شعر

قصائد مختارة لمارغريت آتوود

 Margaret Atwood

قـلب

ترجمة سولارا الصباح

يبيع بعض الناس دمهم. أنت تبيع قلبك.

إما أن تبيع قلبك، دمك أو الروح.

الجزء الصعب كيف يخرج الشيء اللعين أولاً

بنوع من حركة ملتوية، مثل تقشير محار،

عمودك الفقري، بالكامل يغدو رسغاً،

جزئياً تدور حول نفسك.

يصير داخلك خارجك.

مثل شقائق النعمان البحري تدفع حصاة؛

هناك صوت يشبه صوت الغرق،

كأحشاء السمك الواقع فى سطل.

ها هي، جلطة غامقة حمراء متألّقة ضخمة

عن ماضٍ ما زال حيّاً، على الصحن

زلقاً.. ساقطاً

كان طعمه مالحاً جداً وثانٍ يقول كان طعمه حلواً

وثالث يقول كان مرًا

وآخر يكشر وجهه.

صاروا خبراء أطعمة فورًا

وأنت تقف فى الزاوية تستمع إلى كلّ هذا

مثل نادل مستأجر حديثًا،

يدك الماهرة الخجولة على الجرح العميق المختفي

في قميصك وصدرك، باستحياء، قاس.

تـبدأ

ترجمة سولارا الصباح

هذه يدك،

هذه عينك،

هذه سمكة زرقاء مفلطحة

على الورقة، تقريباً

شكل عين.

هذا فمك، هذه دائرة،

قمر، أو أي شيء

تحبّ.

هذا لون أصفر.

خارج النافذة،

المطر، أخضر

لأنه صيفي، وأبعد من ذلك الأشجار

ومن ثمة العالم،

مستدير وله فقط

ألوان هذا الطباشير الملون التسعة.

هذا هو العالم بأكمله

وأكثر صعوبة أن تتعلمه من كلامي عنه

أنت محق أن تلطخه بالأحمر،

ثم بالبرتقالي،

العالم : يحترق.

عندما تتعلّم هذه الكلمات.

ستعلّم بأنّ هناك كلمات أكثر مما قلت.

تطفو يد الكلمة فوق يدك،

كغيمة صغيرة فوق بحيرة.

ترسو يد الكلمة فوق يدك فى هذة الطاولة.

يدك حجارة دافئة،

احملها بين الكلمتين.

هذه يدك، هذي يدي، هذا هو العالم،

مستدير لكنه لا يتغير وله ألوان أكثر

مما نراها.

يبدأ، وله نهاية،

هذا ما سترجع له،

هذه يدك.

* * * *

الطيران داخل جسدك

ترجمة عامر أبو ركيبة

رئتاك تملأ نفسها وتتمدد

أجنحة الدم الوردي، وعظامك

تفرّغ نفسها وتصبح جوفاء.

عندما تشهق سترتفع كمنطاد

وقلبك أيضاً خفيف وكبير

يخفق ببهجة صافية، هيليوم صاف.

الشمس رياحها البيضاء تهبّ خلالك

ليس ثمة شيء فوقك،

أنت ترى الأرض الآن كجوهرة بيضوية،

مشعّة وزرقة البحر مع الحب.

فقط في الأحلام يمكن أن تفعل ذلك.

عند الاستيقاظ، قلبك قبضة مرتعشة،

هباءة رقيقة تعوّق الهواء الذي تشهقه؛

وطأة الشمس الحارة النحاسية تضغط

عمودياً

الى الأسفل على الفكر تخرم قشرة جمجمتك.

إنها على الدوام اللحظة التي تسبق إطلاق

النار.

تحاول وتحاول أن ترتفع ولكن لا تستطيع.

ملاحظات عن قصيدة لا يمكن أن تكتب أبدا

ترجمة عادل صالح الزبيدي

هذا هو المكان

الذي لا تود أن تعرف عنه

هذا هو المكان الذي سوف يسكنك

هذا هو المكان الذي لا يمكنك أن تتخيله

هذا هو المكان الذي سيهزمك أخيرا

حيث كلمة لماذا تذبل وتفرغ نفسها.

هذه هي المجاعة.

ليس ثمة قصيدة يمكنك أن تكتبها

عنها، عن جـُـفـَـرِ الرمل

حيث دفن الكثيرون جدا

ولم يـُخرجوا، الألمِ الذي لا يحتمل

والذي لا تزال آثاره على جلودهم.

نصنع أكاليلَ نعوتِ لهم،

نعدّهم كما نعد الخرز

نحولهم إلى احصائيات وابتهالات

وقصائد كهذه القصيدة.

لا شيء ينفع،

إنهم يبقون على حالهم.

المرأة تضطجع على الأرضية الاسمنتية الرطبة

في الضوء الذي لا ينتهي،

آثار إبر على ذراعيها وضعت هناك

لقتل الدماغ

وتتساءل لم ستموت.

إنها ستموت لأنها قالت.

إنها ستموت من أجل الكلمة.

إنه جسدها، صامتا

ومن دون أصابع، يكتب هذه القصيدة.

إنها تشبه عملية

ولكنها ليست عملية

ولا هي ميلاد، رغم

الساقين المنفرجتين والصرخات والدم.

هي وظيفة في بعضها

وفي بعضها استعراض مهارة

مثل كونشيرتو.

يمكن أن يقام بها على نحو سيء

أو على نحو حسن، هكذا يخبرون أنفسهم.

إنها فن في بعضها.

حقائق هذا العالم التى نراها بوضوح

نراها عبر الدموع؛

فلم تقولون لي إذن

بأن ثمة خطبا في عيني؟

أن ترى بوضوح ومن دون أن تجفل،

من دون أن تستدير مبتعدا،

هذا هو العذاب،

العينان مفتوحتان بشريط لاصق

بوصتين عن الشمس.

ما الذي تراه إذن ؟

أهو حلم مزعج، هلوسة؟

أهو رؤيا؟

ما الذي تسمعه؟

الشفرة تقطع المقلة

تفصيل من فلم قديم.

إنه أيضا حقيقة

ما عليك إلا أن تكون شاهدا.

في هذا البلد تستطيع أن تقول ما تشاء

لأنك لن يصغي اليك أحد على أية حال،

إن الوضع آمن بما يكفي،

في هذا البلد بإمكانك أن تحاول كتابة

القصيدة التي لا يمكن أن تكتب أبدا،

القصيدة التي لا تخترع شيئا

ولا تعذر شيئا،

لأنك تخترع وتعذر نفسك كل يوم.

في مكان آخر، هذه القصيدة ليست اختراعا.

في مكان آخر، هذه القصيدة تستجمع شجاعتها.

في مكان آخر، يجب أن تكتب هذه القصيدة

لأن الشعراء قد ماتوا من قبل.

في مكان آخر، يجب أن تكتب هذه القصيدة

وكأنك قد مت من قبل،

كأن لا شيء آخر يمكن عمله

أو قوله لإنقاذك.

في مكان آخر عليك أن تكتب هذه القصيدة

لأن ليس ثمة شيء آخر تعمله.

الزواج من الجلاد

ترجمات عادل صالح الزبيدي

لقد تم الحكم عليها بالموت شنقا. قد

يفلت رجل من هذا الموت بأن يصبح

الجلاد، وامرأة بأن تتزوج الجلاد. ولكن في

الوقت الحاضر لا يوجد جلاد؛ لذلك لا مهرب.

ليس ثمة سوى موت مؤجل إلى أجل غير مسمى.

ليس هذا خيالا، إنه تاريخ.

••

العيش في سجن عيش بلا مرايا.

العيش بلا مرايا عيش من دون الذات.

إنها تعيش من دون ذاتها، إنها تجد ثقبا

في الجدار الصخري وعلى الجانب الآخر

من الجدار، صوتا. الصوت يأتي عبر الظلمة

ولا وجه له. يصبح هذا الصوت مرآتها.

••

لكي تتجنب موتها، موتها الخاص، برقبة ملتوية

ولسان متورم، فلا بد أن تتزوج الجلاد. إلا انه

ليس ثمة جلاد، فعليها أولا أن تخلقه،

عليها أن تقنع هذا الرجل الذي عند نهاية

الصوت، هذا الصوت الذي لم تره قط ولم يرها قط،

هذه الظلمة، عليها أن تقنعه أن يتبرأ من وجهه،

أن يستبدله بقناع الموت اللاشخصي، الموت

الرسمي الذي يمتلك عينين ولكن لا يمتلك فما،

قناع المجذوم الأسود هذا. عليها أن تحيل يديه كي

تصبح راغبة في ليّ الحبل حول النحور التي لم تفرد

مثلما أفرد نحرها، نحور غير نحرها.

عليها أن تتزوج من الجلاد أو لا تتزوج أحدا، إلا إن

ذلك ليس بسيئ جدا، من يوجد غيرُه لكي تتزوج منه؟

••

تتساءل عن جريمتها؟ لقد حكم عليها بالموت

لسرقتها ملابس من رب عملها، من زوجة رب

عملها. كانت ترغب في أن تجعل نفسها أجمل.

تلك الرغبة عند الخدم لم تكن مشروعة.

••

تستعمل صوتها استعمال يد، صوتها يخترق الجدار،

يضرب ويلمس. ماذا يمكن أن تكون قد قالته

فأقنعته به؟ لم يكن محكوما عليه بالموت،

كانت الحرية تنتظره. ما الإغواء، ذلك الإغواء

الذي نجح معه؟ ربما كان يريد أن يعيش مع

امرأة أنقذ حياتها، امرأة نزلت إلى الأرض

إلا إنها رغم ذلك تبعته عائدة إلى الحياة فوق.

كانت فرصته الوحيدة في أن يكون بطلا، بالنسبة

لشخص واحد على الأقل، ذلك لأنه لو أصبح

جلادا لاحتقره الآخرون. لقد أودع السجن

لأنه جرح رجلا آخر ، في أحد أصابع يده

اليمنى، بسيف. هذا أيضا تاريخ.

••

صديقتاي، وكلتاهما من النساء، تقصان

علي قصصهما التي لا يمكن تصديقها والتي

هي حقيقية. إنها قصص رعب وهي لم تحدث لي،

لم تحدث لي بعد، لقد حدثت لي إلا إننا غير

منخرطين، نحن نراقب عدم إيماننا مرعوبين.

أشياء كهذه لا يمكن أن تحدث لنا، الوقت بعد الظهر،

وأشياء كهذه لا يمكن أن تحدث بعد الظهر.

كانت المشكلة ، كما قالت، هي إنني لم يكن لدي

الوقت لأن أضع نظاراتي وبدونها أنا

أعمى مثل خفاش، لم أستطع حتى أن أتعرف

على الشخص. هذه الأشياء تحدث ونحن نجلس

على مائدة ونروي قصصا عنهم لكي نستطيع

أخيرا أن نصدق. هذا ليس خيالا، إنه تاريخ، ثمة أكثر

من جلاد واحد وبسبب ذلك فإن بعضهم بلا عمل.

••

قال: نهاية الجدران، نهاية الحبال،

فتح الأبواب، حقل، الريح،

منزل، الشمس، مائدة، تفاحة.

قالت: حلمة، أذرع، شفاه، نبيذ،

بطن، شعر، خبز،

أفخاذ، عيون، عيون.

كلاهما حفظ وعوده.

••

الجلاد ليس رجلا على درجة من السوء. فيما

بعد يذهب إلى الثلاجة وينظفها من بقايا

الأطعمة، ولو أنه لا يمسحها مما قد يسكبه

عرضا. إنه يريد الأشياء البسيطة فقط:

كرسيا، شخصا يخلع حذاءه، شخصا يراقبه

وهو يتحدث، بإعجاب وخوف، بامتنان

إن أمكن، شخصا يرمي نفسه فيه

من أجل الراحة والتجدد. يمكن امتلاك

هذه الأشياء على أحسن وجه بالزواج

من امرأة حكم عليها بالموت رجال

آخرون بسبب رغبتها في أن تكون جميلة.

ثمة مساحة واسعة للاختيار.

••

كل كان يقول أنه مغفل.

كل كانت تقول أنها امرأة ذكية.

استعملوا عبارة يوقع في شرك.

••

ماذا قالا أول مرة كانا فيها معا

لوحدهما في غرفة واحدة؟ ماذا قال

عندما رفعت نقابها واستطاع أن

يرى أنها ليست صوتا بل جسد وبالتالي

متناه؟ ماذا قالت عندما اكتشفت أنها

كانت قد تركت غرفة مقفلة واحدة

لآخر؟ تحدثا عن الحب، وهو أمر طبيعي،

رغم أن ذلك لم يبقهما مشغولين إلى الأبد.

••

الحقيقة هي أنه ليس ثمة قصص أستطيع أن

أحكيها لأصدقائي لتجعلهم يشعرون بتحسن.

التاريخ لا يمكن أن يمحى، على الرغم من أننا

نستطيع أن نهدئ من روعنا بتأمله. في ذلك

الوقت لم يكن ثمة جلادات إناث.

ربما لم يكن هناك قط.

ولذلك لم يستطع رجل أن ينقذ حياته بالزواج.

ولو أن المرأة كانت تقدر، وفقا للقانون.

••

قال: قدم، جزمة، نظام، مدينة،

قبضة، طرق، وقت، سكين.

قالت: ماء، ليل، صفصاف،

حبل، شعر، أرض، بطن،

كهف، لحم، كفن، عراء، دم.

كلاهما حفظ وعوده.

علّقتني

ترجمة شريف بقنه الشهراني

لقد علّقتني

مثل خطّاف في عينْ

خطّاف صنّارة

عين مفتوحة

لا / يكون

ترجمة ضي رحمي

الحب ليس مهنة نبيلة

أو العكس

الجنس ليس طب الأسنان

الذي يسكّن الأوجاع ويسد التجاويف

أنت لست طبيبي

لست شفائي

لا أحد يملك هذه القدرة

أنت بالكاد تابع/ رحالة

دعك من هذا القلق الطبي

المجامل

اسمح لنفسك بالغضب

واسمح لي بمثله

غضبي الذي ليس بحاجة

لموافقتك أو دهشتك

ليس بحاجة لأن يكون مشروعًا

غضبي الذي ليس في مواجهة المرض

بل في مواجهتك أنت

ليس بحاجة لأن يُفهم

أو يُطهر أو يُكوى،

بل بحاجة لأن يسطع

ويسطع.

دعني وغضبي الآن!

مرادفات كلمة النوم

ترجمة حسن حسن

أودُّ أن أشاهدَك نائماً

وقد لا يحدثُ ذلك.

أودُّ أن أشاهدكَ في نومي.

أودُّ أن أنام معك،

لأقتحمَ نومَكَ في تلك اللحظة التي

تهبُّ فيها موجتكُ العذبة الداكنة

على رأسي

وأتمشى معك في الغابة المتوهجة المتأرجحة

ذات الأوراق الخضراء المائلة للزرقة

بشمسها المائية وأقمارها الثلاثة

باتجاه الكهف الذي انحدرتَ منه،

باتجاه أكبر مخاوفك

أودُّ أن أمنحكَ الغصنَ الفضيَّ،

والزهرة البيضاء الصغيرة،

والمفردة التي ستحميك من الحزن في منتصف حُلُمِك،

من الحزن في المنتصف الذي أود أن أرافقك على السلم مرة أخرى

وأكون القارب الذي يعيدك بسلامة،

والشعلة في اليدين المقعرتين حيث يستلقي جسدك قربي،

عندما تلجني بسهولة مثل التنفس

أودُّ أن أكون الهواء

الذي يسكن رئتيك للحظة فقط.

أودُّ أن أكون بتلك الخفة

وبتلك الضرورة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى