الناس

ماذا يمكن أن يكشف التحقيق؟ فرنسا تعتقل إسلام علوش-مجدي نعمة-مقالات مختارة

اعتقال مجدي نعمة وسؤال العدالة/ ياسين الحاج صالح

يُحتمل لاعتقال مجدي نعمة، إسلام علوش سابقاً، ولتجريمه المحتمل، أن يكون مفيداً كرسالة إلى الجناة في مافيا جيش الإسلام بأنهم لن يكونوا في أمان؛ ويمكن له كذلك أن يكون حلقة في سلسلة تفضي إلى الحقيقة في شأن جرائم هذا التشكيل، وبخاصة ما يتصل بقضية مخطوفي دوما الأربعة، سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي. ولعله بعد ذلك يشجع شهوداً آخرين على التقدم بما يعرفون. لكن اعتقال نعمة/ علوش ليس حدثاً مهماً بحد ذاته، ويُستحسن ألا تعقد عليه آمال كبيرة. الرجل تافه، والأرجح أنه لم يكن من الدائرة الخاصة في مافيا جيش الإسلام. رجال هذه الدائرة الأبرز معروفون بالاسم، وأبرزهم سمير الكعكة الذي هو مفتي المافيا ومنبع الشر فيها، وعمر الديراني المسؤول الأمني، وأبو عاصم البويضاني قائد التشكيل اليوم، ويونس النسرين الذي نعرف أنه دخل على كمبيوتر رزان، وقريب منهم حسين الشاذلي الذي كتب لها تهديداً بالموت في أيلول 2013. الخمسة اليوم بين الباب في شمال سورية وبين تركيا.

ستكون مفاجأة غير متوقعة، لكن طيبة جداً، إن ظهر أن نعمة/علوش مُطلّع على أسرار المافيا، ومصدر لمعلومات ثمينة عنها. تجريمه القضائي يمكن أن يكون مهماً لهذا بالذات. وأهم منه تجريم المذكورين من قادة جيش الإسلام وكادره، على خطف سميرة ورزان ووائل وناظم، وعلى جرائمهم الكثيرة الأخرى. ومن شأن إطلاق عملية قضائية تَرِدُ فيها أسماء المجرمين وتُهَمهم، وتسعى إلى معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة، أن تدشن قطيعة مع مسار من الإنكار والكذب، ضاعفَ الجريمة التي ارتكبها التشكيل السلفي الذي أسهم في تدمير مجتمع دوما والغوطة الشرقية، قبل أن يؤجر نفسه اليوم للسلطات التركية. ومن شأنها أن تكون تكريماً متأخراً جداً لأحبابنا المغيبين منذ ست سنوات ونيّف، وإشهاراً لقضية عادلة على المستوى الدولي. من شأنها بعد ذلك أن تكون بداية متواضعة لمسار مأمول من العدالة لما لا يحصى من السوريات والسوريين، وقعوا ضحايا مدمرين متنوعين، أبرزهم الدولة الأسدية وحماتها، ولكن منهم قتلة داعش وجيش الإسلام، وجبهة الجولاني التي تحاصر إدلب اليوم من الداخل، معززة حصار المحمية الأسدية لها من الخارج. وإن كان تجريم قتلة جيش الإسلام لا يضمن بحد ذاته تجريم قتلة آخرين، فالأكيد أن أياً من المجرمين الآخرين لن يكون سعيداً بمسار عدالة محتمل، إن أصاب نظراءَ لهم فلا يمتنع أن يصيبهم هم يوماً. الجريمة تُطبِّع الجريمة، ونزع تطبيع بعض الجرائم ربما يمهد لنزع الطبيعية عن الجرائم كلها.

من يختطفون ويُغيبون ويكذبون يجب معاملتهم كمجرمين وملاحقتهم كمجرمين ومقاطعتهم كمجرمينعلى أن ما قد يكون أكثر أهمية من التجريم القضائي هو التجريم السياسي الذي يضع التشكيل المذكور في موقع أقرب إلى قتلة الحكم الأسدي، ويجعل إفلات المجرمين الكبار من العدالة مستهجناً أكثر إن أمكن للعدالة أن تطال مجرماً صغيراً مثل نعمة/ علوش. بقدر ما إن التجريم السياسي لهذه الأطراف يتوافق مع ما تطلعت إليها الثورة السورية من جهة، فإنه يؤسس لسابقة مهمة يمكن أن يستند إليها يوماً نظام سياسي قابل للحياة في بلدنا. تقول هذه السابقة إن من يختطفون ويُغيبون ويكذبون يجب معاملتهم كمجرمين وملاحقتهم كمجرمين ومقاطعتهم كمجرمين، وإنه ليس هناك اعتبارات سياسة تسوغ استثناءات من العدالة. ومن المؤسف أن ممثلين مفترضين لقضيتنا عاملوا هؤلاء المجرمين كشركاء وتواطؤوا معهم بغير صورة. ثم أنهم ثابروا على ذلك على نحو أسهم في نزع استحقاقهم لأي صفة تمثيلية. خلال سنوات لم يُسمع صوت واحد في المعارضة الرسمية يُسائل التشكيل أو يلومه على ما كان يفعله بأهالي دوما، هذا إن لم يكن استذكاراً لسميرة ورزان ووائل وناظم. السكوت المتخاذل لجماعة الائتلاف أضعفهم هم بالذات وقلل من شأنهم، فوق إضعاف قضيتنا أمام قتلة وضعاء. التجريم السياسي لجيش الإسلام هو في الوقت نفسه إدانة سياسية لمن تواطؤوا معه.

فإذا كانت فُرص التجريم القضائي الشامل محدودة بسبب عطالة المؤسسات القضائية الدولية، وحظوة المجرمين المتنوعين بحماة متنوعين، فوق وقوع التجريم القضائي بيد مؤسسات وأجهزة لا يملكها السوريون ولا تأثير لها على قرارتها وعملياتها، وإذا كان التجريم السياسي قد أُهدر على يد «معارضين» عرضوا ألواناً من التبعية وفقدان الكرامة لا يستطيعون معها إدانة المافيا العلوشية ورجالها، فإن التجريم الأخلاقي والثقافي يبقى متاحاً لجميع أصحاب التفكير والضمير من السوريين، ورثة الثورة السورية العظيمة. نعني بالتجريم الأخلاقي أن تسهم هذه القضية في ظهور ضمير مستقل، يدين المجموعات الدينية السياسية التي أتاحت لها إجرامية دولة الأسديين الخارقة أن تطابق نفسها مع العدالة مهما بلغت من الإجرام. لدينا اليوم ما يكفي للانتقال من قول إنه ليس هناك درب ديني إلى العدالة في سورية، إلى القول إن الدرب الديني هو درب إلى الظلم والتمييز حصراً.

قضية سميرة ورزان ووائل وناظم بصورة خاصة تحوز كثيراً من الطاقة الأخلاقية، بفعل التاريخ المشرف للمرأتين والرجلين في الصراع ضد المجرم الأسدي، وبفعل كون الأربعة لاجئين في دوما، وكذلك بفعل كونها مثالاً بين أمثلة كثيرة على جرائم كثيرة ارتكبتها المجموعات الدينية السياسية، وهذا فضلاً عن رمزية نسوية خاصة لامرأتين من جيلين: معتقلة سياسية سابقة، تعمل بدأب وتفان حيثما وجدت، وتتجسد فيها الصفة العابرة للطوائف لقضيتنا، وناشطة حقوقية وسياسية هي من الأبرز في جيلها ومن الأكثر غيرية وشجاعة. كل ذلك يشحن القضية بشحنة إخلاقية نادرة، لا يستطيع أي إسلاميين أو لا إسلاميين منازعتها أو ادعاء مثلها.

لا نعلم ما يمكن أن تتمخض عنه عملية قضائية لمحاكمة إسلام علوش في فرنسا، وليس مؤكداً بعد أنه ستكون ثمة عملية قضائية. هذا ليس بيدنا. ما بيدنا هو التجريم السياسي والأخلاقي لنعمة/ علوش وما يمثله، وأن نعمل على جعل اعتقاله منطلقاً للنقاش حول العدالة في بلدنا، العدالة القانونية والعدالة السياسية، ولمعنى العدالة الأخلاقي، وأن نُدخل هذه المعاني في تفكيرنا السياسي وفي حكمنا على الفاعلين العامين المختلفين، وفي سلوكنا الشخصي.

فإن أمكن لنا السير في هذا الاتجاه، فسيبقى علوش ما كانه على الدوام: تافهاً، رأى حوله تافهين يحكمون بلداً بالجريمة دون عواقب، وأراد أن يكون مثلهم.

موقع الجمهورية

————————-

امتحان إسلام علوش/ عمر قدور

أثار اعتقال إسلام علوش في فرنسا، الناطق الرسمي السابق باسم جيش الإسلام، ردود أفعال سورية متناقضة. حتى الآن إنبرى للدفاع عنه رئيسان سابقان لائتلاف المعارضة، هما أحمد معاذ الخطيب وخالد خوجة، علماً أن أحداً منهما لم يبذل بحكم موقعه جهداً لمعرفة مصير مخطوفي دوما الأربعة على سبيل المثال. الإسلاميون بغالبيتهم لم يحيدوا عن منحى التشكيك بنزاهة القضاء الفرنسي واعتباره مسيَّساً، ولا تنقصهم المساندة المتعمدة أو غير المتعمدة من فئات تطرح أسئلة بسيطة وساذجة “ولا تخلو منطقياً من الأحقية” عن تلك العدالة التي تقتص من الصغار وتبقي المجرمين الكبار طلقاء يواصلون ممارسة إجرامهم.

وبينما يمر ثمانية وثلاثون عاماً على ذكرى مجزرة حماة، يُصادف أن واحداً من مجرميها الكبار والآمر بتنفيذ مجزرة سجن تدمر قبلها بعامين “رفعت الأسد” يُحاكم اليوم أمام القضاء الفرنسي بتهمة الإثراء غير المشروع، التهمة التي لا تخدش سجله الجنائي الحافل. ذلك يُبرز مفارقة واسعة بين محاكمة إسلام علوش ورفعت الأسد في البلد نفسه، تحديداً للذين لا يريدون قراءة الحيثيات الكاملة للقضيتين. إذ بحكم اختلاف الزمن والأدوات والقدرات، لم تقم أية جهة سورية ببناء قضية متماسكة أمام أي قضاء أوروبي لملاحقة رفعت الأسد على جرائمه. أيضاً، منذ ارتكاب مجزرة تدمر ثم مجزرة حماة، تطورت القوانين في بعض الدول الأوروبية لتطاول جرائم تُرتكب خارج ولايتها الجغرافية. هذا بالطبع لا يعفي حكومات فرنسية متعاقبة من مسؤوليتها الأخلاقية عن استضافتها من تعرف تاريخه الإجرامي، وربما تملك مخابراتها أدلة كافية لمحاكمته.

في حالة إسلام علوش، أتى توقيفه على خلفية ملف أعدته ثلاث منظمات حقوقية ضد جيش الإسلام، في مقدمها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بناء على إفادات ضحايا الانتهاكات أو عائلاتهم. جدير بالذكر أن جهود تلك المنظمات أمام القضاء الفرنسي أثمرت في تشرين الأول 2018 عن إصدار القضاء الفرنسي مذكرات اعتقال دولية بحق ثلاثة من مسؤولي الأسد، هم علي مملوك وجميل حسن وعبدالسلام محمود، ونال ذلك استحساناً مشتركاً بين من يختلفون اليوم حول توقيف علوش. ولو شئنا النظر بواقعية إلى مذكرات التوقيف تلك، نعلم أن مسؤولية المذكورين رغم جسامتها لا ترقى إلى مسؤولية عائلة الأسد، ونعلم أن واحداً من الثلاثة لن يغامر بالسفر العلني إلى دولة تحترم مذكرات التوقيف الدولية، أي أن تأثير الأخيرة لا يتعدى الجانب المعنوي.

يُذكر أن للائتلاف، الذي تبرع اثنان من رؤسائه السابقين بالدفاع عن علوش، مكتباً قانونياً يرأسه محام كان يرأس قبل الثورة منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان. المكتب العتيد لم يسجّل أي نشاط ملحوظ في متابعة مجرمي الحرب السوريين أمام المحاكم الدولية، بخلاف ما فعله بإخلاص أفراد ومنظمات لا يحظون بالإمكانيات المادية التي حظي بها المكتب. أما الانتهاكات التي ارتكبتها فصائل معارضة، منها ما هو ممثل في الائتلاف، فقد حظيت جميعاً بغض نظر مشين، ولم يصدر في أي وقت ولو بيان خفيف اللهجة يدعو تلك الفصائل إلى احترام الحريات العامة والشخصية في أماكن سيطرتها.

التذكير بصمت الائتلاف ضروري للذين يرون في محاكمة إسلام علوش أمام القضاء الفرنسي إساءةً لصورة الثورة السورية، فالإساءة الحقيقية المستدامة أتت من الصمت الطويل على انتهاكات تلك الفصائل، ما شجعها على الاستمرار بها وشجع سواها على اقتفاء أثرها. من المحتمل جداً أن تستغل جهات فرنسية داعمة لبشار الأسد محاكمة علوش لوصم الثورة بأكملها، ودفاع وجوه المعارضة عنه واتهامهم القضاء الفرنسي سلفاً بالتسييس لن يساهم سوى في تعزيز تلك الوصمة، وأقل أثر له هو إظهار مناصرة المعارضة للعدالة الانتقائية بخلاف مطالباتها المتعلقة بالعدالة الانتقالية. ثم إن المسارعة إلى النيل من القضاء الفرنسي تضمر يقيناً بإدانة المتهم أمامه، وتسحب من الأخير قرينة البراءة التي يحظى بها أي متهم حتى تثبت إدانته، مثلما تسحب من الأول أحقيته بمقاضاة مجرمي الأسد.

قد يكون مؤسفاً أن المحاكمات الأولى الخاصة بالانتهاكات في سوريا اتجهت إلى أشخاص محسوبين على المعارضة، أمام القضاءين الألماني والفرنسي، والسبب إجرائي يتعلق بوجود المتهمين في متناول القضاء. وجه الأسف الأول الظاهر هو إفلات مجرمي الأسد من المحاكمة للأسباب الإجرائية ذاتها، أي بسبب بقائهم في سوريا التي أصبحت أرضاً للإفلات من العقاب. الوجه الأهم للأسف هو عدم اقتصار ارتكاب الانتهاكات والجرائم على سلطة الأسد، وهذا الوجه هو الامتحان الصعب الذي يواجه السوريين، ويضع حسهم تجاه العدالة على المحك.

لقد نُظر من قبل كثرٍ إلى المطالبة بمحاكمة جميع مجرمي الحرب في سوريا على أنها تساوي بين المجرمين، وتتجاهل خصوصية المجرم الأول والرئيسي، وحتى مفهوم العدالة الانتقالية بقي كأنما هو مختصٌ بالتغيير السياسي الذي يسمح بمحاكمة مجرمي الأسدية، أكثر مما يختص بمجمل الانتهاكات التي رافقت الصراع في سوريا وعليها. من جهة أخرى، كانت دائماً ثمة مخاوف من أن تبرر ارتكابات المجرمين الصغار جرائم المجرم الأكبر، لذا كان التستر عليها قائماً، مع أن التستر لم يؤدّ غرضه، فالفصائل التي ارتكبت الانتهاكات لم تبذل جهداً مقابلاً لسترها، ولم تكن حريصة في أي وقت على صورة الثورة، أو جعل الجريمة وقفاً على المجرم الأول والأكبر.

ثم إن الحديث عن كون العدالة هي المدخل للمصالحة الأهلية في سوريا ينطبق أيضاً على الانتهاكات المرتكبة ضمن “الخندق الواحد”، والتسامح الحقيقي لا يأتي إلا مقروناً بالعدالة، مثلما يتوجب أن يكون العفو طوعياً ومقروناً بتحديد المذنب ومسؤوليته؛ هذا من حقوق الضحايا التي لا ينبغي التهاون فيها. معرفتنا بصعوبة أو استحالة تحقيق العدالة يجب ألا تكون حائلاً أمامنا والمطالبة المستمرة بها. من هذه الناحية مثلاً، يمكن البناء على محاكمة إسلام علوش من أجل الإصرار على محاكمة المجرمين الكبار الموثّقة جرائمهم بتقارير دولية. علاوة على ذلك، يبدو هذا الطريق أحد أهم السبل لإعاقة التطبيع الدولي مع الأسدية، خاصة بعد فشل المسارين العسكري والسياسي في إسقاطها.

في الأصل، ولتعذر إقامة محاكمات سورية عادلة، يفترض الاحتفاء بأي مسار قضائي خارجي يُعنى بالملف السوري. انقسام السوريين حول محاكمة إسلام علوش يضرب الاعتبارات الأخلاقية التي ينبغي أن تجمعهم لصالح الانقسامات السياسية، والمصيبة ليست فقط في تغول السياسي على الأخلاقي، بل هي في ذلك السياسي قصير النظر الذي لا يدرك أنه ينتحر سياسياً عندما ينتحر أخلاقياً.  

المدن

—————————–

فرنسا تحاكم إسلام علوش : العدالة ولو بعد حين/ أحمد عيساوي

تتقاطع سيرة إسلام علوش مع سير عشرات القادة العسكريين الذين انضووا في تنظيمات محلية وجهادية في الحرب السورية، وقرروا في لحظة الهزيمة السياسية والعسكرية أن يشدوا الرحال إلى جامعات الغرب كلاجئين وطالبي شهادات عليا.

في خطوة هي الأولى من نوعها، أعلنت فرنسا عن توقيف أحد أبرز القادة السابقين لجيش الإسلام السوري في مدينة مرسيليا جنوبِ البلاد. الخطوة جاءت إثر دعوى مرفوعة منذ حزيران/يونيو ضد “مجدي مصطفى نعمة” المعروف باسلام علوش وقادة آخرين في صفوف “جيش الإسلام” وتنظيمات عسكرية سورية.

وفي التفاصيل التي نشرتها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) عبر بيان رسمي, أنّ شعبة المباحث بالتنسيق مع القوات الخاصة في صفوف الدرك الوطني الفرنسي (GIGN) ألقت القبض على إسلام علوش في مدينة مرسيليا, استجابة لطلب وحدة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة وجرائم الحرب, بعد تلقيها دعوى في صيف العام الماضي تقدّمت بها منظمات حقوقية سورية وأفراد تربطهم صلة بضحايا التنظيم الذي شغل فيه إسلام علوش منصب المتحدث الإعلامي.

ونقلاً عن مصدر قضائي فرنسي، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إنّ محكمة باريس طلبت إيقاف علوش بتهمة المشاركة في حلقات تعذيب وجرائم حرب واختفاء قسري في الغوطة الشرقية لدمشق.

وأشار المصدر نفسه إلى أنّ الدعوى المرفوعة ضد علوش تقدّمت بها مراكز حقوقية سورية وغربية، كالفدرالية الدولية ورابطة حقوق الإنسان (LDH) والمركز السوري للإعلام إضافة إلى 7 أفراد من عائلة الناشطة السورية المخفيّة قسراً في دوما منذ ديسمبر 2013 رزان زيتونة.

تتقاطع سيرة علوش، الهارب من جحيم التنظيمات العسكرية إلى الأكاديميات الأوروبية حيث يعرّف عن نفسه بالباحث العلمي على موقع LinkedIn، مع سير عشرات القادة العسكريين الذين انضووا في تنظيمات محلية وجهادية في الحرب السورية، وقرروا في لحظة الهزيمة السياسية والعسكرية أن يشدوا الرحال إلى جامعات الغرب كلاجئين وطالبي شهادات عليا. حال مجدي نعمة – الذي أوقفته القوات الخاصة الفرنسية إثر دخوله إلى البلاد بجواز شنغن تحصّل عليه بعد قبوله متابعة تعليمه عبر برنامج Erasmus الذي يموّله الإتحاد الأوروبي – من حال شبّان آخرين استفادوا من مفهوم الهزيمة العامة، وصرفوها انتصاراً على الصعيد الشخصي، لكنّ سرعان ما تبدّدت طموحاتهم وستتحوّل إلى هزائم في أروقة المحاكم وبنى العدالة.

والباحث عن بروفايل علوش، البالغ من العمر 34 عاماً، يمكنه بسهولة نسج الروابط بين المسعى الأولي، الذي سكن الشاب المتحدّر من عائلة ذات طابع إسلامي سلفي، بالانتصار في الحرب العسكرية في غوطة دمشق، وبالتالي الهروب إلى عالم الأمن والسلام والعلم والمعرفة في جامعات أوروبا.

ولا يبدو أنّ المنصب الذي شغله علوش كمتحدث إعلامي في لواء الإسلام، الذي تزعّم قيادته العسكرية زهران علوش، وتسلّم فيه ابن عمه محمد المكتب السياسي، جعله ينظر إلى معركة اللواء المدعوم سعودياً بالمال والذخيرة كمعركته هو. وربما تكون شهرة علوش مرتبطة بشكل أساسي باسم زهران الذي قضى عدة سنوات في سجن صيدنايا، قبل أن يطلق سراحه نظام الأسد في فورة المظاهرات الشعبية في حزيران/يونيو 2011 ليشكّل بعد ثلاثة أشهر كتيبة الإسلام ذات التوجه السلفي المحلي دون نزعة جهادية خارجية (على عكس تنظيم داعش), وليشارك في عمليات قتل وتعذيب وإخفاء قسري في الغوطة قبل أن يقتل بغارة جوية روسية سنة 2015.

لم يبقَ إسلام علوش مطوّلا في سوريا، فاستغلّ الإتهامات التي وجّهت للتنظيم بإخفاء رزان زيتونة وسمير الخليل ووائل وناظم حمادي ليخرج من الضوء إلى الظل، فغادر إلى تركيا حيث مكث عدة سنوات قبل أن يظهر في مرسيليا كطالب في بعثة ايراسموس الأوروبية وليتمّ إلقاء القبض عليه وبدء محاكمته رسمياً في باريس.

وفي تعليق له على اعتقال علوش، كتب الكاتب السوري ياسين الحاج صالح وهو زوج سميرة الخليل (من مفقودي دوما الأربعة) مقالاً، في موقع “الجمهورية” السوري، اعتبر فيه التوقيف بمثابة رسالة إلى الجناة بأنهم لن يكونوا بأمان: “قضية سميرة ورزان ووائل وناظم بصورة خاصة تحوز كثيراً من الطاقة الأخلاقية، بفعل التاريخ المشرف للمرأتين والرجلين في الصراع ضد المجرم الأسدي، وبفعل كون الأربعة لاجئين في دوما، وكذلك بفعل كونها مثالاً بين أمثلة كثيرة على جرائم كثيرة ارتكبتها المجموعات الدينية السياسية، وهذا فضلاً عن رمزية نسوية خاصة لامرأتين من جيلين: معتقلة سياسية سابقة، تعمل بدأب وتفان حيثما وجدت، وتتجسد فيها الصفة العابرة للطوائف لقضيتنا، وناشطة حقوقية وسياسية هي من الأبرز في جيلها ومن الأكثر غيرية وشجاعة. كل ذلك يشحن القضية بشحنة إخلاقية نادرة، لا يستطيع أي إسلاميين أو لا إسلاميين منازعتها أو ادعاء مثلها.  لا نعلم ما يمكن أن تتمخض عنه عملية قضائية لمحاكمة إسلام علوش في فرنسا، وليس مؤكداً بعد أنه ستكون ثمة عملية قضائية. هذا ليس بيدنا. ما بيدنا هو التجريم السياسي والأخلاقي لنعمة/ علوش وما يمثله، وأن نعمل على جعل اعتقاله منطلقاً للنقاش حول العدالة في بلدنا، العدالة القانونية والعدالة السياسية، ولمعنى العدالة الأخلاقي، وأن نُدخل هذه المعاني في تفكيرنا السياسي وفي حكمنا على الفاعلين العامين المختلفين، وفي سلوكنا الشخصي.  فإن أمكن لنا السير في هذا الاتجاه، فسيبقى علوش ما كانه على الدوام: تافهاً، رأى حوله تافهين يحكمون بلداً بالجريمة دون عواقب، وأراد أن يكون مثلهم.” ختم صالح في مقاله.

إذاً، تفتح الخطوة الفرنسية، في استجابتها لنداء المنظمات الحقوقية السورية وفي مسعاها لتحقيق العدالة الغائبة عن المسرح السوري، الباب مجدّداً أمام إمكانية العمل الحقوقي المشترك بين المحامين السوريين والأوروبيين وأهميته ومفاعيله الإيجابية على المدى البعيد، وهي إذ تقتصّ اليوم لرزان وسميرة وناظم ووائل ولآلاف السوريين فإنّ الأمل يبقى بمحاكمة جميع مجرمي تلك الحرب القذرة من أسديين وغير أسديين.

درج

—————————

المحاسبة وسؤال العدالة/ خضر الآغا

في كل مرة تقوم فيها دولة أوروبية باعتقال مشتبه به في ارتكاب انتهاكات بحق الشعب السوري، خاصة عندما يكون هذا الشخص محسوبًا على المعارضة، تثار قضية العدالة بوصفها سؤالًا ملتبسًا، فيحدث انقسام حاد بين سوريي الثورة والمناصرين لها من حيث من يعتبر أن ذلك يقع في باب العدالة وعدم إفلات المجرمين من العقاب، ومن يعتبر أن ذلك يشكل تصفية قانونية للثورة في الخارج مثلما تم تصفيتها عسكريًا في الداخل. نتذكر الانقسام  السوري ـ السوري (بين سوريي الثورة) الذي نشأ على خلفية اعتقال ضابطين في ألمانيا وفرنسا بدايات العام 2019 كانا يعملان في جهاز المخابرات السورية وقد انشقا عن النظام بدايات العام  2012.

ثمة من اعتبرهما بريئين ولا يستوجبان المساءلة القانونية بدلالة انشقاقهما عن نظام مجرم وبدلالة قيامهما بمساعدة معتقلين وناس آخرين خلال الثورة، وثمة من اعتبرهما ضابطي أمن عذّبا وشاركا بتعذيب معتقلين وبالتسلط على الناس شأن أجهزة المخابرات السورية برمتها وأنهما يستوجبان المساءلة والعقاب. كذلك ثار سؤال العدالة أيضًا لدى قيام السلطات الفرنسية باعتقال إسلام علوش (مجدي نعمة) الناطق السابق باسم جيش الإسلام. لا سيما أنّ الجيش كان ممثلًا في الائتلاف السوري المعارض وكان مشاركًا في مفاوضات جنيف، ولم يتم اعتباره منظمة إرهابية من قبل الدول الغربية والولايات والمتحدة والأمم المتحدة، بل كان مشاركًا بوصفه فصيلًا معتدلًا.

هذه الاعتبارات جعلت من معارضي اعتقاله يعتبرون أن ذلك تعديًا على الثورة وعلى الثوار، ومن جانب آخر اعتبر مؤيدو اعتقاله أنه ينتمي لفصيل ارتكب المزيد من الانتهاكات بحق أهل الغوطة التي كان مسيطرًا عليها، وقد اتُهم من قبل السلطات الفرنسية -وفق بيان الادعاء- أنه يُشتبه بارتكابه جرائم حرب وتواطؤ في إخفاء قسري وفق ما صار يعرف بالدوائر القانونية بـ”دُوما 4″ كتعبير عن المخطوفين الأربعة في دُوما. وغير ذلك من حالات اعتقال تقوم بها سلطات أوروبية بحق معارضين آخرين، وخلال كل حالة اعتقال تثار الأسئلة ذاتها ويحدث الانقسام ذاته، وبالتأكيد سيبقى الحال على ما هو عليه لدى كل حالة مشابهة.

الفكرة الأساسية التي تؤسس لذلك الانقسام هي فكرة العدالة، فهل ثمة تحقيق للعدالة في تلك الاعتقالات؟ مؤيدو اعتقال هؤلاء يرون أن ذلك يقع ضمن مفهوم العدالة والعدالة الانتقالية التي تحتاجها سوريا ليشعر المظلوم أن المجرم الذي تسبب في ظلمه لن يفلت من العقاب، فيما معارضوه يرون أن المحاكم الغربية، حتى لو كانت عادلة، بعيدة عن فهم مجريات الثورة السورية والصراع السوري وتشابكاته وتعقيداته.

محاكم الغرب لن تحاكم الناس ضمن سياق الثورة وسياق حرب التحرر الوطنية وسياق الحرب، بل ستنظر إلى المتهم بوصفه فردًا من حيث ارتكابة جرائم وفق تعريف الدولة الغربية المعنية للجريمة، الأمر الذي يُخرجها عن فكرة العدالة التي يطلبها السوريون. فأن تقتل عناصر من جيش النظام في سياق المعارك هو بالنسبة لمحاكم الغرب جريمة، فيما هو بالنسبة لسياق الصراع السوري عمل يجب أن يكون بحكم أن لا خيارات في الحرب سوى أن تكون قاتلًا أو مقتولًا، وبحكم أن الصراع في أساسه هو صراع مع النظام بوصفه عدوًا، وفي المعارك يجب قتل العدو بصرف النظر كونه دفاعًا عن النفس أم ليس كذلك، ناهيك أن الحرب السورية برمتها وبالمعنى العميق هي دفاع سوريين عن أنفسهم بمواجهة نظام همجي.

لكن تلك الانقسامات حول مفهوم العدالة لن تستمر إلى ما شاء الله، ما يجعلني على هذا الاحتمال هو أن ما يجري في المحاكم الغربية هو نوع من المحاسبة، محاسبة مرتكبي الانتهاكات، وهذا بحد ذاته عمل مهم ويشكل جبرًا نسبيًا للمتضررين المباشرين منهم، لكنه لا ينتمي لفكرة العدالة الانتقالية التي يظن مؤيدو تلك الاعتقالات أنها تتحقق. العدالة الانتقالية هي التي تجمع السوريين لأنها ليست مجرد تطبيق قانون ومحاسبة مجرم. إنها عملية شاملة قانونية وغير قانونية تعني محاسبة مرتكبي الانتهاكات، وتعويض الضحايا، وجبر الضرر مع ما يقتضيه ذلك من إصلاح المؤسسات ذات الشأن، أو إعادة بنائها من جديد، حسب الحال، وغالبًا سيتم بناؤها من جديد.

العدالة الانتقالية تعني أيضًا الانخراط في تنمية شاملة يشعر معها الناس أنهم يبنون مستقبلهم ومستقبل أولادهم فعليًا، الأمر الذي يفتح أمامهم أمل واسع وثقة أن بلدهم تتغير نحو الأفضل، وأن الأثمان التي دفعوها لم تذهب هباء. هذا الركنان: العدالة ومحاسبة المنتهكين من جانب، والتنمية الشاملة من جانب آخر هما ما يجعلان فكرة المصالحة بين شرائح السوريين المختلفة أمرًا ممكنًا وواردًا ولنا في حركة نيلسون مانديلا أنموذجًا. وما يمنح فكرة العدالة الانتقالية قدرتها على التنامي والاستمرار هو الديمقراطية والشفافية التي تجعل الجميع يشعر أنه معني بالبلد ومشارك ببنائها عبر تداول السلطة.

العدالة الانتقالية تتيح تعريف الجريمة وتعريف المجرم وتتيح النظر بكل الملابسات القانونية، انطلاقًا من سياق الثورة والصراع التحرري والحرب. وفي هذا ضمانة كبرى من جهة لعدم الافلات من العقاب والمحاسبة، ومن جهة أخرى لعدم صدور أحكام جائرة منقطعة عن سياق الواقع. العدالة الانتقالية تتيح الحوار المجتمعي العام، الأمر الذي يسفر عن اتفاقات ومشتركات وتعريفات عامة تجمع  السوريين وتجعل لهم هدفًا مشتركًا.

في الحالة الراهنة، ثمة اختلاف بين السوريين حول تعريف المجرم والجريمة. فما أعتبره جريمة قد يعتبره آخر عملًا بطوليًا، ومن أعتبره بطلًا قد يعتبر آخر مجرمًا.. فالمحاسبة على أهميتها لا تكفي لانتزاع الضغائن والأحقاد والانتماءات ما قبل الوطنية… ما يفعل ذلك هو العدالة. العدالة تعم الجميع.

الترا صوت

——————————

رحلة إسلام علوش..من الجيش السوري إلى السجن

وقع “إسلام علوش” أحد أبرز الوجوه في تنظيم “جيش الإسلام” الذي سيطر على الغوطة الشرقية لفترة طويلة، في فخ السلطات الفرنسية بعد أن توجه إلى فرنسا بهدف إكمال دراساته العليا.

وألقت السلطات الفرنسية القبض على مجدي نعمة، المعروف باسم “إسلام علوش”، الأربعاء الماضي في مدينة مرسيليا الفرنسية، حيث كان متواجداً بصفة رسمية، بعد حصوله على منحة دراسية كطالب في برنامج “إيراسموس”.

ومجدي نعمة هو من مواليد 1988، كان ضابطاً برتبة نقيب في جيش النظام السوري، وانشق  عقب الثورة السورية ليصبح أحد كبار ضباط جيش الإسلام ومتحدثاً رسمياً باسمه، جنباً إلى جنب مع زعيمها زهران علوش، مؤسس المجموعة الذي قتل في غارة جوية في عام 2015؛ ليكون بعد ذلك اسم إسلام علوش هو الوجه الأبرز في تنظيم جيش الإسلام، حتى استقالته من منصبه القيادي سنة 2016.

واعتقل زهران من قبل السلطات الفرنسية بعد أن وجهت إليه العديد من التهم من قبل وحدة جرائم الحرب التابعة لمحكمة باريس، فتم اتهامه بجرائم حرب وجرائم التعذيب والإخفاء القسري للناشطين في الغوطة الشرقية ودوما، مع الاشتباه بتورطه في تجنيد عدد من الأطفال السوريين للقتال في جيش الإسلام، والاشتباه بأنه متورط في خطف مجموعة من الناشطين السوريين، وهم: رزان زيتونة وسمير الخليل وناظم الحمادي ووائل حمادة، الذين يعرفون اليوم باسم “دوما أربعة”.

والأربعة تم اختطافهم من مكاتبهم في الغوطة، حيث كانوا يوثقون الانتهاكات الإنسانية لجميع المجموعات المسلحة التي تجري في المنطقة. وحتى اليوم لم يعرف عن مصيرهم شيء. كما وجهت إلى زهران تهمة التورط في إخفاء وتعذيب وقتل مواطنين سوريين فرنسين، وهما: مازن الدباغ وباتريك الدباغ.

اعتقال مجدي نعمة جاء على خلفية ما قام به كل من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM) والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ( FIDH) والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان  (LDH) بتاريخ 26 حزيران/يونيو 2019، حيث تقدموا بشكوى ضد جيش الإسلام للجرائم التي ارتكبها ما بين عامي  2013 و2018 بحق المدنين والناشطين في الغوطة الشرقية ودوما، وأرفقت القضية بوثائق وشهادات من 20 ضحية أو من عائلاتهم؛ ومن بين تلك العائلات التي تقدمت بالشكوى عائلات مجموعة “دوما أربعة”.

كيف وصل إسلام علوش إلى أوروبا؟

بعد أن استقال مجدي نعمة من منصبه في جيش الإسلام سنة 2016، أو إثر إقالته منه بعد أن صار عبئاً على المجموعة المسلحة بسبب الحوار الذي أجراه مع الإسرائيلية إيزابيل تسوركوف، والذي لم يستبعد فيه عقد السلام مع إسرائيل، حاول مجدي إعادة إنتاج نفسه ك”باحث”، ودرس في إحدى الجامعات التركية، وصار اسمه يظهر بالعديد من المؤتمرات والندوات كباحث في الشأنين السوري والإسلامي، قبل أن يسافر إلى فرنسا بمنحة دراسية.

وسبق لمجدي نعمة أن دخل إلى أوروبا العام الماضي، ومكث فيها قرابة 6 أشهر، بحسب مقابلة أجرتها معه “نيويورك تايمز” على هامش مقال عن احتضان تركيا لأصوات المعارضة السورية والعربية، حمل عنوان: “Arab Exiles Sound Off Freely in Istanbul Even as Turkey Muffles Its Own Critics”.

وفي اللقاء ذكر نعمة بأن سبب عودته إلى إسطنبول هو مخاوفه الشخصية من “التهام لحم الخنزير” عن طريق الخطأ، وبرودة الجو في أوروبا؛ وذكر أنه يخطط لإتمام دراسة الدكتوراه في تركيا، ولكن يبدو أن مخططاته قد تغيرت بعد ذلك، فعاد إلى فرنسا بمنحة “ايراسموس” وسط استهجان السوريين إغلاق جامعات أوروبا أبوابها في وجوههم واستقبالها لأمثال “إسلام علوش”.

ماذا بعد ذلك؟

سيخضع مجدي نعمة لمحاكمة عادلة أمام القضاء الفرنسي، وسيتمكن من الحصول على كافة حقوقه، وسيقوم بتعيين محامٍ للدفاع عنه ولن يتعرض للتعذيب والتنكيل الذي مارسه على ضحاياه لأعوام؛ وذلك جعل العديد من السوريين يتساءلون عما إذا كان اعتقال مجدي نعمة أو محاكمته بهذه الشروط الإنسانية يمثلان تحقيق العدالة. ولكن شريحة كبيرة من السوريين وجدوا أن اعتقاله هو تجسيد للعدالة وضروري كرسالة لأمثاله بأنهم لن يفلتوا بجرائمهم.

يذكر أن محاكمة مجدي نعمة ستكون الأولى من نوعها، فلم يسبق أن تمت محاكمة أحد المتورطين في قيادات الفصائل المسلحة السورية المعارضة.

المدن

———————————–

إسلام علوش معتَقلاً في فرنسا..مجرم حرب أم ثائر حر؟

مع انتشار الأنباء حول اعتقال السلطات الفرنسية للقيادي السابق في “جيش الإسلام”، إسلام علوش، وتوجيه تهم إليه بارتكاب جرائم حرب في سوريا، برز رأيان متناقضان بين السوريين في مواقع التواصل. ففيما رأى البعض في الحادثة تحقيقاً للعدالة، قال آخرون إنها مؤامرة من الدول الغربية على الثورة السورية والشعب السوري.

ويمكن بسهولة الفصل بين أصحاب الرأيين السابقين. ففيما يتحدث المثقفون والصحافيون السوريون عن كون إسلام علوش، واسمه الحقيقي مجدي نعمة، جزءاً من فصيل إرهابي شارك في انتهاكات مختلفة، وتحدثوا عن قضية الناشطة البارزة رزان زيتونة.. تحدثت الصفحات الأكثر شعوبية والمجموعات الإخبارية المغلقة في “فايسبوك” وعدد من الناشطين الإعلاميين، عن أن علوش ليس إرهابياً ولا مجرم حرب، بل هو “ثائر حر”، وأن يد العدالة الأوروبية لا تطاول المجرمين الحقيقيين في البلاد، في إشارة إلى رموز النظام السوري وحلفائه.

على سبيل المثال، كتبت صفحة “شبكة الثورة السورية” منشوراً جدلياً قالت فيه: “يعتقل ثائر حر ضد نظام الإجرام الأسدي من قبل دولة فرنسا #الديموقراطية بتهم ارتكاب #جرائم_حرب، بينما يترك المجرم الجزار #رفعت_الأسد حراً طليقاً متنعماً بأمواله المغمسة بدماء شهداء حماة بلا أي محاسبة. الحرية ل#مجدي_نعمة”.

وردّ آلاف المعلقين على المنشور مجادلين بأن “جيش الإسلام” كان واحداً من أكثر التنظيمات التي أساءت للثورة السورية بوصفها حركة مدنية طالبت بالديموقراطية.

هذه الخطاب المشوه والقاصر، رد عليه مثقفون وصحافيون وناشطون من الغوطة الشرقية التي كان “جيش الإسلام” يسيطر عليها حتى نيسان/أبريل 2018، ونشروا حكاياتهم الشخصية مع “جيش الإسلام”، كما تحدثوا عن قضية الناشطة البارزة رزان زيتونة وزملائها، الذين يتهم “جيش الإسلام” باختطافهم في كانون الأول/ديسمبر 2013. كما ذكّروا بانتهاكات أخرى قام بها الفصيل المتشدد، مثل اعتقال الناشطين المدنيين وإغلاق مكاتب وسائل الإعلام الناشطة في الغوطة الشرقية، والإرهاب الذي تمت ممارسته بحق العاملين في صحيفة “طلعنا ع الحرية” وإغلاقها بشكل تعسفي.

وكتب الصحافي أوس المبارك: “إسلام علوش رح يتمكن من توكيل محامي، وهو الشي اللي كانوا محرومين منه المعتقلين بسجونه التوبة والباطون وغيرها. رح يقدر يشوف أهله، وما رح يتعرض لتعذيب أو شبح أو تعرية. ما رح يخاف من الإعدام، ولا رح ينجبر على حفظ شي أو أي صلاة. رح تضل تيابه نضيفة، ويحلق دقنه ازا بده، وما رح يعاني من القمل والجرب. رح يطلع ويفوت من باب زنزانته بلا ما يسمع إهانات. ورح يتذكر سجونه بدوما لا محالة. وهاد يشفي الغليل”.

إلى ذلك، تساءل معلقون عن الطريقة التي تمكن بها علوش من الوصول إلى فرنسا عبر منحة دراسية من برنامج “إيراسموس”، فيما تتشدد أوروبا في إجراءات استقبال اللاجئين السوريين الذين يحتاجون حقاً للرعاية والاهتمام.

وشغل علوش منصب المتحدث الرسمي باسم “جيش الإسلام” منذ بداية تشكيله داخل الغوطة الشرقية على يد زهران علوش، وانتقل من داخل سوريا العام 2015، ليدير مكتب المتحدث باسم الجيش في تركيا. وأعلن في حزيران/يونيو 2017 استقالته من جميع المهام في “جيش الإسلام” والمؤسسات التابعة له، كما أعلن إنهاء التعامل باسم إسلام علوش والعودة إلى الاسم الحقيقي، مجدي نعمة.

—————————-

القضاء الفرنسي يفتح صفحة جديدة من الملاحقات

ماذا بعد محاكمة الناطق الرسمي لجيش الإسلام المعارضة للأسد؟

بهية مارديني

وجه القضاء الفرنسي يوم الجمعة الماضية تهم ارتكاب جرائم حرب وتعذيب لقيادي سابق في جماعة “جيش الإسلام” السورية المسلحة المعارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد التي يشتبه بأنها اختطفت واحتجزت وعذبت المحامية السورية المتخصصة في حقوق الإنسان، رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة، أحد مؤسسي لجان التنسيق المحلية (LCC) والناشطة السياسية سميرة الخليل ومحامي حقوق الإنسان ناظم الحمادي، والذين يعرف اسمهم بـ (دوما 4) وقد تم اختطافهم من المكتب المشترك لمركز توثيق الانتهاكات (VDC) ومكتب التنمية المحلية ودعم المشروعات الصغيرة في دوما في العام 2013.

وحول ردود الفعل التي صاحبت اعلان الخبر قال فاتح حسون القيادي في حركة “تحرير وطن” في تصريح لـ “ايلاف” بداية لا يمكن لأي حر خرج ضد نظام الأسد في أي مكان داخل سوريا وخارجها إلا أن يكون هدفه نيل وتحقيق الحرية والعدالة، “وهذا ما عرفناه عن الجيش الحر الذي حمى الشعب السوري الثائر بدمه وروحه، وقدم في سبيل السعي لإسقاط ظلم وجور نظام الأسد الغالي والنفيس”.

وأضاف “في تتالي الأحداث ومجريات الأمور قد تحدث أخطاء وتصرفات فردية غير قانونية لا تكون منهجة، ولا يمكن أن يشمل توصيفها القانوني كافة الكيانات المرتبطة بالشخص المخطئ، وبالتالي لا بد من عدم تعدي المحاسبة على من سواه”.

علوش

أوضح حسون “ان إسلام علوش كان ناطقًا رسميًا لجيش الاسلام لفترة من الفترات، ولم يكن صاحب قرار فيه، وتحميله شخصيًا شبهات وأفعال غير مؤكدة هو مجانبة للصواب. فلقد صرح جيش الإسلام بعد اعتقاله بأنه لا يوجد أي دليل جنائي حول التهم الموجهة إليه”.

وتابع أنه وفق متابعاتنا فهو نفسه لو كان يعلم أن لديه سلوك خاطئ “في مسيرته الثورية يرتقي لمستوى “جريمة” لما كان سافر بإرادته إلى فرنسا لاستكمال دراسته، ويبدو أن الدعوى تحتاج إلى وقت أطول لتتضح ملابساتها”.

وشدد حسون لا أحد منا كجيش حر ومعارضة ثورية يقف مع ظالم أيًا كان، ولا مع حالة ظلم في أية دولة، “ونثق بالقضاء الفرنسي الذي نطلب منه الإسراع في تبيان الحقيقة، ونعتب عليه تراخيه بملاحقة مجرمي نظام الأسد الذين ارتكب بعضهم مجازر أودت بحياة عشرات الآلاف من السوريين بأوامر مباشرة منهم ومشاركة في التنفيذ كذلك، كرفعت الأسد ومعاونيه”.

وتوجه حسون بطلب “للقانونيين الأحرار لتمكينه من الوصول لحقه بالدفاع عن نفسه من خلال تعيين محامي متخصص في فرنسا لذلك وعدم تركه وحيدا، حيث له ولغيره من قادة الجيش الحر تاريخ نضالي في حماية السوريين، وهذا التاريخ النضالي لا أراه حاجز لتحقيق العدالة مهما كانت صفة الشخصية المتهمة وأهميتها، شرط إثبات التهمة بالطرق القانونية، وإلا ستكون القضايا القانونية بابا من أبواب تصفية الحسابات السياسية، وهذا ما لا نرتضيه أن يحدث”.

واعتبر أنه من الواضح أن “تهمة إسلام علوش ترتبط بجريمة خطف وتغييب الناشطة الحرة رزان زيتونة ورفاقها، وهي جريمة نحتاج كسوريين لمعرفة ملابساتها، والوصول للحقائق حولها، ومحاسبة مرتكبيها، ولكن دومًا وأبدا يصرح جيش الاسلام بأنه لا علاقة له بهذه الجريمة، وهو ما يجب أخذه بالحسبان، وعدم البناء على أن المتهم مذنب، بل برئ حتى تثبت إدانته. وأما باقي التهم التي ترتقي لمستوى جرائم حرب، فإن نظام الأسد وداعموه يرون أن كل من حمل السلاح ضد نظام الأسد مجرم يجب محاسبته بأشد العقوبات، وبالتالي هي قضية سياسية وليست قانونية.”

تعذيب

هذا وذكر مصدر قضائي لوكالة فرانس برس في وقت سابق أن الناطق السابق باسم الجماعة أوقف الأربعاء في فرنسا. ومثل الجمعة أمام قاضي التحقيق في باريس الذي وجه إليه تهم التعذيب وارتكاب جرائم حرب والتواطؤ في حالات اختفاء قسري.

وعلوش ليس اسمه الحقيقي ، بل عرف به ، واسمه الحقيقي مجدي نعمة و هو من مواليد عام 1988 يقيم في فرنسا بتأشيرة طالب في إطار برنامج “إيراسموس” المخصص للطلاب وتم توقيفه في مدينة مرسيليا (جنوب).

ويخشى المعارضون ممن حملوا السلاح ضد الرئيس السوري بشار الأسد أن تلاحقهم المحاكم والقضايا ، رغم الدعم الدولي لهم ، عوض أن تلاحق يد العدالة النظام السوري لارتكابه جرائم حرب ضد المدنيين ومن المتوقع توكيل محامين يدافعون عن علوش لكيلا تكون سابقة ناجحة من الممكن البناء عليها للمجتمع المدني و القضاء الفرنسي .

وتراوحت ردود الفعل منذ اعلان الخبر الا أن الإجماع كان بغية المطالبة بالقصاص من كل من تورط في دماء السوريين .

تهم

واتهم من قبل وحدة جرائم الحرب التابعة لمحكمة باريس بإرتكاب جرائم حرب وجرائم التعذيب والإخفاء القسري، وبذلك تم فتح أول تحقيق في الجرائم التي ارتكبتها الجماعة المسلحة المتمردة والتي كانت تنشط بشكل رئيسي في الغوطة الشرقية، في ضواحي دمشق. تم اتهام جيش الإسلام بارتكاب جرائم دولية ممنهجة ضد المدنيين الذين يعيشون تحت حكمها من عام 2013 حتى عام 2018.

شكوى

في 26 حزيران من العام 2019، قدمت المنظمات من بينها المركز السوري الذي يرأسه الناشط السوري مازن درويش شكوى ضد جيش الإسلام على الجرائم التي ارتكبتها المجموعة في الأعوام ما بين 2013 و 2018. ومنذ ذلك الحين، رافقوا حوالي 20 ضحية وعائلاتهم، من بينهم شخصيات من عائلات (دوما 4)، في بحثهم عن الحقيقة والعدالة القضائية.

أعقب هذه الشكوى اعتقال إسلام علوش في 29 كانون الثاني عام 2020 في مرسيليا وتلاها رفع لائحة الاتهامات، مما مهد الطريق للتحقيق الأول في جرائم الجماعة المسلحة المتمردة. كان مجدي مصطفى نعمة، المعروف باسم إسلام علوش، المتحدث الرسمي وأحد كبار المسؤولين في جيش الإسلام. بلغ عدد أفراد المجموعة أكثر من 20 ألف مقاتل وقادوا عهداً من الرعب في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، بشكل أساسي في الغوطة الشرقية والتي سيطر عليها جيش الإسلام من عام 2013 حتى عام 2018، إلى أن فقدوا السيطرة عليها في نيسان من العام 2018.

عدالة

وقال مازن درويش، مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بحسب بيان اطلعت” ايلاف ” على تفاصيله “خلال تسع سنوات، تسبب الصراع في خسارة مئات الآلاف من الأرواح والملايين من الضحايا. بالنسبة لجميع هؤلاء لا يمكن أن يكون هناك عدالة مجتزأة وانتقائية وذات دوافع سياسية، أو مبنية على أساس إنتماء مرتكبي الجرائم الدولية إلى هذه المجموعة أو غيرها في صراعٍ تم خلاله توثيق الجرائم – ولا تزال توثّق – بشكلٍ جيد. يجب أن تستهدف مكافحة الإفلات من العقاب جميع الأطراف المذنبين بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وهذا هو الضمان الوحيد لإحلال سلام دائم في سوريا.”

معلومات

وفقاً للمعلومات التي جمعتها SCM و FIDH و LDH ، كان إسلام علوش، نقيب سابق في القوات المسلحة السورية الحكومية، ثم أصبح أحد كبار ضباط جيش الإسلام ومتحدثاً رسمياً باسمه، جنباً إلى جنب مع زعيمها زهران علوش، مؤسس المجموعة في عام 2011 حتى مقتله في غارة بالقنابل في عام 2015. ويُزعم أيضاً أن إسلام علوش كان متورطاً في التجنيد القسري للأطفال في صفوف المجموعات المسلحة. العديد من الضحايا يجرمونه ويتهمونه بشكلٍ مباشرٍ بالخطف والتعذيب.

جرائم

وجاءت الشكوى المقدمة في حزيران 2019 بعد أكثر من ثلاث سنوات من الوثائق التي قدمتها SCM و FIDH بشأن الجرائم التي ارتكبها جيش الإسلام، وتضمنت: الإعدام بدون محاكمة والخطف والتعذيب الممنهج ضد الرجال والنساء والأطفال. استهدفت المجموعة (جيش الإسلام) الأشخاص المشتبه تواطؤهم مع النظام وكذلك المدنيين العاديين، المتهمين بعدم تطبيق الشريعة التي تفرضها المجموعة بشكلٍ صارم، أو لأنهم ينتمون إلى أقليات دينية.

و نقلاً عن ميشيل توبيانا، المحامي والرئيس الفخري للـ LDH وباتريك بودوين، المحامي والرئيس الفخري للـ FIDH: “تجدر الإشارة إلى أن التعاون بين SCM و FIDH و LDH قد أسفر عن إصدار قضاة فرنسيين مذكرات اعتقال دولية في تشرين الأول من العام 2018 ضد ثلاثة من كبار مسؤولي النظام السوري: علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود. ووُجهت لهم اتهامات بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب متعلقة بإخفاء وتعذيب وموت مواطنين مزدوجي الجنسية سوريين-فرنسيين، هم مازن وباتريك الدباغ. قُبض على الأب وابنه على أيدي ضباط المخابرات الجوية السورية في تشرين الثاني من العام 2013 واحتُجزوا في مطار المزة العسكري الشهير. وقام كل من عبيده الدباغ و FIDH و LDH و SCM بفتح القضية في تشرين الأول من العام 2016.”

و قال ميشيل توبيانا، المحامي والرئيس الفخري للـ LDH إن اتهام أحد كبار المسؤولين السابقين في جيش الإسلام عقب فتح تحقيقات أو محاكمات قضائية ضد أعضاء نظام بشار الأسد وضد الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل داعش والقاعدة يفتح فصلاً جديداً في محاكمة الجرائم الدولية المرتكبة في سوريا منذ عام 2011.”

وأكدت السيدة كليمونس بيكتارت، المحامية ومنسقة مجموعة عمل التقاضي التابعة لـ FIDH.“ليس لدينا شك في أن هذا التحقيق سوف يلقي ضوءاً جديداً على الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبها جيش الإسلام، وكذلك حول اختفاء المحامية البارزة وناشطة حقوق الإنسان رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة وزميليهما. إن النزاهة والقيم العادلة والتزام رزان بالسلمية تبقى شعاراً للآمال التي رفعتها الانتفاضة الديمقراطية السورية المبكرة، ويستحق الشعب السوري معرفة ما حدث لرزان أخيراً.”.

ايلاف

——————-

ماذا يمكن أن يكشف التحقيق؟ فرنسا تعتقل المعارض السوري إسلام علوش بتهم جرائم حرب

اعتقلت السلطات الفرنسية، مجدي نعمة المعروف إعلامياً باسم “إسلام علوش”، في 31 كانون الثاني/يناير2020، وهو من أبرز قيادات المعارضة السورية المسلحة، متهمةً إياه بارتكاب جرائم حرب وتعذيب وإخفاء قسري.

وقالت تقارير صحافية فرنسية إن جماعات مختصة بمجال حقوق الإنسان أبلغت السلطات بوجود علوش في مرسيليا، جنوب فرنسا، حيث جرت عملية الاعتقال.

وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، لرصيف22: “عملية اعتقال إسلام علوش جاءت على خلفية دور جيش الإسلام في خطف مئات المدنيين السوريين واختفائهم وتعذيبهم، منهم الناشطة الحقوقية رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة وشقيقه ناظم حمادة وسميرة خليل”.

وكان علوش متحدثاً رسمياً باسم ما يعرف بـ”جيش الإسلام”، وهو أحد مكونات المعارضة السورية المسلحة، وكان يسيطر على الغوطة الشرقية من عام 2012 إلى عام 2018.

وزيتونة هي ناشطة بارزة في قيادة منظمات المجتمع المدني ضد الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بعد عام 2011. كذلك كانت من أبرز المنتقدين للانتهاكات التي ارتكبتها فصائل المعارضة، ولا سيما جيش الإسلام الذي بلغ عدد أفراده حوالى عشرين ألفاً.

واختطفت زيتونة مع رفاقها عام 2013 من مكان عملها في مدينة دوما، التي كان يسيطر عليها جيش الإسلام في ذلك الوقت، وسط ظروف غامضة.

واتهم بعض النشطاء جيش الإسلام باختطافها، وهذا ما نفاه الفصيل مراراً.

ما هي دلالات اعتقال علوش؟

قالت منظمة “حركة عالمية من أجل حقوق الإنسان”، وهي إحدى المنظمات التي قدمت شكوى ضد علوش في فرنسا، إنها تأمل أن يساعد اعتقاله في كشف مصير النشطاء المختفين قسرياً.

وأعلنت أن اعتقال علوش يمثل “فتحَ أول تحقيق في الجرائم التي ارتكبتها الجماعة المسلحة في سوريا”.

بعد سقوط معرة النعمان… ما مصير سكان إدلب ومقاتلي المعارضة السورية؟

ورأى مدير المرصد السوري أن اعتقال علوش “يظهر أن المعارضة السورية باتت محاصرة في الخارج، وستُلاحق في أوروبا، لتورطها في انتهاكات حقوقية جسيمة”.

ولفت عبد الرحمن إلى أن علوش ليس أول شخصية من المعارضة يُقبض عليها في الخارج، مضيفاً أن السلطات في عدة دول أوروبية أخرى قبضت على عناصر أخرى.

لكن علوش هو أبرز المعتقلين منذ بداية الحرب في سوريا عام 2011.

رأى عبد الرحمن أن الكشف عن مصير المختفين قسرياً “قد يحدث بالفعل إذا تمتع التحقيق بالجدية”. 

———————-

عندما قهقه إسلام علوش:التحقيق بملف رزان ورفاقها “أعقد بكتير“!

كشف المدون والصحافي السوري ياسين السويحة عن لقاء جمعه بالناطق الرسمي باسم “جيش الاسلام” إسلام علوش في اسطنبول قبل أربع سنوات، لسؤاله عن ملف رزان زيتونة وسميرة خليل ووائل حمادي وناظم حمادة الذين اختطفوا في الغوطة الشرقية في العام 2013.

وجاء الكشف عن اللقاء في أعقاب توقيف السلطات الفرنسية لمجدي نعمة الذي كان يعمل تحت اسمه الحركي “إسلام علوش” في جيش الاسلام، حيث يواجه اتهامات بالضلوع في التعذيب والاحتجاز القسري.

وقال السويحة في منشور له في صفحته في فايسبوك ان الجلسة في “مول اوف اسطنبول” امتدت لثلاث ساعات، جاهد فيها علوش للحفاظ على ابتسامته ودماثته وتهذيبه، خلافاً لأحد مرافقيه، وقال انه حين واجه علوش بالقول: “سلوك جيش الإسلام مريب من أول لحظة لخطف رزان وسميرة ووائل وناظم، لما هو رفض حتى “يغيث الملهوف” لما ياسين الحاج صالح حكى معه، ولما جيش الإسلام ولا حتى عمل حاله انو هو بصدد إجراء تحقيق، ولا زاروا عناصره مكان الخطف وتفحّصوه”.

وأضاف: “عندها، قهقه إسلام علوش على طريقة برامج الأطفال وقال لي: “إنت شكلك كثير متأثر بالأفلام والمسلسلات، انشالله مفكر التحقيق الجنائي انو يجي واحد شايل مكبر وبيل ويقعد يدور على بصمات بفرشاية، الشغلة أعقد، أعقد بكثير!”.

————————

معاذ الخطيب ينتصر ل”جيش الاسلام”:فرنسا قوة إحتلال في سوريا

نشطت حملات الدفاع عن الناطق الرسمي باسم “جيش الاسلام” الموقوف في سوريا، بإدانة فرنسا، واعتبار وجودها العسكري في سوريا هو “احتلال جديد”.

واللافت ان الكشف عن القواعد الفرنسية، تم في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي عبر سلسلة تقارير اعلامية غربية، فيما تحدثت وكالة “اناصول التركية” في ذلك الوقت عن ان الجنود الفرنسيين، يشاركون القوات الأميركية في جميع النقاط العسكرية التي يعسكرون بها، ويقومون بحماية وتأمين تحركات القوات الكردية في شرق البلاد، بالتعاون مع الجيش الأميركي.

لكن منذ ذلك الوقت، لم يعتبر الناشطون والمعارضون السوريون هذا التواجد “احتلالاً”، قبل أن يتم استحضار هذا التواجد العسكري بالتزامن مع الكشف عن توقيف اسلام علوش في فرنسا.

ونشر الرئيس الاسبق للائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب خريطة تظهر الانتشار الفرنسي في سوريا، وكتب: ” لا يكون المحتل نزيهاً لا في السياسة ولا في القضاء وهو يشارك في القتل وفق الإرادات الدولية ويعمل جهاراً للمشاركة في نهب بلدنا وفي الخفاء لدفع سورية إلى التقسيم. فرنسا دولة احتلال”.

ويعتبر الخطيب أحد المقربين من “جيش الاسلام”، وتتحدث تقارير اعلامية سورية معارضة عن أنه كان أحد أركان التواصل مع “جيش الاسلام” خلال المفاوضات مع روسيا لاخلاء الغوطة الشرقية لدمشق في العام 2018.

ونشطت حملات الدفاع عن علوش بعد توقيفه، وظهر ذلك في العديد من التغريدات التي تطالب فرنسا بإطلاق سراحه وإعادته الى تركيا.

—————————

==============

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى