منوعات

كيف تحولت بروكسيل وكراً لجواسيس العالم؟/ محمد خلف


التحذير الذي أطلقته مؤخراً وحدة الأمن الداخلي في خدمة العمل الخارجي الأوروبي، من وجود مئات عملاء الاستخبارات الروسية والصينية في بروكسيل، لم يأت من فراغ..

تراكمت معلومات عن وجود 200 عميل روسي و250 عميلاً صينياً، وهو ما أكده مسؤولون ديبلوماسيون وقادة أمنيون أوروبيون لصحيفة “دي فيليت” الألمانية التي تحدثت عن تحذير تلقاه مسؤولون وديبلوماسيون أوروبيون، لتجنب زيارة أماكن محددة من بينها مقهى ومطعم يقعان بالقرب من مبنى المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية.

تحولت عاصمة أوروبا الموحدة مركزَ جذب للجواسيس الدوليين، لأنها تؤوي مقرات الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وفقاً لما ذكرته صحيفة “بوليتكو” الأميركية في تحقيق استقصائي حمل عنوان “بروكسيل مدينة الجواسيس”.

في حزيران/ يونيو 2018 أقر مدير وكالة مكافحة التجسس النمساوية بيتر غريندينغ بأن بروكسيل أزاحت فيينا كعاصمة للجاسوسية الدولية، وأصبحت ملاذاً لوكالات وأجهزة الاستخبارات لدول من خارج الاتحاد الأوروبي.

هذا بعدما ظلت العاصمة النمساوية فيينا ولعقود طويلة وكراً لجواسيس العالم، وكانت الكاتبة الأميركية كيندي اوتيس التي عملت محللة في وكالة الاستخبارات الأميركية (السي آي أيه) لمدة عشر سنوات، قالت في مقال نشرته على موقع “ديلي بيست”، إن ” فيينا تحفل بتاريخ عريق لعمليات التجسس في فترة الحربين العالميتين الأولى والثانية، كونها كانت البؤرة الأوروبية لأنشطة التجسس الدولية”. ووصفت الكاتبة النمسا بأنها “من أكثر الدول مرونة في قوانين مكافحة التجسس”.

على أن هذا لا يعني إطلاقاً نهاية المطاف لأهمية النمسا السياسية لأن فيينا لا تزال تحتضن أحد المقرات الأربعة للأمم المتحدة و40 في المئة من وفود المنظمات الدولية مثل (منظمة الدول المصدرة للنفط – اوبك) ومنظمة (الامن والتعاون الاوروبي). كما أن هناك 320 ممثلية ديبلوماسية، وما يقارب أربعة آلاف ديبلوماسي، وأكثر من 6 آلاف مكتب دولي، ما يبقيها على رغم الأهمية المتصاعدة لبروكسيل، محطة استثنائية الأهمية بالنسبة إلى أجهزة الاستخبارات الدولية.

وكان المستشار النمساوي سباستيان كورتس كشف في تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي عن “تحقيق بدأ مع ضابط متقاعد في القوات المسلحة النمساوية للاشتباه بتورطه في أنشطة تجسس لمصلحة روسيا لعقود عدة”. وبينت الميديا النمساوية استناداً إلى مصادر أمنية أن “الضابط المتقاعد هو برتبة كولونيل، ويعتقد أنه بدأ العمل مع الاستخبارات الروسية في التسعينات من القرن العشرين، واستمر في التجسس حتى عام 2018 “. واعتبر كورتس أن هذا أحدث، والآخر المماثل في هولندا سيؤدي إلى عرقلة أي تحسن ممكن في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا”، وذلك في إشارة إلى كشف السلطات الأمنية الهولندية عن 4 عملاء استخبارات روس وطردهم من البلاد، بعد اتهامهم بالتخطيط لشن هجوم الكتروني على منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي في نيسان/ أبريل الماضي”.

الروس والصينيون والمغاربة الأكثر عدداً

قيام فيينا وامستردام بالكشف عن عمليات التجسس الروسية لا يمكن اعتباره  حدثاً جديداً أو غير مألوف، اذ كانت بروكسيل كشفت عن تعرض مقر المجلس الأوروبي الذي يقع في مجمع “جوستوس ليبسيوس” عام 2003 لعملية تجسس وتنصت دقيقة وجريئة حدثت خلال اجتماع ضم رؤساء حكومات ووزراء، قبل أن تتمكن أجهزة الأمن من العثور على صناديق تجسس صغيرة في اكشاك الترجمة، تم تنشيطها عن بعد. واتضح لاحقاً أن هدف هذه العملية هو اعتراض المناقشات الدائرة بين الوفود الألمانية والبريطانية والفرنسية والإسبانية”.

تنامي وتصاعد نفوذ الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي الذي انتقل الى مقر جديد في بروكسيل، يمثلان مجمعاً كبيراً كلف تشييده اكثر من مليار دولار، يجتذب الكثير من الجواسيس الذي حضروا من مختلف أنحاء العالم بصفات مختلفة: ديبلوماسية أو كمدراء شركات استثمارية وممثليات تجارية وغيرها. ونقلت “بوليتكو” عن موظف سابق في جهاز الاستخبارات البلجيكية قوله “إن الحرب الباردة تعود من جديد، ولهذا يتقاطر على بروكسيل عشرات الجواسيس وتجاوزت أعدادهم الفترة التي سبقت سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الشيوعية”. وقال “الصينيون والأميركيون والروس والمغاربة هم الأكثر عدداً حتى الآن”.

تتزايد مخاوف القيادات الأوروبية من الوتيرة المتزايدة لأنشطة الصين التجسسية في بروكسيل والعواصم الأوروبية الأخرى، والتي تتخذ أشكالاً متنوعة، وذكرت أجهزة الاستخبارات الليتوانية، في تقريرها السنوي الأخير أنه “مع تزايد طموحات الصين الاقتصادية والسياسية في ليتوانيا وغيرها من دول الناتو ودول الاتحاد الاوروبي، أصبحت اأنشطة الاستخبارات الصينية عدوانية بشكل متصاعد”. وكشف “أن الأجهزة الاستخباراتية الصينية تسعى إلى تجنيد مواطنين ليتوانيين للقيام بأنشطة تجسسية، فضلاً عن التأثير في آراء المواطنين في البلاد بشأن استقلال التبت وتايوان”.

اتجهت أصابع الاتهام الأوروبية والأميركية إلى شركة “هواوي” الصينية العملاقة بقيامها بعمليات تجسس. وتحدثت لندن عن مخاوف جدية من تورط الشركة في التجسس في بريطانيا. وتأتي مخاوف لندن، بعد الاتهامات الأميركية التي طاولت الشركة بشأن قيامها بعمليات تجسس لمصلحة الصين، إضافة إلى أن شركة “هواوي” تدير مشروع خدمات الجيل الخامس الذي من شأنه أن يتحكم في معطيات سرية. وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إن مجموعة تعرف باسم “إيه بي تي 10″، تعمل لحساب وزارة أمن الدولة الصينية، قامت “بحملة خبيثة عبر الإنترنت لاستهداف الملكية الفكرية والبيانات التجارية الحساسة (لشركات) في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة”. وبينت أن الجماعة “تواصل استهداف عدد من الشركات العالمية، وتسعى إلى الوصول إلى أسرار تجارية”. وأعلنت وكالة حماية الدستور الألمانية عن تزايد حالات التجسس الروسية والصينية، فيما قال متحدث باسم وكالة استخبارات جهاز الأمن السويدي أن روسيا كثفت أنشطة وكالات استخباراتها في البلاد منذ بداية الأزمة الأوكرانية، كما يقدر مسؤول استخباراتي أوروبي بارز أن موظفي وكالة الاستخبارات يشكلون الآن ثلثي دبلوماسيي روسيا.

نجحت روسيا، في إعادة الممارسات السوفييتية من قبيل ما يسمى “عمليات النفوذ”، والتي تتميز باستخدام الغربيين والروس الوافدين لمصلحة موسكو، ويقول الخبير الأمني في مركز دراسات الشرق الاوسط (OSW) “بيوتر زوكوسكي”: “إن هدف موسكو في الوقت الراهن، هو توجيه انتقادات تلمّح للأنشطة الغربية في أوكرانيا والعمل على إلغاء العقوبات الاقتصادية الغربية المسلطة عليها… إلا أن هذا ليس إلا أحد اهدافها الاستراتيجية واسعة النطاق والذي يتمثل بإقناع الغرب بالاعتراف بحق روسيا في تشكيل الوضع السياسي في دول الاتحاد السوفييتي سابقاً”.

زرع الآذان الصينية

التجسس المتواصل للدول على بعضها بعضاً لم يعد سراً، بل إن هذه العمليات تتم أحياناً على مرأى الجميع ومسمعهم، وهذه هي الحال مع مركز التنصت الصيني الذي اكتشف وسط العاصمة الفرنسية باريس في حي “فال دو مارن” وذلك بعد تحقيق أجرته مجلة (لو نوفيل أوفسرفاتور) الفرنسية.

يقع هذا المركز في شارع هادئ في منطقة شوفيي -لارو، الواقعة في جنوب باريس، على مساحة تزيد على الهكتار (000 10 متر مربع) ضمن ملحق لسفارة الصين في باريس مكون من مبنيين يتألف كل منهما من ثلاث طبقات. ووفق دراسة مفصلة أجراها معهد أميركي مختص تحمل اسم “مشروع 2049” تركزت على (APL-3)، فإن “الصين تواصل بشكل متزايد منذ عام 1990 زرع “آذان كبيرة” في كل مكان على الأرض”. ويرى المختص الفرنسي في التجسس الآسيوي روجيه فاليجو إن “قسم مكافحة التجسس في فرنسا يعاني من صعوبة فهم طريقة عمل الاستخبارات الصينية فهي ماكينة ثقيلة ومعقدة تضم أكثر من 90 قسماً مختلفاً ومئات آلاف العملاء”.

تتبع أجهزة الاستخبارات الصينية بدقة متناهية إرشادات الخبير الاستراتيجي الصيني الشهير شون تسو وتعليماته، التي أوردها في الفصل الثالث عشر من كتابه “فن الحرب”، وتقول “ليكن لديك جواسيس في كل مكان اعرف كل شيء ولا تهمل أي شيء مما يمكن أن تعلمه”.

أخضع رئيس الادارة العامة للأمن الخارجي الفرنسي “دي جي أس أي” آلان شويه، عمليات التجسس الصينية لدراسة ومتابعة متأنية، ما أوصله الى رصد تبدل جوهري عما كان مألوفاً قبل 20 سنة في السياسة التجسسية للنظام الشيوعي والتي كانت تركز آنذاك على التجسس الاقتصادي التقني بهدف نهب ما يمكن من التكنولوجيا الغربية، أما الآن  فانتقل الصينيون إلى ساحة الكبار، وأخذوا كغيرهم من القوى الكبرى يعملون في التجسس السياسي. وقال “إنهم يحاولون معرفة نيات الآخرين في مجالات السياسة والديبلوماسية وغيرها… مع مواصلة التجسس الاقتصادي بالتأكيد”.

في مقال مكرس لموضوع الصين في “قاموس الاستخبارات”، يقول فيليب مارفالان إن “استراتيجية الصين التي تقضي بأن تصبح قوة عالمية من الصف الأول، تستند إلى حد كبير على أجهزة استخباراتها”، مشيراً إلى أن “مهمة وزارة أمن الدولة تتمثل في التجسس الخارجي ومكافحة التجسس وتصفية المعارضين السياسيين”.

تورلا واسماك (الاعماق)

تضم هذه الوزارة 18 قسماً “يعمل فيها 7 آلاف موظف ونحو 50 ألف عميل غير قانوني يطلق عليهم اسم تشين ديو اي (اسماك الاعماق)”. وبحسب مارفالان فإن هؤلاء “جعلوا من الولايات المتحدة هدفهم الرئيسي وهم حاضرون في أوروبا، لا سيما في فرنسا وبريطانيا وهولندا والمانيا”. ويؤكد رئيس سابق لجهاز الاستخبارات الفرنسية طلب عدم كشف هويته أن “التجسس الصيني في فرنسا نشيط جداً بشكل دائم”.

تكدس الجواسيس في بروكسيل استفز تشابكاً متعدد الجوانب بين الأجهزة المتسابقة والمتنافسة على المعلومة السرية، ما تسبب في بروز مشكلات لم تكن مألوفة خلال السنوات العشر المنصرمة، تحدث عنها السفير الأميركي السابق في بروكسيل هوارد غوتمان لموقع ( بوليتكو)، شاكياً من أنه في مرات كثيرة وجد نفسه مضطراً للقيام بتفتيش مكتبه الشخصي، بحثاً عن أجهزة تنصُّت ربما تم نصبها بشكل سري، وقال إنه “منع بشكل صارم استخدام الهواتف المحمولة في مكاتب السفارة، لأننا كنا على يقين تام بأن الروس والصينيين يستمعون إلى كل كلمة نتفوه بها داخل السفارة وخارجها”.

كشف تقرير أعدته وكالة “رويترز” عن برنامج تجسس متطور يتسلل إلى مئات أجهزة الكمبيوتر الحكومية عبر أوروبا والولايات المتحدة في واحدة من أعقد عمليات التجسس الإلكتروني المكتشفة حتى الآن. ويعتقد باحثون أمنيون وضباط مخابرات غربيون أن البرنامج المعروف على نطاق واسع باسم “تورلا”، من صنع الحكومة الروسية، وأنه مرتبط بالبرنامج ذاته الذي استخدم في عملية اختراق أجهزة الجيش الأميركي التي اكتشفت عام 2008. ويعتقد أنه استخدم في عملية تجسس إلكتروني عالمية أطلق عليها اسم “أكتوبر الأحمر”، استهدفت شبكات ديبلوماسية وعسكرية وأخرى متصلة بالأبحاث النووية. ووصف جيم لويس ضابط المخابرات السابق والزميل الحالي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن البرنامج بأنه “خبيث متطور مرتبط بروسيا يستهدف حكومات غربية ويفك شفراتها”. وقال إن “آثار البراثن الروسية طاغية”.

وذكرت شركة “سيستمز أبلايد إنتليجنس” -الذراع الإلكترونية لشركة “بي.إيه.إي سيستمز” البريطانية لأنظمة الدفاع “بي.إيه.إي”، إنها “جمعت أكثر من 100 نموذج فريد من تورلا منذ عام 2010، منها 32 من أوكرانيا و11 من ليتوانيا و4 من بريطانيا”. وتوصلت إلى أعداد أقل من دول أخرى. وكالة المخابرات السويسرية هي الأخرى قالت إن أنشطة التجسس الروسية تتزايد في البلاد، وذلك بعد ضبط عملاء روس يشتبه بأنهم حاولوا اختراق مواقع حكومية في سويسرا.

وقال جان فيليب جودان مدير وكالة المخابرات السويسرية (إن.دي.بي) لـ”رويترز”: “ليس باستطاعتي الإدلاء بالكثير من التفاصيل عن الأنشطة الروسية في سويسرا لكن من الواضح أن هناك أنشطة أكثر من قبل، ومن الصعب علي  إحصاء عدد الجواسيس لكن (النشاط) الروسي  كبير… الشيء المختلف اليوم هو أن الروس حاولوا العمل ضد بنيتنا التحتية الحساسة، وهذا خط أحمر”.

أدرك الاتحاد الأوروبي أهمية وضع استراتيجية لمواجهة عمليات التجسس الروسية والصينية في الدول الأعضاء، كونها اصبحت تشكل تهديداً للأمن القومي الأوروبي، وأكد بيان صادر عن المفوضية الاوروبية أن “أوروبا تحتاج إلى مراقبة أكثر صرامة لمواجهة التخريب التجسسي لهاتين الدولتين بشكل خاص، وتوصل وزراء دفاع 25 دولة عضو إلى اتفاق يقضي بإنشاء مدرسة استخبارات (تجسس) مشتركة لدول التكتل، من ضمن 16 مشروعاً آخر، كجزء من تحالف عسكري”.

البرامج الجديدة، صادق عليها وزراء دفاع الدول الأعضاء في الاتحاد، باستثناء الدنمارك ومالطا وبريطانيا، ضمن اتفاق سمي “التعاون البنّاء الدائم”.

“العيون الخمس”

وستكون مدرسة الاستخبارات الأوروبية خطوة كبيرة إلى الأمام، فحتى وقت قريب، عطلت بريطانيا تطوير التعاون الاستخباراتي وتعميقه بين الدول الأعضاء، إذ اعتبرت الأمر منافسة غير مقبولة للتحالف الاستخباراتي “العيون الخمس” بين الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة، لكن اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد “بريكست”، أزال عقبة لندن أمام المشروع.

وستتولى اليونان قيادة مدرسة إعداد الجواسيس الجديدة التابعة للاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع منظمة حلف شمال الأطلسي “ناتو”، ووكالات الاستخبارات والأمن التابعة للتكتل. وستكون المدرسة محطة لتدريب موظفي وكالات الاستخبارات في جميع دول الاتحاد الأوروبي. وكان موقع “ذي إنترسبت” الإلكتروني الأميركي تحدث عن التحالف  الذي وصفه بأنه من أقوى تحالفات التجسس ويحمل اسم “سيغنت سينيوز”، يضم وكالات تجسس تجتمع سنوياً للتعاون في قضايا الأمن الدولي، ويضم في صفوفه 17 دولة، إضافة الى الولايات المتحدة هي: بريطانيا وكندا ونيوزيلندا، وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وأمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد. ويتكون التحالف من فرعين هما “سيغنت سينيوز يوروب”، و”سيغنت سينيوز باسفيك”، وتديرهما وكالة الأمن القومي الأميركي.

درج

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى