شعر

كتبٌ قرأتها النارُ/ آزيتا قهرمان

أمطار نيسان

من الأفضل أن تكون مشغولاً بنفسك

أو مشغولاً عما يعفيك

من عمل الحبِّ المُضني

المهنة التي تجعل المرء

يحفر أنفاقاً طويلة وعمياء

وراء الجُمل القصيرة

ليرى العالم بعيون اللقالق

ويتعلّم لغة السحالي

أو يكن نملة مصابة بالدوار

تصعد الجدار العالي

بالبذور الخشنة

ومن كل هذا سيكون نصيبُه

الرياح الأخيرة للخريف

وأمطار أول نيسان.

■ ■ ■

“ديف” الليل*

يأتي الليل من زقاق قريب

له رائحة الكتب المحترقة

يرقد على زجاج الغرفة

يلتف حول يد جدتي

ويحدق إلى التدوير البطيء

لحبّات السبحة

على ثنايا تنورتها

وإلى مهد الطفل.

بجيوب فارغة من القمر والنجوم

وبناصيةٍ جريحةٍ

جاء إلى الأقحوانات البيضاء

وساعةِ الحائط

وإلى الأطباق الفارغة

وحكاياتِ الجدّة

بفمٍ مليء بالدخان والرماد.

(الديف – الديو بالفارسية – : الجن يُخوّف به الأطفال في إيران/م)

■ ■ ■

هالةٌ تائهة

أين إيران

أحمل حفنة من التراب

في زاوية من روحي

لا تزال تمطر

على تصميم النخيل المدمَّر

على القمر المقلوب

هل ما زالت إيران مكانًا

على الخريطة الجغرافية

مع جوانب خضراء؛

مع شرايين من الفَيْروز

بينما الريح قد أخذت منزلي

وحقلي وحصاني وضوئي

تركتُ حذائي

بجانب الرواق المكسور

وزوجي إلى واد مظلم

وتركتُ ولديَّ

واحدًا لنهر دجلة

والآخر للفرات

أين إيران

سوى أنها هالة جريحة

في زاوية من الذكرى

وأنتِ متعبة وحدباء وصامتة

تأخذينها معك

في منعرجات الطُرُق

بعضها في القلب

وبعضها على الكتف.

■ ■ ■

الحرية

حتى عندما لم تكن موجوداً

تجلس أمامي

والمصباح يحترق بجانبك

فكيف أصبحت تلك الأشرعة البيضاء

منديلاً صغيراً

فيه صورةٌ حزينةٌ للوتس الأزرق

أصبح بندول الساعة نملةً صفراء

مضغت أصابعَنا

والعطرَ الحارَّ لخدّك الطري

ولونَ التوت الذي

قطفناه؛ أحمر أحمر

والكتب قرأتها النارُ

والريحُ تصفحتها

حتى عندما لم تكن موجوداً

أنت واقف أمامنا

ترفع المصباح في الظلام

وتنادينا بأسمائنا.

■ ■ ■

الكلمات

تفقد نفسها خلف الكلمات

لكي تبحثي عنها

تناديكِ بألحان الريح

كي تديري رأسَكِ

تلوِّح لكِ بجذوة نار

وتتجسّس عليكِ مقنَّعةً

من خلال الجُمل

وتختفي في رائحة السَوْسَن

حتى تتلمَّسي الجدران

وتطرقي الباب القديم

بعد المرور من جسر منزلق

ودرج لولبي رطب

ثم بغتة تجدينني واقفةً بجانبكِ

في شكل امرأة

لا تُشبهها أبدًا.

■ ■ ■

دراجة حمراء

ما زلت أحلم

بدراجتي الحمراء

على شاطئ الصيف الأخضر

ظِلُّ شَعري محطمٌ في الماء

وقبضتي مليئة بالعنب

كان الترعرع نمواً صعباً

شوكٌ وحجر

وخسارة الرخام الملوّن واحدًا واحدًا

والجلوس بدون صديقة

تلعب معي في زاوية من الزقاق

بدراجة صدئة في المستودع

وصورة لطريق أخضر على الجدار.

■ ■ ■

لكن

وقفنا وراء بعضنا بعضًا

لمشاهدة الظلام وغزارة الأمطار

يتوقف المطر

يأتي موسم آخر

ندير رؤوسنا

لكي نشاهد الربيع

لكننا لم نعد نعرف بعضنا بعضًا.

■ ■ ■

بالورد الأحمر

فلتعبر بالورد الأحمر

الذي بين القمصان السوداء

ومن الأعلام الجرداء

فلا توجد طريقة أخرى.

بوردك الأحمر

ومن الزاوية اليسرى للورقة

انزلْ

واعبرْ من خلال الخطوط والسطور

وانعطف صوبَ ذكرياتي

قابلني في بيتٍ أصفر ومهترئ

مفاصل مصاريعه صدئة.

فالنوافذ المليئة باللبلاب والعشب

همساتٌ معقدةٌ ومطوّلةٌ لغبار الأشياء

والتفافٌ حزينٌ للسنوات

حول المخاوف

تعال؛ تعال بوردك الأحمر

ودون أن يروكَ

أشر إلى الجنة.

■ ■ ■

يضيع هنا يومُ الأحد

الريح تجعل

هوامشَ الركض أكثر وضوحاً

للضوء شرفات خفيّة

يضيع هنا يومُ الأحد

من قميصٍ ليس لديه سلطةٌ في القفز

من بين جمع الأسطح والخطوط والأيقونات

الحواجب الدقيقة فقط

كتبت تمرينها القصير

في الليل تمشي يقظةً الغرفةُ

خلف حفيف الورقة

أُصِبتُ بالدوار

كامرأة

تنقذُ فتاة صغيرة من الماء

وهي تنزلق

■ ■ ■

المرآة أقصر من الحوار

ما بقيَ من هذا الحلم

يسيرُ في كلامك

البرتقال بطعم الأعياد

والمرآةُ أقصرَ من الحوار

كان غبار الساعة

يضيع في أثر الخيول

وكنتَ تهبطُ ببطء في جسدي

وكان العامُ القديمُ جرحًا لطيفًا

مع حُكةٍ متواصلة.

■ ■ ■

الأوراق التي ارتديتُها

أقف في مكان سيّئ جدًا

الأشواك وصلت إلى قلبي

وأعلى منه

على هذه الحافة

تقف الرياح في انتظار

ويدي ليس لديها أغصانٌ للكمثرى

ومع كل هذه السحب القتيلة

والمنازل المنطوية

لا يوجد لجرح الرأس من وجهةٍ

تتضخم الوحدة

والغابة تُنْجِبُ

كأنها امرأةٌ سمينة.

عن كل هذا البُعد

لم يصل صوتٌ

إلى الأوراق التي ارتديتُها

الشِّعر كان قد سرق عينيك

وفمَ الطفولة في المنام

أقف في مكان سيئ

وعبارة “أُحبك”

تصبح شكلاً لهطول الأمطار.

* ولدت آزيتا قهرمان في مشهد عام 1962، وتقيم في السويد، وتعتبر من أبرز الشاعرات الإيرانيات اليوم. صدرت لها مجموعات شعرية بالفارسية عديدة وثلاث مجموعات بالسويدية، إلى جانب ترجماتها الشعرية من اللغات الإنكليزية والسويدية والدنماركية إلى الفارسية. من مجموعاتها بالفارسية: “أغاني حواء” (1991)، و”منحوتات الخريف” (1996)، و”النسيان طريقة سهلة” (2002) و”جاءت امرأة ترتديني” (2009).

** ترجمة من الفارسية: حمزة كوتي

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى