شعر

بأي اللغات سنحبّ بعضنا غداً؟/ فيرناندا مارتينيس باريلا

حينما تشاهدين القيء خارج العربة

في صباح بداية الأسبوع، اجلسي قبالته

انتهزي أن تكوني وحدك، مع كلتا يديك،

خذي حصتك

اشربي،

فهناك أيضا أنت أختي

في الوقت الذي تغنّي فيه

الأفروأميركية

كأنما تريد أن يلتفت لها الرب ليسمعها

بينما تتقدّم السيارات المتناثرة

الثلج على قدميها

وأنا أيضا

أتحمَّل

في الوقت الذي تطلب فيه المرأة

-ذات الشفة المشقوقة

والملامح المتشبثة بتكشيرة في الوجه-

المزيد من النقود كلّما أطالت أوتار الكمان

مقابل أن تظهر المزيد من الجرح

أنا أيضا أقف هناك

يائسة.

■ ■ ■

بأي اللغات سنحبّ بعضنا غداً؟

بينما أُساعدكِ في نقل أثاث البيت

يبدأ البردُ

الصواريخ تخترق أيام الثلاثاء

وقت القيلولة،

أقول لكِ

وأنا أحاول أن أبدأ حديثاً

أتعرفين أن الطائرات

لا تترك أثراً،

تتفحّصُ المسار العابِر َكتفَك؟

ينمو الشتاء في جذور الأشجار

يتسلَّق جسدي ويصل إليكِ

حين تتشابك أيدينا

في حقائبكِ، تحتفظين بأسوأ المناخات

وأحتار إن كنتِ ستفتحينها حينما أغادر

الجوّ بارد، ومن الأفضل أن نعيشه وحيدين

ألّا نتناقل عدوى اليأس

“لن تتوقف الصواريخ”، تقولين

مشيرة إليها

ثلاثة شوارع تفصلنا عن منزلك

هل نودّع بعضنا قبل الوصول إليه بشارع؟

لعلك تخافين أن تختلط عليك البيوت

حين تصير الساعة الثالثة صباحاً

الثلاثاء القادم

أتساءل فتومئين ناظرة للسماء

وأخمن أن الوقت حان

لتنجز الصواريخ عملها

ضد كوريا

هناك هجوم بالكيماوي

وفتاة في سريرك

تفجِّرينها كما تفعل هذه الصواريخ

التي تسقط على منزل عائلة كورية

وأنا أساعدكِ في ترتيب الحقائب، أصبِّر النفس

على رحيلنا

تقولين لي: ارمِ هذا، سأشتري كل شيء من جديد

في الموسم القادم،

الحرارة تجاور ألسنة النار

بأي اللغات سنحبّ بعضنا غداً؟

■ ■ ■

أجيء إلى سريرك لأصلّي لك

أمسح عرق جبهتك وخلف ركبتيك

إذ كنت تسيرين مكشوفة تحت الشمس

أسرارك مكشوفة

غموضك مفضوح

وإن وقعتِ في الطين

مهزومة

تصيرين إناءً

وأنا منك

أفيض

سيعود الجرح للجلد

وهناك أكون

صخرة

■ ■ ■

أن تعتني بفكرة مريضة

تتطلبُ منكِ حذراً عند سيرك

جرحٌ في العينين، يشير إلى أرداف تصعد

وتهبط

في البؤبؤين،

بحجمها الكبير

تقطّر أفكارا

ضمائر ملكية: كنت أريدها لي،

لما يفيض عن يدي

لمتعة لساني

الّلاهج بلغات أخرى

أن تعتني بالفكرة

يعني

أن تسيطر عليكِ

أن تخلعي نوافذ الطفولة

واللحظة التي ترينها فيها

تقفز لإحدى النوافذ

تقولين لها: “أنتِ، لم لا تأتي هنا

لديَّ ما تعتقدين أنني أمتلكه

لديَّ امرأة

أو رجل، حظيرة

مع حيوانات

أو أشياء

حيوانات تئن من الحبّ

مثل صرير الأبواب

حين يصطكّ الفكّ من القُبل

أن تعتني بفكرة مريضة،

يعني ألَّا تنامي أكثر من اللازم،

أن تمسّك اللذة فجراً

ألَّا تستمعي لأغاني الحب

هي طرق تودي لجدار من الإسمنت

أبقي رأسكِ بعيدا عن الزوايا

القمّة حيث يتّحد فخذاك في سروال ضيّقٍ

أن تعتني بفكرة مريضة،

يتطلب اهتماما بالتفاصيل

تجنّباً للحشود

لجروح الكعبين

ألّا تدعي خدّ امرأة يقترب منك

كم جميل أن فكرةً علقت في عينيكِ

عن العنق

فمنحتها قبلةً

كما لو أنّها أنت

من قبّلتْها،

وهي الآلهة التي تضرعين لها:

“تعالي، ضعي رأسك بين ركبتي”.

■ ■ ■

الكابوس أن تسمعي فأرة في أذنك

أن تشمّي أعضاءها الحسّاسة

وتخمّني علاقاتها الأخيرة

أن تقدّمي لقرنيَّتيك المشهد الذي يشدّك

ابتسامة ودودة في وجه أمك

الكابوس أن يطلب منك الرب أن تعانقيه

حينما تطلبين أنتِ منه

أن يعانقك

أن تنشد الطيور بلغات لا تعرفينها

وأن تعلّميها وأنتِ تحنين رأسك لحمامة.

بطاقة

* Fernanda Martínez Varela شاعرة وباحثة في علم الاجتماع من مواليد تشيلي عام 1991، معروفة بالتزامها الاجتماعي والسياسي. أصدرت مجموعتين شعريتين قدّم إحداها الشاعر رؤول زوريتا، الذي يعتبر أكبر شعراء تشيلي اليوم. تقيم حالياً في نيويورك حيث تكمل دراستها العليا في علم الاجتماع بجامعة نيويورك.

** ترجمة عن الإسبانية غدير أبو سنينة

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى