سياسة

تصعيد عسكري روسي في إدلب: هل يصمد اتفاق سوتشي؟/ تيم غوراني


والد يبكي طفلته التي قتلت في قصف جوي على خان شيخون

صعّدت الوحدات العسكرية التابعة لقوات النظام السوري بشار الأسد والميليشيات المتحالفة معه قصفها المدفعي والجوي على المناطق المدنية في محافظة إدلب، والتي تعتبر آخر مناطق خفض التصعيد في سوريا. وكانت المناطق الشرقية من المحافظة شهدت قصفاً شديداً أدى إلى نزوح آلاف العائلات باتجاه المناطق الحدودية مع تركيا.

وتركز القصف الذي بدأ في شهر شباط/ فبراير من العام الحالي، على المدن والبلدات الواقعة على طول أوتوستراد دمشق – حلب الدولي، بخاصة على بلدات خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب، مخلفاً عشرات الضحايا من قتلى وجرحى.

هذه الأجواء، طرحت موجة من الاستفسارات الباحثة عن أجوبة شافية، حول مصير اتفاق سوتشي وسبب التصعيد الحالي، على رغم وجود نقاط المراقبة التركية وتسييرها الدوريات.

تعزيزات عسكرية والحرب على الأبواب

تحدث “درج” مع بلال الحمصي، وهو قائد عسكري في جبهة تحرير سوريا ويتركز عمله على الجبهات الشرقية لإدلب. أفاد الحمصي بأن “الأيام الماضية شهدت وصول أرتال عسكرية لقوات النظام السوري تركزت في المنطقة المقابلة لقريتي أم الخلاخيل والزرزور”، لافتاً إلى أن التنصت على القبضات اللاسلكية، يظهر وجود تحركات غريبة في صفوف النظام.

وأكد أنه “تم تفكيك الألغام على طول خط الجبهة من بلدة سكيك حتى بلدة الخوين، وعسكرياً لا يتم تفكيك الألغام إلا بحال تحرك قوات برية، ما يشير إلى نيات واضحة لشن هجوم بري باتجاه المنطقة”.

الدوريات المشتركة لب الخلاف

من جهة أخرى، استطاع “درج” التحدث مع مصدر مطلع في الجبهة الوطنية للتحرير، رفض كشف اسمه، أوضح أن “السبب الرئيسي وراء التصعيد العسكري هو رغبة روسيا في تسيير دوريات على الأرض بالاشتراك مع تركيا، الأمر الذي قوبل بالرفض من تركيا والفصائل العسكرية. فتركيا ترى أن الدوريات يجب أن تكون تركية من جهة المعارضة وروسية من جهة النظام، الأمر الذي لم يعجب روسيا فهي تريد أن يكون لها ولو جندي واحد في إدلب، تستطيع أن تعلن أنها انتصرت هناك، بوجوده”.

وأضاف المصدر أن لا نية فعلية لروسيا في اجتياح إدلب، فهي غير جاهزة بعد لهذا الأمر لو أرادت حصوله، معللاً ذلك بأن القصف تركز على المناطق الواقعة على طول الأوتوستراد الدولي، علماً أن الخطوة المقبلة في الاتفاق مع تركيا هي أن يتم افتتاحه بين الطرفين.

روسيا تمهل تركيا لحل ملف هيئة تحرير الشام

نشر العميد الركن أحمد الرحال تسجيلاً صوتياً على وسائل التواصل الاجتماعي، يفيد بأنه توصل إلى معلومات، تبيّن أن روسيا أمهلت تركيا حتى الخامس عشر من آذار/ مارس، حتى تنهي ملف هيئة تحرير الشام، وهددت بعدها بأنها ستقوم بنسف كل الاتفاقات وبدء اجتياح ادلب.

وتعتبر هيئة تحرير الشام من الفصائل الراديكالية التي تعهدت تركيا بحل ملفها، ما يجعل وجودها إلى اليوم مسوغاً للقصف الروسي، فهو يعتبر منافيا ًلما تم الاتفاق عليه في سوتشي.

سيطرت هيئة تحرير الشام على حواجز الجيش الحر المحيطة في النقاط التركية في كل من نقطة الصرمان والعيس شرق إدلب ونقطة شير المغار في غربها، الأمر الذي يشير إلى وجود خلافات بين تركيا والهيئة، ما سيؤدي إلى وضع النقاط التركية تحت تهديد قوات الهيئة، بينما عزا البعض أن الأمر تم بالاتفاق بين تركيا والهيئة.

الطيران الروسي يقصف سجن إدلب ويحرر خلايا تتبع له

وفي تدخل صريح للطيران الروسي، شنت طائرات روسية غارات جوية على مدينة إدلب وعلى سجنها المركزي، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الأمر تم بالتنسيق مع تركيا، الأمر الذي نفته تركيا من طريق نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب.

وأوضح غالب كلاس أحد القادة العسكريين في هيئة تحرير الشام، أن القصف الروسي على إدلب جاء بعد نشر هيئة تحرير الشام، صوراً لأشخاص ألقت القبض عليهم، وقالت إنهم خلية تعنى بتفجير السيارات المفخخة في إدلب، ويتبعون بشكل مباشر إلى قاعدة حميميم الروسية في طرطوس. وما مرت أيام حتى قام الطيران الروسي بتاريخ 13/3 بتنفيذ غارات جوية على سجن إدلب المركزي الواقع غرب المدينة. أدى ذلك إلى هروب مئات المساجين من السجن، وتظهر في مقطع فيديو صور من على بوابة السجن لسجناء هاربين، بينهم الشخص الذي نشرت الهيئة صورته على أنه أحد عناصر الخلية، ما يؤكد هروبه من السجن.

الأمر دولي خارج عن إرادة المعارضة والنظام

كتب الشرعي العام لفصيل فيلق الشام عمر حذيفة عبر قناته على “التليغرام”: “من يسأل عن حقيقة ما يحصل من إجرام وقتل وتدمير وعن القيادات التي يجب أن تخرج وتوضح للناس الحقيقة، ومنهم من يتهمهم بالبيع والشراء وغير ذلك ما قد يشغل الناس ويزيد همومهم وآلامهم؟ لذلك أردت أن أعرج على هذا الأمر بشيء من التوضيح”.

وأضاف حذيفة “الحقيقة لا أحد في الساحة يعلم ما يحصل تحديداً، والتأكيد أمام المتغيرات الدولية المتسارعة، وما يتكلم به البعض، إنما هو على سبيل التحليل والظن والتكهن ليس إلا، بات واضحاً ومعروفاً لدى الجميع أن القضية السورية خرجت من أيدي أبنائها وباتت بأيدي الدول الكبرى تسيرها بما يتناسب مع مصالحها بالدرجة الأولى، أما المعارضة أو النظام المجرم فليسا سوى بيادق على رقعة الشطرنج الدولية لا يملكون من الأمر شيئاً”.

لا أحد يملك جواباً شافياً

خلاصة القول، لا تملك أي جهة اليوم الرؤية الواضحة لما يحصل في إدلب وسبب التصعيد فيها، ويبقى الجواب الشافي لما يحدث رهن الأيام المقبلة التي قد تظهر ما خفي. في نهاية المطاف، لا تزال المناطق المدنية تتعرض للقصف والتهجير في إدلب، فهل سنشهد حرباً مفتوحة لاجتياح المدينة، أم أنها ضغوط سياسية تنتهي بتحقيق المراد؟

درج

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى