سياسة

اجتماع اللجنة الدستورية السورية الأول في جنيف – الحدث تحليلات ومقالات مختارة –

ملف الدستور واللجنة الدستورية …في الخوف من الدستور/ عمر قدور

مع تشكيل اللجنة الدستورية ظهرت إلى العلن مخاوف شريحة واسعة من مؤيدي الثورة، مخاوف تتعلق أساساً بطريقة تشكيل اللجنة، وباعتبار مسارها بديلاً عن مسار الانتقال السياسي تحت مظلة الأمم المتحدة. ثمة أيضاً مخاوف مشروعة تتعلق بطريقة تشكيل اللجنة، وبعدم وجود ثقة بالثلث الذي يمثل المعارضة، وأيضاً بالثلث الذي يُفترض أن يمثل المجتمع المدني ويضم بين أعضائه موالين معروفين للأسد. أقل هذه المخاوف يتعلق بكون عمل اللجنة مزيداً من إضاعة الوقت، مع الإيهام بأن العملية التفاوضية تسير بين المعارضة والأسد، إلى أن تقرر قوى الخارج النافذة التسوية التي تناسبها والتي ستكون أقوى من أي دستور.

إذا تجاوزنا كل ما سبق، أي كل ما ينصرف إلى التركيز على اللجنة، لا بد من الاعتراف بوجود مخاوف أكثر ديمومة، ومن المستحسن طرحها بكل صراحة من قبل أصحابها، لأن نقاشاً من هذا القبيل ينقل الحوار السوري-السوري إلى مواجهة القضايا الرئيسية، وإن لم يكن هذا النقاش مثمراً الآن بسبب إفلات القضية السورية من أيدي السوريين. ننطلق هنا من أن النقاش في الشأن الدستوري لصيق بتصور كل طرف عن مستقبل سوريا، وهو لصيق بالعقد الاجتماعي المقبل بين السوريين إذا قرروا “وأتيح لهم” العيش المشترك المستقل.

ما يُسمى العقد الاجتماعي في أي بلد يعكس الإرادة السياسية للأفراد والجماعات، ومن ثم يقوم حقوقيون بصياغة مجموع الإرادات والتفاهمات بنصوص دستورية. من دون هذا التلازم بين الجانبين نكون بالأحرى أمام نصوص قانونية تعكس تغلّب أو هيمنة مجموعة ما على باقي السكان. لقد خبرنا مثلاً الدستور الأسدي، المفصّل على قياس الاستبداد بحيث يحتكر الطاغية جميع السلطات بحكم الدستور، فضلاً عن احتكاره الفضاء العام كله بقوة البطش. لم يكن من المصادفة أن يؤدي الواقع البعثي ومن ثم الأسدي إلى الانفجار الكبير الذي رأيناه، فما هو موجود دستورياً وعملياً لا يعبّر عن تعاقد السوريين أو إراداتهم، والدرس المستفاد هو أن أي دستور لا يعبّر عن ذلك سيكون مولِّداً لعنف مستقبلي، لأن العيش بالإكراه غير قابل للديمومة مهما طال أمد هيمنة فئة ما.

إذاً، أول المخاوف الحقيقية من الدستور المستقبلي، وهذا لا يتعلق باللجنة الحالية، هو الخوف من أن يعكس الدستور هيمنة فئة ما على باقي السوريين، ولو أتت الهيمنة هذه المرة عبر صناديق الاقتراع. والحق أن هذه المخاوف هي على مستويين؛ أولهما أن يُكتب دستور يكرّس أصلاً منطق الهيمنة، بحيث تبدو الأخيرة قانونية تماماً، وعليه لا تنقصها الشرعية الأخلاقية. المستوى الثاني هو أن تنقلب فئة عبر صناديق الاقتراع على الدستور الذي أوصلها إلى الحكم، بدعوى أن الدستور غير مقدس ويمكن للشعب الذي اقترع على إقراره أن يقرّ دستوراً آخر متى شاء.

لنعترف أن التعدد المذهبي والإثني له أثر سلبي من حيث تعميم أجواء عدم الثقة بين كتلة واسعة من السوريين، وقد أدى الحكم الأسدي المديد دوره في تعزيز انعدام الثقة، وكان تغييب مفهومي الوطن والمواطنة سبيلاً لجهل السوري بالآخر السوري، فسادت تنميطات بين السوريين هي بمثابة جدران سميكة لن يكون كسرها سهلاً وسريعاً. من هذه التنميطات أن الأغلبية العددية السنية هي متدينة ومحافظة، وعندما يُتاح لها الحكم ستنشئ حكماً إسلامياً سنياً لا يمكن منازعتها على تغييره بسبل ديموقراطية. منها أيضاً أن الأكراد انفصاليون، وأي نص دستوري يلحظ حقوقهم بوصفهم القومية الثانية في البلاد سيعزز طموحاتهم الانفصالية، وسيشجع إثنيات أخرى على المطالبة بوضعيات موازية لوضعهم، حتى إذا لم يكن لتلك الإثنيات حركة سياسية ومطالب على غرار الأحزاب الكردية التي تنشط منذ ما يزيد على ستة عقود. وبالطبع سنرى في المقلب الكردي تلك النظرة المتشائمة التي تتوجس من عدم انعكاس التغيير على الأكراد، لأن الأغلبية العددية العربية ستستأنف الممارسات البعثية أو تزيد عليها.

لقد أخذت مسألة الجماعات السورية حيزاً أوسع من الاهتمام والانكشاف إثر انطلاق الثورة، ولا حاجة للتذكير بأن الخطاب الطائفي للأسدية هو أول من بادر إلى إذكائها. لكن رغم تقدم الجماعات على حساب الأفراد، وهذا ما لمسناه أيضاً بتراجع كثر عن مطالب الثورة الأولى بوصفها مطالب مواطنة متساوية للأفراد، رغم ذلك ينبغي تذكر حقوق الأفراد التي يجب أن تعلو على حقوق الجماعات. هنا يظهر الخوف من دستور يكرس حقوق الجماعات على حساب الأفراد، وأحد التجليات المعروفة هو نظام المحاصصة الطائفية. في الواقع لا يمكن اختراق الجماعات الأهلية إلا عبر قوانين تعلي من حقوق الفرد “بصرف النظر عن الجنس”، وتضمن تالياً تشكيل مجموعات أو أغلبيات جديدة على أسس مدنية أو سياسية.

إن سؤالاً يعود ليطرح نفسه: إذا كتبنا دستوراً يلبي طموحات السوريين، كأفراد وجماعات، من الذي يضمن عدم الانقلاب عليه؟ هذا خوف أساسي لا تكون الإجابة عليه بالعموميات، لأن تحصين العقد الاجتماعي الجديد هي جزء من إبرامه. ثمة اقتراحات يقدّمها قانونيون من نوع الاتفاق على مبادئ فوق دستورية، والأخيرة أيضاً معرّضة للسؤال عن الجهة القادرة على حمايتها، إذا ما قررت فئة ما الانقلاب على الدستور وعليها. مع الأسف لا نستطيع الاستئناس بتجارب قريبة جغرافياً، مثل الدستور التركي الذي ينص على تولي الجيش حمايته، فنحن عشنا تجربة مريرة مع الجيش منذ الاستقلال، وإعادة تأهيله تتطلب وقتاً طويلاً فوق انعدام الثقة بالنتائج.

واحد من أكثر الإجابات تكراراً عن السؤال السابق أن الشعب هو الذي يحمي الدستور عندما يكون ملبياً لمصالحه، إلا أن الإجابة العمومية غير كافية مع تراجع الثقة بمفهوم الشعب نفسه، بخاصة في حالتنا التي عانت تمزقاً هائلاً. لعل هذه الإجابة تأخذ منحى عملياً مع تمكين الشعب من السلطة، بمعنى توزيع السلطات من أعلى الهرم إلى أسفله، فالشعب “أي شعب” قد لا يكون قادراً على الدفاع عن سلطات لا يمتلكها بقدر دفاعه عن سلطات يمارسها فعلياً. إن مفهوم اللامركزية قد يأتي هنا لا ليكون مدخلاً للعدالة في توزيع السلطة فحسب، وإنما أيضاً مدخلاً لحماية الديموقراطية نفسها عبر تمكين شريحة أكبر من الدفاع عنها، وأيضاً بتبديد مراكز قوى السلطة بحيث لا تعود قادرة على الانقلاب على الإرادة الشعبية.

ينبغي ألا ننسى أنه من أكبر المخاوف التي أعقبت الثورة كون السوريين أمام استحقاق تأسيسي بكل معنى الكلمة، وكلمة الدستور في حالتنا مثقلة بكل مخاوف إنشاء الكيان السوري الجديد، ومنها ما لم يتم التطرق إليه في هذا الحيز الضيق. لا ننسى أيضاً أن الكيان السوري، إذا أتيح للسوريين تقرير ما سيكون عليه، هو مختلف عن الكيان الموروث من حقبة الانتداب، لأن لحظة التأسيس الجديدة محمولة على وعي مستجد بالحقوق، وفي جزء منه على الأقل يساير تطورات المنظومة الحقوقية العالمية. ينتهي الخوف باتفاق السوريين على تبديد المخاوف المتبادلة من دون نفاق أو إكراه، والدستور الأفضل هو الذي يلحظ مخاوف الجميع، وهو ليس بالدستور المستحيل كتابته على القانونيين، لكن بعد توفر الإرادة والظروف كي يجلس السوريون ويطرحون مخاوفهم على الطاولة، ومن ثم الاتفاق على مستقبل بلا خوف.

بروكار برس

————————

الدستورية السورية والتوافقات الدولية/ حسان الأسود

أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون عن تحديده يوم الأربعاء في 30-10-2019 موعداً لاجتماع اللجنة الدستورية السورية الأول في جنيف. وأكّد بيدرسون للصحافة أن عمل اللجنة سيكون لتنفيذ أحد العناصر الأساسية لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وأنّ هذا القرار هو مرجعيّة الحل الشامل في سوريا.

لقد بات مكرراً أن نعيد للأذهان سرديّة المعارضة السورية ورؤيتها للحل وقراءتها للقرارات الأممية ذات الصلة، ومن نافلة القول أيضاً التذكير بموقف النظام السوري الذي لم يؤمن يوماً سوى بالحل العسكري رغم إعلانه مراراً وتكراراً القبول بالحل السياسي. الجديد الذي نجد فيه فائدة مرجوّة هو الحديث عن إمكانيّة التوصّل إلى حلّ حقيقي يلبي مطالب السوريّين بالانتقال السياسي، أو على الأقل أن يكون مَعْبراً أو خطوة أولى في طريق هذا الانتقال.

تتضارب التحليلات التي تحاول استجلاء مستقبل سوريا – ولذلك ما يبرره بالطبع – بين متفائل ومتشائم، وتدور بين مستويات مختلفة تتشارك المعطيات على الأرض وتختلف حسب زاوية النظر إليها. ولا شكّ بأن عمليّة “نبع السلام” قد لعبت دوراً كبيراً في تغيير موازين القوى على الأرض من جهة، وفي مراجعة الحسابات والتوقعات من جهة ثانية.

إحدى وجهات النظر – ونحن من أنصارها- التي تحظى باهتمامٍ يلامس تطلّعات السوريين، تلك التي تقول بأن الحلّ قادم بطريقة مُعتمدة دولياً تمزج بين السياسي والعسكري بما يسمح بإخراج التفاهمات الدولية إلى حيّز الوجود. يرى أصحاب هذا المذهب أنّ الأمور باتت في نهاياتها، وأنّ شكل الحلّ سيمر عبر طريق الانتخابات التشريعية والرئاسية بعد إنجاز اللجنة الدستورية لاستحقاقات كتابة الدستور التوافقي.

يستند هذا الرأي إلى وقائع ميدانية محددة جرت في الشمال السوري مؤخراً، وما كان لها أن تتم بدون عنف بالغ وتصادم بين القوى العسكرية الكبرى الفاعلة في الساحة السورية، لولا وجود تقاسم واضح للنفوذ والأدوار في ترسيم خريطة الحل النهائي. صحيح أنّ دخول الجيش التركي وفصائل الجيش الوطني السوري إلى شمال شرق سوريا قد جوبه بمقاومة شرسة من ميليشيا قسد في بعض المناطق، إلّا أنّ احتواء الموقف بسرعة كبيرة من خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس على رأس وفد رفيع المستوى، ثم من خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لنظيره الروسي فلاديمير بوتين والخروج بورقة التفاهمات المعلنة، يدلّ على وجاهة الرأي القائل بنضوج الحلّ.

يَجمعُ أصحاب هذا الرأي أجزاء الصورة كاملة ليشكّلوا منها لوحة نهائية. تبدأ أولى الأجزاء الكبرى من تسليح المعارضة عبر غرفتي (الموك والموم) مما يعني سهولة السيطرة على العمل المسلّح وتوجيهه، ثم عمليّة تسهيل نشوء ودخول وتسرّب التنظيمات الإرهابيّة لتغيير مسار الثورة ولتبرير العنف الهائل المفرط ضدّها، بعد ذلك كانت عمليات التهجير الممنهج لسكّان مناطق محددة لإفراغ مدن كبرى مثل حلب، ولتسهيل عمليّة إحلال غيرهم مكانهم خاصّة ضمن منطقتي حمص ودمشق، ثم أتى دور عمليات تسليم المناطق واحدة تلو الأخرى ضمن تفاهمات باتت الآن واضحة.

يمكننا القول بشيء من اليقين الآن، إنّ عمليات تسليم مناطق الغوطة الشرقية والغربية لم تكن فقط نتيجة انتصارات عسكرية حققتها قوات النظام بمساعدة حلفائها الروس، بل بسبب تفاهمات أعلن عنها بصراحة الرئيس الروسي خلال زيارته إلى الخليج العربي منتصف تشرين الأول الجاري.

كذلك كانت عملية تسليم الجنوب السوري نتيجة ضمانات قدمها الروس للأميركيين بعودة قوات النظام لاستلام الحدود بين سوريا وإسرائيل وحمايتها وفق بنود معاهدة فض الاشتباك الموقعة بين الطرفين عام 1974، وهذا ما جعل الأميركيين يتخلّون عن قوات الجبهة الجنوبية بسهولة بالغة وترك الناس لمواجهة الآلة الحربية الروسية كخيار وحيد إن رفضوا الانصياع وإجراء المصالحات.

إذن تأتي التحرّكات العسكرية في الميدان لتنفيذ الاتفاقيات الجارية في الغرف المغلقة، ومن هذا المنطلق يمكننا قراءة العمليات العسكرية في كلّ من ريفي حماه وإدلب قبل أشهر قليلة وفي الشمال الشرقي قبل أسابيع معدودة فقط. كان الثابت الأكثر وضوحاً في مجمل هذه التحرّكات هو دور السوريين البائس سواءٌ من طرف النظام أم من طرف المعارضة السياسية والمسلّحة، فقد بات واضحاً للعيان أنهم يُنفّذونَ ما يُطلب منهم فقط وأنه ليس لديهم أي دور مؤثر على الإطلاق.

إذن يرى المتفائلون من أصحاب هذا الرأي أنّه يقوم على جوهر بسيط، هو إنجاز الحلّ عبر خطوات معينة ونقاط محددة يجري تنفيذها تباعاً. أوّل هذه النقاط إنجاز اللجنة الدستورية، وثانيها تمكين النظام من إعادة السيطرة على كل الأراضي الخارجة عن سلطته، وثالثها حلّ جميع المليشيات العسكرية السورية أو تسهيل اندماجها ضمن مؤسسة الجيش السوري ومن ثمّ إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية، ورابعها الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية يتمّ من خلالها إنشاء مؤسسة حكم انتقالية مهمتها الأساسية الحفاظ على ما سبق من خطوات، وخامسها الانتقال إلى الدولة السورية الجديدة، وسادسها إعادة الإعمار، وسابعها إعادة إدماج سوريا بالمنظومة الدولية والنظام الإقليمي. قد يكون هناك بنود متعلّقة بوجود القوات الأجنبية في سوريا خلال هذه المراحل، لكن أغلب الظنّ أنّ هذه المسألة ستترك حتى النهاية لضمان مصالح الأطراف المؤثرة في الساحة السورية.

أمّا المتشائمون فيرون أنّ هذه العملية ستهدف، بنفس الخطوات تقريباً، إلى إعادة شرعنة نظام الأسد. فجميع المؤشرات – بالنسبة لهم – تدّل على أنّ المجتمع الدولي يريد المحافظة على النظام الاستبدادي الإقليمي برمّته في المنطقة بدءاً من أفغانستان في أقصى الشرق وصولاً إلى ليبيا في أقصى الغرب، ونظام الأسد أحد أهمّ ركائز هذا النظام المتوحّش الهمجي ويجب الإبقاء عليه، بل وإن أمكن تعميمه كنموذج على بلدان الجوار، وقد بدأت نتائج هذا التعميم تظهر واضحة في مصر على سبيل المثال.

الحقيقة أنّ التشاؤم له مبرراته خاصّة في الحالة السورية باعتبارها الأكثر تعقيداً من بين حالات دول المنطقة، لكنّ الموضوعيّة تفرض علينا عدم القفز على التغيّرات الجوهرية الحاصلة في بنى المجتمعات التي مرّت بتجارب هائلة أعادت تشكيل الكثير من المفاهيم والقيم عند شعوب المنطقة. صحيح أنّ الوقائع تشير إلى انسحابات أمريكية ملحوظة في بعض مناطق الشرق الأوسط لصالح الإمبريالية الروسية الناشئة، لكنّ إرادة التغيير الشعبي الجارفة، المُعبّر عنها بحماسة متزايدة بدءاً من الجزائر ومروراً بالسودان ومصر وصولاً إلى العراق ولبنان، لن تقف عاجزة عن فرض مصالحها بالنهاية على الأنظمة والقوى الدولية أياً يكن جوهرها وشكلها.

في النهاية نستطيع القول إنّ اللجنة الدستورية قد تكون مدخلاً لبداية الحلّ في سوريا. أمّا عن كونه مرضياً لتطلّعات السورين في بناء دولة المواطنة العصريّة، أو كونه مجرّد إعادة شرعنة وتجميل لنظام الحكم الأسدي، فإنّ ذلك رهن بكثير من المعطيات والظروف المتغيّرة باستمرار وسنرى ذلك في قادم الأيّام، وإنّ غداً لناظره قريب.

تلفزيون سوريا

———————-

مصير سوريا بين الاتفاقيات الدولية/ رضوان زيادة

لا يخفى على أحد أن سورية اليوم أصبحت أشبه بجثة هامدة تتناهشها القوى الدولية والإقليمية، سيادتها ولت إلى غير رجعة منذ فترة بعيدة وحدودها أصبحت وهمية وسماؤها أصبحت مفتوحة لكل من يرغب بالمشاركة والأهم من كل ذلك أن شعبها أصبح مشردا هائما في كل بقاع الأرض والمعمورة.

من ينكر كل ذلك هو ببساطة ينكر الحقائق على الأرض ويريد أن يوهم نفسه أن ديكتاتورا كالأسد قادر على إعادة توحيد البلاد بمرحلة جديدة من القتل والتعذيب والإبادة، يستحق السوريون نظاما يليق بهم بحضارتهم وتاريخهم وقيمهم العليا التي يؤمنون بها ويدافعون عنها، لكن العالم بأكمله خذلهم وساعد صعود القوى التسلطية الدولية مثل روسيا في الدفاع عن نظام الأسد في الإبادة ومن ثم صعود الشعبوية في أوروبا وأمريكا في تجاهل عذابات السوريين وآلامهم وتحويلها إلى شيء من الماضي.

هذه الجثة كانت على موعد جديد من القسمة، حيث قررت الولايات المتحدة الخروج بشكل مفاجئ وبالتالي فإن قوات الحماية الكردية التي هي النسخة السورية من حزب العمال الكردستاني PKK ستكون أكبر الخاسرين لأنها تعتمد في وجودها على حماية الولايات المتحدة دون أن يكون لها أي رصيد في الشارع أو أي دعم من السوريين على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم، لم تجد قوات الحماية الكردية من حليف لها كي تضمن استمرار بقائها إلا النظام السوري وكأن الأسد كان يعرف تماما أن هذه الورقة التي أطلقها لمواجهة الكرد المعارضين في بداية عام 2011 ومن ثم لمواجهة المعارضة السورية بشكل عام ولمواجهة دعم تركيا للمعارضة السورية ستعود إليه مهما طال الزمن أو قصر ومهما غيرت من تحالفاتها وولاءاتها من روسيا إلى أمريكا ومهما غيرت من وجهات حروبها ضد تركيا أو ضد داعش، تبقى قوات الحماية الكردية صنيعة حزب العمال الكردستاني والمخابرات السورية التي كانت ولا تزال تتلاعب بها ما تشاء.

وإذا كانت قوات الحماية الكردية ما زالت تراهن على الانتقادات التي تعرض لها الرئيس الأمريكي ترامب بعد قراره سحب قواته من سورية، فهذا الرهان خاسر بكل تأكيد، لأن ترامب خلال السنوات الثلاث من حكمه أظهر تطبيقا وعنادا في تنفيذ كل ما وعد به مهما كلفه هذا الأمر من جدار المكسيك إلى تغيير نظام الهجرة الأمريكي والأمر نفسه بالنسبة للسياسة الخارجية من انفتاح غير مبرر على كوريا الشمالية وروسيا – بوتين إلى دعوة طالبان إلى البيت الأبيض.

لكن ما يهمنا هنا التعامل مع تداعيات هذا القرار على المستوى السوري وكيف يمكن أن يؤثر في صياغة مستقبل سورية في الشهور أو السنوات المقبلة، إذ تكشف الاتفاقات الأمريكية – التركية واتفاق سوتشي التركي – الروسي عودة لنظام الأسد على مستوى الحدود التركية – السورية وهو ما كان خطا أحمر حتى إلى أجل قريب، وهو ما يعنيه أن روسيا أجبرت تركيا على بلع الأسد مقابل ضمان انسحاب قوات الحماية الكردية وهو ما يعنيه أن الأسد كان الرابح الأكبر في هذه الاتفاقات الدولية، صحيح أن الولايات المتحدة عدلت قليلا موقفها وقالت إنها ستبقي على جزء من قواتها من أجل الحفاظ على النفط “بطريقة فجة ” فالمناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الآن هي مناطق غنية بالنفط والغاز وذات موقع استراتيجي في حدودها مع العراق.

سيكون الخاسر الأكبر بالتأكيد هي قوات سورية الديمقراطية أو قوات الحماية الكردية والتي هي عبارة عن قوات حزب العمال الكردستاني التي دربتها ومولتها الولايات المتحدة في حربها ضد داعش وهي لا تحتفظ بأية شعبية أو شرعية داخلية سوى حماية القوات الأمريكية لها، ومع انسحاب هذه القوات سيصبح من الصعب إن لم يكن من المستحيل بقاء هذه القوات في ظل الموقف التركي الذي يصر علناً على ضرورة إنهاء وجودها في سورية كلية، وبالتالي فمصير هذه القوات سيتبخر تماماً وربما تصر السلطات التركية على الحصول على كل الأسلحة الثقيلة التي حصلت عليها هذه القوات الكردية مقابل استمرار تركيا في حلفها مع الولايات المتحدة.

ولذلك سينتهي الوجود الكردي كلياً على المستوى العسكري في سورية وستنتهي معها المغامرة الخاصة بحزب العمال الكردستاني في سورية الذي كان لديه حلم بإنشاء كردستان سورية بالرغم من معاندة الجغرافيا والتاريخ والديمغرافيا لكنه اعتقد أنه بالسلاح يمكن تغيير وقلب كل المعادلات، ربما اكتشفوا الآن أن تحقيق ذلك أصبح من ضرب الخيال.

ولكن مع نهاية كل هذه الاتفاقيات تبقى سورية هي الخاسرة والسوريون هم الخاسرون الأكبر، فهؤلاء للأسف لا عزاء لهم ، ولا مقعد لهم في المفاوضات الدولية التي تجري من أجلهم كما يدعي الجميع.

تلفزيون سوريا

——————–

«ضامنو آستانة» في جنيف لـ«خطف» إنجاز اللجنة الدستورية بيدرسن يؤكد أن العملية بقيادة وملكية من السوريين/ إبراهيم حميدي

يصل إلى جنيف، مساء اليوم، «ضامنو» عملية آستانة، وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف، وتركيا مولود جاويش أوغلو، وإيران جواد ظريف، لعقد اجتماع ثلاثي مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، عشية اجتماع اللجنة الدستورية السورية، بمشاركة ممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، ضمن جهد ثلاثي لـ«خطف إنجاز اللجنة الدستورية».

كان بيدرسن قد رفض دعوة ممثلي «ضامني آستانة» الأصليين (روسيا وإيران وتركيا)، أو المراقبين (لبنان والأردن والعراق)، وممثلي «المجموعة المصغرة» التي تضم أميركا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن ومصر، إلى إطلاق أعمال اللجنة الدستورية، في مقر الأمم المتحدة، صباح غد (الأربعاء)، وذلك للتأكيد على مبدأ أن «العملية سورية – سورية، بقيادة وملكية سورية، لإجراء الإصلاح الدستوري، بعيداً عن أي تدخل خارجي».

لكن المفاجأة كانت بقرار الوزراء الثلاثة القدوم لساعات إلى جنيف، مساء اليوم، حيث لوحظ أن الوزراء يريدون عقد اجتماع ثلاثي في مقر الأمم المتحدة، ثم لقاء مشترك مع بيدرسن، من دون دعوة ممثلي الدول المراقبة في عملية آستانة. ولم يفوت «الضامنون» أي فرصة للتأكيد على أن التقدم في العملية السياسية واللجنة الدستورية (150 عضواً من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني) هو «نتيجة جهودهم». وكانت آخر إشارة أن الاتفاق الروسي – التركي حول شمال شرقي سوريا نص في مادته العاشرة على أنه: «سيواصل الجانبان العمل لإيجاد حل سياسي دائم للصراع السوري داخل آلية آستانة، وستدعم نشاط اللجنة الدستورية»، من دون أي إشارة إلى القرار 2254 أو عملية جنيف.

ولم تكن صدفة أن خصصت روسيا طائرتين لنقل 78 من أعضاء لجنة مناقشة الدستور (50 عضواً يمثلون وفد الحكومة السورية، و29 يمثلون المجتمع المدني ووفد الأمم المتحدة)، ووفد إعلامي، من مطار دمشق الدولي إلى مطار جنيف مباشرة.

وقال دبلوماسيون غربيون، في لندن، إن الدول الثلاث «تريد خطف مسار الإصلاح الدستوري، لإعطاء انطباع بأنه نتيجة مسار آستانة، وليس جهود الأمم المتحدة، أو المجموعة الصغيرة، إضافة إلى محاولة روسيا وتركيا شرعنة تفاهم سوتشي الأخير، الذي نص على إعطاء غطاء روسي للتدخل التركي في شمال شرقي سوريا». وقال أحدهم: «إيران، من جهتها، تريد أن تكون جزءاً من المسار الثلاثي، بعدما استبعدت عنه في الفترة الأخيرة لصالح التفاهمات بين موسكو وأنقرة».

وفي المقابل، حرص المبعوث الأممي، والأمين العام أنطونيو غوتيريش، على التمسك بجميع الخطوات الرمزية والفعلية للتأكيد على أن مسار الإصلاح الدستوري والعملية السياسية يجري وفق القرار 2254، والتفويض الممنوح لبيدرسن بـ«تسهيل» الإصلاح الدستوري، تمهيداً لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بإشراف الأمم المتحدة، وفق القرار 2254. لذلك، كان الإعلان عن الاتفاق على تشكيل قائمة اللجنة الدستورية الـ150 والقواعد الإجرائية من قبل غوتيريش، وليس «ضامني آستانة» في القمة الثلاثية الأخيرة، على أن يكون أول اجتماع للجنة في جنيف.

وكان هذا واضحاً في لغة الدعوة التي وجهها بيدرسن إلى المشاركين السوريين في أعمال اللجنة. وجاء في نص الدعوة: «وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، الصادر عام 2015، ووفقاً لاتفاق حكومة الجمهورية العربية السورية ولجنة المفاوضات السورية المعارضة التي أعلنها الأمين العام للأمم المتحدة في 23 سبتمبر (أيلول) 2019، يشرفني دعوتكم للجلسة الافتتاحية للجنة الدستورية الخاصة بسوريا، التي يقودها سوريون، والتي تتمتع بمصداقية وتوازن وشمولية، والتي ستيسرها الأمم المتحدة في جنيف».

وتابعت: «يعد انعقاد اللجنة الدستورية مؤشراً مهماً وبارقة أمل، ويمكن أن يكون عملها بمثابة مساهمة كبيرة في التسوية السياسية في سوريا، وتنفيذ القرار 2254». وكتب بيدرسن للمدعوين: «إنني على ثقة بأنه مع الالتزام والمسؤولية، سوف تساهم كعضو في اللجنة في تحقيق مهمتها في خدمة الشعب السوري وتطلعاته».

وأوضح بيدرسن، في مؤتمر صحافي أمس: «نعتقد أن القتال الدائر دليل آخر على أهمية الشروع في عملية سياسية جادة، يمكن أن تساعد في حل المشكلات في ربوع سوريا، بما في ذلك شمال شرقي البلاد، وأيضاً إدلب». وأكد ضرورة أن تعمل اللجنة الدستورية السورية من أجل إنهاء المأساة في سوريا، وذلك استناداً للقرارات الأممية، وتنفيذ القرار 2254.

وعد أن اللجنة هي الاتفاق السياسي الأول بين الحكومة والمعارضة في سوريا، مضيفاً: «هذا الاتفاق يلزمهما بالجلوس وجهاً لوجه، للتحاور والتفاوض، ويسمح للمجتمع المدني السوري بطرح وجهات نظره بشكل مسموع، وهو سيسمح بفتح الباب لعملية سياسية أوسع».

وأشار بيدرسن إلى أن هذه اللجنة لا يمكنها «وحدها، أن تحل الأزمة والصراع في سوريا، لكن المهم أنها خطوة في الاتجاه السليم؛ نحو سوريا جديدة». وأوضح أن عمل اللجنة يجب أن يترافق «مع إجراءات بناء الثقة بين السوريين، ومع المجتمع الدولي. فهناك عشرات الآلاف من المخطوفين والمحتجزين والمفقودين في سوريا، وقد ناشدنا لإطلاق سراح النساء والأطفال أولاً. ولو تحقق ذلك، سيكون مؤشراً للاستعداد للانطلاق جدياً نحو سوريا جديدة»، وزاد: «اللجنة مكلفة بتحقيق إصلاح دستوري، باتفاق بين الحكومة والمعارضة؛ هذا دستور الشعب السوري وحده، والمهم تلبية طموح الشعب السوري».

كان بيدرسن قد عقد اجتماعاً مع ممثلي «المجموعة الصغيرة»، الاثنين الماضي، ضمن حرصه على التوازن بين كتلتي «ضامني آستانة» و«المجموعة الصغيرة»، وسط استمرار جهوده لتشكيل مجموعة اتصال دولية – إقليمية، تضم الكتلتين مع الصين.

لكنه تمسك في الوقت نفسه بأن يكون اجتماع اللجنة الدستورية سورياً. وقال بيدرسن، أمس، إنه لن يكون هناك حضور دولي في اجتماع اللجنة الدستورية السورية الأول، وأن الحضور الدولي سيقتصر على حفل الافتتاح، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة ستشارك في الاجتماع.

ومن المقرر أن يجري فريق المبعوث الدولي لقاءات مع رئيس وفد الحكومة أحمد كزبري، ووفد المعارضة هادي البحرة، اليوم، لتأكيد «اتباع مسار إيجابي» خلال الجلسة الافتتاحية التي تشمل خطابات لبيدرسن وكزبري والبحرة، صباح الأربعاء، قبل دخول الوفود واللجنة المصغرة التي تضم 45 عضواً في مناقشات حول الإصلاح الدستوري.

——————-

اللجنة الدستورية تغرق في خطاب النظام/ عروة خليفة

بدأت يوم الأربعاء الفائت أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وقد أعلن غير بيدرسون، المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، انطلاق أعمالها في بيان افتتاحي أعقبته كلمتان؛ الأولى لممثل وفد النظام أحمد الكزبري، الذي أسمى مجموعته بـ«الوفد المدعوم من الحكومة»، والثانية كانت لممثل وفد هيئة التفاوض السورية المعارضة هادي البحرة. ثم أعقب ذلك على مدار ثلاثة أيام إلقاء كلمات من أعضاء القوائم الثلاثة المشاركة في اللجنة، قائمة النظام وقائمة المعارضة وقائمة المجتمع المدني التي شكلتها الأمم المتحدة.

وقد وجّه أعضاءٌ في قائمة النظام تحيات لجيش النظام وقواته، مما تسبب بلغط ضمن القاعة استدعى توقف أعمال اللجنة في بعض الأحيان. وكانت كلمات وفد النظام بشكل عام واضحة في الرسالة التي تقدمها، إذ يعتبر أعضاء الوفد أنفسهم الممثلين الحقيقيين لسوريا، كما أنهم كرروا مراراً كلام النظام وإعلامه حول المؤامرة والجماعات الإرهابية المسلحة، موجهين اتهامات بدعم الإرهاب للمعارضة، بمن فيها «بعض الحاضرين في القاعة». بالمقابل، أشارت الكلمات التي قرأها أعضاء وفد المعارضة إلى الرغبة بكتابة دستور ديمقراطي يضمن المساواة بين السوريين، دون أي إشارات واضحة للمسؤولين عن الحرب والمذابح وسفك الدماء في سوريا.

وعلى الرغم من الخلافات التي شهدتها الجلسات على مدى ثلاثة أيام، إلا أن المبعوث الدولي استطاع في نهايتها الإعلان عن إقرار ما كان متفقاً عليه سابقاً من تعيين رئيسين مشتركين للجنة هما هادي البحرة عن المعارضة وأحمد الكزبري عن النظام، كما تم إقرار نظام داخلي ومدونة سلوك للجنة بما يتضمن قواعد عامة لعملها وآلية التحدث وإدارة الجلسات فيها. وبالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على أسماء أعضاء الهيئة المصغّرة التي تضم خمساً وأربعين شخصاً، ومهمة هذه الهيئة أو اللجنة المصغّرة هي القيام بصياغة مواد دستور سوري جديد أو التعديل على الدستور الموجود، على أن يتم نقاش نتائج عملها لاحقاً ضمن اللجنة الموسعة، التي ستتخذ قراراتها بالتوافق أو بالتصويت بأغلبية 75 بالمئة. وكانت قائمة أسماء أعضاء اللجنة الدستورية الموسّعة، التي تضم 150 شخصاً، قد اكتملت قبيل بدء أعمال اللجنة بأيام قليلة، إذ كان عدة مرشحين لعضويتها في قائمة المجتمع المدني قد انسحبوا وتمّ استبدالهم بآخرين.

ومن المقرر أن تبدأ أعمال الهيئة المصغرة اليوم الإثنين، وهي تضمّ خمسة عشر اسماً من قائمة هيئة المفاوضات السورية المعارضة، ومثلهم من قائمة النظام، ومثلهم أيضاً من قائمة المجتمع المدني. وليس معروفاً بعد ما إذا كان سيتم الاتفاق على صياغة دستور جديد، أم الاكتفاء بإدخال تعديلات على دستور العام 2012، كما أن الإطار الزمني لعمل هذه الهيئة ليس متفقاً عليه بعد.

في المؤتمر الصحفي الذي عقده هادي البحرة، الرئيس المشترك للّجنة الدستورية، كانت اللهجة بالغة الحيادية، وقد حاول البحرة من خلالها على ما يبدو لعب دور توافقي من موقعه كرئيس مشترك، مع أنه في الواقع يمثل وفد المعارضة السورية. بالمقابل، لم ينسَ أحمد الكزبري، الرئيس المشترك الآخر، موقعه كممثِّل للنظام في أي وقت، وكذلك فعل جميع أعضاء وفد النظام، وذلك على الرغم من أن الوفد يرفض اعتبار نفسه وفداً للنظام، وهو ما أكده بشار الأسد نفسه في اللقاء الذي أجراه قبل أيام، معتبراً أن الوفد يمثّل وجهة نظر حكومته دون أن يكون ممثلاً رسمياً لها، ما يعني قدرته على الانسحاب من أي تفاهمات قد تنتج عن أعمال اللجنة الدستورية.

شهدت وقائع الأيام الثلاثة الأولى خلافات بنبرة عالية بين المشاركين، لكن هذه الخلافات لم تكن أكثر ما يلفت النظر في أحداث وتطورات ملف اللجنة الدستورية، بقدر ما كانت ملفتة للنظر التسجيلاتُ المصوَّرة التي سرَِّبها أعضاء من وفد النظام من الجلسات، والتي ركزّت دوماً على الاتهامات التي كانوا يوجهونها خلال كلماتهم للمعارضة السورية بالإرهاب وبارتكاب انتهاكات.

https://www.youtube.com/watch?v=eLtEJ2IjUTo

كانت الرسالة التي توجهها هذه الفيديوهات المسرّبة واضحةً للغاية، إذ لا تراجع عن أيٍّ من مكونات رواية النظام حول ما يجري في سوريا، ولا اعتراف من أيّ نوع بأن هناك معارضة سيتم التشارك معها في صياغة مستقبل البلاد. لقد أدّت تلك التسجيلات دورها في التأكيد على ولاء أعضاء الوفد الشديد للنظام، والتزامهم الموقف الذي لم يتغير لمعلميهم في دمشق، إلا أنها أدت دوراً أكثر أهمية في الواقع، وهو التأكيد على أن أيّ تفاوض مع النظام ضمن الأوضاع والشروط الراهنة هو نقاش عبثيّ بالضرورة، وأنّه سيكون بالضرورة أيضاً خطوة لشرعنة وجوده كونه لا يترافق مع أي خطوات لبناء الثقة، مثل إطلاق سراح المعتقلين، أو إيقاف القصف العنيف الذي تشهده في هذه الأيام قرى ريف إدلب الجنوبي والغربي.

سيكون ممتعاً لو أننا نستطيع أن نشاهد تعابير وجه غير بيدرسون عندما يقرأ النص المترجم لكلمات أعضاء وفد النظام، أو تعابير وجه الممثلة العليا للشؤون الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني، التي أصدرت بياناً اعتبرت فيه بدء أعمال اللجنة الدستورية «لحظة مهمة طال انتظارها»، إذا ما شاهدت تلك الفيديوهات المسرّبة. تشرح هذه الفيديوهات وطريقة تصويرها وتسريبها مدى تفاهة المسار السياسي الذي يريد الأوربيون دعمه للتفاوض مع نظام الأسد، الذي هو تافه بمقدار تفاهة تلك التسجيلات التي نشرتها صحيفة الوطن السورية شبه الرسمية. ومن الصدف الممتعة أيضاً أن يكون قدري جميل، رئيس منصة المعارضة السورية المقربة من موسكو، قد اعتبر في افتتاحية صحيفته قاسيون أن بدء أعمال اللجنة الدستورية تقدمٌ كبير نتيجة «تراجع الدور الأميركي» وثبات موقف «ثلاثي أستانا»، وذلك بالتزامن مع تغريدة مصطفى سيجري الناطق باسم «الجيش الوطني» التابع لأنقرة، والتي وصف فيها كلمة هادي البحرة بـ«التاريخية».

من الممتع حتماً مشاهدة هذا التوافق بين قدري جميل ومصطفى سيجري وهادي البحرة، ومن الممتع أن نشاهد كيف أن المشاركة في أعمال اللجنة الدستورية كانت فرصة لتأكيد الولاء للنظام ورأسه بشار الأسد بالنسبة لأعضاء «وفد الحكومة السورية» بحسب تعبير الأمم المتحدة، التي تصر على استخدام هذا التعبير رغم أن بشار الأسد قد أكد صراحة عدم صحته، وكذلك أعضاء الوفد نفسه. يقول أعضاء الوفد إنهم لا يمثلون النظام، ما يعني إفقاد أعمال اللجنة الدستورية أي معنى لها مهما كان هذا المعنى تافهاً ومتواضعاً، لكن الأمم المتحدة ووفد المعارضة ووفد المجتمع المدني يصرّون على استكمال التمثيلية السمجة حول أن اللجنة الدستورية تطورٌ بالغ الأهمية.

ولكن بعد الانتهاء من تلك النكات الممتعة، سيكون من الضروري أن نسأل أعضاء وفد المعارضة السورية عن الهدف من وجودهم في حفلة التفاهة تلك، عن الاستحقاق الذي ينتظرون المشاركة فيه بينما النظام لا يقبل بالوجود رسمياً في تلك اللجنة؛ ما هو سبب حضور تلك الاجتماعات وسماع عبارات تمجيد القتلة من وفد النظام؟ بينما رأس النظام في دمشق يرفض أن يعتبره ممثلاً لحكومته، ويؤكد أن نتائج أعمال هذه اللجنة لن ترتبط بإجراء أي انتخابات مستقبلية، وأن أي انتخابات مستقبلية ستكون تحت إدارة «الدولة السورية» وحدها.

من حق جميع السوريين الذي يعانون ويلات القصف والمذابح والاعتقال معرفة سبب وجودكم هناك؛ ما الذي تفعلونه إذا كان وفد النظام غير مستعد لتقديم أي تنازلات، بل إذا كان وفد النظام غير موجود أصلاً؟ لماذا تجنبتم الإشارة إلى رأس النظام وجرائمه في كلماتكم فيما كان وفد النظام يوجه الإهانات لكم ولكل معارض له أو ثائر عليه؟ لماذا حرصتم على أن تتضمن كلماتكم حديثاً عاماً عن دستور يضمن المساواة والكرامة للسوريين، بينما لا يضمن موقعكم هذا أي كرامة لكم أو للسوريين.

موقع الجمهورية

——————–

والله لنكيّف!/ بكر صدقي

أي “سوف نستمتع كثيراً” يقول العنوان، إذا ترجمناه من اللهجة السورية إلى اللغة العربية. أما لماذا هذا التفاؤل؟ فلن يفهم سببه من لم يسمعوا بانعقاد “اللجنة الدستورية” بعد انتظار طويل، وحدوث “اختراقات مهمة” في اجتماعاتها حسب تعبير الوسيط الأممي الباسم دائماً غير بيدرسون.

لكن سؤالاً ملحاً يطرح حول مكان انعقاد اللجنة المذكورة، هل هو مدينة جنيف السويسرية كما تتحدث وسائل الإعلام، أم أنه أستانا كما يقول ابن حافظ أسد الذي أصبح “رئيساً” لسوريا “بالصدفة” كما قال في إحدى المقابلات الصحافية التي كانت كثيرة، قبل بضع سنوات؟ ولكي لا يفوّت الفرصة، في زحمة خطابات أولي الأمر في لبنان والعراق وإيران، فقد جمع قناتي التلفزيون اللتين يملكهما ليدلي عبرهما بتصريحات قال في ثناياها إنه “لا توجد جنيف”!

إذا قال ابن حافظ لا توجد، فهي غير موجودة! سبق لوزير خارجيته وليد المعلم أن محا أوروبا كلها من الخريطة، فهل يعجز ابن حافظ عن محو جنيف؟

ولكن علامَ اجتمع 150 سورياً في مكان ما، فتهاوش بعض منهم بالكلام، ثم اخترقوا اختراقين، ربما سجلوا هدفين إذا أحسنا النوايا والترجمة؟ العدد إعجازي من نواح عدة: فهو يقبل القسمة على 3، واللجنة المصغرة التي انبثقت منهم (45 عضواً) تقبل القسمة ذاتها، فإذا طرحنا “المصغرة” من “المكبرة” كان الباقي 105، هو أيضاً عدد يقبل القسمة على 3! أما إذا أعدنا ضم “المصغرة” إلى ما تبقى، بعدما تنجز مهماتها في دراسة كل الدساتير السورية منذ 1920 إلى 2012، للوصول إلى مسودة دستور جديد لكي يعيش السوريون في ظله برفاه وأمان، فتلتئم بذلك “الهيئة العامة” للجنة الدستورية وتصوت على التعديلات أو الدستور الجديد، فسوف نرى أنفسنا مرةً أخرى أمام العدد الإعجازي 150 الذي يقبل القسمة على 3!

من المحتمل أن ترفض الهيئة العامة اقتراحات اللجنة المصغرة، جزئياً أو كلياً، على رغم كل الجهود التي بذلها أعضاؤها لـ”تذليل العقبات”، مع العلم أن زمن “عمل” المصغرة هو زمن مفتوح. وفي هذه الحالة، لا مفر أمام المصغرة أن تعود إلى اجتماعاتها بسقف مفتوح للأخذ بملاحظات الهيئة العامة وإعادة صياغة التعديلات أو المسودة مرة أخرى.. وهكذا (لا شيء يمنع من انتخاب لجنة مصغرة جديدة، غير الأولى الفاشلة، بشرط أن تقبل القسمة على 3 أيضاً). ولم العجلة؟ فالسقف الزمني المفتوح ضرورة لكي يقدموا لنا دستوراً مثالياً لا يحلم بمثله سكان جنيف ولا أستانة ولا سوتشي حيث تنعقد الاجتماعات وفقاً للروايات المختلفة. المهم أن “نكيّف” في نهاية المطاف.

ولكن ماذا بعد كل التعديلات، والتعديلات على التعديلات؟ يعود سبب السؤال إلى أن الأطراف الممثلة في اللجنة الدستورية ذات قابلية القسمة على 3، لا تمثل أحداً. فالنظام الكيماوي لا يعتبر الثلث الذي يخصه في اللجنة ممثلاً له. والبيئة المعارضة لا تعترف بتمثيلية الثلث الذي يخصها أيضاً، بدلالة المواقف المعارضة الظاهرة على صفحات فيسبوك. أما الثلث غير المعطل المسمى بممثلي المجتمع المدني، فهم يمثلون ستافان ديمستورا مبتكر قابلية القسمة على 3 في الرياضيات، ولسوء حظ الجميع أن الرجل المذكور قد انتهت صلاحيته الأممية بعدما فشل في إفهام السوريين معنى تعبير “ثلث الثلاثة كام؟”.

أين الخلل إذن؟ هل في قابلية القسمة على 3، أم في افتقاد الأثلاث الثلاثة للحيثية التمثيلية، أم في أنواع الأشخاص الذين اختارهم ثلاثي أستانة المؤلف من روسيا وإيران وتركيا؟ أم في هذا الأخير نفسه؟ أم في غموض مكان انعقاد اللجنة وتجهيزاته اللوجستية؟

ربما جميع الأسباب المذكورة تلعب دوراً في تراجع التفاؤل باختراقات جديدة في السنوات والعقود المقبلة (لنتذكر أن الزمن مفتوح!). يمكن لغير بيدرسون، أو الأجيال القادمة من الممثلين الأمميين الذين سيخلفونه في مهمته، أن يغيروا مكان انعقاد اللجنة ليروا، بالملموس، أثر ذلك التغيير على عمل اللجنة واختراقاتها المحتملة. أو قد يلزم تغيير أعضاء اللجنة أو تغيير مبدأ المثالثة ذاته، لنرى هل يتحسن الوضع وتدور عجلة الاقتصاد ويستتب الأمن ويكيّف السوريون بكل مكوناتهم؟ أم أن إعادة الإعمار تحتاج لإضافة أبواب جديدة لمسودة الدستور؟ وماذا بشأن القضاء على الإرهاب وإعادة سيادة الدولة على كافة “ربوع الوطن”؟

إذا صرفنا النظر عن جميع العقبات المذكورة، وتم إجراء انتخابات نزيهة وشفافة دون أي تدخل خارجي، فهل يتم انتخاب مجلس بعدد قابل للقسمة على 3، وحكومة قابلة للقسمة ذاتها، ورئيس قابل للقسمة على الرقم السحري نفسه؟ أم يبتكر المبعوث الأممي رقم (ن)، بالاستفادة من تجربة الإدارة الذاتية المنقضية، صيغة “رئاسة مشتركة ثلاثية”؟

من المحتمل أن تصطدم هذه الصيغة برفض “نساء ديمستورا” اللواتي سيطالبن باقتسام “كعكة” الرئاسة بالتساوي بين الجنسين! هل يعلم أحد “نصف الثلاثة كام؟”. ليت الله خلق الإنسان من 3 أجناس، بدلاً من اثنين!

كل هذه العقبات هدفها إفشال عمل ثلاثي أستانة. ما العمل للخروج من هذا المأزق؟ فنحن نريد أن ينتهي العذاب ونكيّف في آخر النهار!

هناك ثلاثي آخر مهتم بالبضاعة نفسها (مصير سوريا) اجتمع رؤساء أركان دوله، في حزيران الماضي في القدس (الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل). ما المشكلة إذا ارتاح الثلاثي الأول قليلاً وسلم العمل لثلاثي القدس لعله يعمل “اختراقاً” كأن يلغي اللجنة الدستورية القائمة ويدعو مجلس شعب النظام إلى تعديل الدستور الحالي تمهيداً للقضاء على الإرهاب والبدء بإعادة إعمار عقولنا المخربة؟ 

تلفزيون سوريا

——————–

اللجنة الدستورية السورية: العربة قبل الحصان/ حسام الحميد

تعدّدت وتنوعت محاولات المعارضة السورية للتفاوض مع النظام، من جنيف، بجولاتها العديدة، إلى أستانة مروراً بسوتشي، ووصولاً إلى جنيف مرة أخرى، مع اجتماعات اللجنة الدستورية. ولكن هذا كله من دون جدوى، فما بُني على باطل فهو باطل. والباطل هنا، في الأصل، هو التفاوض مع نظام مجرم، أوغل في دماء السوريين إلى أقصى ما يمكن للبشرية أن تتصوّره من جرائم تدمير المدن وقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين على مبدأ واحد، الأسد أو نحرق البلد. وما حدث في جلسة يوم الخميس للجنة الدستورية في جنيف ما هو إلا دليل على سعي النظام إلى إفشال أي شيء، والمماطلة في كل شيء، فالسلوك الاستفزازي الذي مارسه وفد النظام، من خلال إطلاق شعارات، وترديد هتافاتٍ تشيد بدور الجيش السوري في القضاء على الإرهاب والمجموعات المسلحة، ما هو إلا صورة مصغرة عما ينتظر هذه اللجنة، وعن حقيقة نية النظام في إفراغ هذه اللجنة من مضمونها، من خلال عناصر هذا الوفد الذين، في غالبيتهم العظمى، هم عناصر في أجهزته الأمنية أو ضباط في الجيش الذي دمر سورية، وقتل أهلها وشرّدهم، فكيف يكون لهم دور في صياغة دستورٍ من المناط به إعادة السلم والأمن والأمان للسوريين.

مهمة وفد النظام ستكون فقط المماطلة والإغراق في التفاصيل، وفي محاولة لتضييع الهدف الأساسي المفترض من هذه اللجنة تحقيقه، فكما استغرق العمل على تشكيل هذه اللجنة قرابة العامين، سيضيع وقت هذه اللجنة في العمل على البنود والتفاصيل. وفي الغالب، لن تكون النتيجة سوى في مصلحة النظام، ولن تحقق ما سعت من أجله المعارضة السورية في الدخول في الحل السياسي.

وقد يكون وفد المعارضة نسي أو تناسى عمداً أن المدخل الوحيد لأي حل سياسي في سورية هو بيان جنيف 1 للعام 2012، وقرار مجلس الأمن الصادر بموجبه رقم 2254، والذي وضع أساس العملية السياسية الهادفة إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي شامل وغير طائفي، تتولى فيه هذه الهيئة كل السلطات التنفيذية، بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية، وكذلك صلاحيات رئيس الحكومة، وتشرف، فيما بعد، على صياغة دستور جديد، والإعداد للانتخابات، بإشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة بأعلى المعايير الدولية، من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم الذين يعيشون في المهجر.

اجتماعات اللجنة الدستورية باطل أريد به حق، فمهما كانت طبيعة هذه اللجنة ومكوناتها ومقرّراتها، لن تشكل طموحاً لملايين السوريين الذين عانوا من إجرام هذا النظام، ولن تشكل لديهم أملاً في الوصول إلى الحل السياسي المنشود. وهتافات المتظاهرين الذين خرجوا يوم الجمعة في إدلب، منددين باللجنة الدستورية، تعبيرا عن صوت الشارع السوري المعارض إجمالا، والذي يعرف تماماَ أن هذه اللجنة لعبة روسية جديدة، لإعادة تأهيل النظام القائم، والحيلولة دون التغيير السياسي في البلاد، فلا يمكن لدستورٍ يصنعه المحتلون والقتلة على أشلاء سورية المدمرة، وعلى رفات مئات آلاف الشهداء، وعلى أجساد مئات آلاف المعتقلين في سجون الأسد، ولا في غياب ملايين المهجّرين والمشردين في كل أصقاع الأرض. لا يمكن لهذا الدستور أن يبني وطناً حراً يحفظ لأهله الحرية والكرامة الإنسانية، ويصون حقوقهم الشرعية في العيش الكريم.

اللجنة الدستورية جولة جديدة للنظام المجرم في سورية، ومن خلفه روسيا المحتلة، للقضاء على كل نضالات الثورة السورية العظيمة، وتضحيات أبنائها الشرفاء، والذهاب بهم إلى نظام أشد فتكاً وإجراماً بشرعة قانونية ودولية، فمهما كانت نتائج هذه اللجنة ومخرجاتها، فلن تكون في مصلحة المعارضة السورية، لأن ما قامت عليه تحت رعاية الأمم المتحدة في هيكلية أعضائها، لن يساعد المعارضة في تحقيق ما تدّعي السعي إليه، فلدى النظام 50 عضواً هم، في غالبيتهم، من الأجهزة الأمنية والجيش، وهو يسيطر، بشكل أو بآخر على غالبية أعضاء مجموعة المجتمع المدني الخمسين الذين عيّنتهم الأمم المتحدة، بالإضافة إلى أعضاء وفد المعارضة المحسوبين عليه سراً، أو المجموعة المعارضة والمحسوبة على روسيا، الأمر الذي سيكون، في محصلته، غياب أي فرصة للمعارضة في الحصول على أكثريةٍ لتحقيق ما تريده في أي بندٍ من بنود الدستور الجديد، والمحصلة ستكون مخرجات دستور جديد مفصل على مقاس النظام.

ستذهب هذه اللجنة الدستورية بالسوريين إلى دستور جديد أو إلى تعديل دستور النظام في عام 2012، وسيجري النظام نفسه استفتاء على النتائج الصادرة عن هذه اللجنة تحت سلطته وبإشرافه، وتحت تهديد أجهزته الأمنية ورعبها، وفي غيابٍ سيكون شبه تام لأي إشراف دولي.

أولوية السوريين كانت وما زالت، منذ اليوم الأول للثورة العظيمة، هي إسقاط النظام، بكل أشكاله ورموزه، وإطلاق سراح آلاف المعتقلين في السجون، وليس إعادة تأهيل هذا النظام، ولا يحق لأي جهةٍ تدّعي تمثيل الثورة السورية في تجاهل هذه المطالب.

العربي الجديد

—————————

النظام يعرقل عمل”اللجنة المصغرة”: ساعتا عمل تكفيان!

بدأت الجلسة الأولى من اجتماعات “اللجنة المصغرة” من أعمال “اللجنة الدستورية” السورية، في جنيف، الإثنين، عقب تعليق دام أكثر من ساعة ونصف الساعة، نتيجة وضع النظام لشرط يتعلق بعدد ساعات العمل اليومية، بحسب مراسل “المدن” صبحي فرنجية.

وطلب وفد النظام العمل على مدار خمسة أيام، بمعدل ساعتين يومياً، فيما طالبت المعارضة بأن تكون مدة الجلسات اليومية ثماني ساعات، بينما رأى المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا بأن تكون مدة أعمال اللجنة أربع ساعات يومياً، وهو ما يرجح أن يكون قد تم الاتفاق عليه.

وقالت مصادر “المدن”، إنه قبل بدء اجتماعات الاثنين، اليوم الأول في أجندة “المجموعة المصغرة” التي تضم 45 عضواً من الأطراف الثلاثة، طلب رئيس وفد النظام أحمد الكزبري، خلال اجتماع ضمّ المبعوث غير بيدرسن، والرئيس المشترك للجنة من طرف المعارضة هادي البحرة، بأن تكون الاجتماعات لساعتين يومياً، على أن تكون باقي ساعات النهار استراحة.

ووفق المصادر، فإن البحرة رفض الطلب، وأصر على أن تكون الاجتماعات على مدار الساعة، بمعدل ثماني ساعات يومياً، لتحقيق إنجاز عملي، خلال الأسبوع الأول من الاجتماعات.

وأكدت المصادر أن هذا الخلاف دفع بيدرسن لتعليق الجلسة وتمديد اللقاء مع رئيسي اللجنة للتباحث، ثمّ تبعه لقاء بين بيدرسن والكزبري. وأشارت مصادر “المدن” إلى أن هذا السلوك من قبل وفد النظام كان متوقعاً، خاصة أنه كان قد قدّم طلباً قبل بدء أعمال اللجنة المصغرة، نهاية تشرين الأول، بأن تكون المدة المتوقعة للعمل هي ساعتين يومياً.

كما أشارت مصادر “المدن” إلى أنه في حال أصر وفد النظام على سلوكه التعطيلي هذا، فإن ذلك يمكن أن يؤثر على سير عمل “اللجنة المصغرة”، إذ لن تكون مدة ساعتين يومياً، كافية لبحث حقيقي في الأفكار الدستورية من قبل الأطراف وتحقيق تقدم فيها.

وكانت “المدن” قد علمت من مصادر مطلعة، أن وفد النظام، وعلى مدار اجتماعاته، لم يحرز أي تقدم إلا في ما يخص مدونة السلوك التي تم إقرارها في اليوم الثاني، من الاجتماعات الموسعة. كما بات واضحاً أن وفد النظام لم يحضر أي أوراق ليتم بحثها، ومن المتوقع أن يقدم على الطاولة دستور 2012 ويقف عنده، إلا في حال دفعت روسيا بضغوط جديدة على النظام من أجل التفاعل أكثر مع الملف.

وكانت الاجتماعات الموسعة، التي ضمت الأعضاء الـ150، قد امتدت ليومين متتالين من 31 تشرين الأول وحتى 1 تشرين الثاني، وتم خلالها الاستماع لكلمات بعض الأعضاء، والتوافق على مدونة السلوك التي تنظم العلاقة بين الرئيسين المشتركين، وبين الأعضاء، كما تنظم علاقات الأعضاء خلال النقاشات.

———————-

متى تنتهي حالة الانفصام عن الواقع؟!/ يحيى العريضي

لم تختلف مقاربة الروس للمسألة السورية في قمع انتفاضة الحرية السلمية السورية كثيراً عن مقاربة النظام لها؛ حيث كانت اليافطة التي تلظيا تحتها: “مقاومة الإرهاب”. فلم يغب عن تصريحات الروس بخصوص سوريا البحث عن حلٍ سياسيٍ للمسألة. قالها الرئيس بوتين ذاته نهاية 2015؛ بأنه في سوريا لثلاثة أشهر عسكرية، ثم يكون الانتقال إلى عملية سياسية.

مضى على وجود القوات الروسية في سوريا أكثر من أربع سنين؛ تألقت خلالها بالعمل العسكري واستعراض كل صنوف أسلحتها الحديثة على الأرض السورية. صدرت خلال فترات القتل والتدمير المستمرة قرارات دولية دعت إلى وقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية في الحل السلمي. ساهمت روسيا العضو في مجلس الأمن بصناعة تلك القرارات، وما توقفت عن الحديث عن حل سياسي. عقدت “أستانا” و “سوتشي”؛ وأخيراً رأت أن المدخل لحل سياسي يكون من خلال القرار الدولي 2254، والبداية من لجنة دستورية سورية تكتب دستوراً جديداً للبلاد.

لم تختلف سردية نظام الأسد عن السردية الروسية في “حل سياسي” إلا في تضارب النوايا والأهداف. عاشا على الحديث في “السلام”، والقيام بالأعمال العسكرية في الوقت ذاته. وكان الفرق الأساس هو أن الروس بحاجة فعلية إلى جنى سياسي؛ أما نظام الأسد- ورغم الحديث في الموضوع- فلا يستطيع إيقاف العسكرة شريان حياته. أخيراً تغلبت إرادة الروس، رغم كل محاولات النظام في العرقلة والتملص حتى من مجرد خطوة بسيطة نحو حل سياسي تمثل بإطلاق اللجنة الدستورية.

كانت آخر محاولة للنظام في التملص من هذا الاستحقاق ما ورد على لسان رئيس النظام في تسخيف هذه الخطوة والنأي بنفسه عنها. ففي مقابلة مع تلفزيونه المحلي سعى للتبرؤ حتى من وفده في اللجنة مسدلاً عليه صفة: “الوفد المدعوم من الحكومة”؛ رغم أن ما صدر عن الأمم المتحدة، وبمباركة ودعم الروس أنفسهم، سمّى مَن يصفهم بالمدعومين حكومياً “وفد الحكومة السورية”؛ ولكنهم لم يكونوا- حسب توصيف رأس النظام- أكثر من أشخاص لديهم “هوى سوري”؛ وذلك رغم أن وزير خارجيته كان قد وقّع مذكرة الاتفاق على اللجنة.

وللإمعان بالإساءة للجنة، أسدل صفة “العملاء او المرتبطين بالأجنبي أو الإرهابيين” على الثلثين الآخيرين. وإن دلّ هذا الموقف على شيء، فإنه يعكس حالة من الضيق، والارتباك، والمحاولة اليائسة للتفشيل؛ الأمر الذي تمت ترجمته في قاعة الأمم المتحدة في جنيف بخطابات استعلائية موتورة منفصمة عن الواقع تحاكي سردية عمرها تسع سنوات دمّرت سوريا؛ تقول للسامع / إما أنا، أو لا أحد/ عاكسة ذلك الشعار “أحكمها، أو أدمرها” الذي أوصل سوريا إلى هذا الحال.

خطاب المقابلة التلفزيونية ركّز على “محاربة الإرهاب”؛ وهكذا كان خطاب وفده الذي تبرأ منه.

“جنيف”، التي حاربها، وسعى لإفشالها على الدوام، اعتبرها مجرد “جغرافيا”؛ رغم أن الحُماة الروس، والأمم المتحدة حمّلوها البعد السياسي؛ وكان صدى ذلك مسموعاً في القاعة. رأى في ما ستركز عليه اللجنة من مضامين دستورية تليق بسوريا حرة خالية من الاستبداد خلقاً لدستور فيه فصل للسلطات وضمان للحريات، لعبة لإضعاف الدولة وتحويلها إلى دولة لا يمكن السيطرة عليها.

كان الفرق بينه وبين من أرسلهم أن لغته لم تكن شوارعية وتتحدث عن “الإليات” وبيعها، كما خرج من أفواه بعض مُرسَليه مدّعي الثقافة المنمقين.

لا يختلف اثنان على أن القضية السورية، بتعقيداتها وبكثرة الأيادي المتدخلة فيها، لا يمكن أن تحلّها لجنة دستورية؛ وما خرج السوريون من أجل دستور؛ وما قال من هم فيها بأنهم “سيصنعون العجائب”؛ وما هي – إن رأى منتجها النور- إلا خطوة نحو حل في سوريا، لا يمكن أن يكون مقبولًا، إلا إذا كان منسجماً مع طموحات السوريين في وطن حر لا يعيد تجربة مريرة دموية لتسع سنين.

أخيرا تلك الخطابات التي سُمعَت من “الوفد المدعوم من الحكومة”، وذلك اللقاء التلفزيوني، تستهدف جمهوراً سورياً؛ قد يكون مغلوباً على أمره؛ وأكثر ما يحتاجه هذا الجمهور ليس إلا التفاتة صادقة تحس به، وتعيده إلى حياة حرة كريمة؛ لا أن تستمر بتخديره وبالمكابرة وبالاستهانة بعقله. فهكذا سرديات منفصمة عن الواقع هي التي أوصلت سوريا إلى حال كهذا.

ربما يغيب عن بعض أولئك المستهدفين من تلك الرسائل، التي تكرّس المأساة وتفتت السوريين أكثر، أن وجهتها الأساس هي صاحبة اليد العليا في سوريا؛ كي تبقي على هذا المنظومة، وتأخذ أي شيء تريد. ولا أدري إذا كان هذا ما يقبله السوريون، أو يليق بهم!

تلفزيون سوريا

———————

ترسانة التشريعات والقوانين التي يحكم بها الأسد سوريا/ ميشيل شماس

حتى لو تنحى الأسد عن السلطة اليوم مع بقاء ترسانة التشريعات والقوانين المنتهكة لحقوق الناس وحرياتهم التي أصدرها نظام الحكم في سوريا منذ استيلاء حزب البعث على السلطة فيها، في العام 1963، سيكون من الصعوبة نشوء حامل سياسي يستطيع قيادة عملية التغيير والبناء في البلاد ما لم تتغير الآلية القانونية التي وضعها نظام الاستبداد في سوريا وتحكّم بواسطتها برقاب السوريات والسوريين على امتداد أكثر من خمسين عاماً.

لقد بات لزاماً اليوم على أي سلطة مقبلة في سوريا أن تعمل على إلغاء -أو تعديل- تلك التشريعات والقوانين المخالفة للدستور وتلك التي تنتقص من حقوق الناس أو تنتهك حرياتهم بما يتوافق وأحكام الدستور وشرعة حقوق الإنسان.

في ما يأتي أستعرض سريعاً أبرز تلك التشريعات والقوانين:

    قانون مناهضة أهداف الثورة: صدر بالقانون رقم 6 لعام 1964 وهو يعاقب كل من يُناهض أهداف “ثورة الثامن” من آذار بعقوبة تصل إلى الإعدام “

    قانون تنظيم إدارة المخابرات العامة: صدر المرسوم التشريعي رقم 14 تاريخ 29/2/ 1968: ونص على منح العاملين في إدارة المخابرات العامة حصانة ضد الملاحقة القانونية تجاه الجرائم التي يرتكبونها في أثناء تأديتهم لعملهم إلا بإذن خاص من مدير إدارة المخابرات، وهو ما كرس سياسة الإفلات من العقاب، وفتح المنافذ مشرعة للخروج على القانون، وقضى نهائياً على مبدأ سيادة القانون.

    محاكم الميدان العسكرية: أحدثت بالمرسوم تشريعي رقم 109 تاريخ 17/8/ 1968، تجري فيها المحاكمات فيها بصورة سرية، ولا يسمح لأحد بمراجعتها او الترافع أمامها، وتصدر أحكامها بصورة مبرمة غير قابلة لأي طريق من طرق الطعن.

    قانون التنظيمات الداخلية لإدارات المخابرات العامة: صدر بالمرسوم التشريعي 549 تاريخ 25/5/1969 ونص على عدم ملاحقة أي من العاملين في إدارة أمن الدولة أو المنتدبين أو المعارين إليها أو المتعاقدين معها مباشرة أمام القضاء، في الجرائم الناشئة عن الوظيفة، أو في معرض قيامه بها قبل إحالته على مجلس التأديب في الإدارة واستصدار أمر ملاحقة من قبل المدير. “المادة 74”.

    قانون أمن حزب البعث: صدر بالقانون رقم 53 لعام 1979 “20” صدر هذا القانون لحماية عناصر حزب البعث وممتلكاته، ونص على عقوبات مشددة تصل إلى حد الإعدام.

    القانون رقم 49 لعام 1980 الذي قضى بعقوبة الإعدام على محض الانتماء الفكري لجماعة الإخوان المسلمين من دون أن يشترط القيام بأي فعل مادي يهدد أمن وسلامة الوطن أو المواطن أو الوحدة الوطنية.

    المرسوم التشريعي 64 تاريخ 30/9/ 2008: نص هذا المرسوم على محاكمة عناصر قوى الأمن الداخلي، وشعبة الأمن السياسي، والضابطة الجمركية على الجرائم التي يرتكبونها في أثناء تأدية مهماتهم أمام القضاء العسكري بأمر من وزير الدفاع.

    قانون التظاهر: صدر بالمرسوم التشريعي رقم 54 تاريخ 21/4/2011: حيث فرض دفع غرامة 50ألف ليرة سورية على محض المشاركة في اجتماع خاص، ومئة ألف ليرة سورية على المشاركة في التظاهرات. وقد أطلق عليه السوريون تهكماً “بقانون منع التظاهر”.

    المرسوم التشريعي 55 تاريخ 21/4/2011: حيث أضفى هذا المرسوم صفة الضابطة العدلية على كافة الأجهزة الأمنية إضافة إلى عناصر الشرطة المدنية، ومنحها حق التوقيف الاحتياطي لمدة ستين يوماً، وفي واقع الحال فإن الأجهزة الأمنية لا تتقيد بهذا النص وغالباً ما تحتفظ بالموقوفين لديها سنوات، ولا تأبه بأي موقف قضائي كما هو الحال في توقيف عشرات آلاف من السوريات والسوريين مددا غير محددة.

    المرسوم التشريعي رقم 20 وتاريخ 2/7/2012: يعاقب هذا المرسوم بتسريح الموظف في الدولة وحرمانه من المعاش التقاعدي إذا ثبتت إدانته بحكم قضائي بالقيام بأي عمل إرهابي،

    قانون الإرهاب رقم لعام 2012: صدر هذا القانون بتاريخ 2/7/2012 تحت مسمى مكافحة الإرهاب والمجموعات الإرهابية واحتوى على 15 مادة تضمنت في معظمها عقوبات شديدة راوحت بين عشر سنوات والمؤبد وصولاً إلى الإعدام، وهذا القانون يستهدف بالدرجة الأولى ناشطي حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين لنظام الأسد.

    محكمة الإرهاب: أحدثت بالقانون رقم 22 الصادر بتاريخ 26/7/ 2012 لتحل مكان محكمة الدولة العليا السيئة السمعة، وقد أعفاها القانون من التقيد بالأصول القانونية، فلا يسمح مثلاً للمحامي تصوير ملف القضية، ويجري استجواب المتهمين فيها بطريقة مهينة، وكذلك طريقة تعامل القضاة مع المحامين وكأنها فرع أمني وليست محكمة.

    المرسوم التشريعي 63 لعام: منح أجهزة الأمن والشرطة في معرض التحقيقات التي تجريها بشأن الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي والجرائم الواردة في قانون الإرهاب الطلب خطياً إلى وزير المالية اتخاذ الاجراءات التحفظية على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتهم.

    القانون رقم “10” لعام 2018: الهدف المعلن لهذا القانون هو إنشاء مناطق تنظيمية ضمن المخطط التنظيمي، إلا أن صدوره في هذا الوقت قد أثار مخاوف كبيرة لدى ملايين السوريين وبخاصة النازحين والمهجرين منهم الذين يخشون من ضياع ممتلكاتهم بسبب عدم تمكنهم من إثبات ملكياتهم في المناطق التي سيجري تنظيمها وخصوصاً أن كثيرين منهم ملاحقون لا يجرؤون على العودة إلى سوريا.

    النصوص القانونية التي تحجب حق التقاضي: كما هو الحال في المادة 107/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة لعام 2010 التي سمحت لمجلس الوزراء بحل المؤتمر العام ومجلس النقابة ومجالس الفروع في حالة انحراف أي من هذه المجالس أو الهيئات عن مهماتها وأهدافها ويكون هذا القرار غير قابل لأي طريقة من طرائق المراجعة أو الطعن. ونجد مثل هذا الحجب أيضاً في كافة القوانين المنظمة للنقابات، وأيضاً المادة 7 من مرسوم الاستملاك رقم 20 لعام 1983 التي نصت على عدم جواز الطعن بمرسوم الاستملاك. وهناك كثير من النصوص المشابهة التي لم يتسنّ لنا ذكرها.

إن الشعب السوري الذي قدم تضحيات هائلة على مرّ التاريخ في الدفاع عن سوريا، وعانى إلى حد الهلاك سلطة الطغيان والاستبداد وغياب القانون وفقد الأمل حتى درجة اليأس في عودة الغائب المنتظر، يستحق اليوم أن يعيش في دولة أساسها الحق والقانون، دولة يقوم عقدها الاجتماعي على مبدأ المواطنة المتساوية بصرف النظر عن أي انتماء سياسي أو ديني أو اللون والعرق والجنس.

————————

سوريون يُهاجمون هادي البحرة بعد كلمته في انطلاق عمل “اللجنة الدستورية السورية

شوفي مافي

هاجم سوريون ما يسمى الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية، هادي البحرة، عقب إلقائه كلمة خلال إطلاق المبعوث الأممي غير بيدرسون، يوم الأربعاء، عمل اللجنة في جنيف بمشاركة المعارضة ونظام أسد، ومنظمات المجتمع المدني.

ماذا قال؟

واعتبر سوريون أن البحرة تحدث بـ كلام غير مفهوم، دون توضيح دقيق لمن قتل وشرد السوريين، مشيرين إلى أنه ساوى بين الضحية والجلاد، وخاصة حينما تحدث عن ضرورة بناء الثقة عبر إطلاق سراح المعتقلين عند كل الأطراف وفق تعبيره.

وقال البحرة: “لقد آن الأوان لكي نؤمن أن النصر في سوريا هو كل شيء عن تحقيق العدالة وكسب السلام وليس الفوز في الحرب..الفوز في الحرب ليس هو نصر طرف على طرف (…)ليس نصر لكل السوريين ولن يحقق الاستقرار”.

وأضاف: “جئنا لنبحث عن أوجه التشابه هنا لا الاختلافات، هذه الخطوة الأولى والهامة من العملية الاجتماعية التي أقرتها الأمم المتحدة”، مردفاً بالقول: “إذا كان هناك شعور واحد نتشاركه كسوريين مجتمعين، فهو الفخر بالتراث المشترك والغني بالتاريخ المميز”.

وتابع: “يجب أن نعضَّ على جروحنا وأن نستمع لبعضنا البعض وتحديد المشتركات لتعزيزها وتحديد نقاط الخلاف للتواصل إلى حلها، ولا يوقف الخطاب الطائفي بخطاب معاكس، وكل ذلك أدى للقتل والتدمير”.

وسرعان ما شن سوريون هجوماً وانتقاداً واسعين لكلمة هادي البحرة، حيث علق المحامي عبد الناصر حوشان بقوله: ” اكتشاف متأخر أم استغباء الناس ؟ ألا يعلم وفد المعارضة و المنظمات الحقوقية الثورية و الائتلاف و مؤسساته و هيئة التفاوض و تكتلاتها أسماء أعضاء وفد النظام إلى اللجنة الدستورية ؟ كنا نسمع عن اعتراضات على شخصيات من هذا الطرف وهذا الطرف حتى تم التوافق على القائمة الأخيرة والتي باركتها الأمم المتحدة والتي تستضيفهم الآن في جنيف، اليوم يظهر لنا البعض دهشتهم عن وجود ” مجرمي حرب ومجرمين ضد الإنسانية ” في صفوف اللجنة الدستورية من طرف النظام”.

وانتقد حوشان البحرة بقوله: “الحصانة الأممية للجنة الدستورية هي أعظم مكسب وإنجاز للنظام السوري الذي من خلالها يمكنه تمرير تحصين عدد من مجرمي الحرب عبر ممارسة حقه الممنوح له بموجب اللائحة الإجرائية الأممية للجنة الدستورية في استبدال وتغيير الأعضاء , اليوم كان هناك عدد من مجرمي الحرب في ضيافة و حماية الأمم المتحدة وغداً يستبدلون بعدد آخر وهكذا إلى ما شاء الله”.

وتساءل كذلك: “السؤال الذي يطرح نفسه  ما هي أوجه الاعتراض التي كانت تعتمد عليها الدول و الأطراف في قبول أو رفض مرشحي اللجنة الدستورية ؟.. طالما أن هناك مجرمي حرب ضمن اللجنة فهذا يعني أن ” نظافة اليد ” من دماء السوريين ليست أحد أوجه الاعتراض أو ليست ضمن معايير القبول والرفض”، مضيفاً: ” الأمر الأهم في هذا كله , ما هو موقف وفد المعارضة من مشاركتهم مجرمي الحرب في إنجاز دستور جديد وهل سيسمح هؤلاء بتمرير دستور يؤسس إلى عدالة انتقالية و إحقاق الحقوق و إقرار مبدأ عدم الإفلات من العقاب ؟”.

وكتب الصحفي مضر حماد الأسعد على صفحته الشخصية قائلاً: “النصر في سورية هو في تحقيق العدالة وإحلال السلام. وأنا أستمع إلى الجلسة الافتتاحية لاجتماع اللجنة المكلفة في كتابة الدستور الجديد لسورية في جنيف لفت نظري أمران هامان الأول

المظلوم ( الشعب السوري )يتكلم بهدوء ويطالب بالعدالة والسلام والمحبة.. الظالم (نظام الأسد ) صوته مرتفع وكأنه لم يكن السبب الرئيسي في قتل البشر وتدمير الحجر وحرق الشجر وتهجير الناس على مبدأ( الحرامية تصيح على أهل الدار ) بالمحصلة النظام السوري أرسل وفده إلى الاجتماع(لرفع العتب )”.

ولفت بالقول الأسعد: “بصراحة: الجميع يعرف بما فيه النظام أن المشكلة في سوريا ليست بالدستور لأن النظام السوري لا يعترف لا بالدستور أو القوانيين أو الأنظمة الإدارية أو القضائية أو غيرها…حتى الدستور الذي كتبه النظام على مقاسه عام ٢٠١٢م لم ينفذ منه شيء على أرض الواقع بل( عريف مجند بالأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد يخرى ويتبول على الدساتير والقوانين والأنظمة ) المعترف عليه في سوريا هو ما يصدر عن الأجهزة الأمنية فقط فقط وبعض المراسيم التي يصدرها الأسد والتي يريد تنفيذها وليس كل المراسيم والقوانيين…. اللجنة الدستورية هي عملية التفاف على القرارات الأممية جنيف ١ والقرارين ٢٢٥٤ و٢٢١٨ بالمحصلة النظام لايعترف إلا بالقوة فقط القوة مادامت أمريكا وإسرائيل وروسيا وإيران وحزب الله والميليشيات العراقية والbydقسد والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي يقفون معه ويحقق مصالحهم..!!”.

كما انتقد آخر بقوله: ” #اللجنة_الدستورية .. هادي البحرة : آن الأوان لندرك جميعاً بأن #النصر هو في تحقيق العدل والسلام وليس في انتصار طرف على طرف في #الأزمة السورية”.

كما قال آخر: “هادي البحرة..يطلب أن نسامح المجرم وعصابته والاحتلالات ونتوقف عن الدفاع عن أنفسنا.. استيقظوا أيها السوريون”.

مسمار آخر في نعش الثورة

يشار إلى أن اللجنة الدستورية تضم 150 اسماً، مقسمة على ثلاث قوائم، 50 اسماً للمعارضة السورية، ومثلها لنظام الأسد، إلى جانب 50 اسماً من قائمة المجتمع المدني، بهدف صياغة دستور جديد لسوريا، حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بعد 22 شهراً، تشكيل اللجنة والتوافق على أسماء القوائم الثلاث من المعارضة السورية، والنظام والمجتمع المدني، زعماً أنها تطبيق للقرار الدولي 2254، الناظم للعملية السياسية في سوريا.

ورغم أن اللجنة منتج روسي ضرب بعرض الحائط صلب القرار الدولي 2254، واختصره بملف الدستور كطريق وحيد للحل في سوريا، واستبعد ملفات أخرى أبرزها هيئة الحكم الانتقالي المرجعية، غير أن الروس لم يكتفوا بذلك وبقوا يمارسون التعطيل إلى أن شكلوا لجنة دستورية تتناسب وإرادتهم بنيويا ووظيفيا، مثلما أوضح خبراء سوريون في القانون والسياسية.

وبحسب العديد من الخبراء والمطلعين على كواليس تشكيل اللجنة الدستورية، فإن طريقة اختيار الأسماء الممثلة لها وآلية عملها، جاءت بمثابة مسمار آخر وخطير في نعش الثورة السورية، المستمرة منذ 9 سنوات ضد حكم بشار الأسد.

المصدر: أورينت نت

—————————

الجميع في جنيف ما عدا سوريا/ خيرالله خيرالله

كان الجميع موجودا في جنيف في مرحلة الإعداد لبدء اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، وهي اجتماعات حضّر لها غير بيدرسون مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة. يبدو واضحا أنّ بيدرسون يعرف في سوريا والمنطقة أكثر بكثير من سلفه استيفان دي ميستورا الذي تعاطى مع قضية في غاية التعقيد، ومع شعب يسعى إلى استعادة بعض من كرامته، بخفة ليس بعدها خفّة.

كان الجميع موجودا في جنيف، باستثناء سوريا، أي أن كلّ المعنيين الحقيقيين بسوريا كانوا هناك. على رأس هؤلاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ووزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، ووزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو. كانت أميركا حاضرة أيضا عبر جويل رايبرن أحد أبرز المختصين بالشرق الأوسط في الإدارة الأميركية. الغائب الأكبر، أقلّه ظاهرا، كان إسرائيل الشريك في تحديد مستقبل سوريا بعدما كرّست احتلالها للجولان في ظلّ تفهّم روسي وأميركي لمواقفها من الوجود الإيراني في ما كان يسمّى رسميا “الجمهورية العربية السورية”.

لعبت إسرائيل أوراقها في سوريا بطريقة ذكيّة. عملت كلّ ما تستطيع من أجل المحافظة على النظام، مدركة أنّها ستحصل في النهاية، عبر النظام ولا أحد غيره، على ما تعتبره الجائزة الكبرى، من وجهة نظرها، أي على هضبة الجولان المحتلة منذ 1967.

يكفي الاستماع إلى كلمتيْ ممثلّي النظام والمعارضة للتأكد من وجود هوّة حقيقية بين الجانبين. كانت لدى ممثل النظام لغته الخشبية المعتادة التي لا يمكن أن يتخلّى عنها يوما. وكان لدى ممثل المعارضة تحليلا دقيقا للوضع على الأرض، مع سلسلة من التمنيات التي لم يعد لديه ما يكفي من القوّة لتحويلها إلى واقع. حصل ذلك بعدما تكالبت كلّ القوى الإقليمية والدولية من أجل إجهاض ثورة الشعب السوري المستمرّة منذ ما يزيد على ثمانية أعوام، هذا الشعب الذي يصرّ النظام على أنّه “إرهابي”، وأن حربه على المواطن العادي، إنّما هي حرب على “الإرهاب”.

رفض ممثل النظام في كلمة ألقاها في افتتاح اجتماعات جنيف الإقرار بأنّ ما تشهده سوريا ثورة شعبية حقيقية على نظام أقلّوي لا يؤمن سوى بإلغاء الآخر. بغض النظر عن الوضع الذي آلت إليه سوريا، يبقى أن في أساس كلّ ما يجري انفجار شعبي على صعيد البلد كلّه. هناك نظام انتهى وهو يرفض الاعتراف بذلك، وهناك سوريا مختلفة لا علاقة لها بسوريا التي عرفناها. هذا ما يرفض النظام الاعتراف به أيضا.

كان المشهد سورياليا عندما تحدّث النظام عن استعادة كل أرض سورية. هل دخلت تركيا إلى شمال سوريا بالتواطؤ مع الروسي والأميركي من أجل أن تخرج يوما؟ قد تخرج تركيا يوما من سوريا ولكن بعد خروجها من قبرص التركية التي تحتلّها منذ العام 1974!

ثمّة نقطتان مهمّتان من المفيد التوقف عندهما على هامش اجتماعات جنيف. النقطة الأولى مرتبطة بغياب أي شرعيّة من أيّ نوع للنظام القائم. النقطة الأخرى أنّ سوريا هي عمليا تحت الاحتلال، وأن قوى الاحتلال هي التي تقرّر مستقبل سوريا بوجود دستور جديد أو في غياب مثل هذا الدستور. لا يمكن لأي دستور سوري، مهما كان متقدّما وعصريا، أن يكون له أي معنى أو تأثير على الأرض في حال لم تكن هناك مرحلة انتقالية تؤمّنُ الانتقال إلى مرحلة جديدة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما كانت عليه سوريا منذ استقلالها في منتصف أربعينات القرن الماضي. فالنظام الذي سيطبق هذا الدستور لا يمكن أن يبقى نفسه. في النهاية، ما الفائدة من دستور يضمن كلّ الحرّيات العامة ويفصل بين السلطات في غياب رجال ومؤسسات على استعداد لتطبيقه؟

ليس النظام السوري القائم، وهو نظام عموده الفقري الأجهزة الأمنية، مؤهلا لتطبيق أي دستور، بما في ذلك الدستور المعمول به حاليا. هذا نظام وُلدَ من رحم انقلاب عسكري لمجموعة من الضباط الموتورين، معظمهم من حزب البعث، أسقطوا النظام في الثامن من آذار – مارس من العام 1963. جاء هؤلاء الضباط إلى السلطة باسم حزب البعث، بكل ما يمثّله من فكر متخلّف تغطيه شعارات الوحدة والحرّية والاشتراكية و”الأمّة الواحدة ذات الرسالة الخالدة”. عن أيّ رسالة يتحدّث البعث غير رسالة الانقلابات العسكرية لضباط ريفيين حاقدين على المدينة لا يؤمنون سوى بحكم الأجهزة الأمنية؟

ما لبث هذا النظام أن تحوّل تدريجيا من حكم البعث إلى حكم العلويين بعد انقلاب 23 شباط – فبراير 1966. ثمّ ما لبث أن تحوّل في أواخر السنة 1970 إلى نظام العلوي الواحد (حافظ الأسد). مع وفاة حافظ الأسد في السنة 2000، وُلد نظام العائلتين، أو نظام عائلتي الأسد ومخلوف، الذي ما لبث أن صار في الأشهر القليلة الماضية نظام العائلة الواحدة بعد انتصر آل الأسد على آل مخلوف بالضربة القاضية نتيجة عوامل عدّة ستتولى الأيّام كشف خباياها.

هل هي مسألة دستور أم مسألة من يطبّق هذا الدستور؟ المسألة أن سوريا في حاجة قبل كلّ شيء إلى مرحلة انتقالية تمهّد لقيام نظام جديد يمتلك حدّا أدنى من الشرعية. المؤسف أن سوريا غير مؤهلة لمثل هذه المرحلة الانتقالية في ظل الاحتلالات الخمسة التي تعيش في ظلّها.

إذا وضعنا جانبا تسليم أميركا شؤون سوريا لروسيا ولكن مع الإصرار على البقاء في مناطق معيّنة، بما في ذلك مناطق آبار النفط والغاز السورية، هل في الإمكان إيجاد تفاهم بين الاحتلالات الأربعة الأخرى، أي بين روسيا وإيران وتركيا وإسرائيل؟

هذا هو السؤال الذي سيطرح نفسه مستقبلا، وليس هل سيكون لسوريا دستور جديد. أيّ سوريا ستبصر النور من تفاهم روسيا وإيران وتركيا وإسرائيل؟ يضاف إلى هذا السؤال هل سيبقى الأميركي مستسلما للروسي في سوريا في ظلّ تفاهم في العمق بين أنقرة وموسكو؟

هناك بالطبع مسألة ستطرح نفسها عاجلا أم آجلا. هذه المسألة مرتبطة بالضمانات التي تحتاج إليها إسرائيل بسبب الوجود الإيراني في سوريا ولبنان. سيبرز هنا مجددا الدور الروسي في التنسيق بين إيران وإسرائيل برعاية أميركية لم تعد تخفى على أحد.

بكلام أوضح، لن تعني اجتماعات جنيف الكثير حتّى لو نجحت في بلورة دستور سوري جديد. ما سيعني شيئا هو حصول تفاهم روسي – إيراني – تركي – إسرائيلي. في غياب مثل هذا التفاهم لا وجود لأي ضوء في نهاية النفق السوري، وستظل سوريا الغائب الأكبر عن اجتماعات جنيف. حضر الجميع إلى المدينة السويسرية ولم تحضر سوريا…

العرب

————————

اللجنة الدستورية.. نقطة لصالح مَن؟/ فاطمة ياسين

تتبنّى الأمم المتحدة قناعة بأن المجتمع السوري مقسوم إلى ثلاثة أقسام متساوية. ومن المرجح أن هذا التصور نابع عن عملية اختصار مقصودة، هدفها تسهيل الحل بتقليص عناصر المعادلة، أو إدماج بعضها في بعض، ولو أدّى ذلك إلى طمس بعض معالمها. على هذه القناعة، تقرّرت ألوان اللجنة الدستورية “الثلاثية” التي بدأت اجتماعاتها للتو في جنيف: الثلث الأول يمثِّل النظام، من خلال رجالاته المعروفين، والثاني هو التمثيل المعارض في اللجنة، وتسميه المعارضة، أما الثالث فهو المجتمع المدني، وهذه تسمية تحتمل الالتباس، قد يدخل ضمنها مختصون في القانون، إلى جانب كل من يملك حساباً نشطاً على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، من دون أن يحمل مسمياتٍ سياسية واضحة، ومن دون أن يتمتع بمزايا خاصة، إلا أن المجتمع الدولي قد زكّاه ليمثل ثلث المجتمع السوري ضمن خمسين عضواً آخرين. تشكيل هذه اللجنة، خصوصاً مجموعة المجتمع المدني، كان ميداناً لشد وجذب طويلين، وخاضت المعارضة والنظام معارك سياسية وإعلامية، حتى استقر الأمر على مجموعة أسماء ترجّح كفة النظام في غالبها، لكن يحلو للمجتمع الدولي اعتبارها محايدة، لذلك هي ستفاوض على بنود دستور سوري جديد في جنيف.

بحسب النظام الداخلي للجنة الدستورية، فإنها ستختار لجنة مصغرة تعكس آراء اللجنة الأكبر، ثلاثة أثلاث يتكون كل منها من 15 عضواً ستبدأ اجتماعات مكثفة لكتابة دستور جديد، يمهد لانتخابات جديدة. وينص النظام الداخلي أيضاً على أن القرارات تتخذ بأغلبية 75% من مجمل الأصوات، يعني سيكون إقرار البنود أمام شرط موافقة ثلاثة أرباع اللجنة، وليس الثلثين فقط، ما يفرض قبول أفراد من جميع الكتل، حتى يتم تبنّي فقرة دستورية ما. القضية بسيطة بالنسبة لكتلة النظام، فهذه تتحرّك جماعياً. ومن المتوقع أن تصوت بنعم أو لا، بشكل إيقاعي منضبط ومنتظم، بما يتوافق مع سياسة معروفة فُرضت على السوريين منذ أوائل الستينيات. أما كتلة المعارضة فلن تكون إلا مخلصة لكلمة المعارضة بذاتها، ولن توافق على ما يوافق عليه النظام، خشية أن تخسر اسمها ورصيدها، ويمكن التنبؤ بأن قاعات جنيف ستكون سجالاً بين هاتين الكتلتين، وقد شهد اليوم الأول الذي افتتحت فيه الجلسات مثل تلك المواجهة. ومن المتوقع أن يستمر ذلك طوال فترة انعقاد هذه الجلسات. ومن حسن حظ أعضاء الوفود عدم وجود سقف زمني محدد، ما يعني أن شبح البطالة سيكون بعيداً عن الجميع.

تفيد خلفيات أفراد القسم الثالث الحائر خلفيات معظم أفراده بأنه أقرب إلى النظام، مع وجود حالات مختلفة. يصطف هذا الثلث بجانب المعسكرين المتناقضين، ولا مرجعية حقيقية لأفراده غير امتنانهم لمندوب الأمم المتحدة الذي اختارهم بناءً على ترشيحات من النظام والمعارضة. وقد افترض من رشحهم بأن هذه الكتلة يمكن أن تلعب دور منطقة عبور آمن بين مناطق النظام ومناطق المعارضة، وما يحملونه من فكر وسطي قد يساهم في تليين وجهات النظر المتشدّدة والمتصلبة، أو يفكك استراتيجيات المماطلة التي يتحلى بها وفد النظام. هذه قراءة تفترض أن الحوارات تجري في غرف مغلقة بعيداً عن التأثيرات الخارجية، لكن الواقع أن الجلسة الأولى قد حضرها وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا، ولدى هذه الدول قوات عاملة فوق الأراضي السورية، بنسب ومساهمات متفاوتة. وتقول الدول الثلاث إنها تعمل من أجل السلام في سورية. وفي الوقت الذي كانت فيه الجلسة منعقدة، كان رئيس النظام يقول، لوسائل إعلامه الخاصة، إن “الدولة السورية” ستوافق على ما ينتج عن اللجنة الدستورية بما يتوافق مع المصلحة الوطنية، والمصلحة الوطنية عبارة يمكن تشكيلها بقوالب كثيرة، وهي في يد الثلث الممثل له في اللجنة، ما يعني مزيدا من المط والتطويل، وهو ما تسمح به قواعد اللجنة الدستورية التي لا سقف زمنيا لها.

العربي الجديد

———————————

“اللجنة الدستورية”: اختلافات عميقة وانعدام ثقة..و”احترام”؟

أشاد المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، باجتماع أعضاء اللجنة الدستورية الـ150 في مقر الأمم المتحدة في جنيف، لمدة يومين، وقال إن المحادثات التي تمت كانت “جيدة جداً”. وأوضح “نعلم جميعاً أنه بعد ثماني سنوات ونصف السنة من النزاع، هناك اختلافات عميقة، والكثير من الشكوك وانعدام الثقة”.

وأضاف “لكن حقيقة أن 150 سورياً كانوا يجلسون معاً، يحترمون بعضهم بعضاً ويتحدثون مع بعضهم البعض ويتناقشون وفقاً لجدول الأعمال الذي اتفقنا عليه بشأن مستقبل سوريا، أعتقد أن ذلك كان مثيراً للإعجاب”.

وافتتحت الأمم المتحدة، الأربعاء، أعمال اللجنة المؤلفة من 150 عضواً موزعين بالتساوي بين الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. ووصف بيدرسن في وقت سابق انطلاق عملها بـ”لحظة تاريخية”.

وتأمل الأمم المتحدة والقوى الدولية أن يمهّد عمل اللجنة المكلفة بإجراء مراجعة للدستور، الطريق أمام تسوية أوسع للنزاع، رغم اعترافهم بأن المهمة صعبة. وبحسب ميثاق تشكيلها، يعود للجنة أن “تراجع دستور 2012 (…) وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد”، على أن يتم بموجب الدستور الجديد الذي يقرّه الشعب عبر استفتاء، اجراء انتخابات جديدة بإشراف الأمم المتحدة.

إلا أن الرئيس بشار الأسد، قال للتلفزيون الرسمي، إن الانتخابات “ستكون بشكل كامل من الألف إلى الياء تحت إشراف الدولة السورية”. وقال إن الحكومة “ليست جزءاً” من مفاوضات جنيف الجارية وأن وفد دمشق “يمثل وجهة نظر الحكومة”. وأكد إن “كل ما يحصل هو جزء من سوتشي”، معتبراً أن “جنيف غير موجودة”.

ولم يخل اجتماع اللجنة الموسعة من تشنجات وتلاسن بين وفدي الحكومة والمعارضة جراء تباين وجهات النظر وتبادل الاتهامات، إلا أن المجتمعين تمكنوا من الاتفاق على جدول الأعمال ومدونة السلوك.

وتألفت مدونة سلوك أعضاء اللجنة الدستورية من 17 مادة، فيما تضمنت الممارسات الإجرائية الأولية للرئيسين المشتركين في اللجنة الدستورية 10 نقاط، وهي نقاط ملزمة في عمل اللجنة. وتشكل المدونة والممارسات الإجرائية مجموعة من الضوابط الملزمة للاحترام المتبادل، ومنع الاستفزاز، واحترام قرارات رئيس الجلسة، والتناوب بين الرئيسين في رئاسة اللجنة، وعرض جدول أعمال الجلسة، ونقاط مشابهة.

الكزبري والبحرة

وقال رئيس وفد الحكومة السورية أحمد الكزبري إن “الأجواء بشكل عام كانت جيدة”. وآمل أن “يكون عقد الاجتماعات في دمشق” موضحاً أن “كل من يقترب بآرائه من الفريق الوطني، فسنفتح له ذراعنا، لكن البعيد عن أي من ثوابتنا الوطنية، فبالتأكيد لن نلتقي معه في أي مكان”.

من جهته، شدد رئيس وفد المعارضة هادي البحرة على أن “اجراءات بناء الثقة مهمة وأساسية للدفع بالعملية السياسة والدستورية قدماً”، وأبرزها “وقف إطلاق نار دائم وشامل في سوريا، اطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين”.

وحول مداولات اليومين الماضيين أفاد: “هناك أعضاء التزموا بتقديم رؤى دستورية، وخصصوا وقتهم بذلك، وهناك أعضاء وجدوها فرصة لطرح آرائهم السياسية”.

وأكد البحرة أن على السوريين الحوار من أجل تطبيق القرار الأممي 2254، الذي صدر في 2015 ونص على إعادة صياغة الدستور السوري، في إطار عملية انتقال سياسي. ولفت إلى عدم وجود توقيت زمني لعمل اللجنة المصغرة، موضحا أنها ستعمل بشكل مستمر ومتواصل، لتضع صيغ لمضامين دستورية، ليتم نقاشها لاحقا في اللجنة الموسعة. وقال إن الجلسات “عقدت بشكل نظامي وهناك مخرجات تم التوافق عليها، وتم التوافق على لجنة الصياغة، وهناك آلية تحكم عمل اللجنة”.

ونفى البحرة إمكانية عقد جلسات اللجنة الدستورية في دمشق، وفق ما يطلبه النظام. وقال بهذا الصدد: “اللجنة الدستورية (تعمل) في جنيف وصدر بها قرار من الأمم المتحدة، ولا يمكن الطلب من الأعضاء الذهاب إلى دمشق، وهم مطلوبون (من قبل النظام) وهناك مخاطر على حياتهم”.

اللجنة المصغرة

وكان بيدرسن قد أكد أن “اجتماعات الجمعة قبيل أن تنتهي أفضت إلى التوافق على تسمية الهيئة المصغرة المكونة من 45 اسما، بعد اجتماعات إيجابية”.

وتبدأ لجنة الصياغة المؤلفة من 45 عضواً موزعين بالتوازي بين الوفود الثلاثة مراجعة الدستور، الإثنين المقبل.

وكانت العقبة التي تعترض تشكيل المجموعة المصغرة الأسماء الـ15 التي هي حصة منظمات المجتمع المدني، فتمت تسمية 7 أعضاء من النظام، ومنها للمعارضة، وإختلف على الاسم الأخير في ما بينهما، وعاد النظام واختاره.

وتضم لائحة اللجنة المصغرة عن وفد النظام كلاً من؛ أحمد الكزبري، وأمل يازجي، وجميلة الشربجي، وأشواق عباس، وأحمد عرنوس، وأمجد عيسى، ورياض طاوز، ومحمد خير العكام، وجمال قادري، ومحمد عصام هزيمة، هيثم الطاس، دارين سليمان، عبدالله السيد، نزار سكيف، ومحمد أكرم عجلاني.

في حين أن أعضاء اللجنة المصغرة عن المعارضة هم؛ هادي البحرة، ديمة موسى، هيثم رحمه، طارق الكردي، بسمة قضماني، عوض العلي، أحمد عسراوي، صفوان عكاش، جمال سليمان، قاسم خطيب، كاميران حاجو، مهند دلييقان، حسن الحريري، حسن عبيد، ومحمد نوري احمد.

وعن المجتمع المدني؛ موسى ميتري، علي عباس، ميس كريدي، محمد ملندي، سونيا الحلبي، آسام الزيبق، سمر ديوب، أنس زاري، عمر حلاج، صباح حلاق، خالد الحلو، مازن غريبة، إيلاف ياسين، إيمان شحود، ورغداء زيدان، بواقع 7 أعضاء مدعومين من المعارضة، و8 من النظام.

————————–

اللجنة الدستورية السورية.. الاستحقاق الصعب/ بهاء العوام

في كلمات ممثلي وفدي الحكومة والمعارضة في اجتماعات اللجنة الدستورية العليا بجنيف، ما يبعث على التفاؤل بأن الطرفين قدما إلى المفاوضات دون شروط مسبقة أو أجندات غير واقعية.

بصياغة أخرى، لم تشترط المعارضة رحيل بشار الأسد قبل إعداد الدستور، ولم تُخوّن دمشق المعارضة، التي حضرت لبحث صياغة دستور للبلاد، تعديلا على الحالي أو تأسيسا لآخر جديد.

السبب ذاته، والذي يبرر التفاؤل في مفاوضات اللجنة الدستورية، يستدعي القلق. فهذه المرونة التي يبديها الطرفان قد تبطن قرارا بالمماطلة والتراخي في بلوغ الهدف المطلوب. لا شيء يستدعي الإسراع بالأمر من جهة دمشق على الأقل، فخلال الأسابيع القليلة الماضية حمل الميدان كثيرا من المؤشرات التي تجعل النظام يتفاءل بمستجدات إيجابية دون أيّ تنازلات في الأزمة.

لو كان بشار الأسد يدري أنه سيستيقظ يوما ليرى الولايات المتحدة تغادر الشمال السوري، وروسيا تحمل جيشه إلى مناطق الجزيرة والحدود مع تركيا، ربما كان قد تمهّل كثيرا في اختيار ممثليه للجنة الدستورية. أو ربما طالب بحصة أكبر في اللجنة على حساب المعارضة أو المجتمع المدني. جميع الاحتمالات كانت واردة ولكن لم يعد أيّ منها متاحا. قُضي الأمر وتشكلت اللجنة.

لا نبالغ في القول إن المهمة الملقاة على عاتق اللجنة الدستورية ليست مستحيلة. فالعديد من مواد الدستور المنشود متفق عليها سلفا. حتى أن الحديث عن تعديل الدستور الحالي للبلاد لا يعدّ تنازلا للأسد كما يروّج البعض. الدستور السوري الحالي ينطوي على نقاط جيدة ويمكن الاستعانة بها، دون أن يحتسب ذلك كفرا أو خيانة للوطن أو طعنا في المؤيدين للمعارضة أو الحكومة.

نقاط الخلاف التي ستواجه اللجنة الدستورية عديدة، بدءا باسم الدولة بين عربية سورية أو سورية فقط، وصولا إلى صلاحيات رئيس البلاد، ومرورا طبعا بتفاصيل تتعلق بهوية الدولة بين علمانية ومدنية. هذه الخلافات لن تحل بسهولة طبعا، واللجنة لن تنجز عملها بجهود سورية بحتة دون تدخلات خارجية، وخاصة من قبل رعاة أستانة. لكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك سلبيا.

يتوقع الجميع إجبار الحكومة والمعارضة على حلحلة نقاط خلافية في الدستور المرتقب، كما أجبروا على حلحلة الخلافات في عدة قضايا ميدانية وسياسية خلال السنوات الثماني للأزمة. القاعدة التي اعتدنا عليها طوال السنوات الماضية من الأزمة تقول إنه عندما تقرر الأطراف الدولية أن تتقدم خطوة باتجاه حل الأزمة، يتوجب على الأطراف المحلية تذليل جميع الصعوبات أمامها.

في هذا السياق يمكن القول إن تشكيل اللجنة الدستورية هو الخطوة التي تم الاتفاق عليها بين الأطراف الدولية المعنية، وليس موعد ولادة الدستور وبنوده. تمتلك هذه الأطراف رؤيتها للدستور المرتقب، حتى أن روسيا أعدت دستورا سوريا منذ نحو ثلاثة أعوام وتحتفظ به في أدراج الأروقة السياسية المظلمة. وعندما يحين الوقت سيظهر هذا الدستور بغرض الاسترشاد به على الأقل.

بعيدا عن ضغوط الأطراف الخارجية فإن الخلاف حول مواد الدستور المرتقب، لا ينحصر فقط بين الحكومة والمعارضة. قوى المعارضة تتباين بينها حول نقاط عدة مثل علمانية الدولة أو مدنيتها، ومثل موقع الدين الإسلامي كدين للدولة، أو أحد مصادر التشريع في الدستور، إضافة إلى المواد التي يفترض أن تحفظ حقوق الأقليات دون أن تشعر الأكثرية السنية بالاضطهاد.

ولا تعني الإشارة إلى تباين الرؤى بين كتل المعارضة، الاعتراف بقوة موقف الحكومة في مفاوضات صياغة الدستور. وفد دمشق لن يناقش مقترحات ممثلي المعارضة والمجتمع المدني بديمقراطية، وإنما اعتمادا على مرجعية واحدة لا يمكن المساس بها. هذه المرجعية التي عرفها السوريون على مدار خمسة عقود، وفحواها باختصار أن “الأسود” هم فقط من يعرفون ويقررون صالح البلاد.

ثمة أمر آخر يستحق الملاحظة في الجولة الأولى من مفاوضات الدستور، وهو أن شخصيات من اللجنة تحلم بالترشح إلى رئاسة الدولة أو الوصول إلى رئاسة البرلمان أو الحكومة. يجب أن يكون هذا الحلم مشروعا لجميع السوريين، وبالتالي لا بدّ أن تكون مواد الدستور الجديد واضحة إلى حدّ لا يدع حاجة لاعتراف من مرجعية دينية، ولا يستدعي تعديلا لاحقا بضغط من الشارع.

بينما يجلس السوريون لإعداد دستورهم الجديد في جنيف، يشتعل لبنان والعراق في تظاهرات تسببت بها قبل كل شيء دساتير لم تلبِّ تطلعات الشعب في كلّ من البلدين. يستحق الأمر من أعضاء اللجنة الدستورية التأمل جيدا. صياغة الدستور استحقاق يحتاج منهم ومن السوريين جميعا تضحيات وتنازلات كثيرة. ثمة فرصة أمام السوريين لتفادي أخطاء الجوار، والتأسيس لمستقبل لا تنقم فيه الأجيال القادمة على كل من شارك في إعداد الدستور، بشكل مباشر أو غير

صحافي سوري

العرب

————-

بيان عربي – غربي يرحب باجتماعات الدستورية في جنيف

تأكيد مشاركة السوريين كافة في العملية السياسية

رحبت اللجنة المصغرة الخاصة بسوريا بانطلاق اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف يوم 30 أكتوبر الحالي، وأكدت أن لا حل عسكري للأزمة في سورية، بل الحل يكمن في تسوية سياسية استنادا لقرار مجلس الأمن 2254.

وثمّنت اللجنة التي تضم وزراء خارجية مصر وفرنسا وألمانيا والأردن والسعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في بيان مشترك عاليا جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص غير بيدرسون التي أفضت إلى إطلاق هذا الاجتماع.

وأكدت اللجنة إن اجتماعات جنيف هذه خطوة إيجابية طال انتظارها، ونجاحها يتطلب تواصلا والتزاما كبيرا. وقالت انه يمكن للجنة الدستورية تطبيق أبعاد أخرى من قرار مجلس الأمن رقم 2254، بما في ذلك إشراك جميع السوريين، وخصوصا النساء، بشكل جدي في العملية السياسية.

وأضاف البيان: إننا ندعم جهود توفير بيئة آمنة ومحايدة لتمكين سورية من إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تحت إشراف الأمم المتحدة. كما أشارت اللجنة المصغرة الى بيانها الصادر في نيويورك يوم 26 سبتمبر الماضي، مؤكدة مواصلة المطالبة بوقف النار فوريا وبشكل فعلي في أنحاء إدلب. فلا حل عسكري للأزمة في سورية، بل الحل يكمن في تسوية سياسية استنادا لقرار مجلس الأمن 2254.

كلام بيدرسون

وفي حين تتواصل اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، قال المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، في الجلسة الافتتاحية للجنة الدستورية السورية التي عقدت يوم الأربعاء إن الدستور المرتقب للسوريين وعليهم صياغته بأنفسهم.

وأضاف “لاتتوقعوا مني أو من فريق عملي أن أقول لكم ماذا ستضعون في دستوركم. فالدستور القادم ملك للسوريين وللسوريين وحدهم. والدساتير لا يمكن نقلها من الخارج. أنتم السوريون، أعضاء هذه اللجنة، سوف تقومون بكتابة دستوركم. والشعب السوري يجب أن يصادق عليه”.

ووجه بيدرسون كلامه إلى الوفود السورية المشاركة في الجلسة سواء تلك المدعومة من المعارضة أو من الحكومة إضافة إلى وفد المجتمع المدني السوري.

وقد نجح المبعوث الأممي في تشكيل اللجنة الدستورية بعدما فشل المبعوث السابق ستيفان ديمستورا في تشكيلها على مدى أربع سنوات.

أجواء تصالحية وتحديات

وقال تقرير لـ(بي بي سي) إنه رغم الأجواء التصالحية التي ظهرت في كلمات وفدي المعارضة والحكومة في الجلسة الافتتاحية، فإن التحديات والصعوبات تكمن في مناقشة مفاصل الدستور خلال النقاشات، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات السياسية والميدانية على الأرض ومواقف الدول الإقليمية والدولية وانعكاس ذلك على أعمال اللجنة الدستورية.

وتساءل التقرير عن المطلوب من اجتماعات اللجنة الدستورية حسب الوفد المدعوم من المعارضة ومن الوفد المدعوم من الحكومة بعيدا عن التمنيات، والخطابات التي ترضي جمهور كل فريق؟

وقال إن الوفد المدعوم من المعارضة يركز على تنفيذ القرار 2254 وخاصة الجدول الزمني للعملية السياسية، والتي تشير إلى إنشاء دستور جديد تتبعه عملية انتخابية نزيهة بإشراف الأمم المتحدة، وذلك خلال 18 شهرا، و هذا حسب المعارضة مرتبط بملفات أبرزها نقل السلطة وبجدول زمني لتطبيق الحل السياسي.

ومن جهتها، تريد المعارضة من الدستور الجديد تقييد صلاحيات رئيس الجمهورية ورفض الصلاحيات المطلقة للرئيس والتي يمنحه إياها دستور عام 2012 المعمول به حاليا.

بناء ثقة

وفِي خطاب رئيس الوفد المدعوم من المعارضة، هادي البحرة، اعتبر البحث في الدستور والمسائل الأخرى أمرا يحتاج إلى إجراءات بناء ثقة بين الأطراف المتحاورة، مثل إطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المفقودين لدى كل الأطراف.

أما الوفد المدعوم من الحكومة برئاسة، أحمد الكزبري، فقد طرح تعديل الدستور الحالي أو إلغاءه ووضع دستور جديد، مشيرا إلى أن السوريين عدلوا دستورهم ثماني مرات حتى عام 2012، وأن الأمر قابل للبحث والدراسة من قبل الحكومة في كل ما يخدم الشعب السوري.

لكن الوفد المدعوم من الحكومة وضع محددات لعمل اللجنة الدستورية وإنجاز الدستور الجديد من وجهة نظره.

و تتلخص برفض أي تدخل خارجي بأعمال اللجنة الدستورية، وأن يكون الحوار سوريا وبقيادة سورية ودون شروط مسبقة أو جداول زمنية، وأن يكون الشعب السوري صاحب القرار النهائي في إقرار الدستور عبر الاستفتاء على المسودة التي ستقترحها اللجنة، مع التأكيد على أن تشكيل اللجنة الدستورية لا يعني توقف العمليات العسكرية للقوات الحكومية ضد الإرهاب.

ايلاف

—————————–

وفد النظام يهتف لـ”الجيش” في جنيف.. وبيدرسن يعلق الجلسة

قالت مصادر في “اللجنة الدستورية”، لـ”المدن”، إن جلسة الخميس، قد تم تعليقها لنحو ساعة، نتيجة قيام وفد لائحة النظام السوري باستفزازات داخل القاعة، ما دفع المبعوث الدولي غير بيدرسن إلى طلب استراحة قصيرة.

وأضافت مصادر “المدن” من داخل القاعة أن وفد النظام بدأ يرفع أصواته بكلمات تُشيد بدور “الجيش العربي السوري” في “القضاء على الإرهاب والمجموعات المسلحة”، فيما رفض وفد المعارضة هذا السلوك الاستفزازي، خاصة أن الجيش الذي يتغنى به وفد النظام هو نفسه الذي دمر سوريا وقتل وشرد أهلها. وبعد تعليق عمل الجلسة لنحو ساعة تقريباً، بدأت جلسة جديدة.

وبدأت الجلسات، الخميس، في قصر المؤتمرات في الأمم المتحدة في جنيف، في وقت متأخر، نتيجة مماطلة وفد النظام. وعلى أجندة الاجتماعات: كلمة ترحيبية من طرف المبعوث الأممي إلى سوريا، وتسجيل الحضور، وتليها مداخلات افتتاحية للأعضاء حول البند الأول من جدول أعمال الهيئة الموسعة؛ الأفكار الدستورية، ومقترحات للدراسة من طرف الهيئة المصغرة.

—————-

بعد صعوبات في الاستمرار وتباين في الرؤى: استمرار عمل اللجنة الدستورية السورية لليوم الثالث

بهية مارديني

إيلاف من لندن: تواصل اللجنة الدستورية السورية، المنعقدة في مدينة جنيف السويسرية، أعمالها لليوم الثالث بعد افتتاحها أول من أمس، وسط صعوبات ظهرت خلال جلسات أمس وتباين في الرؤى انتهت بتعليق جلستها لمدة ساعة.

وبحضور المجموعات الثلاث المكونة لها: النظام السوري والمعارضة والمجتمع المدني وتحت إشراف الأمم المتحدة ركز وفد النظام السوري، خلال كلمات أعضائه في جلسة امس على طرح قضايا محاربة “الإرهاب، ورفع العقوبات الاقتصادية، ودعم قوات النظام السوري، ومناقشة دستور 2012، دون الحديث مطلقا عن كتابة دستور جديد وهو ما جاء من أجله الوفود.

تعليق الجلسة

وأوردت وكالة الأنباء السورية “سانا”، نقلاً عن مراسلها في جنيف أمس، نبأ عن تعليق “اجتماع الهيئة الموسعة للجنة مناقشة الدستور لمدة ساعة بقرار من رئيس الجلسة أحمد الكزبري، رئيس وفد النظام”.

واعتبرت الوكالة أن السبب جاء بسبب “إصدار مشاركين من الطرف الآخر (دون تسميتهم) أصواتاً شاذة أثناء ترحم أحد أعضاء وفد النظام في كلمته على أرواح قتلى قوات النظام”.

وفِي التفاصيل فقد شهدت الجلسة الأولى للجنة الدستورية السورية أمس، توترا في جلسة الاستماع لرؤى وأفكار أعضائها الـ150، ما أدى إلى تعليق الجلسة للاستراحة واستكمالها لاحقا.

حيث وصفت احدى المشاركات عن النظام “بطولات الجيش العربي”، وترحّمت على قتلى قوات النظام فقط وابنها واحد منهم، ما دفع بعضو في وفد المجتمع المدني أن ترد عليها بالحديث عن ضلوع النظام السوري بمقتل شقيقها مما أدى إلى تراشق كلامي.

وكان الرئيس المشارك عن النظام أحمد الكزبري هو الذي ترأس الجلسة، بعد إلقاء المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون كلمة في البداية، حدد فيها 5 دقائق لكل متحدث لإلقاء كلمته إلى أن حدث التراشق الكلامي بين الأطراف المشاركة.

فما كان منه الى أن علق الكزبري الجلسة وبعد ساعة عاد أعضاء اللجنة إلى قاعة الاجتماع، مواصلين إلقاء الكلمات برئاسة الكزبري، وتولى الرئيس المشارك عن المعارضة هادي البحرة رئاسة الجلسة لاحقا.

عرض مطالب

وكان قد وصل وفد النظام الى المقر الأممي، وتبعه وصول وفد المجتمع المدني، ثم وفد المعارضة، في حين أن الرئيس المشارك عن المعارضة هادي البحرة، التقى بيدرسون صباحا في مقر الأمم المتحدة، لبحث الإجراءات الإدارية والتنظيمية لعقد الجلسات.

وعرض المجلس الوطني الكردي السوري، الخميس، مطالبه أمام اللجنة الدستورية السورية المجتمعة مؤكداً على مطلب اختيار اسم وطني للبلاد بدلاً من الاسم القومي، وإقامة دولة اتحادية وضمان حقوق كافة المكونات بما فيها الحقوق القومية والسياسية للشعب الكردي.

——————————

جنيف: لقاءات مكثفة تمهد ل”الدستورية”..وإيران باقية في سوريا

يتواصل عقد اللقاءات بين الأطراف الدولية وممثلي المعارضة والنظام في “اللجنة الدستورية”، في مدينة جنيف السويسرية، تحضيراً لإطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية، الأربعاء.

والتقى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن بممثلي النظام والمعارضة، في حين التقى وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران، الثلاثاء، وأصدروا بياناً مشتركاً.

والتقى وفد من “هيئة التفاوض” برئاسة نصر الحريري، ومن لائحة المعارضة في “اللجنة الدستورية” برئاسة الرئيس المشترك للجنة هادي البحرة، وفداً روسياً في جنيف برئاسة نائب وزير الخارجية الروسية، ومبعوث الرئيس الروسي.

كما التقى وفد “هيئة التفاوض” للجنة الدستورية المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن، وبحث معه التحضيرات النهائية لانطلاق أعمال اللجنة. وناقش الطرفان القواعد السلوكية لعمل اللجنة، وعمل الرئيسين المشتركين، والحرص على انجاح العملية الدستورية بأسرع وقت ممكن.

وعقد وفد من وزارة الخارجية الاميركية برئاسة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى والمبعوث الخاص لسوريا جويل ريبورن، لقاءً مع وفد هيئة التفاوض السورية وممثليها في اللجنة الدستورية. وبحث الطرفان آخر المستجدات على مستوى أعمال اللجنة الدستورية. وأكد الطرفان حرصهما على إنجاح أعمال اللجنة الدستورية، وذلك على اعتبارها النقطة الأساس للبناء عليها، كما أكدوا على أهمية أن تكون العملية سورية–سورية بشكل كامل. وعبّر الوفد الأميركي عن دعمه الكامل للجنة الدستورية وللعملية السياسية التي ترعاها الامم المتحدة، وتوافق الطرفان على أهمية العملية الدستورية، كجزء رئيس من العملية السياسية وكخطوة أولى على طريق تفعيل بحث الملفات الأخرى التي تشكل جزءاً أساسياً من قرار مجلس الامن رقم 2254 (2015).

من جانبه، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان له، أن إطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية يجب أن ترافقه “إجراءات محددة لتعزيز الثقة”.

كما أعرب الأمين العام عن رضاه من نسبة النساء بين أعضاء اللجنة الدستورية، والتي تبلغ 30 %، كما أعرب عن أمله بأن تعمل كافة الأطراف بشكل صريح من أجل إيجاد حل على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

وكانت المتحدثة باسم مكتب المبعوث الدولي الخاص جينيفر فينتون، قد أعلنت أن بيدرسن، سيوقع الأربعاء على قائمة بأسماء الأعضاء الـ 150 في “اللجنة الدستورية” السورية.

من جهتها، أعلنت روسيا وتركيا وإيران، بصفتها الدول الضامنة لعمية أستانة، عن التزامها بوحدة وسلامة الأراضي السورية واتفاقها على دعم عمل اللجنة الدستورية السورية.

وجاء في بيان مشترك صدر في أعقاب اجتماع وزراء الخارجية الروسية والتركية والإيرانية، في جنيف، الثلاثاء، أن “إطلاق اللجنة الدستورية السورية يؤكد عدم وجود حل عسكري للنزاع في سوريا”.

وأكدت الدول الثلاث تمسكها بعملية سياسية قادرة على الاستمرار وطويلة الأمد في سوريا و”عزمها على دعم عمل اللجنة الدستورية من خلال التعامل المستمر مع الأطراف السورية والمبعوث الدولي الخاص إلى سوريا من أجل ضمان عملها الثابت والفعال”.

وأكد الوزراء أيضا التزام روسيا وتركيا وإيران بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، مشيرين إلى أن هذه المبادئ يجب أن تحترم من قبل جميع الأطراف.

وأضاف البيان المشترك أن اللجنة الدستورية يجب أن تسعى إلى إيجاد حلول وسط والتعاون البناء بعيدا عن أي تدخل خارجي وفرض مواعيد، بهدف تحقيق التوافق بين أعضائها، ما سيتيح الحصول على أكبر قدر من الدعم لنتائج عملها من قبل الشعب السوري.

كما شدد الوزراء على أهمية تفعيل عملية التسوية ضمن إطار أوسع وزيادة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين دون أي شروط مسبقة، والمساهمة في عودة آمنة وطوعية للاجئين والنازحين إلى منازلهم وبناء الثقة بين الأطراف السورية.

وشدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على أن إطلاق اللجنة الدستورية السورية “انتصار مشترك كبير وإنجاز للشعب السوري بأكمله”.

وأكد أن الدول الثلاث اتفقت على مواصلة بذل الجهود بالتعاون مع كافة الأطراف السورية من أجل استقرار الأوضاع على الأرض والقضاء على البؤر المتبقية للإرهابيين.

وتابع لافروف: “أكدنا أن الأهم هو ضمان تنفيذ قرار 2254، وخاصة في ما يخص ضرورة ضمان العملية السياسية التي سيقودها السوريون بأنفسهم… وعلى جميع اللاعبين الخارجيين تهيئة الظروف لترتيب هذه العملية بهذا الاتجاه بالضبط، ولكي يجد السوريون تفاهمات بمساعدة المبعوث الأممي الخاص”.

من جانبه، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن إطلاق اللجنة الدستورية السورية يؤكد فعالية عملية أستانة، التي حققت النتائج الضرورية. وأعرب عن تفاؤله بشأن عمل اللجنة الدستورية السورية، مؤكدا على أهميتها.

بدوره، شدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، على أن الأراضي السورية “يجب أن تكون تحت سيطرة الحكومة السورية والجيش السوري، ولا يجب أن يكون هناك أي تهديد لجيران سوريا”.

ورداً على سؤال حول موعد انسحاب القوات الإيرانية والروسية والتركية من سوريا، أشار ظريف إلى أن قوات روسيا وإيران موجودة في سوريا “بدعوة الحكومة، وهي ستبقى هناك طالما تسمح بذلك دمشق”.

———————

اللجنة الدستورية السورية تبدأ مهامها بجنيف

المبعوث الأممي يعلن قائمة أعضائها الـ150 الأربعاء

بدأت اللجنة الدستورية السورية أول اجتماعاتها، اليوم الأربعاء، بكامل أعضائها الـ150 ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، في مقر الأمم المتحدة في جنيف.

وبدأت الجلسة الافتتاحية بكلمات المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، ورئيس الوفد الحكومي أحمد الكزبري، ورئيس وفد المعارضة هادي البحرة، وقالت مصادر أممية إن باقي الاجتماعات غير متاح للإعلام حضورها أو تصويرها.

وتستمر اللقاءات والاجتماعات الموسعة للوفود كافة إلى يوم الجمعة، على أن تبدأ اجتماعات اللجنة المصغرة من 45 عضوا، 15 عن الحكومة السورية، و15 عن المعارضة و15 عن المجتمع المدني يوم الاثنين لتستمر حتى يوم الجمعة القادم.

إجراءات ثقة

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان له، أن إطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية يجب أن ترافقه “إجراءات محددة لتعزيز الثقة”.

كما أعرب الأمين العام عن رضاه من نسبة النساء بين أعضاء اللجنة الدستورية، والتي تبلغ 30%، كما أعرب عن أمله بأن تعمل كافة الأطراف بشكل صريح من أجل إيجاد حل على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

وكانت المتحدثة باسم مكتب المبعوث الأممي الخاص، جينيفر فينتون أعلنت أن بيدرسن سيوقع اليوم الأربعاء على قائمة بأسماء الأعضاء الـ 150 في اللجنة الدستورية السورية.

بيان مشترك

وكانت روسيا وتركيا وإيران بصفتها الدول الضامنة لعملية أستانة في بيان مشترك صدر في أعقاب اجتماع وزراء خارجية هذه الدول في جنيف أمس الثلاثاء، أن “انطلاق أعمال اللجنة الدستورية السورية يؤكد عدم وجود حل عسكري للنزاع في سوريا”.

من جهته، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إطلاق اللجنة الدستورية السورية “انتصارا مشتركا كبيرا وإنجازا للشعب السوري بأكمله”.

يذكر أنه كان قرار تشكيل اللجنة الدستورية في يناير 2018 في سوتشي نتيجة لمؤتمر الحوار الوطني السوري الذي دعا إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وشهدت مدينة جنيف يوم الثلاثاء، العديد من الاجتماعات تحضيرا لإطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية اليوم الأربعاء. والتقى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن ممثلي الحكومة السورية والمعارضة. كما التقى وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران.

تصريح البحرة

وصرح الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة، هادي البحرة، في حديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية، في أعقاب لقائه مع بيدرسن بأنه تم خلال اللقاء “عرض ما تم إنجازه والتحضيرات الخاصة بافتتاح الجلسة الأولى للجنة الدستورية، ومن ثم قمنا بزيارة القاعة التي يجري فيها الاجتماع، واستعراض الترتيبات اللوجستية”.

وقبل ذلك التقى وفد المعارضة السورية مع الدبلوماسيين الروس في مقر البعثة الروسية في جنيف. وفيما لم يكشف الجانب الروسي عن تفاصيل اللقاء، مكتفيا ببيان مقتضب، قال هادي البحرة إن اللقاء كان “جيدا ومثمرا، وتم تبادل وجهات النظر ورؤية الأطراف السورية والروسية بخصوص أعمال اللجنة الدستورية”.

وتابع قائلا: “أعربنا للوفد الروسي عن جديتنا بخصوص أهمية إنجاز المهام الموكلة إلى اللجنة الدستورية، خلال أقصر فترة زمنية ممكنة، نظرا لحجم المعاناة التي تمر على الشعب السوري، وكواجب وطني يلزمنا جميعا كسوريين أن نبذل جهودنا لإنجاح هذه اللجنة”.

لا انسحابات

وإلى ذلك، نفت العضو في اللجنة الدستورية السورية عن المجتمع المدني، الأمينة العامة لـ “الجبهة السورية الديمقراطية” ميس كريدي صحة الأنباء حول انسحاب 10 أعضاء من المجتمع المدني ورفضهم المشاركة في اجتماعات اللجنة، مضيفة أن جميع ممثلي وفد المجتمع المدني وصلوا إلى جنيف.

وأضافت أن وفد المجتمع المدني لم يحضر أي مسودة للدستور السوري مسبقا، حسب ما نقلت عنها وكالة “تاس”.

———————

وفد النظام يستفز السوريين.. الإرهاب والقاطرجي وعدم المصافحة

في حين دعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، رئيسي وفدي المعارضة والنظام إلى العمل معاً لإنجاح مهمّة كتابة الدستور السوري، أعلن رئيس وفد النظام أحمد الكزبري أنّ حربهم “ضدّ الإرهاب مستمرة حتى تحرير آخر شبر”، في إشارة إلى استمرار الحملات العسكرية التي يشنّها النظام على مناطق المعارضة السورية.

وخلال حديثه عن أهمية الدستور، شدّد أحمد الكزبري على أنّه ووفد النظام “سيكونون عند حسن ظن شعبهم ولن يفرطوا بقطرة دم سالت دفاعاً عن سوريا”، وهو ما اعتبره متابعون استفزازاً للسوريين، الذين ينظرون إلى قوات النظام كقتلة لا كمدافعين عن البلاد.

وأفرد الكزبري مساحة من حديثه عن الإرهاب ومكافحته، وعن سيادة ووحدة الأراضي السورية، وفور انتهاء الكلمة خرج قبل مصافحة رئيس وفد المعارضة هادي البحرة.

أما الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية هادي البحرة، فأكد في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف برعاية الأمم المتحدة، أن “المجتمعين اليوم لديهم آراء متباينة ونبحث عن أوجه التشابه لا الاختلافات”، مشيرًا الى أن “اللجنة الدستورية خطوة أولى في الحل السياسي للأزمة السورية”.

وشدد البحرة على أنّه “آن الأوان لندرك جميعاً بأن النصر هو في تحقيق العدل والسلام وليس في انتصار طرف على طرف”، لافتا إلى أن “حجم الدمار في سوريا خلال 8 أعوام بلغ 65 في المئة”

يشار إلى أنّ وفد النظام ضمّ محمد القاطرجي، الذي فرضت عليه الولايات المتّحدة عقوبات العام الماضي بسبب تعامل شركته مع تنظيم “داعش” وتسهيل نقل النفط من التنظيم إلى النظام، بالإضافة إلى تأسيسه ميليشيا القاطرجي المتّهمة بقتل وتعذيب سوريين.

كما ضمّ الوفد “مجرمان ضدّ الإنسانية” وفقاً للمحامي أنور البني الذي كتب على صفحته الشخصية في فيسبوك منشوراً جاء فيه: إنّ كلّاً من ناصر موعد، وسليمان أبو فياض، “كانا مسؤولان بأفرع أمنية في سوريا مارسا الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري”.

وكان بيدرسون شدّد في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية في جنيف اليوم، على ضرورة إنجاح مهمة اللجنة الدستورية، وحض الأعضاء على التحلي بالصبر والمثابرة.

وزاد أن هدف العمل هو الوصول إلى حل سياسي في اطار القرار الأممي 2254، والوصول إلى انتخابات حرة.

وتحدّثت المعارضة عن ملف المعتقلين، وهو ما لم يشر إليه وفد النظام إطلاقاً.

—————————-

يحيى العريضي: كتابة الدستور ليست نهاية المطاف في سوريا

قال المتحدث باسم وفد المعارضة السورية إلى محادثات جنيف، يحيى العريضي، إن صياغة الدستور السوري ليست نهاية المطاف أو الحل النهائي للبلاد، محدداً الشروط اللازمة لنجاح العملية السياسية.

ورداً على سؤال موفد “بروكار برس” إلى جنيف، حول الأدوات التي تملكها المعارضة السياسية لتطبيق الدستور، قال العريضي “إن المسألة معقدة والطريق صعبة، كما أن هناك أموراً أخرى في القرار 2254 يجب العمل عليها بموازاة عملية صياغة الدستور”.

واشترط العريضي لنجاح العملية السياسية “توفير البيئة الآمنة والمحايدة لكي يتمكن الشعب السوري من التعبير عن رأيه في الدستور والموافقة عليه أولاً، ثم البدء بتطبيقه ثانياً، إذ أن العبرة في التطبيق وليس في الصياغة نفسها”،

وتوقع انعقاد أولى جلسات مجموعة صياغة الدستور يوم الاثنين المقبل، حيث ستبدي الأطراف جديتها في البدء بمناقشة الأعمال الواجب القيام بها بخصوص الدستور.

ورأى أن التطورات العسكرية على الأرض ستؤثر بشكل سلبي على سير العملية السياسية، مؤكداً أن المعارضة تسعى إلى نظام سياسي حر وديمقراطي يحترم حياة الإنسان والمساواة في المواطنة بين جميع السوريين.

وكان المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون افتتح في وقت سابق اليوم الجلسة الأولى لعمل اللجنة الدستورية في جنيف، وحض الأعضاء على التحلي بالصبر والمثابرة، كما دعا رئيسي وفدي المعارضة والنظام إلى العمل سويةً للوصول إلى نتيجة، منوّهاً إلى أنّ ملايين السوريين ينتظرون منهم نتيجة حقيقية.

القاطرجي ضمن وفد النظام في جنيف

قال موفد بروكار برس إلى جنيف، ماهر أقرع إنّ محمد براء القاطرجي موجود ضمن وفد النظام السوري إلى مقرّ الأمم المتّحدة حيث بدأت الجلسة الافتتاحية للجنة الدستورية.

وأصدرت الخزانة الأمريكية العام الماضي عقوبات على محمد القاطرجي وشركته التي أشرفت على صفقات نفطية ‏بين النظام وتنظيم “داعش”.

كما ضمّ وفد النظام “مجرمان ضدّ الإنسانية” وفقاً للمحامي أنور البني الذي كتب على صفحته الشخصية في فيسبوك منشراً قال فيه: إنّ كلّاً من ناصر موعد، وسليمان أبو فياض، “كانا مسؤولان بأفرع أمنية في سوريا مارسا الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري”.

وتتصدر عائلة القاطرجي قائمة اسماء الحيتان الجدد الذين أثرتهم الحرب ، من خلال إمداد النظام بالنفط والقمح من مناطق سيطرة “داعش” و”قسد”، مستفيدة من شبكة العلاقات العشائرية التي تملكها في المنطقة، وبمساعدة مليشيا “قوات القاطرجي”. ومنذ العام 2016 تحولت العائلة إلى واحد من رموز الاقتصاد السوري المعروفة بقربها من النظام والمتشابكة معه.

ويملك الأشقاء الثلاثة محمد براء، ومحمد آغا، وحسام، عددا كبيرا من الشركات والاستثمارات السورية المتعددة الاختصاصات، والتي تحولت إلى إمبراطورية آخذة في الاتساع تحت مسمى “مجموعة القاطرجي”، ومن أبرزها “شركة أرفادا للنفط”، و”شركة BS للمشتقات النفطية” و”شركة فولاذ للصناعات المعدنية”، “وشركة حلب القابضة”. كما تملك العائلة “شركة جذور للزراعة وتربية الحيوان”، و”شركة آرمان للإدارة الفندقية والسياحية” التي تستثمر فندق شهباء حلب.

———————

اللجنة الدستورية السورية تنهي اجتماعها الأول في جنيف.. أبرز ما جاء في كلمات المشاركين

عقدت اللجنة الدستورية السورية اجتماعها الأول في جنيف، اليوم الأربعاء، بحضور ممثلين عن نظام الأسد والمعارضة والمجتمع المدني، تحت إشراف الأمم المتحدة.

وتضمنت الجلسة الافتتاحية كلمات لكل من المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، ورئيس اللجنة الدستورية من طرف النظام أحمد كزبري، ورئيس اللجنة من طرف المعارضة هادي البحرة.

توافق على الحل السياسي

بدت خطابات الأطراف الثلاثة، خلال الجلسة الافتتاحية الأولى للجنة الدستورية، أقل حدة وتوتراً ولم تتضمن اتهامات متبادلة بين ممثلي النظام والمعارضة، حيث تركزت بمجملها حول ضرورة البدء بعهد سياسي جديد في سورية، عبر مناقشة الدستور السوري نجاح أعمال اللجنة الدستورية.

إذ أكد المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، خلال الكلمة الافتتاحية أنه سيبذل جهداً من أجل تيسير عمل اللجنة الدستورية السورية وضمان استمرارها، مشيراً أن الدستور القادم لسورية سيكتبه السوريون وحدهم ولا أحد غيرهم.

وأضاف: “يجب أن تؤخذ آراء جميع السوريين لتعديل دستور 2012 أو لصياغة دستور جديد من أجل الانطلاق نحو آفاق جديدة للسلام”.

في حين قال رئيس اللجنة الدستورية من طرف النظام، أحمد كزبري، إن اجتماعات اللجنة ستكون مدخلاً للحل السياسي في البلاد، بقوله إن “الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مصيره واختيار نظامه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي”.

وتابع: “حوارنا اليوم حتى يكتب له النجاح يجب أن يكون سورياً- سورياً خالصاًن بعيداً عن أي ضغوط أو تدخلات خارجية”.

وقال رئيس اللجنة من طرف المعارضة، هادي البحرة، إن اللجنة الدستورية خطوة أولى في الحل السياسي للأزمة السورية، وأضاف: “جئنا هنا عازمين للبحث عن أوجه التشابه بدل الاختلافات”، مشيراً أن حجم الدمار في سورية خلال ثماني سنوات بلغ نحو 65%.

وتابع: “أنا متاكد أن المهمة الماثلة أمامنا صعبة، وأنها مجرد نقطة انطلاق نحو طريق التعافي”، مردفاً: “آن الأوان لندرك جميعاً بأن النصر هو في تحقيق العدل والسلام وليس في انتصار طرف على طرف”.

الاجتماعات الرئيسية تبدأ الاثنين

عقدت اللجنة الدستورية السورية، المكونة من 150 عضواً يمثلون النظام والمعارضة والمجتمع المدني بالتساوي، جلستها الافتتاحية اليوم الأربعاء، على أن تبدأ عملها الرئيسي الاثنين القادم.

ومن المقرر أن تنعقد جلسة أخرى، السبت القادم، لتبادل الآراء، في حين تبدأ أعمال اللجنة بشكل رسمي، في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، بعد تشكيل لجنة مصغرة مكونة من 45 عضواً يمثلون الأطراف الثلاثة بالتساوي، وتتضمن الجلسة نقاشات أكثر تفصيلاً بشأن الأسس الموضوعية، حسبما ذكرت وكالة “ريا نوفوستي”.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت، في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي تشكيل اللجنة الدستورية السورية، وذلك بعد عشرين شهراً من التعثر في تشكيلها، إذ كان موضوعها قد طُرِحَ في “مؤتمر الحوار السوري”، الذي عُقد بمدينة سوتشي الروسية، في يناير/ كانون الثاني عام 2018.

————————

هادي البحرة:”اللجنة الدستورية” جزء من عملية تفاوضية وليست اختزالاً للقرار ٢٢٥٤.. نعمل بمسؤولية لإنجاز دستور يستحقه الشعب السوري

ماهر أقرع

تشهد أروقة مبنى الأمم المتحدة في جنيف، يوم الأربعاء القادم، انعقاد الاجتماع الأول للجنة الدستورية، التي تم التوافق على تشكيلها مؤخرا، برعاية أممية، من ثلاثة أطراف، النظام والمعارضة والمجتمع المدني.

يذكر أن هذا الاجتماع يفتتح مرحلة جديدة في مسار الصراع السوري، بالأساليب السياسية والقانونية، بعد أن توقف، أو انحسر، الصراع بالوسائل المسلحة، وبعد أن باتت الدول الكبرى هي التي تتحكم بوتائر هذا الصراع وبالأطراف المشاركة فيه.

في هذا الإطار التقت بروكار برس في جنيف بالأستاذ هادي البحرة الرئيس المشترك للجنة الدستورية (عن المعارضة)، ووجهت إليه عديد من الأسئلة، عن جدوى تلك اللجنة، ومدى إمكانية نفاذ مخرجاتها، وعن أهم ما يفترض أن يتضمنه الدستور من وجهة نظر المعارضة، والإشكاليات التي تعترض هذا المسار، ومدى استعداد المجتمع الدولي لفرض ما يتم الاتفاق عليه.

     إلى أي مدى تراهنون على اللجنة الدستورية في حين فشلت كل مسارات المفاوضات في جنيف أو آستانة؟

موضوع اللجنة الدستورية جزء من العملية السياسية وليس العملية السياسية كلها، وهي جزء من قرار مجلس الأمن 2254، ما حدث هو وجود توافق دولي حاليا داعم لتفعيل اللجنة الدستورية، بوصفها بوابة لتفعيل العملية السياسية، بشكل كامل، وهي جزء من عملية تفاوضية، وليست اختزالا لقرار مجلس الأمن ولا للعملية التفاوضية.

عمل اللجنة هو تفاوض بين سوريين للوصول إلى الإصلاحات الدستورية المطلوبة لصياغة دستور جديد يستحقه الشعب السوري بعد معاناة سنوات طويلة وآلام مرت به.

    إذا كان النظام، وبدعم وتغطية من روسيا، لم يتنازل للقرارات الدولية من بيان جنيف واحد إلى بيان فيينا إلى القرار 2254 فهل برأيكم سيتنازل لمقررات اللجنة الدستورية؟ وعلى أي أساس؟

    اللجنة الدستورية استحقاق على السوريين كلهم، بالنسبة لنا نحن المعارضة هي مشاركة إيجابية في العملية السياسة التي تقودها الأمم المتّحدة في جنيف ونأمل أن يتعاطى السوريون كلهم؛ والحاضرون منهم أعمال اللجنة الدستورية والأعضاء فيها، بوصفها استحقاقا وطنيا شاملا، ومخرجا ومفتاحا لتفعيل العملية السياسية بشكل كامل، وإيجاد حل يفضي إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن 2254.

    من وجهة نظركم هل تشكيل اللجنة الدستورية، أي تركيبتها الثلاثية، ستمكنها من التوصل إلى توافقات بخصوص دستور جديد لسوريا؟

يفترض أن تشكيل اللجنة الدستورية جاء بتوافق الأطراف السورية والقبول بقواعدها الإجرائية وهذه القواعد معلنة للجميع ويفترض أن يتعاطى معها الجميع بروح المسؤولية الوطنية وبإيجابية،

لا شيء مضمون، بما يتعلق بالتوافقات، ولكن نحن نستطيع أن نضمن ممثلينا ضمن اللجنة، ونأمل في أن يكون ممثلو باقي الأطراف على القدر نفسه من المسؤولية لمحاولة إنجاز عمل اللجنة الدستورية في أقصر وقت ممكن.

    اعتدنا على عرقلة النظام للكثير من القرارات، فكيف الآن بالنسبة للقواعد الاجرائية التي تم الاعلان عنها من الامم المتحدة ومن غير بيدرسن الميسر للعملية التفاوضية، حول التصويت بنسبة 75% فكيف سيتم التعامل مع هذا الموضوع؟

القواعد الإجرائية واضحة، نحن نتحدث عن موضوعات أساسية لكل مواطن سوري بغض النظر عن الجهة التي يتبع لها، أو التي يؤيدها، أو التي يعارضها، فلا أظن أن أيا من السوريين لا يقبل بالحقوق المتساوية مع باقي المواطنين، أو أن هناك من يرفض أن يكون له حق إبداء الرأي، وحق التعبير، لا يوجد أي سوري يقبل بوجود خلط بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، هذه الأمور كلها تطال حياة كل مواطن سوري، لذلك فإنّ كل مشارك في هذه اللجنة أمام مسؤوليات تجاه نفسه وعائلته وأبنائه والأجيال السورية المقبلة. بالنسبة لنا نحن نخوض هذه المرحلة بكل إيجابية وبكل انفتاح لمحاولة الخروج بإنجاز يستحقه هذا الشعب.

    هل أعدت المعارضة وجهة نظر واحدة إزاء الدستور القادم، مع علمنا بغياب وجهة نظر واحدة أو واضحة للمعارضة؟

هيئة التفاوض عملت منذ عامين على موضوع السلال الأربعة بما فيها الدستورية، وخاضت عمليات حوار مطولة ضمن هيئة التفاوض، ووصلت إلى أوراق عدة جرى التوافق عليها، ومواقف مشتركة.

لكن علينا أن نعلم أن الدستور يتعاطى مع أمور سياسية واقتصادية واجتماعية، هو (عقد اجتماعي جديد)، ويوجد فيه أيضا نواح شخصية تطال الفرد.

لن تصادر الهيئة القرار الشخصي لأعضاء اللجنة لكنها مختصة بالتعاطي مع الأمور السياسية: فصل السلطات، نظام الحكم المقبل، الحقوق الاجتماعية والسياسية للمواطنين، أما الأمور الفردية فسيكون هناك حيز للتعاطي الشخصي والفردي.

أما الأمور السياسية الأساسية فهناك حالة “توافق عالية المستوى بين مكونات هيئة التفاوض كافة”.

    برأيكم ماهي القضايا الأساسية التي يفترض أن يركز عليها وفد المعارضة في الدستور القادم لإنهاء نظام الاستبداد، والتحول إلى نظام ديمقراطي حقيقي؟

كل ما في الدستور مهم وأساسي، لكن من الناحية السياسية الأساسيات تبدأ من تحقيق الفصل التام والكامل بين السلطات، تحقيق آليات للمحاسبة، تحقيق القضاء النزيه والعادل والمستقل، تحقيق مبدأ لا سلطة على القضاء إلا القانون نفسه، هذه الأمور كلها قضايا مهمة، وتعطي أملا بانتقال سياسي نحو نظام ديمقراطي عادل يرقى إلى مستوى طموحات أبناء شعبنا.

    هل ثمة قيم فوق دستورية تودون في وفد المعارضة طرحها للتوافق عليها في الدستور الجديد، مثلا قيم المواطنة والحرية والمساواة لكل السوريين؟

أكيد، نحن نطمح لدولة المواطنة والحرية، يجب أن يصون الدستور كرامة السوريين ويكفل حرياتهم الفردية والجمعية، ويمنحهم فرصا متساوية، فهذه الموضوعات كلها مهمة، المساواة العدل التداول السلمي للسلطة، ضمان عدم الاستفراد بالسلطة، ضمان عدم إنتاج أنظمة استبدادية أو دكتاتورية، كل هذه الأمور هي قضايا تهم السوريين.

    هل يمكن ان تطرح المعارضة في الدستور التحول إلى نظام برلماني للتخلص من معضلة الرئاسة، وتجنب عودة الاستبداد؟

ستطرح القضايا كلها على السوريين للحوار ، كافة الأنظمة السياسية تدرس، ولكل نظام سياسي سيئاته وإيجابياته، ومن ثم يجب دراسة هذه الإيجابيات والسلبيات والخروج بنظام حكم يضمن المستقبل الرغيد لسوريا وطنا وللسوريين جميعا.

    بروكار برس وجهت سؤالا لبيدرسون، بفرض جرى التوافق على الدستور، ما هي الآليات التي يمكن أن يلجأ إليها المجتمع الدولي لضمان تطبيق الدستور؟.. وكانت إجابته أن الموضوع سيكون سوريا سوريا، وسيجري الاستفتاء عليه من الشعب السوري، ما هو رأيك بالجواب؟

بيدرسن أجاب وفق الصلاحيات والمهمات الموكلة إليه، وإجابته سليمة، هذا القرار سيكون جزءا من النقاشات الدستورية، بما فيها أيضاً القواعد الإجرائية لعمل اللجنة الدستورية، هي من سيقرر طريقة الموافقة الشعبية على هذا الدستور وطريقة تضمينه ضمن المنظومة السورية القانونية.

    هل تشرح لنا أكثر عن القواعد الإجرائية بعد اجتماعاتكم مؤخرا ونقاشكم؟

القواعد الإجرائية لإدارة الاجتماعات هي لحسن سير العمل، وما أستطيع قوله الآن، أنّ التوافق على معظم النقاط قد حصل، نضع اللمسات الأخيرة بين مساء اليوم وصباح الغد على هذه القواعد ونتطلع لإنهائها يوم الغد ظهراً.

    كيف ترى تصريحات الروس والأتراك (رعاة آستانة) بأن “الدستورية” نتاج لمسار آستانة؟

الدستورية جزء من قرار مجلس الامن 2254 لكن جرى تفعيلها ضمن مسار آستانة الذي ارتأوا أنه أحد الطرق الرئيسية لتفعيل العملية السياسية بتفعيل العملية الدستورية، بدءا بتشكيل اللجنة الدستورية التي لاقت أيضاً توافقات دولية حولها، سواء من المجموعه الدولية المصغرة التي تضم كل من (الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية ومصر والأردن) وكذلك من معظم الدول.

    ما هو دور “قسد” في اللجنة الدستورية؟

موضوع الدستور يخص كل مواطن سوري، والتمثيل في الدستورية ليس في إطار حزبي، وإنما إطار تمثيلي لمكونات الشعب السوري، وإذا نظرنا إلى تشكيلة اللجنة الدستورية، نلاحظ فيها تمثيلا لكافة مكونات الشعب السوري عرقيا أو طائفيا، ومن ثم هم سيساهمون في وضع الدستور، وسنجد آليات لإدماج الرأي العام الشعبي السوري في تطور آلية عمل الدستور.

بروكار برس

جنيف: إقرار مدونة سلوك “الدستورية”..ووفد النظام يواصل استفزازاته/ صبحي فرنجية

أقرت “اللجنة الدستورية” في بداية اجتماعاتها، الجمعة، مدونة سلوك لها، لتنظيم العلاقة بين “المجموعة الموسعة” و”المجموعة المصغرة”. فيما واصل وفد النظام من جديد استفزازاته داخل القاعة باتهام وفد المعارضة بـ”الإرهاب”، بعد لقاء المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن، مع أعضاء لائحة المجتمع المدني، لانجاز ملف “المجموعة المصغرة”.

وقالت مصادر خاصة لـ”المدن”، إن بيدرسن عقد اجتماعاً لأكثر من ساعة مع أعضاء لائحة المجتمع المدني، لإنجاز تشكيل “المجموعة المصغرة” منهم والمكونة من 15 عضواً. ومن دون تشكيل “المجموعة المصغرة” عن لائحة المجتمع المدني، لن تبدأ أعمال “اللجنة المصغرة” المقررة، الإثنين. ووفق مصادر “المدن” فإن الخلاف تركز حول 5 أسماء في اللائحة، بعد التوافق على 10 أسماء.

وبدأت الجلسة الموسعة لجميع أعضاء “الدستورية”، الجمعة، بإدارة بيدرسن، الذي عرض مدونة السلوك على الجميع، وتم التوافق عليها، ليبدأ بعدها وفد النظام بإثارة الفوضى داخل القاعة، واتهام أعضاء وفد المعارضة بأنهم “إرهابيون”. وقد تدخل أعضاء لائحة المجتمع المدني، وسجلوا نقطة نظام، لإنهاء هذه الاستفزازات. وتبع ذلك، جلسة أدارها الرئيس المشترك لـ”الدستورية” هادي البحرة، أعطت المجال لبقية الأعضاء بالتحدث، استكمالا لأجندة الخميس، التي ركزت على “الأفكار الدستورية، ومقترحات للدراسة من طرف الهيئة المصغرة”.

وكانت جلسات الخميس، قد خُصصت لكلمات 50 عضواً، من اللوائح الثلاث؛ معارضة، مجتمع مدني، نظام. إلا أن وفد النظام حاول تعطيل الجلسات، ما دفع بيدرسن إلى تعليق الجلسة الأولى، لمدة ساعة. وترى مصادر “المدن” أن سلوك وفد النظام الاستفزازي، يعكس حقيقة أنه لم يحضر إلى جنيف ليكون عملياً، بل جاء نتيجة الضغط الذي تعرض له النظام من قبل الروس والمجتمع الدولي، للانخراط في المسار.

وتضيف مصادر “المدن”، أن من يتابع مجريات الاجتماعات، يدرك تماماً أن المعارضة قد جاءت بأوراق ومقترحات وشروحات حول الدستور، والتجربة الدستورية، فيما أن وفد النظام جاء خالي الوفاض، لا أوراق في يديه، محاولاً تمييع الجلسات وتحويلها إلى سجالات واستفزازات من أجل عدم تحقيق أي انجاز أو اختراق في هذا المسار الذي ترعاه الأمم المتحدة ويدعمه المجتمع الدولي.

وأكدت مصادر “المدن” على أن المعارضة متفقة على عدم إعطاء النظام أي فرصة لخلق حجج من أجل الانسحاب من الجلسات، لكن في حال قرر هو الانسحاب، فذلك سيكون أمر آخر.

عضو “اللجنة الدستورية” والناطق الرسمي بإسم “هيئة التفاوض” يحيى العريضي، قال لـ”المدن”، إن “هناك مجموعتdن، واحدة تريد المحافظة على منظومة الاستبداد التي تسببت بألم البلاد، ومجموعة تريد سوريا أفضل، وتحاول بكل جهدها تحقيق ذلك، ولا يوجد أحد من هؤلاء الذين وصفهم بشار الأسد بأنهم إرهابيون إلا ويريد أن يعيد البلد إلى سكة الحياة”.

وكان بشار الأسد قد وصف، في مقابلة تلفزيونية، كل من لا يدعمه في “اللجنة الدستورية” بأنه “إرهابي” و”عميل”.

عضو “الدستورية” بدر جاموس، قال لـ”المدن”، إن “كثيراً من السوريين يتطلعون إلى اجتماعاتنا، ويتساءلون عن إمكانية إيجاد حل للقضية السورية”، وأضاف: “على الرغم من سلبية وفد النظام، وخطاباته التي يبدو أن هناك جهة واحدة كتبتها لهم، إلا أن هناك مداخلات من قبل وفد المعارضة والمجتمع المدني تُفكر بالشعب السوري كله”. وتابع: “وفد ما يسمى (المدعوم من الحكومة السورية) يفكر بسوريا التي يعيشون فيها، فيما البقية تُفكر بسوريا التي يعيش فيها جميع السوريين”.

وإعتبر جاموس أنه “من غير المتوقع أن يقبل المجتمع الدولي بأن تبقى سوريا محكومة بهذا النظام. فالمجتمع الدولي يدرك ضرورة وجود دستور جديد من خلاله يتم الدخول إلى انتخابات بإشراف دولي، ونحن حريصون على التأكيد على أن الانتخابات لا تتم من دون بيئة آمنة ومحايدة، وضرورة وجود فصل للسلطات ومنع أجهزة الأمن التدخل في الانتخابات. نحن جادون ونقول للعالم والشعب السوري أننا لن نقبل باستمرار الحرب، ونبحث كل الحلول”.

كلمات أعضاء وفد المعارضة

واطلعت “المدن” على كلمات بعض أعضاء وفد المعارضة، وقالت ديما موسى: “نحن بحاجة إلى دستور مكتوب وفق أعلى المعايير للدساتير العصرية القائمة على حقوق الإنسان وحماية المواطنات والمواطنين وضمان حقوقهن وحقوقهم، وأن يكون فعلاً عقداً اجتماعياً بين كافة السوريات والسوريين ويعكس تطلعاتهن وتطلعاتهم والخصوصية السورية”، وأضافت: “كحد أدنى نحن بحاجة لدستور يصون حريات السوريات والسوريين وتكون وفقه الحكومة خادمة للشعب وليس العكس”.

وقال هيثم رحمة: “نريد أن نكتب دستوراً للوطن، الكلمة فيه للشعب، والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والأجهزة الإعلامية والأمنية والعسكرية وباقي مؤسسات الدولة العصرية كلها أدوات لتجسيد حكم الشعب وإرادته”، وشدد على أن كتابة “دستور يكفل الحريات الإنسانية والسياسية والفكرية ويضمن الحقوق الدينية واللغوية ويعتز بالتعدد والتنوع ويطوي صفحة الاعتقالات التعسفية والتغييب القسري إلى الأبد”.

بدوره قال يحيى العريضي: “أطمح لدستور لا يسمح بعودة المأساة السورية ثانية، دستور يضع سوريا وأهلها فوق أي اعتبار فعلاً لا دعاية، وما هذا بصعب على السوريين”، كما قال عبد المجيد بركات: “ننظر إلى سوريا بأعين وطنية جامعة وشاملة وبأفق حل وطني ملتزمين بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والتنمية الشاملة والمتوازنة مع التمثيل العادل على مستوى الإدارة المحلية”.

ودعا ياسر الفرحان، إلى وجود دستور يتضمن “مساءلة السلطات عند التجاوز، بتشريع أو قرار أو إجراء، على حقوق الإنسان، أو عند إغفالها، بما يسند إليها من مهام، اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حقوق الإنسان؛ فضلاً عن النص على إلغاء القوانين غير الدستورية، وإعادة الحقوق للمتضررين”، إضافة إلى “تجريم إصدار قانون أو قرار يتجاوز في آثاره، بشكل واضح أو متعمد، على الحقوق والحريات، والنصُ على عقوبات محددة للفاعلين وتعويضات عادلة للمتضررين”.

وقال كابريال موشي كوريه إن “الجمهورية السورية الثالثة التي يتطلع معظم السوريون إلى الانتقال إليها هي دولة ديموقراطية حديثة، دولة مستقلة ذات سيادة: السيادة فيها للشعب، وهو مصدر كل السلطات، وتقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات، واستقلال القضاء والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة”.

وأكد جمال سليمان، في كلمته على أنه “لا حل في سوريا إلا الحل السياسي التفاوضي، الذي ينفع سوريا، كل سوريا ويرفع الضيم عن السوريين، كل السوريين. رغم كل التحديات والضغوط الكبيرة، رغم كل الفوارق والمسافات التي فصلت بيننا لا بد لنا اليوم من أن نغتنم هذه الفرصة التاريخية بإيمان صادق كي نوقف نزيف الدم في سوريا ونفتح الباب أمام كتابة صفحة جديدة، وتاريخ جديد، مستقبل يعيش فيه كل السوريين بأمن وحرية وكرامة ومساواة على ترابهم الوطني في سوريا السيدة الواحدة، بلا طائفية ولا عرقية ولا اضطهاد ولا تطرف ولا وجود لقوات أجنبية على أرضها ولا مقاتلين غرباء”.

المدن

——————————

وفد النظام في جنيف يتهم المعارضة بالإرهاب والأسد يتبرأ من «الدستورية»/ هبة محمد

عواصم ـ «القدس العربي»  ووكالات: سلسلة تطورات سياسية وعسكرية ميزت المشهد السوري أمس، من الشمال، حيث قامت القوات التركية والروسية بأولى دورياتها المشتركة قرب الحدود السورية الشمالية، بموجب اتفاق تمّ التوصل إليه، بعد هجوم شنّته أنقرة ضد المقاتلين الأكراد في المنطقة غيّر المعادلات على الأرض.

وسارت الدوريات في شريط يمتد بطول 110 كيلومترات، قبل أن تغادر الآليات التركية من النقطة التي دخلت منها قرب الدرباسية.

وقال مصدر في الدرباسية لوكالة «أ ف بـ« الفرنسية إن المدرعات لم تحمل أي أعلام روسية أو تركية بطلب من موسكو.

تزامناً قالت وزارة الدفاع التركية إن أنقرة سلمت 18 رجلاً يعتقد أنهم من قوات النظام السوري بعد احتجازهم في شمال شرقي سوريا قرب الحدود التركية، في وقت سابق هذا الأسبوع حسب رويترز. ولم تحدد الوزارة الجهة التي تم تسليم الجنود إليها، لكنها قالت إنه تم «بالتنسيق مع سلطات روسيا الاتحادية».

ميدانياً شنت فصائل المعارضة السورية هجوماً عنيفاً على مواقع قوات النظام في ريف اللاذقية شمال غربي سوريا. وقال مصدر في الجبهة الساحلية التابعة للجيش السوري الحر المعارض» انتزعت فصائل جهادية مواقع مهمة في منطقة الكبينة في ريف اللاذقية وسيطرت على تلة الملك وأسرت مجموعتين للقوات الحكومية عددهما أكثر من 17 عنصراً، وقتلت 9 عناصر على الأقل بسيارة مفخخة على محور جبل الأكراد، ودمرت دبابة على تلة الشيخ يوسف في محيط كبينة».

سياسياً انتهت أعمال اللجنة الدستورية الموسعة ليوم أمس، بعد اجتماعات مغلقة، وأخرى موسعة، اتفقت خلالها الكتل السورية على إقرار نظام داخلي لأعمالها، خلال جلسة مباحثات ترأسها بداية المبعوث الأممي غير بيدرسون، تلاه الرئيس المشترك للجنة هادي البحرة، بالتناوب مع الرئيس المشترك عن النظام أحمد الكزبري.

واعتبر النظام الداخلي «مدونة السلوك» وثيقة أولية تسعى اللجنة الدستورية لإقرارها من أجل ضبط التعاطي بين وفدي النظام والمعارضة في سوريا، بعد مشادات عنيفة وقعت بين الطرفين في جنيف خلال أيام الاجتماعات.

وقال مصدر مسؤول من داخل قاعة الاجتماعات الموسعة لـ«القدس العربي» إن «أول متحدث من وفد النظام وجه خلال جلسات الجمعة تهمة الإرهاب إلى وفد المعارضة، ما أثار جواً من الاضطراب والتوتر، وبالرغم من محاولات وفد النظام تعطيل الجلسة وشحن الأجواء تمهيداً للانسحاب، تابعت اللجنة الدستورية أعمالها المقررة».

وتابع أعضاء اللجنة الدستورية من الوفود الثلاثة التعريف بأنفسهم، وطرح رؤيتهم لدستور سوريا المستقبل أمام أعضاء اللجنة.

وفي السياق فسر مصدر في الوفد المشارك في جنيف لـ«القدس العربي» من وفد المعارضة السورية، تبرؤ بشار الأسد في تصريحات له أمس من وفده بشكل خاص واللجنة الدستورية عموماً، بأنّ الأسد شخصياً قلق من اللجنة «ولعلّها المرة الأولى التي عليه أن يقلق حقيقة من ظهور فجوة بينه وبين باقي النظام الموالي له».

وأضاف المتحدث بأن الأسد كما فقد «السيادة» على أجزاء واسعة من الأرض السورية التي تسيطر عليها الآن جهات عديدة بين دولية ومحلية، كذلك هو فقد السيادة على أجزاء من نظامه في جميع المستويات الأمنية والعسكرية والحكومية والحزبية، توزّعت بين ولاءات دولية ومحلية عديدة، حتى ضمن الطائفة نفسها التي ينتمي إليها حدثت انقسامات حوله شخصياً.

واعتبر المتحدث ان بشار الأسد يعتبر نفسه موضوعاً الآن في «المزاد»، وأن صفقة التفاهمات الدولية بشأن الإطاحة به آتية لا محالة.

ومن المعلوم أنه قبل يومين فقط من انعقاد الجلسة الافتتاحية للجنة الدستورية في جنيف، بدأت وسائل الإعلام الرسمية للنظام السوري بإطلاق اسم «الوفد المدعوم» من الحكومة على وفد النظام المشارك باسمه في اللجنة، في محاولة منه للتملّص من اعترافه السابق باللجنة الدستورية.

القدس العربي»

——————————-

اتفقت على مدونة السلوك والممارسات الإجرائية

اللجنة الدستورية السورية تطالب بإطلاق المعتقلين

 بهية مارديني

إيلاف: اختتمت اللجنة الدستورية الموسعة أعمالها في جنيف مساء أمس الجمعة، وأكدت معظم المداخلات التي قدمها ممثلو المعارضة خلال الجلسة الختامية على أهمية إطلاق سراح كل المعتقلين، كخطوة من إجراءات بناء الثقة وعلى أهمية الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، على أن تبدأ يوم الاثنين المقبل أعمال اللجنة المصغرة، والتي سيكون لها، كما علمت “إيلاف”، الدور الأساسي في صياغة الدستور.

أشارت المصادر الى ان اللجنة الموسعة اتفقت على مدونة السلوك داخل قاعات الاجتماعات والممارسات الإجرائية لأعمال الرئيسين المشتركين للجنة.

وفي ختام الجلسة عقد الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة مؤتمراً صحافياً من داخل مقر الأمم المتحدة في جنيف، أكد فيه على أن الاجتماع كان إيجابياً بشكل عام.

وأوضح أن كل أعضاء اللجنة أبدوا رؤيتهم بخصوص الدستور المستقبلي لسوريا، وتبادلوا وجهات النظر السياسية في ما بينهم، كما أبدوا بعض التوصيات للجنة الصياغة التي ستعقد اجتماعها الأول يوم الإثنين المقبل.

شدد البحرة على أن الدستور الجديد سيُخط بقلم سوري، وأصابع سورية، ولن يخطه الأجانب، كما إنه ليست هناك أي صيغة جاهز، لافتًا إلى أنه توج مشاريع عدة صاغها السوريون لسوريا، وقال: إنه “سيتم نقاش كل الموضوعات بما يكفل تحقيق تطلعات الشعب السوري”.

وأضاف إن اللجنة اسمها اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وصدر بها قرار من الأمم المتحدة، وتعمل في جنيف في هذه المرحلة، وذلك فيما يعتبر ردًا على أن هناك اجتماعات للجنة في دمشق أيضًا.

من جانبه قال عضو اللجنة الدستورية عوض العلي، في كلمته خلال الجلسة إنه “بعد تسع عجاف تشكلت هذه اللجنة الدستورية لتضع دستوراً جديداً وتؤسس لعقدٍ اجتماعي جديد يكون بموجبه أبناء هذا الوطن بجميع مكوناتهم ودياناتهم وطوائفهم وأعراقهم متساوين في الحقوق والواجبات في الوطن الواحد”، مؤكداً أنه “إذا توافرت الإرادة الطيبة والنوايا الصادقة، فإننا قادرون على تغيير اتجاه الريح وتحقيق ما يصبو إليه أهلنا السوريون وفق القرارات الدولية، وخاصة بيان جنيف 1 والقرار 2254”.

كما قالت مرح البقاعي، عضو اللجنة، إن “سوريا الجديدة نريدها دولة واحدة تنتظم في لامركزية إدارية، تمنح الحقوق القومية لكل مكوناتها، وتعتد بلغات أبناء تلك المكونات وثقافاتهم؛ دولةً تقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية والديمقراطية الفعلية لا اللفظية، تلك التي تتساوى فيها الفرص وتخلق بيئة ملائمة للتنمية ومواصلة الدور الحضاري التاريخي الذي عرفت به على مر العصور”.

بدوره، قال عضو اللجنة أحمد الأحمر إن التحديات التي تواجهها سوريا اليوم “تستهدف شعبًا ومؤسسات في ظروف إقليمية ودولية صعبة”، وتستهدف “سيادتها في نسيجها الوطني وفي وحدتها الجغرافية”، مؤكدًا أن ذلك “يجعل لقاءنا هذا حافزًا لإنجاز يليق بتضحيات شعبنا العظيم”.

وأكد ياسر دلوان أنه “وافقنا على المشاركة في هذه اللجنة لما يحدونا من أمل في إمكانية إيجاد صيغة دستورية عادلة، تُخرج بلادنا من جحيم الحروب واستبداد السلطة، وتطرف الميليشيات الأجنبية”، مضيفًا أنه “نتطلع إلى دستور يعبّر عن هوية شعبنا الحقيقية من دون تحريف أو تزوير ويحفظ كرامة الإنسان ويلبي طموحات شعبنا في الوصول إلى سوريا حرة يُقام فيها العدل والقانون”.

في ما يلي أسماء أعضاء اللجنة الدستورية السورية المصغرة، والتي تتألف من 45 عضوًا من أصل 150 هم أعضاء اللجنة الدستورية الموسعة، حيث سيتم تشكيل وفد المعارضة من: هادي البحرة – جمال سليمان – صفوان عكاش – قاسم الخطيب – مهند دليقان – طارق الكردي – بسمة قضماني – ديمة موسى – محمد نوري أحمد – هيثم رحمة – كاميران حاجو – عوض العلي – أحمد العسراوي – حسن الحريري – يوسف قدورة.

وسيكون وفد منظمات المجتمع المدني مؤلفًا من: موسى متري – علي عباس – ميس كريدي – ماهر مانلادي – سونيا الحلبي – عصام الزيبق – سمر الديوب – أنس الزريع – عبدالعزيز الحلاج – خالد الحلو – مازن غريبه – إيلاف ياسين – إيمان شحود – رغداء زيدان – صباح الحلاق.

أما وفد النظام فهو: أحمد الكزبري – أمل فؤاد يازجي – أحمد محمد فاروق عرنوس – جميلة مسلم الشربجي – دارين عبد السلام سليمان – محمد خير أحمد العكام – جمال عبد الرزاق قادري – محمد عصام أحمد هزيمي – رياض علي طاووز – نزار علي سكيف – غسان سليمان عباس – عبد الله محمد السيد – محمد أكرم العجلاني – أمجد ياسين عيسى.

ايلاف

———————

 البلد أو ندستر الأسد/ غسان المفلح

اجتمعت اليوم 30-10-2919 اللجنة الدستورية المختصة بوضع دستور لسورية في جنيف بتغطية إعلامية معقولة. هذه اللجنة الدستورية كما نعرف، لها ثلاثة اضلاع واضحة، ضلع المعارضة خمسين عضوا، ضلع النظام خمسين عضوا وضلع المجتمع المدني المعين من قبل الأمم المتحدة خمسين عضوا. على مسؤولتي بات للنظام من هذه الاضلع الثلاثة، أكثر من 120 عضوا. دون التجني على احد. لا اريد ذكر الأسماء الآن لان غايتي ليس الدخول في معارك شخصية مع أحد، بل محاولة توصيف واقع حال هذه اللجنة من خلال استعراض اسمائها جميعا.

انها باختصار لدسترة هزيمة الثورة. او بعبارة اسدية” البلد او ندستر الأسد”.

****

مع ذلك من حقهم علينا كرافضين لهم كلجنة جملة وتفصيلا وحمولة، ان نبين لهم بعضا من أسباب رفضنا.

اول هذه الأسباب المباشرة طبعا: السماح لتركيا باحتلال قسم من الجزيرة السورية التي يقطنها سوريين عرب واكراد واشوريين. اقصد السماح الأمريكي الروسي، وخاصة الأمريكي وبالتنسيق بين اردوغان وترامب. النظام الاسدي في هذه المنطقة لا ناقة له ولا جمل ما عدا آبار النفط وسلة الغذاء السورية، لكن الامريكان وضعوا يدهم عليها. طالما ان هذا الامر بات بيد الامريكان، فلم يعد الأسد حريصا على هذه المنطقة. هذا للتوضيح للقارئ الكريم فقط.

مجرد دخول القوات التركية وعودة القوات الامريكية، او ما سمي سيناريو ترامب بالانسحاب من سورية وعودته بعد عدة أيام تاريخ انتهاء الاحتلال التركي من تموضعه في سورية.

أليس هذا مؤشر واضح على ان كل ما يصدر عن الأمم المتحدة ولجانها لا قيمة عملية له لدى الدول الفاعلة المحتلة لسورية، والتي كان هدف احتلالها هو تصفية الثورة السورية؟ وتقاسم النفوذ فيها، لموقعها الجيوسياسي. عن أي دستور تتحدثون إذا؟

****

السبب الثاني أيضا من الأسباب المباشرة، ثورتي لبنان والعراق. الم تجعلكم تعدون للعشرة قبل المشاركة في هذه اللجنة؟ هنا السؤال موجه لمن يعتبروا انفسهم معارضة ومع اسقاط الاسد كما يروا بان هذه اللجنة خطوة على الطريق.ألم يتضح لكم ان الموقف الدولي من هاتين الثورتين، هو موقف مجرم. ويترك الشعبين اللبناني والعراقي للابادةالإيرانية وادواتها؟ كما تركوا الشعب السوري للابادةالاسدية الأممية.

هذا يفترض بكم الا تكونوا جزء من غطاء هذه الابادات.

****

السبب الثالث مباشر أيضا وضع اليد الترامبي على النفط السوري ماذا يعني لكم؟ رغم انني مع هذه الخطوة الترامبية، رغم حقارتها اعذروني. لكن هذا يعني الا قيمة لكل ما تقومون به سوى دسترة الأسد. أي كلام يقوله لكم مندوبي الاستانة وغيرهم هو محض كذب وهراء. المشكلة انكم تعرفون ذلك وتوهموا أنفسكم بغيره. من عنتريات وبهلوانيات انشائية فارغة المضمون.

نعم انها دسترة لهزيمة الثورة واستمرار الأسد.

****

السبب المباشر الرابع هو عدم معرفتكم بنصي اتفاقيتي تركيا وروسيا، وتركيا وامريكا، لدخول تركيا عسكريا الى الجزيرة السورية، وعدم معرفتكم بوضع نظام الأسد فيهما.الا يجعلكم هذا حذرين على الأقل من المضي في الذهاب لهذه اللجنة؟

ما الذي حدث قبل شهرين في اجتماع تل ابيب لرؤساء مكاتب الامن القومي في إسرائيل وامريكا وروسيا لبحث الملف السوري. اليس كل هذا مدعاة للتفكر؟

****

هذه جملة من الأسباب المباشرة، لكن الأسباب غير المباشرة يتحدث فيها السوريين منذ اعلان تشكيل هذه اللجنة. علاقتها بالثورة؟ اين سيطبق هذا الدستور؟ من سيطبقه؟ هل تغير سلوك الأسد مع مواليه حتى يتغير مع معارضيه؟ اين هي الثورة ومطالبها في تشكيل هذه اللجنة؟

كثيرة هي الأسباب غير المباشرة التي حدت بالسوريين لرفضكم ورفض لجنتكم الموقرة. لكنني أحببت في هذه العجالة ان اتحدث عن الأسباب المباشرة.

****

تأكدوا ان مهمتكم هي دسترة الأسد فقط… والباقي ترهات.

على الأقل هذه الدسترة الخلبية، تكون غطاء لكثير من الدول كي تشرعن الأسد، بدون ان يطبق دستوركم” دستور من خاطركم”.

——————–

جمال سليمان لـ بروكار برس: سأترشح للرئاسة عندما تتوفر “الشروط” ونحتاج إلى دستور لا يسمح بولادة ديكتاتور جديد.. الفدرالية تقود إلى الانفصال واللامركزية ضرورة لسوريا.. نصف السوريين في المخيمات ودول اللجوء و”النظام” تجاهلهم في كلمته..

بروكار برس – جنيف – ماهر أقرع

في الوقت الذي اشتغلت فيه المعارضة على ضبط النفس والتوجه في كلمة رئيس اللجنة المشارك هادي البحرة إلى كل السوريين، والتعاطي مع أعمال اللجنة الدستورية كبوابة لخوض غمار الحل السياسي الذي لا مفر منه لإنهاء حالة الصراع الدامي في سوريا واستعادة سوريا حرة لسوريين أحرار ومتساويين في حقوقهم المواطنية، بدا النظام مصرا من خلال كلمة رئيس اللجنة المشارك أحمد الكزبري على فصل السوريين بين حاضنة للنظام ومطالبين بالحرية التي استخدم النظام جيشه (الذي حياه في أكثر من موضع في كلمته) بكامل أسلحته للحيلولة دون تحقيق مطالبهم في الكرامة والحرية والحياة.

حول ما حدث خلال الجلسة الافتتاحية وآليات العمل في الاجتماعات وأفق الحل في سوريا التقت بروكار برس الفنان المعروف جمال سليمان عضو اللجنة الدستورية عن وفد المعارضة وكان معه الحوار الآتي:

    كيف تقيّم كلمتي وفد النظام ووفد المعارضة السورية في الجلسة الافتتاحية؟

في الحقيقة، أتحفّظ، على نقطتين أساسيتين في كلمة رئيس وفد النظام أحمد الكزبري، أمام أعضاء اللجنة الدستورية اليوم الأربعاء في جنيف بسويسرا.

“كنت أتمنى في هذه المرحلة أن يتحدث رئيس وفد النظام إلى كل السوريين وعن كل السوريين، ولكنه تحدث عن جزء من السوريين ولجزء من السوريين، وهنا أقصد للسوريين في الداخل، على الرغم من أنهم أصحاب مصلحة في دستور عادل وجديد ومنصف في البلاد”.

لأن “الحديث يجب أن يكون لكل السوريين، لأن نصف السوريين في المخيمات ودول اللجوء، وهو لم يعترف سوى بالسوريين في الداخل”.

واستغرب حديث “الكزبري” عن أن اللجنة مدعومة من “الحكومة السورية”،  لأن “هذه لجنة تمثل الحكومة السورية، وليست مدعومة منها، وذلك وفق الاتفاقات الدولية، ووفق القواعد الإجرائية التي تم النقاش حولها”.

وفي المقابل، حديث “الكزبري” حول الانفتاح على الإصلاح الدستوري، كان مقبولاً.. “هذا شيء جيد يعطي مساحة أوسع لأعضاء اللجنة الدستورية الـ 150 ليعملوا وفق الأنسب لمستقبل سوريا”.

أما كلمة رئيس وفد المعارضة السورية هادي البحرة “كانت كلمة موفقة، ولكل السوريين، من دون استثناء”، مؤّكداً أن “البحرة” توجّه لكل السوريين في الداخل والخارج، وللمعارض والموالي ومن يقف على الحياد.

وأضاف: كلمة البحرة في افتتاح أعمال اللجنة الدستورية ركزت على المستقبل في سوريا وهذا شيء مهم، واستطاعت أن ترسم ملامح هذا المستقبل المأمول، بما يضمن الحريات بمختلف أشكالها، والتداول السلمي للسلطة، ودولة المؤسسات

وأردف بالقول: الكلمة “كان فيها شمولية ومستقبلية، وعبّرت عن رؤيتنا كمعارضة تسعى للحل السياسي، والدستور السوري المأمول”.

    ما هي الآليات والضمانات التي تكفل تنفيذ ما ستتوصل إليه اللجنة الدستورية؟

الآليات منصوص عليها في القواعد الإجرائية، ونحن بصدد تنفيذ القرار 2254، والدخول إلى الانتقال السياسي أولاً عبر الإصلاح الدستوري، سواء بتعديل دستور أم كتابة دستور جديد وفي الوقت نفسه الالتزام بالمبادئ الـ 12 التي تم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة، والتي تكفل الالتزام الكامل بسيادة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها أرضا وشعباً، والالتزام الكامل بالسيادة الوطنية لسوريا على قدم المساواة مع غيرها وبما لها من حقوق في عدم التدخل في شؤونها.

وأن يقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية وعن طريق صناديق الاقتراع، ويكون له الحق الحصري في اختيار نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي من دون أي ضغط أو تدخل خارجي ووفقاً لواجبات سوريا وحقوقها الدولية. وأن تكون سوريا دولة ديمقراطية، غير طائفية تقوم على التعددية السياسية والمواطنة المتساوية بغض النظر عن الدين والجنس والعرق، مع الاحترام الكامل وحماية سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء والمساواة الكاملة بين جميع المواطنين والتنوع الثقافي للمجتمع السوري، وصيانة الحريات العامة بما في ذلك حرية المعتقدات.

أيضاً إيجاد آليات فعالة لضمان تلك الحقوق تأخذ بعين الاعتبار الحقوق السياسية والحق في المساواة والفرص للمرأة بما في ذلك اتخاذ تدابير فعالة لضمان مشاركتها في المؤسسات ودوائر صنع القرار، مع اعتماد آليات تهدف لضمان مستوى تمثيل للمرأة محدد في البنود الـ 12.

والضمانات، هي المرجعيات الدولية، وفق القرار الصادر، والمجتمع الدولي ملتزم بإيجاد الطرق الكفيلة بتنفيذ هذا القرار، وأهم من ذلك هو الضمانات التي نمنحها لبعضنا كسوريين.

    هل يوجد لديك ما يدعو إلى التفاؤل بخصوص نجاح هذه التجربة، في ضوء إخفاق مفاوضات جنيف ومفاوضات آستانة؟ أو ما هي الأوراق التي يمكن الضغط بها لفرض مخرجات أو مقررات اللجنة الدستورية على النظام؟

لن أبيع الوهم للناس، كما يفعل النظام وبعض الأطراف في المعارضة، “نحاول أن نصنع الأمل، نتمنى للجنة الدستورية أن تكون بوابة لمشروع سياسي كامل ومتكامل”.

نحن تحت ضغوط هائلة جدّاً، أولاً نحن نواجه النظام وأطرافا في المعارضة، لكن بوصلتنا هي الناس والمصلحة الوطنية العليا، بقدر ما نستطيع أن نخدم القضية سنكون مرنين وتفكر خارج الصندوق ونبحث عن مخارج، وما نقوم به واجب سياسي ووطني.

مع الأسف الشديد، القضية السورية ليست ملك السوريين فقط، هي قضية تحت سلطة قوى إقليمية ودولية وجزء من نضال المعارضة كيف تدافع عن استقلالية القرار السوري، وتفك الارتباط بين المصالح السياسية وصراع الأجندات الإقليمية والدولية، وهي مسألة صعبة وتحدٍّ كبير.

    ما هي برأيك النقاط الأساسية التي يفترض منكم كوفد للمعارضة التمسك بها لصوغ الدستور الجديد لسوريا المستقبل؟

أن يكون دستورا ديمقراطيا لا يسمح بولادة دكتاتور جديد لسوريا. لأن سوريا في وضع خاص وحرج، احتياجات الناس في سوريا كبيرة ومن هنا أنا أؤيد الدستور الرئاسي لأن البرلماني مقيد ويحتاج إلى جلسات لإقرار الكثير من الأمور وهذا لا ينفع مع الحالة السورية.

    هل ترى في النظام البرلماني، مثلا، صيغة مناسبة للتخلص من النظام الرئاسي الذي يمكن أن يعيد إنتاج نظام الاستبداد؟ بالمثل هل ترى في سوريا كدولة فدرالية، على أساس جغرافي، لا إثني ولا طائفي، صيغة للتخلص من الحكم المركزي الاستبدادي الذي يقوي المركز السلطوي ويهمش الأطراف؟

يجب ألا نشتغل على دستور من رحم الواقع ولا الماضي، وإنما للمستقبل. لأن النظام البرلماني بازار داخل السلطة التشريعية. ويتسبب بشلل الحياة في الدولة.

أنا أرى أن الفيدرالية لا يمكن أن تطبق في سوريا، وموقفي من ذلك واضح، ولن تنفع وتقود للانفصال، وفي الوقت نفسه يجب أن ننتبه أيضاً إلى أن الدولة المركزية لن تنفع أيضاً في سوريا، نحن بحاجة إلى قدر كافٍ وفعال من اللامركزية.

    ما هي القيم التي ترى أن وفد المعارضة يجب أن يركز عليها في صياغة الدستور الجديد للخلاص من النظام الاستبدادي والتحول إلى دولة مواطنين أحرارا ومتساوين وإلى دولة ديمقراطية؟

في البداية، يلزم استقلال مؤسسات (تشريعية وبرلمانية) لا يجوز أن يمتلك الرئيس سلطة إصدار القرارات، يجب أن نجد الطرق التي تفصل بين المؤسسات، يجب البحث عن تداول رسمي للسلطة، يجب أن يعرف الرئيس أنه تحت المراقبة، ويعرف أنه لا يستطيع أن يسوق البلاد في هاتف أو إشارة أو كلمة، يجب أن يعرف أنه في حالة تشاور وشراكة مع الجميع.

يجب أن يكون لدينا أنظمة رقابية مستقلة، تمارس دورها بموضوعية، ويجب أن يكون لدينا أحزاب حرة، وفق قواعد دستورية واضحة، وتقوم هذه الأحزاب بواجباتها ولها حقوقها ضمن الدستور.

سوريا بحاجة إلى حرية إعلام، ولكنه مسؤول وغير منفلت ولا يدخل في البازار السياسي. يجب أن يكون لدينا إعلام مستقل ويخضع للدستور والمحاسبة.

    هل سترشح نفسك للرئاسة؟

لو استطعنا صوغ دستور جيد وقانون انتخابات جيد وفرصة لانتخابات حرة ونزيهة في وسوريا وخارج سوريا وفي المخيمات، وتحت رعاية الأمم المتحدة والرقابة الدولية، في ذلك الوقت أنا مواطن سوري ومن حقي أن أترشّح. الرئاسة مهنة خدمة عامة. وليست حكراً على شخص.

——————–

المبعوث الأممي يفتتح «محادثات تاريخية» في جنيف لإصلاح الدستور السوري

بمشاركة ممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني… ووزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران أكدوا دعم العملية

جنيف – لندن: «الشرق الأوسط»

بدأ ممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني في جنيف، الأربعاء، مسار التفاوض حول الدستور، في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بـ«لحظة تاريخية»، بعد أكثر من ثماني سنوات من النزاع الذي يمزق سوريا.

وانطلقت أعمال اللجنة التي تحظى بإجماع دولي، خلال جلسة افتتاحية ترأسها المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، بحضور الأعضاء المائة والخمسين للجنة الممثلين بالتساوي للحكومة والمعارضة والمجتمع المدني.

وقال بيدرسن في كلمة ألقاها وهو يتوسط رئيسي وفدي الحكومة أحمد الكزبري والمعارضة هادي البحرة: «إنها لحظة تاريخية، لأنه لأول مرة، يجلس 50 مرشحاً من الحكومة و50 مرشحاً من المعارضة وجهاً لوجه».

وخاطب بيدرسن أعضاء الوفود، قائلاً: «أعلم أنه ليس من السهل عليكم أن تكونوا جميعاً هنا معاً في هذه الغرفة، وأنا أحترم ذلك»، مؤكداً «إن المهمة التي توشكون على الاضطلاع بها مهمة بالغة الأهمية».

وتأمل الأمم المتحدة والقوى الدولية أن يمهّد عمل اللجنة المكلفة بإجراء مراجعة للدستور، الطريق أمام تسوية أوسع للنزاع السوري، ولـ«فتح صفحة جديدة في سوريا»، بحسب بيدرسن.

وفشلت كل جولات التفاوض السابقة التي قادتها الأمم المتحدة في تحقيق أي تقدم على طريق تسوية النزاع بسبب تباين وجهات النظر بين وفدي النظام والمعارضة والقوى الدولية الداعمة لهما.

إلا أن انطلاق عمل اللجنة الدستورية يحظى بدعم دولي كبير، وفق ما أكد بيدرسن مطلع الأسبوع.

ولم يتخلل الجلسة الافتتاحية أي مصافحة بين رئيسي وفدي الحكومة والمعارضة على المنصة. وغاب التصفيق بعد انتهاء الكلمات التي ألقاها كل منهما. بينما جلس وفد المجتمع المدني في الوسط بين الوفدين.

وقال رئيس وفد الحكومة أحمد الكزبري في كلمته، إن الدستور الحالي الذي تم إقراره عام 2012: «يعد دستوراً عصرياً بلا أدنى شك إلا أن ذلك لا يمنعنا نحن السوريين من أن نجتمع بغرض النظر في إمكان إجراء أي تعديل على الدستور الحالي أو تغييره ووضع دستور جديد».

وأكد الكزبري، أن مشاركة حكومته في المفاوضات لن يثنيها عن مواصلة جهودها العسكرية. وأوضح «حربنا ضد الإرهاب خضناها قبل اجتماعنا ونخوضها أثناء اجتماعنا وسنخوضها بعد اجتماعنا حتى تحرير آخر شبر من أرض وطننا الغالي».

وتشارك دمشق، وفق محللين، في المحادثات من موقع قوة على ضوء التقدم الميداني الذي حققته خلال السنوات الأخيرة وانتشار قواتها الشهر الحالي في شمال شرقي البلاد.

أما المعارضة، فقد خسرت الكثير من الدعم الدولي الذي كانت تحظى به، وبات وجودها على الأرض يقتصر على فصائل موجودة في شمال غربي البلاد وأخرى موالية لتركيا وتقاتل معها.

وقال رئيس وفد المعارضة هادي البحرة: «لقد آن الأوان كي نؤمن بأن النصر في سوريا هو كل شيء عن تحقيق العدالة والسلام وليس الفوز في الحرب». وشدد على ضرورة أن «نعض على جروحنا وأحزاننا ومعاناتنا وأن نبدأ بالاستماع لبعضنا بعضاً لفهم مخاوفنا وتحديد المشتركات فيما بيننا لتعزيزها وتحديد نقاط الخلاف لإيجاد طرق لحلها».

ولم تحدد الأمم المتحدة إطاراً زمنياً لإنجاز عمل اللجنة التي تتخذ قراراتها بالتوافق وإلا بأغلبية 75 في المائة من الأصوات، ما من شأنه أن يضمن عدم فرض أي طرف لإملاءاته على الآخر. ويخشى محللون أن تؤدي نسبة الأصوات المطلوبة هذه إلى شلّ قدرة اللجنة على اتخاذ أي إجراءات أو قرارات.

وكان بيدرسن طالب بتمديد وقف إطلاق النار الهش في شمال شرقي سوريا. وقال بيدرسن «ننادي بضرورة احترام وقف إطلاق النار، ونطالب كذلك بسريانه في عموم البلاد».

وقال بيدرسن في مؤتمر صحافي: «نعتقد أن القتال الدائر دليل آخر على أهمية الشروع في عملية سياسية جادة يمكن أن تساعد في حل المشكلات في ربوع سوريا، بما في ذلك شمال شرقي البلاد وأيضاً إدلب».

وعشية الاجتماع، التقى وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والتركي مولود جاويش أوغلو، والإيراني محمد جواد ظريف في جنيف. وقال وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران، وهي القوى الإقليمية الثلاث المشاركة في الحرب الأهلية في سوريا، إن بلادهم تدعم المحادثات بين الأطراف المتحاربة في البلاد قبل المفاوضات في جنيف.

وقال لافروف: «نحث الجانبين على التوصل إلى اتفاق»، في حين أفاد ظريف: «إننا نلزم أنفسنا بعدم التدخل في العملية». وأعلن جاويش أوغلو: «أنا متفائل، لكننا لسنا ساذجين ونحن ندرك الصعوبات».

وانتقدت إيران وروسيا قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإبقاء على وجود عسكري قرب حقول النفط في شمال شرقي سوريا، وقال وزير الخارجية الروسي، إن أي استغلال لمورد الطاقة هذا سيكون غير قانوني.

وأثار اقتراح ترمب يوم الأحد بأن تدير شركة «إكسون موبيل» أو شركة نفط أميركية أخرى حقول نفط سوريا انتقادات من خبراء قانونيين وفي مجال الطاقة.

وكان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، قال الجمعة، إن الولايات المتحدة ستعزز وجود جيشها في سوريا بنشر أصول إضافية تشمل «قوات ميكانيكية»؛ للحيلولة دون انتزاع السيطرة على حقول النفط من قبل فلول تنظيم «داعش» أو غيرهم.

وتطرق ظريف للقضية، وقال: «حسناً… يبدو أن الولايات المتحدة باقية لحماية النفط. وعلى الأقل الرئيس ترمب صادق في أن يقول ما تعتزم الولايات المتحدة فعله».

وأضاف: «إيران وروسيا هناك بدعوة من الحكومة السورية، ونحن نعتزم البقاء هناك ما دامت الحكومة والشعب السوريان يريدان منا ذلك».

أما لافروف، فقال إن عودة القوات الأميركية إلى سوريا بعد نقلها للعراق تأتي «بذريعة حماية مكامن النفط من (داعش)». وأضاف: «أي استغلال غير قانوني للموارد الطبيعية لدولة ذات سيادة دون موافقتها إنما هو أمر غير شرعي ونشترك (مع إيران وتركيا) في هذا الرأي». ومضى يقول: «زملاؤنا الأميركيون على دراية بموقفنا وسندافع عن هذا الموقف».

وفي تغريدة له على «تويتر»، قال فخر الدين التون، مدير الاتصالات بالرئاسة التركية في وقت لاحق يوم الثلاثاء «موارد سوريا الطبيعية هي للسوريين». وأضاف: «النفط أو مصادر الإيرادات الأخرى يجب استغلالها في جهود إعادة الإعمار بما في ذلك البنية الأساسية المحلية ودعم المدنيين والنازحين داخلياً واللاجئين. وبقدر ضرورة تمكين السوريين من تحديد مستقبلهم السياسي، ينبغي السماح لهم أيضاً بتحديد كيفية إنفاق موارد أرضهم».

وعبر المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا الثلاثاء جويل رايبرن عن قلقه إزاء «الوضع الخطير المستمر في شمال شرقي سوريا» وحث جميع الأطراف على العمل من أجل استقرار الوضع هناك.

—————-

اللجنة الدستورية: بدأ النظام مهمة التعطيل/ صبحي فرنجية

علمت “المدن” من مصدر دبلوماسي في جنيف، أن حالة التفاؤل التي كانت تسود أروقة الأمم المتحدة حيال تشكيل “اللجنة الدستورية”، ربما تتحول إلى برود، بعدما بدأت الأطراف الدولية ترى أن وفد النظام السوري أتى إلى جنيف من دون رغبة حقيقية بالعمل، وسط محاولته تمييع الاجتماعات لإفراغها من قيمتها المرجوة، خصوصاً أن الاجتماعات الجارية في جنيف تحظى بدعم دولي واسع.

ووفق المصدر، فإن وفد النظام حتى لحظة افتتاح “اللجنة الدستورية”، الأربعاء، كان رافضاً التحدث عن الإجراءات التحضرية، ويماطل في الاجتماع مع المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن، لتجنب بحث هذه المواضيع. وأشار المصدر إلى أن النظام سبق وأخبر بيدرسن، أن وفده سيصل في 30 تشرين الأول/أكتوبر، أي يوم الافتتاح، وأنه سيبحث مع المبعوث الدولي المواضيع التحضيرية، بعد الوصول، وهذا ما لم يحدث.

ورافق ذلك ضغط روسي على النظام من أجل التحرك في ملف “الدستورية”، ليس أقله إرسال طائرتين روسيتين لنقل أعضاء لائحة النظام في “اللجنة الدستورية” إلى جنيف، قبل يومين.

وكان متوقعاً إجراء لقاءات ثنائية بين بيدرسن، ورئيس وفد النظام أحمد الكزبري، على غرار لقاء مماثل جرى بين بيدرسن ورئيس وفد المعارضة هادي البحرة. إلا أن وفد النظام ماطل في الموضوع، ورفض لقاء بيدرسن، الذي كان مفترضاً أن يُحضّر لاجتماعات “الدستورية”، ويشرح المهام الموكلة على عاتق الرئيسين المشتركين لها.

ولفت المصدر إلى أن وفد النظام حتى اللحظة لم يُبد استعداداً لبحث الملفات التحضيرية، بل يحاول خلط أوراق الاجتماعات، من حيث مكانها ومدتها، وهو ما أعطى بيدرسن انطباعاً سيئاً.

ووفق مصادر “المدن”، فإن وفد النظام طلب عند وصوله إلى جنيف، أن يتم تأجيل افتتاح أعمال اللجنة إلى 2 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو ما رفضه المبعوث الدولي، مصراً على أن يكون الافتتاح الأربعاء.

وكانت السمة العامة لكلمة موفد النظام هي “الاستعصاء”، إذ أنه أشار أكثر من مرة إلى أن المعركة العسكرية التي يشنها النظام على الشعب السوري، بذريعة “الإرهاب”، مستمرة حتى مع انعقاد الاجتماعات، وهو مؤشر على أن النظام ضرب بعرض الحائط كل الدعوات لوجود إجراءات بناء ثقة أثناء تفعيل المسار السياسي.

وقال المصدر إن التواصل بين بيدرسن والجانب الروسي مستمر، لا سيما أن النظام أعطى انطباعاً بأنه غير مستعد للتحرك قدماً في بحث الملفات بجدية. كما أنه، وبحسب المصدر ذاته، فإن مجموعة أستانة تحاول الضغط أيضاً لدفع النظام نحو الأمام، خصوصاً أن وزراء الدول الضامنة اجتمعوا عشية انطلاق أعمال اللجنة في جنيف، وأكدوا في تصريحاتهم على أهمية “اللجنة الدستورية” بالنسبة للمسار السياسي، وأبدوا تفاؤلاً في أن تستطيع اللجنة دفع الحل إلى الأمام.

ومن الأمور التي يحاول النظام من خلالها المماطلة؛ التقليل من فترة عمل المجموعات المصغرة، والتي هي 15 عضواً من كل لائحة. إذ طلب وفد النظام أن يكون العمل لمدة ساعتين يومياً، على مدى خمسة أيام فقط، اعتباراً من الإثنين المقبل حتى الجمعة، موعد عودة الوفود إلى البلدان المقيمة فيها. وزعم وفد النظام أن العمل لمدة ساعتين يومياً، سيعقبه عمل بين أعضاء مجموعة النظام، وتواصل مع دمشق، لبحث المواضيع والاتفاق عليها.

ورأى المصدر أيضاً، أن بقاء النظام على عتبة التعطيل، من خلال بحث تفاصيل ليست في صلب الغاية الرئيسية من الاجتماعات، سيهدد الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة، والدول الضامنة لمسار أستانة، والمجموعة المصغرة، فيما من المتوقع أن تُعيد روسيا استخدام الضغط من جديد من أجل دفع النظام نحو تفعيل دوره في “اللجنة الدستورية” على نحو عملياتي لا تعطيلي. إذ أن روسيا بحاجة إلى دفع الملف، لتحقيق إنجاز سياسي في الملف كمحاولة للتغطية على دورها العسكري خلال السنوات الأربع الماضية.

وكان رئيس وفد النظام أحمد الكزبري، قد قال في كلمته إن “الدستور السوري الحالي عصري بلا أدنى شك”، مضيفاً أن الحرب “على الإرهاب” خاضتها قوات النظام “قبل اجتماعنا، ونخوضها أثناء اجتماعنا، وسنخوضها بعد اجتماعنا حتى تحرير آخر شبر من أرض وطننا الغالي”.

فيما كانت كلمة الرئيس المشترك للجنة من جانب المعارضة هادي البحرة تُركز على أهمية وقف إراقة الدماء، والعمل المشترك، والدفع بالحل السياسي إلى الأمام بما يضمن مستقبلاً أفضل لسوريا والسوريين. وقال البحرة: “لقد آن الأوان كي نؤمن أن النصر في سوريا هو كل شيء عن تحقيق العدالة وكسب السلام، وليس الفوز في الحرب، هذا هو النصر الوحيد الذي يمكن لجميع السوريين أن يشاركوا فيه ويكونوا جزءاً منه”.

المدن

——————

دستور سوريا في جنيف:مهمة تاريخية أم مفارقة سياسية؟

بدأ ممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني في جنيف، الأربعاء، مسار التفاوض حول الدستور، في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بـ”لحظة تاريخية”، بعد أكثر من ثماني سنوات من النزاع الذي يمزق سوريا.

وتأمل الأمم المتحدة والقوى الدولية أن يمهّد عمل اللجنة المكلفة بإجراء مراجعة للدستور، الطريق أمام تسوية أوسع للنزاع، بعدما فشلت جولات التفاوض سابقاً في تحقيق أي تقدم.

ولن تكون مهمة اللجنة التي لم تحدد الأمم المتحدة سقفاً زمنياً لعملها سهلة، بإقرار الأمم المتحدة والوفود أنفسهم، في ظل تباين وجهات النظر بين الحكومة والمعارضة من جهة، ونسبة الأصوات المرتفعة التي يجب توفرها لتحقيق أي تعديل أو تغيير.

وانطلقت أعمال اللجنة ظهر الأربعاء خلال جلسة افتتاحية ترأسها المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، بحضور الأعضاء المئة والخمسين للجنة، الممثلين بالتساوي للحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. ويُفترض ان تبدأ لجنة مصغرة من 45 عضواً موزعين بالتساوي بين الوفود الثلاثة عملها في مراجعة الدستور.

وأفادت وكالة “فرانس برس”، أن بيدرسن قال في كلمة ألقاها وهو يتوسط رئيسي وفدي الحكومة أحمد الكزبري والمعارضة هادي البحرة “إنها لحظة تاريخية، لأنه لأول مرة، يجلس 50 مرشحاً من الحكومة و50 مرشحا من المعارضة وجهاً لوجه” بهدف “انجاز مهمة كبيرة ألا وهي إيجاد ترتيبات دستورية جديدة لسوريا، وهو ما يفتح المجال لفرصة جديدة لسو

وخاطب بيدرسن أعضاء الوفود قائلاً، إن “المهمة التي ستباشرونها هي مهمة تاريخية، وهي وضع عمل مؤسس، عقد اجتماعي للسوريين بعد قرابة تسع سنوات من الصراع العنيف، والمعاناة والانقسامات وغياب الثقة” معتبراً أن “عملية الإصلاح الدستوري تشكل مدخلاً جيداً لتضميد الجراح”.

وفشلت كل جولات التفاوض السابقة التي قادتها الأمم المتحدة في تحقيق أي تقدم على طريق تسوية النزاع بسبب تباين وجهات النظر بين وفدي النظام والمعارضة والقوى الدولية الداعمة لهما. إلا أن انطلاق عمل اللجنة الدستورية يحظى بدعم دولي كبير، وفق ما أكد بيدرسن مطلع الأسبوع.

وانبثقت فكرة تشكيل هذه اللجنة عن مؤتمر عقدته كل من ايران وروسيا الداعمتين لدمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة في إطار محادثات أستانا التي طغت خلال العامين الماضيين على مسار جنيف، وتم بموجبها ابرام اتفاقات عدة لوقف العميلات القتالية في مناطق لا تزال خارج سيطرة قوات النظام السوري.

وحرص وزراء الخارجية الدول الثلاث على الحضور إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف عشية انطلاق عمل اللجنة الدستورية، للتأكيد على دعمهم للأطراف السورية، ودعوتهم المجتمع الدولي الى تقديم الدعم المطلوب كونها “الخيار الأخير المتاح” من أجل تسوية النزاع.

وبحسب ميثاق تشكيلها، يعود للجنة أن “تراجع دستور 2012 (…) وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد”، على أن يتم بموجب الدستور الجديد الذي يعود للشعب السوري اقراره عبر الاستفتاء، اجراء انتخابات جديدة بإشراف الأمم المتحدة.

ولم تحدد الأمم المتحدة إطاراً زمنياً لانجاز عمل اللجنة التي تتخذ قراراتها بالتوافق وإلا بأغلبية 75 بالمئة من الأصوات، ما من شأنه أن يضمن عدم فرض أي طرف لاملاءاته على الآخر. ويخشى محللون أن تؤدي نسبة الأصوات المطلوبة هذه الى شلّ قدرة اللجنة على اتخاذ أي اجراءات أو قرارات.

وقال رئيس وفد الحكومة أحمد الكزبري في كلمته إن الدستور الحالي الذي تم اقراره عام 2012، “يعد دستوراً عصرياً بلا أدنى شك إلا أن ذلك لا يمنعنا نحن السوريين من أن نجتمع بغرض النظر في إمكان اجراء أي تعديل على الدستور الحالي أو تغييره ووضع دستور جديد”.

وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال قبل أسابيع إنه بمجرد تعديل مادة واحدة من الدستور الحالي “سنكون أمام دستور جديد”.

وتنطلق اجتماعات اللجنة الدستورية عقب أحداث ميدانية غيّرت خريطة التحالفات في شمال شرق سوريا، حيث انتشرت القوات الحكومية التي تسيطر أساساً على نحو ستين في المئة من مساحة البلد، في مناطق سيطرة القوات الكردية خلال الشهر الحالي. وتمّ ذلك إثر هجوم تركي توقف لاحقاً بموجب اتفاقين منفصلين أبرمتهما أنقرة مع واشنطن وروسيا.

وقال الكزبري في كلمته إن “حربنا ضد الإرهاب خضناها قبل اجتماعنا ونخوضها أثناء اجتماعنا وسنخوضها بعد اجتماعنا حتى تحرير آخر شبر من أرض وطننا الغالي”.

وتشارك دمشق وفق محللين، في المحادثات من موقع قوة، بخلاف المعارضة التي خسرت الكثير من الدعم الدولي الذي كانت تحظى به، وبات وجودها على الأرض يقتصر على فصائل موجودة في شمال غرب البلاد وأخرى موالية لتركيا وتقاتل معها.

وقال رئيس وفد المعارضة هادي البحرة في كلمته “لقد آن الأوان كي نؤمن بأن النصر في سوريا هو تحقيق العدالة والسلام وليس الفوز في الحرب”.

وشدد على ضرورة أن “نعض على جروحنا (..) ونبدأ بالاستماع لبعضنا البعض لفهم مخاوفنا وتحديد المشتركات في ما بيننا لتعزيزها وتحديد نقاط الخلاف لايجاد طرق لحلها”، مقراً في الوقت ذاته بأن المهمة “صعبة وأن هذه مجرد نقطة انطلاق على طريقنا الطويل نحو التعافي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى