الناس

كارولا راكيتي تمسح عاراً كثيراً/ أرنست خوري

من قلب البشاعة المتمددة في هذا العالم، تخرج علينا صبية ألمانية قضت عدداً كبيراً من سنواتها الـ31 في مناهضة كل قرف الفاشية واليمين المتطرف في بلدها وفي قارتها. قرّرت القبطانة البحرية كارولا راكيتي مواجهة مخاطر التعرض للسجن في إيطاليا ولدفع غرامة 40 ألف يورو، وتحدي أحد جنرالات فاشيي العصر، وزير الداخلية الإيطالي نائب رئيس الحكومة ماتيو سالفيني، سليل موسوليني في رابطة الشمال، وهي بدورها وريثة الحزب الوطني الفاشي، وأنقذت 42 مهاجراً أفريقياً من الغرق في مياه المتوسط، وأوصلتهم إلى شواطئ جزيرة لامبيدوزا بالقوة بعدما صدمت بباخرتها خفر السواحل الإيطالية المدججين بالسلاح. ولولا وجود قاضية إنسانية إيطالية تُدعى أليساندرا فيلا، برّأت راكيتي من أي تهمة وأطلقت سراحها، يوم الثلاثاء، لربما سُجنت الشابة الألمانية عشر سنوات.

تنتمي كارولا راكيتي إلى جيل يتضاءل نفوذه وعديده بسرعة عكسية لتنامي الشعبويات والتشدد القومي الذي يلامس الفاشية حيناً ويزايد عليها أحياناً في التمييز بين البشر على أساس العرق واللون والدين والهوية والجنس وشكل الجمجمة والجينات. الشابة الألمانية تجسّد كل ما هو مناقض لعوالم بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب وماتيو سالفيني وجبران باسيل وفيكتور أوربان وفلاديمير بوتين وجايير بولسونارو وناريندرا مودي. تواجه جبروت هؤلاء كمتطوعة بلا راتب وبحب كبير من متطوعين مثلها ومتبرعين سمحت لها عطاءاتهم بقيادة مركب “سي ووتش 3″ (مرصد البحر) المتواضع لإنقاذ المهاجرين الفقراء في مقبرة البحر المتوسط، وقبلها بالإبحار شمالاً في المحيط المتجمد الشمالي على متن باخرة تتبع لـ”غرين بيس” (السلام الأخضر) في إطار نضالها البيئي الإنساني ضد الرأسمالية وقوانين الاتحاد الأوروبي ويمينه المتطرف. بهذه الأسلحة الضئيلة، واجهت كارولا راكيتي عالماً بأكمله، ولا تزال، لتمسح عاراً كثيراً: عار وحوش القرن الواحد والعشرين في الغرب، وعار اليسار الأوروبي الرسمي الذي يناصر بغالبيته الساحقة أنظمة عالمثالثية تهجّر شعوبها ليموتوا في رحلة الهرب من الفقر والدكتاتوريات والقمع والاضطهاد، وتمسح عارنا، نحن العرب، أيضاً، حكاماً وشعوباً من طبقات وسطى يفترض أنها هي من تنتج في العادة “نخباً” لم تُظهر تاريخياً كبير حساسية تجاه العنصرية.

مسح كارولا راكيتي العار الغربي العنصري الآخذ في التمدد، لا يحتاج لشرح، على عكس ما يتعلق بفضيحة اليسار الأوروبي المتحمس لشخص مثل فلاديمير بوتين، هو مثال أعلى ليمين أوروبي وعربي متطرف فقط نكاية بـ”الإمبريالية الأميركية” الخبيثة، على أساس أن الإمبريالية الروسية هي حلال في عرف هؤلاء. لا همّ إن كان بوتين هذا هو محرّضا رئيسيا ضد كل ما يتعلق بفقراء العالم الثالث. أليس بوتين، مع ترامب، هما من حمّل أنجيلا ميركل مسؤولية خراب ألمانيا وأوروبا نتيجة سياستها “المتسامحة” تجاه اللاجئين؟

في بلداننا، قلما شهدنا حركة شعبية كبيرة معتبَرة شعارها إلغاء كل مظاهر العنصرية تجاه مواطنين أو أجانب، أيّما كانت جذورها، طائفية أو عرقية أو دينية أو جغرافية. جبران باسيل ربما يكون “نموذجاً” في هذا السياق، لكنه مجرد عينة. نسخة لا تخجل من التعبير عما يقوله في سرّهم حكام عرب آخرون، أو جاهروا به من دون أن ينالوا ما يستحقون من شتائم وازدراء. مثل من؟ بشار الأسد، عندما أعرب عن سروره إزاء هروب ملايين السوريين الذين اضطهدهم إلى الخارج، على اعتبار أن هذا الترانسفير الديمغرافي يساهم في بناء مجتمع سوري “أكثر تجانساً”. قلّما عثرنا في تاريخنا العربي المديد على حاكم عربي يعتبر مكافحة العنصرية بكل أشكالها أولوية عهده. افتقدنا مانديلا عربياً حكومياً. كذلك شعبياً، يندر أن نتذكر وجود كارولا راكيتي عربية أو عربياً، قرر أو قررت إعادة الاعتبار لقيمة إنسانية غير محصورة بحدود الوطنيات والقوميات التي تقتصر على مواطنين ومواطنات.

العربي الجديد

القصة الكاملة لـ“Sea Watch 3”.. السفينة التي حاربت الفاشية في بحرها/ سفيان البالي

بطلة أم خارجة عن القانون؟ حيرة في التصنيف تلك التي تخلقها كارولا راكيتي (31 سنة)، الناشطة الإنسانية وربانة سفينة الإغاثة التابعة لمنظمة Sea watch الألمانية، إثر اعتقالها ومصادرة سفينتها، وهي تنزل مهاجرين سريين بمرفأ لامبيدوزا الإيطالي، بعد أن انتشلتهم سابقًا من الموت الذي كان يترصدهم في عرض مياه المتوسط.

وبين الذي ينادي بإطلاق سراحها والذي يجاهر بالعداء ضد برامج إغاثة المهاجرين السريين، يقف المتتبعُ مشدوهًا في تداخلِ حيثيات القضية، لا كما هي ظاهرة عند أول النظر، أي كمناكفة بين طرفي القصة. بل تمتد لأبعد من ذلك، راسمة مشهدًا سياسيًا واقتصاديًا أوروبيًا تكتنفه صراعات عدة، وتشرذمٌ هو المنذر بأفولِ تصورات وانبلاج عدة أخرى. في وقت تأخذ المعارك، كالتي خاضتها راكيتي وطاقم سفينتها Sea Watch 3، أهميتها كأول صدامٍ لمنظمات الإغاثة مع إجراءات ماتيو سالفيني ضد الهجرة السرية. كما بعدها كجزء من هذا التحول الطارئ في أوروبا؛ تنتصر للإنسان بما هو محور السياسة في كل آن.

هكذا بدأت القصة

في 12 حزيران/يونيو الماضي، أنقذت سفينة الإغاثة Sea Watch 3، التي تقودها الربانة الألمانية كارولا راكيتي، ثلاثة وخمسين مهاجرًا سريًا، كانوا في وضعية خطيرة في عرض مياه المتوسط، بين ليبيا وإيطاليا، بعد أن نفذ مخزونهم من المؤن.

في 19 من نفس الشهر، نشرت المنظمة في حسابها على تويتر شريط فيديو، ومن على متن السفينة المذكورة تكلمت الربانة: “نحن الآن بالقرب من لامبيدوزا منذ الرابع عشر من الشهر، وبصحبتنا ثلاثة وأربعون من المهاجرين في وضعية صعبة”. وتسترسل كارولا في الحديث عن منعها من الرسو بميناء الجزيرة المذكورة، والذي تحجج مصدروه بعدم وجود مكان لـ Sea Watch 3، غير أن القضية كانت غير ذلك.

قبل ذلك بأربعة أيام، كان ماتيو سالفيني يحقق أحد أمجد انتصاراته السياسية، حيث أقرَّ ملتمسه بتغريم منظمات إغاثة عن إنزال المهاجرين السريين بمرافئ بلده، بقانون مغايرٍ شيئًا ما عن نص مقترحه الأول، لكنه محتفظ بآلية الزجر؛ فقط بتحويلها من مبلغ 5000 يورو عن كل مهاجر، إلى 50000 يورو عن كل عملية إنزال. تقول كارولا راكيتي في مقطع الفيديو المذكور، مستغيثة: “لقد مرر (ماتيو سالفيني) قانونًا جديدًا يمنعنا من دخول مياهه الإقليمية، وهذا ما يتعارض والقوانين الدولية. في هذه اللحظة ليس لنا أي دراية بما يمكن أن يحصل للـ 43 مهاجرًا الذين نتحمل مسؤولية مصيرهم، ونحن هنا في عرض البحر نتجنب السفن العابرة كل يوم، ونواجه نقصًا حادًا في المياه، مع هاجس ضرورة الرسو في أقرب وقت ممكن”. هذا ما قالته كارولا ركيتي التي رفضت في وقت سابقٍ الإنزال بمرفأ طرابلس الليبية، لأنها أرضً غير آمنة.

بعد 15 يومًا من علقها في المياه الإقليمية لإيطاليا، ودون أي تدخل ناجع من خفر السواحل الإيطالي، رغم إشعار السلطات الإيطالية  بحالة الطوارئ التي تمر بها السفينة وركابها، وجدت كارولا راكيتي نفسها أمام ضرورة اتخاذ قرارٍ صعب، واضعة حريتها على المحك. وجّهت دفة سفينتها نحو مرفأ لامبيدوزا، متحدية الحظر والتجويع الممنهج الذي طبق عليها، وعلى طاقمها و40 ممن أنقذت حياتهم من الغرق. لتلقى بعد ذلك الشرطة في انتظارها، هي التي كانت على علم بملاحقتها من قبل رجالات سالفيني، ألقي عليها القبض يوم 29 حزيران/يونيو، وتواجه الآن تهمًا تصل إلى 10 سنوات سجنًا.

سالفيني: “لقد أعلنوا علينا الحرب”

أثناء محاولة رسوها في الميناء المذكور، اعترض زورق تابع لشرطة الحدود الإيطالية  مسار Sea Watch 3 كمحاولة أخيرة لمنعها من إنجاز المهمة، ما جعلهما يرتطمان بالكيف الذي يسمح بعبور السفينة إلى هدفها. الارتطام الذي لم يحدث إصابات بشرية، وتركزت أضراره في محرك الزورق، أثار حفيظة السلطات الإيطالية، ومنح ماتيو سالفيني ذريعة أخرى لإطلاق تصريحاته المثيرة، ومزايداته وتحميله القضية بما يخدم خطابه الشعبوي المعهود.

“لقد وضعنا أنفسنا في طريق السفينة للحيلولة دون دخولها المرفأ” يوضح أحد رجال الشرطة، ويضيف “لو بقينا هناك لدمّر زورقنا”. شهادة تخدمُ تعليق رئيس داخليته، والذي غرَّد قائلًا: “جميل قولهم إننا ننقذُ الناس، لكن بتعريض حياة أشخاصٍ آخرين للخطر وهم يقومون بوظيفتهم!”، معتبرًا أن الواقعة فعل إجرامي وعملٌ من أعمال الحرب. هذا بعد أن احتفى باعتقال الربانة ومصادرة “سفينة القراصنة” على حد وصفه لها، في وقت اعتذرت فيه كارولا راكيتي عن الضرر الذي أحدثته للزورق المذكور.

وتبرز المتابعات التي نشرتها منظمة الإغاثة الألمانية في حسابها الرسمي على تويتر، حجم المعاناة التي كان يكابدها كل من كان على متن Sea Watch 3، وحجم الانتظار الذي كان يعني أمرين؛ أولهما تردي حالة وتزايد احتياجات ركاب السفينة، وثانيهم أن الحدود البحرية الأكثر خطرًا في العالم بقيت دون فريق إنقاذ. نشرت المنظمة نفسها كذلك بيانًا يسرد قصة الارتطام من وجهة نظرها، موضحة: “قبل الدخول إلى المرفأ طلبت الربانة خدمة القوارب المساعدة على جر السفينة، والذي لم تكن الشرطة لتوفره لنا. بل بالعكس، اختارت هذه الأخيرة أن تحول دون دخول السفينة ميناء الجزيرة. ما جعلنا نتساءل طويلًا عن المانع في ذلك، ما دمنا نتحرك تحت غطاء القانون الدولي، والذي خرقته الشرطة بمنعنا من الدخول!”.

ويضيف نص البيان أن Sea Watch 3 كانت مجبورة على مقاومة الأوامر بالتوقف، ولم يكن لها من بديل سوى التحرك نحو تحقيق هدفها. ومع أن الارتطام قد وقع، تشير المنظمة إلى أن الربانة قامت بكل تحركاتها داخل المرفأ ببطء وتمهل، محاولة تفادي الوقوع فيه، “هذا ما يبين أن نية كارولا لم تكن إلحاق الأذى بأفراد أو أدوات عملهم. وإن كل قرار اتخذته الربانة كان ذا أساس مبدئي هو إغاثة الأشخاص الذين كانوا تحت مسؤوليتها”.

الحرية لكارولا

حصَّلت قضية راكيتي وسفينتها على تضامن عالمي كبير، وبالإضافة إلى التغطية الإعلامية الواسعة، كان أبرز المتفاعلين مع قضية الربانة الألمانية المعتقلة وزير خارجية بلدها، هايكو ماس، الذي غرَّدَ بدوره قائلًا: “إنقاذ حياة بشرية واجب إنساني، لهذا لا يجب تجريم عمل فرق الإغاثة البحرية. بالمقابل، على السلطات الإيطالية الإسراع في توضيح ادعاءاتها”.

فيما أقيمت عدة وقفات احتجاجية تضامنية مع طاقم Sea Watch 3 وشاجبة لقرارات الحكومة الإيطالية في هذه النازلة. أطلق المنشط الألماني الساخر يان بوهمرمان وزميله كالس هوفرأوملوف حملة تبرع لصالح منظمة Sea Watch. حملة اختير لها العنوان “ليسوا مجرمين، من ينقذون حياة البشر!”. وخلال برنامجهما التلفزي أدان الناشطان ما تعرضت له كارولا راكيتي، معلنين التضامن معها وداعين إلى التحرك من أجل إنقاذها. هذا وتعدت قيمة التبرعات في اليوم الأول من إطلاقها سقف النصف مليون يورو، ما خولهاا أن تعين المنظمة على تخطي محنتها والاستمرار في نشاطها الإنساني.

حياة الإنسان لعبة سياسية

“حياتهم أهم من أي لعبة سياسية!”، هكذا ردت كارولا عن قرار منعها من الرسو بمرفأ لامبيدوزا. تعليق لم يكن فقط ردّ فعل توصيفيًا للحالة التي كانت تكابدها وقتذاك، بل معطى محوريًا في المعركة التي خاضتها Sea Watch 3، والمعركة الكبرى التي تعرفها أوروبا بذات الكيف.

ففي خطاب سالفيني السياسي الأمر واضح: يمكن للإنسان أن يصير حطب الطاحونة السياسية الدائرة، وخصوصًا لو كان أفريقيًا، غجريًا أو مسلمًا. بهذا الشكل نجده يلوح بأكذوبة الغزو الإسلامي لأوروبا من أجل الأصوات الانتخابية، وكذلك تغريم منظمات الإنقاذ من أجل تهريب الخناق الأوروبي المطبق على عنقه. اليوم، تنضاف حالة اعتقال ربانة Sea Watch 3 إلى جهود الضغط على الاتحاد الأوروبي، ومأزق تحالف اليسار والليبراليين الزاحف على رئاسة الاتحاد الأوروبي بعد الانتخابات الأخيرة.

يجد هذا الأمر سنده الملموس في أن سالفيني لم يكن أساسًا ضد إنزال المهاجرين في أوروبا، وعلى أقل تقدير استغل الحادثة في محاولة إحراج وابتزاز دول بعينها؛ ألمانيا، فرنسا، لكسومبورغ وفنلندا. حيث اشترط اقتران السماح بدخول Sea Watch 3 بتهجير هؤلاء المهاجرين إلى تلكم البلدان الأوروبية، والتي تشكل أكبر قوة ضغط داخل البرلمان الأوروبي. حيث توعد ساخرًا في تغريدة له: “في المرة القادمة سنبعث السفينة إلى ميناء مارسيليا”. فمن هكذا منطلق، يظهر جليًا للعيان أن ماتيو سالفيني لا يرى في المهاجرين إلا أصفارًا لا تصلح إلا لموازنة المعادلة السياسة.

الإفراج.. ولكن!

مساء الفاتح من تموز/يوليو، قررت قاضية محكمة أغريجنتو الإفراج عن الربانة كارولا راكيتي، مع الإبقاء على متابعتها بتهم المقاومة والاصطدام بزورق تابع لشرطة الحدود الإيطالية ومحاولة تحطيمها، وتسهيل حركة الهجرة غير الشرعية.

قرار المحكمة الإيطالية هذا استفز غضب وزير الداخلية ماتيو سالفيني، والذي سرعان ما وجه لسعات نقده إلى العدالة التي في نظره “لم يكن خرق قوانين البلد، ولا الاصطدام العمد بزورق تابع لشرطة الحدود الإيطالية أسباب كافية للسجن” فيها، مكشرًا عن قرارٍ عقابي آخر في حق الربانة التي اعتبرها “خطرًا يهدد الدولة الإيطالية” هو طردها نهائيًا إلى بلادها ألمانيا.

يكرس ما حكمت به القاضية أليساندرا فيلا لصالح كارولا راكيتي التناقض بين العدالة الإيطالية وحكومتها، ويوسع أكثر الشرخ الذي بين سالفيني وقضاة بلده. وفيما ليس هذا الوقوف إلى الجانب المغاير للسياسات الحكومية الإيطالية بسابقة، يذكر أنه قبل شهرين رفضت قاضيتان في محكمة بولونيا وفلورانسا مناشدة وزير الداخلية بإشراك السلطة المحلية في الموافقة على مساطر طلب اللجوء، كما عطلت رئيسة محكمة توسكانا إنشاء منطقة حمراء لاحتجاز المهاجرين في مقاطعتها. واجتمع في وقت سابقٍ أكثر من 60 قاضيًا ينتمون للجمعية الديمقراطية لقطاع العدل للتوقيع على عريضة احتجاجية ضد سياسات سالفيني في قضية المهاجرين، بما في ذلك إغلاق الموانئ في وجه بواخر الإنقاذ، وطردهم من مراكز الاستقبال باستعمال العنف.

الترا صوت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى