أفلام

مشاهدة فيلم “إلى سما” ومقالات تناولت الفيلم

«إلى سما» وسينما الصراط الشائك/ صبحي حديدي

على امتداد تاريخها العريق، متعدد الحضارات والممالك والأعراق والثقافات والمعتقدات، حفلت سوريا بانفرادات شتى في ميادين مختلفة؛ لعلّ بين أكثرها ألقاً أنها بلد الأبجدية الأوغاريتية، الأكمل والأقدم في التاريخ البشري؛ وأشدّها دموية ابتكار نظام بشار الأسد سلاح تدمير شامل بدائي وحشي اسمه البرميل المتفجر، أسقط منه الآلاف على المدنيين العزّل؛ وأكثرها مدعاة للحزن أنّ دمشق، أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، هي اليوم الأسوأ من حيث المعيشة، في مستويات الاستقرار والرعاية الصحية والثقافة والبيئة والتعليم والبنى التحتية، حسب مؤشر الـ«إيكونوميست» للعام 2019,

الأحدث عهداً في هذا السجلّ السوري أنّ الطفلة سما، ابنة وعد وحمزة الخطيب وإحدى شخصيات الشريط التسجيلي «إلى سما»، إخراج وعد الخطيب وإدوارد وتس؛ سوف تكون أصغر مشارك في حفل توزيع جوائز الأوسكار للعام 2020، مساء اليوم. وقبل أيام سجّل الشريط رقماً قياسياً، فنياً وجمالياً هذه المرّة، إذْ صار الوثائقي الأكثر ترشيحاً للجوائز في تاريخ الـ«بافتا»، جائزة الأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتلفزيون، فبلغت ترشيحاته أربعة: شريط متميز بريطاني، شريط متميز أوّل من بريطاني كاتب أو مخرج أو منتج، أفضل شريط بغير اللغة الإنكليزية، وأفضل وثائقي. وفي مهرجان كان الشهير نال الشريط جائزة «العين الذهبية» لأفضل وثائقي، وحظي بعد انتهاء العرض بالتصفيق وقوفاً طوال ستّ دقائق. «هذه شهادة على قوّة الهامشيّ في الحياة اليومية، واندساسه في شروخ عماء الحرب. وهذا عمل فريد، فوريّ الأثر والتأثير، يستخدم في آن معاً العذوبة والغضب لاقتياد النظرة نحو ما لا نرغب في مشاهدته»، كتب توما سوتينيل في صحيفة |لوموند» الفرنسية.

كذلك نال الشريط جوائز أخرى هامة، بينها أفضل وثائقي في مهرجان هارتلاند، وجائزة التحكيم الخاصة في مهرجان SXSW، وجائزة الجمهور في شيفيلد ونانتكيت ولايتهاوس وبيوغرافيلم، وجائزة التحكيم الكبرى فيAsian Pacific، وأفضل وثائقي في دوربان، والجائزة الكبرى في ترافيرس سيتي… خمسة نجوم هي الحصيلة التقييمية للشريط في الصحف البريطانية التالية: «تايمز»، «دايلي تلغراف»، «إيفننغ ستاندارد»، «فايننشيال تايمز»، «إندبندنت»، «مترو»، «فيلم نيوز»، و«غارديان»؛ وفي هذه الأخيرة كتب مايك ماكاهيل أنّ الأهوال التي يسجلها الشريط كانت تجازف بإحداث فرط العاطفة المحضة، غير أنّ «الأطفال المارّين أمام العدسة، المصابين بالذعر، وبالندوب غالباً، سوف يُبلغون أنّ سوريا ليست مكاناً للإفراط العاطفي. حتى سما، الطفلة مغمضة العينين، تبدو وكأنها تعيش على زمن مستعار».

وفي يقيني شخصياً، لعلّ عبقرية «إلى سما» تبدأ من هاهنا تحديداً، أو هذه هي نقطة الانطلاق الكبرى في تثبيت خصوصيات الشريط العديدة، المتشابكة والمتكاملة: الفنية، التي تخصّ السينما التسجيلية، امتيازاتها ومخاطرها، محاسنها ومزالقها؛ ثمّ تلك الأخلاقية والشعورية والإنسانية، حيث السراط الشائك، غير المستقيم، كثير التعرّج، ولكن البهيّ دائماً، بين تدوين الحقيقة الفعلية (كما يتوجب على التسجيل)، واستثمار معطياتها في الدرس التوثيقي، من دون انزلاق نحو انحياز غير أمين، أو إخلال عن سابق قصد تزييفي. في عبارة أخرى، باتت كثيرة الأعمال الوثائقية التي عكفت على تسجيل الواقع السوري بعد انتفاضة 2011، من زوايا مختلفة صادقة الالتقاط وجبّارة التدوين؛ أو انطلاقاً من أجندات مسبقة، تنميطية أو ميلودرامية أو حتى استشراقية إكزوتيكية. امتياز «إلى سما» أنه، بالفعل، يسير على محكّ تسجيلي سردي بالغ المحاذير وطافح بالمغريات في آن معاً، يقارب العاديّ والمألوف والآدميّ المحض، من قلب معادلة تراجيدية شاقة بقدر ما هي مجزية: أنه يُدرج عذوبة الحبّ، وغبطة الأمومة، وبهجة الصداقة، وتضامن أبناء المحنة الواحدة؛ ويرشقها، من دون زخرف أو نفخ أو تضخيم أو إسفاف، على خلفية من حلقات موت محتم مفتوح، أو مشاريع استشهاد وشيكة في أية برهة كما يصحّ القول.

وفي حدود ما أعرف شخصياً، وبعد شريط أسامة محمد الرائد « ماء الفضة» تحديداً، فإنّ «إلى سما» هو المحاولة السورية الثانية الأنجح على درب ما صارت فنون السينما التسجيلية تثمّنه تحت مسمّى الـ Docufiction؛ حيث التقاطع وثيق، ودقيق محسوب بميزان الذهب، بين التوثيق والسرد، وبين شاشة أولى تلتقط الواقع وتنقل الفعليّ؛ وشاشة أخرى ضمنية تحكي خيطاً قصصياً هنا، أو ترسم شخصية راوية أو حتى روائية هناك. اشتغال التسجيل يبدأ من هاتف وعد المحمول، خلال أولى مظاهرات جامعة حلب سنة 2012، لكنه ينتقل إلى مشاهد فائقة التنفيذ، متوازنة في التنويع بين همجية القصف وقوّة البقاء، وبين علاج الضحايا والاحتفاء بالأحياء، وبين العرس والفجيعة، وكيس رزّ مليء بالديدان ينتهي حول وجبة عائلية دافئة. وأمّا اشتغال السرد فإنه أقرب إلى حياكة معلَنة لنسيج مرئي لتوّه، يتعاقب على صناعته كلّ مشارك في كلّ مشهد، ويستوي أن يكون الفتى الذي يودّع أخاه الأصغر الشهيد، أو عفراء التي تطبخ وتضمد وتمازح، أو طفلها الذي يغالب الدموع وهو يرجح سبب بقائه في حلب، أو حمزة الطبيب الذي يعالج ويعشق ويربّي…

ليس «إلى سما» انعكاس مرآة في مرآة، كما يُقال عادة عند توصيف العلاقة بين التوثيق والميديا الرقمية؛ بل هو احتشاد بليغ الرسالة ورفيع الأدوات لأفضل ما يمكن للسينما التسجيلية أن تقترحه في تكريم الضحية، وتبيان المأساة، وإحقاق التاريخ.

كلمات مفتاحية

القدس العربي

————————–

المخرجة السورية وعد الخطيب على سجادة الأوسكار: رسائل سياسية/ عماد كركص

لم تفُز المخرجة السورية وعد الخطيب، مساء الأحد، بأوسكار أفضل فيلم وثائقي طويل هذا العام عن فيلمها “إلى سما” (حصل على الجائزة فيلم “أميركان فاكتوري”)، لكنها نجحت بإيصال رسالة الشعب السوري إلى العالم، مؤكدة أنّ على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تحمّل المسؤولية عمّا يحدث في سورية.

وتألقت الخطيب على السجادة الحمراء في لوس أنجليس الأميركية، بفستان وردي فاتح كُتب عليه بالعربية “تجرأنا على الحُلُم، ولن نندم على الكرامة”، من تصميم مصممة الأزياء السورية ريم مصري، في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 92، بعد أسبوع واحد فقط من فوزها بجائزة “بافتا” في لندن، عن فيلمها الذي تستعرض فيه 5 سنوات من حياتها، عاشت فيها تفاصيل الثورة السورية في حلب، وتزوجت وولدت ابنتها سما.

عندما سُئلت الخطيب في لقاء معها قبل بدء حفل الأوسكار، عما إذا كان لديها رسالة تود توجيهها للرئيس الأميركي، قالت: “عليه أن يتحمل المسؤولية عما يحدث، كل ما حدث للشعب السوري كان سببه مطالبته بالحرية والكرامة، وأعتقد أنّ كل رئيس في العالم يريد أن يكون شعبه حرًا”.

    View this post on Instagram

    Director of the #Oscar-nominated @forsamafilm @waadalkateab will hit @theacademy red carpet tonight wearing a dress inscribed with a message: “We dared to dream, and we will not regret dignity.” In our film, which is up for Best Documentary Feature, Waad documented five years of her life in Aleppo — capturing a rarely seen look at the Syrian conflict through the lens of a young mother. . You can watch Waad and @edwardwatts’ “For Sama” at the link in our profile, and root for it tonight at the #Oscars! We’re thrilled to share this honor with our partners at @channel4news @channel4 @itnproductions @pbs @pbsdistribution @wgbh, and good luck to all of tonight’s nominees. . #oscars #oscars2020 #ForSama #ForSamaFilm @actionforSama #frontlinePBS #PBS #Documentary

    A post shared by FRONTLINE (@frontlinepbs) on Feb 9, 2020 at 3:07pm PST

وأردفت: “لو لم يدعم الروس نظام بشار الأسد، لم أكن لأقف هنا لأخبر قصةً مروعةً، بل كنا سنتحدث عن نهاية ناجحة لثورة رائعة. لسوء الحظ لم يحدث هذا، لأنّ ما من دولة غربية تتحمل مسؤوليتها تجاه هذا العالم”.

وكتبت الخطيب على صفحة “إلى سما” الرسمية على “فيسبوك”، بعد إعلان النتائج: “نشكر كل من دعمنا، من بداية عرض الفيلم في المهرجانات عام 2019، وحتى وصوله إلى حفل توزيع جوائز الأوسكار الليلة، خضنا رحلة رائعة لمشاركة قصتنا مع الجمهور في جميع أنحاء العالم، ولم ينتهِ عملنا هنا، سنستمر في إخبار القصص المهمة والتيقن من أن صوت الشعب السوري لا يمكن إسكاته”.

ويُذكر أن فيلم “إلى سما” لم يكن الفيلم السوري الوحيد الذي رُشح لنيل جائزة أوسكار هذا العام، بل كذلك وصل المخرج السوري فراس فياض أيضًا إلى السجادة الحمراء، بفيلمه “الكهف” الذي رُشح لنيل جائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي قصير. وينقل الشريط التفاصيل المأساوية التي كانت تحدث في مستشفى الكهف السري في الغوطة الشرقية لريف دمشق، أثناء حصارها بين عامي 2012 و2018، من خلال رصد الحياة اليومية لـ3 طبيبات وطبيب سوريين، يساعدون ضحايا قصف النظام للمدنيين.

وكانت الخطيب قد عبّرت، في حديث مع “العربي الجديد”، عن فخرها بترشيح فيلمها للأوسكار، واصفة إياه بأنّه فعل مهمّ بحدّ ذاته، مضيفة “الترشّح أو أي اهتمام يحيط بالفيلم إضافة للعمل وللقضية السورية، خصوصاً في ظل الوضع السيّئ حالياً الذي يعيشه الناس في إدلب من قتل بالأسلحة الروسية ونيران النظام السوري، بالإضافة إلى معاناة المهجرين والنازحين؛ كل هذه الأمور تسحب الضوء أكثر باتجاه سورية وما يحدث فيها”. وأوضحت: “في الفيلم لم نتحدّث عن قصة بدأت وانتهت، وإنما عن حالة يعيشها السوريون بشكل يومي، ولذلك أتمنى أن يكون الترشيح سبباً في أن يهتم العالم أكثر بالوضع السوري، وأن يشاهدوا الفيلم ويفهموا بشكل أوسع طبيعة ما يحدث بشكل حقيقي”.

وعن طبيعة الفيلم، هل هو فيلم عن الحرب والدمار، أم أنها تفضّل أن يتمّ تنصيفه بشكل مختلف، قالت: “من المؤكد أنّ الفيلم يتناول أهوال الحرب السورية، والتي لا يمكن لأحد تجاهلها، لكن في ذات الوقت فإنه يحمل رسالة حب إلى ابنتي سما، وإلى الجيل القادم، وللحرية التي آمنا بها، والتي كنا نسعى للحصول عليها يوماً ما في سورية. ويحمل كذلك رسالة حب إلى مدينتي حلب التي أنتمي لها، والتي ستبقى بلدي ووطني إلى الأبد”.

وعد التي لم تتوقّع أن يحدث شريطها الوثائقي أي تغيير في نظرة العالم إلى سورية، فوجئت بعدد الجوائز التي رشح لها العمل، وفاز بها لاحقاً: “قبل عرض الفيلم كان همي أن أسرد القصة فقط، كما رأيناها نحن على حقيقتها، ولا نترك المجال فقط للرواية الرسمية للنظام الذي كان يعمد لتشويه كافة الحقائق عن الحوادث التي مرت بها الثورة. لكن بعد العرض في المهرجانات، لمسنا ردة فعل الناس التي كانت عظيمة ومشجعة، وأغلب من شاهد الفيلم تفاعل معه”.

وأشارت وعد إلى أنّ “الجوائز الدولية مهمة، لكنها لا تعني شيئاً أمام مأساة السوريين. فقصة العمل فيها دم وأرواح وذاكرة شعب كامل تمحى بفعل فاعل”.

العربي الجديد

—————————-

أفضل وثائقي في “بافتا” لفيلم “إلى سما”.. الجائزة رقم 53/ مصطفى ديب

حصد فيلم “إلى سما” خلال عامٍ فقط واحد أكثر من 50 جائزة عالمية، وحاز صدىً لم يكن متوقّعًا بالنسبة لمخرجته وعد الخطيب التي عملت على مدار خمس سنوات أمضتها داخل الجزء الشرقيّ من مدينة حلب على توثيق مئات المشاهد والأحداث من حولها: موتٍ يوميّ، مجازر، دمار تتّسع رقعته، وحصار خانق أذاق المدنيين داخل أحياء حلب الشرقية الأمرّين طيلة 6 أشهر، وثّقت فيها الخطيب هلع الناس وخوفهم من مصير كان مجهولًا.

بين مكان سكنها، حيث زوجها وابنتها سما التي حمل الشريط اسمها، وأحياء حلب الشرقية المُحاصرة، تجوّلت وعد الخطيب بكاميرتها والتقطت ما التقطتهُ دون هدفٍ واضح، ودون أي مخطّط مسبق بتحويل ما تصطاده عدستها لمواد خام لفيلم أو ما شابه. الهدف الوحيد كان توثيق أكبر قدر ممكن من الحوادث من حولها، باعتبار أنّ الحياة في ذلك الجزء الصغير من العالم، كانت مهدّدة على مدار الساعة، وقد تنتهي في أي لحظة.

وإذا بالمشاهد البسيطة، جماليًا وفنّيًا، والصادمة لجهة الحدث الموثّق، تصير فيلمًا سينال جائزة مهرجان كان السينمائي لأفضل فيلم وثائقي في دورته الـ 72، أي العين الذهبية، بالإضافة إلى جائزة الجمهور في مهرجان أمستردام الدوليّ للأفلام الوثائقية، وأربع جوائز حصدها في مهرجان بريطانيا للأفلام المستقلّة، عدا عن ترشيحه إلى القائمة الطويلة لجائزة الأوسكار، وبلوغه قائمتها القصيرة، ومنحه يوم أمس، 2 شباط/ فبراير الجاري، جائزة “الأكاديمية البريطانية للأفلام” (BAFTA) لأفضل فيلم وثائقي أيضًا، ليصل عدد الجوائز التي نالها الفيلم 53 جائزة.

رأت وعد الخطيب في حصول فيلمها على جائزة “BAFTA” مناسبة للتذكير والإشارة إلى الأوضاع المأساوية التي يعيشها المدنيون في إدلب، والقصف الكثيف الذي يتعرّضون له هناك، حيث قالت في كلمتها أمام القائمين على المهرجان وجمهوره: “المدنيون في إدلب يجب أن يسمعوا صوتكم الآن”، قبل أن تُهدي الجائزة إلى “السوريين الأبطال في داخل سوريا، والأطباء والممرضات والدفاع المدني وكل من يسهم في إنقاذ المدنيين هناك”.

من أصل 5 سنوات من التصوير والتوثيق، اختارت الشابّة السورية 96 دقيقة فقط لتكون مادّة فيلمها الذي أرادته أن يكون مجموعة متلاحقة من الأحداث الكفيلة بأن تقبض على أنفاس المشاهدين، حيث نراها، وعد، تغنّي لطفلتها الرضيعة، وما إن تتجاوب معها، حتّى تهتزّ الغرفة بفعل مجموعة قذائف مدفعية متلاحقة ضربت المشفى الذي يسكنون فيه، لتبدأ حينها رحلة ماراثونية من الغرفة إلى الملجأ، حيث تصوّر لنا حركة الطاقم الطبّي المنشغل بالمصابين، محاولين تجاهل فكرة أنّهم قد يكونوا هم أيضًا، بعد قليل، ضحايا.

لا تخفي الخطيب، ضمن أكثر من مشهد من مشاهد الشريط، إحساسها بالذنب لأنّها أنجبت ابنتها، سما، في مكانٍ مستهدف، ومحاصر، ولا فرص للنجاة فيه ومنه أيضًا رغم كلّ المحاولات. سيأخذ شعور وعد بالذنب منحىً تصاعديًا مع اشتداد القصف وتصاعد المعارك، ورؤيتها لمشاهد صادمة، منها نجاتها من قصف الطائرات الحربية الروسية لمشفى “القدس” بتاريخ 27 نيسان/ أبريل 2016، وولادة رضيع تعرّضت والدته لإصابات خطيرة جرّاء القصف، ومحاولات إنعاشه بطرق ووسائل بدائية، انتهت بعودته إلى الحياة.

تُحاول المخرجة السورية التخفيف من حدّة المشاهد الصادمة من خلال مشاهد قليلة تركّز على حياتها الشخصية مع زوجها وابنتها، وكذا لحظات اللقاء بأصدقاء تفصل بينهم مسافات قليلة، ولكن القصف الشديد يحول دون اجتماعهم.

رغم ذلك، لم تتوان الخطيب، مناسبةً بعد أخرى، عن التعبير عن محبّتها لحياتها داخل حلب، رغم خطورتها. تقول في واحدٍ من تصريحاتها الصحفية: “في بداية زواجنا، اتفقنا أنا وحمزة ألا ننجب، إذ يكفينا أن نربط مصيرينا معًا، لكننا أدركنا أننا سنمضي حياتنا هنا، وأننا لن نترك المدينة بقرار شخصي، ولم نكن وقتها نعلم شيئَا عن التهجير القسري، لذا قررنا أن نعيش حياتنا الشخصية، ونبني أسرتنا وبيتنا، وأن يكون ارتباطنا بهذه الأرض وثيقًا بعائلة كاملة، وتوجنا ذلك بقرار إنجاب سما”.

الترا صوت

 فيلم سوري من أجل سما

قامت وعد الخطيب بتصوير أكثر من 300 ساعة في مدينة حلب التي مزقتها الحرب وحولت الصور إلى فيلم وثائقي مع المخرج البريطاني إدوارد واتس. وتدور أحداث الفيلم الوثائقي “من أجل سما” في سوريا طيلة 95 دقيقة، وهو يروي حياة شابة تناضل من أجل الحب والأمومة خلال خمس سنوات في سوريا. ووثقت وعد حياتها كصحافية في مدينة حلب المحاصرة، حيث تزوجت بآخر أطباء المدينة، وأنجبت ابنتها سما في العام 2015. الشابة السورية تحولت من طالبة إلى صحفية عندما اندلعت الحرب الأهلية في بلدها.

لمّا استخدمَت وعد الخطيب هاتفها المحمول لتصوير أولى التّظاهرات المناهضة للأسد في جامعتها في حلب، تهيّأ لها أنّ الثّورة المتفتّحة آنذاك تعزيزاً من الاضطرابات الشّعبية الكاسحة في أنحاء الشّرق الأوسط، ستكون بداية حقبة جديدة للسوريين. فالوصول إلى هذه المرحلة لم يكن سهلاً في بلدٍ تُعاقَب معارضة النّظام فيه بالسّجن والضّرب حتى الموت. وبدا الأمر وكأنّ سلطة الشّعب ستتمكّن أخيراً من إرخاء قبضة بشار الأسد على الحكم وإسباغ الكرامة والحرية اللتين طالما تاق إليهما المواطن السّوري.

“كنا متفائلين ومؤمنين جداً بقدرتنا على التّغيير، ولا نعني بذلك تغيير ملامح الحياة في سوريا وحسب، بل تغيير ملامح العالم ككلّ والقيام بأمور رائعة أيضاً”، تُخبرني الخطيب فيما نجلس في غرفة طعامٍ مشرقة وغائرة في المقرّ الرئيسي لـ”شبكة التلفزيون المستقلّة” (ITN) في لندن. لكن لسوء الحظ، “جرت الرّياح بما لا تشتهي السّفن”، تُضيف الخطيب بلوعة مَن عايش فظائع تفوق حدود تصوّرنا عنها.

أثناء نشأتها، حلمَت الخطيب بأن تُصبح صحافية. لكنّ أهلها لفتوا نظرها إلى صعوبة القيام بمهام الوظيفة في بلدٍ كسوريا. فما كان منها إلا أنّ تخلّت عن حلمها وتحوّلت لدراسة العلوم الاقتصادية والتّسويق. وفي العام 2011، انضمّت إلى صفوف المتظاهرين لتُمسي بسرعة البرق نسخةً عن المرأة الذي لطالما أرادت أن تكونها.

وعلى مدى الأعوام الخمسة المقبلة ومنذ اقتنائها آلة تصوير احترافية، انكبّت على تصوير حياتها وحياة الأشخاص من حولها فيما يحاولون بناء مجتمعٍ خارج عن طوع الحكومة شرق مدينة حلب التي يُسيطر عليها الثوّار – بدلاً من الهروب بحثاً عن حياةٍ أفضل. وعندما حاصرت قوات النظام وحلفاؤه الرّوس المنطقة وأحكموا قبضتهم عليها، خيّروهم بين الرّحيل والبقاء لتحمّل العواقب.

وبالنّسبة إلى الخطيب وزوجها الطّبيب حمزة – مؤسّس “مستشفى القدس” التي اتخذا منها محلّ إقامة لهما شرقي حلب – فقد اختارا الرّحيل إلى المنفى وطلب اللجوء في المملكة المتحدة مع ابنتيهما البكر وطفلهما الثاني الذي لم يكن مولوداً حينها.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2017، فازت الخطيب بـ”جائزة “إيمي” العالمية عن التّقارير المصوّرة التي أعدّتها لبرنامج “أخبار القناة الرابعة” البريطانية (Channel 4 News) خلال فترة حصار حلب بين يونيو (حزيران) وديسمبر (كانون الأول) 2016. في ذلك الوقت، كانت الخطيب قد بدأت العمل فعلاً على مشروعٍ جديد بالتعاون مع إدوارد واتس، صانع الأفلام البريطاني الحائز على “جائزة إيمي” عن فيلمه الوثائقي “الهروب من داعش” (Escape from Isis). وكانت “القناة الرابعة” قد دبّرت لقاء الاثنين في أعقاب سؤال أحدهم للخطيب عمّا إذا كانت تمتلك تسجيلات أخرى غير معروضة وردّها عليه بـ” طبعاً، كلّ هذا”.

“هذا” الذي قصدتَه الخطيب في كلامها، عبارة عن كنزٍ دفينٍ واستثنائي من المواد المُصوّرة على امتداد نصف عقد من الزّمن. في هذه التّسجيلات، التقطت الخطيب التفاصيل اليومية الأوّلية للمواطنين العاديين في زمن الحرب والنّزاع. فكانت عدستها الشّاهد الأمين على بطش نظام الأسد وشركائه الروس من جهة، وصمود السوريين وكفاحهم من أجل البقاء من جهة أخرى. في هذه التسجيلات، هناك مشاهد سفك الدّماء والموت والبؤس التي أمست السمة الغالبة على الحياة اليومية في المستشفى، وهناك أيضاً مشاهد سعيدة كحفل زفاف الخطيب من حمزة وانتقال الثنائي إلى منزلٍ جديد والأوقات التي تقاسماها مع الأصدقاء ومزاح الناس مع بعضهم البعض وابتهاج الأطفال برسمهم بقايا حافلة متفجّرة وكتابة حمزة رسالة حب لزوجته في الثلج ولحظة اكتشاف الخطيب موضوع حملها بطفلتها البكر، سما.

فعلى اسم هذه الصغيرة التي أبصرت النّور خلال الحرب، سُمّي “إلى سما”، الفيلم الوثائقي الأليم والمفجع عن كلّ ما سبق ذكره والذي يُعرض حالياً في صالات السينما بعد حصده عدداً كبيراً من الجوائز، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: جائزة “العين الذّهبية” لأفضل فيلم وثائقي في “مهرجان كان السّينمائي الدولي” هذا العام. لكن، بنظر الخطيب التي ألتقيتُها مع حمزة للمرة الثانية بعد الحفل الفرنسي، ردود أفعال الناس إزاء الفيلم وأحداثه هي أكثر النتائج مبعثاً للرضا.

“صحيح أنّ مهرجان كان كان محطةً بارزة وخطوة كبيرة في مسارنا. لكننا شهدنا بعده الكثير من الأمور الجيدة. وما أثار مفاجأتنا حقاً هو النظرة الموحّدة للفيلم وتشاطر الناس من مختلف البلدان والجنسيات المشاعر نفسها إزاء ما رأت عيونهم من ويلات، قل الغضب العارم أو الحزن العميق والرّغبة في التحرّك. وهذا، بالنسبة إليّ، أفضل جائزة يستحقّها الفيلم الذي يهدف بشكلٍ أساسي إلى إحداث تغيير في حياة الأشخاص”، تقول الخطيب.

فالعالم مكث مكتوف اليدين أمام نداءات الاستغاثة التي أطلقها سكان حلب حينما كانوا تحت الحصار. والأمر نفسه يحدث حالياً مع إدلب التي زحف إليها آلاف السوريين ملتمسين اللجوء. ويظهر أنّ كل يوم يمرّ يجلب معه أخبار فظائع جديدة ويقضي على أمل كلّ مواطن سوري في العيش بسلام وأمان. “حين كنّا في حلب، لم أُصدّق أنّ أحداً لم يرغب في القيام بأيّ عمل فعلي من أجل إنقاذنا وإنقاذ بلادنا. والآن، لا أستطيع أن أصدّق أنّ الأمر يتكرر رغم كلّ ما شاهده الناس (من خارج سوريا) وكلّ ما سمعوه من أخبار النازحين. ما سبب ذلك يا ترى؟ ولمَ لا يُحرّك أحدٌ ساكناً؟”، تتساءل الخطيب.

وفي معرض حديثها، تُقرّ الخطيب وتعترف بأنّها تشعر “بالذنب الكبير” لوجودها هنا بعكس كثيرين لا يزالون يُعانون الأمرين في سوريا. ولهذا تسعى جاهدة لاستغلال فيلمها “إلى سما” لإقناع أصحاب السلطة والنّفوذ بالتدخّل. أما حمزة، فيُسرّ من جهته أنّ زيارتهما لمنظمة الأمم المتحدة في يوليو (تموز) الماضي أشعرتهما “بالعجز واليأس” كما العديد من الناشطين.

ومع هذا كلّه، يُعتبر فيلم “إلى سما” دليلاً دامغاً من قلب الأحداث والمعارك في سوريا، وسلاحاً قوياً في الحرب على المعلومات المضللة والحملات الدّعائية السّامة التي يُروّج لها النظام ومؤيّدوه. لذا لم تتردد مديرة السّياسة في جمعيّة “أطباء لحقوق الإنسان”، سوزانا سيركين، بتسميته في شهادتها أمام مجلس الأمن في 30 يوليو (تموز) الفائت، لدعم نقاشها عن “التدمير المنهجي وواسع النطاق للمرافق الصحية ومقتل مئات الأطباء والممرضين والصيادلة والمسعفين على يد النّظام السوري وحلفائه الرّوس.”

لم يكن النزاع يوماً “حرباً مباشرة بين جيشين مختلفين يتصارعان مع بعضهما البعض”، يشرح حمزة. “لطالما كان حرباً جارفة ضد كلّ من يُريد منطقةً غير خاضعة لسيطرة الحكومة. ما يبغيه النّظام إذن هو كسر إرادة الشعب وقدرته على الصمود؛ ولهذا، تراه يستهدف بشكلٍ أساسيّ المخابز والمدارس والمستشفيات. هذه هي وسيلته المباشرة لإفهام الناس أن من المستحيل عليهم العيش بعيداً عن حكم الأسد.”

وفي الوقت الذي يدّعي فيه النّظام أنه يحارب الإرهابيين وحسب، يأتي “إلى سما” ليُثبت العكس، تقول الخطيب. فتجربتها وتسجيلاتها المصوّرة “دليل كبير على أنّ النّاس في أرض المعارك سوريّون، وليسوا أجانب وإرهابيين أو داعش، حسب ادّعاء النّظام.”

وعلى الرّغم من أنّها لا تنتمي إلى أيّ طرف من أطراف النّزاع، عاشت الخطيب في ظلّ القصف والغارات الجوية وبين البراميل المتفجّرة وتبادل إطلاق النيران، مدركةً أنها “قد تموت في أي لحظة”. وبواسطة آلتها للتصوير، سجّلت ما أمكنها من الأحداث، آملة -لكن غير واثقة من- أن تبقى على قيد الحياة وتتمكّن من اتخاذ قرار بشأن ما صوّرته.

وإن كان “إلى سما” موجود اليوم، فوجوده بحدّ ذاته معجزة؛ إذ منذ بداية الانتفاضة والأسد يُحاول السّيطرة على الأخبار من خلال تضييق الخناق على الصحافيين والمزوّدين بآلات تصوير. “كنت العدو الأول للدولة”، يقول صانع الأفلام السوري سايد البطل الذي فاز فيلمه الوثائقي “لسّه عم تسجّل” بجائزة “أسبوع النّقّاد الدوليين” في “مهرجان فينيسيا السّينمائي” عام 2018. “في البداية، كانت تصفيتنا بنظر النّظام أهمّ من تصفية أيّ أحد آخر.”

حاول النّظام كذلك طمس الحقيقة. فالخطيب تتذكّر وتروي في ما يلي كيف قام التلفزيون الرّسمي بتغطية حادثة معيّنة كانت شهدتها بنفسها في “جامعة حلب”: “قبل ساعة واحدة فقط، تشهد بأمّ عينك تعرّض 50 طالباً للاعتقال والضرب. ثم تعود إلى المنزل وتشاهد قناة (الدولة) الرّسمية، وتتفاجأ بعدم ذكرها أياً ممّا حصل. ولما يُقابل صحافيّوها الناس في الشّارع، يسألونهم: “هل حدث شيء ما اليوم؟” فيُجيبهم هؤلاء بـ”كلا، كل شيء على ما يرام. لا بأس.”

في البداية، كنّا نصوّر بالهواتف المحمولة. “تلك كانت طريقتنا الوحيدة لنُقنع أنفسنا والنّاس بوجود خطب ما. فإما نكون مع أو ضد، لكن أبداً على الحياد”، على حدّ تعبير الخطيب.

في مرحلةٍ ما في فيلمها، تعرض الخطيب مجموعة شنيعة من المشاهد لجثثٍ انتُشلت من النهر وعُرضت في الحي للتعرّف عليها. كانت كلّها مقيّدة ومعذّبة ومقتولة برصاصة في الرأس وقيل لنا إنّها تعود لأشخاصٍ شوهدوا أحياء للمرة الأخيرة عند نقطة تفتيش حكومية.

وفي هذا السياق، لفتتُ نظر الخطيب إلى أنّ هذه المشاهد بالذات لها قيمة خاصة لأنّها ستحول دون تكرار ما حصل عام 1982 لمّا أقدمت القوّات التّابعة لوالد بشار الأسد، الرّئيس الرّاحل حافظ الأسد، على إخماد ثورة في حماة بقتل 20 ألف شخص. حينها وفي غياب أدلّة تصويرية تُثبت ما حدث، تمكّن النّظام من إسكات الأصوات التي اعتبرتها مذبحة، مكتفياً بوصفها بـ”الحادثة”.

“إنّها واحدة من الأسباب المهمة التي جعلتنا، نحن السوريين، ندرك أهمية التصوير. ولأنّ جلّ ما نعرفه عن أحداث حماة يقتصر على ما رواه لنا أهلنا. وحتى هؤلاء لا يعرفون ما جرى بدقة. فكّرنا في تصوير كل شيء حتى يكون بمثابة دليل دامغ وإثبات راسخ. ومع ذلك، لا يزال هذا الأخير حتى اليوم ينفي كلّ ما حدث ويحدث بطريقةٍ غبيّة”، تُعلّق الخطيب.

وحمزة يوافقها الرأي قائلاً: “عندما بدأت الثورة عام 2011، فكّرنا أننا لسنا في حماة ولسنا في العام 1982. فنحن لدينا الآن وسائل إعلام وهواتف محمولة وإنترنت وسنتمكّن من إطلاع العالم على كل ما يجري حولنا. ولكن، للأسف، النتيجة هي هي،” يقول متنهداً.

والثّنائي وعد وحمزة لم يلتقيا قبل اندلاع الثورة؛ ولولا الأحداث العنيفة التي جمعتهما لكان كلّ واحد منهما قد مشى في طريقه واتّبع خططه المنفردة للعمل خارج سوريا. “بالنّسبة إلى معظم أبناء جيلنا، هذا هو الحلم. فالواحد منّا لا يمكنه أن يبني لنفسه حلماً في بلدٍ محكومٍ من أسرة واحدة،” يؤكّد حمزة.

وسوريا معروفة أينما كان في العالم بأنّها “سوريا الأسد”، ومن غير المسموح لأحد حتى الأطفال أن ينسوا هذه الحقيقة وهوية القائد. ففي المدرسة الابتدائية، يُلقّبون التلاميذ بالـ”أشبال” أيّ صغار الأسد. وفي المدرسة الثانوية، يُلحقونهم تلقائياً بحزب البعث. وبعد الجامعة، لو أراد أحدٌ منهم أن يعيش بسلام تحت راية النّظام، فسيكون عليه أن يأكل ويشرب ويعمل من دون أن يتكلّم عن الحكومة، تستذكر الخطيب.

“كانت حياتنا أشبه بالحياة داخل مزرعة، صاحبها هي عائلة الأسد ونحن حيواناتها،” تقول الخطيب. لقد سبق وسمعت هذا الوصف من قبل. هل هذه فعلاً الطريقة التي يرى فيها السوريون أنفسهم؟ أسأل. “إنها ليست الطريقة التي نرى فيها أنفسنا. هذا ما كان عليه وضعنا حقيقة”، تُجيب الخطيب بإصرار.

وتتابع: مع إنطلاقة شرارة التظاهرات، “شعرتُ للمرة الأولى أنني لم أعد أرغب في الرحيل. أردتُ البقاء لاعتقادي بأنّه أصبح لدينا فرصة. وما لم نستغلّ هذه الفرصة الآن، سنخسرها للأبد. كان التحرك حينها الخيار الأفضل من التزام الصمّت والبقاء تحت قبضة النظام للأبد”.

وبطبيعة الحال، ردّ الأسد على التظاهرات بمستويات صادمة من العنف، مُغرقاً سوريا في حالة من الفوضى الدّموية التي لا تزال مستمرة منذ ثماني سنوات.

وفي مستشفى حمزة البدائية في شرق حلب، كانت الخطيب في الأساس فرداً من أفراد مجموعة من “10 أصدقاء مقرّبين جداً جداً. كنّا فتاتين وثمانية شبان نعيش معاً ونأكل معاً ونتشارك في كلّ شيء”. وخلال العام الأول من الحرب (2013-2014)، قُتل ثلاثة من المجموعة. لكنّ هذه المأساة لم تُضعف الآخرين، بل على العكس قوّت عزيمتهم وزادتهم صلابةً.

وفيما كان النّظام ينشر الموت والرّعب بين الناس، كانت الخطيب وحمزة يؤكدان على قيمة الحياة بوقوعهما في حب أحدهما الآخر. وما “زاد الأمور تعقيداً،” تقول صانعة الأفلام، “أنّه كان متزوجاً من قبل. ولكننا شعرنا بأننا نتشارك المصير نفسه وسنقوى ببعضنا.”

كان من الممكن لهما أن يُغادرا حلب ويبدآ حياةً جديدة معاً في مكانٍ آمن، لكنّ خسارتهما لأصدقائهما جعلتهما يشعران بأنهما وصلا إلى “نقطة اللاعودة”. “لو رحلنا، لبدا الأمر وكأنّ موتهم ذهب سدىً أو كأننا نقول لهم “حسناً، نحن بخير وسنغادر،” يروي حمزة.

برأي الخطيب، الجزء الأسوأ والأكثر شناعةً هو معرفتهما بأشخاص تعرّضوا للاختفاء القسري من قبل النظام، على غرار قريبها “النّاشط العظيم” محمد العمر الذي أهداها كاميرتها الأولى إبان الثورة أو صديقهما المقرّب، الناشط الإعلامي عبد الوهاب ملا الذي اختطفه تنظيم “داعش”. “كنّا نعلم أنهم ربما لم يعودوا أحياء، ومع ذلك لم نتخلَ لحظة واحدة عن أمل فك أسرهم وإخلاء سبيلهم. ولهذا، كان لا بدّ أن نكون قادرين على إخبارهم بأننا راوحنا مكاننا وعملنا لأجل سوريا، وبأننا لم ننسهم ولم نغادر أرضنا لنبدأ حياةً جديدة في مكانٍ آخر – وأننا باختصار لا زلنا نكافح. هذا الأمر كان مهماً جدا بالنّسبة إلينا.”

فيلم

For Sama 2019

لمشاهدة الفيلم اتبع الرابط التالي

For Sama 2019

للتحميل من أحد الروابط التالية

For Sama 2019

For Sama 2019

صفحات سورية ليست مسؤولة عن هذا الملف، وليست الجهة التي قامت برفعه، اننا فقط نوفر معلومات لمتصفحي موقعنا حول أفضل الأفلام الموجودة على الأنترنت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى