مقالات

حُطَّ رحالك حيث تسمع صوت غناء/ رشيد بوطيب

أديان كثيرة تموت في عمر مبكر، ومن يعمّر منها، يُميت أتباعه.

حين يغضب البولندي، يرى في كل الناس لصوصاً.

ماتوا. كثير منهم مات من أجل كذبة، وأغلبهم من أجل كذبة غبيّة.

الوطن… أتذكّره كما أتذكّر حفرة ضيّقة.

تخاف الحقيقة من ظلّها كما يخاف اللص من لقاء ضحاياه مرّة ثانية.

لمّا أنظر إلى الجمهورية الفرنسية، أكتشف أنها أمعاء متّسخة… تلك التي خنقوا بها آخر ملك.

أن تحكي.. أمر في غاية الملل، لا يقدر عليه سوى أصحاب النفس الطويل، من صغار الروائيّين والبقّالين الذين ينتظرون زبائنهم طيلة النهار، وصيّادو الجوائز. أفكاري متقطّعة.. أنفاسي أيضاً.

يجهل المفكّر العربي أن الأموات مهمّة المؤرّخ، فيزعج الأموات والأحياء ويتطفّل على عمل المؤرّخ.

قضى عمره كلّه يبحث في فلسفة ستقول له في نهاية رحلته بأنه غير موجود.

أجمل ما قرأته لألماني: “حيث تسمع صوت غناء، حُطَّ رحالك، شرار القوم لا أغاني لهم”.

أنفُه المعقوف. هذا كل ما علق بذاكرتي. كان ينعت نفسه بالفيلسوف المتخصّص في المثالية الألمانية والإسلامية والعولمة والهنود الحمر وكونفوشيوس وبوذا والبوعزيزي… لكنه لم يكن يحسن حتى سرقة الأفكار… قاموسه الفقير لا يحوي مترادفات.

حين رأيت العبيد يبكون الطاغية، ولمحت منهم من يرمي بنفسه خلف نعشه، أو يصرخون ملء أفواههم: “روحنا فداك”. وجدتني، من حيث لا أشعر، أردّد مع بريشت: “مسكينة تلك الأمّة التي تحتاج إلى أبطال”.

يكتب فيلسوف ألماني هازئاً: “الكمال للمبتدئين فقط”، بعدها سيقضي حياته كلّها بحثاً عن الكمال!

* كاتب وأستاذ فلسفة مغربي

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى