والشركات الذين تفرض ضدهم الحكومة الأميركية عقوبات اليوم اضطلعوا بجور محوري في إعاقة جهود التوصل لحل سياسي سلمي للصراع، بينما قدم آخرون الدعم والمال للفظائع التي اقترفها نظام الأسد بحق الشعب السوري بينما أثروا هم أنفسهم وعائلاتهم. وأشير هنا على نحو الخصوص لتعيين اسم أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد للمرة الأولى، والتي بدعم من زوجها وأفراد عائلة الأخرس التي تنتمي إليها، أصبحت واحدة من أشهر المنتفعين من الحرب السورية. اليوم، يواجه أي شخص يدخل في تعاملات تجارية مع هؤلاء الأفراد أو الكيانات مخاطرة التعرض لعقوبات.
ولأكثر مما يزيد على تسعة أعوام، شن نظام الأسد حرباً دموية ضد الشعب السوري وارتكب فظائع لا حصر لها، بعضها يصل إلى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، منها أعمال قتل وتعذيب واختفاءات قسرية واستخدام أسلحة كيميائية. ومنذ اشتعال الصراع، لقي أكثر عن نصف مليون سوري مصرعهم وتعرض 11 مليون شخص ـ ما يعادل نصف سكان سوريا قبل الحرب ـ للتشريد من ديارهم. في الوقت ذاته، يهدر بشار الأسد ونظامه عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لتمويل حرب لا داعي لها وتدمير منازل ومدارس ومتاجر وأسواق عامة. وتسببت هذه الحرب المدمر التي يشنها النظام في تفاقم الأزمة الإنسانية بالبلاد والحيلولة دون وصول مساعدات ضرورية لإنقاذ الأرواح إلى من هم في أشد الحاجة إليها والتسبب في شقاء الشعب السوري.
من جهتها، ما تزال الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الأمم المتحدة وشركاء دوليين من أجل توفير مساعدات لإنقاذ الأرواح لأبناء الشعب السوري الذين ما يزالون يعانون على يد نظام الأسد. ونحن من جانبنا نشكل أكبر طرف يقدم تبرعات إنسانية للشعب السوري، ومنذ بداية الحرب قدمنا ما يزيد على 10.6 مليار دولار في صورة مساعدات إنسانية وأكثر عن 1.6 مليار دولار في صورة مساعدات غير إنسانية لدعم إرساء الاستقرار عبر سوريا، حتى داخل مناطق تخضع لسيطرة الأسد. ولا يستهدف “قانون قيصر” والعقوبات الأميركية الأخرى المتعلقة بسوريا المساعدات الإنسانية الموجهة للشعب السوري أو تعوق النشاطات الرامية لتحقيق الاستقرار داخل شمال شرق سوريا. وسنمضي في تقديم مساعدات إنسانية من خلال شركائنا الدوليين والسوريين المتنوعين، حتى داخل مناطق خاضعة لسيطرة النظام.
لقد حان الوقت لإنهاء حرب الأسد الوحشية التي لا داعي لها. واليوم، أصبح أمام نظام الأسد والداعمين له اختيار بسيط: اتخاذ خطوات لا رجعة فيها نحو إقرار حل سياسي دائم للصراع السوري بالتوافق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 أو مواجهة موجات جديدة باستمرار من العقوبات الصارمة.


————————–

كيف يستطيع نظام الأسد إيقاف قانون “قيصر”؟

يفرض قانون “قيصر” الذي دخل حيّز التنفيذ، اليوم الأربعاء، عقوبات أميركية على نظام الأسد وداعميه، ولكن رغم ذلك يستطيع “النظام” إيقاف تطبيقه في حال تنفيذ عددٍ مِن الشروط وضعتها أميركا، التي أقرّت القانون.

وأورد العديد مِن الحقوقين والمطّلعين على قانون “قيصر” ستة شروط نصّ عليها القانون – الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأقره الكونغرس بمجلسيه في شهر كانون الأول الماضي – وبتنفيذها يمكن وقف تطبيقه.

وتتلخّص الشروط بالآتي:

1 ـ وقف قصف المدنيين من قبل الطائرات الحربية التابعة لـ روسيا ونظام الأسد.

2 ـ رفع قوات النظام والقوات الروسية والإيرانية الحصار الذي تفرضه على بعض المناطق السوريّة.

 ـ السماح بمرور المساعدات الإنسانية وتحرّك المدنيين بحرّية.

4 ـ إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، والسماح بدخول منظمات حقوق الإنسان إلى السجون والمعتقلات السوريّة.

5 ـ وقف قوات النظام وحلفائه قصف المراكز الطبية والمدارس والمناطق السكنية والتجمعات المدنية كـ الأسواق، وعودة المهجّرين السوريين بطريقة آمنة إرادية محترمة.

6 ـ محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، وإحقاق العدالة لـ ضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد في سوريا.

وحسب تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، أواخر شهر أيار الفائت، فإن الشروط الستة تعتبر مستحيلة التطبيق دون تنحي “بشار الأسد” ووقف دعم روسيا وإيران له.

وتعوّل الإدارة الأميركية وأعضاء الكونغرس على أن تؤدّي العقوبات القاسية التي ينص عليها قانون “قيصر” إلى قلب الطاولة على نظام الأسد وسحب الغطاء الروسي، وجميع أنواع الدعم الذي يتلقّاه مِن حلفائه.

وصُممت العقوبات – حسب ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط – بعناية لـ تضرب نظام الأسد وداعميه في الصميم، وأنّ المشرّعين الأميركيين تمعّنوا في كتابتها وعدّلوها مراراً وتكراراً، منذ عام 2014، وأنها أصبحت جاهزة للتطبيق بعد حصولها على موافقة “الكونغرس” مِن ديمقراطيين وجمهوريين، عام 2019.

ويسعى قانون “قيصر” إلى توسيع نظام العقوبات السابق، عبر استهداف المؤسسات الحكومية والأفراد – مِن مدنيين ومسؤولين – الذين يموّلون نظام الأسد وروسيا وإيران، سواء أكان هذا التمويل متعلقاً بأنشطتهم العسكريّة أو جهود إعادة الإعمار أو انتهاكات حقوق الإنسان، كما يفتح الباب أمام فرض عقوبات على أصحاب الشركات الأجنبية التي تجمعها صلات بـ”الأسد” وحلفائه.

وعن تأثير القانون في المدى القريب والمتوسط قال دكتور الاقتصاد كرم شعار – الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن –  لـ موقع تلفزيون سوريا – إن “فرص العقوبات في إسقاط النظام أو إجباره على التفاوض هي الأعلى خلال الأشهر الأولى مِن فرض العقوبات”، مضيفاً أن “التأثير الآني لدخول القانون حيز التنفيذ سيعتمد على إصدار الحكومة الأميركية معلومات جديدة أكثر تحديدًا حول من ستفرض عليهم العقوبات من أفراد ومؤسسات”.

يشار إلى أن دخول قانون “قيصر” حيّز التنفيذ، يتزامن مع هبوط حاد ومستمر تشهده الليرة السورية التي ترواحت بين الـ 4000 والـ 3000، خلال الأيام القليلة الماضية، ترافق مع مظاهرات غاضبة في العديد مِن المدن السوريّة، خاصة السويداء في الجنوب، تطالب بإسقاط “النظام”.

—————————

مواطنو “قيصر”… سوريون خائفون من تضررهم ونجاة النظام/عماد كركص

أمام المواطنين السوريين مرحلة جديدة اليوم من العقوبات، لن تؤثر فقط في النظام، بل في معيشتهم، بحسب ما يعتقدون، فماذا يقولون عن هذه المرحلة؟

ما بين متفائل ومتخوف، ينقسم الشارع السوري ضمن مناطق السيطرة الثلاث، النظام والمعارضة والإدارة الذاتية الكردية، حول تخمين وتوقع تبعات تطبيق “قانون قيصر”، الذي سيبدأ فعلياً اليوم الأربعاء، بإعلان الحزمة الأولى من العقوبات على النظام السوري.

تتلخص أبرز مخاوف السوريين بأن تزداد الأوضاع المعيشية سوءاً بعد فرض عقوبات اقتصادية جديدة على النظام ينص عليها القانون، علماً أنّ الأسابيع الماضية كانت ثقيلة على كاهل الناس، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، نتيجة تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، ما أدى إلى فقدان الرواتب والأجور قيمتها، مع غلاء في أسعار المواد الغذائية والتموينية والأدوية، بل فقدانها. ويترافق كلّ ذلك مع وباء كورونا المنتشر في سورية كما في غيرها من دول العالم. من جهتهم، يعلق المتفائلون بتطبيق القانون آمالاً بأن تساهم عقوباته في تفكيك النظام وإنهائه تدريجياً، مع التمسك بالمخاوف من طول أمد هذه العملية.

في هذا الإطار، استطلعت “العربي الجديد”، آراء عدد من المدنيين السوريين في مناطق سيطرة النظام والمعارضة والإدارة الذاتية الكردية، للوقوف على آرائهم وردود فعلهم تجاه تطبيق هذا القانون الذي يعتبر شكلاً جديداً من العقوبات ربما لم يعهدوه من قبل، مع طرح أسئلة عليهم حول تطبيق القانون، والاستعداد للتعامل مع نتائجه في حال حملت جوانب سلبية إضافية على الحياة المعيشية المتردية أساساً. وتضمنت الأسئلة الاستفسار عن الاعتقاد بأنّ تطبيق القانون سيؤثر على الوضع المعيشي سلباً، وفي المقابل الاعتقاد بأنّه سيؤثر على النظام لجهة تفكيكه بشكل تدريجي وصولاً إلى إنهائه؟ كذلك، سألت “العربي الجديد” عن استعدادات الناس لمرحلة ما بعد التطبيق، مع طرح احتمالات، من قبيل الادخار المالي، وتخزين المواد التموينية الأساسية، أو أي استعدادات أخرى. وشملت الاستفسارات إمكانية أن يتحمل المواطنون تبعات تطبيق القانون من الناحية المعيشية، مقابل التبعات التي من شأنها إضعاف النظام وإنهائه عن طريق القانون نفسه.

حنين (26 عاماً)، وهي ناشطة مدنية تقيم في دمشق (أخفت اسمها الثاني لأسباب أمنية)، تقول إنّ الحكومة السورية لا تملك أيّ إجراءات أو خطط للتكيف مع “قانون قيصر”. تشير إلى أنّ “القانون لن يؤثر أبداً في النظام لجهة تفكيكه وإنهائه، ولا داعي لشرح هذه النقطة، فنظام (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين، وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا أكبر دليل على فشل العقوبات بإسقاط الأنظمة”. وتشير إلى أنّها غير مستعدة لتحمل تبعات القانون السلبية مقابل إسقاط النظام، معتبرة أنّ “فرض العقوبات الخارجية هو تدخل في الشأن الوطني، فلا علاقة للأميركي ولا غيره أبداً بأن يكون طرفاً بفرض عقوبات تحدد شكل حياة السوريين وتفرض عليهم تغييرات سياسية أو اقتصادية”.

أما خالد (39 عاماً)، وهو من محافظة السويداء التي تشهد احتجاجات شعبية منذ نحو أسبوع، بعد تفاقم الأوضاع المعيشية في البلاد، فيجد أنّ “تطبيق القانون سيؤثر بشكل كبير في الوضع المعيشي في منطقتنا على الأقل، وقد بدأنا نتلمس ذلك حتى ما قبل الموعد المحدد ليوم التطبيق”. يشير إلى أنّ استعداداته “بسيطة جداً وتكاد لا تذكر، لأنّي مثل أغلب الناس ليس لديّ من الأساس فائض مالي كي أتمكن من التزود بالمؤن جيداً”. يعتقد خالد أنّ تطبيق القانون “سيؤثر في النظام ويضعفه، لكنّ انتهاءه مرتبط بقرار أميركي روسي”. وعلى صعيد تحمل التبعات، يشير إلى أنه “قد نتمكن من التحمل شهراً أو شهرين، لكن بعد ذلك لا أعتقد أنّنا سنقوى على التحمل أكثر”.

ويتفق عبد العزيز الصوراني، وهو من محافظة إدلب مقيم في مدينة سلقين، شمال المحافظة، نازحاً بعدما خرج من مدينته معرة النعمان، إثر العمليات العسكرية الأخيرة، مع الرأيين السابقين، مؤكداً تأثير القانون سلباً على الوضع المعيشي. يشير إلى أنّه “بالرغم من الانقسام الحاصل على الأراضي السورية، فالتأثير السلبي سيطاول الجميع. وقد يتفاوت التأثير بحسب كلّ منطقة. ومن المتوقع أن تكون مناطق النظام هي الأكثر تأثراً، تليها إدلب، ثم مناطق درع الفرات وغصن الزيتون”. ويرى الصوراني أنّ تأثير القانون على النظام سيكمن في “عجزه عن تأمين الرواتب والاحتياجات الأساسية للمواطنين، ما سيفقده مؤيديه ويدفع حاضنته للخروج عليه والمطالبة برحيله”. على المستوى الشخصي، يوضح أنّه لم يتخذ أيّ إجراءات استعدادية، ويقول: “تتفاوت إجراءات الناس في إدلب في الاستعداد للمرحلة الأقسى اقتصادياً في الثورة السورية. فأهالي المناطق التي لم تتعرض للتهجير، بل استفادت منه بشكل كبير، مثل مدينة إدلب وريفها الشمالي، هم الأكثر استعداداً للمرحلة المقبلة كونهم ما زالوا في منازلهم ويحتفظون ببعض المدخرات، على العكس من المهجّرين الذين تركوا بيوتهم وأرزاقهم”.

وعن استعداده نفسياً لتحمل التبعات مقابل ترهل النظام وسقوطه بفعل تطبيق القانون، يشير الصوراني إلى أنّ “هذا يتوقف على طول الفترة ومدى تأثر النظام بها، فظهور بوادر الانهيار على النظام يعطي الناس أملاً بالخلاص، ويدفعهم لمزيد من الصبر في سبيل الهدف المنشود”.

أما رمضان محمد، وهو من ريف محافظة الحسكة الخاضع لسلطة “الإدارة الذاتية الكردية”، فيختلف مع من سبقه باعتقاده أنّ تطبيق القانون الأميركي “لن يؤثر في المستوى المعيشي بشكل أسوأ، كون بنوده وعقوباته ستستهدف النظام والمتعاملين معه وليس الناس”. يشير إلى أنّ تطبيق القانون “سيؤدي إلى إنهاء النظام، لأنّ الأخير يعتمد على قوته الأمنية والعسكرية التي سيستهدفها القانون بالعقوبات”. ويوضح رمضان أنّه شخصياً لا يملك الإمكانات المادية اللازمة للاستعداد من خلال تخزين مواد أو ما شابه، لافتاً إلى أنه “مستعد مثل غيري لتحمل تبعات القانون مقابل إسقاط النظام، فلا بدّ من تحمل الصعوبات، وهذا شيء طبيعي أملاً في إنهاء هذا الوضع المأساوي الحالي”.

العربي الجديد

————————–

شركاء الأسد في مرمى “قيصر”… أضرار اقتصادية لروسيا وإيران/ عدنان عبد الرزاق

تدق الولايات المتحدة طبول حرب جديدة من العقوبات التي تستهدف نظام بشار الأسد في سورية وشركائه في الحرب على السوريين، حيث يدخل “قانون قيصر” حيز التنفيذ، اليوم الأربعاء، حاملاً معه تداعيات اقتصادية أشد وطأة من ذي قبل، ربما تزيد الأوضاع تدهوراً وتؤجج الاضطرابات، التي بدأت بالفعل تتصاعد في مناطق خاضعة لسيطرة النظام، في ظل انهيار غير مسبوق لليرة وارتفاع كبير للأسعار.

تقول واشنطن إن العقوبات ستساعد في محاسبة الأسد وأنصاره على جرائم حرب في صراع سقط فيه مئات ألوف القتلى، أما دمشق فتقول إن العقوبات تصعيد للحرب الاقتصادية على مواطنيها، وهو ما دعا محللين إلى توقع أن يستثمر الأسد العقوبات الجديدة في مد أجل التأييد الذي يحظى به من قبل أنصاره.

وتخضع سورية بالفعل لعقوبات تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، جمدت أرصدة الدولة ومئات من الشركات والأفراد، كما تحظر واشنطن بالفعل على الأميركيين تصدير أي سلع إلى سورية أو الاستثمار فيها، وتحظر الصفقات التي تشمل منتجات النفط والغاز.

لكن العقوبات الجديدة تمنح الرئيس الأميركي دونالد ترامب سلطات أوسع لتجميد أرصدة أي فرد أو طرف يتعامل مع سورية بغض النظر عن جنسيته وتغطي عدداً أكبر بكثير من القطاعات، من البناء والطائرات إلى النفط والطاقة، كما تطاول الأثرياء السوريين في الخارج وتمنعهم من الاستثمار في سورية، ما يضيق الخناق كثيراً ولا يدع مجالاً للتهرب من العقوبات، التي تمتد إلى التضييق على الغذاء.

ويستهدف “قيصر” للمرة الأولى من يتعاملون مع كيانات روسية وإيرانية في سورية، وهو ما يوجه ضربة قاسية لحلفاء الأسد الذين كانوا ينتظرون تعويض نفقاتهم العسكرية والمالية في سورية بتنفيذ صفقات للإعمار والحصول على حصص في حقول النفط والغاز، كما تمتد أذرع العقوبات إلى شركاء أعمال آخرين في الإمارات والأردن كانوا يخططون للاستثمار في سورية.

فخسائر الاقتصاد السوري بلغت، حتى نهاية العام الماضي، نحو 530 مليار دولار، منها أكثر من 65 ملياراً جراء تضرر 40 في المائة من البنية التحتية، وفق دراسة للمركز السوري لبحوث السياسات (مستقل) مركزه بيروت.

في حين قدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كلفة إعادة الإعمار بنحو 400 مليار دولار في فترة تمتد من 10 سنوات إلى 15 سنة، وهو رقم يساوي تقديرات الأمم المتحدة التي أفادت في أغسطس/ آب 2019، بأن كلفة إعادة الإعمار تبلغ 400 مليار دولار، في زيادة لتقدير سابق للمنظمة ذاتها بنحو 300 مليار دولار.

ويقول الخبير الاقتصادي السوري، عماد الدين المصبح، إن “قانون قيصر سيطوي صفحة إعادة الإعمار ويلغي هذه الرشوة التي كان الأسد يتطلع لتقديمها للعالم لتسويقه وإعادة إنتاجه”. ويضيف المصبح لـ”العربي الجديد”، إن العقوبات الأميركية ستلاحق أي دولة أو شركة أو شخصية تمد يدها للنظام، عبر استثمارات أو عقود لإعادة الإعمار من دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة.

ويشير المصبح إلى أن خسائر الحرب زادت عن عشرة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010، ما يعني أن “الكعكة تغري الدول والمؤسسات المقرضة وتدفع الرساميل والشركات للتهافت إلى سورية، لكن قانون قيصر يجعل التعاون أو التعاقد مع النظام، وإن كان عبر وسطاء، في مرمى العقوبات، خاصة أن الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية متفقة مع الرؤية الأميركية حول أنه لا إعادة إعمار من دون حل سياسي أو في وجود بشار الأسد”.

ويقول إن قانون “قيصر سيلاحق المشروعات والاستثمارات التي قدمها الأسد خلال فترة الحرب لشركائه وداعميه بموسكو وطهران.. إذا لم ينسفها القانون، فعلى الأقل سيوقفها ويمنع استمرار بيع واستنزاف ثروات السوريين، كما سيلاحق الشركات التي تأسست في لبنان بأشكال وأسماء وهمية ومزيفة، وحتى المساعي الإماراتية ومحاولات دول في أوروبا الشرقية، الذين رأيناهم جميعاً خلال الفترة الأخيرة يعززون العلاقات ويسعون لحصة من كعكة خراب سورية”.

وربما تعد روسيا أكثر تضرراً من إيران، باعتبارها لم تستطع بعد جني فوائد اقتصادية تذكر، ولم تتمكن حتى الآن من تهيئة الأرضية في سورية لتحقيق عوائد تغطي ما تكبدته من نفقات. فحسب عدد من الدراسات والتقارير، فإن معدل النفقات العسكرية الروسية في سورية يبلغ ما بين 3 و4 ملايين دولار يومياً، وهذا يعني 5 إلى 7 مليارات دولار منذ تدخلها أواخر عام 2015. ومن الجهات التي أجرت تلك الدراسات، مؤسسة البحوث الدولية “إي إتش أس” ومركزها لندن، وفي روسيا نفسها، مثل تقرير لحزب “يابلوكو” المعارض وصحيفة غازيتا، وفق تقرير نشرته وكالة الأناضول، يوم الاثنين الماضي.

كل ما حصلت عليه روسيا اقتصادياً من سورية يتمثل بعقود طويلة الأجل في مجالي النفط والغاز مع نظام يبدو متهالكاً ومهدداً بالسقوط في أي لحظة، بالإضافة إلى أن الجدوى الاقتصادية من تلك العقود تبقى غير مؤكدة، وخاصة أن معظم الحقول الغنية تقع في شرق البلاد تحت الحماية الأميركية.

فقد عقدت شركات روسية عدة اتفاقيات مع النظام للتنقيب واستخراج النفط والغاز من الحقول المتبقية في يد النظام، كذلك وقعت اتفاقيات لترميم وتطوير المنشآت النفطية، إضافة إلى عقود لتنفيذ مشاريع لتوليد الطاقة واستخراج الثروات المعدنية.

وفي عام 2019، وقعت وزارة النفط التابعة للنظام السوري عقداً مع شركتي “ميركوري” و”فيلادا” الروسيتين، كما حصلت شركة “ستروي ترانس” على أحقية التنقيب واستخراج الفوسفات من المنطقة الشرقية الواقعة في جنوب مدينة تدمر السورية، وعقد تأجير مرفأ طرطوس لشركة “أس تي جي إنجينيرينغ” لمدة 49 عاماً. كما وُقعت عقود في مجال الطاقة في مدينة حمص، في مارس/ آذار 2018، بين النظام وشركات روسية، وعقد آخر لإنشاء خط حديدي يصل مطار دمشق بمركز المدينة.

إلا أن جميع هذه العقود حتى لو ثبتت جدواها الاقتصادية، فهي غير قابلة للتطبيق في حال لم يتحقق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والعسكري في سورية، والبدء في إعادة الإعمار. على عكس روسيا، تمكنت إيران من تحقيق مكاسب اقتصادية، حيث إن طبيعة الاستثمارات الإيرانية هي قصيرة ومتوسطة الأجل، وتعتمد على التصنيع والإنتاج، لكن عقوبات “قيصر” تضع هذه الاستثمارات في مرمى الاستهداف.

يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة ماردين التركية مسلم طالاس، لـ”العربي الجديد”: “في ظل قانون قيصر سيتردد أي استثمار مئات المرات قبل الدخول للبلد أو البقاء فيه، لا سيما أنه يمكن أن يجرّم البنك المركزي ويحول المنظومة المالية والنقدية بالكامل في سورية إلى موقع الجريمة والاشتباه”.

العربي الجديد

————————-

تحضيرات “سرية وعلنية” لمواجهة قانون “قيصر” في سوريا

“هناك إجماع دولي على أن طهران يجب أن تغادر المنطقة ويأتي السماح للطائرات الإسرائيلية بضرب المواقع الإيرانية الموجودة في دمشق في هذا السياق”

سوسن مهنا

يشبّه مقال في صحيفة “ليبراسيون” Liberation الفرنسية قانون “قيصر” الأميركي بحبل يلتف حول عنق الاقتصاد السوري، الذي يعاني أصلاً من مشكلات جمّة، ويوضح أنه “ليس الكارثة الوحيدة التي يجب أن يواجهها نظام بشار الأسد، الذي لم يكد يتذوق انتصاره العسكري والسياسي حتى تراكمت عليه المصائب”.

المقال الذي جاء بعنوان “الرئيس السوري بشار الأسد في وضع يائس بعد 20 سنة في السلطة”، نشر في 8 يونيو (حزيران) الحالي يقول في مقدمته، “بين العقوبات الدولية والأزمة الاقتصادية والخلافات داخل الحاشية التي تحكم البلاد، ووسط انتقادات موسكو وطهران والتظاهرات الشعبية، يراكم النظام السوري المصائب”.

ويقول كاتبا المقال، “إنه في هذا الأسبوع الذي يصادف الذكرى السنوية الـ20 لوصول بشار إلى رئاسة الجمهورية خلفاً لوالده حافظ الأسد، فإنه لا يجد سجلاً يستطيع الاحتفال به، حيث يواجه بعد تسع سنوات من الحرب المدمرة على بلاده تمزقاً غير مسبوق داخل أسرته التي حكمت سوريا منذ عام 1970”.

وكان رئيس النظام، قد كشف الاثنين 15 يونيو (حزيران)، عن “بعض الأخطاء التي ارتكبها حزب البعث الحاكم خلال مسيرته، ما تسبب في تراجع دوره في بعض المراحل”.

وأوضح في كلمة مكتوبة لأعضاء الحزب قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 19 يوليو (تموز) المقبل، أن أخطاء البعث تسببت في تغييب الكوادر ذات الكفاءة، قائلاً، “مسيرة الحزب لم تخل من الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الأحزاب والتي أدت إلى تراجع دوره في بعض المراحل”.

السويداء استثنائية

وتصف مجلة “بوليتيكو” Politico الأميركية في عددها الصادر في 11 يونيو الحالي، وفي مقال بعنوان، “هل الأسد على وشك السقوط؟”، تظاهرات السويداء بـ “البارزة”، ولكن على الرغم من ذلك فإن الاحتجاجات التي تتكشف هناك هي فقط دلالة لأزمة أكبر بكثير تضرب في قلب نظام الأسد واحتمالات بقائه. وكان قرار الأسد بإقالة رئيس وزرائه عماد خميس يوم الخميس 11 يونيو، مؤشراً واضحاً على أن الانهيار الاقتصادي والمعارضة الصريحة الجديدة تشكل تحدياً حقيقياً لشرعيته.

وبالنسبة لتقرير “بوليتيكو”، أنه وحتى وقت قريب بقي الدروز، وهم طائفة من الأقليات، خارج نطاق النزاع السوري المرير ولمدة تسع سنوات، لكن الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في البلاد أجبرتهم على النزول إلى الشارع. وخاطب المتظاهرون الأسد مباشرة، وهتفوا “اللعنة على أرواحكم، نحن قادمون من أجلكم”، كما وأعربوا عن تضامنهم مع مجموعات المعارضة في إدلب، البالغ عددها ثلاثة  ملايين، والتي تعتبر آخر معاقل التمرد المسلح ضد الأسد.

وكانت محافظة السويداء، جنوب سوريا، قد تجددت فيها الاحتجاجات خلال الأسبوع الماضي، وطالب خلالها الأهالي برحيل الرئيس.

ويرى البعض أن تجربة السويداء، والتي تقطنها غالبية من الطائفة الدرزية، وخلال احتجاجات عام 2011، هي استثنائية، إذ رفض رجال الدين والوجهاء فيها، أخد موقف أو الاصطفاف مع أي طرف خلال سنوات الحرب في البلاد.

الانهيار الاقتصادي

ويدخل قانون حماية المدنيين “قيصر” حيّز التنفيذ هذا الأسبوع، وتزداد معه مؤشرات الانهيار الاقتصادي والمالي في الداخل السوري. “اندبندنت عربية” توجهت ببعض الأسئلة لموالين ومعارضين للنظام السوري، للإطلاع على تأثير القانون في لعبة السلطة الداخلية للنظام، وكيف تتحضر سوريا لمواجهة تداعياته، ومن يستطيع أن يساند البلاد في هذا الوقت؟ وهل من الممكن أن ينتج من الضغط الدولي، تنازلات أو “تغيير سلوك” من قبل النظام، وما هي مقوّمات صمود دمشق، إذا ما بقي هناك من مقومات أصلاً، بعد عشر سنوات تقريباً على بدء الحرب؟

يتحفظ شادي أحمد المحلل الاقتصادي، على مصطلحات السؤال الأول، ويقول، “إنهم لا يستخدمون كلمة (نظام) في سوريا للدلالة على القيادة السياسية للبلد، والسلطة الداخلية لا تنطلق من مبدأ (اللعبة)، لأن هذه اللعبة الديمقراطية أو لعبة السلطات الداخلية قد تكون موجودة في بلدان أخرى، لكن في سوريا نستعمل تعبير (مسار)”. ويرى أن “قانون قيصر” جاء على معطيات غير مثبتة وغير مؤكدة، ذلك أن “الصور الفوتوغرافية التي اعتمد عليها وقيل إنها من المعتقلات السورية، اعتبرها الكثير من الخبراء محرفة، أي أن بعضها غير موجود على الإطلاق، أو مشغول عليها بطريق الفوتوشوب”. ويعتبر “أنه من الواضح أن هذا القانون يستهدف الدولة والحكومة السوريتين لا سيما من الناحية الاقتصادية، وهذ القانون الذي حمل اسم حماية المدنيين في سوريا، لا يهدف إلى حماية المدنيين، لأنه كان هناك تصريح واضح لجيمس جيفري من يسمى المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، والذي جاء بعرض للعاصمة دمشق، ويقول العرض “إذا ما تخلت سوريا عن العلاقة مع إيران وحزب الله، فهذا يعني أنهم جاهزون لرفع هذه العقوبات وإلى دعم الليرة والاقتصاد السوريين”، وبرأي أحمد ” الأمر ليس مرتبطاً بحماية المدنيين بل بالشروط السياسية التي تتعلق بالتحالف مع إيران والمقاومة في لبنان، بالتالي فإن تأثير “قانون قيصر” قد أكد للعديد من أفراد الشعب السوري حقيقة القراءة السياسية، التي قدمتها القيادة السورية، والتي قالت إننا في سوريا نتعرض إلى استهداف ومؤامرة من قبل الولايات المتحدة، وإذا لم يكن هناك سوريون مقتنعون بهذا الكلام، اقتنعوا الآن، وكأن واشنطن تقدم خدمة للسلطة السورية”. 

تحضيرات “سرية وعلنية”

وعن تحضيرات الدولة السورية لمواجهة التداعيات، يقول “إن هناك تحضيرات ذات أبعاد سرية وعلنية. بالنسبة للتحضيرات المعلنة، التوجه إلى مزيد من إعادة دورة الإنتاج في سوريا على الصعيد الزراعي والصناعي، وتحويل منطقة الغاب (سهل خصب يقع في محافظة حماة في المنطقة الوسطى من سوريا) إلى خزان ومعمل غذائي، كون هذه المنطقة تمتد على مساحة كبيرة بطول 80 كلم وعرض 15 كلم، أي ثلث أو نصف مساحة هولندا، قد تكون البديل الاحتياطي أو الاستراتيجي. أيضاً دعم منطقة الشيخ نجار الصناعية في حلب والمعامل التي تعرضت للتخريب، ويعتبرها خطة طموحة قد تؤتى نتائجها قريباً”.

وعمن يستطيع دعم سوريا في هذه الظروف، يقول، “جميع الأصدقاء قادرون على ذلك، ومن يظن أن الاستهداف وفق “قانون قيصر” يستهدف الموردين، فإن أكثر الدول المؤثرة بالتعامل الاقتصادي مع سوريا هي بالأصل معرضة للعقوبات، بالأمس وجدنا أن إيران قد أرسلت خمس ناقلات نفط إلى فنزويلا، من دون أن تتمكن أميركا من عمل أي شيء، وهذا يعني أننا نستطيع أن نستمر بعلاقتنا الاقتصاية مع إيران وروسيا، لا سيما أن الشركات الروسية بدأت بتنفيذ المشاريع التي جرى التعاقد عليها، إضافة إلى أن الحرب الاقتصادية الكبيرة بين الصين الولايات المتحدة، انعكست على الصالح السوري”.

تقديم تنازلات؟

وعن التنازلات التي من الممكن أن يقدمها النظام تحت تأثير الضغط الدولي، يتحفظ الأحمد أيضاً على مصطلح “الضغط الدولي”، ويقول إن هذا سوف يزيد من إصرار السلطة السورية على التمسك بمواقفها، ربما كان التفاوض والحوار سيؤديان إلى تفاهمات، أما الضغط فلن يؤدي إلى نتيجة، باعتبار أن سوريا لم تقدم تنازلات عندما لم تكن تسيطر إلا على 19 في المئة من الأراضي السورية بعد عقوبات عام 2012.

وعن مقومات الصمود يقول، “لا يزال بعضها قائماً بجدارة، مثل الإنتاج الزراعي، صحيح أن وضع الليرة السورية يتعرض لضغوطات داخلية كثيرة، نتيجة المضاربات ونظام سلطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سرق بحسب التوصيف القانوني العديد من الليرات السورية، وجمعها في مستودعات في مدينة غازي عينتاب ومدينة كيليكس، ولدى قسد (قوات سوريا الديمقراطية)، بتوجيه أميركي يقوم أيضاً بالتأثير في سعر صرف الليرة السورية”. ويقول إن الانتاج الصناعي بحاجة إلى فترة قليلة من الزمن من أجل أن نستطيع تلبية حاجاتنا، فقد استعدنا إنتاج أكثر من 70 في المئة من حاجتنا من الأدوية. ويؤكد أنه لا يجب أن تكون هناك فجوات بين الوضع الاقتصادي والوضع المعيشي، خصوصاً أن هذه الفجوات موجودة، والوضع المعيشي للمواطن السوري ليس بالجيد، ولكن أيضاً من كان يستهدف سوريا كان يأمل بأن يكون الوضع أسوأ بكثير مما هو عليه الآن.

النظام يجلب العقوبات على نفسه

في المقابل، يرى أيمن عبد النور رئيس منظمة “سوريون مسيحيون من أجل السلام”، أن “القانون يهدف أولاً إلى حماية المدنيين السوريين، وإقناع النظام أن لا حل إلا الحل السياسي، لا العسكري. بالتالي فإن النظام هو من يجلب العقوبات على نفسه، كونه يرفض تنفيذ شروط “قانون قيصر” ويرفض قرار مجلس الأمن الدولي  2254″. ويشرح أن “العقوبات ستفرض على مناطق النظام والأفراد المتعاونين والذين يخدمون آلته العسكرية من مختلف الجنسيات. من جهة أخرى، سوف يتأثر الكثير من رجال الأعمال العاملين مع النظام، والذي يوجد الكثير منهم حالياً على قائمة العقوبات، كما ستُضاف مجموعة أخرى سواء كانوا من السوريين أو من العرب أو أجانب وربما من جنسيات إيرانية أو روسية، لا يوجد فارق بين الجنسيات وبين المتعامل أو من يقوم بتبييض الأموال أو توريد المواد أو تقديم الخدمات إلى النظام خلافاً لـ”قانون قيصر”، حيث أنه ستتم ملاحقته ووضعه على قائمة العقوبات مهما كانت جنسيته. سيشكل هذا عامل ضغط كبيراً، وستصبح هناك صعوبة في تأمين المواد إلى مناطق النظام، وانخفاض في قيمة الليرة السورية وغلاء في أسعار المواد الاستهلاكية، وقد يؤدي هذا إلى انفكاك وهروب بعض رجال الأعمال المرتبطين بالنظام، بالتالي تصبح هناك شقوق وشروخ، خصوصاً المجموعة المرتبطة برامي مخلوف، والتي بدأت تعيد الكثير من حساباتها، من ناحية تغيير اصطفافها وانسحابها مما كانت تقوم به لصالح النظام”.

فك الارتباط

وعما إذا كان من الممكن أن يقدم النظام على فك ارتباطه بإيران، يقول عبد النور، “هناك إجماع دولي أميركي – روسي – تركي – وأوروبي على أن طهران يجب أن تغادر المنطقة، ويأتي السماح للطائرات الإسرائيلية بضرب المواقع الإيرانية الموجودة في سوريا في هذا السياق. وقد يؤدي الانسحاب مع ميليشياتها الطائفية إلى إضعاف كبير لدور حزب الله في لبنان، وسيتم تشديد العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي عليها، وإنهاء دورها في مناطق الإقليم سواء في العراق أو اليمن، وأن تعود إلى حدودها وتأخذ دورها كدولة طبيعية وليس كدولة متمددة تعمل على تصدير مشروعها، وتركب موجة تحرير القدس، هذه الشعارات التي لا تمارس منها أي شيء وتصرف مئات المليارات خارجياً، بينما شعبها منهار اقتصادياً، وعملتها منهارة والفقر يزداد انتشاراً في إيران، كل ذلك أدى إلى اضطرابات، حتى في الداخل، وهي مرشحة إلى أن تحدث فيها ثورات خلال فترة قريبة”.

——————–

4 قطاعات بالحزمة الأولى من عقوبات “قيصر” لنظام الأسد/ عدنان عبد الرزاق

تستهدف الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية الواردة في قانون “قيصر” التي تدخل حيز التنفيذ، اليوم الأربعاء، أربعة قطاعات رئيسية تتمثل في النفط والغاز الطبيعي، الطيران، الإنشاءات والإعمار، والخدمات اللوجستية والتكنولوجية التي تخدم العمليات العسكرية لنظام بشار الأسد.

ويفرض القانون عقوبات على من يبيعون أو يقدمون الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات المهمة التي تسهل أو توسع الإنتاج النفطي المحلي للنظام السوري، وعلى من يبيعون الطائرات، أو الأجزاء، أو الخدمات ذات الصلة التي تستخدمها القوات العسكرية التابعة للنظام، ويعاقب أيضاً من يقدمون “الخدمات الإنشائية أو الهندسية للحكومة السورية”، والخدمات المتعلقة بالإعمار.

كما يتيح للرئيس الأميركي، المجال لفرض العقوبات على من يريده في النظام السوري ومؤسساته، ابتداءً من رئيسه وانتهاءً برؤساء الأفرع الأمنية، مروراً بقادة الفرق العسكرية.

ويقول ياسر الفرحان، عضو الهيئة السياسية واللجنة القانونية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، إن القانون يفرق بين القطاعات التي تؤثر على السوريين، وتلك التي يستخدمها النظام لمعاقبة السوريين وقتلهم، مثل قطاع الطاقة الذي يستخدمه لوقود آلته العسكرية أو كرشى لشركائه وحلفائه عبر استثمارات وصفقات تضيع حقوق السوريين.

ويضيف الفرحان لـ”العربي الجديد” أن القطاع الثاني المشمول بالعقوبات، هو قطاع الطيران ويشمل قطع غيار وتجهيز، وهو في صالح السوريين، إذ لم يتطرق القانون للطيران المدني وإنما لما يخدم العمليات العسكرية للنظام.

ويتابع أن “القطاع الثالث، يتمثل في الخدمات من أجهزة ولوجستيات، والرابع هو الهندسة والبناء وإعادة الإعمار، وأظن أن ذلك أيضاً في صالح السوريين لسببين، الأول وقف ما يمكن أن يقدمه نظام الأسد من إغراءات واستثمارات ليبرر بقاءه وربما إعادة إنتاجه، والسبب الثاني أن أصحاب العقارات المهدمة مهجرون ومارس الأسد عليهم وعلى ممتلكاتهم كل أنواع الظلم عبر البراميل المتفجرة والأسلحة الثقيلة”.

وينسب قانون “قيصر” إلى الاسم الحركي (المستعار) لمصور كان يعمل في الطب الشرعي في جهاز الشرطة العسكرية التابعة للنظام السوري، وانشق عنه واتجه إلى فرنسا وبحوزته آلاف الصور لضحايا مدنيين سقطوا تحت التعذيب في سجون المخابرات التابعة لنظام الأسد بين عامي 2011 و2013.

وفي يوليو/ تموز 2014 تمكن “قيصر” بمساعدة بعض الناشطين من الوصول إلى الكونغرس الأميركي، ليدلي بشهادته ويعرض جزءاً من الصور التي بحوزته والبالغ عددها 55 ألف صورة.

وفتح القضاء الفرنسي في منتصف سبتمبر/أيلول 2015 تحقيقاً في التقارير التي اصطحبها المصور “قيصر” إلى باريس، وتوثق عمليات التعذيب والتصفية الجسدية في سجون النظام السوري.

وقام عدد من النواب الأميركيين في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 بصياغة مشروع قانون حمل اسم “قيصر لحماية المدنيين السوريين”، وجرت المصادقة عليه من قِبَل مجلس النواب، تمهيداً لإحالته لمجلس الشيوخ، الذي رفض المصادقة عليه مطلع عام 2019، نتيجة مشكلة الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية، كما أن القانون لقي اعتراضاً من أعضاء مجلس الشيوخ التابعين للحزب الديمقراطي لأنه جاء ضمن سلسلة قوانين تتعلق بالشرق الأوسط، كانت محل خلاف بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

ما دفع منظمات حقوقية ومجالس سورية تنشط في أميركا إلى فصل “قانون قيصر” عن القوانين الأخرى المتعلقة بالشرق الأوسط، وإلحاقه بمشروع موازنة الدفاع الأميركية، لضمان تمريره في الكونغرس، وموافقة الرئيس الأميركي عليه.

وفعلا وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ضمن مشروع قانون الموازنة الدفاعية لعام 2020، بحجم 738 مليار دولار.

العربي الجديد

—————————-

تفعيل قانون «قيصر» اليوم… النظام السوري وحلفاؤه تحت مقصلة العقوبات الأمريكية الأقسى والأشمل/ هبة محمد وسعد الياس

دمشق ـ «القدس العربي»: يبدأ اليوم تفعيل قانون «قيصر» الذي يعد حسب خبراء ومحللين كثر أقوى وأقسى موقف أمريكي ضد النظام السوري منذ بدء الثورة السورية. فقد أعلن الحساب الرسمي للسفارة الأمريكية في دمشق دخول قانون قيصر «حيز التنفيذ»، بعد مناقشات استمرت عدة سنوات،

وذكرت السفارة عبر حسابها الرسمي على موقع «فيسبوك» أنه «مع دخول العقوبات حيز التنفيذ بموجب قانون قيصر، تواصل الولايات المتحدة التزامها بضمان وصول الدعم الإنساني الدولي للمدنيين الموجودين في سوريا من خلال التنسيق الوثيق بين الشركاء الدوليين».

وسيضع القانون الجديد لبنان أيضاً في موقف صعب، وهذا ما استدعى استنفاراً واسعاً وعلى أعلى المستويات السياسية أمس.

وقبيل أن يدخل قانون قيصر، الذي يحمل اسم المصور الذي جمع صوراً لحوالى 55 ألف ضحية، قضت في المعتقلات السورية، حيز التنفيذ، أوضحت سفارة الولايات المتحدة «أن بشار الأسد ونظامه يهدر عشرات الملايين من الدولارات شهرياً لتمويل حرب لا داعي لها ضد الشعب السوري بدلاً من توفير احتياجاته الأساسية، فهو مسؤول بشكل مباشر عن الانهيار الاقتصادي في سوريا».

رئيس الائتلاف السوري المعارض، أنس العبدة، قال في مقال لـ«القدس العربي» أمس، إن قانون قيصر «يأتي لحماية المدنيين، والتضييق على قاتليهم، مستهدفا مصالح العصابة وفروعها الأمنية وكبار المجرمين فيها»، وإن «فيتو مجلس الأمن لحماية المجرمين لن يجدي نفعا هذه المرة».

المدير التنفيذي لمنظمة الطوارئ السورية المساهمة في ملف قيصر، معاذ مصطفى، يقول لـ «القدس العربي» إن قانون قيصر «دخل فعلياً حيز التنفيذ، أما مدى تطبيقه فهو طويل الأمد وعلى درجات متتالية، والعمر الافتراضي للقانون هو 10 سنوات قابل للتجديد، وفي المقابل من الممكن أن تتوقف كل العقوبات المشمولة ضمن قانون قيصر بشكل فوري، وهذا مشروط بتوقف النظام السوري عن قتل المدنيين وإطلاق سراح المعتقلين كافة في سجونه، والدخول في الحل السياسي المنصوص عليه دولياً».

وقانون قيصر هو «إنذار أو تحذير»، حسب وصف المتحدث، لكل جهة تتعامل مع بشار الأسد اليوم أو تفكر بذلك غداً.

ومن حيث شمولية العقاب، يقول الخبير السياسي والقانوني يوسف قدورة إنه «يشمل نظام الأسد ومؤسساته وأفراده ومن يتعامل معهم، حيث أدخل القانون الأجانب المتعاملين مع حكومة الأسد أو شخصيات النظام البارزة بأيِّ نوع من الدعم تقنيَّاً كان أو ماديَّاً ضمن دائرة العقوبات. فالقانون أدخل محوراً كاملاً في دائرة العقوبات» والمحور هو روسيا وإيران وحزب الله ونظام الأسد وميليشياته وكلُّ أجنبي يتعامل مع هذا المحور في تعاملات عسكريَّة أو شبه عسكرية على الأراضي السوريَّة.

وسيُحرم المتعاملون مع الأسد وحكومته، حسب قدورة الذي تحدث لـ«القدس العربي»، من القدرة على الحركة الدولية أو تحريك الأرصدة دولياً، إضافة إلى حرمانهم من الاستفادة من أي استثمارات داخل الولايات المتحدة أو حلفائها.

ويعطي القانون في نصِّه الأساسي لحكومة النظام وسائل إيقاف تطبيقه وتعطيله، والتي تتمثَّل بشكلٍ مختصرٍ بوقف القصف بالبراميل المتفجِّرة والأسلحة الكيميائيَّة والصواريخ والمتفجِّرات على المدن والمؤسَّسات المدنيَّة، وفك الحصار عن أيِّ قرية أو مدينة تحوي مدنيين سوريين، وإطلاق سراح المعتقلين، وإعطاء الحقِّ للمنظَّمات الدوليَّة بزيارة السجون للتأكد، وعلى حكومة النظام أن تسمح بالعودة الآمنة والطوعيَّة والكريمة لكل من يريد ذلك من المهجرين السوريين.

وبطبيعة الحال، فإن قانون «قيصر» هو إحدى أوسع وأشد العقوبات الدولية التي ستفرض على النظام السوري وداعميه «روسيا، إيران وحزب الله»، وكذلك الشركات والأفراد المتعاملة أو التي تفتح تعاملاً مع دمشق.

كما يرى الخبراء أن واشنطن تعتزم محاصرة الأسد دولياً ومحليا،ً وذلك بهدف إجباره على القبول بالحل السياسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254.

ووفقاً لرؤية الخبير والباحث في المركز العربي في واشنطن، رضوان زيادة، فإن رصيد العملة الأجنبية من الدولار في البنك المركزي مهدد بالنفاد، كما أن الليرة السورية مهددة بالهبوط إلى القاع.

وسيصل تأثير «قيصر» بقوة إلى لبنان، ففي خطوة لافتة ومعبّرة ، نشرت السفارة الأمريكيّة في عوكر تغريدة لوزارة الخارجيّة الأمريكيّة عبر «تويتر» حول مضمون ومفاعيل «قانون قيصر»، وأفادت بأن «القانون يوفّر للحكومة الأمريكية آليّة قويّة لمحاسبة النظام السوري على فظائعه، وبموجبه لا ينبغي على أيّ شركة أجنبيّة الدخول في عمل مع هذا النظام أو إثرائه». وأضافت «يُحرَم نظام الأسد من الموارد الماليّة لتغذية حملات العنف التي قتلت مئات الآلاف من المدنيّين».

وبدا من هذه التغريدة وكأنها تحذير واضح للبنان من تجاهل قانون «قيصر» واستمرار التعاطي مع النظام السوري، تحت طائلة دفع الثمن.

ونقلت «وكالة الأنباء المركزية «عن مصادر دبلوماسية غربية «أن لبنان سيدفع الثمن الأكبر من فاتورة «قيصر» بسبب تدخّله بالشؤون السورية».

وبالتزامن مع بدء تطبيق قانون «قيصر» بادر الجيش اللبناني إلى رفع سواتر ترابية في منطقة قنافذ على الحدود مع سوريا لمنع التهريب، وأطلق رئيس الجمهورية ميشال عون مبادرة حوارية.وتشمل الدعوة إلى الحوار التي حُدّد موعدها في 25 حزيران الحالي، رؤساء الجمهورية السابقين ورؤساء الحكومة السابقين ونائب رئيس مجلس النواب وشخصيات سياسية فاعلة أخرى.

—————————–

واشنطن بوست: ما هي العقوبات الأمريكية الجديدة ضد النظام السوري وكيف يمكن أن تؤذي؟/ رائد صالحة

من المقرر أن تدخل مجموعة من العقوبات الأمريكية على سوريا حيز التنفيذ، اليوم الأربعاء، وهي تستهدف أي شخص يساعد حكومة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أو يقدم المساعدة لبعض الصناعات داخل الأراضي التي تسيطر عليها قوات النظام.

ويهدف الإجراء، المعروف باسم قانون قيصر، والمدرج في قانون سياسة الدفاع الأمريكية الذي تم تمريره في ديسمبر، إلى إجراء النظام على وقف القصف المستمر منذ 9 سنوات ووقف انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة على نطاق واسع.

صحيفة “واشنطن بوست” بدورها سلطت الضوء على هذا القانون، بما في ذلك طبيعة العقوبات المتوقعة والنتائج المحتملة، وأوضحت في البداية أن قانون حماية المدنيين”قيصر سوريا” لعام 2019 يفرض عقوبات على أي شخص يقدم دعماً كبيراً او يشترك في معاملات مع النظام السوري أو أي كيان يسيطر عليه أو يمتلكه.

وأوضحت أن الإجراء يركز على ثلاثة قطاعات هي صناعة النفط والغاز وإعادة الإعمار في المناطق التي يسيطر عليه النظام، ويفرض عقوبات على أي شخص يقدم الدعم أو الصيانة لهذه الصناعات، وفي القطاع العسكري، تستهدف العقوبات على سبيل المثال اي شخص يبيع أو يوفر طائرات لجيش النظام أو يساعد على تشغيلها.

وتنطبق العقوبات على السوريين وغير السوريين على حد سواء، وهذا يعني على وجه الخصوص أن الروس والإيرانيين المتحالفين مع الأسد يمكن أن يكونوا محور التركيز.

ويدعو قانون قيصر، أيضاً، الخزانة الأمريكية إلى تحديد ما إذا كان البنك المركزي السوري “مؤسسة مالية ذات أهمية أساسية في غسل الأموال” ويتطلب عقوبات جديدة على قائمة طويلة من الأفراد الذي يزعم تورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان، ويشمل ذلك رئيس النظام السوري وأعضاء حكومته والمحافظين ورؤساء السجون ورؤساء الأجهزة الأمنية في جميع أنحاء البلاد.

ما الذي تحاول العقوبات تحقيقه بالضبط؟

يقول قانون قيصر إنه يهدف إلى الضغط السياسي والاقتصادي على النظام السوري لإجبار النظام على وقف هجماتها القاتلة على الشعب السوري ودعم الانتقال إلى حكومة في سوريا تحترم القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي مع جيرانها.

وسُتعلق العقوبات إذا أوقف النظام هجماته على المدنيين وتوقف عن قطع المناطق المحاصرة عن المساعدات الدولية والمساعدات الطبية والإفراج عن جميع السجناء السياسيين وتسهيل العودة الآمنة للاجئين ومحاسبة جميع مجرمي الحرب.

كيف تختلف هذه العقوبات عن العقوبات السابقة؟

تخضع سوريا بالفعل لعقوبات من كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهذه العقوبات تحظر التعامل مع كيانات الدولة السورية وكذلك المئات من الشركات والأفراد، كما منعت الولايات الأمريكيين من التصدير إلى سوريا أو الاستثمار هناك، وكذلك حظرت معاملات النفط والغاز.

هل نجح قانون قيصرفي الضغط على النظام السوري؟

تؤكد الصحيفة أن صدى العقوبات تردد في جميع سوريا حتى قبل أن تدخل في حيز التنفيذ، وأشارت إلى أن بعض الأفراد قاموا بإجراء تعديلات لتفادي العقوبات ولكن الليرة السورية تلقت ضربة قوية حيث سجلت أدنى مستوى لها في 8 يونيو.

كيف يمكن للعقوبات الجديدة أن تؤثر على سوريا بمجرد دخولها حيز التنفيذ؟

سيصبح التأثير أكثر وضوحاً مع مرور الأشهر، وربما يتم إلغاء العقود لتجنب العقوبات، وبالنسبة للسوريين، من المرجح أن تكون العقوبات على إعادة الإعمار وعلى النفط والغاز أكثر حدة.

—————————

الحكومة السورية توقف أكبر مُستنزف للدولار عشية تطبيق «قيصر»/ كامل صقر

أوقفت الحكومة السورية صناعة تجميع السيارات التي تستنزف ملايين الدولارات نحو خارج البلاد لكونها صناعة تعتمد على استيراد مكونات السيارات من الصين وكوريا الجنوبية بالقطع الأجنبي ويتم تجميعها في مصانع يملكها رجال أعمال سوريين منهم سامر الفوز.

الحكومة السورية اتهمت أصحاب هذه المعامل بأنهم استنزفوا الدولار من داخل سورية على مدى السنوات الثلاث الماضية عبر شراء أجزاء السيارات من الخارج، وتقول الحكومة أن استيراد أصحاب المصانع مكونات السيارات تسبب بخسارة 80 مليون دولار شهرياً أي أكثر من مليار دولار سنوياَ، وهذا الرقم يعني أن صناعة تجميع السيارات ساهمت في انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار.

لكن شركات تجميع السيارات نفت أن تكون قد استنزفت الدولار وقالت ان أرقام الحكومة مبالغ فيها وغير حقيقية وان استيراد قطع السيارات لا يستنزف 80 دولار شهرياً، وكشفت تلك الشركات أن استيراد مكونات السيارات استلزم خلال ثلاثة أعوام ماضية فقط 70 مليون دولار. وقالت الشركات أنها لم تكن تأخذ القطع الأجنبي من مصرف سورية المركزي، لكن مراقبين يقولون ان أصحاب المعامل كانوا يسحبون حاجتهم من الدولار من السوق السوداء وأن ذلك ساهم بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية.

————————

لوموند: “قانون قيصر” سيُعلق حركة تطبيع دول عربية مع دمشق في مقدمتها أبوظبي والقاهرة/ آدم جابر

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن العقوبات الأمريكية الجديدة التي تضمنها “قانون قيصر” الذي دخل حيز التنفيذ اليوم تعد أقصى ضغط على نظام بشار الأسد، باعتبار أن الخطوة تهدد بوضع سوريا التي مزقتها الحرب على حافة الاختناق. وأشارت الصحيفة إلى أن الدول الأكثر إحراجا بسبب “قانون قيصر” هي لبنان والإمارات العربية المتحدة ومصر، التي تربطها علاقات اقتصادية مع سوريا.

وأوضحت الصحيفة أن لبنان الغارق في أزمة مالية خانقة مستهدف ضمناً بالتصعيد الاقتصادي الأمريكي، حيث إن واشنطن لا تثق بالحكومة في بيروت بسبب الدعم الذي تتلقاه من جماعة حزب الله، الموالية لإيران، والتي تشارك عسكريا في سوريا، إلى جانب القوات الموالية للنظام. وتنقل الصحيفة عن مصدر دبلوماسي أوروبي لم تذكر اسمه قوله: “ترامب يريدُ أن يضرب عصفورين بحجر واحد. قانون قيصر سيؤثر على بلدين على حافة الهاوية.

أما بالنسبة لأبوظبي والقاهرة، المؤيدين لعودة دمشق إلى الجامعة العربية، واللتين بدأتا في إعادة الاستثمار في سوريا تحسبا لإعادة أعمارها، فاعتبرت “لوموند” أنهما قد تضطران إلى التراجع ومراجعة حساباتهما بسبب عقوبات “قانون قصير”. ورأى المصدر الدبلوماسي الأوروبي سالف الذكر أن “النص الأمريكي من شأنه تعليق حركة تطبيع الدول العربية مع دمشق”.

وتابعت “لوموند” القول إن تداعيات “قانون قيصر” الأمريكي بدأت تظهر، إذ يدفع الخوف من “الدركي” الأمريكي عددا متزايدا من الفاعلين الاقتصاديين الأجانب إلى أخذ مسافة من السوق السورية.

واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن القلق يبدو أكثر حتى من “قانون قيصر” الأمريكي. فمن الناحية النظرية، يمكن للرئيس دونالد ترامب تعليق عقوباته إذا استوفت الحكومة السورية قائمة من سبعة معايير. لكن بعض هذه المطالب غير واقعية للغاية، مثل محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب -والتي قد تعني ضمنيا أن النظام يحاكم نفسه بنفسه- لدرجة أنه من العبث تخيل إمكانية إلغاء “قانون قيصر” قبل 2025.

—————————-

أول أيام”قيصر”:دولار دمشق ب3000 والمركزي يرفع سعره الرسمي

واصلت العملة السورية انخفاضها أمام العملات الصعبة الأربعاء، بينما كان لافتاً تسجيل فروق كبيرة في سعر الدولار بين منطقة وأخرى، وبين سعري البيع والشراء بشكل غير مسبوق، مع دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ، فيما أعلن البنك المركزي السوري رفع سعر الصرف الرسمي.

وأوضح المركزي السوري في بيان، أن التعديل الذي تم بموجبه رفع سعر الدولار من 700 إلى 1256 ليرة سورية، جاء بعد دراسة المؤشرات الاقتصادية والمعطيات السائدة “بغرض الوصول إلى سعر توازني يهدف إلى ردم الفجوة بين سعر السوق وسعر الحوالات وجذبها عبر الطرق الرسمية الآمنة”.

وقال إن الظروف التي يمر بها الاقتصاد السوري نتيجة “تشديد الإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب على الشعب السوري”، عبر قانون “قيصر” إضافة إلى استمرار الأزمة الاقتصادية في لبنان التي أدت إلى زيادة الطلب على القطع الأجنبي في السوق السورية.

وفي السوق السوداء، بلغ سعر العملة السورية أمام الدولار في دمشق 3000 للمبيع و2800 للشراء، بينما في حلب سجل سعر البيع 2850 وسعر الشراء 2650 ليرة.

وفي إدلب التي كانت حتى مطلع حزبران/يونيو تسجل أفضل أسعار الليرة، تابع الدولار ارتفاعه عن بقية المناطق، وهو ارتفاع نسبي عن المحافظات الأخرى بدأ يلاحظ منذ عشرة أيام، حيث سجل 2900 للمبيع و2775 للشراء أمام الليرة.

وحول سبب الفرق الكبير بين سعري البيع والشراء، يرى الخبير الاقتصادي السوري أنس سالم أن هذا الفرق غير منطقي في الحالات العادية فعلاً، لكن الأمر طبيعي في ظل الانهيار المتواصل في قيمة الليرة، فالتاجر يضع هامش ربح يجنبه الخسارة التي قد يتسبب بها تواصل انخفاض سعر الصرف، بينما لو كانت الليرة مستقرة لما تجاوز الفرق بين سعري البيع والشراء حدود الخمسين ليرة.

وعن أسباب تسجيل فروق في أسعار صرف الليرة بين المناطق والمحافظات السورية، يؤكد سالم مجدداً أن هذه الظاهرة منطقية أيضاً، في ظل الظروف غير المنطقية التي تعيشها البلاد والعملة المحلية. ويضيف أن فرق سعر الصرف بين المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام، كما هو حاصل في دمشق وحلب على سببل المثال، يرجع لأسباب عدة، أهمها العرض والطلب، ومدى توفر الدولار في كل محافظة، ومدى تشدد النظام في تطبيق الإجراءات التي أعلن عنها البنك المركزي مؤخراً للحد من نشاط السوق السوداء ونقل الأموال.

وعن سبب تسجيل الليرة أسوأ الأسعار في محافظة إدلب، يعتبر سالم أن إدلب وبقية المناطق الخارجة عن سيطرة النظام يدخلها الدولار بشكل أكبر من مناطق سيطرة النظام، ومع بدء التعامل بالليرة التركية في مناطق سيطرة المعارضة سيتم الاستغناء بشكل متزايد عن الليرة السورية، وبالتالي يقل الطلب عليها فتتعرض لانخفاض أكبر مقارنة بمناطق النظام.

وفي السياق، أعلن مصرف سوريا المركزي رفع سعر الحوالات المالية القادمة من الخارج بمقدار 550 ليرة سورية، في خطوة لحصر الحوالات ومنع تحويلها عبر “السوق السوداء”.

وبحسب نشرة المصرف المركزي الصادرة الأربعاء، رفع المصرف سعر الحوالات المالية الشخصية الواردة من الخارج من 700 ليرة إلى 1250 ليرة للدولار الواحد.

——————————

واشنطن تذكّر بـ”قيصر”: تحذير للشركات وتجاهل للحكومات؟

حذرت واشنطن، الشركات، من التعامل مع النظام السوري و”إثرائه”، ما يمكّنه من “تغذية حملات العنف التي قتلت مئات آلاف المدنيين”، متعهدة بمواصلة تلبية الاحتياجات الانسانية للشعب السوري.

وعشية دخول قانون “قيصر” حيّز التنفيذ، أعادت سفارة الولايات المتحدة في بيروت التذكير بمواد قانون قيصر عبر منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي.

    سُمي على اسم المصور السوري الشجاع الذي شارك مع العالم آلاف الصور التي توثق التعذيب في سجون الأسد، فما هو قانون قيصر الذي وقّع عليه الرئيس ترامب في 20 ديسمبر 2019؟ #قانون_قيصر pic.twitter.com/PZH334B50U

    — الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) June 14, 2020

ويسلّط المنشور الضوء على تحذيرات موجهة للشركات التي تتعامل مع النظام السوري، من غير الاتيان على ذكر الحكومات التي يمكن أن ينقسم الخبراء بين من يتوقع منعها من التعامل مع النظام، وبين من يتوقع استثناءات لبعض الدول المجاورة لسوريا، وهو ما سيتم التثبت منه غداً.

وتضمّن المنشور: “يوفّر قانون قيصر للحكومة الأميركية آليّة قويّة لمحاسبة النظام السوري على فظائعه، وبموجبه لا ينبغي على ايّ شركة أجنبيّة الدخول في عمل مع هذا النظام أو إثرائه”، مُضيفاً: “يحرم نظام الأسد من الموارد الماليّة لتغذية حملات العنف التي قتلت مئات الآلاف من المدنيّين”.

وأعادت السفارة نشر تغريدة للخارجية الاميركية تؤكد فيها انه “مع دخول العقوبات حيز التنفيذ بموجب قانون قيصر، تواصل الولايات المتحدة التزامها بضمان وصول الدعم الإنساني الدولي للمدنيين الموجودين في سوريا من خلال التنسيق الوثيق بين الشركاء الدوليين”.

    مع دخول العقوبات حيز التنفيذ بموجب قانون قيصر، تواصل الولايات المتحدة التزامها بضمان وصول الدعم الإنساني الدولي للمدنيين الموجودين في سوريا من خلال التنسيق الوثيق بين الشركاء الدوليين. #قانون_قيصر pic.twitter.com/ElDGEktfrr

    — الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) June 16, 2020

—————————-

في حضرة قيصر.. الأسد ملزم بتغيير سلوكه أو الإطاحة به

المعارضة السورية “المشتتة” أمام تحدي الاستثمار في “سيزر”.

دمشق – يحبس السوريون في مناطق سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد أنفاسهم مع دنو سيف قيصر الأميركي والذي يتوقع أن يكون له تأثير مدو لاسيما على الوضعين الاقتصادي والمالي المتدهورين بطبعهما في سوريا، جراء الصراع المندلع في هذا البلد منذ العام 2011، وما خلفه من دمار في البنية التحتية، واستشراء للفساد وسوء التسيير.

ويقول معارضون وموالون على حد السواء إن هذا القانون الذي تنسب تسميته لأحد المنشقين عن الشرطة العسكرية السورية كان سرب الآلاف من صور التعذيب في معتقلات وسجون النظام، ما بعده لن يكون كما قبله لجهة حزمة العقوبات الواسعة التي يضمها والتي لا تستهدف فقط النظام بل كل طرف يقدم الدعم العسكري واللوجستي والاقتصادي له.

ويطرح القانون الذي تمت المصادقة عليه من قبل الكونغرس بغرفتيه ووقعه الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر الماضي ومن المنتظر أن يدخل حيز التطبيق خلال ساعات، أسئلة تبدو مشروعة لجهة ما إذا كان هذا القانون يستهدف فعلا إجبار الرئيس السوري بشار الأسد على تغيير سياسته والقبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات بناء على القرارات الأممية لاسيما القرار رقم 2254 أم أن الهدف منه

—————————–

ما هي تداعيات قانون قيصر على الاقتصاد في سوريا؟

محللون يرون أن العقوبات ستفاقم علل الاقتصاد الأمر الذي يرفع معدل السوريين تحت خط الفقر.

بيروت – يدخل قانون العقوبات الأميركي المعروف باسم قيصر حيز التنفيذ ليشكل آخر خطوات واشنطن في معركتها الاقتصادية على النظام السوري المتهم بارتكاب انتهاكات واسعة خلال تسع سنوات من الحرب ويأمل اليوم في انطلاق ورشة إعادة الإعمار.

وإذا كانت العقوبات الجديدة وهي الأكثر قساوة على سوريا ستفاقم سوءاً الاقتصاد المنهك أساساً، فإن المواطنين سيكونون أولى الضحايا، وفق محللين في ظل تساؤلات حول مدى تحقيق قانون قيصر أهدافه ومدى تأثيره على الشعب وتداعياته على الدول المجاورة.

ليست العقوبات جديدة على سوريا، إذ عرقلت الإجراءات الأميركية والأوروبية على حد سواء منذ سنوات قدراتها الاقتصادية، بعدما طالت شركات ورجال أعمال وقطاعات مختلفة.

لكن القانون الجديد يوسّع دائرة الاستهداف لتطال أذرعته أيضاً، عدا عن مسؤولين سوريين، كل شخص أجنبي يتعامل مع الحكومة السورية وحتى الكيانات الروسية والإيرانية في سوريا. ويشمل مجالات عدة من البناء إلى النفط والغاز.

وينص القانون على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري إذا ثبت أنه “مؤسسة مالية أساسية في عمليات تبييض الأموال”.

ويقول إدوارد ديهنيرت من وحدة “ذي إكونوميست” للبحوث والمعلومات “لا يزال على الولايات المتحدة أن توضح أين وإلى أي حدّ سيتم تطبيق العقوبات، لكن من الممكن القول إن قطاعات العقارات والإعمار والطاقة والبنى التحتية ستتأثر بشكل خاص”.

وتشترط واشنطن لرفع العقوبات، وفق القانون، اجراءات عدة بينها محاسبة مرتكبي “جرائم الحرب” ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين.

ويرى ديهنيرت أن القانون “يُعدّ ظاهرياً آخر محاولة في جهود الولايات المتحدة لفرض تسوية سياسية  والإطاحة بـالرئيس بشار الأسد”. إلا أنه يشرح في الوقت ذاته أن ذلك “لن يحدث في أي وقت قريب، كون موقع الأسد حالياً مضموناً”. فهو يحظى بدعم إيران وروسيا ويسيطر بفضلهما على أكثر من 70 في المئة من مساحة البلاد.

وبالنتيجة، سيكتفي القانون بـ”عرقلة قدرة النظام وأزلامه على الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي ستوفرها عملية إعادة الإعمار” المكلفة.

ويرجّح ديهينرت أن واشنطن “ستنجح إلى حد ما في مساعيها، فقد صُممت العقوبات لإبقاء نظام الأسد منبوذاً، وسيكون تهديدها باتخاذ خطوات عقابية كافياً لإخافة غالبية تدفقات الاستثمارات الخارجية”.

ومن دون استثمارات ودعم خارجي، ستعاني دمشق لإطلاق إعادة الإعمار.

نددت دمشق بالقانون وقالت إنه سيفاقم معاناة المدنيين في ظل اقتصاد مستنزف.

ويرى محللون أن الخشية من القانون، حتى قبل أسبوعين من تنفيذه، ساهمت إلى حدّ كبير في الإنهيار التاريخي لليرة التي تخطى سعر صرفها خلال أيام قليلة عتبة الثلاثة آلاف مقابل الدولار في السوق الموازية.

وستفاقم العقوبات، وفق ديهنيرت، “علل” الاقتصاد و”للأسف سيكون الشعب أكثر من سيعاني”وسيرتفع معدل السوريين تحت خط الفقر.

ويعيش أكثر من 80 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 في المئة منذ مايو 2019، بحسب برنامج الأغذية العالمي.

ويتوقّع الباحث الاقتصادي أن تشهد البلاد “نقصاً في المواد الضرورية، وبالتالي سترتفع الأسعار وسيعاني السوريون من تآكل أكبر في قدراتهم الشرائية مع تراجع في فرص العمل” خصوصاً أن القدرة على استيراد السلع، وبينها المواد الغذائية والوقود، ستصبح أكثر تعقيداً.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة أساساً منذ نحو عامين أزمة وقود حادة وساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي.

وتصف هبة شعبان (28 عاماً)، طالبة الدراسات العليا في جامعة دمشق، قانون قيصر بأنه “وجه آخر للحرب”.

وتقول “عانينا كثيراً من العقوبات المفروضة حالياً، والتي تجددت وتتجدد، وتتسبب بشكل أو بآخر بارتفاع أسعار المواد التموينية”. وتسأل “لكن هل سنشهد هذه المرة ليال باردة شتاء وحارة صيفاً جراء انقطاع الكهرباء؟”.

ولعل أكثر ما يثير خشية حسان توتنجي، مدير مستوصف في دمشق القديمة، هو أن تضع العقوبات “قيوداً على استيراد المعدّات والآلات التي يحتاجها أي مركز طبي والمواد الأولية الضرورية لصناعة الأدوية” في ظل شحّ عدد منها وارتفاع أسعارها مؤخراً.

تستهدف العقوبات نفوذ إيران وروسيا في سوريا، في وقت تسعى الدولتان لتعزيز حضورهما في الاقتصاد وإعادة الإعمار. إلا أن النتائج قد لا تأتي على قدر آمال واشنطن نظراً لخبرة موسكو وطهران في الإلتفاف على عقوبات اعتادتا عليها.

ولا يستبعد ديهينرت أن يكون “للإجراءات تأثير عكسي، إذ عبر إبعاد حركة الاستثمارات التقليدية، تُقلل الولايات المتحدة من التنافس على فرص الاستثمار في سباق تتفوق فيه روسيا وإيران أساساً”.

أمّا لبنان، البلد الذي لطالما شكّل رئة سوريا خلال الحرب وممراً للبضائع ومخزناً لرؤوس أموال رجال أعمالها، فقد يشهد تدهوراً أكبر في اقتصاده المنهار أساساً إذا لم تستثنه العقوبات.

وتدرس لجنة وزارية تداعيات العقوبات على اقتصاد البلاد المنهك.

ويُرجّح أن تنعكس العقوبات، وفق ديهينرت، على عمل شركات البناء اللبنانية في السوق السوري وشركات النقل، عدا عن أن قدرة لبنان على تصدير المنتجات الزراعية عبر سوريا إلى الدول العربية ستصبح محدودة.

ويستنتج الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هيكو ويمان أنّ القيام بأعمال تجارية مع سوريا “سيصبح أكثر صعوبة وخطورة، وبالتالي فإن احتمال أن يُدخل أي شخص أموالاً للاستثمار أو لأعمال تجارية سيتراجع وقد لا يكون ممكناً”.

——————————–

القانون دخل حيز التنفيذ بقوة بمزيد من العقوبات والحصار

طهران مع دمشق ضد “القيصر” الأميركي

مع دخول قانون (قيصر) الأميركي حيّز التنفيذ في سوريا رسمياً، اليوم الأربعاء، وأصبح هذا البلد تحت الحصار الاميركي الكامل أكثر من أي وقت مضى، أعلنت طهران على لسان وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف من موسكو، وقوفها الى جانب دمشق، في مواجهة القانون.

وأعرب ظريف أعرب عن القلق “بشأن محاولات واشنطن زيادة الضغوط على سوريا”، مؤكداً خلال محادثات مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، يوم الثلاثاء، أن بلاده لديها اعتقاد قوي بأن “الولايات المتحدة تفعل كل شيء لزعزعة استقرار المنطقة”.

وقال ظريف: “نحن قلقون بشأن بعض التطورات السياسية والاقتصادية… العقوبات والضغوط الأميركية تؤثر في الشعب السوري. ويجب أن نتأكد من أن الولايات المتحدة… لن تحقّق أهدافها”.

ونقلت وكالة (سبوتنيك) عن وزير الخارجية الإيراني قوله: “تعمل مع الأصدقاء لتطوير الوضع الاقتصادي… لسوريا خط ائتماني في إيران، وسنفعّل كل وسائل التعاون”.

وتأتي تصريحات ظريف، في الوقت الذي تشق فيه ناقلة نفط إيرانية طريقها نحو السواحل السورية، فيما يجري الحديث عن تجهيز ناقلات إيرانية أخرى في الأيام المقبلة.

القانون

يذكر قانونُ قيصر لحماية المدنيين في سوريا هو اسمٌ للعديد من مشاريع القوانين المقترحة من الحزبين في الكونغرس الأميركي موجّهة ضد الحكومة السورية.

ويستهدفُ مشروع القانون أيضًا الأفراد والشركات الذين يقدمون التمويل أو المساعدة لرئيسِ سوريا، كما يستهدفُ عددًا من الصناعات السورية بما في ذلك تلك المُتعلِّقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة عدى عن استهدافهِ للكثير من الكيانات الإيرانية والروسية التي تقدّم الدعم لحكومة الأسد خلال الحرب الأهلية السورية.

وكان مجلسُ الشيوخ القانون في منتصف ديسمبر 2019 ومع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب فقد أصبح قانونا نافذ، ما يعني البدء فعليًا في فرضِ العقوبات على الكيانات التي تتعامل مع الحكومة السورية ووكالاتها العسكرية والاستخبارية.

وسُمِّي مشروع القانون هذا باسمِ (قيصر) نسبةً لشخصٍ مجهولٍ قال أنّه سرّب معلومات وصور لضحايا “تعذيب” في سوريا بين عامي 2011 و2014.

وأثارت صور قيصر حين نشرها ضجّة وجدلًا كبيرين، بل طالبت هيومن رايتس ووتش بالتحقيق في تقرير قيصر ثمَّ أصدرت تقريرًا إضافيًا بعنوان “إذا كان الموتى يستطيعون الكلام”، وفيه عُرضت أدلة فوتوغرافية من تقرير قيصر كما عُرضت تلكَ الأدلة في متحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة وفي الأمم المتحدة.

————————

ضمن عشرات الأشخاص والكيانات المرتبطة بالنظام السوري، واشنطن تفرض عقوبات على أسماء الأسد

فرضت الولايات المتحدة الأربعاء عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء من ضمن عشرات الأشخاص والكيانات المرتبطة بالنظام السوري، متوعدة بمواصلة حملتها الواسعة للضغط على دمشق في إطار ما يعرف بـ”قانون قيصر”.

وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان “نتوقع العديد من العقوبات الإضافية ولن نتوقف إلى حين توقف الأسد ونظامه عن حربهما الوحشية غير المبررة ضد الشعب السوري”.

ووصف العقوبات بأنها “بداية ما سيكون حملة متواصلة من الضغوط الاقتصادية والسياسية لحرمان نظام الأسد من العائدات والدعم الذي يستخدمه لشن الحرب وارتكاب فظائع واسعة النطاق بحق الشعب السوري”.

وجاءت تصريحات بومبيو في إطار إعلانه دخول “قانون قيصر”، الذي يفرض عقوبات على أي شركات تتعامل مع الأسد، حيّز التنفيذ. ويذكر أن القانون هزّ الاقتصاد السوري الهش أصلا حتى قبل بدء تطبيقه.

وتستهدف المجموعة الأولى من العقوبات 39 شخصا أو كيانا، بمن فيهم الرئيس السوري نفسه وزوجته أسماء. وهذه المرة الأولى التي يتم فيها استهداف أسماء الأسد بعقوبات أميركية.

وينص القانون على تجميد أي أصول للشخصيات المستهدفة في الولايات المتحدة.

وأشار بومبيو في بيانه إلى أن أسماء الأسد “أصبحت من اشهر المستفيدين من الحرب في سوريا”.

————————-

العقوبات الأميركية الجديدة تبدأ اليوم ضد النظام السوري

خبراء في واشنطن يتوقعون ضغوطاً كبيرة على موسكو وطهران

واشنطن: رنا أبتر

يدخل اليوم «قانون قيصر» حيز التنفيذ حيث يتوقع خبراء أن تسقط عقوباته كالصاعقة على رؤوس كل من يمد يد العون للنظام السوري، ذلك أن القانون «لن يرحم النظام وحلفاءه وأن نتائجه ستكون وخيمة وقاسية على الأفراد والمجموعات التي تتعامل مع نظام الأسد».

وكان المشرعون والخبراء الأميركيون أعدوا مسودة القانون على نار هادئة على مدى 6 أعوام، عدلوا فيها من بنوده وتشاوروا مع خبراء في الشأن السوري من كل الأطياف والبلدان لينتجوا نص قانون متكامل وعقوبات فُصلت على مقاس كل من تستهدفه الإدارة.

وقد رُسمت علامات الاستهداف بشكل أساسي على بلدين أرقا نوم المشرعين منذ زمن: إيران وروسيا إضافة إلى وكلائهما في المنطقة. والرسالة واضحة: تعاونوا مع النظام وستسقط عليكم العقوبات من دون رحمة.

ويفسر النائب الجمهوري مايك مكول، وهو من عرابي «قانون قيصر»، استراتيجية المشرعين فيقول: «نحن نرسل رسالة قوية لبلدان كإيران وروسيا تقوي وتدعم حرب نظام الأسد الوحشية والمستمرة التي يشنها على الشعب السوري، وذلك عبر فرض عقوبات عليها».

ويشير مكول إلى أن عزمه على تمرير القانون منذ العام 2014 يعود إلى التأثير الكبير للصور المروعة التي عرضها المدعو «قيصر» أمام الكونغرس والتي أظهرت جثثاً لسوريين تم تعذيبهم بوحشية من قبل النظام، بينهم أطفال ونساء. حينها، بدأ مكول وزملاؤه بكتابة نص القانون الذي أطلق عليه اسم «قيصر» تيمناً بالمصور العسكري الذي انشق عن النظام وهرب أكثر من 55 ألف صورة توثق جرائم الأسد في السجون والمعتقلات في البلاد. ويتحدث مكول عن قيصر ويقول: «التقيت به ورأيت صوراً مروعة ذكرتني بجرائم الهولوكوست، وكان من الصعب علي أن أصدق أن ما يجري في سوريا يحدث في أيامنا هذه. حينها علمت أنه من المهم جداً أن نعاقب النظام الوحشي وحلفاءه».

– إغلاق الفجوات

وفي ظل وجود عقوبات كثيرة سابقة على النظام السوري من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سعى المشرعون إلى إغلاق الفجوات في العقوبات السابقة التي ركزت بشكل أساسي على المسؤولين السوريين وقطاع النفط، وذلك من خلال فرض عقوبات جديدة تستهدف كل من يتعامل مع مصرف سوريا المركزي وقطاعي الطاقة والطيران، إضافة إلى البلدان والشركات التي تسعى إلى المساهمة في جهود إعادة الإعمار في سوريا.

ويهدف القانون إلى ثني الشركات والأفراد عن الاستثمار في سوريا والمشاركة في جهود إعادة الإعمار التي تقودها الحكومة السورية، إذ أن الإدارة الأميركية تعتبر أن الأسد يستغل مشاريع إعادة الإعمار لتعزيز موقعه في السلطة ومصادرة الأملاك وإعادة رسم التركيبة السكانية عبر انتزاع ملكية الفقراء. في هذا الإطار، حذر أعضاء الكونغرس المجتمع الدولي «من مد يد العون لنظام الأسد»، فهم لا يرون «مستقبلاً لسوريا مع الأسد في سدة الحكم»، وقد أصدروا بياناً تحذيرياً قاسي اللهجة قالوا فيه: «الشعب السوري عانى كثيراً في ظل حكم الأسد وداعميه. على الإدارة أن تسعى إلى تطبيق صارم لقانون قيصر لتوضح للنظام السوري وحلفائه أن الأسد شخص منبوذ، ولن يتم النظر إليه كقائد شرعي للبلاد. نحث المجتمع الدولي على عدم التعامل اقتصاديا أو دبلوماسيا مع نظام الأسد المجرم تحت طائلة العقوبات». ويظهر هذا البيان التكاتف الحزبي القوي على تطبيق عقوبات قيصر بحذافيرها، ليس بحق إيران وروسيا فحسب، بل تجاه كل بلد أو فرد يسعى للتعامل مع النظام.

وفي ظل التدهور اليومي لليرة السورية مقابل الدولار وانهيار الاقتصاد في كل محاوره، تستعد سوريا لوقع الضربة، واعتبر المبعوث الأميركي الخاص لسوريا جيمس جيفري أن تدهور الليرة دليل على نجاح السياسات الأميركية حتى قبل تطبيق القانون. وقال: «إن انهيار الليرة السورية يثبت أن روسيا وإيران لن تتمكنا من مساعدة نظام الأسد وأن النظام هو نفسه لن يتمكن من إدارة سياسة اقتصادية فعالة بعد اليوم، ولن يتمكن من تبييض الأموال في المصارف اللبنانية».

ويعكس كلام جيفري خلاصة العقوبات الجديدة، إذ أن الإدارة الأميركية حددت ثلاثة محاور تستهدفها العقوبات: النظام السوري ومؤسساته، النظام الروسي والمسؤولين فيه، والنظام الإيراني ووكلاءه.

– توسيع العقوبات

ويسعى «قانون قيصر» إلى توسيع نظام العقوبات السابق عبر استهداف المؤسسات الحكومية السورية، والأفراد، من مدنيين ومسؤولين، الذين يمولون النظام السوري وروسيا وإيران. كما يفرض عقوبات على أصحاب الشركات الأجنبية التي تجمعها صلات بالأسد وحلفائه.

وبحسب نص القانون، سوف تُفرض هذه العقوبات على أي شركة عالمية أو فرد يستثمر في قطاعي الطاقة أو الطيران، وكل من يزود الخطوط الجوية السورية بقطع غيار وصيانة إضافة إلى كل من يقدم ديوناً للنظام.

ويفرض القانون عقوبات على أي حكومة أو مجموعة تُسهل من صيانة أو توسيع إنتاج الحكومة السورية المحلي للغاز الطبيعي والبتروليوم ومشتقاته. كالشركات الروسية والإيرانية الخاصة التي تحاول استغلال الحرب للسيطرة على موارد سوريا الطبيعية وبنيتها التحتية. كما ستشمل العقوبات مصرف سوريا المركزي، إذا ما ثبت أنه يشارك في عمليات غسل أموال.

ويقترح القانون فرض عقوبات متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان على مسؤولين سوريين بدءاً من الرئيس السوري ورئيس الوزراء ونائبه، مروراً بقادة القوات المسلحة البرية والبحرية ومسؤولي الاستخبارات، ووصولاً إلى المسؤولين في وزارة الداخلية من إدارة الأمن السياسي والمخابرات والشرطة، وقادة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، والمسؤولين عن السجون التي يسيطر عليها النظام ورؤساء الفروع الأمنية كافة.

وكما هي الحال في عقوبات من هذا النوع، سيكون أصعب تحدٍ أمام الإدارة الأميركية هو السيطرة على تأثيرها على المدنيين، لذلك أضاف المشرعون بنوداً تستثني المساعدات الإنسانية من العقوبات، عبر إعطاء الرئيس الأميركي الصلاحية بعدم فرض العقوبات على المنظمات غير الحكومية التي توفر المساعدات الإنسانية لسوريا.

– ضربة جديدة

ورغم هذه الاستثناءات، يتخوف البعض من أن الأوضاع المعيشية المتدهورة أصلاً في سوريا لن تتمكن من استيعاب أي ضربة جديدة جراء العقوبات، خاصة أنها ستحول دون إعادة تأهيل البنى التحتية وإصلاح خدمات أساسية أخرى. وفي حال إصرار الأسد على البقاء في الحكم، وهو سيناريو محتمل يقلق منه المشرعون، سيكون من الصعب السيطرة على تأثير العقوبات على السوريين الذين يعيش نحو 80 في المائة منهم اليوم تحت خط الفقر.

إضافة إلى ذلك، سيظهر التأثير الأبرز لهذه العقوبات على قطاع الغاز والنفط المتأزم أصلاً بسبب العقوبات السابقة. فسوريا تستورد نحو 60 في المائة من احتياجاتها المحلية للغاز، لكنها بالكاد تستطيع تأمين 24 في المائة من احتياجات سكانها في الوقت الحالي.

ولا يعني دخول القانون حيز التنفيذ، أن رفع العقوبات غير مطروح لكن بشروط، إذ يشدد القانون على انفتاح الولايات المتحدة على الحل الدبلوماسي من خلال تسوية أساسها تنحي نظام الأسد، ووقف دعم روسيا وإيران له. وفي هذا الإطار يضع القانون شروطاً ستة لرفع العقوبات الأميركية، هي: «وقف قصف المدنيين من قبل الطائرات الروسية والسورية، رفع الحصار عن المناطق المحاصرة من قبل القوات الإيرانية والروسية والسورية والسماح بمرور المساعدات الإنسانية وبتحرك المدنيين بحرية، إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والسماح بدخول منظمات حقوق الإنسان إلى السجون والمعتقلات السورية، وقف قصف المراكز الطبية والمدارس والمناطق السكنية والتجمعات المدنية كالأسواق من قبل القوات السورية والإيرانية والروسية، والمجموعات التابعة لها، عودة المهجرين السوريين بطريقة آمنة وإرادية ومحترمة ومحاسبة مرتكبي جرائم حرب في سوريا وإحقاق العدالة لضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري».

وستكون الأشهر القادمة حاسمة في تقييم هذه العقوبات وتحديد فعاليتها، وستراقب الإدارة الأميركية بحذر أي تغيير في الموقف الروسي الداعم للأسد، آملة أن «تؤدي العقوبات إلى رفع الغطاء كلياً عن النظام، وإلى إفلاس النظام الإيراني ووكلائه في المنطقة»، حسب محللين في واشنطن.

الشرق الأوسط

—————————

 ما الجديد في العقوبات وكيف سيتأثر بها المواطن السوري؟

يبدأ اليوم سريان أقسى العقوبات الأميركية على سوريا، بما يزيد الضغوط على الرئيس بشار الأسد، وهو يصارع أزمة اقتصادية متصاعدة بعد حرب في عامها العاشر. وتقول واشنطن إن العقوبات ستساعد في محاسبة الأسد وأنصاره على جرائم حرب، في صراع سقط فيه مئات ألوف القتلى. أما دمشق فتقول إن العقوبات تصعيد للحرب الاقتصادية على مواطنيها.

> ما الذي سيتغير؟

تخضع سوريا بالفعل لعقوبات تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، جمدت أرصدة الدولة ومئات من الشركات والأفراد. وتحظر واشنطن بالفعل على الأميركيين تصدير أي سلع إلى سوريا، أو الاستثمار فيها، كما تحظر الصفقات التي تشمل منتجات النفط والغاز. وتمنح العقوبات الجديدة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سلطات أوسع لتجميد أرصدة أي فرد أو طرف يتعامل مع سوريا، بغض النظر عن جنسيته، وتغطي عدداً أكبر بكثير من القطاعات من البناء إلى الطاقة.

كما يستهدف قانون العقوبات، للمرة الأولى، من يتعاملون مع كيانات روسية وإيرانية في سوريا، وهو ما يوجه ضربة لحلفاء الأسد. وربما يصف التشريع الجديد مصرف سوريا المركزي بأنه مصدر قلق أولي فيما يتعلق بغسل الأموال. ويمكن رفع العقوبات إذا ما لبت دمشق 6 مطالب، منها إنهاء قصف المدنيين، والإفراج عن عشرات الألوف من المعتقلين، والسماح بعودة اللاجئين «آمنين مكرمين».

> ما هو الأثر الاقتصادي؟

من المتوقع أن تعمل العقوبات على إثناء المستثمرين، بدرجة أكبر، عن دخول سوريا، وتعميق عزلتها عن النظام المالي العالمي. ويقول خبراء في الشأن السوري إن العقوبات تقضي على أمل سبق أن داعب دمشق وموسكو في بدء حملة عالمية لإعادة البناء قبل مرحلة انتقال سياسي ترضي الغرب.

ويقول مصرفيون إن لبنان الذي يعد معبراً تقليدياً للسلع والتمويل إلى سوريا سيتضرر بشدة، إذ ستضطر الأعمال التي تربطها صلات بدمشق إلى التعامل مع المخاطر الجديدة.

ويقول رجال أعمال إن شركاء أعمال آخرين في دول عربية أصابهم التوتر، وبدأوا يتخلون عن خطط للاستثمار في سوريا. كان شبح تطبيق العقوبات الجديدة أحد العوامل التي تسببت في انهيار العملة السورية في الآونة الأخيرة. كما أن أثرياء السوريين في الخارج سيمتنعون عن استثمار أموالهم في وطنهم.

ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية، تظهر أيضاً إمكانية حدوث موجة جديدة من الاضطرابات. وقد تجددت في السويداء في الآونة الأخيرة مظاهرات ندر أن تشهدها سوريا. وكانت السويداء من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة التي لم تشهد انتفاضة على الأسد في 2011.

> هل سيتضرر المواطن السوري العادي؟

يعفي القانون الجديد واردات السلع الغذائية الضرورية، وغيرها من ضرورات إنسانية، لكنه يشدد الفحص لمساعدات الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية لضمان عدم استفادة الحكومة السورية منها.

ورغم أن بعض المنظمات الغربية غير الحكومية ترى أن حكومة الأسد تستحق العقاب، فهي تخشى أن يلحق أي ضرر بالمدنيين.

——————

تجنّب بيروت آثار العقوبات مرتبط بتلبية شروط المجتمع الدولي للإصلاح

تداخل الاقتصادين يعمّق الأزمة في لبنان

واشنطن: إيلي يوسف

يفترض بـ«قانون قيصر» أنه مصمم لمعاقبة النظام السوري، إلى أن «يغير سلوكه ويذعن للدخول بمسار سلمي لحل سياسي في سوريا»، حسب ما يقول مسؤولون في الإدارة الأميركية. لكن التداخل الشديد بين لبنان وسوريا وارتباطهما بعشرات الاتفاقيات الثنائية التي وقعاها زمن الوصاية السورية المباشرة، جعلت من «نزلة البرد» في سوريا تطرح لبنان في الفراش، حسب قول خبراء.

لكن «قانون قيصر» كأداة قانونية قد لا يكون له الأثر المباشر على النظام السوري الواقع أصلا تحت العقوبات الأميركية، وبات خارج المنظومة المالية والاقتصادية الدولية منذ نحو 10 سنوات. كما أنه نجح أيضا في جر لبنان معه، الذي بدأ يخضع لعقوبات أميركية، فيما جعبة المشرعين الأميركيين تحفل بمشاريع قوانين يجري تحضيرها، وآخرها ما نشره «مكتب الدراسات الجمهورية» في الكونغرس الأميركي قبل أيام، رغم أن مسار تطبيقها لا يزال طويلا.

في الأساس «قانون قيصر» يريد إخراج إيران من سوريا، وإغلاق الممر المتصل من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق. وبما أنه لا يحدد بشكل واضح الكيانات والمؤسسات وحتى الأفراد الذين سيتعرضون لعقوباته، فالاستنسابية قد تكون هي الطاغية، حسب بعض الخبراء. ويقولون: «قدم يفرضها خبط عشواء، ما قد يؤدي إلى المزيد من الأضرار المعنوية قبل المادية، في ظل حالة من عدم اليقين ستعيشها تلك الكيانات والمؤسسات».

– حصة من الكعكة

بعض اللبنانيين كان يعد نفسه بقسم من «كعكة» المشاريع التي يمكن أن ينفذها في سوريا، فيما انهيار سعر صرف الليرتين السورية واللبنانية، طرح حقيقة المشكلة البنيوية التي يواجهها البلدان معا. ومع عدم ظهور أي مؤشرات إلى احتمال تطور المناقشات بين لبنان وصندوق النقد الدولي، الذي طلب من الدولة اللبنانية أن تولي أهمية إلى 3 ملفات: مؤسسة الكهرباء ومحاربة الفساد وإغلاق المعابر غير الشرعية، يبدو أن لبنان في طريقه إلى مضاعفة خسائره جراء بدء تطبيق «قانون قيصر». وبعدما خسر وسائد حمايته الداخلية والخارجية وعلى كافة المستويات المالية والاقتصادية، بات الخطر يهدد أيضا خسارته وعود مؤتمر «سيدر» بملياراته الـ11. مع انهيار الثقة بمنظومة الحكم القائمة وتردد المانحين في الدخول بمواجهات مع الولايات المتحدة، التي باتت أقرب إلى تصنيف لبنان كله، كجزء من منظومة حزب الله التابعة لإيران.

يقول بول سالم رئيس «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، إن قسما كبيرا من الانهيار الأخير الذي يشهده الوضع المالي والنقدي والاقتصادي في لبنان وسوريا، يعود إلى المخاوف من بدء تطبيق «قانون قيصر»، رغم عدم وضوح تفاصيله ومداه والجهات التي سيطالها. ويضيف سالم لـ«الشرق الأوسط»، أنه «مما لا شك فيه أن الاقتصادين مرتبطان والقانون يأزم الوضع بشكل إضافي، والقراءات في سوريا ستكون واسعة بما يؤدي إلى صعوبة التعامل مع الاقتصاد السوري والأخطار باتت كبيرة. لكن المؤسف أن النظامين قد لا يتأثران، والخوف هو على الشعبين اللبناني والسوري، والكلفة الاجتماعية في البلدين ستكون عالية ونحن نرى بوادر ذلك في الأسعار على الغذاء والدواء». ويضيف: «علينا ألا ننسى أن القانون وضعه الكونغرس واستغرق إعداده 3 سنوات، قبل توقيعه من ترمب، وهو ما يفرض علينا الفصل في التكتيكات التي ستتبعها واشنطن خصوصا أنه يعطي الرئيس سلطة إصدار قرارات تنفيذية خلال أشهر موسم الانتخابات، لمعرفة ما هي نتائجه وتأثير ذلك على القانون وتطبيقاته».

ويؤكد سالم على ضرورة الفصل بين «قانون قيصر» وحيثياته في الكونغرس، ومسار إقراره بعدما حصل على موافقة الحزبين بسبب بشاعة ما قام به النظام من جرائم، وبين ما صدر قبل أسبوعين عن لجنة الدراسة الجمهورية في الكونغرس من اقتراحات لمعاقبة لبنان. ويضيف: «رغم تشككي في حظوظ تحولها إلى قوانين تحظى في هذه المرحلة بإجماع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إلا أنه يجب عدم استبعاد حصول ذلك، مع الأخذ في الاعتبار الحملة الانتخابية الجارية وحاجة اليمين إلى أدوات مساعدة في السياسة الخارجية».

– التهريب

يلفت سالم إلى أنه رغم موقف الإدارة الأميركية المناهض لإيران و«حزب الله» وضيقها من الحكومة اللبنانية، إلا أنها لا تزال تعلن عن دعمها للبنان شرط قيامه بالإصلاح الاقتصادي والسياسي ومواجهة الفساد ذلك أن «واشنطن حتى الآن لم تنفض يدها من لبنان لكن المشكلة هي في الانهيار الاقتصادي والمالي والتي تعود أسبابه الرئيسية إلى سوء إدارة اللبنانيين، وليس فقط بسبب ارتباطنا بسوريا. أميركا أو حتى فرنسا لن تقوما بالتجوال في العالم لمنع انهيار لبنان، ولا توجد بطاقة أمان لمنع انهياره».

من ناحيته، يقول طوني بدران كبير الباحثين في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، إن «قضية التهريب المالية والسلع إلى سوريا تحولت إلى قضية بنيوية حولت لبنان إلى مركز أساسي لتفادي العقوبات على نظام الأسد، ذلك أن التاجر اللبناني عندما يستورد من الخارج، عليه الحصول على موافقات، وكل الوزارات وخصوصا مثلا وزارة الطاقة والمصارف، كانت تعلم أن طلبات الاستيراد أكبر بكثير من حاجة لبنان وأنها مخصصة لسوريا. والسوريون المقيمون في لبنان والذين أسسوا شركات لهذا السبب يعرفون أنهم يعملون لخدمة نظام الأسد. هذا كله سيتوقف مع «قانون قيصر» والمخالفون سيتعرضون للعقوبات».

يضيف بدران، «حتى الآن لا نعلم ما إذا كان سيكون هناك بعض الإعفاءات التي قد تمنح للبنان، كما جرى مع الأكراد في شمال سوريا أو كما جرى مع العراق». ويختم: «ما هو مؤكد أن إبعاد لبنان عن تأثيرات القانون مرهون بمدى استجابة الدولة اللبنانية لشروط المجتمع الدولي في تنفيذ الإصلاحات، لكن مع تضخم المناخ المناهض ضد لبنان عند الجمهوريين والتساؤلات عن أسباب استمرار تقديم المساعدات له، قد يستغل الصقور مناقشة موازنة الدفاع والخارجية للعام المقبل، ليطرحوا على الأقل المزيد من التحفظات، إذا لم يكن قطعا كاملا لها، لوضع شروط إضافية على تقديمها إلى لبنان. وهذا قد يصيب أيضا شروط الحصول على مساعدات مؤتمر «سيدر»، رغم أن آلياته السياسية ولمالية مختلفة».

—————————–

ما تأثيرات عقوبات «قانون قيصر» الأميركي على سوريا؟

يدخل قانون العقوبات الأميركي المعروف باسم قيصر حيز التنفيذ ليشكل آخر خطوات واشنطن في معركتها الاقتصادية على النظام السوري المتهم بارتكاب انتهاكات واسعة خلال تسع سنوات من الحرب ويأمل اليوم في انطلاق ورشة إعادة الإعمار.

وإذا كانت العقوبات الجديدة وهي الأكثر قسوة على سوريا ستفاقم سوءاً الاقتصاد المنهك أساساً، فإن المواطنين سيكونون أولى الضحايا، وفق محللين، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

هل يحقق قانون قيصر أهدافه؟ وما تأثيره على الشعب وتداعياته على الدول الحليفة والمجاورة؟

ليست العقوبات جديدة على سوريا، إذ عرقلت الإجراءات الأميركية والأوروبية على حد سواء منذ سنوات قدراتها الاقتصادية، بعدما طالت شركات ورجال أعمال وقطاعات مختلفة.

لكن القانون الجديد يوسّع دائرة الاستهداف لتطال أذرعته أيضاً، عدا عن مسؤولين سوريين، كل شخص أجنبي يتعامل مع الحكومة السورية وحتى الكيانات الروسية والإيرانية في سوريا. ويشمل مجالات عدة من البناء إلى النفط والغاز.

وينص القانون على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري إذا ثبت أنه «مؤسسة مالية أساسية في عمليات تبييض الأموال».

ويقول إدوارد ديهنيرت من وحدة «ذي إيكونوميست» للبحوث والمعلومات: «لا يزال على الولايات المتحدة أن توضح أين وإلى أي حدّ سيتم تطبيق العقوبات، لكن من الممكن القول إن قطاعات العقارات والإعمار والطاقة والبنى التحتية ستتأثر بشكل خاص».

وتشترط واشنطن لرفع العقوبات، وفق القانون، إجراءات عدة بينها محاسبة مرتكبي «جرائم الحرب» ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين.

ويرى ديهنيرت أن القانون «يُعدّ ظاهرياً آخر محاولة في جهود الولايات المتحدة لفرض تسوية سياسية والإطاحة بـ(الرئيس) بشار الأسد». إلا أنه يشرح في الوقت ذاته أن ذلك «لن يحدث في أي وقت قريب، كون موقع الأسد حالياً مضموناً». فهو يحظى بدعم إيران وروسيا ويسيطر بفضلهما على أكثر من 70% من مساحة البلاد.

وبالنتيجة، سيكتفي القانون بـ«عرقلة قدرة النظام وأزلامه على الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي ستوفرها عملية إعادة الإعمار» المكلفة.

ويرجّح ديهينرت أن واشنطن «ستنجح إلى حد ما في مساعيها، فقد صُممت العقوبات لإبقاء نظام الأسد منبوذاً، وسيكون تهديدها باتخاذ خطوات عقابية كافياً لإخافة غالبية تدفقات الاستثمارات الخارجية».

ومن دون استثمارات ودعم خارجي، ستعاني دمشق لإطلاق إعادة الإعمار.

نددت دمشق بالقانون وقالت إنه سيفاقم معاناة المدنيين في ظل اقتصاد مستنزف.

ويرى محللون أن الخشية من القانون، حتى قبل أسبوعين من تنفيذه، ساهمت إلى حدّ كبير في الانهيار التاريخي لليرة التي تخطى سعر صرفها خلال أيام قليلة عتبة الثلاثة آلاف مقابل الدولار في السوق الموازية.

وستفاقم العقوبات، وفق ديهنيرت، «عِلل» الاقتصاد و«للأسف سيكون الشعب أكثر من سيعاني» وسيرتفع معدل السوريين تحت خط الفقر.

ويعيش أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133% منذ مايو (أيار) 2019، حسب برنامج الأغذية العالمي.

ويتوقّع الباحث الاقتصادي أن تشهد البلاد «نقصاً في المواد الضرورية، وبالتالي سترتفع الأسعار وسيعاني السوريون من تآكل أكبر في قدراتهم الشرائية مع تراجع في فرص العمل» خصوصاً أن القدرة على استيراد السلع، وبينها المواد الغذائية والوقود، ستصبح أكثر تعقيداً.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة أساساً منذ نحو عامين أزمة وقود حادة وساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي.

وتصف هبة شعبان (28 عاماً)، طالبة الدراسات العليا في جامعة دمشق، قانون قيصر بأنه «وجه آخر للحرب». وتقول لوكالة الفرنسية: «عانينا كثيراً من العقوبات المفروضة حالياً، والتي تجددت وتتجدد، وتتسبب بشكل أو بآخر بارتفاع أسعار المواد التموينية». وتسأل: «لكن هل سنشهد هذه المرة ليالي باردة شتاءً وحارة صيفاً جراء انقطاع الكهرباء؟».

ولعل أكثر ما يثير خشية حسان توتنجي، مدير مستوصف في دمشق القديمة، هو أن تضع العقوبات «قيوداً على استيراد المعدّات والآلات التي يحتاج إليها أي مركز طبي والمواد الأولية الضرورية لصناعة الأدوية» في ظل شحّ عدد منها وارتفاع أسعارها مؤخراً.

وتستهدف العقوبات نفوذ إيران وروسيا في سوريا، في وقت تسعى الدولتان لتعزيز حضورهما في الاقتصاد وإعادة الإعمار. إلا أن النتائج قد لا تأتي على قدر آمال واشنطن نظراً لخبرة موسكو وطهران في الالتفاف على عقوبات اعتادتا عليها.

ولا يستبعد ديهينرت أن يكون «للإجراءات تأثير عكسي، إذ عبر إبعاد حركة الاستثمارات التقليدية، تُقلل الولايات المتحدة من التنافس على فرص الاستثمار في سباق تتفوق فيه روسيا وإيران أساساً».

أمّا لبنان، البلد الذي لطالما شكّل رئة سوريا خلال الحرب وممراً للبضائع ومخزناً لرؤوس أموال رجال أعمالها، فقد يشهد تدهوراً أكبر في اقتصاده المنهار أساساً إذا لم تستثنه العقوبات.

وتدرس لجنة وزارية تداعيات العقوبات على اقتصاد البلاد المنهك.

ويُرجّح أن تنعكس العقوبات، وفق ديهينرت، على عمل شركات البناء اللبنانية في السوق السورية وشركات النقل، عدا عن أن قدرة لبنان على تصدير المنتجات الزراعية عبر سوريا إلى الدول العربية ستصبح محدودة.

ويستنتج الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هيكو ويمان، أنّ القيام بأعمال تجارية مع سوريا «سيصبح أكثر صعوبة وخطورة، وبالتالي فإن احتمال أن يُدخل أي شخص أموالاً للاستثمار أو لأعمال تجارية سيتراجع وقد لا يكون ممكناً».

—————————–

قانون قيصر» الأميركي… رسالة مشروطة للأسد وحلفائه

يبدأ اليوم سريان «قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا للعام 2019»، المعروف بـ«قانون قيصر»، تكريما لمصور سوري اسمه السري «قيصر» ووثق بعدسته عشرات آلاف حوادث سوء معاملة وانتهاك لمواطنين سوريين على يد أتباع النظام السوري بعد اندلاع الاحتجاجات السلمية في ربيع 2011.

وتم تمرير هذا القانون بأغلبية ساحقة في كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب منذ ستة أشهر ووقعه الرئيس دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وكبير أعضائها ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب وكبير أعضائها في بيان في الـ8 من الشهر الجاري أولوية الكونغرس بـ«إنفاذ قانون قيصر بشكل قوي ومستدام بغرض توجيه رسالة إلى النظام وممكنيه مفادها أن الأسد لا يزال شخصا منبوذا». صحيح أن النظام السوري، عرضة لعقوبات أميركية وأوروبية يعود بعضها إلى ما قبل 2011. لكن هذا القانون سيزيد الضغوط على الأسد، وهو يصارع أزمة اقتصادية متصاعدة بعد حرب في عامها العاشر.

وتمنح العقوبات الجديدة الرئيس ترمب، سلطات أوسع لتجميد أرصدة أي فرد أو طرف يتعامل مع سوريا، بغض النظر عن جنسيته، وتغطي عدداً أكبر بكثير من القطاعات من البناء إلى الطاقة. كما يستهدف قانون العقوبات، للمرة الأولى، من يتعاملون مع كيانات روسية وإيرانية في سوريا، وهو ما يوجه ضربة لحلفاء الأسد. وربما يصف التشريع الجديد مصرف سوريا المركزي بأنه مصدر قلق أولي فيما يتعلق بغسل الأموال. ويمكن رفع العقوبات إذا ما لبت دمشق 6 مطالب، منها إنهاء قصف المدنيين، والإفراج عن عشرات الألوف من المعتقلين، والسماح بعودة اللاجئين «آمنين مكرمين».

——————————-

سيناتور أميركي لـ«الشرق الأوسط»: أي مسار سياسي لن يمر عبر الأسد

قال السيناتور الأميركي جايمس ريش لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون قيصر» يرسل رسالة واضحة من أن «إعادة تأهيل» الرئيس السوري بشار الأسد غير ممكنة، وأن «أي حل سياسي لن يمر عبر الأسد». وأفاد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أمس: «عملت جاهداً لإدراج قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا ضمن موازنة وزارة الدفاع ولإقراره كقانون في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأنا أتعاون بشكل وثيق مع الإدارة الأميركية للحرص على تطبيقه بحذافيره والتأكد من محاسبة الأسد وداعميه، وعدم إفلاتهم من العقاب. هذا القانون يرسل رسالة واضحة للذين يأملون بإعادة تأهيل نظام الأسد، مفادها أن أي مسار سياسي في سوريا لن يمر عبر الأسد. تطبيق هذه العقوبات سوف يحمل الأسد ومناصريه مسؤولية أفعالهم، وهذه خطوة مهمة تجاه إحقاق العدل للشعب السوري الذي تعذب لوقت طويل».

من جهته، قالت المتحدثة باسم كبير الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك مكول لـ«الشرق الأوسط»: «إن النائب مكول يدعم تطبيقا كاملا لقانون قيصر بهدف إرغام الأسد على وقف اعتداءاته ضد الشعب السوري، ودعم حكومة انتقالية تحترم دولة القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي مع جيرانها. وهو يحث البلدان الأخرى على الالتزام بقانون قيصر لتحقيق الأهداف نفسها»

————————

قانون قيصر الأميركي بسوريا.. آمال لمحاصرة النظام ومخاوف من انهيار اقتصادي

تسود في الشارع السوري حالة من الترقب والخوف من الآثار الاقتصادية المحتملة مع بدء تطبيق قانون العقوبات الأميركية (قيصر)، ودخوله حيز التنفيذ في يونيو/حزيران الجاري، في وقت تشهد فيه الليرة السورية انهيارا غير مسبوق أمام الدولار الأميركي، حيث يقترب سعر صرف الدولار الواحد من ألفي ليرة سورية.

ويتزامن تطبيق “عقوبات قيصر” على النظام السوري وداعميه مع صراع اقتصادي داخل أسرة الأسد طفا على السطح للمرة الأولى منذ عقود، طرفاه رجل الأعمال السوري رامي مخلوف الذي يحكم قبضته على أبرز المشاريع الاقتصادية في سوريا، والنظام السوري الذي يشاع أنه يسعى لتقليم أظافر مخلوف وفتح الملفات القديمة، مع حالة العزلة والضغوط السياسية التي يعاني منها الأسد ونظامه.

ورغم أن عقوبات قيصر تستهدف في مضمونها النظام السوري، فإن الأهالي بمناطق سيطرة النظام والمعارضة في سوريا يخشون من أن تعمق العقوبات تردي حالتهم المعيشية، وتزيد المعاناة اليومية من أجل تأمين قوت يومهم، في بلد يعاني أصلا من انهيار اقتصادي وبطالة وفقر فرضتها الحرب.

ومع المخاوف يحدو الأمل المعارضة بأن تشكل هذه العقوبات ضربة موجعة للنظام السوري وأركانه، تدفعه إلى حافة الانهيار والرضوخ للقيام بتغيير حقيقي في سوريا ينهي حقبة من مسيرة دامية للثورة السورية، حيث دفع آلاف المدنيين حياتهم ثمنا لها داخل المعتقلات، قبل أن يسرب صورهم العسكري السوري المنشق الملقب “بقيصر” إلى الرأي العام، ويدفع واشنطن لسن تلك العقوبات.

مناطق المعارضة

وفي ريف حلب الشمالي، الخاضع لسيطرة المعارضة السورية؛ تبدو حركة الأسواق شبه متوقفة بعد نهاية موسم رمضان وعيد الفطر، ويقول التجار للجزيرة نت إن السوق شهد انتعاشا ضئيلا في نهاية رمضان.

ويعتقد السكان والتجار في ريف حلب أن القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار مرتبطان بشكل حتمي بقيمة الدولار الأميركي، الذي سجل سعر صرفه في ريف حلب 1910 ليرات سورية للبيع، و1940 للشراء.

وحول عقوبات قيصر، يشير الأهالي وتجار في ريف حلب إلى أمل جديد في تحقيق سقوط النظام السوري بعد تغير موازين القوى العسكرية في سوريا لصالح النظام وداعميه.

ويقول صبحي بكور -وهو تاجر مواد غذائية في مدينة أعزاز بريف حلب (شمالي سوريا)- إن انهيار العملة السورية أدى إلى جمود كبير في حركة الأسواق منذ نهاية العيد، فمعظم السكان الذين يمتلكون الدولار يخشون صرفه خوفا من انهيار كبير قادم لقيمة الليرة.

ويضيف بكور -في حديثه للجزيرة نت- أن المدنيين المتعاملين بالعملة السورية يدخلون متجره وتنتابهم حالة من الصدمة والذهول من ارتفاع الأسعار، ويأمل أن تسهم العقوبات في سقوط النظام وتحقيق العدالة للمعتقلين، معبرا في الوقت ذاته عن خشيته من الأضرار التي تقع على السوق والتجارة في ريف حلب.

ويرى عبد القادر محمد -وهو من أهالي ريف حلب- أن معظم الأهالي يحلمون بالتخلص من النظام السوري وتوقف الحرب، لكن المدنيين البسطاء يتعاملون بالليرة السورية في عمليات البيع والشراء، ومع كل ارتفاع في قيمة الدولار ترتفع الأسعار وتزداد المعاناة.

ويضيف عبد القادر للجزيرة نت أن تحويلات السوريين في المهجر لأهاليهم وبعض جهود المنظمات الإغاثية بمناطق المعارضة تسهم بعض الشيء في تعديل الحال الاقتصادية للمدنيين؛ فكثير من السوريين انتقلوا إلى أوروبا، ويرسلون المال لذويهم في هذه الظروف العصيبة.

مناطق النظام

أما في مناطق سيطرة النظام، فتبدو الحال أكثر سوءا مع منع النظام التعامل بالدولار، والملاحقات الأمنية للتجار والصيارفة، حيث يعمد النظام إلى خوض حرب ضد الدولار لا تظهر فيها سوى خسائر متلاحقة على اقتصاده، في حين يدفع ضريبة الانهيار المدنيون حتى من الموظفين الحكوميين الذين لا تعادل قيمة رواتبهم الشهرية أكثر من أربعين دولارا في أحسن الأحوال.

معتز الحلبي (اسم مستعار) موظف في مديرية التربية بحلب يقول للجزيرة نت إن قيمة راتبه الشهري بالليرة السورية لا تتجاوز اليوم ما قيمته 35 دولارا، مشيرا إلى أن راتبه لا يكفيه أكثر من أسبوع واحد فقط بعد انهيار قيمة الليرة.

ويضيف للجزيرة نت أن حاله حال آلاف السوريين بمناطق النظام ممن يعتمدون على وظائفهم والراتب الشهري، مرجحا أن تنحدر قيمة الليرة أكثر مع بدء قانون قيصر.

ويكشف المتابعون للشأن الاقتصادي الآثار بعيدة المدى لهذه العقوبات، والأطراف المتحكمة في صنع القرار بسوريا.

ويعتقد المحلل الاقتصادي السوري يونس كريم أن النظام السوري امتص قانون قيصر وتأقلم معه، لكن الظروف التي ترافقت مع العقوبات تجعلها شديدة، وهي الخلاف بين النظام السوري ورامي مخلوف، وجائحة كورونا، وتهديد النظام لدول الجوار بالوباء، بسبب عدم السيطرة على الحدود. وأضاف أن “تأثير القانون على الاقتصاد لن يكون بالذي يتم تداوله إعلاميا”.

ويرى كريم أن قانون قيصر يأتي مكملا لعقوبات جديدة تم طرحها على النظام منذ 2011، واصفا إياها بأنها “عقوبات ذكية تشمل بعض الشخصيات المحسوبة على النظام، وتمثل ضغوطا على حلفائه لدفعه للحل السياسي، وتحجم إمكانات الحلفاء في سوريا”.

ويشير كريم إلى أن القانون لن يكون له الأثر الذي يأمله الشعب السوري للخلاص من النظام السوري، فهو ورقة ابتزاز ضد روسيا وإيران للحد الأدنى، ومنع تعويم النظام والعودة إلى الحاضنة الدولية بعد سيطرة النظام على مساحات واسعة من سوريا.

وحول انعكاس القانون على المدنيين في سوريا، رأى كريم أنه لن يؤثر على أعمال السوريين كونها أعمالا بسيطة، داعيا السكان في سوريا للمحافظة على الليرة السورية والدولار حتى تنجلي المعركة بين الأسد ومخلوف.

المصدر : الجزيرة

————————————

فورين بوليسي: الأزمات تحيط به من كل مكان.. هل أصبح بشار الأسد على حافة الهاوية؟

يفيد تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية أن العقوبات الأميركية الجديدة على سوريا ستدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، وأن من شأنها أن تهدد اقتصاد البلاد الهش وتوجه ضربة جديدة للنظام السوري المأزوم.

وتقول مراسلة المجلة إيمي ماكينون في تقريرها إن العقوبات الأميركية الجديدة ضد سوريا يمكن أن تدفع باقتصادها المنهار إلى حافة الهاوية. وتشير إلى أن العقوبات الجديدة من شأنها أن تطال أي جهة عالمية تتعامل مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وتضيف أن العقوبات المشمولة ضمن ما يسمى بقانون قيصر الذي حصل على دعم من الحزبين في الكونغرس وتم تمريره كجزء من مشروع قانون الإنفاق الدفاعي السنوي، تعد العقوبات الأشد على النظام منذ بدء الحرب قبل تسع سنوات.

ضغط وتدابير

وتقول المراسلة إن العقوبات الأميركية الجديدة تهدف إلى الضغط على الأسد المحاصر من أجل تفعيل إصلاحات حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن كبار الجمهوريين والديمقراطيين في لجان الشؤون الخارجية بالكونغرس دعوا الاثنين الماضي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تطبيق التدابير الجديدة بقوة بمجرد دخولها حيز التنفيذ.

وقال هؤلاء المسؤولون الأميركيون في بيان إنه يجب على النظام السوري ومن يرعاه أن يتوقف عن ذبح الأبرياء وأن يمد الشعب السوري بطريق نحو المصالحة والاستقرار والحرية.

لكن منتقدي قانون قيصر يخشون من أنه قد يجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للمدنيين السوريين، إذ من المرجح أن تكون له آثار سلبية على الاقتصاد الهش في لبنان بحسب الكاتبة.

أزمة متصاعدة

ويقول التقرير إنه بينما يبدو الأسد منتصرا بعد الحرب الوحشية وتحوّل الحديث إلى إعادة الإعمار، فإن الأزمة الاقتصادية المتسارعة الآن تهدد قبضته على السلطة.

وتوضح ماكينون أن تداعيات سنوات الحرب الكارثية والفساد تتراكم الآن في أزمة اقتصادية عميقة في لبنان المجاورة، وأن أكثر من نصف المواطنين السوريين يعانون من أجل الحصول على الغذاء، وأن قيمة العملة السورية تهاوت بنسبة 70% منذ أبريل/نيسان الماضي.

تحت الضغط

وتشير إلى الاحتجاجات المناهضة للأسد التي اندلعت في مدينة السويداء جنوبي البلاد الأحد الماضي، وتقول إنها تعتبر احتجاجات نادرة منذ أن استعاد الأسد السيطرة على معظم البلاد بوحشية، وإنها استمرت بشكل متقطع طوال الأسبوع، داعية إلى استقالة الرئيس.

وتضيف ماكينون أنه في حين كانت الحشود في المظاهرات متواضعة، لكنها كانت غير مألوفة، حيث ظلت السويداء موالية للنظام طيلة فترة الحرب.

وتوضح أن احتجاجات أخرى متفرقة اندلعت في أماكن أخرى من البلاد، بما في ذلك درعا التي انطلقت منها الانتفاضة السورية عام 2011.

وتشير إلى أن الأسد أقال الخميس الماضي رئيس الوزراء عماد خميس الذي تولى المنصب منذ عام 2016، وأنه لم يتم تقديم أي تفسير رسمي لهذه الخطوة، لكن المراقبين فسروا الأمر على نطاق واسع بأنه محاولة لنزع فتيل الغضب الشعبي المتزايد بشأن الأزمة الاقتصادية.

وتخلص ماكينون إلى أن الأسد قد يواجه الآن أكبر تحد له، حيث إن المظالم التي أشعلت انتفاضة 2011 لم تستمر فحسب، بل إنها تفاقمت عبر السنوات الماضية بسبب العقوبات والحرب والفساد.

المصدر : الجزيرة + فورين أفيرز + فورين بوليسي

————————–

تحذيرات من حدوث مجاعة في سوريا مع بدأ تطبيق “قانون قيصر

يعاني 9 ملايين و300 ألف سوري من انعدام الأمن الغذائي

حذر المبعوث الأممي غير بيدرسون من حدوث مجاعة في سوريا مع بدأ تطبيق “قانون قيصر” اليوم الذي يتضمن عقوبات أميركية تهدف إلى حجب إيرادات للنظام السوري، تزامنا مع انخفاض قياسي لليرة وانهيار للاقتصاد. وخلال جلسة عبر الفيديو بمجلس الأمن الدولي، قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا إن الوضع في سوريا يزداد سوءا، حيث يعاني 9 ملايين و300 ألف سوري من انعدام الأمن الغذائي، وهناك أكثر من مليونين آخرين مهددون بذلك، وإذا تفاقم الوضع فقد تحدث مجاعة. ويعيش أكثر من 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر. وينصّ القانون -الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تجميد مساعدات إعادة الإعمار، وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه في أربعة قطاعات هي: النفط والغاز الطبيعي، والطائرات، والبناء، والهندسة.

وتدهور سعر الليرة السورية خلال أيام بشكل غير مسبوق إذ فقدت حوالي 70 في المئة من قيمتها منذ شهر أبريل الفائت. وكان سعرها أواسط الشهر الماضي نحو 1600 ليرة سورية مقابل الدولار وتراجعت لتستقر عند حدود 3000 ليرة. وأدى هذا إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الأساسية مثل الأرز والسكر والزيت وغابت العديد من السلع والأدوية من السوق.

—————————————-

===========================

=====================

تحديث 18 حزيران 2020

———————-

يرحبون به لكنهم يخشون تبعاته.. كيف سيغير قانون قيصر علاقة مناطق المعارضة السورية بالنظام؟

    ترحيب حذر

    لم يتطرق إلى وضع مناطق المعارضة ولا الأكراد

    انهيار الليرة حتى قبل العقوبات.. والأمم المتحدة تحذر من مجاعة

    تأثير قانون قيصر على مناطق المعارضة السورية

    التجار يرفضون استخدام عملة الأسد

    هل يكون البديل الليرة التركية أم الدولار؟

يبدو أن تأثير قانون قيصر على مناطق المعارضة السورية في شمال البلاد سيكون كبيراً، وأنه سيغير شكل علاقة هذه المناطق بالنظام، وقد يطلق مبادرات للتحرر الاقتصادي من سيطرة بشار الأسد،.

ولكن الذي دخل حيز النفاذ اليوم الأربعاء 18 يونيو/حزيران قد يأتي أيضاً بأضرار كبيرة على هذه المناطق التي تعاني أصلاً من أوضاع متدهورة.

ترحيب حذر

يرى السوريون الذين فروا من حكم بشار الأسد إلى معاقل المعارضة السورية بشمال البلاد أن العقوبات الأمريكية الجديدة المتمثلة في قانون قيصر خطوة في الاتجاه الصحيح للضغط على النظام لكنهم يخشون تبعاتها على حياتهم يقولون إنه يتعين حمايتهم من أي تداعيات مثل انهيار العملة، فيما بدأوا بالفعل يبحثون عن بديل.

واعتبر أحمد رمضان عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني المعارض في سوريا ورئيس “حركة العمل الوطني من أجل سوريا” ان قانون قيصر” يمثل آلية مناسبة للخروج من حالة تعطيل مجلس الأمن، “.

وقال “ومن هنا يأتي موقفنا المؤيد للعقوبات لكونها ستحد من قدرات النظام، وكذلك الشخصيات المتورطة في جرائم الحرب”.

ورآى عبد الحكيم المصري وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة التابعة للمعارضة ، أنه”إذا ما كانت الدول جادة بتطبيق هذا القانون فالنظام سيجبر على الانتقال إلى الحل السياسي”.

وتوقع المصري، في لقاء دعت إليه رابطة أهل حوران، عبر عبر موقع التواصل الاجتماعي”gotomeeting”؛ لمناقشة القانون وتداعياته الاقتصادية، أن يستخدم النظام السوري قانون قيصر “كحجة للضغط على الشعب” مشيراً إلى فقرة في القانون تسمح بإدخال المواد الطبية والغذائية شريطة الإعلان عن المواد التي سيتم إدخالها، وبعد موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وبدأ الأربعاء سريان أشد عقوبات أمريكية حتى الآن على دمشق بموجب قانون قيصر، الذي يحمل اسم مصور عسكري سوري هرّب آلاف الصور خارج سوريا تُظهر عمليات قتل جماعي وتعذيب وجرائم أخرى.

لم يتطرق إلى وضع مناطق المعارضة ولا الأكراد

ولم يتطرق قانون القيصر إلى وضع مناطق السورية الحليفة لتركيا أو المناطق الخاضعة للنفوذ الكردي رغم أنها تتعامل بشكل مكثف مع النظام.

ولكن وزير الاقتصاد والمالية في “الحكومة المؤقتة السورية” التابعة للمعارضة، قال لموقع “عربي21، إن افتتاح أي معبر تجاري مع النظام في هذا التوقيت، سيعرض المنطقة إلى العقوبات الأمريكية، وهذا ما ستعمل الحكومة المؤقتة على تفاديه.

وتابع، بالإشارة إلى بند صريح في قانون “قيصر”، يعاقب كل من يتعامل مع النظام السوري، مبينا أن المواد المسموح بإدخالها إلى مناطق سيطرة النظام (غذائية، طبية)، ستكون تحت إشراف من منظمات معتمدة من الجانب الأمريكي.

وقال بكر العلي (30 عاما)، في منطقة إدلب التي تخضع لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا، في تصريح لرويترز “إنه قرار جيد. لكن المهم هو ألا نتأثر نحن به.

وفي الشهر الماضي انهارت الليرة السورية، التي ضعفت خلال ما يقرب من عشر سنوات من الحرب، حيث يشير تجار إلى العقوبات المحدقة باعتبارها أحد العوامل التي تزيد الطلب على العملة الصعبة إلى جانب الانهيار المالي في لبنان المجاور.

وبينما يقع شمال غرب سوريا خارج نطاق حكم الأسد فإن الليرة السورية ما زالت تُستخدم هناك. وانخفضت قيمتها هذا الشهر إلى ثلاثة آلاف ليرة مقابل الدولار من 47 ليرة فقط عندما بدأ الصراع عام 2011.

ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن تراجع قيمة الليرة للنصف منذ مايو/أيار تسبب في رفع أسعار السلع الأساسية لمستويات قياسية بعيدة جداً عن القدرات الشرائية لأربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا، حيث فر العديد من السوريين عند استعادة الأسد لأراض من مسلحي المعارضة.

وخلال جلسة عبر الفيديو بمجلس الأمن الدولي أمس، قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا إن الوضع في هذه البلاد يزداد سوءاً، حيث يعاني 9 ملايين و300 ألف سوري من انعدام الأمن الغذائي، وهناك أكثر من مليونين آخرين مهددين بذلك، وإذا تفاقم الوضع فقد تحدث مجاعة.

تأثير قانون قيصر على مناطق المعارضة السورية

يبدو أن تأثير قانون قيصر على مناطق المعارضة السورية لن يختلف كثيراً عن الوضع في مناطق النظام، في ظل ارتباط اقتصاد هذه المناطق ببقية البلاد، خاصة فيما يتعلق بالعملة المتداولة، إضافة إلى وجود أعداد كبيرة من سكان مناطق المعارضة، يتلقون استحقاقات من النظام مثل أجور ورواتب تقاعد بالليرة السورية المتداعية.

ولكن مسؤولي الحكومة التابعة للمعارضة ألمحوا إلى أنهم بدأوا في فك الارتباط باقتصاد النظام قبل سريان القانون.

فقد أوضح وزير الاقتصاد والمالية في “الحكومة المؤقتة السورية” أن المعارضة أحكمت إغلاق المعابر التجارية مع النظام السوري منذ أشهر، وذلك مع اشتداد أزمة كورونا، وانتشار الفيروس في مناطق سيطرة النظام.

كما كشف أحمد رمضان عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني المعارض في سوريا عن تشكيل الإئتلاف للجنة مختصة لمتابعة تفاصيل القانون السياسية والقانونية بالتنسيق مع الجانب الأمريكي، ومن أهم مهامها متابعة تنفيذ العقوبات، والكشف عن أي جهة تتعامل مع النظام، وكذلك مراقبة محاولات الأخير الالتفافية على القانون.

مناطق المعارضة عانت كثيراً جراء هجمات النظام/رويترز

وترغب الدول الغربية في أن ترى حدوث تقدم صوب انتقال سياسي في سوريا قبل أن تقدم يد العون في إعادة إعمار البلاد.

وتقول دمشق إن العقوبات الجديدة تمثل انتهاكاً للأعراف الدولية وتعتبر جزءاً من حرب اقتصادية.

ورفض الأسد، في مقابلة عام 2015، الصور التي عرضها قيصر، معتبراً أنها “مزاعم بلا دليل”، وجزء من “مؤامرة” تمولها قطر ضد حكومته.

التجار يرفضون استخدام عملة الأسد

وعشية دخول قانون قيصر الأمريكي حيز التنفيذ، بدأت السلطات المحلية في مناطق سيطرة الجماعات المعارضة في إدلب اعتماد الليرة التركية في التعاملات اليومية عوضا عن الليرة السورية.

وحتى قبل دخول قانون القيصر حيز التنفيذ، وبعد تجاوز سعر صرف الدولار الواحد حاجز 3 آلاف ليرة سورية وتأرجح الأسعار، عمد عدد من التجار إلى إغلاق محالهم التجارية في ريف حلب الخاضع للمعارضة، فيما قام غالبيتهم  باعتماد الليرة التركية والدولار في عمليات البيع والشراء.

ودفع الانهيار غير المسبوق في قيمة الليرة السورية من بداية يونيو/حزيران الجاري، المعارضة والمجالس المحلية إلى دعوة صريحة لتداول الليرة التركية، ولتسعير المواد الغذائية الأساسية كالخبز، إضافة إلى أسعار الذهب.

سوريا تعاني من أزمات متعددة آخرها كورونا/رويترز

وحول تبعات الخطوة ومدى نجاحها في الشمال السوري، يرى وزير الاقتصاد في حكومة المعارضة السورية أن أي عمل جديد يكون في بدايته صعباً، لكن الاستبدال أصبح مطلباً جماعياً، ولا سيما من العمال الذين يتقاضون أجورهم بالعملة السورية حتى تكون الأجور ثابتة وفق الليرة التركية، وأيضاً التجار الذي تكبدوا خسائر كبيرة وأغلقوا محلاتهم جراء فرق قيمة العملة.

وفي مناطق درع الفرات وغصن الزيتون شمال حلب وكذلك إدلب، بدأت مراكز البريد التركية بضخ العملة التركية من الفئات النقدية الصغيرة من فئة “الليرة المعدنية و5 ليرات و10 ليرات فئة الورقتين” في الأسواق، بعد الحصول عليها بتصريفها مقابل الدولار الأمريكي، أو من خلال الرواتب التي يحصل عليها موظفو المنظمات الإنسانية أو العسكريون العاملون ضمن صفوف قوات المعارضة المدعومة من تركيا، لتوفيرها في الأسواق وتسهيل عمليات البيع والشراء بين المواطنين، بحسب محمود الخنوس، أحد العاملين في القطاع الإنساني والإغاثي بمنطقة الباب وأعزاز شمال حلب.

هل يكون البديل الليرة التركية أم الدولار؟

ويصف عبدالكريم محمد -وهو من أهالي ريف حلب- تداول الليرة التركية بأنه أفضل الحلول المطروحة والمتاحة حالياً في مناطق المعارضة، لكن أغلب صرافي العملة مع الأسف يحصلون على هامش ربح غير مقبول لتصريف العملة السورية للأهالي وإعطائهم العملة التركية.

ويقول عبدالكريم للجزيرة نت إنه رغم تداول الليرة التركية سابقاً، فإن الأهالي لم يعتادوا حتى اللحظة على استخدامها، ولا سيما الفئات النقدية الصغيرة منها، لكن الإجراء كان أحلى الأمرّين.

من جهته قال الحاج ممدوح النعسان، تاجر مواد غذائية في مدينة عفرين شمال حلب، إنه كان يقوم بتغيير أسعار السلع كل ساعة بحسب أسعار الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي للمحافظة على مستوى ربح معين وعدم التعرض للخسارة في عملية البيع.

ويضيف قائلاً “ورغم ذلك تعرضت كثيراً للخسارة في البيع، فعندما يأتي المساء نصطدم بتراجع قيمة الليرة السورية إلى مستوى متدنٍ عندما أذهب لتحويلها إلى الدولار الأمريكي لكي اشتري السلع من تاجر الجملة”.

وكان وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبدالحكيم المصري قد صرح قبل أيام بأن “كل التعاملات لدى مؤسسات الحكومة المؤقتة” في المناطق التي تشرف على إدارتها شمال سوريا ستكون بالليرة التركية أو الدولار.

وسبق أن قال باسل عبدالعزيز، وزير الاقتصاد والموارد في حكومة الإنقاذ السورية التابعة للمعارضة، (توصف بأنها الذراع المدني لهيئة تحرير الشام التي تهيمن على مناطق واسعة من إدلب وهي على خلاف مع حكومة الإنقاذ): “إنه إلى الآن ليس هناك عملة رسمية في المناطق المحررة، ولكن الذي اتُّفق عليه اعتماد مجموعة من العملات عوضاً عن الليرة السورية المنهارة، فكان الدولار للتعاملات الكبيرة والمتوسطة والليرة التركية والسورية للتعاملات الصغيرة واليومية”.

ووأضاف في تصريح لـ”عربي بوست” أن رواتب الموظفين والعاملين في الحكومة قُيمت عموماً على الدولار، ليصرف بالعملة المتداولة سواء تركية أو سورية، وأن رواتب هذا الشهر قد سلمت لمستحقيها بالعملة التركية باعتبارها متوفرة، كما عُقد اجتماع مع اتحاد النقابات وأعضائها لتحديد الحد الأدنى لأجور العمال بالدولار أو الليرة التركية، لاعتماده من الحكومة.

عرب بوست

—————–

أمريكا تهدد الإمارات بـ”قانون قيصر” بسبب دعمها لنظام الأسد

هددت الولايات المتحدة، الإمارات، بفرض عقوبات عليها في إطار قانون قيصر، الذي يستهدف النظام السوري وحلفاءه.

وأكدت واشنطن أنها تعارض الإجراءات التي اتخذتها أبو ظبي للتقارب من النظام السوري، لافتة إلى أن عقوباتها على نظام الأسد قد تستهدف جهات إماراتية.

وخلال مؤتمر صحفي حول بدء تطبيق “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا” قال الممثل الأمريكي الخاص المعني بشؤون سوريا، جيمس جيفري، إن “الإمارات تعرف أننا نرفض على الإطلاق اتخاذ الدول مثل هذه الخطوات… أكدنا بوضوح أننا نعتبر ذلك فكرة سيئة”، في إشارة إلى إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق، وزيارة وفد إماراتي إلى سوريا مؤخراً.

واعتبر جيفري أن مثل هذه الإجراءات “لن تسهم في تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (رقم 2254) وإنهاء النزاع الذي يقلق جداً المنطقة كلها”.

وأضاف: “كل من يمارس الأنشطة الاقتصادية، إن كان في الإمارات أو في البلدان الأخرى، وتطابقت هذه الأنشطة مع معايير القانون الخاص بالعقوبات، فقد يتم استهدافه بها”.

 وفرضت الولايات المتحدة الأربعاء، عقوبات على 39 شخصا وكيانا بينهم رئيس النظام السوري بشار الأسد وزوجته أسماء لحرمان حكومته من مصادر التمويل في محاولة لدفعها للعودة إلى المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في بيان يعلن المستهدفين بالعقوبات المفروضة في إطار قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، إنه يجب توقع فرض عقوبات “أكثر بكثير” على حكومة الأسد خلال الأسابيع والشهور المقبلة.

وفي نهاية عام 2018، أعادت الإمارات فتح سفارتها لدى نظام الأسد بدمشق، عقب أعمال ترميم لها بعد إغلاق استمر ست سنوات تقريباً، رغم أنها كانت من أبرز المنتقدين له في الساحة الدولية.

وتستقبل الإمارات بعض رجال الأعمال المحسوبين على نظام الأسد خلال السنوات الماضية، والذين قد يكون لهم صلة بالعقوبات الأمريكية، خصوصاً أن النظام السوري يعتمد على مثل هؤلاء لتشغيل أمواله الخاصة في الخارج.

————————-

بشار الأسد على رأس المستهدفين بقانون «قيصر» … والنظام السوري يواجه «انهياراً اقتصاديا»

إبراهيم درويش وسعد الياس

في أقوى تصعيد أمريكي بخصوص سوريا مع بدء تفعيل قانون قيصر الذي يهز أركان النظام السوري بقوة هذه الأيام بعد تهديد دعائمه، صدر أمس بيان لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ليحدد بدء تنفيذ العقوبات على النظام السوري والأسماء والكيانات التي يستهدفها. وكان لافتاً أن بشار الأسد وزوجته هما الهدف الأول «للهجوم» الأمريكي ضد العائلة الحاكمة وداعميها.

ومما لفت في البيان أن أسماء الأسد زوجة رأس النظام «أصبحت من أشهر المتربحين من الحرب في سوريا». وتهدد العقوبات الأمريكية أسماء الأسد للمرة الأولى، بعد أن كانت تسوق نفسها على أنها الوجه الحضاري للنظام السوري

كما يشمل القانون الجديد بشرى أخت بشار الأسد المقيمة في الإمارات.

تزامناً بادر المصرف المركزي السوري إلى تعديل سعر صرف الليرة مقابل الدولار من 700 إلى 1250 ليرة «لردم الفجوة بين سعر السوق وسعر الحوالات».

وتستهدف المجموعة الأولى من العقوبات 39 شخصاً أو كياناً حسب بيان بومبيو، بمن فيهم وفي المقدمة الرئيس السوري نفسه وزوجته أسماء، التي وصفها بومبيو مع أسرتها بأنهم من أكثر المنتفعين من الحرب.

وينص القانون على تجميد أي أصول للشخصيات المستهدفة في الولايات المتحدة، ويعاقب كذلك أي شركات في الولايات المتحدة، كما يحظر على واشنطن تقديم مساعدات لإعادة الإعمار.

ونددت دمشق بالقانون وقالت إنه سيفاقم معاناة المدنيين. وقالت عن فرض واشنطن أشد عقوباتها على حكومة الرئيس بشار الأسد «إن سوريا ستقاوم العقوبات الجديدة».

أمّا لبنان، البلد الذي طالما شكّل رئة سوريا خلال الحرب وممراً للبضائع ومخزناً لرؤوس أموال رجال أعمالها، فقد يشهد تدهوراً أكبر في اقتصاده المنهار أساساً إذا لم تستثنه العقوبات.

تزامناً قالت صحيفة «ديلي تلغراف» إن الرئيس السوري بشار الأسد يواجه عاصفة حقيقية ستؤدي لانهيار اقتصادي.

وفي التقرير الذي أعده جيمس روثويل وجوزيه إنسور قالا فيه «إن بدء تطبيق قانون قيصر الأمريكي وزيادة الاحتجاجات على الظروف المعيشية يهددان حكمه وقبضته على السلطة في بلاده».

ويفرض «قيصر» عقوبات اقتصادية قاسية لتعزيز المساءلة عن الأعمال الوحشية التي يرتكبها نظام الأسد ضد الشعب السوري.

وزاد البيان «تطلق وزارتا الخزانة والخارجية اليوم 39 اسماً وكياناً في عملية إدراج بموجب قانون قيصر والأمر التنفيذي رقم 13894 كبداية لحملة متواصلة من الضغط الاقتصادي والسياسي لحرمان نظام الأسد من الإيرادات والدعم التي يحتاج إليها لشن الحرب وارتكاب فظائع جماعية ضد الشعب السوري». ووصف بشار الأسد وزوجته أسماء بأنهما «مهندسا معاناة السوريين».

وأضاف بومبيو «سنواصل هذه الحملة في الأسابيع والأشهر المقبلة لاستهداف الأفراد والشركات التي تدعم نظام الأسد وتعرقل التوصل إلى حل سلمي وسياسي للصراع حسب ما يدعو إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. نتوقع فرض عقوبات أكثر بكثير، ولن نتوقف قبل أن يوقف الأسد ونظامه حربهما الوحشية وغير الضرورية ضد الشعب السوري، وأن توافق الحكومة السورية على حل سياسي للصراع حسب ما يدعو إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وسأذكر بشكل خاص إدراج زوجة بشار الأسد أسماء الأسد للمرة الأولى، والتي أصبحت أكثر المستفيدين من الحرب السورية بدعم من زوجها وأفراد عائلة الأخرس سيئي السمعة. وبات أي فرد يتعامل اليوم مع هؤلاء الأشخاص أو الكيانات عرضة للعقوبات».

وأكد البيان «ما زالت الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الشركاء الأمميين والدوليين لتوفير المساعدة المنقذة للشعب السوري الذي لا يزال يعاني على يد نظام الأسد».

ووصف عمر الشغري من المنظمة غير الحكومية في أمريكا «قوة المهام السورية الطارئة» والتي دفعت باتجاه تمرير القانون يوم 17 حزيران/ يونيو، موعد سريان مفعوله بأنه «يوم عظيم» للسوريين.

وقال الشغري الذي عذب في واحد من السجون وأفرج عنه في عام 2015، إن القانون هو من أجل حماية حقوق المدنيين السوريين ولهذا فلا بناء أو تطبيع مع النظام، وسيمنع النظام من شراء ما يحتاج إليه لبناء القنابل من أجل قتل المدنيين.

وكتبت إلزابيث تسوركوف الخبيرة بالشؤون السورية في المركز الدولي للسياسات الخارجية «يعاني الاقتصاد السوري من حالة انهيار ويحاول النظام توفير المال لخزينته وهو غير قادر على وقف عملية التدهور الاقتصادي المتسارعة».

وعدا عن المسؤولين السوريين، يوسّع القانون دائرة الاستهداف لتطال كل شخص أجنبي يتعامل مع دمشق وحتى الكيانات الروسية والإيرانية. ويشمل مجالات عدة من البناء إلى النفط والغاز. وينص القانون على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري إذا ثبت تورّطه في «عمليات تبييض الأموال».

ويقول إدوارد ديهنيرت من وحدة «ذي إكونوميست» للبحوث والمعلومات «لا يزال على الولايات المتحدة أن توضح أين وإلى أي حدّ سيتم تطبيق العقوبات، لكن من الممكن القول إن قطاعات العقارات والإعمار والطاقة والبنى التحتية ستتأثر بشكل خاص».

وتشترط واشنطن لرفع العقوبات اجراءات عدة بينها محاسبة مرتكبي «جرائم الحرب» ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين.

ويرى ديهنيرت أن القانون «يُعدّ ظاهرياً آخر محاولة في جهود الولايات المتحدة لفرض تسوية سياسية (…) والإطاحة بالأسد».

ويرجّح ديهينرت أن واشنطن «ستنجح إلى حد ما في مساعيها، فقد صُممت العقوبات لإبقاء نظام الأسد منبوذاً، وسيكون تهديدها باتخاذ خطوات عقابية كافياً لإخافة غالبية تدفقات الاستثمارات الخارجية».

من جهة أخرى، وعلى وقع دخول قانون « قيصر « حيّز التنفيد، وغداة خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعا فيه اللبنانيين الى عدم الرضوخ له، بدا أن لبنان سيكون ساحة رئيسية لصراع المحاور، حيث ردّت السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا وفي خطوة نادرة على الأمين العام لحزب الله ، فنفت ضلوع واشنطن في تضييق ضخّ الدولارات في لبنان، وأعلنت في حديث الى LBCI «أن الولايات المتحدة لا تمنع الدولارات عن لبنان والكلام عن أن واشنطن وراء الأزمة الاقتصادية والمالية تلفيقات كاذبة».

وحمّلت «سبب الأزمة المالية لعقود من الفساد ومن القرارات غير المستدامة»، متوجّهة الى الحكومة اللبنانية بالقول «عليكِ بتطبيق الإصلاحات التي طال انتظارها».

وكانت السفيرة الامريكية زارت وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي الذي استوضحها عن تداعيات قانون «قيصر» على الشركات اللبنانية العاملة في سوريا.

وجاء كلام شيا بعدما اتهم الأمين العام لحزب الله الولايات المتحدة مباشرة بمنع نقل الكميات الكافية من الدولار الى لبنان، وبممارسة الضغوط على المصرف المركزي لمنع ضخّ الدولارات في الاسواق، داعياً للتوجه شرقاً في اتجاه إيران والصين.

والمفارقة أن السفارة الصينية في بيروت أعلنت استعداد بكين للتعاون العملي مع الجانب اللبناني على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة، وذلك في إطار العمل المشترك لبناء «الحزام والطريق»، علماً ان لبنان كان قد وقّع عام 2017 مع الصين، من ضمن 127 دولة من حول العالم، وثيقة التعاون بشأن بناء «الحزام والطريق» لفتح مجال جديد للنمو الاقتصادي العالمي وإنشاء منصة جديدة للتجارة والاستثمارات الدولية.

على خط آخر، سأل الرئيس سعد الحريري بعد استقباله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في زيارة تضامنية «هل نحن من قمنا بإنشاء قانون قيصر»، مشيراً الى أن «على الدولة اللبنانية البحث في كيفية التعامل مع تداعياته لأن القانون ليس لبنانياً وهو يُطبّق على أي دولة تتعامل مع سوريا». كذلك ردّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، على كلام نصرالله، معتبراً «أن خلاصة كلامه تعني أنه ليس هناك أي جواب على الأزمة التي يعيشها الشعب اللبناني من اقتصادية ونقدية ومالية، وأن الحل في الذهاب إلى المنطق الاقتصادي الممانع على مثال الدول الممانعة مثل إيران وسوريا وفنزويلا». وسأل «هل يحق لفريق من اللبنانيين أن يقرّر عن كل اللبنانيين وأن يأخذنا إلى لبنان آخر لم نقرره؟ وهل هناك أي قرار من مجلس الوزراء أو مجلس النواب يقول إننا بحالة حرب مع أمريكا والغرب والمجتمع الدولي؟». وأضاف «لا نريد مجتمعاً ممانعاً، ولا نريد ميليشيات إنما نريد سلاحاً واحداً، أي سلاح الجيش». وختم قائلاً لنصرالله: «أنت بليتنا بهذه الحكومة التي قلت إنها حكومتك».

——————————-

ديلي تلغراف: مع بدء تنفيذ قانون قيصر الأسد يواجه انهيارا لاقتصاده

إبراهيم درويش

لندن- “القدس العربي”: قالت صحيفة “ديلي تلغراف” إن رئيس النظام السوري بشار الأسد يواجه عاصفة حقيقية ستؤدي لانهيار اقتصادي. وفي التقرير الذي أعده جيمس روثويل وجوزيه إنسور قالا فيه إن بدء تطبيق قانون قيصر الأمريكي وزيادة الاحتجاجات على الظروف المعيشية تهدد حكمه وقبضته على السلطة في بلاده.

وأضافت الصحيفة أن الجولة الجديدة من العقوبات الأمريكية لا تهدد كيانات سورية بحد ذاتها ولكن كل داعمي النظام السوري حول العالم بمن فيهم روسيا وقد يغلق القانون آخر منفذ للمال إلى النظام. ويطلق على القانون اسم قيصر نسبة للمصور العسكري الذي هرب عشرات الألاف من الصور إلى خارج سوريا وكشفت عن حجم التعذيب الذي يمارس في أقبية سجون النظام. ويستهدف القانون عددا من الأرصدة المهمة لتمويل النظام بما فيها قطاع الهندسة والبناء وقطاع الطيران العسكري.

ووصف عمر الشغري، من المنظمة غير الحكومية في أمريكا، “قوة المهام السورية الطارئة” والتي دفعت باتجاه تمرير القانون يوم 17 حزيران/ يونيو، موعد سريان مفعوله بأنه “يوم عظيم”. وقال الشغري، الذي عذب في واحد من سجون وأفرج عنه في عام 2015، إن القانون هو من أجل حماية حقوق المدنيين السوريين ولهذا فلا بناء أو تطبيع مع النظام، وسيمنع النظام من شراء ما يحتاج إليه لبناء القنابل من أجل قتل المدنيين. وكانت شهادة قيصر، الذي تم التعتيم على هويته أمام الكونغرس عام 2014، دافعا للكونغرس لوضع إجراءات عقابية ضد النظام والدائرة المحيطة به، خاصة أنه لم يكن قادرا على محاسبته في المحاكم. وبدأ تطبيق قانون المحاسبة هذا مع تراجع قيمة العملية السورية إلى أدنى مستوياتها مما أثار مخاوف تعميق معدلات الفقر والجوع بين السوريين.

وكتبت إلزابيث تسوركوف، الخبيرة بالشؤون السورية في المركز الدولي للسياسات الخارجية، “يعاني الاقتصاد السوري من حالة انهيار ويحاول النظام توفير المال لخزينته وغير قادر على وقف عملية التدهور الإقتصادي المتسارعة”. وحثت الإدارة الأمريكية التأكد من ألا تزيد محاولاتها الإطاحة بالنظام السوري من معاناة الشعب السوري وزيادة بؤسه. وقالت “على السياسة الأمريكية أن توازن بين مواصلة الضغط على دمشق على أمل انهياره النظام وحرمان حكومة استخدمت الغاز وجوعت شعبها من الفوز وبين التسبب بمعاناة جديدة للمدنيين السوريين”.

ويواجه الأسد في الأسابيع الماضية خلافا مع ابن خاله الثري رامي مخلوف. وترى الصحيفة أن الخلاف الذي يترافق مع العقوبات قد يدفع الأثرياء في مناطق النظام لسحب ودائعهم ونقلها إلى الخارج. وإن زادت المعاناة سحب دعمهم القوي له. ويقول تشارلس ليستر من معهد الشرق الأوسط “كما اقترح عدد من الموالين القدامى لي بالأيام القليلة الماضية فإن هذه الأزمة الداخلية غير العادية قد تؤدي إلى تغير في القمة”. وقال “تعتبر هذه اللحظة بالنسبة لهم تهديدا كبيرا للأسد أكبر من تلك التي مثلتها المعارضة في ذروتها أثناء السنوات الماضية”.

وتعرضت سلطة الأسد للاهتزاز عبر سلسلة نادرة من المعارضة في بلدة السويداء، جنوب غرب البلاد، حيث خرج مئات من المتظاهرين إلى الشوارع خلال الأيام الأخيرة وطالبوا بتغيير النظام. وكانت التظاهرات غير عادية في السويداء التي تسكنها غالبية درزية ظلت بعيدة عن الحرب. وبدأت قوات النظام السوري بملاحقة المتظاهرين هذا الأسبوع إذ تم اعتقال سبعة من المتظاهرين في السويداء. ويبدو أن الأسد قد اهتز من التظاهرات التي ذكرته بتلك التي تحدت قيادته عام 2011. وفي رسالة مررها لقادة الدروز “وعدنا بالحفاظ على الهدوء ولكن إن أردتم الرصاص فستحصلون عليه”، في إشارة لقمع وحشي قادم حالة استمرت التظاهرات.

———————–

جيفري يربط عودة النظام السوري الى المجتمع الدولي..بالعقوبات

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري إن العقوبات القاسية الجديدة على سوريا في إطار “قانون قيصر” ليست إلا “الدفعة الأولى من الإجراءات التي سيتم اتخاذها ضد نظام” بشار الأسد.

وأوضح جيفري في مؤتمر صحافي بشأن بدء تطبيق “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا”، إن “سياسة الولايات المتحدة تتمثل في استخدام الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية الإلزامية لإجبار حكومة الأسد على وقف هجماتها القاتلة ضد الشعب السوري ودعم الانتقال إلى حكومة في سوريا ستحترم سيادة القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي مع جيران البلاد”.

وأشار جيفري إلى أن هذه العقوبات التي بدأ سريانها الأربعاء، “تأتي لتشديد السياسة طويلة الأمد” التي تتبعها إدارة الرئيس دونالد ترامب، تجاه سوريا، مضيفاً “إنها آلية قوية جدا نعتزم استخدامها في إطار حملة أطول. نأمل في أنها تمثل الدفعة الأولى ونحن على يقين بأنه سيليها المزيد من الإجراءات”.

وقال: “هذا النزاع يجب إنهاؤه. سنستخدم الآليات التي يوفرها هذا القانون الخاص بالعقوبات والصلاحيات الأخرى في هذا المجال ضد نظام الأسد وإنما كذلك ضد هؤلاء الذين يدعمونه… إن كان يدور الحديث عن أفراد أو بنوك أو أي شيء آخر”. وشدد على أن “عودة النظام السوري إلى المجتمع الدولي مالياً وسياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً لن تتم حتى حل الأزمة السورية”.

وأوضح جيفري أن واشنطن تعارض تقارب الإمارات الدبلوماسي مع نظام الأسد. وقال تعليقاً على إعادة فتح الحكومة الإماراتية سفارتها في دمشق وزيارة وفد إماراتي إليها مؤخرا: “الإمارات تعرف أننا نرفض على الإطلاق اتخاذ الدول مثل هذه الخطوات… أكدنا بوضوح أننا نعتبر ذلك فكرة سيئة”.

وأضاف أن أي نشاطات اقتصادية لأشخاص محسوبين على النظام في الإمارات أو غيرها ستكون هدفاً للعقوبات”. وتابع: “العقوبات ستشمل الأنشطة الاقتصادية لأي شخص في الإمارات أو غيرها إذا خالف المعايير المحددة”.

وفي آذار الماضي، أجرى ولي عهد إمارة أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً مع الأسد، بحجة البحث في انتشار فيروس كورونا المستجد. وأعادت  الإمارات فتح سفارتها في دمشق في كانون الثاني/يناير 2018.

وفي أول تعليق على العقوبات الجديدة، انتقدت موسكو بشدة، قانون “قيصر”. وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ميخائيل بوغدانوف، إن موسكو “ضد العقوبات أيا كانت، لاسيما ضد تمديدها وتشديدها”.

وتابع: “العقوبات غير قانونية وغير مشروعة على الإطلاق، بل وهي ببساطة تضر بعملنا المشترك مع المجتمع الدولي والهادف إلى مساعدة السوريين في تجاوز أزمتهم على أكمل وجه ممكن”.

من جانبها، قالت الخارجية الروسية، في بيان، إن قانون “قيصر” الذي يدعي عنايته بالمدنيين في سوريا، يستهدف في الواقع “السوريين العاديين”. وأضافت أن “واشنطن تدرك تمام الإدراك أن عقوباتها الأحادية المفروضة على سوريا، والتي ستضاف إليها تقييدات جديدة، هي التي كانت بين الأسباب الرئيسة لانخفاض سعر الليرة السورية وقفزة أسعار الوقود والأغذية وغيرها من البضائع الأساسية، الأمر الذي أوقع ألوفاً من السورين العاديين في ظروف معيشية حرجة”.

من جهتها، قالت وزارة خارجية النظام السوري إن الحزمة الأولى من عقوبات “قيصر” تكشف “تجاوز واشنطن لكافة القوانين والأعراف الدولية”. وقال مصدر في الوزارة إن ذلك “يكشف أيضاً المستوى الذي انحدر إليه مسؤولو هذه الإدارة ليلامس سلوكيات العصابات وقطاع الطرق”، حسب تعبيره.

—————————–

قيصر” يمس الكرملين/ بسام مقداد

يدرك الكرملين جيداً بأنه ليس بمنأى عن مفاعيل قانون “قيصر” ، ويلتزم أخيراً صمتاً شبه مطبق حيال تأثيرات القانون عليه ، على الرغم من وضوح نص القانون بشأن الدول والمنظمات والأشخاص ، الذين يساعدون النظام في ارتكاب جرائمه ضد السوريين . لكنه كان من اللافت مسارعته إلى الإعلان على لسان سفيره في  دمشق ألكسندر يفيموف أن “موسكو لن تتخلى عن دمشق” في صراعها مع العقوبات . والسفير ، الذي لم تذكر نوفوستي صفته كممثل خاص للرئيس الروسي في دمشق، لم يقتصد في استخدام الخطابية عينها ، التي يستخدمها الإيرانيون والنظام السوري في “صراعه مع العقوبات”. فروسيا ، التي مرت عبر تاريخها الألفي بتجارب أقسى من هذه بكثير ، وسوريا التي صمدت في الحرب الطويلة القاسية ضد إرهاب حقيقي، لن يكسرهما “الإرهاب الإقتصادي”، وهذه العقوبات سوف تفشل، كما سبق وفشلت محاولات فرض إرادة غربية بالسلاح على الشعب السوري . ويؤكد السفير “للجميع” ، أن روسيا لن تتخلى عن سوريا في هذه “المرحلة الصعبة” ، حيث “تمكنا خلال خمس سنوات من النضال ضد العدو المشترك” ، من بلوغ أقصى درجات الثقة والتعاون .

الثقة القصوى ، التي يؤكدها السفير ، لم يعرضها للتشكيك أكثر مما قام به الكرملين نفسه في أواسط نيسان/أبريل المنصرم ، حين اكتشفت فجأة مواقع إعلام “طباخه” يفغيني بريغوجين فساد النظام السوري ، وعجزه عن إدارة المناطق الواقعة تحت سيطرته . صحيح أن الكرملين كان قد نأى بنفسه حينها عن انتقادات مواقع إعلام بريغوجين تلك ، ولم يؤكدها أو ينفها ، إلا أن ذلك لم يقنع أحداً بأن تلك الإنتقادات لم تكن بوحي من الكرملين نفسه ، الذي تربطه علاقة وثيقة ب”سيد” المرتزقة الروس “الطباخ” بريغوجين . وبريغوجين ذاك كان نفسه قد عاد عن انتقاداته تلك ، وظهر في دمشق واجتمع مع رئيس ديوان الرئاسة السورية منصور عزام وعدد من الوزراء السوريين ، كما ذكر موقع “Rosbalt” الروسي في 4 من الشهر الجاري ، ونشرت وكالة الأنباء الفدرالية العائدة له في 6 من الشهر عينه مقالة مطولة بعنوان “الأسد يجابه بنجاح عقوبات الولايات المتحدة خلال  تطويره إقتصاد سوريا خلافاً ل”قانون قيصر”” . فهل اقتنع الكرملين برأي بريغوجين “المستجد” هذا ، أم أن “قانون قيصر” لم يترك له خياراً آخر غير الإصطفاف إلى جانب النظام السوري في “النضال ضد العدو المشترك ؟

موقع “news.ru” الإلكتروني الروسي تحدث بصراحة عن الموقع ، الذي يُلزم “قانون قيصر” الكرملين التموضع به إلى جانب النظام السوري والدفاع المستميت عنه ، بل ويشتبه بمده بالدولار الأميركي ، مما ساهم في انتعاش الليرة السورية مؤقتا ، قبل عودتها مجدداً إلى الإنخفاض . فقد كتب الموقع في 10 الشهر الجاري مقالة بعنوان “روسيا سوف يلزمونها بدفع ثمن خطايا النخبة السورية” ، أرفقه بعنوان ثانوي قال فيه “ينتظرون من موسكو إجراءات لحماية دمشق من “قانون قيصر” الأميركي”” . وقال الموقع بأنهم يشتبهون بروسيا باتخاذها إجراءات لدعم الليرة السورية ، التي انخفضت إنخفاضا شديداً بسبب اقتراب فرض حزمة جديدة من العقوبات الأميركية تحت اسم “قانون قيصر”، الذي وصفته الحكومة السورية بالحرب الإقتصادية عليها . ومن المحتمل أن تضطر موسكو إلى إعادة صياغة تعاونها مع دمشق على نحو يجنبها جميع المخاطر . وقال بأن المحللين قد لاحظوا ، أنه بعد الإنخفاض الشديد للعملة السورية ، عادت وتحسنت قليلاً، إذ استعادت حوالي 20% من قيمتها تجاه الدولار خلال يوم واحد ، مما جعل هؤلاء يفترضون بأن الجانب الروسي لجأ إلى آليات تثبيت قيمتها ، كأن يعمد إلى مد المصرف المركزي السوري بالعملة الصعبة . وإذا ما صح ذلك ، فهذا يعني أن موسكو تحاول إعادة تنسيق سياستها مع مفاعيل “قانون قيصر”  ، الذي أصبح أحد عوامل انهيار الليرة إلى جانب مضاربات الصرافين المحليين وشركات رامي مخلوف .

ويقول الموقع أن دمشق تستخدم الخطاب الإيراني في مواجهة  “قانون قيصر”، إذ أعلنت الخارجية السورية أن الولايات المتحدة تدوس علناً حقوق الإنسان ومنظومة الحقوق الدولية ، وتواصل انتهاج سياسة فرض العقوبات من جانب واحد. لكن مهما كان الخطاب ، فمن الصعب التشكيك بفعالية العقوبات الأميركية الجديدة  المترافقة مع الأزمة اللبنانية ، التي خفضت قيمة ودائع السوريين، ومع الإنهيار الإقتصادي العام بسبب وباء الكورونا والخلافات داخل السلطة السورية.

وكما هو متوقع ، فإن “قانون قيصر”  سوف يطال روسيا ، التي تدعم الأسد ، سواء عبر الدولة أو عبر البزنس الخاص . وإذا ما ثبتت صحة التدابير الروسية لدعم الليرة السورية ، فإن هذا يعني أن الجانب الروسي مستعد للمضي إلى الآخر في خوض الصراع من أجل الوضع الإقتصادي في سوريا . لكن السؤال هو عما تكلفه لروسيا هذه “الإستشهادية الإقتصادية” في سبيل الحكومة البعثية ، التي تواصل إنفاق الأموال على العمليات الحربية ، بدلاً من شراء القمح والشعير ، ودعم الخبز ، الذي تعاني من نقصه مناطق عديدة تقع تحت سلطة الأسد ، لكنه من المستبعد توقع إجابة نزيهة على هذا السؤال ، وفق الموقع.

“قانون قيصر”  الذي يثير رعباً حقيقياً في نفوس الأسديين في إيران ولبنان وسوريا ، يبدأ حيز تطبيقه  الأربعاء في 17 حزيران/يونيو ، ولمدة خمس سنوات قابلة للإختصار إذا نفذ الأسديون والمعنيون الأجانب شروطه ، لم يعد مادة للنقاش برأي الكرملين . فالقانون وقعه الرئيس الأميركي نهاية السنة الماضية ، ولم يعد متاحاً سوى الردح حول “استهدافه الشعب السوري” ، كما يردد النظام السوري والإيرانيون ، ويكرر سفير الكرملين في دمشق ، سيما أن مبعوث واشنطن إلى  دمشق جيمس جيفري “يطمئن” موسكو بمواصلة مفاوضاته مع الكرملين حول التسوية السلمية للأزمة السورية ، وكانت آخر جلساتها عبر الهاتف الخميس الماضي في 11 من الجاري ، بين جيفري ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينن.

إن ما يقض مضاجع الكرملين حالياً هي الوثيقة ، التي أعدها الجمهوريون في الكونغرس الأميركي بعنوان “تعزيز اميركا ومناهضة التهديدات الدولية” ، التي تطالب بفرض “عقوبات من الجحيم” على كل من روسيا والصين وإيران والمنظمات الإرهابية . تتضمن الوثيقة حوالي 140 إقتراحاً بالعقوبات “ضد أكثر أعداء أميركا الدوليين عدوانية” ، حسب صحيفة “NOVAYA” الروسية المعارضة ، وتهدد روسيا بتسميتها “دولة ممولة للإرهاب” ، وبفصلها عن النظام المصرفي العالمي SWIFT . يرفض ديمتري بيسكوف الناطق باسم الرئيس الروسي التصديق بأن العقوبات المقترحة بشأن روسيا سوف يتم تنفيذها ، ويأمل بأن “تبقى هذه المخططات على مستوى التصريحات ، ولن تتحقق بأي شكل من الأشكال” ، ويستطرد بالقول “بالطبع، لا يسعنا إلا أن نأسف للإندفاعات الجديدة ، التي يحاول بعض الأشخاص إعطاءها الطابع العام للسياسة الأميركية … وهذا لا يساعد ، بالتأكيد ، على تطبيع العلاقات الثنائية” ، حسب “تاس” .

وينقل موقع “GAZETA.ru” الإلكتروني الروسي الموالي للكرملين عن “تاس” في عرضها للوثيقة ، قولها بانها تتضمن قيوداً على مشاريع  النفط والغاز، وعلى الدين السيادي الروسي، وعلى”الأشخاص الموالين لروسيا” في البلدان الأخرى. لكن أخطر ما تدعو إليه الوثيقة ، برأي الموقع، هو دعوتها “لوضع استراتيجية للتعامل مع الشعب الروسي مباشرة ودعم تطلعاته إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان” ، أي إلى عدم الإعتراف بشرعية  تمثيل الكرملين للشعب الروسي ، وتخطي سلطته .

هذا ما يخشاه الكرملين ، ويرفض تصديق تحققه في الواقع ، وليس “قانون قيصر” ، الذي أصبح وراءه ، ولم تعد تفيده مناقشته ، وإن كان يدرك أنه ليس بمنأى عن مفاعيله ، وخصوصاً عسكرييه وسلاحهم الذي يشارك النظام السوري في جرائمه ضد السوريين.

المدن

————————————-

الاقتصاد اللبناني-السوري في مرمى “قيصر”: الحصار المطبق/ عزة الحاج حسن

دخل قانون العقوبات الأميركي “قيصر”، يوم أمس الثلاثاء 17 حزيران، حيز التنفيذ، وسط تصاعد المخاوف من حجم الآثار السلبية التي سيتركها على الإقتصاد اللبناني، وإن لم يكن لبنان معنياً بشكل مباشر بالعقوبات الأميركية، إلا أنه يقبع في عين عاصفة “قيصر” الأميركية.

مخاطر الترابط

تختلف التحليلات والتأويلات فيما يتعلّق بأثر قانون قيصر على الاقتصاد اللبناني. لكن يبقى من الثابت تلازم الاقتصادين اللبناني والسوري، وترابطهما على مختلف الصعد، خصوصاً بعد العام 2011 مع بداية الحرب السورية. وخير دليل على ترابط الاقتصادين بشكل وثيق تطرق التقارير الدولية، ومنها ما يعود إلى الأمم المتحدة والبنك الدولي، إلى انعكاس تراجع الناتج المحلي للاقتصاد السوري بشكل مباشرة على الناتج المحلي اللبناني. إذ أن تراجع الناتج السوري بنسبة 1 في المئة ينعكس تلقائياً تراجعاً بنسبة 0.20 في المئة في الناتج اللبناني.

وانطلاقاً من ترابط اقتصادَي البلدين، بات لزاماً على السلطات في لبنان من جهة وعلى مؤسسات القطاع الخاص من جهة أخرى، البحث وإعادة النظر بالكثير من العلاقات والتبادلات التي قد تشملها العقوبات الأميركية.

يستهدف قانون قيصر قطع أي إمدادات للنظام السوري، سواء كان من حكومات أو شركات أو أفراد. ويطال كل من ينخرط في معاملات مع النظام السوري ويوفر له الدعم المالي أو التقني أو التعاقد معه أو مع الحكومة السورية أو أي من المؤسسات الرسمية أو الكيانات السورية. ويطال كل شخص أو مؤسسة تبيع أو توفر سلعاً أو خدمات أو أي نوع من أنواع الدعم  الاقتصادي والمالي للسلطة السورية. ويتوجه قانون العقوبات الأميركي بشكل مباشر وحاسم للبنك المركزي السوري، ولكل من يتعاون أو يرتبط بعلاقة ما مع المصرف المركزي.

الكهرباء والمقاولات

يرى البعض من خلال قراءته مفاعيل قانون العقوبات الأميركي على الاقتصاد اللبناني أن الأخير لن يتأثر بشكل كبير بقانون قيصر، وفق مصدر متابع للملف، خصوصاً أن القانون لا يطال المعاملات التجارية بين لبنان وسوريا ولا عبور الترانزيت، مستبعداً أن يتأثر لبنان سلباً بالعقوبات، باستثناء ملف الكهرباء. فمن المتوقع أن تضطر الحكومة اللبنانية إلى وقف استيراد الكهرباء من سوريا، نظراً لكون العلاقة تتركز مع مؤسسة الكهرباء الرسمية التابعة للحكومة السورية. في حين يحذّر البعض الآخر من مفاعيل القانون على الاقتصاد اللبناني، ما لم يتم تدارك الأمور ورسم آلية وحدود معينة للتعامل اقتصادياً بين البلدين. وقد صدق من وصف لبنان بـ”الخاصرة الرخوة لسوريا”. فالأخيرة تتخذ من لبنان ممراّ لمستورداتها منذ العام 2011 مع فرض حصار عليها، كما أن سوريا تشكّل في المقابل متنفّساً للبنان لجهة التصدير براً.

ويكاد يكون أسوأ مفاعيل قانون العقوبات الأميركي على لبنان، هو قطع الطريق أمام الشركات اللبنانية لدخول السوق السورية، للمشاركة في إعادة الإعمار وعقد شراكات استثمارية، وعرقلة تحضير الأرضية اللبنانية لاستقبال شركات أجنبية تنوي المشاركة في إعادة إعمار سوريا.

النظام المصرفي

أما الملفات الأكثر حساسية في الوقت الراهن والأكثر عرضة للتأثر بالعقوبات الأميركية، هو ملف القطاع المصرفي اللبناني ومساهماته في المصارف المتواجدة في سوريا، أي بنك عودة سوريا BASY، بنك بيبلوس سوريا BBS، بنك سوريا والمهجر BSO، فرنسبنك سوريا FSBS، بنك الشرق (تابع للبنك اللبناني الفرنسي) SHRQ وبنك سوريا والخليج SGB. وعلى الرغم من أن المصارف المذكورة لم تعد مصارف لبنانية منذ العام 2011، حين انفصلت عن مصارفها الأم في لبنان، وباتت سيولتها وميزانياتها ورساميلها غير مندمجة مع ميزانيات المصارف في لبنان، وباتت تُدار من قبل شركات خاصة ومجالس إدارة مستقلة، لكن مملوكة من عدد من المساهمين، بينهم المصارف اللبنانية، غير أنه لا بد للمصارف اللبنانية والسلطات النقدية أن تتعامل بحذر مع تلك المتواجدة في سوريا، لاسيما لجهة علاقتها بالبنك المركزي السوري المستهدف مباشرة من قبل قانون قيصر.

وبات على القطاع المصرفي اتخاذ أقصى الاحتياطات لجهة التعامل مع أموال المودعين السوريين في لبنان، والتدقيق في مدى ارتباطهم بعمليات تمويل أو دعم للسلطات السورية. كما بات من الملح على الشركات اللبنانية التي كانت تأمل العبور إلى السوق السورية من خلال مشاريع إعادة الإعمار، إعادة النظر في خططها المستقبلية تجنباً لوقوعها فريسة العقوبات الأميركية.

———————-

واشنطن تفتتح”قيصر”بعقوبات على بشار وأسماء وماهر وبشرى ومنال الأسد

فرضت الولايات المتحدة الأربعاء، عقوبات على 39 كياناً سورياً بموجب قانون “قيصر لحماية المدنيين السوريين”،  بما في ذلك رئيس النظام السوري بشار الأسد وزوجته أسماء.

وأعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، قرار واشنطن، الذي يعد أول تفعيل لقانون “قيصر” ضد نظام الأسد وحلفائه. وقال بومبيو إنّ عقوبات اليوم “جزء من حملة مستمرة لممارسة ضغوط اقتصادية وسياسية ضد نظام الأسد”.

وقال بومبيو في تغريدة: “اليوم نبدأ حملة عقوبات على نظام الأسد بموجب قانون قيصر، الذي يجيز عقوبات اقتصادية شديدة لتحميل نظام الأسد وداعميه الأجانب المسؤولية على أفعالهم الوحشية ضد الشعب السوري”.

وأضاف أن “عقوبات أخرى كثيرة سيتم فرضها إلى حين وقف الأسد ونظامه حربهم التي لا طائل لها والوحشية، وموافقتهم على حل سياسي كما دعا إليه قرار مجلس الأمن 2254”.

    Today we begin a sustained campaign of sanctions against the Assad regime under the Caesar Act, which authorizes severe economic sanctions to hold the Assad regime and its foreign enablers accountable for their brutal acts against the Syrian people.

    — Secretary Pompeo (@SecPompeo) June 17, 2020

وليست المرة الأولى التي تفرض فيها الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على الأسد، وإنما فرضت عليه عقوبات في 2011، أما أسماء الأسد فتعتبر العقوبات الأولى ضدها من قبل واشنطن، بعدما وصفتها وزارة الخارجية الأميركية بأنها باتت من أكبر أثرياء الحرب.

ويخضع العديد من السوريين المستهدفين بقعوبات “قيصر”، لعقوبات أميركية سابقة، لكن العقوبات التي أعلنت الأربعاء/ ستستهدف أيضاً غير السوريين الذين يتعاملون معهم. وإلى جانب انتهاكات حقوق الانسان، تستهدف العقوبات الجديدة شخصيات وكيانات بسبب عرقلتهم للحل السياسي.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، إن العقوبات تشمل “مهندسي المعاناة”، بشار الأسد وزوجته أسماء، وكذلك مؤسسي “الأعمال الوحشية” محمد حمشو ولواء “الفاطميون” الميليشياوي الإيراني. كما تطال ماهر الأسد وفرقته الرابعة في قوات النظام وقائديه غسان علي بلال وسامر الدانا. وتشمل العقوبات أيضاً، بشرى الأسد ومنال الأسد وأحمد صابر حمشو وعمر حمشو وعلي حمشو ورانيا الدباس وسمية حمشو.

وأكدت الوزارة أنها ستواصل هذه الحملة في الأسابيع والأشهر القادمة “لاستهداف الأفراد والشركات التي تدعم نظام الأسد وتعرقل التوصل إلى حل سلمي وسياسي للصراع”. وأضافت “نتوقع فرض عقوبات أكثر بكثير، ولن نتوقف قبل أن يوقف الأسد ونظامه حربهما الوحشية وغير الضرورية ضد الشعب السوري وأن توافق الحكومة السورية على حل سياسي للصراع”.

وقال رئيس الائتلاف السوري المعارض، أنس العبدة إن النظام السوري هو المستهدف من “قانون قيصر” وليس الشعب. وأضاف في تصريح ل”الأناضول”، أن “قانون قيصر لحماية المدنيين، يستهدف حصرا مصالح العصابة الحاكمة، وأفرعها الأمنية، وكبار المجرمين، وكل من يدعمها من دول ومؤسسات وأشخاص، ويحرمهم من الفيتو الذي عطّل مجلس الأمن طويلا”.

وتابع: “القانون لا يطاول المواد الغذائية أو الطبية، ولا علاقة له بالمساعدات الإغاثية بأي شكل من الأشكال، وهو صادر أصلا تحت عنوان حماية المدنيين السوريين، وهو وسيلة للضغط على النظام وحلفائه لدفعهم نحو حل سياسي ينهي مأساة الشعب السوري”.

وردا على سؤال حول دور الائتلاف في التعامل مع القانون، قال العبدة إن “الائتلاف شكل فريق عمل خاص بمتابعة عملية تنفيذ القانون بما يخدم مصالح الشعب السوري”. وتابع: “فريق العمل يراقب الجهات التي تتعاون مع النظام، والتي قد تعمل على مساعدته للالتفاف على العقوبات، أو تساهم في إمداده بالمقاتلين والأسلحة، وسنقوم بما هو ممكن لمنع ذلك”.

وأضاف أن “فريق العمل سيقوم من خلال عمله الدبلوماسي مع الدول الصديقة والشقيقة على تفعيل القانون والاستفادة منه لأقصى درجة”.

وتعليقاً على العقوبات، قال إدوارد ديهنيرت من وحدة “ذي إكونوميست” للبحوث والمعلومات، إنه “لا يزال على الولايات المتحدة أن توضح أين وإلى أي حد سيتم تطبيق العقوبات، لكن من الممكن القول إن قطاعات العقارات والإعمار والطاقة والبنى التحتية ستتأثر بشكل خاص”.

ورأى أن القانون “يعد ظاهرياً آخر محاولة في جهود الولايات المتحدة لفرض تسوية سياسية والإطاحة بالأسد”. إلا أنه أوضح في الوقت ذاته أن ذلك “لن يحدث في أي وقت قريب، كون موقع الأسد حالياً مضموناً” إذ يحظى بدعم إيران وروسيا. وبالتالي، سيكتفي القانون ب”عرقلة قدرة النظام وأزلامه على الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي ستوفرها عملية إعادة الإعمار” المكلفة.

ورجح ديهنيرت أن تنجح واشنطن ” إلى حد ما في مساعيها، فقد صممت العقوبات لإبقاء نظام الأسد منبوذاً، وسيكون تهديدها باتخاذ خطوات عقابية كافياً لإخافة غالبية تدفقات الاستثمارات الخارجية”.

————————-

 قيصر الجولة الأخيرة… بدأت

مرّ اليوم الأوّل على دخول قانون «قيصر» الأميركي حيّز التنفيذ. جميع الأطراف المعنيين، من واشنطن إلى موسكو وطهران وبكين، مروراً بدمشق وبيروت، بدأوا ينشغلون بتظهير مواقفهم. مواقف، رغم تفاوت حدّتها واختلاف وجهتها، فهي تتقاطع عند تأكيد أن المرحلة المقبلة ستطبع الخارطتين الميدانية والسياسية في الإقليم. يريد الأميركيون من عقوبات «قيصر» قواعد تحكم جولة جديدة من الصراع في الإقليم، تعوّض التوازنات التي اهتزّت بفعل نتائج الميدان في السنوات الأخيرة، والنتائج العكسية للرهان على ضرب سوريا وإسقاطها. تحرص واشنطن على تطبيق متشدد للعقوبات حتى فكفكة السلطة المركزية في سوريا وإخضاعها بسلاح التجويع. اللوائح الأولى، مرفقة بتهديدات بمعاقبة الحلفاء العرب، بمن فيهم الإماراتيون، تؤكّد حجم الحرص الأميركي على الأخذ بمستوى لا هوادة فيه من المواجهة. على الضفة المقابلة، حلفاء سوريا، الإقليميون والدوليون، يجمعون على أن خسارة هذه الجولة، بسلاح الاقتصاد الحصار والتجويع هذه المرّة، خيار غير وارد.

عملياً، المعركة الأميركية باسم قانون «قيصر»، تستهدف علناً تغيير الموقف السياسي للحكم في سوريا. وهو تغيير ينشد تسوية مع القوى الإرهابية التي خرّبت سوريا وعبثت بدولتها وشعبها. وهي تسوية يريدها الأميركيون بهدف تعديل جوهري للسياسات في بلاد الشام، بغية إبعادها عن محور المقاومة. إنها المعركة الجديدة الهادفة إلى ضرب محور المقاومة في سوريا، ولكن في لبنان والعراق أيضاً. هي معركة واضحة ضد المقاومة. وبهذا الوضوح، يتعامل معها محور المقاومة بكل حكوماته وقواه. وربما كان كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واضحاً في أبعاده المباشرة، خصوصاً عندما ردّ على محاولة تخيير الناس بين سلاح المقاومة ولقمة عيشهم، قائلاً: سنحمي سلاحنا وسنقتلكم!

ترزح سوريا فعلاً، تحت وطأة عقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أدّت إلى تجميد أصول للدولة ومئات الشركات والأفراد. وتمنع واشنطن، أصلاً، صادرات واستثمارات الأميركيين في سوريا والتعاملات في مجالات النفط والغاز ومنتجاتهما. وهي تضغط أيضاً، على حلفائها في العالم، وخصوصاً جيران سوريا، كالأردن ولبنان، للانخراط في جهود خنق سوريا. كما تحتلّ بالتعاون مع «قوات سوريا الديموقراطية»، حقول النفط والغاز في شرقي الفرات، وتمنع الشعب السوري من عائدات الآبار التي تنهبها لـ«تمويل أعمالها الحربية في سوريا»، كما تزعم. ولكن العقوبات الجديدة، بنسخة «قيصر»، تعرّض أي متعامل مع سوريا، بصرف النظر عن جنسيته، للعقوبات وتجميد الأصول. كما تشمل العديد من القطاعات الأخرى، على رأسها قطاع التعاملات المالية. بالإضافة إلى أنها تشمل من يتعاملون مع كيانات في روسيا وإيران، أو حزب الله.

وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في سياق إعلانه دخول قانون «قيصر» حيّز التنفيذ، أنه «يتوقع العديد من العقوبات الإضافية، ولن نتوقف إلى حين توقف الأسد ونظامه عن حربهما الوحشية». ووصف العقوبات بأنها «بداية ما ستكون حملة متواصلة من الضغوط الاقتصادية والسياسية لحرمان نظام الأسد من العائدات والدعم الذي يستخدمه لشن الحرب». وأفاد بومبيو بأن الولايات المتحدة تمضي قدماً بحملة الضغط «بتعاون كامل من دول أخرى متفقة معها»، في هذا الصدد. كذلك، أفادت المتحدثة الإقليمية باسم الخارجية الأميركية، جيرالدين غريفث، بأن «قانون قيصر صارم، ويشمل بنوداً مهمة ضد كل من يتعامل مع الحكومة السورية»، وهو يستهدف «الحكومة السورية ونشاطاتها بشكل أساسي… لا الشعب السوري». واعتبرت غريفث أنه «ليس هناك حل عسكري للأزمة في سوريا، ونهدف إلى دفع الحكومة للحل السياسي»، محددة أن واشنطن تريد «إخراج جميع القوات الإيرانية والموالية لها وحزب الله من سوريا». في السياق نفسه، هدّد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، في تصريح مباشر، الدول العربية وخصوصاً دولة الإمارات بالعقوبات، مؤكداً أن أبو ظبي «تدرك أننا نعارض بشدة التقارب الدبلوماسي مع النظام السوري».

وصدرت مساء أمس، من واشنطن، الحزمة الأولى من العقوبات في إطار قانون «قيصر». مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانةالأميركية، فرض عقوبات على 24 من الأفراد والكيانات الذين يدعمون الرئيس السوري بشار الأسد في جهود إعادة إعمار البلاد التي دمّرتها الحرب. وأعلنت الوزارة، في بيان، أن الإجراءات تمثّل «الخطوة الأولى التي تتخذها الخزانة الأميركية لفرض عقوبات بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، الذي وقّعه الرئيس دونالد ترامب في نهاية عام 2019». وقال وزير الخزانة ستيفن منوشين: «إن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي، بينما يقوم نظام الأسد بتهجير المدنيين لمصلحة النخب الموالية للنظام»، مؤكداً أن وزارته ستواصل استخدام أدواتها وصلاحياتها «لاستهداف نظام دمشق ومؤيديه في سعيهم للاستفادة من معاناة الشعب السوري». وبالتزامن مع عقوبات وزارة الخزانة، استهدفت وزارة الخارجية 15 شخصاً «يعيقون أو يعرقلون أو يمنعون وقف إطلاق النار أو تحقيق الحل السياسي للصراع السوري»، بحسب زعم الوزارة، في مقدمهم الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء، اللذان وصفتهما الوزارة بـ«مهندسي معاناة الشعب السوري». وأوضحت الخارجية الأميركية أن «بعض تصنيفات اليوم، تأتي بسبب التغيير العمراني في الأراضي التي صادرها النظام السوري من السوريين بعدما شرّدهم»، في إشارة إلى مشاريع عمرانية كبيرة تقوم بها شركات سورية، أبرزها مشروع «ماروتا سيتي» العمراني التنظيمي، الذي تم الإعلان عنه سنة 2012 من قبل الرئيس السوري، باسم «تنظيم شرقي المزة»، ومدينة «غراند تاون» السياحية، وهو مشروع تطويري قرب مطار دمشق. وتابعت الوزارة: «نظام الأسد ومؤيّدوه يقومون الآن بضخ الموارد لبناء مشاريع عقارية فاخرة على تلك الأراضي (التي هُجّر منها أهلها بحسب زعم الوزارة)». وشملت الحزمة الأولى من العقوبات، في مجموعها الكلّي، 39 فرداً وكياناً في سوريا وخارجها، هم عبارة عن رجال أعمال سوريين مقرّبين من القيادة في دمشق، وشركات تابعة لهم في سوريا وخارجها، بالإضافة إلى ثلاث شخصيات عسكرية، وفرقة في الجيش السوري، وتنظيم مسلح داعم لدمشق. وأتت لائحة المستهدفين في العقوبات على الشكل الآتي:

الأفراد:

1- الرئيس السوري بشار الأسد

2- زوجة الرئيس أسماء الأسد

3- ماهر الأسد، شقيق الرئيس وقائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري

4- غسان علي بلال، مدير مكتب الأمن في الفرقة الرابعة وقائد الفوج 555 مظلي

5- سامر الدانا (قائد لواء في الفرقة الرابعة)

6- بشرى الأسد (شقيقة الرئيس السوري)

7- منال الأسد (منال جدعان، وهي زوجة ماهر الأسد)

8- محمد حمشو (رجل أعمال وعضو في مجلس الشعب ورئيس مجلس رجال الأعمال السوري ــــ الصيني)

9- أحمد صابر حمشو (رجل أعمال ورئيس مجلس إدارة غرفة التجارة الدولية)

10- عمرو حمشو (رجل أعمال)

11- علي حمشو (رجل أعمال)

12- رانيا الدباس (سيدة أعمال)

13- سمية صابر حمشو (سيدة أعمال تعمل في سوريا وقطر)

14- عادل العلبي، تسلّم منصب محافظ دمشق منذ 2018، وأصبح رئيساً لمجلس إدارة شركة «دمشق الشام القابضة».

15- نذير أحمد محمد جمال الدين (محمد نذير أحمد محمد جمال الدين، رجل أعمال)

16- نادر قلعي (رجل أعمال سوري)

17- محمد خالد بسام زبيدي، رجل أعمال وعضو مجلس اتحاد غرف السياحة السورية منذ 2019

الكيانات:

18- الفرقة الرابعة في الجيش العربي السوري

19- «لواء فاطميون» الأفغاني

20- «كاستل هولدينغ» (النمسا، فيينا)

21- «آرت هاوس» (النمسا، فيينا)

22- شركة «الأجنحة المساهمة المغفلة» الخاصة (دمشق)

23- شركة «بنيان دمشق المساهمة المغفلة» الخاصة (المزّة، دمشق)

24- شركة «دمشق الشام للإدارة» (دمشق)

25- شركة «دمشق الشام القابضة» (دمشق)

26- فندق «إيبلا» (دمشق)

27- شركة «القمّة للتطویر والمشاریع المحدودة المسؤولیة» (ريف دمشق)

28- مدينة «غراند تاون» السياحية (طريق المطار، دمشق)

29- «قلعي للصناعات» (الكسوة)

30- شركة «ميرزا» (دمشق)

31- «راماك للمشاريع التنموية والإنسانية» (دمشق)

32- شركة «روافد دمشق المساهمة المغفلة» الخاصة (دمشق)

33- شركة «تميّز المحدودة المسؤولية» (دمشق)

34- «تيليفوكس كونسلتنتس» (كندا)

35- «تيليفوكوس ش.م.ل» (بيروت)

36- شركة «التيميت للتجارة المحدودة المسؤولية» (ريف دمشق)

37- شركة «كاسل إنفست هولدنغ ش.م.ل» (دمشق – بيروت)

38- شركة «زبيدي وقلعي المحدودة المسؤولية» (طريق المطار، دمشق)

39- شركة «العمار» (ريف دمشق)

دمشق تعدّل سعر الليرة

رأت وزارة الخارجية السورية أن «الحزمة الأولى من الإجراءات الأميركية تكشف تجاوز الإدارة لكل القوانين والأعراف الدولية». وقال مصدر رسمي في الوزارة، في تصريح إلى وكالة «سانا»، إن «الكثير من الدول أدانت العقوبات الأحادية اللّامشروعة وطالبت برفعها فوراً». وشدد على أن «الشعب السوري وجيشه الباسل الذي أجهض بصموده الأسطوري وملاحمه البطولية المشروع الأميركي دفاعاً عن سيادة سوريا ووحدتها… لن يسمحا لمحترفي الإجرام الأسود في البيت الأبيض بإعادة إحياء مشروعهم». وعلى وقع التدهور المزمن في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، والتدهور الحادّ الذي شهدته البلاد في الفترة الأخيرة قبيل دخول قانون «قيصر» حيز التنفيذ، رفع مصرف سوريا المركزي، أمس، سعر صرف الليرة الرسمي مقابل الدولار من 700 إلى 1250 ليرة، في خطوة تزامنت مع بدء تطبيق العقوبات الأميركية الجديدة. وحدّد المصرف، في بيان نشره على صفحته على موقع «فايسبوك»، سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي «بغرض تمويل المستوردات بـ1265 ليرة سورية وسعر شراء الحوالات الواردة من الخارج بـ1250 ليرة». وكان السعر الرسمي المعتمد منذ آذار/ مارس مثبتاً على 700 ليرة. ووفق البيان، يسعى التعديل «للوصول إلى سعر توازني بهدف ردم الفجوة بين سعر السوق وسعر الحوالات… وسط الظروف المرحلية التي يمر بها الاقتصاد الوطني نتيجة تشديد الإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب على الشعب السوري عبر ما يدعى بقانون قيصر، إضافةً إلى استمرار الأزمة الاقتصادية في لبنان».

موسكو: التعاون بين البلدين لن يتأثّر

أكدت الحكومة الروسية أن العقوبات الأميركية على سوريا «لن تؤثّر على التعاون بين موسكو ودمشق في المجال العسكري ومكافحة الإرهاب في سوريا». وحذّرت الخارجية الروسية واشنطن من عواقب سياستها، مذكّرة الأخيرة بأن «العقوبات الأميركية أحادية الجانب السارية منذ عدة سنوات، والتي أضيفت إليها قيود جديدة اليوم، أدّت إلى انخفاض قيمة الليرة السورية، وقفزة في أسعار الوقود والغذاء والضروريات الأساسية. ونتيجة لذلك، فإن آلاف السوريين البسطاء، وفقاً لممثلي وكالات الأمم المتحدة الإنسانية المتخصصة، أصبحوا حرفياً على حافة البقاء». ورأت أن «العقوبات الأميركية ضد سوريا غير شرعية، وتعرقل الجهود الدولية لحلّ الأزمة فيها». بدوره، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن «العقوبات الأميركية على دمشق لن تؤثر على التعاون بين موسكو ودمشق»، مشدداً على أن «العقوبات غير قانونية، ولا أحد يقدر أن يمنع موسكو ودمشق من التعاون في المجالات كافة». وفي السياق ذاته، أكّد عضو مجلس الاتحاد الروسي فلاديمير جباروف، عزم موسكو على مواصلة دعم سوريا، رغم التهديد بتعرّض روسيا لعقوبات واشنطن بموجب «قيصر». وفي تصريح لوكالة «إنترفاكس» الروسية، علّق جباروف، الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في الغرفة العليا من البرلمان الروسي، على إعلان بدء الولايات المتحدة فرض عقوبات «قيصر»، بالقول: «سنواصل بلا شكّ دعمنا لسوريا، بما في ذلك الدعم الإنساني والعسكري، ومساعدتها في حربها على الإرهابيين، كما سنواصل توسيع وتعزيز قاعدتينا في حميميم وطرطوس». وأضاف جباروف إن الولايات المتحدة «لن تستطيع ترويع روسيا بالعقوبات التي ينصّ عليها القانون الجديد».

—————————–

أكدت استمرار التعاون مع نظام الأسد.. إيران تصف العقوبات الأميركية على سوريا بـ”الإرهاب

نددت إيران اليوم الخميس بالعقوبات الأميركية الجديدة على سوريا، حليفتها الإقليمية، ووصفتها بأنها “غير إنسانية وتمثل إرهابا اقتصاديا”، مؤكدة أنها ستعزز روابطها التجارية مع دمشق.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي “في الوقت الذي يواجه فيه العالم جائحة فيروس كورونا، لن يكون من شأن فرض مثل هذه العقوبات غير الإنسانية سوى تعميق معاناة الشعب السوري”.

وأضاف موسوي -في بيان- أن إيران “لا تحترم مثل هذه العقوبات القاسية الأحادية والعدائية، وتعتبرها إرهابا اقتصاديا ضد الشعب السوري”.

وأكد المتحدث الإيراني “سنواصل تعاوننا الاقتصادي مع الأمة السورية الصامدة والحكومة السورية، وعلى الرغم من هذه العقوبات سنعزز علاقاتنا الاقتصادية مع سوريا”.

وفرضت الولايات المتحدة الأربعاء عقوبات على رئيس النظام السوري بشار الأسد وزوجته أسماء ضمن عشرات الأشخاص والكيانات المرتبطة بالنظام، متعهّدةً بمواصلة حملتها الواسعة للضغط على دمشق مع دخول “قانون قيصر” حيّز التنفيذ، سعيا لوقف “الحرب الوحشية غير المبررة” في سوريا.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن “أي شخص يتعامل مع نظام الأسد أينما كان في العالم سيتعرض لقيود على السفر وعقوبات مالية”.

وإيران -التي تواجه أيضا عقوبات أميركية قاسية- حليف مقرب للأسد، وأرسلت آلاف المقاتلين لدعم النظام السوري بما في ذلك جماعات شيعية مسلحة أفرادها من أفغانستان ودول أخرى دربتها إيران.

المصدر : وكالات

—————————–

أهداف متناقضة لواشنطن من وراء تطبيق قانون قيصر

محمد المنشاوي – واشنطن

بعد ست سنوات من المداولات التشريعية في الكونغرس الأميركي ونقاشات داخل إدارتين، إدارة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما وإدارة الرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب، دخل أمس قانون “قيصر” حيز التنفيذ.

يختلف الواقع الآن داخل كل من سوريا والولايات المتحدة عنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما وقع ترامب مشروع القانون المعروف باسم “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” لكن ما لم يتغير هو استمرار تأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي له.

يفرض التشريع عقوبات على الحكومات أو الشركات أو الأفراد الذين يتعاملون أو يعملون بشكل مباشر وغير مباشر مع نظام بشار الأسد، سواء عسكريا أو اقتصاديا.

وفي أول أيام تطبيق قانون قيصر، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بالخارجية الأميركية عقوبات على 24 شخصا وكيانا ممن يدعمون جهود النظام السوري لإعادة الإعمار.

وقال بيان الخارجية إن “تصنيفات اليوم هي أول الخطوات التي تتخذها وزارة الخزانة لفرض عقوبات بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019”.

تغليظ العقوبات

على مدار تسع سنوات فشلت الولايات المتحدة وعقوباتها وتدخلها العسكري المباشر وغير المباشر في استهداف نظام الأسد بشكل مباشر، نتيجة اعتماد دمشق الواسع على دعم روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، وفي الوقت ذاته لا تستطيع هذه الجهات الثلاث تقديم الدعم المالي أو الدبلوماسي اللازم لدعم إعادة الإعمار.

وتهدف الولايات المتحدة من تطبيق قانون قيصر إلى تحقيق هدفين من الضغط الشديد على نظام الأسد: أولهما فض تحالفه مع إيران، وهذه مصلحة أميركية هامة، وثانيهما يتعلق باحتمال أن تدفع العقوبات الصارمة إلى انهيار النظام الحاكم في سوريا، حسب خبراء في الولايات المتحدة.

وترى الباحثتان دانا سترول وكاثرين باور، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في دراسة لهما اطلعت عليها الجزيرة نت، أن أهمية قانون العقوبات الجديد تنبع من الإشارات التي ترسلها الولايات المتحدة واستعدادها لفرض العقوبات حتى على الشركات أو الحكومات التي لها علاقات طيبة مع الولايات المتحدة.

وتريد الولايات المتحدة أن تبقى سوريا مغلقة أمام إعادة الإعمار أو الأعمال التجارية في ظل الأوضاع الحالية داخلها، ويدفع قانون قيصر برسالة جدية وتصميم على ردع الدول والجهات التي تسعى إلى الاستفادة من أنشطة إعادة إعمار سوريا.

وكانت مسؤولة بالخارجية أكدت أن الهدف الرئيسي من وراء قانون قيصر هو إجبار الأسد على الخوض بجدية في مسار الحل السياسي، الأمر الذي يعد تخليا عن هدف أميركي قديم تمثل في إسقاط نظام الأسد.

من جهته أكد دبلوماسي غربي يعمل بالولايات المتحدة أن إدارة ترامب “رأت أن هناك تراخيا وتساهلا دوليا متزايدا تجاه نظام الأسد، وهو ما ينذر برغبة في رفع العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، فقررت أن تكشر عن أنيابها بهذا القانون الصارم”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد الدبلوماسي -الذي رفض ذكر اسمه- أن “القانون الجديد لن يفرق بين الشركات التي لها أنشطة عسكرية وتلك المتخصصة في أعمال البناء والهندسة المدنية أو شركات التكنولوجيا، حيث سيتم فرض عقوبات شديدة على الجميع بموجب قانون قيصر”.

لا للتربح الشخصي

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار الخبير العسكري ديفيد دي روش إلى عدة أهداف للولايات المتحدة من تطبيق قانون قيصر على رأسها “التأكيد على أن قادة النظام السوري لن يتربحوا بصفتهم الشخصية من عمليات التطهير العرقي التي قاموا بها بمساعدة روسيا وإيران وحزب الله”.

وأضاف دي روش، الذي يحاضر كذلك في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية، أن “الولايات المتحدة لا تريد أن ترى أقارب الرئيس الأسد يشترون أحد أندية كرة القدم الإنجليزية بعد عشر سنوات على سبيل المثال”.

وأشار إلى أن “أهمية سوريا تراجعت بين أولويات الإدارة الأشهر الأخيرة، لكنها تبقى مرشحة لتوترات وعدم استقرار داخلي أو في الدول المحيطة بها، التي تعد أكثر أهمية لمصالح الولايات المتحدة مثل العراق ولبنان والأردن وتركيا”.

غياب إستراتيجية واضحة

“الولايات المتحدة تعرف بوضوح ما لا تريد في سوريا، لا تريد أن يكون هناك موطئ قدم لتنظيم الدولة أو أي جماعات إرهابية أخرى، لا تريد أن تصبح سوريا دولة يسيطر عليها حزب الله، ولا أن تصبح موطئ قدم لإيران تستخدمها لمهاجمة إسرائيل، ولا تريد لملايين اللاجئين السوريين الزحف عبر تركيا إلى الدول الأوربية” يقول دي روش.

وأضاف أن بلاده “لا تريد كذلك التخلي عن الأكراد ولا أن تصبح سوريا مصدرا لعدم الاستقرار في لبنان والأردن وتركيا والعراق”.

ويرى أن “تجنب المساوئ ومعرفة ما لا نريد لا يبني إستراتيجية متكاملة للولايات المتحدة تجاه سوريا” وأنه ليس هناك إستراتيجية أميركية واضحة تجاه سوريا يمكن تحقيقها أو تطبيقها خدمة للمصالح القومية الأميركية، خاصة مع محدودية الأدوات العسكرية التي ترغب الولايات المتحدة في استخدامها حيال الأزمة في سوريا.

وستستمر الولايات المتحدة في الاعتماد على تطبيق عقوبات على سوريا واستهداف حلفاء النظام معا “ومع معرفة طبيعة النظام الاستبدادي في سوريا وطبيعة حلفائه الإيرانيين والروس وحزب الله، ربما تكون هذه أفضل البدائل للتعامل مع سوريا” كما أكد دي روش للجزيرة نت.

ومن جانب آخر، أشارت دراسة معهد واشنطن إلى أن أميركا تهدف “ظاهريا إلى إنهاء الحرب في سوريا من خلال عملية سياسية بقيادتها تؤدي إلى تشكيل حكومة جامعة وتمثيلية في دمشق. ولم تعد إدارة ترامب تصر على ضرورة خروج الأسد من الحكم، لكنها تشدد على تغيير سلوك نظامه” من خلال بعض بنود قانون قيصر.

————————-

من هو “قيصر”؟ وكيف وثق وسرب صور التعذيب بمعتقلات النظام السوري؟

“قيصر” -الذي أطلق على القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي وبدأ تنفيذه الأربعاء ويفرض عقوبات على النظام السوري- لقب أطلق على عسكري سوري سابق انشق عن النظام وسرّب عشرات آلاف الصور لضحايا التعذيب من المدنيين السوريين، والتي اعتمدت عليها لجنة التحقيق الدولية المكلفة ببحث جرائم الحرب في سوريا لإثبات وقوع فظاعات على يد النظام السوري.

المولد والنشأة

لا أحد مطلع على تفاصيل حياة “قيصر” ونشأته بسبب الاحتياطات الأمنية التي يتخذها حفاظا على حياته.

الوظائف والمسؤوليات

عمل “قيصر” مجندا في الجيش السوري مكلفا بالتقاط صور في الأماكن التي جرت فيها جرائم مدنية، ومنذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 كلف بتصوير جثث المدنيين من ضحايا التعذيب والقتل على يد النظام السوري، وعمل مصورا عسكريا في الجيش السوري لمدة 13 عاما حتى انشقاقه عام 2013.

وهو مصدر 55 ألف صورة للمعتقلين والقتلى داخل معتقلات نظام بشار الأسد، وهو من قام بإرسال الصور إلى أقارب له خارج سوريا، وتم تهريب “قيصر” وأفراد عائلته إلى خارج سوريا خوفا على حياتهم.

تسريب الصور

منذ اندلاع الثورة السورية لم يتوقف النظام السوري عن قصف المدن والقرى بالصواريخ والمدفعية الثقيلة مخلفا مئات آلاف الضحايا من القتلى والجرحى، فيما أجبر الملايين على النزوح واللجوء، في ما تصفها المعارضة بأنها عمليات قتل وتهجير ممنهجة ترقى إلى جرائم حرب.

وإذا كان القصف بالصواريخ والمدفعية والغازات الكيميائية والبراميل المتفجرة وغيرها وسائل قتل معروفة لدى السوريين فإن السجون الممتلئة بالمواطنين كانت بعيدة عن الأعين، ولا يكاد أحد يعرف ما يدور داخلها باستثناء ما يروج على الألسن.

لكن كانت “لقيصر” كلمة أخرى، إذ عمل على تسريب عشرات الآلاف من صور القتلى من ضحايا التعذيب الذي تقوم به الأفرع الأمنية للنظام السوري، والتي تفضح ما يجري داخل السجون وتسلط الضوء على ما وصفت بأنها من أكبر الفظاعات التي شهدتها البشرية في تاريخها.

مظاهرات درعا

البداية كانت بعيد اندلاع الثورة السورية، حيث يقول “قيصر” إن عمليات القتل دشنت خلال مظاهرات درعا السلمية، إذ نقلت إليهم الأجهزة الأمنية نحو 45 من جثث المتظاهرين السلميين إلى داخل المستشفى العسكري المعروف باسم “601”، وقيل إنها جثث “المندسين” من درعا، وبعدها بدأ العدد في التزايد بشكل كبير امتلأت معه ثلاجات حفظ الموتى في وقت قياسي، الأمر الذي دفع المسؤولين إلى إلقاء الجثث في أماكن مختلفة، بينها مواقف السيارات.

وبعدها بـ3 أو 4 أيام يأتي الطبيب الشرعي لمعاينة الجثث التي تركت في العراء عرضة للقوارض والحشرات، وبعد أن يتجاوز العدد 200 أو 300 جثة يتم جمعها وأخذها إلى أماكن مجهولة.

ضرب وتكسير

ووفق “قيصر”، فإنه لا تُجمع سوى الجثث التي يأمر الطبيب الشرعي بجمعها بعد مراجعات بياناتها، فيما تجمع المخابرات بقية الجثث.

وتبدو على جثث القتلى آثار التعذيب بالكهرباء والضرب المبرح، وتكسير العظام، والأمراض المختلفة، ومن بينها الجرب، إلى جانب الغرغرينا والخنق.

وبين القتلى أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما، وشيوخ يتجاوز عمر بعضهم 70 عاما.

وقال “قيصر” إن بعض الآراء تذهب في اتجاه أن الجثث التي يتم نقلها تدفن في مقابر جماعية، فيما أشارت إشاعات غير مؤكدة إلى أن جثثا كثيرة يتم إحراقها في فرن خاص.

ووصل عدد الصور المهربة إلى 55 ألف صورة، بمعدل أربع صور تحديدا لكل جثة.

تأكيد حقوقي

وأكدت منظمة هيومن رايتس واتش صحة الصور التي قدمها “قيصر” والمتعلقة بوفاة 6786 شخصا داخل المعتقلات السورية، ووثقت المنظمة للضحايا من خلال صور “قيصر”، وتوصلت إلى الجهات المسؤولة عن تعذيبهم وقتلهم.

وأوضح “قيصر” أن التقاط أجهزة النظام السوري صورا لجثث الضحايا كان بهدف إصدار وثيقة وفاة دون الحاجة إلى تبرير قانوني للعائلة، ثم التأكد من تنفيذ الضباط أوامر الإعدام التي صدرت لهم، وعدم إطلاق سراح أي معتقل لدى الأفرع الأمنية المختلفة.

وبحسب “قيصر”، فكل جثة تحمل رقما يحدد الفرع الأمني الذي اعتقل صاحبها، والرقم الثاني يوضع على الجثة داخل المستشفى العسكري كنوع من التدليس على العائلات التي قد تعتقد أن صاحبها توفي في المستشفى العسكري.

عرض الصور

وعن قصة هروبه من سوريا، تشير الأنباء إلى أن “قيصر” خشي على سلامته الشخصية وسلامة أسرته بعد أن بعث آلاف الصور إلى أحد معارفه الحقوقيين خارج سوريا، فقرر -بدعم من المعارضة السورية- الخروج من البلاد برفقة عائلته.

وفي وقت لاحق، نودي على “قيصر” في الكونغرس الأميركي، حيث عرض الصور على لجنة العلاقات الخارجية، في حين تم تشكيل فريق تحقيق دولي لبحث جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، وقد تأكد الفريق من مصداقية الصور.

ووجه “قيصر” خطابه إلى الكونغرس قائلا “جئت لأوجه رسالة لكم: الرجاء أوقفوا القتل في سوريا”.

وأضاف “هناك مذابح ترتكب، والبلاد تدمر دون رحمة، هناك 10 آلاف ضحية لن يعودوا إلى الحياة، كانت لهم أحلام وطموحات وعائلات وأصدقاء لكنهم قضوا في سجون الأسد، السوريون يطالبونكم بفعل شيء مثلما فعلتم في يوغسلافيا السابقة”.

وقف المذابح

وكان نواب أميركيون قدموا مشروع القانون عام 2016 بهدف “وقف قتل الشعب السوري بالجملة، وتشجيع التوصل إلى تسوية سلمية عبر التفاوض، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان السوري على جرائمهم”.

وبعد المناقشات، أقر الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ القانون في ديسمبر/كانون الأول 2019، ووقع عليه الرئيس كجزء من قانون ميزانية الدفاع لعام 2020.

ويهدف الإجراء -حسب بيان الكونغرس- إلى وقف المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري، وحمل التشريع الأميركي اسم “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” نسبة لاسم “قيصر”.

وخلال لقاء صحفي للرئيس السوري بشار الأسد نفى صحة هذه الصور، وقال “تستطيع أن تقدم أي صورة من أي مكان وتزعم انها لأشخاص تم تعذيبهم، ليس هناك أي دليل أو قرائن لهذه الصور، كلها اتهامات بلا دليل”.

لكن منظمة هيومن رايتس واتش أكدت أنها التقت مع 33 من أفراد عائلات 27 ضحية سورية وتحققوا من صحة صور ذويهم، إضافة إلى شهادات معتقلين سابقين ومنشقين عن النظام السوري.

المصدر : الجزيرة

—————————–

شهادات للجزيرة نت.. ضحايا قضوا بسجون الأسد كانوا سببا في قانون “قيصر

معن الخضر – غازي عنتاب

“ما هو قانون قيصر؟”، و”ماذا سينتج عن عقوباته؟”، و”هل سيسقط النظام السوري بفعل القانون؟”، و”ما مصير المدنيين؟”.. ربما هذه من أكثر الكلمات التي استخدمها السوريون أو المهتمون بالشأن السوري منذ بدء الحديث عن قانون حماية المدنيين المعروف بقانون “قيصر”، وصولا إلى تنفيذه اليوم.

قانون “قيصر” نتاج لحظة صدمة شهدتها العوائل السورية عام 2014 حين كشف مصور منشق عن الشرطة العسكرية السورية عن صور 11 ألف شخص ماتوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، التقطت صور غالبيتهم في المشفى 601.

سجين سابق في مشفى المزة العسكري

“عزرائيل بالمشفى كان شخصا حقيقيا.. إذا غضب كان يقتل من يشاء”.. منير الفقير شاهد حي على صور قيصر، وهو المعتقل السابق في مشفى المزة العسكري أو “مشفى 601″، يستحضر جانبا من الصور التي كان يعيشها يومياً مع رفاقه من المعتقلين.

منير الفقير الشاهد الحي على صور قيصر (الجزيرة)

يقول منير الفقير إن “غضب عزرائيل كان أحد طرق موت المعتقلين، وكان هناك أناس يموتون بسبب الإهمال الطبي، وآخرون كانوا يصلون من فروع الأمن على آخر رمق”.

منير الذي خرج من المشفى قبل تسريب قيصر لصوره، يحكي أنه عندما نقل لعوائل الضحايا ممن عرف أسماءهم ما شاهده لم يصدقه أحد، فالحمامات والممرات كانت مكانا للقتل الجماعي، وكانوا يجبرون -وفق قوله- على المشي فوق جثث أصدقائهم.

ويروي أنه شاهد “نبيل الأحمر عندما أتي به وخرجت روحه على باب القسم الذي كنا موجودين فيه بالمشفى ثم أخذوه على الحمام”، فدورات المياه -وفق منير- كانت المكان الذي يتم فيه تجميع أجساد الموتى قبل نقلهم إلى موقف السيارات الذي التقط فيه قيصر الكثير من صوره للمتوفين تحت التعذيب.

خرج ليستنشق الهواء فعاد مع صور قيصر

“في بداية الربيع كنا بمزرعة، ومختار كان يشتكي من ربو ويحتاج أن يستنشق الهواء، فخرج وقال إنه يريد شراء أغراض، لكنه لم يرجع”.. هكذا تروي إيمان الوعر من مدينة حمص للجزيرة نت قصة شقيقها الذي فقد أثره بعد خروجه من المنزل في أبريل/نيسان 2012. وتصف إيمان بحثهم اليومي عن إجابة حول مصير مختار لكن بدون جدوى، مشيرة إلى أنهم انتظروا أي صفقة تبادل بين المعارضة والنظام وحاولوا استخدام كل الأدوات للوصول إلى أخيهم، غير أن الإجابة جاءت في العام 2014.

” أختي بلبنان تواصلت معي وقالت لي انظري إلى هذه الصورة أليست صورة مختار؟ لم أصدق”، أخفت إيمان معرفتها بالمصير الذي لاقاه مختار عن أمها خوفاً عليها، وأبقت الخبر حبيسا في داخلها، ولكن بعد عام تقريباً أبلغتهم بما جرى لمختار.

تقول “لا أستطيع أن أصدق كيف قتلوه.. مختار لم يؤذ أحدا في حياته”.

إيمان وعائلتها شأنهما كشأن عوائل آلاف الضحايا الذين كشفت صور قيصر مصيرهم، وعوائل الآخرين ممن لم يُعرف مصيرهم، يتمنون محاسبة من قتل مختار وغيره ممن قضوا تحت التعذيب.

إيمان الوعر تحكي قصة شقيقها الذي فقد عام 2012 ليظهر ضمن صور قيصر (الجزيرة)

خط مواز لقانون قيصر

الدكتور شادي جنيد عضو “الجمعية السورية للمفقودين ومعتقلي الرأي” ومن أوائل العاملين على ملف قيصر، يعتبر أن هناك خطا موازيا وضروريا، وبدونه لا قيمة لقانون “قيصر”، وهو تحقيق العدالة.

وفي هذا الإطار، يقول جنيد في حديثه للجزيرة نت إن “شقيقة أحد الضحايا الذين ظهروا في صور قيصر، رفعت دعوى في المحاكم الإسبانية على مسؤولين في النظام السوري”.

ويضيف أن وزير الخارجية الفرنسي الحالي أيضا كان ممن رفع دعوى انتهاك حقوق الإنسان في المحاكم الفرنسية بعد اطلاعه على صور قيصر.

ويختم الدكتور جنيد حديثه بأن “صور قيصر كانت أدلة حية على إجرام النظام.. صحيح أن القانون تأخر كثيراً، ولكن لا بد من اكتمال العدالة بمحاكمة كل المجرمين وعلى رأسهم بشار الأسد”.

المصدر : الجزيرة

———————————–

=====================

======================

تحديث 19 حزيران 2020

——————-

جمود في دمشق واعتقالات غداة تطبيق «قيصر»

إيران وروسيا تتعهدان دعم النظام… و«البنك الدولي» يكشف زيادة الفقر في جوار سوريا

بدت شوارع دمشق خالية أمس، غداة تطبيق «قانون قيصر»، إذ أغلقت نسبة كبيرة من المحلات التجارية أبوابها، وخلت الأرصفة من زحمة المارة، في وقت كانت سيارات الأجرة تسير في الشوارع فارغة بحثاً عن ركاب. أما حافلات النقل العام، فبدت أنها تطبق قواعد الحجْر الصحي من «كورونا».

وتحدثت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن خروج مواطنين في حمص بـ«وقفة تضامنية في ساحة الشهداء» وسط المدينة أمس، وأعلنوا «رفضهم واستنكارهم للإجراءات القسرية أحادية الجانب وتنديدهم بـ(قانون قيصر)».

لكن ردود فعل الحكومة أثقلت الشارع بأجواء الترقب والخوف وانعدام الثقة، إذ ترافقت مع الإمعان بالتشدد في مراقبة الأسواق والتضييق على الباعة وفرض الغرامات وجباية الإتاوات، وسط تراجع حاد في الإقبال على الشراء.

وإذ وصل سعر صرف الليرة السورية إلى نحو 2900 للدولار الأميركي، عاد سعر الذهب إلى الارتفاع، فأغلقت معظم محلات الصاغة، بينما شنّ النظام حملة اعتقالات الخميس لمنع الإغلاق، ومنع البيع بغير السعر الرسمي.

وفي ردّ فعل داعم لدمشق، اتهمت موسكو واشنطن بتعمد استهداف المدنيين تحت ذريعة «حمايتهم من النظام»، فيما اتصل مسؤولون إيرانيون بنظرائهم السوريين لـ«تعزيز التنسيق والالتفاف على العقوبات»، حسب مصادر دمشق.

إلى ذلك، كشف تقرير جديد للبنك الدولي أن الصراع في سوريا تسبب في تداعيات وآثار اقتصادية واجتماعية على دول الجوار في العراق والأردن ولبنان، وزيادة معدلات الفقر في هذه الدول.

———————-

الحكومة السورية تتشدد في منع الإغلاق… واعتقالات بسوق الذهب

أصحاب محلات في دمشق يذهبون في إجازات تهرّباً من البيع

بدت شوارع دمشق أمس شبه خاوية، غداة تطبيق «قانون قيصر»، إذ أغلقت نسبة كبيرة من المحلات التجارية أبوابها، بينما خلت الأرصفة من تزاحم الأقدام. وكانت سيارات الأجرة تسير في الشوارع فارغة بحثاً عن ركاب، أما حافلات النقل العام فبدت أنها تطبق قواعد الحجر الصحي من «كورونا».

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) بخروج مواطنين في حمص بـ«وقفة تضامنية في ساحة الشهداء» وسط المدينة أمس، وأعلنوا «رفضهم واستنكارهم للإجراءات القسرية أحادية الجانب (…) وتنديدهم بما يسمى (قانون قيصر)» حسب (سانا).

وكان مصدر رسمي بوزارة الخارجية السورية قد وصف في بيان رسمي «قانون قيصر» بأنه تجاوز «لكافة القوانين والأعراف الدولية»، واصفاً السلوك الأميركي بأنه انحدر «ليلامس سلوكيات العصابات وقطاع الطرق».

لكن ردود فعل الحكومة على بدء تنفيذ القانون أثقلت الشارع بأجواء الترقب والخوف وانعدام الثقة، إذ ترافقت مع الإمعان بالتشدد في مراقبة الأسواق والتضييق على الباعة وفرض الغرامات وجباية الإتاوات، وسط تراجع حاد في الإقبال على الشراء.

وكان مصرف سوريا المركزي في اليوم الأول لتطبيق القانون، قد رفع سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الشخصية الواردة إلى سوريا، إلى 1250 ليرة بدلاً من 700 ليرة، بينما وصل السعر في السوق السوداء إلى 2800 – 3000 ليرة، في اليوم الأول لبدء تنفيذ «قانون قيصر».

أما سعر غرام الذهب الذي هبط بداية الأسبوع إلى 80 ألف ليرة سورية، فقد عاد ليحلق عالياً بعيداً عن السعر الرسمي، دون أن يجرؤ أحد على إعلانه؛ إذ أغلقت معظم محلات الصاغة، بينما شن النظام حملة اعتقالات الخميس لمنع الإغلاق، ومنع البيع بغير السعر الرسمي.

صاحب ورشة أشار إلى أنه ذاهب مع عائلته إلى البحر لتمضية إجازة الصيف.

الذهاب في إجازة، طريقة أخرى للتهرب من الفتح الإلزامي للمحلات التجارية، بعد أن قام العشرات من أصحابها بوضع إعلانات على أبواب محلاتهم المغلقة، أنها «برسم التسليم» أو «برسم الاستثمار».

صاحب محل ألبسة بالقصاع في دمشق، قال: «إذا التزمنا بالسعر الرسمي فهل ستعوض الحكومة خسارتنا إذا أردنا شراء بضاعة؟». ورأى أن الإغلاق أفضل من البيع بالخسارة والإفلاس: «هيك هيك ما عم نبيع».

من جهته، قال صاحب ورشة لصناعة الأحذية الجلدية بدمشق، إن «الثبات في السوق هو الربح الوحيد في ظل العاصفة التي تضرب السوق»، متوقعاً إغلاق مزيد من المحلات والورشات، مضيفاً: «لقد اضطررت إلى رفع أسعار الأحذية التي أنتجها ثلاث مرات خلال أقل من 24 ساعة، فتراجع عدد زبائن ورشتي من أصحاب المحلات من عشرين إلى خمسة».

—————————-

إفادات وطلب مذكرة توقيف بحق بشار الأسد على خلفية اختطاف 622 لبنانياً وتغييبهم في سجون سوريا/ هبة محمد وسعد الياس

تتوالى تبعات قانون العقوبات الأمريكية «قيصر» بعد دخوله حيّز التنفيذ والردود والتعليقات فصولاً، حيث رصدت «القدس العربي» بعض ردود الأفعال، الدولية والمحلية، في وقتٍ جاء الرد الإيراني سريعاً على لسان النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيرانية، إسحاق جهانغيري الذي أكد أن بلاده ستقف دائمًا إلى جانب النظام السوري كشريك استراتيجي، وذلك حسب بيان على موقع الحكومة الإيرانية، إثر اتصال جهانغيري هاتفياً مع رئيس الوزراء السوري الجديد حسين عرنوس، فيما نقلت وكالة «سانا» التابعة للنظام عمن سمته «مصدراً مسؤولاً» في وزارة خارجية النظام زعمه أن القانون «يكشف تجاوز الإدارة الأمريكية لكل القوانين والأعراف الدولية، وانحدارها إلى مستوى يلامس سلوكيات العصابات وقطاع الطرق».

تزامناً، قدّم سبعة لاجئين سوريين هم ضحايا أو شهود لعمليات اغتصاب وتعديات جنسية في معتقلات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، شكوى في ألمانيا تستهدف خصوصاً مقرباً سابقاً من الأسد، وتُضاف إلى عدة آليات قضائية في أوروبا.

وأكد مكتب المدعي العام الفدرالي في كارلسروه، جنوب غربي ألمانيا، لوكالة فرانس برس أنه تلقى الشكوى التي قُدّمت الأربعاء وأعلن عنها الخميس المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان.

وأشارت المنظمة غير الحكومية التي تدعم هذا المسعى، ومقرها في برلين، أن الشكوى تستهدف بالاسم تسعة مسؤولين كبار في الحكومة السورية والاستخبارات الجوية. ومن بين المستهدفين بالشكوى جميل حسن وهو أحد المقربين سابقاً للرئيس الأسد والرئيس السابق لأجهزة المخابرات في القوات الجوية، الذي كان في منصبه حتى عام 2019، وهو بالفعل ملاحق دولياً وتشتبه العدالة الألمانية بارتكابه «جرائم ضد الإنسانية». واعتُقل أصحاب الشكوى، وهم أربع نساء وثلاثة رجال لاجئين في أوروبا، في مراكز احتجاز مختلفة للمخابرات الجوية في دمشق وحلب وحماة.

وبالتزامن مع بدء تطبيق قانون «قيصر» الذي بُني على إفادات وصور حول تعذيب المعتقلين في السجون السورية، أدلى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب اللبناني إدي أبي اللمع، ورئيس «حركة التغيير» إيلي محفوض، بإفادتهما أمام المحامي العام التمييزي في بيروت القاضي غسان الخوري، في الإخبار المقدم منهما ضد الرئيس السوري بشار الأسد «بجرم اعتقال وخطف لبنانيين في السجون السورية».

وقد شرح كل من أبي اللمع ومحفوض للقاضي الخوري القضية بتفاصيلها للقاضي الخوري، ونقلا كلام المعتقل السابق في السجون السورية عمر الشغري الذي كشف بشكل واضح وصريح أنه التقى محتجزين لبنانيين في سوريا.

وأكد أبي اللمع «أن حزب القوات اللبنانية يتابع الملف منذ سنوات، وهو يشمل نحو 622 مخطوفاً في سوريا».

محلياً، رأى المعارض السوري مؤنس البخاري، أن الشعب السوري سيعاني عواقب سيئة في مناطق نظام الأسد، لكن لن يكون السبب هو قانون «قيصر»، بل سيكون السبب المباشر هو «مساعي عصبة نظام الأسد للالتفاف على القانون الأمريكي والتهرّب من عقوبات قانون يحارب أوّلاً احتكار رجالات الأسد للاقتصاد السوري ومقدّراته».

من جهته، استنكر عضو الائتلاف سابقاً لؤي صافي، الأصوات الساعية لـ«إثارة الوطنية السورية» عن طريق الربط بين انهيار الليرة السورية وقانون «قيصر»، وعقب بالقول «يسعى البعض إلى إثارة الوطنية السورية لاستنكار هذ القانون الذي عملت الجالية السورية في أمريكا على تقديمه ودعمه لوقف جرائم نظام الأسد الذي يندى له جبين الإنسانية».

وأوضح أن سبب انهيار الليرة السورية هو فساد النظام وأركانه، و«على من يهمه حال الشعب أن يدفع نحو تغيير الواقع السوري، والدفع نحو دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية في سوريا».

وبرأي صافي فإنه ليس صحيحاً أن قانون «قيصر» يستهدف السوريين عموماً، بل يستهدف بشكل خاص أجهزه نظام الاستبداد وداعميه الداخليين والخارجيين.

وكتب المحلل السياسي عبد المسيح الشامي الذي كان محسوباً على النظام على صفحته في موقع فيسبوك، أن «قانون قيصر» مؤشر على بداية النهاية للنظام السوري. وذكر أن هناك مؤشرات لسقوطه من بينها خسارة النظام السوري لكل وسائل الصمود، كالثروة الزراعية والنفطية والحيوانية والبشرية والمنشآت الصناعية والاقتصادية والسياحية».

من جهته يدرس مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة اقتراحاً بإعادة فتح معبر حدودي من العراق إلى سوريا لمدة ستة أشهر للسماح بتوصيل مساعدات إنسانية من أجل مساعدة ملايين المدنيين السوريين على مواجهة تبعات قانون «قيصر» ووباء فيروس كورونا، حسب وكالة رويترز.

القدس العربي»

——————————–

واشنطن تدشّن تطبيق «قانون قيصر» بمعاقبة الأسد وزوجته

أعلنت «قائمة سوداء» ضمت عشرات المسؤولين والكيانات في سوريا

إيلي يوسف

فرضت الولايات المتحدة، أمس، عقوبات على عشرات المسؤولين والكيانات السورية، بينها الرئيس بشار الأسد وزوجته أسماء في أول خطوة من تطبيق «قانون قيصر»، متوعدة بمواصلة حملتها الواسعة للضغط على دمشق في إطار ما يعرف بـ«قانون قيصر».

وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان «نتوقع الكثير من العقوبات الإضافية، ولن نتوقف إلى حين توقف الأسد ونظامه عن حربهما الوحشية غير المبررة ضد الشعب السوري». ووصف العقوبات بأنها «بداية ما سيكون حملة متواصلة من الضغوط الاقتصادية والسياسية لحرمان نظام الأسد من العائدات والدعم الذي يستخدمه لشن الحرب، وارتكاب فظائع واسعة النطاق بحق الشعب السوري».

وجاءت تصريحات بومبيو في إطار إعلانه دخول «قانون قيصر»، الذي يفرض عقوبات على أي شركات تتعامل مع الأسد، حيّز التنفيذ. ويذكر أن القانون هزّ الاقتصاد السوري الهش أصلاً حتى قبل بدء تطبيقه. وتستهدف المجموعة الأولى من العقوبات 39 شخصاً أو كياناً، بمن فيهم الرئيس السوري نفسه وزوجته أسماء. وهذه المرة الأولى التي يتم فيها استهداف أسماء الأسد بعقوبات أميركية.

وينص القانون على تجميد أي أصول للشخصيات المستهدفة في الولايات المتحدة. وأشار بومبيو في بيانه إلى أن أسماء الأسد «أصبحت من أشهر المستفيدين من الحرب في سوريا».

وقال بومبيو في تغريدة على «تويتر»، «نبدأ اليوم (أمس) حملة مستمرة من العقوبات ضد نظام الأسد بموجب قانون قيصر، الذي يجيز عقوبات اقتصادية شديدة لمحاسبة نظام الأسد وعناصر تمكينه الأجنبية على أفعالهم الوحشية ضد الشعب السوري». وأضاف «سيفرض المزيد من العقوبات إلى أن يقوم الأسد ونظامه بوقف حربه الوحشية التي لا داعي لها والموافقة على حل سياسي على النحو الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن 2254».

وفي بيان رسمي صدر عن الخارجية الأميركية، قال بومبيو «منذ ستة أعوام، صدم المصور الشجاع المعروف بقيصر، العالم بتهريب صور إلى خارج سوريا تدل على أن نظام الأسد يعذب آلافاً عدة من السوريين ويعدمهم داخل سجون النظام». وتابع بومبيو، أن هذا العمل الشجاع كان ملهماً لإصدار قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019، الذي وقّع عليه الرئيس ليصبح قانوناً منذ 180 يوماً. وأتاح الكونغرس بموجبه فرض عقوبات اقتصادية قاسية لتعزيز المساءلة عن الأعمال الوحشية التي يرتكبها نظام الأسد وممكنوه ضد الشعب السوري. وقد دخلت الأحكام المتعلقة بالعقوبات التي ينص عليها قانون قيصر حيز التنفيذ بشكل كامل ابتداءً من أمس (الأربعاء)، وبات أي شخص يتعامل مع نظام الأسد معرّضاً للقيود على السفر أو العقوبات المالية، وعزله عن النظام المالي الأميركي بغض النظر عن مكان تواجده في العالم.

وأضاف بيان بومبيو، أن وزارتَي الخزانة والخارجية أطلقتا 39 عملية إدراج بموجب قانون قيصر والأمر التنفيذي رقم 13894 بدايةً لحملة متواصلة من الضغط الاقتصادي والسياسي لحرمان نظام الأسد من الإيرادات والدعم التي يحتاج إليها لشن الحرب وارتكاب فظائع جماعية ضد الشعب السوري.

وأكد البيان، أن حملة الضغط لن تتوقف وستتواصل في الأسابيع والأشهر المقبلة متوقعاً فرض عقوبات أكثر بكثير، على الأفراد والشركات التي تدعم نظام الأسد وحربه الوحشية وتعرقل التوصل إلى حل سلمي وسياسي للصراع بحسب ما يدعو إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وأضاف البيان «سنفرض حملة الضغط الاقتصادي والسياسي الخاص بنا ضمن إطار تعاون كامل مع الدول التي تشاركنا الرأي، وخصوصاً شركاءنا الأوروبيين الذين جددوا عقوباتهم الخاصة المفروضة على نظام الأسد منذ ثلاثة أسابيع للأسباب عينها».

واتهم البيان نظام الأسد بشن حرب دموية ضد الشعب السوري منذ أكثر من تسعة أعوام وارتكب فظائع لا تحصى يرقى بعضها إلى مصاف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك جرائم القتل والتعذيب والتغييب القسري واستخدام الأسلحة الكيمياوية. وقال البيان «لقد قضى أكثر من نصف مليون سوري نحبهم منذ بدء الصراع، ونزح أكثر من 11 مليون آخرين، أي ما يساوي نصف الشعب السوري ما قبل الحرب. وقد قام بشار الأسد ونظامه بتبذير عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لتمويل حربه غير الضرورية وتدمير المنازل والمدارس والمتاجر والأسواق العامة. وقد فاقمت هذه الحرب التدميرية الأزمة الإنسانية ومنعت وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى من يحتاجون إليها وتسببت في المعاناة للشعب السوري». وأكد البيان التزام الولايات المتحدة بالعمل مع الشركاء الأمميين والدوليين لتوفير المساعدة المنقذة للحياة للشعب السوري الذي ما زال يعاني على يد نظام الأسد. وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر جهة مانحة منفردة للشعب السوري وقدمت أكثر من 10.6 مليار دولار من المساعدات الإنسانية منذ بدء الصراع، وأكثر من 1.6 مليار دولار من المساعدات الأخرى ومساعدات إرساء الاستقرار في مختلف أنحاء البلاد، حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد. وأكد بومبيو في بيانه، أن قانون قيصر والعقوبات الأميركية الأخرى على سوريا لا تستهدف المساعدات الإنسانية الموجهة للشعب السوري ولا تعرقل أنشطة إرساء الاستقرار التي نقوم بها في شمال شرقي سوريا. وأضاف أن واشنطن ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية من خلال شركائنا الدوليين والسوريين المختلفين حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

وختم بيان بومبيو بالقول «حان الوقت لتنتهي حرب الأسد الوحشية وغير الضرورية. يقف نظام الأسد ومن يدعمونه أمام خيار بسيط اليوم، ألا وهو اتخاذ خطوات لا رجعة فيها باتجاه حل سياسي للصراع السوري يتسق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 أو مواجهة لوائح جديدة من العقوبات».

– الشخصيات والكيانات السورية على قائمة العقوبات

> بحسب بيان بومبيو، أُدرِج الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء الأسد بموجب المواد الواردة في الأمر التنفيذي للرئيس ترمب رقم 13894. كما يدرج من وصفهما البيان «مؤسسا الأعمال الوحشية» محمد حمشو، ولواء «الفاطميون» الميليشياوي الإيراني. كما أُدرج ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري وفرقته الرابعة في الجيش السوري، وقائداه غسان علي بلال وسامر الدانا، على لائحة العقوبات. وكذلك أدرج كل من بشرى الأسد، ومنال الأسد، وأحمد صابر حمشو، وعمر حمشو، وعلي حمشو، ورانيا الدباس، وسمية حمشو، على لائحة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي نفسه.

وأضاف البيان «لقد لعب عشرات الأفراد والشركات الذين تفرض عليهم الحكومة الأميركية العقوبات اليوم دوراً أساسياً في عرقلة التوصل إلى حل سياسي سلمي للصراع، وقد قام الآخرون بالمساعدة في ارتكاب فظائع نظام الأسد ضد الشعب السوري أو تمويلها فيما قاموا بإثراء أنفسهم وعائلاتهم». وخص بيان بومبيو بشكل خاص إدراج زوجة بشار الأسد أسماء الأسد للمرة الأولى، قائلاً إنها أصبحت أكثر المستفيدين من الحرب السورية بدعم من زوجها وأفراد عائلة الأخرس سيّئي السمعة. وبات أي فرد يتعامل اليوم مع هؤلاء الأشخاص أو الكيانات عرضة للعقوبات.

أشار بيان صدر عن وزارة الخزانة الأميركية، إلى أن الوزارة فرضت عقوبات على 24 شخصاً وكياناً. وقال الوزير ستيفن منوشين: «إن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي، بينما يقوم نظام الأسد بتهجير المدنيين لصالح النخب الموالية للنظام. وستواصل وزارة الخزانة استخدام أدواتها وصلاحياتها لاستهداف نظام الأسد ومؤيديه، في سعيهم للاستفادة من معاناة الشعب السوري».

وأضاف البيان أن المشمولين بالعقوبات مرتبطون بشكل مباشر بالرئيس السوري بشار الأسد، منهم شركة «دمشق الشام القابضة» التي تقوم بإدارة عديد من المشروعات السكنية والسياحية الفاخرة، وتتملك أسهماً عديدة في شركات أخرى، وهي الآن تدير مشروعاً سكنياً فاخراً في دمشق يدعى «ماروتا سيتي»، بعد قيام السلطات بتهجير سكان المنطقة.

كما فرضت عقوبات على رجلي الأعمال نادر قلعي وخالد الزبيدي، لقيامهما بتنفيذ مشروع سكني فاخر آخر بالقرب من مطار دمشق. وأضاف البيان أن قلعي يمتلك أيضاً شركتي اتصالات، واحدة في لبنان هي «تيليفوكس» وأخرى في كندا هي «تيليفوكس كونسالتنت». كما يملك قلعي أيضاً شركة «كاسل أنفستمنت هولدنغ» تتخذ من سوريا مقراً لها، تقوم ببناء البنية التحتية للاتصالات والهياكل الفولاذية.

كما فرضت عقوبات على محافظ مدينة دمشق عادل أنور العلبي، لدوره في الإشراف على شركة «دمشق الشام القابضة» ومشروع تطوير العقارات في «ماروتا سيتي». وقال البيان إنه في عام 2018 أيضاً أنشأت شركة «دمشق الشام القابضة» شركة مساهمة تدعى «روافد دمشق الخاصة» مع أربع شركات مملوكة جزئياً أو كلياً لابن عم الرئيس السوري بشار الأسد، ورجل الأعمال رامي مخلوف وشركائه المقربين. وتمتلك الشركات مجتمعة 51 في المائة من الأسهم في مشروع سيطور ثلاثة عقارات في «ماروتا سيتي». والشركات الأربع المشاركة في المشروع المشترك هي: «راماك مخلوف للتطوير العقاري والإنساني»، و«القمر للتطوير»، و«تيميت للتجارة»، وعلى إيهاب مخلوف، وهو أيضاً من الذين على قائمة العقوبات الأوروبية. كل من هذه الشركات قدم تمويلاً للمشروع المشترك لصالح الحكومة السورية، مع تقديم مساهمات إضافية على مدى السنوات الثلاث التالية.

وختم البيان بأنه يجب حظر جميع ممتلكات أو مصالح هؤلاء الأشخاص التي تقع داخل الولايات المتحدة، أو في حيازتهم، أو تحت سيطرتهم، وإبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عنها.

وتحظر لوائح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عموماً جميع تعاملات الأشخاص الأميركيين، أو من في حكمهم المقيمين في الولايات المتحدة، أو الذين يعبرونها، التي تنطوي على أي ممتلكات أو مصالح في ممتلكات لأشخاص مصنفين. بالإضافة إلى ذلك، قد يتعرض الأشخاص غير الأميركيين الذين يجرون معاملات معينة مع الأشخاص المصنفين اليوم بدورهم للعقوبات.

——————————–

العقوبات قد تستهدف أطرافاً إماراتية.. واشنطن تهدد أبوظبي بقانون قيصر لتعاملها مع الأسد

كشف موقع منظمة Middle East Monitor البريطانية، الجمعة 19 يونيو/حزيران 2020، أن الولايات المتحدة هدَّدَت دولة الإمارات العربية المتحدة بفرض عقوباتٍ عليها بموجب قانون قيصر، الذي يستهدف النظام السوري وحلفاءه.

كما أوضح الموقع أن واشنطن أكَّدَت أنها تعارض الخطوات التي اتَّخَذتها أبو ظبي تجاه النظام السوري، مشيرةً إلى أن عقوباتها ضد نظام بشَّار الأسد قد تستهدف أطرافاً إماراتية.

علاقات دبلوماسية بين أبوظبي ودمشق: خلال مؤتمرٍ صحفي حول تطبيق “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين”، قال جيمس فرانكلين جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، عن إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق، وزيارة الأخيرة لوفدٍ إماراتي لسوريا: “تعلم الإمارات أننا نرفض قطعاً أن تتَّخِذ الدول مثل هذه الخطوات.. لقد أكَّدنا بوضوحٍ على أننا نعتبر هذا فكرةً سيئة”.

كما اعتبر جيفري أن مثل هذه الإجراءات “لن تسهم في تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (رقم 2254)، وفي إنهاء الصراع الذي يثير مخاوف عميقة في المنطقة بأسرها”.

بينما أضاف: “أيُّ طرفٍ ينخرط في نشاطاتٍ اقتصادية، سواء في الإمارات أو في غيرها من البلدان، وهذه النشاطات تتوافق مع معايير عقوبات القانون، سيكون مُستهدَفاً بهذه العقوبات”.

رجال الأسد في الإمارات: في يوم الأربعاء، 17 يونيو/حزيران، فرضت الولايات المتحدة عقوباتٍ على 39 شخصاً وكياناً، بما في ذلك الأسد وزوجته أسماء، لحرمان الحكومة من المصادر التمويلية، في محاولةٍ لدفعها إلى العودة للمفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة. 

في بيانٍ لإعلان أولئك المُستهدَفين بالعقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، أكَّد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن “الكثير من العقوبات الأخرى” يُتوقَّع فرضها على حكومة الأسد في الأسابيع والأشهر المقبلة.

أعادت الإمارات نهاية عام 2018 فتح سفارتها لدى حكومة الأسد في دمشق، وواصلت العمل في السفارة بعد إغلاقٍ استمرَّ قرابة ستة أعوام، رغم أن الإمارات كانت إحدى أبرز الدول المُنتقِدة لنظام الأسد على الساحة الدولية.

كما استقبلت الإمارات على مدار أعوام رجال أعمالٍ مرتبطين بنظام الأسد وربما كانوا مُستهدَفين بالعقوبات الأمريكية، خاصةً أن النظام السوري يعتمد على مثل هؤلاء الأشخاص من أجل تشغيل مصادر تمويله في الخارج.

ليس الإمارات فقط: تستهدف العقوبات نفوذ إيران وروسيا في سوريا، في وقت تسعى فيه الدولتان لتعزيز حضورهما في الاقتصاد وإعادة الإعمار. إلا أن النتائج قد لا تأتي على قدر آمال واشنطن، نظراً لخبرة موسكو وطهران في الالتفاف على عقوبات اعتادتا عليها.

لا يستبعد إدوارد ديهنيرت من وحدة “ذي إكونوميست” للبحوث والمعلومات أن يكون “للإجراءات تأثير عكسي، إذ عبر إبعاد حركة الاستثمارات التقليدية، تُقلل الولايات المتحدة من التنافس على فرص الاستثمار في سباق تتفوق فيه روسيا وإيران أساساً”.

من المتوقع أن تحدّ أيضاً من اندفاعة دولة الإمارات المرتقبة للاستثمار في إعادة إعمار سوريا بعد انفتاح دبلوماسي مؤخراً. أمّا لبنان، البلد الذي لطالما شكّل رئة سوريا خلال الحرب وممراً للبضائع ومخزناً لرؤوس أموال رجال أعمالها، فقد يشهد تدهوراً أكبر في اقتصاده المنهار أساساً إذا لم تستثنه العقوبات.

بينما تدرس لجنة وزارية تداعيات العقوبات على اقتصاد البلاد المنهك. ويُرجّح أن تنعكس العقوبات، وفق ديهينرت، على عمل شركات البناء اللبنانية في السوق السوري وشركات النقل، عدا عن أن قدرة لبنان على تصدير المنتجات الزراعية عبر سوريا إلى الدول العربية ستصبح محدودة.

يستنتج الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هيكو ويمان أنّ القيام بأعمال تجارية مع سوريا “سيصبح أكثر صعوبة وخطورة، وبالتالي فإن احتمال أن يُدخل أي شخص أموالاً للاستثمار أو لأعمال تجارية سيتراجع وقد لا يكون ممكناً”.

——————————————-

منال الأسد.. ابنة المعارض الفاعلة في قصر النظام

تزوجت من ماهر الأسد رغم رفض والدها وشقيقتها، سيطرت على الفروسية، وسافرت إلى إيران، صارعت أسماء الأخرس في كواليس قصر الأسد وشاركتها التموضع تحت ضربات “قيصر”.

غاب اسم منال جدعان أو الأسد، عن التداول الإعلامي قياسا باسم أسماء الأخرس زوجة رأس النظام بشار الأسد، قبل أن يعود إلى الساحة مرّة أخرى من بوابة صراع مالي مزعوم بين جناحين نسائيين في قصر الأسد، ومن ثمّ من بوابة العقوبات الأمريكية التي أنزلها قانون قيصر على 39 شخصا وكيانا ضمن لائحة سوداء أعلن عنها يوم 17 حزيران/ يونيو الجاري.

وفي حين أوضحت الخارجية الأمريكية أنّ وضع أسماء الأسد في اللائحة السوداء الحالية جاء لأنّها “بدعم من زوجها وأفراد من عائلتها (عائلة الأخرس) أصبحت واحدة من أكبر الرابحين ماديا من الحرب وأصحاب السمعة السيئة”، لم تتطرّق الوزارة للحديث عن منال زوجة شقيق الأسد، ماهر الذي يشغل منصب قائد الفرقة الرابعة، وأُدرج هو الآخر مع فرقته في اللائحة السوداء.

وتساءل موالون للنظام السوري عن سبب إدراج منال في اللائحة، جنبا إلى جنب مع أسماء الأسد وآخرين، رغم أنّها ـ على حدّ زعمهم ـ لا تمثل أي جهة رسمية في البلاد، ولا تدير أي شركة أو مؤسسة، مما حدا بهم لاتهام العقوبات الأميركية بأنها “انتقامية”، وفقا لموقع العربية. نت.

وكانت منال مثّلت النظام رسميا في مباحثات جرت في إيران عام 2017، للتوقيع على اتفاقية رياضية، بحضور سفير النظام لدى طهران عدنان محمود، حيث وقّعت اتفاقية مع الاتحاد الإيراني للفروسية، بوصفها ممثلة لمؤسسة النظام الرياضية.

وتحمل جدعان صفة “رئيسة فخرية” للاتحاد السوري للفروسية، إلا أن هذه الصفة الفخرية، منحتها، صلاحيات التوقيع على اتفاقية رسمية مع دولة أخرى.

بعد مقتل الابن الأكبر لحافظ الأسد، باسل في حادثٍ غامض في تسعينيات القرن الماضي، تحرّكت منال لسدّ المنصب الذي يرى سوريون معارضون أنّه ومنذ وصول الأسد إلى السلطة عام 1970 بانقلاب عسكري، بات حكرا على العائلة والمقرّبين منها من التجار والمسؤولين.

وأسّست منال فريقا للفروسية يشارك في البطولات اسمه TEAM SPIRIT (روح سوريا) عام 2015، إلّا أنّ الصور والأسماء المتداولة تظهر أن الرياضة التي كانت متاحة للسوريين قبل حكم عائلة الأسد، باتت حكرا على العائلة وفقا لموقع “خط تماس”.

وفي تكرار للقب “الفارس الذهبي” الذي احتكره باسل الأسد، أخذت منال المركز الأول بعلامة 180، في البطولة التي جرت في نادي باسل الأسد للرماية والفروسية، لتصبح أول رياضية سورية تفوز ببطولة في رياضة الدريساج، كما أن ابنتيها حصدتا المراكز الأولى في بطولات الفروسية، وكان آخرها في “دورة الوفاء للباسل 2015”.

عبر أصدقاء مشتركين التقت منال عام 1984 بماهر الأسد، حيث استمرّت علاقتهما وهي من دير الزور، وابنة أحد معارضي النظام، لنحو 20 عاماً، قبل أن تنتهي إلى الزواج في آذار/ مارس 2003.

وقالت شقيقتها المعارضة مجد جدعان التي عاشت مع والدها المنفي في لندن، إنّها عارضت مع والدها علاقة منال بماهر، لكنّ أمّها وشقيقها شجّعاها، وفقا لما نقل موقع فرنسا24.

وبدا أنّ ماجرى مثّل تحدّيا لوالد منال الذي ترك البلاد منذ الثمانينات بسبب ملاحقته من نظام الأسد الأب باعتباره معارضا، ليتوفى بعد عشرة أيام فقط من زواج ابنته لأحد أبرز رموز النظام، بسكتة قلبية.

وبعد غياب، عاد اسم منال لساحة الضوء أول مرة خلال العام الحالي، عندما كشف رئيس الوزراء المنشق عن النظام رياض حجاب، عن صراع في الكواليس بين أسماء الأسد من جهة وبين ماهر الأسد وزوجته منال جدعان من جهة أخرى.

وخلال حديثه عن الخلافات المالية في الدائرة الضيّقة للنظام التي طفت إلى السطح، لفت حجاب في سلسلة تغريدات نشرها في أيار/ مايو الماضي على حسابه في تويتر، إلى أنّ “هنالك صراع آخر في الكواليس بين أسماء وبين ماهر الأسد وزوجته منال جدعان، كما يدور في الخفاء صراع بين رجال الأعمال المحسوبين على آل الأسد، وآل مخلوف، وآل شاليش، ما يفسر إجراءات الاعتقال والحجر ومنع السفر”.

————————————

=========================

========================

تحديث 20 حزيران 2020

————————-

قيصر” على الأبواب.. من سيدفع الثمن

صالح ملص | زينب مصري | خولة حفظي

    أبعدت كلمة “قيصر” اسم فيروس “كورونا” من أعلى قائمة اهتمامات السوريين، مع بداية حزيران الحالي، على اعتباره الحدث الأهم والأكثر تأثيرًا في حياتهم، والذي لامسها بشكل مباشر في صلب معيشتهم.

القانون الذي وقّعه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أواخر عام 2019، تُنسب إليه تهمة تخفيض قيمة الليرة السورية إلى أدنى مستويات شهدتها في تاريخها، بحسب ما تروّج له السياسة الأمريكية ووسائل إعلام، ووفق ما يُتداول في الأحاديث اليومية داخل دكاكين الخضار السورية والمقاهي والجلسات العائلية.

بينما يطفو “قيصر” قبيل تطبيقه على بحر من الأزمات المتراكمة، وعلى جملة من العوامل التي تجعل الاقتصاد السوري هشًا وغير قادر على الوقوف في وجه الإغلاق المتوقع مع دخول القانون حيّز التنفيذ، بُعيد منتصف حزيران الحالي.

تناقش عنب بلدي في هذا الملف أثر قانون “قيصر” على الاقتصاد السوري وعلى النظام السوري، بالإضافة إلى مجموعة الأزمات التي تطوقهما بالفعل، وتحاول مناقشة فرص التحايل عليه ومدى إمكانية تحقيق القانون أهدافه المتوقعة.

“الاختناق الاقتصادي”

سوء إدارة النظام المالية يحصده السوريون في ظل “قيصر”

يسلّط توسع مساحة العقوبات الأمريكية بموجب قانون “قيصر” الضوء على الجذر الرئيس لانتكاسة الاقتصاد السوري في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، فعلى الرغم من عدم تطبيقه بعد، تراجعت الليرة السورية بشكل غير مسبوق، وتجاوزت ثلاثة آلاف ليرة أمام الدولار الواحد في الأسبوع الأول من حزيران الحالي، الشهر الذي سيشهد بدء تطبيق القانون.

ذلك التراجع، وما رافقه من تأثير مباشر على الأسواق، أي على معيشة المواطنين، فتح الباب أما تساؤلات عن مضمون القانون، وماذا يعني قرب تطبيقه، وعن سبب “الصدمة” الاقتصادية السابقة عليه.

عنب بلدي ناقشت تلك التساؤلات مع خبراء ومحللين، وتوصلت إلى مجموعة من الأسباب التي أثرت في تدهور الاقتصاد إلى جانب “قيصر”، وشكلت عوامل رئيسة، يضاف إليها القانون الذي ما زال حتى الآن غير محدد على وجه الدقة بالنسبة للسوريين.

سياسات النظام المالية

بحسب الباحث الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي، “لا توجد سياسة مالية أو خطط نقدية تنقذ الاقتصاد السوري في حال وقوع أي أزمة في البلاد، إنما هي سياسة عصابات تدير البلاد وفق مصالحها”.

وهذه السياسة في ظل قرب تطبيق “قيصر” يُمكن أن تؤدي بمؤسسات النظام المالية إلى حالة من “الاختناق الاقتصادي” وفق قضيماتي، بسبب عدم توفر إمدادات الدعم التي كانت تصل من الخارج من قبل حلفاء النظام، ما يعني “تجفيف الموارد المتنوعة” التي يُمد النظام بها، وبالتالي ارتفاع نسبة التضخم بشكل أكبر في البلاد، وهذا ما يُفسر “الارتفاع الجنوني” بأسعار السلع الغذائية في البلاد.

وسياسة العقوبات على سوريا هي سياسة قديمة أخذت أشكالًا متعددة منذ بداية الثورة السورية في 2011، وفق ما قاله الباحث السياسي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” معن طلاع، لعنب بلدي، وما “قيصر” إلا عقوبات اقتصادية يبرز أثرها على حركة النظام الاقتصادية أكثر من كونها متعلقة بالشعب السوري ومعيشته اليومية.

ويُرجع طلاع انتكاسة الاقتصاد السوري إلى سوء إدارة القطاعات المالية والاقتصادية لدى النظام، واصفًا ذلك السوء بـ“المزمن والممنهج” الذي يهدف إلى “تقنين سرقة المال العام” في بعض الأوقات من خلال غياب أدوات المراقبة والمحاسبة على مصروفات القصر الجمهوري في دمشق والمؤسسات العسكرية والأمنية الخاضعة للنظام.

إجراءات “لا تُسمن ولا تُغني”

قامت حكومة النظام السوري بإجراءات ورقابة مشددة على شركات الصرافة والحوالات الخارجية، التي كان أعلن عنها مصرف سوريا المركزي في بداية حزيران الحالي.

وفي محاولة لإيجاد حلول لضمان عدم تدهور الاقتصاد أكثر، أعلن رئيس النظام، بشار الأسد، إقالة رئيس مجلس الوزراء، عماد خميس، وتكليف محافظ دير الزور والقنيطرة سابقًا، ووزير الموارد المائية، حسين عرنوس، بمهامه حتى تموز المقبل موعد انتخابات “مجلس الشعب” التي أُجّلت مرتين.

وتأتي الإقالة في ظل أزمة اقتصادية تعصف بحكومة النظام السوري، جراء تدهور سعر صرف الليرة ووصولها إلى مستويات قياسية حتى ثلاثة آلاف ليرة سورية، خلال الأسبوع الماضي.

في ظل الأزمة الحالية، تصاعدت الأصوات المنادية بحل الحكومة، إذ طالبها أعضاء مجلس الشعب، الأحد الماضي، بتحمل مسؤولياتها بحماية المواطن ولقمة عيشه.

وقال مدير العمليات المصرفية في مصرف سوريا المركزي، فؤاد علي، في 10 من حزيران الحالي، إنه “ضرب معاقل السوق السوداء”، من أجل التصدي للمضاربين على الليرة، وتحسين قيمتها أمام الدولار.

ولا يمكن إيقاف تدهور الليرة السورية بهذه الإجراءات التي تتخذها حكومة النظام، بحسب قضيماتي، الذي وصفها بالإجراءات التي “لا تُسمن ولا تُغني من جوع”، طالما استمر النظام باستغلال كل مشروع لتنمية البلاد من أجل مصالح نفوذه.

مراسيم تقتل النشاط الاقتصادي

أصدر رئيس النظام مرسومًا تشريعيًا كان سببًا رئيسًا بتراجع قيمة الليرة السورية، بحسب المحلل الاقتصادي أسامة القاضي، هو المرسوم التشريعي رقم 3 لعام 2020، الصادر في كانون الثاني الماضي، والذي يقضي بـ”تشديد العقوبة” على كل من يتعامل بغير الليرة السورية، كوسيلة للمدفوعات، أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية، سواء كان ذلك بالقطع الأجنبي أم بالمعادن الثمينة.

ويرى القاضي أن هذا المرسوم جمّد النشاطات الاقتصادية الضعيفة، وأدى إلى تراكم خمسة أشهر من النشاط الاقتصادي، إذ “حَسب النظام السوري أن أفضل طريقة لمعالجة المرض هو قتل المريض”، وفق تعبير القاضي.

وعلى الرغم من عدم تطبيق قانون “قيصر” حتى الآن، “وانتفاء علاقته بالتدهور الحالي”، يعتقد القاضي أن القانون هيأ السوريين نفسيًا لهذا التدهور.

أسهمت بتراجع الليرة..

مسامير أخرى في نعش الاقتصاد السوري

إلى جانب “سوء إدارة” حكومة النظام في مؤسسات الدولة المالية، الذي برز مع اقتراب تطبيق “قيصر”، يحمل الواقع عوامل أخرى مستجدة تسهم في إضعاف الليرة السورية أكثر.

و”هناك عدة أمور محلية وإقليمية ودولية أدت إلى انهيار الليرة السورية”، بحسب الباحث الاقتصادي السوري ومحرر الشؤون الاقتصادية في عدة صحف عربية أدهم قضيماتي.

صراع مخلوف مع الحكومة

يرى قضيماتي أن الليرة السورية تتعرض في الفترة الحالية إلى ضغوطات اقتصادية محلية، منذ بداية أزمة تسجيلات رامي مخلوف، التي تعكس الصراع بين رجل الأعمال وابن خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وبين حكومة النظام، من أجل دفعه للتنازل عن أملاكه في شركة “سيريتل” للحكومة.

وبالنظر إلى سعر صرف الدولار قبل وبعد تسجيلات مخلوف، يظهر أثر هذه الخلافات على الليرة، إذ كان سعر الصرف قبل 30 من نيسان الماضي 1250 ليرة للدولار الواحد، في حين بلغ في 19 من أيار، 1820 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.

جفاف منابع الدعم الاقتصادي إقليميًا

تنعكس عوامل إقليمية على انخفاض قيمة الليرة السورية، منها ربط المصرف المركزي السوري بالمصرف المركزي الإيراني المنهار أساسًا، بحسب قضيماتي، وذلك من خلال اتفاقيات تمت بين الطرفين.

وسوء الوضع الاقتصادي في إيران الذي يرجع إلى العقوبات المتخذة من قبل الولايات المتحدة عليها، وتعثر الاقتصاد الروسي وهبوط العملة الروسية، تلك الأحداث أدت إلى تجفيف الدعم الكبير للنظام السوري من قبل روسيا وإيران، بحسب قضيماتي.

توقعات المستثمرين

انخفضت قيمة الليرة السورية بشكل أوتوماتيكي قُبيل تطبيق قانون “قيصر” بسبب إحجام المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط عن التعامل بها، “فهم يعرفون أنه في تاريخ محدد ستُفرض عقوبات على النظام، ومن الممكن أن تتسبب في إفلاس الدولة، الأمر الذي يمنعهم من إدانة النظام أو شراء سنداته”، بحسب ما أكده الباحث الاقتصادي السوري وعضو “نقابة الاقتصاديين الأحرار” محمد موسى.

انهيار بوابة النظام للعالم.. مصارف لبنان

كان لبنان بمثابة بوابة سوريا الاقتصادية إلى العالم الخارجي منذ أواسط الخمسينيات من القرن العشرين على الأقل، وقد أدت العقوبات الغربية على النظام السوري إلى تدعيم هذا الدور اللبناني.

وما إن بدأت المصارف اللبنانية في تقييد بيع الدولار، في آب 2019، بالتزامن مع منع المودعين من سحب مدخراتهم بالعملة الأجنبية، قفز سعر الدولار الأمريكي في سوق العملة الصعبة اللبنانية، والأمر نفسه حدث في السوق السورية.

تداعيات “كورونا” على الليرة السورية

بدأت حكومة النظام السوري بتخفيف الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) عبر إعادة افتتاح المهن التجارية والخدمية والمحلات كافة، وفق برنامج يوزع أيام الأسبوع بين هذه المهن، وذلك بعدما أنهكت تلك الإجراءات الاقتصاد.

وهو ما عبّر عنه رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية وعضو مجلس الشعب، فارس الشهابي، في منشور له عبر “فيس بوك”، في نيسان الماضي، معتبرًا أن “فتح الأسواق وتخفيف إجراءات الحظر أتت لإنقاذ الاقتصاد”.

وعلى الرغم من عدم وجود أرقام رسمية دقيقة توضح تداعيات “كورونا” على الاقتصاد السوري، يعدّ تخفيف حكومة النظام الإجراءات دلالة واضحة على الخسارات التي ضربت مختلف القطاعات الاقتصادية، وأثّرت بشكل مباشر على المواطنين وخاصة أصحاب الأعمال الحرة.

    ما هو قانون “قيصر”؟

    قانون وقّعه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، في كانون الأول 2019، بعد أن كان مشروعًا أقره مجلس النواب الأمريكي، في 15 من تشرين الثاني 2016.

    وينص القانون، الذي يبدأ تطبيقه في 17 من حزيران الحالي، على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام السوري، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للأسد.

    وتعود تسميته باسم “قانون قيصر” إلى الضابط السوري المنشق عن النظام، الذي سرّب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل عام 2014، قُتلوا تحت التعذيب، أكد مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI)  صحتها وأثارت الرأي العام العالمي حينها، وعُرضت في مجلس الشيوخ الأمريكي.

    ويتعيّن على الرئيس الأمريكي، بعد 30 يومًا من سريان مفعول القانون، إدراج مواطني الدول الأجنبية الذين يقدمون دعمًا لنظام الأسد وحلفائه الناشطين عسكريًا في قائمة العقوبات، ويشمل ذلك الدعم كل الأنواع المالية أو المادية أو التقنية.

    إضافة إلى تقديم الخدمات التقنية أو المعلومات المساعدة على صيانة أو توسيع الإنتاج المحلي لحكومة سوريا في قطاع الغاز والنفط، أو في قطاع الطيران العسكري، وفي قطاع البناء والهندسة بشكل مباشر أو غير مباشر.

    وتشمل العقوبات حجز الملكية ومنع الحصول على التأشيرات أو الحصول على أي منافع من دوائر الهجرة، مع سحب التأشيرات الجارية بشكل مباشر، وفرض غرامات.

    كما يتضمن قائمة بأسماء مسؤولين في النظام السوري، بمن في ذلك بشار الأسد وزوجته، ومسؤولون في الأمن السياسي وقادة عسكريون في سلاح الجو والاستخبارات العسكرية، بالإضافة إلى دراسة شمل المصرف المركزي السوري بالعقوبات أم لا.

    وبحسب الموقع الرسمي للكونغرس، فإن القانون بعد إقراره سيكلف وزارة الخزانة الأمريكية بدراسة نشاطات البنك المركزي السوري، لتحديد إن كان يجب اتخاذ إجراءات خاصة بحقه أم لا.

    ويضم القانون بنودًا لدعم الشعب السوري، من دعم أنشطة المنظمات المجتمعية المرخصة، وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

    ويمكن أن يوقف الرئيس فرض العقوبات في حال توقفت حكومة النظام السوري وحلفاؤها عن استخدام المجال الجوي السوري لاستهداف المدنيين بالبراميل المتفجرة أو الأسلحة الكيماوية والصواريخ، وتوقفت عن محاصرة المجتمعات في سوريا، وسمحت بدخول المساعدات الإنسانية والرعاية الطبية إلى جميع المناطق السورية.

    بالإضافة إلى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين المحتجزين قسريًا في سجون النظام، مع السماح الكامل للمحققين من منظمات حقوق الإنسان العالمية بالدخول إلى تلك السجون، والتوقف عن استهداف المنشآت الطبية والمدارس والأماكن السكنية وأماكن التجمعات المدنية.

“قيصر”..

فعل اقتصادي يرتجي غايات سياسية

تتقاطع الغاية من قانون “قيصر” بشكل مباشر مع متطلبات الناشطين السوريين الذين عملوا على إقرار القانون في الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب ما قاله الباحث السياسي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” معن طلاع، في حديث مع عنب بلدي، إذ وصف القانون بأنه “طريقة لعقاب” النظام جراء ارتكابه جرائم ضد الإنسانية.

وهذه التقاطعات المباشرة تحقق عدة أهداف لواشنطن، قسمها طلاع إلى عدة مستويات، الأول هو التفكير الاستراتيجي لإدارة الولايات المتحدة الأمريكية ملفاتها في الشرق الأوسط، إذ تبين أن نهج العقوبات الاقتصادية يخفف من تكلفة التدخل الأمريكي بالمعنى المادي والبشري في المنطقة، ويعزز مبدأ “الإدارة من خلف الأحداث”، مع إعلاء الشروط الأمريكية في أي سياسة ناشئة في المنطقة، وبالتالي هناك وجهة نظر سياسية في واشنطن تدعم منهج العقوبات الاقتصادية لتقويم سلوك الأنظمة وتعزيز شروط التفاوض.

ويتعلق المستوى الثاني من الأهداف بإكمال الحصار على إيران في سوريا، وفق طلاع، وبالتالي هي سلسلة من الإجراءات التي تسعى إلى “خنق مشاريع إيران الإقليمية في سوريا”، “لذلك نرى أن حكومة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، رفضت مناقشة القانون كونه سيعطل المفاوضات القائمة في ذلك الوقت مع طهران، وستخسر حكومة أوباما الاتفاق النووي”.

ويتمثل المستوى الثالث من أهداف قانون “قيصر” بشقين، وفق ما شرحه طلاع، الشق الأول هو تكوين مجموعة من العوامل الضاغطة على النظام ودفعه نحو المسار السياسي المتمثل بمؤتمر “جنيف” والتفاعل الإيجابي مع القرار رقم 2254، وبالتالي تشكل عقوبات “قيصر” بهذا المعنى، مسارًا تفاوضيًا جديدًا من قبل أمريكا للتعاطي مع النظام السوري.

ويتمحور الشق الثاني حول سوريا وإشكالية إعادة ترميم النظام في الوسط المحلي والإقليمي والدولي، إذ يتزامن تطبيق بنود “قيصر” مع تحديات “ما بعد الحرب”، وأبرزها إعادة إعمار سوريا، وفق طلاع، وبالتالي يعتبر “قيصر” فعلًا اقتصاديًا يرتجي غايات سياسية.

ويعتقد طلاع أن عقوبات “قيصر” تبرز ضلوع روسيا سياسيًا مع النظام السوري، كون اعتبار “قيصر رسالة أمريكية إلى روسيا مفادها أنه طالما النظام لم ينخرط في أي حل سياسي ترسمه واشنطن فأمامه تحديات ليست سهلة على النظام أو روسيا”، لذلك فإن “قيصر” أداة ضاغطة على الوجود الروسي في دمشق، و”بدأت روسيا المناقشة مع الأمريكيين للتخفيف من تلك الضغوط”.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا أجرتا مباحثات حول “التسوية السياسية” في سوريا، قبل أسبوع من بدء تطبيق قانون “قيصر”.

وبحسب بيان للخارجية الأمريكية، في 11 من حزيران الحالي، أجرى المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري، جيمس جيفري، مع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي فيرشينين، مباحثات حول “تسوية سياسية” في سوريا.

وأوضحت الخارجية أن “جيفري ناقش مع فيرشينين العملية السياسية لتسوية الصراع السوري، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي يحقق سيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها”.

ولا يمكن ربط انهيار الأنظمة بالعقوبات الاقتصادية، كما يعتقد طلاع، إنما هو متعلق بالضغط على تلك الأنظمة ودفعها إلى حلول سياسية تشرف عليها واشنطن، ووفق هذا المبدأ، فإن “قيصر” إشارة إلى بدء سلسلة تفاوضات تتناسب مع سياسة أمريكا وليس انهيار الاقتصاد في سوريا، وفق طلاع.

لا حلول مؤقتة

الالتزام بـ”قيصر” ملجأ الاقتصاد من التدهور

في حال عاش الشعب السوري انهيار اقتصاده بشكل كامل، فهذا يرجع إلى عوامل ذاتية من داخل النظام السوري، من خلال إعادة شبكاته الأمنية والاقتصادية للتحكم والسيطرة على الدولة والفرد السوري، برأي الباحث السياسي معن طلاع.

وهناك افتراضات ثابتة قد تساعد على عدم نجاح عقوبات “قيصر” بتغيير السلوك السياسي للنظام، وتحويل هذه العقوبات إلى نموذج إيراني، وهي بحسب طلاع، تطويع كل مؤسسات الدولة السورية وامتصاص طاقاتها لخدمة بقاء النظام منذ 2011 حتى الآن، لذلك وبحسب طلاع، فإن “قيصر” ليس السبب وراء انتكاسة الاقتصاد السوري، لكن يعتبر إضافة على أزمات موجوده سابقًا.

ولتدارك الوضع الاقتصادي المتأزم، يجب على النظام السوري إيجاد منظومة اقتصادية بديلة سريعة، وإلغاء المرسوم رقم 3، بحسب المحلل الاقتصادي أسامة القاضي.

وقال القاضي إن “هذا لن يوقف انهيارات قادمة أخف أو أثقل”، بسبب هشاشة الاقتصاد السوري، الذي يعمل بربع طاقته الإنتاجية، فكلما طالت الأزمة أكثر، وتأخر الحل السياسي، ضاقت الأمور الاقتصادية أكثر فأكثر، وانعكس ذلك على معاناة المواطن السوري.

ويرى القاضي أن الحل “الناجع الوحيد” أمام النظام هو الالتزام ببنود قانون “قيصر”، لكن النظام “بتعنته سيعيش حالة الإنكار”، وسيضع رئيس الوزراء ووزير المالية وحاكم مصرف سوريا المركزي “أكباش فداء لفشله السياسي والإداري”، الأمر الذي طُبق على أرض الواقع، بعزل عماد خميس.

ويتفق الباحث الاقتصادي محمد موسى مع القاضي، وهو يرى أن الحل الوحيد أمام النظام هو إعادة الثقة إلى الليرة السورية، من خلال عملية طويلة، تحتاج إلى سنوات لتُطبق، وتكون بإنهاء الحرب، وإعادة بناء علاقات دولية جديدة مع العالم في ظل حكومة تُشكّل وفق بنود “قيصر”، والانتهاء من العقوبات، وفتح المعابر التجارية، وإيجاد سياسات اقتصادية جديدة مرنة تتناسب مع الوضع الاقتصادي الجديد الذي خلفته الحرب، ووجود بنك مركزي قادر على التدخل بأي وقت للحفاظ على الليرة، ودعم التجار والتصدير والاستيراد لاستمرار التجارة، وإخراج المعتقلين وإعادة اللاجئين والمهجرين.

دعم “تخديري”

تترنح الليرة السورية بين تراجع قيمتها وتحسنها، متأثرة بالإجراءات المشددة والقبضة الأمنية للنظام السوري والتضييق على “السوق السوداء”، بالإضافة إلى مبادرات فردية وإعلامية من تجار سوريين لتحويل مبالغ “ضخمة” من الأموال إلى داخل سوريا، دون أن يصدر أي تصريح من قبل حكومة النظام السوري حول تلك المبادرات.

ويشير الباحث محمد موسى إلى أن أي دعم يُقدم للنظام لوقف انخفاض قيمة الليرة السورية من الدول الحليفة له سيكون تأثيره “مؤقتًا وتخديريًا”، يُعيد إلى الليرة السورية عافيتها لمدة أسبوع كحد أقصى، ومن ثم تعود قيمة الليرة إلى الانخفاض، بحسب ما توقعه موسى.

الأمر الذي أكده المحلل الاقتصادي أسامة القاضي، إذ يرى أن حلفاء النظام لم يعد بمقدورهم مساعدة النظام، وخرجت المسائل عن طاقتهم، وذلك بسبب خساراتهم المقدرة بـ124 مليار دولار لروسيا، و24 مليار دولار لإيران، فضلًا عن أوضاعهم الداخلية المتأزمة.

منابع الدولار جافة

أشار موسى إلى أن تطبيق قانون “قيصر” يعني حصارًا بشكل كامل على سوريا، مانعًا الاستيراد والتصدير والحوالات البنكية، ما يؤدي إلى عدم تمكن النظام من بيع سندات الخزينة مجددًا، وعدم قدرة أحد من الدول الحليفة على إدانته أو إدانة البنك المركزي في سوريا.

كما أن توقف الدعم الإيراني للنظام من المشتقات النفطية والقطع الأجنبي، بسبب العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، دفع النظام إلى استهلاك ما يمتلك من عملة صعبة لشراء القمح والنفط من روسيا، التي لم تعد تدين النظام وإنما تبيعه بشكل نقدي حصرًا.

وقال موسى إن لبنان بات أيضًا غير قادر على تغذية النظام بالقطع الأجنبي، بسبب أزمة المصارف اللبنانية، (الضالعة بغسيل أموال النظام)، القائمة حاليًا.

وعن مصادر تأمين القطع الأجنبي التي يلجأ إليها النظام، أضاف موسى أن المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية تعد “مصدرًا أساسيًا” للتمويل، إذ يجري تصدير الليرة السورية إلى مناطق الشمال السوري، ويشتري النظام السوري الدولار الأمريكي الذي يُؤمّن من تركيا من “تجار كبار”، من خلال حركة التجارة القائمة عبر المعابر الحدودية بين تركيا ومناطق الشمال السوري.

ويعتقد موسى أن تثبيت شركات الصرافة والحوالات والتجار تعاملاتهم في مدن الشمال السوري بالليرة التركية أو الدولار والابتعاد عن التعامل بالليرة السورية “سيوجه الضربة القاضية للنظام”، بحسب تعبيره.

“فقراء ومعدومون”.. ما الحل؟

ينعكس الانخفاض في قيمة الليرة السورية بشكل مباشر على أسعار المنتجات والخدمات، التي ترتفع لتُخفض معها القدرة الشرائية لدى المواطنين، الذين باتوا في مواجهة مع قائمة أسعار، كلما زاد سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة، ضمت سلعًا وخدمات جديدة باتت بعيدة عن متناول أيديهم.

وصنف القاضي المواطنين في سوريا في طبقتين “طبقة الفقراء وطبقة المعدومين”، فلم يعد هناك أي طبقة أخرى بعد هذه “الانهيارات” المتتالية لقيمة الليرة، بحسب رأيه.

فدخل الفرد الذي كان يُقدّر بـ300 دولار عام 2011، “وهو دخل قليل”، بات اليوم يُقدر بـ30 دولارًا، “متجاوزًا خط الفقر المدقع بأشواط” وفق القاضي.

ولفت القاضي إلى أنه في حال انهيار عملة دولة ما وعدم استقرارها، تلجأ الدولة إلى عملة مستقرة أخرى، بحيث تضع عملتين وسعرين للتعامل، الأول مقدّر بالعملة الوطنية، والثاني بعملة دولة أخرى مستقرة.

ولكن لا حلول أمام المواطنين السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام، وفقًا للقاضي، لأنهم وبسبب وجود المرسوم رقم 3، لا يستطيعون التعامل إلا بالليرة السورية، والأسعار مرتفعة وهم عرضة لمواجهة تقلبات الليرة السورية بشكل كبير.

تسعير بعملتين

أما المواطنون المقيمون في المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية، فالحل أمامهم يكون بتداول الليرة التركية، والتسعير بالليرتين، السورية والتركية، وذلك يكون بتمكين “الحكومة السورية المؤقتة”، من أجل إنجاح عملها في ضبط أسعار العملات، ومراقبة عمل الصرافين، وضخ عملة تركية لا تقل عن نصف مليار إلى مليار ليرة تركية شهريًا إلى تلك المناطق، وفق القاضي، وذلك بدوره سيخلق فرص عمل، بالإضافة إلى إجراء العقود بالدولار أو الليرة التركية، بحسب أي العملات متوفر بشكل أكبر.

الأمر ذاته ينطبق على المناطق الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا”، بحسب القاضي، الذي أكد على ضرورة توفر أجزاء تلك العملات والفئات الصغيرة منها بشكل كبير، ليتمكن الناس من تداولها.

وقال القاضي إن هذه العملية ليست استبدالًا للعملة “كما يُروّج البعض”، وإنما تسعير بعملتين، وقبول عملة أخرى مع العملة الوطنية إلى أن يجري الانتقال السياسي وتعود العملة الوطنية إلى “ما كانت عليه، أو أفضل مما كانت عليه”، مشيرًا إلى أن هذه الطريقة اُتبعت في لبنان وموزمبيق، وتُتبع في البلاد التي مرت بظروف مشابهة من الحروب والكوارث.

هل يجد النظام طريقة للالتفاف على العقوبات؟

حاول النظام السوري الالتفاف على العقوبات في تجربة سابقة له مع ثلاث موجات منها، في ثمانينيات القرن الماضي، ومع تحويل رجل الأعمال ورئيس “رابطة التجار السوريين” في الكويت، فهد خضير، مبالغ “ضخمة” من الأموال إلى داخل سوريا، من أجل تحسين قيمة الليرة السورية، إضافة إلى الدعاية الإعلامية عن مبادرات مشابهة، طُرح التساؤل اليوم عن إمكانية إعادة التجربة، والتفلت من العقوبات.

بينما يرى الباحث محمد موسى أن النظام يمتلك أكثر من طريقة للالتفاف، أولاها الطريقة التي اعتمدها سابقًا ومرارًا في إنشاء شركات تجارية جديدة بأسماء أشخاص جدد تابعين له.

وثانيتها تحول حقول الفوسفات وموانئ اللاذقية وطرطوس، التي أُعطيت للاستثمارات الروسية، إلى “مناطق حرة” تحوي شركات روسية بداخل الدولة السورية، تمثل منافذ لدعمه، لا تصل إليها العقوبات، ولا يشملها قانون “قيصر”.

بالإضافة إلى المنظمات الإغاثية والإنسانية، وطرق التهريب بين سوريا ولبنان، التي لن تتأثر بالقانون، وفق بنود قانون “قيصر”، والمعابر الداخلية الواصلة بين مناطق سيطرته ومناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” وفصائل المعارضة السورية.

و”الالتفافات من الممكن أن تُنقذ النظام بنسبة لا تتجاوز 20% فقط”، وفقًا لموسى، لأن الاقتصاد والدولة “منهاران” في الأصل، وبحسب ما يراه فإن قانون “قيصر” آلية للضغط وليس آلية “لتدمير الاقتصاد”، وإمكانية الالتفاف بيد الولايات المتحدة الأمريكية، “فمن الوارد أن تغض الطرف” كما فعلت في تجارب سابقة خلال فرضها عقوبات على إيران وفنزويلا.

لكن المحلل أسامة القاضي يرى أن الالتفاف على عقوبات قانون “قيصر” سيكون “صعبًا جدًا”، ويتمثل السبب بأنه لو قُدر للمصرف المركزي السوري أن يصنف باعتباره مصرفًا يدعم غسيل الأموال، سترتفع متطلبات الشفافية والالتزام الإداري والمالي أمام وزارة الخزانة الأمريكية وأمام المؤسسات المالية العالمية، وكل المصارف الخاصة لن تستطيع ممارسة عملها داخل سوريا.

وفق ذلك، يبدو “قيصر” خناقًا محكمًا على النظام السوري، سيتأثر به الاقتصاد السوري لدرجة كبيرة نتيجة الأرضية الخصبة من الأزمات الموجودة بالفعل، وتبقى فترة المقاومة ومدى نجاعة آليات التحايل رهن تفاصيل تطبيق القانون التي لا تزال غير محددة بدقة حتى ساعة إعداد التقرير.

عنب بلدي

————————-

إيكونوميست: لا حلول لدى الأسد ومشكلته مع أنصاره لا معارضيه

في تقرير لمجلة “إيكونوميست” عن الوضع في سوريا أشارت فيه إلى أن بشار الأسد لم يعد لديه حل للأزمة السورية وأن الأمور باتت تتدهور من سيء إلى أسوأ. وقالت إن الموالين السابقين للأسد ارتدوا ضده ولكن هذا لا يعني خروجه من المعادلة السياسية السورية بسهولة. وجاء فيه أن سوريا رغم معاناتها سنوات طويلة من الحرب الأهلية التي حصدت مئات الألاف من المدنيين وشردت الملايين قد عادت إلى النقطة التي بدأت منها.  وعاد سكان منطقة جنوب- شرق سوريا هتافات معادية للنظام وهي نفس الهتافات التي أشعلت الحرب الأهلية “الله، الشعب والحرية” بدون ذكر اسم الديكتاتور، بشار الأسد من الهتاف المعروف.  وحاولت مراسلة التلفاز الرسمي التي كانت تغطي التظاهرات التي لم تكن حاشدة بالقدر الكافي لمقابلة أي شخص لديه استعداد لمدح الأسد. فمعظم السوريين لا يزالون يعيشون في فقر مدقع ومن الفساد وعدم المساواة الاجتماعية.

وقال محاضر جامعي إن “المظالم التي أشعلت الانتفاضة أصبحت أكثر وضوحا”.  وبمساعدة من إيران وروسيا واستخدام الغاز ضد شعبه انتصر الأسد تقريبا في الحرب. باستثناء إدلب التي تظل آخر معقل لمعارضة الأسد. ولكن النظام يواجه تحديات جديدة لا يمكنه حلها بالقوة. فعملة منهارة تدفع الناس نحو فقر أكبر وعقوبات أمريكية ستزيد من سوء الأوضاع. وتم تفريغ المعارضة حتى بين صفوف النظام ولكن لا حل لديه للأزمة. وعندما ورث الأسد الرئاسة من والده قبل عقدين كانت سوريا بلد غالبيته من أبناء الطبقة المتوسطة. واليوم هناك نسبة 80% من سكانه فقراء. وكان الناتج المحلي العام نسبة الثلث مما كانت عليه قبل الحرب. وأضاف كوفيد-19 مصاعب جديدة. وهناك مشاكل في لبنان، التي تعد أكبر سوق لسوريا ومزود للعملة الصعبة لكنه يعاني من أزمة مالية حانقة. ومع نقص الدولار في البلدين انهارت قيمة العملة السورية بنسبة 50% أمام الدولار. واليوم بات سعر الدولار الواحد 3.000 ليرة سورية في السوق السوداء فيما قررت مناطق المعارضة في الفترة الماضية استخدام الليرة التركية بدلا من الليرة.

وتضيف إلى أن قيمة رواتب الحكومة تتراجع مع زيادة أسعار المواد الأساسية. وبالنتيجة، تقول الأمم المتحدة أن الكثير من سكان سوريا لن يستطيعوا الحصول على الطعام اللازم لهم. وبل ووضع نجوم كرة القدم المحليين صورته مع متاعه في الشارع على منصات التواصل الاجتماعي. ولم يعد لدى الصيدليات الدواء الكافي لأن منتجي الأدوية ليس لديهم المال اللازم لشراء المكونات الطبية من الخارج.

ورغم عودة المحلات والمقاهي أبوابها بعد فترة إغلاق إلا أنها عادت وأغلقت من جديد بسبب قلة الزبائن. ولكي تزيد من احتياطاتها طلبت الحكومة من البنوك التوقف عن تقديم القروض بشكل زاد من المشاكل. وقامت المصارف بوقف آلات الصرف الآلي وحددت كمية المبالغ المسحوبة.

واصطف الناس في طوابير أمام البنوك على أمل استعادة ما لديهم من توفير قبل هبوط قيمة العملة من جديد. ولأنه لا يملك الإجابة أو المال بدأ الأسد بالضغط على الأثرياء لدعم الاقتصاد، ورضخ الكثيرون منهم إلا أن رامي مخلوف، الثري المعروف وابن خال الأسد رفض. وبدأ في أيار/مايو بنشر سلسلة من أشرطة الفيديو على فيسبوك اشتكى فيها من سياسة الضغط التي يمارسها النظام ومصادرته لأرصدته. وفي بداية الشهر صادر الأسد “سيرياتل” أكبر شركة اتصالات في البلاد والتي يملكها مخلوف. وتخلى عدد من الداعمين الآخرين عن النظام، فقد احتج مئات من أبناء الطائفة العلوية في منطقة الساحل ضد الأسد وكذا أبناء الطائفة الدرزية في السويداء. وبحسب إبراهيم حميدي، الصحافي السوري فقد باتت مشكلة النظام مع الموالين له لا المعارضة. إلا أن العنف اشتعل في مناطق أخضعها النظام مثل درعا التي انطلقت منها انتفاضة 2011. وقرر الأسد عزل رئيس وزرائه عماد خميس وبات يعتمد على مجموعة صغيرة من المقربين له، إلا أن مشاكله زادت في 17 حزيران/يونيو مع تطبيق قانون قيصر الأمريكي ويستهدف أي شخص أو شركة تتعامل مع النظام السوري. وسيمنع القانون أي شركة أو جهة كانت تأمل بالاستفادة من مشاريع إعادة إعمار البلاد.

وتعلق المجلة أن الأسد يعاني من ضعف لكنه لن يذهب، وشعبه متعب ويعتمد الملايين منهم عليه لكي يسمح بتوزيع المساعدات الغذائية. وعلمت أربعة عقود من العقوبات النظام كيفية التعامل مع الضغط وحرف اللوم. وقال إن الغرب يشن حربا اقتصادية ضد سوريا بعدما فشل بإزاحة الأسد. ويشجب الأمريكيين لمنحهم آبار النفط ومناطق الغذاء للأكراد. وعاد إلى استخدام طرق التهريب التقليدية، خاصة عبر لبنان مع إنشاء طرق جديدة. والأهم من ذلك لا يزال الأسد محميا من روسيا وإيران اللتان تأملان باستعادة استثماراتهما.

القدس العربي

————————————-

جهود روسية لـ«الالتفاف» على عقوبات «قانون قيصر» الأميركي

موسكو تشير إلى مخاوف على الوضع المعيشي في سوريا

موسكو: رائد جبر

تواصلت ردود الفعل الروسية على دخول «قانون قيصر» الأميركي حيز التنفيذ، إذ إنه مع تفاقم المخاوف لدى قطاع الأعمال والشركات الكبرى، سعت أوساط روسية إلى التخفيف من تأثير التداعيات المحتملة. وقال دبلوماسيون روس لـ«الشرق الأوسط» إن موسكو نبّهت الجانب الأميركي خلال مداولات جرت بين الطرفين في فبراير (شباط) الماضي، إلى أن القانون «لن يكون فعالاً حتى إذا أصرت واشنطن على إطلاقه»، في إشارة إلى استعداد روسي لمواجهته والالتفاف على العقوبات المفروضة على الشركات التي تتعامل مع الحكومة السورية.

ومع تأكيد المستوى الرسمي أن روسيا «لن تتراجع عن التزاماتها في التعاون العسكري والاقتصادي مع الحكومة السورية» وفقاً لما أكده نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، أبلغ «الشرق الأوسط» السفير الروسي السابق لدى عدد من البلدان العربية أندريه باكلانوف، أنه «لا يوجد ما يدفع إلى المبالغة في المخاوف بسبب القانون الأميركي الجديد». وقال باكلانوف الذي يعد من الفريق المقرب من الخارجية الروسية ويشارك في جولات وحوارات استشارية حول سوريا وملفات أخرى في الشرق الأوسط، أن موسكو «سوف تجد مجالات لمواصلة تقديم المساعدات العسكرية والفنية والاقتصادية والمالية لسوريا رغم القانون» وزاد أن الحديث لا يدور فقط عن سوريا بل «سنواصل العمل وفقاً لمواقفنا لدعم إيران وبلدان أخرى في المنطقة وخارجها تتعرض لسياسة العقوبات الأميركية».

وأوضح الدبلوماسي السابق أن موسكو «لديها خبرة طويلة في التعامل مع ظروف العقوبات الاقتصادية، ولا تخشى هذا التطور».

وكشف أن موسكو أبلغت الجانب الأميركي، خلال مشاورات جرت في فبراير الماضي أن «هذه العقوبات لن تكون فعالة حتى لو ضربت نشاط بعض الشركات التي ستضطر لتقليص عملها لكنها لن تؤدي النتائج المطلوبة منها، وأنها ستضر فقط بالمدنيين».

وزاد أن بإمكان قطاع الأعمال الروسي تأسيس شركات أخرى بديلة عن الشركات التي قد تخرج من السوق السورية، بشكل «لا تكون مرتبطة بالقطاع المصرفي والمالي الأميركي» ما يعني أن واشنطن لن تكون قادرة على معاقبتها.

في السياق ذاته، قال كبير خبراء مدرسة الاقتصاد العليا في موسكو أندريه تشوبريغين لـ«الشرق الأوسط»، أن «المهم ليس الشركات التي سوف تتضرر جزئياً، لكنها ستجد طرقاً للالتفاف على هذه العقوبات، فالأكثر أهمية أن التبعات الرئيسية سوف تكون ملقاة على كاهل المواطن السوري المتوسط الحال فضلاً عن الفئات التي تعاني حالياً أوضاعاً معيشية صعبة للغاية».

وأوضح أن «الأميركيين يقولون إن العقوبات موجّهة للدفاع عن المدنيين لكنّ المشكلة هنا أن هذا القانون سوف يضر بدخول المساعدات الإنسانية والمواد الطبية والغذائية، والنتائج الأولى ستظهر على شكل مزيد من التعقيدات المعيشية التي يواجهها المواطن السوري في ظروف اقتصادية معقدة وصعبة».

وأقر الخبير الاقتصادي بأن «الاتفاقات والعقود الموقعة في السابق بين دمشق وموسكو سوف تواجه مشكلات جدية»، لكنه أضاف أنه ينظر من زاوية أخرى لفشل هذه العقود لا تقتصر على حساب الخسائر الاقتصادية للشركات الروسية. موضحاً أن «فشل تنفيذ العقود سينعكس على السوق السورية ذاتها، وسوف تبدأ النتائج في الاتضاح خلال شهرين، عندما تنسحب الشركات وتشهد البلدان فقدان كثير من المواد الأساسية من الأسواق».

ولفت إلى جانب آخر، مشيراً إلى أن التداعيات المحتملة لا تقتصر على العقود التجارية بل تنسحب على المساعدات الإنسانية التي سوف تتقلص كثيراً بسبب أن «القانون لغته مطاطة جداً وسوف يثير في تأويله وتطبيقاته مخاوف مؤسسات كثيرة تعمل في المجال الإنساني لكنها ستشعر بالقلق من تطبيق العقوبات عليها، لذلك سوف يلجأ جزء منها إلى تعليق عمله في سوريا».

——————————————-

نقيب منشق: قانون قيصر سيخنق النظام السوري، وأكد أنه سيعيد للشعب حقوقه الضائعة وأمواله المنهوبة

بهية مارديني

يرى النقيب المنشق عن النظام السوري وائل الخطيب في لقاء مع “إيلاف” أن سوريا “جوهرة يجب الحفاظ عليها، وليست كعكة يجب الاقتتال للحصول على مكاسب منها”.

وأفاد “يجب أن نعمل لنحقق لها استقراراً وأماناً”، معتبراً أن الأمور ستكون أفضل، مطمئناً السوريين أن “قانون قيصر وسلسلة العقوبات الاخيرة ستخنق النظام، وتعيد للسوريين حقوقهم الضائعة وأموالهم المنهوبة”.

وقال الخطيب “لنا أن تتخيل أن النظام يوثق جرائمه يوميا بحق السوريين، فقيصر عمل مجندا في جيش النظام السوري، وجرى تكليفه بالتقاط صور في الأماكن التي جرت فيها جرائم وانتهاكات مدنية، ومنذ اندلاع الثورة السورية كلف بتصوير جثث المدنيين من ضحايا التعذيب والقتل على يد النظام السوري، وعمل مصورا عسكريا في الجيش السوري لمدة 13 عاما حتى انشقاقه عام 2013”.

وأضاف “55 ألف صورة للمعتقلين والقتلى داخل معتقلات نظام الأسد، ولنا جميعا أن نشعر بما أحست به عائلات الضحايا، وكلنا لنا أقارب استشهدوا، وهي تحاول ان تتعرف على صور أبنائها بين الصور المسربة”.

وشدد أن “الضباط المنشقين هم ضد الدم وضد الاستبداد وهم يعملون من أجل سوريا الحرية سوريا المستقبل لذلك سارعوا بالانشقاق ولم يقبلوا أن يشاركوا في قتل السوريين”.

وحول موضوع المجلس العسكري وعلاقته بالعميد مناف طلاس قال الخطيب “الجنرال مناف طلاس يعمل في صمت وهو متألم لما يجري، ورفض أن يشترك في قتل السوريين أو أن يعمل مع المعارضة وخاصة أن بعض المعارضة مرتهنة لأجندات معينة وفضّل أن يعمل لكل الشعب السوري دون تمييز، والمجلس العسكري، كما طرحه، قد يكون حلا حقيقيا لكل ما نمر به كمرحلة انتقالية للفترة القادمة”.

وأشار الخطيب “نعمل على عدة مستويات، ونحاول توحيد القوى والتيارات والعمل على المشتركات، ونأمل بتعجيل الحل لأن الشعب السوري يعاني. النواب الأميركيون قدموا مشروع قانون قيصر عام 2016 بهدف وقف قتل الشعب السوري، وتشجيع التوصل إلى تسوية سلمية عبر التفاوض، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان السوري على جرائمهم وبعد المناقشات، وأقر الكونغرس القانون في 2019، ووقع عليه الرئيس دونالد ترمب كجزء من قانون ميزانية الدفاع لعام 2020. لذلك نريد أن تتحرك الأمور بسرعة لتحقيق مطالبات الشعب السوري في الديمقراطية وحقوق الانسان، ولدفع سوريا لتكون الجوهرة التي نريدها جميعا”.

ايلاف

————————————-

واشنطن تحذر أبوظبي للمرة الثانية خلال يومين من مغبة التطبيع مع نظام الأسد

واشنطن: حذر المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، الإمارات، من إمكانية تعرضها لعقوبات إذا واصلت مساعيها لتطبيع العلاقات مع النظام السوري.

وأوضح جيفري، في مؤتمر صحافي عقده الجمعة، أن الإمارات قد تخضع لعقوبات بموجب “قانون قيصر” المصادق عليه حديثا في الكونغرس الأمريكي.

وقال بهذا الخصوص: “الإمارات تعلم أن الولايات المتحدة تعارض بشدة تطبيع أبوظبي علاقاتها مع نظام الأسد”.

وفي سؤال حول مساعي الإمارات لفتح سفارتها مجددا في دمشق، أجاب جيفري: “إنهم (الإماراتيون) دولة مستقلة، يمكنهم اتخاذ هذه القرارات، لكننا أوضحنا لهم أن هذه فكرة سيئة للغاية”.

وتابع قائلًا: “هذه الخطوات لن تساعد في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي أو في إنهاء الصراع الذي يمثل مشكلة للمنطقة بأسرها”.

وأكد جيفري أن أي شركة أو شخص سواء كان إماراتيا أو غير ذلك، سيكون هدفا للعقوبات إذا انطبقت عليه الشروط فيما يخص الأنشطة الاقتصادية مع نظام الأسد.

وهذا هو التحذير الثاني للإمارات في غضون يومين، إذ سبق وأن أطلق جيفري عبارات مماثلة الأربعاء تزامنا مع إعلان واشنطن دخول “قانون قيصر” حيز التنفيذ، والبدء بفرض عقوبات على 39 شخصا وكيانا مرتبطين بالحكومة السورية.

وكشفت الخارجية الأمريكية عن الجهات المستهدفة من القانون التي تشمل الرئيس بشار الأسد وزوجته أسماء اللذين وصفتهما بـ”مهندسي معاناة الشعب السوري”.

وبموجب العقوبات، بات أي شخص يتعامل مع النظام السوري معرضا للقيود على السفر أو العقوبات المالية بغض النظر عن مكانه في العالم.

و”قيصر” هو اسم استخدم لإخفاء الهوية الحقيقية لعسكري سوري سرب صور السجناء الذين تعرضوا للتعذيب حتى الموت في سجون نظام الأسد

—————————–

حذاء الأسد بقيمة مجموع رواتب عناصره.. والموالون: متواضع!

في الوقت الذي لا يجد فيه السوريون ثمن رغيف الخبز، أثارت الصور الأخيرة لعائلة رئيس النظام بشار الأسد في منطقة بلودان بريف دمشق، مقاربة من نوع مختلف، تتعلق بالأزياء الباهظة التي تحرص العائلة على الظهور بها في كل إطلالة إعلامية.

وفيما تحدث الناشطون الموالون عن تواضع الأسد وتقشفه بدليل أن المعطف الذي يرتديه، قديم وظهر به سابقاً في إطلالتين مختلفتين على الأقل، أشار المعلقون إلى أن ثمن حذاء الأسد يتجاوز مبلغ 500 ألف ليرة سورية، ما يبرز الفروق الشاسعة في سوريا التي يرزح 80% من سكانها تحت خط الفقر حسب تقديرات الأمم المتحدة.

    بعد بحث استفزني للقيام به ما قرأته حول أن حذاء بشار الأسد في أحدث صوره هو “نايكي بـ 100 دولار”.. تبين أنه أديداس Ultraboost 20.

    ثمنه 180€ (حوالي 535 ألف ل.س)، ما يعادل على ما أعتقد رواتب جميع العناصر الذين يحيطون به.

    قبل أيام هتف موالون في حمص: “بدنا نموت وصباط الأسد تابوت”. pic.twitter.com/cyrkxq4Nv9

    — Omar Kasir (@OmarKasir) June 19, 2020

وقال ناشطون أن الحذاء الذي ارتداه بشار الأسد، من ماركة شركة “أديداس” الشهيرة، وثمنه 180 يورو، أي أنه أغلى بأكثر من 12 ضعفاً مقارنة برواتب المقاتلين في جيشه.

ونشر الصحافي السوري عمر كاسر تغريدة عبر حسابه في “تويتر” قال فيها: “بعد بحث استفزني للقيام به ما قرأته حول أن حذاء بشار الأسد في أحدث صوره هو نايكي بـ100 دولار، تبين أنه أديداس Ultraboost 20. ثمنه 180 يورو، حوالي 535 ألف ل.س، ما يعادل على ما أعتقد رواتب جميع العناصر الذين يحيطون به”.

وأتت المقارنة ضرورية بعد هتافات الموالين للأسد في محافظة حمص وسط البلاد، قبل أيام ضمن مقاطع فيديو مستفزة: “بدنا نموت وصباط الأسد تابوت”، تم بثها كردّ على الاحتجاجات التي خرجت في مدينة السويداء جنوب البلاد وطالبت بالتغيير السياسي والإصلاح الاقتصادي.

ورغم ذلك كله، تفاخر الموالون في مواقع التواصل، بزيارة الأسد “المتواضعة” للجنود. فكتب الإعلامي في قناة “الإخبارية السورية” الرسمية مضر إبراهيم على سبيل المثال: “طالع على بلودان مع عائلته بشكل عادي وبسيارة، لا طيارات، ولا مواكب ولا شيء، مر بأحد حواجز الجيش على ارتفاع 2500 م و نزل مع عائلته وتصور معن”.

يأتي ذلك بعد أيام من بدء تطبيق قانون “قيصر” الذي يفرض عقوبات جديدة على النظام السوري، شملت للمرة الأولى زوجته أسماء الأسد التي بات لها دور متنام ضمن النظام في الفترة الأخيرة.

——————————-

جندي في جيش النظام يطلب يد زين الأسد للزواج

أطلق ناشطون سوريون هاشتاغ “كلنا مع يزن” بعد قيام عنصر من جيش النظام السوري يُدعى يزن سلطاني، بإعلان حبه لزين الأسد، ابنة الرئيس بشار الأسد، في مقطع فيديو انتشر بكثافة في مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال سلطاني في الفيديو الذي نشره في صفحته الشخصية في “فايسبوك”: “بحبك زين الشام وبعشقك، أنا إلك وإنتي إلي”، لتمتلئ صفحته بالتعليقات الساخرة التي تساءل فيها المعلقون عن مكان مجلس العزاء المقام له، في إشارة إلى أن مصير الشاب سيكون مظلماً بسبب تطاوله على عائلة الأسد بهذا الشكل.

وبحسب التعليقات، فإن إحدى الفتيات تلاعبت بالشاب عبر اتصالات هاتفية وأقنعته بأنها زين الأسد (17 عاماً) شخصياً، وهو صدق تلك اللعبة إلى حين تصوير الفيديو. كما نشر مقاطع فيديو تالية تحدث فيها عن إصراره على الزواج من زين الأسد، وقال: “ما رح اتخلى عنك لا من قريب ولا من بعيد”، وذلك رداً على التهديدات التي أشار لها ناشطون موالون تضامنوا مع مشاعره.

وردّ سلطاني على التعليقات الساخرة منه بالقول: “لو جدك حافظ موجود كان فوراً زوجني ياكي يازين”، مضيفاً: “أنا شفت بمنامي القائد الخالد حافظ الأسد وقلي زين بنت إبني إلك ورح تكون إلك، بحبك كتير يا زين وطالبك من الله قبل أهلك”، في إشارة إلى رئيس النظام السابق حافظ الأسد، الذي مازال يحظى بمكانة واسعة لدى جمهور الموالين بوصفه الرئيس المؤسس للدولة والمجتمع، والذي تنسج حوله القصص الأسطورية الكاذبة التي تشيد بتواضعه وحبه للشعب السوري. ورد المعلقون على هذه الأمنيات بسخرية مضادة: “الله يقومو بالسلامة يارب”.

يذكر أن حساب سلطاني في “فايسبوك” أنشئ في الأول من حزيران/يونيو الجاري فقط، ويبدو أنه يتحدر من مدينة اللاذقية الساحلية. وقال معلقون أن سلطاني يظهر خائفاً في مقاطع الفيديو، مشيرين إلى أن أحداً ما يهدده لتصوير هذه الفيديوهات التي تعرض حياته للخطر في دولة مثل سوريا الأسد.

    بضيعتو ماندفن😂😂#سوريا #كلنا_مع_يزن pic.twitter.com/uRNQZ99Erh

    — عبدو (@5R7pltkXXK7YnIY) June 19, 2020

    عسكري في ميليشيا النظام يعلن رغبته بالزواج من”زين الشام”ابنة بشار الأسد،وهي المرة الأولى التي يقوم شخص في سوريا بهذا الفعل في العلن

    مؤيدو النظام يدعمون “يزن السلطاني” صاحب الفيديو على هاشتاغ #كلنا_مع_يزن

    يجب على الأسد النظر في هذه العلاقة وجديتها،خاصة أنها صادرة عن من يدافع عنه. pic.twitter.com/oJKbu6Opnh

    — فؤاد حلّاق (@Fouadhallak89) June 19, 2020

    فيديو للشاب يزن السلطاني

    ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي

    ياكد فيه اصراره على زواج من ابنة

    بشار الاسد زين الشام

    وناشطون يطلقون حملة عبر موقع

    الفيسبوك تحت عنوان #كلنا_مع_يزن

    يقول يزن بداءت التهديدات تنهل علي من كل حدب لكني مصر على هدفي وحلمي هو زواج من ابنة الرئيس pic.twitter.com/Uh5Ai8d043

    — اسد الدين شيركو (@asadaldeensherk) June 19, 2020

—————————

أسماء الأسد تتحدى أميركا.. بزيارة الجنود في بلودان؟

أثارت الصور الجديدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد وعائلته مع جنود في الجيش السوري، تساؤلات كثيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، بداية من مكان التقاط الصور إلى سبب ارتداء الملابس الشتوية في فصل الصيف، وصولاً إلى تجاهل حسابات رئاسة الجمهورية في مواقع التواصل، للصور بشكل تام على غير المعتاد.

وفيما قال ناشطون أن الصور التقطت في مكان ما من الساحل السوري بالقرب من جبهات القتال في محافظة إدلب، قال آخرون، وتحديداً الناشطون الموالون للنظام، أن الصور التقطت بالقرب من دمشق، ويرجح أنها في منطقة بلودان الباردة نسبياً، ما يفسر الملابس الشتوية التي ارتدتها عائلة الأسد في الصور.

    Asma & Bashar #Assad posing with regime soldiers after new #CaesarAct sanctions. Their message: we’re going nowhere, we have out-waited all US presidents & sanctions, Bashar will “win elections” in 2021 & then Asma will take over and after her Hafez the 2nd. Photo: @M_Alneser pic.twitter.com/Q6GOUjjtBW

    — Sam Dagher (@samdagher) June 19, 2020

وعادة ما يجذب بشار الأسد الأنظار في هذه النوعية من الصور حتى لو كان محاطاً بأفراد عائلته، مثلما هو الحال في الزيارات التي قام بها العام 2017 إلى مناطق في ريف حماة وريف الساحل السوري على سبيل المثال، وكان أفراد عائلته مجرد رتوش تضاف إلى صورته كقائد مثالي يرعى أفراد شعبه، إلا أن أسماء التي شملتها العقوبات الأميركية لأول مرة بعد تطبيق قانون “قيصر” في 17 حزيران/يونيو الجاري، كانت محور الاهتمام وهي تقف أمام زوجها وخلفهما أبناؤهما الثلاثة، مع جنود النظام.

وامتلأت مواقع التواصل بالتعليقات التي اعتبرت أن أسماء الأسد تتحدى الإدارة الأميركية، عبر هذه الإطلالة. وعلق الكاتب والصحافي الأميركي البارز سام داغر، في “تويتر”: “رسالة بشار الأسد وأسماء بعد عقوبات قيصر هي: لن نرحل، لقد تجاوزنا كل الرؤساء والعقوبات الأميركية، سيفوز بشار بالانتخابات العام 2021، وبعد ذلك ستخلفه أسماء ومن بعدها حافظ الثاني”.

من جهته وصف الباحث البريطاني في معهد الشرق الأوسط، تشارلز ليستر، ظهور أسماء الأسد بأنه “غير عادي جداً وجريء جداً”، فيما نشرت الصفحات الموالية للنظام، قصة تتكرر في كل مرة تظهر فيها مثل هذه النوعية من الصور، وهي إيقاف العساكر على أحد الحواجز لسيارة مارة في منطقة الزبداني “من دون مرافقة عسكرية”، ليُفاجأوا بالأسد يقود السيارة مع عائلته في نزهة في المنطقة ليطلبوا منهم التقاط صور تذكارية، ما يدل على “تواضع” العائلة و”بساطتها”.

ويعطي شكل الدعاية المقدمة بصورة غير رسمية، من دون نشرها في معرفات الرئاسة الرسمية في مواقع التواصل، وربطها بعنصري البساطة والتواضع، انطباعاً بأن الرسالة ليست موجهة للإدارة الأميركية، بقدر ما هي موجهة للبيئة الداخلية الموالية للأسد، والتي تحدثت الأنباء عن وجود استياء واسع ضمنها من الأسد شخصياً بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة وانهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي.

    Oh wow.

    After being placed under U.S. sanctions, Asma al-#Assad poses for her 1st ever photoshoot on the frontlines in NW #Syria.

    Very unusual & very bold.

    (pics via @M_Alneser) pic.twitter.com/4rOHDjkIv6

    — Charles Lister (@Charles_Lister) June 19, 2020

ونسي موالو النظام الواقع الاقتصادي المتردي في البلاد، والذي تشير التقديرات إلى تفاقم انهياره في الفترة المقبلة، عبر نشر الهتافات التي تحيي الجيش وتدعو لمزيد من العمليات العسكرية. وكتب أحد المعلقين في “تويتر”: بعد تطبيق قانون قيصر الظهور الاول للسيد الرئيس بشار حافظ الأسد والسيدة الاولى أسماء الأسد يزوران احدى النقط العسكرية لحماة الديار. يعني لا باجتماع طارئ مع الحكومة ولا مع حاكم البنك المركزي ولا مع رجال الأعمال. يعني بقلم نشرح: مكملين بالعملية العسكرية. قيصرك ياترامب بللو واشرب ميتو”.

    بعدتطبيق قانون قيصر

    الظهور الاول للسيد الرئيس بشارحافظ الاسد

    والسيدةالاولى اسماءالاسد

    يزوران احدى النقط العسكريةلحماةالديار

    يعني لا باجتماع طارئ مع الحكومة

    ولامع حاكم البنك المركزي

    ولا مع رجال الاعمال

    يعني بقلم نشرح

    مكملين بالعمليةالعسكرية✌🇸🇾

    يعني قيصرك ياترامب بللو واشرب ميتو pic.twitter.com/YpKbJEUTXa

    — القرداحة عرين الأسد (@EL_9erda7a) June 19, 2020

إلى ذلك، غرد العشرات بعبارة “الأم القاتلة” لوصف أسماء الأسد ودورها المتنامي ضمن نظام الأسد، علماً أن هذه هو الوصف الذي اعتمدته مجلة “ديرشبيغل” الألمانية قبل أيام في قراءاتها لفرض عقوبات على “سيدة الياسمين”، حسبما نقلت مواقع سورية معارضة.

وأشارت المجلة إلى أن أسماء الأسد كانت تتسوق من أوروبا عبر الأنترنت من الحلي والمجوهرات والأثاث، في حين كان الشعب السوري يموت جوعاً ويتعرض للتشريد على يد زوجها القاتل، ورغم أنها عملت للترويج على أنها الأم الراعية للسوريين، وقامت بعدد من الحملات الدعائية لتلميع صورتها، إلا أنها لم تفلت من العقوبات الأميركية.

وأكملت المجلة بأن أسماء حرصت على الظهور بمظهر السيدة الأنيقة والقوية، وكانت تدعي أن زوجها انتصر وسوريا بدأت تستقر، بينما شهدت العملة السورية أسوء انهيار لها منذ بدء الثورة المناهضة لزوجها. كما اعتقدت أنها في مأمن من العقوبات أو المحاكم الدولية، لكونها تحمل الجنسية البريطانية، ولكن الحال تغير بعد أن طالتها العقوبات الأميركية لأول مرة.

وكان المبعوث الأميركي الخاص بسوريا، جايمس جيفري، قال عن دور أسماء الأسد في النظام أنها ” تشارك شخصياً وبوسائل عديدة بالأهوال التي تشهدها سوريا اليوم ولذلك فرضت عقوبات عليها وليس لأنها زوجة الأسد”.

ودخل قانون قيصر الأميركي حيز التنفيذ، الأربعاء، بإعلان واشنطن إنزال عقوبات على 39 من الأشخاص والكيانات المرتبطين بالنظام، كشفت الخارجية الأميركية عن الجهات المستهدفة والتي تشمل بشار الأسد وزوجته أسماء اللذان وصفتهما بـ “مهندسي معاناة الشعب السوري”.

    بعد وضعها على العقوبات: اسماء الاسد واولادها يزورون خطوط الجبهة في ادلب بتحد واضح للإدارة الامريكية وانهم مستمرون بالقتال

    After listing her : Asma Assad and her children visited the front lines in Idlib with a clear challenge to the US administration &they are continuing to fight pic.twitter.com/fvhLMCMD3l

    — Ayman Abdel Nour (@aabnour) June 19, 2020

    تفاجئ اليوم عناصر احدى النقاط العسكرية في مدينة بلودان بعدما اوقفو سيارة للتحقق من هوية اصحابها واذ من يقودها هو الرئيس بشار الاسد وبرفقته زوجته وأولاده، فما كان من افراد الحاجز الا ان طلبو من الاسد النزول والتقاط الصور التذكارية معه وكعادته اسد التواضع والإباء لبى طلب ابناءه. pic.twitter.com/xP4sbPzdV5

    — syria | سورية (@My_syria7) June 20, 2020

    وبقيّ الأسد .

    دمشق – بلودان 19/6/2020 🇸🇾 ⁦ pic.twitter.com/3VXetNIz6r

    — هبة AlBenni (@_hiba004) June 20, 2020

    بعد وضع أسماء الأسد على قائمة العقوبات الأمريكية تظهر بصورة جماعية مع زوجها وأولادها مع مقاتلين على الجبهات. pic.twitter.com/mJ5IPy3xK4

    — Syrian Affairs | شؤون سورية (@Syrian_Affairs) June 19, 2020

————————-

قيصر” أغلق المنافذ..النظام يتسوّل من المغتربين

مصطفى محمد

خلّفت الدعوات التي أطلقتها سفارات النظام السوري في الدول الأوربية، للمغتربين السوريين، بالتبرع لمساعدة شرائح المجتمع السوري الأكثر تضرراً، من الإجراءات المتخذة للتصدي لفيروس “كورونا”، موجات من الجدل والسخرية بين السوريين، واصفين ذلك بـ”التسوّل العلني”.

الحديث المتفاعل عن نشاط مالي مستجد للسفارات السورية في أوروبا، وتزامنه مع سريان قانون العقوبات الأميركي “قيصر”، دفع إلى التشكيك في نزاهة هذه المبادرات، والهدف من إطلاقها.

ومن وجهة نظر عدد من السوريين، فإن المبادرات هذه لا تخرج عن إطار التحايل والالتفاف على “قيصر” من جانب النظام السوري، وهو ما أشار إليه الصحافي السوري، بسام يوسف.

وقال يوسف ل”المدن”، إن “ما يبعث على الريبة، أن المبادرات هذه تعتمد على التبرعات المباشرة، وليس عبر حسابات بنكية، وهذا ما يؤكد المؤكد، حيث يُعدّ النظام لأن يحول سفاراته إلى طرق لتحويل الأموال الكاش إليه سراً، بعد أن منع قانون قيصر ذلك بالطرق المعروفة”.

وأضاف يوسف أن النظام يعمل على إعطاء النشاط المالي المستجد لسفاراته صورة إنسانية، وذلك للتحايل على العقوبات الأميركية الجديدة.

وحول مصادر هذه الأموال، قال الصحافي المقيم في أوروبا: “هناك مصادر متعددة لهذه الأموال، ولا يخفى على أحد أن النظام يمتلك شبكات اقتصادية شبيهة بالمافيا، مهمتها تأمين القطع الأجنبي له، من دون النظر إلى شرعية عملها”. وأضاف أنه “من الواضح أن نقل هذه الأموال عبر البنوك من خلال حسابات لأشخاص مغمورين، بات أمراً صعباً للغاية، ومن هنا جاءت فكرة العمل تحت غطاء إنساني، وربما دبلوماسي”.

الطرح الذي قدمه يوسف قد تكون دونه بعض العقبات، إذ يؤكد عضو اللجنة الدستورية، والدبلوماسي السوري السابق، بشار الحاج علي، أن الإجراءات الدبلوماسية والعُرف المعمول به، لا يعطي لسفارات النظام المجال لنقل الأموال نقداً إلى سوريا.

وفي حديثه ل”المدن”، يعيدنا الحاج علي الذي كان يشغل منصب القائم بأعمال السفارة السورية في الكويت، إلى العام 2011، العام الذي شهد فرض قيود إضافية على سفارات النظام السوري، بسبب قمع الأخير للحراك السلمي ضده حيث لم يعد بالإمكان تحويل الأموال إلى دمشق، عبر الحساب البنكي للسفارة، والأمر ذاته اليوم، ويبدو أكثر تعقيداً مع سريان قانون قيصر”.

وحول إمكانية نقل الأموال (الكاش) بالحقائب الدبلوماسية إلى دمشق، استبعد الدبلوماسي هذا الأمر، موضحاً أنه “لم تعد الحقائب الدبلوماسية تُنقل باليد كما كان سابقاً، وإنما يتم شحنها بعد عرضها على أجهزة الفحص الآلية في المطارات”.

وتابع: “يُسمح للسفير أو للقائم بأعمال السفارة فقط، بأن يقوم بإرسال حقيبة صغيرة تحتوي على أوراق، من دون أن يتم تفتيشها، لكن بشرط إبلاغ سلطات البلاد المُضيفة بمحتوياتها ومواصفاتها ووزنها (ظرف مختوم يحتوي على أوراق سرية)”.

وطبقاً للدبلوماسي السابق، فإن النظام يتطلع من خلال هذه المبادرات التي تأتي تحت عناوين “إنسانية”، لزيادة تعاطف الرأي العام الغربي والمحلي معه. وقال: “النظام يريد أن يلقي باللائمة على العقوبات”. وأضاف أن “النظام يستثمر كل شيء لصالحه، فهو يريد إيصال رسالة للعالم، أنه يعاني بشكل مضاف نتيجة وباء كورونا، إلى جانب العقوبات الأميركية والغربية”.

——————————

هذا ما يريده «قيصر» من لبنان قبل سوريا!/د.فادي شامية

 بغض النظر عن الحسابات الأمريكية، وعن سوء سياساتها، وكل ما يمكن أن يقال عنها، ومع الموافقة عليه سلفاً، فإن تعبئة المحور الإيراني ضد قانون قيصر-الذي طلبته المعارضة السورية وعملت عليه لسنوات خلت- تغيب حقيقة أنه يرتكز على واقع نظام لا يمكن أن يخفي فظاعاته، وليس من مبرر لعدم إعلانه التوقف عن الممارسات التي يقوم بها. اقرأ أيضاً: أحلام اليقظة وسبعة دقائق ونصف تحقيق العدالة وفي مطلق الأحوال فإن وضع “حزب الله” الدولة اللبنانية في مواجهة هذا القانون؛ يضر بالمصالح اللبنانية العليا بشكل فاقع: أولاً: ما يرمي إليه القانون؛ حرمان النظام السوري من إعادة تأهيل نفسه، وانخراطه في عملية سياسية تعيد ترتيب التركيبة السياسية في سوريا، وهذه مصلحة لبنانية نظرا لارتباط الأوضاع بين لبنان وسوريا على نحو واضح. ثانياً: طبيعة القانون خاصة، فهو ينتهي إذا: توقف النظام وحلفاؤه الذين جلبهم عن “استخدام المجال الجوي السوري لاستهداف السكان المدنيين بالبراميل المتفجرة، والأسلحة الكيماوية، والأسلحة التقليدية”، وتوقف عن “الاستهداف المتعمد للمرافق الطبية، والمدارس، والمناطق السكنية، وأماكن التجمع العامة”، وتوقف عن “محاصرة المناطق السورية”، و”أعلن الوفاء بشكل قابل للتحقق من التزاماته بموجب اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتكديس واستخدام الأسلحة الكيماوية”، وفي ذلك كله مصلحة إنسانية، وأخلاقية، ولبنانية، لأن انتهاء الحرب يعني تخلص لبنان من أعباء الأزمة السورية الهائلة. يفرض القانون على النظام السوري الإفراج “عن جميع السجناء السياسيين المحتجزين قسراً في سجونه والسماح بوصول منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى السجون للتحقق من ذلك”، وهذا يخدم ملف المحتجزين اللبنانيين ثالثا: ينص القانون على “العودة الآمنة والطوعية والكريمة للنازحين”، وهو مطلب لبناني مزمن لم يتحقق بسبب استمرار النزاع في سوريا. رابعاً: يفرض القانون على النظام السوري الإفراج “عن جميع السجناء السياسيين المحتجزين قسراً في سجونه والسماح بوصول منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى السجون للتحقق من ذلك”، وهذا يخدم ملف المحتجزين اللبنانيين في السجون السورية، وهو ملف مزمن لم تقو السنين الطويلة على طيه. خامساً: يطلب القانون “اتخاذ خطوات يمكن التحقق منها لإرساء مساءلة ذات مغزى لمرتكبي جرائم الحرب وتحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد”. وفي ذلك إنصاف لضحايا النظام السوري في لبنان، سواء أثناء وصايته المباشرة أو بعد خروجه وتورطه بجرائم إرهابية منظورة أمام القضاء اللبناني أو المحكمة الدولية. اقرأ أيضاً: «حزب الله» يهرب من أزمات الداخل بقرع طبول حروب الخارج! العجيب أنه بدلا من أن تنظر الحكومة في كيفية الاستفادة من القانون لبنانيا؛ لإعادة النازحين آمنين إلى بلادهم، والبحث عن مصير اللبنانيين المفقودين، وتحقيق العدالة لضحايا الجرائم الإرهابية، وربما الإسهام في المرحلة الانتقالية لقيام نظام جديد؛ ينحصر هم اللجنة الوزارية المشكلة في بحث كيفية التحايل على مفاعيل القانون وطلب استثناءات، بهدف مساعدة النظام السوري الذي تسبب بكل هذا الخراب في سوريا ولبنان.لطالما كانت أولوية المحور الإيراني حساباته الإقليمية، لا المصلحة الوطنية، ولا الغيرة الإنسانية المدعاة.

——————————–

=========================

——————-

هل تستمر علاقات الإمارات مع الأسد بعد قانون قيصر؟

دخل “قانون قيصر” لحماية المدنيين حيز التنفيذ في 17 يونيو 2020، بعد توقيعه منذ أكثر من 6 أشهر، من قِبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يفرض عقوبات قاسية على شخصيات وكيانات نافذة في النظام السوري وحلفائه من روسيا وإيران، بالإضافة إلى كل من يتعامل مع النظام اقتصادياً أو عسكرياً من شخصيات أو شركات في عموم أنحاء العالم.

وفرضت واشنطن هذه العقوبات من أجل ما تعتبره “تعزيزاً للمحاسبة عن الفظائع التي ارتكبها بشار الأسد ونظامه في سوريا”، بالإضافة إلى “توفير وسائل تساعد في وضع حد للصراع الرهيب والمستمر في سوريا من خلال تعزيز قضية مساءلة نظام الأسد”.

وتم إطلاق تسمية “قانون قيصر” نسبة إلى مصور سابق في جيش الأسد خاطر بحياته لتسريب آلاف من الصور التي توثق تعذيب وقتل السجناء داخل سجون نظام الأسد، إلى خارج سوريا.

ويبدو أن جدية الولايات المتحدة في تطبيق عقوباتها، وتأثيرها على أي اقتصاد تطاله، جعلا بعض الدول تؤكد استمرار القطيعة مع نظام الأسد، مثل السعودية التي أكّدت قبل أيام من تطبيق “قيصر”، أن الوقت ليس مناسباً لذلك، لكن في ظل هذه العقوبات ما حال من أعاد تطبيع علاقاته مع الأسد، مثل دولة الإمارات؟

تحذير أمريكي

هذه العلاقة مع نظام الأسد دفعت الولايات المتحدة إلى تحذير الإمارات من استمرارها في ظل تطبيق “قانون قيصر”، الذي قد يؤثر على شخصيات وكيانات إماراتية.

وفي إطار ذلك قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، في مؤتمر صحفي، (19 يونيو 2020): إن “الإمارات قد تخضع لعقوبات بموجب قانون قيصر المصدَّق عليه حديثاً في الكونغرس الأمريكي”، مضيفاً: إن “الإمارات تعلم أن الولايات المتحدة تعارض بشدةٍ تطبيع أبوظبي علاقاتها مع نظام الأسد”.

وبخصوص موضوع افتتاح سفارة الإمارات مجدداً في دمشق، أوضح جيفري أن الإمارات دولة مستقلة، ويمكنها اتخاذ هذه القرارات، “لكننا أوضحنا لهم أن هذه فكرة سيئة للغاية”.

ولفت إلى أن هذه الخطوات لن تساعد في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي أو في إنهاء الصراع الذي يمثل مشكلة للمنطقة بأسرها، مؤكداً أن أي شركة أو شخص سواء كان إماراتياً أو غير ذلك، سيكون هدفاً للعقوبات إذا انطبقت عليه الشروط فيما يخص الأنشطة الاقتصادية مع النظام السوري.

حجة الإمارات

في الوقت نفسه، ردَّ عبد الخالق عبد الله، الأكاديمي الإماراتي، على تصريحات جيفري، قائلاً: إن “قانون قيصر الأمريكيَّ الذي يفرض عقوبات على سوريا ودخل حيز التنفيذ، غير ملزم للإمارات”، مؤكداً أن أبوظبي ستمضي في علاقاتها مع دمشق.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، أن بلاده دولة ذات سيادة، وتتخذ قراراتها وعلاقاتها مع بقية الدول بناء على مصالحها الوطنية التي تعرفها أكثر من أمريكا أو من أي طرف آخر، لافتاً إلى أن دولة الإمارات من حقها أن تدير أمورها بعيداً عن أي تحذير أو قانون أمريكي أو غير أمريكي، بحسب تصريحه لراديو “سبوتنيك” الروسي.

الأكاديمي الإماراتي شدد على أن “قانون قيصر هذا، قانون أمريكي وليس قانوناً دولياً، أي إنه غير ملزِم للإمارات”، موضحاً أن “أبوظبي ستراعي علاقاتها مع واشنطن باعتبارها من أكبر شركائها في المنطقة، ولكن بالوقت نفسه ستمضي في علاقاتها مع نظام الأسد ولن تترك بلداً عربياً مثل سوريا فريسة لإيران أو تركيا”.

يرى الباحث السياسي السوري عبد الرحمن عبارة، أنه “إن صدقت الولايات المتحدة في تنفيذ قانون قيصر فقد تتعرض دولة الإمارات لعقوبات من جراء دعمها للنظام، إلا أن القانون يستثني المساعدات الإنسانية من العقوبات، ومن ثم ستكون الحجةَ والمظلة التي سيُمرر من خلالها الدعم الإماراتي للنظام”.

وقال “عبارة” في حديث مع “الخليج أونلاين”: إنه “من المبكر الحديث عن قيام الدول، مثل الإمارات، بطرد أحد المقربين من النظام السوري على خلفية قانون قيصر”.

ولفت إلى أنه من الممكن أن تبدأ الدول التي قد تتعرض لعقوبات على شخصيات أو كيانات بـ”تقييد حركة بعض هذه الشخصيات المقربة من النظام السوري وأنشطتهم التجارية والمالية”.

قيصر

الإمارات ونظام الأسد

وقبل عام من توقيع “قانون قيصر”، كانت دولة الإمارات من الدول التي أعادت العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد بعد نحو سبع سنوات من القطيعة وسحب السفراء؛ احتجاجاً على العنف ضد المدنيين.

وسبق افتتاح سفارة الإمارات لدى نظام الأسد في 27 ديسمبر 2018، زيارة وفد اقتصادي من الإمارات للعاصمة دمشق، بهدف إقامة مشاريع استثمارية جديدة.

نظام الأسد من جهته، رحب بخطوة أبوظبي، داعياً جميع الدول العربية إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية معه في ظل عزلته الدولية التي كان وما زال يعيشها، مع وجود أكثر من مليون قتيل وجريح، ومئات الآلاف من المعتقلين، بالإضافة لأكثر من 10 ملايين سوري بين لاجئ ونازح.

كما اعتبر وزير الدولة اﻹماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، حينها، أن “عودة العلاقات بتفعيل الدور العربي في سوريا، أصبحت أكثر ضرورة تجاه التغول الإقليمي الإيراني والتركي”.

بدورها، أعلنت شركات طيران إماراتية، في مايو 2019، استعدادها لاستئناف رحلاتها إلى سوريا، باعتبارها سوقاً مهمة وجيدة، لتبدأ شركة طيران “فلاي دبي” بتسيير رحلاتها اعتباراً من يناير 2020.

وحين كان “قانون قيصر” قد حصل على موافقة الكونغرس بدايات ديسمبر 2019، وصف القائم بالأعمال الإماراتي في سوريا، عبد الحكيم النعيمي، رأس النظام السوري، بشار الأسد، بـ”القائد الحكيم”، مؤكداً قوة العلاقات وتميزها بين بلاده وسوريا.

وقال النعيمي، خلال كلمة له في أثناء الاحتفال بالعيد الوطني الإماراتي بالسفارة الإماراتية في دمشق (2 ديسمبر 2019): إن “العلاقات السورية الإماراتية متينة ومتميزة وقوية، أرسى دعائمها مؤسس الدولة، وأتمنى أن يسود الأمن والأمان والاستقرار بسوريا، تحت ظل القيادة الحكيمة للدكتور بشار الأسد”.

وبعد تفشي أزمة فيروس كورونا المستجد في أنحاء العالم، أجرى ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، اتصالاً مع بشار الأسد، في أول اتصال معلن منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.

وقال بن زايد، على حسابه في “تويتر”، إنه بحث هاتفياً مع الأسد تداعيات انتشار فيروس كورونا، وأكد دعم الإمارات ومساعدتها للشعب السوري، معتبراً أن “التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة”.

    بحثت هاتفيًا مع الرئيس السوري بشار الأسد تداعيات انتشار فيروس كورونا، وأكدت له دعم دولة الإمارات ومساعدتها للشعب السوري الشقيق في هذه الظروف الاستثنائية.. التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار ، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة.

    — محمد بن زايد (@MohamedBinZayed) March 27, 2020

ورغم أن العلاقات الدبلوماسية كانت مقطوعة بين الأسد والإمارات، ودعم أبوظبي للمعارضة العسكرية بالمال والسلاح خلال فترات معينة، فإنها كانت تستضيف على أراضيها شخصيات موالية للنظام أو تابعة له أو من عائلة بشار الأسد.

فقد كانت بشرى حافظ الأسد، شقيقة بشار الأسد، مقيمة في دبي مع أبنائها، بالإضافة إلى تقارير أكدت وفاة والدة بشار الأسد أنيسة مخلوف في دبي عام 2016، كما أن محمد مخلوف، نجل رامي ابن خال بشار الأسد، يقيم في دبي، حيث إن لرامي استثمارات واسعة في دبي.

—————————————-

=======================

تحديث 24 حزيران 2020

——————————

موجة «قيصر» الأولى تضرب إعادة الإعمار

لم تأت الدفعة الأولى من قوائم عقوبات قيصر شاملةً ولا واسعة النطاق، بل جاءت محدودة وانتقائية في تركيزها على قطاعات دون غيرها، بحيث أنها جاءت تحمل رسائل سياسية موجهة أكثر مما تسعى إلى إيقاع تأثير اقتصادي ملموس ومباشر وجارف. وإذا كان جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، قد أعاد التأكيد خلال ندوة أقامها معهد الشرق الأوسط عبر الانترنت قبل يومين، على أنّ الولايات المتحدة لا تريد تغيير النظام بمعنى أنها لا تريد القيام بـ «عمل عسكري أميركي أو دولي» لتحقيق ذلك، بل تريد فقط أن ينخرط النظام جدياً في العملية السياسية، فإن استعراض الكيانات والأشخاص المشمولين بالحزمة الأولى، يمكن أن يكون مفيداً على طريق فهم الآلية التي تريد أن تستخدمها الولايات المتحدة بديلاً عن العمل العسكري لإنجاز أهدافها في سوريا.

كانت الخارجية الأميركية قد نشرت في 17 حزيران الجاري بياناً باسم الوزير مايك بومبيو، أعلنت فيه دخول عقوبات قيصر حيز التنفيذ، والكيانات والشخصيات المشمولة بالحزمة الأولى منها، وجاء فيه أنّ «نظام الأسد ومن يدعمونه يقفون أمام خيار بسيط اليوم، ألا وهو اتخاذ خطوات لا رجعة فيها باتجاه حل سياسي للصراع السوري يتسق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، أو مواجهة لوائح جديدة من العقوبات».

وتضمنت القائمة أسماء 15 شخصاً قامت وزارة الخارجية بتحديدها، بينما قامت وزارة الخزانة بتحديد 24 شخصاً وكياناً آخرين منخرطين في عملية إعادة الإعمار التي يشرف عليها نظام الأسد، مؤكدة في بيان مستقلّ لها في اليوم نفسه على أنّ قائمة العقوبات التي اختارتها تستهدف عملية إعادة الإعمار التي نتجت عن التهجير والتغيير الديموغرافي الذي تسبب به نظام الأسد، مفصّلة في أسباب فرض العقوبات على الشركات والأشخاص المدرجين في قائمتها.

وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة قد نشر، بالتوازي مع التصريحات الرسمية، القائمة الكاملة للأشخاص والكيانات الـ39 التي أُدرجت في قائمة العقوبات الأميركية، وذلك وفق قانون قيصر والأوامر التنفيذية التي تحمل أرقام 13894 و13582 و13573. وضمّت قائمة العقوبات رئيس النظام بشار الأسد وعدداً من أفراد أسرته، مثل زوجته أسماء وأخته بشرى المقيمة في دبي، وأخوه ماهر قائد الفرقة الرابعة، ومنال الأسد (جدعان) زوجة ماهر، كما ضمّت القائمة الجديدة أفراد عائلة محمد حمشو ومن بينهم أخته سمية حمشو المقيمة في قطر، وهي والدة رجل الأعمال السوري معتز خياط المقرب من السلطات في الدوحة، والذي حظي بدعم من الإعلام القطري لجهوده في تجاوز المقاطعة التي فُرضت على قطر من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

وتضم القائمة خمسة أفراد من آل حمشو، من بينهم زوجة محمد حمشو رانيا الدباس، في حين تضم أربعة من آل الأسد، وهو ما يظهر استمرار عائلة حمشو في لعب دورأساسي في إدارة الاقتصاد السوري لصالح نظام الأسد وتجاوز العقوبات المفروضة عليه منذ العام 2011. بينما لم تضم القائمة الأولى أسماء أخرى لرجال اقتصاد مقربين من النظام مثل سامر فوز.

وتحظى الفرقة الرابعة بتركيز خاص في القائمة، إذ بالإضافة إلى اسم قائدها ماهر الأسد، تم إدراج الفرقة نفسها ككيان مستقل ضمن العقوبات، مع إضافة اسمي غسان بلال رئيس مكتب أمن الفرقة، واسم سامر الدانا قائد اللواء 41 مدرع التابع للفرقة. كذلك تضمنت القائمة لواء «فاطميون»، المشكّل من عناصر أفغانية جرى تجنيدها من قبل الحرس الثوري الإيراني للقتال في سوريا لصالح النظام، وهو تطور قد يكون خطوة أولى على طريق ضم الميليشيات الأجنبية إلى قوائم العقوبات. ويُظهِرُ إدراج الفرقة الرابعة وثلاثة أسماء لأشخاص قياديين فيها، بالإضافة إلى لواء فاطميون، تركيز الإدارة الأميركية على الأذرع العسكرية للنفوذ الإيراني في سوريا، مع الابتعاد حتى هذه اللحظة عن إدراج شخصيات عسكرية مقربة من موسكو.

وقد ركّزت قائمة رجال الأعمال والشركات التي تعرضت لعقوبات، وفق قانون قيصر والأوامر التنفيذية الأخرى التي صدرت في أوقات متفرقة خلال الأعوام الماضية، على الشركات ورجال الأعمال المنخرطين بشكل واضح في مشاريع إعادة الإعمار التي يقودها نظام الأسد، وعلى رأسها مشروع ماروتا سيتي المقام على أنقاض حي بساتين الرازي (بساتين المزة)، الذي تم تهجير سكانه وهدمه من أجل إقامة المشروع. وقد اعتبرت وزارة الخزانة الأميركية أنّ المشروع يهدف إلى التغيير السكاني، من خلال تهجير سكّانه من الطبقة العاملة التي انخرطت في الثورة السورية، وجلب سكان أغنياء موالين للأسد إلى هذه المنطقة الاستراتيجية جنوب غرب دمشق.

وطالت العقوبات محافظ دمشق عادل العلبي، وشركة دمشق الشام القابضة المملوكة لمحافظة دمشق، التي هي المشرف الأساسي على مشروع ماروتا سيتي. كما طالت القائمة مجموعة من الشركات المنفذة في المشروع، مثل شركة ميرزا التي يَملك رجل الأعمال محمد أنس طلس ربع أسهمها، فيما لم تتعرض شركة «طلس للصناعة والتجارة» صاحبة ماركة «توليدو» للمواد الغذائية للعقوبات، ما قد يفهم منه تجنّب الولايات المتحدة معاقبة شركات توريد المواد التموينية الأساسية. كما تعرَّضَ رجل الأعمال نذير أحمد جمال الدين للعقوبات، وهو مالك شركة «أبكس للتطوير والمشاريع ذ.م.م.» المشاركة في مشروع «بنيان» الذي يهدف لبناء عدد من مقاسم مشروع ماروتا سيتي.

وأدرجت وزارة الخزانة أربع كيانات مملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر لابن خالة الرئيس السوري رامي مخلوف، هي «راماك للمشاريع التنموية والإنسانية» وشركة «الإعمار» و«ألتيميت للتجارة»، وأيضاً «شركة أجنحة الخاصة» التي قال بيان الخزانة إنها تشارك في شركة «روافد» التي تنفذ مشروعاً في ماروتا سيتي، والتي شملتها القائمة أيضاً. ويخضع مخلوف أصلاً لعقوبات أوروبية وأميركية سابقة.

ولم تكتفِ قائمة وزارة الخزانة الأميركية باستهداف مشروع ماروتا سيتي، فقد قامت الوزارة بإدراج كل من رجلي الأعمال نادر قلعي وخالد الزبيدي مالكا شركة «الزبيدي وقلعي ذ م م»، نتيجة استثمارهما مشروعاً سياحياً بالقرب من مطار دمشق. وقد تمّت إضافة شركات قلعي والزبيدي الأخرى مثل شركة القلعة القابضة، والقلعة محدودة المسؤولية ومقرها لبنان، وشركة آرت هاوس ومقرها النمسا، وشركة Telefocus Consultants Inc في كندا، وشركة Telefocus SAL Offshore في لبنان. بالإضافة إلى شركة Castle Investment Holding التي هي جهة مستثمرة في واحدة من شركات قلعي، وشركة Kalai Industries لأنها تعود لنادر قلعي، كما أُدرِجَ مشروع «غراند تاون» السياحي الذي يديره قلعي والزبيدي في القائمة أيضاً.

وتقوم العقوبات الأميركية، سواء كانت مفروضة وفق قانون قيصر أو وفق الأوامر التنفيذية التي يصدرها الرئيس الأميركي، بفرض عقوبات مالية على الأشخاص المذكورين ما يؤدي إلى تجميد ممتلكاتهم وأموالهم في الولايات المتحدة، وفرض غرامات كبيرة وعقوبة سجن تصل إلى 20 عاماً على أي أميركي يتعاون أو يعقد صفقات معهم، كما تقوم بحرمانهم من الحصول على تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة وإلغائها إن كانت موجودة. لكنّ التأثير الأهم هو التأثير غير المباشر، إذ تقوم المصارف الدولية عادةً بتجنب التعامل مع أي شخص يتعرض لعقوبات أميركية كي لا تتعرض هي بدورها إلى عقوبات، خاصةً بعد أن تعرَّضَ بنك خلق التركي لعقوبات أميركية نتيجة تسهيل عمليات تحويل لإيرانيين موجودين على قوائم العقوبات.

ويؤدي هذا إلى حرمان رجال الأعمال هؤلاء من القدرة على إجراء صفقات كبيرة بالدولار الأميركي، ومن الاحتفاظ بحسابات بالدولار، وهي العملة الأكثر استخداماً في التجارة الدولية. أما بالنسبة للشركات الكبرى، فإنها تتجنب أي تماس مع أي شخصية أو شركة تعرضت لعقوبات، حتى لا تتعرض هي بدورها لتلك العقوبات التي ستؤدي لخسارتها أهم سوق استهلاكي في العالم، ما يعني عدم قدرة رجال الأعمال هؤلاء على القيام بأي صفقات تجارية مع الشركات العالمية، التي لن تقوم بأي عمل يؤدي لخسارتها التواجد في الولايات المتحدة.

يبدو واضحاً أنّ القائمة الأولى من عقوبات قيصر قد تجنبت القطاعات الحيوية، ومن بينها قطاع النفط، وركّزت على قطاع إعادة الإعمار الذي لن تؤدي معاقبته إلى خسائر كبيرة في السوق السوري، إذ كانت هذه المشاريع خاسرة أصلاً ومتعثرة خلال الفترة الماضية. ويبدو أنّ الهدف منها هو إرسال رسالة واضحة مفادها أنّ عملية تعويم الأسد، أو البدء بإعادة الإعمار، غير ممكنة من دون القيام بإجراءات «لا رجعة عنها» من أجل المضي قدماً في الحل السياسي، وذلك من دون التأثير بقوة على الاقتصاد السوري، وهي رسالة موجهة أولاً إلى موسكو، التي تراقب الإجراءات الأميركية الأخيرة، وتراقب الرسائل التي لم يتوقف المبعوث الخاص السفير جيمس جيفري عن إرسالها طوال الوقت خلال الفترة الماضية.

موقع الجمهورية

———————————-

هل يغيّر «قيصر» الأميركي «سلوك النظام» من دون استبداله؟/ لندن: إبراهيم حميدي

قائمة العقوبات الأميركية الأولى التي صدرت الأسبوع الماضي بموجب «قانون قيصر»، هي «مجرد بداية». فالأسابيع المقبلة، تشهد إدراج نحو مائة شخصية سورية «كي يستحق» الصيف المقبل أن يسمى «صيف قيصر». والهدف «ليس تغيير النظام السوري»، بل الدفع إلى «تغيير سلوك النظام» في أمور داخلية وأخرى جيوسياسية. المفتاح، هو دفع موسكو للدخول في مفاوضات مع واشنطن لتشكيل «حكومة جديدة تلبي الشروط الأميركية»، بينها «إخراج إيران» مقابل قبول أميركي بـ«شرعية الوجود الروسي في سوريا».

هذا ما يمكن استنتاجه من تصريحات المسؤولين الأميركيين وإيجازاتهم، خصوصاً السفير جيمس جيفري ونائبه جويل روبرن منذ بدء تنفيذ «قانون قيصر» في 17 الشهر الحالي، بإدراج 39 شخصية في العقوبات، في مقدمهم الرئيس بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس. ومعظم المدرجين بموجب «قيصر» كانت شملتهم عقوبات سابقة، لكن كان لافتاً عدم إدراج محافظ دمشق السابق بشر صبان ورامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري، مع أن بعض شركات الأخيرة وردت في «القائمة السوداء». وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان الأسبوع الماضي، إن العقوبات «بداية ما ستكون حملة متواصلة من الضغوط الاقتصادية والسياسية لحرمان النظام من العائدات والدعم الذي يستخدمه لشن الحرب وارتكاب فظائع واسعة النطاق بحق الشعب السوري».

سبعة أسباب جديدة

ورغم أن سوريا عرضة للعقوبات الأميركية ومدرجة على «قائمة الإرهاب» منذ نهاية السبعينات ثم في «قانون محاسبة سوريا»، فإن «قانون قيصر» رفع الإجراءات إلى مستوى آخر لأسباب مختلفة:

أولاً، أنه قانون وافق عليه الكونغرس بغرفتي مجلس الشيوخ ومجلس النواب ومن «الجمهوريين» و«الديمقراطيين»؛ ما يعني أنه لن يكون عرضة لأي تغيير في حال خروج الجمهوريين من الرئاسة وأغلبية الكونغرس. ثانياً، كونه قانوناً، فإنه سرع عملية فرض العقوبات بحيث إنها لم تعد تصدر بقرارات من وزارة الخزانة أو بقرارات تنفيذية فقط.

ثالثاً، خفة الدليل، كان قرار العقوبات السابقة يتطلب توفر الكثير من الأدلة، في حين باتت حالياً تقتصر على بيانات سهل الحصول عليها.

رابعاً، يقيد حرية الحركة للسلطات التنفيذية وإن كان يعطيها صلاحيات إصدار استثناءات من حزمة العقوبات.

خامساً، العقاب لا يطال السوريين فحسب، بل أي جهة سورية أو غير سورية تخرق بنوده.

سادساً، لا يشمل طيفه البعد العسكري أو الحقوقي أو الإنساني، بل البعد الهندسي والبنية التحتية؛ ما يعني أنه يجعل مساهمة شركات عربية أو صينية أو روسية كبرى في إعمار سوريا عرضة للعقوبات الأميركية والحرمان من الأسواق الغربية.

سابعاً، البعد النفسي – السياسي، مع أن القانون لا ينص على طلب واضح بمنع العلاقات الدبلوماسية أو السياسية مع دمشق، لكنه صنف «النظام في صندوق العزلة»؛ ما يجعل دولاً أخرى تتردد في إقامة هذه الصلات أو استئنافها.

شروط ممكنة؟

لم يتوقف المسؤولون الأميركيون عن تكرار عبارة واحدة: «الهدف ليس تغيير النظام»، ثم إضافة عبارة لاحقة «بل الهدف تغيير سلوك النظام». أحد جوانب هذا التمييز مرتبط بـ«الدروس المستفادة» من غزو العراق في 2003 ثم تجربة ليبيا في 2011. مبدأ «تغيير الأنظمة» لم يفشل فحسب، بل إنه لا يحظى بدعم داخلي أميركي وغربي ولا في الأمم المتحدة، خصوصاً في ضوء الأزمات الجديدة في العالم ووباء «كورونا»، لذلك؛ فإن المبدأ البديل هو «تغيير السلوك». هذا طرح بالنسبة لسوريا سابقاً بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في 2005، كما أنه طرح بعد سقوط صدام حسين في 2003، لكن ما هو «السلوك» المطلوب تغييره في دمشق؟

حسب تصريحات وتفسيرات الأميركيين، فإن «قانون قيصر» الذي أخذ وقتاً طويلاً قبل أن يقره الكونغرس ويوقع عليه الرئيس دونالد ترمب «لم ينص على تغيير الأسد»، لكنه نص على «التزام الحكومة السورية بشروط»، هي: إخراج إيران من سوريا، التوقف عن رعاية الإرهاب ودعم «حزب الله»، التخلي عن السلاح الكيماوي، ألا تشكل تهديداً لجيرانها، توفير شروط عودة النازحين واللاجئين، محاسبة مجرمي الحرب ومساءلتهم، والعمل لتنفيذ القرار الدولي 2254. يضاف إلى ذلك، ما كشفه مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون في كتابه الجديد، حول إخراج أميركيين محتجزين في سوريا.

تلبية هذه «الشروط» باتت ملزمة للحكومة السورية الحالية وأي حكومة مقبلة؛ لأن إلغاء «قانون قيصر» يتطلب عملية تشريعية معقدة في الكونغرس. أيضاً، هناك إدراك بعدم رغبة أو إمكانية دمشق بتلبية هذه الشروط المتعلقة بأمور داخلية أو جيوسياسية خارجية وأن «تنفيذها من النظام يعني تغيير النظام».

في ضوء هذا الشروط والإجراءات، فإن واشنطن تعتقد أنه بات لديها ورقة للتفاوض مع موسكو. و«الرهان الأميركي هو أن يساهم قيصر في تعميق الأزمة الاقتصادية وتدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، خصوصاً مع استمرار أزمة اقتصاد لبنان وإيران وإحجام رجال أعمال عرب عن الاستثمار في سوريا، لزيادة الكلفة على روسيا؛ ما يدفعها للجلوس على طاولة التفاوض والتحدث في شكل جدي لعقد صفقة» تلى هذه الشروط وفق مبدأ خطوة – خطوة: تنازل في شرط معين مقابل استثناء بقرار تنفيذي من «قيصر».

قارب الغرق… والنجاة

بمجرد بدء تنفيذ «قيصر»، وجهت روسيا سلسلة انتقادات سياسية وإعلامية لـ«العقوبات غير الشرعية». لكن الحملة الأشد جاءت من إيران: بيانات إدانة واتصالات من مسؤولين إيرانيين مع نظرائهم السوريين. وجد الطرفان «في قارب العقوبات الأميركية سوية: يجب أن نسبح في شبكات الظل ونتجه شرقاً للصين وغيرها، للالتفاف على العقوبات». قدم مسؤولون إيرانيون وعوداً بملايين الدولارات لدعم الحكومة والجيش. إلى الآن، دفع «قيصر» الأميركي سوريا درجة إضافية إلى حضن إيران بعيداً من «قيصر» الروسي. أما وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فقال «تريد الولايات المتحدة من وراء القانون وقبله قوانين عدة هو التخلي عن تحالفاتنا» في إشارة إلى إيران، مضيفاً «لن يتركنا حلفاؤنا وحدنا».

المعلم، الذي أبدى استعداداً للوقوف مع مصر ضد تركيا في ليبيا، قال إن هدف القانون ـ «آخر الأسلحة الأميركية» هو «التأثير على الانتخابات الرئاسية القادمة» في 2021. مضيفاً أن «الرئيس الأسد سيبقى (في منصبه) طالما الشعب السوري يريده أن يبقى». مع اقتراب استحقاق هذه الانتخابات، تشجع بعض الدول الغربية، المعارضة السورية على تسمية مرشحها الرئاسي، في حين تقول واشنطن إنها غير معنية بانتخابات 2021، كما أن المبعوث الأممي غير بيدرسن يقول إن مهماته لا تشمل التعاطي مع هذه الانتخابات، بل مع بنود القرار 2254 لإجراء إصلاح دستوري وإجراءات انتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف الأمم المتحدة.

الشرق الأوسط

—————————–

هل يميز قانون قيصر بين النظام والمدنيين في سوريا؟

———————————

ماذا يتضمن قانون قيصر بشأن مجرمي الحرب في سوريا؟

———————————-

قانون “قيصر” والسوريين في الداخل.. رحلة الحبو خلف لقمة العيش/ أحمد الأحمد

تبدو الأسواق في سوريا وكأنّها تموت على البطيء، كحال غالبية السوريين في بلدهم، فالأخبار عن قانون قيصر وتبعاته أنهكتهم نفسيًا قبل تأخذ مفعولها اقتصاديًا.

خلف الأبواب المغلقة، وداخل حلقات النقاش الصغيرة، تغيّرت ملامح حوارات وأحاديث السوريين في داخل بلدهم، على وقع تغيّر الأحداث، فبينما كانت الحوارات قبل سنوات تدور حول القصف والمعارك وأخبارهما اليومية، أصبح الحديث اليوم مختلفاً جدًّا كما اختلاف وجوه العابرين في الأسواق.

كذلك الحال في حركة الشراء الضعيفة، والتي أدّت إلى تراجع التجارة وكساد في المنتجات الكمالية، مقابل زيادة التكدّس على طوابير مؤسّسة “السورية للتجارة” طمعًا بشراء عبوة زيت أو كيلو سكّر بسعر أقل.

غالبية الأسر شطبت الكماليات من قاموسها نهائيًا، منذ سنواتٍ عدّة، لكن الجديد أنّها بدأت تشطب بعض الأشياء الأساسية التي يمكن العيش بدونها، أو تبحث عن طريقة للحصول على هذه الأشياء بتكلفة أقل كحال هالة، وهي ربّة أسرة سورية تعيش في حي الزاهرة في العاصمة دمشق.

تقول: “كل الوجبات التي نتناولها نطبخها بدون لحوم، بعد أن ارتفع سعر كيلو اللحم من 4 إلى 16 ألف ليرة سورية خلال الشهرين الفائتين”.

تمضي هالة جزءًا كبيرًا من وقتها، أمام دفتر صغير، تحاول فيه باستمرار إيجاد حلول للتوفيق بين راتبها وراتب زوجها الذين يبلغان 160 آلف ليرة (نحو 50 دولار)، وبين نفقات المنزل التي تحتاج بالحد الأدنى 500 ألف ليرة (150 دولار)، ولكن من دون جدوى.

كان شقيق زوج هالة اللاجئ في المانيا، يُرسل للأسرة 100 يورو شهريًا تساعدهم على سد الهوّة بين الدخل والإنفاق، ولكن “مصرف سوريا المركزي” أصدر قرارًا قبل أسابيع حصر بموجبه التحويلات الأجنبية عن طريقه، وبما أنّ المصرف يحدد سعر اليورو بـ 1400 ليرة، في حين أن سعره الحقيقي أكثر من ثلاثة آلاف، فهذا يعني أن المركزي بات يستولي على نصف قيمة الحوالة الواردة إلى أسرة هالة.

وتضيف السيدة الأربعينية: “العديد من الأسر لم تعد ميسورة اليوم، لأن غالبيتهم أصبحوا في حربٍ مع تأمين احتياجاتهم اليومية”.

تروي قصّة قريبتها التي باتت مؤخّرًا غير قادرة على شراء حليب وفوط صحّية لطفلها، فلجأت إلى إطعامه النشاء المطبوخ، واستخدام بعض الأقمشة بدلًا من الفوط، وتضيف: “لا نعلم حتّى الآن مدى تأثير قانون قيصر علينا كمدنيين، ولكن ما أراه الآن أن تأمين لقمة المعيشة يزداد صعوبةً يومًا بعد يوم.”

وفقًا لدراسة أعدّها مركز “مداد” للأبحاث، فإن متوسّط دخل المواطن السوري شهريًا أصبح 37.69 دولار أمريكي، أي أن متوسط الدخل اليوم نحو 1 دولار فقط.

الخبز، الدواء، أسعار الأطعمة اليومية وكلفة الطبابة طغت على هموم الناس وباتت حلقات حوارات العائلات أشبه بندوات توعية يتنافس فيها المتحدثون باقتراح نصائح التقشّف.

على الضفاف الأخرى، هناك من يناقش أخبار التحديث (اللحظي) لسعر صرف الليرة السورية، والتي تتهاوى باستمرار، وتقفز معها أسعار السلع من جديد.

“قيصر”.. سيف على الأسد أم المدنيين؟

بالتزامن مع دخول قانون “قيصر” لحماية المدنيين في سوريا، والذي أقرّته الولايات المتّحدة الأمريكية، يجد المدنيون السوريون أنفسهم الحلقة الأضعف، هؤلاء ليس لديهم استراتيجيات لكسر العقوبات، ولا يعرفون الالتفاف عليها، وتضاعفت مخاوفهم من أن يؤدّي هذا القانون إلى ضعف قدرتهم على تأمين احتياجاتهم اليومية.

يأتي ذلك في ظل الجدل المحتدم منذ عدّة أسابيع، بين السوريين أنفسهم، فمنهم من يرى أن تطبيق القانون ضرورة لردع النظام السوري، وإجباره على إيقاف الآلة العسكرية لمنع قتل المزيد من المدنيين، وإضعاف قدرته على إحكام القبضة الأمنية، أملًا في أن يؤدّي هذا القانون إلى الكشف عن مصير ما يزيد عن 100 ألف معتقل مغيّب في سجون النظام السوري، ولا يعرف ذويهم عنهم أية معلومة. يرى هؤلاء أن الضغط على النظام قد يضعف قدرته في اعتقال المزيد، وفي أحسن الأحوال إجباره على الخوض في مفاوضات من شأنها إخراج المعتقلين.

أصحاب هذا الاتجاه يرون أن النظام السوري مارس سياسة التجويع ضد السوريين في المناطق المحاصرة طيلة السنوات الماضية، كما عمل على إفقار السكّان وجعلهم يبتعدون عن التفكير في السياسة وممارسة الحبو أو الزحف يوميًا خلف لقمة العيش. يستغل النظام هذه الجزئية تحديداً في قانون قيصر  وأنّه سوف يجوّع المدنيين علمًا أنّ الأسد ذاته اعتمد أسلوب التجويع كمنهجية لوأد الاحتجاجات.

الرأي الثاني في هذا الجدل يعتقد بأن النظام السوري أصبح “متعايشًا” مع العقوبات، وأنّه قادر على تأمين خطط بديلة وموارد تساعده على الاستمرار بعمليات القمع، وأن تبعات هذا القانون لن تكون إلّا على المدنيين، الذين سيصلون إلى مرحلة تجعلهم غير قادرين على تحصيل حاجياتهم الأساسية من الأطعمة والأدوية.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تؤكّد أن القانون يستثني الأغذية والأدوية، ويركّز على منع وصول الوقود والدعم اللوجيستي إلى النظام السوري، لكن هؤلاء يجدون أن تحطيم الليرة السورية أكثر يعني تحطيم قدرتهم على العيش، وهذان الرأيان يلخّصان الجدل السوري حول تبعات القانون.

أرقام عن الألم

عاش الاقتصاد السوري خلال سنوات الثورة حالةً من الانهيار التدريجي، حتّى وصل إلى الانهيار الكامل في قدراته الصناعية والتجارية، فمدينة الشيخ نجار الصناعية، كان عدد مصانعها 1600 واليوم العدد 400 فقط، ولا تعمل بكامل طاقتها بسبب عدم توفّر كميات كافية من المحروقات، والقطاع الصناعي يختنق لدرجة مميتة.

يقول المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي: “إن الاقتصاد السوري يعاني من نقص مناعة بدأت قبل عام 2011”.

ويقدّم القاضي، عرضًا لمجموعة أرقام تعكس حالة التدهور في البلاد، يأتي على رأسها أن 90% من السوريين اليوم تحت خط الفقر، بعد أن كانت نسبة من هم تحت خط الفقر في سوريا 50% قبل اندلاع الثورة.

في عام 2005 كان عدد السوريين العاطلين عن العمل مليون مواطن، واليوم أصبحوا أكثر من 80% من مجمل عدد السوريين.

قبل عام 2011 صُنفت سوريا في المرتبة 49 كأفشل دولة في العالم على مؤشر “يلد ستيت إندكس” وهو مؤشر الدول الفاشلة، كما كانت البلاد في عام 2011 في المرتبة 129 من الدول الأكثر فسادًا.

خلال السنوات التسع الأخيرة، انخفضت الليرة من 47 ليرة مقابل كل 1 دولار الى 2500 ليرة مقابل كل دولار وتضاعف سعر الذهب 33 مرة، وكان متوسط راتب المواطن السوري يعادل 3.5 غرام من الذهب، واليوم يعادل هذا الراتب نحو نصف غرام، حيث هبط الراتب من 300 دولار شهريًا بشكلٍ متوسّط إلى نحو 30 دولارًا، وبات هذا الراتب يعادل أقل من غرام من الذهب، بحسب القاضي، الذي اعتبر أن كل هذه المؤشّرات تنذر بمجاعة اقتصادية لا تبقي ولا تذر.

درج

——————————–

كيف تُقدم أبو ظبي المُساعدة لدمشق/ خالد سيد محند

يتجاوز التقارب بين الإمارات العربية المتحدة والنظام السوري مجرد عملية تطبيع للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. فقد كشفت معلومات حصلت عليها المنظمة الفرنسية غير الحكومية “لجنة العدالة والحرية للجميع”، عن وجود مساعدات لإعادة الإعمار وشراكات عسكرية وأمنية. هل يتعلق الأمر بتحول جيوستراتيجي؟ يصعب الجزم بذلك.

ترجم هذا المقال من الفرنسية هشام المنصوري.

تم إنجاز هذا التحقيق في إطار لجنة الاستقصاء التابعة لـ “لجنة العدل والحريات للجميع”.

في 27 مارس/آذار 2020، أعلن الأمير الإماراتي محمد بن زايد عبر تغريدة على موقع تويتر أنه أجرى محادثة هاتفية مع الزعيم السوري بشار الأسد، وهي الأولى من نوعها منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سنة 2012. بعد ذلك بأسبوعين، كشفت صحيفة “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) الإلكترونية عن حيثيات الاتفاق المُبرم بين رجل الإمارات القوي ونظيره السوري. ووفق الموقع، اقترح محمد بن زايد دفع ما مقداره 3 ملايير دولار لفائدة بشار الأسد مقابل العودة إلى القتال في إدلب، المحافظة السورية التي تقع على الحدود مع تركيا، حيث يسود وقف إطلاق نار خفيف بعد اتفاق أنقرة وموسكو في 6 مارس/آذار 2020. إذا ثبتت صحة هذه المساعدات المالية من أبو ظبي، فإنها ستكون مرحّبا بها على اعتبار استنزاف اقتصادات النظامين العرّابَين، أي إيران وروسيا.

ع ذلك، مارست واشنطن ضغوطا على حلفائها الخليجيين وكذا على مصر، من أجل ثنيهم عن السير على خطى أبو ظبي، وكبح حركة “التطبيع” الجارية مع النظام السوري. وفعلا، فقد تبنّى الكونغرس الأمريكي في 20 ديسمبر/كانون الأول 2019 “قانون قيصر”، الذي دخل حيز التنفيذ في الفاتح من يونيو/حزيران والذي يفرض عقوبات على أية مؤسسة أو أشخاص يتعاملون مع دمشق.

لم يكن لهذه الضغوط أي تأثير يُذكر على أبو ظبي. فبينما كان القانون قيد المناقشة في 3 ديسمبر/كانون الأول 2019، أشاد القائم بالأعمال الإماراتي في دمشق عبد الحكيم النعيمي بـ“متانة العلاقات بين البلدين”. لكن الإمارات العربية المتحدة لم تقم حتى الآن بتعيين سفيرٍ في دمشق مكتفية بالقائم بالأعمال، وذلك بلا شكّ تجنبا لإغضاب الحليف الأمريكي.

مساعدات مدنية وعسكرية

بمجرد إعادة فتح سفارتها في دمشق أواخر 2018، قامت الإمارات وفق مصادرنا بتقديم مساعدات طبية وغذائية للمستشفيات في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري. وفي خريف 2017، سافر وفدٌ إماراتي إلى دمشق من أجل الاستئناس بالواقع الميداني وتقييم احتياجات التنمية وإعادة الإعمار. كما قامت الإمارات وفق نفس المصادر بتمويل عملية إعادة بناء المباني العامة ومحطات الطاقة الحرارية وشبكات المياه في العاصمة السورية. وفقاً لذات المصادر، تُواصل الإمارات -التي وصفها وزير الدفاع السابق لإدارة ترامب جميس ماتيس والمستشار العسكري السابق لدى محمد بن زايد بـ“أسبرطة صغيرة”- تقديم الدعم العسكري.

حوّل محمد بن زايد -وهو الطيّار الحربي خريج أكاديمية ساندهيرست العسكرية البريطانية- بلاده إلى ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، مع تعزيز صناعة الأسلحة المحلية. هكذا تتوفر الإمارات على حوالي 170 شركة لصنع الأسلحة الخفيفة والصواريخ المُوجّهة وطائرات بدون طيار وسفن حربية ومَرْكبات الطرق الوعرة.

وفقًا لدبلوماسي بريطاني، فإن الجيش الإماراتي “منضبط وذو فعالية استراتيجية ولوجستية كبيرة، على الرغم من حجمه، وتميز كثيرًا عن القوات السعودية (بكفاءته) في حرب اليمن”. استناداً إلى هذه الخبرة، تنقّل ثمانية ضباط إماراتيين لتقديم المشورة لقيادة الجيش السوري. في المقابل، التحق خمسة طيارين سوريين في تاريخ لم تحدّده مصادرنا بالأكاديمية العسكرية “كلية خليفة بن زايد الجـوية” الواقعة في مدينة العين، غرب أبو ظبي، من أجل تحسين مهاراتهم.

تداريب لفائدة أجهزة المُخابرات

كما توفر أبو ظبي تدريبات تقنية وعلمية ولوجستية لفائدة مسؤولين سامين في المخابرات العسكرية السّورية. تدوم التدريبات التي بدأت في 15 يناير/كانون الثاني 2020 بين شهرين و12 شهرًا بحسب محتواها، وتُشرف عليها مؤسسات مختلفة منتشرة عبر جميع أنحاء الإمارات. هكذا تم تدريب واحد وثلاثين ضابط صف وثمانية مهندسي كمبيوتر مدنيين على نظم المعلومات والاتصالات والأمن الرقمي. يشرف على المتدربين أربع ضباط من المخابرات السورية، من بينهم العقيد ذو الفقار وسوف، وهو مسؤول التدريبات داخل المخابرات العسكرية، بالإضافة إلى صهر عم الرئيس السوري، المُقَدَّم جهاد بركات.

الانتصار على الجبهتين

في البداية، نظرت أبو ظبي إلى الثورة السورية كفرصة لانتزاع سوريا من حليفها الإيراني القوي، عدو الملكيات الخليجية السُّنية. من هنا أتى التعاطف تجاه المتظاهرين والمساعدات المالية والعسكرية التي تم تقديمها لاحقاً للمتمردين عندما تحولت الثورة السلمية إلى كفاح مسلح. ووفق المنظمة غير الحكومية “سبين ووتش” (Spin Watch)، قامت شركة العلاقات العامة البريطانية “كويلر كونسلتنتس” (Quiller Consultants) بين عامي 2012 و2014 بالترويج للجيش السوري الحرّ لدى الرأي العام البريطاني. وقامت سفارة الإمارات في لندن بتغطية تكاليف هذه الخدمات بالكامل، فيما أشرف على العملية كل من لانا نسيبة، وهي دبلوماسية إماراتية رفيعة المستوى، وأنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية حتى اليوم.

خلال الفترة نفسها، كانت الإمارات تزود الجيش السوري النظامي بالوقود، في انتهاك للحظر الذي فرضته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. في عام 2014، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن إدراج شركة النفط الإماراتية “بانغيتس العالمية” (Pangates International Corporation Limited) ضمن القائمة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات. وقالت وزارة الخزانة إن الشركة التي تتخذ من إمارة الشارقة مقراً لها، يشتبه في تزويدها القوات الجوية السورية بالوقود. في الواقع، تم وضع سوريا تحت نظام عقوبات مشدّدة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ صيف 2011، بسبب القمع الواسع للمظاهرات السلمية آنذاك.

كما نصّ نظام العقوبات على تجميد الأصول المالية للشخصيات المقربة من النظام، وهو ما جعل هذه الأخيرة تتجه نحو إمارة أخرى لحماية ثرواتها: دبي. على الرغم من انقطاع العلاقات الدبلوماسية رسمياً بين الإمارات وسوريا، إلّا أن أمير دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، لم يعارض إقامة أخت الرئيس السوري وأمه. انتقلت بشرى الأسد [شقيقة الرئيس السوري بشار الأسد] إلى الإمارة في عام 2012، بعد وقت قصير من اغتيال زوجها آصف شوكت، نائب مدير الاستخبارات العسكرية. كانت علاقات بشرى الأسد بالسلطات المحلية جيدة إلى درجة أنه كان يُتداول عن “زواجها السرّي” من قائد شرطة دبي، ضاحي خلفان. رغم أن هذه الشائعات لا أساس لها من الصّحة، إلّا أنها تعكس مدى الترحيب وحُسن الاستقبال الذي أحيطت به بشرى الأسد من قبل رئيس شرطة دبي للأرملة، الذي دافع عنها لمّا تم رفض طلبها الحصول على تأشيرة شنغن. أمّا بشّار الأسد، فقد وصفه ضاحي خلفان ـ الذي يُشتهر بصراحته واستخدامه الكثيف لتويتر، إذ يتابعه أكثر من مليوني شخص ـ بأنه “رجل ذو حس أخلاقي كبير”

فيما استقر رامي مخلوف الثروة الأولى في البلاد وابن خال الرئيس الأسد، في الإمارات قبل الثورة بوقت طويل. وظل ابناه محمد وعلي يتصدران بانتظام العناوين الرئيسية بسبب أسلوب حياتهما الأميري. فقد مخلوف -رمز فساد ومحسوبية عائلة الأسد- مكانته بعد خلافه مع بشار، لفائدة جيل جديد من رجال الأعمال الذين انتعشوا على أنقاض الحرب. يتعلق الأمر على الخصوص بسامر فوز الذي يعيش بين دمشق ودبي، والذي تنامت ثروته ـ المكتسبة أساساً على بقايا الشركات التي صادرتها الدولة ـ بشكل مطّرد مع تنامي نفوذه السياسي وسط حاشية الرئيس السوري.

لعبة معقدة مع المعارضة

بيد أن الإمارات العربية المتحدة لم تقطع علاقاتها مع المعارضة السورية، على الأقل مع تلك التي أبقت على مسافة من التيارات “الجهادية”. هذا حال “منصة القاهرة”

1

، المعادية للحل العسكري للصراع، والتي تدعو إلى انتقال سياسي ولا تنادي باستقالة بشار الأسد كشرط مسبق للتفاوض. موقفٌ جعلها، على غرار “منصة موسكو”

2

، تدخل ضمن لائحة المعارضات المقبولة من لدن دمشق.

هناك شخصية مهمة أخرى في المعارضة السورية مُقرّبة من أبو ظبي: أحمد الجربا، المُقيم في القاهرة، والذي مثّل القبائل في الائتلاف الوطني السوري. يعتبر الجربا عضواً في اتحاد قبائل الشَمَّر‎ البدوي العابر الحدود، والذي يمتد إلى حدود شبه الجزيرة العربية. في الواقع، اختار المعارض الاستقرار بداية في المملكة العربية السعودية، بعدما فرّ من بلاده سنة 2012، حيث أقام علاقات وثيقة مع أجهزة المخابرات السعودية والإماراتية. في سنة 2016، قام أحمد الجربا بتأسيس “تيار الغد السّوري” بدعم من مصر ومن الفلسطيني محمد دحلان، رجل المهمّات القذرة لمحمد بن زايد. وفقًا لنظامه الأساسي، يهدف تيار الغد السّوري إلى تعزيز سوريا التعددية واللامركزية والعلمانية، بل وتتوفر على جناحٍ مسلح، “قوات النخبة”، حارب تنظيم “الدولة الإسلامية” داخل التحالف، ولكن تقلّصت أعداده منذ فشل هذا الأخير.

يستحيل فهم التغيرات في المنطقة دون ذكر دور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ يبدو أن رئيس الكرملين هو سيد الموقف في الشرق الأوسط، أكثر من أي وقت مضى. فألكسندر يفيموف، السفير الروسي السابق في أبو ظبي بين 2013 و2018 والحالي في دمشق، هو نفسه من كلّفه بوتين بلعب المساعي الحميدة بين محمد بن زايد ونظيره السوري، قبل فترة وجيزة من إعادة فتح سفارة الإمارات في سوريا.

رؤية استراتيجية إقليمية

على هامش حوار المنامة في ديسمبر/كانون الأول 2017، صرّح أنور قرقاش أن “طموح الإمارات في المنطقة يهدف إلى العودة إلى الاستقرار، وليس إلى استمرارية الوضع القائم، وهما أمران مختلفان”. يرى جلال حرشاوي، الباحث في الجغرافيا السياسية في جامعة لاهاي، أن تصريح قرقاش يؤكد “الفكرة التي مفادها أن الزعماء العرب الذين تخلص منهم الربيع العربي في تونس واليمن ومصر، تمت إزاحتهم بسبب ضعفهم ولُيونتهم”. بحسب الباحث “لتحقيق مفهومهم للاستقرار، يتوجّب على الجيل الذي يخلفهم أن يُصَعِّد من الاستبداد والإكراه”، على شاكلة عبد الفتاح السيسي.

إذا كان حجم القمع الذي يتعرض له المجتمع المدني المصري من قبل الرئيس السيسي يستحق الإدانة من قبل منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، فإن سياسته تحظى، على العكس من ذلك، برضا نظيره الإماراتي. فقد قلّد محمد بن زايد عبد الفتاح السيسي بـ “وسام زايد”، أعلى وسام مدني يُمنح في الإمارات، خلال حفلٍ أقيم في أبو ظبي، نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

علاوة على ذلك، تُشكل مصر، التي لم تقطع قَطّ علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وتحافظ معها على تعاون أمني متين، واحدة من أكثر الدول المؤيدة بحماس لعودة دمشق إلى حضن الجامعة العربية، وهو أمرٌ لا يعترض عليه سوى القليل من البلدان العربية، ويصعب أن يكبحه الموقف السّلبي، على الأقل على ظاهرياً، للحكومات الغربية.

خالد سيد محند

صحفي., responsable du pôle investigation du CJL

———————————

المعلم:لا تواصل مع لبنان حول قيصر..وجاهزون للتعاون

قال وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم إن النظام “جاهز للتعاون مع لبنان في مواجهة قانون قيصر، لكن هذا لا يتم إلّا برغبة مشتركة”. وأضاف أنه “حتى الآن لا يوجد مثل هذا التواصل مع لبنان وعندما يرغبون سيجدون سوريا جاهزة”.

وقال: “لا ترسيم للحدود مع لبنان ولن نقبل بنشر القوات الدولية على الحدود لأن ذلك يتم مع الاعداء”. ورأى أن “سوريا لديها حلفاء وأصدقاء وكل من يعارض قانون قيصر هو صديق”، وتابع: “واثقون بأن أصدقاءنا وحلفاءنا لن يتركوا سوريا وحدها”.

قانون “قيصر” يستهدف لقمة عيش الشعب السوري ويفتح الباب مجدداً لعودة “الإرهاب” كما كان في العام 2011، حسب تعبيره.

وعلّق المعلم في مؤتمر صحافي، على تصريحات وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو والمبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري حول هذا القانون قائلاً: “خلصت إلى استنتاج واضح بأنهم كانوا جوقة من الكذابين لأن من يريد مصلحة الشعب السوري لا يتآمر على لقمة عيشه”. وقال إن رئيس النظام السوري بشار الأسد “سيبقى طالما الشعب السوري يريده أن يبقى والقرار ليس بيد بومبيو وجيفري”.

وأضاف أن هذه “الحملة لن تقل شراسة عن سابقاتها لأنهم يستخدمون فيها آخر أسلحتهم ضد سوريا، بمعنى أن الهدف الحقيقي إلى جانب تجويع الشعب والرهان على تقويض الاستقرار في سوريا هو فتح الباب لعودة الإرهاب”.

وتابع: “لا أريد أن أقلّل من آثار هذا القانون والحملة الشرسة… لكن نحن في سوريا معتادون على التعامل مع موضوع العقوبات الأحادية التي فرضت علينا”، مضيفاً أن التعامل مع “قيصر لن يكون مستحيلاً”. وتحدث عن “تحويل هذا القانون إلى فرصة للنهوض” باقتصاد النظام السوري وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وفي ما يخص العملية السياسية في سوريا، قال إن “سوريا ملتزمة بالمسار السياسي” و”ترفض أي تدخل خارجي بعمل اللجنة الدستورية”. وأضاف “نحن في سوريا سادة قراراتنا وإذا كان العرب سادة قراراتهم فأبواب دمشق مفتوحة”.

وتطرق المعلم إلى العلاقات مع روسيا قائلاً إن “الهرج والمرج حول العلاقة السورية-الروسية غير صحيح والموقف الروسي الداعم لسوريا مستمر”. وأضاف أن “الأصدقاء الروس قدموا ضحايا في مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية وبيننا تشاور شبه يومي”.

ولفت المعلم إلى أن رواية مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون عن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان سيرسل موفدين إلى سوريا للتفاوض معها صحيحة. وقال: “على الرغم من أن هذا الموضوع يخص القصر الجمهوري في سوريا”، إلا أنه سيجيب عن هذا السؤال بتأكيد ما جاء في كتاب بولتون.

وأضاف أن “القيادة السورية رفضت الطلب الأميركي، لأن أي تواصل يحتاج الى مقدمات ونوايا حسنة، والولايات المتحدة لم تقم بأي تغيير في سلوكها العدائي ضد سوريا”.

لكن وزارة خارجية النظام ناقضت ما جاء على لسان المعلم حول كلام بولتون. وقال مصدر في الوزارة تعليقاً على كلام المعلم: “بعد التدقيق في ما تداولته وسائل الاعلام الغربية، حول ما ورد في كتاب بولتون والرواية الأميركية بهذا الخصوص، تؤكد وزارة الخارجية أن هذه الرواية المتداولة غير صحيحة”.

——————————-

=======================

===========================

تحديث 25 حزيران 2020

—————————–

محيط الأسد انشرح لتطمين جيفري بعدم استهداف إسقاطه

دمشق تستقي معلوماتها عن أموال أثرياء الحرب من صرافين لبنانيين

وليد شقير

يواصل نظام الرئيس السوري بشار الأسد سعيه لمواجهة الأزمة الاقتصادية المالية التي تعانيها البلاد والتي تسبّبت، بين ما تسبّبت به، بعودة التظاهرات الشعبية إلى بعض المناطق ورفع شعارات ضد الأسد وأحياناً ضد إيران، عبر أساليب بوليسية، إذ يستمر استدعاء أثرياء الحرب السوريين من قبل أجهزة القضاء والأمن لمطالبتهم بتزويد الدولة بالعملة الصعبة والدولار الأميركي.

وهو الأسلوب الذي أطلق “المواجهة” بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف في الشهرين الماضيين وأدى إلى امتناع الأخير عن الاستجابة لكل مطالب الأول ومصادرة أملاكه ومنعه من السفر.

استدعاء الأثرياء والمعلومات من صيارفة لبنان

مع ازدياد الأزمة المالية وارتفاع سعر صرف الدولار في سوريا، عشية بدء تطبيق “قانون قيصر” الأميركي للعقوبات على الأفراد والشركات والدول المتعاملة مع النظام، تفاقم اعتماد هذا الأسلوب.

استدعت الأجهزة السورية بعض الأثرياء الذين تمكّنوا بعلاقاتهم مع صيارفة لبنانيين من الحصول على أموال لهم في لبنان عبر صرف بعض الشيكات العالية المبالغ بأقلّ من قيمتها للحصول على المال نقداً.

 من الأمثلة على ذلك، أنّ متموّلاً سورياً يسلّم مكتب صرافة لبناني شيكاً ببضعة ملايين من الدولارات، ليقبض أقلّ من قيمته بـ30 في المئة، لكن نقداً.

وعبر نفوذ حلفاء دمشق في لبنان على بعض الصرافين، تُجمع المعلومات عن تلك العمليات وتُبلّغ السلطات السورية بها، بناءً على طلبها، ما يسهّل عليها عند استدعاء أي متموّل أو غني حرب مواجهته بالوقائع والطلب منه تسليم جزء من المبلغ الذي حصل إليه إلى البنك المركزي.

المعطيات الواردة من دمشق، تشير إلى أن هذا الأسلوب أسهم في ضخّ كمية من العملة الصعبة في السوق السورية استُخدمت في لجم الارتفاع الجنوني لسعر الصرف ولو مؤقتاً، من دون أن تخفّضها.

والدليل أن المصرف المركزي السوري اضطُر إلى رفع سعر الصرف الرسمي، ما خفّض القيمة الشرائية لليرة السورية مجدداً، وزاد عمق الأزمة المعيشية.

وإذا كانت واقعة استخدام المعلومات عن سحب بعض أغنياء الحرب السوريين العملة الصعبة من الصرافين اللبنانيين إلى دمشق، دليلاً على استمرار استنزاف الدولار في السوق اللبنانية لصالح نقل كميات منه إلى سوريا، فإنه دليل على أن التضييق في بيروت على سحب الدولار من المصارف اللبنانية بسبب شحّ العملة الصعبة التي تحتاج إليها السوق المحلية، أسهم في تفاقم الأزمة في سوريا أيضاً، وكرّس مقولة “وحدة المصير” بين البلدين. (الشعار الذي كان رفعه الرئيس الراحل حافظ الأسد).

التخبّط والخوف من إسقاط النظام

لكن الذين يرصدون ما يحصل على هذا الصعيد، يكرّرون القول إن مواجهة النظام في سوريا لعقوبات “قيصر”، تجري وسط تخبّط في التعاطي مع تداعيات العقوبات، على الصعيدَيْن الاقتصادي والسياسي.

فـ”تشليح” متموّلين سوريين بعضاً من أرصدتهم علماً أن سبب ثرائهم هو النظام نفسه، لن يكون حلّاً لتفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل عقوبات “قيصر”.

والتخبّط في مسعى دمشق لمواجهة “قيصر” والالتفاف على عقوباته برز على الصعيد السياسي بمظاهر عدّة خلال الأيام الماضية في أعقاب الإعلان عن الدفعة الأولى منها في 17 يونيو (حزيران).

ومن هذه المظاهر، التناقض في هواجس المحيطين بالنظام، إذ أبدوا تخوّفهم من أن شمول الأسد وزوجته أسماء بالعقوبات مؤشر إلى عودة واشنطن إلى اعتماد هدف إسقاط الرئيس السوري.

فالاعتقاد السائد لدى بطانة النظام أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تخلّت عن هذا الهدف منذ قال الأخير إن لا مشكلة لديه مع الأسد بل مع إيران في سوريا، على الرغم من أن العقوبات الأميركية السابقة على النظام في 18 مايو (أيار) 2011 في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، شملت الأسد في حينها، واقترنت بكلام عن أن شرعيته كرئيس شارفت على الانتهاء، إن لم تكن قد انتهت (هيلاري كلينتون).

كما أن الأسد سبق أن خضع لعقوبات أوروبية مُدّدت الشهر الماضي، وما زال منذ بداية الأزمة السورية. إلّا أنّ التعاطي الدولي والإقليمي مع مصير الرئيس السوري كان مطّاطاً ويخضع في كلّ مرة إلى ظروف ميزان القوى ومدى تقدم الدورَيْن الإيراني والروسي في الدفاع عنه، فيتراجع هدف إسقاطه حيناً ويعود أحياناً أخرى.

ومع عقوبات “قيصر”، تصاعد الخوف في بعض محيط النظام من أن يكون هدف إسقاطه عاد إلى الواجهة وسط بروز فرضية أن إدارة ترمب قد تعتمد نظرية تحقيق إنجاز خارجي يستخدمه في ترجيح أوضاعه الانتخابية الرئاسية، لأنه الإنجاز الأسهل مقارنةً بهدف تطويع إيران بتشديد العقوبات التصاعدية على نظامها، ما يتطلّب مزيداً من الوقت الذي يتعدّى الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أو مع التوصّل إلى حلول للتأزم التجاري والعسكري مع الصين…

إسرائيل: الأولوية لإيران وبقاء الأسد ضعيفاً

في المقابل، اشترك معلقون إسرائيليون في مناقشة وجهة النظر القائلة إنّ هناك اتجاهاً ضمنياً في واشنطن ومحيط الرئيس الأميركي إلى إعطاء الأولوية لتحقيق إنجازٍ ما في السياسة الخارجية قبيل الانتخابات الرئاسية، يدفعه إلى توجيه ضغوطه على النظام السوري.

واعتبر بعض المعلقين أنه من الأفضل بقاء الأسد في السلطة، ضعيفاً لأنه سيُضطر إلى الانسجام مع المطالب الغربية والإسرائيلية، فيما يجب تركيز الضغوط على إيران وإعطائها الأولوية بمواجهة برنامجها الصاروخي ومشاريع توسّعها في المنطقة، فضلاً عن هاجس تل أبيب الدائم من برنامجها النووي الذي يدفعها إلى تصدّر الحملة الدبلوماسية والسياسية على النظام الإيراني، لا سيما مع حليفها في البيت الأبيض.

وشملت مخاوف المحيطين بالنظام طرحهم الشكوك حول إمكان حصول توجّه نحو مفاوضات إيرانية أميركية، بعد نجاح الضغوط الاقتصادية على طهران، قد تؤدي إلى تضحية القيادة الإيرانية بالأسد، لصالح قدر من النفوذ في سوريا، بالتفاهم مع روسيا.

وتعزّزت المخاوف بعدما قال الموفد الأميركي الخاص إلى سوريا، السفير جيمس جيفري في 17 يونيو، بالتزامن مع دفعة العقوبات الأولى في إطار “قيصر”، أن “الفظاعات التي ارتكبها الأسد، وليست العقوبات هي التي دمّرت سوريا”.

لكن تلك المخاوف تغيرت حين عاد جيفري وظهر بداية الأسبوع الحالي في مطالعة أثناء ندوة مع “معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط” ليؤكد أن الولايات المتحدة “لم تعد تطلب تنحّي رئيس النظام السوري بل تهدف إلى تغيير جذري في سلوك النظام”.

وأضاف “لا نطلب انتصاراً كاملاً ولا نقول إن على الأسد أن يرحل، وترغب واشنطن في تحوّل دراماتيكي في النظام كما سبق أن شهدنا في أمكنة أخرى في العالم مثلما حصل في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية… وهذا هو نوع  الإصلاحات التي نحتاج إلى أن نراها… لا نعرف إذا كان يمكن أن تُنجز في ظلّ قيادته مع أولئك الذين يحيطون به أو لا”.

انشراح لتصريحات جيفري… لكن

التقط الخائفون في دمشق من استهداف الأسد ومن أن يكون هذا هو الغرض من “قيصر”، هذه العبارة ليطمئنوا أنفسهم بأن واشنطن لم تنتقل إلى التركيز على الرئيس السوري، ورأى بعض المراقبين أن الموقف الإسرائيلي الذي عكسه معلقون في صحف إسرائيلية ربما كان له تأثيره في واشنطن، بينما ظلّ آخرون في دمشق يعتقدون أن ما يشترطه قانون العقوبات الجديد لرفعها، كفيل بذاته بإسقاط الأسد.

فـ “قيصر” يطلب الإفراج عن المعتقلين ووقف قصف المناطق المدنية وإعادة النازحين بطريقة آمنة وطوعية وبكرامة ومحاكمة من تلطّخت أيديهم بدماء السوريين وارتكبوا جرائم حرب والبدء بتطبيق القرار الدولي الرقم 2254… تؤدي هذه الخطوات مجتمعة إلى عدم بقاء الأسد في السلطة، لا سيما أن القرار الدولي ينصّ على قيام سلطة انتقالية، تمهّد للتغيير في النظام ورأس الهرم.

فمحاكمة مَن ارتكبوا فظاعات ضد المدنيين السوريين وحدها قد تؤدي إذا ما جرت وفق تحقيقات دولية (تجمع عواصم أوروبية عدّة وواشنطن وقائعها) تقود عملياً إلى تحميل الأسد مسؤولية الإمرة بارتكابها وفق تسلسل هرمية السلطة في النظام.

لكن هذا لم يمنع أن يتوقع المحيطون بالأسد الأضرار الكبرى للعقوبات مع صدور الدفعة الجديدة المنتظرة في الأيام المقبلة، باعتراف وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأن تداعيات “قيصر” ليست سهلة، مؤكداً أن الأسد باقٍ في مصبه.

لكن الجانب السوري لا يملك أي خطة واضحة لمواجهة هذه العقوبات وارتداداتها على الوضع المعيشي للسوريين مع انخفاض سعر العملة الوطنية.

ويُفترض رصد كيفية تعاطي حليفَيْ النظام روسيا وإيران، مع إدارة الوضعين السياسي والاقتصادي في بلاد الشام، لا سيما أنهما سيتضرّران، نظراً إلى انخفاض قدرة كل منهما على تقديم المساعدات له كي يصمد، على الرغم من مراهنات أركان الأسد على تلقّي الدعم من “التوجه شرقاً” الذي طرحه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في ما يخص الأزمة الاقتصادية المالية في لبنان وتأثير “قيصر” في البلدين معاً. فالحليفان يتعرّضان بدورهما للعقوبات، فضلاً عن أن طهران تخضع لمزيد منها، كل بضعة أسابيع، لكنها قادرة على تجاوز العقوبات بالقدر الذي يتيح التبادل التجاري بينها وبين دمشق تخطّي منظومة الدفع بالدولار الأميركي.

وكان المعلم قال في مؤتمره الصحافي في 23 يونيو الحالي، إن “قيصر” يفتح الباب مجدداً لعودة الإرهاب، ملوّحاً بذلك  للأميركيين بإمكان ظهور منظمات إرهابية ضدهم مجدداً، على غرار “داعش” وتنظيمات أخرى.

ويُنتظر أن تتضاعف الضغوط السورية الإيرانية على لبنان ليبقى منفذاً لتهريب السلع التي تحتاج إليها دمشق، وكي تصرّف بعض منتجاتها عبر السوق اللبنانية، ما سيؤدي إلى مزيد من التوتّر السياسي الداخلي بسبب الخلاف بين الفرقاء حول القبول بأن تكون بيروت ومناطق أخرى منصّة لالتفاف سوريا على العقوبات.

————————————

نكسة الدكتاتور..سريان “قيصر” قد يطيح بالأسد

رأت صحيفة “واشنطن بوست” أن تأثيرات قانون “قيصر” الذي سنته الولايات المتحدة مؤخراً لمعاقبة بشار الأسد، بدأت تظهر على النظام السوري، حتى قبل فرضه، ولم تستبعد أن ترغمه على الرضوخ للحل السياسي.

وقالت في افتتاحية بعنوان: “دكتاتور سوريا يتلقى نكسة قاسية”، إنه “منذ بداية هذا العام، كان  الأسد يضغط من أجل تحقيق النصر النهائي في الحرب الأهلية المستمرة منذ تسع سنوات. وبدعم من الطائرات الحربية الروسية ، شنت قواته هجوماً على محافظة إدلب، في مسعى لسحق آخر معقل للمعارضة السورية”.

لكن التدخل التركي القوي وغير المتوقع أوقف الهجوم، ومنذ ذلك الحين بدا نظام الأسد يعاني من سلسلة انتكاسات، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي، وتجدد الاحتجاجات الشعبية، ومع دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ، يتوقع أن تتفاقم الأوضاع أكثر.

وتقول الصحيفة: “مع أن زوال أكثر الأنظمة الديكتاتورية وحشية في الشرق الأوسط لا يبدو وشيكاً، فقد عانت احتمالات استقرار سوريا في ظل حكم الأسد، من انتكاسة شديدة، كما هو الحال بالنسبة للطموحات الاستراتيجية لحليفيه: روسيا وإيران”. ويعود الفضل في ذلك إلى الكونغرس الذي فرض قانون “قيصر”،  وإلى المصور المنشق عن الشرطة العسكرية السورية الذي ألهم الكونغرس لسنّه.

ووفقا ل”واشنطن بوست”، فإن مجرد التلويح بهذه الإجراءات ساعد بالفعل في انهيار العملة السورية، التي فقدت ثلثي قيمتها منذ بداية العام. فدفعت الضغوط الاقتصادية  السوريين العاديين إلى التظاهر في درعا  حيث بدأت الانتفاضة ضد الأسد في عام 2011، وكذلك في مدن أخرى كانت محسوبة على النظام منها السويداء.

وأضافت الصحيفة أن الجولة الأولى من عقوبات “قيصر” كانت متواضعة نسبياً، واستهدفت زمرة الأسد وقادة الميليشيات الإيرانية. لكنها اعتبرت أن متابعة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقانون بدقة، قد  تؤدي إلى فرض عقوبات على المسؤولين والشركات الروسية التي تدعم جهود الحرب السورية، وكذلك أي شركات أجنبية تشتري النفط السوري أو تساعد في مشاريع إعادة البناء بسوريا.

وتابعت الصحيفة أن “تأثير القانون، في أفضل الأحوال، قد يكون إرغام روسيا وإيران على التخلي عن نظام الأسد بدلاً من البقاء غارقين في صراع يصعب كسبه بسبب كلفته العالية”. ولضمان تحقيق ذلك، شددت الصحيفة على ضرورة أن تواصل الإدارة الأميركية ضغوطها الاقتصادية القوية على النظام السوري، بدعم من الكونغرس.

وانتهك النظام السوري الحياد على الصعيد الإنساني طوال السنوات التسع الماضية، وأصاب المجتمع الإنساني بالشلل وسط عدم القدرة على القيام بمهامه. بينما يخطط المانحون لتجديد تعهداتهم المالية الإنسانية في بروكسل في 29 حزيران/يونيو، فإن الفيتو الروسي الآخر يمكن أن يفكك في الأسابيع القادمة ما تبقى من آلية المساعدة الحيوية عبر الحدود التابعة للأمم المتحدة ، مما يزيد من نفوذ النظام السوري على المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة.

وتقدم الولايات المتحدة وأوروبا 90 في المئة من تمويل المساعدات الإنسانية للشعب السوري. وترى مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أنه “من خلال إرسال تمويلهم بشكل مختلف داخل وخارج إطار الأمم المتحدة، لديهم نفوذ، ويجب عليهم استخدام هذا النفوذ لاستعادة الحياد الإنساني وضمان مساعدة المحتاجين بدلاً من نظام بشار الأسد”.

النظام السوري ارتكب انتهاكات منهجية للمبادئ الإنسانية: الموضوعية والحياد والاستقلال. هناك أمثلة لا حصر لها من تحويل الموارد الإنسانية لصالح النظام. المساعدة ليست محايدة عندما يتم تسليمها في الغالب إلى الموالين من خلال منظمات النظام مثل الهلال الأحمر العربي السوري أو صندوق سوريا للتنمية بقيادة زوجة الأسد، أسماء. كما استهدف النظام باستمرار المرافق الصحية والمدارس والعاملين في المجال الإنساني، عسكرياً، وهو انتهاك متعمد على ما يبدو للقانون الإنساني الدولي.

وبحسب “فورين بوليسي”، فمن الضروري بالطبع وجود درجة معينة من التنسيق العملي مع السلطات المحلية في معظم مناطق الحرب. مع ذلك، وفي حين تمكنت بعض المنظمات غير الحكومية العاملة من دمشق من العمل بشكل مستقل، إلا أن معظمها قد استسلمت لشروط نظام الأسد.

وتضيف المجلة أن “المنظمات الإنسانية تخشى بحق ضغوط المانحين لأنهم يخشون أن يتم استغلالها، ولكن مستوى تدخل النظام في عملهم كان يجب أن يثير رد فعل جماعي منذ فترة طويلة”. وتابعت: “سيكون لتدمير المبادئ الإنسانية في سوريا تأثير رهيب ودائم على كيفية عمل الأمم المتحدة في مكان آخر من العالم إذا لم يقم المانحون والوكالات والمنظمات غير الحكومية بإصلاح النظام. لقد أظهر الصراع السوري أن الشيطان -وما تبقى من نفوذ المانحين- يكمن في التفاصيل”.

——————————

الليرة السورية تتراجع

تستمر الليرة السورية بالتراجع، وسط ارتفاع الأسعار بشكل جنوني والتي باتت فوق طاقة تحمل المواطن، وفي ظل ما يحصل كشف دريد الأسد ابن عم بشار الأسد،  عن معلومات خطيرة حول كمية الدولار في سوريا.

وبلغ سعر صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي في دمشق اليوم الأربعاء، 2525 للبيع و2425 للشراء، أما أمام اليورو بلغ سعر الصرف 2852 للشراء،و 2734 للبيع، وذلك بحسب موقع “الليرة اليوم”.

وفي هذا الشأن قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، طلال البرازي إن “سعر صرف الليرة سوف يستقر قريبا وأن البلاد تمر حاليا بمرحلة هبوط الدولار وتحسن في وضع الليرة”. وبحسب قوله فإن الحكومة تعرف الأبعاد الضارة لتذبذبات سعر الصرف، وتدرك أن ما يهم أي تاجر بالنهاية هو استقرار السعر.

من جهته قال دريد الأسد معلقا حول ما يحصل في سورية، إن البلاد  لم يبقَ فيها أي دولار والخزينة فارغة، وحذّر من فقدان الذهب في الأسواق أيضا، ومن تقصّد “الجمعية الحرفية لصياغة المجوهرات بدمشق” وضع سعر وهمي لغرام الذهب يقل بمقدار 30 ألف ليرة عن سعره الحقيقي في السوق العالمية.

من جانبه قال المبعوث الأميركي الخاص للشأن السوري، جيمس جيفري “هدف قانون قيصر ليس ضرب الاقتصاد السوري، ورأى أن بشار الأسد هو من يتحمل مسؤولية ضرب اقتصاد بلاده وانهياره وسوء الوضع المعيشي”.

وقد طالب جيفري بشار الأسد وحلفاءه الروس والإيرانيين بالتوصل لوقف إطلاق نار دائم في سوريا والإفراج عن جميع المعتقلين. وكان جيفري قد كشف، الأربعاء، أن العقوبات الجديدة ضمن قانون قيصر، على السلطة السورية، ما هي إلا “الدفعة الأولى وسيتبعها المزيد من الدفعات”.

ودخل قانون قيصر الأميركي حيز التنفيذ، الأربعاء، بإعلان واشنطن إنزال عقوبات على 39 من الأشخاص والكيانات المرتبطين بالسلطة السورية، وكشفت الخارجية الأميركية عن الجهات المستهدفة والتي تشمل بشار الأسد وزوجته أسماء اللذين وصفتهما بـ”مهندسي معاناة الشعب السوري”.

وتتهم الولايات المتحدة المستهدفين بعقوباتها، بلعب دور أساسي في عرقلة التوصل إلى حل سياسي سلمي للصراع السوري، وإقدام آخرين على مساعدة السلطة السورية على ارتكاب فظائع ضد الشعب أو تمويلها، بينما قاموا في الوقت ذاته بإثراء أنفسهم وعائلاتهم.

——————————-

السفارة الأمريكية بدمشق تحيي ذكرى حرق السلطة السورية ثلاثة مسعفين في حلب

تزامنا مع الذكرى الثامنة لحادثة حرق قوات السلطة السورية لسيارة ثلاثة مسعفين في حلب ما أدى لمقتلهم، أصدرت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في دمشق بيانا ذكّرت فيه بالحادثة وأدانتها.

وقالت السفارة في بيانها، إن هذه الحادثة تعد واحدة من أبشع جرائم السلطة السورية، والتي استهدفت ثلاثة طلاب في جامعة حلب كانوا يحملون مواد طبية لعلاج المتظاهرين عندما كانت قوات السلطة تستهدف المظاهرات السلمية للمدينة.

وأضافت أنه وفقا لمنظمة العفو الدولية، قامت قوات السلطة بحرق السيارة وحرق الثلاثة طلاب وهم على قيد الحياة بداخلها، وهم باسل أصلان (21 عاما) ومصعب برد (20 عاما) وحازم بطيخ (25 عاما).

وعادت السفارة وذكّرت بملفات قيصر التي أثارت عقوبات جديدة الأسبوع الفائت على جزء صغير جدا من فظائع السلطة السورية الهائلة،بحسب وصفها.

وكانت منظمة العفو الدولية ذكرت في تقرير لها، إنه تم العثور على ثث الطلاب الثلاثة المحروقة في الساعات الأولى لصباح 24 يونيو/حزيران في سيارة محروقة في منطقة النيرب على الأطراف الشمالية الشرقية من حلب.

وبحسب الشهادات التي جمعتها المنظمة حينها فإن باسل أصلان كان قد أصيب بعيار ناري في الرأس، وكانت يداه موثقتين خلف ظهره. وكانت إحدى ساقيه وأحد ذراعيه مكسورين، بينما فقد عدة أسنان وكان الجزء الأسفل من ساقيه قد تعرى من الجلد لتظهر عظامه للعين المجردة. كما نزعت بعض أظافره. وكانت جثث الآخرين أشد احتراقاً وتحمل جروحاً أخرى، .ووجدت بطاقات الهوية الشخصية والجامعية سليمة إلى جانب جثثهم.

يشار إلى أنه ومنذ بدء الاحتجاجات السلمية في سوريا لم تتوقف قوات السلطة عن استهدف الأطباء والمسعفين والعاملين في المجال الإنساني، واستهدفت المشافي والمرافق الطبية، ما أدى لسقوط ضحايا في صفوفهم، كما اعتقلت أعداد كبيرة منهم.

——————————–

===========================

=====================

تحديث 26 حزيران 2020

—————————

النظام المثقل اقتصادياً..ينهك أسواق دمشق بالخسائر

نور عويتي

لا يزال النظام السوري يطرح حلولاً هزلية لمواجهة الأزمات الاقتصادية التي يمر بها. فبعد أن ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وانقطعت عن الأسواق بعض المواد الأساسية واضطر الكثيرون لإغلاق محلاتهم التجارية؛ أصدرت محافظة دمشق تعميماً بتمديد ساعات العمل للمحلات التجارية، على اعتبار أن هذا الإجراء سيساعد المواطنين في تأمين احتياجاتهم.

القرار ينكر السبب الرئيسي في معاناة المواطن السوري المرتبط بممارسة حكومة النظام السوري، التي أحدثت فارقاً هائلاً  ما بين سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية في السوق السوداء وفي المصرف المركزي، ويربط الموضوع بسوق البيع والشراء.

الحكاية بدأت مع قانون “قيصر” الذي زعزع وضع العملية السورية ولا يزال. فضّل أصحاب المحلات التجارية إغلاق محلاتهم حتى في الأسواق الرئيسية في العاصمة دمشق، كسوق الصالحية والحميدية ومدحت باشا. كانت خسائر الإغلاق أقلّ وطأة على التجار من خسائر البيع، لاسيما أن الحكومة تشدد الرقابة، وتجبر التجار على البيع بأسعار تحددها لهم علماً أن البضائع في مصدرها قد يكون سعرها أعلى من السعر الذي حددته الحكومة.

الرقابة التموينية المشددة، التي ازدادت فعاليتها بعد حراك السويداء الثوري، لم تقتصر على محلات بيع المواد الغذائية ذات الإنتاج المحلي، وإنما شملت أيضاً محلات بيع الملابس والأدوات الكهربائية والمنزلية المستوردة، والتي يسعّرها التموين وفقاً لسعر الدولار في البنك المركزي.

ويقول أحد تجار الهواتف الخلوية ل”المدن”، إن وزارة التموين “تتعمّد نشر موظفيها بشكل كثيف في الأسوق الشعبية كلما ارتفع سعر صرف الدولار، لتجني المخالفات من الباعة الذين سيضطرون لزيادة أسعار بضائعهم؛ وهو ما يحدث في الأيام الأخيرة، التي بات فيها عناصر التموين زبائن ثقيلين دائمين على محلاتنا”.

ويضيف “قبل أيام كادت أن تخالفني دورية تموين بعد أن تظاهر أحد عناصرها أنه زبون عادي وسألني عن سعر هاتف خلوي حديث، وحسبت له السعر وفقاً لسعر صرف الدولار يومها. وانتهي الأمر بحصوله على الهاتف الذس يتجاوز سعره 350 دولاراً، مع تهديدات باتخاذ إجراء أقسى إن لم التزم بسعر البيع وفقاً لتسعيرة الوزارة، وكان يومها يعادل 90 دولاراً. قررت إغلاق محلي بعد تلك الحادثة، ولكن وصلتني تهديدات بالاعتقال وإغلاق المحل بالشمع الأحمر. لذلك قمت بسحب الهواتف، واكتفي اليوم بتعبئة خطوط الهاتف وبيع بعض الاكسسوارات بالأسعار الخاسرة التي تحددها الحكومة”.

الخسارات الكبيرة التي يتكبدها أصحاب المحلات التجارية لا تقتصر على بيع البضائع الأجنبية المعروف سعرها عالمياً، وإنما يشمل كل المنتجات التي تتبدل أسعارها من مصدرها بشكل يومي، وفقاً لسعر الدولار.

ويقول مصدر من دمشق ل”المدن”: “خسارتنا نحن أصحاب محلات البقالة هي الخسارة الأكبر في هذه الفترة؛ فنحن مضطرون لبيع الناس حاجاتهم الرئيسية بتجارة خاسرة أنهكتنا، والأسوأ من ذلك أن الجميع يلقون اللوم علينا، وكأنهم لا يدركون أن ارتفاع الأسعار هو أمر طبيعي مع ارتفاع سعر الدولار، بل إن البعض يقومون بشتمنا ويتهموننا بأننا نستثمر الظرف لتحقيق مرابح أعلى”.

وأضاف “أنا أخسر بشكل يومي، والدولة لا ترحمنا أبداً. تلزمنا بفتح محلاتنا وخدمة الناس على نفقتنا، دون أن تعوضّنا عن خسارتنا. بل إنها شددت الرقابة علينا مؤخراً لترغمنا على البيع بخسارة، وكأن الهدف وراء ذلك هو إفلاسنا”.

ومن الطبيعي أن يحاول أصحاب المحلات من التهرب من الخسائر الحتمية، وهو ما أدى إلى موجة إغلاق المحلات التجارية في دمشق. إلا أن الأجهزة الامنية لم يرق لها ذلك، وشنت حملة اعتقالات واسعة طالت عدد كبير من التجار الذين أصروا على إغلاق محلاتهم، وتم إلزام أصحاب المحلات التجارية من قبل الأمن بفتح محلاتهم بدوام كامل بشكل إلزامي دون صدور قرار رسمي بذلك.

ويقول مصدر آخر من دمشق ل”المدن”، إنه “تم الاتفاق بيني وبين مجموعة من أصحاب المحلات في الشعلان على الإغلاق حتى ثبات سعر صرف الدولار. ولم يمضِ على تسكير المحلات سوى يومين عندما تواصلت معنا الجهات الأمنية وأمرتنا بفتح محلاتنا، متحججةً بأن إغلاقها سيعطي صورة غير مستحبة تنذر بانهيار الاقتصاد الوطني”.

وتابع: “في اليوم الثالث تم اعتقال شخصين لرفضهم إعادة فتح محلاتهم، وخُتمت محلاتهم بالشمع الأحمر ولم يطلق سراحهما إلا بعد أن دفعا مبالغ مالية كبيرة. بالإضافة لذلك، يتوجب عليهم دفع ما يقارب 350 ألف ليرة سورية لفك إشارة الشمع الأحمر عن المتاجر وإعادة فتحها”.

——————————

الأمم المتحدة: سوريا تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة… و«كورونا» قد يستفحل

بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»

حذرت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، من أن سوريا تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9.3 مليون شخص إلى الغذاء الكافي في وقت قد يتسارع فيه تفشي فيروس «كورونا» بالبلاد رغم أنه يبدو تحت السيطرة الآن.

وقال برنامج الأغذية العالمي، في إفادة صحافية في جنيف، إن عدد من يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1.4 مليون في غضون الأشهر الستة الماضية.

وذكرت إليزابيث بايرز، المتحدثة باسم البرنامج، أن أسعار السلع الغذائية ارتفعت بأكثر من 200 في المائة في أقل من عام واحد بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان المجاور، وإجراءات العزل العام التي فرضتها سوريا لاحتواء مرض «كوفيد – 19».

وقالت أكجمال ماجتيموفا، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، في إفادة صحافية منفصلة، إنه بعد تسع سنوات من الصراع المسلح، يعيش أكثر من 90 في المائة من سكان سوريا تحت خط الفقر الذي يبلغ دولارين في اليوم بينما تتزايد الاحتياجات الإنسانية.

وأضافت أنه لا يعمل إلا أقل من نصف المستشفيات العامة في سوريا، في حين لاذ نصف العاملين في المجال الطبي بالفرار منذ بدء الصراع ويواجه الباقون «تهديداً دائماً بالخطف والقتل».

وتظهر بيانات منظمة الصحة العالمية، أن السلطات في سوريا سجلت 248 إصابة بـ«كورونا» وتسع وفيات في مناطق سيطرة الحكومة بينما تم تسجيل خمس حالات إصابة ووفاة واحدة في مناطق الإدارة التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي.

وقال ريتشارد برينان، مدير عمليات الطوارئ في منظمة الصحة العالمية «الأرقام الرسمية أقل كثيراً على الأرجح من الأعداد الحقيقية، وهذا ليس مقتصراً على سوريا على الإطلاق».

وقال «ما نعرفه يقيناً في سوريا هو عدم وجود تفشٍ متفجر، لا يمكنك التستر، ولا يمكنك إغفال تفشٍ خارج عن السيطرة، المنشآت الصحية ليست محملة بما يفوق طاقتها؛ ولذلك ما زالت لدينا الفرصة لتكثيف استعدادنا».

وأضاف أنه لم يتم تسجيل حالات إصابة في المنطقة الواقعة تحت سيطرة مسلحي المعارضة في الشمال الغربي، لكنه قال إن المنطقة المكتظة بالسكان ليس بها سوى مختبر واحد يعمل وخطر انتشار «كورونا» بسرعة بها قائم.

———————

بعد سنوات قهر.. شبح الجوع والفقر يداهم السوريين

بعد حرب وتهجير ونزوح دام سنوات طويلة منذ 2011 مع اندلاع الثورة ضد النظام، ولا يزال، ها هي الأزمة المعيشية والاقتصادية الخانقة ترخي بثقلها على السوريين، وسط تحذيرات من تزايد معدلات الفقر والجوع في البلاد.

فقد حذرت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة، الجمعة، من أن سوريا تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9.3 مليون شخص إلى الغذاء الكافي في وقت قد يتسارع فيه تفشي فيروس كورونا بالبلاد رغم أنه يبدو تحت السيطرة الآن. وقال برنامج الأغذية العالمي في إفادة في جنيف إن عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1.4 مليون في غضون الأشهر الستة المنصرمة.

غلاء جنوني

كما ذكرت إليزابيث بايرز المتحدثة باسم البرنامج أن أسعار السلع الغذائية ارتفعت بأكثر من 200 بالمئة في أقل من عام بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان المجاور، وإجراءات العزل العام التي فرضتها سوريا لاحتواء مرض كوفيد-19.

في حين قالت أكجمال ماجتيموفا، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا في إفادة صحافية منفصلة إن بعد تسع سنوات من الصراع المسلح، يعيش أكثر من 90 بالمئة من سكان سوريا تحت خط الفقر البالغ دولارين في اليوم، بينما تتزايد الاحتياجات الإنسانية.

كما أضافت أن أقل من نصف المستشفيات العامة في سوريا لا يزال يعمل بينما فر نصف العاملين في المجال الطبي منذ بدء الصراع، ويواجه الباقون “تهديدات دائمة بالخطف والقتل”.

وفي وقت سابق، شدد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيسلي، على ضرورة مواصلة تدفق المساعدات عبر المعابر الحدودية.

وفي حديث مع وكالة أسوشييتد برس أمس الخميس، قبل مؤتمر المانحين حول سوريا الذي يستضيفه الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع المقبل، أوضح بيسلي أن المؤتمر يحاول جمع عدة مليارات من الدولارات كل عام، للتخفيف من تداعيات الحرب في سوريا التي استمرت 9 سنوات، وشردت ملايين الناس.

في وقت تواجه عملية برنامج الأغذية العالمي في سوريا نقصاً في التمويل قدره 200 مليون دولار هذا العام.

يذكر أن سوريا تواجه منذ أشهر عديدة انهيارا اقتصاديا، حيث خرجت العملة المحلية عن السيطرة، كما تفاقمت الاضطرابات الاقتصادية في البلاد بسبب الأزمة المالية في لبنان المجاور، حلقة الوصل الرئيسية لسوريا مع العالم الخارجي.

—————————

========================

================================

تحديث 29 حزيران 2020

———————————

بشار الأسد يهجم على ابن خاله براً وبحراً وجواً!

 العربية.نت – عهد فاضل

أزمة النظام السوري المالية والاقتصادية، تتفاقم يوما بعد يوم، مع دخول قانون “قيصر” الأميركي حيز التنفيذ، واندلاع احتجاجات عنيفة في مناطق سيطرته، على تدني الوضع المعيشي الحاد، وإحساس الأسد بأن شعبيته بين أنصاره بدأت بالتضاؤل وأصبحت مهددة، وعلى وقع صراعه المفتوح مع ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف الذي سبق وهدد الأسد بانهيار اقتصادي، ردا على الإجراءات المتخذة ضده.

وفي إطار الصراع العلني منذ نهاية شهر نيسان/ أبريل الماضي، بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، وابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، أصدرت حكومة النظام السوري قراراً بفسخ العقود التي كانت أبرمت مع شركة مخلوف لإدارة واستثمار الأسواق الحرة، وبذلك يكف الأسد يد مخلوف، براً وبحراً وجوّاً.

ويستولي مخلوف على الأسواق الحرة، في سوريا، منذ سنوات، ويحتكر هذا القطاع احتكارا تاماً ولا يسمح لأي رجل أعمال بمنافسته، نظراً للقربى التي تجمعه بآل الأسد ودعمهم له.

موانئ ونقاط حدودية ومطارات

وبحسب القرار الذي أصدرته وزارة اقتصاد النظام، في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، فإنها فسخت كافة عقودها المبرمة مع مخلوف لاستثمار المناطق الحرة، بعد ثبوت تورط مستثمر تلك الأسواق، بتهريب البضائع والأموال، وعليه قررت فسخ تسعة عقود بينها ورامي مخلوف، كانت أبرمتها منذ عام 2010.

واطلعت “العربية.نت” على بنود قرار النظام السوري المتضمن فسخ العقود مع مستثمر الأسواق الحرة، فتم إنهاء تعاقد مخلوف لاستثمار السوق الحرة، في جديدة يابوس، وهي معبر حدودي مع لبنان، وفي مركز نصيب الحدودي مع الأردن، ومركز باب الهوى الحدودي مع تركيا. وشمل إنهاء التعاقد مع مخلوف، فسخ عقد استثماره للسوق الحرة في مرفأ اللاذقية، ومرفأ محافظة طرطوس، ومطار دمشق، ومطار حلب، ومطار الباسل في اللاذقية.

ونص القرار على إنهاء تعاقد رامي مخلوف، مع مؤسسة الجمارك التابعة للنظام، على أن تقوم جهاته التابعة له باستلام جميع المباني والمستودعات التي كان يستعملها في استثمار الأسواق الحرة، بعد تسديد ما يترتب عليه من ذمم مالية خلال مدة 15 يوماً من تاريخ إبلاغه بفسخ العقود، وإلا سيقوم النظام بوضع يده على ما فيها من بضائع، ونقلها إلى مستودعاته، ضماناً للمبالغ التي يطلبها النظام من مخلوف والتي يبدو أنه لم يوافق مطلقا على دفع أي منها.

ضربة جديدة على وقع “قيصر” الأميركي

ويعتبر فسخ النظام للعقود التي أبرمها مع رامي مخلوف لاستثمار الأسواق الحرة، ضربة جديدة يتلقاها رجل الأعمال من ابن عمته بشار الأسد الطامح للاستيلاء على الثروة المنهوبة أصلا من حقوق السوريين.

يأتي هذا، بعدما استولت حكومة الأسد على شركة “سيريتل” للاتصالات الخلوية والمملوكة لرامي مخلوف عبر تعيين حارس قضائي عليها، في الرابع من الشهر الجاري، وسبقها الأسد بعدة إجراءات ضد ابن خاله، كمنعه من السفر خارج البلاد، وحرمانه من التعاقد مع أي جهة تابعة للنظام.

وظهر خلاف الرجلين، مخلوف والأسد، إلى العلن، منذ نهاية شهر نيسان/ أبريل الماضي، عندما بدأ مخلوف بالظهور المصور مخاطبا الأسد وطالبا تدخله لإيقاف ما يصفه بالظلم اللاحق به حول مطالبات النظام له بدفع أموال بلغت قرابة 140 مليار ليرة، ثم تطورت لهجة مخلوف لتحمل تهديدا مباشراً بما سماه “زلزلة” الأرض من تحت أقدام من يسميهم ظالميه، في سوريا.

ويرى مراقبون أن الصراع بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف، مرتبط أصلا بقانون “قيصر” الأميركي الذي أقر نهاية العام الماضي، وهي ذات الفترة التي بدأت فيها “طلبات” الأسد المالية تتكاثر من مخلوف الذي رفض الإذعان لها، فأصدر الأسد عدة قرارات بالحجز الاحتياطي على أمواله وأموال غيره من رجال أعمال، استباقا لسريان “قيصر” الذي سيزيد في أزمته الاقتصادية المتفاقمة أصلا، والذي دخل حيز التنفيذ أواسط الشهر الجاري، بإعلان العقوبات على بشار الأسد وزوجته وشقيقته بشرى وشقيقه اللواء ماهر وآخرين.

تقليم وتحجيم وإنهاء

كِباش بشار-مخلوف للاستيلاء على الثروة المنهوبة أصلا من قوت السوريين، خلّف صدعاً داخل الطائفة العلوية التي ينحدران منها، وظهرت أصوات تهدد مخلوف، مقابل أصوات أخرى تتحدث عن “فضائله” مع جرحى جيش النظام، محذرة من أن صراع مخلوف-الأسد قد يترك أثرا عميقا في بنية النظام وقد يهدد “بقاءه” في الصميم، بحسب موالين.

رامي مخلوف، وجْه النظام السوري الاقتصادي والمالي، وخزانة أسرار الفساد الكبير لآل الأسد، كما يوصف، متوارٍ عن الأنظار منذ الأول من الشهر الجاري، حيث أطلق تهديده بزلزلة الأرض تحت أقدام النظام، ثم صمت واختفى منذ ذلك الوقت.

ويقلل البعض من شأن خطوة الأسد بفسخ عقود استثمار الأسواق الحرة، مع ابن خاله، نظراً لأن البلاد خاضعة لعقوبات دولية منذ سنوات، وأضيف عليها عقوبات قانون “قيصر” الأميركي، مما ينهي تقريبا من فعاليتها على المستوى المالي والاقتصادي، لأنها مرتبطة حصراً بالسفر والتنقل الجوي والبري والبحري. إلا أن خطوة الأسد الأخيرة، برأي مراقبين، هي مجرد حلقة من حلقات “تقليم” ابن خاله لكفّ يده والتقليل من حجمه ونفوذه بين أنصاره، وللاستيلاء على أي مصدر مالي له، خاصة وأن النظام عاجز حتى الآن، عن الاستيلاء على أموال مخلوف خارج البلاد والتي تقدر بمليارات الدولارات.

—————————-

المساعدات الإنسانية إلى سورية على طاولة مجلس الأمن اليوم/ ابتسام عازم

يناقش مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، الوضع الإنساني في سورية، ضمن إحاطته الشهرية التي سيقدّم فيها منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالة الطوارئ مارك لوكوك، تقريره الأخير حول تقديم المساعدات الإنسانية في الشمال الشرقي والشمال الغربي السوري.

وتأتي هذه الإحاطة ضمن ترقب دولي لما يخصّ صياغة مشروع قرار في مجلس الأمن يجدّد لعمل الآلية العابرة للحدود لتقديم المساعدات الإنسانية في سورية، وخصوصاً في الشمال الشرقي والغربي. وكان مجلس الأمن قد جدّد في شهر يناير/ كانون الثاني الأخير عمل الآلية لستة أشهر بموجب القرار 2504 الذي تنتهي مدته في العاشر من الشهر المقبل.

وتعمل كلّ من بلجيكا وألمانيا على صياغة مشروع جديد، حيث يقود البلدان الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن.

وأكدت مصادر مطلعة في مجلس الأمن لـ”العربي الجديد” في نيويورك، أن مسوَّدة المشروع الأولية التي تتفاوض الدول حولها حالياً، تنصّ على التجديد للآلية العابرة للحدود لسنة عبر المعبرين التركيين، باب الهوى وباب السلام، التي يُعمَل بها حالياً. وينصّ المشروع كذلك على العودة إلى فتح المعبر العراقي، اليعربية، لستة أشهر مع إمكانية التجديد عند الحاجة. ويبدو أن الطرفين، الروسي والصيني، يرفضان هذه الاقتراحات، ويصرّان على التجديد فقط للمعبرين التركيين، على أن تقدَّم بقية المساعدات بالتعاون مع النظام السوري وعبر الأراضي التي يسيطر عليها، وهي الإجراءات المتبعة في الأشهر الستة الأخيرة.

ومن المفترض أن تقدّم الأمم المتحدة في تقريرها أمام المجلس كذلك، توضيحاً لمدى تعاون النظام معها، وما إذا كان مستمراً في وضع العراقيل البيروقراطية أمام عملها، ومدى تأثير ذلك بمقدرتها على تقديم الكميات الكافية من المساعدات الإنسانية.

ويبدو أن مهمة الأمم المتحدة في تقديم المساعدات الإنسانية ستصبح أكثر تعقيداً، حيث أعلن الجانب الروسي قبل أيام انسحابه من ترتيبات طوعية لحماية المستشفيات وشحنات المساعدات الإنسانية، كانت تعمل بها الأمم المتحدة بالاتفاق مع الأطراف على الأرض في سورية.

وجاءت الخطوة الروسية بعد الإعلان في إبريل/ نيسان نتائج تحقيق أجرته الأمم المتحدة حول استهداف منشآت للرعاية الصحية ومدارس وملجأ للأطفال. وخلص التقرير إلى أنّ “من المحتمل للغاية أن تكون الحكومة السورية أو حلفاؤها قد نفذوا هجمات على ثلاثة مراكز للرعاية الصحية ومدرسة وملجأ للأطفال في شمال غرب سورية خلال العام الماضي”.

ويشكك الجانب الروسي في تقرير الأمم المتحدة والمصادر المستخدمة، وينفي استهدافه لمواقع مدنية. يذكر أنّ انسحاب روسيا من تلك الترتيبات الطوعية لخفض التصعيد لا يعفيها من التزام القانون الدولي الإنساني، وعدم استهداف البنية التحتية المدنية. ومن المتوقّع أن تهاجم السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، كيلي كرافت، الجانب الروسي وانسحابه من تلك الترتيبات.

وعلى الرغم من تمكّن منظمة الصحة العالمية من تقديم جزء من المساعدات الطبية الضرورية للشمال الشرقي عبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام، إلا أنها لم تصل إلا إلى نحو ثلاثين بالمئة من المراكز الطبية في تلك المنطقة، التي تحتاج الأمم المتحدة الوصول إليها. وتحاول تجهيز تلك المناطق المكتظة بالنازحين بالمعدات اللازمة، وخصوصاً في ظل تصاعد مخاطر انتشار فيروس كورونا الجديد حول العالم.

وحتى اللحظة، سُجّلت إصابة نحو 180 شخصاً بالفيروس في جميع أنحاء سورية، لكن خطر الانتشار السريع يحوم في الأفق، وخصوصاً في المخيمات ومناطق النزوح المكتظة بالسوريين. ويعيش أكثر من ستة ملايين سوري في الشمال الشرقي والشمال الغربي، في مناطق أغلبها خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام.

ويحتاج نحو أربعة ملايين منهم لنوع ما من المساعدات الإنسانية، ومن بين هؤلاء يوجد نحو 2.7 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية ماسة. وما زالت الأطراف عموماً ملتزمة وقف إطلاق النار الذي أُعلن منذ أشهر، على الرغم من تسجيل بعض الخروقات في تلك المناطق.

ومن المتوقع أن يتطرق لوكوك في إحاطته كذلك إلى عدد من القضايا المتعلقة بالوضع الإنساني والاقتصادي في سورية، وتأثيرها بتقديم الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية. ومن بين تلك القضايا، تدهور قيمة الليرة السورية وانخفاضها مقابل الدولار بنسبة 105 بالمئة منذ بداية شهر مايو/ أيار، ونحو 360 بالمئة خلال السنة الأخيرة.

وأدّى انخفاض قيمة الليرة السورية إلى ارتفاع حادّ في أسعار المواد الغذائية والأدوية والاحتياجات الأساسية للسوريين في جميع أنحاء البلاد. ونتج من ذلك زيادة في عدد المحتاجين لمساعدات إنسانية، وهو ما أكدته تقارير لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، مفادها أن هناك قرابة 9.3 ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وترجّح الأمم المتحدة أن يزداد عدد السوريين المحتاجين لمساعدات إنسانية في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية.

ويُرجَّح أن يذكر لوكوك قضية العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على النظام السوري، من دون أن يعطي ردّاً حاسماً على مدى تأثير تلك العقوبات بتقديم المساعدات الإنسانية وعمل الأمم المتحدة. ويقول الطرف الأميركي والاتحاد الأوروبي إن العقوبات المفروضة على النظام تستثني تقديم المساعدات الإنسانية ولا تؤثر فيها. وحتى الآن، لم يقدم لوكوك في أي من إحاطاته السابقة، أي تعليق أو تقدير لمدى تأثير تلك العقوبات فعلياً في تقديم الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية.

واكتفى المسؤول الأممي عند الحديث عن الموضوع، بالإشارة إلى التصريحات الأوروبية والأميركية حول ذلك. لكن الجانبين الصيني والروسي، على وجه التحديد، يرغبان في الحصول على إجابات أكثر وضوحاً من قبل لوكوك في هذا الشأن، وهو ما طالب به السفير الروسي لمجلس الأمن فاسيلي نيبينزا، في اجتماعات سابقة للمجلس حول الوضع الإنساني في سورية.

العربي الجديد

—————————–

العقوبات على سوريا: التعديل وليس الرفع

قال المركز السوري للعدالة والمساءلة في تقرير إنه “ينبغي تعديل أنظمة العقوبات الحالية المفروضة على سوريا وإعادة معايرتها لتلبية الاحتياجات المستجدّة بشكل كافٍ في سوريا” جرّاء جائحة كورونا وقانون “قيصر”.

ويُجري التقرير المؤلف من 35 صفحة، بعنوان “العقوبات، قانون قيصر، وجائحة كوفيد-19 في سوريا”، تقييماً دقيقاً للاحتياجات العاجلة في سوريا بناءً على مقابلات أجريت مع خبراء ومحللين ومنظمات تعمل في القطاعين الإنساني والطبي في سوريا.

ويجد التقرير أن الدعوات لرفع أو تعليق العقوبات ضد سوريا مضللة وتبالغ في تبسيط القضايا المعقدة التي تحول دون توزيع المساعدات الإنسانية بفعالية وإنصاف. والأهم من ذلك، فإن الخطاب المناهض للعقوبات يخفي بشكل متعمد الدور الرئيسي الذي يلعبه النظام السوري وحلفاؤه في استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح، بحيث تعيق إيصال المساعدات الطبية في الوقت المناسب، وتعمل على تفاقم الأزمة المالية.

وبحسب التقرير، استمرت “الحكومة السورية وحلفاؤها بمهاجمة أهداف مدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمرافق الطبية حتى وقت قريب في شهر شباط/فبراير، الأمر الذي يقوّض بشدة مصداقية دعواتها لرفع العقوبات”.

وقال المركز السوري إن “من شأن رفع العقوبات أن يُعرّض حقوق الإنسان في البلد للخطر، ويُقوّض الجهود التاريخية الرامية إلى تحقيق العدالة لضحايا الفظائع المتركبة في سوريا، والمساءلة عن جرائم الحرب”. وأضاف أن “حماية حقوق الإنسان وصون جهود العدالة والمساءلة المستمرة أمر بالغ الأهمية ويجب أن يكون محورياً في جميع جهود الإغاثة الخاصة بأزمة كوفيد-19”.

وقال المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محمد العبد الله إنه “ينبغي على السلطات الأميركية والأوروبية أن تيسّر إيصال المنتجات والخدمات الإنسانية إلى سوريا من خلال إصدار رسائل طمأنة للمنظمات العاملة في الشأن الإنساني”.

وأضاف “ينبغي على الولايات المتحدة أيضاً توضيح الآثار المترتبة على قانون قيصر، وإصدار إرشادات تعالج المخاوف والمفاهيم الخاطئة الشائعة، وإعداد إرشادات للعقوبات مصمَّمة خصّيصاً للشعب السوري من أجل تعزيز الشفافية ورفع الوعي بالإعفاءات والاستثناءات الإنسانية”.

وفي حين أن العقوبات لا تزال مناسبة وضرورية ومبرّرة نظراً لسلوك النظام السوري وحلفائه، يوصي التقرير بشدّة بإجراء تعديلات رئيسية على أنظمة العقوبات من أجل التخفيف من آثارها السلبية على الشعب السوري وتحسين توفير المساعدات الطبية والإنسانية داخل سوريا.

——————————————

تقرير جديد: العقوبات، قانون قيصر، وجائحة كوفيد-19 في سوريا

قال المركز السوري للعدالة والمساءلة اليوم في تقرير جديد أنه “ينبغي تعديل أنظمة العقوبات الحالية المفروضة على سوريا وإعادة معايرتها لتلبية الاحتياجات المستجدّة بشكل كافٍ في سوريا جرّاء جائحة كوفيد-19 وقانون قيصر”.

يُجري التقرير المؤلف من 35 صفحة، بعنوان “العقوبات، قانون قيصر، وجائحة كوفيد-19 في سوريا“، تقييماً دقيقاً للاحتياجات العاجلة في سوريا بناءً على مقابلات أجريت مع خبراء ومحللين ومنظمات تعمل في القطاعين الإنساني والطبي في سوريا. ثم يتناول التقرير العلاقة بين هذه الاحتياجات وفرض عقوبات اقتصادية، بحيث يحدّد المجالات التي يمكن فيها تحسين إجراءات العقوبات والإعفاءات والاستثناءات الإنسانية.

وتخضع العقوبات المفروضة على الحكومة السورية لمزيد من التمحيص في الوقت الذي تسعى فيه سوريا جاهدةً للتعامل مع جائحة كوفيد-19 وانهيارٍ غير مسبوق للعملة. ولقد أدى دخول قانون قيصر المرتقب حيّز التنفيذ في 17 حزيران/يونيو إلى زيادة الجدال الدائر حول ما إذا كان ينبغي رفع العقوبات للحدّ من الآثار السلبية على المدنيين الأبرياء.

ويجد التقرير أن الدعوات لرفع أو تعليق العقوبات ضد سوريا مضللة وتبالغ في تبسيط القضايا المعقدة التي تحول دون توزيع المساعدات الإنسانية بفعالية وإنصاف. والأهم من ذلك، فإن الخطاب المناهض للعقوبات يخفي بشكل متعمد الدور الرئيسي الذي تلعبه الحكومة السورية وحلفاؤها في استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح، بحيث تعيق إيصال المساعدات الطبية في الوقت المناسب، وتعمل على تفاقم الأزمة المالية. وما فَتِئت الحكومة السورية وحلفاؤها تهاجم أهدافاً مدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمرافق الطبية حتى وقت قريب في شهر شباط/فبراير 2020، الأمر الذي يقوّض بشدة مصداقية دعواتها لرفع العقوبات.

ويقول المركز السوري في التقرير أن “من شأن رفع العقوبات أن يُعرّض حقوق الإنسان في البلد للخطر، ويُقوّض الجهود التاريخية الرامية إلى تحقيق العدالة لضحايا الفظائع المتركبة في سوريا، والمساءلة عن جرائم الحرب. وإن حماية حقوق الإنسان وصون جهود العدالة والمساءلة المستمرة أمر بالغ الأهمية ويجب أن يكون محورياً في جميع جهود الإغاثة الخاصة بأزمة كوفيد-19”.

وقال محمد العبد الله، المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة: “ينبغي على السلطات الأمريكية والأوروبية أن تيسّر إيصال المنتجات والخدمات الإنسانية إلى سوريا من خلال إصدار رسائل طمأنة للمنظمات العاملة في الشأن الإنساني”. وأضاف العبد الله: “ينبغي على الولايات المتحدة أيضاً توضيح الآثار المترتبة على قانون قيصر، وإصدار إرشادات تعالج المخاوف والمفاهيم الخاطئة الشائعة، وإعداد إرشادات للعقوبات مصمَّمة خصّيصاً للشعب السوري من أجل تعزيز الشفافية ورفع الوعي بالإعفاءات والاستثناءات الإنسانية”.

وفي حين أن العقوبات لا تزال مناسبة وضرورية ومبرّرة نظراً لسلوك الحكومة السورية وحلفائها، يوصي التقرير بشدّة بإجراء تعديلات رئيسية على أنظمة العقوبات من أجل التخفيف من آثارها السلبية على الشعب السوري وتحسين توفير المساعدات الطبية والإنسانية داخل سوريا.

* ستكون ترجمة التقرير باللغة العربية متوفرة كاملة الأسبوع القادم‎

###

المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC) هو منظمة مجتمع مدني سورية تعمل من أجل دولة سورية ينعم فيها الناس بالعدل واحترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون، حيث يعيش المواطنون من جميع مكونات المجتمع السوري بسلام ودون خوف. وتتمثل رسالته في تعزيز العدالة والمساءلة في سوريا من خلال ضمان توثيق انتهاكات حقوق الإنسان بصورة شاملة، والحفاظ على بيانات التوثيق، وفهرستها، وتحليلها بشكل آمن بهدف تعزيز العدالة الانتقالية وبناء السلام.

للاستفسارات الإعلامية، يرجى الاتصال مع:

للغتين الانجليزية والعربية:

محمد العبد الله

malabdallah@syriaaccountability.org

موبايل: +1-202-704-3215

للغة الانجليزية:

جنفياف زينغ

gzingg@syriaacountability.org

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على info@syriaaccountability.org. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.

————————

================================

======================

تحديث 04 تموز 2020

——————————

نظام الأسد يطبق قانون قيصر على جنوده

أثار قرار وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري، تقليص مخصصات الإطعام لعناصر وضباط الجيش، بما في ذلك مادة الخبز، استياء واسعاً بين موالي الأسد في مواقع التواصل الاجتماعي، عطفاً على كمية التقديس الذي حرص النظام على ترويجها عند الحديث عن صورة الجيش ضمن البيئة الموالية خلال السنوات الماضية.

ودعت الصفحات الموالية والمعلقون إلى وضع سقف لمدة الخدمة العسكرية الإلزامية في البلاد، بدلاً من تركها مفتوحة مثلما هو عليه الحال منذ انطلاقة الثورة السورية العام 2011، بموازاة الحديث عن إلغاء عدد من المواد الغذائية بالكامل من مخصصات الجيش ومنها الرز واللبنة واللبن، وتخفيض حصة الفرد من الخبز بحيث يحصل كل ثلاثة على ربطة واحدة في اليوم.

ووصف المعلقون القرار بأن “الحكومة” تطبق قانون قيصر الخاص بها على “العسكري اللي ضحي بحياتو كرمال البلد”. وكتبت الصفحات الكبرى في “فايسبوك”، بما في ذلك الصفحات التي تطالب بتسريح جنود النظام السوري وتلك التي تختص بنقل أخبار الجيش عبارات متشابهة مثل: “العسكري يلي ضحى بروحو كرمال البلد جايين يطبقوا عليه قوانين وقرارات اقتصادية بتخص اللقمة يلي عبياكلها وما عم تقديه طبعا لأنو مابيقدروا يطبقوا شي ع الفاسدين والحرامية يلي نهبوا البلد وسرقوه”.

وتعد رواتب عناصر الجيش الرسمي منخفضة بالمقارنة مع رواتب عناصر المليشيات الرديفة، من مليشيات محلية تحت اسم “الدفاع الوطني”، ومليشيات طائفية إيرانية وعراقية ولبنانية، كما لا يحصل الجنود فيه على الميزات المتوفرة للشبيحة وعناصر الأمن. فضلاً عن انتشار الكثير من المقارنات بين واقع جنود النظام والجنود الروس في ما يتعلق بنوعية الطعام والمياه والملابس والمعاملة بين الجانبين. وأحدث ذلك أزمة محدودة قبل سنوات، لكن تأثيرها لم يتعدَّ مواقع التواصل الاجتماعي.

وانتشرت قبل أيام صورة لمخصصات غذائية وزعت على عدد من الجنود، وتمثلت بعدد قليل من الخضار شبه الفاسدة مع ربطة من الخبز. ما أثار استياء واسعاً. كما أن القرار الجديد يتبع قرارات سابقة مشابهة، كان آخرها قبل أشهر عندما خفض مخصصات العسكري من الدجاج لتصبح مرتين في الشهر بدل 4 مرات، مع اشتراط “توفر الدجاج” في السوق.

ورغم أن كل ما سبق ليس جديداً بحد ذاته، بل يعد ممارسات يعرفها السوريون جيداً، فإن ترداده بهذه الصورة من الاستياء، يرتبط بحقيقة أن الحديث عن مقاتلي الجيش عموماً في خطاب النظام الإعلامي والدبلوماسي يتسم بشيء من القدسية، حيث يتم استغلال الجنود عادة لتلميع صورة النظام السوري، أمام البيئة الموالية.

على أن الاستخفاف بأولئك الجنود وعائلاتهم بات متكرراً ومستفزاً للموالين، خصوصاً أن النظام السوري سابقاً بتوزيع ساعات حائط ومَواشٍ ومواد غذائية معلبة وصناديق من البرتقال، كتعويضات لأسر القتلى في جيشه، ما يثير سخرية الناشطين باستمرار من تلك الطريقة المهينة في التعامل مع “أبطال النظام”.

وفيما يتم الحديث بشكل محق جيش النظام كميليشيا أسدية تقتل السوريين ويتباهى بعض أفراده بجرائم الحرب المختلفة، فإن ذلك لا ينفي وجود عدد كبير من الشباب السوريين الذين يجبرون على الالتحاق بالخدمة الإلزامية، سواء كانوا موالين للنظام أم لا، ولا يمكن على سبيل المثال، نسيان الصور الصادمة التي انتشرت العام 2018 لاعتقال شباب سوريين واقتيادهم للخدمة العسكرية مكبلين بالسلاسل. ويبرز هنا نوع من الجدل بين السوريين، المعارضين تحديداً، حول إمكانية التعاطف مع هذه الحالات، مقابل التشفي والشماتة من منطلق أنهم قبلوا بالاستبداد وقاتلوا لأجله مهما كانت الأسباب وعليهم بالتالي تحمل نتائج ذلك.

المدن

—————————–

جيش الأسد بلا طعام..تقنين الخبز ووقف الرز واللبن

قررت حكومة النظام السوري رفع أسعار عدد من المواد الغذائية الأساسية المدعومة إلى الضعف بعد قرار مضاعفة سعر تسليم الحوالات الخارجية الذي صدر الشهر الماضي، في الوقت الذي قلصت فيه وزارة الدفاع مخصصات الطعام لعناصر جيش النظام.

وقالت صحيفة “الوطن” التي تصدر في دمشق الأربعاء، إن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك طلال البرازي، وافق على رفع أسعار مادتي السكر والرز اللتين تباعان عبر البطاقة الذكية إلى الضعف، بطلب من المؤسسة السورية للتجارة.

وحسب القرار الجديد، فقد أصبح سعر كيلو السكر المدعوم 800 ليرة سورية بدلاً من 350 ليرة، وكيلو الرز 900 ليرة بدلاً من 400 ليرة.

وربطت المؤسسة السورية للتجارة، وهي مؤسسة تابعة للقطاع العام الحكومي، طلب تعديل الأسعار بصدور قرار من مصرف سوريا المركزي الخاص باستكمال تمويل إجازات استيراد العقود المبرمة مع المؤسسة قبل ال16 من الشهر الفائت، وفق سعر صرف تسليم الحوالات الشخصية، وهو 1250 ليرة للدولار بعد أن كان 700 ليرة سابقاً.

و أصدر “مصرف سورية المركزي” تعميماً إلى كافة المصارف وشركات الصرافة، يتضمن تعديل قائمة المواد الممولة بسعر صرف الحوالات الشخصية والبالغ 1250 ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد.

وأثار رفع أسعار المواد المدعومة الاستهجان في مناطق سيطرة النظام، إذ اعتُبر أنه يماثل ما يجري من عملية رفع الاسعار مع كل زيادة للرواتب، على مبدأ ما تحصل عليه من هنا تدفعه هناك، فيما استغرب آخرون اعتبار الحكومة أن جميع المواطنين في مناطق سيطرة النظام تصلهم حوالات خارجية، وهو أمر لا يتوفر للجميع.

في السياق، علمت “المدن” من مصادر مطلعة أن وزارة دفاع النظام قررت تقليص مخصصات الإطعام لعناصر وضباط الجيش، بما في ذلك مادة الخبز.

وشملت قائمة المواد التي تم الغاؤها من مخصصات الجيش الرز واللبنة واللبن، بينما تم تخفيض حصة الفرد من الخبز بحيث يحصل كل ثلاثة على ربطة واحدة في اليوم، علماً أن قيادة الجيش تدرس تقليص كميات من مواد غذائية أخرى.

ومن المتوقع أن يثير هذا القرار صدمة كبيرة في أوساط الحاضنة الشعبية للنظام المتعاطفة بشدة مع الجيش، الذي ينظر إليه المؤيدون على أنه صاحب التضحيات الكبيرة من أجل بقاء النظام، رغم عدم حصول المنضمين إليه على الميزات المتوفرة للشبيحة وعناصر الأمن.

لمدن

——————————–

ما مصير عماد خميس..وشركائه في النظام والاستخبارات؟/ عقيل حسين

تضاربت المعلومات حول مصير رئيس حكومة النظام السوري السابق عماد خميس، كما تعددت الروايات حول مكان احتجازه والتحقيق معه، لكن الجميع تقريباً يتفق على أنه محتجز منذ إقالته، قبل ثلاثة أسابيع، بتهمة الفساد وتهريب الأموال.

المصادر الموالية للنظام، وكذلك المعارضة، تبنت رواية اعتقال خميس منذ انتشارها قبل أيام، ورغم عدم وجود مصدر رسمي يؤكد هذا الخبر حتى الآن، إلا أن وجود مصلحة للطرفين، المعارضة والنظام، في الترويج لهذا الخبر ساهم بانتشاره على نطاق واسع.

وكان الحديث عن اعتقال المهندس عماد خميس قد بدأ يتردد في أوساط النظام قبل نحو اسبوع، حين نشرت جهات اعلامية موالية خبر إحالته للتحقيق. وكما هو متوقع، فإن التهم التي جرى الحديث عنها منذ البداية تتعلق بالفساد واختلاس الأموال، وهما التهمتان الجاهزتان بالنسبة للنظام بشكل دائم في كل مرة يقيل فيها أحد المسؤولين أو يحيله للتحقيق، لكن هذه المرة كانت تهمة تهريب الأموال المختلسة إلى الخارج ضرورية، بالنظر إلى حساسية هذه المسألة بالنسبة لموالي النظام، الذي يجري إقناعه بأن المشكلة الاقتصادية في سوريا هي نتيجة تهريب النقد إلى خارج البلاد، الأمر الذي أحدث تفاعلاً كبيراً من قبل البيئة الحاضنة للنظام مع الخبر، لكنه تفاعل بقي حذراً طالما أن (الدولة) لم تعلن رسمياً بعد.

تقول المعلومات المتداولة، إن عماد خميس متهم بجمع 400 مليون دولار بطرق غير شرعية حصل عليها من صفقات مشبوهة، أبرزها عقد انشاء معمل لتصنيع قطع غيار السيارات مع شركة إيرانية، بينما تكشف مصادر في المعارضة ل”المدن”، أن خميس حاول تهريب هذا المبلغ الضخم إلى خارج البلاد قبل أن يكتشف النظام خطته ويعتقله.

وتضيف هذه المصادر، أن النظام ليست لديه مشكلة بأن يكون رئيس الحكومة المقال قد جمع ثروة معقولة خلال فترة تسلمه لهذا المنصب، لكن مشكلته هي في اخفاء قيمة هذه الثروة وعدم إطلاعه عليها ومشاركته بها، ما يُعتبر، وفق محددات النظام، استغفالاً له وطعناً بظهره، وهو أمر لا يمكن أن يتسامح معه، لذلك سارع إلى فتح تحقيق مع خميس من أجل استعادة ما اختلسه من أموال، لكن ليس لخزينة الدولة.

وإذا كانت الروايات قد اتفقت على اعتقال عماد خميس وإحالته للتحقيق، إلا أنها اختلفت حول مكان احتجازه والجهة التي تحقق معه.

الرواية الأولى تقول إن “رئيس الوزراء السابق موجود في سجن عدرا بريف دمشق، ويخضع للتحقيق القضائي حسب الطرق القانونية المتبعة”، لكن هذه الرواية تبدو ضعيفة جداً بالنظر إلى أن سجن عدرا هو سجن مدني مخصص للسجناء والموقوفين العاديين، ولا يمكن أن يحال إليه شخص بحجم رئيس وزراء متهم بالفساد، كما أن عدم منطقية إحالة شخصية بهذا المستوى للقضاء العادي مباشرة ودون المرور بالأجهزة الأمنية والاستخبارات، معطيات تجعل من سيناريوهات احتجازه في مكان آخر أكثر منطقية.

ومع تعدد هذه السيناريوهات، إلا أن وجود عماد خميس في معتقل تابع للحرس الجمهوري هو الأكثر تداولاً، خاصة مع اقحام إسم زوجة رئيس النظام، أسماء الأسد، بالاهتمام المباشر بالقضية، وهو الأمر الذي يضع اشارات استفهام جديدة حول الهدف من ربط قضايا مكافحة الفساد التي يعلن عنها النظام بأسماء الأسد، ما يسهم بإظهارها كشخصية قوية في النظام، وفي مكافحة للفساد تحديداً.

الجزء الآخر من هذا السيناريو يتحدث عن تشكيل رئيس النظام وزوجته لجنة تحقيق موسعة مع عماد خميس، تتألف من قادة في أجهزة المخابرات، على رأسهم اللواء علي مملوك، مستشار بشار الأسد لشؤون الأمن الوطني، وأن التحقيقات أدت حتى الآن إلى اعتراف خميس باختلاس نحو 60 مليون دولار، وليس 400 مليون، لكن الأهم أنها كشفت عن عمليات أخرى كانت غائبة عن أعين أجهزة النظام الأمنية ولم يحصل منها كبار القادة على حصتهم المقررة في مثل هذه الحالات.

وإذا كانت التحقيقات قد كشفت أيضاً عن اسماء أخرى متورطة مع عماد خميس في الصفقات (التي جرت في الظلام)، وأدت إلى اعتقال عدد من هذه الشخصيات بالفعل، فإن المفاجأة الأهم هي باكتشاف التحقيقات أن أحد أعضاء لجنة التحقيق، وهو العميد ابراهيم الوعري، نائب رئيس شعبة الاستخبارات، كان شريكاً لخميس في إحدى الصفقات، ما أدى إلى عزله من اللجنة.

وعن سبب عدم اعتقال الوعري، يقول المصدر المعارض، وهو مسؤول كبير منشق عن النظام، إن هذا يؤكد مجدداً أن النظام لا مشكلة لديه في وجود الفساد، بل هو إحدى القواعد الأساسية التي يقوم عليها النظام ذاته، مشكلته الأساسية تكون في تحدي النظام أو استغفاله، كما حصل في قضية خميس. أما بالنسبة لنائب رئيس شعبة المخابرات، فإن هذه القضية ستستخدم ضده في وقت لاحق حتماً، وليس بالضرورة في الوقت الحالي، وهي سياسة متبعة لدى النظام.

ويكشف المصدر ل”المدن”، أن الوعري ليس الشخص الوحيد الذي تم الكشف عن اشتراكه في شبكة الفساد التي تعامل معها عماد خميس، بل هناك عدد آخر من الوزراء والمديرين والتجار ورجال الاعمال الذين وردت اسماؤهم في التحقيقات وتم التغاضي عنهم لاعتبارات متعددة، بعضها شراكتهم مع ماهر الأسد والفرقة الرابعة، وبعضها ارتباط أصحابها بإيران أو روسيا، وبعضها تتعلق باستمرار حاجة النظام لهم.

وفي ما يتعلق بالروايات التي تحدثت عن قتل أو انتحار أو وفاة عماد خميس خلال التحقيقات، نفى المصدر المعارض أن يكون خميس قد تعرض لأي عنف أثناء التحقيقات التي ما تزال جارية منذ اعتقاله حتى الآن. وأكد، حسب المعلومات التي توفرت له حول الموضوع، أنه لا صحة للمعلومات التي تحدثت عن وفاته تحت الضغط أو التعذيب كما أشاع البعض، ولا دقة للحديث عن (انتحاره) الذي يبقى وارداً بالطبع، لكن ليس قبل حصول النظام على كل ما يريد الحصول عليه منه، فعماد خميس بالنهاية ليس رامي مخلوف ولا يمت لآل الأسد بقرابة تحصنه من التصفية.

لا يبدو إذاً مصير محمود الزعبي، رئيس الوزراء الأسبق الذي قضى “منتحراً” بعد أيام من إقالته من منصبه عام 1999 مستبعداً بالنسبة لعماد خميس، و”منتحراً” تعني بالطبع التصفية من قبل النظام، على الرغم من أن احتمال نجاة الأخير من هذا المصير تظل واردة، لأي سبب كان.

إلا أنه وبغض النظر عن المصير الذي سينتهي إليه رئيس الحكومة السابق، فإن ذلك لن يغير من حقيقة أن السوريين في ظل هذا النظام، سيبقون بالفعل أمام “حكومات الزعبي المتلاحقة” كما وصفها عضو مجلس الشعب الحالي، والصحافي الموالي للأسد، نبيل الصالح، في إشارة واضحة إلى أن المشكلة ليست في الوزراء والمديرين، بل في النظام السياسي والأمني ذاته، وهو ما يدركه جميع الموالين لهذا النظام طبعاً، لكن أحداً منهم لا يجرؤ على الإعلان عن هذه القناعة.

المدن

———————————–

======================

=======================

تحديث 07 تموز 2020

—————————————

دمشق تغرق في الفقر والغلاء… والنظام يخدع السوريين/ عبد الله البشير

تحولت العاصمة السورية دمشق إلى مدينة تغص بالفقراء، خاصة في الأحياء الشعبية والعشوائية، وسط الفساد المستشري في نظام بشار الأسد، بعد أن أصبح قانون قيصر شماعة يعلق عليها النظام أسباب تردي الواقع المعيشي والفقر.

وفي المقابل تتوفر كل سبل الرفاهية من سلع رئيسية وخدمات للمقربين من النظام والشخصيات المتنفذة فيه، الذين يدعون بدورهم المواطنين الباحثين عن لقمة العيش للصمود مرددين أسطوانة المؤامرة، حسب ما قاله مواطنون لـ”العربي الجديد”.

المواطن سليم أبو عزام، 45 عاما، تحدث من العاصمة دمشق لـ”العربي الجديد” عن معاناته في الحصول على المواد التموينية في دمشق.

وقال: “نقف بالساعات على طوابير المؤسسات الاستهلاكية لنوفر في سعر السكر، الذي يبلغ 1500 ليرة (0.6 دولار) في السوق للكيلو الواحد. نعاني كثيرا ونحاول توفير أي مبلغ حتى ولو كان زهيدا، وننتظر بالساعات أحيانا لتوفير 50 أو 100 ليرة سورية (0.02 – 0.04 دولار) بسبب ضعف الدخول وظروفنا الصعبة”.

المواطنة ابتسام التي تعمل مدرسة وتقيم في حي الزاهرة بمدينة دمشق تحدثت عن الواقع الصعب الذي تعيشه حاليا مع عائلتها. وقالت لـ”العربي الجديد”: الغلاء وصل لكل شيء، وعلينا أن نجري عملية حسابية يومية معقّدة لاختيار الطعام الذي يجب طهوه أو المواد الواجب شراؤها والتي تناسب قدرتنا الشرائية الضعيفة.

وأضافت ابتسام: اليوم على الأقل تحتاج العائلة السورية نحو 400 ألف ليرة سورية (160 دولار) شهريا لشراء المواد الأساسية فقط، وهذا المبلغ لا يتوفر سوى أقل من ربعه لدى الكثير من العوائل في العاصمة دمشق.

وحسب مراقبين، يسعى النظام السوري إلى التلاعب بالمواطن عبر الوعود البراقة والتصريحات الإعلامية المطمئنة من أجل امتصاص احتقان الشارع بسبب تدهور الأوضاع المعيشية والغلاء الفاحش لمختلف السلع الضرورية.

مصدر مطلع في العاصمة دمشق أوضح لـ”العربي الجديد” أن: “النظام يخدعنا، فمدير المؤسسة السورية للتجارة أحمد نجم، أعلن عن رفع سعر كيلو السكر من 300 (0.12 دولار) لـ 800 ليرة (0.32 دولار)، وكيلو الأرز من 400 ليرة سورية (0.16 دولار) ليبلغ 900 ليرة (0.36 دولار)، ليعلن بعدها وزير التجارة طلال البرازي، أنه تم إجراء عدة اجتماعات ولقاءات مكوكية ومباحثات لتخفيض سعر كيلو السكر، ليبلغ 600 ليرة (0.24 دولار)، وكيلو الأرز 700 ليرة (0.28 دولار).

وأضاف المصدر: “اعتبر المسؤولون أن هذا الأمر مكرمة من الحكومة، في حين هي خديعة للمواطن من قبل هذه الشخصيات، والهدف الأساسي منها هو رفع الأسعار وتضييق الخناق على الفقراء”.

وتابع: “الأهالي هنا يتجمعون أمام المؤسسات الاستهلاكية التابعة للمؤسسة العامة للتجارة للحصول على حصصهم من السكر بحسب عدد الأفراد، حيث تقدر حصة الفرد الواحد كيلو غرام شهريا، بينما تبلغ حصة العائلة 4 كيلوغرامات كحد أعلى، حتى لو تجاوز عدد أفرادها الأربعة أشخاص”.

ولفت المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن الوضع سيئ بكل المقاييس في الوقت الحالي، فالخبز يوزع في دمشق عبر البطاقة الذكية، الأمر الذي زاد من مشاكل الحصول عليه، بينما في باقي المحافظات تم تخفيضه بنسبة 20 في المائة تقريبا، وهذا الأمر تسبب بازدحام كبير.

وتابع: “تبدأ طوابير المواطنين للحصول على الخبز بالتجمع على أفران مدينة دمشق منذ بدء عملها في ساعات الصباح الأولى، حتى إغلاقها، كما تم رفع سعره عن طريق المعتمدين، فسعر الربطة المقدر من قبل النظام بـ50 ليرة سورية (0.02 دولار) يباع عند المعتمد بـ65 ليرة (0.026 دولار)، بينما تباع في السوق بمائة ليرة، وفي حال تم تغليفها بكيس من النايلون، يصل سعرها لمائتي ليرة سورية (0.08 دولار) وهذا المبلغ يساوي أضعاف سعرها الرسمي”.

وسبق أن ألغت وزارة التجارة الداخلية دعم مواد تموينية عن طريق البطاقة الذكية، ومنها الزيت النباتي الذي يصل سعره في السوق لنحو 4000 آلاف ليرة سورية (1.6 دولار) بعد أن كان سعر اللتر الواحد يقدر بنحو 750 ليرة (0.3 دولار) قبل ثلاثة أشهر. كما ألغت الوزارة دعم الشاي، الذي يتراوح سعر الكيلو غرام الواحد منه حاليا في دمشق ما بين 15 و20 ألف ليرة (6 – 8 دولارات) بحسب النوعية، الأمر الذي يكلف المواطنين هنا أعباء إضافية.

وحسب المصدر: “يعتمد الكثير من أهالي مدينة دمشق على الأموال المرسلة من المغتربين، وإلا سيعيشون على الخبز أو بعض المواد والوضع جدا سيئ.

وتعاني دمشق حاليا من أزمة غاز طهو، فكل شهرين يتم توزيع جرة غاز فقط، وهي بالأساس تكفي ما بين 20 و25 يوما فقط، وهناك تخفيض وزن غير معلن لها، وكثير من عائلات تنتظر ثلاثة أشهر للحصول على أسطوانة غاز الطهو في الوقت الحالي”. وما زاد من معاناة السوريين تدهور الليرة مقابل الدولار الأميركي ولا سيما بعد بدء تطبيق قانون قيصر الأميركي.

ويعتبر الواقع المعيشي في مدينة دمشق الأسوأ من نوعه بين المحافظات السورية التي تقع تحت سيطرة الأسد، نظرا لحالة الفساد المتفاقمة وعمليات التضييق التي يمارسها النظام على المواطنين بشكل مستمر.

العربي الجديد

————————–

دراسة إسرائيلية: “20 سنة على حكم بشار الأسد… قيمة الرئيس والليرة السورية في حضيض تاريخي

قالت دراسة إسرائيلية صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إن النظام الحاكم في سوريا لم يشهد ضعفا كالوضع الراهن معتبرة ذلك نافذة فرصة كي يقوم العالم بتثبيت الأوضاع السورية وربما بدون بشار الأسد.

وتقول الدراسة الإسرائيلية بعنوان “20 سنة على حكم بشار الأسد… قيمة الرئيس والليرة السورية في حضيض تاريخي” إن الرئيس السوري بقي في الحكم رغم عقد عاصف ودموي لكن نظام حكمه بعيد عن أن يكون مستقرا نتيجة أزمة اقتصادية متفاقمة وتداعيات وباء كورونا وتصدعات في العلاقات مع حلفائه، منوهة أن كل ذلك ينطوي على فرصة للمجتمع الدولي لتثبيت أوضاع سوريا المتشظية  ودفعها لمسار مدني وسياسي مستقر وربما بدون الأسد.

وترى الدراسة الإسرائيلية أنه بعد 20 عاما على انطلاق حكم بشار الأسد، يجد نفسه يواجه تحديات حكم وسيادة خلفتها الحرب الأهلية غير المنتهية، علاوة على الحرب والتدمير الذي لحق بالبنى التحتية وتواجد الغرباء على الأرض السورية، وفقدانه السيطرة على شرق البلاد وشمالها خاصة في منطقة إدلب.

وكل ذلك على خلفية أزمة اقتصادية قاسية متزايدة وعقوبات أمريكية جديدة واحتجاجات أهلية وتصدعات أولية في العلاقات مع الحلقة القريبة للنظام.

وتشير الدراسة إلى شعارات يطلقها السوريون في مدن سورية مثل “خائن من يجوّع شعبه” و”لا أستطيع التنفس” و”الثورة مستمرة” و”الصحافة السورية كاذبة” و”نريد الحياة” و”سوريا سوريا حرة إيران وروسيا برا ” و”سوريا لنا لا للأسد”.

وتقول الدراسة إنه مع  انتهاء في المرحلة القتالية الأهم في سوريا، ترتفع التوقعات والمطالب الجماهيرية، معتبرة ذلك من عوارض خلخلة أركان النظام الحاكم ومن عوارض ضعف بشار الأسد مقابل التحديات الجمّة التي تواجهه.

جبل العرب

وفي سياق الحديث عن الأزمة الاقتصادية، تشير الدراسة إلى ما تشهده مدينة السويداء عاصمة جبل العرب ومعقل العرب السوريين الدروز الذين وقفوا إلى جانب بشار الأسد، وتقول إنهم يطالبون في الشهور الأخيرة بتحسين الأوضاع الاقتصادية وشروط الحياة. منوهة أن السكان المحليين في جبل العرب كما في مواقع أخرى في الشرق الأوسط يحتجون على النفوذ الإيراني، وينشطون ضد النظام الحاكم.

وأشارت الدراسة إلى أنه في خلفية هذه الاحتجاجات، استمرار تدني قيمة الليرة السورية التي وصلت إلى 3500 ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء، بعدما كانت 47 ليرة مقابل الدولار الواحد قبيل اندلاع الثورة، مما يؤدي لإغلاق محال تجارية وغلاء المعيشة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بـ50% فيما يعيش 80% من الشعب السوري تحت خط الفقر، ويزداد الطين السورية بلة بسبب الأزمة في لبنان أيضا.

وتشير الدراسة الإسرائيلية للعقوبات الأمريكية الثقيلة المعروفة بـ“قانون قيصر” والذي يسميه النظام الحاكم وروسيا “الإرهاب الاقتصادي” وفي نطاقه يتم فرض 39 نوعا من العقوبات.

وتقول الدراسة إنه ضمن مساعي الأسد لمواجهة الأزمة، قام الشهر الماضي بإقالة رئيس الحكومة السورية عماد خميس، واستبدله بوزير الموارد المائية حسين عرنوس، مما يعكس الشعور بالتهديد الذي يساور الأسد نتيجة الاحتجاجات الشعبية المتجددة والأزمة الاقتصادية المتفاقمة، مثلما أنها كانت محاولة لتمرير رسالة بأن خميس هو من يتحمل مسؤولية الوضع المتردي أكثر من الأسد نفسه.

وتضيف دراسة معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب: “خوف الأسد الأكبر هو تصدعات في علاقاته مع فئات سكانية داعمة له واجتازت عثرات الحرب وتبعاتها، لكنها الآن تتعرض لأضرار اقتصادية، وهذا يتجلى في منتديات التواصل الاجتماعي”.

كما تشير الدراسة إلى إنه ورغم صعوبة الاطّلاع على الواقع الحقيقي لعدوى كورونا في سوريا، هناك تقديرات تؤكد تعمق أزمة الثقة بين الشعب والقيادة نتيجة انتشار العدوى. وترى أن مصدر هذه الأزمة في الثقة ترتبط بسياسات التحريض الرسمية للنظام ووسائل الإعلام الموالية له وبالعلاج الانتقائي للجائحة، إذ تتواصل رحلات الطيران من إيران المصابة بتفشي الفيروس إلى سوريا، ودخولٍ حرّ لعناصر المليشيات الشيعية في ذروة تفشي كورونا.

وتضيف الدراسة: “أظهرت كل هذه الأمور أن المصالح الذاتية والسياسية والعسكرية للأسد تغلب اعتبارات السلامة للسوريين”. وتعتبر أن “تفشيا متسارعا للكورونا في سوريا من شأنه أن يشكّل حافزا إضافيا لاحتجاجات شعبية واسعة”.

تصدعات الحلقات القريبة

وضمن الحديث عن التصدعات بين النظام وبين البطانة الاجتماعية السياسية، تشير الدراسة للصراع المتفجر بين بشار الأسد وابن خالته رامي مخلوف، الذي يعتبر من أثرياء الفساد بعد حيازته وإدارته لشركة الهواتف الخليوية الأكبر في سوريا “سيرياتل” وأحد أكبر مستوردي النفط ومنتوجات أخرى.

وتستذكر أن مخلوف دعم اقتصاديا وعسكريا النظام الأسدي الحاكم طيلة سنوات الثورة، وتصدعت العلاقات بينهما بعدما طولب بدفع ثلاثة مليارات دولار، وعندها بدأ النظام باعتقال موظفيه وعامليه ومصادرة أملاكه.

وتشير لرد مخلوف على ذلك بأشرطة فيديو يسخر فيها من خطوات بشار الأسد والمخابرات السورية التي حظيت بدعمه في الماضي، معتبرة أن هذا الخلاف يعكس التوتر بين بشار الأسد والدائرة المقربة منه، ويعبّر بالأساس عن الضغط الاقتصادي الملازم للنظام اليوم.

تدخل الغرباء

وحسب الدراسة الإسرائيلية أيضا تعكس الاحتجاجات الشعبية من جملة ما تعكسه الغضب من استمرار تدفق وتدخل الغرباء، منوهة لتزايد النفوذ الروسي من خلال إقامة قواعد عسكرية جديدة والاستيلاء على الأرض وعلى السواحل والموانئ السورية.

وترى الدراسة أن تجنيد جنود سوريين للقتال في ليبيا إلى جانب قوات حفتر المدعوم من قبل روسيا تعكس طموحها بتحويل سوريا لمركز نشاطها وصراعاتها الإقليمية.

وتنوه أنه في خلفية هذه الخطوات، تُسمع انتقادات متزايدة غير مسبوقة في روسيا، توجه للنظام السوري ولأدائه، حيث يوصف بشار الأسد بالحاكم الضعيف، معتبرة ذلك محاولة روسية لابتزازه نحو المزيد من الغنائم الاقتصادية وللتمهيد لاستبداله. وتتابع: “بكل الأحوال فإن هذه الانتقادات وتوقيتها تثقل على وضع الأسد”.

وتشير الدراسة الإسرائيلية لوجود جدل آخر في سوريا حول النفوذ الإيراني الذي  يتقلص في الشهور الأخيرة وفق تقارير تنشر في الولايات المتحدة وإسرائيل. وتضيف: “بصرف النظر إذا كانت إيران تسحب بعض قواتها من سوريا أم لا، فإنه من الواضح أنها تقوم بإعادة تشكيل انتشارها في الأراضي السورية وتجعله علنيا على الأقل وذلك من خلال دمج نشاطها في أجسام عسكرية سورية وتغطية اقتصادية ومدنية لفعالياتها العسكرية وتجنيد ناشطين محليين موالين لها”. منوهة أن خفض صوت النشاط الإيراني في سوريا يخدم نظام الأسد من ناحية تقليص صورته كمجرد دمية إيرانية، مما يقلل ربما الهجمات الإسرائيلية، وكذلك موسكو التي ينظر لها المجتمع الدولي كمسؤولة عن كبح جماح النشاط الإيراني.

وتتابع دراسة معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب: “عمليا فإن إيران وروسيا هما من أنقذ الأسد من انهيار وسقوط نتيجة الثورة، وهما تقلصان قدرات سيطرته في كل سوريا، واليوم لا تملكان قدرة حقيقية على إنقاذه من الأزمة الاقتصادية التي تورطت بها البلاد”.

سوريا بلا الأسد؟

وترى الدراسة أيضا أن تركيا أيضا تشكّل حجر عثرة في طريق الأسد لاستكمال سيطرته على الأرض السورية، كونها تسيطر فعليا على مناطق في الشمال السوري، وتحول دون احتلال إدلب، وبادرت لاعتماد الليرة التركية فيها لحماية سكانها من انهيار الليرة السورية، وهكذا ضاعفت أنقرة مساسها بصورة الأسد كرئيس حقيقي يؤدي وظيفته.

وتعتبر الدراسة الإسرائيلية أن ضعف الأسد وهشاشة نظامه نافذة فرص جديرة باستغلالها من قبل المجتمع الدولي برئاسة الولايات المتحدة، منوهة لارتكاب الأسد جرائم حرب وتسببه بكوارث إنسانية كبيرة، ولتسليم المجتمع الدولي باستمرار حكمه، ولكن في ضوء سلسلة الحوادث الأخيرة التي نالت من قوة وهيبة النظا،م وتراجع الدعم الروسي له لابد من تقييم جديد للسياسات المنتهجة حياله.

وتقول الدراسة إن إسرائيل تدير صراعا ضد تمركز القوات الإيرانية في سوريا، فيما تصعّد الولايات المتحدة عقوباتها الاقتصادية ضد نظام بشار الأسد، معتبرة أن الحلقة المفقودة هنا تتمثل بخطوة دبلوماسية بقيادة واشنطن بدلا من مبادرات دبلوماسية أخرى ضعيفة فشلت حتى الآن بإنهاء الحرب داخل سوريا، ودفعها لمسار سياسي ومدني وترميمها اقتصاديا.

وتؤكد الدراسة أن مثل هذه الخطوة الدبلوماسية تحتاج تعاونا وثيقا بين الولايات المتحدة وروسيا المعنية هي أيضا بإنهاء الحرب في سوريا، وتعزيز البلاد وسط استغلال  المصالح المشتركة مع تركيا. وتخلص الدراسة الإسرائيلية للقول إن جدوى هذه الخطوة ستكون من جملة ما تكون تعزيز نظام يقوم أكثر على المساواة والتمثيل، وإقامة انتخابات سورية نزيهة تحت رقابة دولية، ودمج إصلاحات دستورية وتطبيق خطة واسعة لترميم البلاد بدعم إقليمي ودولي.

وتضيف: “في الظروف الراهنة يبدو كل خيار سلطوي آخر في سوريا أفضل من الوضع الراهن ومن المفضل القيام بذلك الآن”.

القدس العربي

—————————————

قانون قيصر” لن يطيح بنظام الأسد

محللون يتوقعون صمود النظام أمام العقوبات، فعائلة الأسد اعتادت مثل هذه الصعاب.

واشنطن – هناك دلائل على أنه من الممكن أن يفقد الرئيس السوري بشار الأسد الدعم والمساندة من جانب عائلته، بما في ذلك رامي مخلوف، ابن خاله. ويعتبر مخلوف الذي يسيطر على قطاع الاتصالات في سورية، أغنى رجل في البلاد.

وفي ظل العقوبات الأميركية التي تسبب عزلة لإيران، الحليف الرئيسي لنظام الأسد، وفي ظل الانهيار الاقتصادي الذي يجتاح لبنان، حيث يوجد ما قيمته 40 مليار دولار من الأصول السورية والتي تعد حلقة الوصل الرئيسية بين سورية والاقتصاد العالمي، فإن الحكومة السورية في حاجة ماسة للسيولة النقدية .

وتقول الكاتبة كالي روبنسون في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأميركي إنه من أجل تعزيز خزائنها، طالبت الدولة بمئات الملايين من الدولارات من قيمة الضرائب المتأخرة من الشركات التي حققت أرباحا من وراء الحرب، بما في ذلك شركات مخلوف.

ومنذ ذلك الحين ثارت خلافات بين الأسد ومخلوف، وانتقد مخلوف الأسد علانية. ويقول الخبراء إنه من الممكن أن تكون هذه نقطة تحول، حيث إن مخلوف شخصية محبوبة وذات نفوذ، فمئات الآلاف من السوريين يعتمدون في معيشتهم على شركاته، وميليشياته وجمعياته الخيرية.

وقد حذا أفراد آخرون من العائلة حذو مخلوف في انتقاد النظام، ومن الممكن أن يشعر المزيد من السوريين بالجرأة لأن يفعلوا نفس الشيء.

وهذا الاقتصاد المرهق يقلق السوريين، كما يقلق الحكومة، فأكثر من 80% من السوريين يعيشون في براثن الفقر، وانخفضت قيمة العملة السورية انخفاضا شديدا من 700 جنيه مقابل الدولار في يناير إلى 3500 جنيه في يونيو الماضي. واندلعت الاحتجاجات في المدن التي يسيطر عليها النظام- حيث من النادر أن يظهر المواطنون هناك أي اعتراض- و طالب مئات المتظاهرين بتنحي الأسد.

ولم تشهد البلاد مظاهرات بهذا الحجم منذ احتجاجات الربيع العربي التي طالبت بالإصلاح الديمقراطي.

ويقول رايم ألاف، وهو خبير في الشؤون السورية، إن عددا متزايدا من السوريين يعتقد الآن أن حكومة الأسد عاجزة عن تحقيق الإصلاح ويفضلون رحيلها. ولكن النظام لا يتساهل، وبدأ في اعتقال المحتجين وتنظيم احتجاجات مضادة.

وأقوى تهديد للنظام هو قانون حماية المدنيين في سورية( قانون قيصر)، وهو قانون أقره الحزبان الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة وبدأ تنفيذه يوم 17 يونيو، ويفرض القانون عقوبات على أفراد عائلة الأسد، وكذلك على أي كيان في العالم يستثمر في المناطق التي يسيطر عليها النظام.

ويتطلب إلغاء القانون وقف النظام هجماته الجوية ضد المدنيين، وأيضا وقف استخدام الأسلحة الكيماوية، والسماح من جديد لجماعات حقوق الإنسان بالوصول إلى جميع أنحاء البلاد، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، والسماح للنازحين السوريين بالعودة إلى ديارهم، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب.

ويهدف القانون إلى معاقبة الكيانات من أي جنسية، وإلى تراجع الدول من كل أنحاء العالم من السعي لعقد صفقات إعادة إعمار وتطبيع العلاقات مع سورية. كما أنه يصعد من الضغط على الأسد للسماح بانتقال سلمى للسلطة، تدعو إليه الأمم المتحدة منذ عام. 2015

ويشعر بعض المحللين بالقلق من أنه من المرجح أن تلحق التكاليف الاقتصادية ضررا بالمدنيين السوريين. ولتخفيف معاناتهم، يسمح القانون بوقف العقوبات بالنسبة للمنظمات الإنسانية، وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم حوالي 700مليون دولار مساعدات إضافية، تشمل المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وتقول منى يعقوبيان، من معهد السلام الأميركي، إنه من الممكن القيام بالكثير للتأكد من أن العقوبات تلحق الضرر بالنظام فقط، ويشمل ذلك ترشيد عملية الإعفاء من العقوبات بالنسبة لمنظمات المساعدات، وتجنب العقوبات التي تعرقل عمليات إمداد المساعدات، وتقديم المزيد من المساعدات للاجئين في لبنان حيث يوجد أكبر عدد من النازحين السوريين في العالم.

ورغم هذه التهديدات الجديدة، يتوقع كثير من المحللين أن يصمد النظام أمامها. فعائلة الأسد اعتادت مثل هذه الصعاب، لذلك من الممكن أن يكون لدراما الأسد- مخلوف تأثير ضئيل في نهاية الأمر.

وكما أظهرت الحكومة من قبل، فإنها لا تتوانى عن قمع المحتجين، وهو ما يمكن أن تفعله مرة أخرى لتجنب اندلاع ثورة جديدة في خضم أزمتها المالية. كما يمكن للنظام التغلب على “قانون قيصر” عبر استغلال النخب وثيقة الصلة بها، وأمراء الحرب، والوسطاء المحليين لممارسة النشاط التجاري مع شمال البلاد الذي يسيطر عليه المتمردون، والذي لا تنطبق عليه العقوبات، كما قال خضر خضور، من مركز كارنيجي الشرق الأوسط.

وعلاوة على ذلك، لا يزال الأسد يتمتع بدعم إيران وروسيا، الدولتين اللتين ساعدتاه في استعادة معظم أنحاء سورية.

وتقول يعقوبيان إن هذا يكفي لتجاوز العاصفة، مضيفة: ” لا اعتقد أن هذه العقوبات كافية لإسقاط النظام…للأسف، إنها تعني فقط المزيد من المعاناة للمدنيين العاديين”.

——————————————

=======================

============================

تحديث 11 تموز 2020

———————————————

أميركا تهدد روسيا بزيادة كلفة «المستنقع السوري»

4 رسائل في «قانون قيصر» لتحقيق 6 شروط بينها قطع العلاقة العسكرية بين دمشق وطهران

لندن: إبراهيم حميدي

الرسالة التي ينقلها مسؤولون أميركيون، علنا وسرا، إلى الجانب الروسي، هي: إما العمل سوية للوصول إلى تسوية تضمن «تغيير سلوك النظام السوري» بأمور جيوسياسية وداخلية لتنفيذ ستة شروط بينها 4 شروط تعود إلى ما قبل 2011، وإما «زيادة تكلفة المستنقع السوري» مع تذكير موسكو بتجربة الأميركيين في العراق و«السوفيات» في الحرب الأفغانية منذ 1979 التي ورثتها واشنطن وحلفاؤها إلى الآن.

– الشروط الستة

في بداية 2018، قدم المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري ونائبه جويل روبرن سلسلة مقترحات للرئيس دونالد ترمب إزاء الملف السوري، وتمت الموافقة عليها وشملت ستة شروط أميركية لـ«التطبيع» مع الحكومة السورية، هي: 1) وقف دعم الإرهاب. 2) قطع العلاقات العسكرية مع إيران وميليشياتها. 3) التوقف عن الأعمال العدائية ضد الدول المجاورة. 4) التخلي عن أسلحة الدمار الشامل والبرنامج الكيماوي، بطريقة قابلة للتحقق. 5) أن تغير الحكومة السورية الوقائع على الأرض بطريقة تسمح للنازحين واللاجئين للعودة في شكل طوعي، ما يعني تطبيق القرار الدولي 2254. 6) محاسبة مجرمي الحرب.

وقال روبرن في ندوة أول من أمس، إن الشروط الأربعة الأولى، هي مطالب أميركية تعود إلى ما قبل مرحلة بدء الاحتجاجات في بداية 2011. وأضاف «هذه مطلوبة من أي حكومة سورية. يذهب الأشخاص ويأتون، ولا بد لأي حكومة سورية أن تلتزم هذه الشروط لأنها تمس الأمن القومي الأميركي». وكان جيفري قال الشهر الماضي: «لم أر نظاما (أكثر من السوري) يمثل تهديداً أكبر من ذلك على منطقته، وعلى الفكرة الأميركية بشأن الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه العالم».

هذه الشروط الستة، باتت جزءا محوريا من مضمون «قانون قيصر» الذي أقره الكونغرس ووقعه الرئيس ترمب نهاية العام الماضي، وبدأ تنفيذه منتصف يونيو (حزيران) الماضي.

– أدوات الضغط

تمسك واشنطن مجموعة من «الأوراق» للضغط نحو تحقيق هذه المطالب، وهي: 1) الوجود العسكري في شمال شرقي سوريا. وكان جيفري وروبرن، بين الذين شجعوا الرئيس ترمب على الإبقاء على حوالى 500 جندي شرق الفرات وأكثر من مائة في قاعدة التنف بعد قراره الانسحاب من سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. 2) تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي للغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية وسوريا. 3) الضغط على الاتحاد الأوروبي لإبقاء عقوباته الاقتصادية ومنع التطبيع الدبلوماسي مع دمشق. 4) منع الدول العربية من إعادة دمشق إلى الجامعة العربية أو استعادة العلاقات الثنائية السياسية أو الدبلوماسية معها. 5) دعم جهود أنقرة في منع إعادة قوات الحكومة السورية إلى شمال غربي البلاد والعمل لتحويل هدنة إدلب إلى وقف نار شامل على مستوى البلاد. 6) تنسيق الموقف السياسي مع الدول الغربية والعربية في الأمم المتحدة إزاء ملفي السلاح الكيماوي وانتهاكات حقوق الإنسان وفتح ملف المحاسبة (ستعقد جلسة في مجلس الأمن لهذا الغرض). 7) دعم عملية السلام بقيادة المبعوث الأممي غير بيدرسن لإجراء إصلاح دستوري وتنفيذ القرار 2254. 8) تصعيد العقوبات الاقتصادية الأميركية، وكان آخرها عبر تنفيذ «قانون قيصر» بدءا من منتصف يونيو الماضي.

– رسائل «قيصر»

حسب مسؤولين أميركيين، فإن «قانون قيصر»، تضمن بعث أربع رسائل، هي: 1) قانون صدر من الكونغرس الأميركي، بالتالي فإنه يعبر عن السياسة الأميركية بعيدا من الانقسامات السياسية. وقال روبرن: «الضغط على (الرئيس بشار) الأسد وحلفائه، ليس مسألة خلافية في واشنطن. هناك إجماع على هذا الشيء. أي شخص كان يحلم أو يروج لفكرة احتمال تغيير السياسية الأميركية، فإن هذا أصبح وهماً بعد الآن، حتى لو حصل تغير بعد الانتخابات الرئاسية» في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. 2) «وهم الانتصار العسكري»، حسب روبرن. ويضيف: «كان النظام يقوله للموالين: اصمدوا معي وحاربوا معي. عندما نسيطر عسكريا على الأرض، فإن الأموال ستتدفق ونستفيد جميعنا. الآن، هذا ليس حقيقيا. ليس هناك ضوء في نهاية النفق ولن تعود الأمور إلى ما كانت عليه». 3) رسالة إلى دول المنطقة، منه أنه «إذا قررتم الاستثمار في مناطق النظام في سوريا، فستعرضون أنفسكم للعقوبات وستحرمون من النظام المالي الأميركي. عمليا، حرمان النظام من أي استثمارات خارجية في الإعمار أو غيره». هنا، تحاول واشنطن استثناء شمال شرقي سوريا وشمالها الغربي «حيث نشجع الاستثمار فيهما ونعاقب من يستثمر مناطق النظام». وكان مسؤولون أميركيون واضحين في حديثهم مع «الأصدقاء العرب والإقليميين: لا استثناء لأحد. ودعونا نتعاون لمعرفة الحدود الممنوعة»، حسب دبلوماسي غربي. 4) ردع الآلة العسكرية. ويوضح روبرن: «صحيح أن عملية تحقيق العدالة والمحاسبة تسير عادة ببطء، لكن رسالتنا: لن ننسى أبدا. الآن، سيكون في عقول الموالين، أن يوم الحساب سيأتي عاجلا أم أجلا، ولا بد أن يغير هذا من حساباتهم».

– «المستنقع السوري»

يعتقد المسؤولون الأميركيون أن هذه «الأدوات» ستغير في التفكير الروسي على المديين المتوسط والطويل. لذلك، فإنهم سيواصلون فرض العقوبات الاقتصادية تحت «قانون قيصر»، بحيث سيكون الصيف المقبل هو «صيف قيصر» بإدراج مائة شخصية وكيان على القائمة السوداء، بهدف «زيادة تكلفة المستنقع السوري».

وكان جيفري قال إن الروس ليس لديهم «مخرج سياسي» لمشكلاتهم في سوريا. وأضاف «مهمتنا هي تقديم حل إليهم من خلال منظمة الأمم المتحدة ودعمنا لها، لكن ذلك يتطلب النأي بأنفسهم ولو بقدر ما عن الأسد والإيرانيين». ويعتقد روبرن أن الروس قادرين على التأثير على دمشق، والضغط يرمي لدفع موسكو للانخراط في تفاوض جدي حول تنفيذ الشروط الستة، وإلا فإن الخيار الآخر أمام روسيا هو «الغرق في المستنقع السوري».

وقال جيفري أكثر من مرة في جلسات علنية إن مهمته التي أخذها قبل حوالى سنتين، هي «تحويل سوريا إلى مستنقع لروسيا». وهو قال الشهر الماضي: «نحن نسعى وراء ما نعتقد أنها سياسة تتسم بالذكاء، وهي وجود عسكري أميركي لهدف محدد، ألا وهو ملاحقة «تنظيم داعش»، إلى جانب دعم عمليات عسكرية تقوم بها دول أخرى مثل تركيا وإسرائيل بعدة طرق، مع التركيز على الضغط الاقتصادي والدبلوماسي. إن وجودنا العسكري، رغم كونه محدوداً، فإنه مهم لتحقيق تلك المعادلة؛ لذا نحثّ الكونغرس، والشعب الأميركي، والرئيس على الإبقاء على تلك القوات؛ لكن الأمر لا يشبه ما حدث (لأميركا) في أفغانستان أو فيتنام، فهو ليس مستنقعاً؛ ومهمتي هي جعلها (سوريا) مستنقعاً للروس».

لكن نائب جيفري، جويل روبرن ذهب أبعد في شرح الموقف الأميركي، قائلا إنه عندما تدخلت روسيا عسكريا في سوريا قبل خمس سنوات لم تكن تتوقع أنه بعد خمس سنوات ستصل اليوم إلى هذه النتيجة، و«كما قال جيفري، فإن عملنا هو خلق مستنقع لروسيا والنظام السوري. الوضع في حد ذاته مستنقع». وأضاف «عشت تجربة العراق عندما كنت في الجيش. لو أنت قمت بشيء ما لخمس سنوات وحصلت على نفس النتيجة، يجب أن تسأل نفسك: هل سأبقى أفعل ذات الشيء لخمس سنوات أخرى؟ وما الذي يحول دون أن يستمر هذا الوضع عشر سنوات أخرى؟ هل يريد الروس أن يكونوا في سوريا في 2025 كما هو الحال في 2020. انخراط عسكري وتكلفة اقتصادية دون ضوء في النهاية».

وأشار روبرن إلى أنه لدى استعادة دمشق لشرق حلب في نهاية 2016 «حاول النظام وحلفاؤه الترويج أن الحرب انتهت وحان وقت قطف ثمار الانتصار العسكري. بالنسبة لي، كان واضحا أن هذا ليس صحيحا. أسباب النزاع هي سياسية وحلها يكون سياسيا. لا يمكن حل الجذور السياسية بالآلة العسكرية. وإذا لم يحصل هذا فإن الحرب ستستمر إلى الأبد. ليس هناك قانون طبيعي يقول إن الحرب ستنتهي بحد ذاتها. انظر إلى تجربة أفغانستان. بدأت منذ نهاية سبعينات القرن الماضي، ولا تزال مستمرة».

+++++++++++++++++++++

 أميركا تخيّر روسيا بين «المستنقع» والصفقة

الأسد يشيد بالاتفاق العسكري مع إيران… ومخلوف يطل مجدداً ويسأل عن «الدستور السوري»

لندن: إبراهيم حميدي

أظهرت مواقف مسؤولين أميركيين أن واشنطن تخيّر موسكو بين عقد «صفقة كبرى» حول سوريا تتضمن تنفيذ ستة شروط فيها تنازلات داخلية وجيوسياسية، وبين زيادة كلفة «المستنقع السوري» بالنسبة إلى روسيا.

وتتضمن الشروط الستة «توقف دمشق عن دعم الإرهاب، وقطع العلاقات العسكرية مع إيران وميليشياتها، والتوقف عن الأعمال العدائية ضد الدول المجاورة، والتخلي عن أسلحة الدمار الشامل، وأن تغير الحكومة السورية الوقائع على الأرض بطريقة تسمح للنازحين واللاجئين بالعودة بشكل طوعي، ومحاسبة مجرمي الحرب».

ويعتقد مسؤولون أميركيون أن الروس قادرون على التأثير على دمشق، وأن ضغط واشنطن يرمي لدفع موسكو للانخراط في تفاوض جدي حول تنفيذ الشروط الستة، وإلا فإن الخيار الآخر أمام روسيا هو «الغرق في المستنقع السوري».

إلى ذلك، أعرب الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان الإيراني اللواء محمد باقري أمس، عن «الارتياح» لتوقيع اتفاقية التعاون العسكري بين دمشق وطهران.

على صعيد آخر، أطل رامي مخلوف، ابن خال الأسد، مجدداً بعد صمت دام أسابيع، منتقداً «الإجراءات التعسفية» ضده. وقال على صفحته في «فيسبوك»: «أين القوانين؟ أين الدستور الذي يحمي هؤلاء الأبرياء؟ هل أصبحوا إرهابيين ليحتجزوا لأسابيع من دون وجه حق».

——————————————

كيف يحاول أكراد سوريا استغلال قانون قيصر لبيع النفط مباشرة بالأسواق الدولية؟

عربي بوست

    النفط هدف للأمريكيين وأكراد سوريا

    يسيطرون على نحو ثلث سوريا والأغلبية العربية تنظر إليهم كاحتلال

    واللاجئون مكدسون في مناطق المعارضة دون موارد

يحاول أكراد سوريا استغلال الأزمة  الناتجة عن العقوبات التي فرضها قانون قيصر الأمريكي على النظام السوري للحصول على حق بيع نفط البلاد الذي يسيطرون على أغلبيته في الأسواق الدولية.

وفي هذا الإطار، قال رئيس وكالة أنباء كردية سورية -خلال لقاء مع شخصيات أمريكية معنية بالملف- إن الولايات المتحدة يجب أن تمنح الأكراد السوريين المدعومين من الولايات المتحدة تنازلاً للسماح ببيع نفطهم في السوق الدولية.

النفط هدف للأمريكيين وأكراد سوريا

وتسيطر الميليشيات المعروفة باسم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بقيادة الأكراد حالياً على أكبر حقول النفط في سوريا، والتي أرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قوات أمريكية لحمايتها.

ولكن هذه القوات ذات القيادة الكردية غير قادرة على بيع النفط بطريقة قانونية، ومن ثم فهي مضطرة إلى التعامل مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي تتهمه الولايات المتحدة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد شعبه، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

وجاءت التصريحات الكردية من رئيس مركز معلومات “روجافا” الكردي، توماس مكلور، والتي قال فيها إن القوات الكردية التي تتولى إدارة بعض المناطق في شمال سوريا طلبت مراراً من الحكومة الأمريكية إعفاءاتٍ من العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على سوريا، والتي تعوق صادرات النفط السورية.

وقال مكلور محتجاً، في لقاء عُقد عبر الفيديو واستضافه “مجلس الشؤون العالمية في لوس أنجلوس”، يوم الثلاثاء 7 يوليو/تموز، “كيف يمكن للإدارة هنا في شمال شرق البلاد توفير الخبز وتوفير المأوى لقاطنيها؟ يمكنها ذلك بواسطة النفط، ولكي تحمي الإدارة هنا شعبها من الموت جوعاً، فإن عليها بيع النفط للنظام”.

يذكر أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي فُرضت منذ عام 2011 تحظر القيام باستثمارات في سوريا، كما تحظر استيراد المنتجات النفطية السورية. ومع أن العقوبات تشمل استثناءً لمجموعات المعارضة الأقدم، التي لم يعد لها وجود في الغالب، فإنها لا تشمل قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر حالياً على شمال شرق سوريا.

وتتعامل هذه القوات المدعومة من الولايات المتحدة مع وسطاء ومهربين، كثير منهم على صلة بنظام الأسد، لبيع النفط المستخرج من الأراضي الواقعة تحت سيطرتها. كما أن مرافق النفط المؤقتة ذات الصيانة السيئة التي تعتمد عليها تلك المناطق تتسبب في خلق أزمة بيئية في مختلف المناطق على طول طرق التهريب.

ويُحاجج مكلور بأن الإعفاء من العقوبات سيسمح للأكراد بالتعامل مع أسواق الطاقة الدولية، وهو ما يساعد في “الحفاظ على هذه المناطق خارج سيطرة نظام الأسد”، و”تقليل الترابط بين هذين الاقتصادين”.

وسبق أن قال السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام في خضم الجدل الذي أثير العام الماضي، أكتوبر/تشرين الأول 2019، حول انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة “أعتقد أننا على وشك الإقدام على مشروع مشترك بيننا وبين قوات سوريا الديمقراطية، لتحديث حقول النفط وضمان أنها هي التي تحصل على الإيرادات وليس إيران أو نظام بشار الأسد، وهدفنا الأساسي من كل هذا هو حماية إسرائيل”.

وقال غراهام آنذاك إن التعامل مع حقول النفط في سوريا قد يدرّ عوائد للمنطقة ويولّد دخلاً يمكن من خلاله دفع تكاليف التزام الولايات المتحدة في سوريا.

يسيطرون على نحو ثلث سوريا والأغلبية العربية تنظر إليهم كاحتلال

أتاح القضاء على تنظيم داعش ككيانٍ جغرافي في مارس/آذار 2019، لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تُشكّل مظلة للمقاتلين الأكراد والعرب يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي المقرب من حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً، السيطرة على نحو ثلث الأراضي السورية، حيث يُقيم ملايين السوريين ومعظمهم من غير الأكراد.

وقد تبنّت الإدارة الذاتية خطاب الحكم الذاتي القائم على “أخوة الشعوب”، وفي الوقت نفسه أبدت رفضها التخلّي عن أي سلطة فعلية في مجال صناعة القرار، وتسليمها إلى الجماعات الكردية أو إلى القيادة السياسية والعسكرية الاسمية للمشاركين العرب في الإدارة الذاتية و”قسد”.

وينظر أغلب السكان المحليين إلى وجود “قسد” في المنطقة على أنه احتلال أجنبي، حسبما ورد في تقرير لمركز Carnegie.

ويقول السكان المحلّيون في المدن ذات الأكثرية العربية الخاضعة لسيطرة “قسد”، إن تهميش العرب من آلية الحكم في مناطقهم يولّد مشاعر استياء لدى العرب المثقّفين والمتمرّسين، الذين يعتبرون أنفسهم غير معنيين بإدارة مناطقهم.

ويدير الحزب أوضاع هذه المنطقة الشاسعة، والتي تضم أعداداً كبيرة من العرب السنة، ومجموعات إثنية أخرى عبر استخدام أحزاب تحمل كواجهات سياسية من هذه القوميات والطوائف، مثل “الهيئة الوطنية العربية”، و”حزب الاتحاد السرياني”، وتنظيمات كُردية وعربية وسريانية أخرى.

ولقد حاول الحزب احتكار الشأن العام عبر هذه التحالفات صورياً، من خلال إلزامهم بالسير على نهج اخترعه، سمّاه “نهج الأمة الديمقراطية”.

وسبق أن انتقد تقريراً صادراً عن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، نهاية مارس/آذار الماضي، أفاد بإقصاء المكوّن العربي عن مفاصل اتخاذ القرارات، داخل المؤسسات العسكرية والمدنية التابعة لـ”المجلس”.

ويقول الصحفي الكردي السوري، فاروق حاجي مصطفى، مؤسس مركز براتشاف للإعلام والحرية في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا: إن حزب الاتحاد الديمقراطي كان يتمتع بشعبية فعلية لأنه كان يتصدى لمشاكل السكان الأكراد. فأعضاؤه براغماتيون ومنظمون على عكس الأحزاب الكردية الأخرى التي فشلت في مواجهة تلك المشاكل”.

ولكنه استدرك قائلاً “الحزب بات حزباً شمولياً، ورافضاً لمظاهر معارضة حكمه، وتعامل بعنف ضد البعض في مجتمعه”.

على الجانب الآخر، فإن الوضع الاقتصادي في المناطق داخل وخارج سيطرة الأسد يتفاقم سوءاً، في ظل تشديد قانون العقوبات الأمريكي المعروف باسم “قانون قيصر” من قبضة العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد.

ويزعم مكلور أن الأجور الشهرية قد انخفضت بما يعادل 9 دولارات، لتصل إلى ما يعادل 20 دولاراً، بفعل الانهيار الحاد لليرة السورية أمام الدولار، والارتفاع الهائل في معدلات التضخم.

يوضح مكلور: “حتى بالنسبة لنا، من الصعب شراء الخضراوات، أما جيراننا من الأكراد والعرب فالأمر أصعب. والسؤال هو ما إذا كان الأمر يستحق أن يعاني كل الشعب السوري من أجله”.

واللاجئون مكدسون في مناطق المعارضة دون موارد

وتعاني مناطق المعارضة السورية المدعومة من تركيا من أوضاع أكثر سوءاً، فمناطقهم ليست غنية بالنفط، كما أنها أقل في المساحة، ومكدسة بأعداد هائلة من اللاجئين القادمين من مناطق مختلفة.

من جهته، ردّ تشارلز ليستر، زميل أقدم ومدير برامج مكافحة الإرهاب والتطرف في “معهد الشرق الأوسط”، بأن العقوبات “قد تؤدي إلى تفاقم بعض آثار الأزمة الاقتصادية، لكنها ليست السبب الأساسي”.

وقال ليستر: “العقوبات ليس لها تأثير فوري، خاصة على الاقتصاد الوطني”، متهماً الأسد بإحداث أزمة اقتصادية “ذاتية” من خلال “الوحشية” التي يمارسها و”سوء إدارة” البلاد.

ومع ذلك، فإن ليستر ومكلور اتفقا على شيء واحد؛ إذ قال كلاهما إن السياسة الأمريكية حيال النفط السوري تعكس نوعاً من “غياب الوضوح”.

———————

===========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى