مراجعات كتب

حلاق دمشق” لدانا السجدي.. المدينة بين التصوف وبائعات الهوى/ محمد حجيري


ثمة كتب اجتماعية هامشية، فجأة نكتشف أنها باتت مرجعاً ومتناً في ثقافتنا اليومية، ومرتكزاً في بعض دراستنا ومقالاتنا، وتدخل في دائرة “الكتب الأيقونية”، وتحاك حولها الكثير من الروايات والتأويلات وحتى الأساطير. ومن هذه الكتب “حوادث دمشق اليومية” للشيخ أحمد البديري الحلاق، الصادر في دمشق العام 1959، والذي يصنف ضمن خانة ‏”التاريخ الشفاهي”‏. والكتاب، بحسب محققُه، أقربُ ما يكون إلى تاريخ الغَزّي عن حلب، وتاريخ الجبرتي عن القاهرة، أو إلى كتاب ‏”مطالع السعود” عن بغداد.

كتاب البديري أعيدت طباعته العام 1997، ومرة ثالثة العام 2008، سجّل فيه ما رآه أو سمعه أو لمسه في المدينة السورية، وظلت هذه المدونة ضائعة لفترة طويلة تناهز القرن ونصف القرن، لكنها وصلت بطريقة ما إلى مكتب الشيخ طاهر الجزائري. استعار الشيخ محمد القاسمي، الكتاب، من الشيخ الجزائري، ومن ثم حققه ونشره بعنوان جديد العام 1959، ونشر أحمد عزت عبد الكريم طبعة جديدة للمدونة بعد دراسة النسخة الأصلية ونسخة القاسمي.

وثمة روايتان تتحدثان عن كيفية الحصول على المخطوط. الأولى تقول إن القاسمي الكبير، جَد المُنَقِّح، كان قد اشترى شيئاً من أحد دكاكين الحارة، مصروراً بورقة، وحينما وصل البيت فتح الورقة فوجد فيها كلاماً نفيساً، فعاد إلى الدكان وأقنع صاحبه بأن يبيعه هذا الورق الذي يستخدمه للصر، ففعل، وهكذا استطاع أن يحمي المخطوط من الضياع. والرواية الثانية هي أن الشيخ طاهر الجزائري اشترى المخطوط من مزاد أقيم لبيع مخطوطات قيمة، بثلاثمئة قرش (يوم كان سعر المخطوط لا يزيد عن خمسة وعشرين قرشاً)، واحتفظ به. وبعد زمن بعيد اطلع عليه الكاتب والمؤرخ محمد كرد علي، فأورد ذكره بوصفه أحد مراجع ‏كتابه “خطط الشام”، مع إشارة منه إلى أن المخطوط موجود في مكتبة الشيخ طاهر الجزائري، وهذا ما دفع النساخ إلى نسخه، وصار منه أكثر من نسخة.

عاش ابن بدير، المعروف بالبديري الحلاق، بين سنة 1701 و1762، وكانت عائلته تقطن ضاحية القبيبات على طريق الحج الى مكة، وهو لا يبعد كثيراً من دمشق المسورة. كان ابن بدير سليل الطريقة القادرية التي شاعت بين المدرسين ذوي الميل إلى التصوف. عمل حلاقاً في محل صغير قرب قصر أسعد باشا العظم – حاكم دمشق حينذاك. ورغم أنه لم يكن سليل أدب وعلم، لكنه متأدب وحافظ للقرآن، شهد أحداث دمشق  فانكب على أوراقه يسجلها بحبر أسود استجابة لهواية الكتابة والتعبير عن المشاعر وخشية النسيان، واستمر على هذه الوتيرة 21 عاماً، (أي من 1741 إلى 1762). ولأنه حلاق، فهو من أكثر أصحاب المهن الحرة احتكاكاً بالناس، ومقدرة على كسب ثقتهم وسماع حكاياتهم وأخبارهم، تناول جوانب قد تبدو ثانوية عند مقارنتها بالأحداث المحيطة بقصور الملوك والعلاقات الدولية والحروب، لكنها لا تقلُّ عنها أهمية عند النظر إليها من حيث دلالاتها الثقافية والاجتماعية. تناول فيها الأحداث اليومية في دمشق تحت حكم آل العظم المنسّبين من قبل الدولة العثمانية، كان يكتب بشكل يومي عما يجري في حارات الشام من احتفالات، وسفرات، ويقص عن تشييد أبنية باذخة قام بها الوالي أسعد باشا العظم، كبناء قصره والخان الكبير حيث استغل موارد البلد ونهبها للقيام بذلك. دوّن الحلاق ما يقاوم به الحواة، والمتصوفة، والدراويش من أذكار وموالد وعراضات، ولا ينسى أحداث موت العلماء والتجار ووجوه البلد، وأفعال اللصوص والثوار وقطاع الطرق. وذكر احتفال المومسات في حارات الشام، وطريقة لبسهن وطقوسهن في الأزقة والساحات.

وفي الكتاب لن نعثر على وقائع سنة واحدة، لا يشكو فيها الدمشقيون من غلاء فاحش في أسعار السلع، والتي يُفصّلها في كل موضع. ولا يُهمل الحلاق، كذلك، ربط الغلاء بفساد المسؤولين وظلمهم للعباد. ولا يغفل ابن بدير عن تسجيل احتجاجات أهل دمشق في وجه هذه المظالم، والتي يمكن دراستها في سياق مستقل، ومنها خروج العامة العام 1745 من قلّة الخبز وغلاء الأسعار، فهجموا على السرايا، مذكّرين والي دمشق أسعد باشا بأنه مسؤول عند الله عنهم وعن هذه الأحوال، فأخبرهم باللجوء إلى المحكمة. وهناك، أمر القاضي بضربهم بالبارود فقتَل منهم مَن قتل، فما كان من المحتجّين إلا أن قتلوا بعض أعوانه بمساعدة بعض الانكشارية (الجند) وخرّبوا المحكمة ونهبوا أموالها وأغلقوا الشوارع.

ويستخدم ابن بدير أسلوباً تعبيرياً يمزج العامية بالفصحى، ولا يلتفت كثيراً للأخطاء الإملائية في كتابة نصوصه. والكتاب مميز “لأنه لم يُكْتَبْ بتكليف من حاكم أو ملك”، لم يُدون ‏المؤلف تاريخه لأجل تحقيق منفعة، أو شهرة، بدليل أنه لم يَسْعَ إلى نشر الكتاب بين الناس في زمانه. ثم يموت ابن بدير الحلاق، ويختفي المخطوط لمدة قرن ونيف تقريباً، إلى أن يعثر عليه واحد من المحققين. وتبين أن التدقيق والتحقيق الذي أنجزه محمد سعيد القاسمي للكتاب لم يكن سوى مجزرة فكرية، وتاريخية، وأخلاقية، نتجت، كما تقول الباحثة دانة السجدي*، عن العجرفة الاجتماعية، وانحياز المدقق إلى السلطات العثمانية، وممثليها من آل العظم وورثتهم. أزال المحقق أي نبرة تذمر تجاه الحكام من اليوميات، وأي فكرة دلل بها الحلاق على طموحه في رفع نفسه من طبقة الفقراء والمهملين إلى طبقة العلماء، والكتّاب، والمؤرخين. وتمثل أحداث الكتابة لدى ابن بدير لغويّا (في استخدامه الألفاظ العامية)، أو اجتماعياً (في عرضه لعلاقاته مع النخبة من العلماء)، أو سياسياً (في اعلاناته المزلزلة المناهضة للأعيان) وهي ما أزعج القاسمي بعد قرن من الزمان.

وأقرت السجدي في مقدمتها بأنها كتبت الكتاب على دفعات، واستغرقت كتابته ردحاً من الزمن، طافت خلالها بين مدن عديدة في غير قارة، والتقت بباحثين من مختلف الثقافات، ونبشت في مخطوطات لا تحصى توزعت في المكتبات العالمية. أنجزت كتابها النفيس المعنون “حلاق دمشق”. أهمية البحث المنشور لا تقتصر على قراءة ما أجراه المحقق من حذف وإضافة وتبويب فقط، بل تناولت مخطوطات موازية كتبها أشخاص ثانويون في تاريخ مقارب ليوميات البديري الحلاق. ومن بينهم قس أرثوذوكسي، وجندي من الانكشارية العثمانية، وخياط، وموظف محكمة من حمص، لم يعرف عنهم أي اهتمام أدبي في تدوين التاريخ، وهم من سمتهم بمحدثي الكتابة، على غرار محدثي النعمة. ورأت الباحثة في هذه الظاهرة دلالة على تغيّر مفهومي واجتماعي واسع في المجتمعات العربية في القرن الثامن عشر، ومن أبرز تلك التغيرات خروج فئة من البسطاء على نسغ التدوين التاريخي القديم المهيمن، وتنكبهم طريق اليوميات، والسير، المنبثقة من رحم الطبقات المهمشة وحياتها بلغة بسيطة فصيحة تستفيد من العامية المعبرة عن هواجس العامة وأحلامهم.

ولعل تأخر صدور الكتاب هو ما يفسر لنا تأخر الاهتمام بشخصية الشيخ أحمد البديري الحلاق في كتب التاريخ، وسببَ عدم ورود اسمه في كتاب “الطبقات والأعيان” للمرادي الذي احتفل بأعلام القرن الثامن عشر. وفجأة تحول كتاب البديري كتاب الكتب. تحكي السجدي: “شعرت بالغيرة من كتابات التاريخ الأوروبية الحديثة، التي اشتهرت لنجاحها في إبراز تاريخ الطحان “مينوكيو الفريولي، الذي عاش في القرن الـ16، وكشفت نظرته وثقافته، لذا أردت إحياء سيرة بعض العوام في تاريخ بلاد الشام الوسيط، وحذرني من هم أكثر مني حكمة مما سأواجهه من عوائق، فمصادرنا الرئيسة، ولعلها الوحيدة عبر العصور الوسطى، هي كتب تاريخ ألفها العلماء، وفي سياق عصور ما قبل الحداثة، العلماء بالضرورة هم علماء الدين، أي من درسوا واهتموا بالعلوم الدينية والشرعية، ولكونهم الفئة الوحيدة القادرة على الكتابة والقراءة، كتبوا بالأغلب عن أنفسهم ولأنفسهم، فلم يبق للباحث في التاريخ الاجتماعي، سوى نافذة نصية واحدة تطل به على التاريخ الاجتماعي للقرون الوسطى، ونافذة العلماء هذه ضيقة للغاية”.

وتقول السجدي: “قضيت عاماً كاملاً في قراءة النتاج التاريخي لعلماء الشام في العصور الوسطى، آملة أن أتمكن من البحث عن دور العامة من الناس، ولكن دون نتيجة. كنت أشعر باحباط شديد إلى أن وقعت عيناي بمحض المصادفة على الحاشية الرقم 13 في كتاب “الفكر التاريخي لدى العرب في العصر الكلاسيكي” لطريف الخالدي، ونص الحاشية “التأريخ الشعبي” لمؤلفة الحلاق الدمشقي في القرن الثامن عشر، او الرّكيني، المزراع في جنوب لبنان في القرن الثامن عشر”.

ويعتبر اكتشاف السجدي للمخطوطة الأصلية الوحيدة للحلاق الدمشقي، حدثاً مهماً، كون تأريخ ابن بدير هو المؤلف الوحيد في التاريخ العربي والإسلامي الذي كتبه حلاق، جرأة صاحب “حلاق دمشق” الحقيقية تكمن في فعله البسيط والمذهل في آن واحد، أنه كتب كتاباً! لقد وجد الثقة الكافية في نفسه لاكتساب سلطة مكنته من التمثل بالعلماء على الرغم من أنه لم يتمتع بعلمهم وإجازتهم له، فألف كتاباً في التاريخ، وأبرز تحرك قام به هو تجاوز حدود عمله كحلاق إلى حقل نصي أدبي ثقافي لم تطأه قد حلاق من قبل.

وكانت دانا سجدي قد كشفت في دراستها عن صورة شيقة من التحولات الاجتماعية في مدينة دمشق؛ إذ ركّزت بشكل خاص على دراسة الثقافة الأدبية الشعبية، التي برزت في تلك الفترة من خلال كتابات أفراد من العوام، من خارج الطبقة التقليدية للعلماء والأعيان. وفي محاذاة هذا الظهور لتلك الشريحة على المستوى الأدبي، كان هناك ظهور لطبقة وسطى تنامت ثروتها ضمن التغيرات الاقتصادية، وبدأت بمضاهاة طبقة الأعيان من خلال عمارة القصور والمساجد، ووقف السبل في أرجاء المدينة. هذا بالاضافة إلى ترسيخ ثقافة التنزه واللهو في المجتمع الدمشقي، بين مختلف الطبقات، وتطور طقوسها وممارساتها الاجتماعية، من خلال عادات جديدة رافقت انتشار شرب القهوة والتدخين، وتنامي حضور النساء في فضاءات المدينة العامة.

روايات وانبثقت حول “التاريخ المصغّر” الذي تناوله البديري، دراسات عديدة مثل “يوميات شامية” لسامر عكّاش، وأخرى استندت إليه في مراجعها الأساسية كـ”ثقافة الترفيه والمدينة العربية في الأزمنة الحديثة، دمشق العثمانية” لمهند مبيضين، لتقديم صورة أوضح عن حضور التسلية واللهو بين مختلف طبقات المجتمع الدمشقي، وتطوّر ممارساته. يكتب الروائي العراقي شاكر الانباري في فايسبوكه “قرأت الكتاب (حوادث دمشق اليومية) بمتعة، وكنت أقيم آنذاك في مساكن برزة، ودهشت لقدرة الحلاق على رؤية تفاصيل ذلك الزمان، بعين ذكية، وروح حساسة، وذائقة انتقاء عالية. دهشت من قدرة حلاق على الكتابة الصادقة والثرية، رغم الأخطاء الإملائية وتفشي اللهجة العامية في المرويات. كنت أفكر بكتابة رواية الراقصة ضمن مستويين زمنيين، الحاضر التسعيني والماضي القريب، أيام الستينيات الدمشقية وكان أبرز وجوهها حياة شارع شيكاغو، الواقع وسط المدينة، وبقي مكانا للسهر والحانات والراقصات والمعارك بين شقاوات العاصمة حتى السبعينيات. حين قرأت يوميات البديري الحلاق عمدت، بسبب تأثيرها واقترابها من أجواء الرواية، إلى إعطاء بعد ثالث للرواية، الراقصة، هو زمن البديري الحلاق، وآل العظم، والحكم العثماني، وإن كان ذلك البعد لم يشكل دعامة أساسية في أحداث الرواية. لكنه على أية حال، وعبر يوميات البديري الحلاق، أعطى للرواية جذورا تاريخية أغنت الأحداث وشخصياتها”.

وذكرت سجدي، في هوامش البحث، أن الروائي ابراهيم نصرالله، استفاد من نسخة منقحة من يوميات البديري الحلاق في روايته “قناديل ملك الجليل”، التي صدرت في بيروت عن الدار العربية للعلوم 2012، وكذلك قالت ان نسخة القاسمي استخدمت كنص رئيس للمسلسل التلفزيوني “الحصرم الشامي” الذي عرض العام 2007. كانت كلمات المقدمة في الحلقة الأولى من الموسم الثاني للمسلسل كالتالي “مائة عام مرت على احداث الجزء الأول، ولم يتغير شيء في المشهد العام للمدينة ما خلا بعض اسماء المنتفعين واصحاب النفوذ والسلطة”.

وثمة جانب مثير للانتباه في كتاب البديري ويتمثل في رصده فتيات الهوى في دمشق. وفي حين تقبل معظم الباحثين رواية البديري هذه بحرفها وتبنّوا موقفه، فإن سامر عكاش، أستاذ التاريخ في جامعة أدلايد في أستراليا، في كتابه الصادر بالعربية “يوميات شامية.. قراءة في التاريخ الثقافي لدمشق العثمانية في القرن الثامن عشر”، يدعونا قبل تحليل هذا المشهد، إلى الوقوف على شخصية البديري وحياته، للتعرف على خلفيته الثقافية وبيئته الاجتماعية والدينية.  بالتالي يقول الكاتب السوري محمد تركي الربيعو في تعليق على الكتاب “إذا اعتبرنا ثقافته الشعبية وخلفيته الدينية الصوفية المحافظة، ومصادر رواياته بحكم مهنته، وطرق تركيبها وسردها، فعلينا من البداية ـ وفقا لعكاش ـ أن نكون حذرين في أخذ كلام البديري بكل تفاصيله وبحرفيته على محمل الجد، وفي اعتباره تصويراً أميناً وحقيقياً للواقع الاجتماعي لمدينة دمشق”. و”من الأسباب الأخرى التي تدفعنا إلى التحفظ في التعامل مع نص البديري”، يقول الربيعو، أولاً: “عدم تواتر أخبار انتشار الفسق وبنات الهوى في المدينة من المصادر المعاصرة له، أو التي سبقته، أو التي تلته، وهي كثيرة”. يلاحظ عكاش أن لدينا ستة نصوص لا تقل أهمية عن نص البديري، خمسة عن دمشق وواحد عن حلب. وكتّاب اليوميات هؤلاء ينتمون إلى طوائف متعددة، ويمثلون شرائح اجتماعية مختلفة، مما يعطينا صوراً وروايات متعددة للمقارنة والتحليل. في كل تلك الروايات لا يوجد ما يؤكد رواية البديري حول انتشار بنات الهوى. والسبب الثاني للتحفظ، هو سجلات المحاكم الشرعية التي تتضمن الدعاوى المقامة على أصحاب الممارسات اللاأخلاقية والمخلّة بالآداب العامة. يرى عكاش أن الصورة السابقة لا يمكن قراءتها بوصفها تعبّر عن انحلال أخلاقي داخل المدينة، بل عن ولادة تحولات عميقة وغير مسبوقة في المجتمع الدمشقي العثماني، أهمها الانفتاح الاجتماعي وتزايد الأجواء الاجتماعية المتغيرة وغير المستقرة.

(*) “حلاق دمشق/ محدثو الكتابة في بلاد الشام إبان العهد العثماني”.

ترجمة البحث: سرى خريس، الأستاذة في جامعة البلقاء الأردنية، ومراجعة المترجم والباحث العراقي سعيد الغانمي، وقد نشر عن “مشروع كلمة” 2018.

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى