سياسة

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 9

أحداث

النظام تمدد إلى كوباني والرقة والطبقة بحماية روسية

واصلت القوات الأميركية انسحابها من سوريا وقت دخلت قوات سورية نظامية الى مدينتي الرقة والطبقة وبلدة كوباني (عين العرب) على الحدود السورية – التركية. وتصاعدت الضغوط الاميركية على تركيا كي توقف هجومها، بينما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ان شرطه لوقف النار هو أن يلقي المقاتلون الأكراد السلاح على طول الحدود.

وصرح الناطق باسم التحالف الدولي الكولونيل مايلز بي. كاغينز على “تويتر”: “قوات التحالف تواصل انسحاباً مدروساً من شمال شرق سوريا. انسحبنا في 16 تشرين الاول من مصنع لافارج للإسمنت والرقة والطبقة”.

ونقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية، أن القوات السورية سيطرت على منطقة مساحتها تزيد على ألف كيلومتر مربع حول مدينة منبج. وأوضحت أن تلك المنطقة تشمل قاعدة الطبقة الجوية ومحطتين للطاقة الكهرومائية وجسوراً عدة على نهر الفرات.

وبثت قناة “روسيا اليوم” أن الجيش السوري دخل مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود مع تركيا، بموجب اتفاق رعته روسيا بين الحكومة السورية والسلطات الكردية المحلية لمواجهة عملية “نبع السلام” التركية.

وسجّل هذا التحرك بعدما عبرت قوات تابعة للجيش السوري نهر الفرات، وتجمعت عند جسر قره قوزاق على نهر الفرات قرب عين العرب استعداداً لدخولها.

وبالتوازي مع دخول الجيش المدينة، نشرت الشرطة العسكرية الروسية دوريات لها في المنطقة.

ونقلت وكالة “سبونتيك” الروسية عن مصدر ميداني، أن وحدات من الجيش بدأت الانتشار على مداخل المدينة ومخارجها، فضلاً عن بعض المواقع المهمة على تخومها.

وكان الجيش السوري والجانب الروسي ينتظران انسحاب القوات الأميركية من قاعدة خراب عشق جنوب عين العرب لدخولها.

وتعد عين العرب أهم معاقل “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) في الساحل الشرقي لنهر الفرات بسوريا، وتحظى المدينة بأهمية استراتيجية على خريطة المنطقة الآمنة التركية المخطط لها في شمال شرق سوريا، لانها صلة الوصل بين مناطق عمليات الجيش التركي في ريف حلب الشمالي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، ومنطقة عمليات “نبع السلام”، شرق الفرات.

في غضون ذلك، حذرت تركيا من أنها لن توافق على بقاء القوات الكردية السورية في مدينة منبج تحت حماية القوات الروسية. وصرح الناطق باسم الرئاسة التركية ابرهيم كالين :”من غير المقبول أن يرفع العلم الروسي مكان العلم الأميركي، وان تبقى وحدات حماية الشعب الكردية في المدينة ولو تحت سلطة قوة أخرى”.

وفي وقت سابق، نقلت الصحافة التركية عن اردوغان ان عودة قوات النظام الى منبج ليست حدثا “سلبيا جداً جداً”، وأن المهم هو “خروج وحدات حماية الشعب الكردية منها”.

وأكد ان لقاء سيعقد “في مستقبل قريب” بين اردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأوفد ترامب إلى تركيا نائبه مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو لمحاولة انتزاع وقف للنار.

وبعدما قال أردوغان إنه لن يتباحث إلا مع ترامب، أفادت الرئاسة التركية أنه سيلتقي المسؤولين الأميركيين اليوم.

ولكن سبق لأردوغان رفض “الجلوس الى الطاولة نفسها مع منظمة إرهابية”، في إشارة إلى “وحدات حماية الشعب” الكردية، وأكد أن على المقاتلين الأكراد أن يلقوا سلاحهم ويتراجعوا، قائلاً: “حالا، هذا المساء، ليلق جميع الإرهابيين سلاحهم ومعداتهم ويدمروا كل تحصيناتهم وينسحبوا من المنطقة الآمنة التي حددناها”.

الاتفاق السوري – الكردي

ورأى القائد العام لـ”قسد” مظلوم عبدي، أن التوصل إلى مذكرة تفاهم مع الجيش السوري هو خطوة نحو التسوية السياسية وإيجاد حل لشمال شرق سوريا في الدستور السوري. وأوضح أنه “سيجري البحث في القضايا السياسية لاحقاً مع الحكومة السورية”.

ودعا القوى السياسية الكردية لاتخاذ موقف واضح من الهجوم التركي، مناشداً “الأكراد أن يضعوا تناقضاتهم جانباً ويدعموا المقاومة”. واتهم قوى سياسية كردية في الائتلاف السوري المعارض بأنهم شركاء في الهجوم.

وانتقد المواقف التي صدرت في العالم ضد تركيا، معتبرا أنها “غير كافية ويجب إيقاف هذه الحرب”. وأكد أن “قسد” سحبت قواتها من الحدود “وتسلمت القوات المحلية ذلك”، مشيرا إلى أن الجيش السوري لم ينفذ الاتفاق في ما يتعلق بانتشار وحداته على طول الحدود مع تركيا.

ووصف التقارير عن تسليم “قسد” أراضي الى الحكومة السورية بأنها غير صحيحة. وشدد على أن “روسيا هي ضامن اتفاقنا مع الحكومة السورية بعد الانسحاب الأميركي”.

وكشف أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب قال له في اتصال هاتفي إن أميركا لا تعترض على اتفاق بين القوات والجيش السوري للانتشار في المناطق الكردية.

ترامب: الاكراد ليسوا ملائكة

ومع توجه بنس وبومبيو الى تركيا، أبلغ ترامب لالصحافيين في البيت الابيض، أنه لم يعط الضوء الأخضر لأردوغان للتوغل في شمال شرق سوريا، وأن الرئيس التركي كان يخطط لهذا التحرك منذ فترة طويلة وأنه لم بشأن تعريض القوات الأميركية للخطر.

وأضاف أن الولايات المتحدة “ستحاول تسوية الأمر مع تركيا” في ما يتعلق بالهجوم، لكن العقوبات ستكون “مدمرة” إذا لم تمض المحادثات مع أنقرة بشكل جيد، في اشارة الى زيارة بنس وبومبيو. وقال: “أعتقد أنهما سيعقدان اجتماعاً ناجحاً… وإذا لم يحصل ذلك فإن العقوبات والرسوم والأمور الأخرى التي نفرضها وسنفرضها على تركيا ستكون مدمرة للاقتصاد التركي”.

ولاحظ أن هناك الكثير من الدول التي تكره تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بقدر ما نكرهه. وأحياناً أكثر منا”، وهذه الدول يجب أن تحل محل الولايات المتحدة. وقال ساخراً: “يمكن أن تحصل سوريا على مساعدة من روسيا، لا مشكلة في ذلك، فهناك الكثير من الرمال هناك، هناك الكثير من الرمال التي يمكنهم الاستمتاع بها”.

ثم قال: “نحن في وضع استراتيجي جيد جداً. إنه رائع من وجهة نظر إستراتيجية”، مشيراً إلى أن جميع الجنود الأميركيين انسحبوا من المنطقة. وختم : “سنساعد في التفاوض. نريد أن تتوقف الحروب من منظور إنساني”.

وردّ على الاتهامات له خصوصاً من حلفائه الأجانب بـ”التخلي” عن الأكراد، بقوله: “أساسا هم (الاكراد) ليسوا ملائكة… الأكراد هم في أمان أكثر حالياً. الأكراد يعرفون كيف يقاتلون. لقد قاتلوا معنا، لقد دفعنا الكثير من المال كي يقاتلوا معنا وهذا جيد”.

ودافع مجددا عن قراره سحب الجنود الأميركيين من شمال شرق سوريا وقال :”إذا دخلت تركيا سوريا فهذه قضية بين تركيا وسوريا، وليست قضية بين تركيا والولايات المتحدة مثلما يريد كثير من الأغبياء أن يجعلوكم تصدقون”.

مجلس الامن

وفي نيويورك، عبر مجلس الأمن عن قلقه من مخاطر تدهور الوضع الإنساني في شمال شرق سوريا وهروب مقاتلي “داعش”، لكنه لم يتطرق إلى الهجوم التركي في المنطقة.

واتفق مندوبو الدول الأعضاء في المجلس على بيان مقتضب بعد جلسة مغلقة هي الثانية منذ بداية العملية التركية التي أجبرت عشرات الآلاف من المدنيين على النزوح وأثارت تساؤلات عن مصير الآلاف من مقاتلي “داعش” في السجون الكردية.

وقالت الدول الأوروبية الأعضاء في بيان مشترك بعد جلسة مجلس الأمن: “نأسف بشدة لعدم استجابة تركيا حتى الآن لهذه المناشدات المتكررة من حلفائها، ولا نعتقد أن العملية العسكرية التي تنفذها تركيا بشكل أحادي ستعالج مخاوفها الأمنية الأساسية”.

———————-

القوات التركية والفصائل الموالية لها تتقدم داخل مدينة رأس العين الحدودية

بيروت: تقدمت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها الخميس داخل مدينة رأس العين الحدودية في شمال شرق سوريا، وباتت تسيطر على نحو نصف مساحتها، إثر اشتباكات عنيفة ضد قوات سوريا الديموقراطية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتشنّ تركيا مع فصائل سورية موالية لها هجوماً منذ التاسع من الشهر الحالي في شمال شرق سوريا، تسبّب بنزوح أكثر من 300 ألف مدني. وتمكّنت بموجبه من السيطرة على مناطق حدودية واسعة باستثناء رأس العين، حيث تدور معارك عنيفة.

وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن عن أن “القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها تمكنت فجر الخميس من السيطرة على نحو نصف مساحة رأس العين بعد خوضها اشتباكات عنيفة ضد قوات سوريا الديموقراطية، ترافقت مع غارات كثيفة مستمرة منذ ثلاثة أيام”.

وقال عبد الرحمن: “إنه أول تقدم حقيقي للقوات التركية داخل المدينة، بعد مقاومة شرسة أبدتها قوات سوريا الديموقراطية خلال أسبوع” من المعارك.

ومنذ بدء هجومها، حقّقت القوات التركية تقدماً سريعاً، وباتت تسيطر على شريط حدودي يمتد على طول نحو 120 كيلومتراً، ويصل عمق المنطقة تحت سيطرتها في إحدى النقاط إلى أكثر من ثلاثين كيلومتراً، بحسب المرصد.

ويخوض الطرفان معارك مستمرة في المنطقة الواقعة بين مدينة رأس العين وبلدة تل تمر جنوبها، تترافق مع غارات تركية وقصف كثيف، وفق المرصد.

ونزح أكثر من 300 ألف مدني منذ بدء الهجوم، في “واحدة من أكبر موجات النزوح خلال أسبوع” منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، وفق عبد الرحمن.

وفرّ غالبية هؤلاء من محافظة الحسكة حيث تتركز المعارك، بالإضافة الى منطقتي كوباني (حلب) ومنطقة تل أبيض (الرقة) في شمال البلاد.

وفرّ، وفق الأمم المتحدة، نحو ألف شخص إلى العراق المجاور.

وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات انسانية من ظروف صعبة يعيشها النازحون، خصوصاً بعدما علّقت منظمات إغاثة كبرى نشاطها في المنطقة وسحبت موظفيها خلال الأيام الأخيرة.

ومنذ اندلاع الهجوم، قتل 72 مدنياً على الأقل بنيران تركيا والفصائل الموالية لها، بالإضافة إلى 203 من مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية، وفق المرصد.

وأحصت أنقرة من جهتها مقتل ستة جنود أتراك في المعارك، و20 مدنياً جراء قذائف اتهمت المقاتلين الأكراد بإطلاقها على مناطق حدودية، كما قتل 171 عنصراً من الفصائل السورية الموالية لأنقرة وفق المرصد.

وبناء على طلب الإدارة الذاتية الكردية بعد تخلي داعمتها واشنطن عنها، انتشرت قوات النظام السوري على طول الحدود. وباتت موجودة في مناطق عدة أبرزها مدينتي منبج وكوباني (عين العرب).

وتهدف تركيا من هجومها إلى إقامة منطقة عازلة تنقل اليها قسماً من 3.6 مليون لاجئ سوري موجودين على أراضيها.

ورغم ضغوط دولية واسعة، رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقف عمليته العسكرية، فيما أرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نائبه مايك بنس الى أنقرة لإقناع تركيا بوقف إطلاق النار.

(أ ف ب)

—————————————-

معارك بين جيشي النظام والمعارضة… واردوغان يدعو الأكراد لإلقاء السلاح

هبة محمد وإسماعيل جمال

دمشق ـ «القدس العربي»: دارت اشتباكات عنيفة الأربعاء، بين قوات النظام السوري والميليشيات الكردية من طرف، وفصائل المعارضة والجيش التركي من طرف آخر، شمال سوريا، في مدينة رأس العين في ريف الحسكة، التي شهدت ما يشبه حرب شوارع شرسة، حيث ‏شنت قوات سوريا الديمقراطية الأربعاء هجوماً معاكساً على قوات الجيش الوطني وحليفها الدولي، ترافق مع قصف مكثف ومتبادل، بين الطرفين، فيما تمكنت فصائل المعارضة من امتصاص الهجوم والتقدم على حساب الوحدات الكردية.

وقال المتحدث باسم الجيش الوطني الرائد يوسف الحمود لـ«القدس العربي»: «قواتنا تقدمت وحررت عدداً من القرى، فيما تدور الاشتباكات داخل مدينة رأس العين والسيطرة الكبيرة لقواتنا».

وأكد المرصد السوري استعار المعارك على جبهات عدة شرق الفرات منذ مساء الثلاثاء، بين القوات التركية والفصائل المعارضة من طرف، وقوات سوريا الديمقراطية من طرف آخر، حيث «واصل الأول هجومه من 3 محاور، وقُتل 12 من فصائل المعارضة، كما قُتل 14 من قوات سوريا الديمقراطية.

ووثق المرصد السوري قصفاً صاروخياً نفذته قوات النظام المتمركزة في محيط عين عيسى في ريف الرقة الشمالي، بعد منتصف الليل، على مواقع فصائل المعارضة والجيش التركي.

كما قالت وكالة فرانس برس إن اشتباكات عنيفة اندلعت شمال شرقي عين عيسى بين «القوات النظامية والوحدات الكردية من جهة، والفصائل الموالية لتركيا من جهة أخرى، حيث تدور المعارك قرب الطريق الدولي، في المناطق الفاصلة بين مناطق السيطرة الكردية والمناطق التي سيطرت عليها القوات الموالية لأنقرة مؤخرا».

تزاًمنا، يدور سباق محموم للسيطرة على مدينة منبج شرقي مدينة حلب، حيث اندلعت مواجهات متقطعة بين الجيش الوطني والقوات التركية، من جهة، وقوات النظام السوري ومن خلفه موسكو، من جهة ثانية، وذلك أثناء تشديد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على رفضه «التفكير في احتمال وجود اتفاق بين النظام السوري و«قسد» حول منبج» لاسيما بعد إبرامه «اتفاقا سابقا مع روسيا حول هذه المنطقة».

جاء ذلك في تصريح لأردوغان للصحافيين عقب اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، أمس، حيث قال «عندما نلتقي بالسيد بوتين سنعرض لهم جميع تلك الخرائط التي توجد باللغتين التركية والروسية»، مضيفاً «لا همّ لنا أن نكون في منبج، همّنا الوحيد أن تُخرج روسيا أو النظام تنظيم «ي ب ك/ ب ي د» الإرهابي من هناك، هذا الوعد قطعه لنا السيد ترامب أولًا، حيث قالوا إنهم سيخلون هذه المنطقة من التنظيم الإرهابي خلال 90 يوما… لقد مر عام ونصف العام ولم يخلوها».

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الأربعاء إن حزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا ضد انقرة منذ عقود، يشكل «على الأرجح» تهديدا ارهابيا أكبر من تهديد تنظيم الدولة الإسلامية، وتابع في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض «حزب العمال الكردستاني، الذي هو جزء من الأكراد كما تعلمون، هو على الأرجح اسوأ في الإرهاب ويشكل خطراً إرهابيا أكبر بأوجه عديدة، من داعش»، ومن جهتها تحاول واشنطن إيقاف العملية العسكرية التركية، حسب ما صرح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أمس، حيث قال إنه ونائب الرئيس مايك بنس يعتزمان منع تركيا من مواصلة هجومها في سوريا عندما يجتمع وفد أمريكي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المفترض اليوم.

وقال بومبيو في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس، إن هدف الوفد الأمريكي هو إيجاد حل للوضع في سوريا وليس الإضرار بالعلاقات الأمريكية التركية، مضيفاً «نتوقع الاجتماع مع الرئيس أردوغان».

وأضاف أن «من المهم أن يجري مسؤولون كبار من إدارة ترامب محادثات مباشرة وجهاً لوجه». وتابع «يتعين وقف التوغل في سوريا. نريد منهم التراجع. نريد وقفاً لإطلاق النار كي نتمكن من إعادة الأمور إلى نصابها مرة أخرى».

ويقرأ مراقبون موقف الولايات المتحدة الأمريكية والضغوط على أنقرة حيال عملية «نبع السلام»، بأنها شكل تحدّياً نسبياً أمام تركيا، خاصة أنّها تترافق مع ضغوط أوروبية وعربية ومساعٍ حثيثة من قبل روسيا لتحقيق أكبر استفادة من نتائج العملية العسكرية على حساب المصالح التركية.

وفي هذا الإطار اعتبر مركز جسور للدراسات الاستراتيجية «أنّ مستوى الضغوط ما زال حتى الآن ضمن النطاق القابل للمقاومة التركية، ولا يبدو أمام أنقرة إلّا المضي قدماً لحين انتهاء المرحلة الأولى من العملية قبل أي حديث عن إيقاف المسار العسكري».

من جهة أخرى أفاد ضباط أمريكيون بأن قرار انسحاب القوات الأمريكية من سوريا لا يشمل دير الزور، حسب الأناضول.

وأوضحت مصادر مطلعة لمراسل الأناضول، الأربعاء، أن ضباطاً أمريكيين اجتمعوا مع وجهاء عشائر في دير الزور في حقل العمر النفطي الذي تتخذه القوات الأمريكية مقراً لها.

وأشارت المصادر التي رفضت ذكر اسمها لأسباب أمنية، أن الضباط الأمريكيين أكدوا في الاجتماع الذي استمر لنحو ساعة أن قرار الانسحاب من سوريا لا يشمل محافظة دير الزور، وأنهم سيواصلون البقاء فيها.

وتتمركز القوات الأمريكية في مناطق سيطرة منظمة «ي ب ك – بي كا كا» الإرهابية في دير الزور، المحافظة الأغنى بحقول النفط والغاز في سوريا.

——————————

اليونان تحذر من موجة هجرة جديدة إلى أوروبا

حذر رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن “على أوروبا أن تستعد لموجة جديدة محتملة من المهاجرين واللاجئين”، في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس الأربعاء عشية مجلس أوروبي ينعقد وسط توتر كبير بعد الهجوم التركي على شمال سوريا.

وبعد مئة يوم على تولي مهامه، صعد ميتسوتاكيس اللهجة تجاه دول الاتحاد الأوروبي التي ترفض استقبال مهاجرين على أراضيها، في وقت باتت اليونان مجددا هذه السنة البوابة الرئيسية لدخول المهاجرين إلى أوروبا.

وقال رئيس الوزراء المحافظ “يجب أن يكون هناك عواقب للذين يختارون عدم المشاركة في هذا التضامن الأوروبي”.

وكان ميتسوتاكيس حذر في كلمة ألقاها في البرلمان اليوناني بأنه سيطلب إنزال “عقوبات محددة” بهذه الدول، من غير أن يذكرها بالاسم.

ومع تخطي عدد طالبي اللجوء في اليونان 70 ألفا بينهم حوالى 33 ألفا في جزر بحر إيجه القريبة من تركيا، وصف ميتسوتاكيس بـ”غير مقبول نهج عدة دول أعضاء (في الاتحاد الأوروبي) تعتبر أن المسألة لا تعنيها إطلاقا”.

وقال في المقابلة “لدينا ما بين ثلاثة وأربعة آلاف قاصر غير مصحوبين بذويهم في اليونان، لن يكون صعبا للغاية على الدول الأوروبية أن تأخذ على عاتقها جزءا من العبء”.

وكان زعيم حزب “الديموقراطية الجديدة” اليميني الذي خلف رئيس الوزراء اليساري ألكسيس تسيبراس في تموز/يوليو، وعد بأن يطرح خلال أول مجلس أوروبي يحضره الخميس والجمعة “مسألة تقاسم عبء” الهجرة، مؤكدا “لا يمكن تفادي ذلك  اليونان غير قادرة على التعامل مع هذه المشكلة وحدها”.

وتابع ميتسوتاكيس الذي تشكل الهجرة أحد “التحديات” الكبرى بوجهه، “إن نظرتم فقط إلى عدد (المهاجرين) الذين عبروا بحر إيجه هذا الصيف بالمقارنة مع الصيف الماضي، إننا نواجه المشكلة بنسب خطيرة”.

وبحسب أرقام المفوضية العليا للمهاجرين، وصل أكثر من 46 ألف مهاجر إلى اليونان عام 2019، ما يزيد عن عدد الوافدين إلى إسبانيا وإيطاليا ومالطا وقبرص معا.

وحتى إن كان هذا الرقم لا يقارن بمليون لاجئ وصلوا إلى أراضيها عام 2015، فإن هذه الموجة الجديدة تعيد طرح مسألة استقبال اللاجئين في اليونان، ولا سيما مع اكتظاظ المخيمات التي أقيمت لاستقبالهم في جزر بحر إيجه، ما يجعلها عاجزة عن استقبال موجة جديدة من المهاجرين قد تتأتى عن الهجوم التركي على شمال سوريا.

وندد ميتسوتاكيس بشدة بـ”التوغل” التركي في شمال سوريا معتبرا أنه يثير “”بؤرة جديدة لانعدام الاستقرار يمكن أن تثير موجة هجرة جديدة” في أوروبا، مع ورود مخاوف بأن يصل طالبو اللجوء الجدد عبر اليونان.

– إردوغان “يبتز” أوروبا –

وسئل ميتسوتاكيس عن تهديد إردوغان بـ”فتح الأبواب” أمام 3,6 مليون لاجئ يقيمون في تركيا ردا على الانتقادات الأوروبية لهجومه في سوريا، فرأى أنه “غير مقبول  أن تتعرض أوروبا لمثل هذا الابتزاز”.

وقال “نمر بمرحلة من الاضطرابات الشديدة وعلينا أن نوقف العاصفة” معتبرا أن تنفيذ تهديد كهذا سيؤدي إلى تراجع العلاقات أكثر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.

وتابع “إن سلوك أنقرة يجعل معالجة مشكلة الهجرة أكثر تعقيدا” مضيفا “كان الاتحاد الأوروبي سخيا مع تركيا (في الاتفاق الثنائي في آذار/مارس 2016 حول ضبط حركة الهجرة)، لا أعتقد أن تركيا تدرك ذلك بشكل تام”.

ومسألة الهجرة هي برأيه “الأصعب اليوم” لأن اليونان غير قادرة على “ضبطها”. وقال “إننا دعامة للاستقرار في منطقة مضطربة، لا يمكننا تغيير الجغرافيا (لكننا) بحاجة إلى مزيد من الدعم من أوروبا”.

وطالب بـ”وسائل تكنولوجية” لرصد سفن المهاجرين قبل انطلاقها من السواحل التركية، أو بتعزيز وكالة فرونتيكس الأوروبية لمراقبة الحدود، والبحث في ما يمكن لهذه الهيئة أن “تفعل أو ألا تفعل” في بحر إيجه.

ومن المقرر ان تبعد الحكومة اليونانية حوالى 10 آلاف مهاجر إلى تركيا بحلول 2020، وأوضح ميتسوتاكيس أنه من أجل تحقيق ذلك “تقضي الأولوية الأولى بتسريع إجراءات اللجوء: حين لا يكون الوافد مؤهلا للهجوء، عندها ينبغي إعادته إلى تركيا” عملا بما ينص عليه الاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع أنقرة في آذار/مارس 2016.

———————————

تقدم تركي في رأس العين.. والنظام يدخل عين العرب/ عدنان أحمد

حققت قوات “الجيش الوطني السوري”، مسنودة بالدعم التركي، المزيد من التقدم في مدينة رأس العين في ريف محافظة الحسكة، الواقعة على الحدود السورية التركية، في وقت دخلت فيه وحدات من قوات النظام السوري ترافقها الشرطة العسكرية الروسية مدينة عين العرب (كوباني) الحدودية أيضاً، بعد إعاقة ليومين من جانب قوات التحالف الدولي.

وقالت مصادر محلية إن معارك عنيفة ومتواصلة تدور داخل مدينة رأس العين بين قوات “الجيش الوطني” و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) داخل مدينة رأس العين وسط قصف جوي ومدفعي من الجانب التركي على مواقع “قسد”. وأكدت المصادر أن “الجيش الوطني” حقق المزيد من التقدم خلال الساعات الأخيرة، وسيطر حتى الآن على أكثر من نصف المدينة، وسط تقهقر للوحدات الكردية التي باتت تخشى أن تتعرض للحصار داخل المدينة، مع انتزاع قوات الجيش الوطني السيطرة على المزيد من القرى في المحيط.

وأعلن “الجيش الوطني” استعادة السيطرة على صوامع العالية جنوب رأس العين، في إطار المعارك الجارية حالياً مع الميليشيات الكردية داخل المدينة وفي محيطها. وأعلن الجيش الوطني أنه استحوذ على مستودعات أسلحة وذخيرة بعد سيطرته على معسكر العالية جنوب رأس العين.

وبحسب المصادر المحلية، فقد شكّل أبناء رأس العين لواء “أحرار رأس العين” بهدف تطهير المنطقة، التي تقطنها غالبية عربية، من المليشيات الكردية المسلحة.

وتستمر الاشتباكات بين الطرفين على محور العالية ومحاور أخرى في المنطقة الواصلة بين تل تمر ومدينة رأس العين، تترافق مع غارات جوية من قبل طائرات تركية، وقصف مدفعي مكثف، طاول أيضاً مناطق في ريف بلدة المالكية بمحافظة الحسكة.

وأعلن “الجيش الوطني” انتزاع السيطرة على قرى كندار وقطرانة وديك ومزارعها وشويحة والعثمانية غرب تل أبيض، إضافة إلى قريتي العادي والصالحين قرب مدينة عين عيسى بالرقة، بعد اشتباكات مع “قسد”، فيما قُتل عنصران من قوات “الأسايش” التابعة للإدارة الذاتية الكردية، وجرح خمسة جراء هجوم شنه مجهولون على حاجز لهم في مدينة الرقة.

من جهة أخرى، دخلت قوات النظام، مساء الأربعاء، مدينة عين العرب (كوباني) وتمركزت في 3 مواقع عند الحدود مع تركيا، وهي تلة كانيه شرق المدينة، والبلدية غرب المدينة، إضافة إلى البوابة في مركز مدينة عين العرب، وذلك بموجب الاتفاق المبرم برعاية روسية بين النظام السوري ومليشيا “قسد”.

وكانت قوات النظام والقوات الروسية تنتظران انسحاب القوات الأميركية من قاعدة “خراب عشق”، جنوبي عين العرب، لدخولها.

وعين العرب من أهم معاقل “قسد” شرق نهر الفرات، وتحظى بأهمية استراتيجية على خريطة المنطقة الآمنة التركية المخطط لإقامتها شمال شرق سورية، لكونها حلقة الوصل بين مناطق عمليات الجيش التركي في ريف حلب الشمالي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، ومنطقة عمليات “نبع السلام”، شرق الفرات.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم الخميس، مقتل 673 عنصراً من المسلحين الأكراد منذ بدء العملية العسكرية شمال سورية في 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

“قسد”: لن نسلم مقاتلي “داعش” للنظام أو تركيا

في سياق متصل، أعلنت “قسد” أنها لن تسلّم مسلحي تنظيم “داعش” وعائلاتهم المعتقلين لديها لتركيا أو النظام السوري.

وقال القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، في حوار مع قناة “روداو” الكردية: “مسلحو داعش المعتقلون وعائلاتهم لدينا، نحن من ألقى عليهم القبض، ونحن من يحدد مصيرهم”.

وأكد عبدي أن الأكراد لن يوافقوا على تسليمهم لـ “تركيا أو الحكومة السورية، حتى في حال سيطرتهم على الأراضي التي تقع تحت سيطرة قسد”، مشيراً إلى أن 12 ألف شخص من التنظيم محتجزون في سجون الأخيرة.

اقــرأ أيضاً

وزير خارجية العراق: عدد الدواعش الأجانب كبير جداً

ورأى عبدي أن الاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة بشأن مواجهة التنظيم لا يزال قائماً، لكن “قسد” جمدت مشاركتها في قتال التنظيم وأعطت الأولوية لمواجهة الجيش التركي.

وتتحدث تقارير إعلامية عن أن “قسد” تحتجز نحو 11 ألفاً من مسلحي تنظيم “داعش”، بينهم أفراد من أسر المسلحين، وأن 9 آلاف منهم من العراق وسورية، و2000 ينتمون إلى نحو 50 دولة.

وسبق أن قالت “قسد” في بيانات متكررة لها إن العملية العسكرية التركية قد تمسّ بقدرتها على حراسة عناصر التنظيم، وستؤدي إلى الفوضى وزيادة عمليات التنظيم في شمالي شرقي سورية، فيما استطاع أشخاص فرنسيون وبلجيكيون، بينهم نساء، من عوائل التنظيم، الفرار من سجن تديره “قسد” داخل أحد المخيمات، وكذلك فرّ آخرون من سجن مدينة القامشلي.

وقال رئيس الوكالة المعنية بتقييم المخاطر الأمنية في بلجيكا، بول فان تيجشيلت، إن خمسة بلجيكيين من تنظيم “داعش” فروا من مخيم يقع بمناطق سيطرة “قسد” في الأيام الأخيرة.

وأضاف “تيجشيلت” أمام لجنة في البرلمان أمس الأربعاء، أن رجلين وثلاث نساء، إما بلجيكيات أو على صلة ببلجيكا، فروا من سجن داخل مخيم كانوا محتجزين به في مناطق سيطرة “قسد”، مشيراً إلى أن 55 عنصراً من “داعش” على صلة ببلجيكا محتجزون في سورية.

وأعلنت الخارجية الفرنسية، الأربعاء، أن تسع نساء فرنسيات من عوائل تنظيم “داعش” هربن من مخيم يقع في مناطق سيطرة “قسد”، فيما أعلنت “الإدارة الذاتية” الكردية الأحد الماضي أن 785 شخصاً أجنبياً من عوائل تنظيم “داعش” فروا من مخيم بلدة عين عيسى شمال الرقة بالتزامن مع غارات جوية للطائرات التركية، قائلة إن الأشخاص هاجموا حراس المخيم وخلعوا الأبواب ثم لاذوا بالفرار.

يأتي ذلك، في وقت يسود فيه اعتقاد بأن قيادة “قسد” قد تتلاعب بملف معتقلي “داعش” بغية ابتزاز الغرب والتحريض على تركيا، وفق اتهامات وجهها مسؤولون أتراك. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قال الاثنين الماضي إن “قسد” قد تفرج عمداً عن معتقلين “داعش” في سجونها.

——————————-

ديرالزور: العشائر تفاوض روسيا.. وتتجنب المواجهة/ محمد حسان

أمام محل أبو محمد، للسمانة وسط سوق بلدة البصيرة في ريف ديرالزور الشرقي، يجلس عدد من أبناء البلدة منهمكين في نقاش يسترعي انتباه الحاضرين بكل تفاصيله. النقاش يدور حول سؤال يؤرق جميع أبناء المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” في ديرالزور: ما هو مصير المنطقة ولمن ستؤول السيطرة عليها حال الانسحاب الأميركي؟

تختلف أجوبة الحاضرين ويرتبط بعضها بالأماني. أبو أحمد يرى أن الأميركيين لن يتخلوا عن المنطقة، على عكس منبج والحسكة، أما سعيد فهو موقن بأن الانسحاب الأميركي قادم، وأن الروس والنظام هم البديل. أبو خلف، وبعدما يسحب نفساً عميقاً من سيجارته، يقول: “أنا مع رأي سعيد وراح يدخلون بعد مفاوضات معنا”، فيما يتوقع أبو محمد وصول “الجيش الوطني” والأتراك.

العشائر ترفض وتطالب

خرج أبناء العشائر العربية في المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، في مظاهرات متفرقة، الأربعاء، في ريفي ديرالزور الشرقي والغربي، بعد دعوات وجهها نشطاء محليين في وقت سابق.

المظاهرات خرجت من خمس نقاط رئيسية، أربع منها في ريف ديرالزور الشرقي بمدينة البصيرة وبلدة الشحيل وقريتي الصبحة وجديد بقارة، أما النقطة الخامسة كانت في بلدة الحصان بالريف الغربي.

وركز المتظاهرون خلال الاحتجاجات على رفض تسليم مناطقهم للنظام السوري والمليشيات الموالية له، أضافة لتأكيدهم على ضرورة أسقاط النظام ونيل السوريين لحريتهم وكرامتهم. وطالب المتظاهرون التحالف الدولي بتحمل مسؤوليته، من خلال العمل على حماية المنطقة ومنع دخول النظام وحلفائه لها.

الناشط المدني من ديرالزور عصام العجيل، قال لـ”المدن”، إن التحضير جارٍ للخروج بمظاهرات حاشدة الجمعة المقبلة في عموم مدن وبلدات الريف الخاضعة لـ”قسد”، آملاً أن تكون عامل ضغط على التحالف “لتحقيق مطالبنا”.

وأضاف العجيل “دخول النظام وحليفه الإيراني إلى المنطقة سيكون كارثياً، خاصة أنها تحوي آلاف المعارضين والمطلوبين لأجهزة النظام الأمنية على خلفية الأحداث المشتعلة منذ عام 2011”.

الدعوة للاجتماع

الظروف التي تمر بها منطقة شرق الفرات والرغبة في تفعيل دور العشائر، دفعت شيخ قبيلة العكيدات جميل رشيد الهفل، للدعوة إلى اجتماع عام للقبائل العربية للبحث في المستجدات التي تقبل عليها المنطقة.

دعوة الهفل جاءت بعد اجتماع تحضيري عقده مع وجهاء وشيوخ قبيلة العكيدات في مضافته ببلدة الحريجي شمالي ديرالزور.

الشيخ رشيد الهفل قال لـ”المدن”: “الاجتماع سيتم خلال أيام بعد استكمال دعوات شيوخ ووجهاء المنطقة بهدف اتخاذ قرار حول مصير المنطقة في حال الانسحاب الأميركي منها”.

وأضاف الهفل “أن الخيارات سوف تكون جميعها على طاولة التشاور والحوار، وكلنا أمل أن تتخذ القبائل العربية ما يحفظ كرامتها وسلامة أبنائها”.

أميركيا تغادر

في 15 تشرين الأول، أرسل السفير الأميركي جيمس جيفري، رسالة إلى العشائر العربية في الرقة وديرالزور، بعد الحديث عن نية “قسد” تسليم مناطق سيطرتها للنظام، أكد فيها أن الولايات المتحدة و”التحالف الدولي” ملتزمون بحمايتهم وحماية مناطقهم.

تأكيدات جيفري باتت أمراً لا تعول عليه عشائر ديرالزور، خاصة بعد قرار الرئيس ترامب القاضي بسحب كامل القوات من سوريا، والذي بدأ العمل به فعلياً في مدينة منبج وبعض المناطق في عين العرب وريفي الرقة والحسكة منذ أيام.

مصدر مطلع أكد لـ”المدن” أن الخطة الأميركية للانسحاب من سوريا، التي بدأت من مناطق انتشار القوات الأميركية الغربية، ستكون آخر مراحلها الانسحاب من ريف ديرالزور الشرقي”.

وأضاف المصدر “سيستغرق الانسحاب الأميركي حتى نهاية العام الحالي على أبعد تقدير، ما يعطي العشائر في ديرالزور فترة زمنية جيدة لترتيب أوضاعها والبحث عن مخرج لها”.

عدم المواجهة

انسحاب القوات الأميركية من المناطق الديرية شرقي الفرات سيكون لحساب روسيا والنظام، ما سيضع العشائر العربية أمام خيارين؛ المواجهة المسلحة وهو أمر مستبعد لعدم تكافؤ القوى بين الطرفين خاصة أن العشائر فقدت القسم الأعظم من أسلحتها خلال فترة سيطرة تنظيم “داعش” على المنطقة.

كما أن الكتلة العشائرية الموجودة في المنطقة تفتقر للقيادات السياسية غير التقليدية، بسبب طردها أثناء السيطرة المتعاقبة لـ”الدولة الإسلامية” و”قسد”، ما تسبب بعودة الواجهات التقليدية لشيوخ العشيرة، ممن يميل سلوكهم مع القوى الخارجية غير القبلية إلى الحلول السلمية وعدم المواجهة.

الخيار الثاني هو التفاوض مع الجانب الروسي للوصول إلى “تسوية” على غرار ما حصل في محافظة درعا وغيرها، وهو الأقرب للتحقيق. في الأيام الماضية أبلغت قيادات “قسد” وجهاء بعض العشائر، بتجهيز أنفسهم للمغادرة إلى قاعدة حميميم للتفاوض مع الجانب الروسي.

مصادر “المدن” تؤكد “أن الجانب الروسي تواصل بشكل مباشر مع شيخ قبيلة العقيدات جميل رشيد الهفل، للبحث بالتوصل إلى تسوية مع العشائر العربية، ومن المتوقع أن يعرض الهفل الأمر على وجهاء العشائر في اجتماع سوف يعقد خلال أيام، بينما يحاول نواف البشير لعب دور الوسيط لإيجاد تسوية بين النظام وأبناء قبيلة البقارة بضمانة إيرانية”.

فالخيارات المحدودة أمام العشائر ستجبرها على التفاوض مع الروس والنظام لإيجاد الحل، لكنها قد تناور ببعض الأمور كحمل السلاح والاستمرار بالتظاهرات في محاولة لرفع سقف مطالبها وتحسين شروط استسلامها.

——————————————–

ترامب:الاكراد ليسوا ملائكة..وحزب العمال أخطر من داعش

دافع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قراره سحب الجنود الأميركيين من سوريا ووصفه بأنه “رائع استراتيجياً”، وذلك في أعقاب إدانة مجلس النواب بغالبية كبيرة هذا القرار في اتفاق نادر بين الديموقراطيين والجمهوريين.

ويأتي ذلك بينما توجه نائب الرئيس مايك بينس ووزير الخارجية مايك بومبيو إلى تركيا لمحاولة إقناع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بوقف الهجوم في شمال سوريا.

وفي إشارة إلى تدهور علاقة ترامب بالكونغرس بينما يجري مجلس النواب تحقيقاً يهدف إلى عزله، انسحبت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر مما وصفوه بأنه لقاء عاصف في البيت الأبيض مع ترامب، وفق ما أفادت وكالة “فرانس برس”.

وقال شومر إن ترامب وصف بيلوسي بأنها “سياسية من الدرجة الثالثة” بينما قالت بيلوسي إن الرئيس كان في حالة “انهيار”. لكن ترامب انتقل إلى “تويتر” متهماً بيلوسي بأنها “تعاني من الانهيار” وأضاف أن المسؤولة الديموقراطية “نانسي بيلوسي تحتاج إلى مساعدة وبسرعة! إما أن شيئا ما لا يعمل في عقلها أو أنها ببساطة لا تحب بلدنا”.

في مواجهة تصاعد الانتقادات من الحزبين في واشنطن بشأن الانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية من سوريا، نفى ترامب أنه أعطى إردوغان “ضوءاً أخضر” لشن عملية عسكرية ضد الأكراد.

وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض “قرار الرئيس إردوغان لم يفاجئني لأنه أراد القيام بذلك منذ فترة طويلة (…) كان يحشد قوات على الحدود مع سوريا منذ فترة طويلة”.

وذهب الرئيس الأميركي إلى حد الاستخفاف بالحلفاء الأكراد الذين تخلى عنهم في وجه الهجوم التركي، ليصفهم بأنهم “ليسوا ملائكة”، وكذلك بمنتقديه الجمهوريين.

وقال ترامب عن محادثة هاتفية أجراها مع إردوغان قبل التوغل التركي في سوريا، “لم أعطه ضوءًا أخضر. وإنما عكس الضوء الأخضر”. وأضاف “كتبت رسالة مباشرة بعد تلك المحادثة، رسالة قوية للغاية”.

وأكد ترامب للمراسلين الصحافيين أن القوات الأميركية باتت في مأمن وأن تداعيات الانسحاب الأميركي ستحض سوريا وتركيا وروسيا على تسوية الأمور في ما بينها.

وقال ترامب “أرى أن الوضع على الحدود التركية مع سوريا بالنسبة للولايات المتحدة، رائع من الناحية الاستراتيجية. جنودنا خارج تلك المنطقة، جنودنا آمنون تمامًا. عليهم أن يتصرفوا”.

وتابع “دخلت تركيا إلى سوريا. إذا ذهبت تركيا إلى سوريا، فهذا بين تركيا وسوريا وليس بين تركيا والولايات المتحدة، مثلما يريد كثيرون من الأغبياء أن يجعلوكم تصدقوا”.

ودافع مجدداً عن موقفه في تغريدة أرسلها في وقت متأخر من الليل. وقال “أنا الوحيد الذي يمكنه الكفاح من أجل سلامة قواتنا وإعادتهم إلى الوطن من حروب لا نهاية لها سخيفة ومكلفة، ثم أتعرض للسخرية. كان الديموقراطيون يحبذون دائمًا هذا الموقف، حتى تبنيته”.

وعبر ترامب عن ثقته في أن الأسلحة النووية الأميركية المخزنة في قاعدة إنجرليك الجوية التركية آمنة، على الرغم من التوتر الشديد بين أنقرة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بشأن التوغل في سوريا.

وقلل من شأن هروب مقاتلي “الدولة الإسلامية” الذين كان يحتجزهم الأكراد كمحاولة “لجعلنا نبدو وكأنه علينا أن نعود إلى هناك”. وقال ترامب عن الأكراد، إنهم “يعرفون كيفية يقاتلون، وكما قلت فهم ليسوا ملائكة. إنهم ليسوا ملائكة إذا نظرتم جيداً”.

ورأى أن حزب “العمال الكردستاني” الذي يقود تمرداً منذ عقود ضد أنقرة، يمثل “على الأرجح” تهديداً أكبر من جماعة “الدولة الإسلامية”. وقال إن “حزب العمال الكردستاني الذي هو جزء من الأكراد، كما تعلمون، هو على الأرجح أسوأ في الإرهاب ويمثل تهديداً إرهابياً اكبر من نواح كثيرة”.

وهاجم ترامب منتقدي قرار الانسحاب، وخصوصاً السناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي كان مدافعاً قوياً عن الرئيس. وقال “يود ليندسي غراهام البقاء في الشرق الأوسط لألف سنة قادمة مع الآلاف من الجنود الذين يخوضون حروب الآخرين. أريد أن أخرج من الشرق الأوسط. دعهم يخوضون حروبهم”.

——————————————-

أردوغان:الجامعة العربية تريد إعادة سوريا.. للإساءة إلى تركيا

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الجامعة العربية تعمل الآن على مشروع إعادة سوريا إليها، “من أجل الإساءة” إلى تركيا.

جاء ذلك في كلمة له في اجتماع الكتلة النيابية لحزبه “العدالة والتنمية”، الأربعاء، في العاصمة أنقرة. وتوجه أردوغان للجامعة العربية، متسائلًا: “كم عدد السوريين الذين استقبلتموهم يا ترى؟”. وأضاف: “أنتم من أخرج سوريا من الجامعة، والآن تعملون على مشروع إعادتها من أجل الإساءة إلى تركيا”.

وأشار الرئيس التركي إلى أن البلدان التي صنعت تنظيم “داعش” الإرهابي كمشروع، ودعمته مادياً، ووجهته فعلياً، أصبحت اليوم تظهر بمظهر أكبر عدو للتنظيم.

وأردف: “أيها الغرب، أيتها الجامعة العربية، وكل بلد يملك ذرة من الضمير، أخاطبكم جميعاً، الزمن سيدور حتماً”.

ولفت الرئيس التركي إلى أن المسألة السورية هي نتاج مشروع يهدف إلى إعادة هيكلة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وأكد أنهم سعوا جاهدين وقدموا العديد من النصائح للنظام السوري لاتخاذ موقف مؤيد للديموقراطية والقانون والعدالة قبل حدوث أي اقتتال.

واستطرد: “أصرينا من أجل التصرف بعدل خاصة مع أخوتنا الأكراد المهمشين والمسحوقين لأنهم لم يُعتبروا حتى مواطنين، وأشقائنا التركمان الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد بسبب روابطهم ببلدنا، وهذا قلته مراراً للأسد، ولكن مع الأسف لم تُؤخذ هذه الاقتراحات في الاعتبار، على العكس تم اختيار طريق الاضطهاد والعنف والظلم”.

وذكر أن الأزمة التي أدت إلى فقدان قرابة مليون شخص بريء حياتهم، بدأت بهذا الشكل في سوريا، التي شهدت معارك في السنوات الثماني الأخيرة تسببت في هروب 12 مليون شخص، نصفهم اضطروا للهروب خارج البلاد.

وبيّن أن 4 ملايين من نحو 6 ملايين سوري هربوا خارج البلاد جاؤوا إلى تركيا، 3 ملايين و560 ألفاً معظمهم من العرب والتركمان والإيزيديين والكلدانيين، و350 ألفاً جلهم من الأكراد القادمين من عين العرب “كوباني”.

وأشار إلى أن بعض القوى التي استغلت مناخ الفوضى، وخلقت “آلة قتل” تحت مسمى “داعش” تتحكم بها كما أرادت.

وأكد أن الجامعة العربية لم تقدم أي دعم مالي من أجل اللاجئين، وأن ما أنفقته تركيا حتى الآن تجاوز 40 مليار دولار أميركي.

وأوضح أن ما تلقته تركيا من الاتحاد الأوروبي هو 3 مليارات يورو كدعم للهلال الأحمر التركي وإدارة الكوارث والطوارئ “آفاد” عبر مؤسسات دولية.

ولفت إلى أن تنظيم داعش الوحشي لا علاقة له بالإسلام لا من قريب ولا بعيد، وهو أكبر عدو للمسلمين، مشيراً إلى أنه تم إبراز داعش كعائق أمام كل خطوة يمكن اتخاذها لصالح المسلمين في المنطقة.

وشدد أن تركيا هي من بدأت عملية تدمير داعش وانهياره في مدينة الباب شمالي سوريا، وحيدت 3 آلاف من عناصره.

وذكر أن تركيا اقترحت على الحلفاء عقب عملية “درع الفرات”، تحرير المناطق الواقعة تحت يد “داعش” في سوريا على رأسها الرقة وديرالزور. واستدرك: “ولكن الحلفاء اختاروا التحرك مع تنظيم إرهابي مثل بي كا كا، ي ب ك، ولا يزالون معهم، عوضا عن قوة مشروعة مثل تركيا، لأسباب باتت معروفة للغاية لنا حالياً بعدما كانت غير مفهومة ذلك الوقت”.

وأردف: “كان النظام يتقدم عبر قتل مئات الآلاف، وتهجير الملايين من جهة، وبي كا كا/ ي ب ك كان يشكل ممراً إرهابياً متاخما لحدودنا، من خلال تهجير أكراد وعرب وتركمان وسريان وكافة أطياف الشعب عبر دعم غير محدود من الولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى”.

وكانت الرئاسة التركية، قد أعلنت أن أردوغان، سيستقبل وفداً أميركياً برئاسة نائب الرئيس مايك بنس، الخميس، في العاصمة أنقرة.

ووصل روبرت أوبراين، الذي تولى منصب مستشار الأمن القومي منذ شهر، إلى تركيا للقاء وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، الأربعاء، قبيل محادثات الخميس.

من جهته، هون الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء، من شأن الأزمة التي أثارها التوغل التركي، قائلا إن الصراع بين تركيا وسوريا، وإنه “لا بأس” إذا قدمت روسيا الدعم لدمشق. وقال إن فرض العقوبات الأميركية على تركيا سيكون أفضل من القتال في المنطقة وإن الأمر يرجع لدول المنطقة لحل الأزمة.

وكان أردوغان قد قال على متن الطائرة التي أقلته إلى أذربيجان للصحافيين، الأربعاء، إن الهجوم التركي على شمال شرق سوريا سينتهي إذا ألقى المسلحون الأكراد أسلحتهم وانسحبوا من المنطقة الآمنة المقرر إقامتها لكنه حذر من أنه ليس بوسع أي قوة وقف الهجوم حتى ذلك الحين. وقال إن أسرع حل هو أن يلقي المسلحون أسلحتهم وينسحبوا من المنطقة بحلول مساء يوم الأربعاء. وأضاف أن العملية التركية ستنتهي عندما تكمل تركيا إقامة “المنطقة الآمنة” وأشار إلى أن بلاده غير مستعدة للتفاوض على ذلك.

من جهته، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن جهود البحث عن حل سياسي في سوريا ليست بديلا عن مكافحة الإرهاب.

جاء ذلك في طلب إحاطة قدمها تشاووش أوغلو في البرلمان التركي، الأربعاء، حول عملية “نبع السلام”. وقال تشاووش أوغلو “تركيا مصممة على مكافحة جميع المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديدا لأمننا القومي”.

وأكد أن “البحث عن حل سياسي في سوريا ليس بديلا عن مكافحة الإرهاب، وملتزمون بمنع التهديد الإرهابي من مصدره والقضاء عليه”. وأضاف أن بلاده تدعم الحل السياسي في سوريا، وستعمل على زيادة دعمها في الفترة المقبلة.

وأشار أن تنظيم “بي كا كا/ي ب ك” قام بتنفيذ جرائم ضد الإنسانية، بالتعاون مع تنظيم “داعش” في إطار اتفاقية توصلا إليها في مدينة الرقة السورية.

وشدد أن عملية نبع السلام لن تستهدف التغيير الديموغرافي في سوريا، مشيرا إلى وجود شائعات وتضليل للحقائق في هذا الصدد.

——————————————-

“نبع السلام”:تقدم في تل أبيض ورأس العين…وتراجع عن منبج/ عدنان الحسين

تواصل قوات “الجيش الوطني” والقوات التركية عملية “نبع السلام”، وسيطرت على قرى بير يوسف والعطوة وسن الذيب والسكرية في محور تل أبيض، ووصلت إلى محيط بلدة عين عيسى.

وواصلت قوات “الجيش الوطني” تقدمها وسيطرت على قرى العطامية وقشقو وحيلة في محيط رأس العين، وسط مواجهات عنيفة مع “قسد” المتمركزة في بعض أحياء المدينة. وشنت القوات التركية و”الجيش الوطني” هجوماً عنيفاً فجر الأربعاء، على محاور رأس العين وحققت تقدماً واسعاً.

وفي محور رأس العين تتقدم تركيا بشكل بطيء، بهدف التخفيف من الخسائر، بالإضافة للمواجهة العنيف التي تتلقاهاة نتيجة وجود الأنفاق السرية لـ”قسد” الممتدة لكيلومترات حول المدينة، والتي أعطت افضلية للمدافعين عنها.

وبعد التقدم في المحورين، باتت القوات غربي الرقة بالقرب من بلدة عيسى، تسعى للسيطرة على الطريق الدولي فيها، ما سيمكنها من حصار مدينة عين العرب “كوباني” من دون اقتحامها.

ويبدو أن تركيا لم تتخل عن حصار كوباني، رغم التعهد لأميركا، ووصول دورية روسية ظهر الأربعاء، قادمة من مدينة منبج. فالعمق الاستراتيجي لكوباني، سيجعل منها حجر عثرة بوجه مشروع تركيا حول “المنطقة الآمنة”.

لا معركة في منبج

واندلعت اشتباكات عنيفة بين “الجيش الوطني” من جهة، و”قسد” وقوات النظام من جهة اخرى، شمالي منبج، ليل الثلاثاء/الأربعاء، وتمكن “الوطني” من تدمير دبابة وقتل 4 عناصر للنظام.

وكان “الجيش الوطني” قد حشد قواته على الحدود الشمالية لمدينة منبج السورية، على خط نهر الساجور، وسط احتمال بشنّ عملية عسكرية للسيطرة على منبج، إلا ان المسؤولين الأتراك أوقفوا الهجوم.

وكان أكثر من ألف مقاتل من منبج وريفها، من المنضوين في فصائل “الجيش الوطني”، قد استنفروا بعد وعود تركية لهم باستعادة منبج، بهدف طرد قوات النظام التي دخلت المدينة بعد اتفاق مع “قوات سوريا الديموقراطية”.

وانسحبت فصائل “الجيش الوطني” من ثلاث قرى كانت قد سيطرت عليها شرقي منبج، قبل اجتماع مطول بين مسؤولين روس واتراك في قرية عون الدادات على خط نهر الساجور، استمر أكثر من ساعتين.

وأسفر الاجتماع بحسب مصادر “المدن” عن تثبيت النقاط الحالية، وعدم شن أي هجوم من الطرفين، خاصة مع تواجد قوات روسية في نقاط خط الساجور المقابلة لقوات المعارضة.

وأضافت مصادر “المدن”، أن المخابرات التركية فرضت قيودا كبيرة على الفصائل المتواجدة هناك، ومنعتها من أي تحرك عسكري تجاه مدينة منبج، نتيجة الاتفاق مع روسياً، كما منعت الإعلاميين من التغطية هناك إلا باذن خطي.

واعتقلت الشرطة العسكرية على إثر ذلك أربعة إعلاميين تواجدوا على خط الساجور، لعدم وجود ترخيص معهم، ليتبين لاحقاً أن السبب الحقيقي هو منع المسؤول التركي لأي تغطية للمعركة.

وتشير كافة المعطيات إلى أن لا عملية عسكرية للمعارضة باتجاه مدينة منبج، بعد دخول القوات الروسية على خط المواجهة.

وكان من المتوقع أن تبدأ قوات “الجيش الوطني” عملاً واسعاً للسيطرة على منبج، بعد تحريك أرتال عسكرية وجسور ودبابات تركية باتجاهها، إلا أن خيبة أمل كبيرة خيمت على مقاتلي المعارضة هناك.

ويقول القائد العسكري لـ”مجلس منبج العسكري” التابع للمعارضة عدنان الجاسم، لـ”المدن”، إنهم يسعون بكل جهدهم لاستعادة مدينتهم، “صحيح أن الوضع في سوريا يخضع لتفاهمات دولية وأن حليفتنا تركيا من بينها، إلا أنه يتوجب عليها دعمنا في هذا العمل العسكري، وإلا فنحن مجبرون على المضي بشكل مستقل لحماية أهلنا في منبج من عصابات النظام وقسد”.

ويؤكد الجاسم أن قواتهم على “أهبة الاستعداد” تنتظر إشارة تركية للتحرك باتجاه المدينة “والا ستكون هناك نتائج كارثية وموجة نزوح لم يشهد لها مثيل”.

على الطرف الأخر، لا تزال “قسد” متواجدة في نقاط منبج الخلفية بعد نقاط قوات النظام وروسيا، كما تسيطر بشكل كامل على المدينة أمنياً وإدارياً حتى اللحظة.

وتسود حالة من الغضب والخوف بين عناصر “قسد” العرب بعد الاتفاق المفاجئ مع قوات النظام، إذ عمل بعضهم على طرد قوات النظام من المدينة، فيما انشق عدد منهم عن “قسد”، خاصة من المنشقين عن النظام، وفروا لقراهم باتجاه مواقع المعارضة، خوفاً من بطش النظام.

وتأخذ منبج، المدينة الأكبر سكانياً في ريف حلب، منذ سنوات أهمية كبيرة، من خلال موقعها كبوابة لشرق الفرات. وهذا ما ظهر خلال فترة عسكرة الثورة، إذ تناوب السيطرة عليها قوى متعددة من الجيش الحر و”داعش” و”قسد”.

قيادي عسكري من المعارضة يؤكد لـ”المدن” أن موضوع منبج، حسمه الروس والأتراك، ولا قيمة لأي من محاولة من المعارضة للسيطرة عليها. إذ كان يظن البعض أن دخول النظام للمدينة، هو على غرار دخوله سابقاً إلى عفرين، لكن الأمر مختلف، ولا مشكلة تركية بسيطرة النظام على منبج، ما اتضح في حديث أردوغان بعد مكالمته مع بوتين.

ويضيف القيادي، أن الخلاف كان على الطريق الدولية m4 التي تمر بمحاذاة مدينة منبج، وهنا تعهد الروس لتركيا، بضمانته وكذلك بضمان سلامة المدنيين في المدينة، والمعارضين منهم، مع اخراج “قسد” منها بشكل كامل.

ويقول الباحث درويش خليفة، إنه خلال اليومين الماضيين، كان البازار مفتوحاً على منبج، كغيرها من مناطق سيطرة “قسد”، بين الدول المتداخلة في سوريا. لكن الساعات الأخيرة كانت صادمة لمناهضي النظام، بدخول جيش النظام وشبيحته المدينة، وسط ذهول الجميع.

وتشهد المدينة حالة نزوح كبيرة للأهالي باتجاه مناطق المعارضة، وباتجاه القرى الواقعة شرقي الفرات، بعد دخول النظام اليها، وسط مخاوف من انتهاكات النظام الانتقامية المعتادة.

——————————–

القوات التركية تتقدم داخل مدينة رأس العين الحدودية

نزوح أكثر من 300 ألف مدني شمال شرقي سوريا

تقدمت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، اليوم (الخميس)، داخل مدينة رأس العين الحدودية شمال شرقي سوريا، وباتت تسيطر على نحو نصف مساحتها، إثر اشتباكات عنيفة ضد قوات سوريا الديمقراطية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتشنّ تركيا مع فصائل سورية موالية لها هجوماً منذ التاسع من الشهر الجاري في شمال شرقي سوريا، تسبب بنزوح أكثر من 300 ألف مدني. وتمكّنت من السيطرة على مناطق حدودية واسعة باستثناء رأس العين، حيث تدور معارك عنيفة.

وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها تمكنت فجر اليوم من السيطرة على نحو نصف مساحة رأس العين بعد خوضها اشتباكات عنيفة ضد قوات سوريا الديمقراطية، ترافقت مع غارات كثيفة مستمرة منذ ثلاثة أيام». وقال: «إنه أول تقدم حقيقي للقوات التركية داخل المدينة، بعد مقاومة شرسة أبدتها قوات سوريا الديمقراطية خلال أسبوع من المعارك». وأضاف أن غالبية النازحين فروا من محافظة الحسكة حيث تدور المعارك بين الطرفين في مناطق حدودية، بالإضافة إلى منطقتي كوباني (حلب) ومنطقة تل أبيض (الرقة) في شمال البلاد.

وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية من ظروف صعبة يعيشها النازحون، خصوصاً بعدما علّقت منظمات إغاثة كبرى نشاطها في المنطقة وسحبت موظفيها خلال الأيام الأخيرة.

ومنذ بدء هجومها، حقّقت القوات التركية تقدماً سريعاً، وباتت تسيطر على شريط حدودي يمتد على طول نحو 120 كيلومتراً، ويصل عمق المنطقة تحت سيطرتها في إحدى النقاط إلى أكثر من ثلاثين كيلومتراً، بحسب المرصد.

ويخوض الطرفان معارك مستمرة في المنطقة الواقعة بين مدينة رأس العين وبلدة تل تمر جنوبها، تترافق مع غارات تركية وقصف كثيف. ومنذ اندلاع الهجوم، قتل 72 مدنياً على الأقل بنيران تركيا والفصائل الموالية لها، بالإضافة إلى 203 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، وفق المرصد.

وأحصت أنقرة من جهتها مقتل ستة جنود أتراك في المعارك، و20 مدنياً جراء قذائف اتهمت المقاتلين الأكراد بإطلاقها على مناطق حدودية، كما قتل 171 عنصراً من الفصائل السورية الموالية لأنقرة وفق المرصد.

وبناء على طلب الإدارة الذاتية الكردية بعد تخلي واشنطن عنها، انتشرت قوات النظام السوري على طول الحدود. وباتت موجودة في مناطق عدة أبرزها مدينتا منبج وكوباني (عين العرب).

وتهدف تركيا من هجومها إلى إقامة منطقة عازلة تنقل إليها قسماً من 3.6 مليون لاجئ سوري موجودين على أراضيها.

ورغم ضغوط دولية واسعة، رفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وقف عمليته العسكرية، فيما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب نائبه مايك بنس إلى أنقرة لإقناع تركيا بوقف إطلاق النار.

—————————————

ضغط أميركي على أنقرة بالدبلوماسية والعقوبات

أعنف قصف تركي منذ بدء اجتياح شمال شرق سوريا… وإردوغان للقاء بوتين بعد بنس

واشنطن: إيلي يوسف – أنقرة: سعيد عبد الرازق – موسكو: رائد جبر

كثّفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطواتها للرد على الاجتياح التركي الأخير لشمال شرقي سوريا، مستخدمة ضغوطاً دبلوماسية، إضافة إلى العقوبات. وتوعد ترمب بـ{تدمير اقتصاد تركيا بالعقوبات} إذا فشل لقاء نائبه مايك بنس والرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم.

ويتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ اليوم على فرض عقوبات ضد تركيا، فيما أوفدت الإدارة الأميركية مسؤولين كباراً إلى أنقرة في محاولة لإقناعها بوقف الهجوم. غير أن إردوغان استبق لقاءه المفترض اليوم مع بنس، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بالتشديد على أن العقوبات الأميركية لن تؤثر على قرار المضي في العملية العسكرية.

في هذه الأثناء، سرّعت موسكو وتيرة تحركاتها في مواجهة تطورات الموقف في الشمال السوري. فبالتزامن مع تكثيف الاتصالات مع الطرفين التركي والأميركي، أعلن الكرملين أن الرئيس إردوغان سيزور روسيا قبل نهاية الشهر لبحث الملفات المتعلقة بسوريا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وشدد على «احترام حق تركيا في اتخاذ إجراءات مناسبة لأمنها»، لكنه أعرب عن الأمل بأن «تكون العملية العسكرية التركية متناسبة مع ضرورات المهام المرتبطة بالأمن التركي».

ميدانياً، استهدفت المدفعية التركية، ريف مدينة رأس العين السورية، بقصف استمر طوال يوم أمس وكان الأعنف منذ انطلاق العمليات.

وشوهدت سحب الدخان من قضاء جيلان بينار، في ولاية شانلي أورفا الحدودية مع سوريا في جنوب تركيا، في وقت قال التحالف الدولي ضد «تنظيم داعش» إن قواته غادرت مدينتي الرقة والطبقة بشمال شرقي سوريا، وكذلك شركة لافارج للإسمنت في إطار الانسحاب من المنطقة.

———————-

 أعنف قصف تركي منذ بدء اجتياح سوريا

إردوغان يستبق لقاء بنس برفض المحادثات مع «قسد» والعقوبات الأميركية

سعيد عبد الرازق

شهدت مدينة رأس العين في شمال شرقي سوريا أعنف قصف تركي منذ انطلاق العملية العسكرية «نبع السلام» في شرق الفرات، في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بينما استبق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءه، اليوم (الخميس)، مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، بالتأكيد على أن العملية ستستمر حتى تحقيق أهدافها، لكنها ستنتهي من تلقاء نفسها حال انسحاب مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من المنطقة الآمنة التي حددتها بلاده، وتسليم جميع أسلحتهم، مشدداً في الوقت نفسه على أن العقوبات الأميركية لن تؤثر على القرار التركي في هذا الشأن.

واستهدفت المدفعية التركية، ريف مدينة رأس العين السورية، بقصف عنيف، بدأ أول من أمس، واستمر طوال يوم أمس، وسمع القصف، وشوهدت سحب الدخان من قضاء جيلان بينار، في ولاية شانلي أورفا الحدودية مع سوريا في جنوب تركيا. وتعد الاشتباكات في رأس العين وتل أبيض، التي وقعت منذ مساء أول من أمس، على مدى الـ24 ساعة الماضية، هي الأعنف منذ انطلاق العملية العسكرية التركية.

وقالت مصادر عسكرية إن الجيش التركي وفصائل المعارضة الموالية له، سيطرا على قرى العثمانية وطنوزة والديمو والعبو وطرابلس كبيرة وطرابلس صغيرة وفلسطين ومتقلة وقنديل وتنورة، بريف تل أبيض، بعد اشتباكات ضد «قسد». كما قصفت القوات التركية قرية «قصر ذيب» بعدد من القذائف. كما سمع أيضاً دوي انفجارات في أطراف جرابلس ومنبج، في غرب الفرات، حيث شهدت المنطقة قصفاً مدفعياً تركياً. وذكرت مصادر عسكرية أن الجيش التركي حشد نحو 700 جندي، و30 دبابة تركية، وعشرات الآليات الأخرى، في محيط المنطقتين. وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، أن عدد عناصر «قسد» الذين تم تحييدهم منذ انطلاق العملية بلغ 637. في حين قتل 46 من عناصر الجيش الوطني السوري، المكون من فصائل موالية لأنقرة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 71 مدنياً لقوا حتفهم، إلى جانب 158 مقاتلاً من «قسد» منذ بدء العملية التركية.

وعلى صعيد الاتصالات الجارية حول عملية «نبع السلام» العسكرية، استبق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، إلى تركيا ولقاءه بهما اليوم، بالتأكد على أن تركيا لن تتفاوض مع «تنظيم إرهابي» (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قسد») ولن توقف العملية العسكرية حتى تحقيق أهدافها بالكامل. وقال إردوغان، في خطاب حماسي أمام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، أمس (الأربعاء): «اقتراحنا هو أن يُلقي (الإرهابيون) كلهم السلاح والمعدات هذه الليلة، ويدمروا كمائنهم ويخرجوا من المنطقة الآمنة التي حددناها… في حال تطبيق مقترح خروج (الإرهابيين) ستكون عملية (نبع السلام) انتهت من تلقاء نفسها». وتابع: «تمكنا حتى الآن من تطهير مساحة 1220 كيلومتراً مربعاً من خلال التقدم، خطوطاً تلو أخرى»، قائلاً: «بعض القادة يتصلون بنا من أجل إيقاف عملية نبع السلام… لكن لا يمكن الثقة بهؤلاء… هؤلاء لم يكونوا يتوقعون أن الجيش التركي سيتقدم بهذه السرعة، وعندما وجدوا حساباتهم تتجه بشكل معاكس بدأوا يتصلون لوقف العملية».

وأضاف: «عند تشكيل حكومة مشروعة تمثل جميع الشرائح في سوريا، سنترك مسألة نقل وإدارة الأماكن التي بسطنا فيها الأمن لهم، فنحن نبني ونعمر فقط، لكن لا نظلم أبداً». ووجّه إردوغان انتقادات لحلفاء بلاده في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتعهد بتصعيد العملية العسكرية التي تنفذها بلاده في شمال سوريا، وذلك رغم تهديدات الولايات المتحدة بفرض عقوبات مشددة على بلاده، وكذلك رغم حظر دول أوروبية بيع السلاح لتركيا. وقال: «تعالوا وقِفوا إلى جانب تركيا في هذا الصراع، وليس ضدها. أو على الأقل لا تتدخلوا فيه». وأضاف: «أقول لمن يهددون بفرض عقوبات علينا؛ كل جرح ستتسببون فيه لاقتصادنا، سيقابله جرح أكبر في اقتصادكم»، في إشارة إلى التهديدات الأميركية بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على تركيا.

وذكر أن هناك أنفاقاً تستخدمها «قسد» بطول أكثر من 90 كيلومتراً، والإسمنت الذي بنيت به، قادم من شركة فرنسية، فكيف ستوضحون ذلك؟ مضيفاً: «(الإرهابيون) يطلقون النار بالقناصات من داخل الكنيسة حتى يدفعوا تركيا لقصفها، ولكن نحن لم نفعل ذلك، لأن ذلك المكان هو دار للعبادة».

وأدرجت الإدارة الأميركية وزراء الدفاع والطاقة والداخلية، إلى جانب وزارتي الدفاع والطاقة، على لائحة العقوبات، وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أول من أمس، أنه سيوفد نائبه مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو إلى تركيا، وأنهما سيقودان وفداً، يضم أيضاً كلاً من روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي، وجيمس جيفري المبعوث الأميركي إلى سوريا، وأن الوفد سيلتقي إردوغان اليوم (الخميس) لتأكيد التزام واشنطن بفرض عقوبات اقتصادية ضد تركيا، لحين التوصل إلى حل بشأن سوريا.

وقال إردوغان، لصحافيين رافقوه الليلة قبل الماضية في طريق عودته من أذربيجان، إنه يرفض وقف إطلاق النار، والوساطة من أجل التفاوض مع «قسد»، وجدّد تأكيده على أن هدف تركيا هو إبعاد «قسد» إلى ما بعد 32 كم من الحدود، وتأمين هذا الخط من قبلنا بداية من نهر الفرات حتى الحدود العراقية.

وتابع: «أود لفت الانتباه إلى أمر متناقض، وهو أن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة، ولا ترغب في دخولنا إليها»، معتبراً أن «عملية (نبع السلام) سيكون لها إسهام كبير في عملية الحل السياسي بسوريا». وعن دخول النظام السوري لمنبج، قال إردوغان: «هذا أمر ليس سلبياً للغاية بالنسبة لي، فهذه في النهاية أرضهم. لكن المهم بالنسبة لي ألا تبقى تنظيمات إرهابية هناك».

وفي كلمته بالبرلمان، أشار إردوغان إلى أن الولايات المتحدة لا توجد في المنطقة بطلب من النظام السوري، ولا قوات التحالف، لكن روسيا توجد بطلب منه، وتابع: «نحن أيضاً لا نوجد هناك بطلب من النظام، وإنما بموجب اتفاقية أضنة التي وقّعها النظام أصلاً مع تركيا في السابق، لذلك فإننا نشعر بموقف قوي… هذا فضلاً عن الشعب السوري الذي يريدنا هناك، وهو ما لا يتوفر لدى الآخرين».

وبعد أن أعلن إردوغان أنه لن يلتقي الوفد الأميركي، قالت الرئاسة التركية إنه سيلتقي الوفد، اليوم (الخميس).

كما التقى وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، أمس، مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، لبحث التطورات المتعلقة بالعملية العسكرية التركية.

وقبل اللقاء، أكد جاويش أوغلو، في عرض أمام البرلمان لتطورات العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، أمس، أن بلاده سترد على العقوبات التي فرضتها واشنطن، وأن جميع التهديدات والعقوبات على أنقرة غير مقبولة. وأضاف أن تركيا تتوقع من الكونغرس الأميركي التراجع عن «نهجه المدمر»، مشيراً إلى أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن تمر بمنعطف خطير، وأنه سينقل ذلك إلى الوفد الأميركي، بقيادة نائب الرئيس مايك بنس.

وجددت وزارة الخارجية التركية، مطالبتها الدول الأوروبية بزيادة التدابير من أجل حماية البعثات والمصالح والمواطنين الأتراك على أراضيها من اعتداءات حزب العمال الكردستاني. وقالت الوزارة، في بيان أمس، إنها تتابع بكل قلق استمرار المظاهرات وأعمال العنف التي يقوم بها أنصار «العمال الكردستاني»، منذ انطلاق عملية «نبع السلام»؛ خصوصاً في البلدان الأوروبية، رغم كل التحذيرات للجهات المعنية، ولا يمكن تفسير عدم التحرك ضد الهجمات الإرهابية التي تستهدف محلات ومنازل الجالية التركية والمساجد والبعثات الدبلوماسية التركية وموظفيها.

وفي السياق ذاته، أوقفت السلطات التركية أمس 24 شخصاً بتهمة «نشر دعاية سوداء على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن العملية العسكرية التي تنفذها أنقرة في سوريا»، وذلك بسبب معارضتهم لهذه العملية، وهم من بين 186 شخصاً ألقي القبض عليهم لانتقادهم العملية العسكرية، ووجّهت إليهم تهم «تحريض الرأي العام على الكراهية والعداء» و«نشر دعاية لمنظمة إرهابية».

كما اعتقلت السلطات التركية رئيس بلدية هكاري، جيهان كارامان، والرئيسين المشاركين لبلدية نصيبين، بولاية ماردين، سميرة نرجس، وفرحات كوت، ورئيس بلدية أرجيتش، يلدز شتين، لرفضهم العملية العسكرية.

———————————-

أول رد تركي على نشر رسالة ترامب لأردوغان: أُلقيت في القمامة

علّق مصدر دبلوماسي تركي على الرسالة التي نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية، وتضمنت كلاماً ثقيلاً من الرئيس دونالد ترامب لنظيره التركي رجب طيب أردوغان، حول عملية “نبع السلام” شمال سوريا.

وقال المصدر التركي، الخميس، إن “الرئيس التركي ألقى برسالة نظيره الأمريكي بشأن العملية العسكرية في سوريا في سلة القمامة”.

ونقلت قناة “سي إن إن تورك”، عن المصدر قوله إن أردوغان “لم يلق بالاً للرسالة، وتم رفضها، وكان الرد عليها بالإعلان عن بدء العملية العسكرية”.

ونقل الكاتب والصحفي التركي في جريدة “حرييت” المعارضة أحمد هاكان، عن مسؤول حكومي لم يسمه القول: إن “الرئيس التركي رفض الوساطة مع قوات سوريا الديمقراطية وألقى برسالة ترامب في القمامة”، بحسب ما ترجم موقع “عربي 21”.

وبحسب هاكان، أضاف المسؤول الحكومي: إن “مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي سيغادر أنقرة على الأغلب خالي الوفاض بعد لقائه بالرئيس التركي”، في إشارة إلى اللقاء المزمع عقده الخميس في أنقرة.

ونشر البيت الأبيض، يوم الأربعاء، الرسالة التي أرسلها ترامب لأردوغان في التاسع من أكتوبر (موعد بدء العملية التركية) وسط محاولات الرئيس الأمريكي لاحتواء الخسائر السياسية التي أعقبت قراره بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا؛ الذي مهد الطريق أمام هجوم تركيا على حلفاء واشنطن السابقين في تلك المنطقة.

ويقول ترامب في الرسالة: “فلنتوصل إلى اتفاق جيد!.. أنت لا تريد أن تكون مسؤولاً عن ذبح آلاف الأشخاص وأنا لا أريد أن أكون مسؤولاً عن تدمير الاقتصاد التركي، وسأفعل ذلك”.

ويضيف ترامب في الرسالة: “عملت جاهداً على حل بعض مشاكلك. لا تخذل العالم. يمكنك إبرام اتفاق عظيم”.

وقال: سينظر إليك التاريخ باستحسان إذا قمت بذلك بالطريقة الصحيحة والإنسانية. وسينظر إليك إلى الأبد على أنك شيطان إذا لم تحدث أمور جيدة. لا تكن متصلباً. لا تكن أحمق!”.

ورغم الضغط الدولي الذي تتعرض له تركيا الذي يدعوها إلى التراجع ووقف العملية العسكرية، خصوصاً من قبل واشنطن والاتحاد الأوروبي، أكدت أنقرة عزمها على مواصلة “نبع السلام” ضد الوحدات الكردية في تلك المناطق حتى تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على التهديد الحدودي لأمنها القومي، وإنشاء منطقة آمنة للاجئين السوريين.

تطورات عملية “نبع السلام” التركية في سوريا يوما بيوم

في ما يلي أبرز التطورات منذ بدء العملية العسكرية التركية “نبع السلام” ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا:

الاثنين 7 أكتوبر/تشرين الأول

    أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن القوات الأميركية بدأت الانسحاب من مناطق بشمال شرق سوريا، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الأميركي دونالد ترامب.

    البيت الأبيض قال إن القوات التركية ستمضي قريبا في عمليتها العسكرية التي تخطط لها منذ فترة طويلة، لإنشاء ما تصفها “بمنطقة آمنة”، وأن القوات الأميركية بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية لن تكون موجودة بعد الآن في المنطقة.

    أعلنت واشنطن أن تركيا ستكون مسؤولة عن كل مقاتلي تنظيم الدولة بالمنطقة الذين اعتقلوا على مدى العامين الماضيين.

    قالت قوات سوريا الديمقراطية إنها تلقت طعنة في الظهر من الولايات المتحدة.

الثلاثاء 8 أكتوبر/تشرين الأول

    أعلنت أنقرة أنها أكملت الاستعدادات لبدء عملية عسكرية في شمال شرقي سوريا لإنشاء منطقة آمنة.

    صدّق البرلمان التركي على تمديد التفويض الممنوح للحكومة بتنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود في سوريا والعراق.

    الإعلان عن أن القوات الأميركية في شمال شرق سوريا تلقت إنذارا مفاجئا بالانسحاب من مواقعها.

    حذرت بريطانيا تركيا من القيام بعمل عسكري منفرد في سوريا.

الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول

    أعلن مكتب الرئيس التركي أن قوات بلاده ستعبر الحدود السورية مع مقاتلي المعارضة، وأرسلت تركيا المزيد من الآليات المدرعة إلى الحدود مع سوريا.

    أعلن الرئيس التركي بدء عملية عسكرية جديدة ضد الأكراد في شمال سوريا، بهدف إقامة “منطقة آمنة”.

    أعلنت الإدارة الذاتية الكردية الأربعاء “النفير العام” على مدى ثلاثة أيام في مناطق سيطرتها.

    أكدت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أنها نقلت قواتها من شمال شرقي سوريا حفاظا على سلامتها.

    أعلنت أنقرة مساء أن العسكريين الأتراك بدعم من فصائل معارضة دخلوا سوريا، لتبدأ بذلك المرحلة البرية من الهجوم.

    اعتبر الرئيس الأميركي أن العملية التركية “فكرة سيئة”.

    العملية التركية تثير تنديدا دوليا، حيث عبرت عدة دول -خاصة الأوروبية منها- عن قلقها إزاء مصير المدنيين والعديد من الجهاديين المعتقلين لدى الأكراد الذين يمكن أن يفروا.

    خمس دول أوروبية في مجلس الأمن الدولي دعت إلى اجتماع مغلق للمجلس بشأن الوضع في سوريا الخميس.

الخميس 10 أكتوبر/تشرين الأول

    أردوغان يهدد بفتح أبواب أوروبا أمام ملايين اللاجئين في تركيا ردا على الانتقادات.

    الحديث عن بدء هروب مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية كانوا معتقلين لدى القوات الكردية.

    جامعة الدول العربية أعلنت أنها ستعقد اجتماعا طارئا بهدف بحث عملية “نبع السلام” التركية في سوريا.

    دول عربية تعلن إدانتها للعملية.

    إيران تنهي مناورات قرب حدودها مع تركيا.

    طالبت الدول الأوروبية الأعضاء بمجلس الأمن تركيا بوقف العملية إثر اجتماع طارئ ومغلق للمجلس.

الجمعة 11 أكتوبر/تشرين الأول

    كثفت القوات التركية عملياتها في المناطق التي تقدمت بها.

    الرئيس الأميركي يلمح إلى إمكانية قيام إدارته بالوساطة بين تركيا والمسلحين الأكراد.

    القوات التركية تشن غارات جوية مكثفة وترسل تعزيزات إلى مناطق القتال، وتعلن مقتل المئات من المقاتلين الأكراد.

    الرئيس التركي أكد أن بلاده لن توقف العملية العسكرية.

     الرئيس ترامب فوض مسؤولين أميركيين بصياغة مسودة لعقوبات جديدة “كبيرة جدا” على تركيا.

     هددت حكومات الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا بسبب عملية “نبع السلام”.

السبت 12 أكتوبر/تشرين الأول

    أعلنت وزارة الدفاع التركية السيطرة على مدينة “رأس العين” السورية، وأن عملية “نبع السلام” أدت حتى الآن إلى مقتل 415 عنصرا في الوحدات الكردية.

    الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن أنه يجب تحرير سوريا من أي وجود عسكري أجنبي.

    إيران تعرض الوساطة بين تركيا والأكراد والنظام.

    بيان المجلس الوزاري العربي الطارئ قرر النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة للرد على الخطوة التركية، وتركيا ترفضه.

الأحد 13 أكتوبر/تشرين الأول

    الجيش التركي وقوات المعارضة السورية يسيطران على كامل مدينة تل أبيض.

    الإدارة الذاتية الكردية تعلن فرار نحو ثمانمئة من أفراد عائلات مقاتلي تنظيم الدولة.

    أعلن البنتاغون أن ترامب أمر “بانسحاب للقوات الأميركية” من شمال سوريا، متحدثا عن نحو ألف جندي.

    الأكراد توصلوا إلى اتفاق مع دمشق لانتشار الجيش السوري قرب الحدود التركية.

    الأمم المتحدة أعلنت أن العملية التركية أجبرت 130 ألف شخص على الفرار من منازلهم.

    أردوغان يعلن رفضه للتفاوض مع الأكراد.

الاثنين 14 أكتوبر/تشرين الأول

    دمشق ترسل قوات إلى الشمال في محاولة لإبطاء تقدم الهجوم التركي.

    أنقرة تتهم القوات الكردية بأنها أطلقت عمدا سراح عناصر من تنظيم الدولة.

    ترامب يشدد لهجته حيال تركيا، ويدعوها إلى وقف عمليتها العسكرية.

    النظام السوري يعلن دخول قواته مدينة منبج.

الثلاثاء 15 أكتوبر/تشرين الأول

    أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن الرئيس دونالد ترامب فرض عقوبات على تركيا.

    موسكو تعلن أن قوات روسية تقوم بدوريات في المنطقة بهدف تجنب حصول مواجهة بين القوات السورية والتركية.

    روسيا تؤكد سيطرة النظام على منبج.

    التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن أعلن مغادرة منبج.

    أعلنت وزارة الدفاع التركية ارتفاع عدد قتلى القوات الكردية إلى 595.

الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول

    ترامب يعلن أنه أوفد وفدا برئاسة نائبه إلى أنقرة.

    التحالف الدولي قال إنه ينفذ انسحابا مدروسا من شمال شرقي سوريا.

    أعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنها ستدخل مع الجيش السوري في آلية أمنية مشتركة.

    قوات المعارضة السورية المسلحة تعلن سيطرتها على 11 قرية في محيط تل أبيض ورأس العين.

    أردوغان يؤكد أنه لا تراجع عن عملية “نبع السلام”.

    الأكراد يعلنون “تجميد” كافة العمليات ضد تنظيم الدولة.

    قوات النظام تدخل مدينة عين العرب (كوباني).

المصدر : الجزيرة + وكالات

———————————-

الفراغ والنفوذ والتوطين.. فريق تتبخر أحلامه وأربعة أطراف تكسب من العملية التركية بسوريا

قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سوريا غيّر موازين القوى بشكل جذري في شمال شرق البلاد، وخلق فراغا تتسابق روسيا وتركيا وإيران على ملئه.

فبينما تواصل القوات التركية زحفها جنوبا داخل الأراضي السورية؛ دعا الأكراد النظام السوري المدعوم من روسيا للدفع بقواته للتقدم من الجنوب ومن الغرب.

ويقبع في سجون بالمنطقة أكثر من عشرة آلاف سجين من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، بعضهم من الأجانب الذين ترفض حكومات غربية إعادتهم إليها، كما يقيم عشرات الآلاف من أفراد أسرهم في مخيمات بالمنطقة.

وفي ما يلي عرض حول تغيرات موازين القوى في سوريا بعد الانسحاب الأميركي وبدء العملية التركية.

الهدف التركي

يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يريد توطين ما يصل إلى مليونين من اللاجئين السوريين، كثيرون منهم من العرب السنة، في المناطق المستهدفة في العملية العسكرية، التي تسيطر عليها في الوقت الحالي قوات يقودها الأكراد.

وفي الأسبوع الأول، ركزت القوات التركية والمعارضة السورية -المدعومة من

أنقرة- على إخراج مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من مدينتين حدوديتين كبيرتين، هما تل أبيض ورأس العين اللتان يفصل بينهما نحو 120 كيلومترا.

ورغم موجة من الانتقادات الدولية، قال أردوغان إنه لا شيء سيوقف العمليات ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة “إرهابيين” بسبب صلاتهم بحزب العمال الكردستاني، الذي ينظم تمردا في جنوب شرق تركيا منذ عقود.

وقال أردوغان إن تركيا ستسيطر على شريط حدودي يمتد مئات الكيلومترات من عين العرب (كوباني) في الغرب إلى الحسكة في الشرق، وبعمق بين 30 و35 كيلومترا في الأراضي السورية.

وأفاد مسؤول تركي بأن العملية تسير “بسرعة كبيرة وتحرز نجاحا”. وأضاف أن المرحلة الأولى ستكتمل بحلول 13 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وهو موعد لقاء مرتقب بين أردوغان وترامب في واشنطن.

مكاسب للأسد

يعد الانسحاب الكامل للقوات الأميركية منعطفا رئيسيا في الصراع السوري؛ إذ إنه أعاد لحكومة الأسد موطئ قدم في أكبر قطاع من البلاد لم يكن تحت سيطرتها.

وتوجد في المنطقة موارد نفطية وزراعية ومياه، وكذلك سد الطبقة المستخدم في توليد الكهرباء؛ وكلها موارد حيوية من شأنها تحسين قدرة الحكومة على مواجهة تداعيات العقوبات الغربية.

وقالت وسائل إعلام رسمية في سوريا إن قوات الأسد وصلت إلى الطريق السريع “أم4” الذي يمتد من الشرق إلى الغرب على مسافة ثلاثين كيلومترا تقريبا من الحدود مع تركيا، أي على حدود “المنطقة الآمنة” التي تعتزم أنقرة إقامتها.

ويوم الثلاثاء دخلت القوات السورية مدينة منبج في منطقة كانت تركيا والولايات المتحدة تنظمان فيها دوريات مشتركة.

غير أن جيش الأسد أنهكه الاستنزاف الذي تسبب فيه الصراع الطويل، والآن أصبح يعتمد بشدة على روسيا وإيران وفصائل شيعية، من بينها حزب الله اللبناني.

 انهيار الحلم الكردي

استغلت الجماعات الكردية في سوريا انسحاب القوات الحكومية من الشمال الشرقي في بداية الصراع السوري في إنشاء مؤسسات للحكم الذاتي وتدريس اللغة الكردية في المدارس المحلية.

وعندما انكشف الأكراد أمام الهجوم التركي جراء الانسحاب الأميركي؛ دعوا الجيش السوري للعودة، وهو قرار سلط الضوء على مدى ضعفهم، وكان إيذانا بنهاية الكثير من أحلامهم.

وسيسعى الأكراد للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الحكم الذاتي في محادثات سياسية مع سوريا، وهو هدفهم المعلن منذ فترة طويلة، لكن لم يعد لهم حليف قوي يناصرهم.

ومع ذلك، تشترك دمشق وقوات سوريا الديمقراطية -التي يغلب عليها الأكراد- في هدف طرد تركيا من الشمال السوري، أو وقف زحفها على أقل تقدير.

وقال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس “دمشق تحتاج الأكراد؛ فالأكراد ودمشق يشتركان في أمرين: معاداة تركيا، ورغبة في عدم سيادة فصائل المعارضة السنية في شمال شرق سوريا”.

وأضاف “لكنهما لا يتفقان على أي شيء عندما يتعلق الأمر بحكم شمال شرق سوريا”.

مصير تنظيم الدولة

كانت قوات سوريا الديمقراطية القوة الرئيسية على الأرض في الهجوم المدعوم من الولايات المتحدة الذي استعاد الأراضي السورية من تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك مدينة الرقة العاصمة الفعلية “لدولة الخلافة” التي أعلنها التنظيم.

وكانت واشنطن تستعد قبل انسحابها لتدريب قوة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية وتجهيزها لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وذلك لمنع عودة المتطرفين الذين نفذوا مذابح واسعة بحق الأكراد في المدن التي سيطروا عليها.

وتقول قوات سوريا الديمقراطية إن الهجوم التركي ساعد في تنشيط خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة بعد عام واحد من هزيمة التنظيم.

وأعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجمات، بما في ذلك تفجير سيارة ملغمة خارج مطعم في مدينة القامشلي أكبر المدن الكردية، بعد يوم واحد من بدء التوغل التركي.

ومنذ بدء القتال الأسبوع الماضي، تقول قوات سوريا الديمقراطية إن اضطرابات حدثت في السجون التي تحتجز فيها المقاتلين وفي مخيمات تحتجز فيها زوجات المقاتلين وأطفالهم.

 المكسب الإيراني

من المنتظر أيضا أن تحقق إيران مكاسب ميدانية، ومن المرجح أن هناك فصائل شبه عسكرية عراقية تدعمها إيران ستساعد الأسد في بسط سيطرته على المنطقة؛ “مما يدعم خطوط الإمداد، على مسار يمتد من طهران إلى بيروت”.

 الدور الروسي

يعكس دور روسيا في سوريا الذي لا غنى عنه تحولا أكبر في الشرق الأوسط من دمشق إلى الرياض، كما اتضح من جولة الرئيس فلاديمير بوتين للخليج هذا الأسبوع، حيث أدى زيارة للسعودية هي الأولى منذ أكثر من عشر سنوات.

وكان تدخل سلاح الجو الروسي في 2015 أسهم في تحويل مسار الصراع السوري لصالح الأسد.

وعزز قرار ترامب سحب قواته من الشمال الشرقي لسوريا دور موسكو المحوري في تشكيل مستقبل البلاد.

وقال مصدر إقليمي مؤيد لدمشق “تجري محادثات تركية روسية لتحديد الإيقاع في شمال سوريا، لا سيما شرقي نهر الفرات. هم الذين يحركون كل هذه الخطط”.

وقال مسؤول تركي إن أنقرة “تعمل بتعاون وثيق للغاية مع روسيا”، كما أشار أردوغان مؤخرا إلى أهمية روسيا، عندما قال إن الرئيس بوتين أظهر “نهجا إيجابيا” إزاء الوضع.

وربما يتمكن البلدان من صياغة اتفاق يقسم الحدود الشمالية إلى مناطق سيطرة جديدة، ويمنع نشوب حرب بين حلفائهما المحليين، وهم: الحكومة السورية من جانب، والمعارضة المناوئة للأسد من جانب آخر.

وقال لانديس -من مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما- “أعتقد أنه سيحدث احتكاك حقيقي، لكنني أعتقد أن الروس سيتمكنون من السيطرة عليه، سيتم إبرام صفقة”.

المصدر : رويترز

——————————

القوات التركية تتقدم بالحسكة والنظام يدخل عين العرب

فرض الجيش التركي وقوات المعارضة السورية طوقا حول مدينة رأس العين بريف الحسكة، وذلك بعد سيطرتهما على مواقع جديدة، في حين دخلت قوات النظام السوري مدينة عين العرب بموجب اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية.

في غضون ذلك، أفاد مراسل الجزيرة بأن الجيش التركي وقوات المعارضة السورية سيطرا على 14 قرية في محوري تل أبيض ورأس العين (شمالي سوريا).

وكانت مصادر في المعارضة السورية المسلحة قالت للجزيرة إن قوات المعارضة باتت تطوق مدينة رأس العين بريف الحسكة من ثلاث جهات، وإن القوات الكردية لم تعد تسيطر إلا على طريق واحد مفتوح تجاه قواتها الموجودة داخل مدينة رأس العين، وهو طريق رأس العين-تل تمر-الحسكة.

وقالت المصادر إن المعارضة المسلحة تخوض اشتباكات مع ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية تمهيدا لاقتحام قرية الشركراك على محور عين عيسى قرب تل تمر بريف الحسكة.

وفي السياق، أفادت مصادر للجزيرة في قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الكردية بأن قوات النظام السوري لن تتمركز داخل المدن التي تسيطر عليها هذه القوات.

وقالت المصادر إن نقاط انتشار قوات النظام ستتركز على طول الحدود السورية، مضيفة أن قوات النظام لن تبقى في عين العرب (كوباني) التي دخلتها اليوم، ولا حتى في منبج، التي قال النظام إن قواته دخلتها أمس وانتشرت فيها وفي محيطها.

أما في محيط منطقة منبج بريف حلب الشرقي، فتشهد الأوضاع هدوءا، وقال مراسل الجزيرة إن هجمات قوات المعارضة السورية والجيش التركي توقفا بعد يوم واحد من شنهما هجوما عسكريا على المنطقة.

المصدر : الجزيرة

—————————————

حسابات الربح والخسارة: من المستفيد من معركة شمال شرق سوريا؟

بينما تواصل القوات التركية زحفها جنوبا داخل الأراضي السورية دعا الأكراد الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، المدعومة من روسيا، للدفع بقواتها للتقدم من الجنوب ومن الغرب. وتستغل قوات الأسد التراجع الأمريكي لبسط سيطرتها على منطقة غنية بالموارد كانت قد انسحبت منها قبل سنوات.

وتضم هذه المنطقة معظم الأراضي السورية التي كانت تشكل “دولة خلافة” أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية الذي لجأ مقاتلوه إلى العمل السري لكنهم تعهدوا بالنهوض من جديد.

ويقبع في سجون بالمنطقة أكثر من عشرة آلاف سجين من مقاتلي الدولة الإسلامية بعضهم من المقاتلين الأجانب الأشداء الذين ترفض حكومات غربية إعادتهم إليها كما يقيم عشرات الآلاف من أفراد أسرهم في مخيمات في المنطقة.

وفيما يلي موجز لما يعنيه الانسحاب الأمريكي للأطراف الجديدة الوافدة على المنطقة وللباقين فيه.

*ما هو هدف الهجوم التركي؟

يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يريد توطين ما يصل إلى مليونين من اللاجئين السوريين، كثيرون منهم من العرب السنة، في المناطق المستهدفة في العملية العسكرية وهي مناطق تسيطر عليها في الوقت الحالي قوات يقودها الأكراد.

وقد ركزت القوات التركية وقوات المعارضة السورية المدعومة من أنقرة في الأسبوع الأول من العمليات على إخراج مقاتلي وحدات حماية الشعب المؤلفة من أكراد سوريا من مدينتين حدوديتين كبيرتين هما تل أبيض ورأس العين، اللتان يفصل بينهما نحو 120 كيلومترا.

ورغم موجة من الانتقادات الدولية قال أردوغان إنه لا شيء سيوقف العمليات ضد المقاتلين الأكراد، الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين بسبب صلاتهم بمتمردين يشنون تمردا في جنوب شرق تركيا.

وقال أردوغان إن تركيا ستسيطر على شريط حدودي يمتد مئات الكيلومترات من كوباني في الغرب إلى الحسكة في الشرق وبعمق 30-35 كيلومترا في الأراضي السورية.

وقال مسؤول تركي إن العملية تسير “بسرعة كبيرة وتحرز نجاحا”. كما أضاف أن المرحلة الأولى ستكتمل بحلول 13 نوفمبر تشرين الثاني موعد لقاء أردوغان مع ترامب خلال زيارة لواشنطن وذلك دون أن يحدد عمق التوغل التركي في ذلك الوقت.

* ما هي أهداف الأسد؟

يعد الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية ونشر الجيش السوري منعطفا رئيسيا في الصراع السوري إذ أنه يعيد لحكومة الأسد موطئ قدم في أكبر قطاع من البلاد لم يكن تحت سيطرتها.

وقال جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، “دمشق تحتاج الأكراد. فالأكراد ودمشق يشتركان في أمرين: معاداة تركيا ورغبة في عدم سيادة فصائل المعارضة السنية في شمال شرق سوريا”.

وأضاف “لكنهما لا يتفقان على أي شيء عندما يتعلق الأمر بحكم شمال شرق سوريا”.

* ما مصير تنظيم الدولة الإسلامية؟

كانت قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد هي القوة الرئيسية على الأرض في الهجوم المدعوم من الولايات المتحدة، الذي استعاد الأراضي السورية من تنظيم الدولة الإسلامية بما في ذلك مدينة الرقة العاصمة الفعلية لدولة الخلافة التي أعلنها التنظيم.

وكانت واشنطن تستعد قبل انسحابها لتدريب قوة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية وتجهيزها لتحقيق الاستقرار في المنطقة وذلك لمنع عودة المتطرفين، الذين نفذوا مذابح واسعة بحق الأكراد في المدن التي سيطروا عليها.

وتقول قوات سوريا الديمقراطية إن الهجوم التركي ساعد في تنشيط خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية بعد عام واحد من هزيمة التنظيم. وقد أعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجمات بما في ذلك تفجير سيارة ملغومة خارج مطعم في مدينة القامشلي أكبر المدن الكردية بعد يوم واحد من بدء التوغل التركي.

ومنذ بدأ القتال الأسبوع الماضي تقول قوات سوريا الديمقراطية إن اضطرابات حدثت في السجون التي تحتجز فيها المقاتلين وفي مخيمات تحتجز فيها زوجات المقاتلين وأطفالهم.

* المكسب الإيراني المحتمل

من المنتظر أيضا أن تحقق إيران حليفة الأسد مكاسب. فمن المرجح أن تساعد فصائل شبه عسكرية عراقية تدعمها إيران على الحدود العراقية السورية الأسد في بسط سيطرته مما يدعم خطوط إمدادها على امتداد مسار يمتد من طهران إلى بيروت.

* ماذا تريد روسيا؟

يعكس دور روسيا في سوريا، الذي لا غنى عنه، تحولا أكبر في الشرق الأوسط من دمشق إلى الرياض كما اتضح من جولة الرئيس فلاديمير بوتين للخليج هذا الأسبوع بما في ذلك أول زيارة للسعودية منذ أكثر من عشر سنوات.

وكان التدخل الروسي بسلاح الجو في 2015 هو الذي ساهم في تحويل مسار الحرب الأهلية السورية لصالح الأسد، وعزز قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من الشمال الشرقي دور موسكو المحوري في تشكيل مستقبل البلاد.

وقال مصدر إقليمي مؤيد لدمشق: “تجري محادثات تركية روسية لتحديد الإيقاع في شمال سوريا لا سيما شرقي نهر الفرات. هم الذين يحركون كل هذه الخطط”.

وقال المسؤول التركي إن أنقرة “تعمل بتعاون وثيق للغاية مع روسيا”، كما أشار أردوغان يوم الاثنين إلى أهمية روسيا عندما قال إن الرئيس بوتين أظهر “نهجا إيجابيا” إزاء الوضع.

وربما يتمكن البلدان من صياغة اتفاق يقسم الحدود الشمالية إلى مناطق سيطرة جديدة ويمنع نشوب حرب بين حلفائهما المحليين وهما الحكومة السورية من جانب والمعارضة المناوئة للأسد من جانب آخر.

وفي إطار شرحه لمتغيرات القوى قال لانديس من مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما: أعتقد أنه سيحدث احتكاك حقيقي لكني أعتقد أن الروس سيتمكنون من السيطرة عليه. سيتم إبرام صفق”. 

وتوجد في المنطقة موارد نفطية وزراعية ومياه وكذلك سد الطبقة المستخدم في توليد الكهرباء وكلها موارد حيوية من شأنها تحسين قدرة الحكومة على مواجهة تداعيات العقوبات الغربية.

وقالت وسائل إعلام رسمية في سوريا إن القوات وصلت إلى الطريق السريع إم4 الذي يمتد من الشرق إلى الغرب على مسافة 30 كيلومترا تقريبا من الحدود مع تركيا أي على حدود ”المنطقة الآمنة“ التي تعتزم أنقرة إقامتها.

ويوم الثلاثاء دخلت القوات السورية مدينة منبج في منطقة كانت تركيا والولايات المتحدة تنظم فيها دوريات مشتركة.

غير أن جيش الأسد أنهكه الاستنزاف الذي تسبب فيه الصراع الطويل والآن أصبح يعتمد بشدة على روسيا وإيران وفصائل شيعية من بينها حزب الله اللبناني.

* ما معناه للحكم الذاتي الكردي؟

استغلت الجماعات الكردية في سوريا انسحاب القوات الحكومية من الشمال الشرقي في بداية الصراع السوري في إنشاء مؤسسات للحكم الذاتي وتدريس اللغة الكردية في المدارس المحلية.

وعندما انكشف الأكراد أمام الهجوم التركي من جراء الانسحاب الأمريكي دعوا الجيش السوري للعودة وهو قرار سلط الضوء على مدى ضعفهم وكان إيذانا بنهاية الكثير من أحلامهم.

وسيسعى الأكراد للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الحكم الذاتي في محادثات سياسية مع سوريا وهو هدفهم المعلن منذ فترة طويلة. لكن لم يعد لهم حليف قوي يناصرهم.

ومع ذلك تشترك دمشق وقوات سوريا الديمقراطية التي يغلب عليها الأكراد في هدف طرد تركيا من الشمال السوري أو وقف الزحف التركي على أقل تقدير.  رويترز

——————————

عربيّة أم كرديّة؟ إليك قائمة بأهم مناطق عملية «نبع السلام» وتركيبتها السكانية

عربي بوست

نوّار كتاو

    منطقة شرق الفرات.. لمحة عن أبرز المدن وتركيبتها السكانية

    منبج

    عين العرب

    تل أبيض

    رأس العين

    تل أرقم جنوب رأس العين

    تل تمر

    الدرباسية

    الحسكة

    عامودا

    القامشلي

    القحطانية

    المالكية

كثُرَ الحديث في الآونة الأخيرة عن المُدن والبلدات التي تنوي تركيا ضمّها إلى «المنطقة الآمنة» التي تنوي إنشاءها في منطقة شرق الفرات شمال شرق سوريا، بعد إبعاد وحدات حماية الشعب الكردي الانفصالية عنها.

ورغم أنّ المنطقة تقع حالياً تحت سيطرة الوحدات الانفصالية الكردية، فإنّ غالبية المناطق والمدن والبلدات الكبيرة التي تستهدفها عملية «نبع السلام» تضمّ في الأصل غالبيةً من السكّان العرب، بالإضافة إلى بعض المكونات الأخرى مثل الأكراد والتركمان والشركس والسريان والآشوريين.

منطقة شرق الفرات.. لمحة عن أبرز المدن وتركيبتها السكانية

سنقدم لكم لمحة عن أبرز المدن والبلدات الموجودة في منطقة شرق الفرات وعن تركيبتها السكانية بالاعتماد على عدّة مصادر أبرزها المكتب المركزي للإحصاء في سوريا.

منبج

مَنْبِج هي مدينة في شمال شرق حلب بمسافة 80 كم وغرب نهر الفرات بـ 30 كم، وهي المنطقة الوحيدة المتبقية غرب نهر الفرات التي تنوي تركيا وقوّات الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة، تحريرها من الوحدات الانفصالية الكردية المدعومة أمريكياً.

تعد المدينة منطقة تاريخية ولها رمزية دينية؛ كون الخليفة العبّاسي هارون الرشيد زارها وسمّاها «العواصم»؛ لأنها تعصم المسلمين من العدو الروماني، كونها كانت إحدى المُدن الحدودية في ذلك الوقت – أو ما عُرف حينها بـ «الثغور» -.

كما كان لها مكانة دينية وثنية فقد كانت منبج هي نفسها «هيرابوليس» المدينة المقدسة وتحتوي على عدد كبير من المعابد الوثنية.

وفي آخر إحصاء رسمي للمدينة في العام 2004  أجراه المكتب المركزي للإحصاء، كان عدد سكان منبج يبلغ حوالي 100،000 نحو 80% منهم عرب سُنة والبقية من الشركس وبنسبة أقل من الأكراد.

تبعد عين العرب عن حلب نحو 150 كم وعن نهر الفرات شرقاً 30 كم، وتعد حديثة نسبياً إذ تم إنشاؤها سنة 1892، ومع شروع سكة حديد بغداد في حدود عامَي 1911 و1912 بدأت تتحول إلى تجمّع سكاني مهم.

كان اسم المنطقة في العهد العثماني «عرب بينار» وترجمتها إلى العربية هي عين العرب، وهكذا في عام 1937م وفي عهد الرئيس هاشم الأتاسي صدر قرار بإنشاء منطقة عين العرب على أن تكون قصبة «عرب بينار» مركزاً لتلك المنطقة.

وجميع القرارات التي صدرت من المجلس النيابي السوري بعد عام 1937م حملت تسمية عين العرب.

والتسمية ذاتها اتخذها الأكراد بترجمتها الكردية «كاني عربان» أي عين العرب، ومعظم الأكراد قطنوا البلدة بعد أحداث الشيخ سعيد بيران عام 1925.

هناك تسمية حديثة يطلقها الأكراد على البلدة وهي (كوباني) ويقولون إنها محرفة من كلمة كومباني، بمعنى شركة بالإنجليزية، إشارة إلى الشركة الألمانية التي بنت خط الحجاز، غير أنه لا أدلة مثبتة على ذلك.

يبلغ عدد سكان المدينة، حسب إحصاء 2004 أيضاً نحو 45 ألف نسمة، نصفهم هم من الأكراد والنصف الآخر من العرب، إلا أن أغلب السكان نزحوا نحو تركيا.

تقع تل أبيض في منطقة الجزيرة بمحاذاة الحدود السورية – التركية، وفيها المعبر الشهير إلى تركيا معبر باب تل أبيض المقابل لبلدة (Akçı kela) التركية، وكذلك موقعها على أحد منابع نهر البليخ، وتتبع محافظة الرقة، وتبعد عنها نحو 100 كم نحو الشمال.

وبحسب المكتب المركزي للإحصاء، فإن عدد سكانها يبلغ 15 ألف نسمة، يشكل العرب الغالبية إضافة إلى أقليات كردية وتركمانية وأرمنية، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على قرية عين عيسى القريبة منها.

تقع رأس العين على الحدود التركية – السورية وشمال غرب محافظة الحسكة وتبعد عنها نحو 85 كم و90 كم عن القامشلي، وهي النقطة التي يعبر منها نهر الخابور إلى الأراضي السورية.

وللمدينة تاريخ أثري عريق يعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وكانت من ضمن الحضارات الأولى في منطقة الجزيرة الفراتية في سوريا.

يبلغ عدد سكان مدينة رأس العين حوالي 80 ألف نسمة بحسب المكتب المركزي للإحصاء، معظمهم من العرب، إضافة إلى أقليات من الكرد والإيزيديين والآشوريين والسريان والأرمن والشيشان والتركمان والماردليين.

تل أرقم قرية تتبع مدينة رأس العين، يبلغ عدد سكانها نحو 2500 نسمة، وغالبيتهم من العرب.

ودائماً ما كان سكان هذه القرية يخرجون في مظاهرات ضد الوحدات الكردية الإنفصالية التي كانت تحاول إقامة نقاط عسكرية في منازل المدنيين.

تبعد بلدة تل تمر نحو 40 كم عن الحسكة و35 كم عن رأس العين وتقع على ضفة نهر الخابور على امتداد لمسافة 1 كم تقريباً.

أغلب سكان بلدة تل تمر البالغ عددهم نحو 8 آلاف نسمة من الآشوريين (المسيحيين)، ويقطن في البلدة أيضاً العرب.

الدرباسية

تقع مدينة الدرباسية شمال مدينة الحسكة بنحو 85 كم، وهي من المدن الحديثة؛ إذ بدأ بناؤها سنة 1931 عندما تم حفر بئر وظهر الماء العذب فيها.

تُسمى بـ «درب آسيا»؛ لكونها كانت نقطة عبور تجارية مهمة في منطقة شرق سوريا من الجنوب والغرب نحو الشمال والشرق من آسيا.

قديماً قسمت المدينة إلى قسمين؛ «الحي الغربي» ويضم المسيحيين ومعظمهم من المهاجرين من مدينة ماردين وقراها بعد الانتداب الفرنسي عام 1920 م مع بعض الأرمن.

وكان المسيحيون مسيطرين على تجارة السوق ومعظم الصناعات والمهن اليدوية، من حدادة وتجارة وصباغة القش والأقمشة وصياغة الذهب والفضة.

أما «الحي الشرقي» فيضم الأكراد والعرب الذين قدموا أيضاً من منطقة ماردين ومن القرى المجاورة ويعمل معظمهم عمال بناء وبالرعي والتجارة.

في الوقت الراهن أصبح أغلب سكان المنطقة من الأكراد والعرب، وذلك بسبب هجرة معظم المسيحيين إلى المدن الأخرى كحلب والحسكة.

تقع الحسكة شمال شرق سوريا يمر بها نهرا الخابور وجقجق، وتبعد عن الحدود التركية نحو 30 كم.

ترتبط الحسكة في عراقتها بتاريخ بلاد ما بين النهرين في منطقة الجزيرة السورية؛ حيث قسم المؤرخون عالم هذه البلاد إلى سومر وأكاد في الجنوب الشرقي، وعيلام في الشمال الشرقي وعمورو ـ بلاد العموريين ـ في الجنوب الغربي، وسوبارتو في الشمال الغربي، ويقع وادي الخابور ضمن مملكة سوبارتو التي كانت تمتد من مدينة عيلام في بلاد الرافدين إلى جبال طوروس.

تعد محافظة الحسكة عموماً موزاييكا فسيفساء منوعة من الانتماءات العرقية والدينية، ويبلغ عدد سكانها حسب آخر إحصاء 180 ألف نسمة، ويعيش فيها خليط غالبيتهم من العرب ونسبة أقل من الأكراد والمحلمية والآشوريين والسريان والكلدان والأرمن واليزيديين والشركس.

كان معظم سكانها الأوائل من المسيحيين النازحين من الأراضي السورية المحتلة في الشمال والتي ضمت إلى تركيا كولاية ماردين وديار بكر وغيرها، ثم وفي وقت لاحق استوطن العرب والبدو في أطراف المدينة.

تقع مدينة عامودا شمال مدينة الحسكة وقرب القامشلي، يمر فيها نهر صغير يدعى نهر الخنزير.

المدينة على يد مهاجرين سريان أتوا من تركيا في أوائل العقد الثالث من القرن العشرين.

عدد سكان يبلغ نحو 50 ألف نسمة غالبيتهم من الأكراد مع أقليات عربية ومسيحية.

يعمل أغلب السكان بشكل أساسي بالزراعة كزراعة القمح والشعير والعدس والقطن ومعظم الخضار الشتوية والصيفية والخريفية، وهناك قسم آخر من الأهالي يعملون بالحرف المهنية، مثل: النجارة والحدادة والخراطة، إضافة إلى تربية المواشي.

تقع في أقصى شمال شرقي سوريا على مقربة من الحدود التركية وتتبع إدارياً محافظة الحسكة ويمر بالمدينة نهر الجقجق.

ويعتبر السريان من أوائل من سكن المنطقة؛ حيث وفدوا من نصيبين ثم تلاهم العرب بقبائل بني بكر ثم الأرمن والمردللية ومن ثم الأكراد.

يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 88 ألف نسمة، وذلك حسب إحصاء 2007، وهم خليط غالبيتهم من العرب والسريان والأرمن ونسبة أقل من الأكراد.

تقع بلدة القحطانية في شمال شرقي الحسكة، وتبعد بمسافة 30 كم شرقي القامشلي و90 كم غربي المالكية.

سُميت القحطانية نسبة إلى القبور البيضاء للمسيحيين الأوائل الذين سكنوا المنطقة،  ثم اشتهرت لاحقاً بالقحطانية نسبة إلى العرب القحطانيين، وهم سكانها الأوائل.

تتميز البلدة بتنوع عِرقي متناغم مكون من الكرد والعرب والسريان والإيزيديين والآشوريين والأرمن، لكن الغالبية العظمى هي من العرب الذين عاشوا فيها منذ بدايات نشوئها.

المالكية

تتمتع المالكية بموقع استراتيجي مهم من حيث وقوعها في المثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا، تحدها الحدود التركية من الشمال والشرق والحدود العراقية من الجنوب الشرقي، ويمر عبر حدودها الإدارية جزء من قطار الشرق السريع الذي يصل بين العراق من جهة وبين سوريا وتركيا وصولاً إلى القارة الأوروبية من جهة أخرى.

كما هو حال معظم مدن الحسكة، يسكن المالكية خليط سكاني متباين، حيث يقطنها اليوم العرب والسريان والآشوريون والكلدان والأكراد والأرمن.

نسبة الأكراد في ناحية المالكية هي ثاني أعلى نسبة في الحسكة، بعد ناحية عامودا.

———————————

مدينة منبج الاستراتيجية في شمال سوريا .. ماذا تعني للطرف الذي يسيطر عليها؟

    أين تقع، وما أهميتها؟

    ما خريطة القوى في منبج قبل العمليات الحالية؟

    هل انتشرت قوات النظام السوري في منبج؟

    ماذا عن القواعد الأمريكية في منبج؟

    ما الوضع في منبج الآن؟

    ماذا عن رؤية تركيا لوضع منبج؟

    منبج تجسيد لأهداف تركيا

تردد اسم مدينة منبج في شمال سوريا أكثر من أي مكان آخر منذ بداية العمليات التركية العسكرية في شمال سوريا، فأين تقع منبج، وما أهميتها الاستراتيجية، وما خريطة القوى فيها قبل بدء العمليات، ومن يسيطر عليها الآن، والأهم من الأقرب للانتصار في تلك المعركة متشابكة الأطراف؟

أين تقع، وما أهميتها؟

تقع مدينة منبج شمال شرق محافظة حلب في شمال سوريا قرب الحدود التركية وتبعد 30 كم غرب نهر الفرات و80 كم من مدينة حلب ويظهر آخر تعداد سكاني هناك قبل 15 عاماً أنه كان يعيش فيها حوالي 100.000 نسمة، كانت غالبيتهم من العرب السنة إضافة إلى أقليات من الأكراد والشركس.

وقعت منبج تحت سيطرة داعش في يناير/كانون الثاني 2014، وفي يونيو/حزيران 2016 دخلتها قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر عليها قوات حماية الشعب الكردية (قسد) وذلك بدعم جوي من قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة داعش في معركة تعرف باسم معركة منبج.

نظراً لقربها من الحدود التركية وأهميتها الاستراتيجية استعدت أنقرة للهجوم عليها لطرد القوات الكردية منها، لكن واشنطن أقنعت الجانب التركي بوقف الهجوم وأرسلت قوات من التحالف الدولي وأقامت ثلاث قواعد أمريكية في المدينة لتهدئة الهواجس التركية، وبدأت مفاوضات إنشاء منطقة آمنة على الحدود.

ومنذ صيف العام الماضي 2018، كان مجلس منبج العسكري التابع للإدارة الذاتية الكردية يسيطر على المدينة، وذلك بعد انسحاب الوحدات الكردية منها بموجب اتفاق أبرمته واشنطن مع تركيا، وقبل عدة أسابيع تم تسيير دوريات مشتركة بالفعل من قوات تركية وأمريكية، لكن لم يتم التوصل لاتفاق وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية وبدأت العمليات العسكرية التركية.

ما خريطة القوى في منبج قبل العمليات الحالية؟

منبج تحتل موقعاً حساساً على خريطة الصراع السوري لوقوعها قرب نقطة التقاء ثلاث مناطق منفصلة تمثل مجالاً للنفوذ التركي والأمريكي والروسي، بحسب القوى المحلية التي تتبع كل منهم.

وقبل بدء العمليات العسكرية الحالية، الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول، كانت هناك  تعزيزات عسكرية تركية مدعومة بعشرات المدرعات والآليات في ريف حلب الشمالي، إلى جانب قوات الجيش السوري الحر المعارضة لنظام بشار الأسد وكانت تتخذ مواقعها في القرى المتاخمة للمدينة.

تلك القوات كانت تتمركز على تخوم منبج الغربية وعلى طول شريط يبلغ 70 كيلومتراً، يمتد من غرب بلدة العريمة إلى شرق جرابلس ووصولاً لضفة نهر الفرات الغربية.

قوات سوريا الديمقراطية أو القوات الكردية والفصائل المتحالفة كانت تسيطر على مركز مدينة منبج والقرى المحيطة بالكامل، من خطوط التماس المنطقة الممتدة من شمال منبج حتى مدينة الباب غربها.

وتتمركز في هذه المنطقة قوات مجلس منبج العسكري وقوات سوريا الديمقراطية، وقوات حماية الشعب الكردية، وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي (بي واي دي)، وقوات حماية المرأة الكردية وعدد من الفصائل المحلية.

كما كانت تتواجد في مركز منبج قوات أمريكية، تقوم بتسيير دوريات في أنحائها، حيث تحافظ على النظام الأمني هناك منذ هزيمة داعش عام 2016.

أما جنوب منبج مباشرة وفي بلدة العريمة فتتواجد قاعدة عسكرية روسية أتاحت الفرصة لقوات الجيش السوري الانتشار في مناطق قريبة تمثل خطاً فاصلاً في الغرب والشمال بين الوحدات الكردية ومسلحي المعارضة السورية الذين تدعمهم تركيا.

هل انتشرت قوات النظام السوري في منبج؟

مع بدء العمليات العسكرية التركية، أعلنت القوات الكردية التي تصنفها أنقرة إرهابية توصلها لاتفاق مع روسيا يسمح بنشر قوات النظام السوري على الشريط الحدودي في مدينة مبنج، ونشر إعلام النظام السوري، الإثنين الماضي 14 أكتوبر/تشرين الأول، بالفعل مقاطع لوصول وحدات من قواته مصحوبة بعناصر من الشرطة العسكرية الروسية إلى المدينة.

التقارير في هذه النقطة متضاربة ولا شيء يبدو مؤكداً، فـ «قسد» يقولون إن اتفاقهم مع الروس وليس مع النظام السوري وهو ينص فقط على تولي قوات النظام حماية الحدود وليس السيطرة على مدينة منبج نفسها، بينما يقول إعلام النظام إن قواته سيطرت بالفعل على المدينة.

ماذا عن القواعد الأمريكية في منبج؟

تواصل القوات الأمريكية انسحابها وتدمير قواعد تمركزها في المنطقة وأعلن ترامب أمس الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول أنه لم يعد هناك سوى 26 جندياً أمريكياً فقط في شمال سوريا وهم بعيدون عن مناطق القتال.

ما الوضع في منبج الآن؟

المؤكد أن قوات «قسد» التركية قد انسحبت بالكامل من منبج وسيطرت عليها فصائل معارضة سورية تدعمها تركيا، لكن ذلك لا يعني أن الوضع في المدينة قد تم حسمه بشكل نهائي، فالأهمية الاستراتيجية للمدينة ووجود جميع أطراف الصراع فيها أو في محيطها يعني أن حسم معركة منبج ربما لا يتم بشكل سريع.

ماذا عن رؤية تركيا لوضع منبج؟

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان توقّع الإثنين الماضي انسحاب الفصائل الكردية من مدن رئيسية على غرار ما فعلته في منبج، وقال: «عندما يتم إخلاء منبج لن ندخل إليها نحن كتركيا. بل سيعود إليها أشقاؤنا العرب -العشائر- هم أصحابها الحقيقيون»، مضيفاً: «يتمثل نهجنا بضمان عودتهم وأمنهم هناك».

وشاهد مصور لوكالة فرانس برس المئات من مقاتلي الفصائل الموالية لأنقرة خلال تجمعهم بعد ظهر اليوم في قرية غرب مدينة منبج مع تعزيزات تركية. بدورها نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر عسكرية قولها إن مقاتلي المعارضة السورية دخلوا إلى مناطق ريف منبج.

وأضافت المصادر أن فصائل المعارضة المسلحة حشدت قواتها منذ مدة وأنها «تبدأ اليوم عملية السيطرة على منبج وطرد مسلحي قسد من المدن وإعادة المدينة إلى أهلها».

منبج تجسيد لأهداف تركيا

هذه العوامل تشير إلى أن مدينة منبج ترمز إلى الأهداف التي تريد أنقرة تنفيذها وهي إبعاد قوات قسد التركية بعمق 30 إلى 35 كيلومتراً عن حدودها، وإنشاء منطقة آمنة تسمح بعودة أكثر من مليوني لاجئ سوري إلى بلادهم.

في هذا السياق لا يوجد خلاف بين تركيا وروسيا حتى مع انتشار قوات النظام السوري على الحدود، وهو ما ألمح إليه أردوغان بالفعل، وهذه النقطة تحديداً تجعل من القوات الكردية عدواً مشتركاً للنظام السوري وأنقرة، وبالتالي تبدو السيطرة على مدينة منبج أبعد بكثير عن القوات الكردية التي أصبحت بلا حليف قوي بعد الانسحاب الأمريكي.

أما وقوع احتكاك بين القوات التركية وقوات النظام السوري فرغم أنه أمر وارد بقوة وهناك تقارير غير مؤكدة عن وقوع مناوشات بالفعل في محيط منبج، يظل التفاهم التركي الروسي ضمانة قوية تجعل تحول مثل تلك المناوشات إلى صراع حقيقي أمراً مستبعداً.

—————————

وسط تصاعد في التوتر بين الطرفين وتلويح بالعقوبات أردوغان يلتقي بنس وبومبيو

بروكار برس ـ وكالات

على خلفية تصاعد التوتر بين أنقرة وواشنطن بسبب العملية العسكرية التركية ضد المقاتلين الاكراد في شمال سوريا، وصل نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، إلى العاصمة التركية في مسعى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بعد ساعات على قرار في الكونغرس ادانة إعطاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تركيا ضوءا أخضر لعمليتها العسكرية التي دخلت يومها التاسع.

ومن المقرّر أن يلتقي بنس الذي وصل بعد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المجمّع الرئاسي في أنقرة، بعد أن كان أعلن أنّه لن يلتقي بهما. وكان مكتب بنس أعلن أن الولايات المتحدة ستسعى لفرض عقوبات اقتصادية على تركيا في حال تم التوصل لوقف فوري لإطلاق النار.

وصباح أمس الأربعاء قال أردوغان لقناة سكاي نيوز الإنجليزية: “أنا صامد ولن ألتقي بهم، سيلتقون بنظرائهم، أنا سأتحدث مع ترامب عندما يأتي”، لكنّ مسؤول الإعلام في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، أكّد بعد ساعاتٍ من تصريحات أردوغان، نيّة الأخير لقاء الوفد الأمريكي.

وطالبت واشنطن تركيا بوقف العملية العسكرية التي تقودها ضدّ قسد في سوريا، وسط تلويحٍ بفرض عقوبات صارمة ضدّ أنقرة، لكنّ أردوغان أعلن يوم أمس أنّه لن يستجيب لأي أحد بهذا الشأن.

ومعلوم أن مجلس النواب الأميركي صوت مساء الأربعاء بأغلبية كبيرة لإدانة قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من شمال سوريا،

==================

مقالات

الورطة التركية ونتائجها المحتملة/ بكر صدقي

في مقالة نشرها، في صحيفة نيويورك تايمز قبل أيام، استخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعبير «الجمهورية العربية السورية» ممتثلاً للغة التعاملات في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وذلك بدلاً من «النظام السوري» مرفقاً بالصفات السلبية التي اعتاد على استخدامها طوال السنوات السابقة. في حين تحدث الناطق باسم الكرملين عن «اتصالات» بين الأتراك ونظام بشار على مستوى «المؤسسات». وفي طريق عودته من زيارة أذربيجان تحدث أردوغان إلى الوفد الإعلامي المرافق، عن وضع منبج، فقال إن تركيا ليست ضد دخول قوات النظام إلى تلك المدينة، «فهي أرضهم على كل حال».

ما كان لهذه التغيرات أن تحدث قبل تورط القيادة التركية في العملية العسكرية في شمال شرق سوريا، بعد قرار الرئيس ترامب القاضي بسحب قواته من هناك. لماذا هو تورط؟ هذا ما ستحاول هذه المقالة الإجابة عليه.

بدا، للوهلة الأولى، أن العملية العسكرية التركية تحظى بمظلة سياسية مزدوجة من واشنطن وموسكو معاً، بدلالة الفيتو المزدوج الأمريكي – الروسي نادر الحدوث الذي حمى ظهر القيادة التركية في مجلس الأمن من إدانة أممية لعمليتها العسكرية. كذلك كانت ردة الفعل الأوروبية ضد العملية التركية مفاجئة بالنظر إلى أن هم الأوروبيين، في الصراع السوري، يتركز على موضوع اللاجئين بل يكاد يقتصر عليه، وأحد أهداف العملية إيجاد حل عملي لتلك المشكلة. لكن حسابات البيدر لم تتطابق مع حسابات الحقل، فلم تكتف الدول الأوروبية بإدانة العملية لفظياً، بل أتبعتها بإجراءات عملية تمثلت في تعليق بعض الدول تزويد تركيا بالسلاح. كذلك تحول الموقف الأمريكي من الموافقة الترامبية على العملية إلى تهديد بالعقوبات، بل تطبيق موجة أولى منها على 3 وزراء في الحكومة التركية ووزارتين. أما روسيا التي بدت، في الأول، أقرب إلى تشجيع تركيا على مغامرتها العسكرية الجديدة، فقد غيرت تعاطيها أيضاً، وبخاصة في إشرافها على اتفاق «المصالحة» بين نظام بشار و«قسد». اتفاق قلب كل الوقائع على الأرض بصورة فورية، نظراً لاندماج قوات قسد في جيش النظام ورفع علم النظام بدلاً من الرموز الخاصة لتلك القوات وإدارتها الذاتية، وفقاً للاتفاق، وما يعنيه ذلك من حصول قسد على مظلة حماية في مواجهة القوات التركية ومجموعات المرتزقة السوريين الملتحقين بها.

بمحصلة الاتفاق المذكور، ربحت روسيا كل شيء وتلقى تابعها في دمشق جرعة معنويات «انتصارية»، في حين وجدت أنقرة نفسها في عزلة دولية كبيرة. أما قسد فقد خسر مشروع إدارته الذاتية وعاد صاغراً إلى حضن النظام وروسيا بعدما خسر الحضن الأمريكي.

هل يمكن لأنقرة أن تستمر في عمليتها العسكرية ومشروعها الخاص بإسكان قسم من اللاجئين السوريين بعد تغير المزاج الدولي ضدها بصورة حادة؟

موقف موسكو التي باتت متفردة في التحكم بالتفاعلات السورية، واضح ويتمثل في تلبية الهواجس الأمنية التركية من خلال إعادة تفعيل اتفاق أضنة للعام 1998 الذي يمنح تركيا شريطاً عازلاً بعمق لا يتجاوز 5 كلم. وتتطلب إعادة التفعيل مفاوضات بين أنقرة وحاكم دمشق.

كانت القيادة التركية، إلى ما قبل عمليتها العسكرية الجديدة، تحاول إقامة نوع من التوازن في علاقاتها بين موسكو وواشنطن، على رغم كل التوتر الذي ساد علاقتها مع الثانية. بخروج القوات الأمريكية من شرقي الفرات خسرت تركيا إمكانيات الضغط على موسكو بالاستقواء بالوجود الأمريكي في سوريا، فاختل التوازن وبقيت رهينة القرار الروسي وحده.

«قسد» الخاسر الآخر من الانسحاب الأمريكي، حظى بتعاطف دولي لم يكن يحلم بمثله، من روسيا والولايات المتحدة والدول الأوروبية والجامعة العربية معاً. إلى درجة حصول قائدها مظلوم عبدي على اتصال هاتفي مباشر مع الرئيس الأمريكي الذي قال له: «في هذه الغرفة أشخاص يحبونكم أكثر من حبهم لوطنهم أمريكا». صحيح أن هذا الكلام المعسول لن يعوض ما خسرته قسد وإدارتها الذاتية على الأرض، لكنه يعني أيضاً أن الانسحاب العسكري الأمريكي لن يتبعه تخلٍ سياسي موازٍ، وهو ما يحتمل أن نرى نتائجه في الفترة القريبة القادمة. فمن المحتمل، مثلاً، إدخال ممثلين لحزب الاتحاد الديمقراطي أو «مجلس سوريا الديمقراطية» في ترتيبات الحل السياسي على الطريقة الروسية (اللجنة الدستورية أو غيرها من الأطر) بضغط أمريكي ـ روسي وإذعان تركي بعد معارضة مديدة. ففي قاعدة حميميم الروسية تم الاتفاق بين «قسد» والنظام على الترتيبات العسكرية، مع تأجيل الخوض في الأمور السياسية إلى ما بعد انتهاء العملية العسكرية التركية. لا عودة إلى صيغة «الإدارة الذاتية» والسيطرة العسكرية لقسد في المنطقة، ولا عودة، بالمقابل، إلى سيطرة السلطة المركزية كما كانت الحال قبل 2011. هذا ما يمكن أن تعمل عليه موسكو في الفترة القادمة، وبتفاهم مع واشنطن.

مقابل العزلة الدولية، ربح أردوغان «إجماعاً وطنيا» في الداخل بعودة أحزاب المعارضة إلى الاصطفاف وراءه (ما عدا حزب الشعوب الديمقراطي طبعاً). أي أنه تمكن من فرط عقد تحالف معارضيه ضد حكمه، ذلك التحالف الذي كان ينذر بتطورات خطيرة بشأن مستقبل بقائه في السلطة. وبات من الصعب أن تستعيد أحزاب المعارضة توافقاتها في مواجهة السلطة في الفترة القادمة.

الواقع أن السياسة القومية التي انزلق إليها الحكم، في السنوات القليلة الماضية، لم تكن خياراً إجبارياً. ولا من شأنها أن تخرج تركيا من أزماتها أو تحل مشكلاتها. بل أكثر من ذلك، كان من شأن العودة إلى طريق الحل السلمي للمشكلة الكردية في الداخل أن تجنب تركيا مغامراتها العسكرية غير المحسوبة في سوريا، وألا تخسر حليفها الأمريكي (والأوروبي)، وألا تتحول إلى حليف ضعيف لروسيا.

يوفد ترامب نائبه مايك بنس إلى تركيا في مهمة هي «التشجيع على التفاوض مع جميع القوى في سوريا» حسب تصريح بنس قبيل الزيارة. وهو ما يمكن أن يفهم منه التفاوض مع «قسد» أو حزب الاتحاد الديمقراطي، وفي يد بنس تهديد بالعقوبات هي آخر ما يحتاجه الاقتصاد التركي.

كاتب سوري

القدس العربي

———————–

في حاجتنا إلى قضية كردية سورية/ عمر قدور

قد يبدو العنوان مستفزاً لإخوة أكراد يعتقدون أن القضية الكردية في سوريا هي في مقام البدهيات، وأنها فقط تنتظر تحقيق غاياتها، أو تنتظر اعترافاً بها بخاصة من القوى الفاعلة. بينما الحديث هنا يقوم على التمييز بين وجود مسألة كردية ووجود قضية كردية، وعلى القياس ذاته لدينا اليوم مسألة سورية، وليس لدينا قضية سورية على أنقاض الثورة التي هُزمت.

بناء القضية هو أمر مغاير للحقوق الأساسية، وإن كان يُبنى عليها. نستطيع على هذا الصعيد استرجاع برنامج منظمة التحرير الفلسطينية الذي قدّمته بوصفه حلا ضمن تصوراتها للحقوق الفلسطينية وواقع قيام دولة إسرائيل، بصرف النظر عن أن هذا البرنامج تقادم وأصبح من الماضي. قضايا الشعوب تُبنى بحركات سياسية، أو سياسية وعسكرية، ذات برنامج واضح يُطرح على الأعداء والأصدقاء، ويكون بمنزلة دليل مقترح لحل المسألة الأساسية.

اليوم، وقبل عقود أيضاً، تصح الشكوى الكردية من عدم وجود فهم أو تفهم عربي للمسألة الكردية في سوريا. يصح هذا بخاصة على عدم وجود فهم وتفهم لاختلاف الأكراد بوصفهم شعبا آخر، ما ينطوي تالياً على عدم تفهم الحقوق المشروعة للأكراد، حتى إذا تغاضينا عن أولئك الذين يفهون المسألة على هذا النحو لكنهم يعادون الأكراد من مختلف المواقع الأيديولوجية، أو حتى باسم المواطنة والوطنية. لكن لا يجوز للشكوى من الطرف العربي حجب ذلك التقصير الكردي المزمن تجاه بناء القضية الكردية، ومن ثم طرحها على باقي السوريين ضمن إطار الحوار، أو في إطار الصراع.

لدينا في التاريخ الطازج أمثلة على غياب القضية المتماسكة بهذا المعنى، فالطموحات لدى شريحة واسعة من أكراد سوريا كانت ترتفع وتنخفض على وقع انتصارات وحدات الحماية الكردية أو هزائمها. لقد رأينا كيف برزت فجأة تسمية “روج آفا” مع خريطتها الممتدة على الشمال السوري كله، ثم طُويت تلك التسمية مع الخريطة لتُستعاد من باب شحذ المعنويات مع الهجوم التركي الأخير.

بيت القصيد أن السوري غير الكردي لا يعرف حدوداً جغرافية ثابتة مقترحة للقضية الكردية، ولن يقبل حدوداً تقترحها أرجل المقاتلين الأكراد إلا بمنطق القوة والاستقواء الذي يفتح على ردة فعل مقابل. بالتزامن مع الصعود والهبوط السابقين، لم يؤخذ طرح الإدارة الذاتية الذي قدّمه حزب PYD بجدية لقناعة لدى كثر “بمن فيهم أكراد” بأن هذا الطرح لا يمثّل الطموح الكردي أو أهداف الحزب الحقيقية.

ثم إن خريطة تتضمن الشمال السوري كله، بما فيه حلب مثلاً، لا يسندها واقع الوجود الكردي الحالي في المنطقة، فيضطر أصحابها إلى نبش دعاوى حق تاريخي، أو حتى اختراع صلات نسب بأقوام انقرضت. وكما نعلم تتسع دعاوى الحق التاريخي لعدد من أقوام المنطقة، بما فيها بقايا أقوام لها أحقية أكثر من العرب والأكراد مجتمعين. الأهم أن الحديث عن الحق التاريخي هو وصفة لحروب لا تنتهي في المنطقة كلها، ولنتخيل مثلاً خريطة الوطن العربي التي اقترحها حزب البعث في ما مضى، وكيف أن السيطرة على هذه الخريطة تقتضي فتح حروب لا تنتهي مع شعوب مجاورة، أو لنتخيل الخريطة الأكثر تواضعاً للحزب القومي السوري.

هنا ربما علينا التفريق بين استرجاع التاريخ لإثبات أصالة وجود شعب ما، ومحاولة إعادة التاريخ إلى الوراء. ولدينا أيضاً أمثلة كانهيار الفكر القومي العربي المستند أصلاً إلى ما يُسمى النظرية الألمانية القومية التي كانت تركّز على عاملي التاريخ واللغة، ولم تكن تكترث بالواقع أو حتى بإرادة السكان. لدينا في مثال معاكس تيار ساد منذ ستينات القرن الماضي في إسبانيا، يعدّ طرد المسلمين من هناك بمنزلة حرب أهلية، حيث لا يجوز التعامل معهم بوصفهم محتلين بعد وجودهم المستمر ثمانية قرون. وفي التاريخ المعاصر لدينا مثال بالغ التأثير هو ما آلت إليه القضية الفلسطينية، فلا إسرائيل حققت شعارات توسعية رافقت بداية تأسيسها، ولا الفلسطينيون “ومن خلفهم غلاة العروبة” حققوا وعيدهم بإزالتها.

لنواجه الواقع بشجاعة: الاستناد المفرط إلى التاريخ مردّه طبيعة الوجود الجغرافي للأكراد في الحالة السورية، لذا لا نرى تركيزاً مشابهاً له في إقليم كردستان العراق أو لدى أكراد تركيا. بل إن ما لا يعلمه كثر من أعداء حزب العمال الكردستاني أن أدبياته المبكرة كانت تنكر وجود مسألة كردية في سوريا وتتجاهل المسألة الكردية في إيران، وتنص على أن القضية المركزية الكردية هي في تركيا مع التنبيه بالتحالف مع نظامي الأسد والملالي.

لقد رأينا دائماً خصوماً للحقوق الكردية يتسللون من ثغرة غياب التواصل الجغرافي بين مناطق وجود أغلبيات كردية، وهذا ما لا نريد الذهاب إليه بالتأكيد. لكننا لا نستطيع أيضاً تجاوز الربط بين تلك الثغرة وحضور حزب العمال الكردستاني في الساحة الكردية السورية، فالحزب حقق نجاحات في استقطاب أكراد سوريين لم يحقق مثيلاً لها لدى أكراد العراق أو إيران.

قبل تأسيس حزب العمال كانت التجربة الحزبية الكردية في سوريا تنضوي عموماً تحت عباءة شقيقتها في العراق ممثلة في تجربة البارزاني، فأول تنظيم حزبي في سوريا أُسس عام 1957 تحت تلك العباءة، ومنه انشق عدد من التنظيمات الأخرى، إنما غالباً من دون مغادرة الإطار الفكري العام للتنظيم. ومن باب الاختزال يمكن حصر التباينات ضمن الحزب الأم وما تفرع عنه بمطالبات ترواح بين الحصول على الحقوق الثقافية وحق تقرير المصير، مع عدم تأويل حق تقرير المصير بوصفه نيّة للانفصال لأن أعلى سقف كان يُطرح هو الحكم الذاتي ضمن دولة سورية تعددية ديمقراطية. بالمجمل؛ كانت أعين أكراد سوريا تتجه إلى العراق الذي شهد انتفاضات كردية شبه مستمرة تُوّجت باتفاق الحكم الذاتي الذي لم يلتزم به صدام حسين بعد توقيعه عام 1975.

مع منتصف الثمانينيات دخل حزب العمال الكردستاني بقوة ليغير الاتجاه تماماً، فالحزب يرى القضية الكردية المركزية في تركيا، ولم يكن من المصادفة أن يحقق الحزب أعلى شعبية له في عفرين أولاً. عفرين ليست على تماس مع إقليم كردستان العراق كما هو حال الجزيرة، وهي بالأحرى منفصلة تماماً عن أماكن الوجود الكردي الأخرى، بمعنى أنها خارج التطلع القومي الوحدوي إذا أتى من النافذة العراقية، بخلاف وقوعها على الحدود مع تركيا. على غرار شبان عرب تطوعوا من أجل ما عدّوه القضية المركزية في فلسطين، استقطب الحزب آلاف الشابات والشبان الذين ذهبوا إلى القتال في تركيا، دافعهم الإضافي تلك القناعة بأن الانتصار في تركيا يعني تلقائياً حل المسألة الكردية في سوريا حيث تحقق مناطق الوجود الكردي اتصالها الجغرافي عبر نظيراتها في تركيا.

الإسهاب في شرح هذا الجانب يبدو ضرورياً لفهم الشعبية التي حظي بها حزب العمال، وأيضاً فهم الكيفية التي انتصرت بها الأوجلانية على البارزانية في الساحة السورية، حيث لا تُقارن شعبية الفرع السوري لحزب العمال الكاسحة بشعبية الأحزاب التي انحدرت من تجربة البارتي الأم، ذلك بصرف النظر عن تخوين الأكراد أحزاب المجلس الوطني الكردي بسبب مواقفه الأخيرة التي تُعدّ محابية لتركيا. بعبارة أخرى، وعن وعي واضح أو من دونه، هناك شريحة واسعة من أكراد سوريا على قناعة بأن حل المسألة الكردية في سوريا متصل بحل نظيرتها في تركيا، والعنوان الحالي للحل هو حزب العمال الكردستاني، بينما لا تقدّم الأحزاب الكردية الأخرى تصوراً آخر مقنعاً.

استئناف هذه القناعة يؤدي إلى وحدة القضية الكردية في البلدين، ويعني بصيغة أخرى ألّا وجود لقضية كردية سورية خاصة، لا على قاعدة الحل ضمن سوريا، ولا على قاعدة الانفصال عنها بصرف النظر عن تطورات الوضع الكردي في تركيا. مرة أخرى، هذا الشرح لا ينطلق من أي موقع سلبي، إذ للأكراد الحق كغيرهم في بناء قضيتهم على النحو الذي يريدون، سواء على قاعدة البقاء ضمن سوريا وكيفية البقاء، أم على قاعدة الانفصال عنها وكيفية الانفصال.

من الجيد، بخلاف الشكوى الكردية المزمنة من التفهم العربي، أن هذا التفهم قد ازداد في السنوات الأخيرة، فقبل الثورة ربما كان الحديث لا يتجاوز مئات السوريين المتعاطفين مع الحقوق الكردية. اليوم، وهذا فضل للثورة السورية ينبغي الاعتراف به مثلما هو فضل لتراكم نضالات الأكراد السوريين، لدينا آلاف من المتعاطفين مع الحقوق الكردية، ولدينا آلاف أخرى ممن يخوضون نقاشات حول المسألة الكردية لدوافع متباينة. هذه أرضية ينبغي البناء عليها، على الرغم من أن الصوت الأقوى حالياً هو لأصحاب الغرائز من الجانبين، والصوت الأقوى للمعركة التي لا تسير لا في مصلحة الأكراد ولا في مصلحة عموم السوريين.

إلا أن البناء على هذا التطور، مهما قل شأنه أو فاعليته، يقتضي نقله إلى الحيز السياسي. هنا نفرّق بين تعاطف إنساني مع الحقوق الكردية بلا تحديد وتضامن سياسي مع مطالب كردية محددة، ونفرق أيضاً بين حقوق مشروعة تصنع مظلومية ومشروع سياسي يبني قضية. الأمر ذاته ينطبق على المسألة السورية، فنحن أمام مظلومية سورية تتعاظم، في حين ليس لدينا بناء لقضية سورية أو لمشروع سياسي يحظى باتفاق أغلب السوريين المطالبين بالتغيير.

لا بأس بالقول إن جزءاً من بناء القضية السورية أصبح متوقفاً أيضاً على المسألة الكردية والموقف منها، وهذا بدوره من أسباب الحاجة إلى قضية كردية سورية واضحة المعالم والأهداف. فإذا شئنا الحديث عن قضية سورية لا نستطيع مثلاً إهمال الجانب الكردي إذا اتفق الأكراد على أن الهدف الاستراتيجي هو وحدة كردستان، أيضاً مع ضرورة التوضيح الدقيق لما يعنيه مصطلح غرب كردستان أو روج آفا على الصعيد الجغرافي بدقة، وهذا توضيح ضروري وملح حتى إذا كان الكلام عن حكم ذاتي أو عن حكم فدرالي، إذ من حق الجميع معرفة المطالب الكردية وأخذها في الحسبان إيجاباً أو سلباً.

واقعياً، الحديث عن الانفصال يستلزم رسم حدود واقعية عادلة تأخذ في الحسبان التوزع السكاني الذي كان قبل عام 2011، لئلا تؤسس حملات التهجير اللاحقة واقعاً ديموغرافياً مبنيا على الأحقاد والعداوات. أيضاً الحديث عن حكم ذاتي، أو فدرالي يتطلب رسم حدود مماثل على أسس ديمقراطية عادلة لجميع الأطراف. إذ من دون تحقيق قدر معقول من العدالة لن يكون هناك حل مقبول ومستدام، وسيكون ذلك مدخلاً لحروب لاحقة.

انعدام الوضوح أو الشفافية أدى، وسيؤدي لاحقاً، إلى مزيد من الاحتقان والحرب على نحو يوازي أكثر الطروحات راديكالية. إذا شئنا تقسيم المسؤوليات فلا شك في أن غير الأكراد يتحملون مسؤولية أخلاقية من جراء عدم الاعتراف بالمسألة والحقوق الكرديتين، إلا أن الأكراد يتحملون مسؤولية الجانب السياسي المتصل بتلك الحقوق، والمتعين بطرح مشروع بعيد المدى لتجسيدها. الانتقال من المظلومية والمسألة الكردية لا يعني الحل تلقائياً، لكنه يعني نقل الصراع إلى مستوى أعلى وأنضج، ومن خلاله ربما يخسر الأكراد بعض متعاطفي اليوم، لكنهم قد يكسبون تعاطفاً على أسس سياسية هي الأكثر تأثيراً من تعاطف إنساني عابر يعفي نفسه من التبعات السياسية.

نحن جميعاً في أمس الحاجة إلى التفكير في سوريا المستقبل على قاعدة من الوضوح والنضج، نحن بحاجة إلى برامج بعيدة عن الشعارات وعموميتها، وبعيدة عن التكسب على الغرائز. نحتاج إلى طرح قضايا بوصفها تعبيراً عن السياسة وعن الصراع السياسي، من دون أن نشعر بالحرج تجاه أي طرح، وأيضاً من دون مسبقات أو مقدسات.

بروكار برس

————————–

فوضى السياسة الأميركية في سورية/ رضوان زيادة

مع دخول الحرب في سورية مرحلة متقدّمة جدا من الصراع العسكري بين أطراف محلية وإقليمية ودولية مختلفة، تصبح الحقيقة الوحيدة أنه، بقدر ثقلك العسكري على الأرض، تكون قوتك التفاوضية على الطاولة. ولذلك، بدون وجود للقوات الأميركية على الأرض، لن تكون لدى الولايات المتحدة أي قدرة على تحقيق أهدافها في سورية، وفي مقدمتها صد المليشيات الإيرانية المتمركزة في الأراضي السورية، كما كرّر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أكثر من مرة، أن طرد المليشيات الإيرانية هو أحد أهداف السياسة الأميركية في سورية. بكل تأكيد، سوف يستفيد كل من روسيا وإيران من الوضع الراهن الجديد، في ضوء إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سحب قواته من سورية، وفرض عقوبات على تركيا بسبب العملية العسكرية التركية داخل الأراضي السورية، فروسيا التي يعتقد أنها في حوار دائم مع تركيا، ضمن ما يسمى مسار أستانة الذي لم تحترم نتائجه في ما تسمى مناطق خفض التصعيد، فإن روسيا الآن تهدّد، وبمساعدة قوات الأسد، بعملية عسكرية كبرى في إدلب، ربما تقود إلى أزمة إنسانية كارثية، سيما مع وجود أكثر من مليوني سوري في مناطق شمال شرقي سورية التي كانت تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية، ومناطق أخرى تخضع لسيطرة المعارضة السورية أو القوات التركية في مناطق درع الفرات.

كان على الولايات المتحدة اتخاذ هذا القرار (الانسحاب) ضمن مفاوضاتٍ دبلوماسيةٍ وسياسيةٍ وعسكريةٍ مطولةٍ مع تركيا، وليس فرض عقوبات عليها، وأن تقود إلى بناء استراتيجية كلية تضمن تحقيق الأهداف التي تمنع من ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو التنظيمات المتطرفة الأخرى. والأهم تضمن تحقيق انتقال سياسي بدون بشار الأسد، يمكّن السوريين من العودة إلى بلدهم، والمساهمة في إعادة الإعمار، بدل أن تكون المفاوضات عبر “تويتر” الذي حول هذه المفاوضات إلى عبارات تهديد بين الرئيس ترامب وتركيا.

يمكن القول إن السياسة الأميركية في سورية لا تزال تعيش تخبّطاً لا مثيل له. صحيح أن هذه الأخطاء المتراكمة بدأت مع السنوات الأخيرة لإدارة الرئيس أوباما، ولكن الرئيس ترامب أوصل هذا التخبط إلى حدوده القصوى. ومن الصعب على الولايات المتحدة أن تستعيد مصداقيتها في المنطقة، بعد فقدانها التأثير العسكري والسياسي الضروري، بعد إعلانها الانسحاب الكامل من سورية.

واليوم يدخل صراع القوى في سورية مرحلة جديدة، حيث تخلو الساحة بشكل كامل من الوجود الأميركي، لكن الوجود التركي تعزّز بشكل كبير مع عمليتها العسكرية التي لا نعرف مداها، وما إذا كانت ستستطيع أن تستعيد كل الأراضي التي كانت تسيطر عليها مليشيات قوات الحماية الكردية، وهو ما يعني الانسحاب الأميركي الكامل من كل الأراضي، بما فيها الرقة التي لا تزال فيها قواعد عسكرية. وبسبب الصراع، بل والعقوبات الأميركية على تركيا، بسبب عمليتها العسكرية في سورية، سوف تدفع تركيا دفعا باتجاه روسيا، وهو ما يعني انتصار معسكر نظام الأسد على حساب معسكر المعارضة. وبسبب الانتقادات الشديدة لتركيا، ربما لن تستطيع الوصول إلى منطقة شرق الفرات، وهو ما يعني استفادة نظام الأسد كليا من هذه المناطق.

يمكن القول، إذاً، إن حصيلة الوجود الأميركي في سورية كانت كارثية بكل المعاني. صحيح أنها ساعدت السوريين في التخلص من تنظيم داعش الذي أثخن في دماء السوريين، وأشاع فوضى لا مثيل لها فكريا واجتماعيا وسياسيا وعسكريا داخل المجتمع السوري، لكن ترتيبات هذه الحرب ضد “داعش”، وما نتج عنها من تحالفاتٍ أوجد فوضى كبيرة، كان نظام الأسد أكبر المستفيدين منها، وهو اليوم يتقدّم باتجاه الشمال السوري، ليخلف المناطق التي كانت تسيطر عليها قوات الحماية الكردية، وهو ما يعني أن الحليف القديم عاد إلى حضنه الجديد، بما يعنيه ذلك من تمكّن نظام الأسد من إعادة السيطرة على مناطق كثيرة كان لا يجرؤ على الاقتراب منها، بسبب الوجود الأميركي فيها.

من يتحمّل المسؤولية هو سياسات أوباما التي أصرّت على التحالف مع قوات الحماية الكردية على حساب الجيش السوري الحر، أو القوات المسلحة التركية، وحتى عندما عرضت السعودية في عام 2015 إدخال قوات عربية على سورية، أصرّت الولايات المتحدة على الاعتماد على هذه القوات الكردية التي هي امتداد لحزب العمال الكردستاني في تركيا، والتي ليس لها جذور في الأرض السورية. وفي الوقت نفسه، تريد أن تنقل معركتها مع تركيا إلى داخل الأرض السورية، وهذا ما حصل بالفعل، حيث الصراع العسكري بين قوات الحماية الكردية والقوات التركية على الأرض السورية كان نتيجة حتمية، في ظل الصراع الطويل والمرير الذي يمتد إلى عقود بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني، حيث لا ناقة للسوريين فيه ولا جمل.

باختصار، هذه هي السياسة الأميركية التي لا ترغب بالاستماع إلى المجتمعات التي تعتقد أنها تساعدها كما حصل في العراق من قبل. وبالتالي، تنتهي هذه السياسات كي تصب في مرحلة عداء لهذه المجتمعات، وتنتهي السياسة الأميركية حينها إلى فوضى يكرّرها اليسار الأميركي بالقول إن منطقة الشرق الأوسط في فوضى، من الأفضل عدم الاقتراب منها. ومعلوم أنه لا قدرة لنا على حل مشكلاتنا، بسبب نظام الأسد وغيره، وبالتالي نعود إلى المربع الأول، لا قدرة على نزع شوكنا بأيدينا، وعندما يأتي أحد ما لنزع هذا الشوك، فإنه يزيد غرزه في الجسد بدل شفائه منه.

العربي الجديد،

————————

ليس دفاعاً عن تركيا بل انتصاراً لسورية/ محمود الوهب

نعم، ليس دفاعاً عن تركيا، بل انتصاراً لسورية التي تستبيح أراضيها اليوم جيوش متعددة الوجوه والقوميات، وتتنوع بأساليب الفتك بالشعب السوري.. نعم، ليس دفاعاً عن أحد، بل كشفاً لهذه المهزلة البكائية التي يقوم بها العرب، فمن السعودية إلى مصر إلى جامعة الدول العربية برمتها إلى بعض البلدان الأوروبية، والتصريحات تتوالى، والبيانات تصدر وتوزّع، ويجري تبادل الآراء والمشاورات بشأن عقد اجتماعات عاجلة للهيئات العربية والدولية. وبالفعل، اجتمع وزراء الخارجية العرب، فنشجوا وشجبوا ودانوا ولوّحوا بمعاقبة تركيا التي خرجت على القوانين الدولية، وهاجمت جارةً لها من دون سابق إنذار، وكأنها الدولة الوحيدة التي تتدخل اليوم، أو منذ زمن، في الشأن السوري، بل كأنَّ سورية، وحكومتها، وشعبها، قد ناموا في المساء آمنين مطمئنين، واستيقظوا في الصباح ليفاجأوا بعدوان آثم تقوم به دولة أجنبية لتعبث بحرّيتهم ومقدّراتهم.. وكأنَّ سورية ليست مستباحة بفعل حاكمها، وأعوانه، منذ تصدّى لشعبه أمام نظر العالم أجمع بالرصاص الحي، ثم بالبراميل المتفجرة، وبعدئذ بالكيميائي، وبالروس والإيرانيين، ولا يزال على مدى ثماني سنوات، جرى خلالها ما جرى للسوريين من ويلات.. مليون شهيد وضعفهم من الجرحى والمعوّقين، ومئات ألوف المعتقلين والمفقودين، إضافة إلى ثلاثة ملايين بيت مهدَّم، وعشرة ملايين سوري، على الأقل، بين مهجر ونازح غير متجانسين. ولا مقياس لدينا نقيس به حجم الأوجاع والأحزان المستمرة إلى أزمان قادمة طويلة. ذلك كله ولم يتنطّع أحد من العرب، ليتخذ الموقف الجاد المثمر لإيقاف ذلك الخراب. لا بل هيّج بعضهم وجيَّش وموَّل، وقطع عهداً على نفسه أن يسقط الأسد ونظامه، وها هو الآن يهيئ الظروف لإعادته إلى حضن جامعته، وكأن شيئاً لم يكن..!

وللعلم، كثيرون مهجّرون بسبب حزب العمال الكردستاني الذي يتباكى عليه العرب، متجاهلين أنه احتل مناطق شاسعة تقارب ثلث مساحة سورية بمساعدة الأميركان، ولكن العرب لم يحرِّكوا آنذاك ساكناً. وطبيعي أنهم لم يستقبلوا لاجئاً سورياً واحداً، ومعظمهم قادر على استقبال المهجّرين كلهم، والقيام بأودهم، والاستفادة من طاقاتهم وإمكاناتهم في بناء نهضةٍ شاملة، هم بحاجة إليها، وخصوصا الذين يهدرون المليارات على الأميركان، بمناسبة أو من دونها، كلما حلّت بالاقتصاد الأميركي أيٌّ من نوائب جشع رأس المال وتوحشه، أو تطلّب الحال تأمين وظائف جديدة لرفاهية الأميركان.. أما من استقبل لاجئين من العرب فقد أذاقهم من الذل أكثر مما يمكن لهم أن يعانوه في بلدهم المستباح، فقتل، وعذّب وشحذ عليهم بما يكفي.. بينما تحمّل الأتراك عبء أربعة ملايين لاجئ سوري، وعانى الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) ما عاناه من عنت المعارضة اليسارية (الإنسانية) والقومية، حتى أن بعض أسباب خسارة الحزب رئاسة بلدية إسطنبول في الانتخابات البلدية يعود إلى متاجرة المعارضة التركية بقضية اللاجئين السوريين.

ولكن من هي قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي يتعاطف معها العرب؟ دعونا نعرفها وندقق في تركيبتها وفي من رعاها وما غاياتها؟

أولاً: مليشيات قومية كردية، قيادتها تركية الجنسية، تتبع حزب العمال الكردستاني، في جبال قنديل على الحدود العراقية الإيرانية التي تعد معقلاً لهذا الحزب، وهي القوات التي استخدمها الأميركان مرتزقة تحقيقاً لمصالح خاصة بهم، وكان حافظ الأسد قد رعاها في ثمانينيات القرن الماضي، وأغدق عليها، إذ أرادها بعبعاً لتهديد تركيا، لكنه توافق مع زعيمها عبد الله أوجلان على أن لا مشكلة قومية للأكراد في سورية. وأقرَّ أوجلان بأن هدفه تشكيل كيان كردي في تركيا التي تضم أكبر عدد من الأكراد (14 مليون نسمة ونسبتهم إلى مجمل السكان 15%)، أما من تبقوا فوجودهم في العراق وسورية وإيران. وقد سمح حافظ الأسد، وفق اتفاقية أضنة عام 1998، بتعقب الجيش التركي مليشيا “العمال الكردستاني” مسافة خمسة كيلومترات ضمن الأراضي السورية. ولم يكن الحزب آنذاك يحتل شبراً واحداً من الأراضي السورية، كما حاله اليوم، وسوِّيت في الاتفاقية ذاتها مشكلة الحدود بين الطرفين نهائياً، متضمنة تخلِّي الأسد عن لواء إسكندرون. وطرد أوجلان من سورية. ولكن الحزب عاد مستغلاً الفوضى الحاصلة في سورية، ليحتل عفرين أولاً، ثم ليقضم أراض سورية كثيرة إلى الشرق، ويقيم إقليم “روج آفا”، أي غرب كردستان.

ثانياً: طرح حزب العمال الكردستاني نفسه بديلاً عن الحركة الكردية في سورية، وكان قد مضى على تشكيل أحزابها أكثر من ربع قرن، كما أنه، بوصفه حزبا ماركسيا، طرح نفسه بديلاً عن الشيوعيين السوريين بتلاوينهم كافة، واغتال عناصر منهم ومن أحزاب كردية أخرى..! وقد كرَّمه حافظ الأسد، إذ وضع ممثلين عنه في مجلس الشعب في إحدى دوراته (ثمانية أعضاء، مثل حصة كل حزب في الجبهة الوطنية التقدمية، وقد صال هؤلاء وجالوا في المجلس، ما جرح الكبرياء القومية للبعثيين، فلم يكرّرها “القائد الخالد”)، وبالطبع، لم يكن يسمح بالترشح لأي عضو من حزب كردي آخر. وإذا ما ترشح كردي بعثي، أو مستقل، فلا بد من أن تباركه أفرع الأمن جميعها. ولم يعترف الأسد للأكراد بأيّ من حقوقهم، بما في ذلك حل مشكلة إحصاء أكراد الحسكة، واستبدل بأسماء القرى الكردية أخرى عربية في سورية كلها.

ثالثاً: تصرف حزب العمال الكردستاني في سورية، منذ أخذ يتوسع في سورية بتحالفه مع الأميركان تصرُّف المستعمر تجاه العرب، إذ قتل وسجن وهجَّر وعفَّش، واستولى على أراضٍ ومواش ومواسم زراعية، وحرق مواسم قبل حصادها، ولم يكن بأفضل من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي حاربه تحت إمرة الأميركان.. وحاز كذلك على الثروة النفطية، وباعها إلى تجار في تركيا وسورية.

رابعاً: وحدها مليشيا “قسد” ترفع العلم الإسرائيلي إلى جانب العلم الكردي وصورة أوجلان تركي الجنسية، حيث الأراضي السورية التي تحتلها، ما يفيد بأنَّ ولاءها المستقبلي ليس سورياً. أما إذا كانت قد أكرهت على توقيع اتفاقٍ مع النظام فما ذلك إلا تلبيةً لرغبة الروس الذين لم يعترضوا على ملاحقة الأتراك لهم. ولعلها اتفاقات أستانة، وجوهرها المقايضات التي لا يعرف أحد منتهاها، ولا غاياتها النهائية. وما دخول قوات “الجيش العربي السوري” إلى منبج وعين العرب إلا نوع من حفظ ماء الوجه للنظام الذي لم يعد يملك أي قرار على الأرض السورية، ولكن بقاءه مطلوب روسياً وإيرانياً، وربما دولياً.

خامساً: عمل حزب العمال الكردستاني على التغيير الديمغرافي للسكان، ليتجاوز واقعاً جغرافياً قائماً لا يساعد على انفصالٍ أو فيدرالية، فرحَّل آلافا من سكان المدن والقرى التي احتلها، ومعظمها قرى عربية صرفة. وللمثال، قرى في أرياف إعزاز والباب ومنبج وجرابلس. أما مدينة الرّقة التي تنطوي حديثاً على تنوع سكاني سوري واسع، فلا يشكل الكرد فيها أكثر من 4% إلى 5%، إذ إنهم موجودون في ست عشرة قرية من أصل ثلاثمئة قرية، وهذا هو أسلوب “البعث نفسه”. يشير التوزّع السكاني السوري إلى مسألة في غاية الأهمية، أن ترابط السوريين أكثر عمقاً مما يعمل عليه الانفصاليون، بأشكالهم كافة. وأن حل المشكلات القائمة اليوم بفعل الاستبداد السياسي الطويل لا يستقيم إلا بحكم لا مركزي، يحقّق المواطنة الكاملة من دون أي تمييز كان.

سادساً: التدخل التركي هذا سوف يسرِّع في إيجاد حل للمأساة السورية، وهو في النهاية تثبيت للحق السوري، وليس نفيا له.

والخلاصة من كل ما تقدَّم، إنَّ المواقف في مثل هذه القضايا لا تتجزأ، فإذا ما أراد العرب موقفاً جدّياً، موقفاً يحافظ على وحدة الأراضي السورية، ويساوي بين أطياف شعبها، فلا بد من النظر بعين واحدة إلى المحتلين أجمعين، والدعوة إلى إخراجهم، والتمسّك بقرار مجلس الأمن رقم 2254، بحسب أولوياته التي تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالية، تعيد هيكلة الدولة السابقة بكاملها، وتهيئ لانتخاباتٍ ديمقراطيةٍ حرة، وفق دستور يقتلع جذور الاستبداد الذي يفرِّخ الإرهاب آلياً، وتفسح في المجال لتطبيق العدالة الانتقالية، ومحاسبة القتلة من الأطراف كافة، وتعيد أموال الشعب المنهوبة، لعلها تساهم بإعادة إعمار ما دمرَّه المجرمون، وصمت عنه العرب والعالم.

العربي الجديد،

—————-

نهاية مشروع الحكم الذاتي الكردي…”لا أصدقاء للأكراد إلا الجبال والريح”/ أولريش فون شفيرين

لم يترك القصف التركي أمام الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا أي خيار سوى طلب المساعدة من قوات الأسد. وبهذا فقد أشرف هذا المشروع السياسي على نهايته، بعد أن كان يعتبر بالنسبة للكثيرين نموذجا لنظام سوريا المستقبلي، ولكنه كان يقف دائما على أرض غير مستقرة، مثلما يرى المحلل السياسي الألماني أولريش فون شفيرين في تحليله التالي لموقع قنطرة.

لم يتأخَّر بشار الأسد طويلًا عندما طلب منه الأكراد المحاصرون مساعدتهم لمواجهة تركيا. فقد دخلت قوَّاته في صباح يوم الإثنين 14 / 10 / 2019 إلى مدينة تل تمر، وبعد ذلك بقليل دخلت دباباتهم إلى الطبقة وعين عيسى. وفي المساء سيطرت قوَّاته على منبج.

صحيح أنَّ الإدارة الذاتية الكردية قد أكَّدت على أنَّ هذا مجرَّد دعم عسكري من أجل الدفاع عن الحدود، ولكن مع عودة القوَّات الحكومية إلى المناطق الكردية فقد أشرف مشروع الحكم الذاتي الكردي في سوريا على نهايته.

تعتبر العودة تحت نير الديكتاتور أمرًا مريرًا بالنسبة للأكراد، وذلك لأنَّهم قد ناضلوا بقوة من أجل استقلالهم الذاتي. ولكن تحت القصف التركي وبعد تخلي حلفائهم الأمريكيين عنهم، لم يبقَ للأكراد أي خيار آخر. فبعد بدء الهجوم، كان من الواضح أنَّ وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) لن تستطيع الصمود أمام قوَّات أنقرة الجوية والقوَّات المساندة لها من الإسلاميين في هذه الأرض المستوية والمفتوحة داخل شمال سوريا.

مسحوقون بين الجبهات

ولكن مع ذلك، فإنَّ فشل الحكم الذاتي الكردي أسبابه في نهاية المطاف عسكرية أكثر من كونها سياسية. لقد كان واضحًا منذ فترة طويلة أنَّ هذا الوضع لم يكن سيستمر على المدى الطويل: ففي الشمال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يعتبر وحدات حماية الشعب الكردية ميليشيات إرهابية، وفي الجنوب الأسد المُتَمسِّك بالسلطة، وكونهم حلفاء دونالد ترامب الرئيسيين، الذي كان على ما يبدو مرهقًا من تعقيد النزاع وليست لديه أية استراتيجية طويلة الأجل.

وحدات قتالية نسائية مقاتلة من وحدات الشعب الكردية في مدينة الرقة – سوريا. Foto: Ronahi TV/dpa

جنبًا إلى جنب مع عبد الله أوجلان: هذا النزاع مع تركيا كان من الممكن أن يكون قابلًا للحلّ فقط لو أنَّ حزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي نأى بنفسه بشكل قابل للتصديق عن حزب العمَّال الكردستاني وأكَّد لأنقرة أنَّه لن يدعم الإخوة والأخوات الأكراد داخل تركيا في نضالهم من أجل الحكم الذاتي. غير أنَّ حزب الاتِّحاد الديمقراطي لم يفعل ذلك، بل ولم يُخْفِ قربه من حزب العمَّال الكردستاني: ففي جميع مكاتبه كانت تظهر صورة مؤسِّس حزب العمَّال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان، وفي احتفالاته ونشاطاته كانت صورة أوجلان موجودة في كلّ مكان.

ومع عودة الحكومة ينتهي الآن مشروع سياسي كان يراه الكثيرون كنموذج لنظام سوريا المستقبلي. بعد بداية الحرب الأهلية السورية، أنشأ الأكراد بقيادة حزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي (PYD) في شمال شرق سوريا إدارتهم الخاصة مع مدارس وقوَّات أمن خاصة بهم. أمَّا الحكومة في دمشق فقد قبلت بذلك ضمنًا طالما لم يلجأ الأكراد إلى حمل السلاح في وجهها.

كتسب حزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي تعاطف الغرب بسرعة بفضل توجُّهه العلماني وتبنيه المساواة بين الجنسين ودعمه للهياكل الديمقراطية. كثيرًا ما كان يتم التغاضي عن حقيقة أنَّ حزب الاتِّحاد الديمقراطي أيضًا كان يقمع الأحزاب المنافِسة ويعتقل منتقديه ويطرد الآلاف من الأهالي العرب. ولكن على الرغم من ذلك فإنَّ نموذجه الخاص باللامركزية كان يبدو رائدًا من أجل إحلال السلام على مجتمع سوريا المستقطب عرقيًا وسياسيًا.

تخلي الأمريكيين عن حلفائهم الأكراد

عندما ظهرت ميليشيات جهاديي تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا، واجهتهم وحدات حماية الشعب الكردية بحزم. وفي حين أنَّ أنقرة ودمشق كانتا تراقبان من دون فعل أي شيء، تولى مقاتلو وحدات حماية الشعب طرد المتطرِّفين من مدينة عين العرب (كوباني) ومن مدن أخرى بخسائر فادحة. وبسبب عدم وجود أية بدائل أخرى، فقد دعمت الولايات المتَّحدة الأمريكية الميليشيات الكردية بالأسلحة والغارات الجوية والقوَّات الخاصة، وسرعان ما باتت تُقدِّرها كحليف موثوق به.

غير أنَّ الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا كان بمثابة الشوكة في حلق تركيا؛ التي كانت تنظر إلى وجود وحدات حماية الشعب الكردية على حدودها على أنَّه تهديد، وذلك بسبب ارتباطها الوثيق بحزب العمَّال الكردستاني PKK، الذي يقاتل ضدَّ الدولة التركية منذ ثمانينيات القرن العشرين. لقد خافت أنقرة من إمكانية وصول الأسلحة الأمريكية الحديثة إلى حزب العمَّال الكردستاني، واحتجَّت بمرارة في واشنطن على تسليح “هذا التنظيم الإرهابي”.

وبعد الاستيلاء على آخر معاقل تنظيم داعش شرق الفرات، باتت الميليشيات الكردية تسيطر على نحو ثلث مساحة سوريا. ولكن الأسد لم يترك أي مجال للشكّ في عدم قبوله بتقاسم السلطة على المدى الطويل. وفي المقابل ظلّ حزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي يعتمد على المساعدات العسكرية والحماية الأمريكية من أجل الدفاع عن استقلاله. وقد كان من الواضح أنَّ دعم واشنطن لم يكن موجَّهًا في الواقع إلى الأكراد، بل إلى المعركة ضدَّ الجهاديين.

لقد أعلن ترامب في نهاية العام الماضي 2018 عن سحب قوَّاته بمجرَّد هزيمة ميليشيات داعش. وكان يبدو له إنهاء مهمة الجيش الأمريكي أكثر إلحاحًا، لأنَّ دعمه حزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي جعله في صراع غير قابل للحلّ مع تركيا الشريكة في حلف الناتو. كانت منذ البداية مساعَدةُ الأمريكيين لحزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي ممكنةً فقط عندما كانت الولايات المتَّحدة الأمريكية تغلق عينيها عن الروابط الأيديولوجية والشخصية الواضحة بين حزب الاتِّحاد الديمقراطي وحزب العمَّال الكردستاني.

تقارب مُميت مع حزب العمَّال الكردستاني

هذا النزاع كان من الممكن أن يكون قابلًا للحلّ فقط لو أنَّ حزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي نأى بنفسه بشكل قابل للتصديق عن حزب العمَّال الكردستاني وأكَّد لأنقرة أنَّه لن يدعم الإخوة والأخوات الأكراد داخل تركيا في نضالهم من أجل الحكم الذاتي. غير أنَّ حزب الاتِّحاد الديمقراطي لم يفعل ذلك، بل ولم يُخْفِ قربه من حزب العمَّال الكردستاني: ففي جميع مكاتبه كانت تظهر صورة مؤسِّس حزب العمَّال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان، وفي احتفالاته ونشاطاته كانت صورة أوجلان موجودة في كلّ مكان.

وأخيرًا كان يجب على حزب الاتِّحاد الديمقراطي أن يُقرِّر انفصاله عن حزبه الأم وتركيزه على بناء منطقة حكمه الذاتي في سوريا. إذ إنَّ المثال الكردي في شمال العراق يُظهر أنَّ أنقرة يمكنها أن تعيش من دون ريب مع وجود منطقة الحكم الذاتي الكردية على حدودها، طالما أنَّ هذه المنطقة تنأى بنفسها بوضوح عن العصابات الكردية في تركيا. وبما أنَّ هذا الأمر لم يكن واردًا بالنسبة لحزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي، فإنَّ هذا يبيِّن يوضح مدى ارتباطه في الواقع بحزب العمَّال الكردستاني.

ما من شكّ في أنَّ هذا ليس مبرِّرًا للحرب الهجومية التركية. ففي هجومها على عفرين لم تتمكَّن أنقرة من إثبات أنَّ وحدات حماية الشعب تشكِّل تهديدًا مباشرًا لها. لقد أغلقت تركيا منذ فترة طويلة حدودها بطريقة جعلت تهريب الأسلحة أو تسلل المقاتلين أمرًا مستحيلًا. ولذلك فإنَّ هذا الهجوم لم يكن من ناحية السياسة الأمنية أمرًا إلزاميًا، كما أنَّ دخول تركيا إلى دولة مجاورة عملٌ مشبوه للغاية من الناحية القانونية.

لا يزال من غير المعروف كيف ستسير الأمور. بإمكان إردوغان أن يعيش بشكل جيِّد مع عودة الأسد إلى شمال شرق سوريا، على الرغم من مدى كرهه لديكتاتور دمشق. ولكن على الأرجح أنَّ تركيا لن تنسحب بسهولة من المناطق التي احتلتها بالفعل.

والآن بات يعتمد الكثير على روسيا، التي تلعب دورًا ظلاميًا ولكنه مركزي كوسيط بين أنقرة والأسد والأكراد. وقد بات من الواضح مَنْ هم الفائزون في هذه الحرب، ومن الواضح، أيضًا، أنَّ الأكراد ليسوا من بينهم.

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: موقع قنطرة 2019

ar.Qantara.de

————————-

الدخول التركي.. وهوامش على دفتر نكساتنا وضياعنا/ منير الربيع

تجاوزت التطورات العسكرية في سوريا وعليها، حدود المبدئية. الموقف المبدئي على أهميته وقدسيته، يبقى بعيداً حالياً عن واقع التطبيق، أو الواقع المنظور والمُعاش. والمقصود بالمبدأ هنا، هو الالتزام الأولي والأساسي والبديهي، بوحدة الأراضي السورية والحفاظ عليها بنسيجها الاجتماعي والجغرافي والديمغرافي. الأساس هنا، هو أن هذا المبدأ الذي نلتزم به وننشده، لم يعد له أيّ أساس من الوجود، والمبدأ الثاني هو في رفض تدخل أي قوة عسكرية أو غير عسكرية، خارجية بمسار الأحداث السورية التي اندلعت في آذار العام 2011. وشيء من هذا أيضاً لم يتحقق.

الواقع السوري اليوم، يشير إلى انتهاء سوريا التي نعرفها، والتي ثار شبابها للمطالبة بالحفاظ عليها وتطويرها وتحسين ظروف حياتهم فيها. لم تكن ثورة الشباب السوري بهدف الوصول إلى ما آلت إليه الأوضاع، وهذا يعني أن المبدأ أيضاً قد تبدد، على مذبح

الصراعات الدولية والإقليمية في سوريا وعليها، وبحث الدول عن مناطق النفوذ. سوريا اليوم، أكثر من دولة، وعلى أراضيها أكثر من احتلال أو توغل أو تدخل، وتعرضت لأكثر من اعتداء. وفي هذه الحالات، ومع الاحتفاظ بالمبدأ العام الذي لا تنازل عنه، يجب تغيير النظرة إلى حقيقة الوضع، بحيث يصبح التشخيص مركّزاً على صراعات النفوذ بين القوى الغريبة المتنوعة، وما تحققه على الأرض السورية.

ومن أوائل الخروق للمبدأ العام للثورة ومآلاتها، هو النزعة الكردية المتسرعة إلى رسم حدود الكيان الانفصالي، بدلاً من التنسيق مع المعارضة والحراك الثائر على مبدأ واحد وهو إسقاط النظام على أن يتم التفكير بالنظام الجديد فيما بعد الانتهاء من هذا الهدف. هذا الخرق، كما غيره من الخروق العربية والدولية التي جعلت سوريا مذبحاً تتصارع عليه الأمم، وتتداخل فيه جملة حسابات وطموحات لمشاريع، قومية، أقلوية، إسلامية، وغيرها.

مع إعلان تركيا تدخلها في شرق الفرات، طرحت أسئلة وجدانية كثيرة في نفوس المؤيدين للثورة السورية، إذا ما كان التدخل مشروعاً أم غير مشروع ولا بد من معارضته. بمجرد طرح السؤال، يقع ضياع هوية الوجهة السياسية، ولهذا أثر بالغ على علاقة الثوار بثورتهم، لكنهم أيضاً أكثر من استشعر اليتم والذبح والتهجير الممنهج على مرأى العالم، وبرعاية “أصدقاء الشعب السوري” الذين لم يقدموا على أي خطوة تستحقها التسمية. في حالة المغبون والمهزوم، والذي تراءت بلاده أمامه تتجاذبها قوى دولية معارضة له أو شاركت في سحق طموحاته وتهجيره من أرضه، تبدو النظرة مختلفة وبعيدة عن التنظير، فجمع كبير من هؤلاء العراة والمهجرين في الشتات، كانت دواخلهم تتوق إلى ما يرتكزون إليه، أو يركنون لديه في أمن وأمان، يستشعرون استنصاره لهم، بمعزل عن قراءتهم أو رؤيتهم لكل النقاش السياسي المبدئي، أو السيادي، برفض التدخل. جل ما يريده هؤلاء أن تدخل قوة تمنحهم بعضاً من قوة البقاء والوجود، في ظل وجود قوى مختلفة ومتنوعة أنزلت بهم ما أنزل الله بها من جور وسلطان.

وفي هكذا حالات، لا يسيطر الضياع وحده فحسب، إنما تتجلى معاني التناقض السياسي في المواقف بين الدول التي كان هؤلاء المسحوقون ينظرون إليها ناصرة لهم وخاصرة حمايتهم. من رحّب بالتدخل التركي، استوقفه الاستغراب من حجم المواقف العربية المدينة لهذا التدخل، متمنياً لو أنها كانت بهذه السرعة والفعالية أمام التدخل الإيراني أو الروسي. ولو حصل ذلك لما وصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليه.

سوريا العربية يغيب عنها العرب، تحضرها قوى متعددة، من إيرانيين، روس، أتراك، وأميركيين. والطامة الأكبر تنعكس في الموقف العربي الرافض للتدخل التركي بما يمثّله من تهديد لوحدة الأراضي السورية، بينما بعضهم كان يدعم الأكراد، أصحاب المشروع والطموحات الانفصالية التي تشكل التهديد الأساسي لوحدة الأراضي السورية. هذا الإجماع العربي الذي جُلب على عجل، باجتماع جامعة الدول العربية، لم يتوفر بشأنه أي مبادرة بهذه الشراسة والسرعة إزاء التدخل الإيراني، أما التدخل الروسي فقد حظي بالدعم العربي الكافي لتتولى روسيا الوصاية الكاملة على سوريا، مع توزيعها لأدوار مختلف القوى وخصوصاً الإيرانيين والأتراك.

وبالعودة إلى السؤال الأساسي، هل يجب على المرء أن يقف ضد التدخل التركي أم معه؟ ليس من السهل الوصول إلى جواب شاف وواضح. لتركيا مشروع واضح في سوريا، تستند إلى عناوين عديدة لتبرير تدخلها، أولاً حماية الأمن القومي التركي، وثانياً المنطقة الآمنة لنقل اللاجئين إليها، وقطع الطريق أمام أي مشروع انفصالي كردي قد ينعكس سلباً على تركيا، وإيران والعراق معاً. وتستند تركيا في تدخلها إلى ما سبقها

من تدخلات في سوريا، من قبل الروس الذين دخلوا لحماية النظام والدولة بما يتلاءم مع مصالحهم، وإعلانهم الدخول في حرب مقدسة لحماية الأقليات، إلى إيران التي تدخلت أيضاً بذريعة الدفاع عن المقدسات وحرب استباقية على الإرهاب، بهدف تحقيق أهداف استراتيجية في سوريا من مناطق النفوذ وتوفير الأمن للهلال الإيراني أو للأوتستراد الذي يصل إيران بالعراق بسوريا وصولاً إلى لبنان.

لا جواب للسؤال، إلا أن الغياب العربي، والوقوع في التناقضات، وغياب أي رؤية سياسية جدية، كانت قادرة على حماية سوريا من كل هذه التدخلات، رمى بالسوريين في أحضان الآخرين، سواء كانوا أتراكاً أم غير أتراك. تربح تركيا من تدخل كما ربح من قبلها الإيرانيون والروس، بينما العرب هم الخاسرون، وطبعاً الخسارة الفادحة تقع على الشعب السوري وما مني به. لم يكن التدخل التركي ليحصل لو لم يكن هناك توافق دولي حوله، تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى روسيا وإيران. موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان واضحاً، والتنسيق مع موسكو متكامل وصولاً إلى رفع الفيتو في مجلس الأمن دول قرار يدين التدخل التركي في شرق الفرات.

في غياب العرب، تلعب قوى خارجية أدوارها على أراض عربية، فلاديمير بوتين هو المايسترو، وهو تحدّث بوضوح قبل أيام حول وجوب عمل إيران وإسرائيل معاً، لربما هذه الجملة البسيطة، كافية لاتضاح الصورة أكثر، من الحرب الساحقة التي تعرضت لها الثورة السورية، إلى عمليات التهجير الممنهج التي شهدتها سوريا، ربطاً بما يحكى عن تحالفات أقلوية، وصفقة القرن. قال بوتين كلمته خلال زيارته إلى السعودية، التي تستعد لعقد حوار مع إيران، التي استهدفت الأراضي السعودية والأمن القومي والنفطي الخليجي بلا أي مواجهة جدية، وتستعد للذهاب إلى حوار مع الأميركيين. هذا الكلام يفسّر وجهة التطورات المقبلة، وستكون نتائجها مماثلة لما شهدته سوريا بلا حاجة للحرب. على قاعدة مبادلة العرب ومساومتهم على أمن شعوبهم مقابل الحفاظ على أنظمتهم، فيعودون إلى تعويم نظام الأسد انطلاقاً من الجامعة العربية، وفق منطق نفسه قاده الإيرانيون منذ سنوات. وهذا أساس الهزيمة ومنطلقها، وأمامها لا قيمة لأي جدال آخر، يأتي على حساب أمن السوريين وبحثهم عن ملجأ في آفاق مسدودة أمامهم بالكامل.

تلفزيون سوريا

———————

تحول يحافظ على مسيرة الاستبداد من “قسد” إلى “قسم”/ أحمد عيشة

وأخيراً، انطلقت العملية التي كثر الحديث عنها وطال، وهي عملية دخول القوات التركية مع الجيش الوطني المدعوم منها، إلى مناطق الجزيرة السورية (التي صارت معروفة في الخطاب الإعلامي والسياسي، بحكم الأمر الواقع، بشرق الفرات) وسط اضطراب واختلاف علني في مواقف الإدارة الأميركية، وخاصة بين البنتاغون والكونغرس من طرف، والبيت الأبيض من طرف آخر. والأمر الغريب واللافت للنظر هو مدى التنديد الذي لاقته هذه العملية من الدول والأحزاب والأفراد من جهة، ومن جهة أخرى التضامن منقطع النظير مع قوات سوريا الديمقراطية (التي ليس لها من اسمها أيّ نصيب، فهي ميليشيات وليست قوات، وقيادتها ليست سوريّة، كما أنها أبعد ما تكون عن الديمقراطية) كتعبير عن قيم العصر الجديد التي تجتاح عالمنا، وأهمّها قلب الحقائق التي حكى عنها جورج أورويل في رائعته 1984، ويطبقها عالم ترمب واليمين الجديد.

لا يُفهم تضامن أوروبا مع قسد إلا على أنه موقف ضد تركيا، وهو موقف متجذر في التاريخ والعقل الأوروبيين تجاه عالم غير أوروبي وغير مسيحي، تجرأ وكاد أن يجتاح أوروبا ذات يوم في القرنين السادس والسابع عشر، ذلك الحدث الذي أسس موجة من العداء تجاه العالم الإسلامي، رغم عدم النجاح في تحقيق أهدافه، وفشله في معركة فيينا 1683، ومن أبرز مظاهر ذلك العداء في المباحثات الماراثونية حول الانضمام للاتحاد الأوروبي. تزايد هذا العداء بعد تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا التي أسست لنموذج من الديمقراطية في بلد سكانه مسلمون. ورغم كل العثرات والنواقص، وصعود شخصية مثل أردوغان، تطمح إلى دور أكبر من الدور الإقليمي لبلاده، كما يسعى لأن تكون بلاده نموذجاً لتجربة ديمقراطية في العالم الإسلامي، ومنه البلدان العربية.

فاقم العلاقة المتوترة في الأصل بين أوروبا وتركيا، ما حدث من موجة تهجير كبير للسوريين نتيجة القمع الشديد الذي مارسه نظام الأسد ضد السوريين، حيث كان لتركيا النصيب الأكبر من الفارين من المقتلة، إذ وصل إليها الملايين، واستقر فيها تحت بند الحماية المؤقتة حوالي ثلاثة ملايين ونصف، مما وفر لها ورقة تضغط من خلالها على الجانب الأوروبي -الحلم بالنسبة للسوريين وغيرهم كمستقر- الذي يخشى من تزايد أعداد المهاجرين، وما قد ينجم عنها من مشكلات سياسية واجتماعية ودينية، أبرزها ما نشهده من صعود موجة اليمين، والعداء للإسلام.

نتيجة للتدخلات الإقليمية والدولية في سورية، بعد تعامل النظام الوحشي مع السوريين، واستجلابه للميليشيات الطائفية، والتدخل الإيراني والروسي من بعده، لم يعد هناك سورية، بالمعنى المتعارف عليه، وإنما صار هناك جغرافيات سورية، من أمثال (جنوب سوريا، وشمال غرب سوريا، والشمال السوري، وشمال شرق سورية، أو شرق الفرات)، والمنطقة الأخيرة هي التي سيطرت عليها قسد بطريقتين: الأولى نتيجة مفاوضات مع النظام، والثانية بعد تدميرها، بالاشتراك مع قوات التحالف الدولي أثناء المعارك ضد داعش.

لم يكن موقف حزب الاتحاد الديمقراطي منحازاً لقضية السوريين في ثورتهم ضد نظام الأسد، بل يمكن القول إنه أقرب إليه من حيث تشاركهما في الموقف من الثوار، وتصرف وفق مصلحة ضيقة تصل إلى حد الانتهازية على أساس المشترك مع النظام، فكانت عمليات الانسحاب من المناطق التي يوجد فيها الأكراد وتسليمها للحزب من دون طلقة واحدة، حيث أقام فيها سلطته الدكتاتورية تحت اسم “الإدارة الذاتية”، وأطلق العنان فيها للأسايش -مخابرات الحزب- للتنكيل بالمعارضين للنظام أكراداً وعرباً، فهجّر، واعتقل منهم كثيرين، وقتل بعضهم في سجونه السرية، مثل سجن المعصرة في اعزاز الذي يشبه سجن تدمر البشع.

في أوائل العام 2016، دخلت قوات الحزب قرى الريف الشمالي لحلب، بالتعاون والتنسيق مع النظام وروسيا، وهجّرت حوالي مئة ألف من أهاليها إلى المخيّمات، وعند خروج الحزب من عفرين عقب دخول تركيا إليها في العام الماضي، قام بتسليم المعتقلين إلى النظام، وهو يدرك أنه يسلّمهم إلى الموت، ومنهم من صُفّي فعلاً، أما ما فعله الحزب في المناطق التي استعادها من سيطرة داعش فلا يختلف كثيراً، حيث هجّر السكان الأصليين، وغيّر أسماء المناطق بنفس الأسلوب الذي اتبعته سلطات البعث مع القرى والبلدات الكردية.

كانت علاقة ذلك الحزب مع التحالف الدولي، وتحديداً مع الولايات المتحدة، كما ذكرها ويعرفها السيد ألدار خليل، مسؤول العلاقات الخارجية في قسد ومسد، في حديث مع أحد المسؤولين الأميركان، إذ قال له ذلك المسؤول: “إن الأكراد هم مثل عشيقة، أو صديقة للولايات المتحدة. نأتي إليها عندما نحتاجها، ونحن نعلم أنها ستكون جاهزة”. (مقابلة أجرتھا مجموعة الأزمات، أربیل، 12 تشرين الثاني 2016)، علاقة تعاقدية محددة الهدف، وفي تلك العلاقة، كان الشرط محاربة داعش، الهدف الأساسي للولايات المتحدة في سورية، والذي وافق عليه الحزب. ولربما تطورت العلاقات بين ضباط البنتاغون وعناصر قسد لشكل أبعد من تلك العلاقة، لتكون فيها قسد أداة نفوذ لتحقيق المصالح الأميركية في المنطقة، بينما لم تتمكن تلك العلاقة من اكتساب أي صفة دبلوماسية وسياسية من الإدارة الأميركية، وهو ما يعكس التناقض الحالي ضمن أركان مؤسسة الحكم الأميركي.

في حديث مطول للسيد صالح مسلم مؤخراً (ندوة أقامها تيار مواطنة في أوروبا)، اعتبر أن المشكلة الرئيسية للسوريين هي تركيا وأردوغان، في تعبير صريح يفضح ادعاءاته التي تنافي تبعيته لحزب العمال الكردستاني في تركيا، وأن انسحاب تركيا من سوريا سيحل القضية السورية، أما روسيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل، فيغيب الحديث عنها، ببساطة لأنها تدعم استمرار نظام الأسد، الشريك في قمع ثورة السوريين، ولربما كشفت مؤخراً مقالة مظلوم عبدي، “القائد” الفذ للوحدات في مجلة فورين بوليسي، والإعلان عن الاتفاق بينهما واستبدال قوات سورية الديمقراطية (قسد) بقوات سورية المشتركة (قسم) عن تلك العلاقة، ومهدت لعودة الفرع إلى الأصل.

الجديد في التضامن مع قسد، موقف جوقة أنظمة الاستبداد التي تقودها السعودية والإمارات، التي لم تبد أي موقف وحتى “قلق” تجاه ضربات صديقهما نتنياهو على البلد الذي يتباكون اليوم على “سيادته”، ومولوا حملة صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، وقدموا المساعدات والأموال لقسد بعد استعادة الأراضي من داعش، وحاولوا  تجييش العشائر العربية في المنطقة الشرقية ضد تركيا، التي تدخل معها في صراع حول دور الإسلام السياسي وزعامة العالم الإسلامي السني، ولسوء الحظ نحن من يدفع الثمن.

الطرف الثالث المتضامن مع قسد، اليسار العالمي والعربي الإقصائي الذي يعتبر أن سبب الاستبداد في بلادنا وغيرها هو الدين (وهنا الإسلام) وليس استبداد العسكر والمخابرات، وسبب تضامنه واضح جداً، الموقف من حكومة العدالة والتنمية التركية، ذات الجذور الإسلامية، على الرغم من أن ما يسم السياسة الخارجية التركية في عهدها هو المصلحة القومية المحافظة تحديداً، وليس التوجه الإيديولوجي المتوهم، ودعم الحركة القومية التركية لتلك الحكومة ومشاركتها مثال واضح على ذلك، فضلاً عن علاقتها مع روسيا وآثارها على السوريين.

يفرض التصارع العسكري والسياسي على السوريين خيارات لا يريدونها، فالجغرافيا والمصالح والصدوع الطائفية والعرقية تسم كثيرا من الخيارات والمواقف، بغض النظر عن المعركة الحالية ضد قسد والتي يمكن تشبيهها بأنها شرٌّ لا بد منه، وقد سبقتها معارك مشابهة بين أطراف أخرى.

أمام تلك الفوضى والتصارع، هل بقي ثمة أمل حقيقي للسوريين في استعادة بلادهم ونقلها نحو حكم ديمقراطي يحترم حقوق الجميع، من دون الاستفادة من التصارع الحالي، أم أن ذلك ما يزال بعيداً؟

تلفزيون سوريا

—————————

أنظر تغطيتنا للحدث

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 1

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 2

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 3

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 4

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 5

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 6

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 7

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 8

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى