شعر

مختارات شعرية لـ خافيير زامورا

(1)

محاولة ثانية للعبور

وَسَطَ تِلْكَ الصَّحْراءِ التي لَمْ تَكُنْ تُشْبِهُ الرَّمالَ

الرِّمالَ فَقَط،

وَسَطَ تِلْكَ الأكاسيا، والسَّحالي* وذِئابِ البَراري، صاحَ أحَدُهُم: الهجرة

فَرَكَضَ الجَميعُ.

في ذلِكَ الخَنْدَقِ الجافِّ نِمْنا. كُنّا أرْبَعينَ رَجُلاً، ينامُ كُلُّ واحِدٍ مِنّا بِمواجَهةِ الآخرِ

هَرَباً مِنَ التُرابِ والقاذوراتِ.

العَصافيرُ ذاتُ الأعْناقِ السَّوْداءِ

مَعَ الفِجْرُ، تُطِلُّ على قمَمِ المسكيتيس *

ناشِرَةً جَمالَها على سيقانِ القَطيعِ،

أنْتَ قَفَزْتَ نَحْوي،

وأنا قَفَزْتُ على كَتِفَيْكَ،

وَهَرَبْنا مِنْ تِلْكَ الشّاحِناتِ البيْضاء.

في الوَقْتِ الذي كانَ فيهِ الحرّاسُ على أهْبَةِ الاستعدادِ

للضَّغْطِ على الزِّنادِ.

صِحْتُ: تَجَمَّدوا، تَوَقَّف يا تشينو

لِذلِكَ لَمْ أعْرِفْ السّاقَ التي رَكَلَتْكَ

دَفَعْتَني تَحْتَ صَدْرِكَ

وَلَمْ أشْكُرْكَ أبَداً.

تشينو أيها الجميل.

الاسمُ الوحيدُ الذي أعْرِفُهُ للتَّواصلِ مَعَكَ

وَداعاً للوَشْمِ الجَميلِ على صَدْرِكَ

(م. س . 13)

وَداعاً لِرَقَمِ الهاتِفِ الذي أعْطَيْتَهُ لي

حينَ اتَّجَهْتَ شَرْقاً نَحْوَ فِرجينيا

واتَّجَهْتُ غَرْباً إلى سان فرانسيسكو.

اتَّصَلْتَ مَعي مَرَّتَيْنِ في الشَّهْرِ

لِيُخْبِرَني ابْنُ عَمٍّ لَكَ، أن العِصابَةَ التي طارَدَتْكَ في سان سلفاردور

قَدْ وَجَدَتْكَ في الإسْكَنْدَرِيّةِ.

وَداعاً، لذراعَيْكَ البُنِّيَّينِ اللذَيْنِ كانا دِرْعا لي في تِلْكَ اللحْظَةِ

وَهما اللذانِ يَحْمِياني الآنَ، مِنْ قَسْوَةِ اللجوءِ.

(2)

ساغواروس *

كان الغَسَقُ يَمْتَدُّ على مَدى كيلومِتراتٍ والخَفافيشُ في سَماءِ الخُزامى،

مَثلُ العَناكِبِ التي تَبْدَأُ بالظُّهورِ حينَ تَرى أنَّ الحَشَرَةَ في مُتَناوَلِها

هُناكَ، لَيْسَتْ الأرْضُ المَوْعودُ، بَلْ أرْضُ الأسْلاكِ الشّائِكَةِ

مَعَ أنَّهُ لا شَيءَ يَمْكَنُ أن يَنْمُوَ تَحْتَهُ

إلا أنَّني حاوَلْتُ بَعْثَرَةَ ذلِكَ الغَسَقِ،

بَعْدَ أن قالَ أحَدُ الطُّيورِ: دّمُ الصَّبارِ يُغوينا.

أحْياناً أفيقُ، وَحَلْقيَ جافٌّ. لِذلِكَ أتَّجِهُ إلى تِلْكَ الحَدائِقِ النباتِيَّةِ،

للبَحْثِ عَنْ ثَمَرَةٍ حَمْراءَ مِنْ ثِمارِ ذلِكَ الصَّبّارِ،

تِلْكَ الشَّجراتِ النِّائِمَةِ في سَريرِ الغَسَقِ،

أرْميها بِحِجارَتي، كَيْ أسَكِّنَ جوعي.

لِكِنَّني لا أجِدُها هُنا أبَداً. الخَفافيشُ هُنا تَتَكَلَّمُ الإنْجِليزِيَّةَ فَقَط.

أحْيانا وأنا في سَيّارَتي، أشْعُرُ أنَّ ذلِكَ الشَّرابَ اللزِجَ ما يَزالُ عالِقاً بِحَلْقي

وأنَّ بِذْرَتَهُ الطَّرِيَةَ سَبَبُ بَقائي على قَيْدِ الحَياةِ:

يَجِبُ عَلَيَّ أنْ أكْشُطَ الأشواكَ أوّلاً، ثُمَّ أعَرّيَ تِلْكَ الجُذوعَ الطَّويلَةَ، وأدْفَعُها للماءِ.

حينَها تَدْفَعُني الأضواءُ، لأجِدَ نَفْسيَ مَعَ ثلاثينَ مُحَطَّماً آخرَ،

تُحيطُ بِنا الهِراواتُ الخُضْرُ، لِتَقودَنا نَحْوَ الشاحِناتِ التي تُحيطُ بِنا.

زُجاجاتُنا الفارِغَةُ مُنْزَعِجَةٌ، وأنْفاسُنا تقولُ للصّدأ:

حينَ تُغادِرُ الشاحِناتُ، تِبْتَلِعُنا الخَلايا البارِدَةُ.

* نبتة صبار طويل القامة تعيش في أريزونا والمناطق المجاورة لها. تحمل فاكهة صالحة للأكل

* يقصد السحالي الأمريكية ذات الأذيال الطويلة، التي تجعلُها تسير بِطَريقةٍ مُتَشَنِّجة

* أشجار شوكية تنبت في جنوب غرب الولايات المتحدة والمكسيك.

—————————–

 (3)

رصيف لا هيرادورا*

حينَ أنامُ أرى طِفْلاً

يَخَتَفي بَيْنَ ساَقَي رَجُلٍ تُشّوِّهُهُ النُّدوبُ

ظَهْراهُما اللذانِ لَوَّحَتْهُما الشَّمْسُ يَتَنفسانِ الهواءَ البارِدَ

الطِّفْلُ يُواجِهُني

وَسَقْفُ الرَّصيفِ الذي يَبْتَلِعُ القَمَرَ

تَفْطَعُهُ الغُيومُ مِنَ الخَلْفِ

أحياناً، يَكونانَ على نَفْسِ السَّقفِ

يَرْتَدِيانِ المَناديلَ

وَرِجالٌ بِزِيِّهِم الرَّسْمِيِّ يُحيطونَ بِهِما

لَقَدْ أخْطَأتُ في عَدِّ أغْلِفَةِ الرَّصاصِ

لأن مَناقيرَ طُيورِ الغاقِ تَنْغَمِسُ في الماءِ

حَتّى يَتَكَسَّرَ لَوْنُ الغُروبِ

الأخطُبوطات التي تَسيرُ بِمُحاذاةِ الرَّصيفِ

لا تَسْتَطيعُ رُؤْيَةَ مَنْ يُواجِهُها

على القَوارِبِ التي تُهَدْهِدُها التَّمَوُّجاتُ القُرمُزِيَّةٌ

سَمِعْتُ ذاتَ مَرَّةٍ رَجُلاً

كانَ ما يَزالُ على السَّطْحِ، وما يَزالُ على قَيْدِ الحَياةِ يقول:

اليَوْمُ لي، وَغَداً لَكَ

هُناكَ قَرْيَةُ يَقومُ رِجالُها بِتَدْريبِ طائِرِ الغاقِ

عَلى صَيْدِ الأسْماكِ: وَطَرَفُ حَبْلٍ مَعقودٌ بِمُؤَخَرَتِها.

وَطَرَفُ حَبْلٍ آخَرَ مَعْقودٌ على رِقابِها

كَيْ لا تَبْتَلِعَ الأسْماكَ التي تَصْطادُها

والدي واحِدٌ مِنْ تِلْكَ الطُّيورِ

إنَّهُ ذلكَ الرَّجُلُ المُشَوَّهُ

* مسقط رأس الشاعر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4)

مقطوعة حالمة

أجَلْ، مِثْلُ غُبارِ الإسْفِلْتِ على لِساني.

كُلَّما تُمْطِرُ. سأقول: سَتَكونُ هذِهِ المَرّةُ الأخيرَةُ التي أتَّصِلُ بكِ فيها.

غدا. لَنْ يَكونَ بَيْنَ ذراعَيْكِ نَفْسَ الغَدِ،

في كُلِّ خُطْوَةٍ أبْتَعِدُ فيها عَنْ الحُدودِ.

سأغرَقُ في الخَمْرِ، والمُنَشِّطاتِ،

وغريب فروت تيكويلا

وَبَعْدَ أنْ أنْتَهي مِنَ الخَمْرِ والتيكويلا، سَأرْمي وَجْهَكِ بِهذا الكَاْسِ الأسْوَدِ

لَمْ أكُنْ أعْرِفُ أنَّ رِحْلَةَ هِنْريك سَتُثيرُني.

آسِفُ، لَقَدْ شَرِبْتُ كَثيراَ. شَرِبْتُ كَثيرا.

أجَلْ. أعْرِفُ هذا.

لَمْ أكُنْ أنا الذي رَماكِ بِها. هذا ما قُلْتُهُ. لكِنْ هذا ما حَدَثَ.

أنا الذي يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَتَعَلَّمَ كيف يَتَلَقى رَصاصاتِ جَدِّهِ،

وكَراسِيِّهِ المَكْسورَةِ، وَصَريرِ أبْوابِهِ التي تُوْقِظُنا.

كُنْتُ في الرّابِعَة، حينَ رَأيْتُ أمِّيَ بَيْنَ بُنْدِقِيّتِهِ وَجَدَّتي. كُنْتُ في الرّابِعَةِ.

إنَّني بِحاجَةٍ لأن أغْفِرَ وأسامِحَ. أغْفِرَ لَهُ وَضْعَهُ النُّقودَ في راحَةِ يَدي لأشْتَرِيَ لَهُ الفودكا.

أغْفِرُ لَهُ، لأنَّهُ حينَ يَشْرَبُ كانَ يُطارِدُ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْ بَناتِهِ بِمِنْجَلِهِ

في مُنْتَصَفِ النَّهارِ، وفي مُنْتَصَفِ الليْلِ، وَلَمْ أكُنْ أعْرِفَ ما يَجِبُ عَليَّ فِعْلُهُ

سِوى تَسَلُّقِ بُرْجَ المِياهِ عَبْرَ الشّارِعِ مِثْلَ ريدْ باوَرْ رينْجَر.

لَقَدْ طارَدَنا إلى هذا البَلَدِ

الذي دَرَّبَهُ على البَقاءِ صامِتاً

حينَ يَرى (رَئيسَهُ)، يَضَعُ السُّجَناءَ في أكياسٍ سَوْداءِ

وَيَقْذِفُ بِهِمْ إلى الشّاحِنَةِ

« لِكَيْ يَرى الجَميعُ ما يَحْدُثُ للنّاسِ السَّيِّئينَ هنا».

الخَمْرُ تُخيفٌني. التيكويلا تَقْتُلُني.

لَقَدْ قُمْتُ بالتِقاطِ القِطَعِ منْ شُقَّتِنا

وَمَسَحْتُ البُقَعَ السَّوداءَ عَنْ أطرافِ سَريرِنا

لَقَدْ وَعَدْتُ بِعَدَمِ تَكْرارِ مِثْلِ هذا الأمْرِ

لكِنَّني بِحاجَةٍ لِمًنْ يُساعِدُني.

ولا أجِدُ مَنْ يُقَدِّمُ لي يَدَ المُساعَدَةِ

أريدُ أنْ أعْتَذِرَ

لكِنْ لا أحَدَ يُريدُ أن يَفْهَمَ لَماذا لَمْ يَتْرُكْهُ هذا الجَدُّ.

حَدَثَ ذلكَ في مُنْتَصَفِ حُزَيْرانَ – يونيو

وكانَ فينوسَ والمريخَ يَقْتَرِبان لِيُعِانِقا الألفِيَّةَ الثانِيَةَ

لكِنَّني لَمْ أشاهِدْ عِناقَ جَدّي،

وَلَمْ أمْسِكْ بِيَدَيْهِ

أريدُ أنْ أعْتَذِرَ

لَقَدْ بَقيتَ مُسْتَمِرّاً بِفَرْكِ يَدَيْكَ.

حينَ بَلَغْتُ السّادِسَةَ

اسْتَقالَ جَدّي مِنَ الشُّرْبِ

بَقِيَ في البَيْتِ طولَ الليْلِ لِكِنَّهُ

لَمْ يُكَلِمْ أيّا مِنا.

لَمْ يَعُدْ يُحِبُّ الخَمْرِ

لَمْ يَعُدْ يُحِبُّ الكُتّابَ

لَمْ يَعُدْ يُحِبُّ اليَسارِيّينَ

لَقّدْ ماتَ الجَميعُ ما عَدا

خالةٍ واحِدَةٍ. وأنْتَ لَسْتَ هُنا.

الغَدُ، والتّوباكو،

وَنُواحُ الجُدْرانِ

الذي يُشْبِهُ شَخيرَ جَدّي غَيْرَ المَرغوبِ فيهِ.

اعْتَقَدْتُ أنَّ الحُدودَ سَتَأخُذني مِنْهُ (جَدّي)

وهذا ما اعْتَقَدَتْهُ أمّي وَكُلُّ خالاتي

نَحْنُ جَميعُنا نَرْكُضُ

فالشَّمْسُ على مِنْجَلِهِ

والقَمَرُ على بُنْدِقِيَّتِهِ

(5)

النظر إلى ذئب البراري

مِنْ بَيْنِ ثلاثينَ رَجُلاً مُغْبَرّاً، كانَ هُوّ الشَّيءُ الوَحيدُ الرَّطِبُ

فَمُ الذِّئْبِ

كانَتْ مُجَرَّدَ حَديقَةِ حَيواناتٍ مُصَغَّرَةٍ، تَجْمَعُنا مِنْ بِلْدانٍ عَديدَةٍ

حَديقَةٌ فيها العَديدُ مِنْ ذِئابِ البَراري.

كانَتْ هُناكَ خَمْسُمائَةِ غَزالَةٍ لكِنَّنا لَمْ نَكُنْ نُفَكِّرُ فيهِنَّ

هذا هُوَ أقْصَرُ تَعْبيرٍ عَنِ الخَجَلْ

وَحْشُ نَهْرِ أجيلا والذِّئْبُ سَواءٌ *

وَحْشُ نَهْرِ أجيلا والذِّئْبُ الغرينغو سواء *

زُجاجاتٌ مُتَناثِرَةٌ تَذْوي بَيْنَ القاذوراتِ

يَملؤُها فَمُ الذِّئْبِ

نَحْنُ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ زَبَدِ الذِّئْبِ وَسَطْوَتِهِ

ولا نُفَرِّقُ بَيْنَ البَعوضِ والذُّبابِ

أيُّها الغرينْجو البيضُ تَنْظُرونَ إلَيْنا كَأناسٍ غَيْرِ شَرْعِيّينَ

ألا تُفَكِّرونَ بِأنَّنا عُمّالٌ مِنْ حَوْلِكُمْ؟

إنَّنا نَتَحَدَّثُ بِلَهَجاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ ضِمْنِها لَهْجَتُكُمْ

وَنَحْنُ نَعْرِفُ أيْضاً أنَّ الذِّئْبَ يَشُكُّ فيما نَقولُ

حينَ يِسْمَعُ ذِئْبُ البراري طائِراتِ الهيليوكبتر

أو أحْذِيةَ النّايكي، يُهَرْوِلُ هارِبا نَحْوَ أريزونا

ها هُمْ رِجالُ نيغاليز * يُغْلِقونَ أبْوابَهُمْ

وَذِئابُ البراري تَرْتَعُ في أريزونا بأحْذِيَةِ النّايكي

الصَّحْراءُ ما تَزال تَرْغَبُ في رُؤْيَةِ ذِئْبِ البراري

خائِفاً وَمُتْعَبا مِنْ ظِلِّهِ الذي تَرْسُمُهُ لَهُ أنوارُ الكَشّافاتِ

فَها هُوَ طُوالَ الليْلِ يَنْفُضُ الغُبارَ عَنْ نَفْسِهِ وَيَمْضي في الغُبارِ

وَها هُوَ ذِئْبُ البَراري يَجْلِسُ لِيَسْتَريح تَحْتَ أشْجارِ اليوكا *

* نهر يجري من غرب إلى جنوب غرب المكسيك، ويعبر كلا من أريزونا وكولورادو.

* لقب يطلق على الرجل الأبيض في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، ويستخدم في المناطق الناطقة باللغة الإسبانية، ولا سيما أمريكا اللاتينية.

* بلدة في جنوب أريزونا

* أشجار تنبتُ في مناطق سكان أمريكا الجنوبية الأكثر دِفئا وخاصة ولاية نيومكسيكو

(6)

كيف تعلمت المشي

أسْكُتْ. لا تَقُلْ ذلكَ بِصَوْتٍ عالٍ: لون شعره،

رائِحَةُ الحامِضِ في جِلْدِهِ، الطريقةُ يَرْتَفِعُ بِها بَطْنُهُ حينَ ينام.

لَمْ أفْعَلْ شَيْئاً، لَمْ أَقُلْ شَيْئاً.أبولُ في زاوِيَةِ الغٌرْفَةِ، المِرْحاضُ الخارِجِيُّ بَعيدٌ، أعْتَقِدُ

أنَّ أزْهارَ البُرْتُقالِ تَدْعوني لآكُلَها. إنَّني أقذفُ الصُّخورَ على

الخَفافيشَ المُعَلَّقَةِ في مُنْتَصَفِ المَسافَةِ بَيْنَ أشْجارِ اللوزِ.

كُنْتَ أرْتَدي جِلْدَ السَّحالي. كُنْتُ أشْعُرُ بالمَلَلِ. تماما

كَذلِكَ الزَّمَنِ الذي طَلَبْتُ فيه من (لوز) أنْ تَفْرُكَ قَلَمها

بِشَعْري، كُنْتُ أريدُ أن أرتَدِيَ كيساً بلاسْتيكياً

لأشُمَّ رائِحَةَ البَنْزينِ، وأنْ أحْلِقَ شَعْري، لأشْعُرَ

بأنَّ شيْئاً ما كَيَدَيْه يُلامِسُ رَأْسي.

حينَ أنْشِبُ أظافِري في الوسائِدِ، أفَكِّرُ فيهِ. إنْ

كانَ يَنامُ

وَوَجْهُهُ إلى الأسْفَلِ كما أفْعَلُ. أوْ إذا كانَ كانَ بِإمْكانِهِ رَبْطَ الخُيوطِ

بِظُهورِ اليَعاسيبِ. سَمِعْتُ

كَيْفَ تَعَوَّدْتُ أنْ أرْكُضَ نَحْوَهُ. شعرهُ ما يَزالُ

تَفوحُ مِنْهُ رائِحَةُ السَّمَكِ، والبَنْزينِ، والأعشابِ البَحْرِيَّةِ. وهكذا

تَعَلَّمْتُ كَيْفَ أمْشي، كَما يَقولونَ. إصْمِتْ إذا ما خَطَوْتُ

خارِجَ هذا البابِ، أريدُ أن أعْرِفَ أنْ لا شَيءَ يُمْكِنُ أنْ يَأخُذَني.

لا الشاحِنَةُ التي هَرَعَ نَحْوَها. ولا الرَّجُلَ الذي دَفَعَ لَهُ

لِيَأخُذَهُ.

ماما باتي كانَ نائِما حيَنَ تَرَكوهُ. الناسُ يَقولونَ

عَلى نَحْوٍ ما مَشَيْتُ عَبْرَ حَقْلِ الذُّرَةِ في الفَجْرِ

وَعلى بُعْدِ خُطُواتٍ قَليلَةٍ كانَ يَجِبُ أنْ أراهُ

وأنْ أرْكَبَ الشّاحِنَةَ. كُنْتُ اثنَيْنِ. جَلَسْتُ خَلْفَ شَجَرَةِ سيبا،

مُنْتَظِرا. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أحَدٌ العُثورَ عَلَيَّ.

(7)

السلفادور

سِلفادور، إذا عُدْتُ في يَوْمٍ صَيْفِيٍّ،

فبِإبْهامي الرَّطِبِ، سَوْفَ أنَظِّفُ لِحْيَتَكِ مِنَ المِلْحِ

وإذا لَمَسْتُ وَجْهَكِ البُرْكانِيِّ،

سأقَبِّلُ نَفَسَكِ الإسْفنْجِيِّ

أرْجوكِ، لا تَدَعي رِجالَ الشُّرْطَةِ يَقولونَ: إنَّهُ مِنْ رِجالِ العِصاباتِ.

لا تَدَعي رِجال العِصاباتِ يقولونَ: إنَّهُ أبْنُكِ، إبْنُ الخَطيئَةِ

لَطَّخَكِ بالدَّمِ، ذلِكَ السّائلِ الأحْمَرِ.

كُلَّ يومٍ يَقومُ رِجالُ الشُّرْطَةِ وَرِجالُ العِصاباتِ

والرُّؤَساءُ، والأشْرارُ

بِنَقْرِكِ بِمناقيرِهِمْ المَعْدَنِيَّةِ.

لَقَدْ أقْسَمَ أبي أنْ لا يَعودَ أبَداً،

وأمّي ترُيدُ أن تَرى أمَّها، وفي الأخْبارِ:

كُلُّ يَومٍ أكْياسٌ سَوداءُ. المّزيدُ والمَزيدُ مِنّا يُغادِرونَ.

الآباءُ يَقولونَ: لا تَذْهَبْ، أنْتَ مَوْشومٌ، هذا هوَ القانونُ الذي لا تَعْرِفُهُ

ما الذي يَعْنيهِ القانونُ هُناكَ؟ لَيْسَ لَدَيْنا بِطاقاتٌ خَضْراءُ.

أجْدادُنا يقولونَ: لَنْ يَحْدُثَ شَيءٌ هُنا.

إبنُ عًمّي يَقولُ: هنا الأسْوَأ. لا تَأتِ. وألا سَتَكونُ سِلفادورِيّاً غَبِياً.

ألا تَرى حَقائِبَنا السَّوداءَ، بُيوتَنا الفارِغَةَ، خَوْفَنا مِنَ القَوْلِ: الحَرْبُ لَمْ تَتَوَقَّفْ أبَداً.

وَما تَزالُ تَكْذِبُ وَتَقولُ: أنا بِخَيْرٍ، أنا بِخَيْرٍ.

لكِنْ إذا لَمْ أقُمْ بِتَنْظيفِ شَعْرِ جَدَّتي، وَغَسْلِ أوانيها ومَقاليها،

فَسَأبْكي كُلَّ لَيْلَةٍ، كَهذِهِ الليْلَةِ، التي أرْغَبُ فيها أن يَكونَ حُبَّكِ في غايَةِ السُّهولَةِ،

سَهْلٌ للدَّرَجَةِ التي لَنْ نُخاطِرَ

مِنْ أجْلِهِ بِحَياتِنا أبَداً.

ولد الشاعر خافيير زامورا في بلدة ساحلية لصيد الأسماك في السلفادور تدعى هيرادورا. هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهو في سن التاسعة للانضمام إلى والديه اللذين سبقاه في الهجرة إلى ولاية كاليفورنيا. حصل على درجة البكالوريوس من بيركلي بجامعة كاليفورنيا، وحصل على الماجستير من جامعة نيويورك. وهو منذ عام 2016 يعمل زميلا في جامعة ستانفورد.

أصدر زامورا مجموعته الشعرية (بلا صحبة) عن دار كوبر كانيون للنشر عام 2017. وفاز كتابه (تسع سنوات من الهجرة بمسابقة (أسلحة الفن العضوية) عام 2011. وظهرت قصائده في العديد من المجلات الأدبية الشهيرة مثل (اميريكان بويتري ريفيو) و(مجلة الشعر) و(كانيون ريفيو) و(نيو ريببليك)، وغيرها من المجلات.

بدأ حب زامورا للشعر في عامه الأخير من الدراسة الثانوية، حين زارت المدرسة الشاعرة ربيكا فوست، وقامت بتعريفهم على ديوان الشاعر التشيلي الكبير بابلو نيرودا (عشر قصائد حب وأغنية لليأس). وغالبا ما تعبر قصائد زامورا عن التاريخ والحدود والذاكرة. في مقابلة له مع بولا بيتي عام 2014، قال زامورا: «الشعر أمر مهم لأن هناك تاريخا لجميع الشعراء الذين تعرضوا للخطر في حياتهم. ويجب أن يكتب. أعتقد إننا في الولايات المتحدة ننسى أن الكتابة وحمل لافتة « كونك شاعرا « ترتبطان بتاريخ طويل من الناس الذي تعرضوا للخطر في حياتهم، وخاطروا بحياتهم من أجل كتابة تلك الكلمات».

نال زامورا الكثير من الألقاب الأدبية مثل الزمالة الأدبية الوطنية، وزمالة اوكونور للكتابة الإبداعية في جامعة كولجيت، ومؤتمر كتاب وادي نابا، ومؤتمر الشعر. وفي عام 2016 كان من المرشحين لجائزة نوبل للآداب، وجائزة محرري ميريديان، والزمالة الشعرية من مؤسسة الشعر. نزوى

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى