سياسة

رسائل رامي مخلوف إلى بشار الأسد -ملف يحوي عشرات المقالات والتحليلات المختارة- ملف محدث بشكل مستمر

========================

رسائل رامي مخلوف إلى بشار الأسد/ صادق عبد الرحمن

ليست جديدة مسحة الورع والتقوى التي ظهرت يوم أمس على رامي مخلوف، فهو كان قد اعتاد، في منشوراته على فيسبوك، على استدعاء اسم الله في كل وقت، مُفتتحاً بالبسملة أو بالسلام الإسلامي الفصيح، ثم مُحدِّثاً بنعمة الله عليه. لكنّ ما بدا واضحاً في الفيديو الذي نشره مساء أمس هو أن هذه المسحة الإيمانية لها غرضٌ آخر غير المداعبة المبتذلة لمشاعر المؤمنين من متابعيه؛ لقد أصرّ مراراً على أن يقول إن الله قد «سَخَّرَه» لفعل الخير عبر أمواله التي أنعم بها عليه، مؤكداً بنبرة تصبح أكثر حزماً وأقرب إلى الغضب عند قول هذه العبارات بالذات، أن «الفضل والعز والكرامة» لله وحده، وأن الله «هو العزيز… يعزّ من يشاء».

يقول رامي مخلوف إذن إن العزّ الذي يعيش فيه من فضل الله وحده، وليس من فضل آل الأسد أو غيرهم. يعرف مخلوف أن أحداً لن يصدقه طبعاً، بما في ذلك أعتى أنصاره وأنصار ابن عمته بشار الأسد، إذا ليس خافياً على أحد كيف صعد الشاب سريعاً في السنوات الأولى من مطلع القرن الماضي ليصير رجل أعمال النظام الأول في سوريا. ولا يبقى سوى احتمال واحدٌ لهذه المناكفة الغاضبة، وهو أن مخلوف يقول لعائلة الأسد إنه ليس من حقهم اقتطاع ما يريدونه من أمواله على هواهم، يقول لهم ذلك عبر فيديو على فيسبوك، ما يشير إلى احتمال انقطاع الاتصالات المباشرة بينهم، أو إلى حاجة رامي مخلوف إلى توجيه رسالة علنية تقيه من إجراءات أكثر قسوة قد يتعرض لها.

في الفيديو نفسه، ينفي رامي مخلوف أن تكون شركاته، ومن بينها سيريَتِل، قد قصّرت في سداد التزاماتها من ضرائب وحصص من الأرباح، مضيفاً أن سبعين بالمئة من أرباحها تذهب إلى الأعمال الخيرية والإنسانية. يتحدث رامي عن ضرائب على أرباح سيريَتِل بلغت ما يقارب عشرة مليارات ليرة سورية سنوياً خلال السنوات الأخيرة، ويذكر أن الرقم الذي تتم مطالبته به الآن يبلغ نحو مئة وخمسة وعشرين مليار ليرة، أي ما يقارب مئة مليون دولار بأسعار تصريف اليوم، مؤكداً أن مؤسسات الدولة ليست محقة في مطالبتها بدفع هذا المبلغ، وأنها بمطالباتها هذه تخالف العقود المبرمة بين الطرفين أصلاً.

يتوجه مخلوف بحديثه مباشرة إلى الأسد، شاكياً له أن «المعنيين» يظلمونه، وأنهم يقولون إن ما يقومون به جاء بتوجيهات من بشار نفسه. ولكن ما الذي يطلبه رامي؟ يطلب أن يشرف بشار الأسد بنفسه على صرف هذا المبلغ على «الفقرا» كي «يسدّ جوعهم» الناتج عن تقصير هؤلاء «المعنيين» أنفسهم، باعتبار أن المبلغ سيتم اقتطاعه بتوجيه من الأسد، وأن الأسد «مؤتمن» من الله على مصير هؤلاء «الفقرا».

لا يطلب رامي إعفاءه من دفع المبلغ إذن، وهو بعد إعلانه عن استعداده لمراجعة كل الحسابات والوثائق، وبعد احتجاجه الشديد، يقول إنه لا يريد «إحراج السيد الرئيس»، ولا يطلب منه شيئاً سوى أن يشرف بنفسه على صرف المبلغ إلى مستحقيه. تُفلت من بين شفتي رامي تعابير تنم عن عدم توقيره للأسد؛ يقول بنبرة ساخرة «حتى ما تحرج حالك وتقلهن… لااااء… معلش والله… دققولي واعملولي»؛ إذن حتى لا يُحرج الأسد نفسه بطلب التدقيق، ورغم أنه يتمنى أن يحصل هذا التدقيق، يعلن مخلوف استعداده لدفع المبلغ في حال الإصرار عليه، وذلك تنفيذاً لأوامر السيد الرئيس.

لكن مخلوف يعود ليقول إنه أصلاً، وحتى لا يُحرج بشار الأسد ولا يكون عبئاً عليه، كان قد أوقف كل أعماله الربحية في سوريا وتحول إلى العمل الخيري منذ العام 2011؛ يقول ذلك بمناسبة حديثه عن أنه لا يملك المبلغ المطلوب «تحت البلاطة»، وعن أنهم إذا كانوا يريدون اقتطاع المبلغ فليقتطعوه من شركة سيريتِل نفسها، مقترحاً أن تتم «جدولة المبلغ» على نحو لا يؤدي إلى انهيار شركة الاتصالات الكبرى، التي يستفيد من خدماتها ملايين المشتركين، وآلاف المساهمين والموظفين.

الخلاصة إذن أن مخلوف يقول للأسد إنه لن يدفع فلساً واحداً من أمواله الموجودة خارج حصته من الشركة، مؤكداً أنه «لا علاقة له نهائياً» بالمسألة كشخص، وإن الأمر برمته ينبغي أن يتم حله بين الشركة والجهات المعنية. يؤكد في نهاية الفيديو مجدداً أن «الله هو العاطي»، ويكرر مناشدته لبشار الأسد أن يشرف بنفسه على توزيع المبلغ على مستحقيه من الفقراء، لأنه لا يثق بـ«الطاقم الموجود» الذي يقوم على الأمر.

لا نعرف على وجه اليقين ما هي الظروف التي قادت مخلوف إلى هذا الفيديو الاستثنائي، الذي ينشر فيه بعضاً من «غسيل العائلة الوسخ» في ضوء النهار، لكن الأخبار المتواترة منذ خريف العام الماضي، عن حجز حكومة النظام السوري على أموال مخلوف لإلزامه بدفع مستحقات ضريبية ضخمة، ثم عن وضعه في الإقامة الجبرية، وعن تحقيقات مع مقربين منه، تقود إلى استنتاج أن بشار الأسد يريد من مخلوف أن يعيد قسماً كبيراً من الأموال التي جناها عبر النهب الاقتصادي الهائل طوال سنوات، وأن هناك مساعي للحد من نشاط مخلوف الاقتصادي في سوريا لصالح صعود شركاء أو وكلاء جدد للسلالة الأسدية، ربما يكون من بينهم مقربون من أسماء الأسد كما تقول بعض الأنباء.

ومثل جميع الأخبار المتعلقة بعوالم الأسدية الخلفية، لا نستطيع التثبت من أي شيء على نحو قاطع، حتى أنه ليس مقطوعاً فيما إذا كان مخلوف موجوداً اليوم في سوريا أم خارجها، لكن الفيديو بما يحتويه من تلميحات تشير إلى تمرد مخلوف على ابن خاله، وإلى رغبته بإقحام «الرأي العام» في المسألة، يقول إن المشكلة قد وصلت إلى ذروتها تقريباً. وليس هناك من تفسير لهذا الفيديو سوى أحد احتمالين؛ الأول أن بشار الأسد يُعدّ رامي مخلوف كي يكون كبش محرقة «مكافحة الفساد» الجديد في سوريا، من خلال تحميله وزر النهب المديد للاقتصاد السوري، واقتطاع أموال من ثروته تساعد النظام على الخروج من محنته الاقتصادية وتسديد بعض ديونه لروسيا أو غيرها، وهو الأمر الذي يحاول مخلوف النجاة منه عبر تصعيد علني يقيه احتمالات أكثر سوءاً، ربما يكون من بينها «الانتحار برصاصة في الرأس». أما الاحتمال الثاني، فهو أن يكون الأمر كلّه مسرحية روسية أسدية، تفضي إلى إخراج رامي مخلوف من الاقتصاد السوري كي يتفرّغ لإدارة امبراطوريته الاقتصادية العملاقة في بيلاروسيا. في هذا السيناريو، تستطيع روسيا أن تقول إنه تم تطهير الدولة السورية من الفساد، وإن البلد ونظامه باتا جاهزين لإعادة الإعمار والانخراط «في عملية سياسية جدية»، كما أن «خزينة الدولة السورية» ستحصل على أموال مهمة جداً في مرحلة كهذه.

قبل هذا الفيديو، تواترت أنباء عن كشف شحنات من المخدرات خرجت من سوريا إلى دول أخرى منها مصر والسعودية والإمارات، وتم اتهام مخلوف بالمسؤولية عن شحنة مصر تحديداً، التي ضبطتها السلطات المصرية في علب حليب من إنتاج شركة «ميلك مان» المملوكة لرامي مخلوف. كان مخلوف قبل أيام قد نشر على صفحته على فيسبوك قائلاً إن هذه القضية مؤامرة من «أشخاص لا يهمهم إلا أنفسهم وتضخيم ثرواتهم»، للنيل من مشروع «ميلك مان» الذي وصفه بأنه «تنموي إنساني» يهدف إلى مساعدة منتجي الألبان السوريين على تصريف إنتاجهم.

بعد الفيديو، بات يسعنا أن نستنتج أن الكشف عن تلك الشحنة كان جزءاً من محاولة تضييق الخناق على مخلوف، عبر إفهامه أنه لا يستطيع الحركة دون تسهيلات «الجهات المختصة» التي تمسك بكل شيء. ولعلّ هذا ما دفع مخلوف إلى الخروج في فيديو بعد أيام قليلة، ذلك أن ربط اسمه بالاتجار بالمخدرات مؤشرٌ يقود إلى ترجيح الاحتمال الأول؛ أن الأسد يريد الخلاص منه، حياً أو ميتاً.

ربما تكشف الأيام والأسابيع القادمة مزيداً عن خلفيات المسألة ومآلاتها، وربما يتم طيها بحيث لا نعرف عنها شيئاً إضافياً أبداً في أي وقت. لكن الفيديو يقول أشياء كثيرة على أي حال؛ رجل متواضع الذكاء ومعدوم الضمير تماماً، يحتقر السوريين عبر كلمات من قبيل «سد جوع الفقرا»، ويتحدث عن نفسه كما لو كان مديراً فخرياً لمؤسسة خيرية، مكرراً الأكاذيب التي يعرف حقيقتها حتى الأطفال في سوريا، وفي ثنايا حديثه يبوح بأرقام مذهلة عن حجم أرباحه من شركة واحدة من شركاته الكثيرة، التي تبدأ بقطاع الاتصالات وتمرّ بقطاع النفط ولا تنتهي عند منتجات الألبان؛ هذا الرجل كان الشخصية الاقتصادية الأبرز في سوريا طيلة عقدين من حكم بشار الأسد، وهو ومن يشبهونه يتحكمون برقاب السوريين وأرزاقهم، ويسوقون البلاد وأهلها في قلب محرقة لا تتوقف.

حتى حليب الأبقار لم تُكتب له النجاة من قبضة مخلوف الاقتصادية، وها هو بعد أن مكّنه الأسد من لقمة عيش السوريين لسنوات طويلة، يبدأ بـ«الترفيس» رافضاً أن يعترف لبشار الأسد بالفضل، وناسباً الفضل كلّه إلى الله وحده. قال رامي مخلوف أكثر من مرة في الفيديو إن الله «سخرّه» لخدمة السوريين، واستخدم التعبير نفسه عند حديثه عن بشار الأسد قائلاً إنه بدوره مسخرٌ من قبل الله لخدمة السوريين. إذن، ورغم تذلّل رامي مخلوف لبشار الأسد في بعض المقاطع، إلا أنه وضع نفسه على صعيد واحد معه في الوقت نفسه، وهذه فعلةٌ خرقاء لم يجرؤ عليها أحدٌ في تاريخ الأسدية كلّه، ربما باستثناء رفعت الأسد، الذي يتنعم حتى اليوم بالأموال التي «أعطاه» الله إياها دوناً عن الناس جميعاً.

موقع الجمهورية

———————–

خلاف نادر في رأس النظام السوري يظهر للسطح.. ابن خال الأسد يكشف المستور ويناشده، فما القصة؟/ أسامة أبوضهير

بدأ الخلاف في عائلة رئيس النظام السوري بشار الأسد التي كانت متماسكة ذات يوم بالظهور إلى العلن بين عشية وضحاها، وذلك عندما وجه ابن خاله رامي مخلوف نداءً مباشراً ونادراً لبشار الأسد للمساعدة في إنقاذ إمبراطوريته، عبر صفحته بموقع فيسبوك، الخميس 30 أبريل/نيسان 2020، وذلك بعد قرار بالاستيلاء على أصوله وفرض غرامات كبيرة جداً على شركاته من قبل النظام السوري.

ظهور مخلوف، أحد أغنى الرجال في سوريا، في فيديو نادر، عبر منصة التواصل الاجتماعي، كسر الصمت المعتاد حول الخلافات الموجودة في رأس النظام السوري، حيث يعد ظهور مخلوف هو الأول له منذ نحو 9 سنوات.

ما الذي أغضب مخلوف وجعله يناشد الأسد؟

يبدو أن مخلوف وصل إلى حالة من اليأس، في أزمته مع النظام، وقرر أن يتحدث علانية عن ذلك بشكل علني، فظهر بفيديو من مكان مجهول مدته 15 دقيقة، يروي فيها ما الذي جرى بينه وبين حكومة دمشق.

بدأت القصة في الـ19 من شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما قررت المديرية العامة للجمارك التابعة للنظام في سورية بإلقاء الحجز الاحتياطي على أموال رامي مخلوف المنقولة وغير المنقولة بهدف ضمان تسديد مبلغ 1.9 مليار ليرة سورية (نحو 2 مليون دولار وفق سعر الصرف الحالي لليرة) على خلفية “الاستيراد تهريباً لبضاعة ناجية من الحجز”.

هذا القرار جاء  بعد معلومات راجت في أغسطس/آب الماضي بشأن وضع مخلوف وبعض أفراد عائلته قيد الإقامة الجبرية في دمشق، بسبب تقاعسه، وفق ما جرى تداوله آنذاك، عن دفع مبلغ ملياري دولار طلبه منه النظام ليدفعه إلى روسيا، كجزء من فاتورة الحرب المترتبة على النظام.

وفي مناشدة مباشرة للرئيس في مقطع فيديو مدته 15 دقيقة، اتهم مخلوف النظام السوري بظلمه، بعد قرار “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” إنذار شركتيه بضرورة دفع المستحقات البالغة 233.8 مليار ليرة (نحو مليار دولار) قائلاً إن “الدولة ترجع إلى عقود تمت الموافقة عليها بين الطرفين، ولا يمكن لها تغييرها، وبالتالي هي غير محقة”.

مخلوف أكد أن شركاته من أكثر الشركات الملتزمة بدفع الضرائب، وهي من أبرز رافدي الاقتصاد والخزينة، مشيراً إلى أنه سيدفع ضرائب تصل إلى 130 مليار ليرة (606 ملايين دولار)، لأن الدولة قررت ذلك بتوجيه من الأسد.

رسالة موجهة للأسد: كما وجه رجل الأعمال السوري مخلوف رسالة لرئيس النظام بشار الأسد قال فيها: “أتوجه إلى سيادة الرئيس من أجل شرح بعض المعاناة التي نعانيها، لأن هذه الشركات تخدم الدولة، وأنا فقط جزء بسيط، وأدير هذا العمل”.

تابع قائلاً: “لن أحرجك، ولن أكون عبئاً عليك، مثلما خرجتُ في أول الحرب عندما وجدتُ نفسي عبئاً عليك، وتنازلتُ عن أعمالي كلها، وقدمت تنازلاً عن كل شيء، ومن أجل عدم وضعك في موقف حرج، أطلبُ التدقيق، وسألتزم بتوجيهاتك التي أحترمها، وواجب عليّ تنفيذ أمرك بما يرضي الله”.

فيما ختم مطالبه للأسد بأن تتم جدولة الضرائب، لتحمي شركاته من الانهيار.

فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من النظام حول طبيعة الخلاف مع مخلوف حتى كتابة التقرير.

ما سبب هجوم النظام على شركات مخلوف؟

على مدى 9 سنوات من الحرب الأهلية في سوريا، لم تظهر للعلن أي بوادر خلافات في رأس النظام بهذا الشكل، ما قد يطرح تساؤلات عديدة حول سبب ظهورها الآن خاصة بعد أن تمكن الأسد بمساعدة روسيا وإيران، من استعادة سيطرته على غالبية المدن الرئيسية في البلاد.

تقول صحيفة Independent البريطانية إن هذا التحرك يعتبر جزءاً مما أُطلِقَ عليه “تحقيقاً لمكافحة الفساد”، طال العديد من الشخصيات الأخرى في القطاع الخاص السوري، كما واعتقد كثيرون إنه جزءٌ من خطوةٍ لإجبار أغنى الأغنياء في سوريا على منح ثرواتهم لإنقاذ البلاد من الإفلاس في ظلِّ تصاعد الضغوط على سوريا من جانب حليفتها روسيا.

ومن غير المعلوم ما الذي أشعل النزاع في عائلة الأسد، غير أن هناك تكهُّناً بأن روسيا، التي ضاقت ذرعاً بالحرب المُطوَّلة وباهظة التكلفة في سوريا، قد مارست ضغوطاً على الأسد.

وأفادت وكالة Bloomberg الأمريكية هذا الأسبوع بأن روسيا ينفد صبرها بصورةٍ متزايدة على الأسد، وسط انهيار أسعار النفط وتفشي جائحة فيروس كورونا المُستجَد، وكانت حريصةً على تخليص نفسها من الحرب.

وقالت الوكالة إن مقالاً ظهر لمدة موجزة على موقعٍ إخباري، مرتبط بأشخاصٍ داخل الكرملين، كان يهاجم الأسد باعتباره فاسداً.

كما أفادت الوكالة بأن مقالات وتعليقات أخرى قد نُشِرَت وتضمَّنَت انتقاداتٍ لاذعة ضد الحكومة في دمشق لعدم مرونتها في المفاوضات مع المعارضة.

من هو رامي مخلوف؟

يعد رامي مخلوف (51 عاماً) من الحاشية المقربة جداً من الأسد، فهو بالدرجة الأولى ابن محمد مخلوف خال بشار الأسد، ويعتبر من أكبر الشخصيات الاقتصادية في سورية، فقد قُدرت ثروته عام 2008 بنحو 6 مليارات دولار.

لطالما وصف مخلوف بأنه “خازن مال” عائلة الأسد، إذ شكّل مع والده محمد مخلوف وأشقائه ضابط الأمن حافظ والضابطين في الجيش إيهاب وإياد، الواجهة التي تدير أموال رأس النظام الحاكم، هذا عدا عمّا تملكه عائلة الأسد مباشرة، عبر رئيس النظام وأقاربه من آل الأسد.

بحسب العديد من التقارير الإعلامية فإن لدى مخلوف استثمارات في قطاعات الاتصالات والنفط والغاز والتشييد والخدمات المصرفية، وشركات الطيران والتجزئة، كما تقول مصادر سورية متطابقة، إنه لا يمكن لأي شخص سوري أو غير سوري، ولا لأي شركة، القيام بأعمال تجارية في سورية من دون موافقته ومشاركته.

كما تمتد إمبراطورية مخلوف لتشمل شركة سيريتل الخاصة للهواتف المحمولة، والتي تُعد هي وشركة MTN الشركتين الوحيدتين اللتين تعملان في هذا المجال داخل سوريا.

يعتبر مخلوف من الداعمين الداخليين الأساسيين لنظام الأسد، ومصدر تمويل مهم لهم خلال الثورة السورية، لذلك قامت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات متكررة كان أولها عام 2008.

كما يعتقد أن مخلوف كان قبل الثورة السورية عام 2011 ، يسيطر على أكثر من 50% من اقتصاد البلاد.

اكتسب نجلا مخلوف محمد وعلي سمعة سيئة لتوثيق أنماط حياتهم الباهظة بما في ذلك السيارات باهظة الثمن وعطلات المنتجعات الفاخرة والرياضات المائية على حساباتهم الشهيرة على إنستغرام، في وقت تعاني فيه بلادهم من أزمة كبيرة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. 

————————————-

رد مفاجئ من رامي مخلوف على الإجراءات المتخذة ضده

ابن خال بشار الأسد يتمسك بعمل جمعية تابعة له

رد رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد بشكل مفاجئ على الإجراءات التي اتخذتها السلطات ضده في الأشهر الماضية، مشيرا إلى تمسكه بـ«العمل الخيري».

وكتب مخلوف على صفحته في «فيسبوك»: «بعدما نُشِر منذ أيام بخصوص التبرع بهذا الشهر المبارك الكريم لمساعدة أهلنا، قامت الدنيا وما قعدت وبدأت التهديدات بإيقاف جميع أعمالنا لكوننا تجرأنا بإظهار تقديم المساعدة للمحتاجين بشكل عَلَني إضافة إلى ظهورنا بتمويل جمعية البستان. ويبقى السؤال: لماذا كلما زاد العطاء، زادت النقمة؟». وتابع: «كنّا منذ عدة سنوات وما زلنا ندفع وبشكل شهري مليار ونصف مليار ليرة سورية وكلها يذهب للعمل الخيري لدعم أهلنا وخدمة الجرحى ورعاية ذوي القتلى».

وكانت «جمعية البستان» تعرضت لإجراءات ضمن سلسلة من الخطوات التي اتخذتها دمشق ضد شركات مخلوف وشبكاته، بينها شركة «سيريتل» للهاتف النقال وشركة السوق الحرة.

كانت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد الحكومي أنذرت شركتي «سيريتل» و«إم تي إن» للهاتف النقال بسداد نحو 234 مليار ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي 1300 ليرة) لخزينة الدولة تحت طائلة «اتخاذ الإجراءات القانونية» بحقهما، وذلك لإعادة التوازن إلى الترخيص الممنوح لكلتا الشركتين.

وحددت الهيئة موعدا نهائيا ينتهي بتاريخ 5 مايو (أيار) المقبل، للامتثال لقرار مجلس المفوضين المتضمن اعتماد نتائج عمل اللجنة المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم – 1700 – بتاريخ 19 سبتمبر (أيلول) عام 2019، أي خلال الفترة التي بدأت فيها دمشق إجراءات ضد مخلوف وشركاته. وقال الهيئة: «في حال عدم الالتزام بالسداد ضمن المهلة المحددة ستقوم الهيئة باتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لضمان حقوق الخزينة العامة».

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن باحثة اقتصادية سورية قولها إن تعديل صيغة العقود المبرمة مع شركتي الجوال في البلاد فوتت على الخزينة أكثر من 338 مليار ليرة (نحو 482 مليون دولار).

وكانت مواقع إلكترونية سورية ذكرت قبل أيام أن وزارة المالية قررت حجز أموال شركة تابعة لمخلوف، هي «آبار بتروليوم سيرفيس» المسجلة في بيروت، وتعمل في مجال صفقات نقل الوقود والمواد النفطية، وقد ورد اسمها في وقت سابق ضمن قائمة العقوبات الأميركية.

وبحسب القرار، الذي نشر موقع «سناك سوريا» نسخة منه، فإن الحجز الاحتياطي جاء ضماناً لحقوق خزينة الدولة من الرسوم والغرامات المتوجبة في قضية تعود لعام 2019. و«تتعلق بمخالفة في حكم الاستيراد تهريباً لبضاعة ناجية من الحجز، قدرت قيمتها بنحو ملياري ليرة سورية، ورسوم تتجاوز 200 مليون، وغرامات تصل إلى أكثر من 8 مليارات ليرة سورية».

وكان مخلوف قد نفى ارتباطه بشركة «آبار بتروليوم سيرفيس»، لكنه قال إنه دفع 7 مليارات ليرة نيابة عنها في قضية الاستيراد تهريباً. وقال الموقع: «قرار الحجز الجديد يظهر أنه لا تزال هناك رسوم وغرامات لم يتم تسديدها، ما استدعى الحجز على أموال الشركات والأشخاص الواردة أسماؤهم في القضية ذاتها».

وأصدرت المديرية العامة للجمارك السورية قراراً بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف وزوجته.

——————-

رامي مخلوف يتوسل الاسد لتقسيط ضرائبه وتوزيعها على الفقراء

ظهر رجل الأعمال السوري وابن خال رئيس النظام رامي مخلوف، في تسجيل مصور على صفحته على “الفايسبوك” بعنوان: “كن مع الله ولا تبالي”، ليؤكد وجود حرب داخل أركان النظام، تشنها عليه زوجة رئيس النظام أسماء الأسد من دون تسميتها، فيما استجدى بشار الأسد لمساعدته.

وتحدث مخلوف في المقطع الذي نشره ليل الخميس/الجمعة، عن “ظلم وقهر” يتعرض لهما من النظام، خصوصاً في ما يتعلق الطلب إليه دفع مبالغ بمئات ملايين الدولارات، تقول حكومة النظام إنها مترتبة على شركتي “سيرتيل” و”MTN” للاتصالات الخلوية.

وناشد مخلوف، بشار الأسد، مساعدته في حل قضية الاتهامات التي وُجهت لشركة “سيرتيل” المملوكة له، ودعمه في عدم انهيارها.

وكانت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في سوريا اتهمت الاثنين، شركتي “سيرتيل” و”MTN” بعدم دفع الضرائب لحكومة النظام، البالغة 233.8 مليار ليرة سورية.

وقال مخلوف إن “الدولة ليست محقة لأنها ترجع إلى عقود تمت بموافقة الطرفين، ولا يحق لأحد أن يغيّرها، ويحق لنا أن نعترض”. وأضاف أن “مؤسساتنا من أهم دافعي الضريبة، وأهم رافدي الخزينة بالسيولة، وأكبر المؤسسات التي تعمل في سوريا”، موضحاً أن “سيريتل” لم تقصر في دفع مستحقاتها الضريبية، أو في تقاسم أرباحها مع نظام الأسد، والتي تعادل نصف أرباحها بالضبط.

وتوجه مخلوف إلى الأسد قائلاً: “أتوجه إلى سيادة الرئيس من أجل شرح بعض المعاناة التي نعانيها، لأن هذه الشركات تخدم الدولة، وأنا فقط جزء بسيط وأدير هذا العمل”. وأبدى استعداده لفتح كل أوراق الشركة، قائلاً: “أنا لن أحرجك ولن أكون عبئاً عليك، مثلما خرجت في أول الحرب عندما وجدت نفسي عبئاً عليك، وتنازلت عن أعمالي كلها، وقدمت تنازلاً عن كل شيء”.

وقال: “من أجل عدم وضعك في موقف حرج، أطلب التدقيق، وسألتزم بتوجيهاتك التي أحترمها، وواجب علي تنفيذ أمرك بما يرضي الله”. وطلب من الأسد أن يكون هو المشرف شخصيًا على توزيع المبلغ على الفقراء، وطلب أن تكون طريقة الدفع عبر جدولتها بطريقة مُرضية، من أجل عدم انهيار الشركة.

وأضاف مخلوف أن شركة “راماك” التي تملك 45 في المئة من “سيريتل” تمنح 70 في المئة من أرباحها للعمل الخيري الإنساني. وأكد أن حكومة النظام نبشت عقوداً قديمة، تمت بمراضاة الطرفين، لإجبارهم على دفع المبلغ، قائلاً: “يحق لنا الاعتراض ومقاضاتهم”.

وقال إن هيئة الاتصالات، التابعة للنظام، تحاسبه على أمور افتراضية تتعلق بمصاريف مؤسساته ورواتب عمالها. وأوضح أن نقطة الخلاف الثانية تتمثل بالضريبة، موضحاً أنهم يدفعون سنوياً 10 مليارات ليرة أو ما يقاربها. وقال: “هذا رقم مذهل أفتخر به لبناء (الدولة)”.

المدن

——————————–

مخلوف المطرود “من الباب”..يستجدي الأسد “من الشباك

أخرج النظام السوري رجل الاعمال رامي مخلوف من الباب، فحاول أن يعود من النافذة، وذلك بلجوئه الى مواقع التواصل لمخاطبة ابن عمته الرئيس بشار الاسد، متوسلاً وضع آلية لسحب الـ130 مليار من شركة “سيرياتل” التي تعتزم الحكومة سحبها.

واللجوء الى “لايف” في حساباته في مواقع التواصل، مخاطباً الاسد، فهذا يعني حكماً أن مخلوف مطرود، أقفلت أمامه السبل للقاء ابن عمته وأحد أبرز داعميه في حقبة ماضية للسيطرة على أهم موارد الدولة السورية والاستثمار فيها وتحقيق أرباح مذهلة، يتباهى بها ابنه على يخوته وطائراته الخاصة في الخارج.

أما السبب الثاني الذي يدفعه للجوء الى مواقع التواصل، فهو لتبرئة نفسه امام الرأي العام، وللقول ان الثروات التي كسبتها كنت مجبراً على انفاقها لتمكن النظام من الصمود منذ 2011، لتثبيت الولاءات عبر الانفاق الاجتماعي على الاسر الفقيرة.

ويحاول مخلوف الذي يزعم التفرغ للاعمال الخيرية، ان يضع نفسه في موقع المظلومية، بالقول أنّه يتشارك “مع الدولة” الأرباح مناصفةً، قائلا إن شركته تقاسم عائداتها والأرباح مع الدولة بالمناصفة هذا بخلاف دفع الضرائب، وأضاف “كنّا منذ عدة سنوات وما زلنا ندفع وبشكل شهري مليار ونصف مليار ليرة سورية وكلها يذهب للعمل الخيري لدعم أهلنا وخدمة الجرحى ورعاية ذوي القتلى”.

والتحرك الالكتروني، هو الثاني للتعبير عن انزعاج من الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها ضده الحكومة السورية لجهة إجباره على الدفع، علماً أن الضغوطات بدأت منذ فترة عليه. كان مخلوف شن الخميس هجوماً مضاداً على الإجراءات التي اتخذتها السلطات ضده في الأشهر الماضية، وأكد تمسكه بـ”العمل الخيري”.

ومنذ نهاية العام الماضي، كثّف الأسد حملاته على مخلوف، فأطلق أحكاما تقيّد فيها شركات ومصالح الأخير، وآخرها حين أصدرت المديرية العامة للجمارك التابعة للنظام في سوريا قرارا بإلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله مع آخرين من رجال الأعمال، ويضمن قرار الجمارك الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف وزوجته أيضا.

والأسبوع الماضي، صادرت جهات سورية أموال مخلوف، على وقع انتقادات روسية غير مسبوقة للأسد، وفضيحة تتعلقّ بمخلوف كشفتها السلطات المصريّة.

وقال مخلوف في الفيديو مخاطبا الأسد: “لن أحرجك ولن أكون عبئا عليك ولكني أريد أن أشرح لك الموقف” وأضاف :” أنت تعرف كم قدمت منذ بداية 2011 وكيف تنازلت عن الأملاك علناً”. وطلب من الرئيس السوري ارسال من يشاء لتدقيق الأوراق” وهذه هي الحقيقة ولكني تعبت من هذا الطاقم”.

وقال مخلوف أن شركته تتقاسم عائداتها والأرباح مع الدولة بالمناصفة، هذا دوناً عن دفع الضرائب و”نحن نخدم الدولة”. وأشار إلى أن الدولة غير محقة بمطالبها ويحق له أن يقاضيها وسيضع كل الوثائق في الوقت المناسب.

وختم مخلوف: “هناك مبلغ سيدفع وأرجو يا سيادة الرئيس أن تقوم بنفسك بتوزيعه على الفقراء الذين أنت مؤتمن عليهم”، داعياً الى اقتطاعه منه ضمن آلية لا تؤثر على مسار عمل الشركة التي يبلغ عدد مساهميها 6500 مساهم، كما يبلغ عدد المشتركين فيها 11 مليوناً، وتضم 5500 موظف.

——————————

رامي مخلوف في ظهور نادر يناشد بشار الأسد

ظهر رجل الأعمال السوري وابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، في تسجيل نادر يتحدث فيه عن “الدولة السورية”، والاتهامات التي طالته حول التهرب الضريبي.

ويعتبر أول ظهور لرامي مخلوف منذ سنوات، وجاء في ظل اتهامات توجه لشركة الاتصالات “سيرتيل” التي يملكها بالتهرب الضريبي، وقال إن “مؤسساتنا من أهم دافعي الضريبة ورافدي الدولة بالسيولة”.

    كُنْ مَع الله ولا تُباليْ

    Posted by ‎رامي مخلوف‎ on Thursday, April 30, 2020

https://www.facebook.com/RamiMakhloufSY/

وقال مخلوف إن “سيريتل لم تقصر عن دفع مستحقاتها للخزينة، ولم تقصر في دفع الضرائب، والعام الماضي دفعت سيريتل 12 مليار ليرة سورية ضريبة”.

وأضاف “عم ندفع ضرائبنا وتقاسم العائدات والتزاماتنا لكل الجهات المعنية، وندفع أيضاً الأعمال الإنسانية الأخرى التي تملكها راماك الإنسانية، وهي شريكة لسرياتيل والتي تقارب ٧٠ ٪ من أرباحها للإعمال الإنسانية”.

وتساءل “هل الدولة محقة فيما تطالبنا به.. ليست محقة لأنها تعود إلى عقود تمت في إرادة الطرفين، ولا يحق التغيير فيها”.

وتحدث مخلوف عن خلافات مع مؤسسات نظام الأسد، تتعلق بعضها بدفع الضرائب السنوية.

وخاطب رأس نظام الأسد قائلاً “أريد أن أشرح لك عن المعاناة التي أمر بها، والمتعلقة بالشركات (..) أنا اليوم أدير عمل الشركات، وجاهز لفتح جميع الوثائق، ولن أكون عبئاً عليك”.

وقال مخلوف مخاطباً الأسد: “الوثائق موجودة.. أرسل من شئت لتدقيقها، ولكن أنا تعبت كتير من الطاقم الموجود، الذي يضعني في دائرة الاتهام، وأنني السيء”.

وكانت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في سورية، طالبت شركتي الاتصالات الخلوية “سيريتل” وMTN”، بدفع المبالغ المترتبة عليها، وحذرت من العواقب القانونية في حال التأخر بتسديد المبالغ لخزينة الدولة.

وقالت الهيئة إنها “أبلغتهما بضرورة تسديد المبالغ المستحقة التي وصلت إلى 233.7 مليار ليرة سورية، قبل ٥الخامس من مايو/ أيار القادم.

ويعتبر مخلوف من أبرز رجال الأعمال في سورية، والمقربين من الدائرة الاقتصادية الضيقة والمتحكمة في الاقتصاد السوري.

وهاجمت تقارير إعلامية روسية، مخلوف، خلال الأسبوع الماضي، وقالت إنه يتحكم بـ60% من اقتصاد سورية.

————————————–

4 أشخاص يديرون صفحة رامي مخلوف التي كانت باسم ماهر الأسد

أظهرت بيانات الصفحة التي نشر منها رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، الفيديو المفاجئ، مساء الخميس، أنها كانت باسم ماهر الأسد، وتغيّر اسمها عدة مرات، منذ انشائها سنة 2012.

وأجرى فريق “السورية.نت”، بحثاً في بيانات صفحة “فيسبوك” التي تحمل الآن اسم “رامي مخلوف”، حيث أظهرت “شفافية الصفحة”، التي يُتيحها “فيسبوك”، للمستخدمين، أن أربعة حساباتٍ تُدير الصفحة، اثنان في سورية، واثنان في دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما تُظهر بيانات الصفحة ذاتها، أنها أنشأت في شهر فبراير/شباط 2012، باسم “ماهر الأسد”، قبل أن يتم تعديل الاسم لـ”maher alassad”، في نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2015، ثم مُجدداً لـ”ماهر الأسد”، في ديسمبر/كانون الأول من السنة ذاتها.

وفي 20 أغسطس/آب سنة 2016، تم تغيير اسم الصفحة، ليصبح “رامي مخلوف الأسد”، ويوم 28 من نفس الشهر، تغيّر اسم الصفحة، ليستقر عند “رامي مخلوف”، كما هو اليوم.

بيانات الصفحة التي نشر فيها رامي مخلوف الفيديو -1مايو/أيار 2020(السورية.نت)

وتحدث رامي مخلوف، في التسجيل الذي تجاوزت مدته 15 دقيقة، عمّا أسماها الاتهامات التي طالته حول التهرب الضريبي.

ويعتبر أول ظهور لرامي مخلوف منذ سنوات، وجاء في ظل اتهامات توجه لشركة الاتصالات “سيرتيل” التي يملكها بالتهرب الضريبي، وقال إن “مؤسساتنا من أهم دافعي الضريبة ورافدي الدولة بالسيولة”.

وأضاف “عم ندفع ضرائبنا وتقاسم العائدات والتزاماتنا لكل الجهات المعنية، وندفع أيضاً الأعمال الإنسانية الأخرى التي تملكها راماك الإنسانية، وهي شريكة لسرياتيل والتي تقارب ٧٠ ٪ من أرباحها للإعمال الإنسانية”.

وتساءل “هل الدولة محقة فيما تطالبنا به.. ليست محقة لأنها تعود إلى عقود تمت في إرادة الطرفين، ولا يحق التغيير فيها”.

وخاطب رأس نظام الأسد قائلاً “أريد أن أشرح لك عن المعاناة التي أمر بها، والمتعلقة بالشركات (..) أنا اليوم أدير عمل الشركات، وجاهز لفتح جميع الوثائق، ولن أكون عبئاً عليك”.

وقال مخلوف مخاطباً الأسد: “الوثائق موجودة.. أرسل من شئت لتدقيقها، ولكن أنا تعبت كتير من الطاقم الموجود، الذي يضعني في دائرة الاتهام، وأنني السيء”.

وهاجمت تقارير إعلامية روسية، مخلوف، خلال الأسبوع الماضي، وقالت إنه يتحكم بـ60% من اقتصاد سورية.

—————————————-

=============================

=======================

تحديث 2 أيار 2020

———————————-

رامي مخلوف تيريزا/ عمر قدور

لم يُعرف عن رامي مخلوف شغف بالظهور الإعلامي، اسمه وسيرته كانا يتكفلان بوجوده في الإعلام من دون أن يفعل ذلك. هو الواضح والغامض معاً؛ الواضح لجهة ما يتداوله السوريون عن الحجم الهائل للإمبراطورية المالية التي كانت بإدارته، والغامض لعدم معرفة أحد بحدود تلك الإمبراطورية، وبتفاصيل الشراكة المالية بينه وبين بشار الأسد شخصياً.

الظهور الإعلامي الأبرز لرامي مخلوف كان في أيار 2011، عندما صرّح في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” بأنه لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا. التصريح فُهم آنذاك رسالةً على أعلى مستوى من التركيبة الأسدية، مفادها أن بقاء الأسد هو مصلحة إسرائيلية. حينها كانت أنيسة مخلوف على قيد الحياة، “العمة” التي ستتحدث لاحقاً تقارير غربية عن دورها في قيادة الحرب على ثورة السوريين، مطلقةً عليها لقب الملكة بخلاف صورتها التي كانت دارجة كزوجة لحافظ الأسد بعيدة عن الحياة العامة وعن مفاصل السلطة.

صعود محمد مخلوف “والد رامي وشقيق أنيسة” أتى متدرجاً، لتعلو مكانته ضمن الدائرة الضيقة للحكم مع مرض حافظ الأسد ثم وفاة ابنه باسل. لم يتأخر حافظ الأسد بعد انقلابه في تعيين مخلوف مديراً لمؤسسة التبغ، تختلف الروايات حول جلبه من بيروت حيث كان يستمتع بحياته الشخصية هناك أو كونه موظفاً في شركة طيران، المهم أن شقيقته أنيسة وضعته مبكراً في رئاسة مؤسسة تحتكر شراء التبغ وتصنيعه واستيراده وتصديره، لتشهد في عهده أضخم تردٍّ على كافة المستويات جراء فساده. جدير بالذكر أن رئاسة مؤسسة التبغ ستؤول في ما بعد، كدلالة على أهميتها، إلى شخص تربطه مصاهرة بآل الأسد وحامت شبهات غربية حول تورطه في تفجير ملهى في برلين منتصف الثمانينات.

بقيت أنظار السوريين حتى منتصف الثمانينات متجهة إلى شخصيات أكثر بروزاً، مثل رفعت الأسد وعلي حيدر وشفيق فياض…، فلم يدخل اسم مخلوف في التداول إلا مع انتشار فضائح الفساد المنسوبة له بعد تعيينه مديراً للمصرف العقاري إثر إعفائه من إدارة مؤسسة التبغ عام 1985. بدءاً من التسعينات سيلمع اسم مخلوف على صعيدين، صعيد السلطة خاصة بعد مقتل باسل الأسد، وعلى الصعيد الاقتصادي بعد إقرار قانون جديد للاستثمار اعتُبر حينها طيّاً للشعارات الاشتراكية وانفتاحاً على اقتصاد السوق. في أهم جوانب ذلك الانفتاح، أنه كان حاجة لحيتان السلطة نفسها التي أثرت على حساب الثروات العامة، وحان وقت استثمار أموال الفساد في نشاطات اقتصادية تدر أرباحاً أكبر مما تمنحه المصارف الأجنبية على الودائع.

لم ينقضِ عقد التسعينات حتى صارت سيرة رامي مخلوف على لسان السوريين، وراحت المرويات المتناقلة بينهم، وفي بعض وسائل الإعلام في الخارج، تربط بين بشار ورامي، وبين شقيقه ماهر الأسد ومحمد حمشو، واعتبار مخلوف وحمشو واجهتين لفساد آل الأسد. قبل نحو عقد ونصف من الآن، قُدّرت أملاك رامي بنحو مئتين وخمسين شركة كبرى تنشط في سوريا وخارجها، مع نشاط ملحوظ في الدول التي تتيح مجالاً أوسع للتهرب الضريبي والتحايل على القوانين. حظيت شركة الاتصالات “سيرياتل” التي يرأسها مخلوف بالنصيب الأوسع من الاهتمام، بينما لم تحظَ شركات أخرى بالانتباه لوجود مديرين آخرين في الواجهة، ومنها مثلاً أضخم شركة لتوريد المستلزمات الطبية، وهي شركة احتكرت بسرعة توريد مستلزمات المستشفيات والمستوصفات العامة السورية، تغطي على ملكية مخلوف لها إدارتُها من قبل ابنة ممثل معروف سيفاجئ بعض السوريين لاحقاً بموقفه المعادي للثورة وشديد الولاء لآل الأسد، هو الذي قامت شهرته السابقة على تقديم أعمال ناقدة.

مع مستهل الثورة، علاوة على ربط رامي مخلوف بين استقرار حكم الأسد واستقرار إسرائيل، أعلن عن تفرّغه للأعمال الخيرية من خلال شركته راماك. مدخله الأهم إلى الأعمال الخيرية المزعومة كانت جمعية البستان، واسمها مشتق من قرية عائلته “بستان الباشا”. سيقوم العمل الخيري على إنشاء ميليشيا مسلحة تساعد قوات النظام وشبيحته في التصدي للثورة، مع تقديم مساعدات يُضخّم في تصويرها لشراء ولاءات الفقراء الذين لن يفوتهم اعتبارها منّة من ثروة آل الأسد لا من الثروة الشخصية له.

في تسجيله الأخير قبل يومين، كان ذلك العمل “الخيري” من النقاط التي ركّز عليها مخلوف لتبديد الصورة عن كونه واجهة لبشار، ولينسب فعل “الخير” إلى شخصه، بل ليبدو كأنه يطالب بشار الأسد بأن يحذو حذوه في فعل الخير بتوزيع المليارات التي سيحصّلها منه على الفقراء. مع محاولة إظهار علامات الورع والخشوع، بما في ذلك وضع عنوان “كن مع الله ولا تبالي”، يريد مخلوف تصوير نفسه كأنه الأم تيريزا، بل لا يتوانى عن القول أن الله سخّره لخدمة الفقراء، وكأنه ليس واحداً من أبرز رموز الفساد، ووريث أب من روّاده الأوائل.

بعد إبداء التزامه بدفع المبلغ المطلوب بناء على توجيهاته، يتحدى رامي مواربةً ابن عمته أن تكون المبالغ التي سيحصّلها منه لصالح السوريين، ولا تنقصه الصراحة لإعلان عدم ثقته بالباقين جميعاً الذين يتهمهم ضمناً بالفساد، واستثناء بشار وحده على هذا النحو لا يعني سوى الإبقاء على شعرة من المصالح. أما “تواضعه” بوصف نفسه كجزء يسير بسيط صغير من القصة، وإشارته إلى مجيء وقت يشرح فيه التفصيلات والأملاك واحدة واحدة، فقد ينطويان على التهديد بفضح أسرار الشراكة بينهما.

قبل قرابة عقدين، اضطر رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس إلى مناشدة بشار الأسد “عبر الإعلام أيضاً” التدخل لإجبار ابن خاله على الوفاء بالتزاماته تجاه شراكة بينهما، وفي زمن الوئام العائلي ذاك دافع بشار الأسد عن ابن الخال أمام وسائل إعلام غربية بالقول أنه يحظى بفرصة الاستثمار كأي مواطن سوري آخر. ربما أذن رحيل أنيسة مخلوف عام 2016 بانفراط العقد بين عائلتها وعائلة الأسد، من دون أن ننسى التباين القديم بين آل مخلوف الذين يرون أنفسهم أكثر وجاهة وآل الأسد الذين تحصّلوا على الوجاهة عبر السلطة، بل كان زواج حافظ من أنيسة نوعاً من الترقي الاجتماعي له والذي كانت له آثار على تركيبة السلطة. إذا صحت الأنباء عن وجود حرب بين أسماء الأسد ورامي مخلوف، تكون الأولى في موقع من يستعيد سيرة حماتها بعد انتظار طال للتنعم بامتيازات السيدة الأولى على النمط الأسدي.

تسع سنوات بالتمام انقضت بين تصريح رامي مخلوف لصحيفة “نيويورك تايمز” وظهوره قبل يومين على وسائل التواصل الاجتماعي، الفارق بينهما على صعيدي الشكل والمضمون يفضح تردي مكانته، لكنه في الحالتين لا يكفّ عن تقديم مؤشرات على ضعف العصابة الحاكمة؛ في المرة الأولى على ضعفها إزاء الثورة، وفي المرة الثانية على تهافتها وركاكتها الذاتيين. من مخاطبة إسرائيل إلى مخاطبة بشار، إنها نهاية بائسة حقاً!

المدن

——————————-

سوريا: خلافات «مالية» داخل العائلة الحاكمة؟

أطلق رامي مخلوف، الملياردير السوري المعروف، والذي كان لفترة قصيرة سابقة، أحد أهم أعمدة النظام الماليّة، شريط فيديو يناقش فيه قضية مطالبة السلطات الماليّة السورية له بمبلغ يعادل 100 مليون دولار (125 مليار ليرة سورية) كمستحقات ضريبية على شركة «سيرياتل موبايل تيليكوم» وهي الشركة الكبرى للاتصالات الخلوية في سوريا (إضافة إلى شركة «إم تي إن» التي تملك عائلة ميقاتي اللبنانية حصة مهمة من أسهمها)، وقد حصلت «سيرياتل» و«إم تي إن» على تراخيصهما عام 2000 بطريقة خارج المنافسة التجارية، وقد تعرض أحد رجال الأعمال وعضو مجلس الشعب السابق رياض سيف للملاحقة والسجن عام 2001 لانتقاد محاباة الأقارب والفساد في إعطاء العقود، مما أدى لخسائر للدولة قدّرت بمليار دولار أمريكي خلال السنوات الخمس الأولى من عمل الشركتين.

أجرت إحدى الصحف السورية عام 2019 مقارنة في معدل الأرباح السنوية لأبرز شركات الاتصال الخليوية في منطقة الشرق الأوسط، وخلصت الإحصائية إلى أن شركة «سيرياتل» هي الأعلى بمعدل الربح السنوي بينها، وضمت الإحصائية شركات «أورانج» و«فودافون» في مصر، وشركة الاتصالات السعودية، وشركة «زين» الكويتية، و«شرك ترك تيليكوم» التركية، حيث بلغ الربح الصافي للشركة السورية للعام المالي 2017 ـ 2018 معدل 32٪.

تعطي هذه الأرقام انطباعا بأن السلطات المالية السوريّة محقّة في محاولة تحصيل ما تعتبره ضرائب مستحقّة، أما شريط فيديو الملياردير فيبدو محاولة، من جهته، للتصدّي لما يسمّيه «ظلما» و«قهرا» يتعرّض له شخصيا، وكذلك الشركة التي يرأس مجلس إدارتها، منوّها بالمدفوعات الكبيرة التي يدفعها (12 مليار ليرة سورية العام الماضي)، ناهيك عن «الأعمال الإنسانية الخيرية» لشركته «راماك».

يشير مخلوف إلى قدرته على الاعتراض ومقاضاة السلطات، ولكنّه يختار يفضل أن يتوجه إلى «سيادة الرئيس»، والخلاصة الماليّة المستفادة أن مخلوف لن يدفع من أمواله هو، بل من أموال الشركة نفسها ومساهميها، فهو ليس غير شخص «أعزّه الله» وسلّمه منصبا ليديره، ولا علاقة لكونه ابن خالة الرئيس السوري لا بتسليمه هذا الاحتكار الماليّ الكبير، ولا بتكليفه بالنهب المهول لصالح العائلة الحاكمة، ولا بتنطّعه، كأحد أعمدة النظام، بتهديد إسرائيل مع انطلاق الثورة الشعبية عام 2011 بأن سقوط النظام سيؤدي للإضرار بمصالحها.

سلّم الأسد، ابن خاله، مهمة خازن النظام، وخاطر مخاطرة كبرى بالدفاع عن شقيقه ضابط المخابرات الكبير حافظ مخلوف، الذي كان أحد المتسببين في اندلاع الثورة ضد النظام (بعد لقائه بوجهاء درعا وإهانتهم لهم عام 2011) فجعل العائلة أهمّ من البلد نفسه، فما سبب الانقلاب الكبير على ركن العائلة الحاكمة «المخلوفي»، فتحوّل الكائن المرعب المساهم في نهب واحتكار الثروات السورية إلى شخص يتضرّع ويتحدث عن تعرضه للظلم والقهر؟

يشير طلب مخلوف من الأسد، بشكل صريح، استلام الأموال المطلوبة منه شخصيا وصرفها على «الفقراء والمحتاجين والجوعى»، وعلى المساهمين في الشركة، إلى طبيعة ما يحصل، والذي لا علاقة له البتة لا بـ»الدولة» السورية، ولا بالسوريين أنفسهم، بل بتقاسم الحصص بين «العائلة الحاكمة»، فكل ما في الأمر أن ابن الخال الملياردير، والذي يحتفظ بامبراطورية مالية خارج سوريا، يطرح إعادة جزء مما نهبه على مدى السنوات إلى ابن العمة الرئيس، أما «الدولة» و«الشعب» و«الفقراء» فكلمات تزيّن عمليّة السرقة المهولة لبلد تدمّر فوق رأس ساكنيه ليحافظ اللصوص الكبار على هذه مزرعتهم التي ورثهم إيّاها حافظ الأسد.

القدس العربي

—————————–

الرسائل والألغاز في صراع الأسد ــ مخلوف/ عدنان عبد الرزاق

ردت حكومة النظام السوري على تظلم رامي مخلوف، رجل الأعمال الأبرز في سورية، وقريب رئيس النظام، بأن مطالبته بدفع أموال للحكومة جائرة، عبر التأكيد على “حق الحكومة في تحصيل هذه الأموال”، فيما رجحت مصادر خاصة من دمشق، لـ”العربي الجديد”، “ردّ نظام الأسد بقوة على رسالة مخلوف”، معتبرة أن “الظاهرة المخلوفية” انتهت، بعد أن أعلن رامي الخلاف على العلن “لأن النظام لا يقبل بهذه الطريقة المباشرة من الخطاب”.

وقالت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” التابعة لوازرة الاتصالات في حكومة النظام السوري، في بيان أمس، إن المبالغ المطلوب سدادها من شركة “سيرتيل” هي مبالغ مستحقة لـ”الدولة”، وذلك في أول ردّ رسمي على التسجيل المصور الذي أطل فيه رامي مخلوف، الليلة قبل الماضية، في بادرة هي الأولى من نوعها، وتشير إلى تصدع كبير داخل أجنحة الحكم لدى النظام السوري.

نظام الأسد سيرد بـ”قوة”

ورجحت مصادر خاصة من دمشق “رد نظام بشار الأسد بقوة على رسالة رامي مخلوف التي وجهها عبر بث مباشر على صفحته أول من أمس”، معتبرة أن “الظاهرة المخلوفية” انتهت، بعد أن أعلن رامي الخلاف على العلن “لأن النظام لا يقبل بهذه الطريقة المباشرة من الخطاب”.

واستشهدت المصادر، التي فضلت عدم نشر اسمها، بأنه سبق لبشار الأسد أن “أحرق كل من كشف وعرّى نظامه، حتى على صعيد الخطاب مباشرة. الصناعي سعيد الحافظ وجه مرة رسالة لبشار عام 2004، فكتب على صناعته المحاصرة وعلى مشاريعه بالفشل والنهاية”، متسائلة “فكيف إذا جاءت الرسالة من الدائرة الضيقة جداً”.

واعتبرت المصادر، خلال مهاتفتها “العربي الجديد”، أن رسالة رامي مخلوف تعني “القفز من مركب النظام بناء على نصيحة خارجية”، أو ربما “يتوسل الأسد لأن التواصل مقطوع بين رامي وبشار، وسبق لمخلوف أن طلب مراراً مقابلة الأسد، وجاءه الرد بالرفض”.

ورأت المصادر الرفيعة أن “لغز التصعيد” يكمن في الدور الروسي، فهو من سرب المحادثات السياسية الخاصة، وهو من مرر رأي محمد مخلوف “أبو رامي” وأخيه حافظ، المقيمين في موسكو.

وختمت المصادر بأن “الموضوع ليس ماليا وإن حاول الطرفان تسويقه كذلك، فما قيل عما يعادل 100 مليون دولار، هي لا شيء بحسابات مملكة مخلوف المالية التي تتحد مع عائلة الأسد من بعد السبعينيات، وكانت، عبر محمد مخلوف، بيت مال الأسد، منذ أن أتى حافظ الأسد بمخلوف الأب من موظف محاسب في المطار إلى أهم مؤسسة اقتصادية، التبغ، ومن ثم مديرا للمصرف العقاري، وسمح له بمقاسمة جميع التجار والمستثمرين، لدرجة أسماه السوريون السيد 10%”.

واعتبر مراقبون أن بيان وزارة الاتصالات والتقانة “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد”، الذي صدر بعد فيديو مخلوف، رد أولي، مرجحين خطوات مهمة وقريبة كأن “يتم منع رامي من السفر والحجز على أمواله، لأن بشار الأسد اعتبره منشقاً عن النظام”.

وأشاروا إلى أن ما قاله رامي، خلال التسجيل، يتعدى مسائل الضرائب والخلاف المالي، “الفقراء لا تعني فقراء سورية، يسدوا جوعهم مقصود بها الروس، أقسّط لك معناها قسّط أنت للروس، لديّ أوراق ليس المقصود حول شركة سيرتيل، الله الرزاق إشارة إلى أن ثمة من هم فوق بشار”، وغير ذلك الكثير من الرسائل الضمنية التي قرأها نظام بشار الأسد على نحو تهديدي.

بداية الخلاف: فتش عن الروس

ويرى مسؤول حكومي رفيع أن روسيا مررت محادثاتها مع محمد مخلوف إلى بشار الأسد، وكان ذلك بداية المشاكل بين مخلوف والأسد قبل أشهر، كما كشفت خلال الآونة الأخيرة عن “نوايا مخلوف لما بعد الأسد”، هادفة إلى تقليل الفساد والشبكات المسيطرة في سورية، على حسب رأي المسؤول السوري.

ويضيف المسؤول لـ”العربي الجديد” أن روسيا تهدف أيضاً لتحصيل أموالها، فقد طلبت أخيراً نحو ثلاثة مليارات دولار وبالعملة الصعبة، وهي سبب إضافي لملاحقة الأسد لمخلوف، التي ستحدث هلعاً ضمن الدائرة الضيقة حول بشار الأسد، ومن تجار الحرب ورجال الأعمال خاصة، وهذا جميعه في صالح الروس.

وحول ما قيل عن انشقاق الشارع المؤيد للنظام، “الشارع العلوي”، يقول المسؤول السوري “طبعاً رأينا وسنرى تصدعات وانشقاقات، لأن كثيرين يرون في رامي رجل الخير والمسعف للفقراء عبر جمعية البستان وفواتير العلاج والمساعدات العينية، بل وحتى رواتب وأجور من كان يشتغل معه خلال التصدي للثورة وتوقفت أرزاقهم أخيراً”.

وشبّه المسؤول السوري أن ملامح الانشقاق اليوم، تشبه ما حدث حينما حاول رفعت الأسد الانقلاب على شقيقه حافظ، مطلع الثمانينيات، وكيف انتهت القصة بنفي رفعت بعد ترضيته مالياً، ولكن لم يزل كثيرون في الساحل السوري ينظرون حتى اليوم لرفعت على أنه “القائد والمضحي”.

هل لزوجة الأسد أسماء دور بالخلاف؟

وفي ما يتعلق بدخول أقرباء أسماء الأخرس، زوجة بشار الأسد، ليكونوا محل رامي في الاستثمارات والشركات، لفت المسؤول السوري إلى أنه “ليس بسببهم تم ضرب رامي، بل لأسباب سياسية تتعلق بموقف آل مخلوف التي سرّبوها للروس لما بعد الأسد”، ولكن الخلاف الأسدي المخلوفي شكل فراغاً، حاولت وتحاول أسماء الأخرس “أن تملأه بنفسها أو عبر أقربائها، مثل ابن خالتها مهند الدباغ أو قريبها طريف الأخرس أو حتى أخيها، وربما لاحقاً والدها فواز الأخرس بشكل علاني ومكشوف”.

ورداً على سؤال لـ”العربي الجديد” فيما إذا ستتحول استثمارات رامي مخلوف لمهند الدباغ ووجهات جديدة لتدير أموال بشار الأسد، كما يشاع في سورية اليوم، يقول المسؤول السوري، “هكذا يتم التحضير لوضع رجال أعمال جدد في الواجهة، وهم مقربون من أسماء الأسد أو أقرباؤها”، متمنياً أن تعود شركتا الاتصالات الخليوية لملكية الدولة بحسب ما تم الترخيص لهما عامي 2001 و2007 واستفادة الدولة المفلسة من تلك الأرباح.

وكانت شركة “سيرتيل” للاتصال الخليوي قد بدأت عام 2001، تبعتها شركة “إم تي إن” عام 2007 كشركتين على نظام “B.O.T”، أي تشغيل استثمار وإعادة للدولة بعد انقضاء فترة الاستثمار، ولكنهما تحولتا من العمل بنظام “بي أو تي” إلى شركتين مساهمتين نهاية عام 2014، وتقلصت بالتالي حصة الدولة، منذ عام 2015، إلى 50% وعام 2016 إلى 30% لتستمر بعد ذلك حصة الدولة على 20%.

تخوف الشارع

وخلال اتصال هاتفي لـ”العربي الجديد” مع مواطن يدعى بشار من مدينة جبلة، قال: “يعيش الشارع في جبلة وبلدة بستان الباشا مسقط رأس محمد مخلوف حيرة مما حصل، وصراحة الناس مو عرفانة شو تعمل ومع من تقف، ولكن الجميع خائف من النتائج التي يمكن أن يصل إليها الخلاف أو الحرب بين مخلوف والأسد”.

ويضيف بشار، الذي فضل عدم إدراج كنيته، أن “رامي له فضل على كثيرين وأبوه كان من أهم رجالات الدولة بزمن حافظ وبشار، كان محمد مخلوف (والد رامي)، يعين وزراء ومسؤولين بجرة قلم ووقف هو وأولاده منذ عام 2011 مع السيد الرئيس، فماذا حصل اليوم، الجميع مستغرب”.

وكشف المصدر من مدينة جبلة الساحلية “أن الجميع هنا يشك أن ما يجري، هو لعبة أسماء الأخرس وصراعات بين إيران وروسيا”، مجيباً حول شعبية أسماء بمدن الساحل “لديها شعبية كبيرة وهذا الخطر الذي نخافه قريباً، لأن للأستاذ رامي أيضاً شعبية”.

ردّ الهيئة

وفي تفاصيل ردّ الهيئة عبر صفحتها الرسمية على مخلوف، جاء أنّ “وزارة الاتصالات كانت أبلغت شركات الاتصالات بموافاة الهيئة بالجواب النهائي بموعد أقصاه 5/5/2020، لقبولها التفاوض حول آلية تسديد مبلغ 233.8 مليار ليرة سورية كفروقات لبدل الترخيص الابتدائي، وهذه المبالغ “مستحقة للدولة وفقا لوثائق واضحة وموجودة، وتم حسابها بناء على عمل لجان اختصاصية في الشؤون المالية والاقتصادية والفنية والقانونية”.

وأضافت الهيئة، أنه حفاظا على استمرار عمل شركات الاتصال (سيريتل وإم تي إن)، واستمرار تقديم خدماتها للمواطنين، “تم الأخذ بعين الاعتبار جميع تحفظات الشركات وإعطائها المهل والمدد التي طلبتها، رغم عدم منطقيتها، وبعدها تم اعتماد البيانات والأرقام المقدمة منها، ومن ثم احتساب القيمة الفعلية للمبالغ المطالبين بتسديدها”.

وأوضحت الهيئة أنه تم حساب المبالغ المطلوب سدادها على مرحلتين، الأولى وفقا للأرقام الفعلية خلال السنوات التشغيلية الخمس الأولى من عام 2015 ولغاية عام 2019 (وذلك حسب طلب الشركتين ووفقا للبيانات المالية المنشورة)، والثانية وفق الأرقام المتوقعة التي تقدمت بها كل شركة.

وبيّن رد الهيئة أن المبالغ المشار إليها والمستحق دفعها لا علاقة لها بقضية التهرب الضريبي (والتي هي موضوع آخر يتم العمل عليه من قبل الجهات الخاصة به)، بل هي مستحقة على الشركتين يجب سدادها لتحقيق التوازن في الرخص، علما أن الخلل الضريبي الموجود في تلك العقود يؤثر على قيمة ضريبة الدخل وعلى قيمة الأرباح الصافية لحاملي الأسهم أنفسهم، مؤكدة عزم “الهيئة الناظمة على تحصيل الأموال العامة بكافة الطرق القانونية، مع الأخذ بعين الاعتبار دائما استمرار عمل أي شركة مطالبة بالسداد بتقديم خدماتها للمواطنين على أكمل وجه”.

وشددت الهيئة على أنه “لن يثنيها عن استرداد المال العام أي محاولات للتشويش على هذا العمل” في إشارة إلى ظهور رامي مخلوف، الذي خرج في فيديو مدته ربع ساعة، ناشد فيه رئيس النظام السوري بشار الأسد التدخل لإنصافه، مؤكدا عزمه دفع المطلوب منه، لكنه طالب بأن يكون ذلك على دفعات منعا لانهيار شركة “سيريتل” التي تعتبر المخدم الرئيسي للاتصالات الخلوية في البلاد.

العربي الجديد

——————————–

عندما يستجدي رامي مخلوف الأسد/ عمار ديوب

جالساً، كتلميذٍ في حضرة شيخه، يستجدي سيد نعمته. إنّه رامي مخلوف. الرجل الذي، ملكَ نهباً أكثر من نصف اقتصاد سورية. يستجدي الرئيس السوري، بشار الأسد، بأن يُبعد عنه المراقبين الماليين الأشرار! الذين لا يثق بهم، بل ولا يثق بأيّ رجلٍ في هذه الدولة، وأين الدولة؟ فقط يثق به، وبأن كل ماله لخدمة الرئيس، وليوزّعها على الفقراء، تحديداً، وبإشرافه أيضاً. خرج الرجل ببثٍ مباشر، وهذا يعني أن الصلات أصبحت مقطوعةً، ولنقل متأزمةً بشدّةٍ. وبالتالي، ولطي التأزم، لا بد من حدثٍ جللٍ. البث هو ذلك الحدث بكل بساطة. كان واضحاً أن خطابه يخفي قضية أساسيّة، والإعلام يلهج بها كثيراً، وتتعلق بـ”طغيان واستيلاء” أسماء الأخرس، زوجة الرئيس، على ثروات آل مخلوف والبلاد، وأن هذا الأمر تضخم وأصبح أكبر من أن يُسكت عنه. القضية لا تتعلق فقط بتجاوزاتٍ مالية، أو تهرّبٍ من تسديد الضرائب، وعدّة ملياراتٍ طلبها الروس، فهناك “تشليح” للأموال. وبالتالي، هذا مما فجّر العروة الوثقى بين العائلتين؛ اللتين تجتمعان، بالتصاهر، والسلطة، والأمن، والجيش، وبالتاريخ السياسي، وبالمستقبل كذلك! إذاً، القضية خطيرة، وبالطبع، تتجاوز “ثرثرات” القول، إنّها لتجميل صورة الرئيس، وإظهاره بأنّه قوي، وماسكاً كل أركان الدولة، بعد أن تراجعت هيبته كثيراً، وهناك انتقاداتٌ روسيّة كبيرة له، وضغوط ٍإيرانية شديدة.

رامي مخلوف المحسوب على روسيا، ولديه استثمارات كبيرة هناك، بينما آل الأسد يحسبون بدرجةٍ ما على إيران، وهناك من يلمح أن هوى أسماء الأخرس بريطاني. هذا ليس بسيطاً، على سلطةٍ ضعيفة، وبلادها محكومة فعلياً من أربعة احتلالات، ويتبع لها من السوريين ألوية ومسلحون كثر، وبالتأكيد رجال في السلطة! والخامس، “يسرح ويمرح” ويقصف أية منشأة يراها، تضرّ بمصلحته. إذا هناك اختلال جديد، وهو يشتد قوّة، ومنذ سنوات بين آل مخلوف وآل الأسد، وهذا يعني أن القضية تتطلب حلاّ. إن كثافة الضغوط على رامي مخلوف، دفعته، إلى أن يعلن، بوضوح شديد، أن هناك ضرورة كبرى لتسوية الخلافات، وإلّا فهناك آليات للرد. وفي هذا، علينا أن نقرأ جيّداً، خطاب رامي، المتعلق بالفقراء، وضرورة إنصافهم، وسواه. فهو بذلك يلمح إلى قضية خطرة أيضاً، وهي استخدام كتلة الفقراء، التابعين له “وللسلطة” في الخلاف، في حال استعر أكثر فأكثر، وربما يريد من حكاية الفقراء والزهد في أحوالهم! تصوير ذاته والرئيس، بأنهما مسؤولان عن أحوال “الرعية”، وأن ذلك الخلاف سببه لجان الرقابة، ومن يقف خلفها، أي أسماء الأخرس.. المسألة صعبة بالتأكيد، فالسيدة من آل البيت.

إن ثورة وحرباً، واحتلالات خمسة، وكلفا باهظة، وديونا كارثية، وفسادا ونهبا كبيرين، وحسابا لم يأتِ بعد؛ إن ذلك كله يُفلس دولة عظمى، فكيف بدولةٍ، لا تمتلك بالأصل أكثر من عدة مليارات! نعم، في هذه الحالة، لا بد من المصادرات المالية، أو تأميم الشركات المالية، أو الاستدانة. الأخيرة غير ممكنة، وهناك الانتقال السياسي، وهذا ترفضه السلطة، إذاً ليس هناك أمام السلطة الحالية، والتي تتعرّض لضغوط روسيّة وإيرانيّة وواقع متأزم، إلّا المصادرات المالية. هذا ما تمّ، عبر أشكالٍ متعدّدة من الضغوط، مورست على رامي مخلوف، وتجار وأصحاب أموال كثر “طفيليين” في السنوات الأخيرة. حالة رامي مختلفة، فهو ليس فقط خازن أموال نهبتها السلطة، بل هو شريك فيها، وهو لا يقال له “ادفع بالتي هي أحسن”؛ مكانة الرجل في السلطة، وقد تأزمت هي بشدّة، وصارت مهدّدة بالزوال، هي ما تسبب بذلك الاختلال، وهو ما يدفع بتفكك الشراكات القديمة، وبالتالي هناك ضرورة لتصفية أموال رامي مخلوف، وربما كل ثروة آل مخلوف، وسواه أيضاً.

مع البث المباشر هذا، هناك رؤوس كثيرة، تتلمس رقابها، فمواسم القطاف، كما يبدو، اقتربت من حِينِها. السلطة الضعيفة تواجه مشكلة كبيرة، وأن تتفجر قضية بهذا الحجم بوجهها قضية لها ما بعدها، وبالتالي، تشكل كلمة رامي مخلوف مفصلاً في تاريخ السلطة، وربما هناك تصفيات كبرى قادمة. ما يحدث، في السلطة، لا يتعلق بها فقط، فهناك الاحتلالات، وما تصبو إليه مستقبلاً.

السلطة متأزمة كثيراً، وهي لا تمتلك حلولاً ثورية؛ فهي ضد الثورة، وضد أي إصلاح، والضغوط الدولية والإقليمية لا ترحمها. وبالتالي، على القطط السمان أن تدفع. ما فعله رامي أنّه فجّرَ الخلاف، والآن على السلطة أن تتحرّك، ولم يعد يكفي الاستيلاء على إدارة “سيريتل” أو جمعية البستان، وسواهما كثير. ضعف السلطة الواضح، وما تسرّب عن ضغوط روسية، وزيارة وزير خارجية إيران، جواد ظريف، أخيرا، وهناك قانون سيزر المقبل، أقول كلها عناصر، تؤكّد ضرورة إحداث تغيير كبير في السلطة، وهذا لم يعد خاصاً بها، بل هو ضرورة أيضا لكل من روسيا وإيران، وضمن ذلك علينا قراءة المشهد السوري، وما يتعلق به. المقصد من ذلك كله أن هناك جديداً يخص مستقبل سورية، وهو يطبخ في هذا التوقيت بين الدول المتدخلة في هذا البلد.

السياسات المتضاربة، والتي أصبحت معروفة، ومطروحة بشدّة، والمتعلقة بالخلافات الروسية الأميركية الأوروبية والإيرانية والتركية، لم يعد ممكناً أن تستمر على ما هي عليه. اللعب الروسي والإيراني لم يعد يفيد بشيء، ومساراته، عبر أستانة وسوتشي واللجنة الدستورية لم تدفع الغرب إلى تغيير سياساته. رامي مخلوف، ولا أحد يعلم إن كان داخل البلاد أو خارجها، وكذلك ليس في مقدور السلطة أن تتعامل معه كما آخرين، عبر طردهم أو إنهاء حياتهم، أو سجنهم.. فهو يمتلك أكبر حصة في الاقتصاد السوري، وعائلته شريكة أساسية في السلطة، وعلاقاته إقليمياً ودولياً كبيرة. التحليلات المستعجلة لما قاله لا تكفي، وهي بداية أحداث جديدة. أما معالمها الدقيقة، وكيفية تطورها، فلن تكون تكراراً لما تمّ لرجالٍ ضالعين في السلطة السورية.

سورية ليست الآن في 1983، حينما طُرِد رفعت الأسد، وأسماء الأخرس يبدو أنّها طامحة بقوّة، ورامي مخلوف أكثر من بيروقراطي وطفيلي في السلطة. وبالتالي، من أكبر الأخطاء، ألّا تتنبه السلطة إلى أيّة خطوات مستعجلة بحق الرجل، وأيضاً يفترض بالمعارضة ألا تقلّل مما فعله، ومما يترتب عليه أيضاً.

العربي الجديد

————————

فيديو رامي مخلوف ينهي الدمج بين الدولة والنظام/ ياسر أبو شقرة

في فيديو قارب الـ15 دقيقة في “فايسبوك”، استطاع رجل النظام الاقتصادي الأشهر، رامي مخلوف، أن يترك مشاعر مختلطة لدى السوريين، أكانوا من محبيه أو كارهيه. الفيديو الذي تصدر صفحات السوريين، كان له وقع عاطفي غير مألوف. فبعدما سمعوا عن رامي، الرجل الخفي لعقود، والذي تدور حوله أساطير كثيرة، بتنا نراه يتحدث إلينا للمرة الأولى، ويحاول الاستنجاد بنا!

يتفق معظم من شاركوا فيديو رامي مخلوف، في صفحاتهم الشخصية، أنهم صُدموا بأن الرجل “معتوه”، ويوحي خطابه بخليط رهيب من طريقة بشار الأسد في الكلام، وطريقة المجرم المهرج العسكري سهيل الحسن، حيث لا وجود لنبرة واضحة مفهومة، ولا ترابط منطقياً بين الجُمل والأفكار، ولا حتى أدنى مهارات التواصل. تلك البديهيات التي لا بد لأي رجل أعمال ناشئ أن يمتلكها، فكيف إن كان رامي مخلوف، الذي يمتلك حياة السوريين وموتهم في الوقت نفسه.

بعد مشاهدات متكررة للفيديو، يحاول المرء استخلاص ما أراد ابن محمد مخلوف، خال بشار الأسد، إيصاله. فالموضوع هنا غاية في الدقة، إذ خرج مخلوف مخاطباً الناس، ومتوسلاً الأسد، بينما لطالما ظنّ السوريون أنه يستطيع الوصول لبشار الأسد متى شاء من دون أن يعلم أحد بالأمر، وأنه ما من أبواب تغلق في وجهه. هذه بداية الصدمة التي ستكتمل من خلال الفرجة على أسلوب صاحب الشركات الأكبر والاستثمارات الأوسع في سوريا، للمرة الأولى، وهو يبدو أقل براعة في الكلام من أي صبي يعمل في أسواق دمشق.

عقب انطلاق الثورة السورية بأعوام، تحولت سوريا إلى مجتمعات مختلفة، يعيش كل منها في وادٍ وبأسلوب حياة مختلف عن الآخر، حسب سيطرة النظام عليه، أو عدمها. وفي المجتمعات التي يسيطر عليها النظام، بدأ الأخير يسمح بهامش صغير للانتقاد تجاه مسؤولين لا قيمة لهم، كوزير الكهرباء مثلاً. وعلى امتداد أعوام، أوهم الأسد هذه المجتمعات أنه فتح باباً للحرية والانتقاد، بينما كانت صورة بشار الأسد تتحول من “رئيس منتخَب” إلى إله مخلص، فكلما ضاقت الأمور الحياتية على الناس، وعدموا الوسيلة، ناشدوا الأسد تخليصَهم من المسؤولين الظالمين الفاسدين وعديمي الجدارة، الذين أوصلوا البلاد إلى الهاوية. ورغم عدم استجابة الأسد ولا لمرة واحدة، فقد استطاع “سيادته” أن يفصل، في وعي الناس، بين النظام الذين لا يستطيعون حياله شيء وبالتالي وضعوه خارج دائرة المحاكمة، وبين الحكومة والمسؤولين الفاسدين وعديمي الموهبة الذين يقفون بين الرئيس الرحيم والشعب العظيم ويُعتبَرون مسؤولين عن خراب البلاد. كان هذا كله يجري من ناحية، بينما، من ناحية أخرى، استمر الإعلام بأبواقه من شتى المجالات، وعلى رأسهم الفنانون السوريون، في الدمج بين الوطن والدولة والحكومة والنظام، وراحوا يتحدثون عن هذا كله بقداسة مائعة لا يمكن لها أن تحمل أي منطق.

الأمر الأبرز في ظهور رامي مخلوف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هو أنه كسر الصورة التي رسمها النظام خلال الأعوام الماضية، عبر أبواقه في شتى المجالات من فنانين ورياضيين وإعلاميين، حيث الاعتراض على النظام الحاكم في سوريا والمتجسد في العصابة الحاكمة، هو اعتراض على الدولة السورية، وهو اعتراض على الوطن. فكل هذه المصطلحات تعني شيئاً واحداً في سوريا، الطرف الذي يمتلك القوة والبطش، يقابله في الطرف الآخر إما المواطن الشريف الذي يحب البلاد كتلة واحدة ويقف في صفها ويدعمها، أو الإرهابي المعترض على أي تفصيل فيها، حتى لو كان اعتراضه على شرعية أموال رامي مخلوف، أو رغبته في معرفة مصادره أو طرق دفع ضرائبه. خروج رامي مخلوف، مناشداً الأسد ليحميه من الدولة التي تطالبه بقرابة 12 ضعف ضرائبه السنوية، حسب زعمه، مُحكّماً الناس، كان أول انقسام بين مفهومي الدولة والنظام، وقد صنعه أحد أرباب النظام في سوريا.

الفصل بين نجاسة المسؤولين وطهر النظام، من أهم ما مهد لرامي مخلوف كي يقول بالفم الملآن أنهم – ومن دون أن يحدد من هم – تذرعوا بكل الحجج القانونية ليأخذوا منه 130- 125 ملياراً، ولم يحدد بدقة، رغم أن الرقم لا بد أن يكون مطبوعا في ذهنه، فنحن نتحدث عن مليارات، وقال إنه لا يمانع دفع هذا المبلغ غير المستحق، رغم رغبته في عدم إحراج الأسد، إلا أنه يريد منه أن يتسلم المبلغ بنفسه ويوزعه على الفقراء!! إذن، وحسب خيال رامي مخلوف “الفهلوي”، نحن الآن ننتظر من الأسد أن ينزل إلى المؤسسات الخيرية وفي يديه أموال رامي مخلوف غير المستحقة، ليوزعها على الفقراء، لأن رامي مخلوف لا يثق في الدولة، ويريد أن يحل هذه المشكلة من خلال فيديو، بينه وبين الأسد، بعدما أخبروه بأن الأسد هو من أمر بأن يؤخذ منه هذا المبلغ على حد تعبيره. فأي غروتسك نشهد هنا؟ وهل هذا فعلاً هو هدف رامي مخلوف من ظهوره الأول بعدما ذاع صيته لعقود؟

أبرز التحليلات يقول أن المشكلة الرئيسية بدأت عندما طالبت روسيا، الأسد، بسداد ديونه وهي ثلاثة مليارات دولار، وعندما حاول الأسد التذرع بعدم امتلاكه لهذا المبلغ، طالبته روسيا بأن يأخذه من رامي مخلوف الذي باتت صور أبنائه، في موقع “إنستغرام”، إحدى فضائح العصر الحديث، وأشهر مضرب مثل للبذخ واستعراض المال. فطالب الأسد، مخلوف، بأن يدفع، خصوصاً أن التهرب الضريبي الذي يقوم به، ما عاد في الإمكان السكوت عنه، وما “جمعية البستان الخيرية” إلا أحد أبواب هذا التهرب الضريبي، والأبواب الأخرى كثيرة. وفي ظل وجود منافس مثل مهند الدباغ، ابن خالة أسماء الأسد، القادر على سداد الدَّين للروس في مقابل التربع على عرش رامي مخلوف، بات لا خيار للأخير إلا اللجوء للناس “أبناء طائفته على الأقل” كي يحمي مملكته. وهكذا، يكون الفقراء الذين ذكرهم في حديثه، والذين سيعطيهم الأسد النقود، هم الروس، وما من سبب لعدم تذكّره للمبلغ بالضبط إلا لأن المبلغ ليس بالليرة السورية، وإن أراد تحويله لليرة السورية سيكون تقريباً كما ذكره في الفيديو. لكن على الأسد أن يعي أنه، إن أخذ من مخلوف نقوده، لا بد أن يأخذها بهذه الطريقة المعلنة، وبعد أن يقف الناس إلى جانب رامي مخلوف بصورة “الإنساني، الذي تنازل ليطعم الفقراء” فلا يصبح تهديده سهلاً بعد ذلك.

ورغم من أن هذا التحليل يبدو الأقرب للدقة، إلا أن التحليلات والتكهنات تكثر حول الغاية من خروج رامي مخلوف من قمقمه، وتوجهه للأسد عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ربما يريد حلاً لمشاكله الضريبية فعلاً، وهذا أكثر أمر مستبعد ولا يشي به تاريخ عائلة اللصوص هذه. وربما هي فعلاً خلافات بينه وبين أسماء الأسد، التي تجهز لابن خالتها المناخ الاقتصادي ليصبح فتى الدولة بعد أن يبتلع مخلوف وأمواله، وربما هو تقاسم النفوذ والسيطرة بين رامي مخلوف ومنافسيه الجدد، مثل سامر فوز وآخرين مدعومين من جهات خارجية. أو ربما هي بداية الحرب بين آل مخلوف والأسد. مع هذا لا يمكن لأحد الجزم بما يجري داخل دهاليز النظام السوري، خصوصاً أن هذه الدهاليز لم تعد مغلقة كالسابق، مع دخول دول عديدة إليها، وضيقها على المستثمرين بمختلف جنسياتهم، واتساع مساحة مواقع التواصل الاجتماعي التي أطل منها مخلوف اليوم. ولا ندري من يطل غداً، فيخلق عدداً رهيباً من النكات التي يصنعها السوريون ليضحكوا، واعين لأول إسفين يُدقّ في العائلة التي أوصلت البلاد إلى هذا البلاء ولم تكتف بعد، ومدركين أن النظام اليوم لم يعد هو الدولة بعدما أعلنه المعتوه رامي صراحة.

المدن

————————–

فيديو رامي مخلوف : مناشدة للأسد أم تهديد؟/ أحمد الأحمد

التراكمات وتضارب المصالح بين أسماء الأسد ورامي مخلوف، دفعت بالأخير إلى الخروج وتوجيه إنذار مباشر إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد.

هي المرّة الأولى التي يشاهد فيها السوريون، رجل الأعمال السوري وابن خال رأس النظام بشار الأسد رامي مخلوف وهو يتحدّث أمام الكاميرا في مقطع فيديو.

بدا المشهد غريباً أو نادر الحدوث، لا سيما أن العالم لا يعرف عن هذا الملياردير النافذ، إلّا بضع صور معدودة، نُشرت على محرك البحث “غوغل” من قبل الدائرة المقرّبة من مخلوف لتستخدمها وسائل الإعلام المقرّبة منه أو التي يملكها.

ظهر مخلوف الثري، حاصد جميع أنواع العقوبات الدولية كرجلٍ بسيط، يرتدي اللون الرمادي ويجلس على الأرض، وخلفه أخشاب يبدو أنّه يستخدمها لمدفأة الحطب، تحدّث بنبرة صوت رنّانة عاطفية لا تشبه ما تتحدث به وسائل الإعلام عن هذا “الحوت” الاقتصادي، الموجود على معظم لوائح العقوبات العالمية.

استمرَّ مقطع الفيديو نحو ربع ساعة، قال فيه مخلوف كلاماً سهل الفهم وآخر من المستحيل فهمه، توعّد وهدّد بـ”المعركة الشخصية” وخوض المحاكم وناشد قريبه بشار الأسد لإنصافه.

جاء ظهور مخلوف بعد أيام من نشر وكالة الأنباء الرسمية الحكومية “سانا” خبراً قالت فيه: “إن الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، أنذرت شركتي الاتصالات الخليوية “سيريتل” التي يملكها مخلوف و”MTN” التي يملك مخلوف الحصّة الأكبر فيها، بضرورة دفع المستحقات للخزينة تحت طائلة “اتخاذ الإجراءات القانونية” حيث تبلغ هذه الضرائب بحسب “سانا” 233.8 مليار ليرة (نحو 233 مليون دولار)”.

أكثر من مشكلة ضرائب

على مدار الأعوام العشرين الماضية، لم يتردّد مخلوف في دفع الضرائب والالتزامات المترتّبة عليه، فهو يعتبر ذلك “رد جميل” لقريبه رئيس الدولة الذي منحه نفوذاً غير محدود، وأتاح له استثمار ما يشاء على طول البلاد وعرضها من دون رقابة أو تدقيق مالي أو غيره.

ولكن بالمقابل، تبلغ قيمة ضرائب مشغل الخليوي “سيريتل” 14 في المئة من قيمة الأرباح وفق قانون الضرائب السوري، وهي أخف من الضريبة التي يدفعها مالك الشركة الشخصية متناهية الصغر.

هذا السبب يرجعه الباحث والخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، إلى أن قانون الضرائب في سوريا يُحابي كبار المستثمرين وبالتالي لا مشكلة لدى رامي مخلوف، الذي كان خلال مسيرته يدفع المشتريات الضرائب والالتزامات المترتّبة عليه، باستثناء الاستثمارات الضخمة مثل جامعة سوريا الدولية التي أخذها من دون دفع ليرة سورية واحدة.

ولكن حتّى لو كان الأمر محدّداً في موضوع الضرائب، فما كان لمخلوف أن يخرج بهذا الشكل الغريب على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدّم تهديدات، لو لم يكن يملك أوراقاً رابحة ضد النظام السوري.

يرى الكريم، أن خروج مخلوف على مواقع التواصل الاجتماعي هو نيّة لإعلان “الحرب” في حال لم يتم الابتعاد من طريقه الاستثماري والتجاري.

خلال مقطع الفيديو، كرّر مخلوف تهديده بأنّه سوف “يرمي ملفات ووثائق أمام الجهات المعنية” ليربح صاحب الحق بعد الاطلاع على هذه الملفات، من دون أن يوضح عمَّ تتحدث، كما هدّد بشكلٍ متكرر باللجوء إلى القضاء والمحاكم وتحدّث عن أدواره الخيرية وأدوار “جمعية البستان” في دعم البيئة الموالية للنظام السوري على الساحل بملايين الدولارات بما في ذلك “الأعمال الخيرية”، كم قال إنّه يدفع ما لا يقل عن 10 مليارات ليرة سورية كضرائب بشكلٍ سنوي، وأنّه عام 2019 دفع ضرائب عن شركاته بقيمة 12 مليار ليرة سورية.

محطّات تاريخية بين أسماء الأسد ورامي مخلوف

كان رامي مخلوف ورث التجارة عن والده محمد مخلوف، والذي كان رجل أعمال نافذاً تحت جناح الأسد الأب، وبدأ مسيرته في تهريب السجائر والمواد الغذائية والكهربائيات بحسب موقع “مع العدالة” الذي أصدرته “منظمة العفو الدولية”.

وتحوّل مخلوف بعدها إلى مالك سلسلة منشآت سياحية وصناعية وفندقية ووسائل إعلام وغيرها، فإضافة إلى شركتي “سيريتل” و”إم تي إن”، يملك مخلوف صحيفة “الوطن” المحلية وإذاعة “نينار إف إم” ومجموعة شركات “راماك” وفنادق وجامعات خاصة ومصانع والأسواق الحرة في جميع المنافذ البرية والجوية.

في بداية تسلّم بشار الأسد رئاسة سوريا، وزواجه من أسماء الأخرس، حدث تناغم مصالح بين مخلوف والأخرس زوجة الأسد، وكان مخلوف من أهم رجال الأعمال الداعمين لها، إذ ساعدها لتحقيق نقلة نوعية في استثمارات بشار الأسد ودخول السوق الأوروبية بقوة.

ولكن بذور الخلاف بين الطرفين برز في أيلول/ سبتمبر 2015 عندما أعلنت روسيا أنّها ستتدخّل مباشرة في الحرب السورية واستقرّت في قاعدة “حميميم” العسكرية.

يضيف الكريم: “عند دخول الروس، كانت أسماء الأسد تضغط على زوجها لمنحهم استثمارات سيادية، وحينها كان الإيرانيون سبقوا الروس إلى ساحات القتال في سوريا، ولكن جل الاستثمارات التي حصلوا عليها لم تكن سوى مخلفات الاستثمارات الخليجية والتركية، إذ انسحبت هذه الدول بسبب موقفها من بشار الأسد في بداية الثورة”.

ومن حينها لم تُعطَ إيران استثماراً سيادياً واحداً، في حين سيطر الروس على الموانئ وحقول الفوسفات والغاز ومنابع المياه وغيرها من المنشآت السيادية.

ويوضح الكريم، أنّ الروس والإيرانيين في سوريا، صنعوا رجال أعمال موالين لهم، لتثبيت وجودهم حتّى أصبحت البلاد مقسّمة إلى أربع قطاعات.

القطاع الأول يضم موالي أسماء الأسد من تجار تكنوقراط وأمراء الحرب، في حين يضم القطاع الثاني “الحرس الاقتصادي القديم” وهم مجموعة مستثمرين برجوازيين قدماء في سوريا وعلى رأسهم رامي مخلوف، إضافةً إلى تيار موالٍ للروس وآخر موالٍ للإيرانيين.

عام 2018 تم تعيين حازم قرفول حاكماً لمصرف سوريا المركزي، وأول ما قام به هذا الشخص هو اتخاذ مجموعة قرارات رجّح بها كفّة أمراء الحرب (تيار أسماء الأسد) على حساب المستثمرين السوريين القدماء (تيار رامي مخلوف)، في تلك الفترة، كانت مؤسّسات الدولة تتهاوى وتسقط واحدةً تلو الأخرى بيد الروس، عبر عقود طويلة الأجل، الأمر الذي جعل نظام الأسد يتهاوى سواء في عين مخلوف أو غيره من المستثمرين، إذ رأوا أن المؤسسات التي تشرعن هذا النظام تذهب للروس، وهو ما يؤدي إلى سحب القوة والشرعية من الأسد.

في أواخر عام 2019 بدأت مؤسسات تابعة لرامي مخلوف تتعرّض لضغوط، ومنها جمعية “البستان” الخيرية سامر درويش، وهو أحد أذرع مخلوف وأسلحته القوية وتم التحقيق معه من قبل أمن القصر الجمهوري في سوريا.

رسالة تحذيرية

يبدو أن هذه التراكمات وتضارب المصالح بين أسماء الأسد ورامي مخلوف، دفعت بالأخير إلى الخروج وتوجيه إنذار مباشر إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وعلى رغم “العاطفية” التي ظهر بها مخلوف إلّا أنّه هدّد مرات عدة بـ”ملفات ووثائق” لم يسمّها، وهو ما يشير إلى أنّه قد يملك أوراق ضغط لها علاقة بالغرفة المالية التابعة للقصر الجمهوري، وليس من مصلحة بشار الأسد فضحها.

كما أن شركة “سيريتل” التي يملكها مخلوف، لديها 11 مليون مستخدم، وبالتالي كميات ضخمة من السيول النقدية، أي لديها قطع نقدي أكثر من المصارف الحكومية.

ويرى الكريم أن شركة “سيريتل” تستطيع حجب الأموال عن مؤسسات الدولة وزعزعة تداول العملة، ولا سيما القطع النقدية التي لا يستطيع النظام السوري طباعتها مثل فئات 500 – 1000 – 2000 ليرة، ما يخوّل “سيريتل” عرقلة عملية التجارة في سوريا كاملةً

درج

——————————

عن رامي مخلوف وقص أجنحة رجال أعمال النظام السوري/ محمد بسيكي

خروج مخلوف للمرة الأولى وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، يعني أن قنوات التواصل الرسمية مع النظام والأسد شخصياً وأصحاب القرار الحقيقي باتت مغلقة، أو في أحسن التقديرات لم تعد تعمل…

توحي المناشدة المباشرة والنادرة التي وجهها رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عبر صفحته في “فايسبوك”، بأنّ ما كان يقال في الخفاء ويسري على شكل شائعات في أوساط السوريين والمحللين، عن صدام داخلي في أروقة النظام منذ فترة، خرج جزء منه إلى العلن، وبات يكشف عن قضية لا تزال تكبر ككرة الثلج، ولا أحد يعلم إلى أين تسير.

ظهور مخلوف “أونلاين” في فيديو لمدة ربع ساعة، يشكو، ويشرح، ويطالب الأسد بالتدخل شخصياً للنظر في مطالبة الحكومة السورية إياه بدفع ضرائب (100 مليون دولار) متراكمة عن سنوات عمل سابقة لواحدة من أكبر شركاته في سوريا، وهي شركة “سيريتل موبايل تيليكوم”، التي تضم 11 مليون مشترك، و6500 مساهم، وفق قوله.

بالأرقام، عام 2018، حققت “سيريتل” أرباحاً تجاوزت 58 مليار ليرة، وصافي إيرادات أكثر من 184 مليار ليرة سورية. وفي نهاية العام الماضي، أدرج سهم الشركة في سوق دمشق للأوراق المالية، وبدأ سهمها يتداول عند حدود 8 آلاف ليرة سورية.

يحدث هذا لأول مرة ويعطي مجالاً أوسع لتأكيد الإخباريات التي كانت على شكل إشاعات عن علاقة غير مستقرة بين النظام ومخلوف.

وللمرة الأولى يتم تداول قضية بحجم مخلوف، وثرواته المتراكمة على امتداد أكثر من عقدين أمام جمهور السوريين داخل البلاد وخارجها، بهذا الشكل.

قرار حجز أملاك رامي مخلوف

تقارير صحافية ذكرت العام الماضي، أن هناك تصدّعاً داخل العائلة الحاكمة في سوريا، جراء خلاف بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف.

مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا، أعلن مخلوف مباشرة وعلى الملأ أنه تنازل عن ممارسة الأعمال التجارية (البزنس) وتنازل عن ملكيته في الشركات لمصلحة شركات تعمل في المجال الإنساني يملكها ويرأس هو نفسه مجالس إدارتها.

كان يريد من هذا التنازل تخفيف العبء والحد من وطأة الهجوم الدولي على بشار الأسد ونظامه الذي بدأ يواجه تظاهرات حاشدة وانتفاضة عارمة تريد اقتلاع نظامه من الجذور والتأسيس لمرحلة تغيير شاملة. كان يريد القول إن العالم يتذرع في هجومه على نظام الأسد بسبب عنف السلطات والفساد وبسبب ثروات رامي مخلوف ابن خال الرئيس، وها أنا ذا أتخلى عن كل شيء، أملاً بتهدئة الرياح الغربية والتهديدات التي تأتي من كل حدب وصوب.

من خلال نشاطه في قطاعات اقتصادية عدة، وتملكه استثمارات تشكل عصب الحياة لاقتصاد سوريا قبل عام 2011 وبعده، تعد شركاته امتداداً لنفوذ وثروة في عالم البزنس في الاتصالات والسياحة والطاقة والصيرفة، ومن تأسيسه شركات كبرى كشركة “راماك للمشاريع التنموية والإنسانية المحدودة المسؤولية”، وهي المساهم الأكبر في شركة “سيريتل” التي يرأس مجلس إدارتها بنسبة 40 في المئة، وشركات “الفجر” و”صروح” و”صندوق المشرق” وغيرها.

ما تمكن مناقشته وإخضاعه للتحليل أن خروج مخلوف للمرة الأولى وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، يعني أن قنوات التواصل الرسمية مع النظام والأسد شخصياً وأصحاب القرار الحقيقي باتت مغلقة، أو في أحسن التقديرات لم تعد تعمل كما كانت من قبل. هذا يعني أنه معزول ويبحث عن منقذ.

قد يكون الأسد شخصياً في منأى عن الرد أو التواصل أساساً مع مخلوف ولديه المبرر، لكون القضية عبارة عن مطالبة من جهة حكومية رسمية إلى شركة يرأسها مخلوف، وهنا يجد الأسد مبرراً بأنه يعطي عملية المطالبة وعمليات التضييق والحجز المالي طابعاً رسمياً متعلقاً بجهود مؤسسات حكومية، ويختبئ هو خلف هذه المطالب الحكومية الموجهة إلى مخلوف وغيره من رجال الأعمال، مع إلزامهم بدفع الأموال، في حين يكون هو من يدير عملية قص الأجنحة، وإعادة تشكيل هياكل جديدة في مجالات الأموال والبزنس.

حاول مخلوف في جزء من خطابه استجرار عطف شريحة من السوريين في الداخل مستفيدة من كينونة شركاته واستثماراته والعمل في مجالات الدعم والإغاثة، وحاول التحدث مباشرة بأنه تحت الضغط وأن العلاقة مع الأطراف الأخرى ليست على ما يرام، وأن انهيار هذه الاستثمارات، إنما يعني بالضرورة خسارة أرزاقهم، وهو ما طلبه شخصياً من الأسد أي أن يتم أخذ ذلك في الاعتبار، عبر جدولة الدفعات لمنع الانهيار.

من أهم الأسباب التي ساقت إلى هذا الواقع، هو تكاليف الحرب السورية، والضغط الاقتصادي الشديد الذي يعانيه النظام السوري بسبب العقوبات وتدهور وضعه مالياً واقتصادياً. وأمام هذا كان لا بد من التوجه إلى رجال الأعمال المستفيدين من وجوده ككيان، لمطالبتهم بالدفع وتحمل أعباء الإنفاق.

يؤسّس على هذا، أن الحملة على مخلوف ليست حديثة العهد، فقد انتشرت أقاويل كثيرة ومن أكثر من اتجاه أن هناك من يجلس في مرتبة أعلى من مرتبة النظام السوري ويوجه الأوامر على امتداد الجغرافيا السورية، بتقييد أصحاب الثروات ومحاربة المستفيدين، بالتوازي مع حالة الفقر الشديد التي تصيب معظم السوريين، ونحن نتكلم هنا عن روسيا، صاحبة القرار الأول والأخير سياسياً وعسكرياً والآن اقتصادياً.

في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ألقت وزارة المالية الحجز الاحتياطي على أموال شركة “آبار بتروليوم سيرفيس أوف شور” المسجلة في بيروت، والتي تبرم صفقات نقل الوقود والمواد النفطية إلى سوريا، وقد ورد اسمها في قائمة العقوبات الأميركية، وعلى أموال رامي مخلوف ورجالات أعمال آخرين، وهو ما دفع مخلوف لاحقاً إلى نفي علاقته بالشركة، مشيراً إلى عدم وجود أي علاقة قانونية تربطه بالشركة المذكورة. وأكثر من ذلك أنه وفي هذه القضية بالتحديد قد سدد للدولة مبلغ 7 مليارات ولم يرفع الحجز عن أمواله.

أياً كان صاحب القرار بإجبار مخلوف وغيره من رجال الأعمال على الدفع، فإن الضغط مستمر، وكان بدأ منذ منتصف العام الماضي تقريباً عندما بدأت قرارت الحجز الاحتياطي تصدر بحقه على إثر التهرب الضريبي وارتكاب مخالفات. وعلى اعتبار أن الحجز الاحتياطي لا يعتبر قراراً نهائياً بالسيطرة على الأملاك لكونه قراراً احترازياً مرهوناً بتسوية قضية ودفع المستحقات المالية للجهة العامة، لكنه يعطي مؤشراً غاية في الأهمية عن كيفية التحوّل في العلاقة بين النظام السوري وجناحه الاقتصادي، في وقت لم يكن يتجرأ أحدهم على قول “لا” لمخلوف.

على رغم أن مناشدة مخلوف تعكس حقيقة الوضع الذي باتت عليه علاقة النظام بأجنحته الاقتصادية الصلبة، إلا أنها تترك السوريين في بحر من التكهنات وجو من عدم اليقين في هذه المرحلة الحساسة، حيث التدخل الدولي في سوريا على أشده ووضع الناس المعيشي هو الأسوأ على الإطلاق.

وهو ما يمكننا تلمسه من حجم التعليقات وردود الأفعال. وفق مصادر متابعة، فإن جزءاً كبيراً من السوريين ينظرون إلى أن مخلوف والنظام الآن في حلبة ملاكمة، لا أحد يعرف كيف ستكون النتيجة النهائية، ولمصلحة من لأن اللعبة لم تنته بعد.

والأهم أن هذا التوجه الجديد نوعياً في علاقة النظام برجال الأعمال الذين استفادوا من علاقتهم به، وبنوا ثروات من قربهم من المتنفذين في السلطة، قد تفسح المجال لرجال أعمال جدد يريد لهم النظام الآن الظهور، وهو هنا إذ يبدل وجوهاً بوجوه، فيما سياسة التحكم بالثروات وتوزيع الأدوار، هي نفسها.

درج

—————————–

صراع الأسد-مخلوف: ديناميات النظام وهمجيته

في أول ردّ رسمي على “فيديو رامي مخلوف، أكدت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” التابعة لوزارة الاتصالات في حكومة النظام السوري، على أنّ المبالغ المطلوب سدادها من شركة سيرتيل هي مبالغ مستحقة ل”الدولة”.

وقالت الهيئة في بيان لها على صفحتها على “فايسبوك”: “تؤكد الهيئة أنّ المبالغ المطلوب سدادها من قبل الشركات الخلوية هي مبالغ مستحقة للدولة وفقاً لوثائق واضحة وموجودة، وتم حسابها بناء على عمل لجان اختصاصية في الشؤون المالية والاقتصادية والفنية والقانونية”.

وأضافت أنه “وحفاظاً على استمرار عمل الشبكة الخلوية واستمرار تقديم خدماتها للمواطنين، تم الأخذ بعين الاعتبار كافة تحفظات الشركات إعطاؤها المهل والمدد التي طلبتها، وبعدها ورغم عدم منطقيتها تم اعتماد كافة البيانات والأرقام المقدمة منها وبعد كل ما سبق تم احتساب القيمة الفعلية للمبالغ المطالبين بتسديدها”.

وتابعت: “تم حساب المبالغ المطلوب سدادها على مرحلتين، الأولى وفقاً للأرقام الفعلية خلال السنوات التشغيلية الخمس الأولى من عام 2015 ولغاية عام 2019 (وذلك حسب طلب الشركتين ووفقا للبيانات المالية المنشورة)، والثانية وفق الأرقام المتوقعة التي تقدمت بها كل شركة”.

وأوضحت أنّ “عقود الإدارة التي أبرمتها الشركات الخلوية مع شركات “أوفشور” (موضوع الخلل الضريبي) يتم العمل عليه من قبل المعنيين بهذا الشأن في وزارة المالية، والمبالغ المشار إليها والمستحقة لدينا لا علاقة لها بقضية التهرب الضريبي (والتي هي موضوع آخر يتم العمل عليه من قبل الجهات الخاصة به) بل بمبالغ مستحقة على الشركتين يجب سدادها لتحقيق التوازن في الرخص، علماً أن الخلل الضريبي الموجود في تلك العقود يؤثر على قيمة ضريبة الدخل وعلى قيمة الأرباح الصافية لحاملي الأسهم أنفسهم”.

وأكدت الهيئة أنها “ماضية في تحصيل الأموال العامة (أموال الخزينة المركزية) بكافة الطرق القانونية، مع الأخذ بعين الاعتبار دائما استمرار عمل اي شركة مطالبة بالسداد بتقديم خدماتها للمواطنين على أكمل وجه ولن يثنيها عن استرداد المال العام اي محاولات للتشويش على هذا العمل”.

وكان رامي مخلوف، رئيس مجلس إدارة شركة “سيريتل”، طالب في وقت سابق، رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالإشراف بشكل شخصي على تحقيقات بشأن اتهام حكومة النظام مخلوف بالتهرب الضريبي.

وبعد غياب لسنوات ظهر مخلوف في تسجيل مصوّر نشره على صفحته في فيسبوك الجمعة، قال فيه إن “الدولة غير محقة بالتشكيك بمصروفات شركة سيريتل، وتعود لعقود قديمة متفق عليها بين الطرفين، ويحق لنا مقاضاتها بالاستناد إلى وثائق”، وأبدى استعداده للكشف عنها.

في غضون ذلك ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أنه في السنة العاشرة من الحرب، يبدو أن لدى السوريين موضوعاً جديداً يشغلهم بعيدا عن الصراع العسكري الدائر، فقد ذهل السوريون، بعدما اعتقدوا أنهم رأوا حتى الآن كل شيء في ما يتعلق بفساد قادتهم، عندما كشفت صحيفة روسية أن الرئيس بشار الأسد أهدى زوجته أسماء لوحة لديفيد هوكني، “سبلاش”، تبلغ قيمتها أكثر من 27 مليون يورو.

واشارت الصحيفة الفرنسية في تقرير بعنوان: “تصفية حسابات داخل عائلة الأسد”، إلى أن أهم ما في هذا الخبر، ليس حقيقة شراء الديكتاتور السوري هذه اللوحة، بل أن هذه الفضيحة كشفتها وسيلة إعلامية قريبة من الكرملين، على خلفية تصفية حسابات بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف، أغنى رجل في سوريا، والذي كان أحد أعمدة النظام، وأصبح الآن هدفاً لحملات “مكافحة الفساد”.

وقالت الصحيفة إن رامي مخلوف المستفيد الرئيسي من “التحرير” الاقتصادي الذي قاده بشار الأسد بعد أن خلف والده حافظ الأسد حيث بنى مخلوف إمبراطورية حقيقية، وتولى “عمليات خصخصة” الشركات المملوكة للدولة، واستثمر في بنوك خاصة جديدة، ومع شركة الاتصالات “سيريتل”، حاز مركزًا مهيمنًا في سوق الهواتف المحمولة.

وبثروة تقدر بمليارات الدولارات، يقدرها البعض من 3 إلى 7 مليارات وفقاً للمصادر، أصبح مخلوف الممول الأكبر للميليشيات الموالية للأسد، التي كان دورها في قمع الانتفاضة الشعبية عام 2011 حاسماً.

وبحسب الصحيفة الفرنسية فقد أدى صعود المنتفعين الجدد بالحرب منذ عام 2018، إلى توترات ملموسة بشكل متزايد بين بشار الأسد وابن خاله الثري. وأدت استعادة النظام لمعظم الأراضي السورية إلى إعادة تعريف تقسيم الغنائم في بلد مدمر، وهو ما يدفع مخلوف ثمنه بشكل واضح.

واشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن بعض أصول رامي مخلوف تحت الحراسة القضائية، وهناك متأخرات ضريبية كبيرة جداً مطلوبة، ولكن قبل كل شيء سقطت المحرمات من حصانة آل الأسد.

وذكرت أنه في الآونة الأخيرة، تم ضبط أربعة أطنان من الحشيش بمصر في شحنة حليب من شركة مخلوف، في حين تم ضبط أصول شركة أخرى، هي شركة “أبار بتروليوم”، التي تخضع بالفعل لعقوبات أميركية في عام 2018، ولكن هذه المرة من قبل نظام الأسد.

وقالت الصحيفة: “يدعي مخلوف، دون أن يكون مقنعاً حقاً، أنه استثمر في شركة آبار النفطية، دون أن يكون مرتبطاً بها قانوناً”. وقد تفاقمت هذه التوترات غير المسبوقة بين أبناء عمومة الأسد ومخلوف بسبب “كشف” محرج للغاية لبشار في وسائل الإعلام القريبة من الكرملين، بما في ذلك هدية بشار المفترضة لأسماء.

ويتأكد أن مثل هذه “المعلومات” تشكل انتقاماً لحملة مخلوف ضد مصالحه، ويذكر البعض بأن محمد وحافظ مخلوف، والد رامي وشقيقه، استقرا في موسكو (كان حافظ مخلوف حتى عام 2014 أحد رؤساء أجهزة الأمن السورية).

وعادت الصحيفة إلى عام 1984، عندما تصادم حافظ الأسد وشقيقه رفعت، على الرغم من أنهما أنقذا نظامهما الذي كان مهدداً بتمرد إسلامي، إلى جانب انتفاضة شعبية. ولم يتجنب الشقيقان القتال في وسط دمشق إلا بفضل وساطة الاتحاد السوفياتي الذي أخرج رفعت من سوريا.

ورأت الصحيفة أن الخلاف بين بشار الأسد ورامي مخلوف ليس له اليوم البعد العسكري نفسه، لكنه يكشف، مرة أخرى، عن التناقضات التي تشكل “حالة الهمجية” التي يوجد عليها نظام الأسد.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول “الحرب التي شنها حافظ ثم بشار الأسد ضد شعبيهما هي في الواقع في صميم ديناميات قوتهم، بغض النظر عن المشاجرات التي تثير الآن العائلة الحاكمة”.

المدن

——————————-

النظام السوري يرد على فيديو رامي مخلوف

رد النظام السوري على الملياردير رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، بطريقة غير مباشرة بعد شكواه في فيديو من كثرة الضرائب المفروضة على شركاته، مشددا على المضي قدما في استخلاص الضرائب المستحقة.

وجاء رد دمشق عبر بيان أصدرته الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد ونشرته وكالة “سانا” الرسمية، تؤكد فيه أن المبالغ المطلوب سدادها من قبل الشركات الخليوية هي مبالغ مستحقة للدولة وفقاً لوثائق واضحة وموجودة.

وتتبع شركة “سيريتل” للاتصالات لرامي مخلوف ويطالبها النظام بدفع مبالغ مستحقة من الضرائب.

وظهر مخلوف في فيديو يشتكي لابن عمته بشار من كثرة الضرائب المفروضة على شركاته ويهدد باللجوء إلى القضاء.

وشددت الهيئة على أنها ماضية في تحصيل الأموال العامة “أموال الخزينة المركزية” بكل الطرق القانونية.

وأضاف البيان أنه تم الأخذ بعين الاعتبار كل تحفظات الشركات وإعطاؤها المهل والمدد التي طلبتها وبعدها”.

وقال إنه تم اعتماد كل البيانات والأرقام المقدمة من الشركات، رغم عدم منطقيتها” وبعد كل ما سبق تم احتساب القيمة الفعلية للمبالغ المطالبين بتسديدها.

وأشار البيان إلى أن المبالغ المشار إليها والمستحقة لا علاقة لها بقضية التهرب الضريبي، والتي هي موضوع آخر يتم العمل عليه من قبل الجهات الخاصة به.

وشدد البيان على أن الهيئة الناظمة ماضية في تحصيل الأموال العامة بكل الطرق القانونية مع الأخذ بعين الاعتبار دائماً استمرار عمل أي شركة مطالبة بالسداد بتقديم خدماتها للمواطنين على أكمل وجه ولن يثنيها عن استرداد المال العام أي محاولات للتشويش على هذا العمل.

وقالت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير لها إن تصفية حسابات تجري بين بشار الأسد وابن خاله، وأدى الخلاف العميق بينهما إلى العديد من الإجراءات من قبل النظام ضد مخلوف، وكان أحدثها الحجز على أمواله.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن بعض أصول رامي مخلوف تحت الحراسة القضائية، وهناك متأخرات ضريبية كبيرة جدا مطلوبة.

كتب

الحرة / وكالات – واشنطن

—————————–

مخلوف يخرج خلافه مع الأسد إلى العلن ناشد رجل الأعمال السوري ابن خاله بإنقاذ شركاته التي قدمت كثيراً للبلاد

ظهور رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، وهو ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، في فيديو عبر صفحته على فيسبوك، أمس الخميس، يكشف ما سبق تداوله عن وجود خلافات داخل النظام، في بعدَيْه السياسي والاقتصادي.

وتمحور حديث مخلوف حول عدم أحقية الدولة السورية بمطالبته بدفع حوالى 234 مليار ليرة سورية (نحو مليار دولار أميركي)، عن شركتي “سيريتل” و”إم تي إن”، لسداد الضرائب المتوجبة عليهما، مؤكداً أنه إضافةً إلى مشاركته الدولة نفسها بنصف أرباح شركتَيْه، يدفع ضرائبه ويقوم بـ”العمل الخيري”.

وناشد مخلوف الأسد بمساعدته على وقف انهيار شركته، التي خدمت “الدولة ومن يخدم الدولة”، مذكّراً بما قدمه إلى بلاده منذ اندلاع الصراع الدامي عام 2011، ومؤكداً أن من حق شركتَيْه مقاضاة الدولة.

وكانت الهيئة السورية الناظمة للاتصالات والبريد الحكومي وجّهت إنذاراً لشركَتَيْ مخلوف، مهددةً باتّخاذ إجراءات قانونية بحقهما في حال عدم دفعهما هذه المستحقات.

وألزمت الهيئة الشركتين الامتثال لقرارها قبل 5 مايو (أيار) الحالي.

ويُعتبر مخلوف، منذ حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، أحد أعمدة النظام الرئيسة، لكن نفوذه تضخّم بشكل كبير، منذ استلام الأسد الابن سدة الحكم عام 2000، خصوصاً مع بداية مشاريع لخصخصة قطاعات عامة، إذ تمكّن من بناء إمبراطورية اقتصادية، تجاوزت حتى الحدود السورية. وقُدّرت نسبة سيطرته على الاقتصاد السوري قبل عام 2011، بـ60 في المئة.د

وكان الخلاف بين الأسد ومخلوف قد أُشير إليه في المرة الأولى، في مقال نشرته في أغسطس (آب) 2019 صحيفة “التايمز” البريطانية، بعنوان “الأسد يحتجز ابن خاله الغني حتى يدفع ديون الحرب للرئيس بوتين”.

ووفق الصحيفة، بدأ الخلاف بين الطرفين على خلفية صور ومنشورات كان يشاركها ابن مخلوف، محمد، وتظهر نمط الحياة الباذخ الذي يعيشه. لكن الصحيفة تقول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طالب الأسد بدفع تكاليف مشاركة بلاده في الحرب السورية، المقدّرة بثلاثة مليارات دولار، وإن لم تكن الدولة نفسها تملك هذا المبلغ، فإن عائلة مخلوف تملكه.

وتشير الصحيفة البريطانية إلى وجود رواية أخرى للخلاف بين الرجلين، وهو اضطّرار الأسد إلى استخدام أموال مخلوف لتمويل المجموعات المسلحة التي تقاتل إلى جانب نظام.

وفي الحالتين، بدأت منذ ذلك الحين حملة الأسد ضد مؤسسات مخلوف، لكن بحجة مكافحة الفساد، وفي ظل إصرار الأخير على عدم التنازل عن ممتلكاته. وتنقل “التايمز” معلومات غير مؤكدة عن أن مخلوف وابنه وُضعا في الإقامة الجبرية.

وكان مخلوف قد واجه انتقادات، في بداية شهر رمضان، مع نشره فيديو تحدث فيه عن تبرعاته. وفي الفيديو الأخير، قال رجل الأعمال السوري إنه تلقّى تهديدات بإنهاء جميع مشاريعه في البلاد، في حال استمر بمساعدة المحتاجين.

—————————-

=======================

=======================

تحديث 03 أيار 2020

———————————-

بدؤوا التخطيط لها عام 1999.. أخطر قضية فساد في سوريا أبطالها النظام السوري ورامي مخلوف

قالت في المنشور المطوّل عبر صفحتها في فيسبوك: إنها ستشارك “الدراسة كاملة ( المؤلفة من 96 صفحة) التي أعدها ونشرها والدي (رياض سيف) في كتيب في دمشق بتاريخ 14/8/2001 عن قصة عقود الخليوي”، وذلك رداً على رامي مخلوف.

والبداية تقول: “كانت قضية عقود الخليوي بمثابة أخطر وأكبر قضية فساد في سوريا في ذلك الوقت، حيث أنه وبعد خمسة أيام من توقيع العقود وبتاريخ 17/2/2001 وجه الزميل مأمون الحمصي أسئلة حول عقود الخلوي، وطلب حضور الحكومة للرد عليها. حضرت الحكومة في 26/3/2001 وقدم وزير المواصلات محمد رضوان مارتيني تقريراً يؤكد نزاهة العقود وقانونيتها وفوائدها الكبيرة للمصلحة العامة، وأعلن رئيس المجلس إقفال باب النقاش وطي الملف فقاطعته بصرخة مدوية أن هذا سوف يضيع على الشعب السوري مبلغ 200 مليار ليرة سوري وأنني أملك الوثائق التي تدعم ذلك ولا يمكننا أن نسمح بإغلاق الملف، وهنا انضم إلي عدد كبير من أعضاء المجلس حتى البعثيين منه مما اضطر رئيس المجلس لعدم إغلاق الملف.

نصحوني بالابتعاد

وتتابع بالقول: بعدها زرت وزير المواصلات من أجل مساعدتي في الحصول على وثائق الخليوي، فنصحني بالابتعاد عن هذه القضية لخطورتها، وحذرني من وجود نية بسجني والدكتور عارف دليلة إذا ما أصرينا على متابعة الحديث عن هذا الموضوع.

وفي اليوم الأول من عودة المجلس للانعقاد في 15/5/2001 طالبت بتشكيل لجنة للتحقيق في هذا الموضوع، وأيدني في ذلك أكثرية أعضاء المجلس. وقدمت مذكرة من 6 صفحات تحت عنوان «لماذا التعتيم على عقود الخلوي» وزعتها على كبار المسؤولين وعلى زملائي في مجلس الشعب، وطلبت نشرها في جريدة تشرين، لكن ذلك لم يتحقق.

حملة تكذيب

ويقول في الدراسة: بتاريخ 11/6/2001 حضر رئيس مجلس الوزراء للرد على سؤالي الخطي، وقدم اقتراحاً بإحالة الموضوع إلى لجان المجلس. وتم تكليف لجنتي القوانين المالية والخدمات بدراسة الموضوع. وبتاريخ 23/6/2001 قبل أربعة أيام من انتهاء الدورة التشريعية اجتمعت اللجنة المشتركة وحضر المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات مصطحباً نسخة من الوثائق المتعلقة بالعقود، تحوي مئات الصفحات ومعظمها باللغة الإنكليزية، سلمها لرئيس اللجنة مؤكداً على اعتبارها وثائق سرية يحظر تداولها. وتحت إصرار أعضاء اللجنة على توزيع نسخ من الوثائق على أعضائها تمت الموافقة على ذلك.

وتضيف: لقد كان حرص رئيس المجلس ووزير المواصلات على إنجاز تقرير اللجنة قبل العطلة واضحاً، وكان من أهم ما أكده الوزير، هو أن التصديق النهائي للعقود لم يتم بعد. ونجحت اللجنة في تمديد المهلة الممنوحة لإنجاز عملها إلى الدورة التالية. وحاولت في تلك الفترة وسائل الإعلام الرسمية تكذيب ما كنت قد قدمته من معلومات وأرقام، وعندما طلبت من وسائل الإعلام نفسها نشر ردي على ما أوردته بهذا الشأن كان الجواب بالرفض دائماً. في منتصف آب 2001 أنجزت دراسة شاملة تحت عنوان «صفقة عقود الخلوي» موجهة لأعضاء مجلس الشعب، ووزعتها على عناصر الحكومة. أبرز نقاطها هي:

إن توقيع عقود الخليوي، منح لشركات أجنبية امتياز إدارة واستثمار مرفق عام تملكه الدولة يتمثل في استثمار الترددات. وهذا يتطلب إصدار قانون خاص حسب المادة 71 من الدستور. إلا أن رغبة المستفيدين من العقود بإبرام الصفقة وسعة نفوذهم مكناهم من الالتفاف على الدستور، وإتمام الصفقة بسرية مطلقة.

شركات مغمورة

يتابع رياض سيف في دراسته: في البدء قدمت شركتين مغمورتين هدية للحكومة السورية لتركيب شبكات تجريبية تخدم 20 ألف خط خليوي مجاناً، وتم إجراء الترتيبات لصالح الشركتين المتبرعتين دون الحاجة إلى إعلان مناقصة. وبتاريخ 26/4/1999 وافق رئيس مجلس الوزراء على إدخال التجهيزات المطلوبة إدخالاً مؤقتاً على سبيل الإعارة، وينتهي مفعول الإدخال بتاريخ 14/12/2000 أبرمت عقود نهائية مكّنت الشركتين «المتبرعتين» من احتكار خدمات الهاتف الخلوي لمدة 15 عاماً قبل يومين فقط من انتهاء الفترة التجريبية المذكورة قاطعة الطريق أمام الشركات التي يمكن أن تدخل المنافسة.

وبالعودة إلى وضع الشركتين المتعاقدتين بتاريخ توقيع العقود، نتبين أن الأولى، هي شركة «دريكس تكنولوجي» المحدودة المسؤولية، وهي مسجلة في الجزر العذراء البريطانية بتاريخ 4/7/2000 أي قبل أربعة أيام من تاريخ طرح المناقصة، وبرأسمال قدره 50 ألف دولار فقط، مع إغفال اسم المسؤول والمدير العام.. أما الشركة الثانية فهي «أنفيستكوم غلوبال»، وهي مسجلة أيضا في الجزر العذراء البريطانية وبرأسمال 50 ألف دولار.

    معروف أن الجزر العذراء البريطانية تسمى بالجنة الضريبية وتستقطب الشركات الوهمية والشركات التي تتعاطى غسيل الأموال حيث تقتصر التزامات الشركة على دفع رسم سنوي بسيط مقابل تسجيل عنوان وصندوق بريد. وهذا يبين أن صاحب الشركتين هو شخص واحد يمكن أن نطلق عليه لقب المستفيد.

محمود الزعبي

ومما أثار الريبة أكثر هو الخوف الذي كان يسيطر على رئيس مجلس الوزارة محمود الزعبي في تلك الفترة من تمرير تلك الصفقة كما تدل الوثائق، إذ قدم مدير عام المؤسسة مذكرة لرئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 3/2/2000 ترجح اختيار طريقة الـ«BOT» في التعاقد. وبتاريخ 1/3/2000 عقد اجتماع موسع في رئاسة مجلس الوزراء لم يتوصل إلى قرار. تلاه تقديم مذكرة من المؤسسة بتاريخ 4/3/2000 ثم عقد محمود الزعبي اجتماع آخر للوزارة بتاريخ 6/3/2000 برئاسته طلب فيه من المؤسسة ووزارة المواصلات إعداد مذكرة شاملة جديدة، تتضمن كافة المداولات الوزارية حتى تاريخه، ووضع ملحق لأهم الشروط التي ستتضمنها مشاريع دفاتر الشروط الفنية والحقوقية ليصار إلى تدقيقها من قبل وزارتي الاقتصاد والمالية. كما طلب تلخيصاً لكل المذكرات التي أعدتها المؤسسة. وتقديم دراسة مقارنة تبين ميزات ومساوئ الخيارات الأربعة المطروحة وهي:

إما أن تكون مؤسسة الاتصــالات منفذاً ومشغلاً، وإما تلزيم المشروع عن طريق BOT ) ) ( بناء المشروع واستثماره لعدد من السنين ثم إعادته للدولة)، وإما بيع ترخيص الترددات عن طريق مزايدة علنية، أو إدارة قطاع الخلوي من القطاع المشترك بين المؤسسة والقطاع الخاص.

يلاحظ مما تقدم هيمنة قضية الخليوي على اهتمامات حكومة الزعبي في الأيام الأخيرة من عمره، كان من المتعارف عليه أن يتطلب تنفيذ طلبات رئيس مجلس الوزراء في الأحوال العادية فريقاً كبيراً من المختصين وأسابيع إن لم تكن شهور من الدراسة والتدقيق, لكن معجزة قد حصلت هنا حيث أن كل الدراسات المطلوبة قد أنجزت خلال ساعات وأن محمود الزعبي رئيس الوزارة قد وافق على خيار ال BOT كما تمت إقالة حكومته في نفس اليوم وبقي رئيس مجلس الوزراء ميرو والوزراء ومؤسسة المواصلات مصرين على أن الزعبي هو من وافق على خيار ال BOT قبل إقالته بساعات، والحقيقة التي لا تقبل الشك أن رفض الزعبي خيار ال BOTكان سبب إقالته، وقد كانت العداوة بين كل من محمود الزعبي وسليم ياسين (نائب رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد) مع محمد مخلوف معروفة للجميع وكانا يشتكيان دائماً من تغول محمد مخلوف على كل المشاريع الاقتصادية, وقد حدثني سليم ياسين عندما كنا معا في سجن عدرا أن محمد مخلوف تقدم بطلب إقامة صالة سوق حرة في مطار دمشق الدولي، الأمر الذي لم يوافق عليه سليم ياسين فانتظر ذهابه في إجازة طويلة ليحصل على الموافقة من محمد العمادي وليفاجئ سليم ياسين عند عودته ويجد أن السوق الحرة قد أقيمت.

وتبين الوثائق أن مذكرة 7/3/2000 بالإضافة إلى ترجيح اختيار نظام الـ«BOT» أعطت المستفيد هدية ثمينة بتخفيض حصة الخزينة من العائدات من 40٪ إلى 30٪ في السنوات الثلاث الأولى من العقود. لكي لا تتحمل الحكومة الجديدة تبعات هذا العقد المجحف، والأنكى أن هذه الحكومة لم تكتف بذلك فوفرت للمستفيد أرباحاً إضافية على حساب خزينة الدولة بالطرق التالية:

بتاريخ 4/3/2001 أي بعد ثلاثة أسابيع من توقيع العقد، وافقت الحكومة على إعفاء الشركتين من دفع أي رسوم جمركية على مستورداتهما التي تتعلق بالمشروع واعتبارها إدخالاً مؤقتاً، علماً أن مذكرة المؤسسة بتاريخ 7/3/2000 قدرت الرسوم الجمركية المتوجب دفعها بخمسة مليارات ل.س.

وبعد شهر من تاريخ توقيع العقود، أي في 13/3/ 2001 أصدر مدير عام مؤسسة الاتصالات كتاباً يمنح فيه الشركتين المتعاقدتين حسومات في أجور الدارات، يصل مجموعها إلى أكثر من 12 مليار ل.س خلال فترة التعاقد محسوبة على العدد المتعاقد عليه أي مليون وسبعمائة ألف خط، وعند مضاعفة عدد الخطوط كما يبين الواقع فإن رقم 12 مليارا سوف يتضاعف بنفس النسبة.

تم تحديد عدد الخطوط لكل عقد بـ850 ألف مشترك، بينما كانت كل التوقعات تشير إلى أن احتياجات السوق تصل إلى أضعاف هذا العدد قبل السماح لمشغل ثالث بدخول السوق عام 2008. وللهروب من دفع أي أعباء مالية للخطوط التي تزيد عن 850 ألف أرسلت شركتان كتاباً لمؤسسة الاتصالات يبين أن الشركة ملتزمة بتركيب 850 ألف خط وحسب الحاجة, وبما أن المؤسسة لم ترد على كتابها فاعتبر بحكم الموافق عليه، مانحاً الشركة المستثمرة فرصة لتوسيع الخطوط حسب حاجة السوق دون أن يترتب عليها أية التزامات إضافية، وقد وصل عدد الخطوط فعلا الى أضعاف العدد المسجل في العقد.

لقد قدرت المؤسسة العامة للاتصالات بتاريخ 7/3/2000, ربح الشركتين قبل دفع الضريبة بـ 121.815 ملياراً عن مليون وسبعمائة ألف خط كحد أعلى، يحول منها 36٪ للخزينة كضرائب، ليصبح الربح الصافي للمستفيد 77 مليار ل.س فقط. وإذا أخذنا بعين الاعتبار عامل تخفيض الضريبة من 36٪ الى 18٪ وزيادة عدد الخطوط لأكثر من ثلاثة أضعاف العدد المتعاقد عليه، وبإضافة الأرباح عبر كل الطرق الاحتيالية التي تطرقنا اليها سابقاً، ندرك أهمية هذه الصفقة الاحتكارية التي تدر مئات مليارات الليرات السورية على المستفيد الأساسي منها رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد وأهم المتربعين على قمة هرم المافيا الاقتصادية التي تحكم سوريا.

ويختم رياض سيف دراسته بالقول: بتاريخ 14/8/2001 قمت بتوزيع آلاف النسخ من كتيب صغير (96 صفحة) بعنوان «صفقة عقود الخلوي» والذي أعتقد أنه كان أحد أهم الأسباب الرئيسة في قرار السلطة باعتقالي وذلك بعد فترة لا تتجاوز الشهر من فضح صفقة الخليوي، ثم محاكمتي وإيداعي السجن، على الرغم من كوني عضواً في مجلس الشعب.

    رداً على رامي مخلوف, قصة قضية عقود الخليوي من والدي رياض سيف:سأشارك الدراسة كاملة ( المؤلفة من 96 صفحة) التي أعدها…

    Gepostet von Joumana Seif am Samstag, 2. Mai 2020

بروكار برس

————————-

رامي مخلوف..رجل مال عائلة الأسد الذي يطل بالمحطات “الفاصلة

سنوات طوال مضت، ارتسمت فيها شخصية رامي مخلوف، في مخيلة السوريين، ببضعة صور، لم تكن بالدقة المثلى التي تتيح التعرف على تفاصيله الكاملة، بل كانت بأسوأ نسبة وضوحٍ كـ”هوية بصرية”؛ ورغم ندرة و سوء التفاصيل التي أظهرتها، إلا أن اسمه أو شخصيته ارتبطت دائماً، باستراتيجية السيطرة الاقتصادية على ممتلكات البلاد، من تجارة وصناعة واتصالات، وغيرها.

وما بين الصور التي أتاحتها محركات البحث، في السنوات الماضية لـ”مخلوف”، والتسجيل المصور الذي نشره، مؤخراً، على صفحة تحمل اسمه في “فيس بوك”، فقد تبادر في اليومين الماضيين، إلى نسبة كبيرة من السوريين، لغرابة المشهد في الوهلة الأولى، بأن من خرج مرئياً يكاد يكون مُزيفاً، أو ربما شخصية أخرى تحاول انتحال صفة الشخصية الأساسية.

وفي التسجيل المصور الذي تجاوزت مدته 15 دقيقة ببضعِ ثوانٍ، تحوّل رامي مخلوف إلى حديث الساعة، واستأثر باهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمحليين والباحثين السوريين، ولاسيما أن ظهوره يأتي في ظرف حساس تمر به سورية من جهة، وبعد أكثر من تسع سنوات من الغياب عن أية ظهور أو تصريحات إعلامية.

وبعيداً عن الأبعاد التي قد يفرضها الظهور النادر لمخلوف، في الوقت الحالي، والتحليلات التي ذهبت إلى خلاف حاد، بين عائلة الأسد ومخلوف، فإن واحدةً من النقاط اللافتة، التي يُمكن التوقف عندها، هي المحطات التي عكف مخلوف على الإطلالة بها إعلامياً؛ إطلالات تخرج عن الإطار اللحظي، إلى ما هو أبعد.

دعم الأسد.. رسالة إلى إسرائيل

مع مطلع أحداث الثورة السورية، عام 2011، واندلاعها في معظم المناطق السورية، خرج مخلوف بتصريح لافت، كان له وقع خاص على المسار السياسي لسورية، وتزامن مع اتجاه الدول الإقليمية والعالمية لمقاطعة بشار الأسد ونظامه، على خلفية استخدام القوّة ضد المدنيين العزّل.

صرح رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، في 12 مايو/أيار 2011، في مقابلة نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” أن نظام الأسد “لن يستسلم بسهولة وسيقاتل حتى النهاية”.

وأضاف: “لن يكون هناك استقرار في اسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سورية”، مهدداً بطرح ورقة “الجهاديين” و”السفليين” كبديل عن نظام الأسد، في حال التوجه لإسقاطه.

وتابع مخلوف في تصريحاته اللافتة، حينها: “ليس بامكان أحد أن يضمن ماذا سيحصل إذا حدث شيء للنظام لا سمح الله”، مشيراً إلى أن “قرار الحكومة الآن هو القتال (…) سنقاتل حتى النهاية”، مُشدداً تحذيره لإسرائيل بالقول: “إذا لم يكن هناك استقرار في سورية، فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل”.

 تصريحات مخلوف في تلك الفترة، التي يمكن اعتبارها “فاصلة” كونها شهدت انطلاقة الثورة السورية، أخطر حدث يهدد نظام الأسد بكل تاريخه، ركّزت على دعم بشار الأسد، والوقوف معه، على عكس ما أفردته تصريحاته في اليومين الماضيين، ضمن التسجيل المصور النادر، والتي تضمنت لهجة “هجومية” وتحذيرية ووبنفس “استكانة” و”مظلومية” في ذات الوقت.

وأعطت التصريحات الأولى لمخلوف، مطلع عام 2011، صورة عن عرض قدمه نظام الأسد لإسرائيل، للحفاظ على بقائه، ومن أبرز بنوده هو الحفاظ على أمن إسرائيل، مقابل الحفاظ على أمن نظام الأسد وكيانه.

واعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز“، آنذاك، أن كلام مخلوف “يلقي الضوء على التكتيكات التي تتبناها النخبة الحاكمة، والتي استغلت تقلبات المنطقة من أجل الحفاظ على هدفها الأساسي وهو استمرارها”.

كما اعتبرت أن تحذيرات مخلوف من عدم الاستقرار والصراع الطائفي في سورية، على غرار ما حصل في العراق، و”بدا كصرخة من النظام لحشد الدعم أثناء تعامله مع مستوى من المعارضة (…) يعترف مسؤولوه بأنه أخذهم على حين غرة”.

2020.. عام الخلافات

تسع سنوات مرت على التصريح “اللافت” لمخلوف، لم يظهر فيها بأية تصريحات إعلامية أو ظهور مرئي، لكن اسمه لم يغب فيها، سواء على لوائح العقوبات الأمريكية والأوروبية، أو بعض التسريبات التي كانت تنشرها مصادر إعلامية بين الفترة والأخرى، والتي كانت تتحدث عن مشاريع وشركات أسسها بالسر، هنا وهناك، فضلاً عن شبكة شركاتٍ في دول عدة، للالتفاف على العقوبات، التي اعتاد مخلوف والنظام الاحتيال عليها، بإيجاد مخارج منها.

ورغم أن التسجيل المصور الأخير الذي نشره، قبل يومين، هو الأول له منذ سنوات، إلا أنه ومنذ حوالي ثلاثة أشهر، خرج بتصريحات هي الأولى من نوعها لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، نفى فيها الاتهامات الموجهة له، حول التهرب من دفع الضرائب لـ”الدولة السورية”.

وفي السادس من فبراير/شباط العام الحالي، نشرت الصحيفة مقالاً، قالت إنه رد من مخلوف على مقال سابق، تحدثت فيه عن فساده، وتعامل حكومة نظام الأسد معه.

وافتتح مخلوف رده على مقال الصحيفة، بتأكيده الابتعاد عن الإعلام منذ المؤتمر الصحفي الذي عقده بدمشق في 2011، وأعلن حينها تنازله عن حصته في شركاته إلى جمعيات إنسانية، وأهمها “جمعية البستان”.

وحول اتهامه بالفساد، تحدث مخلوف عن أهمية شركاته، التي قال إنها ترفد الخزينة العامة في سورية بسيولة نقدية تزيد على عشرات المليارات من الليرة السورية، وتشغّل ما يقارب عشرة آلاف موظف سوري برواتب تعد الأعلى في البلاد، وتخدم أكثر من 11 مليون مشترك (في إشارة إلى شركة سيرياتل للاتصالات)، إضافة لتشغيل أكثر من 80 ألف نقطة بيع موزعة في سورية.

وتساءل مخلوف، حينها، هل هذا يعد فساداً؟ مشيرًا إلى أن 75% من أرباح شركاته ذهبت في السنوات العشر الأخيرة إلى مؤسسات وجمعيات إنسانية، بهدف خدمة السوريين، معتبراً أن مفهوم الفساد يختلف عن هدف أعماله.

وتحدث عن قرار الحجز الاحتياطي على جميع أمواله المنقولة وغير المنقولة العائدة له ولشركاته، الصادر من قبل وزارة المالية، في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بسبب تهريب بضاعة ناجية من الحجز قُدرت قيمتها بنحو 1.9 مليار ليرة سورية، وبلغت رسومها 215 مليون ليرة، والحد الأقصى لغراماتها 8.5 مليار ليرة، والرسوم 2.1 مليار ليرة.

استجداء الأسد

ما قاله مخلوف في التسجيل المصور الأخير، لم يخرج عن إطار ما قاله في المقال الذي نشرته صحيفة الأخبار، مطلع العام الحالي، وما ميزه هو نبرة “الاستجداء” التي أظهرها لرأس النظام، بشار الأسد.

وألمح مخلوف، في التسجيل، إلى استعداده مقاضاة “الحكومة” قائلاً: “الدولة السورية فرضت دفع مبالغ غصباً عنا”، مشيراً إلى أن بحوزته وثائق تؤكد أنه “صاحب حق”.

كما تحدث عن أدواره الخيرية ومؤسسة “جمعية البستان في دعم الحكومة بمشاريع وطنية”.

واستخدم “المليادر” عبارات خلال التسجيل، وصفها البعض بمدغدغات للعواطف كالدين، والوطنية، إذ كرر أكثر من مرة أن “الله سخره لمساعدة الفقراء”، ثم ختم الفيديو مناشداً الأسد التدخل لتقسيط الضرائب، لكي يحمي شركته من الانهيار.

لكن وزارة الاتصالات في حكومة الأسد، وفي اليوم التالي، ردت على فيديو مخلوف، في بيان لها عبر موقع “فيس بوك”، وقالت إن “المبالغ المطلوب سدادها من قبل الشركات الخلوية هي مبالغ مستحقة للدولة، وفقاً لوثائق واضحة وموجودة”.

ابن محمد مخلوف

ينحدر مخلوف من جبلة وهو من مواليد عام 1969، وهو الابن الأكبر (لشقيق أنيسة والدة بشار) محمد مخلوف، الذي كان يدير المصرف العقاري أيام الرئيس الأسبق، حافظ الأسد، بعد أن كان موظفاً بسيطاً قبل ذلك في “المؤسسة العامة للتبغ” التي تملكها الدولة في سورية.

ويدير مخلوف أكبر شركة للهواتف المحمولة في سورية، وهي “سيرياتل”، كما يملك العديد من شركات البناء والنفط، منها “إيما تيل”، “راماك”، “شركة شام القابضة”، وغيرها.

وفي أواخر 2019، كشفت منظمة “غلوبال ويتنس” لمكافحة الفساد أن عائلة مخلوف تتحكم في 60 ٪ من الاقتصاد السوري.

وإلى جانب ما سبق، يملك رامي مخلوف عقارات في العاصمة الروسية موسكو تقدر بـ 40 مليون دولار، وفق منظمة “غلوبال ويتنس”.

إضافة إلى إذاعات موالية لنظام الأسد، كما يملك صحيفة “الوطن” الخاصة، ويدير شركات للسيارات، إضافة إلى نشاطات اقتصادية تتمثل في قطاعات مختلفة مثل الصرافة والغاز والتجارة والعقارات.

وهو مدرج على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية، إلى جانب أخويه إيهاب وإياد.

    #شاهد#رامي_مخلوف ابن خال #بشار_الأسد ووكيل أعماله

    ساهمت “#جمعية_البستان” التابعة له في الانتهاكات التي ارتكبها النظام ضد الشعب السوري وأُدرج اسمه في قوائم العقوبات البريطانية والأوروبية والكندية والأمريكية, وحجزت سويسرا على كافة أمواله وممتلكاته#رجال_أعمال_الأسد 👇 pic.twitter.com/5JOBEhguTm

    — مع العدالة (@projusticeorg) March 12, 2020

السورية.نت

—————————-

مخلوف يناشد الأسد بثاني ظهور: أتعرض لمعاملة غير إنسانية

عبد الرحمن خضر

أطل رامي مخلوف، رجل الأعمال السوري وابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد اليوم الأحد، في تسجيل جديد ناشد فيه الأسد التدخل لوقف ما يتعرّض له من معاملة “غير إنسانية”، لافتاً إلى أنه يمر بأيام صعبة قد تنتج عنها “كارثة”.

وأوضح في التسجيل أن الهدف من الضغوطات هو إبعاده عن المشهد الاقتصادي والشركات التي يديرها، وأهمها شركة “سيرتيل”، إذ بدأت الأجهزة الأمنية باعتقال موظفي الشركات التي يديرها.

وأبدى مخلوف استغرابه من أن تأتي الأجهزة الأمنية إلى شركاته وتعتقل الموظفين فيها، بعد أن كان أكبر داعم لهذه الأجهزة و”أكبر خادم لها” وراعياً لعناصرها أثناء الحرب.

كما أشار إلى أن ظهوره المتكرر على مواقع التواصل لأن الموضوع حساس وليس مزحة، وهناك تعليمات لم يعد قادراً على تنفيذها، مصدرها أشخاص “حول صاحب القرار” لم تعد تطاق، وصفها بـ”المقرفة والخطرة”.

وحذّر مخلوف في التسجيل من أن استمرار الضغوط قد يخرج بعض التفاصيل عن سيطرته، إذ إن الأمور بينه وبين السلطة انقلبت، وما يُطلب منه يصعب تحقيقه.

وفي التسجيل الذي بثّه مخلوف الخميس الماضي، قال إنه يؤدي كل الرسوم المترتبة على شركاته، والمؤسسات التي يمتلكها من أهم دافعي الضرائب للنظام والمشغلة لليد العاملة.

وأضاف أنه لا توجد لدى “الدولة” أية حقوق عنده، لأنه وشركاته يؤدون بانتظام ما يترتب عليهم من التزامات مالية، معتبراً أن مطالبته أخيراً بدفع نحو 130 مليار ليرة سورية (نحو 120 مليون دولار) هو “محض ظلم”، ومع ذلك أكد أنه سوف يقوم بالدفع، لأنه عندما “تجبره” الدولة على فعل شيء سيفعله مجبراً ولا خيار له.

وجاء ظهور مخلوف بعد حديث وسائل الإعلام الرسمية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، عن إنذار عدة شركات يملكها لدفع ما يترتب عليها لخزينة “الدولة”، وإلا ستتخذ إجراءات الحجز بحقها، فيما تشير مصادر عدة إلى أن الحملة على مخلوف وشركاته تقودها زوجة بشار الأسد أسماء.

—————————

رامي مخلوف ينذر الاسد: الخطر قادم

بعد ثماني وأربعين ساعة على ظهوره في تسجيل مصور نشره على صفحته الشخصية في فيسبوك، وتحدث فيه عن بعض تفاصيل الخلاف مع حكومة النظام والأجهزة الأمنية، ظهر رجل الأعمال السوري رامي مخلوف في تسجيل جديد الأحد كشف فيه عن تطورات وصفها ب”الخطيرة” كما أرسل تهديدات مبطنة “في حال استمرت هذه الحالة”.

وقال مخلوف، الذي لطالما اعتبر ركن النظام الاقتصادي، إن ظهوره الجديد وتوجيهه هذه الرسالة الاحد، سببه استمرار التجاوزات والتهديدات التي وجهتها الأجهزة الأمنية له ولشركاته، مؤكداً أن “الموضوع حساس وأكبر مما يُتصور..”. وقال: “نحن أمام تفاصيل لن نكون قادرين على السيطرة عليها إذا ما استمرت الضغوط علينا والتي أصبحت غير مقبولة ولا إنسانية”.

ولم يكن ذلك التهديد المبطن الوحيد من قبل مخلوف، حيث كرر ابن خال رئيس النظام بشار الأسد توجيه مثل هذه الاشارات في التسجيل، إذ اعتبر أنه “ستكون هناك أيام صعبة وأنا جاهز لها” وأنه “في حال استمر الأمر على هذا النحو سيكون الأمر خطيراً”، مؤكداً أنه لن يرضخ للضغوط ولن يتنازل عن إدارة شركاته وأمواله التي اعتبرها “جني العمر” وأنه “مؤتمن عليها في ابتلاء إلهي” له.

اللافت في تصريح رامي مخلوف الأخير أيضاً هو كشفه وللمرة الأولى عن الإجراءات التي بدأت أجهزة أمنية في النظام تطبيقها ضده، وهو تطور يكشف عن مدى جدية وعمق الخلافات داخل أركان النظام في هذه المسألة، حيث أكد اعتقال المخابرات عدداً كبيراً من موظفي شركاته بينهم مدراء، وتساءل: “كيف يتم اعتقال من دافع عن النظام وعن الرئيس، وكيف يتم التعامل بهذه الطريقة مع شركات ومؤسسات كانت أكبر داعم وأكبر خادم لهذه الأجهزة الأمنية”.

كما كان لافتاً أيضاً تركيزه الكبير على أن المحيطين ببشار الأسد هم من يقفون خلف هذه “التدخلات والممارسات التي باتت مخيفة وقذرة” حسب وصفه، في إشارة مبطنة إلى زوجة الأسد، اسماء الأخرس، التي ينسب لها الكثيرون الوقوف خلف هذه الحملة التي تستهدف إنهاء هيمنة آل مخلوف على الاقتصاد السوري وإعادة تشكيل السوق المحلية تحت سيطرتها.

ورغم اظهاره التحدي وارسال تهديدات مبطنة، إلا أن مخلوف استجدى بشكل مكرر رئيس النظام بشار الأسد من أجل التدخل، مخاطباً إياه بالقول: “لا تصدق من حولك.. لا تسمح لهم بخرق الدستور والتعدي على القانون.. أنا لن اتنازل، وأطلب منك يا سيادة الرئيس أن تنصفنا وتسمعنا، وإذا لم تفعل فليس لنا سوى الله ليحمي البلد من الخطر القادم”.

ورغم موجة السخرية التي تسبب بها توظيفه لبعض الآيات والنصوص الدينية في التسجيل الأول الذي نشره قبل ثلاثة أيام، إلا أن رامي مخلوف كرر وبشكل مكثف هذا التوظيف في الفيديو الأخير الذي عنونه ب”وكان حقاً علينا نصر المؤمنين” فاستخدم أدعية وآيات حاول من خلالها إظهار مظلوميته، كما أنهى حديثه بالقول: كن مع الله ولا تبالي.

المدن

————————–

رامي مخلوف يتهم «الأجهزة الأمنية» بالضغط عليه للتخلي عن شركاته

اتهم رجل الأعمال السوري البارز رامي مخلوف، اليوم (الأحد)، «الأجهزة الأمنية» باعتقال موظفي شركاته وبالضغط عليه للتخلي عنها، بعد يومين من مناشدته في شريط فيديو نادر، الرئيس بشار الأسد التدخل لإنقاذ شركة الاتصالات التي يملكها.

ومخلوف، ابن خال الأسد، أحد أعمدة النظام اقتصادياً منذ عقود واسمه مدرج على القائمة الأميركية السوداء منذ عام 2008، ويرأس رجل الأعمال، الذي لطالما بقى خلف الأضواء، مجموعة شركات أبرزها شركة «سيرياتل» التي تملك نحو 70% من سوق الاتصالات في سوريا، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مخلوف، الأحد، في ثاني شريط فيديو يبثه خلال ثلاثة أيام على صفحته في «فيسبوك» ومدته عشر دقائق: «بدأت اليوم الضغوطات بطريقة غير مقبولة وبدأت الأجهزة الأمنية تعتقل الموظفين الذين يعملون لديّ»، متسائلاً: «هل يتوقع أحد أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف، الذي كان أكبر داعم لهذه الأجهزة وأكبر راعٍ لها خلال الحرب؟».

وأضاف رجل الأعمال الذي يُعتقد أنه في سوريا: «طُلب مني اليوم أن أبتعد عن الشركات وأن أنفّذ تعليمات… وبدأت الضغوطات بسحب الموظفين والمديرين»، مشيراً إلى أنه تلقى تهديدات «إما أن تتنازل وإما أن نسجن كل جماعتك».

وناشد مخلوف، الذي يعد من أكثر المستثمرين نفوذاً في سوريا، الأسد التدخل لوقف الضغوط.

وطالبت هيئة الاتصالات السورية، الأسبوع الماضي، الشركتين المشغّلتين للهاتف الخلوي في سوريا بدفع «مبالغ مستحقة لخزينة الدولة تبلغ 233,8 مليار ليرة سورية» (334 مليون دولار)، استناداً إلى قرار صدر عن رئاسة الوزراء، وفي مهلة تنتهي الثلاثاء المقبل.

وقدّر مخلوف، في أول شريط فيديو بثه ليل الخميس، قيمة المبلغ المُطالب بتسديده بما بين 125 ملياراً (178,5 مليون دولار) و130 مليار ليرة، معتبراً أن مطالب الدولة «غير محقة». وناشد الأسد التدخل لإنقاذ شركته عبر «جدولة» المبلغ «بحيث لا تنهار الشركة».

ورغم توجه مخلوف للمرة الثانية إلى الأسد واصفاً إياه بـ«صمام الأمان»، يؤكد شريطا الفيديو وجود توتر بينه وبين الرئيس السوري بعدما تحدثت تقارير إعلامية عدة عن خلافات بينهما لم تتضح حقيقتها، وعن مصادرة وسائل إعلام محلية كان يديرها مخلوف ومقرات جمعية خيرية تابعة له.

وأصدرت السلطات السورية في ديسمبر (كانون الأول)، سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال في سوريا، بينهم مخلوف وزوجته وشركاته. ووُجهت إلى رجال أعمال تهم التهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال سنوات الحرب.

وتحدّث الأسد في مقابلة مع التلفزيون السوري الرسمي في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، عن مكافحة الفساد. وقال: «في القطاع الخاص، طلب من كل من أهدر أموال الدولة أن يعيد الأموال (…) نريد أموال الدولة أولاً قبل أن نلاحق ونحوّل إلى القضاء».

———————-

في فيديو جديد.. رامي مخلوف ابن خال الأسد يتحدث عن اعتقالات لموظفي شركاته

قال الملياردير السوري رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد -والذي فرض النظام عقوبات عليه- إن قوات الأمن بدأت اليوم الأحد اعتقال موظفين في شركاته المختلفة فيما وصفه بأنه زيادة للضغوط عليه بعد أيام من مطالبة السلطات له بدفع ضرائب ضخمة.

وقال مخلوف في فيديو جديد “اليوم بلشت (بدأت) الضغوطات بطريقة غير مقبولة غير إنسانية وبلشت الأجهزة الأمنية تعتقل موظفينا”.

وفي وقت سابق، أطل مخلوف في فيديو ناشد فيه الرئيس إنقاذ شركة الاتصالات “سيرياتيل” التي يملكها من الانهيار، وهدد باللجوء إلى القضاء.

جاء هذا بعد أسبوع من حجز وزارة المالية السورية على أموال شركة “آبار بتروليوم سرفيس” المسجلة في بيروت باسم مخلوف، والتي تنحصر أنشطتها بصفقات نقل المواد النفطية.

وحجزت مديرية الجمارك السورية على أموال مخلوف ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها السلطات نهاية العام الماضي ضد شركات يملكها هذا الملياردير.

وأثار المقطع -الذي نشره مخلوف على صفحته بموقع فيسبوك- تفاعلا واسعا على شبكات التواصل الاجتماعي.

يُذكر أن الملياردير السوري يعتبر بشكل كبير جزءا من الدائرة الداخلية للرئيس الأسد.

ولدى مخلوف إمبراطورية أعمال تتنوع بداية من الاتصالات وحتى العقارات والمقاولات وتجارة النفط. ويقول مسؤولون غربيون إنه لعب دورا كبيرا في تمويل الأسد خلال الحر

————————-

قراءات متعددة لرسائل مخلوف المبطّنة: تهديد بحرب واعتراف بجرائم

في ظهوره الجديد قال ابن خال رأس النظام السوري، الملياردير رامي مخلوف: “إن قوات الأمن بدأت اعتقال موظفين في شركاته المختلفة”، فيما وصفه بأنه زيادة للضغوط عليه بعد أيام من مطالبة السلطات له بدفع “ضرائب ضخمة”.

وجدد مخلوف مناشدته لابن خاله بشار الأسد لإنقاذ شركة الاتصالات “سيرياتيل” من الانهيار، وهدد باللجوء إلى القضاء.

ظهور مخلوف جاء بعد حجز وزارة المالية على أموال شركة “آبار بتروليوم سرفيس” المسجلة في بيروت باسم مخلوف، والتي تنحصر أنشطتها بصفقات نقل المواد النفطية. كما حجزت مديرية الجمارك على أموال مخلوف ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها السلطات العام المنصرم، ضد شركاته.

وأثار ظهور مخلوف تفاعلا واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي، تباينت بين السخرية والجدية في تحليل الرسائل المراد إيصالها.

حسين غرير صحفي معارض ومعتقل سابق اعتبر أنّ التركيز يجب أن يكون على محورين في تناول ما جاء في كلام خلوف، وأوضح في منشور على صفحته في “فيسبوك”: “أولاً: اعتراف رامي مخلوف وبشكل صريح بمسؤوليته وشراكته المباشرة بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا، لا أعلم كيف يمكن استخدام هذا الاعتراف قضائياً. فقد ردد مخلوف أنه “أكبر داعم للأجهزة الأمنية وأكبر خادم لها وأكبر راعي لها أثناء الحرب”. ثم أردف لاحقاً يقول “الشبكة الخلوية خدمت الجيش والأمن بإخلاص” حيث يعترف هنا باستخدام شبكات الخلوي في سوريا لصالح ممارسات جيش النظام وأجهزته الأمنية.

والنقطة الثانية بحسب غرير هي تهديد مخلوف الصريح بفتح حرب ضد بشار الأسد، حيث قال: “إذا استمرينا في هذه الحالة فوضع البلد رح يكون كتير صعب وسيكون هناك عقاب إلهي حتمي لإنو بلش هون منعطف مخيف” حيث صاغ التهديد هنا بوصفه توقعات لعقاب إلهي نتيجة أفعال المعادين له.

وتحدى مخلوف الأسد مباشرة بقوله: “أنا ما رح أتنازل، أنا موجود ويلي بدو يتعدى علي فلا حول ولا قوة إلا بالله” وهي طريقة سورية بالتهديد، حيث يريد مخلوف بذلك القول أن الأمر خرج من يده ولم يتركوا له أي حل آخر.

ويختم غرير أن مخلوف استخدم نفس الأسلوب مرة أخرى وهو يمنح بشار الأسد فرصة أخيرة لمراجعة نفسه قبل إعلان الحرب، حيث قال: “يا سيادة الرئيس، عم اطلب منك تنصفنا وإذا ما سمعتلنا فأنا بطلب من ربي يحمي هالبلد وتدرأ عنا الخطر لإنو بهي الطريقة عنا مشكلة كبير وإذا ما عالجنا هادا الموضوع فـ الله يساعد”.

بينما توقعت تعليقات على إحدى الصفحات التي أعادت نشر الفيديو بأن أبرز ما جاء في الفيديو الجديد يمكن تلخيصه بأن رامي مخلوف يهدد بإشعال حرب بين العلويين والأجهزة الأمنية بعد اعتقال الأجهزة الأمنية لموظفي ومدراء سيرياتيل.

كما علّق أحد رواد التواصل الاجتماعي أن الفيديو الجديد يحمل تهديدا مبطنا بأن الاستمرار بمطالبته بالدفع سيكون “منعطفا خطيرا”، كما يحاول مخلوف نقل المعركة إلى العلن وكسب الحاضنة الشعبية العلوية إلى صفه في المعركة التي سيمضي بها لنهايتها ويشير عنوان الفيديو “وَكَانَ حَقًّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” إلى أنه يرى أن انتصاره حتمي، كما يشير إلى أن القرار يتخذه من هم حول الأسد (في إشارة إلى أسماء) ويتهمهم بكسب الأموال التي سيدفعها لمصالحهم الخاصة وليس للفقراء.

فيما علق المذيع السوري محمد سليمان أن الفيديو الثاني لرامي مخلوف يكشف فيه هذه المرة أن أجهزة الأمن بدأت اعتقال موظفيه، ويؤكد أنه لن يرضخ لأنه لا يستطيع التنازل عن حق يخص الناس، ويستغرب مخلوف من عملية الاعتقال ويقول: “هدول مؤيدين”، بمعنى أنه طبيعي جدا اعتقال المعارضين، أما المؤيدون فلا مبرر لاعتقالهم.

ويختم سليمان أن كثيرون توقعوا سقوط الأسد من بوابة الاقتصاد، لكن أن يسقط من بوابة رامي مخلوف فهذا لم يخطر على بال سوري يوما، وهذا ربما يحدث بعد ما سمعناه، إن لم يتخلص بشار من رامي نهائيا.

———————————-

بيان واضح من النظام السوري بحقّ رامي مخلوف مفاده: “بدك تدفع

في أول ردّ رسمي على “فيديو رامي مخلوف”، جددت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” التابعة لوازرة الاتصالات في حكومة النظام السوري، التأكيد على أنّ المبالغ المطلوب سدادها من شركة سيرتيل هي مبالغ مستحقة لـ “الدولة”.

وقالت الهيئة في بيان لها على صفحتها في فيسبوك: إن الهيئة تؤكد أنّ “المبالغ المطلوب سدادها من قبل الشركات الخلوية هي مبالغ مستحقة للدولة وفقا لوثائق واضحة وموجودة، وتم حسابها بناء على عمل لجان اختصاصية في الشؤون المالية والاقتصادية والفنية والقانونية”.

وأضافت في بيانها أنه “وحفاظاً على استمرار عمل الشبكة الخلوية واستمرار تقديم خدماتها للمواطنين.. تم الأخذ بعين الاعتبار كافة تحفظات الشركات واعطائها المهل والمدد التي طلبتها، وبعدها – ورغم عدم منطقيتها- تم اعتماد كافة البيانات والأرقام المقدمة منها وبعد كل ما سبق تم احتساب القيمة الفعلية للمبالغ المطالبين بتسديدها”.

وأردفت بالقول: تم حساب المبالغ المطلوب سدادها على مرحلتين، الأولى وفقا للأرقام الفعلية خلال السنوات التشغيلية الخمس الأولى من عام 2015 ولغاية عام 2019 (وذلك حسب طلب الشركتين ووفقا للبيانات المالية المنشورة).. والثانية وفق الأرقام المتوقعة التي تقدمت بها كل شركة.

وأوضحت أنّ “عقود الإدارة التي أبرمتها الشركات الخلوية مع شركات أوفشور (موضوع الخلل الضريبي) يتم العمل عليه من قبل المعنيين بهذا الشأن في وزارة المالية، والمبالغ المشار إليها والمستحقة لدينا لا علاقة لها بقضية التهرب الضريبي (والتي هي موضوع اخر يتم العمل عليه من قبل الجهات الخاصة به) بل بمبالغ مستحقة على الشركتين يجب سدادها لتحقيق التوازن في الرخص.. علما أن الخلل الضريبي الموجود في تلك العقود يؤثر على قيمة ضريبة الدخل وعلى قيمة الأرباح الصافية لحاملي الأسهم أنفسهم”.

وجددت الهيئة التأكيد على أنها “ماضية في تحصيل الأموال العامة (أموال الخزينة المركزية) بكافة الطرق القانونية، مع الأخذ بعين الاعتبار دائما استمرار عمل اي شركة مطالبة بالسداد بتقديم خدماتها للمواطنين على أكمل وجه ولن يثنيها عن استرداد المال العام اي محاولات للتشويش على هذا العمل”.

    لاحقا للبيان الذي أصدرته وزارة الاتصالات – الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد والذي تبلغ فيه الشركات الخلوية بموافاة…

   Gepostet von ‎الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد‎ am Freitag, 1. Mai 2020

وطالب رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، رئيس مجلس إدارة شركة “سيريتل”، في وقت سابق، رأس النظام السوري بشار الأسد، بالإشراف بشكل شخصي على تحقيقات بشأن اتهام حكومة النظام مخلوف بالتهرب الضريبي.

وبعد غياب لسنوات ظهر مخلوف في تسجيل مصوّر نشره على صفحته في فيسبوك اليوم الجمعة، قال فيه”إن الدولة غير محقة بالتشكيك بمصروفات شركة سيريتل، وتعود لعقود قديمة متفق عليها بين الطرفين، ويحق لنا مقاضاتهابالاستناد إلى وثائق”، وأبدى استعداده للكشف عنها.

مضيفا أن”سيرتيل” لا تتهرب من دفع الضرائب، وتدفع كل عام ما يقارب عشرة مليارات ليرة سورية، والعام الماضي دفعت ضرائب بلغت 12 مليار ليرة سورية.

وتابع مخلوف مخاطباً الأسد “من أجل عدم وضعك في موقف حرج، أطلب التدقيق، وسألتزم بتوجيهاتك التي أحترمها، وواجب عليَّتنفيذها. نحن لا نتهرب من دفع الضرائب للدولة لأنها نحن، هل يهرب الانسان من نفسه؟”.

وناشد الأسد أن تكون طريقة الدفع مرضية وعلى دفعات، من أجل عدم انهيار الشركة، وطالبه بالإشراف بشكل شخصي على توزيع المبلغ على الفقراء.

وأشار إلى اتهام النظام له بالتلاعب بمصاريف الشركة مؤكداًأنها “مصروفات حقيقية”، وأبدى في رسالته استعداده لفتح كل أوراق الشركة، بقوله للأسد “لن أحرجك ولن أكون عبئاً عليك، مثلما خرجت في أول الحرب عندما وجدت نفسي عبئاً عليك، وتنازلتُ عن أعمالي كلها، وقدمت تنازلاً عن كل شيء”.

وفي 27 نيسان الفائت، أنذرت حكومة النظام شركتي الاتصالات الخلوية سيريتل وMTN العاملتين في البلاد، بضرورة دفع مستحقات للخزينةوصلت قيمتها إلى 233.8 مليار ليرة سورية تحت طائلة “اتخاذ الإجراءات القانونية” بحقهما،وحددت الهيئة موعداً نهائياًللدفع ينتهي بتاريخ 5 أيار الجاري.

وتداولت وسائل إعلام مقربة من النظام قبل أيام تحليلاً مالياً لباحثة اقتصادية سورية،تدعى رشا سيروب، قالت فيه “إن تعديل صيغة العقود المبرمة مع شركتي الجوال في البلاد (سيريتل وMTN) فوتت على الخزينة أكثر من 338 مليار ليرة (نحو 482 مليون دولار)”.

يذكر أن سلطات النظام، اتخذت عدة إجراءات حيال الشركات التي يملكها رجل الأعمال رامي مخلوف بدأت بوقف جميع العمليات المالية المتعلقة بشركة “سيريتل” العائدة له، والحجز على أمواله. وفقَ وسائل إعلام النظام.

——————————–

=======================

===========================

تحديث 04 أيار 2020

—————————–

الاسد- مخلوف:بين الحقيقة والشائعات..ما دور ماهر؟/ عقيل حسين

ثلاثة مؤشرات سيطرت على رد فعل السوريين، موالين ومعارضين، تجاه الظهور الثاني لرامي مخلوف الأحد، فإلى جانب موجة السخرية التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي، تدفقت الشائعات والأخبار لتختلط هذه المرة كما لم يحدث من قبل، وبالطبع، لم تكن نظرية المؤامرة لتغيب في مثل هذه المناسبة.

الشائعات

إذا كان الظهور الأول لابن خال رئيس النظام بشار الأسد، الجمعة، قد شكل صدمة للسوريين بشكل عام، وخاصة الموالين منهم، إذ أكد بهذا الظهور ما كان مجرد تسريبات، عن خلافات بين جناحي النظام السياسي-العسكري والاقتصادي، وأطلق العنان لموجة تحليلات ومحاولات استقراء وسعي لفهم الأسباب والدوافع التي أوصلت العلاقة بين الطرفين إلى نقطة التخاطب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن ظهور مخلوف صباح الأحد، أكد وبشكل قاطع أن حرباً داخلية تدور بين آل مخلوف وآل الأسد.

وبما أن المعركة بين العائلتين “الغريمتين” تجري عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عجت هذه الوسائل على الفور بالمنشورات التي تسخر من رجل الأعمال الأول في سوريا، لكنها أيضاً ازدحمت بسيل من الشائعات التي لم تجد الكثير من مواقع المعارضة ووسائل إعلامها بداً من الانخراط فيها، حتى تجاوز الأمر عند البعض حد إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على رامي مخلوف نفسه، إلى حرب تدور رحاها في صلنفة على الساحل السوري بين اتباع مخلوف وقوات الأمن!

والواقع أن السلطات كانت قد أطلقت حملة اعتقالات طالت مقربين من رامي مخلوف وبعض كبار الموظفين لديه بالفعل، وهو ما أكده مخلوف بنفسه في الظهور الثاني، بل كان واضحاً أن هذا الموضوع كان أحد أسباب إطلالته.

تتحدث بعض مواقع المعارضة أيضاً عن اعتقال أجهزة أمن النظام إيهاب مخلوف شقيق رامي، لكن لا معطيات تدفع لتصديق هذا الخبر أيضاً، في وقت اتفقت مختلف المصادر على أن حملة الدهم والاعتقال شملت بالفعل منازل كل من سهيل صهيوني، مدير الموارد البشرية في شركة “سيريتل” المملوكة لمخلوف، وبشر مهنا، مدير العلاقات الحكومية، وبسام حتاملة (أردني الجنسية )، وهو المدير المالي العام في الشركة، بالإضافة إلى مديرين “كبار” في قسمي المحاسبة والمالية، بينهم محمد دوماني، ورضوان حداد، إضافة لمدير قسم الإعلام علاء سلمور.

المرصد السوري لحقوق الانسان الذي نفى بشكل قاطع أن يكون قد تم اعتقال رامي مخلوف، تحدث من جانبه عن منع الأجهزة الأمنية موظفي شركة “سيريتل” من دخول أبراج الاتصالات للأسبوع الثالث على التوالي، وهو ما يتفق مع اشارة رامي مخلوف عندما أبدى تذمره من إيكال مهمة إدارة اعمال الشركة لغير المختصين وتحذيره من تبعات ذلك.

وتحدثت المصادر عن استقالة ياسر عبد ربه، رئيس تحرير صحيفة “الوطن” المملوكة من قبل مخلوف، بعد أيام قليلة على تسريبات كشفت عن وضع المخابرات يدها على الصحيفة بشكل كامل، وسبق كل ذلك اعتقال مديرين وموظفين كبار في مؤسسة “راماك” و”جمعية البستان الخيرية، بالإضافة لكف يد آخرين والحجز على أموال عدد غير محدد من أزلام مخلوف.

من ينفذ؟

لكن أي أجهزة أمنية بالضبط تنفذ حملات الاعتقال والمنع وكف اليد هذه، وأي شخصية في النظام تتبع تحديداً، وهل يعود ولاء هذه الشخصية وما تتحكم به من أجهزة أمنية إلى روسيا أم إيران، وهل لهذا علاقة بصراع النفوذ الدائر بين الدولتين في سوريا، وهل هناك أصلاً صراع نفوذ بينهم؟

أسئلة كثيرة ومعقدة لم يتردد الكثيرون من السوريين، وخاصة العاملين في حقلي السياسة والإعلام، عن محاولة إيجاد أجوبة لها؟ أغلب هذه المحاولات كان عبثياً، بينما أسّس القليلون محاولاتهم على معطيات تحمل من الصلابة ما يمكن الاعتماد عليه.

وإذا كان السائد، أو حتى المسيطر على التقديرات منذ أسابيع، إن لم نقل منذ أشهر، أن من يقود هذه الحملة على امبراطورية رامي مخلوف الاقتصادية، هي زوجة بشار الأسد، أسماء الأخرس، التي تشرف بنفسها على أعمال “لجنة مكافحة غسيل الأموال” التي تم اطلاقها منتصف العام الماضي، فإن الحديث عن سيطرة زوجة الرئيس على أجهزة أمن ومؤسسات محاسبة، وقيادتها حملة بهذا المستوى ضد ركن النظام الاقتصادي الأول وحقيبة آل الأسد المالية، ليس سوى “هذيان” عند البعض، ممن يؤكد أن أسماء الأسد أضعف بكثير من أن تقود المهمة، بشقها الأمني.

يتفق هؤلاء، وبينهم مطلعون أو منشقون كبار عن النظام، أن الصراع الحقيقي يدور بين ماهر الأسد ورامي مخلوف، لكنهم بالمقابل يختلفون حول أسباب هذا الصراع ودوافعه. فقسم منهم يؤكد أن الخلاف مالي بحت، يتعلق بتقاسم عائدات الأعمال التي يشرف عليها رامي مخلوف كواجهة وشريك لآل الأسد، بينما يذهب فريق آخر أبعد من ذلك بقليل، ليؤكد أن بشار وشقيقه ماهر باتوا قلقين من تنامي نفوذ رامي مخلوف داخل النظام والطائفة العلوية، هذا التنامي الذي حصل على مدار أعوام الحرب، حيث فعلت الأموال التي قدمها كمساعدات فعلها، ما اقتضى وضع حد للدور الذي تجاوز المسموح به.

فريق ثالث ذهب في مقاربته هذا الصراع أبعد من ذلك، ليس بالأمس فقط، بل ومنذ أشهر كما هو معلوم، وأكد أن الصراع الحقيقي هو بين روسيا وإيران، الدولتين اللتين تدخلتا لإنقاذ النظام تباعاً، وتمكنتا من بناء نفوذ ضارب داخل السلطة، وصناعة مراكز قوى تابعة لكل منهما، وقد دخلتا الآن مرحلة السباق العلني والمحموم للإطباق على ما تبقى من هذا النظام ومن الدولة ذاتها.

يؤكد ذلك تنافس واضح بين موسكو وطهران لم يعد بالامكان إخفاؤه على كل حال، لكن حتى الآن تبدو خيوط هذا التنافس أو الصراع متشابكة، إذ لم تتضح تماماً تبعية الشخصيات والأجهزة والمؤسسات النافذة في النظام إلى هذه الدولة أو تلك رغم كل ما يقال عن ذلك.

نظرية المؤامرة

ولأن الصورة ليست واضحة تماماً، سواء عند المعارضة أو الموالاة، فقد كان لا بد لنظرية المؤامرة لدى الطرفين أن تحضر، والمؤامرة بالنسبة للموالاة، خاصة الطائفة العلوية، كما بدا من تعليقات الكثيرين على التطورات الأخيرة، تبدو متماسكة في قالب واحد، وهو أن أعداء النظام السياسيين، وأعداء الطائفة التاريخيين، هم الذين يقفون خلف هذه (الأزمة) التي يجب أن يتم وضع حد لها بأي شكل وبأي طريقة ومهما كان الثمن (للحفاظ على النظام والطائفة)، بينما تتشعب النظرية بالنسبة للمعارضة، جرياً على العادة، وتتفرق سبلها.

بالنسبة البعض، فإن كل ما يجري لا يعدو أن يكون مسرحية يقف خلفها النظام ذاته، والهدف منها إنقاذ صورة بشار الأسد وإعادة انتاجه مجدداً (كرئيس شريف مكافح للفساد ونصير للفقراء، يتحرك للضرب على يد تجار الحرب وناهبي الدولة والمواطن)، خاصة بعد أن بلغ الفساد والفقر في سوريا حدوداً أخرجت حتى أكثر السوريين موالاة عن صمتهم، وجعلت حتى أكثر الفئات خوفاً يتململون ويخرجون عن صمتهم.

لكن آخرين لا يمكن بالنسبة لهم أن يلقي النظام أدنى اعتبار لمعاناة الشعب أو يقلقه تذمر الموالين، فإن هذه المسرحية لا تعدو أن يكون هدفها إعادة انتاج منظومة اقتصادية جديدة أكثر انتماءً وولاءً وتبعية للأسد، بعد أن تضخمت منظومة آل مخلوف أو استهلكت نفسها وباتت عبئاً على النظام والأسد، بدليل الصعود المتنامي خلال السنوات الماضية لمجموعة من رجال الأعمال الجدد الذين تم منحهم امتيازات وشراكات واسعة لإدارة أموال وأعمال الأسرة الحاكمة، بينهم أفراد من عائلة أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد.

إلا أن نظرية، أو نظريات المؤامرة تلك، لا تبدو كافية لتحليل الأزمة التي بدأت تعصف ببنية النظام، مهما كان عمق هذه الأزمة أو خطر النتائج المترتبة عليها، وعليه تبقى كل الاحتمالات واردة بالنسبة لمآلات هذه الأزمة/الصراع التي لا يمكن إلا أن ينتج عنها أمر خطير بالنسبة للنظام حتماً، وهو ما يتفق عليه جميع المختلفين في تحليلاتهم للأسباب والدوافع.

المدن

————————–

رامي مخلوف بمواجهة بشار الأسد..السوريون لا يملكون إلا السخرية/ وليد بركسية

كانت السخرية وتأليف النكات والضحك، طاغية بين السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يتابعون دراما فيديوهات رجل الأعمال المقرب من النظام رامي مخلوف، وصراعه مع ابن عمته، الرئيس السوري بشار الأسد.

وفيما انتشرت تكهنات كثيرة حول أسباب الخلاف بين الرجلين اللذين يشكلان في الواقع وجهين لعملة واحدة، مع تقديرات حول ضغوط روسية على دمشق أو”مؤامرة” تديرها أسماء الأسد في الكواليس، تبقى المعلومات مقتصرة على قليل من الاستنتاجات الإعلامية وما يكشف عنه مخلوف بنفسه، أو ما يسربه للصحافة بدوره.

وإذا كانت السخرية تفترض بوضوح أن السوريين ضاقوا ذرعاً بعائلة الأسد وتعتبر تأكيداً جديداً على استمرارية الثورة السورية واحتقار رموز النظام، فإنها بشكل مواز تظهر أن السوريين في الواقع لا يمتلكون من أمرهم شيئاً، باستثناء التندر على المجرمين الذين تحكموا بحياتهم طوال عقود، بهذه الصورة، والاستمتاع بمشهد الصراع والتمنّي: “الله يزيد الخلاف”.

لطالما كانت الثورة منذ العام 2011 ردة فعل السوريين على أرض الواقع، التي قابلها النظام بعنف غير مسبوق مع اتباعه سياسة الأرض المحروقة في قمع المتظاهرين والانتقام منهم. وفيما فشلت الثورة التي تحولت إلى حرب متعددة المستويات لاحقاً، في إسقاط النظام، فإنها أحدثت هزات ارتدادية، منها قضية مخلوف، التي ربما لم تكن لتحصل بهذه الشكل الفضائحي، حسب الوصف السائد، لولا تراكمات السنوات العشر الماضية.

ولعل موقف السوريين اليوم يبقى مجرد ثرثرة تشبه التندّر والاستياء والأحاديث السرية التي كانت تجري بين الناس في الجلسات المغلقة حول الخلافات بين عائلة الأسد “الغامضة”. كالحديث عن الشقاق بين رفعت الأسد وشقيقه الرئيس الراحل حافظ الأسد في ثمانينيات القرن الماضي، أو حتى الأحاديث المماثلة عن الخلافات ضمن بيئة النظام كتلك التي انتشرت مع مقتل رئيس الوزراء السابق محمود الزعبي العام 2000 على سبيل المثال، وغيرها…

لكن الطابع العلني الذي تفسحه السوشيال ميديا اليوم، تخرج تلك الأحاديث من طابعها السري القديم، وتسهم ربما في تشكيل نقاش عام لم يكن متوفراً قبل 10 أعوام، حتى لو انطلق من “ميمز” تصور مخلوف قائداً في فصيل معارض أو صوراً تستجدي أسماء الأسد، بشكل ساخر، تطهير الدولة السورية من الفساد.

ولم يتم تسريب معلومات عن تفاصيل تلك الأحداث التاريخية إلا من خلال لقاءات إعلامية وأفلام وثائقية ومقابلات مع منشقين عن النظام لاحقاً. وبالتالي كان الحديث عنها إبان حصولها يحدث بصيغة أقرب إلى تناقل أساطير شفوية، تجري بطريقة سرية، رغم أن النتيجة النهائية لتلك الخلافات، كانت علنية.

وبعكس ذلك، تتكشف الخلافات اليوم للسوريين في وقت حصولها، من دون وسيط أو انتظار، علماً أن هذه النوعية من التوترات ضمن الأنظمة الشمولية، تشكل لحظات مثالية للحصول على قليل من المعلومات بشأن عوالمها الداخلية السرية.

فعلى سبيل المثال يرجح أن مخلوف نفسه يقف وراء التسريبات الأخيرة للصحافة بشأن شراء الأسد لوحة لزوجته بقيمة 30 مليون دولار، مع تهديده بتسريبات جديدة كما أوضح في مقطعي الفيديو اللذين نشرهما حتى الآن. كما تحدث صحافيون سوريون وعرب ضمن محادثات شخصية عن تواصل المكتب الإعلامي لمخلوف معهم من أجل نشر معلومات تلمع صورة مخلوف أو لحذف مقالات نشرت ضده في وسائل إعلام عربية، وحتى الإعلامية الموالية للنظام ماغي خزام، كشفت عن حملة أوسع في مواقع التواصل، يشرف عليها أولاد مخلوف والمكتب الإعلامي التابع له، من أجل حشد تأييد واسع له في المعركة ضد الأسد، بما في ذلك حملة لتغيير الصورة الشخصية في مواقع التواصل لتحمل شعارات مثل “كلنا رامي مخلوف”، إلى جانب حذفهم كافة الصور التي تظهر ثروتهم الخيالية، من حساباتهم في “إنستغرام”.

ولا يمكن سوى التفكير بأن هذه الفضائحية ترتبط بالأنظمة الشمولية، أو على اقل تقدير ترتبط بغياب الشفافية وتكريس الشخصانية في الحكم. ففي الولايات المتحدة نفسها، شهدت الفترة بين 1 شباط/فبراير 2017 و31 آذار/مارس 2018 كمية من التسريبات الفضائحية الخاصة بكواليس الإدارة الأميركية وخلافات الرئيس دونالد ترامب مع المقربين منه في البيت الأبيض. وكان سبب الخلاف حينها الصراع الشخصي بين ترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون الذي شكل نافذة للميديا الأميركية من أجل الحصول على التسريبات، والتي تلاشت إلى حد كبير، في زمن خليفته مايك بومبيو، علماً أن ترامب طرد تيلرسون بتغريدة في “تويتر” بسبب خلافات شخصية كانت ذروتها عندما وصف تيلرسون الرئيس في اجتماع داخلي بـ “الأحمق”.

ومع الفرق الشاسع بين دولة مؤسسات تمثل القيم الديموقراطية مثل الولايات المتحدة، ودولة مظلمة وشمولية وبوليسية مثل سوريا الأسد، التي تحكمها منذ العام 1970 عائلة واحدة كإقطاعية كبيرة لا يتوفر فيها الحد الأدنى للحياة أصلاً، تبقى هنالك حالة من الترقب لما سيأتي لاحقاً.

لكن الأمر يشبه حقاً متابعة واحد من برامج تلفزيون الواقع. فحتى الكتابات الأكثر جدية مالت عموماً إلى تبني “التفكير بالتمنّي” في مقاربتها لتزعزع النظام وإمكانية رحيل الأسد قريباً، وهو أمر طبيعي في ظل نقص المعلومات، وإن أجمعت على أن القضية ليست بيد نظام الأسد ولا بيد السوريين، بل بيد روسيا تحديداً ورئيسها فلاديمير بوتين الذي تقول وكالة “بلومبيرغ” في تقرير اعتمد على أربعة مصادر مقربة من الكرملين، الأسبوع الماضي، أنه “يعاني من صداع بسبب الأسد” وأن صبره على حليفه الذي دعمه بتدخل عسكري مباشر العام 2015، بدأ ينفد، وحتى وسائل الإعلام الأميركية الأكثر مصداقية واحتراماً، مثل مجلة “فورين أفيرز” تحدثت عن ضرورة عقد صفقة أميركية روسية تنهي الحرب السورية مرة واحدة وإلى الأبد.

ومع استمرار أزمة مخلوف – الأسد في الفترة القليلة المقبلة، واحتمال ظهور مخلوف، الذي لم يظهر وجهه للسوريين إلا في مناسبات قليلة، وكان أقرب إلى شبح منه إلى إنسان حقيقي يتحكم بالثروة في البلاد منذ العام 2000، في مقاطع فيديو جديدة، فإن الصحافة من جهة ومواقع التواصل من جهة ثانية، ستتمتع بفرصة ذهبية لتحصيل ما يمكنها من معلومات وتسريبات نادرة عن الأسد والدائرة الضيقة المحيطة به، إلى حين حل الخلاف أو إنهائه بالقوة.

المدن

————————————

حرب طائفية في قصر الأسد/ سميرة المسالمة

تغلق أسماء الأخرس، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، فرص الاستثمار المشترك مع رامي مخلوف، ابن خال زوجها، وواجهة اقتصاد العائلة الحاكمة في سورية، معلنة الحرب عليه، لسحب آخر ما تبقى من رصيد السيولة من حساب شركاته، وتحويله إلى رصيدها في مستويات ثلاثة: الأول، مالي لضمان استمرار رفاهية عيشها، وتعزيز مكانتها في سلم السلطة. والثاني، للاستهلاك السياسي المحلي لترويج دعاية محاربة الفساد داخلياً، وتنفيس حالة الغضب الشعبي بسبب سياسة التجويع التي وضعت أكثر من 85% من السوريين تحت خطر الفقر. والثالث، رسالة سياسية خارجية، لتقديم نفسها ذراعا بديلة “سنّية” محتملة أمام حاجة روسيا لتقديم اسم يحمل تأشيرة (فيزا) القبول الغربي له، عبر جنسيتها البريطانية، وتنوع علاقات عائلتها هناك، وتشابكات والدها مع كبار رجال الأعمال في لندن، وهي، في الآن نفسه، تضمن لروسيا سياسة الولاء الكامل، كعهد زوجها سابقا.

قرأت أسماء الأخرس جيداً تطوّرات الأوضاع السورية دولياً، وهي تكاد تنفذ خطة الانقلاب الداخلي على عائلة الأسد “المرفوض دولياً”، وهذا ما جدّده، أخيرا، حديث المبعوث الأميركي ومسؤول العلاقات الدولية للشرق الأوسط، جيمس جيفري، في نقده الصريح السياسة الاقتصادية والإدارية الفاسدة للنظام السوري، مرحّبا بما يجري من “الكشف عن الإفلاس الأخلاقي الصارخ الذي يتسم به النظام السوري الحاكم والجهات وثيقة الصلة به”، ما يعني أنها بدأت فعليا بالحرب على الجهة الأكثر التصاقا بالنظام، وهي عائلة الأسد – مخلوف التي تهيمن على الاقتصاد والأمن والسياسة. وقد دفع هذا الأمر مخلوف الابن ليلجأ إلى الاستنجاد بالشارع العلوي تحديداً، والتلويح له عن بدء معركة سنية علوية داخل قصر الرئاسة، منبهاً، ومحذّراً في الآن ذاته، إلى أن بشار الأسد قد يميل إلى دعم زوجته على حساب عائلته وطائفته، ضمانا لاستمرار الحكم لأسرته الصغيرة فقط، ضد عموم مصالح الطائفة، في خطّة تنفذها الزوجة، يمكنها أن تسترضي روسيا اقتصاديا، وتؤمن لها استمراراً سلساً لمشاريعها، وفي الآن ذاته

انقلاب أسماء الأخرس رسالة سياسية خارجية، لتقديم نفسها ذراعا بديلة “سنّية” محتملة أمام حاجة روسيا لتقديم اسم يحمل تأشيرة القبول الغربي له

تبتعد عن مواجهة مصالح إيران في حدود المتفق عليها إقليمياً ودولياً.

لجوء رامي مخلوف إلى الإعلان عن وجوده عبر تسجيل مصوّر، ليس بغرض الوساطة للتواصل مع ابن عمته بشار الأسد، فحتى عندما يرفض “الرئيس” لقاءه المباشر، فإن عشرات الأسماء الشريكة له يمكنها القيام بهذه المهمة الصغيرة، وخصوصا أن مصالح الأسد لا تزال مرتبطة به، وتتعامل معه يومياً، سواء كان الأسد يعلم بأنها مجرّد أسماء وهمية لعائلة مخلوف أم لا، ما يعني أن مخلوف الصغير، بهذا التسجيل، أراد أن يخاطب مريديه من العلويين، وينقل الخوف والذعر إلى مريدي الأسد من الطائفة نفسها، بأن “الأقرب يؤكل”، فما هو حال من هو أبعد منه مقاماً، وأقل منه سطوة داخل الطائفة العلوية؟ هذا السؤال هو الذي أراد أن يرسمه في عقول من يخاطبهم من فقرائهم ومحتاجيهم، ولكنه أيضاً ينقل من خلاله رسالة إلى كل رجال الأعمال بأن القادم هو حركة تأميم جديدة، تقوم بها سيدة قصر النظام تحت مسمّى الرسوم الضريبية.

ولعل رامي مخلوف أراد من ظهوره غير المنمق، والكشف عن طبيعته الحقيقية، وهو الذي يملك مؤسسات إعلامية ويوظف أهم كفاءات السوشيال ميديا في شركاته، القول إنه رجل لا يجيد فن الخطاب، يحاكي عقول بسطاء قومه، ليقول لهم: أنا منكم، أمثلكم وأتعرّض لحملة شرسة بسببكم، وأدافع عن 6500 عائلة قد تطيحها عدوتكم. ومن خلال ملامح “ورعة”، يقول إنه ليس الشخص الذي يلجأ إلى الموت انتحاراً، وأنه لا ينوي أن يصيب رأسه برصاصتين، أو حادث سيارة محكم على طريق مطار دمشق.

وزيادة في حرص إمبراطور الاقتصاد على الإبقاء على أواصر الود مع ابن خاله الرئيس، ومنحه فرصة جديدة في التفكير بخياراته بين نجاحات الأمس، في ظل شراكته ووحدة الطائفة معه، وبين عثرات الواقع مع خطوات زوجته وأشقائها “الإصلاحية”، فإنه فرّق في التسجيل المصور بين “الرئيس” بشار الأسد واللجنة التي تديرها أسماء الأخرس، وذلك بهدف التركيز على أن المستهدف في الحملة العدائية عليه ليس شخصه، أي مالك شركات الاتصالات وغيرها، وإنما الاستهداف موجه إليه لأنه من الطائفة العلوية، بمعنى أن المحاكمة التي تديرها المرأة “السنيّة” في القصر هي ضد امتيازات العلويين، وما حصلوا عليه من امتيازاتٍ خلال خمسة عقود متتالية.

لقد استعان رامي مخلوف، في إدارة حملته ضد أسماء الأسد، بالسلاح الطائفي نفسه الذي استخدمته مستشارة بشار الأسد، بثينة شعبان، في بداية الثورة عام 2011، لتجييش العلويين ضد ثورة الشعب السوري. واعتمد النظام هذا السلاح الطائفي خلال عقد كامل من حربه على السوريين، لسوق شباب العلويين إلى حربٍ قتل فيها معظم فقرائهم على مذبحة الدفاع عن كرسي العائلة التي تمثل الطائفة كما سوّقها النظام، بعيد بدء الثورة السورية، الكرسي الذي تسحبه اليوم أسماء الأسد من تحت الطائفة.

هل يقبل المجتمع الدولي الذي تديره الولايات المتحدة الأميركية أسماء الأسد بديلا عن زوجها الذي شاركته خططه الأمنية والعسكرية في قتل السوريين، وتعايشت مع اقتصاد الفساد عشرين عاما، بل شاركت في صناعته من خلال خططها الاقتصادية وأزلامها في الحكم، والتي أفقرت السوريين تحت مسمّى اقتصاد السوق الاجتماعي، وما نتج عنها من معاناة لعموم السوريين، وبروز طبقة جديدة من الفاسدين في ظلها، ومن بينها إحلال فساد مكان فساد عبر إحلال عائلتها (الأخرس) مكان عائلة والدة زوجها (مخلوف)؟

إعادة تجديد تكليف روسيا بملف سورية في حديث جيفري قد يجعل من هذه المرأة ورقة جديدة تساوم عليها روسيا أمام المجتمع الدولي، على الرغم مما يكشفه إعلام روسيا عن فسادها واستهتارها بمآسي السوريين، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنها الحل، ولكنها قد تكون بطاقة مرور لبشار الأسد للهروب من ملف محاكمة النظام على جرائم حربه ضد الشعب السوري، وقد تكون هي محور مناقشات جنيف التي تمدّد للنظام عاماً بعد آخر.

العربي الجديد

—————————–

خلاف داخل المافيا في سوريا أم محاولة أخيرة لتلميع الأسد “كن مع الله ولا تبالي”/ ريما فليحان                 

أطلّ علينا رامي مخلوف مؤخراً بفيديو تحت عنوان “كن مع الله ولا تبالي” وجّه من خلاله رسائل عديدة منها ما يحمل رسائل مبطنة للنظام بكشف جميع الأوراق التي لا تحتاج لكشف بالحقيقة لأنّنا نعلم بوجودها كسوريين منذ حكمَ الأسديون البلاد.

فالجميع في سوريا يدرك تماماً أنّ ثروة رامي مخلوف وغيره من أباطرة المال الملتصقين بالعائلة الحاكمة في سوريا لم تأتِ من عمل وكدّ، ولا من إرث عائلي، بل من الاستفادة المباشرة من السلطة والفساد وبالتأكيد ليس على مبدأ يرزق من يشاء كما قال مخلوف في نفس الفيديو مستفزّاً مشاعر الناس باستغبائهم مرة بعد مرة بدعاء التقوى والصلاح، فهو كما قال يقاسم “الحكومة” أرباحه ويتبرّع للفقراء، كما أنّه يدفع الضرائب في حديث ممزوج بالكذب مقرف الى حدّ الإقياء، وفي سيناريو مكشوف فهو كان ومازال أحد أدوات استمرار سلطة القمع في سوريا، لأنّ استمراريّة ذلك النظام يتطلّب السيطرة على الاقتصاد وعلى حركة السوق والاستثمارات في سوريا وهو الدور الذي أدّاه مخلوف ومن يشبهه على مدار عقود، وهو أمر مستمرّ وليس جديداً.

أذكر تماماً تلك الحكايات المليئة بالخيبة التي سمعتها عن مستثمرين وطنين أرادوا إقامة استثمارات ناجحة في سوريا، لكنهم اصطدموا بالحوت الكبير المسمى رامي مخلوف، فإما المشاركة بالنصف على الأقل أو لن تبصر تلك المشاريع النور، وبغضّ النظر عن تلك المشاريع وطبيعتها فمخلوف الواجهة الاقتصاديّة لنظام الأسد لا يحتاج لأكثر من ابداء الرغبة بالاستيلاء على أيّ من تلك المشاريع وحتّى الأبنية التراثيّة والمباني الحكوميّة لتصبح ملكه، أو ليكتب لمشاريع المستثمرين الرافضين الفشل وفي كل المجالات سواء كانت في الإعلام أو السياحة أو الخدمات أو الاتصالات، أو أيّ مشروع كان، أو من خلال شام القابضة المملوكة لمخلوف.

وهو سلوك استمرّ لعقود أمام مرأى ومسمع الأسد وبمباركة منه، وبأدوات الأجهزة الأمنيّة التي يمكن لها أنّ تتدخل بأيّ لحظة لتنكّل بأي أحد يرفض مشاركة مخلوف أو أن تكون بذاتها حلقة في حلقات الفساد، وبقدرة قادر،  تنتهي استثمارات الرافضين في البلاد ويندمون على مجرد التفكير في أيّة مشاريع في سوريا ويرحلون، وأنا أدعو كل هؤلاء للحديث عن تجاربهم اليوم، وهو ما يعني أنّ رامي مخلوف ليس فقط شريكاً للنظام بل أداته وواجهة حقيقة له.

وعلى ما يبدو أنّ هذه الشراكة بدأت تتفكك بعد الانهيار الاقتصادي والتضييق الذي يتمّ على النظام عبر العقوبات، الشعب السوري في سوريا يئنّ فقراً واختناقاً، بينما يختلف هؤلاء على المليارات والحصص في حرب هزليّة بين أجنحة النظام، وكأنّها الصراع الأخير بين أفراد عصابة يحاول أفرادها تقاسم ما تبقى لكي يطول عمر الأقوى من قيادات تلك العصابة قليلاً.

لربما يدرك مخلوف أنّ ما قد يجنّبه مصيراً يشبه من سبقه من أضحيات النظام الذين انتهت أدوارهم في المشهد عبر “الانتحار” أو التصفية، هو كشف كل الأوراق التي تجعل مثل تلك الخطوة لا معنى لها، وإلا فإنّ مثل هذا الفيديو قد يكون سيناريو آخر لتبيض وتلميع صورة الأسد وكأنّه خارج سياق تلك العصابة “المصلح والموثوق” الذي يريد رامي منه توزيع المال المنهوب على الفقراء بنفسه، ولكنه بنفس الوقت يتحدّث عن استعداده لكشف كل الأوراق للمحاكم لذلك لا يمكن فعلياً أن نكون واثقين ما المراد منه بحقيقة الأمر.

ألا يجب على من تبقى من المؤمنين بهذا النظام أن يسألوا سؤال المئة علامة، وهو من أعطى الحقّ للنظام بمنح كل تلك القطاعات لشخص واحد يصدف أن يكون ابن خال الأسد؟، ولماذا فقط الآن يتم الحديث عن المحاسبة؟، لماذا لم يتمّ الإيعاز بتلك المحاسبة المزعومة طوال السنوات الطويلة السابقة من عمر المافيا التي سيطرت على اقتصاد سوريا؟، من أحضر هؤلاء إلى الواجهة ومن ملكهم؟، ومن سهل لهم تلك السيطرة؟،  وكيف تم تخريج أموال طائلة من سوريا الى حساباتهم البنكيّة بالعالم؟، هل حقّاً هناك انشقاق داخل الأسرة الحاكمة، وهم كلهم غارقون في الفساد؟! وبينما يئنّ الناس برداً وجوعاً في سوريا تفتح لهم الاستثمارات في العالم وتُشترى اللوحات والمجوهرات وتأسس القصور ليس فقط مخلوف بل جميعهم بما فيهم من يدّعي أنّه يحمل لواء الإصلاح نفسه.

لا اعتقد أبداً أن أحداً يمكن له أن يفهم بشكل مؤكد ماذا يحصل داخل تلك المافيا، ولكننا متأكدون أنّ لمخلوف وعبر شبيحته الممولين من منظماته المالية، كجمعية البستان وسواها، قاموا بالمساهمة بقمع الشعب السوري وقتل الكثيرين منهم،  فهل يهدّد مخلوف عبر ذلك الفيديو بشكل غير مباشر بتأليب هؤلاء ضدّ من قتلوا وحرقوا من أجله؟، هل يعيش الشبيحة اليوم حالة فصام لمن يبيعون الولاء بعد اليوم لمن يدفع أو لرمز سلطتهم؟، هل يدرك الشارع الموالي أنّ حديثهم اليوم عن فساد مخلوف وسواه وسقف حريتهم الذي ارتفع كان بفضل الشارع الثائر الذي كسر حاجز الخوف في سوريا ودفع ثمناً لذلك دماً ودموعاً وسجناً وتعذيباً وتهجيراً بينما شمتوا وخونوا ونبذوا؟

يبدو أنّ سوريا ستشهد في المرحلة القادمة كثيراً من الأحداث التي ستوضح حقيقة العلاقات داخل تلك المافيا، لنتفرّج معاً ونحن لا نملك اليوم إلّا شجن المشاهدة لما كنا نعلمه في العمق وتشاء الظروف أن يخرج إلى النور الآن.

ليفانت – ريما فليحان

———————————–

في مسألة رامي مخلوف/ معن البياري

.. إذن، هي رائحة عطن وعفونة كثيرين في قصر الأسرة الحاكمة في دمشق، لم يُحْجر عليها جيدا، ففاض شيءٌ منها إلى خارجه. هذا هو موجز حكاية رامي مخلوف، الموصولة بداهةً بحكاية سورية كلها، منذ استحكم في القصر المذكور حافظ الأسد قبل خمسين عاما، مرورا بموت نجله الأكبر، ولي العهد السابق، في حادث سير جاء بالشرعية التي صار يحوزها بشار الأسد منذ عشرين عاما، وصولا إلى ما يقال عن عمل زوجة الأخير، أسماء الأخرس، على تأهيل ابنها حافظ الأسد ليرث البلد ومن عليها رئيسا، وقد بلغ الثامنة عشرة عاما. هذا المسار، أو الحال الذي ينطق به، واحدٌ من عناوين كثيرة كانت وراء انتفاضة السوريين وهبّتهم شتاء 2011. كانوا يحتجون على فسادٍ واستبدادٍ مريعيْن، ولكنهم أيضا كانوا يردّون عنهم إهانةً جارحةً لآدميتهم، لمّا تم تنصيب بشار عليهم رئيسا في الدقائق التسع إياها التي تم فيها تزبيط القصة المعلومة، دستوريا وبرلمانيا و.. إلخ. كانت تلك الواقعة، في الوعي العام، مسيئة إلى حد بالغ، وربما جعلت الشعب السوري يسأل مقادير التاريخ عن سبب “معاقبته” بها، وما إذا كان حقا لا يستحق دولة وسلطةً مثل اللتيْن في غير بلد عربي، ولو غير ديمقراطي. ما جرى في تلك الغضون كان فادحا، وما زال تأثيره ثقيلا. وظل السوريون، منذ اليوم الأول للرئيس الراهن، عديم الثقافة، على قناعةٍ مؤكّدةٍ بأن إصلاح هذا النظام مستحيل، وإن انتقالا ديمقراطيا بوجوده، بأي كيفيةٍ، أمرٌ من الخيال، غير أنهم، في الوقت نفسه، كانوا يعرفون أن الخلاص منه، بثورةٍ أو بغيرها، مكلفٌ جدا.

جاءت مستجدّات ما بعد 2011، وما تدحرجت إليه سورية من تعاسات، ومن نكبات غير مسبوقة في تاريخ العرب الحديث، تدلّ على صحة حدس السوريين هذا. وعندما يُنصتون، في هذه الأيام، إلى الحوت الأهم في بنيان دولة الفساد القائمة في بلدهم، رامي مخلوف، يقول ما يقول، عن “آخرين” وعن “جماعة السيد الرئيس”، وعن “ظلم وقهر” يتعرّض إليهما، بل وأيضا عن “ظرف صعب” يمرّ به البلد، عندما ينصتون إلى هذا كله وغيره، فإن سؤالا، على الأرجح، سيغشى كثيرين منهم، عمّا إذا كان بلدهم منذورا ليكون شاهدا في دروس النقد الأدبي على مساحات الواقع التي تتحدّى مخيّلات أهل الفن والأدب. كأن على الشياطين الذين توزّعوا في مسرحيات شكسبير أن يتواضعوا، فالملعب الذي يزاول فيه السّراق والملاعين في بلاط أسرة الأسد وحواشيه لا مطرح فيه لهم، ورامي مخلوف لا يفعل الآن غير أن يؤكد هذا. لا يذكّر هذا الرجل بتلك العفونة في الدنمارك التي قال عنها الضابط مارسيلوس، في حرس قصر الملك هاملت الذي اغتاله أخوه، عندما يشمّ رائحة مؤامرةٍ لقتل نجل الملك، الأمير هاملت، وإنما بعفونةٍ وعطنٍ فادحيْن في قصر السيد الرئيس الذي يستنجد به ابن خاله رامي مخلوف، لأنه مظلوم، لأن “ناساً” يطالبون الشركة التي هي من “جنى عمره” بضرائب مستحقّة، وتاليا لأن الأجهزة تعتقل موظفين في الشركة التي يملكها، للضغط عليه، من أجل أن يدفع. يتحدّث ابن الخال عن دستور وقانون، وعن الله العلي العظيم الذي سيشكو إليه إذا لم ينصفه ابن عمّته..

كل الحق مع السوريين في الذي شرّقوا فيه وغرّبوا، تعليقا على مشهدي رامي مخلوف، وراءه حطب (متى يحترق؟)، وجالسا يحكي. استدعوا سيرة رفعت الأسد، الملياردير، المجرم الموصوف، وتذكّروا المُنتحرَيْن محمود الزعبي وغازي كنعان، وأيضا فرار عبد الحليم خدّام الذي زينت له أوهامه أنه أوْلى بوراثة كرسي حافظ الأسد، ثم خرج مع ما سرق. وهؤلاء تفاصيلُ عابرةٌ في خمسة عقود من التراجيديا السورية. والآن، أي مصيرٍ ستنتهي إليه شرائط رامي مخلوف، بعد حلقتين منها (شائقتين في موسم دراما رمضان)؟ لا داعي للضرب في الرمل، وتوقع السيناريو الذي ستمضي فيه سردية رامي مخلوف، فالشياطين في ملاعب أسرة الأسد، وقد استجدّ حديثٌ عن جناحي أسماء الأخرس وماهر الأسد (!)، أقدر من غيرهم على ابتكار ما ليس في وسع القرائح أن تتوقعه. واستجدّ حديثٌ آخر عن “سنّةٍ” يريدون الانتفاع من كعكةٍ يحوزها “علويون”، قبل أن تهبّ رياحٌ روسيةٌ سموم، على غير ما تشتهي أشرعة أسماء الأخرس وبعلِها.

لقد بنى حافظ الأسد في سورية نظاما عائليا، وليس طائفيا إلا بالمعنى النفعي. بنى عمرانا من الفساد والاستبداد الأسوديْن. في وسع هذا النظام، بالعمران المشيّد جيدا هذا، أن يحمي نفسَه، ولو إلى وقت، من طوارئ عارضة، مثل التي تتمثّل في “مظلومية” رامي مخلوف التي نتفرّج عليها، وإنْ كانت في الذي يفعله هذا الرجل نذرٌ مقلقةٌ.

العربي الجديد

————————–

عن سورية التي يفتك بها الجوع/ غازي دحمان

أن تجوع بلاد كانت يوماً السلة الغذائية للمنطقة، ومشهود لشعبها بالنشاط والإنتاج، وتعتبر الزراعة فيها مهنة قديمة، وأكثر من ثلث شعبها يشتغل بالزراعة، وتملك أرضاً صالحة للزراعة بحجم مساحة الأردن تقريباً، فتلك معادلة فيها خلل كبير يستلزم إصلاحه، احتراماً لكرامة شعب بذل النفيس والغالي للعيش بكرامة.

مثل التصحر والجراد، يزحف الجوع يومياً ليغطّي مساحات جديدة من القطاعات الاجتماعية، ويقضم فئات وشرائح اجتماعية من قائمة الاكتفاء ليقذفها في أتون العوز، وترتفع الأسعار بشكل جنوني لا منطق له، ويصبح سقفها أعلى من قدرة أيدي الغالبية على الإمساك به.

تنازل السوريون عن كثير من عاداتهم الغذائية، انتهت ظاهرة الموائد العامرة التي كانت تتفنن النساء السوريات بصناعتها، حتى من أبسط العناصر والأصناف، لم تعد لا الجودة ولا تنوع المائدة وشكلها مطلباً للسوريين، غير أن ذلك لم يشفع لهم عند غول الجوع الذي يفرد أطرافه بدون وجل أو احترام لانكسار السوريين.

في عز أزمة الجوع، تأتي الأخبار من دمشق عن صراع آل الأسد ومخلوف على الفوز بثروات البلاد، ويشتري بشّار لوحة لزوجته بمبلغ 30 مليون دولار، زوجته التي تعمل على انتهاز الفرصة، فرصة جوع السوريين، لزيادة ثروات أبناء خالاتها وعمومتها، ويتحالف زوجها مع الذين أثروا من حربه على الشعب السوري، ويغضب “طباخ بوتين” لأن إيرادات مشاريعه في سورية أقل من المتوقع، فيما تطالب إيران بحصصها ومستحقاتها من “البوفيه” السوري المفتوح، ليذكّرنا هذا المشهد بالمثل الشامي “واحد طالعة مصارينه (أمعاؤه) والآخر يقول له أعطني قطعة لقطتي”.

تكتمل عبثية هذه الوقائع، مع ظهور من يقول إن سورية “نظام الأسد” انتصرت على المؤامرة، من دون أن يوضح ماهية النصر والمؤامرة، فإذا كان المهزومون هم ملايين أطفال السوريين الذين شرّدتهم هذه الحرب، وإفقار جميع السوريين، وخضوع الأرض السورية لاحتلال خمسة جيوش، وإذا كان الثمن لقمة السوريين، فلا بد أن يكون هذا المنتصر عدوا لدودا، أو أن هذه الـ”سورية” التي انتصرت هي من جنس الآلهة الإسطورية التي يتم إرضاؤها بملايين الأرواح قرابين!

المشكلة أن الثمن الذي يدفعه الشعب السوري هو استحقاق بقاء نظام العصابة في الحكم، والمشكلة أن هذه العصابة لم تكتف بكل هذا الدمار، بل تريد أن تبقى جاثمة على صدور السوريين حتى آخر نفس، ولم يشفع للموالين تضحياتهم وتقديم أبنائهم فداءً لهذه العصابة، حيث يرفض بشار تقديم أدنى تنازل لهؤلاء يخفّف عنهم هذا الشقاء والإذلال.

يرفض بشار الأسد مليارات إعادة الإعمار ورفع العقوبات عن سورية، مقابل عملية سياسية يكون هو أحد الشركاء فيها. قدّمت دول العالم تسهيلات هائلة للأسد، يمكن وصفها بالتدليل، لم يعد أحد يشترط حصول عملية انتقال للسلطة، ولا إقصاء الأسد عن السلطة، ولا إطاحة النظام وسوى ذلك من مطالب، المطلوب، بعد أنهار الدم التي تدفقت عملية سياسية تشارك بها المعارضة، عملية تستطيع من خلالها الأطراف الدولية إيجاد مبرّر لتراجعها عن العقوبات ومساهمتها في تمويل مشروع الإعمار، ومساعدة السوريين على العودة إلى ديارهم والاستقرار في منازلهم بدل البقاء في مخيمات اللجوء وعلى حدود الدول.

يفاخر أنصار الأسد بأن معلمهم يرفض هذه المطالب، لأن قبولها نوع من التنازل، إعمار سورية وكرامة شعبها وإنقاذهم من الفقر والجوع تنازل، تنازل عن ماذا؟ ثم أية قيم تلك التي يمثلها بشار الأسد، ويدافع عنها، تشكل نموذجاً لا يجوز خدشه، أو التنازل عن أي فاصلة فيه؟ بشار الأسد يقدم تنازلات بالجملة لإسرائيل وإيران روسيا، لم يبق شيء لم يتنازل عنه، ثروات البلاد وسيادتها ومكانة منصب الرئاسة، الشيء الوحيد الذي يرفض التنازل عنه إذلال السوريين وإفقارهم.

يدفع السوريون الثمن الذي يجب أن تدفعه العصابة الحاكمة التي قتلت ودمّرت وسرقت، وفي وقت يتشهى فيه السوريون الملح، تعيش العصابة أنماط حياة فاجرة، حسب وصف صحيفة روسية، حيث يستعرضون السيارات الفاخرة والطائرات الخاصة، يتنافسون من يحصل على ثروات أكثر من خبز السوريين، ومن يرضي الروسي والإيراني أكثر، يبعثرون ثروات البلاد رشىً لطباخ بوتين والمافيات الروسية، ويتشاطرون على السوريين، يقدمون أنفسهم لهم على أنهم أبناء قادة مقاومون، صنعوا أنفسهم بعصامية، وأصبحوا تجاراً مفوهين.

هذا الجوع السوري لا مبرّر له، فسورية الأسد لا تدافع عن مشروع وطني يستحق كل هذه التضحيات، بالأصل دمرت كل ما يتعلق بأي مشروع وطني عبر منحها ثروات البلاد مقابل احتفاظها بالسلطة، وخرّبت النسيج الوطني عبر ضربها مكونات الوطن بعضها لبعض، كما أن سورية الأسد ليست نموذجاً يُراد الحفاظ عليه والدفاع عنه، فلم تكن يوماً سوى جمهورية خوف وإذلال تحكمها عصابةٌ لا قيم ولا أخلاق لها، وهي ليست نموذجاً سوى للساديين وعديمي الضمائر.

المشكلة أن الجوع السوري بلا أفق ولا ضوء في نهاية النفق، الأمل الوحيد هو بإزاحة هذه العصابة عن صدر سورية، ولتكن ثورة جياع، وهي آتية، فالسوريون وإن كانت طاقتهم على الصبر كبيرة، فإن رؤية أبنائهم يتضوّرون جوعاً ستدفعهم لكسر جدران الخوف والدوس على رؤس العصابة التي أذاقتهم الذل والهوان.

العربي الجديد

————————————–

هل أصبح رامي مخلوف في قبضة الأمن السوري..أم أنّها مناورات ما قبل التسوية؟!

تداولت مصادر إعلامية نبأ إلقاء القبض على رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، إثر ظهوره في مقطعي فيديو على وسائل الإعلام، وهو يناشد ابن عمّته، رئيس النظام، للتدخّل وإنقاذ الوضع، سيما بعد أن تفاعلت قضية سداد ديون شركة الخليوي، التي تعود ملكيّتها لرامي مخلوف، عقب انتشار الفيديو الأول، الأمر الذي دفع الهيئة الناظمة للاتصالات، التابعة لوزارة الاتصالات والتقانة في حكومة النظام إلى الرّد بشكل حاسم، والتأكيد على ضرورة السّداد قبل انتهاء المدة في 5 أيار/ مايو، أي يوم غد.

ورأى بعض السوريين أنّ الأمر متوقّع جداً لأن النظام يعيش أسوأ حالاته، وأنّ روسيا قد ضاقت ذرعاً بالفساد المالي، سيما مع تأزّم أوضاعها الاقتصادية إبّان أزمة الكورونا، وخسائرها المادية الكبيرة في الحرب السورية، حيث ورد في إحدى التعليقات على الخبر، موجّهاً حواره لرامي مخلوف: “مع الروس ما في مزح.. بدك تدفع.. خلي إيران تنفعك”.

فيما استبشر قسم آخر من السوريين خيراً، معتبراً أنها بداية لتحقيق العدالة، حيث جاء في إحدى التعليقات: “نهاية العصابات يلي سرقت ثروات سوريا.. والقادم أعظم إن شاء الله”!

بعض السوريين قلّلوا من أهمية الخبر، معتبرين أنّ أي حلّ لا ينهي بشار الأسد شخصياً، لا يمكن التعويل عليه، حيث قال أحد المتابعين معلّقاً على الخبر: “هلأ رامي سجنو بشار وبشار مين راح يجرو؟!”

تعليقات أخرى اتّخذت طابع السخرية من الخلاف الذي بدأت مظاهره تبدو للعلن، من خلال فيديوهات رامي مخلوف، والتصعيد من جانب النظام، وظهر من خلال تعليقات السوريين، من قبيل” فخار يكسر بعضو”، “الله يطفيها بكيروسينو” و”بلشت أفلام الأكشن بالعائلة”، بل وصل الأمر إلى حدّ تأسيس مجموعة على الفيسبوك بعنوان “الحرية لرامي مخلوف”!

وذهبت بعض المصادر إلى أنّ سبب غضب النظام على رامي، هو أنّه المسؤول عن تسريب ثمن اللوحة الفنية التي تحدّث عنها الإعلام الروسي، والتي قدّر ثمنها بـ 30 مليون دولار.

من جهة أخرى نشرت وسائل إعلامية متقاطعة نبأ اعتقال إيهاب مخلوف، شقيق رامي، وذلك بعد محاولته الهروب من سوريا عبر الحدود الأردنية، قبيل انتهاء المهلة الممنوحة لسداد ديون سيرياتيل، في 5 أيار/ مايو، أي يوم غد!

وكان رامي مخلوف، قد ظهر البارحة في مقطع فيديو ثانٍ، تحدّث فيه عن حملة اعتقالات طالت كبار موظفي شركة سيرياتيل: “حيث تساءل قائلاً: “هل توقّع أحدكم مجيء الأجهزة الأمنية إلى شركات رامي مخلوف، الدّاعم الأكبر، والرّاعي الأهم لهذه الأجهزة ؟!”.

وكان مخلوف قد ذكر في مقطع الفيديو، أنه طُلب منه التنحي عن إدارة الشركات التي يديرها، ومن بينها “سيريتل”، وهي المشغل الأساسي في البلاد لخدمات الهاتف المحمول، ومصدر رئيسي للعائدات للحكومة المتضررة من العقوبات المفروضة عليها.

كما قال مخلوف في مقطع الفيديو الذي بثّه عبر فيسبوك: “اليوم بلشت الضغوطات بطريقة غير مقبولة وغير إنسانية، وبلشت الأجهزة الأمنية تعتقل موظفينا”.

وكانت وزارة الاتصالات والتقانة التابعة لحكومة النظام السوري بياناً، قد أصدرت بياناً قبل يومين ردّت من خلاله على الفيديو الذي ظهر فيه رامي مخلوف مخاطباً رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومطالباً بتدخّله للحصول على مهلة جديدة لسداد المبلغ، الذي اعترض عليه أساساً.

حيث أوضحت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في بيانها أن التفاوض حول آلية سداد المبالغ المستحقة “بموعد أقصاه 5/5/2020 لقبولها التفاوض حول آلية تسديد مبلغ 233.8 مليار ليرة سورية كفروقات لبدل الترخيص الابتدائي”.

المفاجأة الكبرى كانت ما ألمح إليه بيان الهيئة بأنّ هذه المبالغ لا علاقة لها بـ”التهرّب الضريبي”، وبأنّ هذا الموضوع سيتمّ العمل عليه لاحقاً، حيث ورد في النص أنّ “عقود الإدارة التي أبرمتها الشركات الخلوية مع شركات اوفشور (موضوع الخلل الضريبي) يتم العمل عليه من قبل المعنيين بهذا الشأن في وزارة المالية”، مؤكّدة أنّ “المبالغ المشار إليها والمستحقة لدينا لا علاقة لها بقضية التهرب الضريبي (والتي هي موضوع آخر يتم العمل عليه من قبل الجهات الخاصة به)، بل بمبالغ مستحقة على الشركتين يجب سدادها لتحقيق التوازن في الرخص”.

وأفادت بعض المصادر المحلية، إلى أنّ حملة المداهمات التي تمّت خلال اليومين السابقين، استهدفت  أفراداً من إدارة الخطة الأمنية لرامي مخلوف، ومجموعة اللجان الشعبية “الشبيحة”، ممن يبلغ عددهم قرابة 423، حيث تم القبض على أكثر من 170 فرداً، من قبل أفرع الأمن، فيما تجري متابعة وملاحقة البقية على المنافذ الحدودية، نافيةً ما قاله رامي مخلوف في مقطع الفيديو، بأنهم موظفون في بشركاته، مبديةً شماتتها بمصير الشبيحة الذين روّعوا الناس.

وأوضحت المصادر المحلية أنّ المعلومات الواردة من الساحل السوري، واللاذقية تحديداً، تقول إن الأمور خطيرة، والتصعيد كبير بين عائلتي مخلوف والأسد، وقد تصل لمرحلة الاشتباك المسلح.

فيما تشير الأنباء إلى حملات مداهمة ترمي إلى القبض على كبار موظّفي شركات رامي مخلوف، والتي أسفرت عن القبض على العديد من الأشخاص الذين ينتمون إلى الدائرة المقرّبة منه، ومن بينهم: وضاح عبد ربه، رئيس تحرير جريدة الوطن المملوكة لمخلوف، ورجل الأعمال سامي حلاق، وملهم حسون ابن مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسون، مع ورود أنباء متضاربة حول القبض على رامي مخلوف نفسه.

————————————

رامي مخلوف يتحدى الأسد في فيديو جديد… هل نشهد تطورات دراماتيكية داخل العائلة الحاكمة؟/ هبة محمد

في تسجيل مصور جديد، يشير إلى تدحرج الصراع داخل الفئة المتحكمة في سوريا، ظهر رجل الأعمال رامي مخلوف للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام في تسجيل مدته 7 دقائق، كشف خلاله عن ضغوطات تطالبه بالتنازل عن شركاته وكل «جنى العمر» لصالح «جيوب الآخرين» مشيراً إلى «ظلم» الفئة الحاكمة و»استخدامها للسلطة بغير محلها»، بعدما اعتقلت الأجهزة الأمنية المدراء والموظفين في شركاته كنوع من التهديد الذي يضعه أمام خيارين «التنازل عن كل أملاكك أو سجن كل جماعتك» مهدداً بشار الأسد بـ»عقوبة إلهية حتمية» في حال استمر التصعيد ضده، داعياً إلى حماية البلد. كل ذلك يطرح أسئلة من قبيل هل نشهد تطورات دراماتيكية داخل العائلة الحاكمة في سوريا قريباً؟

وقال مخلوف في الشريط المصور، تحت عنوان «وكان حقاً علينا نصر المؤمنين» إن «هناك مخاطرة كبيرة لأن الطلبات لا يمكن تلبيتها، حيث طلب أن ابتعد عن الشركات وتنفيذ تعليمات وأنا مغمض العينين، وبدأت الضغوط بسحب الموظفين والمدراء، هذا ظلم وهذا استخدام سلطة بغير محلها، فالسلطة ما أعطيت من أجل ممارسة الضغط على الناس لكي تتنازل، ولا أعطيت السلطة لكي نستخدمها لصالحنا بل أعطيت لخدمة العالم».

وحاول الكشف عن تلاعب الفئة الحاكمة بخزينة الدولة ومواردها من الضرائب، لافتاً إلى عدم فصل خزينة بشار الأسد الخاصة عن الخزينة العامة حيث قال «سبق وطلبت من سيادة الرئيس التدخل بإنصاف شركتنا بطلبات لم يكونوا محقين فيها، وليس الهدف عدم الدفع ولكن الدفع على أن تذهب الأموال لمستحقيها وليس لجيوب آخرين، والهدف من المناشدة هو وضع حد للتدخلات المحيطة حول صاحب القرار لأنها صارت لا تطاق ولا تحتمل ووصلت لدرجة مقرفة وخطيرة وبهذه الحالة ما فينا نكمل، وهاد اسمه ظلم وتعدي على ملكيات خاصة» وأشار إلى أنه مؤتمن على الشركات ولن يتنازل عنها، حيث قال «أنا موجود ولا يمكن أن اتنازل عن شيء ليس لي». ولفت إلى وجود فئة محيطة برئيس النظام السوري وهي من تدير البلاد حيث قال «هل يجوز أن تسمح للآخرين يتعدوا عليك، لا يجوز أن نسمح يمشوا كلمتهم، الوضع صعب وخطر إذا استمرينا بهذه الحالة، والبلد حالها صعبة، وسيكون هناك عقاب الهي حتمي، لأنه قد بدأ منعطف مخيف».

واعترف بخدمته للأجهزة الأمنية إبان الثورة السورية، مستنكراً انقلابها عليه واعتقال موظفيه حيث قال «هؤلاء يشغلون شبكة خليوية، قدمت خدمات للجيش والأمن والسوريين، منجي منعتقلهم ومنقول يا رامي يا بتتنازل يا منحبسلك كل جماعتك».

بين الإحراج… والتحدي

ويقول مراقبون إن التسجيل المصور الأول لرامي مخلوف كان فيديو إحراج، حاول به أن يحرج بشار الأسد عبر إخراج المشكلة إلى العلن بشكل رسمي، أما الفيديو الثاني حسب رأي المعارض السوري ماهر شرف الدين فهو فيديو تحدٍّ. معتبراً أن هذا التحدّي موجَّه لأسماء الأسد بشكل مباشر، والتي أطلق عليها اسم «الآخرين»، وقد وصل به التحدّي إلى حد أنه اتهمها بالسرقة والسطو بشكل صريح حين قال: «تُصرَف لجيوب الآخرين».

وأضاف شرف الدين على الرغم من محاولته تحييد بشار وتنزيهه، إلا أنه أصابه في مقتل مرّات عديدة، خصوصاً عندما طالبه بـ»وضع حد للتدخلات المحيطة» به، واصفاً تلك التدخُّلات بأنها «مقرفة وخطرة».

وتطرح التسجيلات المصورة لرامي مخلوف مجموعة من الأسئلة، ولعل أهمها هي، هل يصدر رامي هذه الفيديوهات، وهو داخل سوريا بدعم من روسيا أو إيران؟ وهل ممكن ان تكون في إطار التنافس بين الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تتقاسم روسيا وإيران السيطرة عليها؟

كما أثار معارضون للنظام السوري سؤالاً حول التنازع على مليارات الدولارات المنهوبة من ثروات الشعب السوري، وهل للتسجيلات علاقة بمستقبل النظام خصوصاً أنها تترافق مع حملة إعلامية روسية لفضح فساد بشار؟

الخبير السوري، ومدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، أيمن الدسوقي يجيب لـ»القدس العربي» عن هذه التساؤلات ويقول إنه لا يمكن أن يعرف على وجه التحديد مكان إقامة مخلوف حالياً، «ولكن غالب الظن أنه خارج سوريا، وإلا لكان شملته حملة الاعتقالات التي شنتها الأجهزة الأمنية ضد موظفيه كما ذكر».

ومال المتحدث إلى أن رامي مخلوف، يمكن أن يكون في روسيا مقر إقامة والده، والتي فيها جزء معتبر من استثماراته الخارجية. وأضاف أيضاً «يتوجب علينا أحياناً قراءة الديناميات الداخلية للمشهد السوري بمعزل عن ربط كل حدث وظاهره بروسيا وإيران، قد يكونان عاملين مساعدين أو معيقين، لكن قصة مخلوف ليست طارئة وتعود إلى لحظة وفاة والدة بشار الأسد، حيث أدى ذلك إلى حدوث تغيرات في توازنات القوى داخل القصر الجمهوري، لجهة تراجع نفوذ آل مخلوف وتصاعد نفوذ السيدة أسماء الأسد داخل القصر الجمهوري».

القضية إذاً، حسب ما يقول المتحدث، تعود بجزء أساسي منها إلى تغيرات داخل القصر الجمهوري، وبجانب آخر إلى تحولات في النخبة الاقتصادية للنظام خلال الحرب، حيث بات ضرورياً العمل على تصدير نخبة جديدة أكثر قبولاً من الخارج من رامي مخلوف، إلى جانب ما سبق يرتبط الأمر في حاجة النظام إلى التمويل لدفع استحقاقاته للحلفاء وكذلك لتيسير شؤون الدولة، وذلك كان يتوجب على مخلوف أن يقوم بدفع هذه المستحقات من أرصدته المالية في الخارج وهو ما رفضه مخلوف، ليتعرض إلى سلسلة من أوامر الحجز الاحتياطي.

احتمال المواجهة

وتداول معارضون للنظام السوري التسجيل المصور، وعقب على النقاط الرئيسية فيه، الباحث عباس شريفة، حيث قال غن أبرز ما ركز عليه رامي مخلوف في تسجيله الجديد هو الإكثار من استخدام الخطاب الديني كعادته في أسلوب الوعظ، ورفض الضغط الذي يتعرض له والذي أوضحه بشكل جلي وهو التنازل عن ثروته والابتعاد عن شركاته، كما أكد أن الأيام القادمة أيام صعبة وابتلاء. ملمحاً إلى إمكانية المواجهة مع لوبي أسماء الأسد، كما ذكر أن من يتم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية هم من الشبيحة الذين وقفوا مع الأمن والنظام أثناء أزمته، ورامي مخلوف هو أكبر داعم للأمن في زمن الحرب.

واستعمل مصطلح هم ونحن (هم جماعة أسماء السنية) ونحن بني مخلوف والأسد والطائفة العلوية، كما اعتبر الإجراءات المتخذة ضده مخالفة للدستور والقانون، وتكلم عن الاستخدام السلبي للسلطة في إجباره كمستثمر على التنازل عن ماله والتعدي على الملكيات الخاصة، كما أكد أنه لا يخاف من الامتحان ولن يستجيب للضغوط وهو قابل لامتحان. وأعاد مخلوف التأكيد على مناشدة بشار الأسد أن يقف بجانبه لأن من يتم الاعتداء عليهم وهم ناسه وهم مؤيدون كانوا معه من قبل الدائرة المحيطة به.

من جانبه اعتبر د.فواز عواد أن الظهور الثاني لرامي مخلوف، يصور مآل المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في سوريا، بعد تسع سنوات من الحرب على الأبرياء، بحجة مكافحة الإرهاب، ووقف المعارض السوري خلال حديثه مع «القدس العربي»، عند بعض العبارات التي ذكرها مخلوف بالتحليل حيث قال إن اعتراف رامي مخلوف بأنه أكبر داعم للأجهزة الأمنية، وأكبر راعٍ لهم أثناء الحرب، هو اعتراف صريح بمشاركته بجرائم الحرب التي صنعت في سوريا، وذلك يستلزم من المنظمات الحقوقية استخدام هذا الاعتراف الصريح لملاحقته قانونياً، والحجز على أمواله لتعويض ضحايا الفروع الأمنية.

وقال أيضاً «طلب مني نفذ التعليمات وأنا مغمض» وهذا يشير إلى الانقسام في عائلة الأسد، رغم محاولة بعضهم ترميم الشرخ بينه وبين الأسد، وفي عبارة «التدخلات المحيطة حول صاحب القرار.. التي صارت لدرجة مقرفة» هي إشارة واضحة إلى أسماء الأخرس التي تنتمي إلى غير طائفة، وحجم تحكمها، وتدخلها في صناعة القرار السوري الآن.

واعتبر كلام مخلوف «هيك مافينا نكمل، هذا اسمه تعدي، شيء مؤتمن عليه لن أتنازل عنه، ألسنا نحن مؤتمنين على هذه الأموال، فهل نفرط بها» هو إعلان التحدي لبشار ولمن خلفه، كونه يتكلم باسم شركاء أقوياء، يطلبون منه المحافظة على أموالهم.

وحول قوله «هل لأنني خائف على نفسي وعلى مكانتي أفرط بهذا الموضوع» فهذا يشير حسب تفسير المتحدث إلى إدراكه حقيقة احتمالية تصفيته، أو مصادرة أملاكه أو حبسه، وإرجاعه إلى الصفر.

أما عن حديث مخلوف بأن «الأجهزة الأمنية بدأت تتعدى على حريات الناس، ولا يجوز أن تخلي الاخرين يمشو كلمتهم، وسيكون هناك عقاب إلهي لأن بلش هناك منعطف خطير» هو مؤشر على بداية حرب داخلية ضمن الطائفة. واعتبر «عواد» إشارات رامي مخلوف وقوله «إن لم نعالج الموضوع البلد في خطر» فهو يعتبر أن السنوات التسع السابقة من الحرب، كانت خلالها البلد في أمان، أما الآن بسبب تنازع المصالح والحصص فقد أصبحت سوريا في خطر.

القدس العربي

———————-

مخلوف “المنهار” يشغل كبرى الصحف العالمية.. كيف تناولت قصته؟

أفردت وسائل الإعلام وكبرى الصحف العالمية، تغطيات واسعة، خلال اليومين الماضيين، عن قصة رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام، بشار الأسد، والذي تحوّل إلى حديث الساعة، بعد التسجيل المصور الأخير الذي نشره، ظهر الأحد، وجاء بعد يومين من تسجيل مماثل، نفى خلاله تهم الفساد المتعلقة به، وألمح فيه إلى حالة “شقاق” مع أقطابٍ بنظام الأسد.

وبحسب ما رصد فريق “السورية.نت” اليوم الاثنين، أجمعت كبرى الصحف العالمية في التقارير والتغطيات التي أفردتها، في الساعات الماضية، على أن مخلوف أدخل سورية في مرحلة جديدة، بعد سنوات من “الحرب”، واصفةً إياه بـ”الشخص المنهار”، الذي يحاول نزع فتيل “نزاع نادر” مع عائلة الأسد.

ومخلوف هو ابن خال  بشار الأسد، ويعتبر جزءاً من الدائرة المقربة للأخير، ولديه امبراطورية اقتصادية ضخمة، أبرزها الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط.

ويقول مسؤولون غربيون، إن مخلوف لعب دوراً كبيراً في تمويل الأسد خلال “الحرب”، وهو أمر أكده في التسجيل المصور الأخير، قائلاً فيه: “هل أحد يتوقع أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف.. اللي هي أكبر داعم للأجهزة الأمنية، وأكتر راعي لهم أثناء الحرب؟”.

أيادٍ روسية

البداية من الصحافة البريطانية، إذ نشرت “الغارديان” تقريراً مطولاً عن رامي مخلوف، والتطورات المتعلقة به، وعنونته بـ”أغنى رجل في سورية يشعل نزاعاً عاماً نادراً مع الأسد“.

قالت “الغارديان” في تقريرها إن مخلوف “رفع غطاء انشقاقه مع الأسد في التسجيل المصور الثاني، وأظهر أعمال الحرم الداخلي للعائلة الحاكمة”.

وأضافت أن ما خرج به “الملياردير السوري” يأتي في الوقت الذي يتعرّض فيه الأسد لانتقادات نادرة من الجانب الروسي، والذي يبحث عن عوائد لتعويض ما دفعه، في السنوات الماضية خلال العمليات العسكرية بسورية.

وفي تقريرها ركّزت “الغارديان” على الدور الروسي في ما تشهده العلاقة بين مخلوف والأسد، في الوقت الحالي، معتبرةً أن “موسكو قررت البحث عن سبل للاستفادة من جهودها لإنقاذ نظام الأسد”.

ووصفت الصحيفة ما شهدته الأيام الماضية من هجوم إعلامي روسي على نظام الأسد بـ”الانتقاد المدبر”، في خطوة للإمساك بالمفاصل الاقتصادية لسورية، والتي بدأت أولى تبعاتها بالسيطرة على أملاك رامي مخلوف.

“انقسام الأسرة الحاكمة”

صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تناولت السجال الإعلامي الذي أثاره رامي مخلوف، ونشرت تقريراً، يوم 3مايو/أيار الحالي، عنونته بـ”مقطع فيديو غير مسبوق يشير إلى انقسام الأسرة الحاكمة في سورية”.

وصفت “واشنطن بوست” مخلوف بأنه “محرك أموال عائلة الأسد”، وأشارت في تقريرها إلى عدة نقاط، أبرزها بأن الظهور المتكرر لمخلوف يأتي بعد أشهر من تقارير غير مؤكدة، بوضعه تحت الإقامة الجبرية.

وقالت الصحيفة إن مخلوف، وهو معول أموال عائلة الأسد، فقد أية قدرة على التواصل الشخصي مع ابن خاله (بشار الأسد)، الأمر الذي دفعه، بمساعدة ما، إلى الظهور عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

الصحيفة اعتبرت أن ظهور مخلوف مثالُ أوضح شكل الصراع داخل العائلة، منذ تسلم الأسد الابن السلطة في مطلع هذه الألفية، مشيرةً إلى أن ما يجري في الوقت الحالي هو استكمال لمحاولة الأسد الاستيلاء على أموال عدد من رجال الأعمال.

“ربما استلهم الأسد التجربة السعودية”، تضيف “واشنطن بوست”، وتشير إلى أن مايجري “غير معلوم كيف بدأ بخصوص الضغط على مخلوف، ولكنه يشير لسلسلة أحداث، منها قرار للمرة الثانية بالحجز على أصول شركات الاتصال، والكشف عن كميات من المخدرات في إحدى شحنات شركة الحليب التابعة لمخلوف على الحدود المصرية -الليبية”.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي سوري كان يعمل في السفارة السورية في واشنطن، قوله: “انتزاع مخلوف سيكون صعباً (…) لقد ولد من داخل هذا النظام، منذ تسلم بشار دفة القيادة”.

“المواجهة لن تنتهي بالخير”

بالانتقال إلى ما تناولته الصحف الروسية عن مخلوف، نشرت صحيفة “سفابودنايا براسا” الروسية تقريراً، 3 من مايو/أيار الحالي، عنونته بـ”تفكك عشيرة دمشق الأكثر نفوذاً لن يكون له نهاية سعيدة”.

تحدثت الصحيفة في التقرير، الذي ترجمه فريق  “السورية.نت” عن بشار الأسد، و”الذي يعتبر في وضع صعب”.

وقال التقرير إن “الأسد لا يملك المال الكافي لاستعادة الجزء الذي سيطر عليها من البلد”، مشيراً إلى أن “الأسد يحتاج في المرحلة الأخيرة، إما الحرب مع الأكراد الذين احتلوا جميع حقول النفط تقريباً أو دبلوماسية خفية”.

وفيما يخص مخلوف، أضافت الصحيفة في تقريرها أن رامي مخلوف بدأ يفقد نفوذه، اليوم، و”كل ذلك بسبب تجرؤه على مواجهة بشار الأسد وزوجته”.

وركّزت الصحيفة في تقريرها على “الحياة الفارهة التي يعيش بها مخلوف وأبناءه”، بينما “يموت باقي الشعب في دمشق وغيرها من المدن من الجوع”، معتبرةً أن “هذا يؤثر سلباً على صورة كل من بشار الأسد والسلطات الشرعية بشكل عام”.

والنقطة الأساسية التي أشارت إليها الصحيفة في تقريرها هي أن مخلوف “تحت الإقامة الجبرية وليس لديه سوى خيارات قليلة (…) هناك الإنترنت والفيسبوك أمامه فقط”.

الواجهة الاقتصادية لعائلة الأسد

وينحدر مخلوف من جبلة وهو من مواليد عام 1969، وهو الابن الأكبر (لشقيق أنيسة والدة بشار) محمد مخلوف، الذي كان يدير المصرف العقاري أيام الرئيس الأسبق، حافظ الأسد، بعد أن كان موظفاً بسيطاً قبل ذلك في “المؤسسة العامة للتبغ” التي تملكها الدولة في سورية.

ويدير مخلوف أكبر شركة للهواتف المحمولة في سورية، وهي “سيرياتل”، كما يملك العديد من شركات البناء والنفط، منها “إيما تيل”، “راماك”، “شركة شام القابضة”، وغيرها.

وفي أواخر 2019، كشفت منظمة “غلوبال ويتنس” لمكافحة الفساد أن عائلة مخلوف تتحكم في 60 ٪ من الاقتصاد السوري.

وإلى جانب ما سبق، يملك رامي مخلوف عقارات في العاصمة الروسية موسكو تقدر بـ 40 مليون دولار، وفق منظمة “غلوبال ويتنس”.

وتستهدف عقوبات أمريكية، مخلوف منذ عام 2008، على خلفية ما تصفه واشنطن بالفساد العام، وتشدد منذ ذلك الحين الإجراءات ضد كبار رجال الأعمال المقربين منه.

كما يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مخلوف منذ بدء الثورة السورية في 2011، متهماً إياه بتمويل الأسد.

السورية نت

—————————–

 مخلوف يحذر الأسد من «أيام صعبة»… ويؤكد استعداده لها

خروج خلافهما إلى العلن يدفع الليرة السورية إلى انخفاض جديد

في تصعيد سريع، حذّر رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد من مغبة التجاوزات والتهديدات التي يتعرض لها من قبل الأجهزة الأمنية، وقال في ظهور ثانٍ له خلال أقل من يومين، عبر تسجيل مصور نشره على حسابه في «فيسبوك» ومدته 10 دقائق، إنه تلقى تهديدات «إما أن تتنازل وإما أن نسجن كل جماعتك»، محذراً من «أيام قادمة صعبة».

واتهم مخلوف الأجهزة الأمنية باعتقال موظفي شركاته، وبالضغط عليه للتخلي عنها، بعد يومين من مناشدته في شريط فيديو نادر الرئيس بشار الأسد التدخل لإنقاذ شركة الاتصالات التي يملكها.

وأفادت مصادر بين ناشطين سوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتقال عدد من موظفي شركات رامي مخلوف، بينهم اثنان من كبار المديرين في «سيرياتل»، وهما بشر مهنا وسهيل صهيون، كما تحدثت عن اعتقالات تمت لبعض المقربين من رامي مخلوف، منذ مطلع فبراير (شباط) الماضي.

وقالت مصادر مطلعة في دمشق، إن قوات تابعة للقصر الجمهوري قامت بمداهمة فيلا رامي مخلوف في منطقة يعفور بريف دمشق، صباح أمس (الأحد)، قبل ساعات من بثّ الفيديو الذي ظهر فيه رامي مخلوف للمرة الثانية خلال يومين، ليحذر ابن عمته الرئيس الأسد أنه «في حال استمر الأمر على هذا النحو سيكون الأمر خطيراً»، معلناً عدم رضوخه للضغوط وعدم تنازله عما يملكه، والذي هو حسب تعبيره «جني العمر»، وأن الأموال ليست له، بل هو «مؤتمن عليها في ابتلاء إلهي»!!

وأضاف مصعداً نبرته: «نحن أمام تفاصيل لن نكون قادرين على السيطرة عليها إذا ما استمرت الضغوط علينا «والتي أصبحت غير مقبولة ولا إنسانية»، متوعداً بأيام قادمة «ستكون صعبة وأنا جاهز لها».

وكشف مخلوف عن أن سبب ظهوره مجدداً هو «استمرار التجاوزات والتهديدات» من قبل الأجهزة الأمنية، وتعرضه للضغوط، وبدء حملة اعتقالات لموظفيه، من بينهم مديرون في شركاته. وفي رسالة غير مباشرة لحاضنة النظام الشعبية من الموالين وأبناء الطائفة الداعمين للنظام، عبّر مخلوف عن استغرابه من تصرفات الأجهزة الأمنية، متسائلاً؛ كيف يتم اعتقال من دافع عن النظام وعن الرئيس خلال الحرب، وكيف يتم التعامل بهذه الطريقة مع شركات ومؤسسات كانت أكبر داعم وأكبر خادم لهذه الأجهزة الأمنية؟ ثم توجه للأسد، بالقول: «اليوم بلشت الضغوطات بطريقة غير مقبولة بشكل لا إنساني، وبلشت تعتقل موظفينا».

ويعد ذلك هجوماً غير مسبوق على قوات الأمن من أحد أكثر الشخصيات النافذة في سوريا. وتابع مخلوف: «يا سيادة الرئيس، الأجهزة الأمنية بلشت تعتدي على حريات الناس… هدول ناسك… هدول موالين… هدول كانوا معك. الوضع صعب وخطير، والله إذا استمر بينا بها الحال، وضع البلد كتير صعب». وتابع أن «هذا ظلم واستخدام للسلطة في غير محلها». وبحسب «رويترز»، فإن قوات الأمن لم تستجب لطلب التعقيب الذي طلبته الوكالة.

وكانت مصادر سورية تحدثت في أوقات سابقة عن وجود توتر في العلاقة بين رامي مخلوف والرئيس الأسد، لم تتضح تفاصيله، إذ تمت مصادرة وسائل إعلام محلية كان يديرها مخلوف ومقرات جمعية خيرية تابعة له. وأعلنت الحكومة سلسلة من قرارات الحجز على أموال مخلوف في الأيام الماضية. ورجّحت المصادر أن يكون سبب الخلاف وجود مخاوف حول مصير أموال عائلة الأسد، المؤتمن عليها الخال محمد مخلوف منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، والذي تولى إدارتها ابن الخال رامي مخلوف، بعد وصول بشار الأسد إلى الرئاسة صيف عام 2000. في ظل تقدم الخال محمد مخلوف في السن، وتراجع حالته الصحية، في وقت يمارس فيه الجانب الروسي ضغوطاً على الأسد لسداد ديونه من عائدات الشركات التي يديرها مخلوف.

يشار إلى أن الحملة على مخلوف رافقها تصريح للأسد في مقابلة مع التلفزيون السوري الرسمي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن مكافحة الفساد في المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص. عندما قال: «في القطاع الخاص، طلب من كل من أهدر أموال الدولة أن يعيد الأموال (…) نريد أموال الدولة أولاً قبل أن نلاحق ونحوّل إلى القضاء».

وأصدرت السلطات السورية، في ديسمبر (كانون الأول)، سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال في سوريا، بينهم مخلوف وزوجته وشركاته. ووجّهت إلى رجال الأعمال تهم التهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال سنوات الحرب.

وكان رامي مخلوف قد تلقى إنذاراً بتسديد أكثر من 150 مليار ليرة، قبل حلول مايو (أيار) الحالي، أو نقل حصته من شركة الاتصالات «سيرياتل» لصالح مؤسسة الاتصالات الحكومية. ومع حلول الموعد ظهر رامي مخلوف في فيديو مدته 15 دقيقة بثّه بصفحته على «فيسبوك» ليل الخميس – الجمعة، في أول إطلالة له منذ عام 2011 يناشد الأسد بالتدخل لإنقاذ شركته (سيرياتل) للاتصال من الانهيار، معتبراً المبلغ الكبير المطلوب سداده مجحفاً.

وقدّر مخلوف قيمة المبلغ المُطالب بتسديده بين 125 مليار (178.5 مليون دولار) و130 مليار ليرة. وقال: «لا نتهرّب من الضريبة ولا نتلاعب على البلد (…) ندفع ضرائبنا وندفع تقاسم العائدات للحكومة». إلا أن قريب الرئيس السوري، الذي اعتبر أن «مطالب الدولة غير محقة»، ناشد الأسد تجنيب الشركة الانهيار وجدولة المبالغ المستحقة، وعاد وكرر المناشدة في بيان الثاني أمس: «لا تصدق من حولك… لا تسمح لهم بخرق الدستور والتعدي على القانون… أنا لن أتنازل، وأطلب منك يا سيادة الرئيس أن تنصفنا وتسمعنا، وإذا لم تفعل فليس لنا سوى الله ليحمي البلد من الخطر القادم».

ومع خروج خلاف الأسد – مخلوف إلى العلن سجلت الليرة السورية انخفاضاً جديداً في قيمتها مقابل الدولار الأميركي من 1270 ليرة إلى 1340 ليرة للدولار الواحد.

ويرأس رامي مخلوف مجموعة شركات، أبرزها شركة «سيرياتل» التي تملك نحو 70 في المائة من سوق الاتصالات في سوريا. كما كثير من شركات البناء والنفط، وعقارات في العاصمة الروسية موسكو تقدر بـ40 مليون دولار، وفق منظمة «غلوبال ويتنس».

الحكومة السورية رداً على بيان رامي مخلوف الأول، تحدثت عن تمسّكها بمطالبته بسداد مستحقات مالية على مؤسسة الاتصالات من شركة «سيرياتل»، وذلك بهدف «تحصيل المال العام». وفي بيان لـ«هيئة الاتصالات» طالبت الشركتين المشغّلتين للهاتف الجوال في سوريا (سيرياتل وإم تي إن) بدفع «مبالغ مستحقة لخزينة الدولة تبلغ 233.8 مليار ليرة سورية» (334 مليون دولار)، استناداً إلى قرار صدر عن رئاسة الوزراء، مبينة أن المبالغ المطلوب سدادها هي «مبالغ مستحقة للدولة» وفقاً لوثائق واضحة وموجودة، ويجب سدادها قبل الخامس من الشهر الحالي (الثلاثاء). وقالت «الهيئة الناظمة للاتصالات» في بيان لها، أمس (الأحد)، إنها تبلغت من شركة «تيلي أنفست»، أحد الشركاء الرئيسيين في شركة «إم تي إن سوريا»، استعدادها لتسديد ما يترتب عليها من مبالغ تبعاً لحصتها القانونية في الشركة، ووفقاً لمضمون قرار الهيئة.

https://www.syria.tv/?utm_source=KwikPlayer&utm_medium=KwikShare&utm_campaign=KwikMotion

الشرق الأوسط

—————————-

مخلوف يتوسل العدالة «الضريبية» والأسد في انتظار «الإلهية»… / بسام البدارين

«بعطيكن هالرقم إذا بيطلع، وفوقه حبة بركة». هذه العبارة الساحرة في شريط الفيديو المسجل للمدعو رامي مخلوف، تختصر الكثير في المشهد السوري، خصوصا بعد الخلاف حول «تهرب ضريبي» بين «السيد الرئيس» وابن خاله إمبراطور الاتصالات وبورصة الشبيحة. في طريقة طريفة جدا أثارت اهتمام محطة «بي بي سي»، ولاحقا برنامج المنصات في «الجزيرة» أيضا شرح مخلوف لقريبه الرئيس «الموقف» في خصوص وجود لصوص يحاولون «تفليس» شركته، التي توظف أكثر من 5600 سوري على الأقل وتقوم في أعمال الخير والبر والتقوى. سبحان مقسم الأرزاق، مخلوف يتوسل «العدالة الضريبية» من الذين تنتظرهم أصلا العدالة الإلهية.

مخلوف البر والتقوى

هل تذكرون محطة «دنيا» السورية الشهيرة، التي قيل إنها من بصمات مخلوف، أحد أبرز ممولي حرب «الشبيحة» على الشعب السوري، عندما كان يرقص في الميدان، وقبل «تسليح الثورة»، بتوقيع بندر بن سلطان. تمويل الشبيحة من شركات الاتصالات هو تعريف أعمال «البر والتقوى»، التي كان يساندها مخلوف. جهات متعددة في عمان في المناسبة أعجبتها محطة «الدنيا»، وكانت المحصلة ولادة مولود مختلف اسمه «تلفزيون المملكة». ما علينا، مخلوف «بيقطع القلب» من كثر مطاردة جهاز الضريبة السوري فجأة لأعماله ويقترح على إبن عمته الرئيس ما يلي «تكرم عيون هالفقراء.. إنت اعطيهن»! صدقا لا أريد «تسييس» المشهد. لكن لدينا سؤال صغيرة جدا، بعدما يدفع رامي مخلوف المطلوب. من أين سيحضر «حبة البركة»؟!

القدس العربي

——————————————

بعد تسجيلات رامي مخلوف.. أنباء عن اعتقال رئيس تحرير صحيفة موالية

قال صحفيون سوريون وناشطون إعلاميون، إنّ قوات النظام السوري اعتقلت رئيس تحرير صحيفة الوطن الموالية للنظام، وضّاح عبد ربه، ضمن حملة اعتقالات واسعة شنّتها ليل الأحد ـ الإثنين في العاصمة دمشق، فيما نفت مصادر إعلامية صحّة الخبر.

وذكرت الصحفية السورية بهية مارديني على حساباتها في منصّات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر)، أنّه جرى اعتقال وضاح عبد ربه، مؤكّدة المعلومة التي وصلتها فجر الإثنين.

وردّت مارديني على سؤال أحد الصحفيين في التعليقات بالقول: “مو مخلين حدا ما ضبوه”، في حين أشار ناشطون إعلاميون إلى أنّه تم اعتقال 19 شخصا من أقارب وأتباع آل مخلوف.

أمّا المرصد السوري لحقوق الإنسان (المعارض)، فقد نفى صحّة الأنباء التي تتحدّث عن اعتقال عبد ربه.

وكما هو معتاد، لم يصدر أي بيان رسمي أو تعليق بخصوص عبد ربه، حتى من الصحيفة التي تواصل عملها اليوم.

وتأتي هذه التطورات بعد ظهور رامي مخلوف الذي يملك صحيفة الوطن، في تسجيلين متتاليين تحدّث فيهما عن “مظلومية” ومبالغ ضخمة مفروضة عليه من قبل حكومة النظام، مناشداً رأس النظام بشار الأسد لكف يد “الفاسدين”، وهو ما اعتبره متابعون تحشيدا طائفيا لشق الصف.

وتعدّ “الوطن” ناطقة باسم النظام، وتصنّف كصحيفة “شبه رسمية”، حيث تتبنّى مواقف النظام السياسية وتصف المدنيين القتلى بقصف النظام على المدن والقرى بـ “الإرهابيين”، وفقما رصد بروكار برس سابقاً.

    المخابرات السورية تعتقل ليلاً الصحفي

    وضاح عبد ربه رئيس تحرير جريدة وطن التابعة لرامي مخلوف

    واعتقالات في دمشق تطال 19 شبيح من ال مخلوف.. وفي اللاذقية اشتباكات عنيفة

    في صلنفة جبلة بين ال الاسد وال مخلوف

    — Hasan shasho (@Hasanshasho9) May 4, 2020

بروكار برس

———————————

قائمة أبرز المدراء المُعتقلين من “سيريَتل” بدمشق

كشف مصدرٌ في دمشق لـ”السورية.نت”، أسماء من قال إنهم “شخصيات قيادية”، في شركة “سيريَتل”، ممن تم اعتقالهم فجر اليوم الأحد، حيث داهمت مخابرات الأسد، منازلهم في العاصمة السورية.

وقال المصدر، الذي كان مديراً سابقاً في الشركة، التي يرأس مجلس إدارتها، رامي مخلوف، وهي أحد مزودي خدمة الهواتف المحمولة في سورية، إن حملة الاعتقالات، شملت شخصيات قيادية “مهمة” في “سيريَتل”، خاصة في أقسام المالية والمحاسبة.

وشملت قائمة الذين داهمت مخابرات نظام الأسد منازلهم، نحو الساعة الثانية فجراً، كل من المدراء التنفيذيين في الشركة؛ سهيل صهيوني، مدير الموارد البشرية، وبشر مهنا، مدير العلاقات الحكومية(ويشغل مناصب أخرى)، وبسام حتاملة(أردني)، المدير المالي العام.

إلى ذلك، شملت حملة المداهمات والاعتقالات، مدراء “كبار” في قسمي المحاسبة والمالية، بينهم محمد دوماني، ورضوان حداد، إضافة لمدير قسم الإعلام في الشركة، وهو علاء سلمور.

واعتبر المدير السابق بالشركة، وطلب عدم ذكر اسمه، أن “الذين أعرفهم، و تم اعتقالهم من بيوتهم ليلاً، لا ناقة لهم ولا جمل بكل الخلافات الحاصلة بين أركان النظام..هم موظفون يعملون بخبراتهم ومهاراتهم”، مؤكداً أن “حملة الاعتقالات شملت مدراء وموظفين آخرين”.

و ظهَرَ رامي مخلوف، في تسجيلٍ مصور ثانٍ اليوم، تحدث فيه عن أن الضغوطات زادت بطريقة “غير مقبولة وبشكل غير إنساني”، وطُلِبَ منه الابتعاد عن الشركات وتنفيذ التعليمات و”لن أتنازل”.

وقال مخلوف، في التسجيل الذي وصلت مدته لعشر دقائق، إن “الأجهزة الأمنية بدأت تعتقل موظفي الشركات”، متسائلاً “هل أحد يتوقع أن تأتي الأجهزة الأمنية إلى شركات رامي مخلوف وتعتقل موظفين، بعد  ما كان مخلوف أكبر داعم لهذه الأجهزة وأكبر خادم لها وراعي لهم في أثناء الحرب”.

وبعد أن وصلت الأمور لـ”درجة مقرفة وخطرة”، كما قال مخلوف، فقد ناشد ابن عمته، رئيس النظام، بشار الأسد بالقول:”الأجهزة الأمنية بدأت تتعدى على حرية الناس ..هدول ناسك ..هدول موالين.. هم كانوا معك وما زالوا، ولا يجوز أن تسمح للآخرين بالتعدي عليهم”.

وأضاف مخلوف أن “الوضع صعب وخطر، وفي حال الاستمرار بهذه الحالة فإن وضع البلد سيكون صعباً، كونه يوجد منعطف خطير”، مخاطباً رئيس النظام:”أرجوك لا تصدق لهؤلاء، ولا تسمح باعتقال أناس خدموا الجيش والأمن والسوريين بكل أمانة وإخلاص، ثم تأتي وتقول يا رامي يجب أن تتنازل وإلا نعتقل كل جماعتك، هل تسمح لهم”.

ويوحي حديث مخلوف بالفيديو الجديد، أن لديه معلومات عن اعتقالات كثيرة، طالت مقربين ومساعدين له، فضلاً عن موظفين في شركات “سيرياتيل” و”راماك” وغيرها.

وكان مخلوف، الذي يوصف بأحد أكبر “حيتان الاقتصاد” في سورية، ظَهَرَ في تسجيل مصورٍ قبل يومين، عبر “فيسبوك”، و هو الأول من نوعه، مناشداً بشار الأسد، بالقول: “أريد أن أشرح لك عن المعاناة التي أمر بها، والمتعلقة بالشركات (..) أنا اليوم أدير عمل الشركات، وجاهز لفتح جميع الوثائق، ولن أكون عبئاً عليك”.

وأضاف مخاطباً ابن عمته بشار:”الوثائق موجودة.. أرسل من شئت لتدقيقها، ولكن أنا تعبت كتير من الطاقم الموجود، الذي يضعني في دائرة الاتهام، وأنني السيء”.

وكانت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في سورية، طالبت شركتي الاتصالات الخلوية “سيريتل” وMTN”، بدفع المبالغ المترتبة عليها، وحذرت من العواقب القانونية في حال التأخر بتسديد المبالغ لخزينة الدولة.

وقالت الهيئة إنها أبلغتهما بضرورة تسديد المبالغ المستحقة التي وصلت إلى 233.7 مليار ليرة سورية، قبل الخامس من مايو/ أيار الحالي.

ويعتبر مخلوف من أبرز رجال الأعمال في سورية، والمقربين من الدائرة الاقتصادية الضيقة والمتحكمة في الاقتصاد السوري.

وهاجمت تقارير إعلامية روسية، مخلوف، خلال الأسبوع الماضي، وقالت إنه يتحكم بـ60% من اقتصاد سورية.

————————————-

بوتين ..والأسد ومخلوف/ صالح القلاب

عندما يتولىّ الروس حملات الدهم والإعتقال للمدراء والعاملين في شركات رامي مخلوف إبنْ خال بشار الأسد فإن هذا يعني أن الحاكم الحقيقي والفعلي في “القطر العربي السوري”، حسب إصطلاح حزب البعث الذي لم يبق منه إلاّ ما يشبه “بقايا الوشم في ظاهر اليد” وأنه حسب التعبير المصري قد بات :”شاهد ما شافش حاجة” فعلاً، هو الرئيس فلاديمير بوتين وهذا بالتأكيد يُسْعد الشعب السوري ولا يغضبه طالما أنّه قد ذاق الأمرين خلال حكم إستبدادي بقي يجثم على صدر هذا البلد العظيم قرابة نصف قرن بأكمله.

ثم وإنّ دخول الروس على هذا الخط يُعْني أنهم لا يثقون لا ببشار الأسد ولا بإبن خاله وأنهم لا يشكون وفقط بل ويعتقدون إعتقاداً جازماً بأنّ هذا الخلاف وحتى إعتقال ثمانية وعشرين من مدراء وموظفي شركة “سيرياتيل” “المخلوفية” هو مجرد مسرحية متفق عليها وأنّ إمتصاص دماء السوريين قد إستمر كل هذه السنوات الطويلة وهذه مسألة ما كانت خافية على الشعب السوري الذي بات ثلاثة أرباعه خارج وطنهم ومشردين في كافة أرجاء الكرة الأرضية.

وهكذا فإنه يجب أنْ يقال للرئيس بوتين أنّ تدخلك قد جاء متأخراً وأنه حسب المثل الشعبي:”من ضرب ضرب ومن هرب هرب” وأنه لم يبق في بلدٍ كان: “يفيض عسلاً ولبناً” إلاّ الجلد والعظم وأنه بإمكانك أن تبحث عن أموال الشعب السوري المشبوهة في البنوك الروسية، وأيضاً في بنوك الغرب والشرق وكافة أرجاء الكرة الأرضية!!.

ولعل ما يجب أخذه بعين الإعتبار هو أن”الإشاعات” التي بات يطفح بها “القطر العربي السوري” تقول أنّ “فزعة” بوتين التي جاءت متأخرة جداًّ “ربما” أن هدفها الإستحواذ على شركات رامي مخلوف وإبن عمته وأهمها كما يقال شركة “سيرياتيل” التي أصبحت معظم أموالها في البنوك الخارجية وربما ..ربما من بينها البنوك الروسية التي لم تعد “سوفياتية” ولا هُمْ يحزنون وغدت محشوة بمليارات طباخ الرئيس الروسي من الدولارات وليس بالطبع من “الروبلات” التي كان عهدها الذهبي في عهد الإتحاد السوفياتي الذي لم يبق منه إلاّ صور لينين وخروتشوف وبالطبع وستالين التي يحتفظ بها بعض ما تبقى من “الرفاق الشيوعيين”!

ويقيناً، وفي النهاية، أنه إذا أراد بوتين أن “يبيض” صفحته وأنْ يظهر أنه أفضل من ستالين ولينين وأيضاً من ماركس بألف مرة أنْ يأخذ ببيت الشعر العربي القائل:

لا تقطعّن ذنب الأفعى وترسلها

إن كنت شهماً فأتبع رأسها الذنبا

—————————————–

========================

مقالات على صلة بموضوع رامي مخلوف

روسيا تريد الأسد فرخاً/ مهند الحاج علي

بالإمكان اليوم رسم خط مستقيم بين الإهانات الروسية للرئيس السوري بشار الأسد، انتهاء بالمقالات الروسية الأخيرة عنه وعن فساد العائلة والمسؤولين. هذه الإهانات المتتالية كقطار لا تنتهي مقطوراته، بدأت فصولها بحركة يد العسكري الروسي لدفع الأسد خلف “نظيره” الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة “حميميم” في محافظة اللاذقية السورية في كانون الأول (ديسمبر) عام 2017. كانت تلك اللحظة تاريخية في رسم حجم الأسد على الأراضي السورية، في مقابل بوتين. لكن هذه المناسبة تحولت الى مسار بأسره، سيما مع إصرار الرئيس الروسي مطلع هذا العام على استقبال الأسد في مبنى السفارة الروسية في دمشق، وليس في مقر الرئاسة، وفقاً للبروتوكول.

محللون روس على علاقة بالكرملين رأوا حينها أن الإستقبال المهين لم يكن مؤشراً الى قناعة روسية بضرورة إبدال الأسد، بل كانت ضرورة “تأديبية”. هو صنف من لي الذراع. استدعى الرئيس الروسي رئيس سوريا الى غرفة في السفارة الروسية، وكأنه موظف فيها، لتذكيره بمن هو صاحب القرار الحقيقي، وبنوعية العلاقة الروسية-السورية. ليست العلاقة ندية، بل تبعية، وبالتالي فإن من الضروري الامتثال للسياسة الروسية في المحطات المفصلية.

كانت هذه الرسالة الروسية حينها، ولم تكن في طياتها إشارة إلى جدية في اطاحة الأسد وإبداله بشخصية أخرى، لأن من شأن ذلك نسف النظام بأسره ومعه الاستثمار الروسي فيه. لكن موسكو ترغب في المضي قدماً في العملية السياسية وجذب استثمارات عربية وربما أوروبية لتمويل إعادة الاعمار، بما يعود بالفائدة على الشركات الروسية. لذا ترتكز السياسة الروسية على إعادة لحمة العلاقات السورية-العربية، والتخفيف من وطأة النشاط الإيراني على الأراضي السورية، والاحتكاك مع إسرائيل عليها.

رغم حلفهما الموضعي عسكرياً، تسير روسيا وإيران في مسارين منفصلين حيال سوريا. موسكو تريد انهاء الحرب باتفاق سياسي يُرضي الجانب التركي، ومن ورائه العالم العربي وبعض أوروبا، والى حد أقل القوى الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة. لكم مثل هذا الاتفاق يحتاج الى تعديل دستوري يُوزع صلاحيات السلطة المركزية، وينقل بعضها من الرئاسة الى رئاسة الحكومة. لا يُمانع بوتين ممارسات الأسد من قصف للمدنيين والمستشفيات واستخدام للأسلحة المحظورة وسجن المعارضين وتعذيبهم واغتيالهم. بالعكس، مثل هذه الممارسات تُقرب بين الزعيمين ورصيدهما المشترك ولا تُبعد بينهما. لكن الفارق الوحيد هنا هو الليونة. ذلك أن بوتين نفسه لم يُمانع توزيع الأدوار بينه وبين ديمتري مدفديف لسنوات عديدة، بل لعب هذا الدور بإتقان واستمر فيه للإيحاء باحترام الدستور وبتبادل للسلطة.

في المقابل، لا يملك النظام السوري سلاح المناورة في هذا المجال. وهنا تبرز هوة سحيقة بين الرجلين. ليس بشار أصيلاً في منصبه، ولا حتى بالوراثة، بل هبط عليه بفعل حادث سيارة على طريق مطار دمشق قبل 26 عاماً. وبوتين المخضرم الذي سلك دروباً موحلة في الأمن والسياسة، يفقد صبره مع الأسد بعد خمس سنوات على التدخل الروسي. لهذا يلجأ الى وسائل غير تقليدية تتأرجح الى الآن بين الإهانة البروتوكولية والتوبيخ العلني.

مصدر آخر لإزعاج موسكو هو لجوء بشار الأسد الى حيل قديمة في كتب السياسة مثل اللعب على حبل التوازن الإيراني-الروسي الذي لم يعد مفيداً اليوم مع انتهاء الأعمال الحربية ووصولها الى الحد الأقصى المسموح به تركياً وأميركياً. وهذه الحركات البهلوانية استُهلكت، ولا يبدو أن لدى روسيا الغارقة في أزمتين صحية في ظل تفشي الكورونا (كوفيد-19) ومالية مع العقوبات وانهيار أسعار النفط، ترف الانتظار. تحتاج روسيا الى الخروج من أسر العقوبات، وبناء شبكة علاقات خارجية تُساعدها على تخطي محنتها المالية والاقتصادية التي قد تتحول الى تهديد وجودي لسلطة بوتين وإرثه السياسي.

لذا علينا قراءة الانتقادات الموجهة وغير الاعتيادية للرئيس الأسد مع أخذ عامل الزمن والأزمة في الاعتبار، لأن الدول الشمولية لا تفتح عادة نار الانتقادات على حليف لها في الإعلام. هذا سلاح غير عادي لزمن صعب. وبوتين الذي اغتال خصوماً ومنشقين بالسموم النووية والسيارات المفخخة، لن يرتدع عن التصعيد لو اقتضى الأمر. قد تكون هذه الانتقادات بمثابة نداء أخير للأسد: إمّا أن تتحول الى فرخ مطيع وحصري لدى رئيس الكرملين، وليس بالشراكة مع ايران، أو قد تُفاجئه روسيا بأسلحة أخرى في جعبتها.

المدن

————————————-

مخرج بوتين الوحيد/ يحيى العريضي

أنكَر الروس باستمرار أنهم في سوريا لحماية الأسد، ودأبوا على القول بأن هدفهم محاربة الإرهاب، وغايتهم “حماية الدولة السورية”؛وعندما كان يُقال لهم إن هاجسهم الأسد الذي يحمي مطامعهم، كانوا ينفون ذلك؛ حتى عندماوصل الأمر بالبعض لاعتبار أن “شمس الحل في سوريا تشرق من موسكو”، قالوا إن الحل سوري-سوري، وتملصوا من مسؤولية مايفعلون.

إذا كانت مكونات الدولة، التي يصرُّالروس على أنهم حريصون عليها، تتكون – كماهو متعارف عليه- من {شعب} تجمعه آمال وآلام ولغة وأرض وجملة من الأهداف المشتركة…، و- من {أرض} آمنة محميّة لكل أهلها، و- من{سيادة} وطنية مصانة؛ فأياً من هذه المكونات أو الركائز حرصت روسيا عليها؟  لا بد من الإقرار بأنه إذا كان ذلك قد تحقق في سوريا، فيكونون على حق؛ وإن لم يتحقق، فعليهم أن يقبلوا بأن تواجدهم في سوريا كان احتلالاً (أو على الأقل انتداباً) غايته تحقيق مصالحهم متخذين من السلطة الأسدية ما يشبه “حكومة فيشي”، كي ينفّذوا مآربهم؛ وبذا عليهم  تحمل تبعات الاحتلال بكل مسؤولياته تجاه المناطق المحتلة ومن عليها، أو أن يخرجوا، ويتركوا السوريين يتدبروا أمورهم بأنفسهم.

لننظر بداية في القضايا التي كان لا بد أن تصونها روسيا، بناءً على تصريحاتها، بأنها في سوريا “لحمايةً الدولة السورية”؛ فنجد أن السوريين لم يتبعثروا، ولم يُهانوا، ولم يطالهم الوجع والعوز وغياب الأمن والأمان، كما هوحالهم الآن؛  وأن الأرض السورية لم تُستَبَح بقدر ما استبيحت من قبل دول وميليشيات وأفراد في هذه الفترة؛ وأن “السيادة السورية” لم تُنتًهًك بقدر ما انتُهكت بالعهد الروسي- ليس من قِبَل تلك القوى، بل من روسيا ذاتها: فما معنى أن الروسي يدخل، ويخرج، ويأمر،ويوقّع، ويعيّن، ويزيح، ويعزل ما ومن يريد، دون أي اعتبار للسيادة السورية؟! أو عندما تستدعي روسيا “رئيس السيادة” بطائرة شحن، لتلتقيه كأي شخص عادي، فهل هناك ماتبقى من سيادة؟!

إذا كانت روسيا لم تكفكف دموع أُمٍ سوريةٍ ثَكَلَت ابنها الذي قضى في معتقلات”الدولة” التي تحرص عليها، ولا أنجدت سوريةً يدنس شرفها الميليشيات التي تتحالف معها؛ وإذا كانت قد استخدمت قوة “الفيتو” لحرمان شعب هذه الدولة من العدالة والإنصاف، حتى عندما استخدم حليفها السلاح الكيماوي ضد شعبه؛ وإذا كانت هي ذاتها ساهمت بتدمير آلاف المباني وقتل الآلاف من هذا الشعب وتشريده؛ فكيف تكون حريصة على الدولة السورية؟!

من السذاجة اعتبار روسيا غافلة عن كل ذلك، ولكنها ربما اعتقدت بأن تزوير الحقائق، وتزييف الوقائع، والمكابرة قد يجعلها تتفلت من هكذا مسؤوليات. المفارقة، أن المستفيد الأساسي من تدخلها، والذي راهنت عليه في نجاح مقاربتها البائسة للقضية السورية، هو ذاته يخذلها؛ أحياناً مختاراً، عندما يحاول اللعب على المتناقضات، وأحياناً خارج إرادته، عندما يفشل في إدارة الفساد، ويرضخ للابتزازات الإيرانية، والميليشياوية، وتورمات مراكز القوى العائلية حوله (فهل يغفل السوري عن حوت المال القديم رامي مخلوف، والحوت الجديد أسماء بظهيرها البريطاني وتناقضاتهما وانفضاحهما أو مسرحياتهما التي لن ترمم ما ينهار)؟!.

أمام كل ذلك الفشل الذاتي والموضوعي؛وبعد أن اعتقد السيد بوتين أن القفز إلى الغنيمة السورية قد يخفف ملفاتها الثقيلة في القرم وأوكرانيا وجورجيا، وفي ظل اقتصاد روسي مهترئ، ومقاطعة غربية موجعة، وإغراء تركي ثمين، وتدهور في أسعار النفط، وكساد في أسلحة ارتكبت روسيا أبشع الجرائم لاستعراضها وتسويقها؛ وأمام داخل روسي يتململ؛ لا بد أن بوتين- التكتيكي المتألق- قد قرر إعادة حساباته؛ وربما على رأسها وقف الاستنزاف السوري، الذي ربما قد يسحب قدمه إلى ما يشبه المغطس الأفغاني.

ولكن، إذا كان بوتين يعتقد أنه قد حقق حلم القياصرة بالوصول إلى المياه الدافئة في المتوسط، وأنه يعوّل على سلطة عميلة له في دمشق تكفل سلامته من السواد الأعظم من السوريين؛ وإذا استمر ببهلوانياته من خلال شن حملة إعلامية روسية تظهر فساد سلطة دمشق وعجزها بدايةً، ومن ثم إعطاء أوامره لتلك السلطة  في سوريا لاتخاذ إجراءات توهم السوريين وغيرهم بأن سلطة دمشق قوية وقادرة على قمع الفساد بادئة برأسه الأكبر رامي مخلوف، وستنتقل إلى مفسدين آخرين ربما زوجة الرئيس أو  أخيه ومن تحت حمايتهم مروراً ببعض مراكز قوى لإيران، بغاية إظهار رأس السلطة في وقت قادم كمخلِّص قوي نزيه جاهز لاستحقاق الانتخابات الرئاسية القادمة؛ فأنه بذا يثبّت على نفسه أولاً بأنه في سوريا لحماية الأسد حصراً، لاعتقاده الراسخ بأنه الوحيد الذي يحمي له مصالحه ومصالح روسيا في سوريا، وثانياً، سنراه يغوص في أخطائه أكثر. فذكاء بوتين لا بد يدلّه على أن السلطات العميلة أعجز من أن تحمي أسيادها، و لا بد لذاكرته أن تسعفه فيما إذا استطاعت حكومة”بابراك كارمال ” أو “حفيظ الله أمين ” العميلتين من حماية الجنود السوفييت من غضب المواطن الأفغاني العادي، ولا بد أنه يعرف بأن السوريين قد يعفوا ولكن لن ينسوا الفظائع التي ارتكبها الروس بطائراتهم وأسلحتهم ضد الأطفال والنساء والمدنيين؛ويدرك أيضاً أن السوريين وغيرهم يعرفون بأن الفساد والعجز والخلل والخراب في الرأس الأكبر و بمنظومته حصراً.

بوتين أمام اللحظة الحاسمة؛ إما أن يكون في سوريا سلطة انتداب تنغصها دولياً إيران وأمريكا وإسرائيل وتركيا، ونظام يلاحقه الكيماوي وقيصر والفشل والفساد والوهن والنقمة، وشعب سوري لن يسكت على الظلم والاستبداد؛ أو العودة إلى القرارات الدولية التي تنص على انتقال سياسي “بهيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات”، لا وجود فيها لمنتسب أصلاً بكل هذا الوباء. صحيح “إن الخطايا القديمة لها ظلال طويلة، كما تقول الكاتبة البريطانية “أغاثا كريستي”، ولكن الرأي الصائب في اللحظة الحاسمة هو الذي يجعل المرء يتعظ من تجاربه وتجارب الآخرين السابقة.

ملحوظة لاحقة: إن التسجيل الأخير لرامي مخلوف يجعل أي لعبة روسية في تقديم الأسد كمخلّص شبه مستحيلة. ويبقى أمامه المخرج الوحيد: انتقال سياسي دون مَن تسبب بالوباء. هكذا يريح ويستريح.

تلفزيون سوريا

—————————-

بوتين يريد لململة المغامرة.. و صبره ينفد مع الأسد

ذكرت وكالة “بلومبرغ” أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ ينفذ صبره مع “حليفه” رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي “لا يبرهن على امتنانه لموسكو لبقائه في السلطة كما يحتاجه زعيم الكرملين”.

وقالت في تقرير بعنوان “بوتين يعاني من صداع سوريا والكرملين يلوم الأسد”، إن الرئيس الروسي يواجه معضلة مزدوجة، من ناحية انهيار أسعار النفط ومواجهة فيروس كورونا، ومن ناحية أخرى يريد لململة المغامرة العسكرية في سوريا واعلان النصر.

وأضافت الوكالة الأميركية أن بوتين يصرّ على أن يظهر الأسد المزيد من المرونة في المحادثات مع المعارضة السورية بشأن التسوية السياسية وإنهاء الحرب التي قاربت على عقد من الزمان.

وتسبب رفض الأسد في التنازل عن السلطة مقابل اعتراف دولي أكبر وحتى مقابل ربما مليارات الدولارات من مساعدات إعادة الإعمار انتقاداً عاماً نادراً ضده هذا الشهر من خلال منشورات روسية لها روابط مع بوتين.

وقال الديبلوماسي الروسي السابق الذي يدير مركز أوروبا والشرق الأوسط الممول من الدولة في موسكو ألكسندر شوميلين “يحتاج الكرملين إلى التخلص من الصداع السوري، المشكلة تكمن في شخص واحد هو الأسد وحاشيته”.

غضب بوتين وغموض الأسد يسلطان الضوء على معضلة روسيا الحالية، وهي أنه لا يوجد بديل للأسد في التوصل إلى إتفاق، بعد أن استغل كلّاً من موسكو وطهران للبقاء في السلطة كما استفاد من القوة العسكرية والديبلوماسية الروسية ضد جهود تركيا لتوسيع وجودها في المناطق المتبقية التي يسيطر عليها المعارضون في شمال سوريا بينما يسعى لاستعادة السيطرة على البلاد بأكملها بدعم من بوتين.

على المستوى الروسي الرسمي، نفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن بوتين غير راضٍ عن الأسد لرفضه التسوية مع المعارضة السورية خلال المفاوضات.

وأشارت الوكالة إلى أن روسيا كانت تضغط ومن خلف الكواليس على الأسد، للموافقة على بعض التنازلات السياسية الرمزية على الأقل لكسب تأييد الأمم المتحدة لإعادة انتخابه في عام 2021، لكن من دون جدوى.

واليوم، تُعتبر سياسة الإنتقاد العلني من خلال الصحافة المُقربة من الرئاسة تحولا حاداً في النهج الروسي مع الأسد. فقد نشرت إحدى وسائل الإعلام المرتبطة بيفعيني بريغوجين المعروف باسم “طباخ بوتين” مقالاً عبر الإنترنت يهاجم الأسد باعتباره فاسداً.

كما أشار إلى استطلاع يظهر أنه حصل على دعم 32 في المئة فقط، بينما أدرج عدداً من البدائل المحتملة من داخل النظام السوري والمعارضة، لكن المقال اختفى عن موقع وكالة الأنباء الفيدرالية في وقت لاحق.

بعد أيام نشر مجلس الشؤون الدولية الروسية ـ وهو مركز أبحاث للسياسة الخارجية أنشأه الكرملين، تعليقاً ينتقد الحكومة في دمشق باعتبارها تفتقر إلى “نهج بعيد النظر ومرن” لإنهاء الصراع.

وقال الديبلوماسي الروسي السابق ونائب رئيس المجلس ألكسندر أكسينيونوك أنه “إذا رفض الأسد دستوراً جديداً، فإن النظام السوري يعرض نفسه لخطر كبير”. وأضاف أن “المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف بشأن إعادة صياغة الدستور السوري لإدخال بعض المنافسة السياسية بدأت أخيراً في أواخر العام الماضي، لكنها أصبحت على الفور في طريق مسدود عندما قام الجانب الحكومي بتخريبها عمداً”.

وأكد شخص مقرب من الكرملين أن ما نشر في الموقعين هو رسالة قوية للقيادة السورية، كما قال شخص مقرب من القيادة الروسية إن الرئيس الروسي ينظر للأسد ك”شخص عنيد ويمثل خيبة أمل له”، ولذلك استخدم موقعاً مرتبطاً ب”طباخ بوتين” لتوصيل الرسالة.

وفي 20 كانون الأول/ديسمبر الماضي، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، غير بيدرسون، لمجلس الأمن، إن الجولة الثانية من المفاوضات فشلت في الانطلاق لأن معارضي الأسد أرادوا مناقشة المسائل الدستورية وهو ما رفضته الحكومة السورية.

وقال ديبلوماسي مُراقب للشأن السوري، إن تحذيرات موسكو تعكس حالة الإحباط بين رجال الأعمال الروس الذين فشلوا بالحصول على عقود تجارية بسوريا.

وأضاف الديبلوماسي أن روسيا تدرك أيضاً مدى صعوبة الوضع في البلاد، مع فشل الأسد في توفير السلع الأساسية بسبب جائحة فيروس كورونا ومشكلة الشبكات الفاسدة التي تخاطر بالتسبب بنوع من المعارضة في مناطق معينة في المستقبل.

بدوره قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية جوست

هيلترمان: “الأسد كان دائماً عنيداً في مواجهة الضغط الروسي لأنه يعرف أن سوريا أكبر من أن تفشل بالنسبة لروسيا”.

وأضاف “يبدو أن الحملة الإعلامية الروسية غير المسبوقة ضد الأسد والتي تتم بموافقة الحكومة، تعكس مدى حالة الإحباط في موسكو في الوقت الذي تكون فيه سوريا أقل اهتماماً”.

ورأت الخبيرة بمعهد الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية إيرينا زفاسليسكايا إن روسيا لديها قاعدة عسكرية بحرية وأرسلت قواتها لحراسة المناطق السابقة للمعارضة والطرق الرئيسية ولديها نفوذ ولكنها ستخاطر كثيراً لو حاولت الإطاحة بالأسد.

ولفتت الوكالة إلى أن العقدة بوجه الجهود الروسية لإقناع الرئيس السوري بالامتثال للطلبات الروسية ليست فقط إيران، التي دعمت الأسد بالمال والنفط والقوات لضمان بقاء سوريا ممراً لإمدادات الأسلحة إلى حليفها “حزب الله”، بل أيضًا في الإمارات العربية المتحدة.

وقالت إن الإمارات العربية المتحدة حريصة على موازنة النفوذ الإيراني والتركي في سوريا،  وهي “خدعت الأسد بعد سنوات من معاملته على أنه منبوذ إلى جانب القوة الإقليمية السعودية ثم أعادت فتح سفارتها في دمشق في نهاية 2018 وترَوج للعلاقات التجارية”.

وأضافت زفاسليسكايا “توصلت العديد من الدول العربية إلى نتيجة مفادها أن الأسد سيبقى.. إنهم مضطرون للتعامل معه”.

————————————

نظام الأسد محاصر بين “قانون قيصر” والضغوط الروسية والخلافات/ عماد كركص

جاء تصريح المبعوث الأميركي إلى سورية جيمس جيفري، الجمعة الماضي، بدخول “قانون قيصر” حيز التنفيذ في يونيو/حزيران المقبل، ليزيد الضغوط على النظام السوري، التي تأتي أيضاً من قبل حلفائه الروس، عبر تلويح وسائل إعلام مقربة من دائرة صنع القرار بعدم صلاحية بشار الأسد كرئيس خلال المرحلة المقبلة، والتلميح إلى إمكانية توصل موسكو وواشنطن إلى صيغة تفضي لتنحية الأسد، ربما للبدء بالتسوية السياسية والدخول في مرحلة انتقالية تنهي الحرب المستمرة.

يترافق ذلك مع تصاعد حدة الخلافات داخل النظام، والتي أخذت تطفو على السطح، لا سيما بعد ظهور واحد من أكبر الواجهات الاقتصادية للنظام السوري رامي مخلوف (ابن خال رأس النظام بشار الأسد) على مواقع التواصل الاجتماعي، ليكشف عن تراجع علاقته مع الأسد، ومحاصرته لتصفية شركاته، بحجج الضرائب والمستحقات المالية المترتبة عليها للدولة، في حين تفيد التسريبات المختلفة أن سبب هذا التباعد هو الدور الذي تلعبه أسماء الأسد، زوجة بشار، لجهة هيمنتها على مفاصل اقتصاد النظام لصالح عائلتها (الأخرس)، وإبعاد عائلة مخلوف التي اعتمد عليها الأسد والنظام طيلة عقود.

وخلال اجتماع عبر دائرة تلفزيونية نظمه “المجلس الأطلسي”، وشارك فيه مستشار الرئيس التركي إبراهيم قالن والسفير الأميركي في أنقرة ديفيد ساترفيلد، أكد جيفري أنه سيتم تفعيل قانون قيصر في يونيو المقبل، ما سيتيح ملاحقة الأفراد والكيانات التي تتعامل مع نظام الأسد. وأوضح أن “الإدارة الأميركية ستبدأ باستعمال قانون قيصر لملاحقة المتورطين مع النظام السوري”. وأشار إلى “مواصلة حملة الضغوط على النظام لجعله يقبل بالحل والتسوية، بما في ذلك استخدام قانون قيصر بقوة ضد حكومة النظام وضد من يدعمونه”، معرباً بذلك عن “قناعة واشنطن بإمكانية الوصول إلى حل سياسي بشرط واحد هو صمود وقف النار في إدلب”.

وأضاف جيفري: “نحن مسرورون لأن جيش النظام وحلفاءه الروس والإيرانيين أوقفوا العمليات العسكرية في إدلب، بعد العمليات التي قام بها الجيش التركي ووقف النار التركي – الروسي”. وطرح تساؤلاً عما إذا “كان النظام سيستأنف هجومه على إدلب لتحقيق انتصار عسكري، أم أن وقف إطلاق النار سيصمد، وسنتحرك في اتجاه حل سياسي للصراع عبر تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254”. وأكد أن بلاده تدعم وقف إطلاق النار، معرباً عن رغبة واشنطن في “البناء على وقف إطلاق النار لحل النزاع، عبر دعم عمل اللجنة الدستورية لتمهيد الطريق لانتخابات جديدة بإشراف الأمم المتحدة”.

و”سيزر” أو “قيصر” هو الاسم الحركي لضابط منشق عن النظام السوري، كان قد سرب آلاف الصور للانتهاكات المرتكبة بحق المعتقلين في سجون ومعتقلات وأفرع أمن النظام، والذي صيغ القانون باسمه، تحت عنوان “قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية لعام 2019”. وتعرّض القانون لعدد من التعديلات قبل التصويت عليه من قبل الكونغرس، كان آخرها في يونيو من العام الماضي، قبل تمريره في مجلسي الكونغرس والشيوخ، وتوقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليه نهاية العام الماضي. وينص على فرض عقوبات على الأجانب المتورطين ببعض المعاملات المالية، أو التقنية، مع مؤسسات “الحكومة السورية”، والمتعاقدين العسكريين والمرتزقة الذين يحاربون بالنيابة عن النظام السوري أو روسيا أو إيران، أو أي شخص فُرضت عليه العقوبات الخاصة بسورية قبلاً، وكل من يقدّم الدعم المالي أو التقني أو المعلومات التي تساعد على إصلاح أو توسعة الإنتاج المحلي لسورية من الغاز والنفط أو مشتقاته، ومن يقدّم الطائرات أو قطعها، أو الخدمات المرتبطة بالطيران لأهداف عسكرية في سورية.

كما يفرض عقوبات على المسؤولين لجهة انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين أو أفراد عائلاتهم. وحدد مجموعة من الشخصيات المُقترح أن تشملهم العقوبات، بينهم رئيس النظام السوري، ورئيس الوزراء ونائبه، وقادة القوات المسلحة، البرية والبحرية والاستخبارات، والمسؤولون في وزارة الداخلية من إدارة الأمن السياسي والمخابرات والشرطة، فضلاً عن قادة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، والمسؤولين عن السجون التي يسيطر عليها النظام، ورؤساء الفروع الأمنية. ويستثني القانون المنظمات غير الحكومية التي تقدّم المساعدات في سورية. وعلى الرغم من اللهجة القاسية للمشروع، فإنه يترك الباب مفتوحاً للحل الدبلوماسي، فهو يسمح للرئيس الأميركي برفع هذه العقوبات في حال لمس جدية في التفاوض من قبل نظام الأسد، بشرط وقف الدعم العسكري الروسي والإيراني له. كما يمكّن الرئيس الأميركي من رفع العقوبات لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأميركي.

وحول تداعيات دخول القانون حيز التنفيذ على بنية النظام الاقتصادية، أشار رئيس “مجموعة عمل اقتصاد سورية” الاقتصادي السوري أسامة القاضي، إلى أن “مصرف سورية المركزي سيكون مشمولاً بالحصار الاقتصادي مع تطبيق القانون، وهذا معناه شلله تماماً، وبالتالي فإن عليه التعامل بأي عملة أخرى غير الدولار وربما اليورو، ما سيسبب إرباكاً كبيراً للنظام”. وأضاف “من جهة أخرى يهدد القانون أي جهة (كيان أو فرد) تتعامل مع النظام، ويعني ذلك أن أي شركة تريد أن تدخل إلى السوق السورية ستتعرض للعقوبات، وليس من مصلحة أي شركة تجميد أصولها في كل بلاد العالم وخسارة الأسواق الأوروبية والأميركية، في حال أقدمت على ذلك”. وأوضح القاضي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “من مميزات القانون أنه حدد سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية السورية بشكل قانوني، تشريعي، بقانون مُلزم لكل رئيس يأتي بعد ترامب، ولن يسقط القانون ما لم يكن هناك حل سياسي كامل”. وأضاف “هذا قد يدفع النظام إلى حسم أمره قبل دخول القانون حيز التنفيذ، أو يكون محفزاً للقوات الروسية في سورية لاتخاذ إجراءات تجاه النظام قبل التاريخ المحدد (يونيو) للمضي إلى حل سياسي، وتستطيع بذلك دول العالم الدخول إلى سورية لإعادة الإعمار. فمن دون الحل لا يمكن أن يكون هناك إعادة إعمار من قبل حلفاء النظام الذين سيستهدفهم القانون بالعقوبات”.

من جهة أخرى، أصدر “المجلس الروسي للشؤون الدولية” تحليلاً، أخيراً، عن السيناريو المستقبلي للأوضاع في سورية، توقع فيه توافقاً تركياً أميركياً روسياً إيرانياً على تنحية بشار الأسد ووقف إطلاق النار، مقابل تشكيل حكومة انتقالية تشمل المعارضة والنظام و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد). وجاء في التحليل، الذي نقلته وكالة “الأناضول”، أن “منظمة روسية، تطلق على نفسها اسم صندوق حماية القيم الوطنية، وهي مقربة من الأجهزة الأمنية ومكتب الرئيس فلاديمير بوتين، تجري استطلاعاً للرأي العام في سورية. وبغض النظر عن مطابقة الاستطلاع للمعايير المهنية من عدمه، فإن الرسالة السياسية من إعلانه، والتي تضمنتها نتائجه، كانت غاية في الوضوح: الشعب السوري لا يريد الأسد”. وأضاف التحليل أن موسكو حرصت منذ بداية تدخلها العسكري في سورية، على الابتعاد عن تصوير نفسها مدافعة عن مصير الأسد. وخلص إلى أن “روسيا تبدو في الآونة الأخيرة أكثر جدية في إحداث تغيير في رأس النظام السوري، لأسباب عديدة، ليس أولها أن الاحتفاظ بورقة الأسد بات يثقل كاهل موسكو”، مشيراً إلى أن من بين الأسباب “تحول النظام من مؤسسات دولة تتبع لجهاز مركزي، إلى مؤسسات مرتبطة بمليشيات تديرها دول وقوى خارجية، ولا تتلقى أوامرها حتى من بشار الأسد نفسه، الذي بات خاضعاً في قراراته لابتزاز تلك المليشيات”.

وحول ذلك، أعرب الباحث المطلع على الشأن الروسي، محمود حمزة، عن قناعته بأن الروس سيتخلون عن الأسد، لكن المسألة في اختيار التوقيت. وأضاف، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “الروس لا يستطيعون التخلي عن الأسد في المرحلة الانتقالية، وهي مرحلة حرجة، لأنهم يخشون خسارة كل مصالحهم في سورية. والروس غير متمسكين بأشخاص، فالأهمية بالنسبة إليهم في هذا الإطار أن يأتي إلى الحكم من يعتبرونه حليفاً لهم، ولذلك تمسكوا بالأسد خلال الفترة الماضية والحالية، كون مصالحهم مرتبطة به، لكن في المستقبل فإن من الواضح أن الأسد سيشكل خطراً على المصالح الروسية، لإن بقاءه يعني عدم الاستقرار في سورية”. واعتبر حمزة أن “الروس والأميركيين يحضّرون البدائل، وسيكشف عام 2021 ذلك، فمن المتوقع أن تخرج واشنطن بمبادرة في هذا الإطار”.

وأضاف “نرى الآن أن قانون قيصر والتصريحات الأميركية تصب في هذا الاتجاه، أي أن هناك مرحلة جديدة آتية، فالقانون عامل ضغط كبير على النظام وحلفائه، وبالذات روسيا وإيران، وبالتالي يجب الإدراك أن الأمور أخذت حيزاً جدياً. ولا شك أن القانون سيدفع باتجاه حل سياسي معين، طبعاً هو وغيره من الأوراق، كتقرير منظمة الأسلحة الكيميائية، بالإضافة للعقوبات على موسكو، وتردي الوضع الاقتصادي الروسي بعد تدهور أسعار النفط، والعديد من العوامل الداخلية الروسية، في مقدمتها تدهور الروبل، وكلها تدفع بهذا الاتجاه”. وتابع “كما أن الروس لم يعد من مصلحتهم الدخول في معارك وأعمال عسكرية، ويرون الآن أن من المجدي الاتجاه نحو الخيارات السياسية، التي تجني لهم الأرباح، فهم بحاجة للمال، ولا شك أن لديهم تفاهمات بهذا الخصوص ستظهر إلى العلن في الأشهر المقبلة”.

وحول ما إذا أرادت موسكو الالتفاف على “قانون قيصر”، لجهة تقديم دعم للنظام عبر “بوابة خلفية”، أوضح حمزة أن “روسيا ليس باستطاعتها ذلك، فالقانون أقره الكونغرس ووقّعه الرئيس الأميركي، والعقوبات الأميركية تلاحق روسيا وستلاحق النظام بعد دخول القانون حيز التنفيذ، ولن يستطيع أحد التحايل عليه”. وتطرق إلى الضغوط الإعلامية الروسية على الأسد، مشيراً إلى أنها تأتي “ضمن الضغط على الأسد لجهة النيل من مقربيه، مثل رامي مخلوف وشقيقه ماهر، بالإضافة للإشارة إلى فساد بشار الأسد ونظامه. ويمكن القول إن الحملة الإعلامية فتحت النار على كافة مفاصل النظام، وهذا لم يحدث صدفة، وإنما بضوء أخضر من السلطة في موسكو، ولو كان بغطاء غير رسمي. لكن حجم الحملة الواسع يُظهر أنها ممنهجة ومقصودة وتحمل رسائل، منها التبرؤ من فساد هذا النظام، وأيضاً الإيحاء بإمكانية التخلي عنه مقابل ثمن سيتم التفاوض عليه”.

العربي الجديد

—————————————–

============================

===========================

تحديث 06 أيار 2020

—————————–

هذا ما انتصر بهزيمة الثورة السورية/ حازم صاغية

صحيح أن الثورة السورية هُزمت؛ لكن ما الذي انتصر؟

أخبار الأسابيع القليلة الماضية متخمة بالأحداث والمعاني التي يمكن إدراجها تحت عنوان كبير: العائلة. والعائلة اليوم تستفرغ إنجازاتها فوق الوطن. هذا هو الجواب عن السؤال أعلاه.

لكنْ قبل استعراض بعض ما حدث، وما زال يحدث، لا بأس بشيء من التذكير بماضي العائلة والقرابات في النظام السوري، للقول إن هذه السمة جوهرية في النظام. إنها النظام.

فإبَّان صراع حافظ وشقيقه رفعت، مطالع الثمانينات، وكان مرض الأول قد فتح معركة الوراثة، وُضعت سوريا بأسرها أمام احتمال حرب أهلية. لكننا، في تلك الغضون، بِتنا مُلمِّين بأسماء أبناء وبنات حافظ ورفعت وشقيقهما الثالث جميل، ومن صاهروا ومن صاهرهم. صرنا نعرف كثيراً عن أذواقهم وطباعهم وأخلاقهم، فضلاً عن العلاقة بينهم، وبينهم وبين أصهارهم أيضاً. صرنا على بينة من الموقع الذي يحتله كل منهم في سلم الرضا والتقريب والتبعيد الذي تمنحه والدة حافظ، ناعسة، ثم زوجته، أنيسة، وموقف الأقرباء اللزاميين حيال كل واحد منهم.

إبَّان الثورة، مع مقتل الصهر آصف شوكت، عادت هذه الأخبار إلى الواجهة. مَن قتل آصف شوكت؟ (مَن يتذكر: من أطلق النار على جي آر؟). ما علاقة بشرى، الأخت، بالزوجة، أسماء؟ وما علاقة أنيسة بالاثنتين؟ وبين شهر وآخر، كانت تهاجمنا الشائعات فيما خص ماهر الذي «يُجرح» أو «يُقتل» أو «يتهيأ للوراثة»، ودائماً يظهر في العائلة من يحبذ هذا على ذاك أو العكس.

على نطاق أضيق، تكرر شيء من هذا حين تباينت مواقف عائلتي الأسد وطلاس. ذاك أن صلة حافظ بمصطفى طلاس كادت تكون عائلية؛ فضلاً عن الحزب الواحد والشراكة في عدد من المؤامرات وفي السلطة، وفي الثروة، كانت الأمثلة تُضرب بصداقتهما. أبناء «سيادة الرئيس» و«السيد وزير الدفاع» ربطتهم علاقات حميمة لم تستثن البيوت والمدارس وأمكنة اللهو.

لكنْ بالطبع، ظلت القصة الأشهر والأكثر ديمومة قصة العلاقة بين عائلتي الأسد ومخلوف، منذ اقتران حافظ بأنيسة. زواجهما لم يكن مجرد زواج: لقد طال الترقي الاجتماعي الذي حل على العريس تبعاً لمصاهرته عائلة أعلى كعباً، وطالت شظايا الزواج علاقة حزبي البعث (الأسد) والسوري القومي (مخلوف). ولم تنجُ القيم من تداعيات الزواج؛ ذاك أن «الوفاء» يقتضي رد الدَّين لمحمد مخلوف، شقيق أنيسة وحبيب قلبها. محمد صار مليونيراً.

هذا العفن هو بالضبط، وليس هزيمة الإمبريالية الأميركية، ما انتصر.

اليوم يسجل هذا العفن نصراً جديداً نقله إلى العلن شريطا فيديو بثهما ابن الخال، رامي، عن ابن العمة، بشار، بعد أيام على انكشاف خبر اللوحة التي اشتراها الأخير لزوجته مقابل ثلاثين مليون دولار.

وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لم تترك مكاناً للحيرة بشأن هذا «العلم» وأبطاله وتفاصيله. وقد لا تكون كل المادة المتوفرة دقيقة بالضرورة؛ لكن المناخ دقيق. تردد – مثلاً – أن محمد، خال بشار ووالد رامي، فر إلى روسيا، وأن ابنه، إيهاب، أقيل من مناصبه. وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اعتُقل 28 من مديري شركات مخلوف. شقيق رامي، ضابط المخابرات وصاحب اليد الغليظة حافظ مخلوف، لم يُسمع عنه شيء؛ لكن أخباره لن تتأخر.

تردد أيضاً أن أسماء، الزوجة، هي التي تشرف على لجنة الاقتصاص من آل مخلوف ونفوذهم، وأنها ترشح ابن خالتها المدعو مهند دباغ للحلول محلهم (يبدو أن شيئاً من جيانغ كوينغ، زوجة ماو تسي تونغ، يختبئ في أسماء).

كذلك تردد، في معرض التداعيات الزلزالية للحدث، أن مشروع زواج بين محمد، نجل رامي، وابنة الشقيقة بشرى، قد أُحبط. بعض المصادر تحدثت كذلك عن السماح لبعض أبناء رفعت، المعروفين بالعداء لآل مخلوف، بالعودة وإقامة مشروعات تجارية في سوريا (وإلا ماذا يفعلون؟!).

المعركة التي سيعاد بموجبها ترسيم الحصص وتوزيعها، لا تخلو من أسلحة ثقيلة. البعض يقول إن روسيا وإيران متورطتان فيها، ما يوحي بأن فروع العائلة وأجبابها ماضية في بناء سياساتها الخارجية وتوجهاتها الدبلوماسية. لكن المؤكد أن التسريب على أشده: فهناك من سرَّب خبر اللوحة المهداة من بشار إلى زوجته، ومن سرَّب، في المقابل، اتهام رامي بشحنة تهريب إلى مصر، ضبطتها السلطات المصرية التي وجدت المواد الممنوعة معبأة في علب حليب تنتجه شركة «ميلك مان» التي يملكها رامي نفسه.

في هذه الغضون، كانت أخبار عائلية أخرى تشغل بال المهتمين: غموض الوضع الصحي لكيم جونغ أون، واحتمالات الوراثة المطروحة هناك. وكما نعلم، ففضل النظام الكوري الشمالي على النظام السوري مزدوج: علَّمه التوريث الجمهوري بعدما أوحى له بفكرة «طلائع البعث».

لكنْ في تلك الغضون نفسها، وفي أول محاكمة من نوعها لجرائم الحرب في سوريا، كان ضابطان سوريان، أحدهما عمل تحت إمرة حافظ مخلوف، يمثلان أمام المحكمة العليا في ألمانيا، بينما الطائرات الإسرائيلية تتمادى في الأجواء السورية لا تردعها «هدنة كورونا».

لماذا كان ينبغي أن تنتصر الثورة؟ يُفترض أن أحداث الأسابيع القليلة الماضية توفر الجواب لمن لم يملك جواباً بعد.

الشرق الأوسط

————————–

مهزلة رامي مخلوف وبشار الأسد/ وائل السواح

كنّا في الحركة السياسية السورية نحار في توصيف نظام آل الأسد الحاكم في سورية. ولبرهة، وجدنا في مفهوم “البورجوازية البيروقراطية” مصطلحا مناسبا لوصف النظام السوري. ولكن هذا المفهوم الذي كان ممكنا في السنوات الأولى من حكم الأسد الأب بات غير واقعي حين أفلت الأسد عقال أقاربه وأنسبائه، وأباح لهم تحويل البلاد إلى مزرعةٍ مستباحة لهم. واقترح بعضنا مقاربة بين نظامي الأسد الأب ولويس بونابرت (نابليون الثالث) في فرنسا (1851 – 1970)، واستندنا إلى ذلك بمقالة كارل ماركس “برومير الثامن عشر الخاص بلويس بونابرت”، والتي ناقش فيها الانقلاب الفرنسي عام 1851 الذي استحوذ لويس نابليون بونابرت من خلاله على سلطات دكتاتورية، مستفيدا من التوازن بين شرائح البورجوازية الفرنسية وعدم وجود شريحة مهيمنة بينها. ولكن الشبه بين حافظ الأسد ولويس بونابرت معدوم تقريبا، فالأخير كان مسكونا بهاجس التقدّم وتحسين الأوضاع الاجتماعية في فرنسا، وهو، على الرغم من تفاهة شخصه، من قام بنهضة اقتصادية باهرة، وكلّف مجموعة من الاقتصاديين والسياسيين، في مقدمتهم الاقتصادي والمهندس وعالم الاجتماع، فريدريك لو بلاي، في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلد، وعينه مستشارا اقتصاديا للدولة، ما أسهم إلى حدّ كبير في نهضة اقتصادية للبلاد.

أحببناه أم لا، سيكون من الصعب ألا نقرّ بأن لويس بونابرت هو من جعل باريس المدينة التي نعرفها، فأعاد بناءها من ظلام العصور الوسطى وحوّلها إلى مدينة مخططة جديدة بأحدث التقنيات المتاحة آنذاك. وأنشأ العديد من الجادات الواسعة المحاطة بالأضواء والأشجار جنبًا إلى جنب مع المباني على طراز الفن الجديد (الآرت نوفو)، كجادة الشانزليزيه الشهيرة. واستخدم

أهم الفنانين والمعماريين، من مثل بارون هاوسمان، لتصميم الحدائق والمدارس ومحطات القطار والمراحيض العامة التي لا تزال تستخدم في باريس. وتم ترميم الكنائس التاريخية بأعمال يوجين ديلاكروا.

وحتى الشبه من حيث سياسة القمع بين الأسد الأب ولويس بونابرت يبدو هزيلا. وعلى الرغم من أن بونابرت قام بممارساتٍ قمعية واستبدادية، غير أنها وقفت عند حدود لم تتجاوز عزل معارضيه، وربما نفيهم، والرقابة على الصحافة، والتلاعب بالانتخابات البرلمانية وحرمان البرلمان من الحق في النقاش أو ممارسة أي نوع من السلطة، من دون أن تتطوّر إلى تعذيب خصومه وحبسهم عقودا وقتلهم وأخذ أهاليهم رهائن، كما فعل الأسد الأب ووريثه. ومع ذلك، فحتى لويس بونابرت نفسه قام بتخفيف هذه الضوابط بعد عدة أعوام، لتنتقل فرنسا إلى مرحلة “الإمبراطورية الليبرالية”.

شخصيا حرت كثيرا في توصيف نظام الأسديْن، وبخاصّة الأسد الأب، الذي كان يتمتّع بذكاء نادر وقدرة هائلة على المناورة، مع قدرٍ مريع من القسوة والوحشية جعلت كلّ السوريين في حالة خوف ورهبة دائميْن. ثمّ جاء الوريث الصغير، فتوضّحت الصورة أكثر.

لعلّ أقرب تشبيه لوصف عائلة الأسد هو البحث عن أوجه الشبه بين عائلته وعائلة دون كورليوني في رواية “العرّاب” لماريو بوزو. العرّاب، دون كورليوني، هو مهاجر إيطالي من أصل صقلي قام ببناء إمبراطورية الجريمة المنظمة في نيويورك. قاتلٌ بارد وزعيم عصابة، ولكنه يتمتّع بلطف بادِ، ويصفه مؤلّف الرواية نفسه بأنه “رجل لطيف، ذو جوهر وتقليد وكرامة وصقلي، رجل غريزي لا يخطئ”.

نظام عائلة الأسد نظام مافيوزي (نسبة للمافيا) بامتياز، ويتمتع بكل سماته المافيوزية، بأسلوبها الأخطبوطي متعدّد الأذرع، ونظامها العائلي الذي يقوم على سلطة الأب، ومن ثمّ من يخلفه، ثمّ يعزّز ذلك من خلال المصاهرة؛ أضف إلى ذلك الفقر إلى الثقافة والتعليم مع الحرص على شراء الشهادات العليا أو سرقتها، وبجذورها الفقيرة التي تعوّض عنها من خلال الإثراء السريع عبر النهب ومراكمة الثروات من خلال استغلال السلطة واحتقار سيادة القانون؛ والسلوك المعادي للمجتمع، وهي السمة التي توحّد تقريبا الشخصية المافيوزية، وتكمل العناصر الأساسية للعقلية المافيوزية.

مشكلة النظام المافيوزي تكبر حين يستلم مقاليد العصابة رجلٌ ضعيف، محدود الأفق، كبشار الأسد، كان مثار سخرية عائلته، ومحطّ تنمّر أخيه باسل الذي قضى في حادث سيارة، واستعلاء أخته الوحيدة وسخريتها منه، وهي التي كانت ترى نفسها مؤهلةً أكثر لقيادة العائلة، لولا العقلية البطريركية. وإذا صدّقنا رواية سام داغر، كان باسل الأسد تنمّر على أخيه الضعيف والخجول

الذي كان يختفي من نادي الفروسية كلّما رأى أخاه مقبلا.

غالبا ما يكون الشخص الضعيف أخطر، إذا تمكّن، لأنه يريد أن يثبت لنفسه وللآخرين العكس. والحال أن بشار الأسد فاق أباه دموية ورعبا وقتلا، بشكل أساسي لأنه يريد أن يزيل صورة الولد الخجول المدلّل الذي كان يستظلّ بأمه، ولا يلحظ أحدٌ وجوده، في حضور أبيه أو أخيه.

المافيوزية هي التفسير الوحيد لانهيار إمبراطورية آل مخلوف التي ما كنا نحسب أن يوما سيأتي ونراها تنهار، وهي التفسير الوحيد للمشهد الهازل الذي بدا فيه رامي مخلوف قبل أيام، وهو يستعطف ابن عمته، ويرجوه أن يأخذ قسما مما لديه ويترك له بعضه. في النظام المافيوزي لا وجود لحق في الملكية، فالمُلك كلّه لزعيم العصابة الذي يعطي من يشاء ويمنع عمّن يشاء. ولا يوجد لسيادة قانون يحدّد الحقوق والواجبات، ويضع الجميع سواسية أمام القانون، وتعود إلى نصوصٍ معيّنة لتبحث في الجريمة والعقاب، فالعرّاب هو القانون، وقوله هو النصّ، وكلمته هي الحكم القاطع والنهائي، فإذا كان هذا العرّاب مشوّشا وضعيفا وخاضعا لقوى خارج عصابته، باتت العصابة كلّها في فوضى، ولا يعلم أحد أيّ مصير ينتظرها، وينتظر من ورائها بلدا حَلَبَتْه وأنهكته وخرّبته، فتركته أرضاً يباباً.

ولذلك ما كان على رامي مخلوف إلا أن يرمي بكل ما لديه على المائدة، ويلعب آخر دور له في المهزلة السورية، ولسان حاله يقول “إما أن نغرق معا أو ننجو معا”، فيُظهِر نفسه بمظهر الضحية، ولم يرَ أفضل من أن يلبس لبوس الورع والتقوى، فيستعيد مرّة ومرّة كلمات مثل “كن مع الله ولا تبالِ” أو “لا حول ولا قوّة إلا بالله”، أو “العاطي هو الله”، ثمّ اختار أن يجلس على الأرض في وضع يذكّر بالمتصوّفة، واختار اللهجة الدمشقية التي يستعملها مشايخ الشام عادة، فبدا بذلك أقرب إلى الذئب الذي لبس ملابس الجدّة، ليخدع ليلى. غير أن ليلى السورية لن تُخدَع من جديد، فذلك عهد مضى وانقضى.

العربي الجديد

—————————–

هل سقط بشار حقاً؟/ عمر قدور

أنعش رامي مخلوف، بظهوره في تسجيلين على وسائل التواصل، الفرضيات حول اقتراب نهاية بشار الأسد. المسألة كما يراها كثر عن حق تتجاوز خلافاً مالياً على بضعة ملايين من الدولارات، والتذرع بكونها ضرائب مستحقة أو غير مستحقة لا قيمة له في ميزان فساد الشريكين، بل هو حتى الآن بمثابة تغطية عليه، أقله حتى يضع رامي تهديداته موضع التنفيذ، إذا كان جاداً بها، وإذا أسعفه دعم ما وظروف مناسبة لذلك.

هل تكون فضائح الفساد مدخلاً لتنحية الأسد؟ هذه الفضائح ليست بجديدة على السوريين، وتحديداً على الموالين منهم، ولم تؤثر في مواقفهم السياسية عندما كان الأسد في خطر إثر الثورة. أقصى ما تصل إليه هذه الشريحة هو الإقرار ضمناً بفساد بشار، ومناشدته شخصياً القضاء على فساد المحيطين به، سواء من باب التقية السياسية أو من باب التسليم بأحقية فساده السلطانية. إلا أن أهم قناعة سورية جامعة اليوم هي كون مصير بشار في أيد خارجية، ولا حيلة لهم الآن أكثر من أي وقت مضى مع وجود قوى احتلال دولية وإقليمية على كامل التراب السوري.

ثمة حرب متعددة المستويات لا يعرف السوريون آفاقها، أو المآل الذي يُراد لها الوصول إليه من قبل قوى ضالعة في السلطة الأسدية. لا يُعرف مثلاً ما إذا كان رامي مخلوف ينطق بعدما شعر باشتداد الحبل حول عنقه، فلم يعد أمامه سوى محاولة تجريب الابتزاز الانتحاري من مبدأ “عليّ وعلى أعدائي”؟ أو ما إذا كان يفعل ذلك مسنوداً بدعم خارجي يُراد به الضغط على بشار، خاصة أمام النواة الصلبة من مواليه؟ الموالون الذين اعتادوا على التسليم لبيت الأسد ليس من إشارة لهم كي يفكّروا في مراجعة ولائهم، إذ لا يُستبعد أن يكون رامي مدفوعاً من طرف خارجي، وأن ينقلب عليه لاحقاً أولئك الذين ورطوه.

لنتذكرْ إحدى الفرضيات التي شاعت الصيف الماضي، حينها تم تداول الأخبار عن استهداف ثروة آل مخلوف من بشار الأسد، وفُسّر ذلك بطلب موسكو تسديد ديون مستحقة مع عجز في موجودات المصرف المركزي. قيل آنذاك أن الحملة طاولت العديد من أثرياء السلطة، لكن لم تظهر آثار الحملة المزعومة، وعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه، أي طوي الحديث نهائياً. خلاف الأسد-مخلوف الأخير ظهر أيضاً بعد حملة في الإعلام الروسي على فساد سلطة الأسد، وتلميح إعلام طباخ بوتين إلى شبكة القرابات المنخرطة فيه، مع التوعد بحرب روسية على الفساد مشابهة لحرب موسكو على “الإرهاب”.

مؤخراً أيضاً، ومن دون الجزم بوجود رابط مباشر، جرى تداول خبر تقديم بشار هدية لزوجته “لوحة فنية” بقيمة 30 مليون دولار، وهو ثمن زهيد بالقياس إلى ثروة آل الأسد بخلاف استغلاله للإضاءة على فساده بينما يغرق موالوه في أشد حالات الفقر. الحدث الذي لم يتم التوقف عنده مطولاً هو ضبط السلطات المصرية شحنة ضخمة من المخدرات ضمن عبوات حليب ماركة “ميلك مان”، حيث وضعت المخدرات في المصنع نفسه الذي أُشيع أن ملكيته تعود لرامي مخلوف. بالتزامن تقريباً، ضبطت السلطات السعودية شحنة ضخمة مماثلة في عبوات من المتة التي تعبّأ في سوريا، ولا يُعرف ما إذا كان ضبط الشحنتين أتى بوشاية ما ضمن تصفية الحسابات التي نشهدها.

قبل حوالى ثلاثة عقود ونصف، شهد السوريون تصفيات ضمن الحلقة الضيقة للسلطة بعد النصر الذي حققته في المواجهة مع الإخوان المسلمين، أبرزها كان النزاع بين الأخوين حافظ ورفعت. بالطبع لا تُقارن مكانة رامي مخلوف بتلك التي كانت لرفعت، لكن، ثمة وجهان للشبه بين اليوم والأمس؛ أولهما التردي الاقتصادي الذي أعقب النصر الأمني القديم والنصر العسكري الجديد، وثانيهما ضلوع جهات خارجية في التصفيات الداخلية للسلطة. في منتصف الثمانينات، أُبعد رفعت الأسد تحت خدعة إيفاده إلى موسكو ضمن وفد عالي المستوى، ليعود الوفد من دونه ثم يُرحّل من هناك إلى منفاه الفرنسي، وتلك عملية لا يمكن حدوثها بغياب التنسيق السياسي والمخابراتي مع كلّ من موسكو وباريس.

في زمن الوريث، تولت طهران ثم موسكو مصير أمراء الحرب، قتلاً على مثال اغتيال هلال الأسد الذي يُنسب لطهران، وتطويعاً بالإشراف الإيراني المباشر، ثم نظيره الروسي الذي أنشأ “الفيلق الخامس” ليضم إليه ميليشيات أمراء الحرب الأسدية مع قسم من الفصائل المعارضة التي أبرمت تسويات تحت مظلة مركز المصالحة الروسي. بمعنى أن الطرفين الروسي والإيراني سيطرا على الشركاء العسكريين المحليين لبشار، ليحتكرا بنسب متفاوتة تهديده أو تهديد استمرار السلالة الأسدية في السلطة. هذه الوصاية المزدوجة بقدر ما تتيح هامش ارتياح لبشار فهي لا ترفع التهديد عن رقبته، خاصة عندما يوضع شخصياً “بمعزل عن التركيبة العسكرية المخابراتية” في الميزان الاستراتيجي للطرفين أو لكل منهما على حدة.

قد يلزم التأكيد على أن الصورة البشعة للأسدية آخر ما يؤرق أقطابها أو حُماتها، أو الموافقين دولياً على بقائها، بمعنى أن خلاف الأسد-مخلوف الحالي لن يضيف سوءاً لطغمة ارتكبت أفظع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إذا لم يكن هذا الخلاف مدبّراً من جهة خارجية نافذة. المؤكد أيضاً أن الخلاف يعكس اهتراء وتفسخ التحالفات القديمة للأسدية، لكنه ليس الاختبار الأقسى الذي تتعرض له، خاصة إذا أُسعفت خارجياً كما حدث من قبل.

تحتمل التطورات الأخيرة، ومنها ظهور رامي مخلوف على هذا النحو، التفاؤل بسقوط بشار، مثلما تقتضي الحذر إزاء الجزم بذلك. مبعث التفاؤل الوحيد أن تمهد التطورات لتداعيات أوسع، وصولاً إلى تعميم القناعة لدى البنية الأمنية بحتمية التغيير، أما مصدر الحذر فهو عدم التعويل على تنحية بشار من قبل موسكو خارج التوافق الدولي الذي أبقى عليه حتى الآن. أشد الاحتمالات تفاؤلاً يشبه ما قاله رامي مخلوف عن نفسه لجهة كونه مُسخّراً ومؤتمناً من قبل الله ومنذراً بعقاب إلهي قادم، على أن يكون مُسخّراً حقاً من قبل مُشغّلين موثوقين بهدف إنزال ذلك العقاب الذي لن يستثنيه.

المدن

——————————

رامي البداية، ورامي النهاية/ ماهر مسعود

منذ “جمعة الكرامة” في 18/03/2011، كان رامي مخلوف هو المستهدف الأول في الشعارات التي هتف بها المتظاهرين في مدينة درعا، وذلك قبل رفع شعارات إسقاط النظام فيما بعد، حيث ردد المتظاهرون بغضب وقتها “حاميها حراميها” و”بدنا نحكي عالمكشوف، يا خالف يمّا مخلوف” وأحرقوا مراكز شركة سيرياتيل في درعا بالإضافة لحرق مبنى حزب البعث، بينما كان الهتاف ضد رامي مخلوف في مظاهرات حماه الكبرى بعد ذلك، جزءاً أساسياً من أغنية القاشوش الشهيرة التي يقول في إحدى مقاطعها “لسى كل فترة حرامي، شاليش وماهر ورامي، سرقوا اخواتي وعمامي، ويالله إرحل يا بشار”. وإن كان ذلك يدل على شيء، فهو يدل على إدراك الشعب السوري للأهمية التي احتلها رامي مخلوف في الدولة الباطنة التي يحكمها الأسد.

معروف هو الدور الهائل الذي لعبه رامي مخلوف تحديداً، في خطة “الإفقار الاقتصادي” التي اعتمدها الرئيس الجديد وقتها عبر ما سمّاه “مكافحة الفساد” و”الشفافية” في خطاب القسم، حيث قضى رامي على “رابطة الفاسدين القدماء”، ونصّب نفسه كملك ملوك الفساد في سوريا، وبات يُقاسم كل شركة أو رجل أعمال؛ سوري أو يريد العمل في سوريا، أرباحه كنوع من الخوّة أو الجزية التي تفرضها عصابات المافيا عادة، وهو ما حصل مع عائلة سنقر “وكلاء مرسيدس في سوريا” على سبيل المثال أو الوليد بن طلال في مسألة “الفور سيزن”. كما قاد مخلوف بنفسه المرحلة النيوليبرالية الاقتصادية في سوريا، التي جعلت 36% من الشعب السوري عام 2004 تحت خط الفقر، وحولت الفساد في سوريا من فساد فردي خاص وسرّي، إلى فساد مؤسساتي عام وعلني وشامل، وطبّعت ما يُسمى بـ”العقد الاجتماعي على الفساد”، ليصبح الفساد هو الحالة الطبيعية الاجتماعية والثقافية التي يشارك بها، بشكل أو بآخر، جميع أفراد المجتمع السوري.

معروف أيضاً الدور الهام الذي لعبه رامي مخلوف بعد قيام الثورة السورية، إن كان من موقعه كقائم على “بيت مال” النظام، أو تكفّله ببناء ورعاية منظومات التشبيح المدني تحت سقف جمعية البستان الخيرية التي كان من مهامها أيضاَ إرسال المساعدات الشهرية لأبناء الطائفة العلوية والاعتناء بأعداد كبيرة من المصابين والمتضررين العلويين، بهدف رصّ الصفوف وشد عصب الطائفة وتماسكها وولائها، وجرّ فقرائها أفواجاً للقتال ضد “الثورة السنيّة” على “النظام العلوي”.

التغير الدراماتيكي الكبير في مكانة مخلوف ضمن الدولة الباطنة جاء تدريجياً ونتيجة عدة أسباب مثل الأزمة الاقتصادية الهائلة التي يعانيها النظام نتيجة العقوبات والتكاليف الضخمة لتمويل الحرب، والديون الروسية التي يقول البعض أن روسيا طالبت بـ 3 مليار دولار منها، ومنها أيضاً نهاية الحلم الروسي الأسدي بالسيطرة على كامل الأراضي السورية بعد الحملة الأخيرة الفاشلة على إدلب والاتفاق الروسي التركي، وهو ما كان معناه القطع النهائي لفكرة إعادة تعويم الأسد وتحصيل أموال إعادة الإعمار المأمولة، لكن ما يقف على رأس تلك الأسباب باعتقادنا هو موت أنيسة مخلوف والدة بشار وعمّة رامي عام 2016، حيث انقطعت أعمق الروابط وأقواها تأثيراً بين عائلتي مخلوف والأسد، وبدأ بروز زوجة الرئيس ذاتها هذه المرة، والصعود التدريجي لأقاربها مثل ابن خالتها مهند الدباغ أو والدها فواز الأخرس أو غيرهم.

إن دور الأمّ في السياسة السورية عبر تاريخ عائلة الأسد كان دائماً أكبر بكثير مما قد يبدو للرائي الخارجي، إن كان من جهة الدور الذي لعبته ناعسة، أم الرئيس الأول، في إنهاء المأزق الذي حصل بين الأخوين رفعت وحافظ عام 1983، وهو ما يمكن مراجعته بقراءة كتيب “ثلاثة شهور هزّت سوريا” لمصطفى طلاس، الذي يسرد بالتفصيل ما حدث بين الأخوين في تلك المرحلة، والذي تم سحبه من السوق مباشرة بعد نشره عام 2001. أو الدور الذي لعبته أنيسة مخلوف في حثّ بشار على مواجهة الثورة السورية بانتهاج سياسة والده ذاتها في مواجهة أحداث الثمانينيات، أو في تدخلها في كيفية التعامل مع عاطف نجيب الذي قام بتعذيب أطفال درعا، وهو أيضاً ابن خالة الرئيس، حيث كان التبرير الذي قدمه الرئيس لوجهاء حمص عندما التقاهم عام 2011، هو أن خالته اتصلت بأمه لتطلب منها الاكتفاء بنقله من درعا بدل محاسبته قضائياً.

إن لجوء رامي مخلوف للبث المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن أزمته، بعد انقطاع السبل التي تصله مباشرة بالرئيس القريب والصديق القديم، ليس موجهاً للرئيس فحسب رغم كل الابتهالات والترجيات التي  وجهها رامي في حديثه المطول، بل هو موجه للطائفة العلوية التي لم يبق أمامه سواها، فهو يعلم أثر المساعدات “الإنسانية” والمالية الكبيرة التي قدمها لأبناء الطائفة طوال فترة الحرب، وهو يعلم أنه قد يصبح ببساطة غازي كنعان جديد وأراد الإعلان عن أزمته للجميع قبل تصفيته بخفاء، وهو يعلم أن أزمته مع الرئيس تختلف ألف مرة؛ داخلياً وخارجياً، عن الأزمة التي حصلت بين رفعت وحافظ في الثمانينيات، ويعلم أنه لا يمكنه اللجوء لأي مكان نتيجة العقوبات التي تطاله شخصياً وأن روسيا التي قد تستقبله هي ذاتها قد تقتله وهي من تريد كل أمواله، وهو يعلم أن النظام كله في طريقه إلى الانهيار ولا يريد أن يصبح كبش فداء لأحد، بل اتجه نحو مبدأ “عليَّ وعلى أعدائي”.

ليست مهمة باعتقادنا كل الاتهامات والاعترافات التي قدمها رامي ضد نفسه وضد نظامه، إن كان من جهة ما قاله عن اعتقالات الأجهزة الأمنية لمدراءه بعد أن كان “الراعي الأكبر” لتلك الأجهزة خلال الحرب، أو ما سمّاه بعضهم “اعترافاته” بأن “الأجهزة الأمنية بدأت تعتدي على حريات الناس”، أو مخاطبته للرئيس مباشرة للتدخل في مسائل يُفترض أنها ضريبية وذلك في تجاوز لكل “مؤسسات” وأجهزة الدولة التي لا يفترض للرئيس التدخل بعملها، أو بمطالبته الرئيس بتقسيط الأموال التي عليه دفعها وكأن المسألة هي دين شخصي بينهما، أو بمطالبته الرئيس بتوزيع تلك الأموال على المحتاجين لكي “يسدّوا جوعهم”، ونعتقد أنه لم يقصد الشعب تحديداً هنا بقدر ما قصد زوجة الرئيس التي يظن رامي أنها خلف المطالبة بتلك الأموال، ولاسيما عندما شدد في الفيديو الثاني على القول “لا يجب أن نسمح للآخرين بأن يمشّوا كلمتهم”.

قد يبدو كل ما سبق مهماً للمتابعين، وهو مهم بدرجة ما، لكن الأهم بالنسبة لرامي نفسه برأينا، هو قطع الطريق على السبل القانونية التي قد يعتمدها النظام شكلياً لاعتقاله أو قتله فالمهلة التي أخذها للدفع تنتهي بـ5 أيار، وهو أيضاً تأليب جمهوره في الطائفة العلوية ذاتها بعد المساعدات الكبيرة التي قدمها لهم، ومحاولة إبراز الدور “السنّي” الذي تلعبه زوجة الرئيس في تفسّخ البيت العلوي الواحد، وأخيراً جعل ظروف إسقاطه “إن حدثت” علنية أمام الطائفة وأمام العالم أجمع.

نظن عبر هذه القراءة أن رامي الذي كان أساسياً في البداية، سيلعب دوراً أساسياً فيما يبدو أنه النهاية، فجميع المؤشرات الداخلية والدولية تدل على أن نهاية حكم الأسد باتت قريبة، والكيفية التي سيعالج بها الأسد أزمته مع رامي مخلوف ستؤثر حتماً وبأكثر من طريقة في تلك النهاية.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي بروكار

بروكار برس

—————————–

رامي مخلوف المسكين…/ جلبير الأشقر

كادت عيوننا تدمع ونحن نشاهد شريطي الفيديو اللذين بثّهما رامي مخلوف: يبدو فيهما كرجل وسيم لا تبين على وجهه السنين (مع أنه اجتاز الخمسين من العمر، لكن العمر نادراً ما يبين على وجه الأثرياء، خاصة إذا حصلوا على ثرواتهم باليَسر)، رجل حزين ومسكين يثير لدى المتفرّج شعوراً بالشفقة وكأننا أمام طفل يشتكي من قيام ولد أكبر منه («دبّ» كما يقول الأطفال في مثل هذه الحالة) بانتزاع لعبته.

ونتصوّر ما قد يلمّ بنا من كآبة لو قام الدباب بمصادرة ذلك القصر الذي كُتبت فوق بابه الرئيسي الأحرف اللاتينية الثلاثة التي يبدأ بها اسم ابن رامي، محمد رامي مخلوف (MRM)، على طريقة تسمية محمد بن سلمان (MBS) ومحمد بن زايد (MBZ)، وتلك السيارات الفخمة الخمس التي صفّها الابن المذكور أمام قصره في وقفة من التباهي بالثروة تليق بعديمي الذوق والحشمة من أصحاب الثروات المنهوبة والموروثة (ما أكثرهم في منطقتنا!). لا بل عمّم ابن رامي تلك الصورة من خلال وسائط التواصل الاجتماعي، فخوراً بامتلاكه كل هذا وغير مبالٍ بوقع صورتها على ملايين السوريين المشرّدين والجائعين والمقهورين والمعدِمين. بل ربّما ظنّ أنهم سوف يشعرون بالغبطة من رؤية تلك العيّنة من ثراء المتربّعين على ظهورهم، مثلما كان يظنّ الملوك والأمراء (ولا زال بعضهم يظنّ) أنهم كلّما بيّنوا لرعاياهم عظمة ثروتهم، كلّما جعلوا هؤلاء الرعايا يشعرون بالاعتزاز، وكأن جميعهم أغبياء.

وقد ذكّرنا رامي مخلوف المسكين بمشهد وليد بن طلال، صاحب المليارات الآخر الذي أدمعنا مصيره لمّا اعتُقل في فندق خمس نجوم، يطالبه هو أيضاً نظامه العائلي بتسديد ضرائب ومستحقات نبتت فجأة كالعشب بعد الغيث في الربع الخالي أو بادية الشام. كان ذلك في إطار حملة ضد الفساد قام بها محمد بن سلمان، شبيهة بالتي يقوم بها الآن بشّار بن حافظ، وكل واحد من الابنين (ما شاء الله!) قدوة للعالم في نبذ الفساد والوصول إلى سدّة الحكم بفضل الامتياز وكسب العيش بعرق الجبين.

ولم يفت المراقبين أن ما يحصل في سوريا أشبه ما هو بمسلسل تلفزيوني، على غرار مسلسل «دالاس» الذي ذاع عالمياً في أواخر السبعينيات من القرن الماضي والذي تدور حبكته حول صراعات تتفاقم داخل عائلة تفوح منها رائحة النفط ويكثر الماكرون والطامعون بين أفرادها. بل نحن محظوظون في منطقتنا بمسلسلين حديثين على ذلك النمط، أحدهما خاص بآل سعود والآخر بآل الأسد، وفي كلتا الحالتين عائلة حاكمة تدبّ الصراعات بين أفرادها وعلى شتّى المستويات. أبطال المسلسل السوري: حافظ وشقيقه رفعت في الموسم الأول وبشّار وابن خاله رامي في الموسم الثاني، وقد نرى موسماً ثالثاً يطال علاقة بشّار بشقيقه ماهر، وهلمّ جرّا. هذا بدون أن ننسى الدور النسائي وبطلته أسماء، زوجة بشّار (المسلسل السوري أكثر تنوعاً في هذا المجال من المسلسل السعودي الذكوري بحتاً).

لخّص شاعر روما القديمة حنكة السلطة بشعار «الخبز والسيرك»، قاصداً أنه من أجل إدامة الحكم بلا قلاقل يكفي للحكّام تزويد الشعب بمستلزمات العيش الأوّلية وإلهاؤهم بمشاهدة الألعاب المسرحية. وها أن حكم آل الأسد يقدّم للشعب السوري بمناسبة حلول شهر رمضان مسلسلاً أخّاذاً جديراً بأحسن ما أنتجته هوليوود. غير أنه نسي أن يزوّد الشعب السوري بالخبز وبسائر مستلزمات العيش البديهية. وفي مثل هذه الحالات، لا يفعل مشهد السيرك، لاسيما إذا كان يدور حول ثروة الحكّام الفاحشة، سوى تأجيج غضب الشعب وكرهه للمتربّعين على السلطة الذين يراكمون الثروات الطائلة، ليس على حساب أموال الشعب وحسب، بل على حساب أرواحه وعلى حساب الوطن بأكمله. وقد أصبحت سوريا كلّها سيركاً على الطريقة الرومانية، مع فارق أن الشعب بدل أن يكون جالساً في المدرّج يتفرّج، هو الذي تفترسه «الأسود» في الميدان.

كاتب وأكاديمي من لبنان

القدس العربي

——————————

«قضية» رامي مخلوف وما تخفيه/ محمد كريشان

«إذا اختلف اللصان ظهر المسروق»… هكذا يقول المثل وهكذا هو واقع الحال الآن في سوريا في قضية رامي مخلوف ابن خال الرئيس وهذه الضجة المثارة حاليا عما يتعرض له من مضايقات تهدف، حسب قوله، إلى الضغط عليه لدفع أموال طلبتها منه الدولة، أو الرئيس أوعقيلته وجماعتها، لا فرق في الحقيقة.

وإذا ما أخذنا بأقوال فراس طلاس ابن وزير الدفاع السوري الراحل فإن رامي مخلوف نجح من خلال إطلالته على مواقع التواصل الاجتماعي في شق وحدة صف الموالين للنظام كما نجح في أن يبادر البعض إلى إثارة تساؤلات حول أسباب استهداف مخلوف والاستيلاء عن أمواله (…) ذلك أن عائلتي الأسد ومخلوف تديران سوريا كأنها مزرعة خاصة وبالتالي فإن ما يحصل بينهما من شد وجذب مرده الخلاف بين أسماء الأسد زوجة الرئيس ورامي مخلوف الذي يخشى على ثروته من الضياع مقابل تعزيز نفوذ حافظ الأسد نجل الرئيس».

لعله لم يكن صدفة أن تستضيف قناة «روسيا اليوم»، وهي المملوكة لأكبر داعم للأسد ونظامه، طلاس الذي قدمته بـ»رجل الأعمال السوري» والذي كان يتحدث من دبي، الملاذ الآمن وفردوس كل الهاربين بأموال منهوبة من كل مكان في العالم، ليقول كذلك إن مخلوف «نجح في مخاطبة عائلات شهداء النظام وشبيحته وإيصال رسالة لهم مفادها أن زوجة الرئيس أسماء وشقيقه ماهر يريدان أن يستوليا على الأموال التي خصصها لهم».

الملفت للانتباه هو أن جهات سورية لا تتردد حاليا في وصف ما يجري بأنه كذلك «صراع روسي مع مخلوف» وفق ما يرى مثلا المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، الذي اهتم بالقول إن اعتقال أجهزة الأمن السورية لعدد من مدراء وتقنيي شركة «سيرياتيل» للاتصالات المملوكة لمخلوف إنما تم «بتوجيهات روسية» بل إن «قوات روسية واكبت حملات الدهم والاعتقال للمدراء والتقنيين» حتى وإن ظل مخلوف طليقا حتى الآن.

إذن نحن أمام خلاف بين فاسدين سوريين على تقاسم مكاسب وأموال منهوبة دخلت على خطه موسكو بقوة سواء بغرض نيل نصيبها من أي حصيلة أو، إذا ما اعتمدنا ما يتم تداوله حاليا، لتحصل على أموال مستحقة لها طلبتها من دمشق وتبلغ 3 مليارات دولار لم يكن النظام قادرا على دفعها، وبالتالي فمن مصلحتها أن تساعده على تدبر أمر الظفر بها ولا تعنيها بقية التفاصيل.

ما ينشر حاليا يريد أن يضع الأمر أيضا في سياق سياسي أوسع وذلك بالاشارة إلى أن مخلوف الذي يقال أنه يسيطر على 60 في المئة من الاقتصاد السوري موّل خلال السنوات الماضية عددا من الميليشيات تدين له بالولاء، وتشكل سندا للنظام، تشكلت من آلاف المقاتلين التابعين لجمعية البستان الخيرية، «وقوات النمر» و«لواء الدرع الوطني» وكانت تعتبر كذلك حليفة لإيران. ووفق نفس التحليل أيضا، فإن روسيا التي دخلت في صراع حول النفوذ داخل سوريا مع إيران، بدأت تضيق ببشار الأسد وجماعته وفي نفس الوقت لم تعد تنظر بارتياح لكل أذرع طهران وحلفائها فشرعت في استبعادها وتحجيمها بل وفي اعتقال قيادات من النظام نفسه عرفت بموالاتها لها.

حجم كبير من التناقضات داخل سوريا بدأت تطفو على السطح الآن وما قضية رامي مخلوف إلا البداية. هدوء الجبهة الداخلية الآن في سوريا في الفترة الماضية سمح لهذه التناقضات أن تبرز وتتفاعل وقد يكون المقبل أكثر إثارة. البعض وضع ما جرى في سياق ما اعتبره محاسبة لأثرياء الحرب وهذا هو الوهم بنفسه. مجرمو الحرب في سوريا هم أنفسهم أثرياء الحرب، أولهم النظام ورأسه، تليه غالبية التنظيمات المسلحة التي التحقت لدعم النظام أو القتال ضده من دول الجوار والمرتزقة، فضلا عن الدولتين اللتين تدخلتا عسكريا لإسناد النظام ومنع سقوطه.

المهم الآن ما عُرف أكثر، مما كان معروفا من قبل، من فساد ونهب في سوريا زادته السنوات الماضية انتعاشا كشأن الحروب والأزمات دائما. لقد فضحت قضية مخلوف غول الفساد في «سوريا الأسد» والذي جعلها تحتل المركز قبل الأخير في قائمة آخر تقرير سنوي لمؤشرات «مدركات الفساد» الذي تصدره «منظمة الشفافية الدولية»، والذي رصد حالتي الشفافية والفساد، في 180 دولة حول العالم لعام 2019. هذا الفساد سيتراءى في الفترة المقبلة أكثر فأكثر وقد يصل إلى مرحلة شديدة القسوة، وحتى الدموية، بين مراكز الفساد المختلفة لأن جميعها باتت تعتقد أنه آن الأوان للنزول من الجبال لتقاسم الغنائم حتى قبل تسديد الفواتير.

صحيح أن ما جرى أظهر سخافة أن يبدو رامي مخلوف مضطهدا يبحث عن العدل ويستاء المسكين من ترويع الناس واعتقالهم، لكن ذلك لا يعني تصدع أركان النظام أو تهاويه الوشيك، فالانقسامات الحاصلة داخل الطبقة الحاكمة في سوريا لن تسهم قريبا في تحقيق انتقال سياسي في البلاد كما رأى ذلك روبيرت فورد السفير الأمريكي السابق في دمشق في مقال له بالأمس.

إنها البداية ليس إلا، فما تقود إليه مثل هذه التصدّعات قد يكون أقوى أثرا من الرصاص والقنابل والتفجيرات. دعونا ننتظر…

كاتب وإعلامي تونسي

القدس العربي

————-

صراع الأسد-مخلوف..خدمة لتركيا/ عائشة كربات

تركيا التي تقبل عن غير قصد وبصمت حقيقة أن النظام السوري سيبقى في السلطة، تفضل التركيز على مسألة إدلب وتحركات وحدات الشعب الكردي عندما يتعلق الأمر بسوريا. بالنسبة لأنقرة، فإن جميع التطورات الأخرى مهمة فقط إذا كانت ذات صلة بهاتين الأولويتين.

الخلاف بين أغنى رجل في سوريا رامي مخلوف وإبن عمته، الذي دمر بلاده وشعبه، بشار الأسد، ليس استثناءً.

لكن المراقبين الأتراك الذين لديهم القليل من المعلومات حول ما يجري في الدوائر الداخلية للنظام، يسألون عما إذا كان هذا النزاع مجرد قتال بين العائلة أو شيء قد يكون له انعكاسات على إدلب أو الوحدات الكردية أو مستقبل البلاد. يتساءلون جميعاً عما إذا كان لهذا النزاع أي علاقة أيضاً بالصراع الروسي-الإيراني المتزايد على السلطة في سوريا.

لقد سئمت كل من طهران وموسكو من فيروس كورونا. إيران تخضع لعقوبات لفترة طويلة، وانخفاض سعر النفط هو مصدر قلق خطير لروسيا التي لا تريد إنفاق المزيد على سوريا، ولكن على العكس تطالبها بدفع الديون.

يمكن لأنقرة أن تفهم أنه في نهاية المطاف، حققت روسيا هدفها الرئيسي في سوريا: استعادة نفسها كقوة إقليمية قوية قادرة على تشكيل مجرى الأمور في الشرق الأوسط. كانت قادرة على توسيع الصدع داخل الناتو من خلال اللعب على الخلافات بين أنقرة وواشنطن. بالنسبة للروس، فإن العلاقة مع أوروبا وحل الأزمة الأوكرانية أكثر أهمية من سوريا وحاكمها. ولكن بالطبع، هناك حاجة إلى تسوية سياسية، أولاً وقبل كل شيء، تسوية ستجلب الأموال الأوروبية لإعادة إعمار سوريا، وإلا، بعد هذه النقطة، ستتحول سوريا إلى أفغانستان بالنسبة لروسيا.

لذلك ليس من المفاجئ أن يطلب الرئيس الروسي الكبير إعادة بعض النفقات من رئيس المافيا المتوسط، بشار الأسد ، الذي يلجأ إلى إبن عمه للحصول على المال الذي لم يكن بدوره، ليحصل عليه من دون إذن من عائلة الأسد.

إلى جانب ذلك، لدى المراقبين الأتراك أسباب للاعتقاد بأن الروس غاضبون لأن الموارد المحدودة في سوريا موجهة بالفعل إلى الميليشيات الإيرانية والمصالح الإيرانية.

صحيح أن كلاً من موسكو وطهران اتفقتا على إبقاء بشار الأسد في السلطة لكنهما لا يشتركان في الرؤية للمستقبل القريب والبعيد للبلاد. الروس غير راضين عن البعد الطائفي للصراع الذي أثارته إيران. بالإضافة إلى أن الإيرانيين هم مصدر فوضى مستمرة في سوريا لإثارة كل من إسرائيل والولايات المتحدة. لكن هذا ليس مستداماً بالنسبة للروس.

بالنسبة لبعض المراقبين الأتراك، من المثير للاهتمام أيضاً ملاحظة تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت الذي قال إنهم انتقلوا من منع ترسخ إيران في سوريا إلى إجبارها على الخروج من هناك. بالتأكيد، لا يمكن القيام بمثل هذه الخطوة إلا بضوء أخضر روسي.

لذا فإن لدى تركيا أسباباً للاشتباه في أن الروس يسحبون السجادة ببطء من تحت الإيرانيين في سوريا وهذا هو السبب في أنهم يطالبون بالمال الذي كان يتم دفعه للميليشيات الإيرانية. إن ملاحظة الصحافة الروسية للفساد في سوريا ونشر قصص مهينة عن الأسد تتعارض مع هذا الشك، ولكن من السابق لأوانه التفكير في أن روسيا مستعدة لاستبدال بشار الأسد على الرغم من الحجج المضادة لبعض الأميركيين الذين يهمسون في آذان أنقرة بأن النظام على وشك أن يتزعزع بسبب الركود الاقتصادي، وهو افتراض تم طرحه أيضاً في البداية وثبت أنه خاطئ.

لكن دعنا نقول أن هذا الخلاف بين أبناء العم هو مجرد نزاع عائلي عادي. هذا سيخلق بعض المساحة لأنقرة للمناورة، أو إذا كان شيئًا أكبر وفي الواقع نزاع بين روسيا وإيران. في هذه الحالة، هو أفضل لأنقرة لأنه سيكون عندها حيز أكبر للمناورة.

لذلك ليس من الصعب تخمين ما يقوله المسؤولون الأتراك المسؤولون عن السياسة السورية في الوقت الحاضر: دعهم يأكلون بعضهم البعض.

المدن

—————-

رامي مخلوف مختبىء في يعفور..والنظام لا ينوي إعتقاله!

شغل مكان وجود رجل الأعمال السوري رامي مخلوف اهتمام الجميع، بعد بثه تسجيلين مصورين خلال ثلاثة أيام نهاية هذا الأسبوع، كشف فيهما عن تفاصيل الخلاف الدائر بينه وبين النظام، والذي تطور على نحو دراماتيكي وبلغ مستوىً لم يكن متوقعاً.

وقالت منظمة “غرونيكا 37” الحقوقية الدولية إن ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد قد يكون موجوداً في دولة الامارات لكن المؤشرات المكانية التي يشير إليه الحيز الذي ظهر فيه امبرطور المال والأعمال الذي بنى ثروته الطائلة بالشراكة مع آل الأسد، تشير إلى غير ذلك.

ورغم أن الكثيرين أكدوا أن رامي مخلوف متواجد حالياً في منطقة “صلنفة” بريف اللاذقية، حيث يمتلك قصراً كبيراً، وأنه يقيم وسط حراسة مشددة وإجراءات احترازية خشية تعرضه للاعتقال، حصلت “المدن” على معلومات من مصادر موثوقة تفيد بوجوده في ريف دمشق.

فيلا رامي مخلوف في يعفور

المصادر أكدت ل”المدن” أن مخلوف يقيم حالياً في الفيلا التي يمتلكها في بلدة يعفور في ريف دمشق، قرب الحدود اللبنانية، وأن هذه الفيلا ليست نفسها التي تحدث عنها السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد في مقاله الذي نشره في جريدة الشرق الأوسط الثلاثاء، وتحدث فيه عن زيارته لرامي مخلوف في منزله الفخم بريف دمشق عام 2011.

وكان حساب معارض على موقع “تويتر” يعتقد أن صاحبه الذي ينشر باسم مستعار من كبار المنشقين عن النظام ومطلع بشكل كبير على تفاصيل داخلية دقيقة قد أشار فجر الثلاثاء إلى أن الفيلا التي تحدث عنها فورد هي تلك التي يملكها مخلوف في مدينة قطنا بريف دمشق الغربي، وهو ما أكدته مصادر “المدن”.

وأشارت هذه المصادر إلى أن الغرفة الصغيرة التي سجل فيها مخلوف المقطعين اللذين ظهر فيهما يومي الجمعة والأحد، هما جزء من هذه الفيلا الشهيرة في بلدة يعفور، وأن من يعرف الفيلا من الداخل بشكل جيد يدرك بسهولة أن هذه الغرفة هي جزء منها، مؤكدة أن رامي مخلوف أراد أن يعرف المقربون منه مكان وجوده من خلال التعرف على التفصيل الصغير الذي ظهر في خلفية الفيديو، وإذا لم يكن قريب الأسد متواجداً في هذه الفيلا الآن، فإن ما لا يمكن التشكيك به أن المقطعين سجلا فيها.

واستدركت المصادر أن مخلوف لا يمكن أن يكون قد غادر هذا المكان بعد إطلالتيه اللتين أثارتا الجدل، وأحدثتا هزة عنيفة داخل النظام، ولن يتمكن حتماً من التنقل بسهولة بعد تصريحاته النارية التي تحدي بها النظام، وحملت تهديدات غير مباشرة لأركانه، ولذا فإنها تعتقد بأنه ما يزال موجوداً في ريف دمشق.

مصادر “المدن” ذاتها نفت وبشكل قاطع أيضاً الشائعات التي تحدثت عن اعتقال رامي مخلوف أو أي من أشقائه، وأكدت أنه لم تجرِ حتى محاولات أو بوادر لاعتقاله، وأن الأجهزة الأمنية اكتفت بمداهمة مقرات عدد من الشركات والمؤسسات التي يملكها، وصادرت وثائق ومستندات، واعتقلت عدد غير محدد من كبار الموظفين لديه، وهو ما أكده مخلوف نفسه في إطلالته الثانية الأحد.

وكانت معلومات قد تحدثت خلال اليومين الماضيين عن وجود رامي مخلوف في منطقة الصلنفة على الساحل السوري، بحماية عشائر من الطائفة العلوية والمئات من رجاله المسلحين الذين انتشروا حول البلدة التي انتقل إليها مؤخراً، كما روجت بعض المصادر لتطويق سلطات النظام المنطقة وقطع الطرق المؤدية إليها، وهو ما نفته مصادر “المدن”، وأكدت أنها معلومات لا أساس لها من الصحة.

وأشارت هذه المصادر إلى أن مخلوف، وعلى الرغم من الشعبية المعقولة التي بات يمتلكها بين الطائفة العلوية، بسبب المساعدات التي دأب على تقديمها خلال سنوات الحرب للأسر الفقيرة من الطائفة، وخاصة ذوي القتلى والجرحى من المقاتلين في صفوف قوات النظام وميليشيات الشبيحة، بالإضافة إلى الخدمات التي قدمتها مؤسساته الخيرية لقرى العلويين في ريف اللاذقية وطرطوس وحماة وحمص، إلا أن الحديث عن تمكنه من بناء قوة عسكرية يمكن أن تحميه، أمر مبالغ فيه ولا يمت للواقع بصلة.

وأشارت هذه المصادر إلى أن قوة الحماية التي تتبع لمخلوف هي عبارة عن كتيبة صغيرة من الحرس المدربين على مستوى عال وتم اختيارهم بناء على مواصفات جسدية صارمة، لكن لا تتجاوز إمكاناتها حدود المرافقة والحماية الشخصية.

وختمت المصادر حديثها ل”المدن” بأنه لا توجد حتى الآن أي مؤشرات جدية على رغبة النظام باعتقال رامي مخلوف، والجهات التي تشن حربها الاقتصادية والمعنوية ضده تعتقد أن الأمور تسير بشكل جيد نحو تحقيق أهدافها في تقويض مكانته والسيطرة على ممتلكاته التي هي محل الخلاف الرئيسي الذي لا خلفيات سياسية أو أمنية لها.

——————-

خفايا مسلسل «الأسد ـ مخلوف»/ نديم قطيش

لم يتوقع السوريون أن دراما رمضان هذا العام ستكون من بطولة النظام نفسه، عبر برنامج تلفزيون الواقع «الأسد – مخلوف».

للمرة الثانية على التوالي يطل رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، والشخص الذي يعد المعادل الاقتصادي في سوريا، في رسالة فيديو، عبر صفحته على موقع «فيسبوك».

سياقات كثيرة تم افتراضها لهذا السجال العلني، ضمن ركني المنظومة التي حكمت سوريا طوال نصف قرن، وهو التفسخ الأخطر والأعمق داخل المنظومة العلوية منذ 1970. فحتى الحالة التي مثَّلها رفعت الأسد، شقيق حافظ، كانت حالة محصورة لم يكن يملك رفعت الأسد فيها إمكانات خاصة مستقلة عن الدولة، كمثل التي يملكها رامي مخلوف اليوم.

بدأ الاضطراب العلني في علاقة مخلوف ببشار الأسد منذ عدة أشهر، على خلفية التنافس على «توزيع المغانم» بين مخلوف وزوجة الأسد أسماء، وعائلتها، تماماً كما فعلت أنيسة مخلوف، زوجة حافظ الأسد مع أسرتها التي ورث رامي مخلوف امتيازاتها. هذا جزء أكيد من حكاية الخلاف. وتطور كلاسيكي في بيوتات النفوذ والسلطة والمال حين تكثر منازلها؛ لكن ليس كل الحكاية.

تطور الاشتباك بين مخلوف وبشار مع توسل الأخير قوانين مكافحة الفساد، وسطوة الأمن، لتجريد ابن خاله من امتيازاته المالية والاقتصادية، والتي بلغت برامي مخلوف أن يستحوذ على أكثر من 60 في المائة من اقتصاد سوريا، المقدر عام 2010 بـ60 مليار دولار، في حين أن واحداً من كل سوريين اثنين يعمل لصالح شركة يملكها مخلوف!

تطالب السلطات السورية، بإيعاز من الأسد، مخلوف بأن يدفع ما يقارب 180 مليون دولار بدل تهرب ضريبي وإخفاء أرباح عن سنوات سابقة، كانت تنبغي مشاركتها مع الحكومة من اتفاق تقاسم عائدات ضمن «سيرياتل» أكبر مشغل هاتف في سوريا.

لكن أحداً لا يصدق أن انشقاقاً علنياً بهذه الخطورة سببه مائتا مليون دولار، لا بالنسبة للأسد ولا بالنسبة لمخلوف.

ما زاد من التشويق لمتابعة مسلسل «الأسد – مخلوف» تزامنه مع انتقادات روسية علنية للأسد، وتشكيك في شعبيته، وفي قدرته على الفوز في الانتخابات الرئاسية المجدولة في العام المقبل.

تتذمر روسيا من الأسد بسبب فشلها حتى الآن في دفع رئيس النظام إلى القبول بتسوية سياسية ودستورية، تلقى حداً من القبول العربي والدولي، وتتيح الانتقال إلى إعادة الإعمار، ما من شأنه تخفيف وطأة تكاليف الحرب على روسيا، وكسبها ما تيسر من عقود مهمة وحساسة ومربحة في الاقتصاد السوري مستقبلاً.

المثير في البعد الروسي (والروسي الإيراني) للحكاية، أن رامي مخلوف يملك علاقات وثيقة مع موسكو التي يقيم فيها والده محمد مخلوف، شريك حافظ الأسد والوجه الدولي لنظامه. ويتنقل عدد مختار من أفراد أسرة مخلوف منها وإليها وعبرها بجوازات سفر روسية. وإليها نقل مخلوف جزءاً من الثروة الخيالية التي تمت مراكمتها على مدى نصف قرن.

على عكس إيران التي لا مستقبل لها في سوريا خارج «الماركة الأسدية» تتمتع روسيا بمرونة أكبر في البحث عن خيارات لها للمستقبل. وقد لا تجد أنسب من اللحظة الراهنة لتثبيت مواقع قوتها وتوسعتها ولو من دون بشار. فدينامية المنطقة تغيرت بعد وباء «كوفيد- 19» لناحية الأولويات والقدرات، وإيران في أضعف حالاتها في الداخل كما في الخارج، في حين أن الأسد يجتر كل سلوكيات الفشل السياسي والإداري في التعامل مع الدولة، مستنزفاً قدرته على اللعب على التناقضات الروسية الإيرانية.

لو أن رامي مخلوف اكتفى بفيديو واحد، لكان من المنطقي اعتبار مرافعته الفيسبوكية إجراء اليائس. أما أن يطل بفيديو ثانٍ أكثر تحدياً في نبرته، معنوناً: «كن مع الله ولا تبالِ»، وألا يكون بوسع أجهزة نظام الأسد سوى اعتقال بعض الموظفين في شركاته، فهذا من علامات إفلاس هيبة النظام التي لا ريب فيها.

وما يثير الاستهجان أيضاً، أن استصراح عدد من الشخصيات السورية العامة، ضد مخلوف، سرعان ما ارتد على أجهزة الأسد، حين نفى بعض هؤلاء ما نُسب إليهم، من دون الخشية من تبعات أن تحسب مواقفهم لصالح مخلوف ضد الأسد!

أما أن يتحدث مخلوف بما تحدث به من مناطق تقع تحت سيطرة النفوذ الروسي، فهو ما من شأنه أن يبعث بالرسائل في كل اتجاه.

من يعرف الواقع النفسي للعلويين في سوريا بعد تسع سنوات من الحرب، فَهِم عبارة «جنى عمري» التي استعملها رامي مخلوف أكثر من مرة في شريطه الثاني.

كان لافتاً في إبدائه الحرص الشديد على مخاطبة الوعي العلوي بشكل غير مباشر. وحذَّر الأسد من أن التمادي في ضرب معادلة رامي مخلوف، العلوي، لصالح نخبة جديدة سنية ترعاها أسماء الأسد، يعتبر تلاعباً بتوازنات النظام ومصادر شرعيته العميقة، ومغامرة بمستقبل المنظومة التي حكمت سوريا منذ نصف قرن.

فالرجل يخاطب غريزة البقاء والرعب عند العلويين الذين يتمتع بينهم بزعامة جدية، حرص على توسعة مشروعيتها عبر «الأعمال الخيرية» وشراء الولاءات، وعلى حساب الأسد في كثير من الأحيان.

لهذه الحظوة العلوية خاصية قلما تظهر على سطح النقاش، هي قدرة مخلوف، نظرياً على الأقل، على استثمار التوتر الداخلي في نظرة العلويين إلى إيران، بسبب برامج نشر التشييع التي ترعاها إيران في أكثر من مكان في سوريا.

كثير من الأسئلة بلا أجوبة الآن: هل هناك مشروع روسي اسمه رامي مخلوف؟ هل الرجل من قماشة يراهَن عليها حتى لأدوار انتقالية؟ هل يُستخدم مخلوف للضغط على الأسد فقط، أم أبعد؟

لا جواب الآن؛ لكن الأكيد أن البحث في ما بعد الأسد، جدي أكثر من أي وقت مضى.

في مقابلة قبل أيام أجراها الزميل إبراهيم حميدي مع المبعوث الرئاسي الأميركي ومسؤول الملف السوري جيمس جيفري، في «الشرق الأوسط»، يقول جيفري: «على دائرة الشخصيات المقربة للغاية من رأس النظام (…) أن تعرف أن لا مستقبل واضحاً أمامهم إذا استمروا في دعم الأسد وتأييده. وحري بهم ممارسة الضغوط من أجل الانتقال السياسي».

خلاف مخلوف – الأسد، لا يُقرأ خارج هذا النوع من التوجهات الدولية بشأن سوريا. المائتا مليون دولار مجرد مزحة.

الشرق الأوسط

———————————

النظام والتنظيمات: صمتت المدافع فتفجّرت الخلافات/ عقيل حسين

في كل الحروب وعلى مدار التاريخ، وُجدت دائماً أطراف رفضت السلام، وعملت جاهدة لإدامة الصراع وعرقلة أي فرص للحل، ليس لأن هذه الأطراف كانت أكثر شجاعة، بل لأنها كانت على ارتباط وجودي بالحرب واستمرارها.

نهاية الحرب يعني نهايتها، لذلك فقد حفل التاريخ بحروب غريبة طالت عشرات السنين، وبعضها استمر مئة عام أو أكثر، والسبب هو أن أطرافاً في هذه الحروب كانت ترفض أن تنتهي المعركة.

في سوريا، كان هناك طرفان هما الأكثر إصراراً على استمرار المعارك، وعملا بجد منذ اللحظات الأولى لاندلاع الأعمال العسكرية على أن تستمر الحرب، وأفشلا دائماً الجهود والمساعي التي بذلت لإيجاد مخارج، ورفضا حتى الهدن وأفسدا العديد منها عبر الخروقات التي تعمد كل منهما ارتكابها لتبرير مواصلة القتال.

الطرف الأول هو النظام ومن خلفه إيران، والطرف الثاني هي الجماعات الجهادية المتشددة، وكلاهما يدرك أن الحرب بالنسبة له تعني مسألة وجود، يستمر باستمرارها ويزول بزوالها، بل ويعرف أنه كلما استعرت المعارك أكثر وكلما وقع ضحايا أكثر، كلما ساعد ذلك على زيادة شعبيته وتنامي قوته، أما توقف القتال فيعني حتماً نهايته.

لذا فإن المتتبع لمسيرة الحرب العسكرية في سوريا، يجد أن هذين الطرفين عرقلا باستمرار كل الجهود التي سعت لوضع حد لهذه الكارثة، بل وإلى اليوم تجد أن كلاً منهما يستميت من أجل تقويض الهدنة المطبقة في منطقة إدلب ولا يخفي تمنيه أن تستأنف عجلة الموت دورانها.

ولولا الأمر الواقع الذي فرضته تركيا وروسيا بالقوة هناك، ولولا خشية الجماعات السلفية الجهادية من جهة، والنظام والميليشيات الإيرانية من جهة مقابلة، من رد الفعل التركي والروسي تجاه كل منهما، والحزم الواضح الذي تبديه العاصمتان لإنجاح الهدنة هذه المرة، لما تأخر الطرفان في تقويض هذا الاستقرار.

نقول ذلك لا على سبيل التحليل والاستقراء فقط، بل وبناء على معطيات مؤكدة أيضاً، إذ لم تتوان روسيا عن توجيه الرسائل الصريحة والمبطنة للنظام وإيران والتي هددت فيها باتخاذ إجراءات عقابية في حال قررا خرق وقف النار في إدلب، حتى إن موسكو أرسلت وزير دفاعها إلى دمشق من أجل التأكيد على ذلك بعد أن تلمست إرادة قوية لدى دمشق وطهران في هذا الاتجاه.

بالمقابل لا تكف حسابات بعض الفصائل الجهادية الموجودة في إدلب على مواقع التواصل عن التهجم على الاتفاق الروسي التركي، وتخوين وتكفير فصائل وقوى المعارضة الداعمة لهذا الاتفاق، أو التي قبلت به أو صمتت عليه، بما فيها هيئة تحرير الشام، واعتبار الهيئة وبقية الفصائل عملاء وأتباعاً للحكومة التركية، التي وصف هؤلاء جيشها “بالعدو الصائل” وصولاً إلى التحريض عليه وعلى بقية الفصائل، رغم أن مجموع عدد مقاتلي تلك الجماعات الرافضة للهدنة لا يتجاوز الثلاثة آلاف، ورغم فشلها في تحقيق أي إنجاز بمواجهة تقدم قوات النظام طيلة السنوات الثلاث الأخيرة الماضية.

والواقع أن كلا الطرفين محق في موقفه، وما الخلافات التي عصفت بكل منهما خلال الشهرين الماضيين الذين توقفت فيهما المعارك، إلا دليل على إدراكهما لحقيقة ما سيكون عليه موقفهما مع نجاح هذه الهدنة.

فما إن هدأت المعارك حتى تفجرت المشاكل الداخلية لدى كل منهما، وعلا ضجيج الخلافات قوياً عند النظام كما لم يحدث من قبل، وإلا فمن كان يتوقع أن تتأزم العلاقة بين آل الأسد وآل مخلوف على النحو الذي باتت عليه الآن، حتى أصبح التراشق علنياً والتهديد المتبادل بينهما والفضائح التي يفجرها كل طرف بحق الآخر بمتناول الجميع، وهذا كله لم يكن ليحدث لو أن القتال ظل مستعراً، وكان طرفا الخلاف سيؤجلان هذه الحرب الداخلية بكل تأكيد تحت شعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة).

على الطرف الآخر بدأت الخلافات تسفر عن وجهها أيضاً لدى الجماعات الجهادية الرافضة للهدنة أيضاً، ولم يقتصر الأمر على هيئة تحرير الشام التي تبدي كثيرا من الواقعية والمرونة، وتمكنت من تجاوز آخر المشاكل الداخلية التي واجهتها باستقالة بعض القيادات فيها ثم العودة عنها، بل انسحب ذلك على قوى أخرى كانت حتى الأمس شديدة التقارب.

فقد أعلن لواء أنصار التوحيد انسحابه من غرفة عمليات “وحرض المؤمنين” التي تضم الفصائل الأربعة التي تدين بالولاء للمنظر الجهادي الفلسطيني الأردني أبو محمد المقدسي، وهي بالإضافة إلى اللواء، تنظيم حراس الدين وجبهة أنصار الدين وحركة أنصار الاسلام.

لم يكتف لواء أنصار بذلك بل وأعلنوا تحللهم من أي معاهدات سابقة تربطهم بالجماعات الأخرى، في تملص واضح من اتفاقية الحماية المبرمة مع حراس الدين بداية عام 2018 الأمر الذي استدعى انتقادات واسعة من قادة الأخير ومن المقدسي ذاته.

ورغم عدم توضح أسباب هذا الخلاف فإن معرفة السبب المباشر لا تضيف شيئاً في النهاية، فالخلافات كانت ستحضر لأي سبب، والانشقاقات هي النتيجة الحتمية لمثل هذه التنظيمات التي لا يمكن أن تجد بيئة حاضنة لها إلا في الحروب والصراعات، لذا فإنها، مثل النظام، كانت من أشد المعادين لأي تهدئة.

لا يلقي النظام وهذه الجماعات بالاً للضحايا الذين يسقطون جراء الحرب المستعرة، ولا تعنيهما بأي حال عذابات السوريين الذين يدعي كل منهما أن حربه التي يخوضها هي من أجلهم، وما يعنيهما فقط هو أن تستمر هذه الحرب بأي شكل، إذ يدرك كل منهما أن توقف الحرب يعني نهايتهما، وخلال أقل من ستين يوماً من الهدوء حدث ما أكد هذه الحقيقة، حقيقة أن الطرفين لا تعنيهما نتيجة الحرب بقدر ما تعنيهما الحرب ذاتها.. كملاذ آمن لهما من الخلافات، ومن الزوال.

تلفزيون سوريا

—————————–

ما يخفيه يحميه.. مخلوف يهدد ويتحدى/ عمر الخطيب

“النسخ الأصلية موجودة في مكان آمن ولن تظهر إلا بحال عدم عودتي” لطالما سمعنا هذه الجملة تتكرر في الأفلام الأميركية التي تتحدث عن العصابات المنظمة أو فساد الإدارات العامة على لسان أحد المنسحبين لسبب ما أو لإحساسه بأن ثمة قرار بتصفيته.. رامي مخلوف في تسجيله الذي ظهر على الفيس بوك كان يردد هذه الجملة طوال الوقت بعدة طرق “لا يمكنكم إنهائي فلدي ملفات تحميني”.

عند مشاهدة الفيديو، 30 نيسان، السؤال الأول الذي يجب طرحه هو لماذا تم السماح لرامي بالوصول لهذه اللحظة التي يتحدى بها بشار علانية ويقوم بتهديده بكل وضوح ومباشرة، بل ويهدم ما يحاول بشار تسويقه عن القانون والمؤسسات.. الخ؟ كيف تمكن رامي من النجاة من مصير سابقيه محمد عمران ومحمود الزعبي وغازي كنعان وآصف شوكت والقائمة تطول.

التصدع في دائرة الأسد الضيقة ليس بجديد، وليس خاصاً به، فقد شهدناه مع والده حافظ الأسد، ولكن الجديد في قضية مخلوف، أن هذا التصدع خرج للعلن قبل أن تتم تصفيته ضمن العائلة كما جرت العادة، والسبب على ما يبدو، بالإضافة للملفات التي يعرفها الرجل، أن كمية الأموال الموضوعة تحت يد رامي ضخمة بحيث لم يتمكن النظام من انتزاعها منه. ولعل ما شهدناه، منذ آب 2019، من فصول لهذه المواجهة، بين مخلوف والأسد، دليل على مكر رامي وتمكنه من حماية نفسه بشكل جيد.

كلام رامي لم يكن موجهاً إلى السوريين، ولم يكن بقصد الاستعطاف، كما رآه البعض، فبساطة الفيديو وجلوس رامي على الأرض واستخدامه للكلام الديني وادعاء التقوى وما إلى ذلك، كان تحدياً لسردية النظام، التي أطلقها منذ ما قبل انطلاق الثورة حول الرجل، فهنا رامي يقول إنه لم يعد موافقاً على أن يكون رمز الفساد الأول، وهو أشار بوضوح خلال كلامه إلى موافقته السابقة، في عام 2011، على أن يكون الشرير. 

كلام مخلوف موجه بشكل أساسي لبشار الأسد طالباً منه وقف مطالبته بدفع الأموال، ومن ثم وجه أمراً إلى الأسد بأن يأخذ هو الأموال بنفسه، كما لو أنه يخاطب زعيم عصابة، بل ووجه تهديداً مباشراً بكشف ما يعرفه وما يخفيه، عند حديثه عما جرى في 2011 والاتفاق على أن ينسحب من الصورة عبر ما ادعاه يومها من تحويل أعماله للنشاطات الإنسانية، ومن ثم تحدث بلغة تهديد واضحة عن الكثير من الملفات التي لن يتحدث عنها الآن.

فصول المواجهة بين الاثنين مستمرة، والطرفان يستخدمان فيها ما تحت أيديهم من أدوات، وحتى الآن لا يبدو الأسد، كما قد نعتقد، الأقوى فهو لم يستلم الإشارة بتصفية مخلوف كما اعتاد مع غيره، والتصفية هي سلاحه الوحيد كما أثبتت الحالات السابقة، وبنفس الوقت تأتي قوة رامي، الذي رفع حدة التحدي من خلال التسجيل الثاني، مما يملكه من معلومات وأموال، وتبقى كلمة الفصل بيد روسيا التي أرسلت من الرسائل الكثير حول غضبها من الأسد، ويبقى مصير مخلوف معلقاً بأوامر روسيا.

تلفزيون سوريا

———————

الأسد ومخلوف.. نزاع في تلميع الإصلاح وتقليم الدوائر المُحيطة/ أحمد منصور

من المؤكد بأنّ تردّي الأداء السياسي المعارض وانزلاقه نحو الهزيمة، شكّل حالة ترقب وانتظار عند الكثيرين من أبناء المجتمع الثائر، حيث أصبحت الأغلبيّة منهم تنتظر فعل دولي وإقليمي، يستعيدوا من خلاله أفقاً جديداً من الممكن حينها أن يشكّل ممرّاً للتغيير، فكيف في ظهور حالة خلاف وتفكيك حاصلة ضمن البنية الداخليّة للسلطة الأسدية.

وتلك إحدى تمنياتنا جميعاً، لأنّها حقيقة تؤدّي لرحيل تلك السلطة النكرة، هذا وبغض النظر عن ضرورة وجود حالة صحيّة اجتماعيّاً وعسكرياً وسليمة أمنياً وسياسياً، قادرة على تعبئة فراغات هذا السقوط حينها.

ولكن وفق الظهور الثنائي والإشكالي، أعتقد مرجّحاً أنّ قيمة ذلك الظهور الكوميدي الذي قدّمه “المناضل المكافح معالي الحرامي رامي”، هو صفر مكعب ضمن تصوّر أنّ هنا معادلة للحلّ السياسي اقتربت، وفق ما افترضه البعض أنّ دمشق قد باشرت في الإصلاح، ضمن ما يسمى عملية بناء الثقة، وتتضمّن حزمة من إجراءات إصلاحيّة واستباقيّة، تبدأ بمحاربة الفساد ونفاذ قوة القانون إلى مراكز الدولة والحكومة ومجتمع تجّار الحرب.

تلك ذاتها الإصلاحات التي صرخت لأجلها حناجر المتظاهرين، ولطالما برع الأسد ومسؤولوه في التهرّب من تنفيذها طيلة العشر سنوات المنصرمة. إذاً، ما وجه الاختلاف في ذلك الإخراج الذي قدّمه “السيد رامي الحرامي”، الذي تنوّعت فيه الاستنتاجات والتحاليل، لدى الكثيرين من المُنشغلين والمهتمين في الشأن العام، والذي على ما يبدو أنّ ابن مهندس وخازن سلطة الأسد “رجل التضحيات رامي الحرامي”، قد استطاع أن يحقّق الهدف والغاية المرجوة من هذا التلقّف.

إنّ من يفهم عقليّة هذا النظام تتكوّن لديه القدرة على إدراك الغاية المرجوّة من هذا الإخراج، أي “فيديوهات رامي، التعيب، المظلوم، الحرامي”، ومرجعيّة السلوكيات التي لطالما اعتادت السلطة الأسديّة على ممارستها، أمام أبناء المجتمع السوري، بل وحتى العالم، لذا أعتقد أنّ هذا السلوك كان يؤدّي غايته في وقت وتاريخ مضى، وهذا طبيعي سابقاً في مجتمع يعاني أغلبه من شلل نصفي في التفكير، لذا أغفلت السلطة بمفكريها المشلولين ذهنيّاً، أنّ هناك حقيقة، مصدرها الاختلاف في زمكانية هذا التصوير، الذي لم يعد يأخذه منع المصداقيّة، في مجتمع بات يتواجد فيه الكثير ممن امتلكوا البناء المعرفي والخبرات، حتّى أصبحوا قادرين على فهم واكتشاف معظم تلك السلوكيات، بل وتفسيرها وتحليلها وفهم ما يخطَّط من وراء ذلك، وهذا حقّاً يشكّل التعبير الصريح عن وجود إرادة مستمرّة تمضي من أجل الوصول إلى التغيير، والتي تنعكس إيقاعاتها وفق ثقافة مغايرة عن ثقافة الأغلبية ممن اختاروا البقاء والاستمرار في كونهم مجرد قطيع يتغذّى على ما يُلقى له، ومتلقّف ما يسمعه من ناي ذلك الراعي الفاسد.

وما يشهده الجميع تتيح التناول له وفق عقليّة السوري اليوم، وليس على نمط ذهنيّة الأمس القريب، من حيث طبيعة هذا الظهور الذي لم يستخدم فيه النظام موظف أو مستخدم، كما لم تسبقه أيّ إشاعة تؤكد أو تنفي صحة ما جاء في هذا الخروج الأعوج، مما يوصلنا إلى رأي مُختلف نوعاً ما عن معظم تلك الآراء والتحاليل والتوقعات التي عقبت هذا التكتيك، غير المبرّر للرأس الثاني في النظام، والأول في السلطة نفوذاً، مالاً، ملفات متشابكة ومعقدة، وهنا أُشير إلى وجود إعادة تموضع جديد لأفراد السُلطة في السُلطة ذاتها، وأعتقد أنّه يمكننا قراءة ذلك من خلال عدّة حقائق توضح الأهداف المُختبأة خلف هذا الإخراج.

وأزعم بأنّ الحوار في ذلك الفيديو وما تبعه يؤكّد أنّ زعامات السلطة المقتة، باتت تدرك أنّ هناك بركاناً من غضب قادم إليهم لا محال، وهذا يستدعي خطوات مُسبقة تحميهم من لهيب الجياع الذي بدأت شرارته تنطلق في أحاديث الشارع العلنية، توضّح ملامحه طبيعة ذلك الانفجار، الناتج عن الجوع والفقر المدقع الذي أصاب حاضنته الرئيسة، إضافة إلى بقيّة المُجتمع المُختطف والمتواجد ضمن مناطقه.

وهنا لا بد من توضيح فكرة هذا الظهور الثنائي “لرامي الحرامي”، والذي عقبه ظهور مُباشر لهرم السلطة الفاسدة “بشار الهبول”، ويوجد اقتباس من شخصيّة سوريّة أعتدّ بفكرها ((إنّ هذه التمثيليّة تقع ضمن إطار تقليم الأظافر للدوائر المحيطة بالسُلطة وولاءاتها، إضافة إلى تلميع صورة الإصلاح، في محاولة تبدو على أنّها أكثر من لعبة وأقلّ من خلاف)).

إذاً، لا بد أنّ التصوّر والفهم البسيط لتلك العقلية المُتذاكية، يشكّل وجهة نظر موضوعيّة، أزعم أنّها تحتاج إلى الالتقاط من أبناء الحراك الوطني السوري، المُتجليّة حول ضرورة تفويت الفرصة على النظام الديكتاتوري في محاولته لاحتواء هذا الانفجار المجتمعي، وكذلك حرمانه من فرصة إعادة توجيه هذا الغضب نحو عدد من موظفي الحكومة وبعض مدراء المؤسسات العامة وتجار السوق المحلي، على اعتبار أنّ هؤلاء وحدهم من كانوا السبب في زيادة المعاناة اليوميّة للسوريين خلال فترات الحرب، كما تحديد مسؤوليتهم في احتكار الموارد الرئيسة والمواد الغذائية والاستهلاكية والتحكّم في تسعير كامل البضائع، بالإضافة إلى الإعلان عن محاسبة كل من منح الغطاء والحماية لهم، سواء من موظفي النظام أو الأمن والجيش والشرطة، وكشفه النوايا الموجودة لدى هؤلاء بحسب زعمه، والسبب الكامن وراء تكديسهم للثروات، على اعتبار أنّ الهدف هو تمكين أنفسهم، أيّ التجار، ومن يحميهم بأنّهم قوة نفوذ خارجة عن سلطة وسياسة دولة الأسد.

ووفق هذا الإطار أجزم بأنّ تمثيليّة مخلوف باتت واضحة المعالم والهدف الرئيسي منها، إعادة توجيه شرارات الغضب المجتمعي والتحكّم باتجاهاته المُغايرة، مما يحقّق لسلطة الأسد عدّة مُكتسبات، أهمّها إعادة تموضعٍ وتمركزٍ أقوى للسلطة، مما يمنحها نفوذاً أوسع، وكذلك اكتِساب حماية متجدّدة مرجعيتها الحاضنة المحلية له، كما تُشكّل فرصة زمكانية من شأنها إعادة تشديد القبضة الخاطفة للدستور والدولة وعموم المجتمع وخصوصاً الجيش، وإعادة تسخير ذلك الاختطاف وعبر الميليشيات الأمنية إلى خدمته وحمايته هو وعائلة السلطة فقط، وكل الوارد هنا يأتي نتيجة متابعة حثيثة وعميقة لعقلية التذاكي التي يحترفها ذلك النظام، وإدراك أساليبه وطريقة تعاطيه مع النصائح التي يقدّمها له حلفاؤه وكذلك أصدقاؤه، حول ضرورة البدء في خطوات وإجراءات إصلاحيّة وعبر قرارات تحدث ضجيجاً وتعاطياً إعلاميّاً شأنه الحديث عن إصلاح حقيقي يقوده هو، أي ما يسمّى “رئيس سوريا المدعو بشار الأسد”، والذي يبدأ من انتهاء أدوار لشخصيات ووظائف وتفكيك للمحسوبيات المحسوبة ضمناً على الدوائر الضيقة في السلطة، وهذا تماشياً مع ضرورة مساندة التقدّم الذي حقّقه حلفاؤه له على الأرض خلال السنوات الأربع الماضية إلى الآن، وهذا يحتاج إلى قرابين والتضحية بمن استنزفوا أدوارهم الوظيفية وبدؤوا في تشكيل عبء عليه، وبحسب مقولة (مين يلي بدو يحاسب على الليلة)، وهل هناك من يستطيع أن يدفع ويُحَاسب أكثر من طبقة الأغنياء الجدد من مدنيين وأمنيين؟.

لذا لا بدّ من طريقة ما، تؤدّي إلى رفع حصانة أفراد من السلطة عن تلك الدوائر، لتبدأ لاحقاً المساومة أو التسوية معهم على نسب من المكتسبات التي حققوها في الحرب، ومن المؤكد أنّ جميع هؤلاء حينها سيدفع وبصمت، إضافة إلى احتمال استبعادهم واستبدالهم بأشخاص وأسماء جديدة لزوم مسرحية الإصلاح ودون أي صراخ وضجيج، فظاهرة محاسبة “رامي مخلوف” ورفع الحصانة عنه ماثلة أمام أعينهم في ذلك الظهور التمثيلي، مُتناسين بذلك حقيقة قائمة بأنّ “سعادة رامي الحرامي” كشخص وعائلة هو عمليّاً أقوى وأكبر من سٌلطة بشار وعائلته وزوجته.

لذلك أجد أنّه لا بد أن يكون هناك فهم في سلوك النظام، ومحاولاته الدائمة إلى تسخير كل قضايا المجتمع السوري المختطف لصالح تعزيز سلطته المقتة، التي ماتزال قائمة طالما أمراء وتجار السلطة والحرب والتدمير متوفرون، وهي فرصة تاريخية تتيح له تحميل كافة ما حصل في سوريا قبل وأثناء الثورة وصولاً للحرب إلى بعض المسؤولين من سياسيين وضباط استخبارات وجيش وشرطة وتجّار.

لذا علينا أن لا نذهب كثيراً باتّجاه كل هذا التهويل، أو محاولة البعض، السياسي والنخبوي، التعويل على مجرد فيديو، يُظن فيه أنّه بداية النهاية لتلك العصابة، تاركين خلفنا جوهرة سقوطه في تحميله المسؤولية الأكبر عن كل الإجرام الحاصل والقتل الذي ارتكب بحق ّالمدنيين والعزّل.

عزيزي السوري، إنّها عائلة وعصابة في الأساس بحكم المنتهية، ولكن الظرف الدولي لم ينتهِ من استغلال جشعها في حب السلطة وحقدها على الآخرين، مقابل أجندات أمن وجيوستراتيجية في عموم منطقة الشّرق الأوسط المُتأخّر حالياً والجديد الحداثي مُستقبلاً.

ليفانت – أحمد منصور

—————————–

الخبر الساخن من دمشق/ فايز سارة

الخبر الساخن من دمشق، لم يصل بعد. لكنه سيصل في غضون الأيام القليلة المقبلة، ليضع نقاطاً على حروف في صراع، يتواصل بين آل الأسد وآل مخلوف، وكلاهما في النواة الصلبة للنظام الحاكم، حيث يتحكم آل الأسد في السلطة، ويتحكم آل مخلوف في الاقتصاد، وقد شهدت الأيام القليلة الماضية، تصعيداً في الصراع، وإخراجاً له إلى المجال العلني والمباشر، وهو أمر شديد الأهمية، فيما تتواصل فيه أقوال وإجراءات، أخذت طابع الشد المتبادل من الطرفين، وسط الإصرار على تصعيد الضغوطات، خصوصاً الأمنية من جانب آل الأسد، ممثلين بأدواتهم من مؤسسات النظام وأجهزته، وسعي لتهدئة مشروطة من جانب آل مخلوف عبر تسجيلين مصورين لرجل الأعمال رامي مخلوف.

أساس الصراع الذي تصاعد في الأشهر الأربعة الماضية، قصة معروفة، بدايتها رفض رامي مخلوف طلباً من الرئاسة بتسديد مبلغ للروس هو جزء من تكلفة الحرب، بحجة عدم توفر السيولة المالية، ما استدعى رداً عنيفاً، شمل قيام جهاز الأمن الرئاسي بحملة تفتيش وتدقيق لأغلب الشركات والمؤسسات العائدة لرامي مخلوف، وإجراء تحقيقات مع عاملين فيها، أعقبها القيام بوضع اليد على بعض الشركات والمؤسسات؛ أبرزها شركتا الخليوي «سيرتيل» و«TMT»، و«جمعية البستان»، وقد تأسست الأخيرة بداية الثورة في عام 2011 للقيام بأعمال خيرية من أجل الشعب السوري، ثم وجد مخلوف أن بين الأعمال الخيرية للجمعية، تأسيس ميليشيا من عشرات آلاف المسلحين للقتال إلى جانب النظام ضد المتظاهرين المطالبين بالحرية والعدالة والمساواة.

وللحق، فإن هجمة آل الأسد، قبل أشهر، بدت عامة، شملت شخصيات ومؤسسات مقربة من النظام، وقد تضرروا جميعاً بتسويات مختلفة، لكن الأهم في الأضرار كان من نصيب شركات ومؤسسات مخلوف، وهذا طبيعي، لأنها تمثل نحو 60 في المائة من إجمالي بنية القطاع الاقتصادي ونشاطاته، وقد أدت الحملة ضدها إلى مصادرة أموال وموجودات في بعض شركاتها، وإغلاق مكاتب، بينها مكاتب «جمعية البستان»، ثم مطالبتها شركة الهاتف الخليوي «سيريتل» بتسديد مستحقات لخزينة الدولة تبلغ 233.8 مليار ليرة سورية، تعادل نحو 334 مليون دولار قبل الخامس من مارس (أيار) 2020، ما دفع رامي مخلوف لبث شريطه المصور الأول، مطالباً بالتعامل بلين مع ظروف شركة الخليوي، لكن طلبه رفض، وتم تأكيد ضرورة السداد تحت طائلة التصعيد الذي جاء في إطاره اعتقال نحو 30 شخصاً من إداريي وتقنيي شركة الخليوي «سيرتيل»، وهو ما أثار مخلوف وكان حافزه لإصدار شريطه المصور الثاني، جدَّد فيه مناشدة الأسد وقف الإجراءات ضد شركاته، مذكراً بما تم تقديمه من خدمات للنظام، وأجهزته الأمنية، في السنوات الماضية، مضيفاً إلى ما سبق سيره إلى النهاية في مواجهة ما اعتبره انتهاكاً لحقوقه.

حدود الخبر الساخن المنتظر من دمشق، أنه يتصل بمآل الصراع بين الطرفين بعد الإشارات والتصريحات المتبادلة، وسط غياب ظاهر لأي أفق لتسوية بين الطرفين، حيث يملك النظام إرثاً كبيراً في التعامل مع متمردي بيت النظام، بينها تجربته مع أنصار رفعت الأسد، التي قام بفصل مهم فيها باسل الأسد، ثم تجربته في ردع تمردات بعض أبناء العمومة، التي قاد بعض معاركها بشار الأسد، قبل أن يصبح رئيساً، مما يعني أن أرجحية حل النظام للصراع الحالي سيتم بالقوة، وقد تضمن شريط رامي مخلوف المسجل استعداده للذهاب إلى هذا المستوى، رغم أنه ما زال يراهن على تسوية توافقية.

ورغم أن مسار القوة في الخبر الساخن المنتظر من دمشق هو المرجح، فإن ثمة عوامل تحيط بالصراع الجاري، يمكن أن تؤثر على احتمالاته، فتجعله في واحد من اثنين؛ حل بالقوة يجرد فيه مخلوف من كل شيء، وهو المرجح، وحل توافقي يستجيب فيه مخلوف لمطالب النظام، وهذا ضعيف، والأضعف منه أن تتمخض الظروف المحيطة عن حل ثالث مختلف نتيجة تدخل دولي كبير.

إن الأبرز والأهم في العوامل المؤثرة على خاتمة الصراع وأولها، أن الصراع سيكرس انقساماً جديداً في النواة الصلبة للنظام، ويعزز تمدده إلى الدائرة الأوسع في حاضنة النظام، سواء كانت الحاضنة الطائفية – العشائرية، أو حاضنة المؤيدين، التي لا شك أن للمتصارعين فيها أنصاراً، بغض النظر عن حصة كل منهما، كما أن الصراع سيؤدي إلى مزيد من التدهور في القطاع الاقتصادي، الذي تسيطر فيه شركات مخلوف على جزء مهم منه، ما سيفاقم مشكلات الاقتصاد السوري المدمر نتيجة صراعات السنوات التسع الماضية، وسيؤدي إلى آثار اجتماعية في أوساط مؤيدي النظام من العاملين في شركات ومشاريع مخلوف البالغين عشرات ألوف الأشخاص، وسينضم إليهم جزء كبير من أقرانهم، الذين تم صرفهم من ميليشيا «جمعية البستان»، التي حلها النظام مؤخراً، واستولى على مقراتها.

وإذا كانت العوامل الداخلية مهمة في تأثيرها على مسار الصراع الجاري، فإنه لا يجوز إهمال العوامل الخارجية. ذلك أن الصراع في أحد أسبابه، يعود إلى رفض مخلوف تسديد مبلغ من فاتورة الحرب لروسيا، التي تصنفه في عداد المرتبطين بإيران، وقد كانت موسكو طرفاً محرضاً ضده، فيما أوضاع إيران الداخلية، تزداد تردياً، ووجودها في سوريا يواجه تحديات صعبة؛ أبرزها تدني إمكانات تمويل أنشطتها هناك، وتزايد نقمة السوريين عليها، وسط تحميلها مسؤولية انتشار فيروس كورونا، وتعرضها المتواصل مع حلفائها من «حزب الله» والميليشيات الشيعية لقصف إسرائيلي متواصل، تتجنب وتعجز عن الرد عليه، فيما حليفها الروسي يلتزم الصمت حيال سياسة إسرائيل، ويتابع عمليات تمدده في سوريا، ولجم التمددات الإيرانية، متابعاً تعريضه بالأسد وعائلته وحكومته.

ويستحق العامل الأوروبي – الأميركي إشارة خاصة فيما يفرضه من تأثيرت على إجمالي الوضع السوري، وبالتالي على الصراع داخل نواة النظام الصلبة، وقد شدد الأميركان والأوروبيون، في الأشهر الأخيرة، ضغوطاتهم على نظام الأسد وحلفائه، فكان في نصيب الأول، إضافة إلى العقوبات، التي ستتصاعد مع «قانون سيزر»، افتتاح أول محاكمات لضباط أمن سابقين في ألمانيا بتهم ارتكاب جرائم حرب، ما يعني فتح ملف جديد للنظام، فيما تستمر واشنطن في سياسة تصعيد ضد إيران، وتتابع تصعيد عقوباتها على طهران وموسكو.

وقبل الخاتمة، فإن ثمة إشارة لا بد منها، تتعلق بجواب عن سر «الثقة العالية» التي كان يبديها رامي مخلوف في حديث الشريطين المسجلين، واستعداده للذهاب إلى الصراع، حتى آخره، وما إذا كان لهذه الثقة صلة بالموقف الأوروبي – الأميركي، خصوصاً أن مخلوف هو أخف أهل البيت الداخلي «خطيئة»، وقد يكون الوجه المقبول للتعامل معه.

الشرق الأوسط

———————–

في أقل من شهر..ثلاثة تطورات قد ترسم مشهداً جديداً في سورية

يشهد الملف السوري خلال هذه الأيام، تسارعاً مهماً في الأحداث والتطورات، فرضته الدول الإقليمية من جهة، والأطراف الفاعلة على الأرض من جهة أخرى، فضلاً عن صدامٍ ظهر للعلن، داخل بنية النظام، وتركيبته العائلية المُهدَّدةِ بالتفكك، بين رأسه بشار الأسد، وواجهة امبراطوريته الاقتصادية، رامي مخلوف.

وفيما يعتبرُ ظهور مخلوف بهذه الطريقة، حدثاً كبيراً للغاية، في نظامٍ لم تظهر خلافاتُ أقطابهِ إلى العلن، إلا نادراً جداً طيلة نصف قرن، فإن من شأن ذلك، بالتزامن مع أحداث تتسارع في تسلسلها الزمني، خلال أقل من شهر، أن يفرض مشهداً جديداً في سورية؛ خاصةً على المسار السياسي، الذي شهد سباتاً تاماً مؤخراً، على حساب العمليات العسكرية على الأرض، وانشغال العالم والدول الفاعلة بأزمة انتشار فيروس “كورونا”.

ومع دخول عام 2020، وتقلّص نسبة المساحات الجغرافية المشتعلة بالعمليات العسكرية، اتجهت الأنظار، إلى مسار “الحل السياسي”، وإمكانية المضي فيه، بعد تسع سنوات من الثورة السورية، وألمحت إلى ذلك الدول الفاعلة؛ خاصةً روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، واللتان ماتزالان تخوضان لعبة “شد حبل”، كخطوة لرسم خريطة سياسية وعسكرية جديدة للبلاد.

هجمة إعلامية روسية

التطور الأول الذي شهدته الأيام الماضية على صعيد الملف السوري، هو الهجمة الإعلامية الروسية على النظام، ورأسه بشار الأسد، والتي جاءت مفاجئة، وأعطت صورة عن حالة “تذمر” روسي من الأسد، واصفةً إياه بـ”الفاسد” اقتصادياً، وغير القادر على إدارة سورية في الوقت الحالي.

تصدّر الهجمة الروسية، وسائل إعلامية مقربة من “الكرملين”، بينها وكالات ومواقع إخبارية وصحف، ولعل أبرزها “وكالة الأنباء الفيدرالية”، إذ كانت السباقة بنشر المقالات المهاجمة لرأس النظام، وهي  مقالات غير مسبوقة بنبرتها الهجومية، وعبّرت بشكل أو بآخر عن “مرحلة طلاق” وصل إليها الحليف الروسي مع الطرف الذي يدعمه (نظام الأسد)، لتتبعها تقارير نشرتها صحيفة “برافدا” تحدثت فيها عن فساد نظام الأسد “الضعيف”، وكذبت روايته عن معارك البادية مع “تنظيم الدولة”، التي أعلن عنها أواسط أبريل/نيسان الفائت

ورغم عدم وضوح الأهداف الأساسية من الهجوم الإعلامي الروسي على نظام الأسد، حتى الآن، على خلفية الزخم الكبير من التحليلات، إلا أن الشيء الذي حظي بشبه إجماعٍ من المراقبين لتفاصيل الشأن السوري، هو فكرة أن الجانب الروسي أرسل من خلال هجمته عدة رسائل إلى رأس النظام، للضغط عليه وتحجيمه، بهدف تحصيل مكاسب، وخاصةً في القطاع الاقتصادي، الذي تحاول عدة شركات روسية، فرض هيمنتها الكاملة عليه، بعد سنوات من “دفع فواتير” العمليات العسكرية على الأرض.

بشار الأسد مع وزير دفاعه ونظيره الروسي فلاديمير بوتين – (وكالة تاس)

بشار الأسد و وزير دفاعه مع الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم – ديسمبر/كانون الأول 2017 – (وكالة تاس)

إيران.. من اللجمِ إلى الطرد

التطور الثاني الذي شهده الملف السوري، في الأيام الماضية، هو التصريحات الإسرائيلية، المؤكِدَةِ مُجدداً، بدايةَ ما قالت تل أبيب سابقاً خلال 2020، مرحلة طرد إيران من سورية بشكل كامل، بعد الضربات المتسلسلة السابقة، الهادفة للجّمها فقط.

وفي 28  أبريل/نيسان الماضي، كان وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بينيت قد قال لصحفيين في إذاعة “إف إم 103” رداً على سؤاله عن استمرارية الضربات الجوية في سورية: “أجعلوا آذانكم مفتوحة.. سوف تسمعون وترون بأعينكم.. سنستمر بضرب إيران وانتقلنا من مرحلة إيقاف التموضع في سوريا بشكل واضح وجذري إلى أن نخرجها بشكل كامل”.

وأضاف بينيت: “الجيش عندنا، جنباً إلى جنب مع نشاطه في مكافحة (كورونا)، لا ينام ولا يهدأ، بل ينفذ عمليات أضخم بكثير من الماضي وبوتيرة أعلى بكثير من الماضي. وهو يحقق النجاحات في ذلك”.

وجاء حديث وزير الدفاع الإسرائيلي قبل ساعات من قصف إسرائيلي استهدف مواقع لنظام الأسد في محيط منطقة السيدة زينب قرب العاصمة دمشق، وذلك كأول ضربة تستهدف هذه المنطقة.

ويعتبر تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد(الذي تحدث بمثله في فبراير/شباط الماضي) بشأن استراتيجية “محاربة إيران” في سورية، تحولاً جذرياً، بعد نحو أربعة أشهر من اغتيال قائد “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، قاسم سليماني، بضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد.

مرحلة ما بعد سليماني.. إسرائيل: بدأنا طرد إيران من سورية

وعقب تصريح وزير الدفاع الاسرائيلي الأخير، استهدفت إسرائيل بعدة غارات جوية، مواقع عسكرية لنظام الأسد والميليشيات الإيرانية، أولها في محيط دمشق، ومن ثم في محافظة حمص والجنوب السوري، وصولاً إلى آخرها، اليوم الثلاثاء، في محيط مدينة حلب، وفي ريف مدينة دير الزور، بالقرب من البوكمال الحدودية.

تشقق البنية.. مخلوف “المُنهار”

إلى جانب التطورين السابقين، فرض رجل أعمال عائلة الأسد، رامي مخلوف،  مشهداً جديداً في سورية، خلال الأيام الماضية، بعد ظهوره بتسجيلين مصورين في “فيسبوك”، تحدث فيهما عن ضغوط يتعرض لها، لإبعاده عن المشهد الاقتصادي لسورية.

ومع وجود تكهناتٍ وتحليلاتٍ كثيرة حول الحدث، فإن المؤكد، أن ظهور مخلوف بهذه الطريقة، شَكلَ صفعةً إضافية لصورة و”هيبة” نظام الأسد، التي ترتجُ منذ سنوات، وتتهشمُ تباعاً؛ خاصة أنها تأتي في سياقٍ تتسارع فيه تطوراتٌ عديدة، وترشحُ فرضياتٌ؛ بينها تفككُ بنية التحالف العائلي للنظام.

إضافة لذلك، فإن مسألة مخلوف الحالية، تأتي وسط الحديث عن ترتيبات يقوم بها الجانب الروسي، للسيطرة على مفاصل الاقتصاد، وإبعاد الشخصيات المعاقبة دولياً، والتي تقف كعقبة كبيرة في سبيل التقدم خطوة للأمام.

ويقول مسؤولون غربيون، إن مخلوف لعب دوراً كبيراً في تمويل الأسد خلال “الحرب”، ما اقتضى تشديد العقوبات الغربية عليه، وهو أمر أكده بنفسه في التسجيل المصور الأخير، قائلاً: “هل أحد يتوقع أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف.. اللي هي أكبر داعم للأجهزة الأمنية، وأكتر راعي لهم أثناء الحرب؟”.

———————————–

رامي مخلوف.. سقوط المحرّم الرابع/ خضر الآغا

في سوريا حفظنا عن ظهر قلب المحرمات الثلاث: الدين، الجنس، السياسة. تلك التي أشار إليها بوعلي ياسين في العام 1974 في كتابه “الثالوث المحرّم”. ثم رحنا نعتاد على محرمات أخرى مع المضي في حكم الأسد: الجيش، الأمن، النفط، ثم ثروات المسؤولين والقريبين منهم.

هكذا كانت تزداد دائرة المحرمات اتساعًا بحماية أجهزة أمنية فظة وهمجية منتشرة كالصئبان على امتداد الجغرافيا السورية. إلا أن كل تلك الدوائر المحرمة تقع في إطار / وتنبثق عن المحرّم الأكبر في مستوطنة العقاب الأسدية وهو السياسة، فبقي الثالوث ثالوثًا حتى العام 2000 بدايات حكم الأسد الابن، حيث  ظهر فجأة محرّم رابع (من خارج منظومة الحكم السياسية والأمنية) هو رامي مخلوف الذي ظهر أولًا مع شركة الاتصالات “سيرياتل” العائدة له قبل أن يتكشف كمالك لأكثر من 60 % من الاقتصاد السوري عبر مئات الشركات التي يملكها، أو يملك حصة الأسد فيها، أو أسهمًا بمقدار متفاوت.

وقد شاع أنه ليس سوى الواجهة الاقتصادية لبشار الأسد، وقد تأكد ذلك لدى السوريين عبر منع تداول اسم رامي مخلوف في الصحافة ووسائل الإعلام منعًا باتًا تحت طائلة الملاحقة الأمنية، وكذلك منع تداوله شفاهيًا الأمر الذي جعل الحديث عنه يتخذ طابعًا سريًا كما لو أنه منشور عن عصيان!  ففي العام 2001 تم سحب جريدة الثورة من الأسواق نتيجة وجود تحقيق أجراه أحد الصحفيين عن “سيرياتل” وكان قد نُشر خطأً، ثم عوقب الصحفي بنقله إلى قسم آخر ومنعه من إجراء تحقيقات صحفية من أي نوع!

وفي 17/ 2/ 2001، وجّه عضو مجلس الشعب السوري مأمون الحمصي إلى الحكومة سؤالًا عن عقود الخليوي المشبوهة، وقد كلفه ذلك، إضافة إلى مواقف سياسية أخرى، تجريده من الحصانة البرلمانية وسجنه محكومًا بخمس سنوات، ثم هروبه خارج البلاد ليستقر به الحال في كندا بائعًا للحليب والكعك! وقد روى الحمصي في لقاء تلفزيوني أن رامي مخلوف قال له بعد إثارة الموضوع في مجلس الشعب: هناك أناس يضربون رؤوسهم بالصخر فتنكسر رؤوسهم والصخر لا ينكسر. في إشارة إلى أنه سيتم تكسير رأسه لو أعاد إثارة الموضوع.

تابع رجل الأعمال السوري وعضو مجلس الشعب آنذاك رياض سيف إثارة قضية الخليوي وكشف عن وثائق تدل أن الشعب السوري سيخسر 200 مليار ليرة سورية جراء إبرام عقود الخليوي (كانت الليرة السورية تعادل خمسين دولارًا) وكان ذلك في 26/ 3/ 2001. الأمر الذي كلف رياض سيف تجريده أيضًا من الحصانة البرلمانية وسجنه خمس سنوات.

لكن القضية لم تتوقف، حيث قام المفكر والخبير الاقتصادي عارف دليلة بإلقاء محاضرة بعنوان “الاقتصاد السوري: مشكلات وحلول” في 9/ 9/ 2001 وكانت قضية الخليوي من محاورها الرئيسة، فكلفه ذلك سجن عشر سنوات.

وغير ذلك الكثير مما تعرّض له سوريون جراء ذكر رامي مخلوف أو شركة سيرياتل أو شركة الخليوي الأخرى في سوريا MTN. نتذكر كسوريين أيضًا أنه في29/ 1/ 2011 أنشأ بعض السوريين مجموعة أطلقوا عليها اسم “منتوفين، موظفين وعاطلين، من موبيلاتنا منهوبين”، ودعت المجموعة إلى اعتصام سلمي أمام مجلس الشعب ضد نهب شركتي الخليوي الوحيدتين في البلد للناس. وعند ذهاب الناس للاعتصام في 3 / 2 / 2011 قامت أجهزة الأمن بتفريق المعتصمين واعتقال بعضهم.

بقي رامي مخلوف اسمًا محاطًا بالتحريم إلى أن ظهرت مؤخرًا بوادر خلافات مالية بينه وبين بشار الأسد ناتجة ـكما يشاع ـ عن أن روسيا طلبت مستحقاتها أو بعضًا منها من الأسد جراء حمايته من السقوط وهي مبلغ 3 مليار دولار، وعندما أظهر عدم امتلاكه المبلغ، طلبت تسديده من رامي مخلوف، وهنا بدأت القصة، حيث امتنع عن السداد.

في هذه الأثناء برزت وجوه جديدة في شبكة الفساد المالي التي تشكل عصب الأسدية، فقد ظهر ابن خالة أسماء الأخرس (زوجة بشار الأسد) مهند الدباغ الذي فيما لو اعتلى عرش الاقتصاد السوري مكان مخلوف فإنه سيسدد المبلغ، فتدخلت زوجة الأسد لإزاحة مخلوف وإحلال ابن خالتها مكانه. ذلك التبديل العائلي لم  يكن واردًا حدوثه قبل وفاة “العقل المدبر” للنظام وهي أنيسة مخلوف (والدة بشار الأسد وعمة رامي مخلوف) التي سبق أن تدخلت حاسمة الصراع بين حافظ الأسد وأخيه رفعت الأسد 1984، والتي بقيت عائلة مخلوف متحكمة بالقرار الاقتصادي وبالمكانة الاجتماعية والسياسية بفضلها.

وقد سمتها تقارير غربية “الملكة” من حيث تأثيرها على القرار السياسي للأسدية، لاسيما قيادتها الحرب على السوريين منذ الثورة على نظام ابنها الذي أسّسه زوجها قبلًا! بوفاتها انفرط عقد آل مخلوف ليصعد مكانهم آل الأخرس، وتحل أسماء الأخرس محل أنيسة مخلوف بميلشيا اقتصادية تتبع لها.

لجأ رامي مخلوف كردّ، أو جزء من رد على كل ذلك إلى ظهور إعلامي لإحداث شرخ وإعادة اصطفاف في البيئة المؤيدة، عبر تركيزه على أعمال خيرية مزعومة قدمها لبيئته، وعلى قيامه بتأسيس ميليشيا داعمة للنظام، وغيره مما ذكره في ظهوراته التي اتسمت بالتهديد بالكشف عن “آخرين” يعملون معه ويعمل لحسابهم، وقد تم تفسير ذلك أنه يشير إلى بشار الأسد وآخرين من قلب النظام بوصفهم أصحاب المال! مشيرًا إلى معركة قد تنشب في حال الاصرار على إزاحته.

بذلك، تحول المحرّم الرابع إلى مستباح، ليس في الإعلام والمشافهة فحسب، بل ميدانيًا أيضًا، حيث يتم الحديث إعلاميًا وعبر وسائل التواصل عن مداهمات واعتقالات وملاحقات للمجموعات القريبة من رامي مخلوف، ولمداهمة شقته (إحداها) ومزرعته (إحداها) وغير ذلك…

الترا صوت

——————-

==========================

=========================

تحديث 07 أيار 2020

————————-

قصة رامي مخلوف من الصعود إلى السيطرة… والاختبار، خبراء سوريون يقارنون ظهوره بقصة رفعت الأسد في الثمانينات/

إبراهيم حميدي

تحمل الإطلالة التلفزيونية لرامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، الكثير من الرمزية المبطنة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، من حيث الشكل والمضمون والتوقيت… والسياق التاريخي القريب والبعيد.

الظهور في تسجيلين مدتهما 25 دقيقة، لا يحيد عن سياق الدور المعلن والمضمر خلال 25 سنة. قاعدة الانطلاق كانت أنه ابن محمد مخلوف «أبو رامي»، شقيق أنيسة زوجة الرئيس الراحل حافظ الأسد. ثم، دخل في مرحلة «المهندس رامي» بعد تخرجه في الجامعة. أما الصعود الاقتصادي، فبدأ نهاية التسعينات. وخلال العقد الماضي، عُرف بـ«الاستاذ رامي». كان رجل الظل والصفقات الكبرى. لم يكن مغرماً بالشاشة والواجهات العلنية.

ما الذي استدعى أن يغيّر رامي طقوسه ليطلّ تلفزيونياً «نصيراً للفقراء» ويناشد «سيادة الرئيس» التدخل لإنصاف «الذين كانوا موالين… وما زالوا»، منتقداً «الآخرين»؟

– الصعود

كان لمحمد مخلوف، شقيق أنيسة زوجة الرئيس الراحل حافظ الأسد، دور محوري غير مرئي في الاقتصاد السوري. انطلق من «مؤسسة التبغ – ريجي» الحكومية ليتجذر في رعاية صفقات اقتصادية كبرى خصوصاً في قطاع النفط من الإنتاج والتصدير في منتصف الثمانينات. كان «العرّاب الخفي» للاقتصاد وغيره، فيما ركز الأسد على البعدين العسكري والسياسي الأمني في بنية النظام.

مع التغير البيولوجي – الجيلي في الأسرة والنخبة الحاكمة، انتقل دور الجيل الجديد لأبناء المسؤولين من «الشراكات» في الشركات إلى قيادة قطاع الأعمال الخاص في النصف الثاني. كان أبرزهم «المهندس رامي»، فبدأ في «راماك» المختصة في «السوق الحرة» على البوابات الحدودية البرية والجوية.

بالتزامن مع وفاة الرئيس الأسد وانتقال الحكم إلى الرئيس بشار الأسد، اتجه رامي إلى قطاع الاتصالات الواعد. وبعد مفاوضات ومحاكمات واختبارات، حازت «سيريتل» وشركة أخرى منافسة هي «إم تي إن» من الحكومة السورية، على ترخيص «بي أو تي» في 2001، وباتت الشركتان تحتكران قطاع الاتصالات وعائداته. وقتذاك، تعرض باحثون ونواب سابقون، بينهم رياض سيف، لضغوط يعتقد معارضون أنها بسبب إثارة هذا العقد والاقتراب من «الخط الأحمر». كان عقد «سيريتل»، القاعدة التي اتسعت منها مجالات عمل واهتمام شركات مخلوف، لتشمل معظم قطاعات النفط والمال والمصارف والسياحة والتجارة، في مواكبة لمرحلة الانفتاح الاقتصادي الانتقائي في البلاد في بداية الألفية. الانفتاح، الذي يعتقد خبراء أنه ضَيّق حجم الطبقة الوسطى وركّز الثروة لدى عدد قليل وخصوصاً شركات مخلوف، كأنه أكل من القاعدة الشعبية التقليدية للنظام وأربك «العقد الاجتماعي» القائم خلال ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسد. ويذهب بعضهم إلى اعتبار هذا سبباً رئيسياً في احتجاجات 2011.

– أول اختبار

أطلق عليه منافسوه ومعارضون سياسيون «الوكيل الحصري لسوريا». حسده من أراد «حصة في الكعكة». انتقده من أراد طريقاً آخر للبلاد، سياسياً واقتصادياً. وكان أبرز المعارضين للمفاوضات التي كانت تجريها الحكومة مع الاتحاد الأوروبي لتوقيع «اتفاق شراكة» تضع قيوداً لمنع «الاحتكار الاقتصادي». تراكمت انتقادات وملاحظات وتحذيرات إزاء اتساع دوره، من قطاعات عائلية وطبقية وسياسية واقتصادية، فكان أول اختبار يحصل معه. وفي 2004 غادر إلى الإمارات وبقي هناك بضعة أشهر. وقال مسؤول اقتصادي سابق: «تلك السنة كانت الأفضل على صعيد تدفق الاستثمارات الخارجية إلى سوريا».

رامي قابل الاختبار بالصمت. حاول الاستثمار في الإمارات من دون ضجة. حصلت موجة أخرى من الضغوط الاقتصادية ودخلت سوريا في عزلة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، في 2005. توفرت شروط، داخلية وخارجية، استدعت عودته إلى البلاد وتوسيع دوره الاقتصادي. الهدف، كان نسخ «التجربة اللبنانية» في سوريا بما فيها المصارف التي كانت رئة الاقتصاد السوري. وبرز مصطلح «بيرتة (بيروت) دمشق». أي، لدى خروج الجيش من لبنان، سعى البعض إلى صنع «لبنان سوريا» في سوريا لتعويض ما فقد جراء الانسحاب خصوصاً في القطاع الاقتصادي – المالي. أسس رامي مع «شركاء» آخرين شركة «شام القابضة» في 2006 للإشراف على إدارة التوسع الهائل للدور الاقتصادي. ويوضح المسؤول: «كان مخلوف يسيطر على نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي الذي كان نحو 62 مليار دولار أميركي. لكنّ دوره في القرار الاقتصادي كان أكبر من هذه النسبة بكثير».

– «اعتزال الغرام»

لدى اندلاع الاحتجاجات في 2011، ظهرت لافتات وشعارات ضد دور رامي، الاقتصادي وشركة «سيريتل»، ومطالبات للرئيس الأسد بتقييد ذلك أو محاسبته. ترددت روايات عدة من معارضين أو منشقين، حول دور بيت مخلوف في اختيار النظام «الحل الأمني» وخطاب الرئيس الأسد في نهاية مارس (آذار) من ذلك العام، فيما تحدث مسؤولون أن الاحتجاجات كانت منذ البداية «جزءاً من مؤامرة خارجية».

كانت هناك لقاءات غير علنية لمخلوف مع مسؤولين غربيين، منهم السفير الأميركي الأسبق روبرت فورد، وسفراء أوروبيون بينهم الفرنسي إريك شوفاليه. كان رامي ووالده قد استضافا جون كيري عندما كان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس. وفجأة، في منتصف ذاك العام وعلى غير عادته، كانت لرامي إطلالتان: الأولى، في مقابلة مع الصحافي الراحل أنطوني شديد في «نيويورك تايمز»، قال فيها: «لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا»، أي ربط أمن إسرائيل باستقرار سوريا. الأخرى، إعلانه «اعتزال الغرام» والتنازل عن ممتلكاته لـ«أعمال خيرية»، في إطار استيعاب الاحتجاجات السلمية بعد تسميته في المظاهرات. لكن نشطاء ومعارضين تحدثوا عن استمرار دوره ومساهمته في دعم قوات الحكومة عبر وسائل عدة، بينها «جمعية البستان» برئاسة سامر درويش وتنظيمات قاتلت إلى جانب قوات الحكومة.

– الأخ الأصغر

لعب الشقيق الأصغر لرامي، العقيد حافظ مخلوف رئيس فرع أمن دمشق التابع لإدارة المخابرات العامة، دوراً محورياً في مواجهة الاحتجاجات والاعتقالات وترجيح «الخيار الأمني». هناك من اعتقد أنه كان من «الحلقة الضيقة» وأنه دفع مرات عدة ضد وجهات نظر مسؤولين في النظام، كانت تقترح حلاً سياسياً للأزمة. وفي 2014، أُعفي العقيد حافظ من منصبه. غادر بعد ذلك إلى روسيا لفترة ثم عاد «بعد سماح» إلى دمشق، لكنه بقي هو ووالده محمد يقضيان وقتاً واسعاً بين موسكو وكييف بفضل علاقات أمنية وسياسية واقتصادية مع متنفذين في روسيا. هناك من يعتقد بوجود صلة مع يفغيني بريغوزين المعروف بـ«طباخ بوتين»، المعروف بتأسيس مجموعة «فاغنر» التي قاتل عناصرها في أماكن الصراع والتدخل الروسي لتجنب انخراط الجيش مباشرة وتكرار تجربة أفغانستان. لم تُعرف الأسباب الحقيقية للانزعاج من حافظ مخلوف وعزله. تحدث معارضون عن سعيه للعب دور سياسي ما في دمشق بتنسيق مع أطراف روسية وقبول قوى غربية، ضمن «محاصصة طائفية» برعاية خارجية تتضمن توسيع صلاحيات رئيس الوزراء السُّني وتقليص صلاحيات الرئيس العلوي.

– لاعبون جدد

في 2015، نقل رامي مخلوف ترخيص «سيريتل» من «بي أو تي» إلى رخصة بالتعاقد مع «الهيئة العامة للاتصالات» الحكومية. ونقل موقع «روسيا اليوم» قبل أيام عن باحثة اقتصادية سورية أن تعديل صيغة العقود المبرمة مع شركتي الهاتف النقال في البلاد «فوّتت على الخزينة أكثر من 338 مليار ليرة (نحو 482 مليون دولار)».

وبين عامي 2015 و2020، ظهرت عوامل جديدة. من جهة، واصل مخلوف دوره الاقتصادي الخلفي ودعمه لـ«جمعية البستان» بتوفير رواتب مساعدات لمصابين في الحرب وأسر عائلات في الجيش والأمن وفقراء في الساحل السوري و«أحزمة الفقر» حول دمشق والمدن الأخرى التي تضم عائلات موظفي مؤسسات الدولة من جيش وأمن وغيرها وتقديم امتيازات مالية لرجال متنفذين، إضافة إلى تمويل تنظيمات عسكرية قاتلت إلى جانب قوات الحكومة. كما واصل دعمه لـ«الحزب السوري القومي الاجتماعي» الذي بات ممثلاً في الحكومة.

في الوقت نفسه، بدأ بروز دور لرجال أعمال جدد خصوصاً من لبّوا الحاجات الجديدة للنظام مع تراجع الدور المرئي لمخلوف. كان بين الصاعدين مجموعة قاطرجي ووسيم قطان وسامر الفوز الذي اشترى حصص فندق «فورسيزونز» من مخلوف وآخرين. وتركزت أعمال هؤلاء في استيراد مواد غذائية ومشتقات نفطية بتسهيلات إيرانية، وصفقات نقل النفط من مناطق سيطرة حلفاء أميركا شرق سوريا ومناطق الحكومة. كما برز دور رجال أعمال شباب، بينهم محيي الدين مهند دباغ ويسار إبراهيم، في عقود لعل أبرزها واحد لتشغيل الهاتف النقال في سوريا مع شركة إيرانية تابعة لـ«الحرس الثوري»، وعقد آخر يتعلق بـ«البطاقة الذكية» التي تضبط مشتريات المواطنين.

عندما تحدث رامي في إطلالته التلفزيونية الثانية عن «الآخرين»، ربما كان يشير إلى هؤلاء. وأمام بروز «أمراء الحرب»، أدرج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مخلوف والفوز وآخرين على قائمة العقوبات. وبعد غياب عن الضوء لسنوات، عاد مخلوف لعقد اجتماعات شركة «شام القابضة» في العام الماضي.

– تفكيك شبكات

في أغسطس (آب) الماضي، اتخذ الرئيس الأسد إجراءات صارمة ضد شبكات مخلوف وشركاته. شمل ذلك، «جمعية البستان» وحل جناحها العسكري، حيث كانت تعطي المقاتل راتباً يصل إلى 350 دولاراً، ما يعني أضعاف راتب الجندي النظامي. وقيل وقتذاك، إن «جمعية البستان» تستطيع الاستمرار في «العمل الخيري»، فيما أعلنت «الجمعية» أنها «كانت وما زالت وستبقى جزءاً من الشعب، في تقديم يد العون لكل محتاج ومريض، رديفةً للجهات الحكومية. فالجمعية نهضت بدعم ورعاية قائد الوطن السيد الرئيس، واشتد عودها فمدّت يد العون للآلاف من الأحبة وساعدتهم في محنهم».

إجراءات التفكيك، شملت الذراع السياسية. تبلغ عناصر في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» تعليمات بفقدان مميزات كانت قد مُنحت لهم في الفترة الأخيرة، بسبب الدور البارز لآل مخلوف المعروف تاريخياً بتأييده أفكار الحزب ما أسهم في تمدده في مفاصل رئيسية وتكوين ميليشيات قاتلت إلى جانب قوات الحكومة، ذلك بعدما كان الحزب شبه محظور في السنوات السابقة، بسبب معارضة «البعث» الحاكم. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصدرت محكمة الاستئناف قراراً بحل «الحزب السوري – جناح الأمانة»، الذي كان قد أسسه رامي في 2011، وخاض انتخابات مجلس الشعب في 2012 بدعم من «جمعية البستان» وحصل على مقاعد في البرلمان.

في نهاية العام الماضي، أمام تراجع سعر الصرف جرى توجيه انتقادات إلى رامي لـ«عدم المساهمة في وقف التدهور» وسط اتهاماته له بتصريف مبالغ طائلة من عائدات «سيريتل» وغيرها في لبنان يومياً. طلب «المصرف المركزي» من رجال الأعمال تقديم دعم لإنقاذ الليرة، لكن المبالغ المحصلة كانت قليلة جداً لم تصل إلى طموح «التوجيه» بجمع نصف مليار دولار. فاستمر انخفاض سعر الصرف وزاد الانهيار بسبب العقوبات والأزمة المالية في لبنان.

عادت حملة مكافحة الفساد وملاحقة رجال أعمال. وتم فتح ملفات ضد رجال أعمال ومسؤولين سابقين وحاليين. وتحدّث الرئيس الأسد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي في نهاية أكتوبر عن مكافحة الفساد في المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص. وقال: «في القطاع الخاص، طلب من كل من هدر أموال الدولة أن يعيد الأموال (…) نريد أموال الدولة أولاً قبل أن نلاحق ونحوّل إلى القضاء». وفي 23 ديسمبر (كانون الأول)، صدرت سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال بينهم مخلوف وزوجته وشركاته. ووجهت لهم تهم التهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال سنوات الحرب. وأصدرت مديرية الجمارك قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال مخلوف. وفي بداية العام، فتحت ملفات تتعلق بالفساد في شركة للنقل الجوي. وفي 17 مارس 2020 أصدرت وزارة المال قراراً بتجميد أمواله بسبب علاقته بشركة مختصة بالنفط.

– «رسائل فاغنر»

هبّت في منتصف أبريل (نيسان) رياح إعلامية قاسية من موسكو، حيث لكل كلمة معنى، على دمشق والرئيس الأسد. تضمنت مقالات واستبيان رأي جاءت من طرف مؤسسات تابعة لـ«مجموعة فاغنر» الذي يملك مقاتلين واستثمارات في سوريا ومعروف قربه من الرئيس فلاديمير بوتين، وجرى «تطعيمها» لاحقاً بمقالات حادة في صحيفة «برافدا» وعلى مواقع فكرية رصينة. الحملة جاءت بعد زيارة خاطفة لوزير الدفاع سيرغي شويغو، تضمنت نقل «رسائل قاسية» من الرئيس بوتين، تتعلق بضرورة التزام دمشق بالاتفاقات العسكرية الموقعة بين بوتين ورجب طيب إردوغان حول إدلب وألا تستجيب دمشق لتشجيع من دول عربية على فتح معركة مع الأتراك وفصائل موالية لهم في شمال غربي سوريا.

كما جاءت الحملة وسط انتقادات روسية لعدم التزام دمشق بالتفاهمات الروسية – الإسرائيلية – الأميركية، ورغبة موسكو بتقييد دور إيران في سوريا وتحديد ملامحه وسط استمرار الغارات الإسرائيلية وانتقال تل أبيب من «مرحلة احتواء إيران إلى إخراجها من سوريا». كما سربت وسائل إعلام روسية معلومات عن صراع اقتصادي في سوريا بين شركات روسية وأخرى تدعمها إيران واعتراض شركات روسية وتنظيمات بعضها تابع لـ«فاغنر»، بسبب عدم توفر عائدات مالية موازية للتدخل العسكري، خصوصاً في قطاعات حصص النفط والغاز والصفقات الاقتصادية.

وفي مقابل تمسك مواقع بحثية روسية وخبراء محسوبين على الخارجية ومؤسسات أخرى، بالحديث عن الأسد بوصفه «الرئيس الشرعي للبلاد وأسهم في الحفاظ على استقرار الدولة»، استمرت مراكز أخرى قريبة من «فاغنر» في توجيه انتقادات إلى الأسد.

– حملة وإطلالة

في منتصف أبريل، اتخذت الحملة على رامي بعداً جديداً. إذ إنه حصل حدث يتعلق بـشركة «ميلك مان» التابعة له، لدى إعلان السلطات المصرية أنها ضبطت شحنة حليب محملة على باخرة سورية متجهة إلى ليبيا وعلى متنها 4 أطنان من الحشيش المخدر. من جهته، أعلن رامي أنها «مؤامرة لتشويه السمعة». وكان لافتاً، عدم حصول تأثير على دور «سيريتل» الإعلاني خلال شهر رمضان وخدماتها التي تصل إلى نحو 11 مليون شخص.

وفي 27 أبريل الماضي، أعلنت «الهيئة الناظمة للاتصالات» مطالبة شركتي الهاتف النقال بدفع مبلغ 233 مليار ليرة سورية (منها 120 من «سيريتل») قبل 5 مايو (أيار) 2020. (334 مليون دولار بينها 178,5 مليون مطلوبة من شركة مخلوف).

في نهاية أبريل، أسس رامي صفحة على «فيسبوك» بهيئة جديدة، برزت فيها لحيته. بدايةً، أصدر بياناً خطياً تمسك فيه بـ«العمل الخيري» في «جمعية البستان» لمساعدة الفقراء. لكن في اليوم الثاني، رمى مفاجأة أخرى بأنه قام بخطوة غير متعارف عليها في دمشق ومن شخصيات نافذة، إذ إنه بث فيديو على صفحته في «فيسبوك»، ناشد فيه الأسد، التدخل لإنقاذ شركة الهاتف النقال.

وفي الفيديو، ومدته 15 دقيقة، قال: «لا نتهرّب من الضريبة ولا نتلاعب على البلد (…) ندفع ضرائبنا وندفع تقاسم العائدات» للحكومة. ورغم اعتباره أن «مطالب الدولة غير محقة» وأن «المبلغ ليس موجوداً تحت البلاطة»، توجّه إلى الأسد، قائلاً: «سألتزم بما وجهت به (…) أحترم أمرك وواجب عليّ أن أنفّذه. أرجوك ومن أجل استمرارية الشركة، ومن أجل استمرارية عملها ومن أجل المشتركين، لئلا تتأثر الخدمة من خلال قصّ المبلغ بطريقة مجحفة، أرجو أن تكون توجيهاتك وتعليماتك لجدولة (السداد) بطريقة مُرضية، بحيث لا تنهار الشركة مع هذا المبلغ». لكنه قال: «تعبت كثيراً من الطاقم الموجود الذي يضعني دائماً في دائرة الاتهام ويعتبرني أنا المخطئ وأنا السيئ».

في 1 مايو، ردت «الهيئة الناظمة للاتصالات» على رامي في بيان أصدرته في الساعة 11:30 ليلاً، قالت فيه إنها ترفض محاولات «التشويش» من رامي ومتمسكة بمطالبته بأن يسدد «مستحقات الدولة»، في وقت قامت أجهزة الأمن في اليوم التالي باعتقالات شخصيات مفتاحية في شركاته.

– «رسائل الحطب»

بعد ساعة من حملة اعتقالات انتقائية صباح الأحد، ظهر مخلوف ثانيةً في فيديو ثانٍ، تضمن خطوات دبلوماسية محسوبة بالشكل والمضمون. وإن كانت لغته الدينية ليست جديدة، فإنه كما في الفيديو الأول، حرص على الظهور كرجل عادي سواء من حيث اللباس أو تموضع الكاميرا والخلفية الخشبية وقطع الحطب. كما حرص على انتقاء كلماته بدقة لجهة مناشدة الرئيس الأسد ووصفه بأنه «صمام الأمان»، لكن مع تحذيرات مبطنة لدى حديثه عن «مرحلة مفصلية» تمر فيها البلاد وعن «آخرين» في البلاد، وأنه يدرك «حجم المخاطرة»، لكن «لن يتنازل» أمام «ظلم» أجهزة الأمن التي «رعاها ودعمها».

قال في الفيديو، ومدته عشر دقائق: «بدأت اليوم الضغوطات بطريقة غير مقبولة (…) وبدأت الأجهزة الأمنية تعتقل الموظفين الذين يعملون لديّ»، متسائلاً: «هل يتوقع أحد أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف، الذي كان أكبر داعم لهذه الأجهزة وأكبر راعٍ لها خلال الحرب؟». وأضاف رامي ويُعتقد أنه في يعفور قرب دمشق: «طُلب مني اليوم أن أبتعد عن الشركات وأن أنفذ تعليمات… وبدأت الضغوطات بسحب الموظفين والمديرين»، مشيراً إلى أنه تلقى تهديدات «إما أن تتنازل وإما أن نسجن كل جماعتك».

«رسائل الحطب» التي بعث بها، تضمنت التحدث باسم «الفقراء» و«الموالين» ضد «الآخرين». رد السلطات، كان بتوسيع دائرة الاعتقالات بما في ذلك مناطق الساحل. مالياً, ردة «هيئة الاتصالات» بالتمسك بسداد المبلغ.

– الحل… مالي أم سياسي؟

منذ ظهور رامي الثنائي، ظهرت سيناريوهات كثيرة في محاولة لتفسير ما حصل واستقرار الممكن. الواضح، هناك مستويان:

الأول، مالي، يتعلق بشركات مخلوف ومستحقات على «سيريتل» والإجراءات المتخذة ضد شبكاته بفعل المتغيرات في التوازنات الاقتصادية في دمشق. بالتالي، فإن حل هذا الملف، سيكون على أساس مالي، إما بتسوية ما وإما أن يسدد المستحقات ويسهم في تقديم كشف دعم كبير من أموال الخارج مع الاستمرار في تفكيك شبكاته. حصل هذا في السنوات السابقة مع رجال أعمال آخرين، وإن كان مخلوف في موقع مختلف تماماً. ويذهب بعض المحللين، إلى اعتبار حادثة رامي «مسرحية متفقاً عليها هدفها ترتيب البيت»… كأن شيئاً لم يكن.

الثاني، سياسي، سواء كان رامي «شُجع من أطراف خارجية» أن «أطرافاً خارجية تستغل رامي» لممارسة ضغوط على الأسد، أو أن رامي نفسه «ركب الموجة الروسية» في وقت تصل إلى دمشق رسائل ضغط من موسكو تخص أموراً مالية واقتصادية أكثر مما هي سياسية، خصوصاً أن والده وشقيقه هما في موسكو، ذات السلطة المركزية الدقيقة. هنا، قارن خبراء بين هذه الحادثة وقصص أخرى في العقود السابقة، صراع رفعت الأسد مع شقيقه الرئيس حافظ الأسد في الثمانينات الذي امتد عسكرياً واقتصادياً من دمشق إلى اللاذقية. وقتذاك، حرص رفعت على استعمال لغة اللباقة الدبلوماسية والأصول العسكرية في تعاطيه العلني مع شقيقه – الرئيس. حُسم الصراع برعاية سوفياتية ودعم أوروبي إقليمي. هناك من قارن «رسائل رامي» بمحاولات أخرى واغتيالات وانشقاقات جرت في السنوات الأخيرة و«انتهت بحسم من النظام لصالح الرئيس».

الرئيس الأسد، اختار إلى الآن التجاهل العلني لظهور رامي وترك الملف في الإطار الحكومي – الأمني – المالي. لم تكن صدفة إطلالته التلفزيونية لدى ترؤسه فريق التعاطي مع «كورونا» وإرساله إشارات غير مباشرة، محذراً من «كارثة حقيقية» تتجاوز إمكانيات سوريا في حال حصول ارتفاع كبير ومفاجئ بإصابات الوباء. وقال: «تسع سنوات من الحرب لا توازي إلا القليل من الأسابيع القليلة الماضية».

لموسكو، هذه المرة أيضاً، كلمة في دمشق. موسكو تغيرت. فالبعد المالي – الاقتصادي بات مهماً أكثر من الآيديولوجيا. ودمشق الراهنة، ليست ذاتها التي كانت في الثمانينات. شخصيات النظام تغيرت كثيراً، لكن بنيته لم تتغير في العمق. ظهرت مراكز تأثير في الأمن والجيش والاقتصاد و«أمراء الحرب»، لكن القرار لا يزال مركزياً.

سوريا أيضاً، ليست ذاتها. إيران موجودة في مناطق الحكومة، إلى جانب روسيا التي تتعرض لضغوط عسكرية وسياسية لتقييد – إخراج إيران. تركيا موجودة ومستقرة في منطقة نفوذها وفي توسع برضا روسي. أميركا، مقيمة في مناطق شرق الفرات حيث تضع مجموعة «فاغنر» عيونها على النفط والغاز والثروات التي فيها.

ربما، أعاد ظهور رامي، طرح الأسئلة وفتح باب البحث عن الإجابات في دمشق والعواصم الخارجية، المنخرطة في سوريا.

الشرق الأوسط

—————————

عن رامي مخلوف والأسد وروبرت فورد/ بكر صدقي

عادت «السياسة» إلى «سوريا الأسد» بوصفها صراعات بين أقطاب النواة الصلبة في النظام، وهي نواة ذات طابع عائلي، لتتجلى اليوم بين رامي مخلوف وأسرة بشار الأسد بالمعنى الضيق وتمثلها أسماء الأسد. هذا هو الشكل الوحيد للسياسة في بلد محكوم بنظام سلالي كسوريا الأسد، وذلك بخلاف الدول «الطبيعية» التي تعني فيها السياسة تعبيراً عن مصالح اجتماعية متباينة وتيارات سياسية متنافسة تعكسها وسائل إعلام تتمتع بدرجات متفاوتة من الحرية والاستقلالية عن الفاعلين السياسيين.

أقول عادت السياسة لأن الحرب انحسرت إلى حد كبير بمعناها المباشر، وبدأ التنافس على الغنائم النهائية لما بعد ما يراه أقطاب النظام نصراً. وقد بدأت الحملة على عائلة مخلوف وأباطرة فساد أقل منها شأناً منذ أواخر الصيف الماضي، واستقر المقام بالأب محمد مخلوف وابنه حافظ مخلوف في روسيا، في حين يدير رامي استثماراته في الإمارات العربية المتحدة ولديه صلات قوية بالعائلة الحاكمة هناك. الحملة الجديدة على شركة سيرياتل ومنظمة راماك المملوكتين من رامي، وردة فعل الأخير عليها ببث مقاطع فيديو ، تشيران إلى أن العلاقة بين العائلتين، الأسد ومخلوف، وصلت إلى حد القطيعة التامة. وإذا كان مقطع الفيديو الأول قد عبر عن نوع من الاسترحام على أمل ضعيف بإصلاح ذات البين، فالمقطع الثاني الذي نشر بعد يومين يعبر عن تهديد مبطن. جاء في كلامه مثلاً:

«والله إذا استمرينا بهده الحالة سيكون وضع البلد كتير صعب، وسيكون هناك عقاب إلهي، حتمي… فقد بدأ الآن منعطف مخيف»!

ولكن ما هي الأدوات التي يملكها رامي في صراعه ضد النظام؟ فهو لا يحتل موقعاً سياسياً، ولا يملك قوة عسكرية، وليست هناك دولة أو دول داعمة له على رغم التكهنات الكثيرة التي نقرأها في وسائل الإعلام بهذا الخصوص. نجد الجواب، بصورة غير مباشرة، في كلام رامي نفسه، وعنيت به ما يخص حديثه عن (الفقراء) الذين يزعم انحيازه لهم بدلالة ما توزعه مؤسساته «الخيرية» من مساعدات على بعض الأسر المحتاجة، وتوكيده المتكرر على كونه «مُسخّراً» لإدارة الأموال التي هي «من الله» وليس من ابتلاعه لـ60 في المئة من الاقتصاد السوري بفضل مؤهلاته الفذة المتمثلة في صلة القرابة مع الأسرة الحاكمة. بل إنه اشترط على بشار الأسد أن يشرف شخصياً على توزيع ما ستحصله وزارة المالية منه من مستحقات ضريبية على الفقراء، شرطاً ليفي هو بتلك المستحقات. هو إذن «مكلّف» و«مسخر» من العناية الإلهية لرعاية مصالح الناس ومساعدة «الفقرا». تعبيرات ذات حمولة دينية كثيفة، تتضافر مع مظهر الورع والتقوى الباديين على رامي، ومع تعابير دينية صريحة أخرى، هي المناخ الذي أراد رامي إيصاله إلى جمهوره طلباً لدعمه في وجه الضغوط التي يتعرض لها. هذا هو «السلاح» الذي يظن رامي أنه يمكن أن يكون فاعلاً في حمايته، مما قد يرغم النظام على البحث عن حلول وسط معه. وتزداد أهمية الحمولة الدينية لكلام رامي إذا ربطنا ذلك بحديثه عن «الآخرين» الذي قد يفهم منه معنى طائفياً، بصرف النظر عن قصده الحقيقي منه. فالمهم هو كيف يتلقى الناس هذا الكلام، وهنا فقراء الطائفة المحسوبة على النظام، أي تلك الشريحة الموالية التي كانت تتلقى مساعدات جمعيات مخلوف الخيرية. فالآخرون بالنسبة لهؤلاء هم أهل السلطة من غير الطائفة، وتحديداً من السنيين. يتقاطع هذا التفسير مع ما بات معروفاً من صراع بين رامي مخلوف وأسماء الأسد «السنية» تحديداً. أما أجهزة المخابرات التي يشتكي رامي من ظلمها له من خلال القاء القبض على كبار موظفي شركاته و«تعديها على حريات الناس» (كذا!) فهو يعبر عن خيبة أمله بها لأنه «من أكبر داعميها ورعاتها ومموليها» كما يقول في أحد مقطعي الفيديو.

هناك تكهنات ربطت بين ظهور الصراع الأسدي – المخلوفي إلى العلن والحملة الإعلامية الروسية التي قادتها وسائل إعلام مقربة من الكرملين على الأسد ونظامه، لا شيء يشير إلى احتمال صحتها. وكما لم تستطع القيادة السعودية أن تساعد رفعت الأسد، في الثمانينيات، على رأب الصدع بينه وبين أخيه حافظ، لا يحتمل أن تنجح القيادة الإماراتية في مهمة مماثلة بين رامي وبشار. ولن يثور فقراء العلويين على النظام من أجل لص يزعم أنه محسن إليهم، أما أجهزة المخابرات فولاؤها مضمون لرأس النظام ما دام يتمتع بشرعية دولية مهما كانت متواضعة، وأعني بها الحليفين الصريحين، روسيا وإيران، والدول المهمة الأخرى التي لا مانع لديها من استمراره في الحكم، وأخيراً مظلة الأمم المتحدة. فإذا فقد الشرعية المذكورة وفقد معها ولاء الأجهزة، فمن المحتمل أن يكون رامي مطلوباً للعدالة، وليس بديلاً مقبولاً عن النظام.

هناك قراءة لافتة لهذا الصراع قدمها السفير الأمريكي السابق إلى سوريا، روبرت فورد، في مقالة نشرها في صحيفة الشرق الأوسط. يبدأ فورد مقالته بالحديث عن دعوة تلقاها من رامي للعشاء في بيته، يصف فيها رامي بالبخل الشديد (كان الطعام رائعاً، ولكن لم يقدم له سوى طبق صغير جداً). أما زوجة رامي فيقول عنها إنها كانت أنيقة الملبس لكنها لم تنطق بكلمة واحدة طوال مأدبة العشاء. وأبوه محمد مخلوف كان مهتماً بإطلاق تنبؤات مبنية على تاريخ ميلاد فورد وزوجته.

لست في وارد التشكيك في كلام فورد، لكني أتساءل عن التوظيف السياسي لهذه التفاصيل. فرامي مخلوف، وفقاً لتلك التفاصيل، ليس فقط رمز الفساد في المملكة الأسدية، بل كذلك شخص بخيل جداً على رغم ثرائه الفاحش (يقول فورد «منزل رامي ضخم جداً، إلى درجة أننا احتجنا إلى خمس دقائق للوصول من البوابة الخارجية إلى باب المنزل في سيارة تتحرك بسرعة 20 كلم في الساعة»)، وزوجته ذات حضور باهت على رغم مظهرها الخارجي الأنيق، وأبوه يؤمن بالخرافات. أما بشار الأسد، بالمقابل، فهو يظهر، في مقالة فورد، على أنه كان مرغماً على إرضاء «أوغاد المخابرات» على حد تعبيره! نعم، الرجل الذي أمضى حياته في العمل الدبلوماسي ويتقن اللغة الدبلوماسية كما تفترض مهنته، لا يتورع عن استخدام كلمة الأوغاد! لكي يعيدنا إلى تلك «النظرية» المضجرة التي شاعت أيام ما سمي بـ»ربيع دمشق» بصدد وجود «حرس قديم» يعرقل الخطوات الإصلاحية المفترضة لـ»الرئيس الشاب»!

فهل شعر فورد، مرة أخرى، بالخطورة على نظام بشار لتكون قراءته للمشهد بهذه الطريقة؟

كاتب سوري

القدس العربي

————————-

عشاء في منزل آل مخلوف/ روبرت فورد

وجَّه رامي مخلوف الدعوة إليَّ وزوجتي لعشاء استثنائي داخل منزله في دمشق في مارس (آذار) 2011. وكان منزله على درجة من الضخامة، لدرجة أننا مضينا خمس دقائق بالسيارة على سرعة 20 كيلومتراً في الساعة، لقطع المسافة ما بين البوابة الخارجية والمنزل. ونجح مصمم المنزل في بناء ما يشبه بيت أحلام في كاليفورنيا على أرض ريف دمشق.

بدت زوجة مخلوف أنيقة؛ لكنها لم تنطق حرفاً واحداً طوال الأمسية. وكان والد رامي حاضراً، وطلب معرفة تاريخ ميلادي أنا وزوجتي، وذكر تكهنات بخصوص مستقبل كل منا بناءً على تسلسل الأرقام، وكيف أن الإجماليات المختلفة للأرقام تشي بأحداث مستقبلية معينة. (ومع هذا، فإنه لم يتوقع انتقادي لقمع الحكومة السورية للانتفاضة السورية).

كان الطعام ممتازاً وشهياً للغاية، مثلما هي العادة مع المطبخ السوري؛ لكن كان هناك طبق صغير فحسب، وعلى خلاف جميع مآدب العشاء التي حضرتها على مدار 30 عاماً قضيتها في العالم العربي، لم يعرض المضيف علينا مزيداً من الطعام. وكان رامي مهذباً، ولم يستفسر عن العقوبات التي تفرضها الحكومة الأميركية ضده منذ عام 2008، وامتنعت أنا أيضاً عن إثارة هذه المسألة.

بعد شهرين، وخلال مقابلة مع الصحافي الرائع لدى صحيفة «ذي نيويورك تايمز» أنطوني شديد، حذر رامي المتظاهرين السوريين والغرب، من أن الصفوة الحاكمة في دمشق ستقاتل، ولن ترضخ للتغيير. وفي مطلع مايو (أيار)، في وقت اجتذبت مظاهرات الشوارع الناس من مختلف الفئات داخل سوريا، شدد مخلوف على أن الحكومة السورية «تقاتل في مواجهة تمرد يسيطر عليه سلفيون». وجاءت رسالته مختلفة عن تلك التي أخبرني بها (وزير الخارجية) وليد المعلم و(المستشارة الرئاسية) بثينة شعبان، والتي دارت حول التزام الرئيس بشار الأسد بـ«الإصلاح ووقف العنف». وأكدت بثينة لي أن «الرئيس غير راضٍ عن مخلوف»؛ لكن التاريخ يثبت أن الكلمات التي أطلقها رامي كانت دقيقة.

اليوم، وبعد مرور تسع سنوات، عاد رامي للحديث من جديد؛ لكن هذه المرة عبر «فيسبوك»، ليخبرنا أنه اكتشف أن «الجهاز الأمني يعتدي على الناس وينتهك حرياتهم». يا له من أمر مروّع! واكتشف أن الحكومة تحتجز وتهدد مواطنين مخلصين. هذا أمر غير إنساني! واكتشف أن هناك فساداً داخل الحكومة السورية، قائلاً إنه يرفض سداد الضرائب؛ لأنه لا يرغب في انتقال الأموال إلى جيوب آخرين. تخيلوا أن هناك لصوصاً في دمشق! واعترف بأن عائدات شركاته ساعدت في تمويل الجهاز الأمني، وبأنه كان الراعي الأكبر لهذا الجهاز، وبأنه شعر بصدمة لدى علمه أن جهاز المخابرات الآن يلقي القبض على مديرين بشركاته. الحقيقة أن من يزرع الريح يحصد العواصف.

بطبيعة الحال، هناك آراء متباينة إزاء السبب وراء الانقسامات داخل النظام السوري الغامض. واللافت أن بعض المحللين والشركات الروسية اكتشفوا هم أيضاً وجود فساد في دمشق ويشكون منه اليوم. أو بمعنى آخر أنهم كانوا يعلمون بوجود الفساد من قبل؛ لكنهم اليوم يطالبون بسداد قروض من خزانة الأسد الفارغة، ولذلك تحول الأسد بعينيه نحو أموال نجل خاله. وتبعاً لما ذكره أحد المحللين السوريين، فإن أسماء الأسد ورامي يقاتلان من أجل السيطرة على الاقتصاد السوري. وينبغي لنا هنا أن نتذكر أن أسماء الأسد كانت مديرة في بنك «جيه بي مورغان» الاستثماري بلندن، قبل زواجها من بشار، وبالتالي فإنها قادرة على استيعاب ألاعيب رامي. واطلعت على تحليل سوري آخر يشير إلى أن رجل الأعمال خضر الطاهر، أحد أفراد حاشية الجنرال ماهر الأسد، يحاول الآن منافسة رامي مخلوف في بعض القطاعات الاقتصادية. وفي وقت قريب، أدلى مسؤول أميركي رفيع بتصريحات لـ«الشرق الأوسط» ذكر فيها أن العقوبات الأميركية تستهدف الإضرار بالنخبة السورية، من أجل إقناعهم بقبول الانتقال السياسي.

جدير بالذكر أن الليرة السورية انهارت إلى مستوى 1300 مقابل الدولار (كانت 50 مقابل الدولار عام 2011). ولا تقتصر المعاناة اليوم على النخبة السورية. في الواقع، يكابد جميع السوريين المعاناة.

من جانبي، لا أتوقع أن تسهم الانقسامات داخل النخبة السورية الحاكمة في تحقيق انتقال سياسي قريباً. لقد كنت طالباً في القاهرة عام 1984، عندما حاول رفعت الأسد الانقلاب ضد شقيقه حافظ. في ذلك الوقت، لم يتدخل الروس، ونجح حافظ في الإبقاء على مقاليد السلطة بيده.

وكان شقيق رامي، حافظ مخلوف، مسؤولاً رفيعاً في جهاز الأمن العام؛ لكنه غادر البلاد عام 2014 بعد خلاف مع آل الأسد. ويعتقد كثيرون أن التفجير الذي وقع عام 2012، وقتل عدداً من كبار المسؤولين السوريين، بينهم وزير الدفاع وزوج شقيقة بشار، آصف شوكت، كان مدبراً من قبل مجموعة داخل النظام مناوئة لمجموعة آصف. لا أعلم الحقيقة؛ لكن أرملة شوكت وشقيقة الأسد، بشرى، فرت إلى دبي. ومع هذا، وعبر كل ذلك ظل آل الأسد في سدة الحكم. الأهم من ذلك، أن جهاز الأمن ظل موالياً لبشار. ويوحي حديث رامي عبر «فيسبوك» بأن بشار يعي أنه يجب عليه الاحتفاظ برضا أوغاد المخابرات

الشرق الأوسط

————————–

“لن أستسلم ولن أتنازل”: رامي مخلوف يصعّد لإحراج بشار وأسماء/ أحمد الأحمد

في التحليل وراء سبب عدم استسلام مخلوف لنفوذ القصر الجمهوري، يتّضح أن لدى مخلوف مجموعة نقاط قوّة، يأتي على رأسها انتزاعه الحاضنة الشعبية داخل المجتمع الموالي للنظام على أسماء الأسد.

عندما كنتُ في السنة الأولى في جامعة دمشق في بدايات الألفية الثانية، كان علينا دراسة مادة “ثقافة قومية”.

هذه المادة مهمتها أن تشرح لنا نحن الطلاب الجامعيون أفكار الرئيس بشار الأسد “الإصلاحية” ومبادئ حزب البعث، ومنجزات انقلاب والده حافظ الأسد في فترة السبعينيات والمعروف باسم “الحركة التصحيحية المباركة”.

في إحدى المحاضرات، كان المحاضر يتحدّث عن “اشتراكية” حزب البعث، وكيف تعتمد مبدأ توزيع الأموال على الشعب بشكل عادل.

كان ذلك يحصل في نفس حقبة صعود طبقة رجال الأعمال المحيطين ببشار الأسد ومنهم أقرباؤه. أذكر حينها أنني شعرت بالغضب. لم أتمكّن من تمالك أعصابي فرفعت يدي طالباً الحديث، فسمح لي المحاضر، فوقفت وسألته: ” شو حقيقية الاشتراكية في سوريا بينما هناك أشخاص بيملكوا أكثر من نصف اقتصاد البلد؟”.

ساد الصمت وطلب منّي الاستاذ الجلوس من دون أن يعلّق.

بعد المحاضرة استدعاني عناصر أمن الجامعة وهدّدوني بأن عائلتي لن تعرف شيئاً عنّي في حال كررت ما قلته، وذلك بعد سلسلة توبيخات وشتائم.

على مرّ السنوات العشرين الفائتة من حكم الأسد الابن، كان رامي مخلوف من مكوّنات “الأمن القومي” في سوريا، وتنطبق عليه تماماً قاعدة “الحيطان إلها آذان”، لا يجب الحديث عنه لا خيراً ولا شرّاً والأفضل عدم ذكر اسمه نهائياً في الجلسات العامة أو الضيّقة، حتّى أنّني كنت أحفظ نكتة سورية قديمة عن رامي مخلوف، ولكن لم أكن أتجرّأ أن أقولها أمام أحد وهي أن “رامي مخلوف لديه فقط منزل في دمشق وآخر في اللاذقية ويريد أن يفتحهما على بعضهما بعضاً”. كنا نروي تلك النكتة خفية ونحن نشهد اتساع امبراطوريته المالية التي كادت تربط مدينتي دمشق باللاذقية بأملاكه وأمواله.

اليوم، يبدو أن هذه القاعدة كُسرت تماماً، إذ بات الحديث عن مخلوف وحتّى شتمه أمراً عادياً، سواء داخل المنزل السوري الذي تُحجر داخله العائلة كاملةً بعد السادسة ليلاً، وقد يحدث أن تسمع البائع خلال تسوّقك في مدينة حلب وهو يقول “حاجتو صرلو عشرين سنة عم يبلع عملة”.

يعيش السوريون اليوم سلسلة مشاهد سريالية، إذ ما كان لأي مواطن سوري يعرف مكانة مخلوف في منظمة حكم الأسد الفاسدة، أن يتخيّل حالة الانقلاب عليه، أو أن يصبح شتمه أمراً عادياً، حتّى أنّه بات مادةً للسخرية، فمن النكات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أن حاجزاً للمخابرات الجوية أوقف مواطناً وبدأ يفتّش ملابسه لعلّه يجد معه شريحة اتصال “سيريتل” التي يملكها مخلوف ليقوم باعتقاله إلى الفرع.

ظهوران مختلفان

لا يختلف الظهور الأول لرامي مخلوف على مواقع التواصل الاجتماعي عن الظهور الثاني من حيث “لوكيشن” التصوير وأجوائه، فقد ظهر الحوت الاقتصادي جالساً على الأرض جلوس “العبد الفقير لله” وعنون الفيديو بالآية القرآنية “وكان حقّاً علينا نصر المؤمنين”.

ولكن بعيداً من الشكل الإخراجي والبصري للفيديو، هناك فوارق هائلة بين الفيديو الأول والثاني من حيث المحتوى، ففي إطلالته الثانية، بدا مخلوف أكثر ثقةً بنفسه، كما أن حديثه اتسم بالهدوء ورفع حدّة الهجوم ضد من وصفهم بـ”الآخرين” المحيطين بكرسي الحكم، في إشارة إلى تلك “المرأة البريطانية الرقيقة” أو “أسماء الأسد”.

الفيديو الثاني أعطى مجموعة تأكيدات أن مخلوف الذي وصف نفسه بـ”خادم الأفرع الأمنية” لا يظهر أمام العامة لأنّ تواصله مع الأسد انقطع، بل لأنّه أراد القول إنّه جاهز لخوض أي معركة.

ثلاثة أسلحة

حتّى الآن، جميع المؤشّرات تذهب إلى أن مخلوف لم يستسلم أمام أسماء الأسد وزوجها بشّار، لم يستجدِ عطفهما، ولم يحاول استمالة أي منهما أو تهدئة الأجواء، بل إن مجرّد خروجه عبر الانترنت لنقل الصراع إلى العلن يعني أنّه ليس في موقفٍ ضعيف.

في التحليل وراء سبب عدم استسلام مخلوف لنفوذ القصر الجمهوري، يتّضح أن لدى مخلوف مجموعة نقاط قوّة، يأتي على رأسها انتزاعه الحاضنة الشعبية داخل المجتمع الموالي للنظام على أسماء الأسد، ففي الوقت الذي كانت أسماء تعيش حياةً باذخة، وتشتري لوحةً باهظة الثمن، كان مخلوف يدير حملة تبرّعات لتوزيعها على الموالين له من الطائفة في الساحل السوري، حيث تبرّع بـ500 مليون ليرة سورية على شكل مواد غذائية ومستلزمات أساسية للمجتمع الموالي، حيث يتحصّن بينهم الآن، وهذه الحاضنة تشكّل أقوى أسلحة مخلوف في وجه أسماء التي تهالكت صورتها أمام مؤيدي النظام السوري.

من وجهة نظر اقتصادية، فإن الباحث والخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، رأى أن الضريبة المفروضة على مخلوف تُعتبر “رقماً صغيراً” أمام حجم ميزانيته، إذ يستطيع مخلوف تعويض المبلغ بعملية مضاربة في السوق السورية، ولكنّه يرفض الدفع لأسبابٍ معنوية تجعله غير جاهزٍ للرضوخ أمام أسماء الأسد وزوجها بشار، مضيفاً: “لو كان مخلوف خائفاً لكان تخلّى عن شركة سيريتل وأنهى الخلاف، ثم تفرّغ لاستثماراته الأخرى التي توازي 65 في المئة من القوّى الاقتصادية السورية، والتي تقوم على آلاف الشركات الضخمة، لكنّه ليس في موقع الرضوخ.

كما أن لدى مخلوف سلسلة استثمارات وأرصدة مالية ضخمة في روسيا والإمارات العربية المتحدة وأوروبا ودولٍ عدّة حول العالم، وهذه الاستثمارات تزيد من قوّته على المواجهة، وتجعل القضاء عليه أمراً يصعب على الأسد وزوجته، اللذين لم يصدر عنهما حتّى الآن أي ردّ فعل واضح على فيديوات مخلوف.

رفع مستوى التهديدات

في سوريا، تتردد انباء يتداخل فيها الصحيح بالكاذب حول تضييق أمني يطال مقربين وعاملين لدى مخلوف. وكان مخلوف نفسه قد افتتح مقطع الفيديو الثاني له بالكشف عن أن الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري بدأت اعتقال موظفين تابعين له، رافعاً حدّة التهديدات بالقول: “الأمور وصلت إلى مرحلةٍ لم يعد يمكن السيطرة عليها، وأصبحت الضغوط بطريقة غير مقبولة وبشكل غير إنساني”.

وقال مخلوف: “الأفرع الأمنية بدأت تعتقل موظفين تابعين له مع العلم أنّه كان من أكبر داعمي وخادمي هذه الأفرع الأمنية”، مُعتبراً أن ما يحصل هو استخدام السلطة لمصلحة الأشخاص.

“طلبتُ من الرئيس التدخل لإنصاف شركاتي لأنهم طالبوني بأموال لم يكونوا محقّين فيها، ولم يكن الهدف من ظهوري هو عدم الدفع، ولكن كنت أريد أن تذهب هذه الأموال إلى مستحقيها”، يتابع مخلوف في المقطع الذي هاجم فيه أسماء الأسد بشكلٍ أكثر وضوحاً عندما دعا بشار إلى “وضع حد للتدخلات المحيطة حول صاحب القرار لأنّها أصبحت لا تطاق ولا تُحتمل إلى درجة مقرفة وخطرة”.

وقال أيضاً: “هيك ما فينا نكمل” وأن “ما يحدث بحقّه هو ظلم وتعدّي على الملكية الخاصة”.

مخلوف هاجم “الآخرين” موجهاً كلامه لبشار الأسد: “لا يجب أن نترك الآخرين يتعاطون معنا بهذه الطريقة لأنهم يتعدّون على القانون والدستور الذي أنت ترعاه”.

وخلال الفيديو أكّد مخلوف أنه لن يتنازل عن أمواله، مردفاً: “هؤلاء يضغطون علي لكي أتنازل وأنا لن أتنازل”، و”إذا استمررنا بهذه الحالة سيكون وضع البلد صعباً جداً، وسيكون هناك عقاب إلهي حتمي لأنه بدأ هنا منعطف جديد”.

كسر جدار الخوف

كانت الناشطة السورية الموالية للنظام ماغي خزام من أوائل من شنّوا هجوماً على مخلوف، حيث وصفته بـ”سارق البلد” بعدما وصف هو نفسه بأنّه “خادم الأفرع الأمنية”.

جاء حديث خزام في مقطع فيديو نشرته على “فايسبوك”، ردّاً على حذف مخلوف تعليق زوجها الذي خاطب مخلوف “متل ما عم تقاسمونا مشاكلكم تفضلوا قاسمونا أموالكم”، موضحةً أن مخلوف يستخدم الشعب ضد الرئيس كسلاح من دون أن يقدّم شيئاً له.

واستعرضت خزام مجموعة الشركات والأموال التي يملكها مخلوف خلال الفيديو ذاته، مثل “سيريتل”، “شركة شام القابضة”، بنك سوريا الإسلامي وحصة من بنك بيبلوس وشركة راماك للتعهدات، وغيرها من الشركات.

درج

—————————

في سوريا صراع ضوارٍ أم تفسخ نظام..؟/ محمود الوهب

ظلت عوامل التمرد على النظام السوري كامنة مدة خمس وعشرين سنة، لا بدفع من مجزرة حماة وما رافقها من مجازر تخطت بتوحشها وتأثيرها فصيل الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين، ولتطول أغلبية المجتمع السوري، بل بسبب ظواهر عديدة أخذت تبرز في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وما تلاه، كالفساد، وتعثر التنمية، وتخريب مفاصلها الرئيسة (القطاع العام)، إضافة إلى انعدام قدرة حكومات حافظ الأسد المتعاقبة على تلبية حاجات المواطن الأساسية، ناهيكم بإطباق قبضة الأجهزة الأمنية على آلاف المواطنين واعتقال اليمين واليسار على السواء، وسطوة العسكر، وفرض الإرادة البعثية بالمطلق، وإلغاء ما كان يسمى تجاوزاً بالهامش “الديمقراطي” إذ جرى حلُّ النقابات، واستصدرت قرارات تجيز لرئيس مجلس الوزراء أن يحل، حتى المؤتمر العام لأية نقابة، إذا ما جرى الاعتراض على نتائجه أمنياً..!

وإذا كان ما ذكر أسباباً وجيهة لهبة الشعب السوري في آذار 2011 إضافة إلى مراوغة النظام حول الإصلاح، والتملص منه بذرائع شتى لا تثبت أمام الواقع والحقيقة، فإن الفكرة الرئيسة المستفادة من مواجهة المحتجين بالرصاص الحي هي بإيجاز: أن الذي يحكم سورية عصابة بكل المعاني، نعم هي عصابة نهب وسلب لما يملكه الشعب السوري، ولكل ما في البلد من ثروات ومقدرات، وإلا ما مبرر تلك الحرب التي أشعلها النظام تحت شعار “الأسد أو نحرق البلد” مستعيناً بدولتين كبريين هما روسيا وإيران وتفويضهما بفعل أيِّ شيء لقاء أن يبقى النظام قائماً.. المعتقد أنه، من هنا، يمكن فهم تصفية ما عرف بخلية الأزمة في وقت مبكر بوجود الإيرانيين أو بأيديهم..! ويبدو أن خلية الأزمة أدركت عمق الجرح السوري، وتكوّن لديها رأي مفاده إصلاح ما يمكن إصلاحه.. (بغض النظر عن طموحها السياسي الذي أفقد رأس النظام صوابه.. ليقود الأحداث في اتجاه من له مصلحة بتدمير سورية). ومن هنا تفسير دخول روسيا على الخط.. إذ عند الشعور بعجز الإيرانيين عن القدرة على إبقاء النظام الذي تهدَّدَ وجوده، جاءت روسيا لا لتكون شريكة للإيرانيين فحسب، بل لـ: “تلهف البيضة وقشرتها”، فهي من قتل وشرَّد ودمر وثبَّت بشار في مكانه، ولكن المسألة في النهاية ليست بالبساطة التي ظنَّها الروس..! فثمة مجتمع دولي، وإن ظل متفرجاً، وثمة من له مصالح أيضاً سواء من دول الجوار أم من الدول العظمى وكلاهما يتربص.. وهذا ما يصطدم به الروس اليوم ولا يستطيعون القفز فوقه، فثمة من هم أقوى منهم في الميزان الدولي أو يوازونه، على الأقل، وثمة دول أخرى لروسيا مصالح اقتصادية وسياسية معها لا تستطيع تجاهلها أيضاً، صحيح أن النظام يحاول اللعب على هذه التناقضات في محاولة منه للبقاء أكثر مدة ممكنة..! لكن مجمل الظروف التي نشأت، وبإرادة النظام نفسه، لم تعد تؤهله للبقاء وأولها ذلك الشعار الذي رفعه، وعمل بموجبه، فإما بقاؤه أو حرق البلد، وها هي ذي البلد قد غدت قاعاً صفصفاً، فعلى أي أساس بقاؤه؟! قد يصدق نفسه بأنه حارب الإرهاب وانتصر عليه، ما يبرر بقاءه، لكن هذه المغالطة لا تنطلي على أحد فليس هو الذي انتصر كما أن الشعب السوري هو الذي دفع، وما يزال يدفع الثمن (ولا أعني قتلى الجيش وما يستتبع ذلك، أبداً، فذلك مؤجل إلى أن تصمت المدافع كلياً..) فهو الذي يعاني اليوم مرارة الحصول على رغيف الخبز أبسط متطلبات عيشه.. والمتوقع حدوث انفجار ما لهذا السبب بالذات، فالشعب ليس بغافل عمن يسرق قوت يومه، وقد نشر رجل الأعمال “فراس طلاس” يوم 20 نيسان 2020 توضيحاً حول ثروة عائلة الأسد ورداً على إشاعات تقدر الثروة بأربعين مليار دولار وبعضها توصلها إلى مئة مليار، محاولاً إنصافهم فهو قريب من العائلة (سابقاً) قال: “إنَّ ثروة عائلة الأسد/ مخلوف تتراوح بين أربعة عشر إلى ثمانية عشر مليار دولار، وهذه الثروة موجودة في عدة دول عبر شركات، وشراكات معقدة عُرِف معظمها، وقال: إنَّ هذا يشكل نحو ٧٥٪ من حجم الفساد الكبير في سورية ويبقى ٢٥٪ موزعة بين الضباط والمسؤولين بنسب متفاوتة”. ويبدو أن لفراس مصلحة في تخفيض حجم ثروة شركاء نهب سورية والسوريين..!

أما “لؤي حسين” زعيم تيار بناء الدولة المسمى “معارضاً”، فقد “فَسْبَكَ” على صفحته: بـ”أن الأسد باق، وسيترشح لانتخابات 2021 وسوف ينجح..!” وواضح ما في هذا التصريح من احتقار للشعب السوري، واستصغار لشأنه، وللتضحيات التي قدمها على مذبح سعيه نحو الحرية، وتخلصه من الاستبداد والفساد الذي أخذت روائحه تصفع روح السوريين كافة، بل العالم بالفضائح التي تمس رأس النظام وشركاءه وحاشيته، ويعد عاملاً رئيساً في تفسخه وبالتالي إسقاطه، وهو الذي قد سقط، في الحقيقة، منذ الأيام الأولى لهبة الشعب التي لم يكن أحد يتوقع لها أن تتجلَّى بتلك القوة وذلك الزخم، فالمجتمع الدولي ليس بأقل معرفة بطبيعة النظام، ولعل معظم دوله باتت تزدريه.. فما كتبه “ساطع نور الدين” في مقالة نشرتها صحيفة “المدن” التي (يرأسها) مشيراً إلى حلفاء الأسد ذاتهم بقوله: “إن موقف القيادة الروسية من الأسد شخصيًا، تدرج من عدم الثقة إلى عدم التقدير إلى عدم الاحترام، وصولاً إلى الازدراء المعبَّر عنه أخيرًا بطريقة لم يسبق لها مثيل.” واستند نور الدين إلى مواقف كثيرة سابقة وإلى عدة مقالات نشرتها الصحافة الروسية مؤخراً وتصاريح لروس مقربين من الكرملين، والأهم من ذلك كله هو دلالة “الاستبانة” التي استمزج من خلالها “معهد روسي رسمي” رأي عيِّنات من الشعب السوري “في سياق الحملة الروسية الراهنة على النظام في دمشق، أفادت أنه فقط 23% من السوريين يؤيدون إعادة ترشيح الأسد في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل”.

وتكاد تجمع معظم التقارير الصحفية التي نشرت خلال الأيام الماضية إلى أنَّ الروس هم من أخذ يسرّب أنباء حالات الفساد الخاصة برأس هرم السلطة، والغاية هي الضغط على بشار لتسوية الوضع بحسب اللجنة الدستورية التي شكلت وفق القرار 2254 فالأسد ما يزال يماطل ويطلب المستحيل بعينه وهو أن يبقى في السلطة كما كان قبل العام 2011 ويسعى الروس جادين إلى حلّ مناسب مدفوعين لا بضغط الأوضاع السورية الداخلية، ولا بالضغط الدولي وقرب موعد تطبيق قانون سيزر بل لأنهم في مأزق اقتصادي وضائقة مالية خانقة بعد كورونا، وانهيار أسعار النفط، ويتطلعون إلى إعادة الإعمار في سورية فلعلها تنقذهم، لكن الغرب عموماً وأمريكا يشترطون أن لا تبدأ مرحلة الإعمار قبل أن تسوَّى القضية السورية، ولا يمكن أن تسوَّى مطلقاً والحال كما كان عليه قبل 2011..! ولعلَّ ما نشرته وكالة الأناضول قبل أيام ترجمة عن “المجلس الروسي للشؤون الدولية” يوضح ما سيجري إذ يرى التقرير أن ثمة تحليلاً يقول بـ “توافق تركي أمريكي روسي إيراني” على تنحية بشار الأسد ووقف إطلاق النار، مقابل تشكيل حكومة انتقالية تشمل المعارضة والنظام و”قسد”. وفق أحد اثنين:

أولهما: أن تقبل القوى الموجودة على الساحة السورية بمناطق نفوذ بعضها بعضاً، وتبقى سوريا منقسمة على هذا الأساس إلى ثلاث مناطق للنفوذ والسيطرة.. الأولى تحت حماية طهران وموسكو، والثانية منطقة سيطرة المعارضة السورية بدعم من أنقرة، والثالثة منطقة شرق الفرات التي تقع تحت سيطرة واشنطن ومليشيات “قسد”. أما ثانيهما فيقضي بانسحاب كامل لجميع القوات الأجنبية، وتوحيد البلاد بعد تحقيق تحول سياسي يستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، ما يعني تنحي الأسد، ووقف إطلاق النار بشكل تام على مستوى سورية.” ولعلَّ الثاني أنسب للسوريين..!

وتأتي فيديوهات رامي مخلوف، و(بغض النظر عن دواعيها، أو من خلفها)، لكنها ببساطة تؤكد عمق تفسخ النظام ما يشير إلى قرب سقوطه أو إسقاطه.. وإزاحة العثرة التي تسد مجرى سريان مياه جديدة في النهر السوري..!

تلفزيون سوريا

—————————-

هل بدأ البازار على الأسد…؟/ أحمد عيشة

إن أكثر ما يدعو السوريين اليوم للسخرية رغم الظروف القاسية التي يعيشونها هو “الاكتشاف” الروسي مؤخراً المتمثل بتفشي الفساد في حكومة الأسد، وفي تدني شعبيته، لكن ما يدهشهم أكثر هو حديث رامي مخلوف، الشريك الكامل في قتل وإفقار السوريين عن حقهم في المال العام واعتقال أجهزة الأمن للمواطنين…

ما تسربه بعض المراكز الإعلامية الروسية، وبعضها مقرب من دوائر صنع القرار في الكرملين، إضافة إلى بعض المواقع الإسرائيلية عن الفساد المستشري في نظام الأسد وحكومته، يعكس أكثر من جانب، فالأول هو موقف روسي من حجم هذا الفساد الذي يعيق توجهات السياسة الروسية في استثمار “نصرها” العسكري – تدميرها لعدة مدن وبلدات سورية-  والثاني جانب من التصارع مع إيران حول سورية، والثالث رسالة للغرب والولايات المتحدة بأنها على استعداد للتفاوض على رأس هذا النظام -بشار الأسد- الذي أصبح عائقاً أمام أي تقدم في المسار السياسي يمكن روسيا من قطف ثمار تدخلها الذي كلفها مليارات الدولارات، وحان الوقت لاسترداد ما أنفقته.

فالتقارير الروسية بمجملها ركزت على تفشي الفساد في حكومة النظام، ومحاولة جني الثروات وتهريبها لبنوك الغرب، إضافة إلى محاولات عرقلة العقود مع الشركات الروسية التي ترفض تقديم رشاوى لكبار المسؤولين الحكوميين مقابل الحصول على تلك العقود، بينما تعتمد الشركات الصينية عموماً هذه السياسة (تقديم الرشاوى الكبيرة) في الحصول على عقودها. والروس يعرفون ذلك، لكنهم يرفضون دفع الرشاوى لسبب بسيط، وهو أنهم يعتبرون أنفسهم من أنقذ النظام من الانهيار عام 2015، ولذلك فمن حقهم الحصول على هذه العقود بشكل حصري.

والتقرير الأهم الذي تحدث عن انحدار شعبية الأسد واحتمال عدم “انتخابه” في العام المقبل، حيث بيّن التقرير أن نسبة 32 في المئة هم من سينتخبونه، في حين أن 54 في المئة يفضلون رحيله، وبالتالي فالنظام مفتقر للشرعية، وأن السوريين يتطلعون إلى سياسيين “جدد” في السلطة قادرين على تجاوز الأزمة، معتبرين أن “القيادة الحالية لم تحقق هذه التطلعات بعد”. وهذا يعود وفقاً للتقرير نفسه إلى حجم الفساد الكبير في بنية النظام وعجزه الكامل عن معالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها السوريون.

الأمر الآخر هو التصارع الواضح بين روسيا وإيران حول الهيمنة على سوريا بمواردها وثرواتها وموقعها، فكلا القوتين تحاولان اقتسام بقايا جيش النظام، وفروع مخابراته، فروسيا أسست فيالق جديدة وتدمجها ضمن جيش النظام تضم حتى معارضين سابقين لنظام الأسد، بينما تسعى إيران أيضاً إلى محاولة دمج الميليشيات الطائفية بعد إعطائهم الجنسية السورية في تركيبة ما تبقى من جيش النظام وترميمه بما يتوافق مع دورها في المنطقة، فضلاً عن اختلاف رؤية وتحالفات البلدين في سورية، وخاصة تجاه الدور التركي الذي يتعزز بالشراكة مع روسيا على حساب إيران، وهو الأمر الذي كان واضحاً في اتفاقين بين الرئيسين أردوغان وبوتين في أيلول 2018، وآذار 2020 حول إدلب، حيث تدرك إيران بأن ثمة محاولات لإبعادها عن تقرير مصير سوريا ونظامها، وخاصة أن هذا الإبعاد يلاقي ترحيباً كبيراً من الغرب والولايات المتحدة، والأهم من اللاعب الأهم -الحاضر الغائب- في تلك العملية، إسرائيل.

الأمر الثالث، وهو أن هذا الهجوم والانتقادات الروسية تأتي مع اقتراب الموعد الذي سيطبق فيه قانون قيصر الذي أقرته الولايات المتحدة (الكونغرس والإدارة)، كما صرح بعض المسؤولين الأميركيين، أي فرض العقوبات الأميركية بحق النظام وداعميه والمتعاونين معه، وبالتأكيد سيشمل شركات وشخصيات روسية وإيرانية، إضافة إلى عودة الولايات المتحدة إلى الانخراط مجدداً في العملية السياسية في سورية، خاصة بعد الهجوم الأخير على إدلب، وتعرض شريكها التركي لضغوط كبرى، مما دفعها مؤخراً إلى التحذير من أن هجوم النظام على إدلب هو خطر استراتيجي. والمهم أكثر من ذلك، هو أن عام 2021 سيشهد الجولة التاسعة من استفتاءات نظام العائلة الأسدية على الرئاسة (5 في عهد الأب، و3 في عهد الوريث الحالي)، حيث كان الموقف الأميركي واضحاً بأن التجديد للأسد لن ينال اعتراف المجتمع الدولي، أي الرفض لهذه العملية، وهو ما يدفع روسيا التي تعد نفسها مسؤولة بشكل مباشر عن ترتيباتها إلى البحث عن بديل يضمن لها استمرار مصالحها (المال من أجل إعادة الإعمار) ضمن تشابك عملية التصارع الجاري في سوريا.

على المستوى الداخلي، وضمن نفس السياق من التصارع تأتي رسائل التهديد المبطنة والمتبادلة بين القصر وامبراطور المال، رامي مخلوف، الذي بنى ثروته الباهظة بسبب قرابته مع عائلة الأسد (ابن خال بشار الأسد)، وابن محمد مخلوف، راعي الفساد المالي للعائلة الحاكمة. وقد بدأت تلك الرسائل بتسريب رامي مخلوف لخبر شراء الأسد لوحة فنية لديفيد هوكني (أشهر رسام إنكليزي حاليا) بقيمة 30 مليون دولار هدية لزوجته -الوجه الصاعد في عالم السلطة والنفوذ- بمناسبة شفائها من مرض السرطان في الوقت الذي يعيش السوريون في فقر مدقع، إضافة إلى مشروع البطاقة الذكية التي تعهدها قريب لأسماء الأسد وأخوها (شركة تكامل)، هذا المشروع الذي حقق أرباحاً طائلة (قيمة البطاقة 400 ل.س)، ناهيك عن محتواه المخابراتي في جمع كثير من المعلومات عن السوريين.

هذا التسريب الذي أتى نتاجاً لمطالبة القصر الجمهوري -المكتب المالي- الذي تشرف عليه أسماء الأسد مباشرة بمبالغ طائلة تصل لحدود 233 مليار ل. س (ما يعادل حوالي 180 مليون دولار أميركي)، بينما أقر رامي مخلوف في مقطع الفيديو الأخير بمبلغ 123 مليار (103 ملايين دولار).وسبق هذه المطالبات عزل إيهاب مخلوف (شقيق رامي) في أيلول 2019، من إدارة المناطق الحرة وتولي الفرقة الرابعة -فرقة ماهر الأسد- المقربة من إيران الإشراف عليها، وفرض الحجز الاحتياطي على أموال رامي في نهاية العام الماضي بحجة تهربه من سداد مستحقاته إلى “الدولة”، المتمثلة بالمكتب المالي في القصر بإشراف أسماء الأخرس-الأسد.

ما تشير إليه التسريبات الأخيرة أن تصارع القوى الفاعلة في سوريا، سواء الداخلية أم الخارجية قد خرجت إلى السطح، بالنسبة للقوى الخارجية، هناك مسعى لإقصاء إيران، كونه يحقق مصالح الفاعلين الأقوى (أميركا، إسرائيل، روسيا، تركيا)، وقطف روسيا ثمن أعمالها من خلال الانتقال إلى مرحلة جديدة (إعادة الإعمار) واحتكارها لأمواله المتوقعة. أما بالنسبة للقوى الداخلية (بقايا جيش الأسد وفروع مخابراته، والميليشيات سواء التابعة لروسيا أو إيران، والقوى الاقتصادية التي نشأت بفضل علاقة توزيع الثروة الناتجة عن احتكار الدولة للبلاد والعباد للمقربين والموالين، فتشكلت تلك الطبقة الجديدة حول رامي مخلوف، الذي كان يتحكم بنصف الاقتصاد في سورية)، فما تقتضيه ترتيبات المرحلة وخاصة بعد تحقيق “النصر” العسكري هو إجبار تلك الطبقة الجديدة على دفع تكاليف ذلك الانتصار -الدمار، أو مصادرة أموالها، ولا ندري إن كان تصفيتها سيكون أمراً لاحقاً لمصادرة أموالها.

وسط هذا التصارع، أين يقف السوريون، فهم يعرفون قبل غيرهم مدى وحشية نظام الأسد وعصاباته من الجيش والمخابرات التي أذاقتهم شتى صنوف التعذيب والقتل. كما يعيشون فعلياً حجم الفساد والنهب واللصوصية التي تخترق جسد الجهاز البيروقراطي لحكومات الأسد المتعاقبة، فالطوابير التي يشهدها السوريون للحصول على الحدود الدنيا من المواد التموينية والغاز مرعبة، فضلاً عن غلاء الأسعار الذي يأكل جسد وأرواح السوريين، أما الكهرباء، فهي من النوادر، في الوقت الذي يقوم فيه عماد خميس (المهندس المُخبر) والحكومات من قبله بتصدير جزء مهم منها إلى لبنان “دعماً” للمقاومة، وتحويل الأموال لحساباتهم الخاصة في بنوك الغرب.

تتطلع الدول الفاعلة لتقرير مصير سوريا من دون السوريين، وما يجري ويتم تسريبه اليوم يعكس في أحد تجلياته هذا الصراع، فالروس والإيرانيون استولوا على ما تبقى من موارد البلاد، وأقاموا قواعد عسكرية، ورجال الأعمال الجدد إما مرتبطون مع روسيا أو مع إيران. وما يجري من صراع بين عائلتي الأسد ومخلوف في جانبه الأهم – رغم أنه يحمل جوانب أخرى- ليس إلا صراعًا على النفوذ في سوريا بين إيران وروسيا، فهل سيأخذ السوريون دورهم في الترتيبات التي تلوح في الأفق خاصة إذا قررت روسيا التخلي عن رأس النظام؟ هذا هو المطلوب، ولكن ما مدى إمكانية تحققه وسط الحالة البائسة التي يعيشها السوريون و”معارضتهم”، أم أننا سنبقى ننتظر ما يقرره الآخرون؟، هذا ما ستكشف عنه الفترة المقبلة التي لن تتجاوز العام…

تلفزيون سوريا

—————————-

من يخلف عائلة الأسد في حكم سوريا؟ (مقال تحليلي)/ جنكيز طومار

قد يكون العنوان غريبًا في الظرف الحالي، إذ يواصل نظام بشار الأسد الحفاظ على الحكم في سوريا بمساعدة روسيا وإيران، والأصح أن نقول في غرب الفرات باستثناء إدلب، أي في المدن والموانئ الرئيسية والشرايين التي تربطه.

ومع ذلك، ينبغي ألا يكون هناك شك في أن النظام الذي قتل أكثر من نصف مليون مواطن منذ بداية الحرب عام 2011، والذي شرد أكثر من نصف سكان سوريا البالغ عددهم 22 مليونًا، كلاجئين ونازحين خارج وداخل البلاد، تمكن من تحقيق “انتصار بيروسي” (يرمز للنصر مع تكبد تكاليف مدمرة).

** إلى زوال

في واقع الأمر، قد تكون التحليلات والمقالات المنشورة في الصحافة الدولية حول نهاية حكم عائلة الأسد، والبدائل الجاري الحديث عنها لخلافة بشار، تدل على أن فترة صلاحية العائلة قد انتهت وأن موعد زوالها قد اقترب.

منذ البداية، دعت تركيا إلى “سوريا من دون الأسد”، والتطورات الجارية حاليا تظهر مدى صحة الأطروحة التركية.

ما قلناه منذ البداية هو أن إعادة بناء الدولة السورية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، لا يمكن أن يتم مع بقاء نظام قتل مئات الآلاف من المواطنين ودفع أكثر من نصف سكان البلاد إلى التحول للاجئين ومهجرين ومشردين بلا بأوى.

كما أن ملايين المعارضين لعائلة الأسد، داخل وخارج البلاد، بما في ذلك محافظة إدلب، لا يفكرون بالعودة إلى ديارهم طالما أن نظام الأسد بقي في سدة الحكم، هذا الوجود المستمر منذ نحو نصف قرن.

إضافة إلى ما سبق، لا يمكن الحديث عن عودة اللاجئين وعن سوريا موحدة في ظل استمرار عائلة الأسد في الحكم.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن نظام الأسد ميدانيًا لا يسيطر على كامل الجغرافيا السورية، في ظل وجود مناطق شرق الفرات المسيطر عليها من قبل قوات تشكل منظمة “بي كا كا” الإرهابية عمودها الفقري وتحظى بدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

هذا بالإضافة إلى مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها قوات المعارضة المدعومة تركيًا.

لقد أظهرت التطورات أن كل من تركيا وروسيا وإيران، على الرغم من اختلاف وجهات نظرها، تدعم وجود كيان سياسي مركزي لسوريا الموحدة، إلا أنه وفي الوقت عينه، تدعم الولايات المتحدة فكرة إنشاء نظام اتحادي في سوريا ولو بالحد الأدنى.

وفي الوقت الذي تدعم فيه كل من موسكو وطهران فكرة كيان سياسي موحد في سوريا، إلا أنهما تعملان على أن تكون حكومة هذا البلد مكونة من الأطراف الموالية لهما والخاضعة لسيطرتهما، فيما تقترح تركيا تأسيس حكومة منتخبة تضمن تأسيس نظام ديمقراطي يضمن عودة اللاجئين إلى بلادهم.

في الواقع، الاقتراح المقدم من قبل تركيا، لا يحظى بدعم من قبل الجهات المعنية وعلى رأسها إسرائيل وإيران وروسيا والولايات المتحدة، إضافة إلى “بي كا كا” الإرهابية، لاسيما وأنه في حال عودة اللاجئين، فمن المرجح أن تسفر الانتخابات عن حكومة توصل العرب السنة أو الإخوان المسلمين والمجموعات المماثلة إلى سدة الحكم، لهذا السبب لا تتفق تلك الدول مع الطرح التركي.

ومع ذلك، فإن تجدد المطالب بتنحي الأسد عن السلطة وطرح أسماء بديلة عبر وسائل الإعلام خلال الأشهر القليلة الماضية، إنما يشير إلى دخول سوريا في خضم عملية سياسية جديدة.

** رؤية إسرائيلية

وبهذا المعنى، جاءت العروض الأولى من صحفي إسرائيلي يدعى إيدي كوهين، وهو مستشار في مكتب رئاسة الوزراء، والذي نشر رسائل باللغة العربية على وسائل التواصل الاجتماعي، تشير أن خبير العلاقات العربية الإسرائيلية، الصحفي فهد المصري قد يكون بين الأسماء المرشحة لخلافة بشار الأسد.

يمتلك فهد المصري (مواليد 1970) شخصية مثيرة، فضلًا عن انتمائه لأسرة عربية سنيّة ومحافظة، من سكان حي الميدان الدمشقي.

كان المصري، الذي عمل صحفيًا في القنوات الإعلامية المعارضة لنظام الأسد، على علاقة وطيدة مع السياسي السني عبد الحليم خدام الذي شغل منصبي وزير الخارجية ونائب رئيس الجمهورية، لفترة طويلة خلال فترة “الأسدين” الأب والابن، قبل وفاته في باريس، 31 مارس الماضي.

وبحسب ما جرى تداوله عن المصري، فقد أسس “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا”، المدعومة من إسرائيل في باريس، وبحسب إيدي كوهين، فإن المصري الذي يتميز بهوية علمانية يتمتع بعلاقات جيدة مع تل أبيب، ومن أقوى الأسماء التي يمكن أن تخلف الأسد في منصبه بعد يوليو/ تموز 2020.

ومع ذلك، لم تأخذ الصحافة العربية تلك التعليقات على محمل الجد، بل اعتبرت هذه التعليقات على أنها أمنيات يحاول إيدي كوهين الترويج لها.

** كمال اللبواني

وبعد فترة وجيزة من الشائعات التي جرى طرحها حول “المصري”، سرت ادعاءات جديدة حول إمكانية أن يكون كمال اللبواني، مؤسس “التجمع الديمقراطي الليبرالي”، من بين الأسماء المرشحة لخلافة بشار.

اللبواني عمل طبيبا عسكريا خلال مذبحة حماة عام 1982، لكنه أصبح شخصية سياسية معارضة لنظام البعث الحاكم بعد أن شهد أحداث المذبحة.

من المثير للاهتمام أن اللبواني، الذي تربطه علاقات جيدة مع إسرائيل، يقول إن هناك اتفاقًا دوليًا على أن بشار الأسد سيترك منصبه ويحل محله الدمشقي “علي مملوك”، الذي يعتبر أحد الأركان المهمة في النظام السوري من خارج عائلة الأسد.

ووفقًا لـ اللبواني، فإن تسلم “مملوك”، المدير السابق للمخابرات السورية والمستشار الأمني لبشار، من شأنه تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.

كما يدعي اللبواني أيضاً أن “مملوك” الذي لم يقبل هذا العرض، جرى تهديده من خلال إدراجه في القائمة السوداء ومقاضاته في المحكمة الدولية، لاسيما وأنه متهم في الضلوع بعدة جرائم منها تنظيمه لاغتيالات سياسية في لبنان وجرائم عديدة ضد المعارضة السورية.

** محمد زيتون

اسم آخر تداولته الصحافة الدولية وهو محمد ديب زيتون، من عائلة دمشقية سنية و يشغل منصب رئيس المخابرات السورية حاليا.

ويعتقد اللبواني أن إقصاء عائلة الأسد عن الحكم في سوريا سوف يتم بنهاية هذا العام.

** الرحيل المحتمل

إن تزايد وتيرة الأنباء في الصحافة الغربية والعربية والروسية حول رحيل محتمل للأسد، على مدى الشهرين الماضيين، يعزز هذا الاحتمال.

وفي الوقت الذي تذكرت فيه وسائل الإعلام الغربية، فجأة، بأن نظام الأسد استخدم أسلحة كيميائية وأنه لا بد من محاكمته على الانتهاكات التي اقترفها بحق المدنيين، أفردت وسائل الإعلام الروسية حيزًا واسعًا على صفحاتها لانتقاد فساد عائلة الأسد والانتهاكات التي تقترفها ضد المواطنين.

** قضية رامي مخلوف

الإعلام العربي تطرق إلى الخلافات التي تعصف بين زوجة الأسد، أسماء الأخرس، وأقاربها، وبين ابن خال الأسد رامي مخلوف، في ظل الأزمات الخانقة التي يعيشها الاقتصاد السوري، الذي يعاني من انتكاسة مدمرة بسبب انتشار وباء كورونا، وحالة الكساد الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.

إلى جانب ما سبق، أجمعت وسائل الاعلام، على انغماس عائلة الأسد في قضايا فساد كبيرة، وشراء بشار لوحة لزوجته يقدر ثمنها بآلاف الدولارات، وممتلكات عقارية فارهة في موسكو، ووصول ثروة ابن خاله رامي مخلوف 5 مليارات دولار.

** حل وسط

وبالنظر إلى الأسماء المقترحة لخلافة الأسد، نستطيع القول إن مستقبل سوريا يجري التخطيط له بشكل يحد من النفوذ الإيراني وما يتماشى مع مصالح الأمن القومي لإسرائيل، والعثور على حل وسط يرضي كل من روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

ومن المحتمل أن يكون الهدف من هذه التسريبات، هو قياس ردود فعل المجتمع الدولي، فيما يتمحور الاحتمال الآخر حول رغبة موسكو بالضغط على نظام الأسد وإرغامه على فعل ما تريد، من خلال نشر تقارير إعلامية عن فساد النظام لإبقائه تحت السيطرة، لاسيما وأن الأسماء التي اقترحت كبديل لا يبدو أنها ستكون مقبولة من قبل أنقرة.

——————————-

البروفيسور الدكتور جنكيز طومار، نائب رئيس الجامعة التركية الكازاخية الدولية

الآراء المنشورة في المقال لا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لوكالة الأناضول

——————————-

دافعة أرخميدس السورية/ أحمد عمر

اشتهر العالم الإغريقي، أرخميدس، بصيحة الكشف عندما هتف، من غير خيل ولا ركاب: غوووول لسورية… عفواً لقد خلطنا بين عدنان بوظو وأرخميدس، وكلاهما عالمان، الثاني في الفيزياء والأول في تحويل الهزيمة إلى نصر للرئيس، وكان بوظو أحد علماء سورية الأفذاذ، إلى جانب شريف شحادة وبثينة شعبان التي نقلتْ ضحايا الكيماوي بسرعة الضوء من الغوطة إلى الساحل في مركبة فضائية.

وقد ذهلنا بظهور رامي مخلوف ظهوراً ثانياً، وكان المذكور زاهداً في الشهرة، متقشفاً في التصريحات، مكتفياً بالأسودَين: الأعمال الخيرية والاعتكاف في الحسينيات، وقد بلغ من زهده أنَّ لقبه صار السيد خمسة بالمائة، والناس تظن أنَّه يأخذ من كل مواطن خمسة بالمائة، والأمر معكوس، فهو يأخذ خمسة وتسعين بالمئة! وذُهلنا أيضاً باكتشاف رامي مخلوف أنَّ ظلماً يقع في سورية الأسد، واكتشفنا أنَّ صاحب الضريبة متدين ويعرف بعض الآيات القرآنية، واعترتْنا الدهشة ونحن نراه يصدّر العبارات الدينية على صفحته كالدعاة والوعّاظ، ولم نتأكد بعد: هل هو تأثير الدين الشاميّ، أم أنَّه مستوَرد من إيران التي لا تكفّ عن تصدير الثورة والمستشارين؟ واكتشفنا أنَّ بطل “سيريتل” رقيق القلب ويبكي على الفقراء. واكتشفنا أيضاً أنَّ الأسد، بخطابه أول من أمس، حريصٌ على شعبه، ولم يذكر ابن خالته بالاسم، فالدولة فوق العائلة. وعرفنا منه أنَّ التجار يخنقون الشعب، وليس المخابرات، ولا ابن خالته، وأنَّ الدولة ستتدخل وتنظّم العلاقة بينهم، وأنَّ الأمر سيتجاوز الضبوطات التموينية. وعرفنا أنَّ الأسد ليس طائفياً، بدليل أنَّه سيأكل ابن خالته، كما ذكر فراس الأسد في رسالةٍ من تحت الماء.

واكتشفنا أنَّ النظام السوري الذي برع في أمر واحد، إرساء الأمن والاستقرار، وإجبار الأرانب على الاعتراف بأنَّها غزلان، قد صحا من نومه، واكتشفنا أنَّ رامي مخلوف ثائر، وقد اختفى في غابات صلنفة لكي يدير الثورة بالفيديو، وأنَّ رسائله، من تحت حطب لم يشتعل، ناعمة، واستمتعنا بمشهد الحطب مصفوفاً مثل كتبٍ في مكتبة.

واكتشفنا أنَّ لكل قطيعٍ كبشاً أسود، وأنَّ فراس الأسد كبش أبيض في القطيع الأسود. واكتشفنا مع أرخميدس أنَّه يستحيل على من يعجز عن تركيب جملةٍ مفيدةٍ باللهجة العامية، جملة فيها بيان الجملة الشعبية، وللكلام العاميّ بلاغته، أنَّ يُؤتى كل هذه الثروة إلا بأمرين: النفوذ والسلطان أو الطماطم والباذنجان.

وقد امتدّ بنا العمر إلى اللحظة، لنكتشف أنَّ مخلوف والأسد، وملايين اللصوص الصغار في السلطة، لم يسرقوا مالاً، وإنَّما هي دماء، وأنَّ شعباً كاملاً كان يعمل بدل الساعة عشراً، وأنَّ أرض سورية وسماءها بيعتا، وأنَّ مخلوف كان عبداً مأموراً لحس إصبعه.

وجدير بالذكر أنَّ أرخميدس اكتشف قاعدة الانغمار، وهو قانونٌ فيزيائي يُعتبر من أساسيات ميكانيكا الموائع، وينصّ على أنَّ

انطلق أرخميدس مسرعاً شبه عارٍ، فرحاً بالقانون، صائحاً: وجدتُها، وجدتُها (باليونانية: Eureka) وأصلها عربي، ومن غير برهان، فكما أنَّ أصل البشر آدم، كذلك العربية هي أصل كل اللغات. ‏وانطلق إلى بيته، وأخرج التاج ووضعه في الماء بعد أن وزَنَه، ووضع في الإناء نفسه كتلةً من الذهب الخالص، لها وزن الجسم الأول نفسه، فلاحظ أنَّ كتلة الماء المزاح في حالة الذهب تختلف عن كتلة الماء المزاح الناتج عن وزن الذهب الخالص، وذلك نظراً لاختلاف دفع الماء على كتلة كل من الجسمين. وسنكتشف أن رامي كان بطريركاً، وكان يتجسّس على كل مكالماتنا، أما أرخميدس، فكان ذهبه من “جنى” عمره.

العربي الجديد

—————————–

الكرملين وصراع الأسد-مخلوف/ بسام مقداد

تتعدد الفرضيات حول خلاف الأسد- مخلوف وتتناقض في ما بينها ، وتثير من التساؤلات أكثر مما تقدم من الأجوبة . فهل الخلاف حقيقي أم مصطنع بهدف تعويم الأسد وتبييض صفحته ، بعد ما لحقها في الفترة الأخيرة من تشوهات، بسبب فضائح الفساد والعجز عن إدارة السلطة ، التي تبرع بكشفها إعلام “طباخ بوتين”، ونأي إعلام الكرملين بنفسه عنها. ولا يثير أقل من تلك التساؤلات موقف الكرملين من هذا الصراع ، وما إن كان يقف وراءه ، أو أنه يجري في حضنه ، ويعاينه متفرجاً ، ينتظر خواتيمه متحيناً  فرص القطاف.

جميع هذه التساؤلات وسواها الكثير، خاصة في ما يتعلق بالكرملين ، من الصعب الإجابة عليها ، في ظل صمت الكرملين المطبق بشأنها ، وابتعاد إعلامه ومسؤوليه كلياً عن التطرق إلى هذا الصراع ، من قريب أو بعيد. ولم يخرق هذا الصمت ، حتى الآن على الأقل، سوى صحيفة القوميين الروس “SP” المعارضة لسياساته الداخلية ، والمنتقدة “غزله” الموسمي بالغرب ، وصحيفة “NG” ، التي تدعي إستقلالية مزيفة ترتسم في خلفيتها بوضوح أبراج الكرملين .

الصحيفة الأولى “SP” كتبت في 3 الشهر الجاري مقالة بعنوان “سلطة الأسد يقوضها الشجار مع الأخ الملياردير (أبناء العم والخال هم إخوة في ما بينهم ، وفق العرف السلافي) بسبب روسيا ، مع عنوان إضافي “مواجهات أكثر عائلات دمشق نفوذاً لن تنتهي على خير”. وبعد أن يرسم كاتب المقالة لوحة شديدة القتامة لوضع الأسد المفلس والممنوع من الحرب من قبل روسيا وأميركا من أجل استرداد النفط من الأكراد ، تبرز للأسد على خلفية هذه اللوحة مشاكل سياسية جدية مع إبن خاله الملياردير رامي مخلوف. ومخلوف هو الأكثر غنى ونفوذاً في سوريا، حتى يقال بأن الأسد سن الكثير من القوانين لتلائم مصالح مخلوف بالذات ، حسب الكاتب. وبعد أن يسترسل في وصف ثروات مخلوف ومفاخرته، هو وأسرته، بهذا الغنى في سوريا الجوعى والمدمرة، يقول الكاتب ، بأنه مع كل هذه الثروات تبين أن مخلوف مدين لخزينة الدولة بمئات ملايين الدولارات كضرائب ، يقال بأنه لم يدفع شيئاً منها طيلة سنوات الحرب الأهلية .

إقتراح مخلوف عبر شريط الفيديو الأول ، بأن يضع الأسد إطاراً ما ليدفع مخلوف مستحقات الخزينة ، دون إلحاق الضرر بمصالح شركة سيرياتل، اعتبره الأسد تهديداً بوقف أعمال شركة الخليوي ، مما يطال كل سوري تقريباً . وثمة اعتقاد ، حسب الكاتب ، بأن لدى مخلوف خطة للدفع للأسد شخصياً ، بغية تفادي مشاركة المؤسسات الرسمية في الأمر. وليس مفهوماً لماذا ، ولأي سبب يخشى الملياردير مشاركة زوجة الرئيس أسماء الأسد في هذه الأمور ، ويقال بأنهما على عداء منذ زمن بعيد.

ما كان ليبدو من أمر مستهجن في كل هذه القصة ، مجرد شجار بين نخب محلية ، لو لم تعمد أجهزة الإعلام إلى حشر إسم روسيا في القصة، حسب الكاتب. فهذه الأجهزة تزعم، بأن الضغط على مخلوف وعلى سواه من كبار رجال الأعمال ، مرتبط بمسعى الأسد لجمع أكبر كمية ممكنة من الأموال ، من أجل تسديد الدين الكبير لروسيا . من الصعب الجزم بصحة هذه المزاعم أو خطئها ، لكن الدين الروسي المقصود بالكلام ، يتخطى مبلغ 3 مليارات دولار ، وفجأة قررت دمشق جمع هذا المبلغ على وجه السرعة ودفعه لموسكو.

يقول الكاتب بأن خطورة القصة تكمن في إمكانية زعزعة الوضع القائم حالياً في سوريا. مخلوف المشتبه به بقضايا كثيرة ، كان خلال سنوات طويلة ، مؤيداً وفياً لابن عمته الأسد ، وكان يرصد الأموال حيث ينبغي ، وشارك في جميع المشروعات التي كان يُلزم بها ، أي أنه كان يقوم بكل ما يحتاجه الأسد للإحتفاظ بالسلطة . ومن الطبيعي أنه ، خلال هذه السنوات الطويلة ، حشد حوله فريقاً من المخلصين له في سائر أجهزة السلطة ، وفجأة بدأ الجميع يعلنون طقوس التوبة . لو كان كل ذلك يجري في زمن الإستقرار ، ولو كان في السلطة الراحل حافظ الأسد ، لكانت العواقب في أدنى حد لها ، لكن في سوريا المعاصرة ، ليس سوى الغضب ، حسب الكاتب .

من جهتها، صحيفة “NG” نشرت في 2 من الشهر الجاري مقالة بعنوان “حرب النخب السورية تدور تحت أنف روسيا”، أرفقته بعنوان ثانوي “ما المقصود بشريط فيديو إبن خال الأسد” . بعد أن يسرد الوقائع المتداولة حول هذا الصراع وأسبابه المحتملة، يقول كاتب المقالة، محلل الصحيفة الدائم لشؤون الشرق الأوسط ، بأن الشائعات حول العقوبات ضد رجل الأعمال الشهير ، سيئ السمعة رامي مخلوف  ، بدأت تنتشر منذ السنة الماضية . ووفقاً للشائعات الأكثر تداولاً في الصحافة العربية ، يكمن سبب العقوبات القاسية إلى هذا الحد بحق مخلوف ، في الدين الكبير لدمشق الرسمية (من دون أن يذكر الجهة الدائنة ، وما إذا كانت موسكو أو سواها)، التي لا تستطيع توفير الإستقرار المالي بالطرق التقليدية ، ولهذا تجد نفسها مضطرة لجمع الأموال من رجال الأعمال الأكثر غنى. وما جرى ضد مخلوف، هو خلاف المصالح بينه وبين السيدة الأولى أسماء الأسد ، التي تطمع للعب دورها الخاص وسط النخبة السورية . وينقل الكاتب عن جريدة “المدن” تصريحاً للخبير في الشؤون الإقتصادية السورية يونس الكريم قال فيه ، بأن “أياً من الطرفين(أسماء ومخلوف) لن يقدم على التنازل . ومن الملاحظ الآن وجود تباعد كلي بين الطرفين ، وانتصار طرف على آخر يتوقف على العلاقات الدولية وبين الحلفاء المحليين ، مما يساعد روسيا على التوغل أكثر في الإقتصاد السوري” .

ويختتم الكاتب مقالته القصيرة بمحاولة الإجابة عن موقف الكرملين من هذا الصراع المتفجر، فيرى أن الجانب الروسي، ووفقاً لما تشير إليه الأمور، لا يميل للمشاركة العلنية في صراع النخب هذا .

المدن

——————————

لوفيغارو: وراء تسوية حسابات حاشية الأسد صراع نفوذ روسي-إيراني؟/ آدم جابر

قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن الرئيس السوري بشار الأسد في “حرب” مع ابن خاله الغني وممول نظامه رامي مخلوف؛ متساءلة: هل هي معركة بين الحاشيات المتنافسة في دمشق؟ أم أثر جانبي لمعركة روسية- إيرانية على تقاسم النفوذ في سوريا؟ أو القليل من الاثنين؟.

ووصفت لوفيغارو ما يحدث بـ”ملحمة رامي مخلوف..  النسخة  السورية لمسلسل دلاس الشهير”؛ مشيرة إلى أن الأخير يوجد حاليا- وفق بعض المصادر- في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتردد عليها بشرى، شقيقة بشار الأسد، بشكل منتظم، منذ الوفاة المشبوهة لزوجها آصف شوكت عام 2012 . لكن الصحيفة أكدت أيضاً أن مصدراً “مقربا” أكد لها يوم الاثنين الماضي أن “مخلوف موجود في بيته بدمشق”؛ وأنه بعد ذلك بيومين (الأربعاء) أكدت مصادر أخرى هذه المعلومة، إذ تعرف أحدها على جدران الصالون الذي سجل فيه رامي مخلوف الفيديو الثاني الذي نشره.

وتعتبر لوفيغارو أن ما يحصل لا يمكنه إلا أن يرضي روسيا، الحليف الرئيسي للنظام السوري، طالما أنه يؤكد على الانقسامات في هرم النظام السوري، الذي يبدو أن فلاديمير بوتين غير راضٍ عليه؛ وفق ما يؤكد عليه بعض المعارضين السوريين، خاصة بعد نشر وكالة أنباء “ريا-فان” المملوكة من قبل صديق مقرب من الرئيس الروسي ، الشهر الماضي، لمقالات “عنيفة” ضد بشار الأسد، أدانا فيها “الفساد”  في سوريا معتبرة أنه “أسوأ من الإرهاب”؛ كما كتبت أن الأسد “ضعيف” حيث أن شعبيته لا تتجاوز 32 %، وفق استطلاع غامض شمل 1400 شخص.  غير أنه تم لاحقًا  سحب هذه المقالات ونفت السفارة الروسية في لبنان أي دعم من الكرملين لهذه الادعاءات.

أياً كانت حقيقة هذه المقالات- تقول لوفيغارو- فإن “الرسالة الروسية إلى الأسد قد تم تمريرها”. ويبقى أن فلاديمير بوتين كان لديه الكثير من اللوم ليعبر عنه لحليفه السوري. أولاً بخصوص الاتصال الهاتفي المثير للقلق الذي تم بين بشار الأسد وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، نهاية مارس/ آذار الماضي، والذي يُعدّ الأول من نوعه منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011. وهو اتصال رأى مراقبون أن أبوظبي سعت من وراءه إلى نسف الاتفاق التركي- الروسي  حول إدلب. ويبدو أن بن زايد عرض مبلغاً ضخماً على الأسد.

لكن دبلوماسيًا في الأمم المتحدة أكد لـ”لوفيغارو” أن “الانزعاج الروسي من الأسد سببه حقيقة أن الروس  غير مرتاحين ترغم الإيرانيين وسيطرتهم على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والإقتصادية في سوريا .. وهي منافسة غير عادلة في نظر الروس، الذين يعتبرون أنه بفضل تدخلهم تم انقاذ الأسد. ولذلك، فهم من يحق لهم الحصول على الجزء الأكبر من الكعكة، خلافاً لما هو حاصل حتى الآن.. إذ أعطى الأسد الإيرانيين ميناء اللاذقية واستخراج الفوسفات، وكانت يفكر في منحهم شركة للهاتف المحمول، لكن الروس عارضوا ذلك”.

واعتبرت “لوفيغارو” أن هذه الحلقة الجديدة من التوترات بين موسكو ودمشق، تعيد إحياء مسألة الحفاظ على المظلة الروسية على الأسد. لكن الدبلوماسي الأممي (مذكور أعلاه) يرى أن “الروس يمكنهم ترك الأسد لكن ليس الآن. لأنه سيكون عليهم قبل ذلك، إيجاد شخص له الوزن ليخلفه ويكون مخلصًا لهم”.

لكن جوست هيلترمان من مؤسسة الفكر الدولية للأزمات أكد أن “بشارالأسد كان دائما عنيدا في وجه الضغط الروسي لأنه يعلم أن روسيا لا تستطيع تحمل الفشل في سوريا”. فحتى وهو في موقف ضعيف، لكنه  يعرف أنه قادر على أن يستتب في فشل حليفه الروسي؛ بحيث إنه لم يتردد في الاقتراب من حليفه الآخر إيران لمقاومة موسكو؛ خاصة وأن طهران تتهم موسكو بعدم القيام بما يكفي لمنع إسرائيل من قصف القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا.

وتخلص لوفيغارو إلى أنه استعداداً للانسحاب الأمريكي، فإن المنافسة  بين الروس والإيرانين جارية في شرق سوريا.  فموسكو تبني قاعدة مروحيات هليكوبتر على بعد 50 /كلم شرق الرقة.  لكن الإيرانيين لديهم السبق، بعد “تجنيد ضباط من القبائل الذين تشيعوا من أجل الحصول على ترقيات”.

فكما فعل بوتين، يريد بشارالأسد هو الآخر السيطرة على كبار الاغنياء النافذين .. فتحت غطاء العقوبات سيعاد النظر في آليات الاقتصاد. وقد تشهد هذه المرحلة  اعادة استيلاء الدولة على بعد القطاعات الحيوية بمساعدة من المخابرات. وهاذا ما لم يفهمه رامي مخلوف”، كما تنقل الصحيفة عن المعارض السوري المقرب هيثم مناع.

القدس العربي

————————

فايننشال تايمز: خلاف عائلة الأسد “مسلسل رمضاني حقيقي

قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن شكاوى رامي مخلوف ضد ابن خالته الرئيس بشار الأسد تكشف عن وجود توترات داخل السلطة.

وفي تقرير بعنوان “ملياردير ضد الرئيس، خلاف عائلة الأسد يسيطر على سوريا”. قالت تشولي كورنيش إن السوريين أثناء رمضان يعيشون على المسلسلات الرمضانية المتهورة، ولكنهم يعيشون في هذا الشهر المقدس ملحمة عائلية حقيقية لا تشبه غيرها من المسلسلات، وهو خلاف غير مسبوق داخل العائلة الحاكمة التي تحيط نفسها بجدار من السرية، حيث وضعت مليارديرا ضد ابن خالته، الرئيس.

وبعد تسعة أعوام في الظل أو تحت الرادار، قام مخلوف الذي يدير مملكة تجارية بتصوير نفسه الأسبوع الماضي وهو يشتكي بطريقة غير متوقعة.

وقال إن السلطات السورية تقوم بنهب تجارته، فيما يقوم الأمن الخاص باستهداف العاملين في مؤسساته. وتساءل: “هل توقع أحد قيام الشرطة السرية بملاحقة شركات رامي مخلوف الذي كان من أكبر الداعمين لها؟”.

وقال في شريط فيديو ثانٍ بثه على صفحته في فيسبوك: “طُلب مني التنحي” في محاولة منه لمناشدة قريبه الأسد أن يكون منصفا معه. وتقول الصحيفة إن مخلوف كان يعتقد أنه محصن ولا أحد يستطيع لمسه نظرا لعلاقته القريبة من عائلة الأسد، إلا أن مناشداته للرئيس تؤشر إلى تغييرات في بنية السلطة داخل العائلة الحاكمة التي تنتمي إلى الطائفة العلوية وتسيطر على سوريا منذ سيطرة حافظ الأسد على السلطة عام 1970.

ومع أن رفعت الأسد حاول الانقلاب على شقيقه حافظ عام 1984، إلا أن عائلة الأسد “لن تنشر غسيلها القذر من قبل” كما تقول لينا الخطيب، مسؤولة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس بلندن. وتقول إن استخدام فيسبوك يعني أن “الخطوط المباشرة مع الأسد قد انقطعت بشكل كامل”.

وتأتي المداهمات على إمبراطورية مخلوف المالية التي تعتبر فيها “سيرياتل” جوهرة التاج، في وقت يحاول فيه الأسد تقوية سيطرته على البلاد التي دمرتها الحرب.

وفي الوقت الذي ساعده التدخل الروسي والإيراني على استعادة 70% من الأراضي التي خرجت من يده منذ بداية الحرب الأهلية، إلا أن الجهاديين لا يزالون يسيطرون على جيوب في شمال- غرب البلاد، فيما يعاني الجنوب الذي استعادته الحكومة من انعدام الأمن. وتعاني نسبة 80% من السوريين من الفقر.

ولا يمثل رامي مخلوف أي تحد حقيقي للأسد، إلا أنه كشف عن “توتر داخل الدائرة الأولى في وقت باتت فيه الكعكة تصغر والتنافس والإتهامات المتبادلة حادة” كما يقول إميل هوكاييم، المحلل في شؤون الشرق الاوسط بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية.

وأضاف: “مخلوف ليس مستشارا (لزعيم العصابة) أو جنرالا، بل يجلس درجة تحت بشار”. وهو متهم بمراكمة الثروة بطرق الفساد، ولهذا فرضت عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات؛ لأنه استخدم ماله لتمويل الجهود الحربية للنظام.

ووصف مخلوف نفسه بـ”الداعم الأكبر” للقوى الأمنية. ولكن هناك إشارات بدأت تظهر العام الماضي أن قطب المال لم يعد مقربا للأسد أو دائرته المقربة. ففي كانون الأول/ ديسمبر، جمدت وزارة المالية أرصدته وتلك المسجلة في لبنان، فيما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة نفط مسجلة في الخارج، لأنه لم يدفع الجمارك.

ونفى مخلوف لاحقا أن تكون له علاقة بالشركة. وفي نيسان/ أبريل، هاجمت السلطات المصرية سفينة شحن كانت محملة بالمخدرات التي تم حشوها في صناديق لتوزيع الحليب، وهي تتبع لشركة يملكها مخلوف.

ونفى مخلوف أن تكون له علاقة بالحادث عندما تحدث في الفيديو. إلا أن ما دفعه للخروج والحديث هو ما حدث الشهر الماضي، فقد قررت وزارة الاتصالات إعادة النظر بالرسوم التي تدفعها “سيرياتل” والمنافسة لها “أم تي أن” حيث طلبت الوزارة منهما دفع 180 مليون دولار كرسوم للرخصة التي تم إعادة تقييمها.

ودافعت الوزارة عن قرارها عندما قال مخلوف إن الأمر لم يكن له مبرر. وقال رجل أعمال: “لم تكن هزة م ب س التي جعلت أصحاب المليارات يتذللون لدفع الضريبة” حيث وصف إهانة مخلوف، في إشارة إلى حملة الاعتقالات التي قام بها محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي ضد رجال أعمال وأمراء واعتقالهم في فندق ريتز كارلتون بالرياض.

ونظرا للسرية التي تحيط بالقصر الرئاسي وسياسته، فلا أحد يمكنه فهم السبب الذي جعل مخلوف يخرج للعلن، إلا أن الدولة تعاني من نقص المال وتراجع في قيمة العملة المحلية، فيما يشتكي رجال الأعمال من ملاحقة مصلحة الضريبة لهم ومطالبتهم بدفع ضرائب تخلفوا عنها ورسوم أخرى.

كما أن الداعم الرئيسي للأسد، روسيا تورطت في حرب طويلة في سوريا التي تعاني كما يقول دبلوماسي روسي سابق من “استشراء الفساد”.

ولكن جذور الخلاف قد تكون أعمق، حيث قال شخصان يعرفان ما يجري داخل الدائرة المغلقة، وتحدثا عن خلافات عميقة بين مخلوف وأسماء الأسد، السيدة الأولى في سوريا.

وتترأس الأسد أكبر منظمتين للمساعدة في سوريا، حيث يتم تمرير الملايين. ورغم كراهية قطاعات واسعة لمخلوف بسبب اتهامات الفساد ودعمه للنظام، إلا انه يحظى بدعم داخل الطائفة العلوية.

وأكد مخلوف على نشاط جمعيته الخيرية في منطقة الساحل التي تعيش فيها الطائفة. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على الجمعية “البستان” عام 2017، لعلاقتها مع ميليشيا مؤيدة للنظام.

وتقول الخطيب إن مخلوف استخدم سلاح الفيديو لتصوير نفسه كحارس للطائفة العلوية ومصالحها، فيما حذر عدد من المعلقين أن أي تحرك ضد مخلوف قد يخلق مشاكل داخل الطائفة.

وكتب النائب السابق في البرلمان شريف شحادة: “لا تعرّضوا (منطقة الساحل) للنار والحروب والدمار” متهما قوى الأمن بأنها تستهدف العاملين في “سيرياتل” بدون أن يكشف عن هوية الجهة الأمنية. وقال مخلوف مناشدا الأسد: “هؤلاء هم رجالك وموالون لك”. ولكن الأسد لم يرد، وطلب في خطاب ألقاه يوم الإثنين بالحد من زيادة الأسعار والفساد، ولم يذكر ابن خاله.

القدس العربي

——————————–

لأول مرة منذ 50 عاما في سوريا… صراع عائلي بهرم السلطة بين الأسد ومخلوف

منذ خمسين عاما، لم تكن عائلة الأسد التي تحكم سوريا ممزقة على رؤوس الأشهاد كما هي اليوم، بعد أن تفجر الصراع بين الرئيس بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف على وسائل التواصل الاجتماعي، خلافا لقاعدة كتم النزاعات في إطار العائلة.

بهذا الملخص، افتتحت صحيفة لوموند الفرنسية مقالا بقلم الصحفي المخضرم ومراسلها في بيروت بنيامين بارت، قال فيه إن المواجهة بين مؤسس النظام حافظ الأسد وشقيقه رفعت عام 1984، وإن لم تكن بعيدة من الخروج إلى الشارع، لم تكتب عنها الصحافة الرسمية كلمة، حتى لا تفسد الوهم بوجود نظام هرمي مثالي متحد في طاعته لسيد دمشق.

ولكن هذا المحظور -كما يقول الكاتب- كسر في الأيام الأخيرة بنشر مقطع فيديو على فيسبوك يخاطب فيه رامي مخلوف، أغنى رجل أعمال في سوريا، ابن خاله بشار الأسد الذي ينحدر مثله من الأقلية العلوية.

وفي المقطع الأول الذي بث على الإنترنت يوم الخميس 30 أبريل/نيسان الماضي، ظهر قطب الاتصالات الذي يمقته المعارضون للنظام باعتباره رمزا للفساد، وهو يتوسل إلى رئيس الدولة لإعادة جدولة المتأخرات الضريبية التي تبلغ 178 مليون دولار والتي تطالب مجموعة بأدائها، حسب قوله.

وفي المقطع الثاني، الذي صدر يوم 3 مايو/أيار الحالي، شجب مخلوف (50 عاما) الذي مول إلى حد كبير قمع ثورة 2011 ضد الأسد، الضغوط التي تمارس على شركته سيرياتل التي تتربع على سوق الهواتف المحمولة، لا سيما اعتقال موظفين فيها.

وتساءل مخلوف “هل يمكن لأي شخص أن يتخيل أن الأجهزة الأمنية تهاجم شركات رامي مخلوف الذي كان أكبر داعم وراع لهذه الخدمات خلال الحرب؟”، مضيفا، فيما يشبه التهديد المبطن “إذا واصلنا السير في هذا الطريق سيصبح الوضع في البلاد صعبا للغاية”.

بكائيات مضحكة

وقال الكاتب إن مثل هذا التباكي، من جانب رجل مثل رامي مخلوف اقتطع نصف اقتصاد البلاد، يعتبر أمرا مضحكا تماما بقدر ما تعد محاكمة السلطات له مثيرة للسخرية، فهي التي خفضت حصة الدولة من أرباح سيرياتل في عام 2014، من 60% إلى 20%.

واعتبر أن الخلاف بين الشريكين السابقين يمكن أن يكون دليلا على إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي السوري بعد تسع سنوات من الحرب الأهلية التي شهدت انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من ستين مليار دولار في عام 2010، إلى 17 مليار اليوم.

وينقل الكاتب عن جوزيف ضاهر، الخبير السياسي السوري السويسري والباحث في معهد الجامعة الأوروبية في فلورانس إن “الأموال المقتطعة سنويا من الحكومة تراجعت بشكل كبير”، وبالتالي “يسعى الأسد وزوجته أسماء وأخوه ماهر إلى تركيز الثروة القليلة المتبقية في أيديهم وأيدي رجال الأعمال المرتبطين بهم، إذ لم تعد العائلة الصغيرة تريد الاعتماد على مخلوف الذي تنوي تقليل استقلاليته وإخضاعه للرئاسة”.

وقال الكاتب إن المؤشرات الأولى للخلاف بين الأسد ومخلوف ظهرت في أغسطس/آب 2019، ووقتها بدأت شائعات تتحدث عن توقيف مخلوف في المنزل والاستيلاء على جزء من ممتلكاته، بعد الصدمة التي أحدثتها الصور التي نشرها ابناه على منصات التواصل.

وهكذا -يضيف الكاتب- وجد المستفيد الأول من عمليات الخصخصة التي قررها بشار الأسد عندما وصل إلى السلطة عام 2000، نفسه متهما بالتهرب من الضرائب.

ومع أن وضع مخلوف في الإقامة الجبرية لم يثبت، فإن وزارة المالية جمدت أصوله في ديسمبر/كانون الأول 2019 بشكل رسمي، في إجراء شمل أيمن جابر المتخصص في المحروقات، وطريف الأخرس بطل صناعة المواد الغذائية، وسامر الدبس رئيس غرفة التجارة والصناعة بدمشق.

 وفي السياق، وضعت “أم تي أن”، ثاني أكبر شبكة للهاتف المحمول، تحت وصاية إحدى المقربات من أسماء الأسد، وربما يكون مصير مشابه ينتظر سيرياتل، إما التأميم وإما الاستيلاء على رأس المال، كما يقول الكاتب.

على منوال ريتز كارلتون

وينقل الكاتب عن رجل أعمال علوي يتنقل بين دمشق وبيروت قوله إن “بشار الأسد يريد استعادة أمواله”، في عملية “مستوحاة من عملية فندق ريتز كارلتون”، في إشارة إلى العملية التي سمحت لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالسيطرة، في شتاء 2018، على أصول مئات الشخصيات المرموقة في المملكة، بينهم أعضاء في الأسرة الحاكمة.

وكما هي الحال في السعودية عندما استغل بن سلمان الأمر لتحييد المنافسين، فإن مناورة الأسد قامت بسبب الضرورات الاقتصادية إضافة إلى الحسابات الشخصية.

وقال أيمن عبد النور، مدير موقع إخباري مؤيد للمعارضة “إن الطوابير أمام المخابز أصبحت أطول. والحكومة بحاجة إلى المال لشراء القمح من الروس، كما أن أسماء الأسد أيضا تريد تأمين مستقبل أطفالها”.

وأوضح الكاتب أن الحملة أجريت بشكل انتقائي، ونجا منها العديد من المستفيدين من الحرب ممن ينظر إليهم على أنهم فاسدون، مثل سامر فوز صاحب فندق فورسيزونز، أرقى فندق في دمشق.

ومن بين جميع رجال الأعمال الذين استجوبتهم الحكومة، كان رامي مخلوف هو الوحيد الذي تجرأ على الدفاع عن نفسه علنا، لمكانته العائلية، لأن “أي شخص آخر كان من الممكن تصفيته خلال ساعة”.

ومن خلال النشر على فيسبوك، يرى الكاتب أن مخلوف يسعى للاستفادة من الدعم الذي يحظى به بين العلويين المستفيدين الرئيسيين من المساعدات التي توزعها منظمته الخيرية “البستان”.

ويرى جوزيف ضاهر أن “مخلوف على عكس رفعت الأسد، ليس لديه دبابات ولا نية الإطاحة ببشار الأسد، ولكن لديه نفوذ واتصالات ببعض الأجهزة الأمنية ومليشيات مستأجرة يمكن أن يخلق بها نوعا من عدم الاستقرار، مما قد يدفع ابن خاله إلى إيجاد تسوية معه، خاصة أن شخصيات من الطائفة العلوية تخشى أن تعاني الأقلية من هذه الأزمة، بدأت بالفعل وساطة بينهما.

المصدر : لوموند

——————————–

تفاصيل الصراع بين آل مخلوف وآل الأخرس.. وأثره على الاقتصاد/ فراس فحام

لا تمثل التصريحات التي أطلقها حوت المال السوري “رامي مخلوف” من خلال سلسلة المقاطع المصورة التي يبثها مؤخراً سوى رأس جبل من الجليد يطفو على سطح الماء، في حين أن كتلته الأكبر ما تزال مخفية عن الأعين.

خلال ظهور “مخلوف ” الثاني في مطلع شهر أيار / مايو الجاري، طالب “بشار الأسد” بوضع حد لتدخلات الدائرة المحيطة به، لأنهم يسعون وبحسب وصف “رامي” لجني الأموال لجيوبهم.

صراع قديم

شرارة الصراع الأولى بين الفريق الذي تتزعمه “أسماء الأسد” ويضم شقيقها “فراس الأخرس” وابن خالتها “مهند دباغ” وبين آل مخلوف بزعامة “رامي” ووالده “محمد” الذي يقيم في روسيا، تعود إلى صيف عام 2019، عندما بدأ النظام بإعادة توزيع رأس المال على رموز جديدة وتقديمها للمجتمع الدولي على أنها وجوه إصلاحية ونزيهة، وفي هذا السياق بدأت عمليات الحجز على أصول مالية تعود لشركات “رامي مخلوف” و “سامر الفوز” و آل القاطرجي.

وفي شهر أيلول / سبتمبر 2019 أوقف البنك المركزي التابع للنظام التعامل مع شركة “سيريا تيل” التابعة لـ “مخلوف”، تبع ذلك قرار من المديرية العامة للجمارك صدر في شهر كانون الأول / ديسمبر 2019، ينص على فرض الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرامي مخلوف إلى جانب رجال أعمال آخرين أبرزهم “باهر السعدي” و “محمد خير العمريط”.

التضييق الذي مارسته زوجة الأسد وفريقها على “مخلوف” تضمن أيضاً الدخول إلى ميدان الاتصالات الخليوية في صيف عام 2019 عن طريق شركة “إيما تيل”، بالإضافة إلى الاستيلاء على “جمعية البستان الخيرية” الذراع الضاربة لـ “مخلوف” وتحويل ملكيتها لصالح “الأمانة السورية للتنمية” التي تديرها “أسماء”.

وشرع النظام في الأشهر القليلة الماضية في نزع صلاحيات المديرين التنفيذيين في شركة “سيرياتيل” عملاقة الاتصالات الخليوية، وإعطاء هذه الصلاحيات إلى محاسبين قانونيين مكلفين من قبل الرئاسة بشكل مباشر.

رد عائلة “مخلوف”

تمثل رد عائلة “مخلوف” على التضييق الذي يمارسه النظام بقيادة “أسماء الأسد” بسلسلة من التسريبات عبر الإعلام الروسي ، بهدف النيل من الصورة التي يسعى النظام رسمها للفريق الاقتصادي الجديد، وأبرز تلك التسريبات تفاصيل الصفقة الفاسدة بين شركة “تكامل” المملوكة لـ “مهند دباغ” ابن خالة “أسماء الأسد” والنظام، التي حصلت بموجبها الشركة على حقوق إصدار البطاقة الذكية التي أثقلت كاهل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وآلية عمل تلك الشركة وكيف تجبي الأموال عن كل ليتر محروقات أو أسطوانة غاز طبيعي يتم توزيعه للمواطنين، تبع ذلك تسريب قضية شراء “بشار الأسد” لزوجته لوحة بقيمة 30 مليون دولار أميركي كهدية.

وجاءت الفيديوهات التي نشرها “رامي مخلوف” بشكل متتابع مؤخراً، كجزء من سلسلة إجراءات للضغط على “بشار الأسد” بهدف دفعه للعدول عن إجراءاته، خاصة بعد فرض الأسد وأجهزته الأمنية الإقامة الجبرية على المديرين والمستشارين العاملين ضمن شركات “سيرياتيل” و “راماك” و “آبار بتروليوم”، حيث ركز “مخلوف” في خطابه على تأليب الطائفة العلوية على “الأسد” وزوجته، من خلال إشعارهم بأن هناك جهات من خارج الطائفة تسعى للاستيلاء على رؤوس المال التي أنفق منها آل مخلوف على العوائل والقرى الموالية للنظام طوال سنوات الحرب.

تأثير الصراع على اقتصاد النظام

بحسب تقرير صادر عن منظمة “غلوبال ويتنيس” فإن الشركات التابعة لـ “رامي مخلوف” تمتلك قرابة 60% من الاقتصاد في سوريا، بسبب تغلغلها في قطاعات الاتصالات والعقارات والنفط والغاز وسوق المال.

وقبل ظهور مخلوف الأخير، ونقله المعركة مع الدائرة المحيطة ببشار الأسد إلى العلن، استطاع من تهريب المزيد من الأموال إلى شبكته المعقدة الموجودة خارج سوريا، حيث تقدر حالياً أرصدته خارج البلاد بأكثر من 70 مليار دولار أمريكي .

وخلال أسبوع فقط من آخر مقطع فيديو بثه “مخلوف” فقدت الليرة السورية المزيد من قيمتها، وهوت من 1330 ليرة مقابل الدولار إلى 1420 ليرة، في ظل تصاعد الطلب على الدولار خوفاً من تدهور قيمة الليرة السورية بشكل أكبر.

وصول الأزمة بين “مخلوف” و “الأسد” إلى طريق مسدود وتحولها إلى الفضاء العام، يعني أن اقتصاد النظام الذي يمر في أصعب مراحله سيتلقى المزيد من الضغط بعد فقدان الأمل برفد الخزينة بسيولة مالية كبيرة، حيث جرى تجميع هذه السيولة في بنوك دولية ومشاريع متعددة خارج سوريا وتحديداً في الإمارات وروسيا.

الفضائح التي نتجت عن أزمة مخلوف – الأسد الأخيرة، وما كشفته عن حجم الفساد المالي في الاقتصادي السوري من شأنها أن تساهم في دفع رؤوس الأموال الأخرى للهروب من سوريا، كما أنها تضعف احتمالات استقطاب استثمارات دولية جديدة في قطاع “إعادة الإعمار”، الأمر الذي سيفاقم من الأزمة الاقتصادية الحادية، كما أن توقف أكثر من 50 شركة كبرى تتبع لـ “مخلوف” عن العمل سيكون له تداعياته على معدلات البطالة المرتفعة أساساً.

كلمات مفتاحية

—————————

اعتقالاتٌ جديدة..زلزالٌ و وجوم: ماذا يجري داخل “سيريَتل”؟

رغم أن الحركة تبدو طبيعية، في مركز خدمة الزبائن، التابع لشركة “سيريَتل”، بساحة “المرجة”(الشهداء) بدمشق، إلا أن خلف جدرانِ الصالة الكبيرة التي تتوزع فيها مكاتب موظفي “خدمة الزبائن”، ثمةً قلقٌ طارئٌ في مكاتب المدراء؛ المُراقبينَ لعمل الموظفين، ولكل ما توردهُ وسائل الإعلام من أخبارٍ جديدة، حول شاغل سورية هذه الأيام؛ أي “الأستاذ رامي”(كما يُعرف بأروقة سيريَتل).

زلزالٌ وَ وجومْ

يقول أحد موظفي الشركة، إن “الوجوم سيد الموقف..جميع الموظفين حولي بحالة ترقب، غيرَ أن معالم القلق الأقرب للرعب، ستجدهُ عند المدراء الكبار(المدراء التنفيذيين ومدراء الأقسام وعموم مدراء الصف الأول والثاني)”، لكون بعضهم بات يخشى أن يتم اعتقاله، كما حدثَ مع نظرائه.

يضيف ذات المتحدث، وهو ثلاثينيٌ مضى على وجوده بـ”سيرتيل” خمس سنوات:”ما يجري الآن زلزال. أن تكون موظفاً في سيرتيل، يعني أن تَمُرَّ على الحواجز الأمنية دائماً بسلاسة، بل ومع تحية أحياناً. ثمة ارتياحٌ عند عموم الموظفين طيلة السنوات التسع السابقة، أنهم يعملون في شركة الأستاذ رامي(..)هذا يمنحُ موظفي الشركة(مدراء تحديداً، ومن تحتهم بدرجة أقل) امتيازاتٍ جيدة وأريَحيّة”، لكن “ما يحري الآن زلزال”.

فـ”الامتيازات والأريَحيّة”، باتت “اتهامات و ورطة”، إذ أن المشهد انقلب دراماتيكياً، رأساً على عقب، اعتباراً من 1 مايو/أيار الحالي، مع أول ظهورٍ لمخلوف على “فيسبوك”، ثم يوم الثالث من ذات الشهر مع الفيديو الثاني، خاصة لأصحاب المكانة الكبيرة في الشركة، الذين باتوا يخشون ملاقاة مصيرِ زملائهم، القابعين الآن في سجون مخابرات النظام.

وبعد يومين من أول ظهور لرامي مخلوف في الفيديو الأول، بدأت الاعتقالاتُ فعلياً، لمدراء “قادة” في “سيرتيل”، فجر الأحد الماضي، حيث انفردَ موقع “السورية.نت”، بنشر قائمة أبرز المدراء المُعتقلين يومها، وشملت كل من المدراء التنفيذيين في الشركة؛ سهيل صهيون(لبناني)، مدير الموارد البشرية، وبشر مهنا، مدير العلاقات الحكومية(ويشغل مناصب أخرى)، وبسام حتاملة(أردني)، المدير المالي العام.

كما طالت حملة الاعتقالات، التي نفذتها دورياتٌ أمنية، داهمت منازل الشخصيات المذكورة نحو الثانية ليلاً، مدراء “كبار” آخرين، في قسمي المحاسبة والمالية، بينهم محمد دوماني، ورضوان حداد، إضافة لمدير قسم الإعلام في الشركة، وهو علاء سلمور.

اعتقالاتٌ جديدة

لم تتوقف حملة الاعتقالات، عند الأسماء السابقة، بل واصلت أجهزة النظام الأمنية، في الساعات التالية، شن حملةٍ جديدة، حسبما أكد لـ”السورية.نت”، مديرٌ سابق، في شركة “سيريَتل”.

وقال المتحدث، إن دوريات “من فرع الخطيب، داهمت نحو الخامسة من فجر الاثنين، منازل مدراء آخرين، في أقسام المشتريات والتسويق، من بينهم؛ فراس مرادي، وتوفيق طواشي، وهناك شخصيات أخرى”.

وحسب معلوماتٍ أخرى، وصلت لـ”السورية.نت”، من موظفين في “سيريَتل”، فإن المديرة العامة للشركة مَجدة صقر(لبنانية الجنسية)، تواصل عملها “عن بعد، وتجيب أو ترسل رسائل من بريدها الالكتروني لتسيير العمل”.

منشوراتُ “تضامن” حُذفتْ

وقالت نفس المصادر، إن “بعض موظفي ومدراء سيرتيل، قلصوا نشاطاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي(…)البعض حذَفَ في اليومين الأخيرين، منشورات قديمة، تُعبّرُ عن اعتزازٍ بانتمائه لسيريَتل”.

وراجت هذه المنشورات، في الأسابيع القليلة الماضية(قبل ظهور مخلوف) كتعبيرٍ عن التضامن مع الشركة، عندما بدأت تخرج للعلن، أنباء ملاحقة وزارتي المالية و الاتصالات، لسيريتل، لدفع ما عليها من مستحقات، واحتمال أن تواجه “سيريَتل”، مصيراً سيئاً، مع حجزٍ احتياطيٍ طبّقته حكومة النظام على أموال مخلوف، الذي اعتبر أن قرار الحجز، لم يتوخى “الإجراءات والأصول القانونية”، في تصريحٍ نشرته جريدة “الأخبار” اللبنانية، أوائل فبراير/شباط الماضي.

بموازاة ذلك، لا يخفِ موظفون في الشركة “الشماتة” ولو همساً، بمصير بعض المدراء الذين يقبعون الآن، بسجون النظام، ومنهم مدير الموارد البشرية، سهيل صهيون، إذ وبحسب مصادر في “سيريَتل”، فإن الأخير “مشهور بعنجهيته، وضبط الآراء السياسية للموظفين، الذين يجب حسب سلوكه الحاد، أن يكونوا موالين لنظام الأسد دون أي تحفظ”.

لكن هذا السلوك، لا ينسحبُ على كافة من تم اعتقالهم، إذ بيّنت مصادر “السورية.نت”، بأن من المُعتقلين، من “لا ناقة لهم ولا جمل بكل الخلافات الحاصلة بين أركان النظام..هم موظفون يعملون بخبراتهم ومهاراتهم”.

قلقٌ عام.. يتعاظم في مستوياتٍ قيادية

تتفرع الهرمية الوظيفية في “سيريَتل”، إلى ستة أقسام، أو مستويات.

المستوى السادس، موظف (مثل موظفي خدمة الزبائن ونظرائهم)، أو ” agent”.

المستوى الخامس، قائد فريق(بين 5 و12 موظف)، أو ” Team Leader”.

المستوى الرابع، مُشرف(يُدير عمل قادة الفرق)، أو ” supervisor”.

المستوى الثالث، مُدير قيادي، أو ” manager”.

المستوى الثاني، رئيس قسم، أو ” head of section”.

المستوى الأول، مدير تنفيذي، أو ” Executive Director”.

وبينما يسود القلق، بين عموم الموظفين هذه الأيام، حول ضبابيةٍ تلفُ المشهدَ سريع التطور، فإن الخوفَ يتعاظم، كلما ارتقى المستوى الوظيفي، وخاصة في المستويات الثلاثة القيادية، ويزداد حدة كلما ارتقى المنصب، وصولاً للمستوى الأول.

—————————

=============================

=================

تحديث 10 أيار 2020

——————–

خطوةٌ أخرى نحو الهاوية/ ميشيل كيلو

ليس رامي مخلوف أول منشق عن الأسدية، ولن يكون الأخير، إن بقي بشار ممسكا بالسلطة، أو غادرها قبل أن تبتلعه زوبعة داخلية أو خارجية ما، كثر الحديث عنها أخيرا، ونشرت أطراف عديدة شائعات متنوعة عنها. لكن انشقاق الحرامي رامي يختلف عمّا سبقه من انشقاقات، بدءا بانشقاق رفعت الأسد الذي لم ينشق فقط، بل حاول القيام بانقلاب، لعب دورا مهما في كشفها سفير الأسد في لبنان، علي عبد الكريم، الذي زرعه الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، علي دوبا، في حاشية رفعت، فنقل أولا بأول كل كلمه قالها في مجلسه السري إلى شقيقه حافظ، الذي كافأ المخبر باستقبال قصير نقده خلاله مائة وخمسين ألف ليرة، مكافأة له على غدره بالشقيق رفعت، فأنفق معظمها في شراء السيجار لسادة المخابرات الذين كان السيجار أقصر طريق إلى قلوبهم.

لم ينشق آصف شوكت انتقاما من ابن حميه المجاهد ماهر الأسد الذي أطلق النار عليه في أول محاولة لقتله، وعاهده على ألا ينجو في المرة التالية، لكن بشار سبقه إلى تسديد الضربة القاتلة لزوج شقيقته، ونسف، ليقتله، خلية الأزمة بمن فيها من أساطين السلطة، مسدّدا بذلك صفعتين، واحدة لدولة أوروبية كانت على صلة مع الصهر، وأخرى لروسيا التي كانت قد سألت وزير الدفاع الأسبق، حسن التركماني، عن رأيه في بشار.

انشقّ رامي مخلوف، بعد شريطين وجههما إلى بشار، لكنهما استهدفا زوجته التي يشهد الجميع بأنها راكبة عليه و”مدندلة رجليها”، كما يقول العارفون بها وبسجلها الباهر في توطيد قبضتها على سلطةٍ يحتلها وحوش، ليس بينهم من يتردّد في قتل أخيه من أجل سيجار من علي عبد الكريم أو سيجارة مالبورو، فكيف إن جلست على طاولة البوكر وسط لصوص السلطة، وبدأت تقش الفيش وأثمانه من حمولاتٍ مالية يقدّرها متابعوها بالمليارات التي توزعها على مراكز مالية جديدة، ليس شاغلوها من جماعة زوجها وابن خاله الذي حاول لفت أنظار بشار إلى الأبعاد الانقلابية لسلوك زوجته، واتهمها بمطاردة المخلصين من أمثاله الذين تريد تشليحهم “جنى عمرهم”، فكأن رامي نسي من وجدت جثثهن تحت دواليب سيارات التاترا من ربّات الصون والعفاف، زوجات هذا أو ذاك من آل الأسد، المشهورين بحبهم زوجات جميع الناس عدا زوجاتهم. لذلك، يا سيد رامي، طوّل بالك لتكون أسماء جمعت ما يكفي من لوحات، وبيّضت ما يكفي من أموال، وستراها ذات يوم تحت عجلات شاحنة تاترا، شريطة ألا تسبقها أنت إلي السقوط تحت عجلاتها، الأمر الذي أستبعده، مع أنني لا أستبعد إطلاقا أن تكون من ذوات الأربع ذات الآذان الطويلة.

والآن، سأقول لك لماذا عليك أن تصمد. أنت، يذكر ابن عم سميح بكل فخر واعتزاز، من أسرة قومية سورية بدلت اسم قرية بستان الباشا في الخمسينات إلى بستان الزعيم، وفرضت غرامةً على من يذكر اسمها الأصلي، فالمشكلة معك يمكن أن يكون لها ذيول سياسية، بما لجماعتك من حضور في “البعث” والأمن. وأنت من أسرة يدها طايلة في ريف الساحل، وتعتبر قصقصة جوانحها ضربة لتوازناتٍ لا بد أن يكون بشار عارفا بها، وتكون زوجته مصمّمة على تقويضها. أخيرا، في جميع الانشقاقات السابقة، وقف العالم ضد المنشقين مع الأسد. اليوم لا أحد يقف معه غير إيران التي لن تتمكن من حمايته ما لم يسبق عسكرها إلى طهران. بهذا المعنى، انشقاقك “قد” يكون ضربةً حقيقية لبشار، إن لم تسبقك زوجته إلى دفشه نحو الهاوية!

سيد رامي، قضيتك ليست ضعيفة، فلا تيأس. خشخش كيسك المليء بالدولارات في موسكو، القرفانة من بشار، وطهران التي يمكن أن تبيعك.

تحرّك يا فتى.

العربي الجديد

——————–

نعومة مخلوف وبسطار الأسد/ راتب شعبو

عرض النظام السوري منذ مارس/ آذار 2011 قدرة لافتة على التماسك. ومعروف أن التدخل العسكري الروسي المباشر الذي بدأ في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، جاء في لحظة وصلت معها وسائل دفاع النظام، بما في ذلك الاستعانة بإيران وأتباعها، إلى حدود قصوى، وبدأ معها النظام بتراجع عسكري متسارع. وقد عبّر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن تلك اللحظة بالقول إن النظام السوري كان على وشك السقوط قبيل هذا التدخل. مع ذلك، حافظ النظام على آليات عمله ولم يتفكّك. أي إن الضعف والتراجع العسكري للنظام لم يفعّلا آليات الصراع الداخلي فيه، إلى حد تخرج فيه عن السيطرة وتهدّد بتفكك النظام. ظل الأخير قادراً على استيعاب الخسائر، والحفاظ، وهذا هو الأهم، على الهرمية السلطوية فيه، ولا سيما في الجانب العسكري الذي ظل خاضعاً للسلطة السياسية، الشيء الذي افتقدته المعارضة العسكرية على نحو دائم، في لحظات ضعفها، كما في لحظات قوتها.

كان هناك في نظام الأسد، على طول الخط، آليات حسم داخل المركز الحاكم، تمنع تفجر المركز. مبدأ هذه الآليات هو ضبط مراكز القوى تحت سيطرة مركز واحد أعلى لا يُنازع ويمتلك الذراع العسكرية والأمنية التي تمكّنه من الحسم إذا تطلب الأمر، غير أن الأمر لم يتطلب ذلك إلا مرة واحدة وبحدود ضيقة في عام 1984 لمعالجة تمرّد رفعت الأسد وجماعته. وقد سمحت هذه الآلية للنظام بتجاوز مراحل شديدة الصعوبة، اعتقد كثيرون أنه يصعب تجاوزها، أهمها تداعيات سقوط شقيقه البعثي بالتدخل الأميركي المباشر في العراق في 2003، ثم تداعيات اغتيال رفيق الحريري في لبنان في 2005، ووصول التحقيق الدولي في الجريمة إلى البيت الداخلي للنظام. حافظ النظام دائماً على نسقه موحداً، وبدت الانزياحات “غير المتسقة” مجرّد حالات فردية تنتهي بمقتل صاحبها بتدبيرٍ ما، أو بخروجه من المشهد أو من البلد وشلل فاعليته، وذلك كله من دون أن تهتز جدّياً ماكينة النظام.

المرّة الوحيدة التي بدا فيها أن المركز الحاكم موشك على التفجر كانت في 1984، حين أبعد المرض المايسترو عن الجوقة، ما جعل الحلم الأكبر يستيقظ في دخيلة الشقيق رفعت الذي كان يمتلك في الواقع ما يمكّنه من تحويل حلمه إلى حقيقة، لامتلاكه أهم عنصرين يخشاهما “المركز الحاكم”: القدرة العسكرية، والامتداد المجتمعي، سواء داخل الطائفة العلوية، أو في أوساط سنّية بفعل الاستفادة المباشرة أو بفعل دغدغة المصالح الطبقية للتجار عبر سياسة الانفتاح. تجاوز النظام تلك الحلقة بشقّ النفس، وتخلى عن أحد أهم أركانه، واستطاع أن يعيد ترتيب علاقاته الداخلية بغياب قائد سرايا الدفاع الذي كان قبل سنتين فقط العصا الغليظة للنظام في وجه خصومه الإسلاميين. قبل ذلك، لم يكن أحد يتصوّر وجود نظام حافظ الأسد من دون الركيزة “العضوية” التي يوفرها وجود “القائد” وسراياه. واليوم يعرض الواقع على السوريين احتمالاً راجحاً لم يكن ليذهب إليه التصور من قبل، نظام الوريث من دون رامي مخلوف.

تتفوق آليات الحسم التي يجيدها نظام الأسد، ليس فقط على مبدأ الطائفة، بل على مبدأ العائلة أيضاً. لا يتعلق الموضوع بالولاء، فهو عملة فائضة لا يركن إليها، وهو إلى هذا قد يسبب غرق المركب، ما لم يمرّر عبر قنوات مضبوطة ومسيطر عليها. الولاء والتبجيل اللذان أظهرهما رامي لبشار في تسجيلاته، لا قيمة لهما من منظور النظام، المهم ألّا تتشكل لدى “الموالي” القدرة على تهديد مصالح النظام. الولاء موقفٌ لا يُركن إليه، فهو قابل للتبدّل، وقد خبر النظام انشقاقات موالين كثر كانوا شديدي الولاء، ولكن لم يكن لأحد منهم القدرة على تحدّي النظام وتهديد استمراره. لم تصل الانشقاقات إلى الكتلة الصلبة للنظام، ما خلا حالة وزير الدفاع الأسبق علي حبيب الذي اكتفى بالخروج الصامت من المشهد.

الثروة الهائلة التي راكمها رامي مخلوف، بوصفه الامتداد الاقتصادي للنظام في السوق، أعطته القدرة على تهديد تماسك النظام، غير أن الرجل حتى الأمس القريب كان جزءاً عضوياً من النظام بلا أي خطوط تمييز. ما الذي تغير؟ وهل لرامي مخلوف اليوم مصلحة تتعارض مع مصلحة النظام الذي أمّن له كل سبل النهب الممكنة؟ وهل من انعكاسات ممكنة لهذا الصراع المستجد؟

سنوات الصراع الطويلة استهلكت كثيراً من قدرات النظام الاقتصادية التي أنهكتها العقوبات، وزادت في تفاقهما أزمة النظام اللبناني. حرامي سورية الذي كان وفياً للنظام في سنوات الصراع الأولى، بدأ اليوم يشعر بأن النظام بات عبئاً عليه، هو الذي كان يشعر، مع بدايات الثورة السورية، بأنه عبء على النظام، بوصفه التجسيد الأبرز للفساد. وقاد استمرار الصراع إلى اهتراء نسيج العلاقة بين عائلتي القصر، وأدّى أيضاً إلى اهتراء العلاقة التي كانت راسخة دائماً بين عائلتي طلاس والأسد. بدأ “خازن القصر” يتذمّر جرّاء طلبات الدفع العالية والمتواصلة، وراح يتضح أكثر فأكثر تعارض مصلحته مع متطلبات النظام، ولذلك بدأ يخرج عن النسق. وما أظهره الملياردير المدلل من “أنانية” في خريف 2019، بامتناعه عن تسديد فاتورة الحرب الروسية التي بلغت ملياري دولار، واضطرار النظام إلى استخدام العنف مع مؤسساته، كان بداية طريق الشقاق الذي يبدو أن صاحب شركة سيرياتل “الورع” اختاره وتحمّل أول آثاره الداخلية، حين قامت وزارة المالية بالحجز الاحتياطي على أرصدته في ديسمبر/ كانون الأول 2019.

هل يمكن أن ينعكس الصراع المستجد بين الأسد ومخلوف انقساماً في الوسط العلوي؟ الراجح أن شيئاً من هذا لن يحدث، على الأقل لن يحدث بصورةٍ تهدّد جدّياً تماسك الأرضية المؤيدة للنظام. أولاً لأن رامي مخلوف لا يمتلك قوة عسكرية يمكنها تحدّي النظام، ثانياً لأن العصبية العلوية للنظام، التي هي على المستوى الشعبي الواسع، عصبية خوفٍ أكثر مما هي عصبية امتيازات، ستنحاز بصورة ساحقة إلى الأسد بوصفه الطرف الأقوى. أما البسطار الأسدي، فسينحاز إلى الجنس الناعم الذي يسكن القصر، على حساب “النعومة” المخلوفية التي لم تعد مضمونة الولاء، وسيشهد النظام لذلك إعادة اصطفاف وترتيب مواقع شبيهة بتلك التي أقدم عليها النظام عقب ضرب مواقع رفعت الأسد في 1984.

العربي الجديد

———————-

تنازع رأس النظام ومخلوف وتصدّع جوزة النظام الصلبة/ ماجد كيالي

يحاول مخلوف استنفار البيئة الشعبية ذاتها التي يستند إليها الأسد، وهذه سابقة تعد الأولى من نوعها…

أعادت قصة التنازع بين رامي مخلوف وبشار الأسد، أي ابن الخال مع ابن العمة، قصة الصراع الذي تفجّر بين رفعت الأسد (نائب رئيس الجمهورية للشؤون العسكرية وقائد سرايا الدفاع في حينه) وأخيه حافظ الأسد رئيس الجمهورية، في أواسط الثمانينات، والذي نجم عنه خروج رفعت من البلد ضمن تسوية مالية باهظة التكاليف، علماً أن الرجل كان من المداميك الأساسية للنظام الأسدي.

قصة رامي مخلوف مختلفة، فهو من الأركان الأساسية لنظام الأسد (الابن) لكن في المجال الاقتصادي، وهي حيثية مهمة، في تطور النظام الأسدي، من الأب إلى الابن، من جهتين. الأولى، أن نظام الأسد (الأب) كان يتصرّف، كصاحب مشروع سياسي (بغض النظر عن رأينا فيه)، وكصاحب سلطة عسكرية متوحدة، وعلى اعتبار أنه يمتلك البلد كلها، من خلال سيطرته على الموارد وعلى القطاع العام، وعلى العوائد الخارجية. وتبعاً لذلك، فإن الأسد (الأب) لم يكن يهمه، أو لم يكن يعنيه، إنشاء شركات، أو تكوين احتكارات، فهو يحتكر السياسة والفضاء العام والاقتصاد، تماماً مثلما يحتكر الجيش والأجهزة الأمنية، بمعنى أنه كان يترك ذلك الهامش الاقتصادي لتجار البلد، لكسب ولائهم، أو لإسكاتهم. الثانية، أن نظام الأسد في عهد الأسد (الابن) لم يكن يملك مشروعاً سياسياً، إذ أتته السلطة على طبق من ذهب، وبشكل سلس، ثم إن مشروع الأسد الأب كان تمخّض عن سلطة فقط، مع أدوار إقليمية محددة (لبنان فقط). أيضاً، الأسد الابن أتى في ظل تغيرات كبيرة، فثمة زيادة في عدد السكان، وفي تطور حاجات البلد الاقتصادية، كما ثمة تغيرات سياسية واقتصادية دولية، تمثلت بانهيار التجربة الاشتراكية واختفاء الاتحاد السوفياتي (السابق)، وفي التحول نحو الخصخصة، والانفتاح الاقتصادي على العالم، وفقاً لمسارات “العولمة”، وكلها تطورات حصلت في أواخر عهد الأسد الأب (المريض).

وربما يجدر التذكير هنا بأن سوريا لم تذهب نحو التحول إلى الخصخصة، وبيع القطاع العام، كما في مصر وغيرها، مثلاً، وإنما هي عملت على تنشيط القطاع الخاص وتوسيعه مع الحفاظ على القطاع العام، الذي بات متقادماً وخاسراً، كمرتع للفساد، ولامتصاص العمالة، كبطالة مقنعة، وللإبقاء على قاعدة اجتماعية مرتبطة في مورد عيشها بالنظام القائم.

هكذا، أي في هذا الإطار جاء دور رامي مخلوف، وصعوده، بالتلازم مع مجيء بشار الأسد كرئيس، باعتباره بمثابة الواجهة الاقتصادية للنظام لا أكثر، بيد أنه بحكم القرابة فقد كان واجهة بمرتبة شريك لكونه جزءاً أساسياً من السلطة/ العائلة، لكن ذلك يفيد، أيضاً، بأن سلطة مخلوف الاقتصادية، مع شركاته وثروته المالية الهائلة، إنما تأتت له من انتمائه للسلطة السياسية، إذ إن تلك السلطة هي التي مكنته من الاحتكار، وهي التي أمنت له الموارد والتراخيص، والنسب المئوية في معظم الشركات السورية. 

بدهي في التنازع بين رامي ومخلوف أن صاحب السلطة (العسكرية والسياسية) سيغلب صاحب السلطة الاقتصادية، ويمكن أن يصادر كل أملاكه بمجرد قرار، وهو ما حصل مراراً، عبر التاريخ، وفي معظم التجارب، وهذا ينطبق على حالة الأسد مع مخلوف. بيد أن ما نتحدث عنه يفترض مشكلات أخرى قد تنجم عن ذلك، بسبب عوامل متعددة، أهمها، أولاً، أن سلطة الأسد لم تعد كما كانت، وأن الوضع السوري في غاية الاضطراب. ثانياً، يحاول مخلوف استنفار البيئة الشعبية ذاتها التي يستند إليها الأسد، وهذه سابقة تعد الأولى من نوعها، لا سيما أن مخلوف ينتمي إلى عائلة لديها امتداداتها، إضافة إلى استثماره فيها من خلال إنشاء جمعيات “خيرية”، تقوم بتقديم إعانات لألوف العائلات المحتاجة. ثالثاً، يأتي ذلك التنازع في ظل شكوك كبيرة تدور حول الجدوى من الإبقاء على بشار الأسد، بعد 20 عاماً من وجوده كرئيس. رابعاً، لم تعد سوريا كما كانت سابقاً، فثمة جيوش لأربعة دول على الأقل تتحكم، أو تنشر قواها، في الجغرافيا السورية هي الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا، من دون أن ننسى إسرائيل التي لديها الكلمة الأولى في تقرير الأمر في الجنوب.

الفكرة أن التصدّع، هذه المرّة، أصاب جوزة النظام الصلبة، في ظروف صعبة وخطيرة، على خلاف، أو أكثر، من المرتين السابقتين. وللتذكير، فإن الأولى تمت في ظل التنازع بين الأخوين الأسد (رفعت وحافظ)، مطلع الثمانينات، أما المرة الثانية، فهي تلك التي نجم عنها اغتيال اللواء آصف شوكت، صهر العائلة، وزوج الأخت الكبرى بشرى، في حادثة تفجير ما سمي “خلية الأزمة” (2013) وذهب ضحيتها عدد من المسؤولين الكبار في النظام، وقيل وقتها إن الصهر يحاول أن يلعب دوراً قد ينهي الرئيس، في سياق إخراج سوريا من ذلك الصراع.

الآن، إذا كان تم تجاوز التنازع في المرة الأولى (وبطله رفعت)، وفي المرة الثانية (حين سقط آصف)، ففي المرة الأولى لعبت العوامل الداخلية والخارجية لمصلحة الأسد الأب، في حين أتت المرة الثانية في بداية الصراع السوري، فتم تجاوزها لمصلحة تكريس الجهود لوأد ثورة السوريين، لمصلحة الأسد الابن، فإنه يأتي في هذه المرة الثالثة (وبطلها رامي مخلوف) في ظروف اضمحلال، أو تآكل، النظام الأسدي برمته، وفي ظروف تحلل عوامل قوته وإسناده، الداخلية والخارجية، وفي ظروف يطرح فيها الفاعلون الدوليون المزيد من الأسئلة حول الجدوى من بقائه.

في كل الأحوال، وكيفما سار الأمر، فإن جوزة النظام الأسدي الصلبة باتت متصدعة، لذا فكل شيء يعتمد، في بقائه أو إزاحته، على ما تقرره عواصم الدول المعنية.

درج

———————–

“ملحمة” رامي مخلوف تشكّل تحديًا خطيرًا للأسد

لم يكن هناك تعبير أكثر سخرية من العبارة التي انتشرت في سورية: “يا مخالف يا مخلوف”، أي إما أنك من جماعة “مخلوف” أو أنك تعمل بشكل غير قانوني. وبينما ظلت العبارة دقيقة على مدى العشرين سنة الماضية، انقلبت الطاولة، وأصبح مخلوف الآن هو المخالف.

رامي مخلوف، الذي كان عرّاب إمبراطورية مالية يُقدر أنها تسيطر على 60 في المئة من اقتصاد سورية قبل الحرب، بات غير نافع، بات منبوذًا، وعلى ما يبدو فقد بلغ نقطة اللاعودة. ولكنه ما يزال شخصية قوية، على الرغم من سقوط حظوته.

مخلوف هو أكثر من مجرد اسم، إنه حاكم الظل للأسواق السوداء في البلاد، وهو عمود مالي مفتاحي لاقتصادها المتدهور، يقع تحت ضغط هائل من حملة الحكومة على الفساد (المدعومة بسكاكين أعدائه الداخليين الحادة) منذ نحو عام تقريبًا.

بعد تحقيق، على غرار محاكم التفتيش الإسبانية، أجرته وزارة الاتصالات السورية حول أصول مخلوف الثمينة، مخدّم شبكة الخليوي (سيرياتل Syriatel)، وحساباتها منذ عام 2015 إلى 2019، أصبح مخلوف وحيدًا منعزلًا. لكن الأمور أخذت منعطفًا دراماتيكيًا في الأسبوع الماضي، عندما أعلن رجلُ الأعمال البالغ من العمر 50 عامًا القصةَ من وجهة نظره، في سلسلة من مقاطع الفيديو المنشورة على (فيسبوك Facebook)، التي تتناول فيها كثيرًا من الأسئلة والشائعات المحيطة به ومصير شركاته.

ظهر مخلوف في مقطعَي فيديو، حتى الآن، يخاطب نخبة المؤسسة السياسية السورية، التي كان جزءًا لا يتجزأ منها طوال أكثر من عقدين. ومع استمرار الوضع وتزايد الإجراءات الصارمة ضده، من المتوقع أن يستمر في الظهور للدفاع عن نفسه. من خلال نقل خصومته إلى العلن، خلق مخلوف صدعًا غير مسبوق بين صفوف الموالين، وحوّل نزاعه مع النخبة الحاكمة في سورية، من نزاع كان يمكن ضبطه خلف الأبواب المغلقة، إلى نزاع مفتوح على الصعيد الوطني، لم يُشهد مثله من قبل منذ مواجهة حافظ الأسد مع أخيه رفعت عام 1984.

عندما ترددت عبارة “إلى الرئيس أقول، لن أحرجك، لن أثقل عليك، تمامًا مثل عام 2011″، عبر الإنترنت؛ تفاجأ السوريون وهم يشاهدون مخلوف يرتكب الخطيئة الأساسية في نشر غسيل النخبة القذرة في الأماكن العامة. ظهر الملياردير الحوت في مقطع فيديو مدته 15 دقيقة على (فيسبوك) في 30 نيسان/ أبريل، بعنوان مشبوه: “كن مع الله ولا تبالِ”، وقد وضّح مجموعة واسعة من المظالم والمخاوف بشأن التحقيقات الضريبية المتعددة بحق شركاته.

مرهقًا، يجلس على أرضية قصره (الذي يُعتقد أنه في سورية) يبدو مخلوف أن خياراته صارت قليلة. جاءت كلماته كتهديدات مبطنة: “إذا واصلنا السير في هذا الطريق، فإن الوضع في البلاد سيصبح صعبًا للغاية”. كانت هذه رسالة واضحة مفادها أنه لن يتراجع، كان مقطع الفيديو الأول في صميم الموضوع، ومحاولة أخيرة لنيل إعفاء من الضرائب، وحث الرئيس السوري بشار الأسد على التدخل.

زعم مخلوف أن شركة (Syriatel) تُخدّم 11 مليون مستخدم، وتدفع حوالي 12 مليار ليرة سورية من الرسوم الجمركية، وتعطي نصف أرباحها الإجمالية للدولة على الأقل. وقد طُلب منه أن يسدد ما يقدر بنحو 130 مليار ليرة سورية، وهو مبلغ -بحسب قوله- سيؤدي إلى “انهيار الشركة”. يقول أيمن الدسوقي، الباحث في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية، إن الفيديو الأول له عدة أهداف “أعتقد أنه أرسل العديد من الرسائل. فهو يحاول التوصل إلى صفقة مع الأسد من خلال الوصول إلى آلية لدفع المال وإنقاذ شركاته وأصوله. يحاول جعل الأسد … جزءًا من الخلاف المستمر وزيادة الضغط الشعبي على الرئيس السوري.

من الواضح أن مقطع الفيديو الثاني الذي يحمل عنوان تحدّي “كان حقًا علينا نصر المؤمنين”، كان تصعيدًا ومحاولة يائسة أخرى للاستفادة من “النيّات الحسنة” التي جلبتها أموال فساده في سورية. كانت اللهجة الحادة دليلًا على أن الأمور لم تسر كما هو مخطط لها بعد مقطع الفيديو الأول. وبالفعل، أكدت لي مصادر خاصة في (Syriatel) اعتقال ثلاثة موظفين على مستوى المديرين. وأشار مخلوف إلى نيته عدم دفع الغرامات، وربما يرى أن الاعتقالات كانت حيلة أخرى لتهميشه.

لم يتراجع مخلوف، وكان غضبه يظهر بوضوح في مقطع الفيديو الثاني: “لقد وصلت الأمور إلى مستويات مقرفة وخطيرة من الظلم والهجوم على الممتلكات الخاصة، لذا أرجو منكم جميعًا، أيها الذين تشاهدوني، أرجوكم سامحوني. لا يمكنني أن أعطي ما ليس لي، هذا امتحان إلهي”. وتابع قائلًا: “هذا ليس عدلًا، الدولة تستخدم السلطة والقوة بطرق لا يجوز استخدامها”. هذه رسالة مباشرة للأسد، تسعى لتقويض شعبية الرئيس السوري. يحاول حوت المال خلخلة القاعدة الموالية للأسد. وأضاف مخلوف: “لم تُمنَح السلطة لإجبار الناس على تقديم تنازلات، بل أعطيت لمساعدة المحتاجين”.

يبدو أن المركز الرفيع الذي تمتع به مخلوف لسنوات قد انتهى الآن. توم رولينز، الصحفي الذي يغطي الوضع في سورية، يردد صدى هذه النقطة: “السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل انقطع الاتصال المباشر بين مخلوف وبشار الأسد اليوم؟ يبدو أن مقطع الفيديو هذا يشير إلى أن الحالة لم تعد كذلك. وفي حين يوجه مخلوف خطابه إلى جهتين -بشار والسوريين- لست متأكدًا أن لخطابه التأثير المطلوب الذي يبدو أنه كان يسعى إليه”.

في سورية، نادرًا ما يوجّه شخصٌ عادي الانتقادَ المباشر لإدارات المخابرات المخيفة، فكيف إذا كان ذلك الشخص بحجم رامي مخلوف! كان مخلوف يلعب بالنار عندما قال: “أريد توجيه رسالتي إلى الرئيس. لقد بدأت أجهزة الاستخبارات في التعدي على حريات شعبنا. هؤلاء هم شعبك، وهم مؤيدوك، ولا يمكنك السماح للآخرين بمهاجمتهم”. أوضح آرون لوند، وهو باحث في مؤسسة القرن، أن “مخلوف لا يساعد نفسه كثيرًا في هذه التصريحات البعيدة عن الناس، على غرار عبارات ماري أنطوانيت. لا أحد في سورية يعتقد بأنه حقق ثروته من خلال تجارة عادلة ونزيهة”. بعد ظهور مخلوف، حذف أولاده جميع الصور من (إنستغرام Instagram) التي تشير إلى نمط حياتهم المترفة، ومنها صور الرئيس السوري.

تجري الآن حملة قمع بوضوح، مع تقارير عن اعتقالات واقتحام قوات الأمن (فيلا) مخلوف في يعفور، إضافة إلى انتشار أمني كثيف في اللاذقية، حيث لمخلوف كثير من الموالين. وبحسب ما ورد بلغ عدد موظفي (سيرياتل) المعتقلين الآن 28 شخصًا. كان رد الأسد الفوري واضحًا، وإن كان غير مباشر: أكد بيان صادر عن هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية والبريد أنها ستطلب من (سيرياتل) تقديم إجابة نهائية، بحلول 5 أيار/ مايو، يمكن أن تكون أرضية للتفاوض بخصوص آلية دفع المبلغ المقدر بـ 233,8 مليار ليرة سورية، وهي إشارة وحشية تدل على أن مخلوف سيُجبر على دفع ما هو مستحق عليه بكل هدوء.

شركة الاتصالات المتنافسة MTN (التي تعرضت أيضًا لغرامة مماثلة) سارعت إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، كي لا تكون شريكًا محتملًا مع مخلوف للاحتجاج على عدم المساواة القضائية. أبلغ مستثمرها الرئيس، شركة (TeleInvest)، هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية والبريد، سريعًا، بأن الشركة مستعدة لدفع ضرائبها المطلوبة، وفق جدول زمني يُناقش لاحقًا.

سوق قديم في العاصمة السورية دمشق في 24 آذار/ مارس 2020، أمسى مهجورًا بعد أن اتخذت السلطات إجراءات لمكافحة جائحة فيروس كورونا الجديد. (تصوير لؤي بشارة/ وكالة الصحافة الفرنسية/ عبر صور جيتي)

المواجهة خلقت عاصفة رأي عام في سورية

كانت ردة الفعل داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة سريعةً وقاسية. وبينما لم يكن هناك رد مباشر من الأسد أو دائرته الداخلية، كانت وسائل التواصل الاجتماعي غير الرسمية الخاصة بهم غزيرة، وتعمل بفاعلية كمقياس لكيفية نظر أصحاب الخط المتشدد في الحكومة إلى مخلوف. أكرم عمران، وهو صحفي موالٍ للحكومة ومحرر مجموعة وسائل التواصل الاجتماعي “سورية: فساد في زمن الإصلاح”، كتب ردًا واضحًا، كان مضمون الكتابة “إلى السيد رامي: التزم بأوامر الحكومة، لأنه لن يقف أحد بجانبك ضد دولتهم”.

في غضون ذلك، أشارت صفحة “ماهر الأسد” غير الرسمية على (فيسبوك) إلى أن مقطع فيديو مخلوف كان محاولة لإخافة الرئيس، ولم ينجح، نقلًا عن إحدى مقولات الأسد: “يريدوننا أن نخاف، وهذا لن يحدث”. كانت ردة الفعل على الخصومة مختلطة بشكل عام، مع اختلاف وجهات النظر والعوامل التي تحتل مركز الصدارة. دافعت شبكة أنباء اللاذقية الشعبية عن مخلوف: “إنه يوفر رواتب لأطفال الشهداء، [ويقدم] سلال طعام شهرية للعائلات الفقيرة. لقد قدم الكثير، وهو أفضل من 99 في المئة من التجار والمسؤولين في هذا البلد”. أما مازن مصطفى، الصحفي السوري، فقال: “لو كان لدينا دولة قانون، لكان المدعي العام قد استدعى رامي مخلوف، مع كل الوثائق التي تحدث عنها، لإظهار الحقيقة وعرضها على الرأي العام. لو كان لدينا فقط دولة القانون”. وأضاف: “رامي مخلوف يشعر أنه معرض لخطر الاغتيال، لذلك أراد فقط أن يحمي نفسه”.

كان فراس الأسد، ابن عم الرئيس، صريحًا في رأيه إذ قال: “كلنا نعرف من يسيطر على (سيرياتل) الآن”، مشيرًا إلى قبضة الأسد المتزايدة على بعض حيتان الحرب. وعلى الرغم من أن القضية المرفوعة ضد مخلوف قد تكون دامغة، فإن الأساليب التي استخدمتها السلطات المالية كانت مفرطة، بحسب الصحفية السورية علا الباكير، التي جادلت بالقول: “يمكنك أن تنظر إلى ما حدث له على أنه ظلم أو خطأ، ولكن طُلب منه مبالغ مخيفة، وأُعطيّ مهلة محددة للدفع مع العلم أن إجراءات تحصيل الضرائب أعيد تنشيطها على نطاق واسع منذ عامين تقريبًا. المبالغ لا تتناسب بأي شكل مع حجم إيرادات الشركة”.

حملة ضغط شديدة

بدأت الجهود المخطط لها بعناية للضغط على مخلوف، باستخدام أجهزة مختلفة للسلطات المالية السورية في كانون الأول/ ديسمبر 2019، عندما صادرت المديرية العامة للجمارك بعض أصوله، وأصدرت غرامات كبيرة تصل إلى 11 مليار ليرة سورية عن منتجات مستوردة، ومنها النفط والغاز، من دون دفع الضرائب. وتحملت آبار بتروليوم، وهي شركة مخلوف لنقل الغاز والنفط ومقرها بيروت، العبء الأكبر من هذه الغرامات.

كما بدأت الرئاسة السورية في السيطرة بشكل مباشر أكثر على جمعية البستان، وهي كيان هجين تحت سيطرة مخلوف يمتلك قوة شبه عسكرية قوامها 20,000 رجل، ومؤسسة خيرية ممولة تمويلًا جيدًا تخدم الآلاف، وهذا ما أثار القلق تجاه المصادرة التي أزعجت مخلوف بلا شك. وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية الموالية للحكومة، فإن “الجمعية أصبحت تحت إشراف القصر”.

مع بدء الضغط في التصاعد، استمر هجوم الدائرة الداخلية على جبهات متعددة. في منتصف نيسان/ أبريل، أعلنت السلطات المصرية القبض على شحنة من الحشيش تزن أربعة أطنان مخبأة في منتجات الألبان من شركة (ميلك مان Milkman) السورية، وهي شركة يملكها مخلوف وحده.

على الرغم من أن الحوت الملياردير المحاصر نفى مسؤوليته، في بيان شديد اللهجة، بعد مدة وجيزة من مصادرة الشحنة، فإن الإنذارات انطلقت بوضوح بخصوص أنشطة شبكة أعماله. وردّ مخلوف مدعيًا براءته: “من شوه عمل هذه الشركة، بإفراغ هذه المنتجات وتعبئتها بمواد مخدرة، هو رجل جبان”، لكن الضرر حدث، وبدأ مخلوف يبدو كرجل في مرمى الهدف.

كانت رصاصة الرحمة التي أطلقها الأسد على إمبراطورية مخلوف تحقيقًا مفصلًا أجرته هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية والبريد في سورية، أجبر شركتي الاتصالات الرئيستين في سورية، (Syriatel وMTN)، على دفع 233,8 مليار ليرة سورية من الغرامات غير المدفوعة والضرائب المتأخرة بحلول 5 أيار/ مايو، مع تحذير صارم من أن هناك عواقب وخيمة إذا لم يتم الدفع. دفع هذا بمخلوف إلى اتخاذ إجراءات شديدة، لأنه على ما يبدو لم يكن قادرًا على الوصول إلى الرئيس لمناقشة إيقاف تنفيذ القرار.

كان الأسد يواجه صداعًا متزايدًا حيث يلوح قانون قيصر الأميركي في الأفق، ويرزح اقتصاد سورية في ضائقة شديدة، لم يكن بوسعه السماح لمخلوف بمواصلة سيطرته المالية. مع إجبار كورونا على إغلاق غير مرغوب فيه في سورية، قدرت الخسائر الاقتصادية اليومية بسبب توقف الخدمات والتجارة بحوالي 33,3 مليار ليرة سورية، وفقًا للدكتور علي كنعان، عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق.

وكذلك كان النقد يصدر من روسيا، حيث ازدادت همسات الاستياء عن المشاكل الاقتصادية في سورية وتفشي الفساد. ألكسندر أكسينينوك، وهو دبلوماسي روسي بارز، كتب: “دمشق ليست مهتمة بشكل خاص بإظهار مقاربة بعيدة النظر ومرنة، بل تستمر في البحث عن حل عسكري بدعم من حلفائها، وعن مساعدات مالية واقتصادية غير مشروطة مثل التي كانت في الأيام الخوالي في عهد المواجهة السوفيتية-الأميركية في الشرق الأوسط”. الضغط مستمر على الرئيس الأسد في الوقت الذي يواجه فيه أوقاتًا صعبة على الصعيدين الاقتصادي والمحلي، ومع ذلك فمن غير المحتمل أن تكون الخطة لملاحقة مخلوف قد أتت من موسكو، لأن النتائج المحتملة -مواجهة أكبر وتأثير سلبي على ما تبقى من الاقتصاد السوري- لن تكون لمصلحة روسيا. فضّل الروس دائمًا عدم التدخل في القضايا الداخلية الحساسة، خاصة أن مخلوف يحتفظ بدعم كبير في المناطق الساحلية، حيث توجد القواعد الروسية.

ما هو دور السيدة الأولى أسماء الأسد؟

نُسبت العديد من تحركات السياسات المناهضة لمخلوف، إلى أسماء الأسد، وربّما ساعدت السيدة الأولى في هندسة استيلاء القصر على جمعيات مخلوف الخيرية وضمان استمرار عملياتها، لكن من غير المحتمل أن تكون القوة الدافعة وراء ذلك الجهد.

على الرغم من أن الأمانة السورية للتنمية -وهي منظمة إنسانية ترأسها السيدة الأولى- كانت منافسًا رئيسًا لأنشطة مخلوف الإنسانية، فإن الأمانة السورية لديها موارد ونفوذ يفوقان بكثير موارد جمعية البستان، لذا فإن استيعابها في شبكة الأمانة السورية للتنمية سيكون إنجازًا محدودًا.

وفقًا لـ توم رولينز، “هناك شائعات ونظريات مختلفة حول سبب حدوث ذلك. يعتقد بعض المراقبين أن سيدة سورية الأولى أسماء الأسد تقود هذه الحملة ضد مخلوف؛ ويقول آخرون إن حملة “مكافحة الفساد” المفترضة هذه أتت بناء على طلب من روسيا. في كلتا الحالتين، هناك شيء واحد واضح جدًا، وهو أن مخلوف يبدو أنه في مشكلة خطيرة”.

ومع ذلك، لم يضيّع أنصار مخلوف وقتًا في إلقاء اللوم على السيدة الأولى. فالدكتور سميع روبة، قريب مخلوف، كتب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي موجه إلى الرئيس السوري، ثم حذفه لاحقًا: “انتخبناكم وقدمنا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى لكم لتبقوا في السلطة”. ويواصل تسمية عائلة السيدة الأولى بـ “العثمانيين الجدد” في إشارة طائفية واضحة إلى هويتها السنية.

لكن أعداء مخلوف لا يأبهون للسيدة الأولى. كان معروفًا أن مخلوف بمواجهة مع ماهر الأسد، شقيق الرئيس، بشأن علاقاته الوثيقة مع الإيرانيين ودعمهم وتدريبهم لميليشيات البستان، التي عملت كقوة قتالية شبه مستقلة خلال الحرب.

وفقًا لـ روان رجولة، المحللة السياسية المقيمة في واشنطن، هناك عدد من العوامل الكامنة وراء هذه الأزمة، أكثر من عامل واحد مرتبط بشخص معين. “من غير المحتمل أن يكون الصدع بسبب نزاع عائلي، بل سياسة خروج لتخفيف الضغط على العديد من الجبهات”، مضيفًا أن مخلوف ربما كان منافسًا، لأن جمعية البستان ليست جزءًا من مظلة الأمانة السورية للتنمية برئاسة السيدة الأولى”.

على الرغم من الاختلافات الشخصية المتضمنة في الموضوع، فإن الرئيس الأسد لا يزال صاحب القول الفصل، وقرار عزل مخلوف وإبعاده الآن قرار مدروس جيدًا. يرى فراس الأسد، نجل رفعت الأسد وابن عم الرئيس السوري، أن الصراع لا يتعلق بالدرجة الأولى بالدائرة الداخلية، بقدر ما يتعلق بالرئيس مباشرة. وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي “رامي مخلوف يعرف جيدًا أن مشكلته ليست مع السيدة الأولى، ولكن مع الرئيس نفسه”.

هل أصبح مخلوف شخصية قوية جدًا؟

كانت المشكلة مع مخلوف تتخمر منذ عام 2018، وبدأت فعليًا في اللحظة التي انتهى فيها القتال حول دمشق والمحافظات الأخرى. لقد جمع هذا الممول الثري جيشًا، وثروة هائلة تقدر بـ 5 مليارات دولار قبل عام 2011، ونفوذ إعلامي، وشبكة كبيرة من العلاقات التجارية والعسكرية المعقدة التي بناها في مدة زمنية قصيرة، وقد جعله ذلك تهديدًا يلوح في الأفق وهدفًا مربحًا ومفيدًا.

خلال أعوام الحرب العجاف، كان الأسد يعتمد اعتمادًا قويًا على القوة المالية لمخلوف ومنظماته، إما للعمل كقوات رديفة للجيش أو للعب دور إنساني عندما كان النظام في أضعف حالاته. كانت البستان بطاقة النجاة لمخلوف مع السوريين، وعلق آماله على الدعم الشعبي من أولئك الذين استفادوا من مساعدتها الإنسانية، التي راوحت بين دفع تكاليف عمليات إنقاذ الحياة إلى توفير الرواتب لعائلات الذين ماتوا. ونظرًا لدورها الواسع النطاق، فإن أفضل وقت لمواجهة مخلوف سيكون عندما ينتهي التهديد العسكري لبقاء النخبة الحاكمة والبلاد.

أصبح مخلوف لاعبًا خطيرًا، له كثير من النفوذ والقوة، اللتين تزايدتا تزايدًا لا يمكن السيطرة عليه خلال الحرب. كانت دمشق غير راغبة أو غير قادرة على قص جناحيه، طالما كان الصراع العسكري لا يزال محتدمًا في المناطق الاستراتيجية. عندما تحدثت مع علي العك، قائد “القوات الجبلاوية شبه العسكرية” في حمص، وهي فرع لجمعية البستان، عام 2017، كشف أنه في محافظة حمص وحدها، كان لديهم ما يقرب من 5,000 مقاتل على الورق، بينما كان العدد الفعلي يراوح بين 3,000 و3,500 في أوقات الذروة. مع مثل هذه القوة، من السهل أن ترى لماذا تصبح الخطوة ضد مخلوف حتمية.

على الرغم من أن مخلوف ربما كانت لديه مظالم مشروعة من المحاولات المنهجية لإضعافه، فإن صورته وصورة أطفاله كانت سببًا لبعض الذعر في سورية. بينما يعاني الكثير من المعركة اليومية من أجل العيش وسط تكاليف المعيشة المذهلة والفقر والتضخم والبطالة، كان أبناؤه يظهرون على (إنستغرام Instagram) نمط حياتهم المترفة في دبي، ويستعرضون ثرواتهم الهائلة وسياراتهم الرياضية وطائراتهم الخاصة.

أوضح آرون لوند، الباحث في مؤسسة القرن، هذه النقطة: “لقد تسبب أطفال مخلوف الكبار عدة مرات، في العامين الماضيين، في إثارة ضجة من خلال التباهي بأسلوب حياتهم المسرف، يتباهون طوال الوقت بالفيراري والطائرات الخاصة وقصور دبي على (إنستغرام Instagram). معظم الرجال السوريين الذين بلغوا سنهم هم في الجيش منذ أعوام، يعيشون حياة بائسة ويخاطرون بحياتهم لإنقاذ الحكومة”. أدى هذا إلى استياء بين السوريين، وشُوهت صورة مخلوف، وقد عدّت الدائرة الداخلية للأسد هذا الأمر سلوكًا غير مبرر، في وقت كان فيه المعارضة والغضب في الداخل على نوعية الحياة في سورية تتصاعد في المناطق الموالية. وتابع لوند: “الأسد لا يستمر أو يسقط، بسبب الرأي العام، ولكن قد تكون هناك لحظة يحتاج فيها إلى إظهار من هو المسؤول. وربما تم الوصول إلى هذه اللحظة”.

ما هو القادم؟

مع تعرض مكانة مخلوف للتهديد الآن، لا يوجد نقص في الأشخاص الذين يمكنهم سد الفجوة، إذا استُولي على إمبراطوريته. يبدو أن الرئاسة ستكمل استيلائها على الجانب الإنساني من عملياته، في حين أن شخصيات جديدة مثل الحوت الغامض طارق خضر “أبو علي” أو الشخصيات الأكثر رسوخًا، مثل محمد حمشو وسامر الفوز، ستكون بلا شك مستعدة للانقضاض وتوسيع نفوذها على حساب مخلوف في قطاعات مثل الاتصالات والإعلام والعقارات.

لا يزال مخلوف يحتفظ بدعم كبير داخل سورية التي تسيطر عليها الحكومة. لديه مجموعة من الشركات التي وفرت فرص عمل لعشرات الآلاف من السوريين وولدت الولاء. من خلال مشاريع إنسانية معينة، تمكن من خلق متابعين أقوياء ومتعاطفين داخل الأجزاء الفقيرة من البلاد أيضًا، خاصة في المناطق الساحلية. وهنا تكمن أكبر معضلة للأسد: إن اقتلاع مخلوف بعنف يخاطر بفقدان دعم أتباعه، وإذا لم تسر الأمور كما هو مخطط لها، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة زعزعة استقرار البلاد.

التحدي الآخر الذي يواجه الأسد هو أنه إذا انخرط مخلوف في المعركة، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من تمزيق نسيج المجتمع السوري. حتى اعتقال مخلوف -إن كان لا يزال في سورية- لن يحل المشكلة أيضًا؛ لأنه سيبقى رمزًا لشخص يمكنه الدفاع عن نفسه والوقوف ضد الرئيس السوري. وإذا أوذي أو قُتل في هذه العملية، فقد يصبح مخلوف شهيدًا، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث صدوع لا يمكن إصلاحها. يأتي كل هذا في وقت يعيش فيه 80 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وتؤدي جائحة كورونا إلى توقف الاقتصاد. باختصار: نسبة الخطر عالية جدًا، بسبب صراع مفتوح على السلطة بين الدوائر الداخلية للنظام.

اسم المقالة الأصلي         The Rami Makhlouf saga poses a dangerous challenge for Assad

الكاتب    داني مكي، Danny Makki

مكان النشر وتاريخه          معهد الشرق الأوسط، Middle East Institute، 6 أيار/ مايو 2020

رابط المقالة         https://www.mei.edu/publications/rami-makhlouf-saga-poses-dangerous-challenge-assad

عدد الكلمات       2893

ترجمة    قسم الترجمة/ أحمد عيشة

موقع حرمون

————————-

“لن أستسلم ولن أتنازل” : في وجه من يصعّد رامي مخلوف؟/ أحمد الأحمد

في التحليل وراء سبب عدم استسلام مخلوف لنفوذ القصر الجمهوري، يتّضح أن لدى مخلوف مجموعة نقاط قوّة، يأتي على رأسها انتزاعه الحاضنة الشعبية داخل المجتمع الموالي للنظام على أسماء الأسد.

عندما كنتُ في السنة الأولى في جامعة دمشق في بدايات الألفية الثانية، كان علينا دراسة مادة “ثقافة قومية”.

هذه المادة مهمتها أن تشرح لنا نحن الطلاب الجامعيون أفكار الرئيس بشار الأسد “الإصلاحية” ومبادئ حزب البعث، ومنجزات انقلاب والده حافظ الأسد في فترة السبعينيات والمعروف باسم “الحركة التصحيحية المباركة”.

في إحدى المحاضرات، كان المحاضر يتحدّث عن “اشتراكية” حزب البعث، وكيف تعتمد مبدأ توزيع الأموال على الشعب بشكل عادل.

كان ذلك يحصل في نفس حقبة صعود طبقة رجال الأعمال المحيطين ببشار الأسد ومنهم أقرباؤه. أذكر حينها أنني شعرت بالغضب. لم أتمكّن من تمالك أعصابي فرفعت يدي طالباً الحديث، فسمح لي المحاضر، فوقفت وسألته: ” شو حقيقة الاشتراكية في سوريا بينما هناك أشخاص بيملكوا أكثر من نصف اقتصاد البلد؟”.

ساد الصمت وطلب منّي الاستاذ الجلوس من دون أن يعلّق.

بعد المحاضرة استدعاني عناصر أمن الجامعة وهدّدوني بأن عائلتي لن تعرف شيئاً عنّي في حال كررت ما قلته، وذلك بعد سلسلة توبيخات وشتائم.

على مرّ السنوات العشرين الفائتة من حكم الأسد الابن، كان رامي مخلوف من مكوّنات “الأمن القومي” في سوريا، وتنطبق عليه تماماً قاعدة “الحيطان إلها آذان”، لا يجب الحديث عنه لا خيراً ولا شرّاً والأفضل عدم ذكر اسمه نهائياً في الجلسات العامة أو الضيّقة، حتّى أنّني كنت أحفظ نكتة سورية قديمة عن رامي مخلوف، ولكن لم أكن أتجرّأ أن أقولها أمام أحد وهي أن “رامي مخلوف لديه فقط منزل في دمشق وآخر في اللاذقية ويريد أن يفتحهما على بعضهما بعضاً”. كنا نروي تلك النكتة خفية ونحن نشهد اتساع امبراطوريته المالية التي كادت تربط مدينتي دمشق باللاذقية بأملاكه وأمواله.

اليوم، يبدو أن هذه القاعدة كُسرت تماماً، إذ بات الحديث عن مخلوف وحتّى شتمه أمراً عادياً، سواء داخل المنزل السوري الذي تُحجر داخله العائلة كاملةً بعد السادسة ليلاً، وقد يحدث أن تسمع البائع خلال تسوّقك في مدينة حلب وهو يقول “حاجتو صرلو عشرين سنة عم يبلع عملة”.

يعيش السوريون اليوم سلسلة مشاهد سريالية، إذ ما كان لأي مواطن سوري يعرف مكانة مخلوف في منظمة حكم الأسد الفاسدة، أن يتخيّل حالة الانقلاب عليه، أو أن يصبح شتمه أمراً عادياً، حتّى أنّه بات مادةً للسخرية، فمن النكات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أن حاجزاً للمخابرات الجوية أوقف مواطناً وبدأ يفتّش ملابسه لعلّه يجد معه شريحة اتصال “سيريتل” التي يملكها مخلوف ليقوم باعتقاله إلى الفرع.

ظهوران مختلفان

لا يختلف الظهور الأول لرامي مخلوف على مواقع التواصل الاجتماعي عن الظهور الثاني من حيث “لوكيشن” التصوير وأجوائه، فقد ظهر الحوت الاقتصادي جالساً على الأرض جلوس “العبد الفقير لله” وعنون الفيديو بالآية القرآنية “وكان حقّاً علينا نصر المؤمنين”.

ولكن بعيداً من الشكل الإخراجي والبصري للفيديو، هناك فوارق هائلة بين الفيديو الأول والثاني من حيث المحتوى، ففي إطلالته الثانية، بدا مخلوف أكثر ثقةً بنفسه، كما أن حديثه اتسم بالهدوء ورفع حدّة الهجوم ضد من وصفهم بـ”الآخرين” المحيطين بكرسي الحكم، في إشارة إلى تلك “المرأة البريطانية الرقيقة” أو “أسماء الأسد”.

الفيديو الثاني أعطى مجموعة تأكيدات أن مخلوف الذي وصف نفسه بـ”خادم الأفرع الأمنية” لا يظهر أمام العامة لأنّ تواصله مع الأسد انقطع، بل لأنّه أراد القول إنّه جاهز لخوض أي معركة.

ثلاثة أسلحة

حتّى الآن، جميع المؤشّرات تذهب إلى أن مخلوف لم يستسلم أمام أسماء الأسد وزوجها بشّار، لم يستجدِ عطفهما، ولم يحاول استمالة أي منهما أو تهدئة الأجواء، بل إن مجرّد خروجه عبر الانترنت لنقل الصراع إلى العلن يعني أنّه ليس في موقفٍ ضعيف.

رامي مخلوف

في التحليل وراء سبب عدم استسلام مخلوف لنفوذ القصر الجمهوري، يتّضح أن لدى مخلوف مجموعة نقاط قوّة، يأتي على رأسها انتزاعه الحاضنة الشعبية داخل المجتمع الموالي للنظام على أسماء الأسد، ففي الوقت الذي كانت أسماء تعيش حياةً باذخة، وتشتري لوحةً باهظة الثمن، كان مخلوف يدير حملة تبرّعات لتوزيعها على الموالين له من الطائفة في الساحل السوري، حيث تبرّع بـ500 مليون ليرة سورية على شكل مواد غذائية ومستلزمات أساسية للمجتمع الموالي، حيث يتحصّن بينهم الآن، وهذه الحاضنة تشكّل أقوى أسلحة مخلوف في وجه أسماء التي تهالكت صورتها أمام مؤيدي النظام السوري.

من وجهة نظر اقتصادية، فإن الباحث والخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، رأى أن الضريبة المفروضة على مخلوف تُعتبر “رقماً صغيراً” أمام حجم ميزانيته، إذ يستطيع مخلوف تعويض المبلغ بعملية مضاربة في السوق السورية، ولكنّه يرفض الدفع لأسبابٍ معنوية تجعله غير جاهزٍ للرضوخ أمام أسماء الأسد وزوجها بشار، مضيفاً: “لو كان مخلوف خائفاً لكان تخلّى عن شركة سيريتل وأنهى الخلاف، ثم تفرّغ لاستثماراته الأخرى التي توازي 65 في المئة من القوّى الاقتصادية السورية، والتي تقوم على آلاف الشركات الضخمة، لكنّه ليس في موقع الرضوخ.

كما أن لدى مخلوف سلسلة استثمارات وأرصدة مالية ضخمة في روسيا والإمارات العربية المتحدة وأوروبا ودولٍ عدّة حول العالم، وهذه الاستثمارات تزيد من قوّته على المواجهة، وتجعل القضاء عليه أمراً يصعب على الأسد وزوجته، اللذين لم يصدر عنهما حتّى الآن أي ردّ فعل واضح على فيديوات مخلوف.

رفع مستوى التهديدات

في سوريا، تتردد انباء يتداخل فيها الصحيح بالكاذب حول تضييق أمني يطال مقربين وعاملين لدى مخلوف. وكان مخلوف نفسه قد افتتح مقطع الفيديو الثاني له بالكشف عن أن الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري بدأت اعتقال موظفين تابعين له، رافعاً حدّة التهديدات بالقول: “الأمور وصلت إلى مرحلةٍ لم يعد يمكن السيطرة عليها، وأصبحت الضغوط بطريقة غير مقبولة وبشكل غير إنساني”.

وقال مخلوف: “الأفرع الأمنية بدأت تعتقل موظفين تابعين له مع العلم أنّه كان من أكبر داعمي وخادمي هذه الأفرع الأمنية”، مُعتبراً أن ما يحصل هو استخدام السلطة لمصلحة الأشخاص.

“طلبتُ من الرئيس التدخل لإنصاف شركاتي لأنهم طالبوني بأموال لم يكونوا محقّين فيها، ولم يكن الهدف من ظهوري هو عدم الدفع، ولكن كنت أريد أن تذهب هذه الأموال إلى مستحقيها”، يتابع مخلوف في المقطع الذي هاجم فيه أسماء الأسد بشكلٍ أكثر وضوحاً عندما دعا بشار إلى “وضع حد للتدخلات المحيطة حول صاحب القرار لأنّها أصبحت لا تطاق ولا تُحتمل إلى درجة مقرفة وخطرة”.

وقال أيضاً: “هيك ما فينا نكمل” وأن “ما يحدث بحقّه هو ظلم وتعدّي على الملكية الخاصة”.

مخلوف هاجم “الآخرين” موجهاً كلامه لبشار الأسد: “لا يجب أن نترك الآخرين يتعاطون معنا بهذه الطريقة لأنهم يتعدّون على القانون والدستور الذي أنت ترعاه”.

وخلال الفيديو أكّد مخلوف أنه لن يتنازل عن أمواله، مردفاً: “هؤلاء يضغطون علي لكي أتنازل وأنا لن أتنازل”، و”إذا استمررنا بهذه الحالة سيكون وضع البلد صعباً جداً، وسيكون هناك عقاب إلهي حتمي لأنه بدأ هنا منعطف جديد”.

كسر جدار الخوف

كانت الناشطة السورية الموالية للنظام ماغي خزام من أوائل من شنّوا هجوماً على مخلوف، حيث وصفته بـ”سارق البلد” بعدما وصف هو نفسه بأنّه “خادم الأفرع الأمنية”.

جاء حديث خزام في مقطع فيديو نشرته على “فايسبوك”، ردّاً على حذف مخلوف تعليق زوجها الذي خاطب مخلوف “متل ما عم تقاسمونا مشاكلكم تفضلوا قاسمونا أموالكم”، موضحةً أن مخلوف يستخدم الشعب ضد الرئيس كسلاح من دون أن يقدّم شيئاً له.

واستعرضت خزام مجموعة الشركات والأموال التي يملكها مخلوف خلال الفيديو ذاته، مثل “سيريتل”، “شركة شام القابضة”، بنك سوريا الإسلامي وحصة من بنك بيبلوس وشركة راماك للتعهدات، وغيرها من الشركات.

درج

————————

صاندي تايمز: هكذا سقط رامي مخلوف في صراعه مع الأسد

تحت عنوان “رجل المال السوري في ورطة مع عائلة الأسد الحاكمة” نشرت صحيفة صاندي تايمز تقريرا لمراسلتها في الشرق الأوسط لويز كالاغان، كشفت فيه بناء على محادثات مع عدد من الدبلوماسيين ورجال الأعمال ممن لهم معرفة عميقة بعمل النظام السوري عن الكيفية التي سقط فيها رجل المال رامي مخلوف من علوه الشاهق.

وتظهر الشهادات أن الأسد الذي انتصر في الحرب يحاول تجريد الرجل الذي قام بتمويل الحرب من سلطاته وتأثيره. وفي عملية مواجهة مخلوف، كشف عن طريقة عمل الطبقة السياسية الدنيئة في سوريا حيث أصبحت مكشوفة للجميع.

وبدأت الشائعات عن ملاحقات مخلوف في العام الماضي، حيث قيل إن نزاعا اندلع حول تردد الملياردير عن دفع ملايين الدولارات اقترضها من الأسد وبسبب تباهيه بالثروة في الخارج. ولهذا السبب بدأت تقريرها بالحديث عن ابن مخلوف الذي يعيش في دبي، حيث قالت: “بالنسبة للمتابعين لحساب محمد مخلوف، البالغ من العمر  22 عاما على إنستغرام، فإنه يبدو وكأنه حصل على حلمه. وكابن أغنى رجل في سوريا التي تقدر ثروته والده بحوالي 2 مليار دولار، كان يحلق ما بين دبي وميكونوس وكان يخرج من سيارته الفارهة عاريا من الأعلى ويظهر عضلاته التي دهنها بالزيت وتلمع تحت أشعة الشمس. ثم هناك الطائرات الخاصة والقوارب السريعة والقصور التي كتبت الحروف الأولى من اسمه عليها. وتقاطعت صور الشاب الذي لا ينتهي من الرحلات والسفر وفي مناسبات مع صورة ابن خال والده، الرئيس بشار الأسد الذي بدا متواضعا وجادا. وكان والد رامي، محمد رامي مخلوف معروفا بأنه “صراف” عائلة الأسد. والتي كانت قبل الحرب تسيطر على 60% من اقتصاد سوريا. وظل رامي وعلى مدى التسع السنوات الماضية يمول الحرب التي انتصر فيها الأسد.

ولكنه اليوم يواجه مشكلة كبيرة جدا، فبعد حالة من الرفاه الذي لا يمكن تخيله، في وقت حصدت فيه الحرب أكثر من 400 ألف سوري، لم تعد عائلة مخلوف مقربة من النظام السوري. وتضيف كالاغان إن السوريين يتابعون ومنذ عدة أشهر الغسيل القذر داخل الطبقة المقربة من الأسد في وقت كان يحاول فيه رامي مخلوف مواجهة محاولات من الحكومة السيطرة على أرصدته وتجميده. وفي سلسلة من أشرطة الفيديو نشرها على فيسبوك حاول فيها المراوحة بين التهديدات المبطنة ومتجنبا الكشوف الفاضحة.

وبعد كل هذه السنوات من الخدمة، اشتكى مخلوف من استهداف قوات الأمن للموظفين العامين في شركاته ومصادرة عدد منها. وقال مناشدا الإنصاف من الأسد “لقد طُلب مني التنحي جانبا”. وتعلق الصحافية إن الشكوى هي إشارة مثيرة للدهشة عن عائلة قورنت طريقة عملها بعمل المافيا وتعيش مرحلة اقتتال داخلي حيث تحرك الأسد لتوطيد سلطاته على البلد.

وتقول كالاغان إن وزارة المالية السورية قامت في كانون الأول/ ديسمبر بتجميد الرسوم الجمركية، وأنكر مخلوف في حينه أية علاقة بالشركة المتهمة. وبدأت الرئاسة السورية لاحقا بالسيطرة على جمعية وميليشيا البستان والتي استخدمها مخلوف كإقطاعية شخصية.

وفي الشهر الماضي صادرت السلطات المصرية سفينة شحن تجارية قادمة من سوريا تحمل صناديق معلمة بماركة شركة يملكها مخلوف. وكُشف سريعا أنها محشوة بالحشيش. ورغم نفيه أي علاقة له مع السفينة، إلا أن القصة أعطت صورة لا تدعو للنفي عن محاولات مخلوف المستمرة لإثراء نفسه بطرق غير شرعية.

ويقول الدبلوماسي السوري الذي انشق عن النظام عام 2012 ويعيش الآن في واشنطن بسام بربندي: “أعتقد أنهم يريدون وجها جديدا؛ لأن رامي أصبح يمثل صداعا لهم”.

وتعلق كالاغان أن رامي مخلوف كان شخصا بارعا في جعل نفسه شخصية لا يمكن للنظام التخلي عنها. وكان والده المتشدد، صهر الرئيس حافظ الأسد، شخصية محورية في تحويل سوريا إلى مجمع صناعي- عسكري حديث على طريقة المافيا.

وحسب أشخاص التقوا به قبل الحرب، فقد ظل رامي محترما لرغبات والده، ومثل بشار، كان ابن نعمة يتحرك بين الدوائر المهمة في دمشق، وجزءا من الجيل الثاني الناعم الذي غيّر النظام الإقتصادي القائم على الطريقة السوفييتية القديمة إلى مجموعة أصحاب مصالح، “أوليغارش” على علاقة بالأسواق المثيرة للشك والذين حكموا دمشق؟

ويقول بربندي: “كانوا يريدون إظهار القوة لكل شخص حتى لا يتم تحديهم” و”عندما كنا في المدرسة الثانوية، كان كل واحد منا يريد شراء سيارة، ولكنك لا تستطيع شراء سيارة أحسن من سيارة مخلوف حتى لو كان معك المال لشرائها”.

ويقول إن هذه الطبقة كانت محصنة ولا أحد يستطيع لمسها. وتم تداول قصة في حينه عن إرسال مخلوف حرسه الخاص لضرب ابن وزير الخارجية لأن سيارته كانت أجمل. ولجأ الولد إلى مكتب والده حيث ترك الحرس الباب وسمحوا لحرس مخلوف بضربه. وكلما كبر كبرت ثروته وسلطته.

ويقول عمار العظم، أستاذ التاريخ والأنثروبولوجي في جامعة ولاية أوهايو: “من هنا بدأت تسمع برامي”، و”تحول أثناء السنوات الأولى من القرن الحالي إلى المصدر الرئيسي للاقتصاد في البلاد”. وبعد سيطرته على شركة الاتصالات “سيرياتل” تحول مخلوف إلى بقرة حلوب، حسب وزارة الخزانة الأمريكية. ولم يعد أحد يستطيع إدارة عمل اقتصادي بدونه، بعدما بدا واضحا أنه يدير الاقتصاد نيابة عن الرئيس.

ومع شقيقه حافظ الذي كان يعمل في الأمن، فقد توسع تأثير العائلة إلى داخل النظام المعقد ومصالحه. إلا أن التوتر بين العائلتين كان يغلي تحت السطح لوقت طويل، وحتى قبل اندلاع الحرب انتشرت الشائعات في دمشق عن وجود مشاعر سيئة بين السيدة الأولى أسماء الأسد وآل مخلوف. ويقول عارفون إن المشاعر السيئة أو “الدم الفاسد” كانت عميقة. ومع بداية الحرب الأهلية 2011 تحول المزاج العام ضد مخلوف والذي أصبح علامة على الفساد المستشري الذي جلب المحتجين إلى الشوارع، وتعرضت مكاتب “سيرياتل” للحرق.

وحسب مقابلات مع مخلوف في تلك الفترة فقد كان يعتقد بقوة أو كان يريد الاعتقاد أن المعارضة لم تكن سوى مجموعة متنافرة من مدمني المخدرات وعملاء الموساد الذين خرجوا بهدف تدمير النظام. ولكنه عقد في حزيران/ يونيو 2011 مؤتمرا غريبا أعلن عن تقاعده عن التجارة والأعمال وتمت التضحية به على ما يبدو لإرضاء مطالب المحتجين.

ولكنه لم يعتزل التجارة، بل وسّع البستان لتضم ميليشيا مسلحة وصل عدد أفرادها مرة 20 ألف شخص وكانت القوة المقاتلة الرئيسية للنظام. وفي عام 2014 اختلف شقيقه مع النظام، وأُجبر على الخروج إلى المنفى، ولكن رامي استطاع تجاوز المشاكل مع الرئيس حتى العام الماضي، عندما بدا بشار الأسد واثقا من نفسه بعد الإنجازات التي حققها بمساعدة الروس والتفت إلى رامي.

وقال شخص مطلع: “يفكر الأسد بالمستقبل” و” يرى داعموه الدوليون، خاصة الروس ألا حاجة للاستسلام لأن النظام لن ينهار ولهذا السبب تدخلوا لدعمه”.

وفي الوقت الذي يتراجع فيه مخلوف، حل محله آخرون، فقد حصلت عائلة الدباغ ذات الصلة بالسيدة الأولى على تأثير وكذا رجل الأعمال سامر فوز الذي بنى ثروة أثناء الحرب.

ورغم أن أسباب صعود العائلتين معقدة، إلا أن كونها من عائلة سنية ومخلوف مثل الرئيس من الطائفة العلوية، قد يلعب في صالح الأسد الذي يريد تقوية قاعدته وينال دعمها.

وعلى المدى البعيد، فإن الأسد سيحاول منع أي عقبة تعيق وصول ابنه حافظ إلى السلطة، ومع أن عمره لا يتجاوز الثامنة عشرة، ويمكنه الحصول على الجنسية البريطانية مثل والدته، سيقدم كوجه جديد. ويرى العظم، أن حافظ سيقدم مثلما قدم والده بأنه الرجل الطيب والصديق و”لو ظل بشار في السلطة حتى يخلفه، فستكون لديهم صفحة جديدة وفرصة جديدة لكي يقول: أنا لست مثل أبي ولا علاقة لي بالقتل”  ثم يتزوج امرأة جميلة مثل والدته ويتم إعادة تأهيله”.

وفي الوقت الحالي لا يعرف المدى الذي سيذهب فيه الأسد لتجريد مخلوف من قوته، وأحد الخيارات دفعه للخروج إلى المنفى، كما فعل حافظ الأسد مع شقيقه رفعت عام 1984 بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.

القدس العربي”

———————

الأسد-مخلوف:سيناريوهات الحل تفضح أسباب الأزمة/ عقيل حسين

سيسهم أي حل يتوصل إليه قطبا السلطة في سوريا، آل الأسد وآل مخلوف لخلافهما الأخير، في تفكيك أحجية أسباب هذا الخلاف الذي تفجر بينهما بعد أشهر من التوتر، لكن ليس من المؤكد أنه سيؤدي إلى طي هذه الصفحة بشكل نهائي، على الرغم من أن بوادر انتصار (الأسد) باتت واضحة، وقد كانت تبدو كذلك منذ البداية.

أربع كلمات

فبعد اسبوع ملتهب بلغ فيه الصراع بين العائلتين ذروته، مع التسجيلين المصورين اللذين ظهر فيهما خازن بيت مال النظام رامي مخلوف، وكشف فيهما عن تعرضه لضغوط ومضايقات ومطالبات مالية “لا يمكن احتمالها أو القبول بها” وعن حملة اعتقالات شملت كبار الموظفين في شركاته، كانت أربع كلمات نشرت على الصفحة الرسمية لشركة “سيريتل” (أشهر شركات رامي مخلوف) كافية لتشير إلى أن معركة حسمت.

“الرجوع عن الخطأ فضيلة”.. هذه هي كلمات المنشور الأربعة التي وضعت حداً لسيل جارف من التحليلات والتوقعات والسيناريوهات المحتملة لتطورات الصراع بين آل الأسد وآل مخلوف، هذا الصراع الذي بدا بالنسبة للكثيرين، حتى ما قبل هذا المنشور، أنه ليس سوى رأس جبل الجليد الذي سيتكشف أكثر، وأن المعركة ليست إلا في بدايتها.

كيف انتهى الخلاف (على فرض انتهائه بالفعل) أو كيف أمكن لملمة هذه الفضيحة؟

هذا هو السؤال المركزي عند كل السوريين اليوم، موالاة ومعارضة، وحتى عند المحايدين الذين لا تعنيهم السياسة بشيء، فإن الفضول يوحد الجميع خلف البحث عن تفاصيل الحل، كما كان قد وحدهم قبل ذلك خلف البحث عن أسباب الخلاف.

سيناريو مبسط

في تعليقه على التطورات الأخيرة، كتب رجل الأعمال السوري المعارض، فراس طلاس، على صفحته في “فايسبوك”، أن “الأمور تتجه، بعد وساطات قام بها غسان مهنا (خال رامي مخلوف)، إلى أن يعتذر رامي عن الفيديوهات التي أصدرها، على أنها كانت تسرعاً وتهوراً، وأن (الرئيس بشار) بيمون عالروح، وبعد ذلك، وبهدوء، يتم التنازل عن كل حصصهم في شركتي “سيرياتل” و”راماك” التي تدير بقية شركات مخلوف، لمؤسسة حكومية أو شبه حكومية، وهنا يظهر بشار الأسد كمحارب للفساد، وأن مال الشعب عاد للدولة التي هي الشعب”.

وأضاف طلاس، وهو نجل وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس، أن “هذه الشركات في الداخل تساوي عشرة بالمئة من الثروة الأسدية/المخلوفية، أما الثروات الباقية في الخارج  وهي في عدة دول، ويديرها (المخاليف) ومستشاروهم، فسيتم توازعها بين؛ بشار الأسد وأبنائه، وماهر الأسد وأبنائه، وبشرى الأسد وأبنائها، وأولاد محمد مخلوف؛ رامي – حافظ – إياد – إيهاب، كندة ، سارة، على أن يقرر بشار الأسد حصة كل شخص، ويغادر (المخاليف) سورية لفترة ويختفوا من المشهد”.

وسواء كانت هذه معلومات أو تقديرات، وبغض النظر عن أن صدورها عن شخص مطلع، أقله على طريقة تفكير العائلتين المسيطرتين على الحكم والاقتصاد في سوريا، فإن سيناريو الحل الذي يتحدث عنه طلاس ظل مرجحاً عند الكثيرين من المتابعين، الذين كانوا واثقين منذ البداية بأن رامي مخلوف سوف يرضخ حتماً لإرادة عائلة الأسد، سواء كان خلافه مع أسماء أو مع ماهر.

لكن لماذا يجب استبعاد السيناريوهات الأخرى، بل وقبل ذلك، هل يمكن لبشار الأسد وأسرته القبول بتنازل عائلة مخلوف عن كبرى شركاتها في سوريا (سيريتل وراماك) لصالح الدولة، وما الذي سيستفيده الأسد من ذلك؟

سؤال توجهت به “المدن” لفراس طلاس، الذي أكد أن قيمة هاتين الشركتين لا تمثل أكثر من عشرة في المئة من مجموع ثروة رامي مخلوف وأسرته، وهذا ما يجعل التنازل عنهما ثمناً عادياً في النهاية.

وأكد طلاس أن القيام بهذه الخطوة سيكون أثرها المعنوي مهماً لصالح بشار الأسد ضمن مساعي إظهاره كمكافح للفساد، وهي أكبر بطبيعة الحال من مكاسبه المادية فيما لو اقتصر الأمر على إعلان مصالحة ضريبة تدفع بموجبها شركات مخلوف ما عليها من مستحقات معلنة لخزينة الدولة على أن تبقى من أملاكه.

طبيعة الحل..والخلاف

وفيما إذا كانت طبيعة هذا الحل كافية للكشف عن أسباب الخلاف الحقيقية، أكد طلاس أنه “لا توجد دوافع سياسية أو أمنية للصراع بين الاسرتين أصلاً، وأن سبب الخلاف باختصار هو التنافس بين الأسرتين، سواء بين أسماء الأخرس “زوجة بشار الأسد” وبين رامي مخلوف من جهة، أو بين الأخير وبين ماهر الأسد من جهة ثانية، وكذلك بين أسماء وبين ماهر الأسد من جهة ثالثة”.

ينسف “طلاس” سردية الكثيرين عن أن أسماء الأخرس لا يمكن أن تكون قادرة على خوض صراع بهذا المستوى، وسط حقل ألغام عائلي وسلطوي معقد وخطير، مهما بلغت قوتها أو نفوذها كزوجة للرئيس، ويرى أنها تمكنت من النجاح حتى الآن في هذه المعركة، بفضل دمجها بين استخدام سلاحي أنها زوجة الرئيس من جهة، وأنها أم أبناء الرئيس من جهة الثانية، الأمر الذي مكّنها من فرض نفسها كرقم صعب في معادلة السلطة والحكم. ونوه طلاس إلى أن غياب محمد مخلوف، خال بشار الأسد، جعل زوجته أقرب إليه في السنوات الأخيرة، وبالتالي أكثر قدرة على التأثير عليه.

سيؤدي سيناريو الحل هذا إن حصل بالفعل، إلى إعطاء بعدٍ عائلي لخلاف الأسد-مخلوف بعدما أخذ بعداً إقليمياً دولياً بنسبه مباشرة إلى صراع النفوذ بين الدولتين الحليفتين للنظام، روسيا وإيران، من دون أن يعني ذلك أن وتر الصراع كان بعيداً عن المعركة، أو أنه لم يجرِ استخدامه بما يخدم أهداف أطراف الخلاف.

كذلك ترتبط فرضية الحل بالتصعيد الإعلامي الروسي ضد النظام في الفترة الأخيرة الماضية، هذا التصعيد الذي جاء من زاوية الفساد المستشري في دوائر الحكم والسلطة في سوريا، وهي الزاوية التي سيكون من المنطقي النظر إليها على أنها دعوة لإجراء إصلاحات والقيام بأي خطوات تحسينية، أكثر من كونها تلويحاً بالتخلي الروسي عن الأسد، حتى الساعة.

وعليه، يرى الكثيرون أن تطبيق سيناريو الحل للأزمة الداخلية، أي أن يجبر رامي مخلوف على تقديم اعتذار للأسد، والتنازل عن ملكيته لشركتي “سيرتيل” و”راماك”، أو حتى غيرهما من الشركات المحلية، سيعني ضمناً، وإلى جانب النصر المعنوي للأسد، استجابة سريعة ونية متوفرة من قبل النظام مع الرغبة الروسية، على أن يظل حبل إيران الممدود والسميك، جاهزاً لدى الأسد للعب عليه بمواجهة روسيا في حال قررت الذهاب أبعد من ذلك في مطالباتها “الإصلاحية”.

المدن

———————–

 نقاط عما يسمى خطأ “الصراع داخل العائلة”/ حمزة المصطفى

• لا يوجد في سورية “صراعات ضمن النظام” أو “ضمن الطائفة” أو “ضمن العائلة الحاكمة”. ثمة تباينات أو اختلافات وجهات نظر في حدود المعقول تحسم دائما لصالح الرئيس الذي يجمع في شخصه والنظام والدولة والمجتمع، ويناط به بحكم الدستور صلاحيات تفوضه سلطة مطلقة لا ينافسه فيها أحد ولا تسمح بوجود أقران أو منافسين. كل من في النظام بحاجة لحماية الرئيس وليس بالضرورة أن يكون الأخير بحاجة لهم ما دام قادرا على استبدالهم.

• لم يكن رامي مخلوف أو عائلة مخلوف جزءا من الحلقة الضيقة للنظام في مرحلة حافظ الأسد رغم وجود بعضهم في مواقع قيادية في الجيش والقوات الأمنية. خرج رامي مع ولادة النظام الجديد بوجه النيوليبرالي المشوه القائم على تحالفات اقتصادية بين أبناء الضباط الفاسدين تجارا وطبقة التجار في المدن الطامحين لمداخل سلطوية تسهل أعمالهم.

• تقمص رامي مخلوف شخصية التاجر الشامي، ابن السوق وثقافته، وأتقنها أيضا حتى تلبسته فأنسته أصله الذي لم يكن له مكان في النظام الجديد إلا عند الازمات الاجتماعية. عقد صفقاته وتحالفاته بمنطق التاجر الذي يحكم السوق ولا يسمح للغريب (المستثمر الخارجي) بمنافسته حتى وإن اضطر إلى مشاركته مؤقتا. انظروا الى حديثه واستحضاره الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. هو لا يمثل على الإطلاق بل يعبر عن شخصيته الحقيقية حتى داخل مخبئه في جبال اللاذقية.

• رامي وطبقته الجديدة وسياسات النظام النيوليبرالية كانت الرافعة التي سوقت بشار الأسد وحفرت قبره في ذات الوقت. التضحية به كانت مطروحة منذ بداية الثورة، لكن الحاجة إلى تمويل عمليات النظام ورعاية أسر قتلاه وأنسنة بعض نشاطاته ضمن الفضاء الاجتماعي للطائفة العلوية أوجدت مكانا له تحت مسمى “النشاط الخيري” الذي أتقنه أيضا.

• بعد 10 سنوات من الحرب، ظهرت طبقة رجال أعمال جديدة تضم مغامرين ترعرعوا في فضاء رامي ليخرجوا عنه مع حاجة النظام الى شخصيات لا تلاحقها العقوبات أو على الأقل قادرة على التهرب منها. أصبح رامي عبئا على بشار، لكن الأخير بحكم انشغاله بتثبت حكمه بعد التدخل الروسي لم يكن لديه الوقت اللازم لفتح الملفات بالكامل.

• التوقيت اليوم مناسب، رامي مكروه من الجميع داخل النظام وخارجه، والنظام بحاجة إلى بعض السيولة ومنح تجار الحرب الجدد بعض المكاسب على خدماتهم السابقة. الاستحواذ الذي أراده النظام هادئا، دون شوشرة، ربما لن يحصل كذلك، لكن لا سبيل لمقاومته. لا روسيا قادرة ولا أي أحد قادر أن يحميه إذا قرر بشار ذلك.

• قد تكون لأسماء الأخرس يد في ذلك، فهي تريد إعادة صياغة مفهوم وحدود العائلة الحاكمة بعد وفاة أنيسة وبلوغ نجلها الجهبذ الثامنة عشر. تحتاج الأخيرة إلى حصر السلطة الاقتصادية والسياسية داخل عائلة بشار الصغيرة بعد أن تعبت من الأدوار الإنسانية عن الطفولة والمرأة خلال العقدين الماضيين، والتي لم تؤت أوكلها. فرواية زهرة في الصحراء لم تعمر. لقد تحولت سيدة الياسمين إلى صبارة بور لا طيب فيها.

• قد ينفد رامي بجلده على صيغة رفعت، لكنه انتهى سياسيا واقتصاديا. هو لا ينتظر رحمة بشار بمقدار ما ينتظر جهة إقليمية او دولية تخرجه مع بعض الاستثمارات خارج المعركة التي خسرها بالكامل.

———————-

أين روسيا من خلاف الأسد ـ مخلوف؟/ أنطون مارداسوف

انطلق في الآونة الأخيرة العداء الكامن داخل الأسرة الحاكمة في سوريا من الخفاء إلى العلن، حيث أعرب رجل الأعمال المعروف رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، عن مخاوفه الكبيرة من تهديدات النظام السوري الحاكم لأعماله في البلاد، وربما لحياته.

تأكيداً للقول، لا تخجل دمشق من استخدام أدوات العلاقات العامة المعروفة في الإعراب عن آليات مكافحة الفساد المعتمدة لديها، أو إيجاد مظهر التنافسات السياسية الخاوية من أي مغزى. لذا، ربما نميل إلى تفسير أحجية مخلوف على النحو التالي: جانب من التحركات التمثيلية لدى النظام السوري الحاكم تعتزم المحافظة – بأي وسيلة – على شعبية الرئيس السوري في الجزء الذي يحكمه من البلاد. غير أن الأمور هذه المرة تبدو حقيقية، ولا يبدو أن موقف مخلوف يشير إلى إمكانات التلاعب.

ولكن ما سر ظهور وحديث مخلوف الآن؟ فمنذ ظهوره في مؤتمر صحافي وحيد في دمشق عام 2011، نأى رجل الأعمال السوري الكبير بنفسه تماماً عن أضواء الصحافة والإعلام. واضطر إلى كسر قيود صمته المطبق، في فبراير (شباط) من العام الحالي، بعد مرور شهرين من تحرك السلطات السورية ضده، ومصادرة ممتلكات أسرته داخل البلاد، بتهمة ارتكاب المخالفات الجمركية المتعددة. وفي رسالة موجهة نشرها في إحدى الصحف، نفى مخلوف اتهامات الفساد الموجهة إليه، وإلى أسرته، مع الإشارة الواضحة إلى سجله الحافل بالأعمال الخيرية والإنسانية المعروفة. وصارت منصات التواصل الاجتماعي هي المنفذ الجديد الذي يطل منه مخلوف على الناس لمضاعفة وتأييد دفاعه عن نفسه، وعن أسرته.

وتلك، كما يُقال، هي ذروة ملحمة رامي مخلوف السورية التي كان يزيد غليانها طيلة الشهور الماضية. وبدأت التقارير الإخبارية بشأن الخلافات المتنامية بين النظام السوري وأثرى أثرياء البلاد في التداول بدءاً من أغسطس (آب) الماضي.

ومن الناحية الظاهرية، اضطلع الجانب الروسي بدور حاسم في تحرك النظام السوري ضد مخلوف. فمن وجهة نظر كثير من المحللين، جرى تشجيع الحملة الراهنة ضد مخلوف من قبل حفنة من رجال الأعمال الروس، والقيادات العسكرية السورية، الذين يرغبون في الاستفادة من أصول شركات رامي مخلوف في إنعاش احتياطي البنك المركزي السوري، وسداد الديون التي أثقلت كاهل البلاد بسبب الحرب المستمرة. وليس خافياً على أحد الحصة التي تملكها موسكو في الاقتصاد السوري. على سبيل المثال، كانت مطبعة سك العملة الروسية «غوزناك» تزود النظام السوري بأوراق البنكنوت المستخدمة في طباعة الليرة السورية.

وربما يكون للعنصر الروسي دوره الفعال في التأثير على توقيت مناشدات مخلوف المتعددة إلى الأسد. فمنذ أبريل (نيسان) الماضي، كانت وسائل الإعلام الغربية والعربية المختلفة تنشر التقارير الإخبارية المتنوعة التي تشير إلى قرب نفاد صبر موسكو من النظام السوري، ومن زعيمه الأسد. وللدلالة على ذلك، استشهدت مختلف المنافذ الإعلامية بمقالات تحتوي انتقادات عدة موجهة إلى شخص بشار الأسد، جرى نشرها في وسائل الإعلام المقربة من يفغيني بريغوزين، قطب الأعمال الروسي الكبير المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المالك المزعوم لمجموعة «فاغنر» الدفاعية الخاصة ذات السمعة السيئة للغاية. وكانت مؤسسة «الدفاع عن القيم الوطنية» ذات الصلة بالسيد يفغيني بريغوزين قد أجرت استطلاعات رأي داخل سوريا، أشارت نتائجها المنشورة حديثاً إلى خيبة الأمل المتنامية لدى جماهير الشعب السوري من النظام الحاكم، ومن فساده الكبير. كما أعرب المسؤولون الروس أيضاً عن شكوكهم، إذ أعرب الدبلوماسي الروسي الأسبق ألكسندر أكسينينوك عن أسفه الشديد لسوء إدارة الاقتصاد في دمشق. ولقد جاءت كل تلك المجريات على رأس التصعيد الروسي الأخير الذي طالبت فيه موسكو دمشق بسداد القروض المستحقة بقيمة 3 مليارات دولار، في إشارة إلى نمط حياة رامي مخلوف الفاخر للغاية، كدليل على توافر الأموال لدى النظام السوري.

وفي واقع الأمر، ورغم كل شيء، لم يكن الدور الروسي في ملحمة رامي مخلوف محورياً، كما صورته وسائل الإعلام. ورغم أن التقارير الصادرة عن الآلة الإعلامية المملوكة للسيد يفغيني بريغوزين قد أشاعت كثيراً من الزخم والضجيج، فإنه نالها – في أوقات لاحقة – استنكار من كثير من المحررين الروس، فضلاً عن انتقاد الكرملين لها. ومع ذلك، كانت هذه الحملة موجهة بصفة قليلة نحو شخص رامي مخلوف، وبصفة أكبر صوب النظام السوري، في إشارة إلى أن موسكو ترغب من دمشق بذل المحاولات الجادة لإحياء اقتصاد البلاد، فضلاً عن توفير مزيد من الفرص لرجال الأعمال الروس، في صورة شكل من أشكال التعاقدات المربحة على سبيل المثال.

ومع ذلك، لا يزال الأسد اللاعب الوحيد القابل للتعامل معه من جانب موسكو. ويسهل الوقوف على أسباب ذلك، بمجرد التفكير في الأمر من زاوية الإخفاق الروسي في تشكيل أي قوى سياسية بديلة داخل سوريا، يمكن الاعتماد عليها في تنفيذ أجندة الإصلاح الداخلية.

وتحاول موسكو منذ سنوات كثيرة إضفاء صفة المركزية على القيادة العسكرية السورية، حتى يتسنى للكرملين ممارسة نفوذه السياسي من خلالها. لكن من الناحية العملية، ورغم كل شيء، لم تسفر تلك الجهود عن أي نتيجة ذات شأن. كما تفتقر المجموعات العسكرية التي تعمل روسيا معها داخل سوريا – «قوة النمر»، أو الميليشيات القبلية التابعة لزعامة تركي أبو حمد، وغازي إبراهيم الدير، وسليمان الشواخ – إلى السلطة المؤسساتية داخل البلاد.

وبعد عودتي من رحلتي إلى سوريا في عام 2018، صار من الواضح لديّ أن النظام السوري يواجه عقبات وتحديات كبيرة فائقة، وقد شرع في التهام نفسه بنفسه شيئاً فشيئاً، رغم صموده الظاهري من الخارج. وفي تلك الأثناء، كانت الاستنتاجات التي خلصت إليها ما تزال مثيرة للجدل، بالنسبة إلى زملاء المهنة على أقل تقدير. ولكنني أرى الآن أن الأيام قد برهنت على صحة موقفي المتخذ من تلك القضية. شرع الأسد في الانتقال بعيداً عن النموذج الأسبق «الرأسي» لممارسة السلطة في البلاد، وبدأ يعمل على ترسيخ كافة الأصول الممكنة حول شخصيته الرئاسية. وتعد ملحمة مخلوف الأخيرة مجرد مثال آخر على ذلك، إذ يسعى الأسد الذي يعاني من ضائقة مالية كبيرة من أجل تأمين مزيد من الموارد تحت ستار إجراء الإصلاحات، ومكافحة الفساد، ومواصلة التودد للحلفاء في الخارج.

ربما تكون روسيا قد استغلت تلك الخلافات داخل نخبة النظام السوري في زيادة نفوذها، وممارسة مزيد من الضغوط من أجل فرض الإصلاحات الحقيقية. ومع ذلك، فإن الكرملين لا يملك في واقع الأمر أدوات قوية للضغط على النظام السوري، ولم يبذل إلا المحاولات القليلة ذات المغزى في تأمين تلك الأدوات وترسيخها.

* خاص بـ«الشرق الأوسط»

الشرق الأوسط

———————–

رامي مخلوف: تفكيك اللغز/ ساطع نور الدين

لكل عائلة أسرارٌ، لا تُكشف إلا بإذن أو بإنشقاق. وهو ما لا ينطبق حتى الآن على فضيحة رامي مخلوف، الذي أعلن تمرده، لكنه لم يحصل كما يبدو على تشجيع من أحد، ولم ينشق لكي يصبح معارضاً، ولم يلتحق  بمتمردين من العائلة أو من محيطها القريب يعيشون اليوم في المهاجر.

كشف الابن المدلل للعائلة الذي يحفظ الكثير من أسرارها السياسية والمالية والامنية، عن خلاف بسيط نسبياً ، مثل أي خلاف يحصل بين أقارب، يدور حول مبلغ مالي متواضع حسب معايير الاسرة، يتمثل بضرائب غير مدفوعة..مع أنها كانت تذهب للفقراء!

الخروج الى العلن، عبر الفايسبوك، هو الخطأ الوحيد، الذي يمكن التسامح معه، عندما يسدد ما عليه من متوجبات، فتعود الامور الى سابق عهدها، لأن الظرف لا يسمح بالتمرد ولا بالاجتهاد في سبل إدارة ثروة العائلة وأموالها وممتلكاتها.. ولأن روابط الدم لا تبيح التعامل مع إبن الخال وفق التقاليد المروعة والمتبعة في مثل هذه الحالات.

هذا وجه من الفضيحة التي فجرها إبن الخال المعروف بحرصه الشديد على صون الاسرار، وعدم الكشف عن بعضها إلا بإذن، كما فعل في العام 2011 عندما خاطب إسرائيل جهاراً نهاراً. يومها كانت العائلة كلها في حالة رعب شديد، وكان لا بد من ذلك النداء، الذي لم يفاجىء الاسرائيليين لكنه أمدهم بالثقة والأمل في النظام. وهو ما زال سارياً حتى اللحظة.

لكن للفضيحة التي ربما إنتهت بتدخل وجهاء العائلة وبدفع ال200 مليون دولار المطلوبة لمصلحة الضرائب، وجوهاً أخرى مستعصية، تمس صورة النظام، وتسلط الضؤ على بنيته الداخلية المستندة الى مزيج من القبضة الحديدية والسطوة المالية.. من دون مسوغات الشرعية السياسية التي كان النظام يتمتع بها في السنوات الثلاثين الاولى من عمره.

في موسكو، كما في واشنطن، ذهول وإرتباك، وتحفظ شديد في تفسير تلك الفضيحة، العابرة. ليس هناك سند للقول ان مصدر الفضيحة روسي. نصف أموال العائلة موجود في المصارف، او في الممتلكات الروسية التي جهزت لاستقبال أفراد العائلة عندما يحين موعد الرحيل من دمشق. الباقي من الاموال موجود في الامارات، وفي لبنان، او في جنات ضريبية بعيدة لا تصلها العقوبات الدولية.

لو شاءت موسكو الضغط على العائلة لكانت طلبت من أحد كبارها، محمد مخلوف، والد رامي، المقيم في موسكو القيام بدفع “الضريبة”. أما الاستنتاج ان الفضيحة هي تتمة لما كشفه “طباخ بوتين” أخيراً عن فساد النظام وضعف رئيسه، وعن لوحة الثلاثين مليون دولار، فهو بحاجة الى الكثير من التدقيق. ثمة في واشنطن من يلمح الى أن الضغط على رامي وجناحه في العائلة يصيب موسكو مباشرة. وثمة في دمشق أيضاً همس مسموع جيداً عن سؤ العلاقة بين النظام وبين الكرملين، أفصح عنه بطريقة كاريكاتورية البرلماني السوري خالد العبود!

ما سُرب في واشنطن عكس بعض العطف على موسكو في موقفها الصعب في سوريا، الذي يعبر عن نكران الجميل من قبل النظام لما فعلته روسيا لحمايته والمحافظة عليه. لكنه لم يصل حتى الآن على الاقل الى حد الشك في أن ثمة يداً إيرانية خفية تحرض النظام على الروس وتوجهه نحو تحجيم النفوذ والدور الروسي.. فالحاجة الايرانية الى روسيا تزيد اليوم أكثر من أي وقت مضى، لا سيما في ضؤ الحملة العسكرية والسياسية الاميركية والاسرائيلية على ايران، والمصلحة في التعاون وتقاسم الادوار والعقود أقوى من ذي قبل، وإن كان المردود ضعيفاً جداً.

كان النظام وسيظل يعتمد على الحليفين الروسي والايراني، اللذين يكرران في كل مناسبة أنهما لا يعتمدا عليه، ولا يثقا به، ولا يراهنا عليه، لكنهما في مأزق البحث الشاق عن البديل، قبل ان يتسبب الابن الضال بفضيحة جديدة.. وقبل ان يحل موعد الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

المدن

————————-

سوريا من خلال ثلاثة كتب/ خيرالله خيرالله

النظام بات يعاني من ارتداد أزماته عليه في ضوء بروز الصراع الضيّق، القائم حاليا بين بشّار الأسد وزوجته أسماء وشقيقه ماهر من جهة وآل مخلوف من جهة أخرى.

كلّ ما يمكن استخلاصه من الصراع ذي الطابع العائلي الذي مسرحه سوريا هذه الأيّام، أن النظام لم يعد لديه مكان يصدّر إليه أزماته. بات النظام يعاني من ارتداد أزماته عليه في ضوء بروز الصراع الضيّق، بكلّ المقاييس والأبعاد، القائم حاليا بين بشّار الأسد وزوجته أسماء وشقيقه ماهر من جهة وآل مخلوف ممثلين برامي محمّد مخلوف من جهة أخرى.

ما تعيشه سوريا حاليا هو صراع بين عائلتين في عائلة واحدة لم يعد فيها مكان لآل مخلوف الذين شكلوا طوال سنوات الذراع المالية للسلطة التي تشكّلت في 16 تشرين الثاني – نوفمبر من العام 1970 عندما احتكر حافظ الأسد الحكم وصار في شباط – فبراير 1971 أولّ علوي يتولّى الرئاسة في الجمهورية العربية السورية.

متى عرضنا لتاريخ سوريا المستقلّة منذ العام 1946، يظهر علنا كيف أن صراعا على بلد ودوره في المنطقة، تحوّل إلى صراع ذي طابع مالي وتجاري ببعد عائلي محوره شركات تجارية.

من خلال الشريطين اللذين ظهر فيهما رامي مخلوف أخيرا وتحدّث فيهما عن دوره في دعم النظام والظلم الذي تتعرّض له شركة “سيريتل”، التي يمتلك أكثرية أسهمها، يرتسم إطار لنهاية مأساوية لبلد كان مرشّحا لأن يكون أحد أكثر البلدان ازدهارا في الشرق الأوسط، فإذا به في السنة 2020 تحت خمسة احتلالات (إيراني، روسي، تركي، إسرائيلي، أميركي).

هناك الاحتلالان التركي والإسرائيلي المرشحان لأن يكونا دائمين، فيما كل الأسئلة مطروحة في شأن مستقبل إيران وحليفها الصيني، الذي ليس لديه وجود بعد في الأرض السورية، ومتى تبدأ مرحلة انتقالية استنادا إلى القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن تنفيذا لتفاهم أميركي – روسي بدأت ملامحه تتبلور قبل فترة ليست بالقصيرة.

انتهى تاريخ سوريا، المستقلة منذ 74عاما، بصراع عائلي ضيّق هدفه تجميع كلّ السلطات وكلّ الثروات بيد آل الأسد، خصوصا أن النجل الأكبر لبشّار الأسد (حافظ) كبر وهو في طريقه إلى تولي موقع ما في تركيبة السلطة.

ليست الرغبة في جعل النظام الجمهوري في سوريا ملكا لعائلة جديدة. سبق للعراق أن مرّ بهذه التجربة. فعندما كبر عديّ صدام حسين وشقيقه قصيّ، بدأ التفكير في كيفية تهميش الإخوة غير الأشقاء لصدّام، أي سبعاوي وبرزان ووطبان، عن مواقع في السلطة. حصل ذلك عن طريق إيجاد توازن مختلف داخل عائلة صدّام حسين المجيد لغير مصلحة إخوته من أمّه. هذا ما يفسّر الزواج الذي تمّ بين حسين كامل المجيد وشقيقه من بنتي صدّام.. وإبعاد برزان عن موقع مدير المخابرات. يعتقد برزان شخصيا أنّ زوجة صدّام ساجدة لعبت دورا أساسيا في الدفع إلى زواج البنتين من حسين كامل وشقيقه. معروف تماما ما حصل بعد ذلك عندما انقلب حسين كامل على صدّام في 1995 وصولا إلى الانهيار النهائي للنظام نتيجة الاجتياح الأميركي في 2003.

في سوريا، ترافق صعود باسل الأسد، الذي كان مفترضا أن يخلف والده لو لم يقتل في حادث سير مطلع العام 1994، إلى الواجهة مع إبعاد عمّه رفعت الأسد في 1984. يترافق الآن صعود حافظ بشّار الأسد مع إبعاد رامي محمّد مخلوف وذلك في ظل بروز نجم أسماء الأخرس الأسد التي تعتقد أن شيئا لم يحدث في سوريا وأن من الطبيعي أن يخلف ابنها البكر والده في يوم من الأيّام.

في ستينات القرن الماضي، وضع الصحافي البريطاني باتريك سيل كتابا بعنوان “الصراع على سوريا”. وفي النصف الثاني من السبعينات، صدر كتاب الديبلوماسي الهولندي نيكولاس فان دام بعنوان “الصراع على السلطة في سوريا”. يشرح هذا الكتاب بالتفاصيل التحولات التي شهدها الجيش السوري من استبعاد للضباط السنّة أبناء المدن الكبرى.. إلى إنهاء دور الضباط الدروز والإسماعيليين، وصولا إلى السيطرة العلوية على الجيش بطريقة ممنهجة.

في عهد حافظ الأسد الذي استمر ثلاثين عاما، كان هناك دور كبير لسوريا على الصعيد الإقليمي، خصوصا بعد دخولها إلى لبنان وسعيها إلى الإمساك بالورقة الفلسطينية والحلف مع إيران الذي ظهر بوضوح من خلال وقوفها ضد العراق في حرب السنوات الثماني. ترافق ذلك مع نوع من المحافظة على المظاهر وذلك عبر وضع سنّة من الريف، مثل مصطفى طلاس وعبدالحليم خدّام وحكمت الشهابي وغيرهم، في الواجهة. أمّا السلطة الحقيقية والفعلية فكانت في يد الضباط العلويين من رؤساء الأجهزة مع هيمنة غير ظاهرة لمحمّد مخلوف (والد رامي وشقيق زوجة حافظ الأسد) على الجانب الاقتصادي. كان الدور الأساسي لمحمّد مخلوف يتمثّل في استرضاء العلويين بما يملكه من وسائل إقناع، يأتي المال في طليعتها.

كانت خلافة بشّار الأسد، بدل باسل الأسد، لوالده بداية تحوّل على صعيد انتقال الحكم من الطائفة إلى العائلة الواحدة في ظلّ توسّع للدور الإيراني. وصف أحد الزعماء العرب سوريا في عهد بشّار الأسد وفي ظلّ والدته أنيسة وخاله محمّد (أبو رامي) بأنّها تحولت إلى ما يشبه شركة مساهمة عائلية يديرها مجلس إدارة. ما نشهده الآن هو انفراط الشركة في ظل غياب الأم (أنيسة) ومرض الخال (محمد مخلوف) والتخلّص قبل ذلك، في 2012، من آصف شوكت الذي كان دخيلا على العائلة على الرغم من زواجه من بشرى الأسد، الشقيقة الكبرى لبشّار.

بغض النظر عمّا إذا كان تحالف بشّار – أسماء – ماهر سيتمكن من التخلّص من رامي وانتزاع شركاته منه، يظلّ ما يجري في دمشق أقرب إلى مهزلة. الحدث الكبير صار خارج البيت الرئاسي في دمشق في وقت ليس معروفا مدى الدعم الروسي لآل مخلوف من جهة وما الذي ستفعله إيران من جهة أخرى. يحصل ذلك كلّه في وقت صار الوجود التركي في شمال سوريا أقرب إلى الوجود التركي في شمال قبرص، القائم منذ العام 1974.

لم تعد سوريا لاعبا إقليميا بمقدار ما أن المطروح العودة إلى عنواني كتابي باتريك سيل ونيكولاس فان دام، أي إلى “الصراع على سوريا” و”الصراع على السلطة في سوريا”. العنوان الأوّل يضع الأزمة السورية الدائمة في إطارها الإقليمي.. والثاني يضع أزمة سوريا في الإطار الداخلي، أي في إطار طائفي ومذهبي صار الآن عائليا في المفهوم الضيّق، بل الأضيق، للكلمة. هذا ما تحدّث عنه كتاب ثالث لسام داغر صدر العام الماضي تحت عنوان “الأسد أو نحرق البلد”. هذا الكتاب يعرض على نحو مستفيض مقدّمات المرحلة الراهنة حيث لم يعد مكان سوى لعائلة واحدة بدل عائلتين في عائلة واحدة في ظروف تدعو إلى الاعتقاد أن توريث حافظ الصغير لوالده أقرب إلى توريث صدّام لأحد ابنيه عديّ أو قصيّ!

إعلامي لبناني

العرب

——————

اسماء ورامي vs موسكو وطهران/ باسكال صوما

التسريبات الأولى من الروس حول فشل إدارة الدولة السورية، وفيديوات رامي مخوف، وانسحاب إيران أو تغيير استراتيجيتها في سوريا، توحي بأن هناك تغييراً محتملاً في الساحة السورية…

تدلّ روزنامة سوريا السياسية على أن النظام يواجه تحديات إضافية وضغوطاً على الصعيد السياسي وتخبطاً في جناحه الاقتصادي، لم يعد خافياً على أحد. فالتسلسل الزمني للخضات الأخيرة ينبئ بأنّ حاكم القصر والبلاد وحاكم جحيم المعتقلات سيئة الذكر ومفجّر البراميل في أجساد الأطفال، سيكون على موعد مع ارتدادة أو أكثر من ارتدادات الزمن، التي لا مفرّ منها.

أولاّ، التسريبات الروسية التي طرحت سيناريو تخلي روسيا عن بشار الأسد، ثمّ تلزيم البلوك رقم 12 في سوريا للإيرانيين، بعدما كان من حصة شركة روسية، أحد مساهميها البنك المركزي الروسي، وفق المعلومات المتوافرة. ما يدلّ على بلبلة بين الحلفاء والأصدقاء، حامي نظام الأسد.

وأخيراً فيديو رامي مخلوف في 30 نيسان/ أبريل، وهو رجل النظام الأول وصاحب مئات الشركات، إذ خرج ليشكو من الضرائب و”القسوة”، معلناً صراحة الصراع الواضح بين النظام ورجاله. ثم أتت أخبار اعتقالات موظفين من “سيريتل” التي يملكها مخلوف، الذي ظهر مجدداً في فيديو يشكو فيه الطريقة “اللاإنسانية” التي اعتُقل فيها موظفوه.

حكم الترقيع

دعم روسيا النظام منذ 2011 حتى اليوم كلّفها أن تستخدم الفيتو 12 مرة في مجلس الأمن لحمايته من السقوط والمحاسبة، عدا عن الثمن المادي والعسكري، وبالتالي كان على النظام أن يردّ الجميل، وأن يبقى مديناً للروس متحمّلاً أي شيء منهم. لكن التسريبات الروسية تحدّثت عن تنحية بشار وتشكيل حكومة انتقالية، وبغض النظر عن صحة التسريبات أو عدمها لكنّ تزامنها مع فيديوات رامي مخلوف، يدلّ على أن تغييرات حقيقية قد تكون بانتظار سوريا في الفترة المقبلة. علماً أن سوريا تشهد إضافةً إلى صراع القوى، حصاراً اقتصادياً مستفحلاً، وهي تتصدّر قائمة أفقر دول العالم بنسبة 83 في المئة من الفقر بين أهلها. ويحاول النظام ترقيع الجوع بتوزيع بطاقات ذكية على العائلات للحصول على مواد غذائية غير كافية بأسعار مدعومة. تماماً كما حاول ترقيع وصول فايروس “كورونا” إلى سوريا، بالإنكار، وها هو بشار الأسد الأسد الآن يحاول سدّ الحفرة التي حفرها رامي مخلوف، بالصمت المطبق. فقد حصل ما حصل، وفضح رامي مخلوف صراع الأقرباء، فيما بقي القصر الجمهوري في دمشق هادئاً محجوراً عن الردّ.

في المقابل، قال موقع “ميدل إيست آي” الإلكتروني البريطاني إن رجل الأعمال السوري رامي مخلوف لا يزال مقيماً في سوريا، على رغم انتقاده العلني الرئيس بشار الأسد. وهو أمر إن أثبتت صحّته، فهو يحتاج إلى تفكير آخر حول الجدوى من رشق النظام والبقاء في كنفه في الوقت نفسه، ومن قد يستفيد من ذلك.

“الأجنحة المتكسّرة”

وفق الباحث في الشأن الاقتصادي السوري يونس الكريم: “رامي مخلوف لا يمثّل الجناح الاقتصادي للنظام وحسب، بل أيضاً جناح حرس النظام الذي دخل في صدام مع أسماء الأسد منذ بداية التدخل الروسي في سوريا، واستلائه على استثمارات كان جزء كبير منها للنظام ذاته، مثلاً ميناء طرطوس، الذي تم تجريد النظام (ممثلاً بمخلوف) من استثماراته في مناجم الفوسفات والملح لمصلحة الروس مع الكثير من التسهيلات والمنح. ورامي مخلوف كان يستثمر هناك في الكثير من المشاريع كالكهرباء. لكنّ الصراع انفجر حقاً مع إقالة دريد ضرغام (حاكم البنك المركزي السوري)، وتعيين حازم قرفول الذي أصدر الكثير من القرارات التي أعاقت عمل شركات النظام”.

ودرغام المدرج اسمه على قوائم العقوبات الغربية، تعرض وزوجته، عام 2011 للحجز الاحتياطي على أموالهما، بتهمة فساد بسبب تسهيلات ممنوحة من فرع المصرف التجاري رقم 8 في حلب، أثناء عمل درغام السابق كمدير عام لـ”المصرف التجاري السوري” 2003-2011. درغام استطاع رفع الحجز الاحتياطي عام 2018. علماً أنه عيّن حاكماً لـ”المركزي” عام 2016، وإقالته الآن وفق وسائل إعلام موالية للنظام في إطار “مكافحة الفساد”، إلا أن الواقع يقول أنّ إقالته لا تخلو من كونها جزءاً من الصراع القائم بين أجنحة النظام الاقتصادية، والحاجة إلى حاكم يخدم وجه سوريا الجديد كما يراه نظام الأسد وحلفاؤه. وسبقت إقالة درغام بشهر، إقالة صديقه مدير عام “المصرف التجاري السوري” فراس سلمان، وتعيين علي محمد يوسف مكانه.

يوضح الكريم لـ”درج” أن “الصراع اليوم في سوريا يقود إلى حقيقة واحدة وهي وجود تغييرات كبيرة وتحديات وضغوط أمام النظام بكل أجنحته. هذا الأمر يعطي فكرة أن هناك تغييراً محتملاً في الساحة السورية، إذ تزامنت رسائل عدة مع بعضها بعضاً، التسريبات الأولى من الروس حول فشل إدارة الدولة السورية، وأيضاً فيديوات رامي مخوف، وانسحاب إيران أو تغيير استراتيجيتها في سوريا. وبالتالي نحن نشاهد اليوم حلفاء النظام غير مهتمين بدعم الأسد. كما أن تيار أسماء الأسد عوّل كثيراً على دخول الصين، لكن مساعدات الصين فضحت أن تدخلها لمصلحة الأسد، هو أمر مستبعد”. ويتابع: “وبالتالي هذا التغير في المشهد السياسي، ستكون له انعكاسات كبيرة على المشهد الاقتصادي، فالتغيير السياسي اليوم متزامن مع وضع اقتصادي سيئ نتيجة “كورونا”، إغلاق الحدود، الاحتياطات النقدية التي تمر في أسوأ أوضاعها، وكذلك الزراعة واحتياط الأمن الغذائي، إضافة إلى الفقر المستشري، وانعدام الأمن الغذائي بنسبة 65 إلى 70 في المئة”. ويرى الكريم أن “الصراع اليوم يرسّخ الخوف لدى المستثمرين الموجودين حالياً أو المحتملين، ويخيف أيضاً أمراء الحرب، وبالتالي هؤلاء سيقومون بعملية تسييل لأملاكهم وأصولهم إلى الدولار، ومحاولة الفرار من سوريا للابتعاد من هذه المعركة بين رامي مخلوف وبشار الأسد، ما سيؤدي إلى تضخّم ركودي، مع توقف الأعمال والاستيراد، مقابل ارتفاع الأسعار بشكل كبير، في ظل كمية غير كافية من السلع، وبالتالي نحن الآن ندخل في حالة سيئة جداً بالنسبة إلى المواطن السوري والبلد ككل. وهذا ما تحدّث عنه رامي مخلوف، حين حذّر من الفترة المقبلة مع عدم وجود حلول للمشكلات، فيما ما زال الأسد صامتاً، على رغم كل ما قاله رامي مخلوف”.

ويوضح الكريم أن “رامي مخلوف يمثّل 65 في المئة من الاقتصاد السوري، إذ لديه أقنية واسعة جداً من الصناعات والتجار والاستيراد والتصدير. وكل العاملين في دائرته سوف يصابون بالرعب الآن، ما دام كبيرهم تخلّى عنه النظام. هناك 6500 موظف في “سيريتل” وحدها، علماً أن مخلوف يملك مئات الشركات وبالتالي هؤلاء سيشعرون بالخوف على أمنهم أولاً، وقد يفكّرون باللجوء أو الهرب، وقد نشهد موجة ثانية من اللجوء في هذه المعركة المستشرية مع النظام”.

ويشير الكريم إلى إعطاء بشار الأسد الإيرانيين حق التنقيب في البلوك رقم 12، بعدما كان منح عام 2013 لشركة روسية حق التنقيب عليه، معتبراً أن ذلك يثير الشكوك. ويسأل: “هل العلاقة بين النظام وروسيا انتهت؟ هذا سؤال بالغ الأهمية. هل زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سوريا وملاقاته بشار الأسد ضمن هذا السياق؟”.

“هناك تغيّر في الساحة السياسية في سوريا. وهذا عبء إضافي على المواطنين”، يختم الكريم.

درج

—————————

 مخلوف والأسد ولعبة المصالح/ محمود أبو المجد

ليس بغريب ما يحصل من خلافات في الدائرة الضيقة لآل الأسد والتي تتمثل بخلاف واضح بين رجل الأعمال رامي مخلوف وبشار الأسد، لكن الغريب هو ردة الفعل للجمهور المتابع لهذه الخلافات. “مخلوف” والذي عرف بولائه المطلق للنظام، وربما هو أحد أركان هذا النظام، والذي لعب دوراً كبيراً في الحفاظ على بقاء الأسد على سدّة الحكم حتى اليوم.

والجمهور الذي تفاجأ بهذه الخلافات لم يعد للتاريخ الذي يؤكد أن آل الأسد لا صاحب لهم، بل قد يخون الأخ منهم أخاه خوفاً على كرسيه، ولم يصل حافظ الأسد الأب للحكم إلا عقب خيانته لأصدقائه، فهو الذي اعتلى على عرش سوريا عقب خيانته لصلاح جديد والذي أوصله لوزارة الدفاع، لكن الأسد الأب لا عهد له ولا ذمة ما لبث أن قام بانقلاب عسكري على صلاح جديد دخل على إثرها السجن، ومن هنا بدأت ملامح نكران الجميل تظهر على هذه العائلة.

وكما طعن حافظ بصديقه، طعن أيضاً بأخيه رفعت والذي دافع عن ملكه وقتل الآلاف في مجزرة لا ينساها التاريخ وهي مجزرة حماه عام 1982، واستمر الأسد الأب بنكران الجميل وأمر بنفي رفعت خارج البلاد.

وكانت الخيانة ونكران الجميل وراثة يتناقلها أفراد هذه الأسرة، لتصل ليومنا هذا بعدما ضرب بشار الأسد عرض الحائط كل صلات القرابة والصداقة مع رامي مخلوف، وهو الذي دفع ملايين الدولارات لتشكيل فصائل تشبيحية تدافع عن حكمه، ولم يتعظ مخلوف من الذي سبقوه بدءاً من صلاح جديد وانتهاءً برفعت الأسد، ليكون هو ضحية آل الأسد ويوضع على الرف.

ومما سبق نعلم أن لعبة المصالح هي الغالبة عند هذه العائلة، فلا غرابة من طعنهم لأي شخص وأياً كانت التضحيات التي قدمها في سبيل حمايتهم، فهم سيرمونه عند أول مطب، وبعد انتهاء المصلحة معه.

————————–

تفكك نظام الاستبداد السوري.. وتغيير يشبه فاعليه/ أسامة آغي

حين رسم حافظ الأسد، مؤسس دولة الاستبداد في سوريا، خارطة لديمومة حكمه، استطاع فهم تكوين المجتمع السوري من جهة، وفهم أنظمة الحكم العربية وتناقضاتها، فارتأى أن يقوم حكمه على ثلاث ركائز، هذه الركائز تمثلت بأضلاع مثلث متساوي الأضلاع.

الضلع الأول هو فرض هيمنة حكم عسكري/ أمني، وهذا ما فعله حافظ الأسد، حين أنشأ عددًا كبيرًا من الأجهزة الأمنية، التي أراد لها التدخل والهيمنة في كل مفاصل الحياة العامة في البلاد، ووضعها في دائرة تنافس عمل، ومهام، ومراقبة بعضها بعضًا، إلى جانب مراقبة المجتمع.

الضلع الثاني في مثلث الاستبداد، تمثّل باحتكار الاقتصاد ببواباته الكبرى، وهذا يعني تنمية الثروة بطرق غير قانونية، وتحويل “القطاع العام” إلى بقرة حلوب لخدمة هذا النظام، والسماح لغاسلي الأموال بالسيطرة على مناحي الاقتصاد السوري في قطاعاته الكبرى، مثل الاتصالات والبنوك والشركات القابضة والنقل وغيرها كثير، أي احتياز سلاح الاقتصاد.

الضلع الثالث في مثلث الاستبداد السوري هو الحاضنة الشعبية، هذه الحاضنة كانت برأي حافظ الأسد طائفته الدينية، التي ينتمي إليها، وهذا يعني فسح المجال لهذه الطائفة بالتورط من خلال انتهاك حقوق بقية مكونات المجتمع السوري.

مثلث السيطرة السياسية والهيمنة الاجتماعية، كان يجد تبريره لدى النظام من خلال الاختباء خلف شعارات ذات طابع وطني وقومي تحرري، في وقت كانت ممارسته السياسية والاقتصادية والاجتماعية تسير عكس شعاراته، وهذا تناقض جوهري في بنية النظام، ما يسمح بانتقال هذا التناقض إلى مستوى الصراع.

الثورة السورية التي تفجّرت عام 2011، كانت ذات هدف واضح وجلي، تمثّل بشعاراتها، التي تريد دولة ديمقراطية تداولية، وتريد حريات متكاملة وفي مقدمتها الحريات السياسية، وهذا يعني بفهم النظام تفكيك مثلث ركائز حكمه الاستبدادي، وهو أمر أرعبه، ودفعه لسحق هذه الثورة، دون التفكير ولو للحظة واحدة بضرورة تقديم تنازلات سياسية واقتصادية لمصلحة المجتمع وبناه المختلفة.

النظام الاستبدادي القائم على الركائز الثلاث، يدرك تمامًا أن خسارته لأي من أضلاع مثلثه الاستبدادي، تعني احتمال انفراط حكمه وهيمنته، ولهذا عمل على تمتين لحمة عمل الأضلاع الثلاثة بشتى الوسائل والطرق.

كانت أولى هذه الطرق، وضع المنتفعين من نظام حكمه الاستبدادي الفاسد في مواجهة استحقاقات ما اكتسبوه، عبر حمايته لهم، وتسهيلاته لنشاطهم الاقتصادي، الذي يتسم في غالب الأحيان بشراكته الخفية فيه، وهذا يعني استخدم الثروة المنهوبة وغير الشرعية من أجل الدفاع عنه للنهاية.

لم يدر ببال النظام، أن الثورة السورية قادرة على التجدد والاستمرار، وهذه الحالة، التي امتدت ولا تزال لأكثر من تسع سنوات، عملت على خلخلة أضلاع حكم النظام، وخلخلة ركائز سيطرته على الدولة والمجتمع السوريين، وهو أمر انتقل إلى صيغة نزيف حقيقي في جسد الحاضنة الطائفية، التي استفادت من بعض فتات النظام، مقابل القبول بتقديم أبنائها أضحيات لاستمرار حكم الاستبداد والقهر الاجتماعي، دون حساب لاعتبارها مكونًا من مكونات النسيج السوري.

نزيف الطائفة التي ينتمي إليها النظام، عبّر بالضرورة عن نزيف الضلع العسكري الأمني في مثلث سيطرة الاستبداد، ولكنّ النزيفين لم يؤديا إلى خلخلة نهائية لمثلث السيطرة.

الخلخلة الحقيقية ستأتي من داخل بنية النظام الاقتصادية، التي انبنت على الفساد والعمليات الاقتصادية المخالفة لشرعة القوانين الدولية، ومن هذه العمليات تجارة المخدرات التي كانت تتم عملية زراعة نباتاتها المخدرة في البقاع اللبناني وبرعاية حليفه “حزب الله” اللبناني، وكذلك عمليات تهريب الأسلحة، وعمليات غسيل الأموال القذرة الناتجة عن العمليات الاقتصادية غير القانونية.

البنية الاقتصادية للنظام الاستبدادي السوري هي بنية مغلقة عليه، ولهذا حين وصل الصراع السوري إلى عتبة تشابك الأجندات الإقليمية والدولية في مجراه، وتمّ فرض عقوبات على نشاطه، وآخرها قانون “قيصر” الأمريكي الشهير، فإن هذه البنية ستتآكل بسرعة، وتنشأ بين أذرعها صراعات السيطرة، لا سيما أن القوتين المسيطرتين في الصراع السوري من جهة النظام هما القوة الروسية وما تمثله من مصالح استراتيجية ومرحلية، وكذلك القوة الإيرانية وما تمثله من مصالح تتناقض مع مصالح روسيا في هذا البلد.

ولفهم الأمر أكثر، فإن الصراع المحتدم بين تيار زعيم الاقتصاد السوري غير الشرعي رامي مخلوف، وممثلي الهيمنة الإيرانية من آل الأسد، هو صراع انتقل إلى داخل بنية النظام الاقتصادية والسياسية بسبب تراجع قبضته على الحكم لمصلحة القوتين الروسية والإيرانية.

الصراع الحالي بين رامي مخلوف وآل الأسد، هو صراع بين النفوذ الإيراني الذاهب إلى مواجهة مع الغرب وإسرائيل، والنفوذ الروسي، الذي يتجه إلى صفقة مع الغرب. هذا الصراع وصل إلى مرحلة كسر العظم بالمعنى الاقتصادي والسياسي، وهو يرتّب على الطرفين استحقاقات مرحلة مقبلة، عبّر عنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في ندوة صحفية قال فيها، “إن روسيا ليست حامية لنظام الأسد”، وهذا يختلف مع جوهر السياسة الروسية، التي استخدمت “الفيتو” أكثر من عشر مرات في مجلس الأمن حماية لهذا النظام.

وفق هذه الرؤية، يمكننا القول، إن مرحلة جديدة في الصراع السوري بدأت تشقّ طريقها، هذه الطريق ترتكز على تفكيك مثلث ركائز حكم نظام آل الأسد. ولهذا لن يقف هذا الصراع داخل بيت النظام، إلا بمحاولة كل طرف فيه الانتصار على الطرف الآخر.

الانتصار هنا ليس انتصار رامي مخلوف أو انتصار آل الأسد، فهؤلاء خسروا الصراع لمصلحة أجندات المتدخلين الإقليميين والدوليين.

الانتصار هنا سيكون انتصارًا لأحد تياري الهيمنة العسكرية والنفوذ السياسي، روسيا أو إيران، ولذلك فالخاسر الأكبر في معادلة هذا الصراع هو الشعب السوري، الذي قامر نظام استبدادي بثرواته واستقلاله مقابل وهم بقائه في سدّة الحكم.

النظام بركائزه الثلاث في طور تفككه النهائي، وهذا ما ظهر جليًا في التصريحات الروسية، وآخرها ما تحدث به بوتين. ولذلك يمكن لقوى التغيير في سوريا، بغض النظر عن اتجاهاتها الأيديولوجية، البحث مع شركاء محتملين بين المكونات السورية الأخرى، ممن لم يتورطوا بقتل ونهب الشعب السوري، لرسم، أو المشاركة برسم خارطة طريق، تنهي الاحتلالات الأجنبية، وتعمل على بناء دولة مواطنة بحدٍ مقبول، ما دام النفوذ الخارجي لا يزال ساري الفعل والوجود في هذه المرحلة.

بقي أن نقول، إن نظام الاستبداد يلفظ أنفاسه الأخيرة، وإن تغييرًا قادمًا سيحدث ولكن ليس كما أراده السوريون، بل سيكون تغييرًا يشبه فاعليه.

عنب بلدي

————————–

رامي مخلوف: رجل الأعمال الذي خذل المصرفي/ مازن عزي

لا يخرج الصراع بين أجنحة المجموعة المهيمنة في السلطة السورية عن كونه إعادة تموضع ضمن حرب مواقع محدودة، لا شك أن الخاسر الأول فيها هو الملياردير رامي مخلوف.

لا يخرج الصراع بين أجنحة المجموعة المهيمنة في السلطة السورية عن كونه إعادة تموضع ضمن حرب مواقع محدودة، لا شك أن الخاسر الأول فيها هو الملياردير رامي مخلوف. ورغم انتصارهم الوشيك، فإن الرابحين من النزال الراهن ضمن المجموعة المهيمنة، قد لا يتمكنون من المحافظة على عصبيتهم وتماسكهم، مع إخراج مخلوف، أحد أبرز أركان الدائرة الضيقة ومدير أعمالها الاقتصادية.

قليلة هي المرات التي أمكن فيها مشاهدة أحداث من هذا النوع ضمن السلطة السورية، فمنذ استيلاءها على الدولة منذ العام 1970، شهدت صراعين مماثلين في الثمانينيات، مرة بين الرئيس حافظ الأسد وشقيقه الأصغر قائد سرايا الدفاع حينها والرجل القوي في النظام رفعت، ومرة أقل حدة وصخباً بين حافظ وشقيقه الأكبر جميل. رفعت حاول مدّ نفوذه من اقطاعاته العسكرية إلى السلطة السياسية في لحظة مرض الرئيس. وجميل، حاول التمدد من اقطاعاته الاقتصادية إلى الحيز الديني للعلويين.

وهذا لا يعني أن النظام السوري لم يشهد صراعات عنيفة داخل هرميته الغامضة ذات السمات الشمولية القائمة على تعدد مواقع القوى الثانوية، سياسية حزبية وأمنية عسكرية، ومركز واحد. فالنظام حافظ على طبيعته التناحرية، كسبيل للاصطفاء والترقي في هرميته، ضمن سقوف زجاجية كثيرة، تتداخل فيها صراعات أهلية متعددة؛ طائفية وإثنية، ريفية ومدينية، عسكرية-أمنية وحزبية، بأشكال متعددة لم تغب عنها بطبيعة الحال الإيديولوجيا. إلا أن الصراع في قمة الهرم لم يكن إلا عائلياً بامتياز.

رامي مخلوف ورث حقيبة المالية في العائلة عن والده محمد، الذي استلهمها بدوره من جميل الأسد. ومنذ بداية عهد الرئيس بشار الأسد، قدّم رامي خدماته ذات الطبيعة الثنائية، كمصرفي ورجل أعمال، وتولى عملية رسم حدود اقتصاد العائلة، بضبط القطاعات التي يسمح لقلة من رجال الأعمال الأخرين المشاركة بها في السوق السورية. وترافقت هذه المرحلة مع تطبيق خطة تحرير اقتصادية مشوهة تحكمها المحاصصة الزبائنية، على بقايا كسادٍ اقتصادي وقطاع عام أشبه بالاقطاعات الريعية الفاشلة.

منذ العام 2011 فقد رامي مخلوف دوره كرجل أعمال، مع انهيار الاقتصاد بفعل الثورة والحروب التي أعقبتها، لصالح تكريس الحدّ الثاني من وظيفته؛ المصرفي، المسؤول عن تمويل اقطاعات الدولة العسكرية والأمنية. طبعاً، رجل الأعمال رامي وجد بضعة مصادر تمويل بديلة في اقتصاد الحرب، لكن محتويات خزائن رامي المصرفي ظلت تنكمش مع ميزانية تُنهِكُ فيها المصاريف غير الانتاجية الإيردات المتضائلة. اقتصاد الحرب فتح لرامي ميداناً جديداً بات فيه يلمس وهج السلطة العسكرية، وربما السياسية. فشكّل مليشيات ومولها، وأنشأ حزباً سياسياً وموله وأدخل بعض اعضاءه مجلس “الشعب”. رامي، أخذ يتحول عقائدياً أيضاً، وبات أكثر تديناً، وقيل إنه وجد في نموذج ولاية الفقيه إلهاماً دفعه لمحاولة تأسيس شبكة دينية بين العلويين. بهذا، اقترف رامي، خطيئتي أعمام الرئيس بشار؛ رفعت وجميل، معاً.

النظام تمكن خلال السنوات الماضية من تقديم طبقة جديدة من رجال الأعمال، من الوجوه الجديدة نسبياً، ممن ورثوا عن رامي وظيفته الأولى، وبدا ذلك واضحاً في تكرار مهاجمة وسائل إعلام يمولها رامي لتمدد رجل الأعمال سامر فوز السريع، حتى بات أبرز مديري أعمال الحلقة الضيقة من النظام. العقوبات الغربية الموضوعة على رامي منذ العام 2008، وتصاعدها منذ 2011، كانت قد قضت على صفة الأعمال فيه، وكان ظهور غيره، مهمة وظيفية للنظام. لكن رامي، بدأ مع فقدان ذلك الجزء منه، يستشعر الخطر على نصفه الثاني؛ المصرفي.

من الإشاعات التي تسللت خلال الشهور الماضية، بدا أن حروباً صغيرة تدور في قمة الهرم، بغرض تحجيم رامي، وضبط أذرعه السياسية والخيرية-الأهلية والعسكرية. ويبدو أن الخلاف تمركز حول تردد رامي في تمويل مصالح أقرانه في دائرة السلطة العائلية الضيقة التي اكتشفت وجود قنوات مالية سرية يخفيها رامي، بغرض بناء سلطته منفرداً. طموحات كهذه، لا بد أن تبحث عن حلفاء خارجيين، وهنا يبدو أن الروابط المالية لرامي مع رجل أعمال المافيا الروسية مؤسس فاغنر يفغيني بريغوزين، وقائد الهجوم الإعلامي الأخير على بشار الأسد في الصحافة الروسية، قد تسببت بفقدان الثقة فيه نهائياً كعضو في نادي الدائرة الضيقة.

في الأسبوعين الماضيين شهدنا حربين متزامنتين بحسب التعريف الغرامشي لهما؛ حرب مناورة دفاعية سريعة ومركزة، شنها رامي، لمواجهة حرب مواقع ابتدأت منذ شهور ضده ولا تبدو أنها ستتوقف قريباً. ويبدو أن رامي، في هجمته الميديوية الأخيرة، قد تمكن من تأليف تحالف حوله، رغم اشهاره سلاح الحديث العلني دفاعاً عن الطائفة العلوية المُفقرة بصفته الخيرية الأهلية. حرب رامي الدفاعية أشبه بشهاب عابر ليلة صيف، إذ إنه بات بحكم الرجل الميت الذي يمشي، عندما عصى الأوامر وكاد أن يجاهر بالتحدي العلني. خطيئة مميتة ارتكبها رجل الأعمال بحق المصرفي فيه. خوفه من الخسارة دفعه مجدداً للاستثمار. لكن المناورة هذه استثمرت في الموقع الأخطر الذي لا يجب الاستثمار فيه؛ تخويف الطائفة العلوية.

وحتى لو انتهت قضية رامي بسرعة، ومن دون ارتدادات واسعة، كما تتسرب الأنباء حالياً، فإن الدائرة الضيقة في النظام ستخرج منتصرة، ولكن أكثر ضعفاً وأقل تماسكاً. تراكب الاحتلالات الخارجية، وظهور صراعات في مركز السلطة، يضاف إلى أزمة تمويل تمتد من العائلة إلى مؤسسات الدولة، في ظل غياب أي اجماع ايديولوجي ضمن الطبقة المسيطرة، يجعل من وسائل الهيمنة لدى المجموعة الحاكمة شديدة التقشف. وعدا عن فشلها في جميع تعهداتها السياسية المحلية، كمصدر للشرعية، فليس بمقدور المجموعة الحاكمة، إلا اللجوء إلى المزيد من العنف، لاستدامة بقاءها. رامي، قد يكون بهذا، أول الخارجين، لكنه ليس آخرهم.    

درج

———————-

 جيفري: روسيا ضاقت ذرعاً بالأسد وتبدي مرونة للتعاون معنا

المبعوث الأميركي تحدث عن «انسحاب بعض ميليشيات إيران» من سوريا

واشنطن: إيلي يوسف

أبدى الموفد الأميركي الخاص المكلّف الملف السوري جيمس جيفري تفاؤلا حذرا بشأن إمكانية التعاون مجددا مع روسيا لوضع حد للحرب في سوريا، مشيرا إلى أن موسكو قد تكون «ضاقت ذرعا» بالرئيس بشار الأسد.

وقال جيفري في مؤتمر صحافي مشترك عبر الهاتف مع هنري ووستر نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وكريستوفر روبنسون نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا وآسيا، «قد تكون روسيا مستعدة بشكل أكبر الآن، رأينا بعض المؤشرات في الإعلام الروسي وفي تصرّفات روسية معيّنة، لتكون أكثر مرونة بشأن اللجنة الدستورية». وأضاف «قد يكونون على استعداد مجددا للتباحث معنا بشأن طريقة لحل المسألة بدون انتصار عسكري، لأنه من الواضح جدا في هذه المرحلة بالنسبة لروسيا أنهم لن يحققوا انتصارا عسكريا، بكل تأكيد ليس في أي وقت قريب».

وحول الانتقادات الروسية التي توجه للأسد، قال جيفري «لسنا متأكدين من أن الانتقاد الروسي العلني ومن قبل أشخاص قريبين من الرئيس الروسي بوتين للأسد يعكس إرسال إشارات لنا أو للأسد نفسه أو لمساعدة روسيا على بيع سوريا لبعض الدول مثل دول أميركا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط لإعطاء سوريا اعترافاً دبلوماسيا وقبولاً دولياً لتأمين عشرات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار. ما زلنا نسعى لمعرفة خلفية هذا الانتقاد».

وفي ملف الخلاف المندلع بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف، أكد جيفري أنه خلاف مهم كون الأخير يسيطر على الاقتصاد السوري الموازي وحتى الاقتصاد الرسمي. وأضاف أن مخلوف قريب جداً من الأسد ولاعب كبير في الطائفة العلوية التي تحكم في سوريا منذ خمسين عاما. وقال: «يمكن تفسير هذا الخلاف بطريقتين: الأولى بالقشة التي قصمت ظهر البعير ولا أعتقد ذلك. أتمنى ذلك ولكن ليس الأمر كذلك. والأمر الثاني هو أن هذا الخلاف مؤشر إضافي كسقوط العملة السورية والصعوبات التي تواجهها الحكومة لإدخال شحنات النفط إلى سوريا وكذلك الصعوبات في تأمين الخبز ومواد أخرى للمحلات التجارية حيث إن النظام يخضع لضغط كبير. وربما هذا هو السبب الذي يجعل الروس مهتمين بشكل أكبر بالحديث معنا من جديد حول إمكانية التوصل إلى تسوية».

وأضاف جيفري «لم نتوصل إلى أي خلاصة ولكن نرى مقاربة استثنائية لأنها تكشف الغسيل الوسخ لأسوأ الأنظمة في القرن الحادي والعشرين». وقال: «قضية الخلاف مع مخلوف بشكل خاص مهمة جداً لأنني رأيت أن هناك جهداً من قبل الحكومة السورية للرد على الضغط الروسي عبر دعوة النظام لتنظيف منزله والبدء بشخص مثل مخلوف. ورأينا كذلك أخبارا وشائعات تقول إن الروس يدعمون هذا الشخص وقلقون حيال ما يقوم به الأسد».

يذكر أنه وقبل أسبوع تقريبا، وجه مخلوف استعطافا للأسد، قال فيه إن «الدولة السورية فرضت دفع مبالغ» كبيرة تصل إلى 130 مليار ليرة سورية، على شركته «سيرياتل» للاتصالات.

وفي سياق منفصل، قال جيفري: نرى بعض التحركات الإيرانية حول سوريا من المناطق التي تعرضت لقصف إسرائيلي ورأينا انسحاباً لبعض الميليشيات المدعومة من إيران بعضهم من حزب الله وبعضهم من دول أخرى ولكن ما لم نره هو أي التزام استراتيجي إيراني بعدم محاولة استخدام سوريا كمنصة انطلاق ثانية لصواريخ طويلة المدى ضد إسرائيل وبعدم تسليم حزب الله أسلحة تهدد إسرائيل.

من جهته، اتهم كريستوفر روبنسون روسيا ونظام الأسد بأنهما يقدمان الدعم المالي واللوجيستي لمجموعة «فاغنر» لدعم عمليات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وبأن روسيا «تستخدم الصراعات الإقليمية من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية».

وكشف روبنسون أن «روسيا وبالتعاون مع نظام الأسد أرسلت مؤخرا مقاتلين سوريين إلى ليبيا للمشاركة في عمليات فاغنر لدعم الجيش الوطني الليبي». وقال: «هذه المجموعة هي أداة يمكن استخدامها بكلفة قليلة وبمخاطر متدنية»، مؤكدا أن موسكو تواصل دعم الجيش الذي يقوده حفتر.

إلى ذلك أعرب هنري ووستر عن عدم ارتياح الولايات المتحدة للعلاقات بين حفتر والأسد. وقال: «هناك أمر آخر مزعج للغاية وهو إقامة حفتر ما يسمى بعلاقات دبلوماسية مع نظام الأسد، وهو جزء من مسألة المرتزقة السوريين على الأقل من جانبه».

———————–

تحدث خلالها عن فساد عائلة مخلوف.. “روسيا اليوم” تحذف مقابلة مع فراس طلاس

حذفت قناة “روسيا اليوم” حلقة من برنامج تلفزيوني تحدث خلالها  ابن وزير الدفاع الأسبق ورجل الأعمال السوري، فراس طلاس، عن فساد محمد مخلوف، خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ووالد رجل الأعمال رامي مخلوف.

وقالت القناة  أمس، الجمعة 8 من أيار، عبر موقعها على الإنترنت إنها “قررت حذف حلقة برنامج “قصارى القول”، بتاريخ 4 من أيار، وذلك لمخالفتها المعايير الرئيسية للمحطة ولورود معلومات لا تستند إلى حقائق مؤكدة”.

ولم تحدد القناة طبيعة المعلومات التي وصفتها بأنها لا تستند إلى حقائق، غير أن طلاس تحدث خلال الحلقة عن فساد محمد مخلوف شقيق زوجة الرئيس السابق، حافظ الأسد.

و”قصارى القول” برنامج سياسي حواري يقدمه الإعلامي سلام مسافر، ويعرض على قناة “روسيا اليوم ” كل اثنين وخميس من كل أسبوع في الساعة 20:00 بتوقيت موسكو.

واستضافت الحلقة التي أعلنت القناة حذفها فراس طلاس، تحت عنوان “سورية.. خريف البطريرك”، في إشارة إلى رواية الأديب الكولومبي، غابريل ماركيز، والتي تسخر من التسلط والفساد في الطبقات الحاكمة.

وتحدث طلاس خلال المقابلة عن تراكم الثروة في يد عائلة الأسد ودور خال الأسد في إدارة مشاريع وأموال، ولاسيما بعد حرب تشرين عام 1973، وتدفق الأموال الخليجية على الخزينة السورية تحت شعار دعم الصمود.

واتهم طلاس خلال المقابلة محمد مخلوف بالاستعانة بخبراء من لبنان وبريطانيا، لتأسيس إمبراطورية مالية استندت إلى مبيعات النفط.

ويرى طلاس في أزمة رامي مخلوف مع حكومة النظام مؤشرًا على صراع لتقاسم الثروة بين أسرة بشار الأسد وعقيلته أسماء، وبين أسرة مخلوف التي ينبغي عليها التنازل عن جزء من ثروتها لصالح أسرة الأسد.

ولم ينشر فراس طلاس أي رد على حذف قناة “روسيا اليوم” للحلقة حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

وأثار عرض هذه المقابلة انتقادات الموالين للنظام السوري، واتهموا قناة “روسيا اليوم” بأنها معادية لسوريا “شعبًا وجيشًا وأسدًا” على حد تعبير سفير سوريا السابق في الأردن بهجت سليمان.

وبحسب موقع “اقتصاد”، انتقل محمد مخلوف بأمواله في العام 2012 للعيش في روسيا، ولم يعد منذ ذلك التاريخ إلى سوريا

وسبق أن ظهر فراس طلاس في ذات البرنامج مرتين خلال العام الماضي.

ومؤخرًا، ظهر رامي مخلوف ابن محمد مخلوف في تسجيلين مصورين كشف خلاهما عن خلافات بين شركاته وبين حكومة النظام، التي تطالبه بتسديد ضرائب وغرامات بمبلغ يتجاوز 233 مليار ليرة.

وخلال التسجيل الأول استجدى مخلوف الأسد التدخل لحل ذلك الخلاف، فيما حملت لهجة مخلوف في التسجيل الثاني نوعًا من التهديد، عندما أشار بالقول إلى أن الأمور بينه وبين السلطة انقلبت، مؤكدًا أن ما يُطلب منه يصعب تحقيقه.

ويُعتبر مخلوف من أبرز الشخصيات الاقتصادية في سوريا، ويمتلك بالإضافة إلى شركة “سيرتيل”، جمعية “البستان”، وإذاعات موالية للنظام السوري، كما يملك صحيفة “الوطن” الخاصة، ويدير شركات للسيارات، إضافة إلى نشاطات اقتصادية تتمثل في قطاعات مختلفة مثل الصرافة والغاز والتجارة والعقارات.

ووفقا لصحيفة “تايمز” البريطانية، سيطر رامي مخلوف على نحو 60% من الاقتصاد السوري قبل اندلاع الثورة عام 2011.

فراس طلاس في مقابلة تتضمن مواضيع سورية حساسة: الأسد همش ضباطه الكبار

تحدث رجل الأعمال السوري فراس طلاس، أن رئيس النظام، بشار الأسد، لم يستمع إلى كبار الضباط في عهد والده، بداية الثورة السورية، في مقابلة تضمنت الحديث عن عدد من المواضيع الحساسة التي رسمت السياسة السورية في زمن والده وزير الدفاع الأسبق، مصطفى طلاس.

وأوضح طلاس، لقناة “روسيا اليوم”، عبر برنامج “قصارى القول” أمس، الاثنين 4 من تشرين الثاني، أن عددًا من الضباط، من بينهم علي دوبا، عدنان بدر حسن، شفيق فياض، عز الدين الناصر، وأحمد ضرغام، التقوا مع والده (وزير الدفاع الأسبق، مصطفى طلاس وصديق الأسد الأب المقرب) في بداية الثورة السورية، وطلبوا إجراء لقاء عاجل مع الأسد، واتصل والده بمكتب الأسد عدة مرات، ولم يحصل على موعد.

لكن ابنه العميد مناف طلاس، قائد “اللواء 105” بالحرس الجمهوري، والمقرب من الأسد اتصل به وأخبره رد الأسد، بأن هؤلاء الضباط “إذا كانوا جايين ليحكوا (للأسد) عمتشتغل غلط ما عمتشتغل صح، ما بدو يسمع”، وأضاف مناف على لسان الأسد أن الضباط “ليست لهم علاقة بالبلد”.

كما شرح طلاس أسباب عدم سقوط النظام برأي والده، الذي قال له إن سقوط النظام السوري يعني سقوط النظام العالمي، ولا تستطيع حتى الدول العربية إسقاطه، “لأن حافظ الأسد هو من نسجه داخل النظام العالمي وسيسقطان معًا حال سقوطه، ولن يسلم النظام السلطة، ولن تروا في سوريا حجرًا على حجر”.

كوهين وعماد مغنية

وأشار طلاس إلى أن من يعرفون مكان جثة العميل الإسرائيلي كوهين، المدفونة في سوريا، شخصان أو ثلاثة فقط، وفي الستينيات غير مكان قبره مرتين، ولا توجد سجلات للتغيير.

وتطالب إسرائيل بتسليم جثة رفات كوهين إلى اليوم، وسبق أن حصلت على رفات جندي إسرائيلي من سوريا بوساطة روسية، في نيسان 2019.

وقال طلاس إن مدير المكتب العسكري للأسد، العميد محمد سليمان، كان وراء مقتل القيادي في حزب الله، عماد مغنية، الذي قتل في دمشق عام 2008، نتيجة “علاقات عميقة مع إسرائيل والولايات المتحدة”، ليعود حزب الله ويغتال سليمان، في طرطوس قنصًا بثلات طلقات.

ولم يخرج العماد مصطفى طلاس من سوريا، إلا بعد قرار ابنيه فراس ومناف، بالخروج من سوريا عام 2012، لأنهما وقفا مع صوت الضمير ومطالب الشعب، على حد تعبيره، و”صدر قرار بقتلهما”.

من هو فراس طلاس؟

ولد طلاس في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، في آب 1960، ويعتبر من أبرز رجال الأعمال السوريين، إذ كانت له علاقات وحركات تجارية صنفت في المرتبة الثانية بعد نشاطات رامي مخلوف، ابن خالة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، حتى أطلق عليه لقب “ملك السكر”.

محطات وحسابات اقتصادية كبيرة في خزينة طلاس، أبرزها مجموعة “ماسة الاقتصادية” التي أسسها مطلع 1980، والتي نشطت في المجال الزراعي، إلى أن وصلت إلى السودان بفروع تهتم بالمسالخ وتصدير اللحوم بجميع أنواعها إلى دول الخليج.

وفي تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، سابقًا، وصفت طلاس بأنه “ملك السكر والملياردير الكبير وتاجر سلاح ومستورد المواد الغذائية والأدوية، والمورّد الأساسي للجيش السوري وأجهزة الأمن”.

وجاء الوصف بعد إعجاب طلاس بإسرائيل، عبر “فيس بوك”، بالقول “منذ 17 سنة وأنا أنتمي إلى مجموعة من المعجبين بدولة إسرائيل”.

ويعتبر الممول الرئيسي لكتائب “الفاروق”، مطلع الثورة السورية، التي أسسها ابن عمه الملازم المنشق، عبد الرزاق طلاس، في حي بابا عمرو بمدينة حمص، وشاركت في المعارك الأولى ضد قوات النظام السوري في المدينة.

وخلال البحث في مسيرة رجل الأعمال “البارز”، تتسم جميع الأعمال التي بدأها، سواء على الأراضي السورية أو خارجها، بشيء من “الغموض”، خاصة مشروعه في تركيا تحت مسمى “تيار الوعد” السوري، ووجهت له عدة اتهامات فيما يخص “الثورة المضادة” للثورة السورية، والفصائل العسكرية العاملة تحت رايتها.

——————–

“روسيا اليوم” تحذف مقابلة فراس طلاس

حذفت قناة “روسيا اليوم” التابعة للكرملين، حلقة من برنامج “قصارى القول”، استضافت فيها ابن وزير الدفاع الأسبق ورجل الأعمال السوري، فراس طلاس، ناقشت فيها فساد محمد مخلوف، خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ووالد رجل الأعمال رامي مخلوف.

وحذفت الشبكة الروسية المقابلة من صفحتها في “فايسبوك” وقناتها في “يوتيوب”، وذكرت “روسيا اليوم” في موقعها الإلكتروني أنها حذفت “المادة المتضمنة للمقابلة لمخالفتها المعايير الرئيسية للمحطة ولورود معلومات لا تستند إلى حقائق مؤكدة”، حسب تعبيرها، علماً أن الحلقة عرضت في الرابع من أيار/مايو الجاري، وأثارت ردود أفعال غاضبة من طرف شخصيات موالية للنظام.

على سبيل المثال، نشر اللواء السوري المتقاعد بهجت سليمان، تغريدتين اتهم فيهما مقدم البرنامج، سلام مسافر، بأنه “صهيوني مرتزق مكلف بالتشهير بالدولة السورية”، مضيفاً: “إحذروا هذا المخلوق: هو بيدق إعلامي صهيوني مرتزق لنواطير الكاز والغاز: مكلف بمهمة التشهير بالدولة الوطنية السورية على قناة RT الروسية. وهو يقوم بتلك المهمة القذرة متلطياً في قناة روسية”.

    [ إحذروا هذا المخلوق ( سلام مسافر ) : هو بيدق إعلامي صهيوني مرتزق لنواطير الكاز والغاز : مكلف بمهمة التشهير بالدولة الوطنية السوورية على قناة ال RT الروسية .. وهو يقوم بتلك المهمة القذرة متلطيا في قناة روسية . ]

    — د. بهجت سليمان (@drbahjat49) May 7, 2020

ولم تحدد القناة طبيعة المعلومات التي وصفتها بأنها لا تستند إلى حقائق، غير أن طلاس تحدث خلال الحلقة عن فساد محمد مخلوف، شقيق زوجة حافظ الأسد. وحملت الحلقة عنوان “سورية.. خريف البطريرك”، في إشارة إلى رواية الأديب الكولومبي، غابريل غارسيا ماركيز، والتي تسخر من التسلط والفساد في الطبقات الحاكمة.

وتحدث طلاس خلال المقابلة عن تراكم الثروة في يد عائلة الأسد، ودور خال الأسد في إدارة مشاريع وأموال، وتحديداً بعد حرب تشرين 1973، وتدفق الأموال الخليجية على الخزينة السورية تحت شعار دعم الصمود. واتهم طلاس، خلال المقابلة، محمد مخلوف، بالاستعانة بخبراء من لبنان وبريطانيا، لتأسيس إمبراطورية مالية استندت إلى مبيعات النفط، حسبما نقلت وسائل إعلام سورية معارضة رصدت المقابلة.

وسبق أن ظهر طلاس في البرنامج نفسه، مرتين، خلال العام الماضي. لكن ظهوره الأخير أتى بالتزامن مع مقطعي فيديو نشرهما رامي مخلوف كشف خلاهما عن خلافات بين شركاته وبين حكومة النظام التي تطالبه بتسديد ضرائب وغرامات بمبلغ يتجاوز 233 مليار ليرة. وعلق طلاس على هذه الأزمة بأنها مؤشر على صراع لتقاسم الثروة بين أسرة بشار الأسد وزوجته أسماء، وبين أسرة مخلوف التي ينبغي عليها التنازل عن جزء من ثروتها لصالح أسرة الأسد، حسب تعبيره.

ورغم حذف المقابلة، إلا أن جمهور الموالين مازال يهاجم الشبكة الروسية. وكتب اللواء سليمان مجدداً في “تويتر”: “إن شطب حلقة الجاسوسين سلام مسافر وفراس طلاس من صفحة محطة RT، إجراء غير كاف. وهو نوع من الضحك على اللحى. بعدما قيل ما قيل، وانتشر ما انتشر. والإجراء المناسب هو طرد سلام مسافر من RT لأنها باتت بوجوده تعطي انطباعاً بأنها معادية لسورية شعباً وجيشاً وأسداً، بل تبدو مشابهة للجزيرة وللعبرية (العربية)”.

    إن شطب حلقةالجاسوسين(سلام مسافر وفراس طلاس)من على صفحةمحطةR T ،إجراءغير كاف,وهو نوع من الضحك على اللحى,بعد أن قيل ما قيل وانتشر ما انتشر.

    والإجراءالمناسب هو طرد(سلام مسافر) من ال R T,لأنها باتت بوجوده تعطي انطباعابأنها معاديةلسورية,شعبا وجيشا وأسدا,بل تبدومشابهةللجزيرةوللعبرية. pic.twitter.com/HMtIw68cMD

    — د. بهجت سليمان (@drbahjat49) May 9, 2020

——————————–

موقع بريطاني: رامي مخلوف ما زال في سوريا

قال موقع “MiddleEastEye” البريطاني، إن رامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لم يغادر سوريا، مستبعدًا بذلك الأنباء التي رجّحت قبل يومين أن يكون في الإمارات، خاصة مع ظهوره بتسجيلات مصورة قال فيها إنه يتعرض للتهديد والابتزاز.

وأضاف الموقع اليوم، الخميس 7 من أيار، أن مخلوف لا يزال في أحد منازله في سوريا، مشيرًا إلى أنه لم يُعتقل بعد.

وكانت مؤسسة “جيرنيكا 37- غرفة العدالة الدولية” المعنية بالقضايا القانونية والدولية، قالت في بيان نشرته عبر موقعها على الإنترنت، في 4 من أيار الحالي، إن مخلوف يُشتبه بوجوده حاليًا في الإمارات العربية المتحدة، على الرغم من إدراجه على قائمة العقوبات الأمريكية والأوروبية لضلوعه في عمليات فساد عام، وتمويله التدمير الوحشي للثورة المؤيدة للديمقراطية منذ عام 2011.

وأضافت الشبكة أن رامي مخلوف جزء من مشروع إجرامي يقوده الرئيس السوري، وتنفذه شبكة من المؤيدين داخل أفرع مخابرات النظام، داعية إلى محاكمته.

وكان موقع “امارات افيرز” نقل عن مصادر سورية خاصة، أواخر عام 2019، أن رجل الأعمال رامي مخلوف سيغادر سوريا إلى الإمارات، بعد قرار سابق بالحجز على أمواله بتهمة التهريب وبهدف ضمان حقوق الخزينة العامة.

وخلال الأيام الماضية، ظهر مخلوف في مناسبتين على منصات التواصل الاجتماعي، عقب خلافات بين شركاته وحكومة النظام، التي تطالبه بدفع ضرائب وغرامات تقدر بـ233 مليار ليرة سورية.

وناشد مخلوف في المناسبة الأولى الأسد، لمساعدته في حل قضية الاتهامات التي وُجّهت لشركة “سيرتيل” المملوكة له، ودعمه في عدم انهيارها، نافيًا تهربه من تسديد الضرائب المترتبة على شركاته.

بينما أبدى في المناسبة الثانية استغرابه من قيام الأجهزة الأمنية باعتقال موظفين من شركاته، متسائلًا كيف تعتقل الأجهزة الأمنية موظفي رامي مخلوف الذي كان دائمًا خادمًا لهذه الأجهزة؟

ويُعتبر مخلوف من أبرز الشخصيات الاقتصادية في سوريا، ويمتلك بالإضافة إلى شركة “سيرتيل”، جمعية “البستان”، وإذاعات موالية للنظام السوري، كما يملك صحيفة “الوطن” الخاصة، ويدير شركات للسيارات، إضافة إلى نشاطات اقتصادية تتمثل في قطاعات مختلفة مثل الصرافة والغاز والتجارة والعقارات.

—————–

تسجيلات رامي مخلوف تنبش فضيحة صفقة الخليوي المغيبة في سوريا

الدراسة التي أعدها المعارض السوري رياض سيف والتي كشفت فساد “صفقة الخليوي” في سوريا والتي كانت “سيريتيل” لمالكها رامي مخلوف طرفًا فيها

قبل 21 عامًا شهدت سوريا “أخطر وأكبر” قضية فساد في ذلك الوقت، إذ حملت ما تعرف بـ”قضية عقود الخليوي” أضرارًا اقتصادية وتنموية واجتماعية، نسجت خيوطها الأولى عام 1999، حتى توقيع عقدين مجحفين يلحقان أضرارًا بالغة بالمصلحة العامة في 12 من شباط 2001.

ناشد قبل أيام قليلة رجل الأعمال السوري، رامي مخلوف، رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بمساعدته في حل قضية الاتهامات التي وجهت لشركة الاتصالات “سيريتيل” المملوكة للمخلوف ودعمه في عدم انهيارها.

وجاء ذلك في تسجيل مصوّر نشرته صفحة “رامي مخلوف” عبر “فيس بوك” يوم الجمعة، 1 من أيار، في أول ظهور إعلامي له منذ سنوات، عندما أعلن تنازله عن أملاكه لمصلحة المؤسسات الخيرية.

اوفي الوقت الذي يتداول فيه المستخدمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي هذا التسجيل المصور، كشفت جمانة سيف عن دراسة كتبها والدها المعارض السوري رياض سيف، حول كل ما يتعلق بعقود الهاتف الخليوي في سوريا.

    رداً على رامي مخلوف, قصة قضية عقود الخليوي من والدي رياض سيف:سأشارك الدراسة كاملة ( المؤلفة من 96 صفحة) التي أعدها…

    Gepostet von Joumana Seif am Samstag, 2. Mai 2020

قدم سيف في عام 2001 دراسة تفصيلية من وجهة نظره مستعينًا بما لديه من وثائق حينها وبمساعدة من المختصين في مجال الاتصالات والتنمية والمهتمين بالشأن العام.

قبل إغلاق القضية

بعد خمسة أيام من توقيع عقود صفقة الخليوي، في 17 من شباط 2001، وجه النائب سوري في مجلس الشعب حينها مأمون الحمصي أسئلة حول الصفقة، طالبًا حضور الحكومة للرد عليه.

وفي الجلسة النيابية المنعقدة في 26 من آذار، حضرت الحكومة وقدم وزير المواصلات آنذاك، محمد رضوان مارتيني، تقريرًا أكد فيه نزاهة العقود وقانونيتها وفوائدها الكبيرة للبلد، ليعلن رئيس مجلس الشعب بذلك إقفال باب النقاش وطي الملف.

ضياع 200 مليار ليرة

قاطع رياض سيف وقتها رئيس المجلس، مطالبًا إياه بعدم إغلاق الملف، قائلًا إن تلك الصفقة ستضيع على الشعب السوري 200 مليار ليرة سورية، مستندًا على دراسة تفصيلية لإثبات ذلك، مما اضطر رئيس المجلس لإغلاق مناقشة القضية.

تحذيرات بالسجن

تسرد جمانة سيف كيف نصح وزير المواصلات مارتيني المعارض السوري رياض سيف بالابتعاد عن القضية لخطورتها، حين زاره سيف ليطلب المساعدة في الحصول على وثائق تكشف عن الضرر الناتج عن تلك الصفقة.

وكانت نصيحة مارتيني لسيف حينها، التحذير بوجود نية لسجنه هو والدكتور المعارض عارف دليلة، إذا أصرا على متابعة ملف “صفقة الخليوي”.

الخسارة للدولة والمربح للشركات

حصلت عنب بلدي على نسخة من تلك الدراسة التي كتبت في 96 صفحة، وأوضحت الجدوى الاقتصادية لصفقة الخليوي وأهمية تبيانها من التعتيم الكامل.

وتؤكد دراسات الجدوى الاقتصادية للعقود بعد مقارنتها بالخيار الأمثل لاستثمار قطاع الاتصالات في سوريا، أن ما يضيع على الدولة خلال الـ15 عامًا المقبلة يقدر بـ400 مليار ليرة سورية، وفقًا لصفحات الدراسة.

وبينما تخسر المصلحة العامة هذه الأرقام الكبيرة، تحقق الشركتان المتعاقدتان “سيريتيل” و”سبيستل (إم تي إن لاحقًا)” أرباحًا احتكارية وغير عادلة تتراوح بين 200 إلى 300 مليار ليرة سورية.

ويوضح سيف في دراسته ما تعنيه تلك الأرقام، فإن مبلغ 200 مليار ليرة يعادل مجموع كتلة الرواتب والأجور والتعويضات لجميع العاملين في وزارات العدل والتعليم العالي والتربية والصحة والشؤون الاجتماعية العدل، في ذلك الوقت، والذين يعيلون ما يقارب المليون مواطن سوري على مدى 15 سنة كاملة.

200 مليار ليرة تساوي مجموع رواتب 220 ألف موظف عصامي في الدولة بخمسة آلاف ليرة شهريًا على مدى 15 سنة كاملة، وفقًا للدراسة.

التهرب الضريبي في “جزر العذراء”

وقعت صفقة الخليوي هذه مع شركتين أجنبيتين محدوتي المسؤولية، رأسمال كل منهما 50 ألف دولار أمريكي فقط، مسجلتين في “جزر العذراء البريطانية” وقد سجلت إحداهما قبل أربعة أيام من تاريخ إعلان مناقصة الخليوي مع إغفال اسم المسؤول والمدير العام لهما.

تعد “جزر العذراء” هذه “جنة الضرائب”، وفق الدراسة، حيث لا تدفع الشركات المسجلة فيها إلا الرسم السنوي مقابل عنوان الشركة وصندوق البريد، ولذلك فهي تستقطب الشركات الهاربة من الضرائب وشركات غسيل الأموال.

والشركتان المشغلتان (سيريتيل وسبيستل) كلاهما كانتا قيد التأسيس في ذلك الوقت، ولا تملكان أي خبرة في مجال الاتصالات، ولم تأخذا الصفة القانونية في وقت تاريخ كتابة الدراسة.

يملك رامي مخلوف شركتي “سيريتيل” و”إم تي إن” (سبيستل سابقًا) المشغلتان الوحيدتان لخدمة الاتصال الخليوي في سوريا، وهو الابن البكر لمحمد مخلوف، أخ زوجة الرئيس السابق، حافظ الأسد، والمقرب منه.

التعتيم على الصفقة

وفي اليوم الأول من عودة المجلس للانعقاد، في 15 من أيار 2001، طالب رياض سيف بتشكيل لجنة للتحقيق في موضوع “صفقة الخليوي”، وأيده في ذلك أكثرية أعضاء المجلس.

وقدم مذكرة من ستة صفحات تحت عنوان “لماذا التعتيم على صفقة الخليوي؟”، وزعها على كبار المسؤولين وعلى زملائه في مجلس الشعب، وطلب نشرها في جريدة “تشرين” الحكومية، لكن ذلك لم يتحقق.

وفي تاريخ 11 من حزيران من العام نفسه، حضر رئيس مجلس الوزراء للرد على سؤال سيف الخطي، مقدمًا اقتراحًا بإحالة الموضوع إلى لجان المجلس، وتم تكليف لجنتي القوانين المالية والخدمات بدراسة الموضوع.

قبل أربعة أيام من انتهاء الدورة التشريعية اجتمعت اللجنة المشتركة وحضر المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات مصطحبًا نسخة من الوثائق المتعلقة بالعقود، تحوي مئات الصفحات ومعظمها باللغة الإنجليزية، سلمها لرئيس اللجنة مؤكدًا اعتبارها وثائق سرية يحظر تداولها، وتحت إصرار أعضاء اللجنة على توزيع نسخ من الوثائق على أعضائها تمت الموافقة على ذلك.

حرص رئيس المجلس ووزير المواصلات حينها على إنجاز تقرير اللجنة قبل العطلة كان واضحًا بحسب منشور سيف، وكان من أهم ما أكده الوزير، هو أن التصديق النهائي للعقود لم يتم بعد، ونجحت اللجنة في تمديد المهلة الممنوحة لإنجاز عملها إلى الدورة التالية.

وحاولت في تلك الفترة وسائل الإعلام الرسمية تكذيب ما قدمه سيف من معلومات وأرقام، وقال “عندما طلبت من وسائل الإعلام نفسها نشر ردي على ما أوردته بهذا الشأن كان الجواب بالرفض دائمًا”.

إن منح شركات أجنبية امتياز إدارة واستثمار مرفق عام تملكه الدولة يتطلب إصدار قانون خاص حسب المادة 71 من الدستور السوري المعمول فيه بذلك الوقت.

إلا أن رغبة المستفيدين من العقود بإبرام الصفقة وسعة نفوذهم مكناهم من الالتفاف على الدستور، وإتمام الصفقة بسرية مطلقة، وفقًا لدراسة سيف.

حكومة الزعبي و”فضيحة B.O.T”

“ومما أثار الريبة أكثر هو الخوف الذي كان يسيطر على رئيس مجلس الوزراء، محمود الزعبي، في تلك الفترة من تمرير الصفقة”، وفق الدراسة.

إذ قدم مدير عام مؤسسة الاتصالات مذكرة لرئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 3 من شباط 2000 ترجح اختيار طريقة الـ”B.O.T” في التعاقد فيما يخص صفقة الخليوي، وهو ما لم يكن موافقًا عليه من الزعبي.

يلاحظ سيف في دراسته هيمنة قضية الخليوي على اهتمامات حكومة الزعبي في الأيام الأخيرة من عمره، والذي وافق على خيار الـ”B.O.T” في نفس يوم إقالة حكومته، وبقي رئيس مجلس الوزراء الجديد، محمد مصطفى ميرو، والوزراء ومؤسسة المواصلات مصرين على أن الزعبي هو من وافق على خيار الـ”B.O.T” قبل إقالته بساعات.

وكل الوثائق تشير إلى أن رئيس الوزراء الزعبي لم يعطِ موافقته على ذلك الخيار حتى صباح يوم استقالته.

يقول سيف في دراسته إن رفض الزعبي لخيار الـ”B.O.T” كان سببًا في إقالته، وقد كانت العداوة بين كل من محمود الزعبي وسليم ياسين (نائب رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد) مع محمد مخلوف معروفة للجميع، وكانا يشتكيان دائمًا من تغول محمد مخلوف على كل المشاريع الاقتصادية، وفقًا لسيف.

إن اختيار نظام الـ”B.O.T” كانت بمثابة “فضيحة”، حسب تعبير الدراسة، الذي أعطى المستفيد هدية ثمينة بتخفيض حصة الخزينة من العائدات من 40% إلى 30% في السنوات الثلاث الأولى من العقود، “لكي لا تتحمل الحكومة الجديدة تبعات هذا العقد المجحف”.

وقدرت المؤسسة العامة للاتصالات بتاريخ 7 من آذار 2000، وفقًا للدراسة ربح الشركتين قبل دفع الضريبة بـ 121.815 مليارًا عن مليون وسبعمئة ألف خط كحد أعلى، يحول منها 36% للخزينة كضرائب، ليصبح الربح الصافي للمستفيد 77 مليار ليرة فقط.

عدم صلاحية نظام الـ”B.O.T”

إن مبدأ “B.O.T” غير صالح للاستثمار في مجال الاتصالات لأسباب موضوعية، فالاتصالات وعالم التكنولوجيا بشكل عام سريع التطور وهناك الكثير من المتغيرات فيه بشكل دائم، وما يناسب هذا النظام من التعاقد هو المشاريع الثابتة وطويلة الأجل مثل بناء صوامع للحبوب أو محطات القطار أو البنى التحتية.

ويتم بناء هذه المشاريع واستثمارها لعدد من السنوات (10 إلى 20 سنة) من قبل الشركة المتعاقدة وتعود ملكياتها بعد انقضاء مدة العقد للدولة.

أن إصرار المؤسسة على اعتماد هذا المبدأ سهل إعفاء المستثمر من دفع 100 مليار ليرة سورية على الأقل، كدفعة مقدمة، وأتاح له استغلال كوادر المؤسسة وبنيتها التحتية بعيدًا عن أي آلية فاعلة للمراقبة.

مذكرة 7 من آذار 2000

أعدت هذه المذكرة في يوم استقالة حكومة الزعبي، وتبين هذه المذكرة التفصيلية الحرص الشديد من إدارة مؤسسة الاتصالات على تزيين خيار الـ”B.O.T”، إذ تحذر المذكرة من مغبة قيام المؤسسة بتشغيل الهاتف الخليوي والذي سوف ينعكس سلبًا على نوعية وجودة الخدمة وحجم العائدات المتوقعة حسب زعمها.

بينما تصف المؤسسة الـ”B.O.T” بأنه يدر على الخزينة أرباحًا طائلة دون الحاجة إلى استثمار أي أموال، ودون تعريض الدولة لأي مجازفة، وأنه يقدم للمواطنين خدمات أفضل، ويشجع على تحسين مناخ الاستثمار، مقابل نسبة أرباح قليلة يجنيها المتعاقد لقاء توظيفه لرأسمال كبير وما يدفعه من فوائد على رأس المال وما يتحمله من مخاطر في المشروع.

وقد تم التلاعب بالأرقام بما يخدم هدف المؤسسة المتمثل بإقناع الحكومة بضرورة تنازل المؤسسة عن تشغيل هذا المشروع لصالح صاحب العقود المستفيد، وفقًا للدراسة.

النتيجة.. سجن “عدرا”

يعتقد المعارض رياض سيف أن توزيعه لآلاف النسخ في عام 2000 من تلك الدراسة، كان أحد أهم الأسباب الرئيسة في قرار السلطة السورية باعتقاله بعد فترة لا تتجاوز الشهر من فضح صفقة الخليوي.

حوكم رياض سيف وأودع سجن “عدرا”، على الرغم من كونه عضوًا في مجلس الشعب في ذلك الوقت.

عنب بلدي

—————————-

صراع الأسد-مخلوف:مسلسل رمضاني بطولة رامي وأسماء

جريء يتحدى طاغية وزوجته التي لا ترحم وتريد تسديد الحساب مع العائلة الأوليغارشية، فيما غنائم الأمة على المحك. قد يصلح هذا لمسلسل تلفزيوني رمضاني، لكن ليس هذا العام. وبدلاً من ذلك، تم وضع كل مؤامرات الأسرة الحاكمة في سوريا ضمن دراما واقعية مذهلة استحوذت على البلاد والمنطقة.

بهذه الكلمات تصف صحيفة “الغارديان” الصراع المستجد بين رئيس النظام السوري بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس من جهة، وبين آل مخلوف يتصدرهم ابن خال رئيس النظام السوري ورجل الأعمال الثري رامي مخلوف.

وتقول الغارديان إن الأسد وزوجته يقودان الممثلين في هذا المسلسل. لكن دور البطولة ذهب بالتأكيد إلى رامي مخلوف الذي قام الأسبوع الماضي بما لا يمكن تصديقه. لقد نشر غسيل العائلة الوسخ على “فايسبوك”.

مخلوف، أقوى قطب أعمال في سوريا وأثرى أثريائها طوال فترة حكم الأسد الابن التي استمرت 20 عاماً، اشتكى من أن ابن عمته كان يرسل شرطة سرية للاستيلاء على ممتلكاته وإغلاق أعماله. من خلال القيام بذلك، كشف عن صراع على السلطة يهدد الآن وجود النظام السوري بحد ذاته، ما أثار شقاً في الطائفة العلوية الحاكمة، وترك السوريين العاديين مرتاحين.

وتقول الصحيفة ساخرة: “من دون سخرية، تفاخر مخلوف بتمويل قوات الأمن السورية المكروهة، التي قامت بتعذيب واخفاء آلاف الأشخاص في تسع سنوات من الحرب، ثم اشتكى من أن موظفيه عوملوا بطريقة غير إنسانية”.

وتضيف الصحيفة أن إطلالات مخلوف كانت مثيرة للسخرية على نطاق واسع، نغمة تفتقر إلى الوعي، ومحتوى تحده محاكاة ساخرة. ولكن في الأيام التي تلت ذلك، ألقت التصريحات العلنية من السوريين الأقوياء نوعاً آخر من الإضاءة على الإطلالتين.

وتنقل الصحيفة عن فراس طلاس، نجل وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس، أن مخلوف صوبّ مباشرة في إطلالته على زوجة الأسد، أسماء، وأخوه ماهر.

ويقول طلاس إن مخلوف أراد إحداث “صدع” بين مناصري الأسد، عبر الطلب من بشار أكثر من مرة أن توزع الأموال على الفقراء وعدم السماح لآخرين بالسيطرة عليها، في إشارة إلى أسماء وماهر. ما زالوا جميعاً يدعمون النظام ولكن البعض يدعم رامي مخلوف متسائلاً لماذا يفعل الرئيس ذلك لابن عمته. هذا أمر غير مسبوق.

وقد دفعت التصريحات الجريئة لمخلوف وصراحة طلاس مؤيدي النظام وأعداءه إلى الإيحاء بأن روسيا ترعى الخلاف. في الأسابيع التي سبقت ظهور مخلوف، تحدث المسؤولون الروس عن خيبة أملهم من رئيس النظام السوري، حيث أشار دبلوماسيان سابقان إلى أنه قام بخطوات قليلة نحو حل سياسي، وهو شرط مسبق لإعادة الإعمار، التي طالما انتظرتها موسكو. كما أعرب الدبلوماسيون عن أسفهم لأداء الجيش السوري في ساحة المعركة، قائلين إن الأسد قد تم إنقاذه إلى حد كبير من الهزيمة ب25 طائرة روسية.

لكن مناصرين للأسد باتوا يشككون في فعالية الصواريخ الروسية المضادة للطائرات التي لم تفعل شيئاً لوقف الهجمات الإسرائيلية المتكررة على أهداف إيرانية داخل سوريا. منشورات مناصري الأسد على مواقع التواصل الاجتماعي، اشتكت من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرض حلولاً سياسية على سوريا لكنه لم يقدم سوى القليل من المساعدات الغذائية.

—————————-

“سيريتل”: “الرجوع عن الخطأ فضيلة”.. تسوية مع النظام؟

بعد ظهور رجل الأعمال السوري رامي مخلوف في مقطعَي فيديو، كشفا خلافات بينه وبين رئيس النظام بشار الأسد، أثارت شركة الاتصالات “سيريتل” التي يمتلكها، جدلاً جديداً، عبر منشور في “فايسبوك” لم يتجاوز أربع كلمات.

وقالت الشركة بشكل غامض: “الرجوع عن الخطأ فضيلة” بشكل مشابه لعنواني مقطعي الفيديو اللذين ظهر بهما مخلوف الأسبوع الماضي، ما أثار تساؤلات عن تسوية بين مخلوف والنظام السوري حول قضية الضرائب، التي اعترض مخلوف عليها والتي تقدر بنحو 130 مليار ليرة سورية.

وكتب أحد المعلقين في “فايسبوك”: “نعم رسالة من ثلاث كلمات، لها مدلولات وتباينت حولها التفسيرات. ترى: هل تمت تسوية الخلافات؟ هل سددت الضرائب؟ بالمناسبة رامي مخلوف لم يخرج من سوريا”. هل تذكرون أنه في سوريا وعلى مدار خمسين سنة، لم يُحاسَب لص، الحساب القاسي كان طيلة كل هذه السنوات فقط على جرائم الرأي، على تباين المواقف السياسية، على ما يتعلق بأمن النظام”.

وقال معلق آخر: “حصل كما هو متوقع حرفياً. تراجع واضح وأسف وإعتذار ضمني من رامي مخلوف عن كل ماصدر منه في الفيديوهات الأخيرة السابقة والتي إكتفى بوصفها بعبارة واحدة فقط … لكن هذه المرة بدون ظهور في فيديو جديد بل الإكتفاء فقط بتغريدة عامة ومختصرة كتبت على صفحة شركته العامة سيريتل”.

وكانت الهيئة الناظمة للاتصالات، التابعة لوزارة الاتصالات في حكومة النظام، أعلنت أنه كان من الواجب على شركة “سيريتل”، أبرز شركات مخلوف، دفع المبلغ بحد أقصى في 5 أيار/مايو الجاري، لكن اليوم المحدد مر من دون أي إعلان رسمي، عما إذا كانت الشركة دفعت المبلغ المحدد أم لا.

ومنذ نهاية العام الماضي، كثف الأسد حملاته على مخلوف، فأطلق أحكاماً انتقد فيها شركات ومصالح الأخير، وآخرها حين أصدرت المديرية العامة للجمارك التابعة للنظام في سوريا قراراً بإلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله مع آخرين من رجال الأعمال، ويضمن قرار الجمارك الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف وزوجته أيضاً.

————————–

طائفية رامي مخلوف ووطنية بشار الأسد/  منار الرشواني

عمان- في خضم الجدل المحتدم بشأن المفاجأة التي فجرها رامي محمد مخلوف -وهي مفاجأة لناحية كشفه عن نزاع داخل الحلقة الأضيق للنظام على الغنائم الاقتصادية، كما لناحية اكتشافه هو ذاته لوجود فساد في سوريا ومعاملة غير إنسانية لا تراعي حقوق الإنسان على يد الأجهزة الأمنية- ظهر بشار الأسد للحديث أخيراً عن وباء كورونا المستجد وتداعياته. وهو الذي لم يفعل ذلك في ذروة الذعر من الوباء، خلافاً لأغلب قادة دول العالم بمن ذلك حليفاه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني.

أحد تفسيرات ظهور الأسد الأخير والمتأخر، كانت رغبته، كما ذهب البعض، في تسخيف “زوبعة” ابن خاله وكشفه واكتشافاته. دليل ذلك أنه قرر الظهور للحديث عن موضوع هامشي وتافه بمعايير الأسد، ابناً ومن قبله أباً، وهو صحة المواطن وأحواله المعيشية. لكن اختيار الأسد للمواطن الذي سُخرت كل إمكانات النظام لإفقاره وإذلاله على مدى نصف قرن، قد ينطوي على رسالة أعمق بكثير مما قد يبدو على السطح وللوهلة الأولى.

كما أدرك كثيرون، توجه رامي مخلوف في حديثه إلى فقراء الحاضنة الاجتماعية للنظام، أي الطائفة العلوية، محذراً بشكل واضح، لاسيما في الفيديو الثاني، من أنهم سيكونون أكبر المتضررين من تجريده من إمبراطوريته المالية، أو جزء منها على الأقل، نتيجة حتمية انقطاع المساعدات والصدقات التي يقدمها لهم عبر “مؤسساته الإنسانية” وتلك المخصصة لتمويل الشبيحة وذويهم.

في مقابل طائفية رامي مخلوف، لاسيما إذا ما أضيف الاستنتاج الآخر من حديثه والمتمثل في تحذيره من انتقال الثروة إلى أسماء الأخرس المنتمية إلى الطائفة السنية أو المحسوبة عليها، فإن بشار الأسد في لقائه مع ما يسمى “المجموعة الحكومية المعنية بمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها”، كان يتحدث عن جوع وفقر وعوز المواطن السوري عموماً، كما حاجته إلى التعليم وحتى الذهاب إلى دور العبادة. ومثل هذه الوطنية -الإنشائية والكاذبة بداهة- إبان ما يفترض أنها واحدة من أخطر الأزمات التي يواجهها النظام الذي هو الأسد شخصياً، إنما تدلل على اطمئنان الأخير لتماسك الطائفة خلفه حتى وإن كان ذلك يعني خسران فقرائها الذين يشكلون الأغلبية “الفتات” الذي يقدمه مخلوف لـ”سد جوعهم”، وفق تعبير الأخير الذي يدلل على احتقار للفقراء، أو أقلها انحدار في ملكات وقدرات المتحدث.

إذ بعد أكثر من تسع سنوات من الحرب على الشعب السوري، والتي نجح الأسد في تحويلها –بمساعدة لا تقدر بثمن من “داعش” وهيئة تحرير الشام” وعدد من فصائل المعارضة- إلى حرب طائفية، فقد صار البقاء في السلطة من وجهة نظر حاضنة النظام الاجتماعية ليس أقل من صراع وجود وبقاء بالمعنى الحرفي للكلمة، بما لا يسمح بأي نزاع داخلي يؤدي إلى إضعاف الطائفة الذي يعني حتماً فناءها وفقاً للمعطيات القائمة الآن. وهي معطيات لم تنتج عن سنوات الحرب فحسب، بل تأسست خلال العقود الأسبق من حكم آل الأسد الذي استمر فقط بفضل إرهاب السوريين وتطييفهم.

هكذا، وفيما قد يعبر البعض ضمن الحاضنة الاجتماعية عن تعاطف مع رامي مخلوف وحتى غضب لأجله، يظل القاسم المشترك، منطقياً، بين أبناء هذه الحاضنة هو القلق حد الذعر من خروج الخلاف/النزاع الحالي عن السيطرة. وهو أمر إن حصل سيكون محسوماً لمصلحة الأسد، كونه البديل الوحيد المتاح، من وجهة نظر حاضنته، لاستمرار الحكم، ومنع المذبحة “المفترضة” لأسباب مفهومة طبعاً ولكنها ليست حقيقية بالضرورة ولا حتى غالباً. وبالتالي، سيكون مقبولاً التضحية برامي مخلوف، ليس بتجريده من إمبراطوريته أو جزء منها فحسب، بل وحتى تجريده من حياته (انتحاراً كما جرت العادة) إن اقتضى الأمر.

هذا الاستنتاج، الذي تؤكده مآلات محاولة رفعت الأسد الانقلاب على شقيقه حافظ في ثمانينات القرن الماضي، يعني أن أي اهتزاز وتداع حقيقيين في النظام يفضي إلى خلاص الشعب السوري منه، لن يكون ممكناً من دون تحرير الحاضنة الشعبية التي اتخذها آل الأسد رهينة منذ وصولهم إلى السلطة. وهو ما يفرض، ببداهة شديدة، وجود بديل وطني. لكنه، وبعيداً عن المكابرة والرغائبية في التحليل والاستنتاج، بديل يبدو الآن بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى، مع تهتك المعارضة السورية، لأسباب كثيرة ذاتية وخارجية، وتسيد المشهد تنظيمات وفصائل لا تقل طائفية وفساداً وإفساداً عن الأسد.

————————-

صراع الأسد – مخلوف: من يدفع الثمن؟/ آلاء نصار

عمان- أثار ظهور رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد والمهيمن على المشهد الاقتصادي في سوريا، عبر مقطعي فيديو على صفحته على “فيسبوك”، الكثير من علامات الاستفهام والتعجب داخل سوريا وخارجها. فعقب ثلاثة أيام من ظهوره النادر الأول الذي تحدث فيه عن بعض تفاصيل خلافه مع الحكومة السورية بشأن مطالبات مالية تتعلق بعمل شركته للاتصالات “سيرتيل” ومناشداً بشار الأسد التدخل، خرج مخلوف بفيديو ثان، في 3 أيار/مايو الحالي، بدا فيه جلياً سعيه إلى حشد أبناء الحاضنة الاجتماعية للنظام، أي الطائفة العلوية ولاسيما فقراؤها، خلفه، في صراعه مع محيطين بالأسد لم يسمهم، إضافة إلى الأجهزة الأمنية التي اعتقلت عدداً من مديري شركاته.

ويتمثل السبب المعلن والمباشر للخلاف في مطالبة الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد شركة “سيرياتيل” التي يمتلكها مخلوف، كما شركة الاتصالات الأخرى “MTN” بدفع مبالغ مستحقة لخزينة الدولة، مقدارها 233.8 مليار ليرة سورية. وبحسب ما ذكر مخلوف في الفيديو الأول، تبلغ حصة “سيرتيل” بين 125-130 مليار ليرة سورية (أو حوالي 178 مليون دولار بحسب سعر الصرف الرسمي البالغ 513 ليرة للدولار، و87 مليون دولار استناداً لسعر الصرف في السوق السوداء والمقدر بحدود 1400 ليرة للدولار.

وفيما بدا، من خلال التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، أن حديثي مخلوف العلنيين قد أديا إلى نوع من الجدل والاستقطاب داخل حاضنة النظام الاجتماعية، اعتبرت الشابة ريتا عيسى (اسم مستعار)، والتي تنتمي إلى الطائفة العلوية، أن “ما يجري بين رامي مخلوف والدولة السورية ليس إلا حرب مصالح”. مضيفة في حديثها إلى “سوريا على طول” أن “رامي يسعى إلى إشعال فتيل أزمة بين العلويين أنفسهم بمظلوميته التي خرج بها ليسيّر مصالحه. وهو من يملك حاشية موالية في الساحل”. محذرة أن “لذلك عواقب وخيمة في المستقبل، لأن رامي بما يملكه من أموال قد يستطيع فعل ما فعله رفعت الأسد [شقيق حافظ الأسد الذي حاول الاستيلاء على السلطة في ثمانينات القرن الماضي] والسفر إلى خارج سوريا من دون أن يتضرر، لكن من سيخمد الفتنة التي أشعلها؟”.

كذلك، علّق فراس الأسد الذي ذاع صيته مؤخراً بسبب منشوراته المتبرئة من أفعال عائلته ولاسيما والده رفعت، بأن “ما يحدث اليوم مع محمد مخلوف و أبناءه هو ما حدث مع رفعت الأسد في الثمانينات، مع الفارق الكبير طبعا حتى أكون موضوعيا -وكلكم يعرف موقفي من والدي- بين وزن رفعت الأسد ومكانته في الثمانينات وبين وزن الريشة -أو البرغشة- الذي يتمتع به اليوم السيد رامي”. مطالباً مخلوف بـ”الكف عن اللعب على وتر فقراء العلويين وتسمينهم كعجول لذبحهم عند الحاجة”.

وهو ما يؤيده الباحث الأردني في الشأن السوري، صلاح ملكاوي. ذلك أن “رامي مخلوف قد سقطت ورقته بالنسبة للعلويين”، كما قال لـ”سوريا على طول”، و”لن يؤثر ما فعله على شعبية بشار لديهم، وهو الذي مرّ بظروف أصعب من ذلك”. متوقعاً أن يكون مصير رامي مخلوف “الخروج من سوريا بصفقة، كما حصل مع رفعت الأسد”.

دور روسيا

شرع النظام السوري في الحجز على أموال مخلوف وشركاته منذ العام 2019. إذ كانت البداية بشركة “آبار بتروليوم سيرفيسز” المسجلة في بيروت، والتي تتمثل أنشطتها في صفقات نقل المواد النفطية. كما تم، في آب/أغسطس الماضي، إلغاء ترخيص جمعية البستان التي أسسها رامي مخلوف العام 1999 في اللاذقية، وكانت تقدم خدمات إنسانية لأبناء الطائفة العلوية بالدرجة الأولى. يضاف إلى ذلك إقفال مكاتب الحزب السوري القومي الإجتماعي، التابع لمخلوف.

إلا أن إعلان رامي مخلوف عن الخلافات داخل النظام تزامن مع حملة إعلامية روسية تناولت فساد الأخير وتراجع تأييد بشار الأسد.

في هذا السياق أشار مركز جسور للدراسات، ومقره تركيا، إلى أن أحد أسباب الخلاف الأخير القائم بين رامي مخلوف وبشار الأسد هو كون الأول “يزود الإعلام الروسي بتفاصيل حول سلوكيات الأسد وزوجته، وكان أبرزها قضية شراء بشار هدية لزوجته مؤخراً قيمتها 30 مليون دولار أمريكي”، في وقت ينهار فيه الاقتصاد السوري.

وذهب ملكاوي إلى أن أحد الأسباب المبطنة للخلافات الأخيرة بين عائلتي مخلوف والأسد، هو “تهريب محمد مخلوف وابنه رامي أموالهما خلال الأشهر الماضية باتجاه موسكو، في خطوة فسّرت من جانب بشار الأسد على أنها عرض من محمد مخلوف لروسيا، كي تطرح اسم ابنه رامي، كحليف قوي لروسيا، ليكون بديلا عن بشار الأسد، ويتولى زمام السلطة في سوريا خلال المرحلة الانتقالية التي يماطل بشار في الوصول إليها”.

لكن على النقيض من ذلك، رأى الباحث في الشأن الروسي نصر اليوسف، أن “رامي مخلوف ليس مقربا لروسيا، كما لا يخضع للحماية الروسية”. مضيفا في حديث إلى “سوريا على طول” أن “عدم اعتراف روسيا بالعقوبات واللوائح السوداء التي لم تخرج من مجلس الأمن، سمح لعائلة مخلوف أن تتحرك بحرية في روسيا، وتنقل الكثير من الأموال المنهوبة إلى هناك”. كما أن “وجود محمد مخلوف في روسيا لا يعني أن روسيا تتبنى ابنه رامي، لكن الروس مستفيدون من المليارات التي تصب في السوق الروسية من استثمارات هذه العائلة”.

في الوقت ذاته، بينما استفاد النظام من روسيا في تغطية تكاليف حربه على السوريين لسنوات، فإن العطاءات الاقتصادية تذهب، بحسب اليوسف، لصالح إيران والصين، ما خلق حالة من “عدم رضا الشركات الروسية بشأن كيفية التعامل معهم من قبل المسؤولين السوريين”.

وفي ظل الانهيار المستمر والمتلاحق لليرة السورية، والضغوطات الاقتصادية التي تعيشها سوريا، والتي لم تكن آخرها أزمة كورونا، تتصارع كل من روسيا وإيران على أخذ حصتهما من الاقتصاد. كما دفع ذلك بشار الأسد إلى استهداف رجال أعمال سوريين قبل رامي مخلوف، أبرزهم محمد حمشو العضو في مجلس الشعب السوري. وعدا عن سعيه إلى التعامل مع متطلبات حلفائه ومواجهة الأزمة الاقتصادية في سوريا، ذهب ملكاوي إلى أن “إزاحة بشار الأسد لمنافسيه يساعده على فرض نفسه مجددا وقدرته على المناورة، خاصة وأن روسيا تريد إطاحته من دون تغيير بنية نظامه”.

لكن يظل أن الخلافات الأخيرة ستكون لها “تداعيات كبيرة على ما تبقى من الاقتصاد السوري”، كما قال رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، د. أسامة القاضي، لـ”سوريا على طول”. إذ إن “استبدال منظومة رامي مخلوف سيكلف الاقتصاد السوري ثمنا باهظا سيدفعه الشعب الذي صمت أو أرغم على الصمت”. موضحاً أن “كل الشركات التي يديرها [مخلوف] منذ عشرين عاما إلى الآن ستتعطل بشكل جزئي أو كلي إلى أن يتم استبدال هذه الواجهة بواجهة أخرى، أو أن تتصاعد الأمور إلى انشقاق كبير داخل الكتلة الصلبة حول نظام الأسد. وهذا بطبيعة الحال سيؤدي إلى ارتفاع مستوى البطالة، كما سيبدأ تهريب الأموال لمنظومة رامي مخلوف نفسها”.

وبحسب القاضي كان الناتج القومي لسوريا يبلغ 64 مليار دولار تقريبا، فيما لا يتجاوز الآن ثماني مليارات دولار، و”في ظل حرب تصفية الحسابات، فإن الخسارة ستكون كبيرة، خاصة وأنه لا يوجد قطاع في سوريا إلا ودخله رامي مخلوف”.

—————————–

رامي مخلوف… القصة الكاملة غير مكتملة

تحمل الإطلالة التلفزيونية لرامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، الكثير من الرمزية المبطنة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، من حيث الشكل والمضمون والتوقيت… والسياق التاريخي القريب والبعيد.

الظهور في تسجيلين مدتهما 25 دقيقة، لا يحيد عن سياق الدور المعلن والمضمر خلال 25 سنة. قاعدة الانطلاق كانت أنه ابن محمد مخلوف «أبو رامي»، شقيق أنيسة زوجة الرئيس الراحل حافظ الأسد. ثم، دخل في مرحلة «المهندس رامي» بعد تخرجه في الجامعة. أما الصعود الاقتصادي، فبدأ نهاية التسعينات. وخلال العقد الماضي، عُرف بـ«الاستاذ رامي». كان رجل الظل والصفقات الكبرى. لم يكن مغرماً بالشاشة والواجهات العلنية.

ما الذي استدعى أن يغيّر رامي طقوسه ليطلّ تلفزيونياً «نصيراً للفقراء» ويناشد «سيادة الرئيس» التدخل لإنصاف «الذين كانوا موالين… وما زالوا»، منتقداً «الآخرين»؟

– الصعود

كان لمحمد مخلوف، شقيق أنيسة زوجة الرئيس الراحل حافظ الأسد، دور محوري غير مرئي في الاقتصاد السوري. انطلق من «مؤسسة التبغ – ريجي» الحكومية ليتجذر في رعاية صفقات اقتصادية كبرى خصوصاً في قطاع النفط من الإنتاج والتصدير في منتصف الثمانينات. كان «العرّاب الخفي» للاقتصاد وغيره، فيما ركز الأسد على البعدين العسكري والسياسي الأمني في بنية النظام.

مع التغير البيولوجي – الجيلي في الأسرة والنخبة الحاكمة، انتقل دور الجيل الجديد لأبناء المسؤولين من «الشراكات» في الشركات إلى قيادة قطاع الأعمال الخاص في النصف الثاني. كان أبرزهم «المهندس رامي»، فبدأ في «راماك» المختصة في «السوق الحرة» على البوابات الحدودية البرية والجوية.

بالتزامن مع وفاة الرئيس الأسد وانتقال الحكم إلى الرئيس بشار الأسد، اتجه رامي إلى قطاع الاتصالات الواعد. وبعد مفاوضات ومحاكمات واختبارات، حازت «سيريتل» وشركة أخرى منافسة هي «إم تي إن» من الحكومة السورية، على ترخيص «بي أو تي» في 2001، وباتت الشركتان تحتكران قطاع الاتصالات وعائداته. وقتذاك، تعرض باحثون ونواب سابقون، بينهم رياض سيف، لضغوط يعتقد معارضون أنها بسبب إثارة هذا العقد والاقتراب من «الخط الأحمر». كان عقد «سيريتل»، القاعدة التي اتسعت منها مجالات عمل واهتمام شركات مخلوف، لتشمل معظم قطاعات النفط والمال والمصارف والسياحة والتجارة، في مواكبة لمرحلة الانفتاح الاقتصادي الانتقائي في البلاد في بداية الألفية. الانفتاح، الذي يعتقد خبراء أنه ضَيّق حجم الطبقة الوسطى وركّز الثروة لدى عدد قليل وخصوصاً شركات مخلوف، كأنه أكل من القاعدة الشعبية التقليدية للنظام وأربك «العقد الاجتماعي» القائم خلال ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسد. ويذهب بعضهم إلى اعتبار هذا سبباً رئيسياً في احتجاجات 2011.

– أول اختبار

أطلق عليه منافسوه ومعارضون سياسيون «الوكيل الحصري لسوريا». حسده من أراد «حصة في الكعكة». انتقده من أراد طريقاً آخر للبلاد، سياسياً واقتصادياً. وكان أبرز المعارضين للمفاوضات التي كانت تجريها الحكومة مع الاتحاد الأوروبي لتوقيع «اتفاق شراكة» تضع قيوداً لمنع «الاحتكار الاقتصادي». تراكمت انتقادات وملاحظات وتحذيرات إزاء اتساع دوره، من قطاعات عائلية وطبقية وسياسية واقتصادية، فكان أول اختبار يحصل معه. وفي 2004 غادر إلى الإمارات وبقي هناك بضعة أشهر. وقال مسؤول اقتصادي سابق: «تلك السنة كانت الأفضل على صعيد تدفق الاستثمارات الخارجية إلى سوريا».

رامي قابل الاختبار بالصمت. حاول الاستثمار في الإمارات من دون ضجة. حصلت موجة أخرى من الضغوط الاقتصادية ودخلت سوريا في عزلة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، في 2005. توفرت شروط، داخلية وخارجية، استدعت عودته إلى البلاد وتوسيع دوره الاقتصادي. الهدف، كان نسخ «التجربة اللبنانية» في سوريا بما فيها المصارف التي كانت رئة الاقتصاد السوري. وبرز مصطلح «بيرتة (بيروت) دمشق». أي، لدى خروج الجيش من لبنان، سعى البعض إلى صنع «لبنان سوريا» في سوريا لتعويض ما فقد جراء الانسحاب خصوصاً في القطاع الاقتصادي – المالي. أسس رامي مع «شركاء» آخرين شركة «شام القابضة» في 2006 للإشراف على إدارة التوسع الهائل للدور الاقتصادي. ويوضح المسؤول: «كان مخلوف يسيطر على نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي الذي كان نحو 62 مليار دولار أميركي. لكنّ دوره في القرار الاقتصادي كان أكبر من هذه النسبة بكثير».

– «اعتزال الغرام»

لدى اندلاع الاحتجاجات في 2011، ظهرت لافتات وشعارات ضد دور رامي، الاقتصادي وشركة «سيريتل»، ومطالبات للرئيس الأسد بتقييد ذلك أو محاسبته. ترددت روايات عدة من معارضين أو منشقين، حول دور بيت مخلوف في اختيار النظام «الحل الأمني» وخطاب الرئيس الأسد في نهاية مارس (آذار) من ذلك العام، فيما تحدث مسؤولون أن الاحتجاجات كانت منذ البداية «جزءاً من مؤامرة خارجية».

كانت هناك لقاءات غير علنية لمخلوف مع مسؤولين غربيين، منهم السفير الأميركي الأسبق روبرت فورد، وسفراء أوروبيون بينهم الفرنسي إريك شوفاليه. كان رامي ووالده قد استضافا جون كيري عندما كان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس. وفجأة، في منتصف ذاك العام وعلى غير عادته، كانت لرامي إطلالتان: الأولى، في مقابلة مع الصحافي الراحل أنطوني شديد في «نيويورك تايمز»، قال فيها: «لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا»، أي ربط أمن إسرائيل باستقرار سوريا. الأخرى، إعلانه «اعتزال الغرام» والتنازل عن ممتلكاته لـ«أعمال خيرية»، في إطار استيعاب الاحتجاجات السلمية بعد تسميته في المظاهرات. لكن نشطاء ومعارضين تحدثوا عن استمرار دوره ومساهمته في دعم قوات الحكومة عبر وسائل عدة، بينها «جمعية البستان» برئاسة سامر درويش وتنظيمات قاتلت إلى جانب قوات الحكومة.

– الأخ الأصغر

لعب الشقيق الأصغر لرامي، العقيد حافظ مخلوف رئيس فرع أمن دمشق التابع لإدارة المخابرات العامة، دوراً محورياً في مواجهة الاحتجاجات والاعتقالات وترجيح «الخيار الأمني». هناك من اعتقد أنه كان من «الحلقة الضيقة» وأنه دفع مرات عدة ضد وجهات نظر مسؤولين في النظام، كانت تقترح حلاً سياسياً للأزمة. وفي 2014، أُعفي العقيد حافظ من منصبه. غادر بعد ذلك إلى روسيا لفترة ثم عاد «بعد سماح» إلى دمشق، لكنه بقي هو ووالده محمد يقضيان وقتاً واسعاً بين موسكو وكييف بفضل علاقات أمنية وسياسية واقتصادية مع متنفذين في روسيا. هناك من يعتقد بوجود صلة مع يفغيني بريغوزين المعروف بـ«طباخ بوتين»، المعروف بتأسيس مجموعة «فاغنر» التي قاتل عناصرها في أماكن الصراع والتدخل الروسي لتجنب انخراط الجيش مباشرة وتكرار تجربة أفغانستان. لم تُعرف الأسباب الحقيقية للانزعاج من حافظ مخلوف وعزله. تحدث معارضون عن سعيه للعب دور سياسي ما في دمشق بتنسيق مع أطراف روسية وقبول قوى غربية، ضمن «محاصصة طائفية» برعاية خارجية تتضمن توسيع صلاحيات رئيس الوزراء السُّني وتقليص صلاحيات الرئيس العلوي.

– لاعبون جدد

في 2015، نقل رامي مخلوف ترخيص «سيريتل» من «بي أو تي» إلى رخصة بالتعاقد مع «الهيئة العامة للاتصالات» الحكومية. ونقل موقع «روسيا اليوم» قبل أيام عن باحثة اقتصادية سورية أن تعديل صيغة العقود المبرمة مع شركتي الهاتف النقال في البلاد «فوّتت على الخزينة أكثر من 338 مليار ليرة (نحو 482 مليون دولار)».

وبين عامي 2015 و2020، ظهرت عوامل جديدة. من جهة، واصل مخلوف دوره الاقتصادي الخلفي ودعمه لـ«جمعية البستان» بتوفير رواتب مساعدات لمصابين في الحرب وأسر عائلات في الجيش والأمن وفقراء في الساحل السوري و«أحزمة الفقر» حول دمشق والمدن الأخرى التي تضم عائلات موظفي مؤسسات الدولة من جيش وأمن وغيرها وتقديم امتيازات مالية لرجال متنفذين، إضافة إلى تمويل تنظيمات عسكرية قاتلت إلى جانب قوات الحكومة. كما واصل دعمه لـ«الحزب السوري القومي الاجتماعي» الذي بات ممثلاً في الحكومة.

في الوقت نفسه، بدأ بروز دور لرجال أعمال جدد خصوصاً من لبّوا الحاجات الجديدة للنظام مع تراجع الدور المرئي لمخلوف. كان بين الصاعدين مجموعة قاطرجي ووسيم قطان وسامر الفوز الذي اشترى حصص فندق «فورسيزونز» من مخلوف وآخرين. وتركزت أعمال هؤلاء في استيراد مواد غذائية ومشتقات نفطية بتسهيلات إيرانية، وصفقات نقل النفط من مناطق سيطرة حلفاء أميركا شرق سوريا ومناطق الحكومة. كما برز دور رجال أعمال شباب، بينهم محيي الدين مهند دباغ ويسار إبراهيم، في عقود لعل أبرزها واحد لتشغيل الهاتف النقال في سوريا مع شركة إيرانية تابعة لـ«الحرس الثوري»، وعقد آخر يتعلق بـ«البطاقة الذكية» التي تضبط مشتريات المواطنين.

عندما تحدث رامي في إطلالته التلفزيونية الثانية عن «الآخرين»، ربما كان يشير إلى هؤلاء. وأمام بروز «أمراء الحرب»، أدرج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مخلوف والفوز وآخرين على قائمة العقوبات. وبعد غياب عن الضوء لسنوات، عاد مخلوف لعقد اجتماعات شركة «شام القابضة» في العام الماضي.

– تفكيك شبكات

في أغسطس (آب) الماضي، اتخذ الرئيس الأسد إجراءات صارمة ضد شبكات مخلوف وشركاته. شمل ذلك، «جمعية البستان» وحل جناحها العسكري، حيث كانت تعطي المقاتل راتباً يصل إلى 350 دولاراً، ما يعني أضعاف راتب الجندي النظامي. وقيل وقتذاك، إن «جمعية البستان» تستطيع الاستمرار في «العمل الخيري»، فيما أعلنت «الجمعية» أنها «كانت وما زالت وستبقى جزءاً من الشعب، في تقديم يد العون لكل محتاج ومريض، رديفةً للجهات الحكومية. فالجمعية نهضت بدعم ورعاية قائد الوطن السيد الرئيس، واشتد عودها فمدّت يد العون للآلاف من الأحبة وساعدتهم في محنهم».

إجراءات التفكيك، شملت الذراع السياسية. تبلغ عناصر في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» تعليمات بفقدان مميزات كانت قد مُنحت لهم في الفترة الأخيرة، بسبب الدور البارز لآل مخلوف المعروف تاريخياً بتأييده أفكار الحزب ما أسهم في تمدده في مفاصل رئيسية وتكوين ميليشيات قاتلت إلى جانب قوات الحكومة، ذلك بعدما كان الحزب شبه محظور في السنوات السابقة، بسبب معارضة «البعث» الحاكم. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصدرت محكمة الاستئناف قراراً بحل «الحزب السوري – جناح الأمانة»، الذي كان قد أسسه رامي في 2011، وخاض انتخابات مجلس الشعب في 2012 بدعم من «جمعية البستان» وحصل على مقاعد في البرلمان.

في نهاية العام الماضي، أمام تراجع سعر الصرف جرى توجيه انتقادات إلى رامي لـ«عدم المساهمة في وقف التدهور» وسط اتهاماته له بتصريف مبالغ طائلة من عائدات «سيريتل» وغيرها في لبنان يومياً. طلب «المصرف المركزي» من رجال الأعمال تقديم دعم لإنقاذ الليرة، لكن المبالغ المحصلة كانت قليلة جداً لم تصل إلى طموح «التوجيه» بجمع نصف مليار دولار. فاستمر انخفاض سعر الصرف وزاد الانهيار بسبب العقوبات والأزمة المالية في لبنان.

عادت حملة مكافحة الفساد وملاحقة رجال أعمال. وتم فتح ملفات ضد رجال أعمال ومسؤولين سابقين وحاليين. وتحدّث الرئيس الأسد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي في نهاية أكتوبر عن مكافحة الفساد في المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص. وقال: «في القطاع الخاص، طلب من كل من هدر أموال الدولة أن يعيد الأموال (…) نريد أموال الدولة أولاً قبل أن نلاحق ونحوّل إلى القضاء». وفي 23 ديسمبر (كانون الأول)، صدرت سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال بينهم مخلوف وزوجته وشركاته. ووجهت لهم تهم التهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال سنوات الحرب. وأصدرت مديرية الجمارك قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال مخلوف. وفي بداية العام، فتحت ملفات تتعلق بالفساد في شركة للنقل الجوي. وفي 17 مارس 2020 أصدرت وزارة المال قراراً بتجميد أمواله بسبب علاقته بشركة مختصة بالنفط.

– «رسائل فاغنر»

هبّت في منتصف أبريل (نيسان) رياح إعلامية قاسية من موسكو، حيث لكل كلمة معنى، على دمشق والرئيس الأسد. تضمنت مقالات واستبيان رأي جاءت من طرف مؤسسات تابعة لـ«مجموعة فاغنر» الذي يملك مقاتلين واستثمارات في سوريا ومعروف قربه من الرئيس فلاديمير بوتين، وجرى «تطعيمها» لاحقاً بمقالات حادة في صحيفة «برافدا» وعلى مواقع فكرية رصينة. الحملة جاءت بعد زيارة خاطفة لوزير الدفاع سيرغي شويغو، تضمنت نقل «رسائل قاسية» من الرئيس بوتين، تتعلق بضرورة التزام دمشق بالاتفاقات العسكرية الموقعة بين بوتين ورجب طيب إردوغان حول إدلب وألا تستجيب دمشق لتشجيع من دول عربية على فتح معركة مع الأتراك وفصائل موالية لهم في شمال غربي سوريا.

كما جاءت الحملة وسط انتقادات روسية لعدم التزام دمشق بالتفاهمات الروسية – الإسرائيلية – الأميركية، ورغبة موسكو بتقييد دور إيران في سوريا وتحديد ملامحه وسط استمرار الغارات الإسرائيلية وانتقال تل أبيب من «مرحلة احتواء إيران إلى إخراجها من سوريا». كما سربت وسائل إعلام روسية معلومات عن صراع اقتصادي في سوريا بين شركات روسية وأخرى تدعمها إيران واعتراض شركات روسية وتنظيمات بعضها تابع لـ«فاغنر»، بسبب عدم توفر عائدات مالية موازية للتدخل العسكري، خصوصاً في قطاعات حصص النفط والغاز والصفقات الاقتصادية.

وفي مقابل تمسك مواقع بحثية روسية وخبراء محسوبين على الخارجية ومؤسسات أخرى، بالحديث عن الأسد بوصفه «الرئيس الشرعي للبلاد وأسهم في الحفاظ على استقرار الدولة»، استمرت مراكز أخرى قريبة من «فاغنر» في توجيه انتقادات إلى الأسد.

– حملة وإطلالة

في منتصف أبريل، اتخذت الحملة على رامي بعداً جديداً. إذ إنه حصل حدث يتعلق بـشركة «ميلك مان» التابعة له، لدى إعلان السلطات المصرية أنها ضبطت شحنة حليب محملة على باخرة سورية متجهة إلى ليبيا وعلى متنها 4 أطنان من الحشيش المخدر. من جهته، أعلن رامي أنها «مؤامرة لتشويه السمعة». وكان لافتاً، عدم حصول تأثير على دور «سيريتل» الإعلاني خلال شهر رمضان وخدماتها التي تصل إلى نحو 11 مليون شخص.

وفي 27 أبريل الماضي، أعلنت «الهيئة الناظمة للاتصالات» مطالبة شركتي الهاتف النقال بدفع مبلغ 233 مليار ليرة سورية (منها 120 من «سيريتل») قبل 5 مايو (أيار) 2020. (334 مليون دولار بينها 178,5 مليون مطلوبة من شركة مخلوف).

في نهاية أبريل، أسس رامي صفحة على «فيسبوك» بهيئة جديدة، برزت فيها لحيته. بدايةً، أصدر بياناً خطياً تمسك فيه بـ«العمل الخيري» في «جمعية البستان» لمساعدة الفقراء. لكن في اليوم الثاني، رمى مفاجأة أخرى بأنه قام بخطوة غير متعارف عليها في دمشق ومن شخصيات نافذة، إذ إنه بث فيديو على صفحته في «فيسبوك»، ناشد فيه الأسد، التدخل لإنقاذ شركة الهاتف النقال.

وفي الفيديو، ومدته 15 دقيقة، قال: «لا نتهرّب من الضريبة ولا نتلاعب على البلد (…) ندفع ضرائبنا وندفع تقاسم العائدات» للحكومة. ورغم اعتباره أن «مطالب الدولة غير محقة» وأن «المبلغ ليس موجوداً تحت البلاطة»، توجّه إلى الأسد، قائلاً: «سألتزم بما وجهت به (…) أحترم أمرك وواجب عليّ أن أنفّذه. أرجوك ومن أجل استمرارية الشركة، ومن أجل استمرارية عملها ومن أجل المشتركين، لئلا تتأثر الخدمة من خلال قصّ المبلغ بطريقة مجحفة، أرجو أن تكون توجيهاتك وتعليماتك لجدولة (السداد) بطريقة مُرضية، بحيث لا تنهار الشركة مع هذا المبلغ». لكنه قال: «تعبت كثيراً من الطاقم الموجود الذي يضعني دائماً في دائرة الاتهام ويعتبرني أنا المخطئ وأنا السيئ».

في 1 مايو، ردت «الهيئة الناظمة للاتصالات» على رامي في بيان أصدرته في الساعة 11:30 ليلاً، قالت فيه إنها ترفض محاولات «التشويش» من رامي ومتمسكة بمطالبته بأن يسدد «مستحقات الدولة»، في وقت قامت أجهزة الأمن في اليوم التالي باعتقالات شخصيات مفتاحية في شركاته.

– «رسائل الحطب»

بعد ساعة من حملة اعتقالات انتقائية صباح الأحد، ظهر مخلوف ثانيةً في فيديو ثانٍ، تضمن خطوات دبلوماسية محسوبة بالشكل والمضمون. وإن كانت لغته الدينية ليست جديدة، فإنه كما في الفيديو الأول، حرص على الظهور كرجل عادي سواء من حيث اللباس أو تموضع الكاميرا والخلفية الخشبية وقطع الحطب. كما حرص على انتقاء كلماته بدقة لجهة مناشدة الرئيس الأسد ووصفه بأنه «صمام الأمان»، لكن مع تحذيرات مبطنة لدى حديثه عن «مرحلة مفصلية» تمر فيها البلاد وعن «آخرين» في البلاد، وأنه يدرك «حجم المخاطرة»، لكن «لن يتنازل» أمام «ظلم» أجهزة الأمن التي «رعاها ودعمها».

قال في الفيديو، ومدته عشر دقائق: «بدأت اليوم الضغوطات بطريقة غير مقبولة (…) وبدأت الأجهزة الأمنية تعتقل الموظفين الذين يعملون لديّ»، متسائلاً: «هل يتوقع أحد أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف، الذي كان أكبر داعم لهذه الأجهزة وأكبر راعٍ لها خلال الحرب؟». وأضاف رامي ويُعتقد أنه في يعفور قرب دمشق: «طُلب مني اليوم أن أبتعد عن الشركات وأن أنفذ تعليمات… وبدأت الضغوطات بسحب الموظفين والمديرين»، مشيراً إلى أنه تلقى تهديدات «إما أن تتنازل وإما أن نسجن كل جماعتك».

«رسائل الحطب» التي بعث بها، تضمنت التحدث باسم «الفقراء» و«الموالين» ضد «الآخرين». رد السلطات، كان بتوسيع دائرة الاعتقالات بما في ذلك مناطق الساحل. مالياً, ردة «هيئة الاتصالات» بالتمسك بسداد المبلغ.

– الحل… مالي أم سياسي؟

منذ ظهور رامي الثنائي، ظهرت سيناريوهات كثيرة في محاولة لتفسير ما حصل واستقرار الممكن. الواضح، هناك مستويان:

الأول، مالي، يتعلق بشركات مخلوف ومستحقات على «سيريتل» والإجراءات المتخذة ضد شبكاته بفعل المتغيرات في التوازنات الاقتصادية في دمشق. بالتالي، فإن حل هذا الملف، سيكون على أساس مالي، إما بتسوية ما وإما أن يسدد المستحقات ويسهم في تقديم كشف دعم كبير من أموال الخارج مع الاستمرار في تفكيك شبكاته. حصل هذا في السنوات السابقة مع رجال أعمال آخرين، وإن كان مخلوف في موقع مختلف تماماً. ويذهب بعض المحللين، إلى اعتبار حادثة رامي «مسرحية متفقاً عليها هدفها ترتيب البيت»… كأن شيئاً لم يكن.

الثاني، سياسي، سواء كان رامي «شُجع من أطراف خارجية» أن «أطرافاً خارجية تستغل رامي» لممارسة ضغوط على الأسد، أو أن رامي نفسه «ركب الموجة الروسية» في وقت تصل إلى دمشق رسائل ضغط من موسكو تخص أموراً مالية واقتصادية أكثر مما هي سياسية، خصوصاً أن والده وشقيقه هما في موسكو، ذات السلطة المركزية الدقيقة. هنا، قارن خبراء بين هذه الحادثة وقصص أخرى في العقود السابقة، صراع رفعت الأسد مع شقيقه الرئيس حافظ الأسد في الثمانينات الذي امتد عسكرياً واقتصادياً من دمشق إلى اللاذقية. وقتذاك، حرص رفعت على استعمال لغة اللباقة الدبلوماسية والأصول العسكرية في تعاطيه العلني مع شقيقه – الرئيس. حُسم الصراع برعاية سوفياتية ودعم أوروبي إقليمي. هناك من قارن «رسائل رامي» بمحاولات أخرى واغتيالات وانشقاقات جرت في السنوات الأخيرة و«انتهت بحسم من النظام لصالح الرئيس».

الرئيس الأسد، اختار إلى الآن التجاهل العلني لظهور رامي وترك الملف في الإطار الحكومي – الأمني – المالي. لم تكن صدفة إطلالته التلفزيونية لدى ترؤسه فريق التعاطي مع «كورونا» وإرساله إشارات غير مباشرة، محذراً من «كارثة حقيقية» تتجاوز إمكانيات سوريا في حال حصول ارتفاع كبير ومفاجئ بإصابات الوباء. وقال: «تسع سنوات من الحرب لا توازي إلا القليل من الأسابيع القليلة الماضية».

لموسكو، هذه المرة أيضاً، كلمة في دمشق. موسكو تغيرت. فالبعد المالي – الاقتصادي بات مهماً أكثر من الآيديولوجيا. ودمشق الراهنة، ليست ذاتها التي كانت في الثمانينات. شخصيات النظام تغيرت كثيراً، لكن بنيته لم تتغير في العمق. ظهرت مراكز تأثير في الأمن والجيش والاقتصاد و«أمراء الحرب»، لكن القرار لا يزال مركزياً.

سوريا أيضاً، ليست ذاتها. إيران موجودة في مناطق الحكومة، إلى جانب روسيا التي تتعرض لضغوط عسكرية وسياسية لتقييد – إخراج إيران. تركيا موجودة ومستقرة في منطقة نفوذها وفي توسع برضا روسي. أميركا، مقيمة في مناطق شرق الفرات حيث تضع مجموعة «فاغنر» عيونها على النفط والغاز والثروات التي فيها.

ربما، أعاد ظهور رامي، طرح الأسئلة وفتح باب البحث عن الإجابات في دمشق والعواصم الخارجية، المنخرطة في سوريا.

«الشرق الأوسط».

—————————-

صراع العروش/ آدم قدرو  

رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد ،أو الرجل المهيمن على اقتصاد البلاد، لكن قبل هذا وذاك علينا أن نتذكّر أنّه ابن محمد مخلوف، وأنّ أبو رامي كان الواجهة الاقتصاديّة الرسميّة واليد اليمنى للأسد الأب. صراع العروش

رجل الأعمال الأبرز والأشهر في سوريا، يشعل الفتيل على مواقع التواصل، بنشر مقطعَي فيديو يتحّدث فيهما عن أزمته وإخلاصه وتفانيه، بكل “إيمان وخشوع”، ليبدأ بعدها السوريون (موالون ومعارضون) بالتحدّث في السر والعلن، ويبدأ المراقبون والمحللون في تفسير ما جاء على لسان رامي مخلوف.

فنرى أنّ معظم من كتب _وهم من أهل الاختصاص_ تناولوا الحدث على أنّه صراع على أموال منهوبة يريدها رأس النظام من شركات، واستثمارات يديرها رامي مخلوف، وأنّ الأخير لا يريد دفع المبالغ الباهظة التي كلّف بها. صراع العروش

وراح البعض الآخر يفسّر خطاب مخلوف على أنّه موجّه للعلويين من أجل حثّهم للاصطفاف معه ضدّ الأسد، وأنّ الخلاف ضمن الطائفة، قاب قوسين أو أدنى، بين أنصار الأسد وابن عمته الذي كان يدير جمعيّة البستان الخيرية أو أنّه صراع عائلي يشبّه الصراع الذي دار بين حافظ ورفعت الأسد في ثمانينيات القرن الماضي (عندما أخذ رفعت ما أخذ من مال وذهب ليبتعد عن السلطة)، وهنا وجب القول أنَ هذا النظام عائلة وليس عائلي أو طائفة وليس طائفي.

بعيداً عن الرغبوية والشعبوية التي يصرّ البعض على فرضها واعتبارها منهجاً تحليلياً وحقيقةً جليّةً، نجد أنّ لا شيء يقضّ مضاجع الديكتاتورية إلا السلطة ولا يمكن تفسير الخلاف على أنّه اقتصادي ومافيوي فقط، بل هو في جوهره صراع سياسي بحت يتمظهر بالصورة التي نراه عليها اليوم.

الخوف على السلطة، ليس من الحزب السوري القومي الاجتماعي التابع لمخلوف، والذي يملك أسلحة خفيفة لا يمكنه بواسطتها مواجهة أي ميليشيا مقاتلة في سوريا ولا من الشعبيّة التي يتمتّع بها مخلوف جرّاء الأعمال الإنسانيّة التي يقدمها للفقراء في جمعية البستان، الخوف على السلطة ليس من رامي أساساً الذي يدرك موازين القوى والدور الذي يجب عليه أن يلعبه. صراع العروش

حافظ مخلوف، والمقيم منذ أعوام بين مينسك عاصمة روسيا البيضاء وموسكو، رجل يتمتّع بنفوذ هائل داخل النظام ويدين له بالولاء العديد من القادة الأمنيين والعسكريين، بالإضافة لكونه يختلف عن رامي وإيهاب مخلوف، وينتمي للمدرسة التي تخرَج منها باسل الأسد، هو وعائلته لديهم علاقات اقتصادية متينة وقوية مع رجالات موسكو، وكل هذا يدركه بدقة رئيس النظام، ويرى أنّ حافظ مخلوف قد يكون البديل الأمثل المناسب للطرف الروسي، خاصة أنّ النظام يعرقل أي حلّ سياسي، وأفشل عمل اللجنة الدستوريّة عن طريق وفده في جنيف، الذي أسماه وفد مدعوم من قبل الحكومة، للانسحاب من أي اتفاق قد لا يرضيه، أحرج روسيا التي أكّدت بكل المحافل الدولية على ضرورة التوصّل لحلّ سياسي ينهي الأزمة السوريّة، مما يعني تأجيل عمليّة إعادة الإعمار، وبالتالي تأجيل دفع الديون المترتبة على دمشق لصالح موسكو.

والتفاهمات الروسية_التركية، والتي كانت لا كما يريد النظام الذي حلم باستمرار الدعم الروسي حتّى يتم استعادة محافظة إدلب. لذلك رأينا هذا النظام يلعب على تناقضات داعمَيه (روسيا وإيران)، اللذين يختلفان برؤيتهما للحلّ في سوريا.

بدأ الاستياء الروسي يظهر، من خلال إعلامه الذي تحدّث عن فساد النظام السوري، وعدم إمكانيته السيطرة على البلاد، وخطأ استمراره في اختيار الحل العسكري والأمني لحلّ الأزمة في البلاد.

بعيداً عن الإعلام الروسي، ظهرت تصريحات من مصادر رسمية روسية، أهمها ما جاء على لسان السيد ألكسندر شوفيلين، مدير مركز أوروبا والشرق الأوسط، حيث قال: “على الكرملين التخلّص من الصداع الروسي وأنّ المشكلة تتعلّق بشخص واحد هو الأسد وحاشيته”.

وكان قد كتب السيد ألكسندر سينيوك، مستشار المجلس الروسي للشؤون الدوليّة: “إنّ دمشق لا تبدو مهتمة بنهج يتمتّع بالمرونة وبُعد النظر، وهي مستمرّة في الاعتماد على الحلّ العسكري”.

يبدو أنّ الضغط الأوروبي والأمريكي على روسيا والعقوبات المترتبة عليها، والأزمة التي تعاني منها بسبب كورونا، أسباب اجتمعت لتكون روسيا أكثر جديّة في الضغط على النظام لإنجاح التسوية والوصول لحلّ سياسي عبر القرار 2254 قبل حلول انتخابات الرئاسة في العام القادم. صراع العروش

أخيراً، نعود للخطاب الذي بدأنا منه، والذي أكّد فيه “رامي مخلوف” أنّ الوضع في سوريا يتّجه للأسوأ، وهو محقّ في أنّه يملك من الحطب ما يكفي لإضرام النار ولزعزعة اقتصاد البلاد المتهالك، وقد يستقطب رجال أعمال وتجار وأصحاب رؤوس الأموال، ويشكّل كتلة اقتصاديّة في وجه نظام يفرض عليهم “الأتاوة” و”الخوّة”.

رامي مخلوف عابر للطوائف، رأسمالي يخاطب رأس المال، لا يخاطب الفقراء والمساكين والعلويين والسنة كما يصرّ البعض.

———————————

=======================

===================

تحديث 11 أيار 2020

—————————-

خلاف الأسد – مخلوف: أسبابه، وتداعياته، واحتمالات تطوره

هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة القضايا الراهنة في المنطقة العربية وتحليلها. تقوم الوحدة بإصدار منشورات تلتزم معايير علميةً رصينةً ضمن ثلاث سلسلات هي؛ تقدير موقف، وتحليل سياسات، وتقييم حالة. تهدف الوحدة إلى إنجاز تحليلات تلبي حاجة القراء من أكاديميين، وصنّاع قرار، ومن الجمهور العامّ في البلاد العربية وغيرها. يساهم في رفد الإنتاج العلمي لهذه الوحدة باحثون متخصصون من داخل المركز العربي وخارجه، وفقًا للقضية المطروحة للنقاش..

مقدمة

أثار الظهور العلني لرامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال الرئيس السوري، عدة تساؤلات. فقد خاطب الرئيس السوري في تسجيلَين علنيَّين على مواقع التواصل الاجتماعي، اتهم في أحدهما أجهزة أمنيَّة داخل النظام باستهداف مؤسساته وأعماله، فضلًا عن مطالبته من جهة وزارة المالية بدفع نحو 234 مليار ليرة سورية (180 مليون دولار أميركي تقريبًا) من استحقاقات ضريبية متراكمة. أخرجت خطوات مخلوف هذه الخلافَ، الذي ظل مكبوتًا على امتداد عدة شهور داخل الحلقة الضيقة للنظام السوري، إلى العلن. وكان آخر ظهور إعلامي مهم لمخلوف قد تمَّ قبل تسعة أعوام، وذلك عندما أجرى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، في بداية الحراك الاحتجاجي، حذر خلالها من تداعيات سقوط النظام السوري، خصوصًا على أمن إسرائيل، ثم أعلن بعد ذلك عن تفرغه للأعمال الخيرية. وما بين إطلالتَي 2011 و2020، تغيَّر وضع مخلوف كثيرًا داخل النخبة الحاكمة، كما تغيرت السياقات السياسية والاقتصادية التي رافقت ذلك. تستعرض هذه الورقة الأدوار التي قام بها مخلوف منذ بداية الحركة الاحتجاجية في دعم النظام وتمويل آلته الأمنيَّة والعسكرية، وتحلل السياق والأسباب التي أدت إلى تآكل نفوذه، وصولًا إلى اختبار فرضيتَي التصعيد أو التسوية بينه وبين النظام الذي كان يُعد، يومًا ما، من أركانه.

أولًا: نشاط مخلوف خلال الأزمة

يُعتبر رامي مخلوف رمزًا لفئة “الذئاب الشابّة” التي صعدت داخل النظام مستفيدةً من اللبرلة الاقتصادية في مرحلة بشار الأسد، وتُعد شركاته نموذجًا لطريقة إدارة الاقتصاد السوري والخصخصة على نمط رأسمالية المحاسيب والأقارب، بحيث تبقى الموارد الاقتصادية ضمن مصادر النظام الاقتصادية – السياسية – الأمنيَّة، مع إثراء المقربين. فقد ضَمن هذا النمط ألّا تُضعف اللبرلة الاقتصادية النظام الاستبدادي، بل أن تعززه عبر التداخل بين الولاء السياسي والعطاءات، والتناسب الطردي بين القرب من دوائر الحاكم وهامش حركة رأس المال في السوق، وكذلك عبر تداخل الدوائر المحيطة بالرئيس (1. الأسرة، والأقارب، والطائفة، 2. قادة الأجهزة الأمنيَّة، 3. كبار رجال الأعمال). وقد كان الحزب، من قبلُ، يعتبر ضمن هذه الدوائر، لكنه هُمِّش في مرحلة بشار الأسد[1].

تردد اسم رامي مخلوف منذ اليوم الأول في هتافات الحراك الاحتجاجي، وكانت مقرات شركاته أهدافًا لغضب المحتجين الذين اتهموه بالفساد واستغلال النفوذ. وردًّا على ذلك، أجرى مخلوف مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، في أيار/ مايو 2011، ضَمَّنها رسائل مباشرة للخارج، وأكد فيها أن النظام سيقاتل حتى النهاية، كما حذَّر من تداعيات الفوضى في سورية على أمن إسرائيل واستقرارها[2].

ظهر مخلوف إعلاميًّا مرةً أخرى، في حزيران/ يونيو 2011، مُعلنًا تفرغه لـ “العمل الخيري”، معللًا خطوته هذه بعدم رغبته في أن يكون عبئًا على سورية ولا على شعبها أو رئيسها، على حد تعبيره، لكن خطوته هذه لم تنجح في تجنيبه هو وشركاته سلسلة من العقوبات الأميركية والأوروبية، أضيفت إلى تلك التي يخضع لها منذ شباط/ فبراير 2008[3].

كان إعلان مخلوف التفرغ لـ “العمل الخيري” عبر “جمعية البستان”[4]، بمنزلة غطاء للتمويه على نشاطه الجديد ضمن تحالف مركَّب يتكون من مراكز قوًى عسكرية وأمنية طائفية للدفاع عن النظام. وبناءً عليه، تولّت جمعية البستان، بدايةً من عام 2012[5]، تشكيل ميليشيات تابعة لها بمسميات متعددة منها قوات الكميت، وقوات المهام الخاصة، وفوج مغاوير حمص، وأسود البستان، وقوات الدفاع الشعبي، وكتائب الجبلاوي. وقد انحدر أكثر عناصر هذه المليشيات من محافظتَي اللاذقية وطرطوس. واقتسمت جمعية البستان مسؤولية هذه المجموعات بالتعاون مع المخابرات الجوية والفرقة الرابعة؛ إذ تولَّت جمعية البستان عملية التجنيد ودفع الرواتب للمقاتلين ورعاية أسرهم، في حين كانت المخابرات الجوية مسؤولة عن التدريب والتسليح اللذين تولاهما أحيانًا حزب الله، لينحصر دور الفرقة الرابعة في تنسيق هذا التحالف وقيادته ميدانيًّا.

قامت جمعية البستان، أيضًا، بتمويل مجموعات قتالية تتبع للأجهزة الأمنيَّة؛ إذ تعهدت منذ عام 2013 بتمويل قوات النمر التابعة للمخابرات الجوية برئاسة العقيد سهيل الحسن. وموَّلت مجموعات قتالية أخرى تتولاها شخصيات قريبة من آل الأسد، مثل “كتيبة الغيدق اقتحام” التي كان يتزعمها الغيدق ديب؛ ابن اللواء مروان ديب وبهيجة الأسد، شقيقة الرئيس الراحل حافظ الأسد.

كما تولَّت جمعية البستان رعاية الحاضنة الموالية للنظام ودعمها لامتصاص نقمتها والحفاظ على دعمها، وذلك بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها دفاعًا عن النظام. وبدايةً من عام 2013، افتتحت الجمعية شبكة من المراكز والمقرات الموجهة لرعاية الموالين للنظام والمؤيدين له في عدد من المحافظات (دمشق وريفها وطرطوس وحمص وحلب والقنيطرة ودرعا والسويداء مثلًا)، وعلى الرغم من هذا الانتشار الجغرافي، تركزت خدمات الجمعية على الحاضنة الموالية للنظام، ولا سيما في أرياف اللاذقية وطرطوس وفي بقية المحافظات، على المناطق التي ينتمي إليها منتسبو مجموعات البستان القتالية، كما هو الحال في صلخد بالسويداء.

رغم الأضرار التي ألحقتها العقوبات الأميركية والأوروبية بنشاطاته وأعماله، فإن اقتصاد الحرب أتاح لمخلوف فرصةً لتنمية أعماله، واستثمار العائدات من أجل توسيع نشاطه في الاقتصاد الرسمي، فقد نشط في تجارة نقل النفط من المنطقة الشرقية إلى مصفاة حمص؛ عبر وسطاء متعددين أبرزهم آل القاطرجي (الأخوة حسام وبراء ومحمد)، بحماية مجموعات البستان القتالية والفرقة الرابعة وصقور الصحراء، كما استأثر مخلوف بعدة عقود حصرية لتوريد النفط للنظام السوري عبر شركات “أوف شور” مقرها في الخارج للالتفاف على العقوبات المفروضة عليه وعلى النظام، ومثال ذلك شركة آبار بتروليوم سيرفيسز ش. م. م. المسجلة في لبنان[6].

استثمر مخلوف جزءًا من العائدات التي حصل عليها من اقتصاد الحرب لتوسيع أعماله الاقتصادية والتجارية في سورية، مؤسسًا ما يزيد على ثماني شركات خلال الفترة 2011-2020، بعضها يملكها كلّها (مثل “مؤسسة نور للتمويل الصغير”[7])، وبعضها الآخر يشاركه فيها آخرون (مثل “شركة روافد دمشق” المساهمة المغفلة الخاصة التي تستثمر حصة مهمة في مشروع ماروتا سيتي[8]).

ثانيًا: تغير التوازنات وانفراط التحالف

بدأ تحالف مخلوف مع مراكز القوى العسكرية والأمنيَّة داخل النظام يتعرض للضغوط مع بلوغِ التدخل العسكري الروسي في سورية ذروته عام 2016، وتغيرِ التوازنات داخل القصر الجمهوري عقب وفاة والدة الرئيس بشار الأسد، أنيسة مخلوف، وهي عمة رامي، ومرضِ محمد مخلوف، “عراب العائلة”، بحسب ما يوصَف به، وتنامي نفوذ شخصيات من العائلة الحاكمة ليست على وفاق مع آل مخلوف، وصولًا إلى قرار بشار الأسد المتمثل بتهميش آل مخلوف وإضعافهم وإخراجهم كليًّا من الواجهة، مع بلوغ العمليات العسكرية نهايتها على الأرض صيف عام 2019، ومساعي بشار إعادة تركيز مصادر القوة، ومن ضمنها الموارد المالية، داخل النظام بين يديه.

1. التدخل الروسي

كان للتدخل الروسي العسكري أثرٌ حاسم في تثبيت النظام السوري وتمكينه من زيادة رقعة سيطرته الجغرافية من نحو 22 في المئة في عام 2015 إلى ما يقارب 63 في المئة في بداية عام 2020، كما كان لهذا التدخل أثره في تفكيك تحالف مخلوف مع المخابرات الجوية والفرقة الرابعة. وكانت قيادة العمليات الروسية في سورية (قاعدة حميميم) قد قامت بالاستثمار في قوات النمر وجعلت منها يدها المحلية الضاربة داخل مراكز قوى النظام، وصولًا إلى تنظيمها في صيف 2019 وتحويلها إلى “الفرقة 25 مهام خاصة”، بقيادة العميد سهيل الحسن. أما الفرقة الرابعة فقد منحها التدخل العسكري الروسي فرصةً لالتقاط أنفاسها، وإعادة ترتيب صفوفها. كما أخذت في التركيز أكثر فأكثر على أنشطة اقتصاد الحرب[9]. وقد ساهم هذا الأمر في تأجيج التنافس بين حلفاء الأمس؛ إذ زاحمت الفرقة الرابعة ميليشيات جمعية البستان القتالية في ممارسة مهمات الترفيق والترسيم[10]، وصولًا إلى إقصائها عن العمل في هذا المجال بقرارات رسمية[11]، كما أدى الاهتمام الروسي المتنامي بقوات النمر إلى تسرُّب عناصر ميليشيات جمعية البستان للعمل مع سهيل الحسن، طلبًا للحماية، وسعيًا وراء الامتيازات المادية، لينعكس ما سبق سلبيًّا على الحضور الميداني لميليشيات البستان القتالية.

2. تغير التوازنات داخل النظام

شهدت التوازنات داخل مراكز التأثير في النظام تغيرات مهمة منذ بدء الحراك الاحتجاجي، فقد خرج آل طلاس من سورية، وتمَّت تصفية زوج أخت الرئيس، والرجل القوي في المؤسسة الأمنيَّة – العسكرية، اللواء آصف شوكت في تفجير خلية الأزمة[12]، ولم يكن لهذه التغيرات أثرٌ ملحوظ على نفوذ آل مخلوف في القصر الجمهوري، لكنّ الحال تبدل بوضوح مع وفاة والدة الرئيس، أنيسة مخلوف، في شباط/ فبراير 2016، ومرض شقيقها محمد مخلوف، وهكذا فقدت العائلة أبرز داعميها داخل القصر الجمهوري. وزادت مشكلات مخلوف مع تنامي نفوذ منافسيه داخل القصر الجمهوري، أي زوجة الرئيس أسماء وشقيقه اللواء ماهر. وقد بدا واضحًا، خلال الفترة الأخيرة، تنامي دور أسماء الأسد داخل القصر الجمهوري، ومساعيها لإعادة توزيع الثروة داخل العائلة الحاكمة[13]، وقد ألمح إلى ذلك رامي مخلوف في إطلالاته الثانية على مواقع التواصل الاجتماعي، في إطار اتهام بعض المحيطين بالرئيس بمسؤولية التحريض ضده.

انعكست التغيرات داخل القصر، أيضًا، على تنامي نفوذ اللواء ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة، ومزاحمته لمخلوف في أنشطة اقتصاد الحرب، وكذلك في الأعمال التجارية التي يتولاها، الأمر الذي بدا جليًّا مع إقصاء ميليشيات مخلوف عن قطاع الترفيق والترسيم في البداية لمصلحة شركة القلعة الأمنيَّة التي يملكها رجل الأعمال المعتمد من مكتب أمن الفرقة الرابعة خضر طاهر[14] الذي دخل قطاع الاتصالات عبر التأسيس لشركة إيماتيل، إلى جانب استخدامه من قبل ماهر الأسد للهيمنة على بعض الاستثمارات التي تعود إلى آل مخلوف[15].

3. تركيز مصادر القوة

كان قرار بشار الأسد العامل الحاسم في إضعاف نفوذ رامي مخلوف وصولًا إلى إنهائه. وقد جاء قرار الأسد في سياق مساعيه لتفكيك مراكز القوى التي تعزز دورها خلال الأزمة، ولا سيما ما كان منها على مستوى الطائفة، وإعادة تركيز مصادر القوة سياسيًّا وماليًّا وأمنيًّا في القصر الجمهوري وتحت إشرافه. وقد انعكس هذا التوجه بحملة الضغوط التي بدأت على رامي مخلوف منذ صيف 2019، والتي هدفت إلى تفكيك شبكاته “الخيرية” والأمنيَّة والاستحواذ على شركاته وأمواله. ظهرت أولى بوادر هذه الحملة عبر إخضاع جمعية البستان لإشراف القصر الجمهوري، من خلال تعيين معن إبراهيم المشرف العام على ضريح حافظ الأسد رئيسًا للجمعية بدلًا من سامر درويش، إضافةً إلى تفكيك مجموعات البستان القتالية وإلحاقها بالأجهزة العسكرية والأمنيَّة للنظام. وعلى سبيل المثال، تمَّ إلحاق قوات الكميت التابعة لجمعية البستان التي يقودها فراس عيسى بقوات الغيث/ الفرقة الرابعة. وصدر قرار قضائي، في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، يتعلق بحل الحزب السوري القومي الاجتماعي – الأمانة العامة، المحسوب على رامي مخلوف[16]. وأخيرًا، صدرت سلسلة أوامر الحجز الاحتياطي في حق مخلوف، بضوءٍ أخضر من الرئيس نفسه.

ثالثًا: الأزمة الاقتصادية

لا شك في أن تأزم العلاقات هو من مظاهر شُحِّ الموارد مع توقف اقتصاد الحرب من دون العودة إلى اقتصاد السلم؛ وذلك بسبب العقوبات، والتحفظات الدولية الكثيرة على إعادة الإعمار، وغيرها من الطرق التي ظنت روسيا أنها يمكن أن تقود إلى إنعاش الاقتصاد من جديد.

ومع انتهاء العمليات العسكرية على الأرض، والخروج من اقتصاد الحرب، بدأ ينكشف الوضع الاقتصادي الهش للنظام. وقد انعكس ذلك بوضوح مع انخفاض الإيرادات العامة، وتدهور سعر صرف الليرة السورية وتراجع الإنفاق العام، وزادت متاعب النظام الاقتصادية بسبب مطالبة حلفائه بتسديد المستحقات المترتبة عليه. وقد دفع ذلك النظامَ إلى الضغط على رجال الأعمال، خاصة الذين أثرَوا خلال الحرب، وأجبرهم على دفع مبالغ نقدية لتمويل استحقاقاته الداخلية والخارجية. وفي بداية الأمر، تجاوب مخلوف مع هذا التوجه، لكنه بدأ يتذمر حينما أدرك أن الأمر يتعدى دعم النظام إلى رغبة النظام نفسِه في السيطرة على أصوله المالية وشركاته.

تعرض الاقتصاد السوري خلال الأزمة إلى انهيار كامل تقريبًا، وتُقدر بعض المصادر الخسائر التراكمية منذ عام 2011 إلى عام 2019 بنحو 428 مليار دولار، أي نحو ستة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السوري في عام 2010، كما تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 65 في المئة عمَّا كان عليه قبل الأزمة[17]. ويمكن الوقوف على مظاهر الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعانيها النظام من خلال ثلاثة مؤشرات رئيسة.

أول هذه المؤشرات تدني الإيرادات العامة التي انخفضت من أكثر من 17 مليار دولار في عام 2011 إلى نحو 9 مليارات دولار في عام 2019، بحسب بيان موازنتَي عامَي 2011-2019، ويمكن تفسير هذا الانخفاض بعدة عوامل أبرزها: 1. تضرر القطاعات المُدِرَّة للقطع الأجنبي (مثل السياحة والنفط)، 2. تقييد حركة الصادرات بفعل العقوبات الغربية والأميركية، وتضرر القطاعات الإنتاجية (مثل الصناعة والزراعة)، 3. تدني إيرادات الضرائب من مستوًى يعادل 7 مليارات دولار في عام 2011 إلى أقل من 942 مليون دولار في عام 2018[18].

أما ثاني المؤشرات فهو يتعلق بانهيار سعر صرف الليرة السورية؛ إذ زاد الانهيار الاقتصادي وأزمة المصارف اللبنانية، مضافًا إليها سياسة البنك المركزي في تجنُّب التدخل المباشر لدعم الليرة، وارتفاع تكلفة الاستيراد، وخصوصًا المشتقات النفطية التي تقدر بنحو 200 مليون دولار شهريًّا، الضغوطَ على الليرة السورية التي انخفض سعر صرفها من 46 ليرة سورية مقابل دولارٍ أميركي واحد في عام 2010، إلى ما يزيد على 1300 ليرة سورية في السوق السوداء في ربيع عام 2020، الأمر الذي انعكس سلبيًّا على القدرة الشرائية للسكان وعلى أسعار السلع. وقد أشارت صحيفة قاسيون المحلية إلى ارتفاع تكاليف المعيشة لعائلة مكونة من خمسة أشخاص بنسبة 13 في المئة منذ بداية عام 2020، لتصبح 430 ألف ليرة سورية شهريًّا خلال ربيع 2020 (ما يعادل 320 دولارًا) بعد أن كانت في حدود 380 ألف ليرة سورية في كانون الثاني 2020[19].

يتصل المؤشر الثالث بانخفاض الإنفاق العام وتراجع الدعم الاجتماعي الحكومي؛ إذ تشير الأرقام المستقاة من تحليل بيانات الموازنة العامة في سورية في الفترة 2010-2020 إلى انخفاض حادٍّ في قيمة الموازنة بالدولار، من 16.5 مليار دولار في عام 2011، إلى 9.2 مليارات دولار في عام 2020، باحتساب سعر صرف البنك المركزي.

انعكس تراجع الإنفاق العام على سياسات الدعم الاجتماعي الحكومي، وذلك بحسب ما تظهره المقارنة بين موازنات 2018-2019-2020، حيث تم تخفيض الكتلة النقدية المخصصة لدعم المشتقات النفطية، وهو ما يُعد مؤشرًا على تحرير النظام لأسعار هذه السلع. يُلاحَظ كذلك انخفاض دعم الدقيق في موازنة عام 2020 مقارنةً بما كان عليه في موازنة 2019، في ظل صعوبات تعترض قدرة النظام على تأمين احتياجات الدقيق التمويني، واضطراره إلى ترشيد استهلاك العائلة السورية من مادة الخبز عبر آلية البطاقة الذكية. وفي المقابل، لا يُلاحَظ تغيرٌ فيما يتعلق بدعم قطاع الكهرباء الذي زاد على 1.6 مليار دولار، من دون أن يطرأ تحسن ملحوظ على واقع التغذية الكهربائية. إلى جانب ما سبق، لا يُلاحَظ كذلك تغيرٌ كبير في حجم الدعم المخصص للإنتاج الزراعي والصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية اللذين يعتبران ضئيلَين، ذلك أنّ قيمتهما مجتمعَين لا تتجاوز حاجز 50 مليون دولار.

لقد زاد وضع النظام سوءًا مطالبات حلفائه بضرورة دفع ما يترتب على الخدمات التي قدموها للنظام خلال الأزمة. فعلى سبيل المثال، توقف الخط الائتماني الإيراني في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، الأمر الذي أحدث اختناقات في توفير المشتقات النفطية في مناطق سيطرة النظام، ليعود الخط الائتماني الإيراني في أيلول/ سبتمبر 2019 بحسب تصريحات حكومية[21]، من دون الكشف عن أسباب الانقطاع والاستئناف، الأمر الذي يمكن تفسيره بالتفاهم على آليات جديدة ناظمة لدفع الأموال المستحقة على النظام.

لجأ النظام تحت ضغط الحاجة إلى السيولة المالية، في مواجهة استحقاقاته الاقتصادية ومطالب حلفائه، إلى انتزاع أموالٍ من رجال الأعمال تحت مسمى “مكافحة الفساد”[22]، وجاء قرار الحجز الاحتياطي المتعلق بأموال رامي مخلوف وشركائه ضمن هذا السياق. استجاب مخلوف في البداية لهذا الأمر، وعقد تسوية مالية مع مديرية الجمارك فيما يتعلق بقضية شركة آبار بتروليوم[23]، لكنه احتج في وقت لاحق على قرار الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد القاضي بضرورة تسديد كل من شركتَي Syriatel وMTN مبلغًا مقداره نحو 234 مليار ليرة سورية لخزينة الدولة[24]، ولعل احتجاجه يُعدّ إقرارًا منه بأن القضية تتجاوز حاجة النظام إلى سيولة نقدية لتمويل استحقاقاته إلى قرار اتُّخذ متعلق بتحجيمه وانتزاع أمواله المنقولة وغير المنقولة، ولا سيما ما كان منها خارج سورية. وما عزز لديه هذه القراءة استمرار قرار الحجز الاحتياطي رغم إجرائه تسوية مالية مع مديرية الجمارك في وقت سابق، وهو الأمر الذي قد يبدو أنه دفعه إلى نقل الخلاف للعلَن، عبر إطلاق تسجيلَين على مواقع التواصل الاجتماعي.

رابعًا: احتمالات التسوية والتصعيد

يتجه الموقف العام بين عائلتَي الأسد ومخلوف إلى أحد السيناريوهين التاليين: إمّا التوصل إلى تسوية من نوع ما وإمّا التصعيد، ولئن كانت للنظام تجارب سابقة في التخلص من منافسيه فإنّ خيار التسوية يبدو هو الخيار الأرجح، خاصةً في ضوء موازين القوى التي تميل كليًّا إلى مصلحة النظام.

وفضلًا عن أنّ النظام يمتلك سجلًّا حافلًا بالتخلص من منافسيه والمتمردين عليه، كما حصل مع وزير الداخلية الأسبق غازي كنعان في عام 2005، فإن الأسد يتحكم بكل مفاصل السلطة ومؤسساتها، ويستخدمها ضد منافسيه، على غرار ما ظهر في قرارات الحجز الاحتياطي التي أصدرتها وزارة المالية ومديرية الجمارك العامة في حق رجال الأعمال، ومنهم رامي مخلوف. يُضاف إلى ذلك أنّ الأسد قد قام بإجراء تعيينات جديدة في المؤسستين الأمنيَّة والعسكرية خلال الفترة السابقة؛ بهدف ضمان ولائهما[25]، واحتواء أي مراكز قوًى ناشئة موالية لروسيا أو إيران. وإلى جانب ما سبق، نجح الأسد في تفكيك الجزء الأكبر من شبكات مخلوف والسيطرة عليها. وفي المقابل، خسر مخلوف جزءًا كبيرًا من نفوذه داخل سورية من جرَّاء الإجراءات التي اتخذت ضده خلال الفترة السابقة، ولكن يبقى لمخلوف أوراق قوة تعزز موقفه التفاوضي تجاه الأسد؛ إذ يتمتع آل مخلوف بنفوذ داخل الطائفة العلوية، بالنظر إلى المساعدات المالية الكبيرة التي قدمها لها خلال الأزمة، وما زال يقدمها، وبالنظر إلى المخاطر التي يمكن أن يتكبدها الكثيرون في حال الاستحواذ على أصوله المالية. كما يُعد مخلوف أحد خازني أسرار العائلة الحاكمة، وقد نجح إلى حد ما في وضع الأسد تحت الضغط، عبر نقل الخلاف المستتر إلى العلَن. إضافةً إلى ذلك، طالب مخلوف الأسدَ بصرف الأموال المطلوبة منه على “الفقراء”، في محاولة منه للإشارة إلى أن غاية النظام من مصادرة أمواله هي تحويلها إلى حسابات العائلة، كما حمَّل مخلوف النظام المسؤولية في حال تعرُّض حياته للخطر. الأهم من كل ذلك أن جزءًا كبيرًا من الأموال، المنقولة وغير المنقولة، ولا سيما الأموال الموجودة في الخارج، هي باسم مخلوف، وهو وحده من يمتلك سلطة تحريكها.

وفي وقت لا تزال فيه الأجواء مشحونة بين الطرفين، وعلى الرغم من أن صاحب القرار داخل النظام السوري هو منصب الرئيس، حتى في حالة ضعف النظام وتبعيته وفقدانه للقرار السيادي الخارجي، فإن خيار التسوية يبقى الأرجح، على الأقلّ في هذه المرحلة؛ إذ قد يتخوف النظام من تضرر صورته لدى الطائفة العلوية التي دفعت الجزء الأكبر من تكلفة الدفاع عنه. وربما يخشى النظام من انعكاسات الخلاف المعلن مع مخلوف على الوضع الاقتصادي، فضلًا عن حاجته الماسة إلى السيولة المالية لمواجهة استحقاقاته الاقتصادية التي يتوقع أن تتصاعد مع دخول “قانون قيصر” حيز التنفيذ في الفترة المقبلة. علاوةً على ذلك، أبدى مخلوف، إدراكًا منه لضعف موقفه، استعداده للتسوية، عارضًا ملامح أولية لشكلها في التسجيلين اللذين نشرهما. وثمة تقارير تتحدث عن وساطات لإنجاز تسوية، من نوع ما، تسمح بإضعاف مخلوف من دون أن تؤدي بالضرورة إلى القضاء عليه. ولكنّ التجربة تثبت أنّ النظام السوري لا يسامح حتى في حالة التسوية المؤقتة، وأنه سيحفظ في ذاكرته محاولةَ مخاطبة الرأي العام من فوق رأسه، أو مخاطبة الرئيس علنًا.

[1] ينظر: عزمي بشارة، سورية: درب الآلام نحو الحرية،محاولة في التاريخ الراهن (الدوحة/ بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013)، ص 55، 305-313.

[2] “رامي مخلوف ابن خال الأسد : ’لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا‘”، France 24، 11/5/2011، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/3bktpxL

[3] “رامي مخلوف.. المال والسياسة بسوريا”، الجزيرة، 4/10/2011، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/3bkcvzi

[4] سميت الجمعية بهذا الاسم نسبة إلى قرية بستان الباشا التي ينحدر منها آل مخلوف.

[5] خضر خضّور، “القوة في الضعف: قدرة الجيش السوري العرَضية على الصمود”، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 14/4/2016، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2WcACeB

[6] يمتلك رامي مخلوف هذه الشركة بالشراكة مع علي محمد حمزة، ومحمد خير العمريط، وباهر السعدي، للمزيد ينظر: “للمرة الثانية خلال 4 أشهر الحجز على أموال رامي مخلوف”، سناك سوري، 20/4/2020، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2WDAofO

[7] “مؤسسة نور للتمويل الصغير”، الاقتصادي، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2SLANLM

[8] “شركة روافد دمشق”، موقع شركة دمشق الشام القابضة، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2zipXGo

[9] أيمن الدسوقي، “شبكة اقتصاد الفرقة الرابعة خلال الصراع السوري”، مسارات الشرق الأوسط، مركز روبرت شومان للدراسات العليا بالجامعة الأوروبية، فلورنسا، 13/1/2020، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2WfgcSw

[10] الترفيق: تولي مجموعة عسكرية رسمية وشبه رسمية مرافقة وحماية شاحنات النقل التجاري عند عبورها من منطقة إلى أخرى، وذلك مقابل تقاضي أموال من مالكي هذه الشاحنات. أما الترسيم فهو تقاضي القائمين على المعابر الداخلية، وهم من المجموعات العسكرية الرسمية وشبه الرسمية، رسومًا مالية على عبور البضائع والأفراد من منطقة إلى أخرى.

[11] أحمد إبراهيم، “النّظام السّوري ينافس الفصائل في جباية الأموال على حواجز الطرق”، صدى الشام، 24/4/2018، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/3fvcETw

[12] Kirill Semenov, “Who Controls Syria? The Al-Assad family, the Inner Circle, and the Tycoons,” Modern Diplomacy, 14/2/2018, accessed on 10/5/2020, at: https://bit.ly/34XIp28

[13] “فراس طلاس يكشف ملفات إمبراطورية مخلوف المالية! قصارى القول”، روسيا اليوم، 6/5/2020، شوهد في 6/5/2020، في: https://bit.ly/35LV2yy

[14] الدسوقي.

[15] داهمت قوات من الشرطة مقر أحد الشركات التابعة لإيهاب مخلوف، بحجة وجود دولارات، وعلى الرغم من عدم العثور على دولارات في الشركة فقد تقرر إغلاق مقرها، وطُلب من شريك إيهاب مخلوف المقيم في الخارج إلغاء الشراكة مع إيهاب، وإعادة تنظيمها مع خضر طاهر، في حال أراد أن تستمر شركته. حوار أجري مع مصدر مقيم في بيروت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، 6/5/2020.

[16] “سوريا تحل حزبًا يدعمه رامي مخلوف!”، قناة الجديد، 13/10/2019، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2SMM3Ia

[17] Zaki Mehchy, “The Syrian Pound Signals Economic Deterioration,” Chatham House, 26/9/2019, accessed on 10/5/2020, at: https://bit.ly/2AbZB9A

[18] جوزيف ضاهر، “الأسباب العميقة لتدهور الليرة السورية”، مسارات الشرق الأوسط، مركز روبرت شومان للدراسات العليا بالجامعة الأوروبية، فلورنسا، 31/1/2020، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/39U2sAC

[19] “دراسة: تكاليف معيشة الأسرة في سوريا 430 ألف ليرة شهريًا”، سناك سوري، 7/4/2020، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2SONhCC

[20] الأرقام الواردة في الجدول بحسب ما أوردته صحيفة الحلّ، ينظر: حسام صالح، “موازنة سوريا 2019.. لا زيادة في الرواتب وخفض للدعم وإعادة الإعمار تحتاج لنصف قرن!”، الحلّ، 5/11/2018، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2B0k9zA

[21] وسام الجردي، “محروقات: خط الائتمان الإيراني عاد للعمل ومشتقات النفط تتوفر عبره”، الاقتصادي، 27/10/2019، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/35U8oZH

[22] فتحي أبو سهيل، “ابتزاز كبار رجال الأعمال السوريين عبر لعبة الحجز الاحتياطي”، الحلّ، 24/12/2019، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2SLVJCu

[23] “مخلوف يرد: الوثائق تثبت عدم المخالفة والحملة هدفها تشويه السمعة”، الأخبار، 06/2/2020، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2AcdfJO

[24] الهيئة الناظمة للاتصالات تطلب من شركتَي سيريتل وMTN تسديد مبلغ 233.8 مليار ليرة مستحقة لخزينة الدولة، مؤسسة دام برس الإعلامية، 27/4/2020، شوهد في 6/5/2020، في: https://bit.ly/35KhwQ9

[25] عبد الله الغضوي، “تركيبة جديدة في الهيكل الأمني للنظام السوري”، Chatham House، تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، شوهد في 10/5/2020، في: https://bit.ly/2YLhmXx

وحدة الدراسات السياسية

————————

عندما تصل شفرة الموسى إلى عظام الرقبة/ رياض معسعس

هل نتعاطف مع سارق ضد سارق آخر يريد أن يستحوذ على سرقاته؟

سؤال راودني أكثر من مرة عند مشاهدتي شريطين مصورين لرامي مخلوف وهو يتضرع لسيده وولي نعمته وابن عمته بشار الأسد كي يكف يد المخابرات عن شركاته، وأن يعيد النظر في مبلغ الضرائب المترتبة عليها، والتي تصل إلى رقم فلكي بالنسبة للسوري البسيط الذي يئن تحت سوط غلاء المعيشة وهبوط سعر العملة مقابل الدولار جراء التضخم السريع.

الفقراء والمحتاجين

رغم أن رامي كرر أكثر من مرة أن هذا المبلغ خصص للفقراء والمحتاجين، لكن لم يحدد فئة وهوية هؤلاء المحتاجين.

فنحن نرى يوميا على الشاشات مئات الآلاف من اللاجئين السوريين المحتاجين لا تصلهم أي معونة من رامي وغير رامي.

ظهر رامي في أحد أقبية منزله يتكلم بنبرة رجل تقي نقي طاهر علم بلحية خطها الشيب، مضمنا خطابه أدعية للرب أن يحمي سوريا بوصفه أن سوريا تمر بمرحلة حرجة جدا، ويحميه من ظلم ابن عمته وتخليه عنه بدفع رجال المخابرات لاعتقال مدراء شركاته، هؤلاء الرجال الذين كما أكد أنه كان أكبر الداعمين لهم أثناء الثورة.

وهذا يعني أنه ساعدهم في اعتقال مئات الآلاف من الشعب السوري، وقتل عشرات الآلاف منهم تحت التعذيب. ونسي مخلوف أنه وفي بداية الثورة التي كادت أن تكنس النظام تضرع لإسرائيل أيضا ضمنيا بإيعاز لها « أن أمنها هو من أمن سوريا « وهذا يعني أن النظام السوري «الممانع المقاوم المتصدي» هومن يحمي أمن إسرائيل.

وهنا رامي على حق فمنذ العام 1973 لم يطلق حتى حجرا في اتجاه الأراضي المحتلة من جبهة الجولان. رغم أن طائرات إسرائيل تعربد وتفعل ما تريد في الأجواء السورية حتى قبل الثورة، وتقصف المواقع التي تحب كما فعلت في العام 2007 بقصف المفاعل النووي في منطقة الكبر قرب دير الزور. ولكن لماذا يتوجه رامي إلى بشار عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

هل هو بداية تفكك الدولة العميقة؟ أم تفكك العائلة الحاكمة؟ أم الاثنين معا؟ في الواقع تاريخ العائلة مليء بالتناحر والجرائم، وهذه ليست المرة الأولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة.

ففي العام 1984 كاد رفعت الأسد أن يطيح بأخيه حافظ الذي كان مريضا وانتهت العملية بأن سرق أموال البنك المركزي وغادر سوريا إلى فرنسا بجيوب متخمة بأموال الشعب السوري، نجله فراس الأسد طائر غرد خارج السرب الأسدي بعد أن انتابته صحوة ضمير فراح يكشف أسرار العائلة الكريمة ويتشاتم مع أخيه دريد فيقول:

« ليس ذنبي أنه لم ينقض على عمك في كفرسوسة كما كنت تريد عندما كانت الفرصة متاحة له وهو محاط بدبابات سرايا الدفاع»… ليس ذنبي يا دريد أن عمك كان قد انتصر على أبيك… بيني وبينكم أشلاء الآلاف من أطفال سوريا التي مزقت براميلكم وقصفكم العشوائي أجسادهم، وطمرتهم تحت ركام بيوتهم… لن أصمت» ولكن يبدو أنه صمت بعد التهديد، لأننا لم نسمع بعدها أي تصريح منه.

إذ يرد عليه أخوه دريد مهددا: « أقسم بذات الله لخليك تصير عبرة لمن يعتبر… وللمرة الأخيرة بقلك استهدي بالله وفكر مليا بنفسك … أعذر من أنذر».

وهذه شهادة شهدها شاهد من أهله… ثم خلال الثورة أودى انفجار «غامض» في غرفة اجتماع في مبنى الأمن بحياة آصف شوكت صهر بشار «زوج أخته بشرى»، ووزير الدفاع داوود راجحة ومسؤولين آخرين، وتشير أصابع الاتهام إلى بشار الذي أراد تصفية آصف لأنه كان يسعى مع شخصيات أخرى للدخول في مفاوضات مع المعارضة، وهذا خط أحمر بالنسبة للحلقة الأولى المسيطرة على الحكم. كما صفى والده صديقيه في اللجنة العسكرية وابني طائفته: محمد عمران الذي اغتيل في لبنان، وصلاح جديد الذي أمضي في السجن ثمانية وعشرين عاما ومات فيه.

«بنك العائلة الكريمة»

واليوم جاء الدور على رامي «بنك العائلة الكريمة»، وواجهة النظام المالية الذي يملك شركة سيرياتل وشركات أخرى تجني أرباحا خيالية. فابن العمة يحاكم ابن الخال لأسباب مالية مدفوعا ربما من حرمه المصون أسماء الاخرس لإزاحته عن احتلال المشهد الأول من ألبوم العائلة، وتبحث عن استبداله بشخصيات بيت الأخرس على غرار ما فعلت بعض زوجات زعماء عرب آخرين بغمس أصابع عائلاتهن في عسل الفساد اللذيذ.

ومن فلاديمير بوتين الذي يطالبه اليوم بدفع ثلاثة مليارات دولار ثمن التدخل الروسي لإنقاذ النظام كورقة ضغط لدفعه إلى التنازل عن تعنته في الانفتاح على المعارضة والدخول في مفاوضات معها تفتح الطريق أمام حل سياسي ينهي الأزمة السورية.

القدس العربي

————————–

دمشق بين رئيس الجمهورية ورئيس شركة/ عبد الرحمن الراشد

في حساب الأوزان، لا يجوز أن نقول إن هناك تنافساً بين رئيس الجمهورية، الذي يملك سلطة شبه كاملة، وبين رئيس شركة هاتف وإنْ كان ابن خاله. فمن بيده الجيش والأمن والمال له الكلمة الأخيرة.

هذا التقديم على هامش التحدي المفاجئ من رامي مخلوف لمؤسسة الحكم السورية، وبوضوح شديد احتجاجه موجه للرئيس بشار الأسد وتردد صداه في أنحاء العالم. عند السوريين، لو خيروا بين أبناء الخال والعم فالغالبية لن يهمها، خاصة أن فيديوهات دراما رامي تزامنت مع موسم شهر رمضان المزدحم بمسلسلات الدراما. وكما نعرف لسنوات، فإن الدراما السورية المثيرة للخيال تهيمن على سوق التلفزيونات العربية كل الليالي الثلاثين في رمضان. حتى ظهور وباء «كورونا» لم يمنعها من إكمال إنتاج نحو عشر مسلسلات قوية يصعب على أفلام رامي مخلوف مزاحمتها. هناك مسلسل «أولاد آدم» من تأليف الكاتب السوري رامي كوسا، ومسلسل «سوق الحرير» عن دمشق في منتصف القرن الماضي، من أبطاله بسام كوسا وكاريس بشار. ومسلسل «الساحر» من بطولة عابد فهد، قصة رجل يتمتع بكاريزما يدخل في عالم الكبار!

المسلسل الواقعي «رامي مخلوف» سينتهي قبل نهاية شهر رمضان إلا إذا تأكدت حقيقة التأويلات حوله، مع أن معرفة الحقيقة في الشام دائماً صعبة. فإذا كان الخلاف مالياً وعلى مائتي مليون دولار فالموضوع سهل الحل عائلياً. لكن إن كان حول الحكم ومقاليده وهيبته فإن النتيجة معروفة سلفاً لصالح الرئيس. ماذا لو كان الهدف من الفيديوهين اللذين صورهما رامي بنفسه، عن معاناته، هدفهما استثارة عواطف الشعب، أو بعضه، أو حتى الرئيس نفسه؟ صعب أن نصدق أنهما سينجحان، فقد سبقتهما عشرات الآلاف من الفيديوهات من إنتاج الشعب السوري، منذ عام 2011 عن معاناتهم ومطالبهم وتوسلاتهم وتهديداتهم؟ وكلها لم تحرك عضلة واحدة في وجه الرئيس.

ليس مهماً للخارج، كثيراً، لو تبين أن الخلاف عائلي أو مالي، لكنه إن كان سياسيا، كما يرجح، فالشأن السوري مهم جداً للمنطقة. سوريا، ساهمت بشكل رئيسي في إخراج الأميركيين من العراق لصالح إيران. وسوريا، هي التي مكنت إيران من لبنان. ولعقود، سوريا، هي التي حجّمت اتفاقي «كامب ديفيد» و«أوسلو». وسوريا، هي أرض المواجهة الروسية الأميركية، ولا يفصل بينهما سوى نهر الفرات. سوريا اليوم هي مفتاح مستقبل العراق.

قيل إن الخلاف بين رئيس الدولة ورئيس شركة سيريل يعكس صراع المحاور الدولية، ولو صح، فالقضية مهمة ليست للعائلة وحسب، بل لكل المنطقة وللدول الكبرى.

لتبسيط الخلاف وتحليله، وليس للتقليل من شأنه، إن كان التنازع هو على أي الحليفين الروسي أم الإيراني أن يغادر البلاد أو يبقى، فإن الجميع سينصت بانتباه. فقد انتهت الحرب الأهلية وخمدت الثورة، وهزمت المعارضة الوطنية، وطردت معظم التنظيمات الإرهابية ومعها تركيا، لكن، رغم ذلك، لم ينتصر النظام بعد. لهذا فإن المرحلة المقبلة للنظام، كما أشار مخلوف، ربما أكثر خطورة من حرب التسع سنوات الماضية. وفي رأيي كلها ستعتمد على قرار دمشق في حسم خيارات أحلافها الخارجية. فقد ركن الرئيس الأسد على إيران منذ توليه الحكم، وأصر على علاقة خاصة معها، وإيران بدورها هبت لإنقاذه في محنته خلال الحرب، لكن لولا نجدة الروس في الأخير، لخسر الأسد وحليفه الإيراني. بين روسيا وإيران، ستفضل دول المنطقة الروس كحليف لدمشق التي كانت تاريخياً في فلك موسكو منذ زمن الاتحاد السوفياتي. أما استمرار علاقة الأسد الخاصة مع نظام خامنئي و«الحرس الثوري» فسينظر إليه على أنه يمنحه الفضاء والشرعية التي يحتاجها لزرع الفوضى وتهديد أمن العراق ولبنان وفلسطين واليمن.

الشرق الأوسط

————————-

مخلوف الذي وضعَ السوريين على قلقٍ/ مالك ونوس

لا ندري سبب المظلومية التي دفعت رامي إلى الظهور بهيئة الضحية التي أخذها التكليف الضريبي على حين غرّةٍ، وهو الذي يملك مجموعةً من الشركات التي جعلت منه المتحكِّم الأكبر بالاقتصاد السوري على مدى 20 سنة.

اختلف مزاج السوريين بين الشريطين الذين أطلَّ عبرهما رجل الأعمال السوري، رامي مخلوف، قبل أيامٍ. كانوا مع الشريط الأول محايدين جالسين يتفرَّجون على تظلُّم من استغلَّهم طيلة أكثر من عشرين سنةً، وعمَّر من تعبهم امبراطوريةً ماليةً واقتصاديةً هائلة الحجم، فانتابهم شعور الشماتة والتشفّي. ثم انقلب مزاجهم مع الشريط الثاني ليستبدَّ بهم القلق حين استشعروا أن أمراً جللاً قد يقع فيعصف بحياتهم، ليضاف إلى النكبات التي نزلت على رؤوسهم طيلة السنوات التسع الماضية. فهذا الرجل الذي راكمَ أمجاداً وفَّرت له شعبيةً وأتباعاً قد يلجأ إلى تحريكهم لإحداث فوضى أمنيةً، هي آخر ما ينتظر السوريون حدوثه بسبب ما قد تحمله من فظائع.

لا ندري سبب المظلومية التي دفعت رامي إلى الظهور بهيئة الضحية التي أخذها التكليف الضريبي على حين غرّةٍ، وهو الذي يملك مجموعةً من الشركات التي جعلت منه المتحكِّم الأكبر بالاقتصاد السوري على مدى 20 سنة، وحققت له أرباحاً قدرت بعشرات مليارات الدولارات. فالأرباح السنوية لشركة سيريتل للاتصالات الخلوية التي يملكها، تزيد بعشرات الأضعاف عن المبلغ الضريبي المكلَّفة به والمقدَّر بحوالي 135 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 100 مليون دولار عن خمس سنوات عمل. ومن المفترض بكل شخصٍ في موقعه أن ينتظر التكليف الضريبي كل سنة، ما عدا أمثاله ممن اعتادوا على الربح الكبير من دون وازعٍ، والتهرب الضريبي من دون محاسبة.

تحدَّثَ مخلوف عن استعداده لدفع ما يترتب عليه من ضرائب طالبته بها “الدولة”، كما سماها (وليس الحكومة)، لكنه وضع شرطاً لذلك، ربما لأنه اعتقد أن الأموال لن تدخل القنوات الحكومية التي من المفترض أن تدخلها. أي أنه أظهر نفسه بمظهر القادر على الرفض، أي قادر على التهرب من دفع الضرائب، وفي هذه الحالة يعلن عن قدرته على مخالفة القانون. كما أنه أبدى استعداده للدفع، لكنه وضع شرطاً وهو أن يشرف الرئيس السوري الذي خاطبه في الشريطين، على توزيعها على الفقراء. ومع ذلك يبقى هذا الشرط شكلاً من أشكال الرفض لمبدأ دفع الضريبة، وهو الذي ليس له حق التدخل في مآلاتها. أي أن الرجل ومع كل هذا التظلم الذي أظهره، ما يزال يرى نفسه فوق القانون. إذ يعزُّ على من تهرَّب من دفع الضرائب طيلة هذه السنوات الخمس الماضية، على الأقل، أن يدفع الآن، معتقداً أن عامل الزمن سيساهم في إغفال دفعه الضريبة.

ولكن، وبالعودة إلى سردية الفقراء، وطلبه توزيع المبلغ عليهم، أليس امتناعه عن تسديد الرسوم الضريبية المترتبة على شركاته هو أحد أسباب وجود فقراء في سورية؟ لأن جباية الضرائب مهمة الحكومة التي من المفترض أن تعيد توزيعها على القطاعات الاقتصادية والإدارية والخدمية العاملة في البلاد لتعود بالنفع على الناس. وعند جباية الرسوم الضريبية بالشكل الصحيح، ومن دون أي استثناء أو محاباة، وتوزيعها كما هو مفترض واستثمارها بالشكل الأمثل، لا يعود هنالك من أناس محتاجين (سماهم الفقراء)، يتجمعون أمام أبواب المتصدقين، من أمثال مخلوف وغيره، لكي يفوزوا بمساعدة عينية أو مادية، يتكرَّم بها عليهم فتدفع عنهم الجوع، من دون أن تسمنهم، كما تفعل مؤسساته الخيرية التي جاء على ذكرها. أما حديثة عن الأموال التي ينفقها على الأعمال الخيرية، فلا تعادل نسبة ضئيلة من الرسوم الضريبية المستحقة على أرباحه. كما أنه وبحكم كونه من رجالات الدولة التي دعم مؤسساتها، كما قال، كان من المتوجب عليه تقديم المشورة لهذه الدولة للقيام بوظيفتها لتحقيق التنمية المستدامة التي هي الشرط الأساس لتقليل أعداد الفقراء، لكن الفقراء بالنسبة له أتباعاً سهلين، وتقليل نسبتهم يخفف سطوته ويقلل اتباعه.

لقد أرجع كثيرون ظهور مخلوف على هذه الشاكلة، وتظلُّمه وحديثه عن المضايقات التي يتعرَّض لها ويتعرَّض لها موظفوه، إلى ما ساقه الإعلام الروسي، قبل أيامٍ، وانتقد به النظام لتلكئه في حل مشكلات البلاد التي استعصت على الحل. تلك المقالات والتصريحات التي فتحت الباب واسعاً حول التكهنات بإمكانية حدوث تغييراتٍ في البلاد، ربما يكون موضوع مخلوف فاتحتها. كما أرجعه آخرون إلى الصراعات الإقليمية، وخصوصاً بين روسيا وإيران، وهو الذي يناقض الأقوال حول موقع مخلوف بينهما.

ومن فورهم، تحسَّس الفقراء الذين هم دائماً ضحية أي مشكلات أو قلاقل تقع في البلاد، خطراً سيجعلهم يدفعون ثمن هذه الخلافات؛ إذ توقعوا حدوث ارتفاعٍ كبيرٍ في سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية، ما يؤدي إلى زيادة في أسعار السلع التموينية فتتدهور القدرة الشرائية المتدهورة عملياً، بعدما صار دخل الفرد في سورية الدخل الأضعف، ربما على الكرة الأرضية. فالدخل الذي لا يتجاوز ما يعادل 40 دولار شهرياً، في أحسن الأحوال، ستؤدي مشكلات من هذا النوع إلى جعل قيمته تتراجع إلى النصف أو أقل، ليصبح بالتالي غير كافٍ للإيفاء بأجور وسائل النقل للذهاب إلى العمل. أما المتشائمون أكثر، فقد ذهبت بهم مخاوفهم إلى توقع حدوث اشتباكات بين أنصار الطرفين، النظام وأنصار مخلوف، ربما في دمشق أو في الساحل، ما سيكلفهم أرواح أبنائهم التي لم تشبع الحرب من دمائهم حتى الآن.

بعد هدوء مزاجهم، فكَّر السوريون بأن محاكمةً علنيةً قد تكون أكثر ملاءمةً، ليوضع فيها مخلوف، وغيره، ممن تتهمهم بعض الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي بالفساد، تحت قوس المحكمة، ويدانون على ما تهرَّبوا من دفعه للحكومة، أو ما سلبوه من أموال الدولة ومن تربُّحٍ غير مشروعٍ واستغلال مكانةٍ. بهذه الطريقة يمكن أن ينتعش اقتصاد البلاد إن أدين هو أو غيره، واستعادت الدولة الأموال التي تربَّحها بفضل موقعه وتغوله في كافة قطاعات البلاد الاقتصادية. وبهذه الطريقة أيضاً، يمكن تجنيب البلاد إشكالات أمنية يتضرر منها فقراء السوريين، وليس غيرهم.

درج

———————–

رامي وبشار.. لا ترميم لما انكسر؟!/ يحيى العريضي

مع انطلاق الربيع العربي، اعتبر نظام الأسد نفسه محصناً تجاه أي تغيير؛ وأتى ذلك على لسان الأسد نهاية 2010 في مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جيرانال”، حيث قال: “هكذا أمور لن تحدث في سوريا”. عملياً، حدثت؛ ولم يكن النظام مستعداً لها؛ ولكنه لملم نفسه؛ وصمد، مستعيناً بالتوحش والإرهاب وإيران وروسيا. وها نحن الآن، ندخل مرحلة جديدة وحاسمة تتمثل بقيام منظومة الاستبداد- مع استشعارها بأنها ستُقتَلَع- بتصفية بعضها البعض لحظة مواجهتها قدرها المحتوم. وها هو خلافها الحالي يعكس طبيعتها الوضيعة؛ إنه خلافٌ على المال المنهوب والمعَفَّش، وليس خلافاً حول القِيَم الأخلاقية المفترض أن تتحلى بها حاشية الحكم.

خرج علينا زعيم أساطين المال الحرام “رامي مخلوف” بإطلالتين مرئيتين بدا فيهما مهزوماً ليعلن انتقال كيس المال من كتف إلى كتف؛ مستخدماً مفردات تشي بكثير من الإدانة القانونية الجنائية الصريحة لقائلها وشركائه (كقوله إنه كان يمول الأجهزة الأمنية المُغرِقةِ إجراماً بحق الشعب السوري)، وتعطي دلالات نفسية فصامية عن الحالة التي وصل إليها، لاسيما عندما يستجير بالمولى عز وجل للمساعدة (ولكنه لا يعترف لله بما اقترفت يداه من ذنب بحق فقراء وطنه)، ويطلب من شريكه في الإثم تحقيق معايير العدالة والإنصاف؛ فأتت كلماته المتهدجة صريحة تُنبئُ بأن العقد الشيطاني بين أفراد العصابة الحاكمة قد بدأ بالانفراط.

إن صفة “العقوق” مألوفة جداً في سلوك منظومة الاستبداد؛ و”جزاء سنمار”- الذي لم يحصد سوى الخذلان والفناء إكراماً لتفانيه الصادق في خدمة سيده- هو النهج. فلن يشفع لرامي مخلوف مناشدته واستجداؤه لسيده، وتذكيره بأنه من “عظام الرقبة”، تماماً كما لم ينفع من خدم النظام أي مناشدة أو استجداء، فانتحروا ببضع رصاصات أو بطريقهم إلى ذلك المصير.

يثير هذا المشهد السؤال الأهم والأكبر عن مغزى تَكُشُف مشكلة “مخلوف” في صيغتها وتوقيتها الحاليين: إنه عامل التدخلات الخارجية وأهمها الروسية، حيث أدرك زعيم الكرملين أن أعمدة السلطة السورية بدأت تتداعى، لاسيما بعد الإدانة الموثقة للنظام باستخدام الأسلحة الكيماوية، واقتراب دخول قانون قيصر “القاصم” حيز التنفيذ؛ إضافة إلى معاناة طائفة النظام والسوريين عامة من الجوع والفاقة؛ حيث أضحى كثيرون يقارنون واقعهم الحالي المزري مع الفترة التي مرّ بها أجدادهم زمن المجاعة الكبرى المسماة “سفر برلك” في عشرينيات القرن الماضي؛ وبدؤوا أيضاً يطرحون أسئلة جادة عن جدوى الحرب العبثية، التي أدخلتهم بها الطغمة الحاكمة ضد إخوتهم في الوطن.

ثمة فرضية أخرى تفيد بأن بوتين، منذ تدخله المباشر في سوريا عام 2015، كان حريصاً على تثبيت دعائم نظام الأسد؛ وبالتالي فإن بوتين يستخدم مهاراته في إقناع العالم بجدوى استمرار بشار في الحكم، لأنه الوحيد القادر على استئصال رموز الفساد الاقتصادي في سوريا؛ ويدلل على ذلك بأن ما حصل بين رامي مخلوف وبشار الأسد هو مؤشر قوي على حزم الأخير في مكافحة أساطين الفساد بغض النظر عن قربهم منه. وهكذا سيبدو بشار بمثابة المخلص “Messiah” الذي يرغب بوتين في تسويقه أمام العالم الغربي الرافض لاستمراره في حكم سوريا المسقبل.

ولخيبة أمل الأسد وبوتين أيضاً، يبدو أن الاعتراف الصريح الذي أدلى به رامي مخلوف بقوله (حدا بيسرق حاله) قد جعلت المسرحية والحيلة تفتقران إلى المصداقية أمام العالم الخارجي، أو حتى أمام مؤيدي بشار الذين يسبغون عليه صفة القداسة. لقد أسقط هذا الاعتراف الصريح ورقة التوت عن عورة النظام أمام مواليه، الذين لم يكونوا يحاولون أن يصدقوا، حتى الأسبوع الماضي، أن بشار “المتسامي المتعالي وسند الأمه” بنظرهم هو شريك في الإثم مع “رامي” ابن خاله، الذي كان يحلل اقتراف الكبائر.

للحقيقة أن الصغير والكبير بين أفراد الموالاة كانوا يعرفون أن رامي مخلوف هو “خازن بيت مال ” بشار؛ ولكنهم كانوا يرفضون فكرة تأثيم الأخير، أما الآن فقد أصبحوا يقرون علانيةً أن رامي مخلوف وبشار هما وجهان لعملةٍ واحدة؛ وأن الخلاف بين الإثنين ناجم عن سعي بشار، بتحريض من زوجته، للاستحواذ على الأموال المسروقة من قبل رامي وبمباركته كرئيس للجمهورية شخصياً. ولعل السؤال الكبير الذي تطرحه الموالاة تعبيراً عن الريبة (والصدمة بآن واحد) التي تعتري نفوسها هو عن مغزى توقيت مطالبة بشار من شريكه رامي لتسديد قيمة الضرائب، حيث يتساءل هؤلاء: ألم يكن بشار يعلم خلال السنوات العشرين السابقة أن شريكه رامي يتهرب ضريبياً؟

لقد غدت حقيقة العلاقة التشاركية بين رامي وبشار في نهب أموال الشعب السوري لا تنطلي على كل من حاول إغلاق عينه عن الحقيقة؛ وأن الموالاة تعلم أن “حاميها هو حراميها”؛ وأن رأس النظام لم يفعل شيئاً سوى أنه استبدل جوقة شركائه القدامى (آل مخلوف) بأقرباء زوجته (آل الأخرس)، ويدللون على ذلك بحديثه الأخير الذي تصاغر فيه إلى دور “مرّوج إعلامي” لمزايا “البطاقة الذكية”، التي هي في الحقيقة مُنتَج لشركةٍ يديرها حوت المال الصاعد المدعو “مهند الدباغ” ابن خالة زوجة بشار. أما الحديث عن توسط “للملمة” الأمور، فلن يكون إلا بمثابة مهدئ لمرض عُضال؛ فما انكسر يصعُب ترميمه.

مما لا شك فيه بأن الوعي المستجد لأبناء طائفة النظام على حقيقة رأس النظام سيساهم في تقويض نظرة الألوهية التي كان يحتلها في العقل الجمعي الباطني بين أتباعه. وستساهم هذه النتيجة في تقويض مهمة بوتين أيضاً لتلميع صورة بشار خارجياً للمصافقة به مع الغرب مقابل حل مشكلات روسيا المتفاقمة؛ ولكن ربَّ ضارة نافعة؛ فقد تساعد هذه المسرحية بوتين في مهمة التخلص من العقبة الكأداء، والذي تفيد المعطيات أنه ليس ببعيد. وفي هذا السياق تأتي تهديدات خالد عبود لبوتين- وحتما بمباركة العقبة إياها- لتحرق المراكب لاستشعارها الخطر الحقيقي، ولتقول للروس: “اقتلاعنا يعني مواجهة مع إيران الحامي الأساس، ومع داعش في البيداء السورية. في المحصلة؛ لقد اقتربت المصافقة.

تلفزيون سوريا

———————–

وانتهت ملهاة رامي مخلوف/ عدنان عبد الرزاق

وها قد مرت عاصفة رامي، من دون أن تقتلع أي حصن بمملكة الأسد، بعد أن رأى “المشايخ” أن بتعميق الخلاف، تهديد للحكم أو تسريع الانهيار على أقل تقدير، فسووا الخلاف بما تقتضي الضرورة والمرحلة، وستشاهد على الأرجح، وبالقريب العاجل، نهاية لائقة لمسرحية خروج رامي من سوريا، تتشابه مع مسرحية إخراج رفعت، وإن كان الوقت والممثلين، لا يمنحان القدرة على “التاريخ يعيد نفسه”.

ربما يتفق السوريون، وقلما اتفقوا، على أن رامي مخلوف ليس عدوهم الأول ولا السبب الحقيقي بدمار سوريتهم وتشريد الشعب وبيع الثروات ومقدرات البلاد، حتى وإن كان أداة مهمة بمعظم ما جرى، منذ صرح بأن “أمن إسرائيل من أمن سورية” و ما سبقه عبر السيطرة بالقوة على الاقتصاد قبل ذاك، أو ما أجاد به من استقدام وتمويل الشبيحة بعده، وذلك حتى إعلان نهاية “الامبراطورية المخلوفية” بالمطلق قبل أيام، إثر خلل مخلوف بأهم شروط أسرار مافيا الأسد، وهي إخراج ملفات الخلاف الأسري إلى الإعلام وفتح العين على الأموال المنهوبة والتأكيد أن سورية الدولة ما هي إلا أداة لخدمة العصابة الحاكمة.

لأن رامي مخلوف، خاصة بعد موت عمته أم بشار الأسد، ومرض وابتعاد عراب النظام الأسدي، أبوه محمد مخلوف، بات مهيض الجناح ومثالاً يرمى بالواجهة، خلال أي دعاية لمحاربة الفساد، يروجها الأسد لنظامه أو تقوم بها زوجته لتلميع صورتها، أو لرمي المسؤولية عن كاهل حكومة الأسد، بعجزها أمام كفاية الشعب السوري الذي تعدت نسبة الفقر بصفوفه 90% والبطالة 84%، ولعل بالصفعات المتكررة لعيال محمد مخلوف، سواء بإبعاد حافظ عن “الأمن” وتهجيره إلى روسيا منذ ستة أعوام، على خلفية اتهامه بالتقصير واختراق ساحة العباسيين من “الإرهابيين” أو بالحجز الاحتياطي على أموال رامي العام الماضي على خلفية قضايا جمركية أو هذه الأيام بسبب تهرب ضريبي، إلا أدلة على تبدل الكتلة الصلبة السابقة بعد أن تفتت جلها وإحضار ثقات جدد حول وريث السلطة بدمشق، لضرورات محلية تخدم دعاية لا طائفية النظام، ودولية تصب في متابعة ترويج إعادة التأهيل والإنتاج.

بيد أن نقطتين هنا جديرتان بالذكر كي لا يساء الفهم، الأولى أن “مخلوف” ومنذ انقلاب حافظ الأسد عام 1970، هم بيت مال النظام وأداته الأولى بالسيطرة على مقدرات البلاد، ولعل بمسيرة الأب، محمد مخلوف من موظف بالمطار ثم مديراً لمؤسسة التبع قبل أن يتبوأ إدارة أهم وأكبر مصارف سورية “العقاري” ويتحول بعدها ل”السمسار الحصري” و”السيد عشرة بالمئة” للقروض والاستثمارات والعقود الخارجية، قبل أن يوكل لبكره رامي مهمة المتابعة، فيؤسس ويشارك ويدير أكبر خمسين شركة ومؤسسة مالية واقتصادية بسورية، أوصلت ثروة رامي لنحو 16 مليار دولار وأسرة مخلوف لنيف و26 ملياراً.

والنقطة الأخرى، من السذاجة بأقل الأوصاف، إبعاد أو تبرئة “مخلوف” عن كل فعل إجرامي اقترفه الأسد، إن عبرهم أو من خلال سواهم من رجال أعمال وساسة، ارتضوا عبر نصف قرن، أن يكونوا واجهات و”كركوزات” لتكريس الدولة العميقة، حتى باتت سورية دولياً وليس محلياً فقط، تختصر بسورية الأسد.

لكن تلك الأدوار وعلى مآسيها، قام بها رامي وقبله أبو رامي، من قبيل “وحيّ يوحى” وإن كان لهم مقابلها، مكاسب وأرباح وسطوة، وضعتهم بالواجهة وفق ما خطط مؤسس المافيا السورية حافظ الأسد، للحد الذي ظنّ السوريون، كما يجري اليوم، أن بنهاية رامي أو الامبراطورية المخلوفية، نهاية لنظام الأسد أو ملامح لسقوطه.

نهاية القول: بميزان الربح والخسارة، ترى ما الذي خسره وما الذي يمكن أن يكسبه بشار الأسد من “مسرحية رامي” التي تشابه وإلى حد بعيد، “مسرحية رفعت” التي كتبها وأخرجها حافظ الأسد مطلع ثمانينيات القرن الفائت. ؟!

لنبدأ باحتمالات الخسارة والتي أغلب الظن، أنها الأقل.

ربما يخسر الأسد الوريث، بعض الشعبية من حواضنه، خاصة بمدن الساحل السوري، فأن يلفظ “أبو الريم” ويعرضه لكل هذا الإذلال، فربما بذلك عدم ثقة مستقبلية بآل الأسد، ممن كان يظن نفسه مقرباً أو صاحب نفوذ ومال، وقد تتبدى آثار فقدان الثقة إن تطورت الأحداث وتحولت لصدام أو استطلاعات رأي واستفتاء.

كما يمكن اعتبار فضح أسرار الأسرة، من الخسائر التي تكبدها الأسد، فقبل فيديوهات رامي، ربما كانت الخلافات والجشع ومحاولات هيمنة أسماء الأخرس، مجرد نبوآت وتحليلات، لكنها بعد ظهور “الأستاذ” على وسائل التواصل وعرضه بخشوع وإيمان، محاولات “الآخر” قطع الشك لمن يهمه الأمر، باليقين.

وقد يمكننا إضافة تكشّف عورة الدولة وأن مخلوف والأسد هم القانون والدستور، ضمن خسائر رئيس النظام، والتي ربما تحتاج لكباش فدى كثر، كي يعود بعض بعض الثقة، بأن ثمة قانونا ناظما يطاول الجميع بسورية الأسد.

وأما لجهة الأرباح أو المكاسب التي حققها وسيحققها بشار الأسد، فهي وعلى ما يبدو، أكثر من أن تعد، ربما أولها، تلك الرسالة التي فهمها رجال الأعمال ولمتنفذين، بأن من لا يدفع فهو ليس أغلى وأهم من رامي، فما أقوله أو تقوله السيدة الأولى، ينفذ ومن دون الخروج عبر الفيس بوك، وفي ذلك تقوية لنفوذ الأسد الذي تراجع بعد تعدد المرجعيات بسورية وانقسام الجيش والأمن والاقتصاد، بين فسطاطي إيران وروسيا.

كما سيحصّل بشار الأسد بعض المال، جراء ذريعة الضرائب اليوم، أو مصادرة الأموال غداً، ما يمكن أن يمد بعمره ولو لبعض الوقت، بعد أن أعلنت الدولة الأسدية إفلاسها مراراً وعجزها عن زيادة الرواتب أو دفع الديون لشركاء الحرب بطهران وموسكو.

ولعل الفائدة الأهم التي سيجنيها الأسد جراء قصقصة أجنحة آل مخلوف، هي بالرسالة الواضحة لروسيا وإيران، بأني لم أزل الرأس وفق النظام الذي أسسه الوالد، ويخطئ من يظن أن برامي أو غير رامي، بديلاً يمكن التنسيق معه أو دفشه إلى مالا نحب ونرغب.

وأما ما قد يكون أهم مكاسب بشار الأسد خلال مرحلة على غاية من الحرج، فهو رمي رامي مخلوف بوجه الشارع السوري وحتى الخارجي، ليلتهي بفصول يومية لن تنتهي قريباً، فتشغل الخارجي بإعادة الحسابات وترهب الداخلي أو تشغله عن تهالك الدولة وفقره وما ينتظره من تجويع ومآس، خاصة إن لاقى قانون “قيصر” طريقه للتنفيذ كما تلوّح واشنطن الشهر المقبل.

لتأتي “الصفقة الطائفية” اليوم بإبعاد رامي عن سوريا، بعد الاعتذار وترك ممتلكات الداخل للأسد، فيزيد بشار من مكاسبة المالية أنه بوجه الفساد، حتى لو كان ببيت المال الأسدي.

بيد أن كل تلك الخسائر والأرباح، هي وبغالب الظن، مهدئات وقفز للأمام ليس إلا، إذ العامل الخارجي الدولي وحده، والصفقة الروسية الأمريكية خاصة، ما سيحدد الأرباح أو يحصي الخسائر، سواء بإبقاء وريث السلطة لأجل أو الاستعجال باستئصال نظام بات حمله عبئا على حامليه.

—————————-

ابحث عن المرأة.. مزن مرشد/ مزن مرشد

مقولة للكاتب الفرنسي الشهير ألكساندر دومان أصبحت فيما بعد مثلاً فرنسياً، بل وعالمياً، في أي قصيةٍ شائكة: “ابحث عن المرأة”.

في بداية حكم الأسد الأب لسوريا، كانت عائلة الأسد وأقاربه، شبه مغيبة تماماً عن السوريين، فمن الصعب معرفة أسماء أبناء الأسد ناهيك عن زوجته أو إخوته.

وفي بداية الثمانين من القرن الماضي، عرف السوريون شقيق الرئيس، قائد سرايا الدفاع سيئة الصيت، رفعت الأسد، الذي ما إن مرض أخوه الرئيس منتصف الثمانينيات، حتى قاد سراياه لمحاصرة دمشق لا مهدداً، بل راغباً بالإطاحة بحكم الشقيق الأكبر، والاستيلاء على السلطة، الصراع الذي انتهى بإفراغ البنك المركزي السوري من كامل العملة الصعبة في البلاد، وإعطائها لرفعت الأسد، شرط تنازله عن المعركة ومغادرته البلاد، وكان الوسيط في هذه العملية الرئيس الليبي آنذاك معمر القذافي، والذي دفع أيضا جزءاً لا بأس به من المال في سبيل رحيل رفعت.

بعد هذا المنعطف الخطير في حياة الأسد الأب، أعاد النظر تماماً، بالمقربين له من العائلة، وسحب ثقته من الكثيرين، فمن خذله أخوه، من الصعب أن يمنح ثقته لأحد بعد ذلك.

وهنا جاء تدخل زوجته أنيسة مخلوف، والتي لم يكن أحد من السوريين قد رآها حتى ذلك الوقت، إلى أخذ دورها الخفي بجر زوجها إلى حظيرة أهلها، فقربت زوجها الرئيس من أخيها محمد مخلوف، ومن أبنائه، الأمر الذي جعل الأسد يعتمد عليهم كلياً، ويضع كامل ثقته بهم، فهؤلاء باعتقاده، إن أرادوا أذيته، فإنهم لن يخذلوا أختهم وأولادها، ما جعل الأسد يعطيهم الصدارة في استلام الزمام الاقتصادي، فلم يعد يثق إلا بأولاد أشقاء، وشقيقات زوجته، حتى في حمايته الشخصية فظهر ذو الهمة شاليش خلف الأسد منذ ذلك الوقت وحتى وفاته.

وهكذا باتت البلد في يد الدائرة الأولى من أنسباء الرئيس وأولادهم وأقاربهم المقربين.

ولم يختلف الوضع بعد رحيل حافظ الأسد، وتسلم بشار الأسد تركته السياسية في رئاسة سوريا، وتركته الاقتصادية، التي بقيت بيد أولاد أخواله وعلى رأسهم ابن خاله الأشهر رامي مخلوف.

منذ تسلم الأسد الابن، لم يظهر أي خلاف على السطح، مع أبناء أخواله، أو داخل عائلة الأسد، سوى بعض الشائعات عن خلاف بين الكنة الجديدة، والسيدة الأولى السابقة.

إضافة لبعض الأخبار عن خلافات عميقة بين الشقيقة الكبرى للرئيس، بشرى الأسد وزوجة أخيها الشابة أسماء الأخرس.

وبقيت الأمور على حالها حتى بداية الثورة السورية التي ظهر فيها رامي مخلوف على الملأ للمرة الأولى، مصرحاً بأن أمن إسرائيل من أمن سوريا وبالطبع كان يقصد أمن عائلة الأسد وأعوانها وليس سوريا.

ومن ثم ليظهر بمظهر المحسن الكبير، حين أعلن تنازله عن شركة سيرياتل لصالح الشعب، في حركة مسرحية لامتصاص غضب الشارع الذي لم يهدأ.

تجاوزت الثورة عامها التاسع، وبدأت أسماء الأسد تأخذ الدور الذي أتقنته حماتها منذ عقود، بالاعتماد على أقربائها، فاخترعت ما أسمته بالبطاقة الذكية وأوكلتها إلى شركة تعود ملكيتها لابن خالتها، وبات الضغط يكبر على رأس النظام من زوجته، بضرورة التخلي عن أقارب والدته، والاعتماد على أقاربها، فبدأ بشار الأسد الضغط على ابن خاله رامي، بهدف كف يده عن ممتلكات العائلة فكل سوريا تعلم أن رامي مخلوف، ما هو إلا واجهة لأملاك الأسد وشريك بسيط فيها.

وعليه ظاهرياً، يعتبر رامي مخلوف أغنى رجل في سوريا.

واستمر التجاذب بين أسماء وسيطرة آل مخلوف حتى بات الشرخ صعب الردم بين القوتين المتصارعتين على ميراث اقتصادي لبلد غارق بالفساد والحرب والخراب، وتلعب فيه الأصابع الروسية والإيرانية وسواها، لنشاهد ولأول مرة في تاريخ سوريا فيديوهات لرامي مخلوف، مرة يهدد بلطف بكشف المستور، وأخرى باستجداء “السيد الرئيس” وتذكيره بما بينهما من تاريخ ومودة وثقة، ليظهر الخلاف على العلن، وليشمت السوريون بخلافات اللصوص الذين سرقوه لعقود، دون أن يستطيع الاعتراض، ولنقرأ بين السطور، أن القضية لا تتعدى صراع الكنة مع ابن حميها.

ولا تنتهي ملحمة مخلوف -الأسد من صراع على السيطرة على ثروة العائلة، ليبقى التنافس قائماً بين محمد مخلوف وابنه رامي من جهة والسيدة الأولى من جهة أخرى، خاصة في ظل دعم تجار دمشق لأسماء، وشماتتهم غير المعلنة، برامي، رجل الأعمال المدعوم، الذي كان يأخذ الفرص من أمامهم بكل يسر.

وبالطبع ليس مستغرباً أن يكون وراء كواليس القضية المالية، يكمن التنافس بين عرابي النظام، روسيا وإيران، اللذين يقاتلان من أجل التأثير على الأراضي السورية، وتقاسم الكعكة.

فما تزال حلقات المسلسل في بدايتها، وما تزال الحلقة الأخيرة تكتب بهدوء في أروقة قصور ناهبي سوريا، ومحتليها على حد سواء.

زمان الوصل

——————–

رامي مخلوف .. مهزوما وضعيفا ويتحدى دولة الأسد في فيديو ربما يكون الأخير/ علي عيد

أخيرا ظهر رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد ليؤكد كل ما أشيع حول حرب تدور رحاها بين فريق بشار الأسد الذي تديره زوجته أسماء من جهة وفريق رامي الذي يتمتع بنفوذ من خلال امبراطورية الممتلكات المقدرة بعشرات مليارات الدولارات والتي جمعها من خلال السطو على أملاك الدولة والاستيلاء على أموال شركائه في القطاع الخاص.

فيديو “ربع الساعة”، الذي ظهر فيه مخلوف مرتجلا أعطى مجموعة من الدلالات السياسية حول مواجهة بين الخال محمد وابنه رامي وفريق آخر يدعمه بشار وهو أكثر نفوذا اليوم داخل القصر الجمهوري، ويمكن استخلاص ما يمكن أن تكون مؤشرات ضمن “بازل” لأجزاء النواة الصلبة للنظام بعد تحالف عائلي ـ أمني ـ سياسي ـ اقتصادي مديد، وأبرز تلك المؤشرات تتلخص في الآتي:

ـ ليس هناك اتصال مباشر بين رامي وبشار، وهذا يعني أن التسريبات الروسية حول فساد آل مخلوف كانت بدفع من بشار الأسد وفريقه وهدفها تحجيم نفوذ آل مخلوف وإبعاده دون إحداث هزّة داخل جسم النظام والبيئة الموالية، ومن جهة أخرى فإن مثل هذا التحجيم يؤثر إيجابيا في خطط التغيير السياسي المطلوبة للدخول في مرحلة إعادة الإعمار، والتحكم بالسوق بعيداً عن “الهوامير” التقليديين الذي يعملون مع الحوت الاقتصادي ممثلا بعائلة مخلوف.

ـ يستخدم رامي مخلوف لغة مبطنة مع بشار الأسد للإيحاء له باستمرار الولاء، لكن اللغة ذاتها تسعى لفصل بشار عن الدولة، ما يعني أن مخلوف يريد القول إن بشار تديره مجموعة فاسدة تستغفله لاستهداف هذه العلاقة بينهما، دون الإفصاح عن مكونات المجموعة التي أصبح معروفا أن أسماء الأسد تشكل رأس الحربة فيها، وإذا وصلت الرسالة إلى بشار وهذا حصل فعلاً فإنه أمام خيارين، الأول زيادة الضغط إلى الحد الأقصى باتجاه تصفية أعمال مخلوف، أو تدمير ما تبقى من نواة البنية الداخلية لمجموعة الحكم مع معارضة رؤية موسكو في هذا الملف وهذا احتمال صعب التطبيق.

ـ الظهور على العلن بمواجهة فريق بشار الأسد يشير إلى أن رامي مخلوف يحاول الإيحاء بأنه ما زال يملك نفوذا يمكنه به أن يؤذي بشار الأسد إذا لم يستجب لمطلبه في انتهاج طريقة يراها رامي ملائمة لتحصيل المبلغ المطلوب من شركتي الاتصالات سيرياتيل وMTN اللتين يرأس مجلس إدارتهما مخلوف، والذي يصل إلى نحو 233 مليار ليرة سورية (تعادل 455 مليون دولار حسب سعر صرف المصرف المركزي الحكومي)، وتظهر صيغة التهديد بالطلب منه أن يتم توزيع تلك الأموال على جيش من الموظفين والمساهمين والمستفيدين من أعمال جمعية “راماك” الخيرية والتي كانت تدير جمعية “البستان”، وفي هذا محاولة لتأليب هؤلاء المستفيدين على قرار التحصيل الذي يرى مخلوف أنه يحرمهم من تلك الأموال، خصوصا إذا ما عرفنا بأن ميليشيا مقاتلة بالآلاف وتنتمي إلى بيئة حواضن النظام هي التي يجري تحريضها في هذا الفيديو بطريقة مبطنة.

ـ توقيت الفيديو يؤكد أن التطورات الأخيرة فيما يخص الكشف عن تهريب كمية ضخمة من الحشيش المخدر جرى ضبطها في مصر ضمن شحنة ألبان متوجهة إلى ليبيا وتتبع لشركة “ميلك مان” التي يملكها مخلوف، وحرب الفضائح الخاصة بشراء الأسد لوحة بمبلغ يفوق 23 مليون جنيه إسترليني لزوجته أسماء الأسد، أضف إلى الحرب الدائرة حول تورط أسماء وبشار الأسد في موضوع بطاقات “تكامل” الذكية التي يملك شركتها “فراس أخرس” شقيق أسماء الأسد، وابن خالتها “مهند الدباغ”، وأشخاص من فريق القصر التابع لبشار بينهم وزير القصر منصور عزام، ووزير النفط علي غانم.

ـ حمل الفيديو إشارات تؤكد أن قرارات الحجز التي طالت أموال مخلوف وشركاته في عدد من القطاعات ومنها الاتصالات والنفط (آبار بتروليوم) و”الفونديشين” ممثلة بمؤسسة “راماك” ومنظمتها الخيرية “البستان” عام 2019، ووضعها تحت رقابة مباشرة من لجان مشكلة من القصر الجمهوري، إذ يتحدث مخلوف بعبارات يقول فيها بأنه لا يريد كل تلك الأموال، وهذا يعني أيضا أن منعه من السفر مع مجموعة من رجال الأعمال هي صحيحة وماتزال سارية المفعول، وأن قرار خروجه ناتج عن شعوره بالوصول إلى حائط مسدود وعجز عن مواجهة ملفات الفساد، وعدم قدرته بالضرورة على إقناع بشار لعدم وجود اتصال مباشر.

ـ لغة تعابير الوجه واستخدام عنوان “كن مع الله ولا تبالي”، تحمل دلالات على حالة يأس يعيشها رامي مخلوف مع بشار الأسد، وهو يحاول تعويضها مع شريحة يستهدفها باستخدام أدوات بسيطة بتلاميح دينية للتأثير في البيئة الحاضنة، ويزيد من احتمالات هذا التمرير استخدام مكان بسيط، حيث بدا متربعا على فراش جلدي وخلفه زاوية حجرية وبعض قطع الخشب التي تستخدم في وقود “الشومينو” (المدفأة الجدارية)، وربما استخدم مخلوف زاوية في بيته، لكنه بدا مهيئا لهذا البث، لأنه استخدم كاميرا وحزمة إنترنت تضمن جودة عالية، ولم يظهر أي اهتزاز، بعنى أن الكاميرا مثبته بشكل جيد، وقد يكون اعتمد على مهندس متخصص لهذا الغرض، كما أنه خرج فقط لمدة 15 دقيقة و24 ثانية، وهي مدة زمنية مثالية لإحداث الأثر دون ملل حسب دراسات السوشال ميديا، كما أنها المدة الزمنية المفضلة لسرعة الانتشار والتحميل لمختلف المنصات وحتى الأجهزة المحمولة.

ـ أراد رامي مخلوف أن يقول إنه يخرج للمرة الثانية، مذكرا بظهوره الأول الذي هدد فيه إسرائيل عام 2011، وبأن النظام ـ وكان جزءا منه ـ سيقاتل حتى آخر رجل، لكنه اليوم ليس جزءا من معركة سياسية، بل اجتماعية، وهذا يخرجه من إطار المنافسة، لكنه سيجرّ تطورات أكبر.

خلاصة:

ليس معروفا إلى أين ستنتهي هذه التطورات، إلا أن انتحار رامي مخلوف أو قتله وارد كما حصل مع الذين تحدوا الأسد داخليا مثل غازي كنعان ومحمود الزعبي، وخارجيا مثل رفيق الحريري، لكن المخاوف من انقلاب العائلة ربما يقضي بشكل مختلف من المعالجة لإنهاء هذا الصراع، ربما بشكل يشبه خروج رفعت الأسد من سوريا في صفقة معروفة عام 1984.

لم يعد رامي مخلوف جزءا أصيلا وحليفا أساسيا، وليس معروفا ما إذا كانت روسيا ستساعد في تجميد نشاط الأب محمد مخلوف والشقيق حافظ اللذين يعملان بين موسكو وعواصم في أوروبا الشرقية، ولن تكون استثمارات آل مخلوف في دبي وخلف البحار آمنة بعد اليوم، وربما يكون مطلوبا من الأسد تصدير مذكرات لاستعادة تلك الأموال، وكل هذا لا يشير إلا إلى النهايات، فالأسد لم يعد ممسكاً بكل الخيوط، وأصبح له أعداء من الداخل القريب وفي هذا إشارات على ما يشاع حول التعجيل بتنفيذ اتفاق لنقل السلطة حسبما يرشح من معلومات مصدرها أكثر من عاصمة.

زمان الوصل

—————————

الرامومخلوفية…/ د.محمد الأحمد

حكاية رامي مخلوف ليست سوالف أشخاص، ولا هي قضية أشخاص، إنها جزء من مأساة وطن، بل هي ظاهرة سورية سلطوية تعني (مجموعة أفعال وردود أفعال وتبديات لا تنتهي بنهاية شخص بل بتغيير المسبب)، مع أنه في المجتمع والسياسة والاقتصاد بعض الظواهر يمثلها أشخاص طبعا، وهي لا تنتهي كما قلنا بموتهم أو سجنهم لأنها ظاهرة ! ولا تنتهي الظاهرة السلبية أو الجرمية إلا بانتهاء مسبباتها في بنية السلطة، فهل نحن أمام استحقاق من هذا النوع؟

إن عدم احترام القانون أو اعتبار (كلمة) أو (إرادة) الفرد الحاكم هي القانون، تلد كل الظواهر السلبية في جسد الدولة والمجتمع، وحتى لو ولدت ظواهر إيجابية ستكون محكومة بالموت أو التخريب.

لنسمي ظاهرة الحدث اليوم (رامومخلوفية) لا مشكلة، إلا إن القصة وجذر المشكلة يكمن في النظام السياسي، الذي غالبا لا يطبق هو نفسه القانون.

وعندما صدف وفعل، أي طبق القانون، حدث أن أفرزت تجليات تطبيق القانون القليلة، في نفس وقت ولادة الظاهرة (الرامومخلوفية)، ظاهرة محترمة للغاية في التسعينيات، وهي الظاهرة (الرياض سيفية) رياض سيف، وهو نفس الرجل الذي أدرك بحس القائد الإنتاجي الفعلي (كان يرفع اسم الصناعة السورية عالياً) أدرك حجم خطورة تلك الظاهرة المميتة، وحاربها كنائب في البرلمان، وانتهى في سجن عدرا بسبب نضاله هذا، ثم صار معارضا يريد إسقاط النظام كله، لأن النظام فنان في تخليق الأعداء، خصوصاً إذا كانوا محترمين.

في تلك الأيام بالذات كنا نمني النفس ألا تنتصر ظاهرة رامي، ولكنها انتصرت لكي تدمي البلد بعد حين، حيث اختار النظام عندما تبدى أمامه مفترق الطرق، فرفض المضي إلى ما يشبه التجربة الصينية التي كانت ممكنة للغاية بأمثال رياض سيف، ليس فقط كصناعي بل كمدير لاقتصاد البلد، ولم لا رئيساً للوزراء؟ لكن الذي حدث أنه ذهب نحو الخراب، بتعيين أناس لا يستطيعون رفع رؤوسهم في وجه ضابط أمن، لأن ملفاتهم ملأى بالارتكاب، ومن يرتكب مرة يسهل عليه التالية، وأخواتها.

وكل ذلك من أجل تسهيل الظاهرة (الرامومخلوفية) وشبيهاتها.

عندما نستعرض قوانين الحياة السياسية -يا سادتي- لا بد أن نصل إلى قانون دائم مطلق، وهو أن الدول هي دول القانون..وغير ذلك فهي دول مشوهة.

ففي حقيقة الأمر إن ما جرى ويجري وتحدث فيه الكثيرون، بعد ظهور (رامي مخلوف) الفيسبوكي مرتين، ما هو إلا هجوم استباقي من قبله، مدافعاً عن 180 مليون دولار مطلوبة منه كضريبة، ومعلناً استعداده للدفع عبر الجدولة، فقط لكي يتم تسكير الحساب بين الشعب وكل الظاهرة (الرامومخلوفية)، وهي تنام ببساطة على مليارات الدولارات الموجودة في الخارج بأسماء متعددة، والآن احتاجها النظام.

هذا في الجانب المالي للقضية، أما سياسياً فالحاصل يعني أن الدولة العميقة في سورية تتعرض لهزة كبرى، ولانقسام سيعني بالضرورة تلاشيها، فالدول العميقة، تقوم على مبدأ الثقة المطلقة ما بين أفرادها، وفي حال انتهاء الثقة، تنتهي الدولة نفسها.

و من الصعب تشكيل دولة عميقة ثانية في ظل الظروف الحالية لها نفس القوة و نفس التشبيك المعقد ، و هذا يعني أن السلطة في سورية سوف تعتمد من الآن فصاعداً على، آليات الدولة الظاهرية لحل المشاكل الاقتصادية المستعصية، أي على مجلس الوزراء وعلى كل أولئك الذين يظهرون على الشاشات أن يحلوا مسائل رياضية بمئات المجاهيل، وعلينا أن نتوقع الكثير، إلا إذا استطاعت السلطة أن تحصل فعلياً، ذاك المال الموجود خارج البلاد، أو على الأقل جزءاً منه.

كل هذا في سلة وفي سلة أخرى أن تقوم السلطة بعملية جردة حساب حقيقي لكل شيء، وأن تصل إلى عقلنة في القرار، لكي تكتشف بسهولة أن الحل الوحيد الممكن أمامها، هو خلق انفراج في العملية السياسية، فمريضنا بحاجة لعمل جراحي حقيقي وكل وصفات الدواء والأعشاب لن تفيده في شيء.

———————————

رسالة جديدة من رامي مخلوف يشتكي فيها لله تخلق زوبعة داخل الطائفة العلوية/ هبة محمد

أثار منشور جديد لأبرز الرموز الاقتصادية في النظام السوري، رامي مخلوف، موجة من التكهنات حول دلالات مضمون خطابه وتوقيته ومآلات هذه الزوبعة، وذلك بعدما حوّل الأخير صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك» لمنصة دينية يخاطب من خلالها بشار الأسد والطائفة العلوية، لحل الخلاف الذي امتد داخل المجتمع العلوي.

وفي دلالة على فشل الوساطة في إيجاد حل ينهي الخلاف مع بشار الأسد، كتب مخلوف يوم الأحد «رسالة استسلام»، حسب وصف معارضين للنظام السوري، جاء فيها «بـعـدما تـوجهـت إلـى عِـبـادِك لـِتـبـلـيـغ مـُرادِك لـِرَفـع الـظّـلـم عـن عـيـالـك، فـلـم يـعـيـننـِي أحـد مـع تـبْـلـيـغـي أنَّ الـظـلـم لـن يـرضـى بـه الأحـد».

وكشف مخلوف قلة حيلته أمام الضغط الذي يمارس عليه من قبل الفئة الحاكمة في البلاد، مشيراً إلى استبداد بشار الأسد، حيث كتب «اسـتجـرت بالـواحـدِ الأحـد الذي ليس كمـِثلهِ أحـد والـذي لا يعرفـه أحد ..فظُلمُ عِبادِكَ قَد فَاقَ طاقَـةَ عِـيالِكْ»

وبرأي المعارض السوري عبد الوهاب عاصي لـ«القدس العربي» فإن صفحة رامي مخلوف أصبحت أشبه بمنصّة لرجال دين علويين، مستنتجاً من آخر منشور كتبه مخلوف على حسابه أن «رامي يدفع للتلويح بإمكانية القبول بالتهدئة لكن ليس بالصيغة التي تريدها أسماء الأسد منه».

ويرى عاصي أن الخلاف بين الأسد ومخلوف «امتد داخل الطائفة العلوية، أو أنّ رامي مخلوف استطاع إقناع قسم منها بأنّ الأسد لم يعد يُشكّل إلّا تهديداً لمصالحهم ومصيرهم وأنّ مخلوف قادر على حمايتهم، أو أنّ مخلوف يحاول استمالة قسم من المجتمع العلوي أو كلّه، مستفيداً من موقف أحد رجال الدين فيه».

في المنشور أورد رامي مخلوف كلمة «أسماء» بصيغة دينية حوالى 6 مرّات، حسب المتحدث، الذي أضاف أن مخلوف «لا يبدو أنّه قد تخلّى عن التحدي الذي سبق وقال في التسجيل المرئي السابق إنّه قبله، بل يلوح بالتهدئة لكن ليس بصيغة جديدة».

وبالنظر إلى تركيبة النظام السوري والظروف المحيطة به بما فيها تعدد الفاعلين الدوليين المؤثرين في مجريات الأحداث، يمكن سرد احتمالات رئيسية تحدث عن مدلولاتها العقيد عماد شحود، حيث قال إن ما يجري هو صراع ضمن الدائرة المحيطة ببشار الأسد، حيث ركّز مخلوف خلال ظهوره الإعلامي على رأس النظام، مشيراً الى أن هناك «طرفاً ثالثاً» يسعى إلى تفتيت التوافقات البينية، كما أن كلمات مخلوف توحي بوجود صراع بين رجالات المال ضمن الدائرة المحيطة ببشار الأسد، والمرشح الأبرز لخوض الصراع مع إمبراطور المال القديم ضمن النظام هي زوجة الأسد أسماء الأخرس.

ومن المؤشرات التي تدل على وجود مثل هذا الصراع أن أسماء أصبحت عن طريق شركة «إيما تيل» منافساً لمخلوف في التربع على عرش الاتصالات الذي سيطر عليه ابن خال الأسد لعشرين عاماً.

بعض المعلومات القليلة التي رشحت عن الخلاف تفيد بأن رامي يزود الإعلام الروسي بتفاصيل حول سلوكيات الأسد وزوجته، وكان أبرزها قضية شراء بشار هدية لزوجته أخيراً قيمتها 30 مليون دولار أمريكي.

وبين المتحدث لـ«القدس العربي» وجود مؤشرات ظهرت مع تسجيلات مخلوف، حول تراجع التماسك بين الشركاء الكبار على طاولة النظام، وهذا المؤشر له آثاره وتبعاته غير الحتمية، كما يعكس اختلافاً على مستوى العائلة وعلى مستوى الطائفة أيضاً، إذ لكل شريك «مع اختلاف الحجم والتأثير نفوذ وأتباع في الداخل والخارج، لافتاً الى وجود دور روسي، حيث قال إنه «من المحتمل أن تكون الأيادي الروسية بطريقة غير مباشرة خلف الأزمة الأخيرة بين رامي مخلوف ونظام الأسد، من خلال ممارسة موسكو لضغوطات على رأس النظام لتحصيل وجباية الأموال من الرموز التي لعبت دوراً أساسياً في هيمنة النظام على الحياة الاقتصادية، وقد يكون هدف روسيا إما إيجاد تمويل ذاتي للمجهودات الحربية وبعض عمليات إعادة تفعيل المنشآت، أو أن روسيا تريد إبعاد هؤلاء الرموز من الواجهة كجزء من عملية إعادة تدوير النظام السوري في إطار عملية سياسية ضمن المعايير الروسية، تستطيع من خلالها إقناع المجتمع الدولي بوجود إصلاحات في سوريا، وهذا بطبيعة الحال استلزم رد فعل من مخلوف على اعتباره رقماً صعباً، بسبب أنه خازن مال العائلة والنظام، كذلك شعبيته المكتسبة ضمن الطائفة التي ينتمي لها والتي عمل على استعطافها كثيراً في ظهوره الثاني».

وأخيراً، يدل الظهور الإعلامي لرامي مخلوف الى تضحية بشار الأسد به «حيث من الممكن أن يكون الصراع الحالي هو نتيجة لرغبة الأسد في تحصيل أموال لتسديد بعض المستحقات الروسية وإنعاش الاقتصاد الذي دخل في أخطر أوضاعه، بالإضافة إلى رغبة الأسد بلعب زوجته دوراً محورياً في العملية الاقتصادية، مستفيداً من ارتباطاتها الغربية».

وحول مستقبل الأزمة التي تعصف حالياً بالبيت الداخلي للنظام السوري، توقع شحود واحداً من السيناريوهات التالية، وهو أن يمتد الصراع إلى داخل الطائفة العلوية، بالنظر إلى الشعبية التي امتلكها الأخير جراء إنفاقه على جرحى ومصابي الحرب والفقراء ضمن الطائفة طيلة سنوات الحرب من خلال جمعية البستان الخيرية وغيرها من الجمعيات، وكذلك من خلال النفوذ الذي يملكه آل مخلوف عموماً في الأجهزة الأمنية، او أنه من ضمن السيناريوهات المحتملة أن يتمكن بشار الأسد من إنهاء نفوذ رامي مخلوف دون أن تتفاقم الأزمة وتنتقل الى داخل الطائفة أو المؤسسات الأمنية، سواء كانت التضحية بمخلوف رغبة الأسد أو أنه انحاز لزوجته في الصراع الدائر مع ابن خاله. ويُشبه هذا السيناريو ما حصل مع رفعت من قبل، والذي كان أوسع نفوذاً وتأثيراً من رامي مخلوف.

——————————

الشيخ رامي مخلوف!

عاد رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، إلى بث رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه استغنى عن بث مقطع فيديو، وكتب منشوراً عبر صفحته الرسمية في “فايسبوك”، خصصه للدعاء لله من أجل “رفع الظلم” عنه.

يأتي ذلك بعد مقطعي فيديو نشرهما مخلوف مخاطباً ابن عمته الرئيس السوري بشار الأسد، بخصوص الضرائب التي يحاول النظام تحصيلها من شركاته، وتبلغ قيمتها 130 مليار ليرة سورية.

وجاء في منشور مخلوف المطول :”بعدما توجهت إلى عبادك لتبليغ مرادك لرفع الظلم عن عيالك، فلم يعينني أحد مع تبليغي أن الظلم لن يرضى به الأحد. فعدت واستجرت بالواحد الأحد الذي ليس كمثله أحد والذي لا يعرفه أحد والذي بالحقيقة لم يخفى عن أحد والذي أمرنا أن نقول قل هو الله أحد والذي قال لا تخشوا”.

هذه اللغة الدينية امتداد لوجودها في مقطعي الفيديو السابقين، والتي أثارت سخرية واسعة في مقاطع التواصل. علماً أن مخلوف تحدث فيهما عن “ضغوطات غير مقبولة”، ضد شركاته، كما كشف عن أن أجهزة الأمن التابعة لنظام الأسد بدأت تعتقل موظفي شركاته، رغم كونهم من الموالين، ورغم كونه من أكبر الداعمين للأجهزة الأمنية طوال السنوات الماضية، حسب تعبيره.

وأعاد السوريون نشر ما كتبه مخلوف، وأطلقوا عليه لقب “الشيخ مخلوف”، مؤلفين حوله النكات. فيما قال الأكاديمي والمعارض السوري رضوان زيادة في “تويتر”: “الشيخ رامي مخلوف. شيء مقرف. كيف لا تنعكس القيم الدينية على سلوكه وأولها لا تقتل. كان ومازال الممول الأكبر للشبيحة الذين قتلوا وعذبوا الآلاف من الناشطين السلميين والمدنيين. ربما أراد كسب وعطف الإيرانيين من أجل حمايته بعد أن يئس من الروس الذين شاركوا في حملات اعتقال موظفيه”.

    الشيخ رامي مخلوف ..شيء مقرف ..

    كيف لا تنعكس القيم الدينية على سلوكه وأولها لا تقتل …

    كان وما زال الممول الأكبر للشبيحة التي قتلت وعذبت الآلاف من الناشطين السلميين والمدنيين ..

    ربما أراد كسب وعطف الإيرانيين من أجل حمايته بعد أن يئس من الروس الذين شاركوا في حملات اعتقال موظفيه pic.twitter.com/DBXVMlINxY

    — Radwan Ziadeh رضوان زيادة (@radwanziadeh) May 10, 2020

    أسلم عبدك الفقير يا الله!

    رامي مخلوف يتجه إلى السماء بعد ظلم أهل الأرض له! هذا بوست نسخ لصق من تبعات الوتساب على فكرة! مالو جينيون! pic.twitter.com/bJmw2tCEkM

    — dr rahaf aldoughli رَهَفْ (@r_aldoughli) May 10, 2020

    الشيخ رامي ( كتب كتاب – فك السحر – حجابات – ترجيع الحبيب لحبيبتو – تبصير – قراءة المستقبل – فتح فنجان ……….)

    لسنا الوحيدين ولكننا الأفضل ….

    فقط اتصل على الخط الساخن لشركة سيريتل وبيطلعلك الشيخ رامي واشكيلو همك#رامي_مخلوف

    — Zaid (@Zaid_husrom) May 10, 2020

    منشور رامي مخلوف لهذا اليوم بعنوان

    ” انتهت حلول الأرض ، الأمر متروك للسماء “

    😂

    — العقيد : خالد القُطَيني (@Halid_Kutayni65) May 10, 2020

    “فظلم عبادك فاق طاقة عيالك”

    رامي مخلوف.

    — yahya (@yahya_y9) May 10, 2020

    شكلو رامي مخلوف صايم اليوم

    — Hariri (@7aririmo) May 10, 2020

—————————–

ثروة رامي مخلوف محور خلافات داخل عائلة الأسد

يتربع على رأس امبراطورية اقتصادية

تزعزعت إمبراطورية رامي مخلوف، المموّل الأساسي للنظام السوري منذ عقود، وبرزت علاقته المهتزة بالرئيس بشار الأسد الذي يخوض معركة استعادة سلطته كاملة وإنعاش اقتصاده بعد تسع سنوات حرب، إلى العلن، في قضية تتداخل فيها مصالح عائلية وسياسية ومالية، بحسب متابعين وخبراء.

وبعد أن بقي لسنوات بعيدا عن الأضواء، خرج مخلوف عن صمته عبر بيانات وشريطي فيديو على صفحته على فيسبوك فضحت حجم التوتر بينه وبين نظام ابن عمته بشار الأسد، في معركة يتوقع محللون أن تكون عواقبها وخيمة عليه.

وكان يُنظر الى مخلوف (51 عاماً)، على أنه أحد أعمدة النظام اقتصادياً. وتفرض عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة جراء علاقته بالنظام.

بدأت أزمة مخلوف حين وضعت السلطات صيف 2019 يدها على “جمعية البستان” التي يرأسها والتي شكلت “الواجهة الإنسانية” لأعماله خلال سنوات النزاع. كما حلّت مجموعات مسلحة مرتبطة بها.

وفي ديسمبر، أصدرت الحكومة سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال، بينهم مخلوف وزوجته وشركاته. واتُهم هؤلاء بالتهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال الحرب المستمرة منذ 2011.

في نهاية أكتوبر، أكد الأسد على استعادة أموال “كل من هدر أموال الدولة”.

ويقول الباحث في الشأن السوري فابريس بالانش لوكالة فرانس برس “في سوريا، يجب التذكر دائماً أن حملات مكافحة الفساد كثيرة لكنها غير مجدية، وهدفها ببساطة إسقاط الرؤوس التي تبرز”.

“سيكلفه كثيراً”

وتجمع مخلوف بالرئيس السوري صداقة منذ الطفولة. وحين تسلم الأخير سدة الرئاسة خلفاً لوالده حافظ الأسد عام 2000، كان مخلوف أحد أبرز أركان سياسة الانفتاح الاقتصادي التي روّج لها الأسد الابن.

ويتربع مخلوف على رأس امبراطورية اقتصادية تشمل أعمالاً في قطاع الاتصالات والكهرباء والعقارات. فهو يرأس مجموعة “سيريتل” التي تملك نحو سبعين في المئة من سوق الاتصالات في سوريا. كما يمتلك غالبية الأسهم في شركات عدة أبرزها شركة “شام القابضة” و”راماك للاستثمار” وشركة “راماك للمشاريع التنموية والإنسانية”.

ويقول مدير نشرة “سيريا ريبورت” الاقتصادية جهاد يازجي إن مخلوف “كان يسيطر على قطاعات معينة بالكامل بينها أكبر شركة قطاع خاص في سوريا، أي سيريتل. وكان هناك الكثير من القطاعات التي لا يمكن لأحد أن يعمل فيها من دون المرور عبره”.

وليست هناك تقديرات لثروته، لكنها بالطبع “من مليارات الدولارات”، وفق يازجي.

خلال سنوات النزاع، كانت إطلالات مخلوف نادرة جداً. ويُعد ظهوره الأخير قبل أيام الأبرز منذ مقابلة أجراها في مايو 2011 مع صحيفة “نيويورك تايمز”، وقال فيها “من المستحيل، ولا أحد يستطيع أن يضمن ما يمكن أن يحصل، اذا لا سمح الله، حصل شيء للنظام”.

في مارس 2011، وحين صدحت حناجر السوريين مطالبة بالإصلاح ثم بإسقاط النظام، كانت لمخلوف حصته من الهتافات. ففي محافظة درعا جنوباً، هتف متظاهرون “برا برا برا، مخلوف اطلع برا”، و”بدنا نحكي على المكشوف.. سرقونا عيلة مخلوف”.

ويقول بالانش إن مخلوف واصل خلال سنوات الحرب “إنماء أعماله… وبسبب شركات الظل، كان من القلائل الذين تمكنوا من الالتفاف على العقوبات ليأتي إلى سوريا ببواخر محملة بالبضائع”.

ويرى يازجي أن خروج مخلوف إلى العلن اليوم هو نتيجه “شعوره بتراكم الضغط عليه لتهميشه”، مشيراً الى أنه حاول “أن يقاوم كثيراً قبل أن يرمي الورقة الأخيرة ويفضح الخلاف العائلي”.

لكنه يؤكد أن ذلك “سيكلّفه كثيراً”.

وقت التسديد

وفتح مخلوف الذي يُعتقد أنه في دمشق، حسابا جديدا على “فيسبوك” في أبريل، ونشر عليه بيانات عدة للدفاع عن أعماله، وصولاً الى شريطي فيديو الشهر الحالي قدّم فيهما نفسه على أنه ضحية “أجهزة”.

وتوجه الى الأسد واصفا إياه بـ”صمام الأمن”، وطلب منه التدخل لإنقاذ شركة الاتصالات من الانهيار بعدما طلبت منه الحكومة تسديد نحو 180 مليون دولار كجزء من مستحقات للخزينة.

واتهم مخلوف في الشريط الثاني الأجهزة الأمنية باعتقال موظفيه للضغط عليه للتخلي عن شركاته. وتساءل “هل يتوقع أحد أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف الذي كان أكبر داعم لهذه الأجهزة وأكبر راعٍ لها خلال الحرب؟”.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان اعتقال القوى الأمنية العشرات من موظفي “سيريتل”.

ويقول مصدر دبلوماسي عربي في بيروت متابع للملف لفرانس برس “أخذت الحكومة الكثير من عدد من رجال الأعمال”، لكن “يبدو أن مخلوف رفض دفع ما طُلب منه، وسط تقارير عن أنه حاول حتى إخراج أموال من البلاد”.

ويشير إلى عاملين أساسيين خلف قضية مخلوف، أولهما أنه “كبر كثيراً”، والثاني هو “الحاجة الملحة للأموال نتيجة الأزمة الاقتصادية”.

والاقتصاد السوري منهك بسبب الحرب، وسجلت الليرة انخفاضاً قياسياً أمام الدولار خلال الصيف وتخطت اليوم 1200 ليرة. وتشهد مناطق سيطرة القوات الحكومية أزمة وقود حادة. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 107 في المئة خلال 2019 فقط، وفق برنامج الأغذية العالمي.

“لا حصانة”

وتحدثت تقارير إعلامية عن دور لأسماء، زوجة الأسد، في المواجهة بين النظام ومخلوف. ويقول يازجي “من الصعب جداً أن نعرف فعلياً ماذا يحصل”، مضيفا “قد تكون أسماء التي يكبر دورها، تريد تأمين مستقبلها وابنها” عبر إبعاد عائلة مخلوف التي طالما كانت الحليفة الأولى لعائلة الأسد.

وليست قضية رامي مخلوف الأولى التي تتشابك فيها السياسة مع العائلة في سوريا. ويقول بالانش “بالطبع هي مشكلة في صلب النظام”، مشيراً الى أن “الأسد يطيح بقريب كما فعل والده مع شقيقه رفعت” الذي أجبره على مغادرة البلاد عام 1984.

ويضيف “في حالة رامي، قد يكتفي الأسد بتكسير أجنحته، فهو في النهاية قريبه”، مشيراً الى أن المسألة تتعلّق بـ”ثروة سوريا الأولى وابن خال بشار الأسد”.

ويخلص بالانش الى أن مخلوف “كان يشعر أنه لا يمكن المساس به ولا يمكن الاستغناء عنه (…) لكن في هذا النوع من النظام الاستبدادي، يجب أن نتذكر من وقت لآخر أنه لا يوجد أي أحد محصن”.

ايلاف

——————

دون فيديو.. جديد رامي مخلوف ابن خال الأسد

المصدر: العربية.نت – عهد فاضل

في مؤشر قد يرتبط بمفاوضاته المالية مع نظام الأسد واضطراره للإذعان لما طلب منه، وبعد اختفاء دام أكثر من أسبوع على ظهوره الأخير، كتب رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، ورجل الأعمال المعاقب دوليا لتورطه بالفساد، منشورا على حسابه الفيسبوكي، اليوم الأحد، هو عبارة عن دعاء مطوّل، تحدث فيه عن الظلم.

موضوع يهمك

?

لا تزال التحليلات بخصوص ظهور رامي مخلوف، رجل الأعمال المعاقب دوليا، وابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، تتلاحق،…

أستاذ بجامعة “حكومية” يوجّه اتهامات خطيرة لرامي مخلوف أستاذ بجامعة “حكومية” يوجّه اتهامات خطيرة لرامي مخلوف سوريا

واحتوى المنشور كله على كلمات دعاء، معبراً فيها عن ما سمّاه ظلم العباد الذي فاق طاقة العِيال، قاصداً نفسه بطبيعة الحال.

وكان مخلوف قد ظهر مرتين، في فيديوهين، أولهما في الثلاثين من أبريل/ نيسان الماضي، وثانيهما في الثالث من شهر أيار/ مايو الجاري، هاجم فيهما أجهزة أمن النظام السوري بعدما اعتقلت عددا من موظفيه ومدراء شركتيه المشغلتين لقطاع الاتصالات، سيرتيل، وإم تي ان، ووصف جميع من حول بشار الأسد بأنهم ليسوا أهلا للثقة، بعدما طالبه نظام الأسد بدفع مبلغ 230 مليار ليرة سورية لصالح الخزينة، بحسب ما ذكرته الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد التي عادت وأكدت وجوب قيام مخلوف بدفع ما يتوجب عليه.

منشور غير مصور

وجاء منشور مخلوف الحالي، وغير المصوّر، بعد غياب أكثر من أسبوع، على ظهوره الأخير، ترافق مع قيام شخصيات قريبة من النظام السوري، بتوجيه تهديدات علنية للرئيس الروسي ولقواته المنتشرة في سوريا، ردا منها، كما قالت، على تسريبات روسية تحدثت عن توجه روسي بإزاحة الأسد.

وأكدت مصادر إعلامية مختلفة، عن وجود دور روسي في قضية مخلوف، وأن موسكو هي التي ضغطت على الأسد بهذا الاتجاه، فيما ألمح مخلوف نفسه في ظهوره المصوّر السابق، إلى من حول الأسد، وشكك فيهم، جميعاً.

وكانت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد التابعة للنظام، قد حددت الخامس من الشهر الجاري، موعداً نهائيا، لإذعان مخلوف ودفع المبالغ المستحقة على شركتيه، وإلا ستتخذ إجراءات قانونية بحقهما.

مخلوف المعاقب أميركيا

يذكر أن العقوبات طالت مخلوف، لاتهامه بالفساد والتربح غير المشروع، عندما أعلنت الخزانة الأميركية حزمة عقوبات بحقه، في 21 شباط/ فبراير 2008، حملت الرقم التنفيذي 13460، ذكرت فيها أن مخلوف أثرى بالفساد، وبأنه استعمل تخويف خصومه التجاريين للحصول على مزايا إضافية. فأمرت الخزانة الأميركية بتجميد أصوله المالية كافة في الولايات المتحدة الأميركية، ومنع الأفراد والمؤسسات من إجراء أي تعاملات مالية مع شركاته.

وتوالت العقوبات الدولية بحقه، تباعاً، ثم جمدت سويسرا أموال مخلوف لذات التهم بالفساد، وسعى كثيرا لفك تجميدها، إلا أن المحكمة السويسرية العليا أصدرت قرارها النهائي عام 2018، بالإبقاء على تجميد أمواله.

وبحسب محللين ومراقبين، فإن خلاف مخلوف-الأسد، ليس مجرد صراع بسبب المبلغ المالي المطلوب من شركتي الاتصالات التابعتين لمخلوف، سداده، نظرا لأن المبلغ المذكور “صغير” بحسب السابقين، ومخلوف يملك أكثر من هذا المبلغ بكثير وثروته التي جناها على حساب قوت السوريين وتربحه عبر عمليات فاسدة وتهديد لخصومه التجاريين ليكسب مزايا إضافية عليهم، بحسب منطوق العقوبات الأميركية الصادرة ضده عام 2008، أكبر من هذا الرقم بعشرات الأضعاف.

—————————

=======================

====================

تحديث 12 أيار 2020

————————–

فضيحة مخلوف:بشار يسترد أمواله..في تسوية مؤقتة؟

المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات

أثار الظهور العلني لرامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال الرئيس السوري، عدة تساؤلات. فقد خاطب الرئيس السوري في تسجيلَين علنيَّين على مواقع التواصل الاجتماعي، اتهم في أحدهما أجهزة أمنيَّة داخل النظام باستهداف مؤسساته وأعماله، فضلًا عن مطالبته من جهة وزارة المالية بدفع نحو 234 مليار ليرة سورية (180 مليون دولار أميركي تقريبًا) من استحقاقات ضريبية متراكمة. أخرجت خطوات مخلوف هذه الخلافَ، الذي ظل مكبوتًا على امتداد عدة شهور داخل الحلقة الضيقة للنظام السوري، إلى العلن. وكان آخر ظهور إعلامي مهم لمخلوف قد تمَّ قبل تسعة أعوام، وذلك عندما أجرى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، في بداية الحراك الاحتجاجي، حذر خلالها من تداعيات سقوط النظام السوري، خصوصًا على أمن إسرائيل، ثم أعلن بعد ذلك عن تفرغه للأعمال الخيرية. وما بين إطلالتَي 2011 و2020، تغيَّر وضع مخلوف كثيرًا داخل النخبة الحاكمة، كما تغيرت السياقات السياسية والاقتصادية التي رافقت ذلك. تستعرض هذه الورقة الأدوار التي قام بها مخلوف منذ بداية الحركة الاحتجاجية في دعم النظام وتمويل آلته الأمنيَّة والعسكرية، وتحلل السياق والأسباب التي أدت إلى تآكل نفوذه، وصولًا إلى اختبار فرضيتَي التصعيد أو التسوية بينه وبين النظام الذي كان يُعد، يومًا ما، من أركانه.

أولًا: نشاط مخلوف خلال الأزمة

يُعتبر رامي مخلوف رمزًا لفئة “الذئاب الشابّة” التي صعدت داخل النظام مستفيدةً من اللبرلة الاقتصادية في مرحلة بشار الأسد، وتُعد شركاته نموذجًا لطريقة إدارة الاقتصاد السوري والخصخصة على نمط رأسمالية المحاسيب والأقارب، بحيث تبقى الموارد الاقتصادية ضمن مصادر النظام الاقتصادية – السياسية – الأمنيَّة، مع إثراء المقربين. فقد ضَمن هذا النمط ألّا تُضعف اللبرلة الاقتصادية النظام الاستبدادي، بل أن تعززه عبر التداخل بين الولاء السياسي والعطاءات، والتناسب الطردي بين القرب من دوائر الحاكم وهامش حركة رأس المال في السوق، وكذلك عبر تداخل الدوائر المحيطة بالرئيس (1. الأسرة، والأقارب، والطائفة، 2. قادة الأجهزة الأمنيَّة، 3. كبار رجال الأعمال). وقد كان الحزب، من قبلُ، يعتبر ضمن هذه الدوائر، لكنه هُمِّش في مرحلة بشار الأسد.

تردد اسم رامي مخلوف منذ اليوم الأول في هتافات الحراك الاحتجاجي، وكانت مقرات شركاته أهدافًا لغضب المحتجين الذين اتهموه بالفساد واستغلال النفوذ. وردًّا على ذلك، أجرى مخلوف مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، في أيار/ مايو 2011، ضَمَّنها رسائل مباشرة للخارج، وأكد فيها أن النظام سيقاتل حتى النهاية، كما حذَّر من تداعيات الفوضى في سورية على أمن إسرائيل واستقرارها.

ظهر مخلوف إعلاميًّا مرةً أخرى، في حزيران/ يونيو 2011، مُعلنًا تفرغه لـ “العمل الخيري”، معللًا خطوته هذه بعدم رغبته في أن يكون عبئًا على سورية ولا على شعبها أو رئيسها، على حد تعبيره، لكن خطوته هذه لم تنجح في تجنيبه هو وشركاته سلسلة من العقوبات الأميركية والأوروبية، أضيفت إلى تلك التي يخضع لها منذ شباط/ فبراير 2008.

كان إعلان مخلوف التفرغ لـ “العمل الخيري” عبر “جمعية البستان”، بمنزلة غطاء للتمويه على نشاطه الجديد ضمن تحالف مركَّب يتكون من مراكز قوًى عسكرية وأمنية طائفية للدفاع عن النظام. وبناءً عليه، تولّت جمعية البستان، بدايةً من عام 2012، تشكيل ميليشيات تابعة لها بمسميات متعددة منها قوات الكميت، وقوات المهام الخاصة، وفوج مغاوير حمص، وأسود البستان، وقوات الدفاع الشعبي، وكتائب الجبلاوي. وقد انحدر أكثر عناصر هذه المليشيات من محافظتَي اللاذقية وطرطوس. واقتسمت جمعية البستان مسؤولية هذه المجموعات بالتعاون مع المخابرات الجوية والفرقة الرابعة؛ إذ تولَّت جمعية البستان عملية التجنيد ودفع الرواتب للمقاتلين ورعاية أسرهم، في حين كانت المخابرات الجوية مسؤولة عن التدريب والتسليح اللذين تولاهما أحيانًا حزب الله، لينحصر دور الفرقة الرابعة في تنسيق هذا التحالف وقيادته ميدانيًّا.

قامت جمعية البستان، أيضًا، بتمويل مجموعات قتالية تتبع للأجهزة الأمنيَّة؛ إذ تعهدت منذ عام 2013 بتمويل قوات النمر التابعة للمخابرات الجوية برئاسة العقيد سهيل الحسن. وموَّلت مجموعات قتالية أخرى تتولاها شخصيات قريبة من آل الأسد، مثل “كتيبة الغيدق اقتحام” التي كان يتزعمها الغيدق ديب؛ ابن اللواء مروان ديب وبهيجة الأسد، شقيقة الرئيس الراحل حافظ الأسد.

كما تولَّت جمعية البستان رعاية الحاضنة الموالية للنظام ودعمها لامتصاص نقمتها والحفاظ على دعمها، وذلك بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها دفاعًا عن النظام. وبدايةً من عام 2013، افتتحت الجمعية شبكة من المراكز والمقرات الموجهة لرعاية الموالين للنظام والمؤيدين له في عدد من المحافظات (دمشق وريفها وطرطوس وحمص وحلب والقنيطرة ودرعا والسويداء مثلًا)، وعلى الرغم من هذا الانتشار الجغرافي، تركزت خدمات الجمعية على الحاضنة الموالية للنظام، ولا سيما في أرياف اللاذقية وطرطوس وفي بقية المحافظات، على المناطق التي ينتمي إليها منتسبو مجموعات البستان القتالية، كما هو الحال في صلخد بالسويداء.

رغم الأضرار التي ألحقتها العقوبات الأميركية والأوروبية بنشاطاته وأعماله، فإن اقتصاد الحرب أتاح لمخلوف فرصةً لتنمية أعماله، واستثمار العائدات من أجل توسيع نشاطه في الاقتصاد الرسمي، فقد نشط في تجارة نقل النفط من المنطقة الشرقية إلى مصفاة حمص؛ عبر وسطاء متعددين أبرزهم آل القاطرجي (الأخوة حسام وبراء ومحمد)، بحماية مجموعات البستان القتالية والفرقة الرابعة وصقور الصحراء، كما استأثر مخلوف بعدة عقود حصرية لتوريد النفط للنظام السوري عبر شركات “أوف شور” مقرها في الخارج للالتفاف على العقوبات المفروضة عليه وعلى النظام، ومثال ذلك شركة آبار بتروليوم سيرفيسز ش. م. م. المسجلة في لبنان.

استثمر مخلوف جزءًا من العائدات التي حصل عليها من اقتصاد الحرب لتوسيع أعماله الاقتصادية والتجارية في سورية، مؤسسًا ما يزيد على ثماني شركات خلال الفترة 2011-2020، بعضها يملكها كلّها (مثل “مؤسسة نور للتمويل الصغير”)، وبعضها الآخر يشاركه فيها آخرون (مثل “شركة روافد دمشق” المساهمة المغفلة الخاصة التي تستثمر حصة مهمة في مشروع ماروتا سيتي.

ثانيًا: تغير التوازنات وانفراط التحالف

بدأ تحالف مخلوف مع مراكز القوى العسكرية والأمنيَّة داخل النظام يتعرض للضغوط مع بلوغِ التدخل العسكري الروسي في سورية ذروته عام 2016، وتغيرِ التوازنات داخل القصر الجمهوري عقب وفاة والدة الرئيس بشار الأسد، أنيسة مخلوف، وهي عمة رامي، ومرضِ محمد مخلوف، “عراب العائلة”، بحسب ما يوصَف به، وتنامي نفوذ شخصيات من العائلة الحاكمة ليست على وفاق مع آل مخلوف، وصولًا إلى قرار بشار الأسد المتمثل بتهميش آل مخلوف وإضعافهم وإخراجهم كليًّا من الواجهة، مع بلوغ العمليات العسكرية نهايتها على الأرض صيف عام 2019، ومساعي بشار إعادة تركيز مصادر القوة، ومن ضمنها الموارد المالية، داخل النظام بين يديه.

1. التدخل الروسي

كان للتدخل الروسي العسكري أثرٌ حاسم في تثبيت النظام السوري وتمكينه من زيادة رقعة سيطرته الجغرافية من نحو 22 في المئة في عام 2015 إلى ما يقارب 63 في المئة في بداية عام 2020، كما كان لهذا التدخل أثره في تفكيك تحالف مخلوف مع المخابرات الجوية والفرقة الرابعة. وكانت قيادة العمليات الروسية في سورية (قاعدة حميميم) قد قامت بالاستثمار في قوات النمر وجعلت منها يدها المحلية الضاربة داخل مراكز قوى النظام، وصولًا إلى تنظيمها في صيف 2019 وتحويلها إلى “الفرقة 25 مهام خاصة”، بقيادة العميد سهيل الحسن. أما الفرقة الرابعة فقد منحها التدخل العسكري الروسي فرصةً لالتقاط أنفاسها، وإعادة ترتيب صفوفها. كما أخذت في التركيز أكثر فأكثر على أنشطة اقتصاد الحرب. وقد ساهم هذا الأمر في تأجيج التنافس بين حلفاء الأمس؛ إذ زاحمت الفرقة الرابعة ميليشيات جمعية البستان القتالية في ممارسة مهمات الترفيق والترسيم، وصولًا إلى إقصائها عن العمل في هذا المجال بقرارات رسمية، كما أدى الاهتمام الروسي المتنامي بقوات النمر إلى تسرُّب عناصر ميليشيات جمعية البستان للعمل مع سهيل الحسن، طلبًا للحماية، وسعيًا وراء الامتيازات المادية، لينعكس ما سبق سلبيًّا على الحضور الميداني لميليشيات البستان القتالية.

2. تغير التوازنات داخل النظام

شهدت التوازنات داخل مراكز التأثير في النظام تغيرات مهمة منذ بدء الحراك الاحتجاجي، فقد خرج آل طلاس من سورية، وتمَّت تصفية زوج أخت الرئيس، والرجل القوي في المؤسسة الأمنيَّة – العسكرية، اللواء آصف شوكت في تفجير خلية الأزمة، ولم يكن لهذه التغيرات أثرٌ ملحوظ على نفوذ آل مخلوف في القصر الجمهوري، لكنّ الحال تبدل بوضوح مع وفاة والدة الرئيس، أنيسة مخلوف، في شباط/ فبراير 2016، ومرض شقيقها محمد مخلوف، وهكذا فقدت العائلة أبرز داعميها داخل القصر الجمهوري. وزادت مشكلات مخلوف مع تنامي نفوذ منافسيه داخل القصر الجمهوري، أي زوجة الرئيس أسماء وشقيقه اللواء ماهر. وقد بدا واضحًا، خلال الفترة الأخيرة، تنامي دور أسماء الأسد داخل القصر الجمهوري، ومساعيها لإعادة توزيع الثروة داخل العائلة الحاكمة، وقد ألمح إلى ذلك رامي مخلوف في إطلالاته الثانية على مواقع التواصل الاجتماعي، في إطار اتهام بعض المحيطين بالرئيس بمسؤولية التحريض ضده.

انعكست التغيرات داخل القصر، أيضًا، على تنامي نفوذ اللواء ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة، ومزاحمته لمخلوف في أنشطة اقتصاد الحرب، وكذلك في الأعمال التجارية التي يتولاها، الأمر الذي بدا جليًّا مع إقصاء ميليشيات مخلوف عن قطاع الترفيق والترسيم في البداية لمصلحة شركة القلعة الأمنيَّة التي يملكها رجل الأعمال المعتمد من مكتب أمن الفرقة الرابعة خضر طاهر الذي دخل قطاع الاتصالات عبر التأسيس لشركة إيماتيل، إلى جانب استخدامه من قبل ماهر الأسد للهيمنة على بعض الاستثمارات التي تعود إلى آل مخلوف.

3. تركيز مصادر القوة

كان قرار بشار الأسد العامل الحاسم في إضعاف نفوذ رامي مخلوف وصولًا إلى إنهائه. وقد جاء قرار الأسد في سياق مساعيه لتفكيك مراكز القوى التي تعزز دورها خلال الأزمة، ولا سيما ما كان منها على مستوى الطائفة، وإعادة تركيز مصادر القوة سياسيًّا وماليًّا وأمنيًّا في القصر الجمهوري وتحت إشرافه. وقد انعكس هذا التوجه بحملة الضغوط التي بدأت على رامي مخلوف منذ صيف 2019، والتي هدفت إلى تفكيك شبكاته “الخيرية” والأمنيَّة والاستحواذ على شركاته وأمواله. ظهرت أولى بوادر هذه الحملة عبر إخضاع جمعية البستان لإشراف القصر الجمهوري، من خلال تعيين معن إبراهيم المشرف العام على ضريح حافظ الأسد رئيسًا للجمعية بدلًا من سامر درويش، إضافةً إلى تفكيك مجموعات البستان القتالية وإلحاقها بالأجهزة العسكرية والأمنيَّة للنظام. وعلى سبيل المثال، تمَّ إلحاق قوات الكميت التابعة لجمعية البستان التي يقودها فراس عيسى بقوات الغيث/ الفرقة الرابعة. وصدر قرار قضائي، في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، يتعلق بحل الحزب السوري القومي الاجتماعي – الأمانة العامة، المحسوب على رامي مخلوف. وأخيرًا، صدرت سلسلة أوامر الحجز الاحتياطي في حق مخلوف، بضوءٍ أخضر من الرئيس نفسه.

ثالثًا: الأزمة الاقتصادية

لا شك في أن تأزم العلاقات هو من مظاهر شُحِّ الموارد مع توقف اقتصاد الحرب من دون العودة إلى اقتصاد السلم؛ وذلك بسبب العقوبات، والتحفظات الدولية الكثيرة على إعادة الإعمار، وغيرها من الطرق التي ظنت روسيا أنها يمكن أن تقود إلى إنعاش الاقتصاد من جديد.

ومع انتهاء العمليات العسكرية على الأرض، والخروج من اقتصاد الحرب، بدأ ينكشف الوضع الاقتصادي الهش للنظام. وقد انعكس ذلك بوضوح مع انخفاض الإيرادات العامة، وتدهور سعر صرف الليرة السورية وتراجع الإنفاق العام، وزادت متاعب النظام الاقتصادية بسبب مطالبة حلفائه بتسديد المستحقات المترتبة عليه. وقد دفع ذلك النظامَ إلى الضغط على رجال الأعمال، خاصة الذين أثرَوا خلال الحرب، وأجبرهم على دفع مبالغ نقدية لتمويل استحقاقاته الداخلية والخارجية. وفي بداية الأمر، تجاوب مخلوف مع هذا التوجه، لكنه بدأ يتذمر حينما أدرك أن الأمر يتعدى دعم النظام إلى رغبة النظام نفسِه في السيطرة على أصوله المالية وشركاته.

تعرض الاقتصاد السوري خلال الأزمة إلى انهيار كامل تقريبًا، وتُقدر بعض المصادر الخسائر التراكمية منذ عام 2011 إلى عام 2019 بنحو 428 مليار دولار، أي نحو ستة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السوري في عام 2010، كما تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 65 في المئة عمَّا كان عليه قبل الأزمة. ويمكن الوقوف على مظاهر الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعانيها النظام من خلال ثلاثة مؤشرات رئيسة.

أول هذه المؤشرات تدني الإيرادات العامة التي انخفضت من أكثر من 17 مليار دولار في عام 2011 إلى نحو 9 مليارات دولار في عام 2019، بحسب بيان موازنتَي عامَي 2011-2019، ويمكن تفسير هذا الانخفاض بعدة عوامل أبرزها: 1. تضرر القطاعات المُدِرَّة للقطع الأجنبي (مثل السياحة والنفط)، 2. تقييد حركة الصادرات بفعل العقوبات الغربية والأميركية، وتضرر القطاعات الإنتاجية (مثل الصناعة والزراعة)، 3. تدني إيرادات الضرائب من مستوًى يعادل 7 مليارات دولار في عام 2011 إلى أقل من 942 مليون دولار في عام 2018.

أما ثاني المؤشرات فهو يتعلق بانهيار سعر صرف الليرة السورية؛ إذ زاد الانهيار الاقتصادي وأزمة المصارف اللبنانية، مضافًا إليها سياسة البنك المركزي في تجنُّب التدخل المباشر لدعم الليرة، وارتفاع تكلفة الاستيراد، وخصوصًا المشتقات النفطية التي تقدر بنحو 200 مليون دولار شهريًّا، الضغوطَ على الليرة السورية التي انخفض سعر صرفها من 46 ليرة سورية مقابل دولارٍ أميركي واحد في عام 2010، إلى ما يزيد على 1300 ليرة سورية في السوق السوداء في ربيع عام 2020، الأمر الذي انعكس سلبيًّا على القدرة الشرائية للسكان وعلى أسعار السلع. وقد أشارت صحيفة قاسيون المحلية إلى ارتفاع تكاليف المعيشة لعائلة مكونة من خمسة أشخاص بنسبة 13 في المئة منذ بداية عام 2020، لتصبح 430 ألف ليرة سورية شهريًّا خلال ربيع 2020 (ما يعادل 320 دولارًا) بعد أن كانت في حدود 380 ألف ليرة سورية في كانون الثاني 2020.

يتصل المؤشر الثالث بانخفاض الإنفاق العام وتراجع الدعم الاجتماعي الحكومي؛ إذ تشير الأرقام المستقاة من تحليل بيانات الموازنة العامة في سورية في الفترة 2010-2020 إلى انخفاض حادٍّ في قيمة الموازنة بالدولار، من 16.5 مليار دولار في عام 2011، إلى 9.2 مليارات دولار في عام 2020، باحتساب سعر صرف البنك المركزي.

انعكس تراجع الإنفاق العام على سياسات الدعم الاجتماعي الحكومي، وذلك بحسب ما تظهره المقارنة بين موازنات 2018-2019-2020، حيث تم تخفيض الكتلة النقدية المخصصة لدعم المشتقات النفطية، وهو ما يُعد مؤشرًا على تحرير النظام لأسعار هذه السلع. يُلاحَظ كذلك انخفاض دعم الدقيق في موازنة عام 2020 مقارنةً بما كان عليه في موازنة 2019، في ظل صعوبات تعترض قدرة النظام على تأمين احتياجات الدقيق التمويني، واضطراره إلى ترشيد استهلاك العائلة السورية من مادة الخبز عبر آلية البطاقة الذكية. وفي المقابل، لا يُلاحَظ تغيرٌ فيما يتعلق بدعم قطاع الكهرباء الذي زاد على 1.6 مليار دولار، من دون أن يطرأ تحسن ملحوظ على واقع التغذية الكهربائية. إلى جانب ما سبق، لا يُلاحَظ كذلك تغيرٌ كبير في حجم الدعم المخصص للإنتاج الزراعي والصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية اللذين يعتبران ضئيلَين، ذلك أنّ قيمتهما مجتمعَين لا تتجاوز حاجز 50 مليون دولار.

لقد زاد وضع النظام سوءًا مطالبات حلفائه بضرورة دفع ما يترتب على الخدمات التي قدموها للنظام خلال الأزمة. فعلى سبيل المثال، توقف الخط الائتماني الإيراني في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، الأمر الذي أحدث اختناقات في توفير المشتقات النفطية في مناطق سيطرة النظام، ليعود الخط الائتماني الإيراني في أيلول/ سبتمبر 2019 بحسب تصريحات حكومية، من دون الكشف عن أسباب الانقطاع والاستئناف، الأمر الذي يمكن تفسيره بالتفاهم على آليات جديدة ناظمة لدفع الأموال المستحقة على النظام.

لجأ النظام تحت ضغط الحاجة إلى السيولة المالية، في مواجهة استحقاقاته الاقتصادية ومطالب حلفائه، إلى انتزاع أموالٍ من رجال الأعمال تحت مسمى “مكافحة الفساد”، وجاء قرار الحجز الاحتياطي المتعلق بأموال رامي مخلوف وشركائه ضمن هذا السياق. استجاب مخلوف في البداية لهذا الأمر، وعقد تسوية مالية مع مديرية الجمارك فيما يتعلق بقضية شركة آبار بتروليوم، لكنه احتج في وقت لاحق على قرار الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد القاضي بضرورة تسديد كل من شركتَي Syriatel وMTN مبلغًا مقداره نحو 234 مليار ليرة سورية لخزينة الدولة، ولعل احتجاجه يُعدّ إقرارًا منه بأن القضية تتجاوز حاجة النظام إلى سيولة نقدية لتمويل استحقاقاته إلى قرار اتُّخذ متعلق بتحجيمه وانتزاع أمواله المنقولة وغير المنقولة، ولا سيما ما كان منها خارج سورية. وما عزز لديه هذه القراءة استمرار قرار الحجز الاحتياطي رغم إجرائه تسوية مالية مع مديرية الجمارك في وقت سابق، وهو الأمر الذي قد يبدو أنه دفعه إلى نقل الخلاف للعلَن، عبر إطلاق تسجيلَين على مواقع التواصل الاجتماعي.

رابعًا: احتمالات التسوية والتصعيد

يتجه الموقف العام بين عائلتَي الأسد ومخلوف إلى أحد السيناريوهين التاليين: إمّا التوصل إلى تسوية من نوع ما وإمّا التصعيد، ولئن كانت للنظام تجارب سابقة في التخلص من منافسيه فإنّ خيار التسوية يبدو هو الخيار الأرجح، خاصةً في ضوء موازين القوى التي تميل كليًّا إلى مصلحة النظام.

وفضلًا عن أنّ النظام يمتلك سجلًّا حافلًا بالتخلص من منافسيه والمتمردين عليه، كما حصل مع وزير الداخلية الأسبق غازي كنعان في عام 2005، فإن الأسد يتحكم بكل مفاصل السلطة ومؤسساتها، ويستخدمها ضد منافسيه، على غرار ما ظهر في قرارات الحجز الاحتياطي التي أصدرتها وزارة المالية ومديرية الجمارك العامة في حق رجال الأعمال، ومنهم رامي مخلوف. يُضاف إلى ذلك أنّ الأسد قد قام بإجراء تعيينات جديدة في المؤسستين الأمنيَّة والعسكرية خلال الفترة السابقة؛ بهدف ضمان ولائهما، واحتواء أي مراكز قوًى ناشئة موالية لروسيا أو إيران. وإلى جانب ما سبق، نجح الأسد في تفكيك الجزء الأكبر من شبكات مخلوف والسيطرة عليها. وفي المقابل، خسر مخلوف جزءًا كبيرًا من نفوذه داخل سورية من جرَّاء الإجراءات التي اتخذت ضده خلال الفترة السابقة، ولكن يبقى لمخلوف أوراق قوة تعزز موقفه التفاوضي تجاه الأسد؛ إذ يتمتع آل مخلوف بنفوذ داخل الطائفة العلوية، بالنظر إلى المساعدات المالية الكبيرة التي قدمها لها خلال الأزمة، وما زال يقدمها، وبالنظر إلى المخاطر التي يمكن أن يتكبدها الكثيرون في حال الاستحواذ على أصوله المالية. كما يُعد مخلوف أحد خازني أسرار العائلة الحاكمة، وقد نجح إلى حد ما في وضع الأسد تحت الضغط، عبر نقل الخلاف المستتر إلى العلَن. إضافةً إلى ذلك، طالب مخلوف الأسدَ بصرف الأموال المطلوبة منه على “الفقراء”، في محاولة منه للإشارة إلى أن غاية النظام من مصادرة أمواله هي تحويلها إلى حسابات العائلة، كما حمَّل مخلوف النظام المسؤولية في حال تعرُّض حياته للخطر. الأهم من كل ذلك أن جزءًا كبيرًا من الأموال، المنقولة وغير المنقولة، ولا سيما الأموال الموجودة في الخارج، هي باسم مخلوف، وهو وحده من يمتلك سلطة تحريكها.

وفي وقت لا تزال فيه الأجواء مشحونة بين الطرفين، وعلى الرغم من أن صاحب القرار داخل النظام السوري هو منصب الرئيس، حتى في حالة ضعف النظام وتبعيته وفقدانه للقرار السيادي الخارجي، فإن خيار التسوية يبقى الأرجح، على الأقلّ في هذه المرحلة؛ إذ قد يتخوف النظام من تضرر صورته لدى الطائفة العلوية التي دفعت الجزء الأكبر من تكلفة الدفاع عنه. وربما يخشى النظام من انعكاسات الخلاف المعلن مع مخلوف على الوضع الاقتصادي، فضلًا عن حاجته الماسة إلى السيولة المالية لمواجهة استحقاقاته الاقتصادية التي يتوقع أن تتصاعد مع دخول “قانون قيصر” حيز التنفيذ في الفترة المقبلة. علاوةً على ذلك، أبدى مخلوف، إدراكًا منه لضعف موقفه، استعداده للتسوية، عارضًا ملامح أولية لشكلها في التسجيلين اللذين نشرهما. وثمة تقارير تتحدث عن وساطات لإنجاز تسوية، من نوع ما، تسمح بإضعاف مخلوف من دون أن تؤدي بالضرورة إلى القضاء عليه. ولكنّ التجربة تثبت أنّ النظام السوري لا يسامح حتى في حالة التسوية المؤقتة، وأنه سيحفظ في ذاكرته محاولةَ مخاطبة الرأي العام من فوق رأسه، أو مخاطبة الرئيس علنًا.

———————————

بين رامي مخلوف ومحمد علي/ عمر قدور

بعد أسبوع من ثاني فيديو له، عاد رامي مخلوف هذه المرة بنص مكتوب بلغة الدعاء والاستجارة بالله، تاركاً للقارئ فهم أن خلافه مع ابن عمته بشار وزوجته ما زال قائماً من دون أن يضيف تفاصيل جديدة عنه. خلال أسبوع، راجت تكهنات عن تسوية المشاكل بين الجانبين، قيل بوساطة من زعيم دولة خليجية، تتضمن رضوخ رامي للضرائب التي فرضها بشار على شركة الاتصالات. لكن، كما نعلم، حجم الشراكة المالية بينهما أكبر بكثير من الشركة المذكورة، ويتعداها جغرافياً إلى أماكن لا سلطة لبشار عليها.

يحظى رامي بمتابعة ضخمة من السوريين، بدلالة أرقام المشاهدات التي حاز عليها التسجيلان السابقان. دافع المتابعة الأهم، فضلاً عن الفضول العابر والتسلية، ليس ما قاله حتى الآن وإنما ترقب تفاقم الخلاف بحيث يدفعه إلى قول ما يتحفظ عليه. نحن أمام لعبة فيها من الإيروتيك بقدر ما فيها من المسكوت عنه؛ الجمهور ينتظر حركة تسفر عن طرف منه، بينما يتمنع صاحب الأسرار وكأنه يتلاعب بالخصم والجمهور معاً.

كنا قبل ثمانية أشهر مع صعود المصري محمد علي، وكانت له أسبقية استخدام السوشيال ميديا لفضح نظام السيسي من قبل واحد من الذين خبروا فساده. عتبة الفضح التي تخطاها محمد علي بعيدة جداً عما تعِد به إطلالات رامي حتى الآن، ووجه الشبه قد يقتصر على استخدام وسائل التواصل، وربما يقترح الحضور الخفي لأسماء الأسد وجه شبه آخر إذا استرجعنا تصويب محمد علي على “انتصار” زوجة السيسي، وما يوحيه ذلك التصويب أحياناً من أرجحية عقلية لها بالمقارنة مع خفة زوجها الذي كان محمد علي يؤكد على تصغيره وتحقيره بنعوت من قبيل “واطي، جزمة…”. الحق أن إغراء الاختلاف بين الظاهرتين يفوق إغراء التشابه، ولعل الاختلاف يضيء لنا على خصوصية الحالة السورية، الحالة التي لم يبرز منها محمد علي رغم توافر الظروف خلال السنوات الأخيرة من أجل ذلك.

عبر التسجيلات التي بثها، لم يكن محمد علي يمثّل دوراً مُعدَّاً، هو الذي عمل في حقل التمثيل. كان يظهر على سجيته، أو يعزز لدينا القناعة بعفويته، بكل ما للعفوية من جوانب محببة وأخرى تُظهر سطحيته المقرونة أحياناً بغرور وتعالٍ. قدّم لنا محمد علي نفسه عصامياً، لنا أن نفهم أنه فهلوي، استطاع تكوين شركة مقاولات صعدت لتصبح بين أول عشر شركات في مصر، ولتنال حصة مرموقة من مقاولات الجيش الذي بحسب ما يقول يسيطر على أموال مصر.

في المقابل، يزعم رامي أن الله سخّره بالثروة التي يملكها من أجل خدمة الفقراء. لننسَ مؤقتاً استخدام الألفاظ الدينية؛ أهم ما في الأمر استخدام الله للتهرب من أي حديث عن كيفية حصوله على الأموال الطائلة بمعايير الفقراء الذين يزعم مخاطبتهم والحرص عليهم. هو حتى عندما يتظلم من الضرائب الباهظة المفروضة على شركة الاتصالات يبدي استعداده باستخفاف لدفعها، وكأنه يقرّ بضآلتها بالقياس إلى ما يملك، أو إلى الأملاك التي هي موضوع نزاع بينه وبين بشار.

ثمة فرق بين الاثنين، قد يلخصه عجز رامي عن القول “أنا واحد منكم”، في حين يستطيع محمد علي قولها ببساطة، وعندما يقول “أهلي وناسي” يبدو متحدثاً عمّن يعرفهم وعاش معهم حقاً. الأخير لا يملك شعوراً خفياً بالذنب إزاء “أهله وناسه”، ومع إقراره بفقرهم المدقع لا يخجل من الرفاه الذي عاشه ويعيشه، بموجب قناعته بأنه حصل عليه بجهده وتعبه. بسبب تحرره من عقدة الانتماء، لم يتوسل محمد علي لغة تقربه من العموم، بل كان قادراً على مخاطبة أدنى درجات الإسفاف بلا شعور بالحرج ينتاب عادة أولئك الهاربين من جذورهم أو الذين انقطعت الأواصر التي تربطهم بها.

عشر سنوات، هي بمثابة جيل بين رامي ومحمد علي، إلا أن التراتب الجيلي معكوس في حالتهما. رامي الأكبر سناً هو وريث الثروة والفساد، ومحمد علي الأصغر سناً هو صانع الثروة وشريك الفساد. في الحالتين يرتبط الفساد بالسلطة، لكن مع الجيل الثاني الذي يمثّله رامي أمامنا أشخاص تربوا في تلك البيئة الضيقة، بيئة أشباههم من الورثة، وهم لا يدركون ما يحدث خارجها. هم أبناء السلطة المطلقة التي تشربوها منذ طفولتهم بلا جهد، وأيضاً بلا أسئلة حولها أو عن ماهيتها. هم بالأحرى ماهيتها التي ينبغي ألا تخضع للسؤال، وإذا كان من صراع حولها فهو صراع الأشباه، والذين خارج تلك الدائرة الضيقة هم أدوات على نحو ما نُظر إليهم دائماً.

ثمة فكرة في عقل رامي، مفادها التلازم بين الدين والبسطاء والفقراء. بتبسيطها أكثر، يصلح الدين دائماً للعبث بعقول الفقراء الساذجين، فهم لا يعون مصالحهم، أو لا مصالح لهم أصلاً بوصفهم أدوات ليس إلا. بشار من قبله، ومع انطلاق الثورة، لعب على وتر تقديم “تنازلات” دينية لم يطالب بها أحد حينذاك، مفترضاً أن غرائز السوريين الدينية أقوى من مصالحهم ومطالباتهم بالحرية.

الاستثمار في الدين، قبل أن يكون استخفافاً بقيمته الروحية، هو أولاً استخفاف بعقول من يُنظر إليهم كبسطاء. ما يُسجّل لمحمد علي أنه كان خارج هذا الاستثمار وعدّته، فلا زهد ولا ورع مزعومين، بل رجل يحب التمتع بملذات الحياة، ويرى في المتع حقاً للجميع. نموذجه الذي دأب على طرحه، بتبسيط مضحك، هو الغرب بديموقراطيته وحرياته الشخصية والاقتصادية، بينما يترافق الاستثمار في الدين لدى رامي مخلوف مع التمسك بجوهر السلطة، سلطة المخابرات والجيش، مع إبداء التذمر من القمع فقط عندما طاول بعض كبار موظفيه، وصار يتهدد بعض أملاكه.

خرج محمد علي مخاطباً المصريين بعد نجاح السيسي في ترهيبهم، أي في ظرف يصعب المراهنة معه على الفوز. بالمقارنة، لدى رامي ظروف أفضل بكثير لو امتلك جرأة الكشف عما في جعبته من دون أقنعة لن تفيده أمام الشريحة التي يريد كسب تعاطفها، وتجعله أضحوكة أمام شرائح أخرى. المسألة ليست فقط في عجز رامي عن الإقدام على الانتحار الرمزي، بكشف الصندوق الأسود الذي يُعدّ واحداً من خباياه، هي في أن أحداً آخر من حلقة السلطة “تحديداً بعد الثورة” لم يُقدِم على ما لا يريد هو الإقدام عليه. كأن سوريا تفتقر إلى “ابن بلد” على غرار محمد علي، وكأن شرط المشاركة في الأسدية هو الاغتراب الكلي عن أهلها وناسها.

المدن

———————————

مستقبل الأسد ومال آل مخلوف/ عمار ديوب

عقابٌ إلهيٌّ محتومٌ، مرحلةٌ خطرةٌ، المخاطرةُ كبيرةٌ، ولن أتنازل. هي بعض كلماتٍ مفتاحية، وجهها رامي مخلوف “المتمشيخ” في بثّه الثاني. رسالتاه إلى الجميع؛ وبدءاً بالرئيس بشار الأسد، ومروراً بالشخصيات الأساسيّة في السلطة، وليس انتهاء بالموالين، وطبعاً إلى الدول الخارجية. يأتي كلام رامي، في ظرفٍ حساسٍ للغاية، وكما قال هو: يريدون شطبه، أي يريدون أمواله كاملة؛ فالقضية إذاً ليس أموال ضرائب موجبة التحصيل! والسؤال: لماذا يريدونها الآن كاملة؟ إنها نهاية الحرب، وبداية الصراع على الكعكة، وهناك الضغط الروسي، وبالتالي إمّا أن تُعطَى الأموال لروسيا، المتضرّرة كثيراً من أزمة كورونا وانخفاض سعر النفط، أو هناك تغيير لا بد أن يطاول الرئيس السوري. هنا تصير، مصادرة أموال رامي من أجل هذه الصفقة بالتحديد. ربما يعتقد الأسد أن أموال آل مخلوف ليست لهم لولا تخصيصهم هم بالذات بمشروعات مع الدولة، وقد سمّي بسببها رامي مخلوف “الوكيل الحصري لسورية”، ووالده من قبل “السيد 5 بالمائة”، وبالتالي المال يجب أن يعود إلى الدولة. المتمشيخ لا يعترف بالدولة، ويراها فاسدة بالكامل! كيف لا، وهو من نُقلت إليه وسواه كل أموال الدولة “الشعب” وخصصت من أجله، ضمن سياسات اللبرلة التي اعتمدتها السلطة، وبشكلٍ موسعٍ منذ عام 2000. وبالتالي يقول بوضوح شديد: مالي لن تضعوه في خزينة الدولة، ولصالح الشعب بل تبتغون به إعادة إنتاج النظام، ولصالح جماعاتٍ قريبة من مركز القرار حالياً، وطردي! هذا

رفضه الامتثال، وإعلان ذلك إعلاميّاً، يُهمش من “الثرثرات” إن أمواله هي في الأصل لآل الأسد، فهي في حقيقتها مال آل مخلوف

الطرد هو بالتحديد ما يرفضه رامي، ولو قبلوا به، لما رأينا البثّين المباشرين له، ربما.

تلك الجماعات هي الأسماء التي ذاع صيتها بعد تهميش رامي، وتقدّم دور أسماء الأخرس، كما تشير التقارير الصحافية، وشعور الرئيس نفسه، أن ثروات آل مخلوف كبيرة، وأصبحوا يهدّدون النظام بدرجةٍ معينة، وربما هذا ما دفع النظام إلى إعفاء حافظ مخلوف من منصبه الأمني الحساس في 2014، وأعطى أسماء جديدة الحق “الحصري” بالاستثمارات “مجموعة قاطرجي، وسيم قطان وسامر فوز، ومهند دباغ، ويسار إبراهيم”، وآخرين كثيرين. طبعاً لا يمكن المقارنة بين مكانة رامي، بدوره في الاقتصاد السوري، منذ عام 2000، وهؤلاء. رفضه الامتثال، وإعلان ذلك إعلاميّاً، يُهمش من “الثرثرات” إن أمواله هي في الأصل لآل الأسد، فهي في حقيقتها مال آل مخلوف، وهم شركاء في السلطة والعائلة الحاكمة، منذ 1970. عكس ذلك، إن ضرورة إعادة إنتاج النظام لصالح عائلة الأسد تستدعي أن يتم استعادة الأموال، وإلّا لن تستمر السلطة. هنا المفصل الحقيقي، وهنا التدقيق في الانتقادات الروسية التي تتناول فساد النظام السوري وسوء إداراته، وإن لم تأت الانتقادات من أوساط سلطة الرئيس بوتين مباشرة، وتكمل تلك الانتقادات انتقادات أخرى، تتناول رأس النظام مباشرة، حيث تمّ تحذيره من الاستمرار في العلاقات القوية مع إيران، وأن الأخيرة يجب أن تخرج من سورية، وأن الاتفاقات بين الرئيسين، الروسي بوتين والتركي أردوغان، غير قابلة للانطواء. وضمن ذلك ترفض موسكو زيارة وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، إلى سورية، وتعطي المجال الجوي كاملاً لإسرائيل لقصفٍ كبير وموسع للأهداف العسكرية الإيرانية في سورية.

تكمن خطة الأسد في الاستمرار في العلاقات مع إيران، وقد فشلت بالكامل، لما ذكرنا، ومحاولة تأمين المال لروسيا، للاستمرار في دعمه، مع تجاهله أن الروس، بدأوا يفكرون بما يتعدّى ذلك، أي، باستمرار الرفض الأوروبي والأميركي الحاسم لإعادة إنتاج النظام، وضد رفع العقوبات عنه، وعدم إعطائهم المال للمساهمة في إعادة الإعمار، وقد توقفت الحرب، وهناك رغبة أميركية بالبقاء في سورية، طالما لم تبدأ عملية الحل السياسي. هذا يفسر بعض أوجه معركة الأسد ومخلوف الذي ربما يعي “المرحلة المفصلية” التي يمرُّ بها النظام، وبالتالي يرسل رسالته هذه المرة إلى روسيا، وربما إلى العالم، أن هناك مالاً كثيراً، ويجب دعمه في رفضه ضغوط الأسد، وأنه مستعد لتمويل إعادة الإعمار! هو احتمال ضعيف، ولكن لا يجوز، وقد أصبح مستقبل السلطة على الطاولة، تجاهلها. طبعاً رسائل رامي إلى الموالين واضحة بالكامل، ويبتغي منها تذكيرهم بأنه هو من رعاهم، وليس الآخرون، حينما كانوا بأمسّ الحاجة في أثناء “الحرب”، وهو من سيحميهم في المستقبل كذلك.

تجاهل الأسد، في إطلالته التلفزيونية أخيرا، رسائل رامي، ولكنه حذّر من تداعياتٍ خطر “الجوع والموت” في حالة انتشر كورونا. أما موظفو الدولة السورية “الأشرار” فقد تابعوا قضية شركات رامي، وضرورة تحصيل المليارات، واعتقلت الأجهزة الأمنية بعض رؤساء شركاته. وبالتالي، ردّ الأسد هذا يعني أن العلاقات قُطعت مع آل مخلوف، وهناك مزيد من المتابعة. ولهذا قال رامي إن الوضع أصبح خطيراً، ولن يستسلم.

الآن، الدولة السورية بيد الأسد، وفي مقدوره مصادرة ملكيات آل مخلوف الموجودة في سورية كاملة، لكنه أغلب الظن، وبعد انتقال المعركة إلى العلن، سيحاول الحصول على أكبر كتلة مالية عبر الضرائب، وإغلاق بعض الشركات بحججٍ قانونية. رامي ليس مهيض الجناح، له علاقات إقليميّة ودوليّة متعدّدة، وبالتالي لن يعمد الأسد، وهو في ضعفٍ بادٍ، إلى إدارة الظهر لهذا التعقيد، وإنْ ثمّة حاجة السلطة للمال، وأجنحتها القوية ترغب “بتشليح” رامي وأسرته كل ثرواتهم، المنهوبة طبعاً من الشعب السوري، كما حال كل رجال الدولة السورية. إذاً هناك معركة فعلية، طرفاها رئيس الدولة، وأكبر طفيلي سوري، واعتبارها غير ذات أهمية، أو صراعاً من أجل تلميع صورة الرئيس، ومن هذا “الحكي”، هو إغماض للعين عن صراع الأسد الأب مع شقيقه رفعت، وكذلك قلة تبصرٍ بمآلات رجال كثر في الدولة، أي القتل أو النفي. المعركة حالياً، بين الرجلين، وربما عالميّاً، على مصير السلطة السورية؛ وداخليّاً هي معركة سلطة السياسة والمال، وعدم رغبة أقطابها في فتح ملفات الفساد والنهب الحقيقية والكبيرة، وهذا ما يجعل الصراع حالياً في مراحله الأولى، وهناك فصول مقبلة أخرى، كما أعتقد.

هي مرحلة مفصليّة فعلاً في تاريخ السلطة السورية، ولا تقارن بفترة الثمانينيات أو الصراع بين الأخوين الأسدين حينها، ولا بلحظة خروج الجيش السوري من لبنان، بل هي أخطر مما واجهته بين 2011 و2019. اللحظة هذه محكومة بضعفٍ شديد في السلطة، ومحكومة بضغوطٍ خارجية كبرى، وباحتلالات تقتطع مناطق واسعة من سورية، وهناك رغبات دولية، تعطِي سورية لروسيا، ولأسبابٍ كثيرة، مقابل إحداث تغيير كبير في سلطة الأسد، سيما أن سورية خُربت. هل تحسم روسيا الصراع الدائر في السلطة؟ هذا ما لا يمكن تخمينه بدقة، ولكنه الاحتمال الأقوى؛ وفي هذا، لا تمتلك السلطة قدرة على الاستجابة لسياسات الروس أو خيارات بديلة.

العربي الجديد

————————

ديلي بيست: هل أصبحت أسماء الأسد “ديكتاتور” سوريا الجديد وعراب القوة فيه؟

في مقال لجيرمي هودج “سيرسي لانيستر السورية عادت وتريد انتقاما حقيقيا فهي الديكتاتور الحقيقي” خصصه للتحولات التي حدثت على أسماء الأسد التي اعتبرت يوما ما “زهرة الصحراء” حسب مجلة “فوغ”. ومقاربته أسماء بسيرسي هي محاولة للإشارة إلى شخصية سيرسي في مسلسل لعبة العروش، والتي كانت وراء القوة وشريرة.

 ويقول إن أسماء وبعد وفاة أم زوجها بشار الأسد أصبحت الآن القوة الحقيقية وراء عرش زوجها.

وأشار إلى أن مزادا للفن الحديث عقدته دار سوذبي في لندن حيث بيعت فيه لوحة للفنان البريطاني ديفيد هوكني “البقع” بمبلغ 23.1 مليون جنيه إسترليني. وكشفت الأخبار لاحقا أن المشتري الغامض هو ديفيد غيفين الذي باع بيته في بيفرلي هيلز للميلياردير جيف بيزوس بمبلغ 165 مليار دولار. وما علاقة هذا بقصص سوريا التي دمرتها الحرب؟

يقال إن الأسد اشترى اللوحة هدية لزوجته أسماء الأسد. ولا يستبعد قيامه بعمل أناني وسط الحرب. ويعيد الكاتب الحديث عن مقال فوغ قبل تسعة أعوام (وقد محي من موقع المجلة لاحقا) فقد تم تصويرها هي وزوجها كشابين (46 و36 عاما) حيويين وقوة ممكنة للإصلاح بين ديكتاتوريات وملكيات العالم العربي. فقد كانت جذابة ومتعلمة في داخل عائلتها في لندن.

وكان من السهل تخيل قدرتها على الحد من نزعات زوجها الديكتاتورية ثم حرف بلادها نحو الانفتاح، ولديهما أولاد جذابون وتعمل في خدمة قضايا إنسانية مع منظمات غير حكومية. ولو كانت تنفق على الحلي والمجوهرات والملابس لما اهتم أحد خارج حدود سوريا وكذا مجلة فوغ التي نشرت صورة مفصلة وإيجابية عنها. كان هذا قبل أن يتعامل بشار الأسد مع المتظاهرين بوحشية قادت إلى حرب أهلية قتل فيها أكثر من نصف مليون شخص وهجرت نصف السكان وأدت إلى أكبر أزمة لجوء في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وساعدت بالضرورة على ولادة تنظيم الدولة الإسلامية البربري.

وكان هناك نوع من التشكك داخل سوريا من حالة التملق الدولية مع السيدة الأولى التي تعرضت للانتقاد حتى قبل الحرب بأنها منفصلة عن حياة الناس العاديين. وكان واضحا لكل من تجرأ على النظر إلى أن النظام الذي يقوده زوجها صمم لخدمة مجموعة صغيرة من النخبة ولم تكن أسماء والحالة هذه نموذجا بل ومشكلة. وبهذه الطريقة نظرت والدة بشار أنيسة مخلوف للأمر. فوالدة الأسد نشأت مع زوجها في مناخ متواضع ضمن عائلة تنتمي لطائفة علوية تتهم بالزندقة، حتى عندما استطاع زوجها ضابط الطيران السيطرة على السلطة في سوريا عام 1970. وبعد وفاة حافظ الأسد عام 2000 وصعود بشار إلى السلطة، تحولت أنيسة للقوة الحقيقية وراء السلطة وحاولت منع زوجته اللندنية من الوصول إلى مفاصل السلطة لأنها لم تكن تثق بها أو تحبها في الوقت نفسه. إلا أن أنيسة ماتت عن عمر يناهز الـ86 عاما في 2016، ومنذ ذلك الوقت نظر إلى أسماء، 44 عاما الآن، بالقوة الصاعدة. وبنت قاعدة قوة لها ولعائلتها المباشرة مستقلة عن العائلات العلوية التي ينتمي إليها الأسد.

وكان يا ما كان فقد اعتقد البعض في الغرب أن أسماء تستطيع ضبط رأسمالية المحسوبية في سوريا والصفقات غير الشرعية، لكنها أثبتت قدرة ومهارة وذكاء على التحرك في متاهة البلد من الجماعات المتنافسة وتجييرها لمنفعتها.

ويعتقد الكاتب أن عدم استلطاف أنيسة مخلوف لزوجة ابنها نبع من غياب الدعم الشعبي له وداخل طائفته والطبقة الحاكمة. فهو معروف بالوداعة ولم يكن يثير اهتمام من يراه. وعرف عنه فقدانه القدرة على النظر بشجاعة لمن أمامه، فلم يكن بشار مشروع رئيس قبل عام 1994 فقد كانت والدته تهيئ شقيقه باسل الذي توفي في حادث سيارة عام 1994. بل وظل بشار بعيدا عن الأضواء عندما جاء إلى لندن لدراسة طب العيون، حيث التقى أسماء. وفي برنامج بثته “بي بي سي” تذكر مدرس لغة إنكليزية أحضر لتعليم باسل لقاءه الأول مع بشار ووصفه بأنه شخصية غير مثيرة وقال: “التقيت به مرة في البيت ولم ينظر إلي، وكان ينظر للأسفل إلى يدي.. وأتذكر تفكيري في تلك اللحظة أن والده كان موفقا في اختياره باسل كخليفة”.

وبعد وفاة باسل كان هناك ماهر الذي لم يكن خيارا جيدا نظرا لعناده ونزعته للعنف، ومجد الذي كان مدمنا على المخدرات ولديه مشاكل نفسية، ولهذا كان بشار الخيار أمام أم غاضبة وغير راضية. وبعد وفاة حافظ الأسد حاولت أنيسة تقوية أبناء العائلة حول ابنها الذي انتخب رئيسا للعمل حوله بدلا من خلاله. ومنح ماهر الأسد قيادة الحرس الجمهوري والفرقة المدرعة 42 والتي سيطرت على أرباح البترول المستخرج من شرق البلاد في دير الزور. وتمت تقوية شقيق أنيسة محمد وأبنائه حافظ وإياد ورامي والذين كانوا معروفين لكن تأثيرهم زاد بعد عام 2000.

وفي ذلك العام أنشأ رامي وأصبح المدير التنفيذي لشركة الاتصالات سيرياتيل التي كانت واحدة من شركتي اتصالات في البلاد. وتطورت لتسيطر على نسبة 70% من اقتصاد البلاد. واستطاع مخلوف ووالده محمد بناء إمبراطورية اقتصادية قدرت قيمتها بخمسة مليارات دولار فيما مارس إياد وحافظ تأثيرا داخل الأجهزة الأمنية.

وظلت أسماء في كل هذه التطورات على الهامش. ويقول الصحافي المعارض إياد عيسى: “قبل الثورة لم يكن الرقيب يسمح لنا بالإشارة إلى أسماء بالسيدة الأولى” و”لم يسمح لنا بوصف أسماء كزوجة الرئيس” وعلى خلاف أنيسة التي كانت توصف بالسيدة الأولى أثناء حكم حافظ الأسد.

وبدأت التنافسات تتطور مع مرور الوقت، فقد رأى ماهر الأسد خاله محمد مخلوف الذي كان يترأس الشركة السورية لنفط الفرات تهديدا له ولسيطرته المطلقة على مصادر دير الزور. ثم طورت عائلة مخلوف علاقات قوية مع الحزب القومي السوري الذي أنشئ عام 1932. وكان هذا الحزب منافسا في بعض الأحيان وحليفا في أخرى لحزب البعث العربي الحاكم الذي سيطر على السلطة أول مرة في سوريا عام 1963. ولكن الحزب القومي لديه قاعدة دعم داخل الطائفة العلوية خاصة بلدة آل مخلوف بستان الباشا.

ودعمت غالبية السنة لاحقا الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى تحرك الأسد لسحقها لاحقا. وجذب حزب البعث والقومي السوري الطوائف المسيحية والعلوية مع أن هذا سيتغير مع انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، وعقد الأسد تحالفا معها، مع أن بنية الحزب الحاكم لم تتغير. وتحرك مخلوف خلال العقد الأول من القرن الحالي لتوطيد صلاته مع الحزب القومي السوري، في محاولة لبناء قاعدة دعم له خارج الحزب الحاكم بحيث صار يطلق عليه الحزب وإن مزاحا بـ”حزب رامي”. وبعد الثورة عام 2011 أصبح كادر الحزب أساسا للميليشيا المسلحة الموالية لعائلة مخلوف.

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لم تكن أسماء، التي تنتمي لعائلة تجار تعود جذورها إلى حمص ودمشق، لاعبا مهما. وفي رسائل إلكترونية تم تسريبها وصفت نفسها “أنا ديكتاتور حقيقي” ولكنها لم تتحرك لتصبح قوة يحسب لها حساب وتقرب عائلتها إلا بعد وفاة أنيسة، حيث حانت الفرصة لها لمواجهة منافسيها في عائلة مخلوف خاصة رامي.

في 4 أيار/ مايو اختفى رامي. وأصدرت كورنيغل 37، الشركة القانونية لحقوق الإنسان، بيانا قالت فيه إن رامي فر إلى الإمارات العربية المتحدة. ولم يعرف إن كان قد فر وهو الذي فرضت عليه الخزانة الأمريكية عام 2008 إلى هناك للانتقام أم اختفى في مكان آخر.

وفي نفس اليوم تحركت وحدات الحرس الجمهوري إلى فيلته للقبض عليه. وقبل هذا داهمت قوات الأمن مكاتب شركة سيرياتل واعتقلت 28 مسؤولا بارزا فيها. ثم اعتقلت وضاح عبد ربه، محرر صحيفة “الوطن” التي تعد من أبواق النظام ويملكها رامي منذ عام 2006. وفي الوقت نفسه وضع رامي على حسابه الخاص في فيسبوك شريطي فيديو، واحد في 30 نيسان/ إبريل والثاني في 3 أيار/ مايو، قال في الأول بلغة المتعجب “هل تصدقون؟” وتساءل في الثاني مستغربا عن مداهمة قوات الأمن لمكاتب رامي مخلوف التي تعد أكبر ممول وداعم للنظام والراعي الرئيسي طوال الحرب “وما نتعرض له من ضغط لا يحتمل ولا إنساني”.

ويرى الكاتب أن مركز الخلاف هو السيطرة على سيرياتل، التي تملك الدولة فيها حصة 50%. وفي 27 نيسان/ إبريل أعلنت شركة الاتصالات السورية وسلطة تنظيم البريد أن سيرياتل وشركة الاتصالات الأخرى (أم تي أن) مدينتان للدولة بمبلغ 449.65 مليون دولار. وفيما أعلنت (أم تي أن) أنها ستدفع 172.9 مليون دولار ظل رامي مخلوف رافضا. وأعلن أن الدولة لا حق لها في هذه الأموال واتهمها بالتراجع عن اتفاق تم توقيعه منذ سنين. وهدد بنشر الوثائق التي تؤكد عدم أحقية الدولة بأموال الشركة.

وفي نظام معروف بمذابحه الجماعية فإن حديث مخلوف مع الرئيس بهذه اللهجة كان مفاجئا، ولكنه لم يكن مدهشا لأن ما حدث هو جهد جماعي لأسماء وبشار وماهر لتجريد رامي من سلطاته.

وبدأ التحرك في آب/ أغسطس عندما طلب الروس من النظام دفع قروض متأخرة 2-3 مليارات دولار. وتم وضع مخلوف تحت الإقامة الجبرية لإجباره على دفع الفاتورة. وفي كانون الأول/ ديسمبر قام الموالون والعاملون في جمعيات أسماء بالسيطرة على جمعية البستان التي تعتبر مصدر تمويل كوادر الحزب القومي والميليشيا الموالية لرامي مخلوف.

وأعلن في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 عن إنشاء أسماء شركة اتصالات ثالثة في سوريا بهدف الحصول على حصة من شركة سيرياتل. وأخيرا أعلنت وزارة المالية في 24 كانون الأول/ ديسمبر و17 آذار/ مارس عن تجميد حسابات شركة آبار للخدمات البترولية التي يملكها مخلوف حيث استخدمت الأموال لاحقا لسد العجز في ميزانية الهيئة العامة للجمارك.

وجاء استهداف أرصدة رامي في وقت بدأ فيه تأثير المقربين من أسماء بالنمو، فبعد وفاة أنيسة مخلوف بفترة قصيرة أخذ أقارب أسماء بالسيطرة على جزء من قطاع الخدمات الأساسية، وجاء بعد إصدار البطاقات الذكية لشراء المواد الأساسية مثل الأرز والغاز والشاي والسكر وزيت الطعام. ومنح العقد لشركة تكامل التي يملكها أحد أشقاء أسماء وابن خالتها محمد الدباغ.

وكشفت تحقيقات أن الموارد المالية من البطاقات الذكية تم وضعها في حسابات تعود إلى مجلس تكامل الذي يديره أقارب أسماء. وفي الوقت الذي تم تجميد فيه حسابات رامي مخلوف قامت وزارة المالية بالإفراج عن حسابات عم أسماء، طريف الأخرس، التي جمدت لأكثر من عام. واستخدم طريف الذي كان يملك شركة شاحنات صغيرة قبل الحرب في حمص، صلات ابنة أخيه بالسلطة ووسعها. وبدأ بالمشاركة في شحن الطعام والبضائع عبر سوريا إلى العراق ضمن ما عرف ببرنامج النفط من أجل الطعام قبل الغزو الأمريكي عام 2003. وتوسعت تجارة الأخرس فيما بعد لتشمل الشحن البحري والبناء والعقارات واللحوم وقطاع التعليب. وهو وأقاربه سيجنون الآن الثمار.

وتزامن دخول أسماء القطاع الاقتصادي بعد معركتها الطويلة مع سرطان النهد. وأعلنت السيدة الأولى عن تعافيها في آب/ أغسطس تزامنا مع وضع رامي مخلوف تحت الإقامة الجبرية. ومنذ ذلك الوقت واصلت إن لم تزد من ظهورها في المشهد العام ووثقت عمل جمعياتها في كل أنحاء سوريا. ويبدو أنها مصممة على تحضير أبنائها مستخدمة قوتها الجديدة لأخذ مكانهم داخل عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ 50 عاما، وعادة ما يرافق حافظ وكريم وزين والدتهم في جولاتها على المستشفيات لزيارة الجرحى وافتتاح المدارس الجديدة للموهوبين. وبدأ الحديث في وسائل إعلام النظام حول قدرات الابن حافظ، 18 عاما، لخلافة والده وبدأ نفسه بجولات لزيارة مواقع البناء ومناطق أخرى أسوة بوالدته. وبات الروس الذين أنقذوا بشار قلقين من فساد نظامه والتأثير الإيراني وربما ظنت أسماء أنهم منفتحون لوجوه جديدة وإن بنفس الاسم.

ومنذ تعافيها من السرطان باتت أسماء تقدم نفسها كملكة منقذة لبلد سيطرت عليه ثم فقدته عام 2011.

القدس العربي

————————

فراس طلاس يتحدث لـ”الحرة” عن انشقاق “مخلوف” ودور أسماء الأسد وروسيا في الخلاف

—————————

النظام يواصل حملة التطهير: استقالات لمقربين من رامي مخلوف

أعلنت شركة “MTN” سوريا لخدمات الاتصالات استقالة رئيس مجلس إدارتها، المقرب من رجال الأعمال رامي مخلوف، الأمر الذي يعتقد أنه يأتي ضمن الحملة التي يشنها النظام للقضاء على نفوذ إبن خاله، بعد الخلافات التي عصفت بين عائلتي الأسد ومخلوف مؤخراً.

ورغم أن رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، يمتلك شركة “سيريتل” المنافسة لشركة MTN في سوق الاتصالات الخليوية في سوريا، إلا أنه يمتلك حصة كبيرة أيضاً في الشركة الثانية، الأمر الذي كان مثار سخط وسخرية السوريين، منذ انطلاق اعمال الشركتين، باعتبار أن ذلك كان سبباً أساسياً في القضاء على عامل المنافسة بينهما.

وبحسب كتاب من إدارة شركة “MTN” موجه إلى إدارة سوق دمشق للأوراق المالية، في 10 أيار/مايو، فإن رئيس مجلس إدارة الشركة “محمد بشير المنجد” قد استقال من هذا المنصب.

وقال الكتاب إن المنجد تقدم باستقالته من رئاسة الشركة في 4 أيار، قبل يوم واحد من استقالة اثنين من أعضاء مجلس الإدارة، هما نصير سبح وجورج فاكياني، معللاً هذه الاستقالة الجماعية “بظروف خاصة”.

لكن مصادر مطلعة في دمشق أكدت ل”المدن” أن الشخصيات الثلاث التي تقدمت باستقالاتها من إدارة شركة MTN أخيراً، هي شخصيات مقربة من رامي مخلوف، وخاصة رئيس مجلس الإدارة بشير المنجد، ومن المرجح أن تكون السلطات الأمنية قد أجبرت المسؤولين الثلاثة في الشركة على تقديم استقالاتهم، رغم مرور أقل من شهرين فقط على تسمية المنجد رئيساً لمجلس الإدارة .

وحسب هذه المصادر، فإن المنجد، وهو وزير سابق في حكومة النظام، وقع الاختيار عليه كحل وسط مقبول من العائلتين المتنازعتين على الأموال مؤخراً، باعتباره مقرباً من رامي مخلوف وموثوقاً في الوقت نفسه من قبل أسماء الأخرس، زوجة بشار الأسد، إلا أن هذه الثقة تعرضت للاهتزاز بقوة بعد أن صعّد مخلوف ضد النظام الاسبوع الماضي، ما جعل عائلة الأسد تتخذ قراراً حاسماً بالتخلص من كبار الموظفين المرتبطين به، بغض النظر عن دورهم في الأزمة الحالية ومدى تعاونهم مع آل الأسد.

ويرأس محمد بشير المنجد شركة “سوفت كاد” لحلول تقانة الاتصالات والمعلومات منذ عام 2006، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة MTN سوريا بين آذار وأيار 2020.

وكان المنجد قد شغل منصب وزير في حكومة النظام مرتين، آخرها وزيراً للاتصالات وبين عامي 2004 و2006، وقبلها وزيراً للمواصلات بين عامي 2001 و2004، فيما شغل منصب عميد كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق، بين عامي 2000 و2001.

وكانت شركة “تيلي إنفست ليمتد”، أحد المالكين الرئيسين لشركة “MTN”، قد سارعت لاعلان استعدادها دفع المستحقات المترتبة عليها، تبعًا لحصتها القانونية في الشركة مطلع الشهر الحالي، بالتزامن مع التصعيد الذي أطلقه رامي مخلوف في المقطع المصور الأول الذي نشره على موقع “فايسبوك”، ورفض فيه دفع مبالغ ضريبية مفروضة على شركة “سيريتل”، الأمر الذي شكل بداية أزمة عاصفة داخل النظام.

واتهمت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في 27 نيسان/أبريل الماضي، شركتي الاتصالات بعدم دفع الضرائب للحكومة، التي تبلغ 233.8 مليار ليرة (180 مليون دولار) بينما اتهم مخلوف جهات في النظام لم يسمها، بابتزازه، وطالب بشار الأسد بالتدخل، مهدداً بأنه في حال لم تحل هذه المشكلة فإن البلد يتجه نحو الخطر.

وكشف رامي مخلوف، الذي يعتبر واجهة النظام الاقتصادية طيلة العقدين الماضيين، عن شن جهات أمنية في النظام حملة اعتقالات طالت مديرين وموظفين كبار في شركاته، ويبدو أن هذه الحملة لم تقتصر على الاعتقال، بل شملت أيضاً الضغط من أجل الاستقالة وهو ما يؤكده كتاب شركة MTN الأخير المتضمن استقالة ثلاثة من أبرز المسؤولين فيها.

—————————-

ثروة رامي مخلوف محور خلافات عميقة داخل عائلة الأسد قال إن «الظلم فاق طاقته» بعد اعتقال موظفين لديه

أطل رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، بمنشور جديد على صفحته في «فيسبوك»، لمح فيه إلى أن «الظلم فاق طاقته»، بعد الإجراءات التي اتخذتها السلطات ضد شركاته في البلاد، في وقت استقال مسؤولون كبار في شركة منافسة لشركته لخدمات الهاتف النقال.

وتزعزعت إمبراطورية مخلوف، المموّل الأساسي للنظام السوري منذ عقود، وبرزت علاقته المهتزة بالرئيس بشار الأسد الذي يخوض معركة استعادة سلطته كاملة وإنعاش اقتصاده بعد 9 سنوات حرب، إلى العلن، في قضية تتداخل فيها مصالح عائلية وسياسية ومالية، بحسب متابعين وخبراء.

وبعد أن بقي لسنوات بعيداً عن الأضواء، خرج مخلوف عن صمته عبر بيانات وشريطي فيديو على صفحته على «فيسبوك» فضحت حجم التوتر بينه وبين نظام ابن عمته بشار الأسد، في معركة يتوقع محللون أن تكون عواقبها وخيمة عليه.

وكان يُنظر إلى مخلوف (51 عاماً)، على أنه أحد أعمدة النظام اقتصادياً. وتفرض عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة جراء علاقته بالنظام.

بدأت أزمة مخلوف حين وضعت السلطات صيف 2019 يدها على «جمعية البستان» التي يرأسها، والتي شكلت «الواجهة الإنسانية» لأعماله خلال سنوات النزاع. كما حلّت مجموعات مسلحة مرتبطة بها.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، أصدرت الحكومة سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال، بينهم مخلوف وزوجته وشركاته. واتُهم هؤلاء بالتهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال الحرب المستمرة منذ 2011.

في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، أكد الأسد على استعادة أموال «كل من أهدر أموال الدولة».

ويقول الباحث في الشأن السوري، فابريس بالانش: «في سوريا، يجب التذكر دائماً أن حملات مكافحة الفساد كثيرة، لكنها غير مجدية، وهدفها ببساطة إسقاط الرؤوس التي تبرز».

وتجمع مخلوف بالرئيس السوري صداقة منذ الطفولة. وحين تسلم الأخير سدة الرئاسة خلفاً لوالده حافظ الأسد عام 2000. كان مخلوف أحد أبرز أركان سياسة الانفتاح الاقتصادي التي روّج لها الأسد الابن.

ويتربع مخلوف على رأس إمبراطورية اقتصادية تشمل أعمالاً في قطاع الاتصالات والكهرباء والعقارات. فهو يرأس مجموعة «سيرياتل» التي تملك نحو 70 في المائة من سوق الاتصالات في سوريا. كما يمتلك غالبية الأسهم في شركات عدة، أبرزها شركة «شام القابضة» و«راماك للاستثمار» وشركة «راماك للمشروعات التنموية والإنسانية».

ويقول مدير نشرة «سيريا ريبورت» الاقتصادية، جهاد يازجي، إن مخلوف «كان يسيطر على قطاعات معينة بالكامل، بينها أكبر شركة قطاع خاص في سوريا، أي (سيرياتل). وكان هناك كثير من القطاعات التي لا يمكن لأحد أن يعمل فيها من دون المرور عبره».

وليست هناك تقديرات لثروته، لكنها بالطبع «من مليارات الدولارات»، وفق يازجي.

خلال سنوات النزاع، كانت إطلالات مخلوف نادرة جداً. ويُعد ظهوره الأخير قبل أيام الأبرز منذ مقابلة أجراها في مايو (أيار) 2011 مع صحيفة «نيويورك تايمز»، قال فيها: «من المستحيل، ولا أحد يستطيع أن يضمن ما يمكن أن يحصل، إذا لا سمح الله، حصل شيء للنظام».

وفي مارس (آذار) 2011. وحين صدحت حناجر السوريين مطالبة بالإصلاح ثم بإسقاط النظام، كانت لمخلوف حصته من الهتافات. ففي محافظة درعا جنوباً، هتف متظاهرون: «برا برا برا، مخلوف اطلع برا»، و«بدنا نحكي على المكشوف… سرقونا عيلة مخلوف».

ويقول بالانش إن مخلوف واصل خلال سنوات الحرب «إنماء أعماله… وبسبب شركات الظل، كان من القلائل الذين تمكنوا من الالتفاف على العقوبات، ليأتي إلى سوريا ببواخر محملة بالبضائع».

ويرى يازجي أن خروج مخلوف إلى العلن اليوم هو نتيجة «شعوره بتراكم الضغط عليه لتهميشه»، مشيراً إلى أنه حاول «أن يقاوم كثيراً قبل أن يرمي الورقة الأخيرة ويفضح الخلاف العائلي». لكنه يؤكد أن ذلك «سيكلّفه كثيراً».

وفتح مخلوف الذي يُعتقد أنه في دمشق، حساباً جديداً على «فيسبوك» في أبريل (نيسان)، ونشر عليه بيانات عدة للدفاع عن أعماله، وصولاً إلى شريطي فيديو الشهر الحالي قدّم فيهما نفسه على أنه ضحية «أجهزة». وتوجه إلى الأسد واصفاً إياه بـ«صمام الأمن»، وطلب منه التدخل لإنقاذ شركة الاتصالات من الانهيار، بعدما طلبت منه الحكومة تسديد نحو 180 مليون دولار كجزء من مستحقات للخزينة.

واتهم مخلوف في الشريط الثاني الأجهزة الأمنية باعتقال موظفيه للضغط عليه للتخلي عن شركاته. وتساءل: «هل يتوقع أحد أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف الذي كان أكبر داعم لهذه الأجهزة وأكبر راعٍ لها خلال الحرب؟».

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان اعتقال القوى الأمنية العشرات من موظفي «سيرياتل».

ويقول مصدر دبلوماسي عربي في بيروت، متابع للملف، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أخذت الحكومة كثيراً من رجال الأعمال»، لكن «يبدو أن مخلوف رفض دفع ما طُلب منه، وسط تقارير عن أنه حاول إخراج أموال من البلاد».

ويشير إلى عاملين أساسيين خلف قضية مخلوف، أولهما أنه «كبر كثيراً»، والثاني هو «الحاجة الملحة للأموال نتيجة الأزمة الاقتصادية».

والاقتصاد السوري منهك بسبب الحرب، وسجلت الليرة انخفاضاً قياسياً أمام الدولار خلال الصيف وتخطت اليوم 1200 ليرة. وتشهد مناطق سيطرة القوات الحكومية أزمة وقود حادة. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 107 في المائة خلال 2019 فقط، وفق برنامج الأغذية العالمي.

وتحدثت تقارير إعلامية عن دور لأسماء، زوجة الأسد، في المواجهة بين النظام ومخلوف. ويقول يازجي: «من الصعب جداً أن نعرف فعلياً ماذا يحصل»، مضيفاً: «قد تكون أسماء التي يكبر دورها، تريد تأمين مستقبلها وابنها» عبر إبعاد عائلة مخلوف التي طالما كانت الحليفة الأولى لعائلة الأسد.

وليست قضية رامي مخلوف الأولى التي تتشابك فيها السياسة مع العائلة في سوريا. ويقول بالانش: «بالطبع هي مشكلة في صلب النظام»، مشيراً إلى أن «الأسد يطيح بقريب كما فعل والده مع شقيقه رفعت» الذي أجبره على مغادرة البلاد عام 1984.

ويضيف: «في حالة رامي، قد يكتفي الأسد بتكسير أجنحته، فهو في النهاية قريبه»، مشيراً إلى أن المسألة تتعلّق بـ«ثروة سوريا الأولى وابن خال بشار الأسد».

ويخلص بالانش إلى أن مخلوف «كان يشعر أنه لا يمكن المساس به ولا يمكن الاستغناء عنه (…) لكن في هذا النوع من النظام الاستبدادي، يجب أن نتذكر من وقت لآخر أنه لا يوجد أي أحد محصن».

الشرق الأوسط»

———————

===========================

بشار الأسد ورامي مخلوف

=======================

تحديث 13 أيار 2020

—————————

رامي مخلوف… توقف فورا عن تصوير الفيديوهات/ حازم الأمين

استيقظ السوريون على ملاك الرحمة طالبا من سيادة الرئيس أن يدركه قبل أن تنقض عليه حكومة جائرة تنوي أن توقف أعماله الخيرية! رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، ورجل الأعمال الذي راكم مليارات الدولارات، في البلد الذي ينوء تحت وطأة حرب أتت على أكثر من نصف مليون قتيل ونحو عشرة ملايين نازح وعلى مدن وأرياف، هذا الرجل ظهر بشريطي فيديو يشرح فيهما للسوريين الضيم الذي لحقه جراء قرار النظام الاستعانة بثروته لتمويل الحرب التي يخوضها في مواجهة مواطنيه.

المشهد بالغ الدلالة لجهة كشفه جانبا من طبيعة هذا النظام. إنه الوجه المافياوي، الذي تتكثف فيه مشاهد العائلة والثروة والانشقاقات والبنية الهرمية لمراكز القوى الحقيقية في هذا النظام. فالزوجة، أي الأم البيولوجية والسياسية للوريث تعيد توزيع النفوذ بما يتلاءم مع احتمالات التوريث، فيما الأم الأولى والخال، وابن الخال، أي ابن شقيق الأم الأولى التي أنجزت عملية التوريث، يبتعدون خطوة عن مركز النفوذ الحقيقي.

وفي هذا الوقت يجلس الرئيس على كرسيه معاينا صراع الأم والزوجة، وضابطا إيقاع التوتر بما يضمن انتصار الزوجة وانسحاب الأم. وهنا علينا أن نخصب خيالنا لتوزيع أدوار أفراد العائلة الذين لم يساعدنا فيديو رامي على تحديدها. بشرى التي قتل زوجها على مذبح العائلة، وماهر الذي يمسك بحرس العائلة، والأحفاد الآخرون ومصائرهم في ظل قرار “سيدة الياسمين” بأن الأمر والثروة لها، ولابنها الذي بدأ يهل هلاله!

لا بأس، فهذا حال كل العائلات التي تحكمنا في هذا الشرق البائس. شركة الهاتف الخلوي هي نفط هذه العائلات في ظل نضوب النفط، ولكل دولة رامي مخلوف ينافس الابن أو الصهر على الثروة لا على السلطة، وغالبا ما يسقط الأصهار والأخوال وتنتصر الزوجات بوصفهن أمهات أولياء العهود، إلى أن تأتي الزوجة الجديدة فتطيح بالزوجة الأم في دورة دم عنيفة أين منها الدورة الخلدونية.

لكن الحلقة السورية في هذه الدورة أكثر تمثيلا من غيرها على بؤس ودموية هذه الدوامة. فهي تشتغل على وقع حرب لا يخفي فيها النظام جشعه إلى مزيد من الدماء وإلى مراكمة الثروات فوق الجثث. والغريب أن لا وظيفة لهذا الجشع سوى مزيد من الدماء.

فدافع رجل مثل رامي مخلوف إلى مراكمة مزيد من الثروات غير مفهوم في ظل استعصاء مواز يتمثل في استحالة تصريف هذه الثروة في مزيد من الرخاء. الرجل محاصر بعقوبات دولية من كل حدب وصوب، وها هو محاصر أيضا من قبل النظام الذي شاركه في نهب السوريين وفي قتلهم، فما دافعه إذا لخوض حرب دفاع عن ثروته؟

لن نتوقع منه طبعا أن يكون متقشفا، لكن السؤال يحضر عن دافعه لقتال حتى الرمق الأخير، وفي حربٍ خاسرة، دفاعا عن ثروة قذرة! دافع “سيدة الياسمين” معروف، وهو تأمين مستقبل “ولي العهد” حافظ بشار حافظ الأسد، وهي بعرفها أن الاسم سيتكرر عبر متواليات جبرية لقرون طويلة، ذاك أن من بموقعها يعجز عن تخيل غير ذلك، وهو إذا تخيله فقد السلطة وانهار مستقبله فيها.

لا يعني هذا الاضطراب في العائلة أن نهايتها صارت وشيكة، إلا أنه يكشف عن طبيعة من الانشقاقات صادرة عن صدع جوهري فيها. النهاية غير قريبة لا لأن العائلة ممسكة بالسلطة، بل لأن سوريا مرهقة ومدماة، ولأن العالم متآمر عليها، ولأن موسكو وطهران ممسكتان بيد الرئيس الضعيف. والأمر قد يدوم لسنوات وسنوات.

صدام حسين واصل حكم العراق عقدا إضافيا بعد تصدع سلطته في العام 1991. وشهد هذا العقد أيضا تصدعات كبرى في العائلة وفي السلطة وفي الحزب، قتل على أثرها الأصهار، وقبلهم كان قتل الأخوال وأولادهم. أما الأعمام فلا يبدو أنهم يقتلون في جمهوريات البعث والهاتف الخلوي، لكنهم في جمهوريات موز أخرى، كإمارات الخليج وممالكه، يلقون مصير الأخوال في الهلال المشرقي، ذاك أن لا أمهات في الخليج يطمحن لدفع أولياء العهود إلى المنافسة وإلى الدماء. الأعمام هم من يفعل ذلك.

لا شيء نقوله لأنفسنا بعد فيديوهات رامي مخلوف، سوى أن هذا الملاك هو نهاية عنقود العائلة المخلوفية، وأن عنقود “سيدة الياسمين” بدأ ينضج ويشق طريقا مستقلا ومبتعدا عن العنقود المخلوفي، وأن أخوالا جددا يلوحون في الأفق.

هذه سنة الحياة في أنظمة الأخوال والأصهار، وما على رامي إلا القبول والكف عن تصوير الفيديوهات، وإلا استيقظت ظاهرة الانتحارات وأخذت بدربها الرجل وشركته ومؤسساته الخيرية.

كاتب لبناني

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

————————

الأسد ومخلوف.. اهتراء النظام/ راتب شعبو

شهدت سوريا في الفترة الأخيرة انفجار صراع ضمن العائلة الحاكمة على خط انقسام لم يكن ساخناً من قبل، الخط الذي يفصل عائلتَي الأسد ومخلوف اللتين تعتبران عائلة واحدة من منظور المحكومين السوريين. وقد أثبتت العائلتان تماسكاً ملحوظاً طوال عقود من الزمن، لا يقوم فقط على توزيع المهام، بل والأهم من ذلك، على احترام الهرمية في علاقات القوة العائلية. إقرارٌ تام من جانب آل مخلوف بوجود آل الأسد على رأس السلطة السياسية والعسكرية والأمنية، فيما تبقى عائلة مخلوف في المجال الاقتصادي، وتستخدم أعلى مراكز السلطة سنداً لها في استيلائها على اقتصاد البلد وعلى المال العام.

في عهد الأسد الأب، لم يكن الحال على هذا الشكل من الفجور و”الاستفشار” الذي ظهر في عهد الأسد الابن، وتجلى في سيطرة مملكة رامي مخلوف الاقتصادية على 60% من الاقتصاد السوري، كما تقول بعض التقارير. رغم تعزيز سلطته العسكرية والأمنية بعصبية طائفية، لم يخلّ الأسد الأب بالمبدأ السوري العريق الذي يقول إن الاقتصاد شأن مديني سني، هذا ما خلا الامتداد الاقتصادي للدولة فيما عُرِف في تلك الفترة بالتحويل الاشتراكي. غير أن ذلك النهج الاقتصادي الهجين، سرعان ما أخلى السبيل أمام تماشٍ متسارع مع علاقات السوق الرأسمالي العالمي، تحت تأثير حدثين أساسيين، الأول هو التحدي الذي واجهتْه سلطة حافظ الأسد على يد الأخوان المسلمين على أعتاب العقد الثاني من حكمه، ودور البرجوازية السورية التقليدية في ذلك الصراع، وسعي الأسد، بالتالي، إلى احتواء هذه الطبقة. والحدث الثاني هو التراجع الاقتصادي في الاتحاد السوفييتي، وبداية تصدع المنظومة الاشتراكية، ما قاد النظام حينها، وبالتوازي مع ذلك الحدث، إلى تسريع وتيرة التكيُّف عبر إصدار المرسوم رقم 10 للعام 1991. تطلب الاندماج بالسوق العالمي نمو شريحة برجوازية وسيطة “كومبرادورية”، وقد انتعشت هذه الطبقة في ظل حافظ الأسد، لكنها ظلت في قسمها الأعظم مدينية سنية.

مع ذلك، ظل الأسد الأب، حذراً بل محافظاً في العلاقة مع السوق العالمية، مخافة أن يخسر سيطرته وتحكمه بالمفاصل الأساسية للبلاد. واستقرت العلاقة بين سلطة الأسد والبرجوازية السورية على مبدأ أن تتولى السلطة تأمين المناخ الأمني (الاستقرار بالقمع)، والسياسي الاقتصادي (تجاوب مدروس مع متطلبات السوق)، فيما ترد البرجوازية الدين إلى أصحاب السلطة عبر شتى أشكال قنوات الفساد.

الانفتاح الكبير الذي أقدم عليه النظام في عهد الأسد الابن، كالسماح بالمصارف الخاصة وبسوق للبورصة ..إلخ، ترافق مع تغيير في العلاقة التي استقرت بين السلطة والبرجوازية السورية. هذا التغيير تمثّل في كسر التوازن بين أصحاب السلطة الأمنية، وأصحاب السلطة الاقتصادية، فأطلقت يد رامي مخلوف لكي يتحول إلى حوت اقتصادي يمثل امتداداً سياسياً في الاقتصاد. وتمثّل محاولة مخلوف الاستحواذ على وكالة المرسيدس، وانحياز الحكومة له ضد وكلائها القدماء واحدة من العلامات البارزة لهذا التحوُّل.

خوف سلطة الأسد الابن من أن يؤدي الانفتاح إلى بروز بورجوازية سورية تشكل قوة اقتصادية تهدد سيطرة السلطة السياسية، دفع هذه إلى أن تتمدد بصورة مباشرة عبر رامي مخلوف، وتسيطر على المجال الاقتصادي المفتوح، مدعوماً بأعلى مراكز السلطة السياسية، سواء عبر القوانين الاستثنائية، أو عبر القوة و”التشبيح”.

لم يكن غريباً أن يهتف السوريون، في المظاهرات التي خرجوا فيها ضد نظام الأسد في بداية ثورتهم، في مطلع 2011، ضد رامي مخلوف، وأن يهاجموا مراكز شبكة الهاتف الخليوي التابعة له (سيريتل) تعبيراً عن رفضهم لنظام الأسد بشقيه السياسي الأمني الطائفي، والاقتصادي “الأمني” الفاسد. يومها خرج رامي مخلوف ليقول إنه قرر التخلي عن النشاط التجاري والتفرغ للعمل الخيري، فهو لن يسمح لنفسه “أن يكون عبئاً على سوريا، وشعبها ورئيسها بعد اليوم”. لم يلتزم مخلوف بما قاله طبعاً، بل عمل باتجاه معاكس، إذ أنشأ فرعاً عسكرياً لجمعية البستان الخيرية التابعة له. كان في هذا برهان واضح على أن مخلوف لم يكن في السوق سوى امتداد مباشر للسلطة السياسية في الاقتصاد.

يندرج الصراع الحالي ضمن دائرة العائلة الحاكمة في سوريا، في إطار التحدي الأكبر المتمثل في السؤال: هل يستطيع نظام عائلة الأسد، التكيف مع المتغيرات الكبيرة التي استجرها الصراع في سوريا خلال ما يقارب تسع سنوات. هناك فاتورة اقتصادية للحرب لا بد من تسديدها، وهناك فاتورة سياسية تقول إن بشار الأسد أصبح عبئاً على النظام، أو أصبح “رئيساً ساماً” بتعبير غربي.

عجز سلطة الأسد عن دفع فاتورة مستعجلة للحرب تتراوح قيمتها بين مليارين وثلاثة مليارات دولار، كما تتناقل الصحف، دفعها إلى الاتِّكاء على مخلوف الذي وجد نفسه في بداية الثورة عبئاً على الرئيس، وها هو يرى الرئيس اليوم عبئاً عليه. تحويل المال العام من موقعه الطبيعي في خزينة الدولة إلى موقعه الشاذ في الحسابات المصرفية لآل مخلوف والأسد جعل الدولة اليوم في حالة عجز مالي، يضطرها إلى إعادة الاستيلاء على المال الذي سبق أن سهلت سرقته، لكن هذه العملية هي عملية صراع قد تقود إلى تفكك الدولة نفسها.

الصراع الحالي يقول إن ما يريد أن يصوره النظام على أنه انتصار ما هو إلا فشل. وإنه في الوقت الذي يتقدم عسكرياً في إدلب يتضعضع “عائلياً” في دمشق. وهذا الشقاق العائلي تعبير عن اهتراء آليات النظام في الحفاظ على نفسه. وإذا كان الصراع العسكري قد فشل في إسقاط النظام، فإنه سرَّع في إيصال آليات استيعاب النظام إلى حدودها القصوى. هكذا يبدو، أن آليات النهب التي حمتها السلطة في سعيها الدائب إلى التأبيد، ترتد عليها، وقد تؤدي لتفككها.

—————–

أسماء الأسد.. الديكتاتور الحقيقي في سوريا

نشر موقع “ديلي بيست” الأميركي تقريراً مفصلاً عن أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، ودورها الناشئ ضمن النظام السوري، منذ وفاة أنيسة مخلوف، زوجة الرئيس السابق حافظ الأسد العام 2016.

وقال الموقع في مقال للكاتب جيريمي هودج، أن أسماء، منذ تعافيها من السرطان، باتت تقدم نفسها كملكة منقذة لبلد سيطرت عليه ثم فقدته العام 2011. ووصفها بأنها “سيسرسي لانيستر” السورية، في إشارة إلى مسلسل “صراع العروش”، التي عادت من الموت وتريد انتقاماً حقيقياً بوصفها “الديكتاتور الحقيقي” في البلاد.

وأشار المقال إلى سلسلة من الأحداث التي تشكل في مضمونها ملفاً رصدته “المدن” خلال السنوات الماضية، حول دور أسماء الناشئ ضمن النظام، بما في ذلك نظرة الإعلام العالمي إليها، بعدما أطلقت عليها مجلة “فوغ” الشهيرة لقب “زهرة الصحراء” قبل أن تضطر المجلة لسحب المقال مع اعتذار من الصحافية الشهيرة أنا وينتور على ذلك كله، وكشفها أن المقال كان جزءاً من حملة دعاية سياسية مدفوعة أبرمت قبل الثورة السورية.

وبحسب المقال، فإن أسماء وبعد وفاة أنيسة مخلوف (والدة بشار)، أصبحت الآن القوة الحقيقية وراء عرش زوجها. وأشار إلى أن مزاداً للفن الحديث عقدته دار “سوذبي” في لندن بيعت فيه لوحة للفنان البريطاني ديفيد هوكني بمبلغ 23.1 مليون جنيه إسترليني، ارتبطت في التقارير الإعلامية بعائلة الأسد، قبل أن تكشف تقارير أخرى أن المشتري الغامض هو ديفيد غيفين الذي باع بيته في بيفرلي هيلز للملياردير جيف بيزوس بمبلغ 165 مليون دولار.

ورغم أنه لا يُستبعد قيام الأسد بعمل نافر مثل إهداء اللوحة لزوجته، فيما شعبه يتضور جوعاً، فإن ذلك يعيد للأذهان صورة عائلة الأسد في الإعلام العالمي، حيث تم تصويرهما في مجلة “فوغ” كزوجين كشابين (46 و36 عاماً حينها) حيويين وكقوة ممكنة للإصلاح بين ديكتاتوريات وملكيات العالم العربي، انطلاقاً من كون أسماء جذابة ومتعلمة في لندن. وكان من السهل تخيل قدرتها على الحد من نزعات زوجها الديكتاتورية ثم حرف بلادها نحو الانفتاح، مع عملها في خدمة قضايا إنسانية مع منظمات غير حكومية.

وبالطبع لو كانت أسماء تنفق على المجوهرات والملابس، لما اهتم أحد خارج حدود سوريا بذلك، لكن ذلك تغير بعدما تعامل بشار الأسد مع المتظاهرين بوحشية قادت إلى حرب أهلية قتل فيها أكثر من نصف مليون شخص وهجرت نصف السكان وأدت إلى أكبر أزمة لجوء في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وساعدت بالضرورة على ولادة تنظيم “داعش” البربري.

وبحسب الموقع، كان هناك نوع من التشكك داخل سوريا من حالة التملق الدولية مع السيدة الأولى التي تعرضت للانتقاد حتى قبل الحرب بأنها منفصلة عن حياة الناس العاديين. ونظر إلى أسماء كمشكلة لا كحل ضمن دوائر النظام، تماماً مثلما كانت نظرة أنيسة مخلوف لها، فوالدة الأسد نشأت مع زوجها في جو متواضع ضمن عائلة تنتمي لطائفة علوية تتهم من قبل الطوائف الإسلامية الأخرى بالزندقة، وحتى عندما استطاع زوجها ضابط الطيران الاستيلاء على السلطة في سوريا العام 1970. وبعد وفاة حافظ الأسد العام 2000 وصعود بشار إلى السلطة، تحولت أنيسة الى قوة حقيقية وراء السلطة وحاولت منع أسماء اللندنية من الوصول إلى مفاصل السلطة لأنها لم تكن تثق بها أو تحبها. إلا أن أنيسة توفيت العام 2016، ومنذ ذلك الوقت نظر إلى أسماء على أنها القوة الصاعدة. وبنت قاعدة قوة لها ولعائلتها المباشرة، مستقلة عن العائلات العلوية التي ينتمي إليها الأسد.

واسترسل التقرير مطولاً في استذكار ما كشفه فيلم وثائقي قدمته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” العام الماضي، حول عائلة الأسد. وتوصل إلى نتيجة مفادها أن عدم استلطاف أنيسة مخلوف لزوجة ابنها نبع من غياب الدعم الشعبي له وداخل طائفته والطبقة الحاكمة. فهو معروف بالوداعة ولم يكن يثير اهتمام من يراه. وعرف عنه فقدانه القدرة على النظر بشجاعة لمن أمامه، علماً أن بشار لم يكن مشروع رئيس قبل العام 1994 حيث كانت والدته تهيئ شقيقه باسل الذي توفي في حادث سيارة العام 1994، للرئاسة. كما ظل بشار بعيداً من الأضواء عندما جاء إلى لندن لدراسة طب العيون، حيث التقى أسماء.

ومع وصول بشار للرئاسة وبداية الانفتاح الاقتصادي في البلاد الذي كان رامي مخلوف، ابن خال الأسد، المستفيد الأول منه مع سيطرته على 70% من اقتصاد البلاد، بقيت أسماء على الهامش. وقال الصحافي المعارض إياد عيسى: “قبل الثورة لم يكن الرقيب يسمح لنا بالإشارة إلى أسماء بالسيدة الأولى. ولم يسمح لنا بوصف أسماء كزوجة الرئيس”، خلافاً لأنيسة التي كانت توصف بالسيدة الأولى أثناء حكم حافظ الأسد.

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لم تكن أسماء، التي تنتمي الى عائلة تجار تعود جذورها إلى حمص ودمشق، لاعباً مهماً. لكنها في رسائل إلكترونية، تم تسريبها، وصفت نفسها بـ”أنا ديكتاتور حقيقي”، لكنها لم تتحرك لتصبح قوة يحسب لها حساب وتقرب عائلتها إلا بعد وفاة أنيسة، حيث حانت الفرصة لها لمواجهة منافسيها في عائلة مخلوف، وتحديداً رامي الذي يضيق عليه النظام الخناق حالياً، ما أدى الى ظهوره مؤخراً في مقاطع فيديو تحدى فيها بشار الأسد شخصياً. ويرى الكاتب أن مركز الخلاف هو السيطرة على شركة “سيرياتل”، التي تملك الدولة فيها حصة 50%.

والحال أن استهداف أرصدة رامي مخلوف، أتى في وقت بدأ فيه تأثير المقربين من أسماء بالنمو، فبعد وفاة أنيسة مخلوف بفترة قصيرة أخذ أقارب أسماء بالسيطرة على جزء من قطاع الخدمات الأساسية، وجاء بعد إصدار البطاقات الذكية لشراء المواد الأساسية مثل الأرز والغاز والشاي والسكر وزيت الطعام. ومنح العقد لشركة “تكامل” التي يملكها أحد أشقاء أسماء وابن خالتها محمد الدباغ. وكشفت تحقيقات ذات صلة، أن الموارد المالية من البطاقات الذكية تم وضعها في حسابات تعود إلى مجلس “تكامل” الذي يديره أقارب أسماء.

وفي الوقت الذي تم تجميد فيه حسابات رامي مخلوف، قامت وزارة المالية بالإفراج عن حسابات عم أسماء، طريف الأخرس، التي جمدت لأكثر من عام. واستخدم طريف الذي كان يملك شركة شاحنات صغيرة قبل الحرب في حمص، صلات ابنة أخيه بالسلطة ووسعها. وبدأ بالمشاركة في شحن الطعام والبضائع عبر سوريا إلى العراق ضمن ما عرف ببرنامج النفط مقابل الغذاء قبل الغزو الأميركي العام 2003. وتوسعت تجارة الأخرس في ما بعد لتشمل الشحن البحري والبناء والعقارات واللحوم وقطاع التعليب. وهو وأقاربه يجنون الآن الثمار.

وتزامن دخول أسماء القطاع الاقتصادي بعد معركتها الطويلة مع سرطان الثدي. وأعلنت السيدة الأولى عن تعافيها في آب/أغسطس الماضي تزامناً مع وضع رامي مخلوف تحت الإقامة الجبرية. ومنذ ذلك الوقت زادت من ظهورها في المشهد العام ووثقت عمل جمعياتها في أنحاء سوريا. ويبدو أنها مصممة على تحضير أبنائها، مستخدمة قوتها الجديدة، لأخذ مكانهم داخل عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ 50 عاماً، وعادة ما يرافق حافظ وكريم وزين والدتهم في جولاتها على المستشفيات لزيارة الجرحى وافتتاح المدارس الجديدة للموهوبين. وبدأ الحديث في وسائل إعلام النظام حول قدر الابن الأكبر حافظ، لخلافة والده، خصوصاً انه نفسه بدأ القيام بجولات لزيارة مواقع البناء ومناطق أخرى أسوة بوالدته.

المدن

—————

إرهاصات سيناريوهات روسية لمرحلة جديدة في سوريا

إسطنبول: ظهور مفاجئ لـ“رامي مخلوف”، ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد عبر وسائل التواصل، أدى إلى بروز سلسلة من التكهنات والسيناريوهات، في محاولة لتفسير ما يحصل في دمشق.

هل هو انشقاق وتصدع داخل نظام الأسد؟ أم مجرد تنافسات وتجاذبات بين مراكز القوى حول بعض المصالح؟ وهل دوافعه مالية أم سياسية؟ وهل الخلاف محلي أم له أبعاد خارجية، تمتد لتشمل التنافس الروسي الإيراني على تقاسم النفوذ في سوريا؟

بالتأكيد فإن سبب تلك التكهنات ما يمثله مخلوف ووالده محمد مخلوف من ثقل مالي أولا وسياسي ثانيا داخل نظام الأسد، رغم وجود قناعة سائدة بأن مخلوف الابن ما هو إلا خازن لأموال عائلة الأسد المالك الحقيقي لتلك الأموال.

رغم ذلك، لا بد من وجود أسباب موجبة للحادثة التي تسببت في زلزال سياسي بدمشق، جلب الأنظار وطرح الأسئلة مرة أخرى حول مصير نظام الأسد بعد المعطيات الجديدة على المستوى العالمي، التي أفرزتها جائحة كورونا وعاصفة النفط.

** صعود رامي مخلوف

انطلق محمد مخلوف والد رامي، شقيق أنيسة زوجة حافظ الأسد، في مشواره التجاري، من مؤسسة التبغ – ريجي الحكومية، ثم دخل في منتصف الثمانينات قطاع النفط، قبل أن يتحول لرعاية الصفقات الكبرى، ليصبح العرّاب الخفي للإقتصاد السوري، ضمن عملية تقاسم للحكم في سوريا، فبينما أمسكت عائلة الأسد بمؤسسات الجيش والأمن والسياسة، كان الاقتصاد والمال من حصة عائلة مخلوف.

ومع انتقال الحكم بالوراثة لبشار الأسد، اتجه رامي ابن محمد مخلوف، نحو قطاع الاتصالات الواعد، فحاز العام 2001 على”سيريتل” وشركة أخرى منافسة هي “إم تي إن” بثمن بخس، وبترخيص وفق نظام “بي أو تي”، وباتت شركتا مخلوف تحتكران كامل قطاع الاتصالات وعائداته.

حاول بعض النواب، بينهم رياض سيف، كشف حجم التلاعب المالي، والتجاوزات القانونية التي حرمت خزانة الدولة السورية من مليارات الدولارات، فكان مصيره وبقية المعترضين الاعتقال والسجن، بسبب تجاوزهم الخط الأحمر.

شكل عقد “سيريتل” القاعدة التي انطلق منها رامي مخلوف، ووسع من خلالها مجالات نشاطاته وأعماله، لتشمل قطاعات النفط والمال والمصارف والبنوك والسياحة والتجارة، وذلك في مواكبة مرحلة الانفتاح الاقتصادي الانتقائي في البلاد مع بداية الألفية الثانية.

ذلك الانفتاح الذي تسبب في تآكل الطبقة الوسطى عماد المجتمع السوري، وركّز الثروة بيد عدد قليل من المنتفعين والوصوليين، وخصوصاً شركات مخلوف، فأصبح رامي مخلوف “الوكيل الحصري لسوريا” دون منازع، كما أطلق عليه منافسوه.

** دور إقتصادي ومالي

عارض رامي مخلوف المفاوضات التي كانت تجريها الحكومة السورية مع الاتحاد الأوروبي من أجل توقيع اتفاق شراكة استراتيجية، تضع قيوداً من شأنها منع الاحتكار الاقتصادي.

وفي عام 2004، غادر مخلوف دمشق إلى الإمارات في محاولة للاستثمار هناك، لكنه عاد بعد عام واحد فقط، إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، في 2005، حيث توفرت شروط أكثر ملاءمة لعودته وتوسيع دوره الإقتصادي، إثر الحصار الدولي الخانق على النظام السوري، وبعدما وجهت أصابع الاتهام لشخصيات رئيسية في أجهزته الأمنية، حتى قيل بأن بشار الأسد نفسه على علم بالحادثة، وهو من أمر باغتيال الحريري.

حاول رامي مخلوف استنساخ التجربة اللبنانية في سوريا، بما في ذلك المصارف والبنوك التي تعتبر رئة الاقتصاد، وسعى لصنع (لبنان السوري) في سوريا لتعويض ما فقده النظام السوري جراء انسحابه القسري من لبنان، خصوصاً في القطاع الإقتصادي المالي.

في 2006، أسس رامي مخلوف شركة “شام القابضة” للإشراف على إدارة التوسع الهائل لدوره الاقتصادي، حيث أصبح يسيطر على نحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ نحو 62 مليار دولار أمريكي، لكنّ دور مخلوف الفعلي في القرار الإقتصادي كان أكبر من هذه النسبة بكثير.

** دور سياسي

عندما اندلعت الثورة السلمية في سوريا مطلع 2011، ظهرت لافتات وشعارات تفضح دور رامي الإقتصادي وشركاته، وطالب المتظاهرون الأسد بمحاسبة رامي مخلوف وتحجيم دوره.

بعد توسع رقعة الانتفاضة الشعبية وشمولها كافة المحافظات والمدن السورية، اضطلع رامي مخلوف بدور سياسي غير معلن، فعقد سلسلة لقاءات غير علنية مع مسؤولين غربيين، منهم السفير الأمريكي الأسبق روبرت فورد، وسفراء أوروبيون بينهم الفرنسي إريك شوفاليه، وكان رامي ووالده قد استضافا جون كيري عندما كان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس.

بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية، ظهر رامي مخلوف في مقابلة مع “نيويورك تايمز”، قال فيها: “لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا”، فربط أمن إسرائيل باستقرار نظام الأسد في سوريا.

كما لعب شقيق رامي، العقيد حافظ مخلوف، رئيس فرع أمن دمشق التابع لإدارة المخابرات العامة، دوراً محورياً في مواجهة الحراك الشعبي السلمي، بممارسة الاعتقالات والتعذيب والسجن، وكان الحلقة الضيقة التي رجحت الحل الأمني واستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين.

وفي 2014، أُعفي العقيد حافظ مخلوف من منصبه، وغادر لاحقا إلى روسيا حيث والده محمد الذي يقضي وقته بين موسكو وكييف، بفضل علاقات أمنية وسياسية واقتصادية مع متنفذين في روسيا، على رأسهم “يفغيني بريغوزين” المعروف بلقب “طباخ بوتين”، والمتهم بتأسيس مجموعة “فاغنر” سيئة الصيت.

** على مفترق الطريق

بالتوازي مع نمو وتعاظم الدور الإيراني بسوريا، برز دور لرجال أعمال جدد منهم مجموعة قاطرجي، ووسيم قطان، وسامر الفوز الذي اشترى حصص فندق “فورسيزونز” من مخلوف وآخرين.

وتركزت أعمال هؤلاء في استيراد مواد غذائية ومشتقات نفطية بتسهيلات إيرانية، وصفقات نقل النفط من مناطق سيطرة حلفاء واشنطن شرق سوريا ومناطق الحكومة.

كما برز دور رجال أعمال شباب، بينهم محيي الدين مهند دباغ ويسار إبراهيم، في عقود أبرزها عقد لتشغيل الهاتف النقال بسوريا مع شركة إيرانية تابعة للحرس الثوري، وآخر يتعلق بالبطاقة الذكية التي تضبط مشتريات المواطنين.

مع بروز أمراء الحرب، وكجزء من حصار إيران ونظام الأسد، أدرجت واشنطن والاتحاد الأوربي مخلوف والفوز وآخرين على قائمة العقوبات.

وفي أغسطس/ آب الماضي، اتخذ بشار الأسد إجراءات صارمة ضد شبكات مخلوف وشركاته، شملت جمعية البستان وحل جناحها العسكري وذراعها السياسي.

وسحبت بعض المميزات الممنوحة لعناصر الحزب السوري القومي الاجتماعي، بسبب الدور البارز لآل مخلوف المعروف تاريخياً بتأييده أفكار الحزب، ما أسهم في تمدده في مفاصل رئيسية، وتكوين ميليشيات قاتلت إلى جانب جيش النظام، بعد أن كان الحزب شبه محظور في السنوات السابقة، بسبب معارضته حزب البعث الحاكم.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أصدرت محكمة الاستئناف قراراً بحل “الحزب السوري – جناح الأمانة”، الذي كان أسسه رامي في 2011، وخاض انتخابات مجلس الشعب في 2012 بدعم من “جمعية البستان” وحصل على مقاعد في البرلمان.

** ضغوط روسية على دمشق

بدأت الضغوط الروسية على دمشق وبشار الأسد، بعد زيارة خاطفة لوزير الدفاع سيرغي شويغو، نقل خلالها رسالة قاسية من الرئيس فلاديمير بوتين، تتعلق بضرورة التزام دمشق بالاتفاقات العسكرية الموقعة بين الرئيسين بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان حول إدلب.

كما تتعلق بضرورة ألا تستجيب دمشق لتشجيع دول عربية على فتح معركة ضد تركيا وفصائل موالية لها في شمال غربي سوريا.

ثم تبعتها حملة إعلامية قاسية، تتهم الأسد وأركان نظامه بالفساد، تضمنت مقالات واستبيان رأي من طرف مؤسسات تابعة لمجموعة “فاغنر” التي تملك مقاتلين واستثمارات في سوريا، ومعروفة بقربها من بوتين، ثم جرى دعم تلك الحملة بمقالات حادة في صحيفة “برافدا” الرسمية (روسية)، وتحليلات على مواقع فكرية رصينة.

كما جاءت الحملة وسط انتقادات روسية لعدم التزام دمشق بالتفاهمات الروسية – الإسرائيلية – الأمريكية، ورغبة موسكو بتقييد دور إيران في سوريا وتحديد ملامحه، كما سربت وسائل إعلام روسية معلومات عن صراع اقتصادي يدور بسوريا بين شركات روسية وأخرى تدعمها طهران، واعتراض شركات روسية بسبب عدم توفر عائدات مالية موازية للتدخل العسكري الروسي، خصوصاً في قطاعات حصص النفط والغاز والصفقات الاقتصادية.

مقابل ذلك، وبتوقيت مواز، شن النظام حملة ضد رامي مخلوف، اتخذت بعداً تصعيديا جديداً، من خلال الوشاية بإحدى شركاته، ويطلق عليها “ميلك مان”، لدى السلطات المصرية، حيث ضبطت شحنة حليب محملة على باخرة سورية متجهة إلى ليبيا وعلى متنها 4 أطنان من الحشيش المخدر، فرد عليها رامي بتسريب شراء بشار الأسد لوحة فنية بقيمة 30 مليون دولار هدية لزوجته أسماء.

وفي 27 أبريل الماضي، أعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات مطالبتها شركتي الهاتف النقال بدفع مبلغ 233 مليار ليرة سورية قبل 5 مايو/ أيار 2020، ثم بدأت الأجهزة الأمنية باعتقال الكوادر القيادية في شركات مخلوف.

** خلاف مالي أم سياسي؟

لا شك في أن الخلاف بين الأسد ومخلوف يحمل في طياته كلا البعدين، المالي والسياسي، لأن النظام منهك ماليا وهو بأشد الحاجة للمال من أجل البقاء والاستمرار، خصوصا بعد خسارته الدعم الخارجي، الروسي والإيراني تحديدا، عقب هبوط أسعار النفط والحصار الأمريكي على إيران.

وبالتالي، فإن النظام سيذهب إلى أبعد حد في الضغط على مخلوف، وبمزيد من الإجراءات ضد شبكاته المالية، كما حصل في السابق مع رجال أعمال آخرين، ولعل من المفيد هنا الإشارة إلى أن بعض المحللين يميلون لاعتبار حادثة رامي مسرحية متفقاً عليها من قبل، بهدف ترتيب البيت الداخلي.

أما في الجانب السياسي، فهناك أكثر من تفسير.. سواء كان رامي قد دفع من أطراف خارجية، روسية تحديدا، أو أن أطرافاً خارجية تستغل رامي لممارسة الضغوط على الأسد، أو أن رامي نفسه ركب موجة التصعيد الروسية ضد بشار، خصوصاً وأن والده وشقيقه، وربما هو، في موسكو، إذ من المستحيل أن يدلي بما أدلى به وهو داخل سوريا.

وأيا كان الأمر، فإن ذلك يشير إلى شروع القيادة الروسية في هندسة المرحلة الجديدة التي ستبدأ عام 2021، يعضد ذلك ويقويه الضغوط الأمريكية على روسيا، لإخراج إيران من سوريا

** ملامح المرحلة القادمة

تعتبر موسكو سوريا مركز نفوذها العسكري الاستراتيجي بالشرق الأوسط، ومنفذها البحري على المياه الدافئة، وأن دورها الاستراتيجي بسوريا منحها بعدا استراتيجيا، وأوراقاً رابحاً في علاقاتها مع كل من تركيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل، وإن بنسب متفاوتة ولأسباب مختلفة.

هذا بالإضافة إلى عقود إعادة الإعمار التي تقدر بأكثر من 300 مليار دولار. كلها أسباب تجعل من سوريا في نظر الروس، قيمة استراتيجية لا بد من الحفاظ عليها، وغنيمة لا يمكن التفريط فيها.

ظل نظام الأسد يلعب على حبل التوازنات بين موسكو وطهران، لكن المتغيرات التي أنتجتها جائحة كورونا، وعاصفة النفط أيضا، قلبت جميع الموازين، وجعلت موسكو تعيد حساباتها حول الكلفة الباهظة لبقاء الأسد على رأس الحكم.

موسكو التي دأبت قيادتها السياسية على التصريح بأنها معنية بسوريا الدولة قبل الأسد، تتجه نحو انتهاج استراتيجية تقتضي بالحفاظ على أجهزة الدولة السورية، مع إعادة ترتيب هيئة الحكم في دمشق.

تدرك موسكو أن أي تغيير في تركيبة النظام في دمشق، لا بد أن ينال موافقة الأطراف الضامنة في سوريا، روسيا وواشنطن- إسرائيل وتركيا وإيران

فهل تشكل حادثة رامي مخلوف وما تبعها من تطورات، أولى إرهاصات ولادة نظام جديد في دمشق، تكتمل ملامحه في 2021؟

(الأناضول)

القدس العربي،

———————–

أزمة “مخلوف” تضاعف هبوط الليرة السورية لمستويات قياسية

دمشق: تراجعت الليرة في السوق الموازية للعملات داخل المدن السورية، لمستويات قياسية تجاوزت 1550 ليرة لكل دولار واحد.

ويأتي ذلك التراجع مدفوعا بتصاعد الخلافات بين النظام السوري ورجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد.

ونقلت وسائل إعلام سورية، الأربعاء، أسعار صرف بيع الدولار الأمريكي في السوق السورية، إذ بلغ السعر 1570 ليرة لكل دولار واحد، مقارنة مع 1490 ليرة في تعاملات الثلاثاء.

بينما كانت تداولات الأسبوع الماضي، تشير إلى صرف الدولار في السوق الموازية بقيمة 1350 ليرة مع بدء ظهور الخلافات علنا بين النظام ومخلوف.

ومخلوف المصنف أكبر رجل أعمال في سوريا ولديه استثمارات في عديد القطاعات المفصلية في الاقتصاد السوري، كان قد دخل في خلاف مع النظام نتيجة منشورات مكتوبة ومرئية له على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال مخلوف في منشوراته إنه ضحية “أجهزة” الدولة، ودافع فيها عن أعماله.

وتعيش الليرة السورية أسوأ فتراتها منذ الثورة قبل 9 سنوات، نتيجة أسباب أخرى مرتبطة بإحكام منع تهريب النقد الأجنبي من لبنان (مصدر الدولار الرئيس في سوريا)، عبر حدود البلدين.

ومنذ مطلع 2020، يكون صرف الدولار الأمريكي قد صعد مقابل الليرة السورية بنسبة 60 في المئة، إذ أنهت الليرة تعاملات 2019 في السوق السوداء عند 915 مقابل الدولار.

ووفق أسعار صرف الأربعاء، تكون العملة السورية فقدت أكثر من 29 ضعفاً من قيمتها أمام النقد الأجنبي، منذ قيام الثورة عام 2011، حيث كان سعر الدولار بمتوسط 50 ليرة.

——————————-

بوتين والأسد: هل تهرب موسكو من سيناريو أفغاني في سوريا؟

رأي القدس

في أيلول /سبتمبر 2015 استقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تدخل عسكري مباشر لصالح النظام السوري ولإنقاذه من الانهيار في غمرة معطيات كثيرة كانت تشير إلى احتمال تفكك جيش النظام. ولن يطول الوقت حتى يؤكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هذه الحقيقة، وأن «العاصمة دمشق كانت ستسقط أثناء اسبوعين أو ثلاثة» لولا تدخل موسكو العسكري.

وبعد أقل من شهر على انطلاق العمليات العسكرية الروسية وتكثيف طلعات الطيران الحربي الروسي توجه بشار الأسد إلى موسكو في زيارة مفاجئة للاجتماع مع بوتين، حيث جرى الاتفاق على تفاصيل أدوار الجيش الروسي في سوريا، وكذلك الخطوط العريضة والأهداف الجيو ــ سياسية التي يسعى الكرملين إلى بلوغها من وراء التدخل.

ولقد أنجزت موسكو الكثير من تلك الأهداف، إذ عادت إلى مشهد صراعات النفوذ في الشرق الأوسط بعد أن سجلت خسارات سابقة في أعقاب انتفاضات الربيع العربي، ونجحت في صياغة تحالف جنيني من إيران وسوريا والعراق يعرقل هيمنة واشنطن في المنطقة، وباتت على الصعيد الداخلي السوري رقماً سياسياً وعسكرياً راجحاً حتى في قلب جيش الأسد وعبر وحدات نظامية مثل «جيش النمر» أو ميليشيات من طراز «نسور الصحراء».

لكن الدعم العسكري المباشر لم يكن عند موسكو ينفصل عن سلسلة مكاسب اقتصادية مباشرة بدورها، لا تقتصر على قاعدة حميميم الجوية جنوب شرق اللاذقية أو القاعدة البحرية في طرطوس أو عقود مشتريات السلاح واستثمار الغاز والنفط. الأهمّ من هذا كله كان حصول الكرملين على تعهدات بمئات مليارات الدولارات تحت بند إعادة إعمار سوريا، وهذه يصعب أن يمنحها المجتمع الدولي من دون عملية سياسية تتيح تجميل وجه النظام الدموي والإيحاء بإصلاحات ذات معنى على صعيد البنية الدستورية والحقوق العامة.

وإذْ تقترب موسكو من العام الخامس على هذا التدخل، بحصيلة عسكرية غير مستقرة رغم مزاعم «الانتصارات» وحصيلة هزيلة تماماً على صعيد إعادة تدوير النظام، فإن المؤشرات تتزايد لجهة التأكيد على أن الكرملين أخذ يضيق ذرعاً بحال الاستعصاء في هذا الملف. صحيح أن الحملات الأولى بدأت من وسائل إعلام محسوبة على يفغيني بريغوجين رئيس مرتزقة فاغنر التي تقاتل في صفوف الأسد وصلت إلى درجة عنونة إحدى المقالات بـ»الفساد أخطر من الإرهاب»، إلا أن الحملات اللاحقة انتقلت إلى مراكز أبحاث روسية رسمية وتتولى نقل أخبارها وكالة أنباء تاس الحكومية الأكبر في روسيا.

وليس أمراً مألوفاً أن تنقل تاس التالي، مثلاً: «لا ترتاب روسيا في أن الأسد صار عاجزاً عن قيادة البلد فقط، بل في أن رأس النظام السوري يسعى إلى جرّ موسكو نحو سيناريو أفغاني». ومن الواضح أن النبرة العامة في هذه الصياغة تتجاوز اللوم أو التوبيخ إلى ما يشبه الاتهام بتوريط الحليف، خاصة مع استخدام تعبير «رأس النظام»، وبالتوازي كذلك مع دراسة أعدها «المجلس الروسي للشؤون الدولية»، التابع لوزارة الخارجية، ألمحت إلى أن موسكو تتفاوض مع أطراف أخرى في «النزاع السوري» للتوصل إلى حل سياسي لا يُبقي الأسد في الرئاسة.

فهل تهرب موسكو حقاً من سيناريو أفغاني في سوريا، أم تواصل الخوض في المستنقع ذاته الذي سعت إليه بقدميها؟

————————–

الأسد على خطى بوتين؟/ بسام مقداد

نقلت نوفوستي مقالتي الأسبوع الماضي “الكرملين وصراع الأسد- مخلوف” إلى الروسية ، وأرفقت كعادتها النص بعنوان إضافي “الصراع بين الأسد وشقيقه. ما علاقة الكرملين؟” . ومع أن موقع نوفوستي لم تغب عنه ، بالتأكيد، محاولة المقالة إلقاء الضوء على ما يقوله إعلام الكرملين عن الصراع المذكور ، جاء استغرابه منسجماً مع ما يعتمده الكرملين وإعلامه ، حتى الآن، من الإبتعاد العلني عن التطرق إلى هذا الصراع .

لكن اعتماد هذا الإعلام مقاربة النأي بالنفس عن “صراع القصر” السوري ، قد عانت من إرتباك واضح في تطبيقها ، تجلى بوضوح في ما أقدمت عليه قناة “روسيا اليوم” من حذف مقابلة مع فراس طلاس ، بعد ايام من بثها ، بحجة أن المقابلة جاءت “مخالفة للمعايير الرئيسية للقناة” ، وتتضمن “معلومات لا تستند إلى حقائق مؤكدة”.

 من المستبعد أن تكون معايير القناة ، هي التي دفعتها إلى حذف المقابلة مع طلاس الإبن ، بل ما دفعها ، على الأغلب ، هو تعجلها ، أو تعجيلها ، بالإنخراط في “صراع القصر” السوري ، في حين يتريث الكرملين في الإنخراط في هذا الصراع ، ويحرص على وضع مسافة بينه وبين هذا القصر ، بعد أن أخفق ، حتى الآن ، في جعله ينخرط في العملية السلمية ، في ظل وصول عمليته العسكرية إلى غاياتها المرسومة لها . وعبرت نوفوستي عن ارتياحها الواضح للتصريح ، الذي أدلى به المبعوث لأميركي إلى سوريا جيمس جيفري مساء الثلاثاء في  12 من الجاري ، وأقر فيه بنجاحات روسيا العسكرية في سوريا ، وقال بأن الروس كانوا ناجحين جداً عسكرياً في سوريا . لكن المشكلة ، برأيه ، تكمن في عدم وجود مخرج سياسي من الحرب ، بسبب مشاكل الأسد ، ويقوم عمل الولايات المتحدة في توفير سبيل هذا الحل للروس ، عبر الأمم المتحدة وبمساعدتها ، لكن هذا يتطلب منهم تحديد “مسافة ما” بينهم وبين الأسد وإيران ، على قوله. وعن إمكانية زرع إسفين بين الروس والأسد، وهل ينبغي تصديق الأنباء بأن الأخير يثير إستياء موسكو في الآونة الأخيرة ، قال بأن الأميركيين يعتبرون هذه الأنباء صحيحة ، والروس غير راضين عن الأسد ، لكن المشكلة في أنهم لا يرون بديلاً عنه . وتعقب نوفوستي على كلام جيفري بالقول ، بأن روسيا والولايات المتحدة يساندون الحل السلمي في سوريا تحت مظلة الأمم المتحدة ، وكانت الولايات المتحدة تطالب منذ العام 2011 باستقالة الأسد ، وتقنع الآخرين بها ، لكن “من دون جدوى” حتى الآن .

لكن ابتعاد الكرملين ومنابره الإعلامية الرسمية عن الخوض في صراع الأسد – مخلوف ، لم يحل دون تطرق مواقع إعلامية روسية عديدة إلى هذا الصراع ، والتي تراوحت عناوين نصوصها بين “الأسد يضع نسيبه تحت رحمة الأجهزة الأمنية” ، و “روسيا تنتظر فرصتها في النصر الإستراتيجي في سوريا” ، و”النخبة السورية تستفز روسيا للقيام بعملية “تنظيف”” ، و “النخبة السورية توجه عقارب الساعة نحو روسيا”، و”دمشق منهمكة بتصفية الحسابات في عائلة الأسديين” ، و”لا ينزعون ثيابهم القذرة أبداً” ، وسواها من عناوين النصوص .

توقف موقع ” NEWS.RU  ” عند  نص بعنوان ” النخبة السورية توجه عقارب الساعة نحو روسيا” ، وقال بأن فرضيات العلاقة بين روسيا والضغط على البيزنس السوري الكبير ، قد تكون محاولة لتمويه مصالح إيران . وشرائط الفيديو ، التي نشرها رامي مخلوف ، لا تبرهن على احتجاجه ضد متوجباته المالية والضريبية ، بل تشير إلى خشيته من فقدان شركاته للإتصالات ، التي كان ينوي رجال أعمال إيرانيون الدخول إليها. وينقل الموقع عن الممثل السابق للتحالف الموالي للأميركيين بإسم “الجيش السوري الجديد” مسلّم السلوم قوله ، بأن الوضع الناشئ يرتبط ب “صندوق الشهداء السوري” ، الذي يتولى رعاية أسر شهداء العسكريين السوريين، والذي يستخدم، في الواقع، كتغطية شرعية للمصالح الإقتصادية للأسد نفسه . وجميع رجال الأعمال السوريين ملزمون بالتبرع لهذا الصندوق ، بما يتناسب مع ثروة كل منهم. 

ويقول الموقع ، أنه بغض النظر عن الفرضية الشائعة بين الخبراء العرب حول “يد موسكو” في حملة الضغط على البيزنس السوري الكبير ، إلا أن الوضع قد يكون أبسط من ذلك بكثير . إذ أن موسكو لم تبدٍ حتى الآن إهتماماً بقطاع الإتصالات في سوريا ، خلافاً لطهران ، شريكتها في عملية أستانة، التي تلمست ، عبر شركاتها التابعة للنخبة العسكرية الإيرانية ، واقع هذا القطاع ، من أجل إنشاء شركة خليوي جديدة في سوريا.  وعلى الرغم من أنه ليس لدى الجمهورية ما يكفي من الإمكانيات لإطلاق هذا المشروع ، إلا أنه من المبكر إعلان نهاية مسعى رجال أعمالها في هذا الشأن.

كان رامي مخلوف ، ولفترة طويلة، يلعب دور الضمانة لاستقرار النظام السوري ، ليس المالي فحسب، بل والعسكري أيضاً . وعشية اندلاع الصراع بصورة علنية ، أصبح شائعاً ، أن رجل الأعمال القريب من مخلوف خضر علي طه، المعروف بعمله مع الشركات العسكرية الخاصة ، يشرف على الشركة العسكرية السورية “سند”، حسب الموقع. ويرتسم على شعار هذه الشركة العلمان السوري والروسي ، مما سمح بالحديث عن مشاركة روسيا في عمل شركة “سند” هذه . وإذا أخذنا بالإعتبار أن رامي مخلوف والدائرة المحيطة به من رجال الأعمال ، يعتبرون فصيلاً موالياً لإيران ، يصبح مشروعاً طرح السؤال : ألا يحاول مسوقو مصالح طهران في النخبة السورية تمويه مسؤوليتهم بالحديث عن “المؤامرة” الروسية ، سيما أن الوضع حول سيرياتل وMTN  يبرر مثل هذه الشكوك ، حسب الموقع .

من جهته، موقع “ميثاق 97” المغمور استعان بما نشرته صحيفة  Le Figaroالفرنسية ، ونسب إليها مقالة بعنوان “دمشق منهمكة بتصفية الحسابات في عائلة الأسديين” ، قالت فيها بأن بشار الأسد الممزق إلى مختلف الجهات على يد رعاته الإيرانيين والروس ، يجد نفسه في حالة “حرب” مع إبن خاله الثري والمتمول رامي مخلوف . وينقل الموقع عن المعارض هيثم المناع ، قوله،  بأن الحكومة انتزعت من مخلوف مرافقيه وحراسه ، “وإذا ما قتلوه يمكنهم أن يقولوا حينها بأن الإرهابيين قتلوه” . ويعود المناع ، “الذي يتواصل مع موسكو”، على ما ينقل الموقع عن الصحيفة الفرنسية، إلى المقالات ، التي كان قد نشرها إعلام “طباخ بوتين” سابقاً ، ونفت السفارة الروسية في بيروت أي دعم من الكرملين لما ورد فيها من إتهامات ،  ويقول أنه بعد قضية مخلوف، لا يرغب الروس في أن يتوسع صدى تلك المقالات .

وينقل الموقع عن الصحيفة الفرنسية قولها ، بأن الفصل الجديد من التوتر بين موسكو ودمشق ، يطرح السؤال حول استمرار الدفاع الروسي عن الأسد ، إلا أن عليهم قبل ذلك أن يعثروا على شخصية مؤثرة ترثه وتكون وفية لهم .

تحليلات وفرضيات عديدة برزت في مواقع روسية مختلفة بشأن صراع الأسد – مخلوف والتوتر القائم بين موسكو ودمشق ، وذهب البعض منها إلى مقارنة ما يقوم به الأسد الآن حيال رامي مخلوف، بما قام به بوتين في مطلع عهده حيال نفوذ الأوليغارشيين الروس. وتناست هذه التحليلات في مقارنة خطوات الأسد بخطوات بوتين ، من أن الأخير كان يرسخ في تلك الأيام دعائم الدولة البوتينية ، ويفسح المجال لحلول الأوليغارشيين من محيطه مكان أوليغارشيي عهد بوريس يلتسين ، بينما يقوم الأسد بضرب أوليغارشيي الدولة الأسدية وهي تلملم نهاياتها القريبة ، كما يبدو .

المدن

————————-

خرْق السفينة الأسدية/ أحمد موفق زيدان

الواقع الاقتصادي ينذر بثورة جياع حقيقية برزت من خلال مظاهرات في معقل النظام نفسه باللاذقية.

يفكر المقربون من بشار جدياً بالقفز من السفينة بعد اتساع الخرق على الراتق طوال السنوات التسع الماضية.

فاقم انهيار الليرة الوضع سوءا حتى لو عرض بشار أصول الدولة السورية للبيع والرئة اللبنانية التي كان يتنفس منها اقتصادياً اختنقت.

*     *     *

الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن الرجوع إليه، إذ بعد أن تدخلت الأم ناعسة في حسم الصراع لصالح حافظ، تمت مغادرة رفعت الذي صمت تماماً فيما بعد، ولم يتحدث عن الخلاف، على الرغم من محاولات البعض أن يفتح تلك الدفاتر، ولكنه رفض، اليوم الحالة مختلفة تماماً، وخلافها من عدة أوجه.

لعل أهم وجه لها هو أن عائلة مخلوف ترى نفسها أرفع اجتماعياً من عائلة الأسد، وهو ما تجلى برفض آل مخلوف بالبداية تزويج أنيسة لحافظ الأسد، لولا تدخل عدة جهات علوية نافذة يومها، وباعتقادي فإن هذه النظرة العُلوية الفوقية من عائلة مخلوف، رغم تحكّم آل الأسد بالسلطة السياسية ظلت ترافقهم وتلاحقهم، ومع وفاة الأم غدا آل مخلوف على ما يبدو عراة سياسياً، ومكشوفين أمام السلطة الأسدية.

الوجه الآخر وهو أن تغلغل رامي مخلوف بالحياة الاجتماعية السورية لا يقارن بتغلغل رفعت الأسد الذي كان نفوذه يقتصر على الحيز العسكري، ويُضعف سلطته وسطوته شخصية طاغية مثل حافظ الأسد داخلياً وخارجياً، وبالتالي لا يستطيع مثل رفعت أن يقوى على منافستها.

أما في حالة رامي مخلوف الذي استشرى نفوذه في الاقتصاد السوري حتى قدّرته أوساط غربية بأنه يسيطر على 60% من الاقتصاد السوري، فهذا التأثير اجتماعي ونفوذ وسط طبقة واسعة منتفعة، بينهم على الأقل 6500 ضابط في المخابرات والجيش.

وهذا يعني أنه قادر على إحداث بلبلة ليست قليلة، وهو الذي لوّح بها بشكل مبطن في شريطه الثاني، وهو تهديد دفع بعض رجال الطائفة العلوية إلى التحذير منه، مما أكسبه وزناً.

الوجه الثالث هو أن الواقع السوري اليوم ليس كالواقع أيام رفعت وحافظ، فقد كان الأخير لا يسيطر على الدولة فقط، وإنما يمتد نفوذه إلى دول الجوار، أما اليوم فنحن نرى سلطة بشار لا تتعدى قصر المهاجرين!

ونرى كيف يعتمد على احتلالات متعددة الجنسيات للبقاء في السلطة، وبالتالي صورته علوياً وداخلياً وخارجياً مهتزة، فكيف وقد وُضِع رأسه على طاولة المساومات والبيع والشراء بين اللاعبين الداخليين والخارجيين، بعد الشرشحة الإعلامية الروسية له على مستوى إعلام روسي أو على مستوى مراكز دراسات وبحثية مقربة من صانع القرار هناك.

الانهيار الاقتصادي الذي يعانيه النظام السوري، والذي تجلّى في أن الليرة السورية هوت إلى 1450 ليرة للدولار الواحد، بعد أن كانت بخمسين ليرة للدولار بداية الثورة، زاد الوضع سوءاً عرض بشار أصول الدولة السورية للبيع، والرئة اللبنانية التي كان يتنفس منها اقتصادياً اختنقت.

فقد قدّر حاكم البنك المركزي اللبناني خسارة الاقتصاد اللبناني 81 مليار دولار بسبب الأحداث في سوريا، كل هذا جعل الواقع الاقتصادي ينذر بثورة جياع حقيقية برزت من خلال مظاهرات في معقل النظام نفسه باللاذقية.

أما على صعيد الوضع العسكري فليس بقادر على حسم وضع مثل حوران ودرعا التي كانت موسكو قد أمّنت له اتفاقاً مع الفصائل المعارضة فيها، ولكن ها هي تعود وكأنها أيام بداية الثورة.

يُضاف إلى ذلك كله التسريبات الروسية والتلميحات الأميركية والإسرائيلية عن قرب رحيل الأسد، وهو ما يدفع المقربين منه إلى التفكير جدياً بالقفز من السفينة، بعد أن اتسع الخرق على الراتق طوال السنوات التسع الماضية.

المصدر | العرب القطرية

——————————

سورية: ثنائية الموت والنهب/ فوّاز حدّاد

منذ نحو نصف قرن، يفتح السوريون عيونهم صباحاً، ويغلقونها مساء على صورة الرئيس الأب، ثم وريثه الصغير الذي أصبح كبيراً، يصادفونهم في التلفزيون والجرائد والشوارع. أينما جالوا ببصرهم يرون صورهم معلقة في كل مكان، كلاهما مسلط عليهم، الأول من القبر، والثاني من القصر الجمهوري.

كان الرئيس الأب، حسب بروباغندا النظام، صانع كل شيء، من البلد الذي يعيشون فيه إلى الهواء الذي يتنفسونه، كأنما هو الأخ الأكبر صناعة الروائي الإنجليزي جورج أورويل في روايته الشهيرة عن هذه الأنماط من الزعماء الايديولوجيين، ليس بالدقة نفسها، فالوارث بلا أيديولوجية، إلا إذا كان القمع أيديولوجية. وإذا كانت الرواية قد تفوقت على الواقع من ناحية الثراء في التوصيف المتخيل للدولة الشمولية، لكن الواقع رغم هزاله تفوق على الرواية بتدمير الرئيس الابن لبلده وتهجير الأهالي، واجتراح مأثرة دموية تفوق بها، وتحسب له، بالمقارنة مع أبيه صاحب مجزرة حماه، بينما مجازر الابن شملت سورية كلها. فحافظ الوريث على الإرِث، كانت العائلة تصنع تراثها النضالي في الحفاظ على السلطة في مسيرة، تبدو محل تنافس، فالأخ ايضاً يشاع عنه، أنه لا يقل عن أخيه، بل وأكثر دموية منه، ولا ريب أن اللقب العملياتي لكل منهما أنه واهب الموت.

هذه المسيرة، ولو كان عمرها لا يتجاوز خمسة عقود، أصبحت ماض يختزن خططها في التقدم نحو المستقبل، ففي مثال الإبادة ايجاز يلخص عقلية الدولة الشمولية الرثة، مع إضافات تبرز القدرية التي لوحت بها شعارات أطلقت في مجزرة حماة عام ١٩٨١، عندما أخذ الغرور الضباط والجنود الذين قتلوا الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وطالبوا في هتافاتهم بإزاحة الله عن عرشه، وتنصيب الرئيس عوضا عنه. لم تكن كبوة ولا زلة لسان. كانت خطة بريئة تهدف إلى تعظيم البطل، استغلت في ذلك الوقت، دعاوى الشيوعية التي أعلنت موت الله، ونادت بالشعب إلهاً، بينما كان الشعب لا يفكر الا بلقمة العيش، يريد الحياة بكرامة مع العسكر، لكن لا كرامة مع العسكر.

كان العنف الاستئصالي دين الانقلابيين الثوريين، الأقوى من الأديان كافة، استناداً إلى أن الله لم يحرك ساكناً، إزاء مجازر كانت تجري تحت أنظاره. بينما كان القائد بطل التصحيح الوحيد الآمر الناهي في مدينة كانت تحترق والأهالي يحترقون، لا يسمع أصوات استغاثتهم سوى الذين أشعلوا النيران فيهم.

في سنوات الحرب السورية، استعيدت مأثرة الابادة، لكن على نحو أكثر اتساعاً، وأشد وحشية. كانت بحجم الوطن، وغدت من المسلمات، حتى أن الرئيس الابن تساوى مع الخالق، فصار الجنود يساومون المعتقلين على حياتهم: من ربك؟ فالخيار أصبح بين الله والدكتاتور.  إن لم يعرف المعتقل الجواب الصحيح، يلقنونه إياه: ربك بشار. بينما في أقبية المخابرات، بلغت العنجهية بالجلادين، أنهم رفضوا مساواة الله بالرئيس؛ اذ لا رب سوى الدكتاتور، فلا جدوى من الاستغاثة بالله، فهو ممنوع من الدخول إلى فروع الأمن. ومهما كان جواب المعتقلين، كان ازهاق أرواحهم، دليلاً على قدرة الدكتاتور على منحهم الحياة أو حرمانهم منها. أصبح الموت البرهان العملي على ألوهة لا شك فيها، لكن في جحور أقبية الجلادين.

الأسلوب الأخير، جاء بعد سلسلة من الانجازات، أسهمت في تحويل الدكتاتور إلى إله، فالفكرة اجتازت أهوال الرعب والتعذيب، وسرت في الخفاء، وباتت مكشوفة، طالما هناك أقنية تتسرب من خلالها رائحة الموت. فطوال الثورة والحرب، جرى في العلن توثيق أساليب القتل بالصوت والصورة، وكان في تعميمها على وسائل التواصل، عبرة ذات تأثير فعال.

الجهود التي بذلت لتكريس عبادة الدكتاتور وسلالته، كانت لئلا يتجرأ أحد على المساس أو التشكيك بسلطة الرئيس القادر على كل شيء، تعبر عنها مقولة: إذا كان ينشر الأمن لا الأمان، فلن يتأخر عن نشر الموت.

هذا المسلسل، لا يفتأ يكرر أحداثه، لكنه بين وقت وآخر يتحفنا بجديد، مع أنه ليس جديداً البتة، الجديد فيه تعريضه للأنظار والأسماع، آخر حلقة، ولن تكون الأخيرة، مخلوف اللص الذي سرق الدولة والشعب، سرق أيضاً استثمارات العائلة الرئاسية، شركاؤه في النهب، واقتطع لعائلته القسم الأكبر منها، ما يعادل ميزانية دولة بحالها، الأرقام المتطايرة مع الاتهامات كانت بالمليارات، مخلوف سيتخلى عنها، بعدما طالب رئيسه بألا ينهب المنهوب، والتمس منه العمل على منواله، كان ينعم على الفقراء ويطعم الجياع، ولا يجهل أحد أن الفقراء والجياع هم اعوانه من الشبيحة والميليشيات الموالية له، يوصيه بهم خيراً، بينما هو يسلطهم عليه. ما أتاح لنا معرفة الوجه الآخر لمخلوف اللص، إنه الرجل الفاضل الكريم المؤمن.

ما قد يقال، سيجرح كرامة السوريين وقد انحدر بهم الحال إلى درك جعل حفنة من الحثالة والأوغاد يتحكمون بحياتهم ولقمة عيشهم، لكن فليرفعوا رؤوسهم، أسقطت الثورة الشعبية وحرب السنوات التسع الاله المختلق ومعها حسابات الخوف. لم يعد الدكتاتور أكثر من مجرم جبان، يقتل ويكذب، يتسول الغرب، ويخنع للروس، ويتزلف للإيرانيين أولياء نعمته؛ غبي، لم يغتنم فرصة تاريخية، كان بوسعه أن يكون رئيساً للشعب، لكنه اختار وهم الدكتاتور المعبود، المالك لبلد أصبح حطاماً.

عانى السوريون من الموت وعانوا من النهب، هذه الثنائية لم تفارقهم منذ جاء العسكر إلى السلطة، كان الثمن حياتهم وأولادهم وممتلكاتهم وأراضيهم، أما الذين في المخيمات وفي المهاجر، لم يفقدوا الوطن، إنه في المخيلة أصلب من الواقع.

الناس نيوز

———–

====================

=====================

تحديث 14 أيار 2020

——————————

ما أسباب اندلاع التوترات في عرين القيادة السورية؟/ مايكل يونغ

أسعد العشي | مدير تنفيذي لمؤسسة “بيتنا سوريا”، وناشط في المجتمع المدني السوري

صحيحٌ أن التوترات التي تنشأ على مستوى القيادة، على الأقل العلنية منها، شديدة النُدرة في سورية، إلا أنها لطالما كانت موجودة منذ انقلاب حافظ الأسد في العام 1970. المثال الأكثر وضوحاً على هذه التحديات التي تُخاض على مستوى القيادة هو المواجهة بين حافظ الأسد وأخيه رفعت في العام 1984. فحين دخل حافظ المستشفى بسبب تعرّضه لأزمة قلبية، حاول رفعت الاستيلاء على السلطة وأمر الألوية العسكرية التي يسيطر عليها بتطويق دمشق. ولم يُحَلّ إلّا مع تدخّل والدتهما، وطُرد رفعت إلى خارج سورية مع مبلغ سخي جدّاً من المال.

حدث ذلك عقب مجزرة حماة في العام 1982 والتحدّي الإسلامي الذي واجه حكم الأسد بين أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. وقيل إن رفعت اعتبر أن أخاه كان متهاوناً للغاية في مواجهة هذا التحدّي. والأهم من ذلك، لم يحبّذ رفعت انفتاح أخيه على الجهات الفاعلة الاجتماعية والاقتصادية التقليدية للتخفيف من حدّة التوترات والخروج من مستنقع الأزمة.

يواجه النظام راهناً تحدياً مصدره ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف الذي كان فعلياً أمين صندوق العائلة منذ العام 2000. لكن بعد اندلاع الانتفاضة في العام 2011، أصبحت جمعية البستان الخيرية التي يرأسها المموّل الرئيس للميليشيات الموالية للنظام. ويُقال إنه يسيطر بشكل مباشر أو غير مباشر على أكثر من 50 في المئة من الاقتصاد السوري، وهو نمط أبرزته الحرب. مع ذلك، تضع الدولة حالياً عوائق في وجه هذه الهيمنة، إذ فرضت غرامات ضخمة على مصدر دخله الأساسي، أي شركة الاتصالات “سيريتل”. وفي إطلالة نادرة، طالب مخلوف عبر وسائل التواصل الاجتماعي مرتين بتدخّل الرئيس، لكن يظهر أن مطلبه لم يلقَ آذاناً صاغية. يبدو كذلك أن بشار الأسد يريد الانتقال إلى مرحلة ما بعد الصراع وتفكيك إمبراطورية اقتصاد الحرب التي طفت إلى السطح بعد العام 2011، والتواصل من جديد مع الجهات الفاعلة الاجتماعية والاقتصادية التقليدية. الوقت كفيلٌ بإظهار ما إذا كانت هذه الخطوات تعبّر عن رغباته الشخصية أو رغبات رعاته الروس.

سارة كيّالي | باحثة سورية في منظمة هيومن رايتس ووتش

تتخبّط سورية في لُجج أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل. وبسبب عجز القيادة السورية عن حل هذه الأزمة، انقلب أقطابها على بعضهم البعض. فالشقاق وقع بين رامي مخلوف، الداعم الرئيس للحكومة السورية وأيقونة الاقتصاد السوري، المتدهور حالياً، وبين الرئيس السلطوي بشار الأسد، خاصة بعد أن عمد مخلوف نفسه إلى نشر غسيل هذه التوترات، عبر سلسلة من أشرطة الفيديو على فايسبوك هذا الشهر.

أخر تجليات الخطوات التي اتخذتها الحكومة ضد مخلوف، كانت مطالبته أن تدفع “سيريتل”، وهي شركة تحتكر تقريباً قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، مبلغ 233 مليار ليرة سورية (161 مليون دولار وفق سعر السوق السوداء)، وهو مبلغ تدّعي الحكومة أنه يعود إليها إلى جانب منافس الشركة الأصغر. وحين رفض مخلوف هذا الطلب، نفّذت أجهزة الأمن، على ما يقال، اعتقالات اعتباطية بحق موظفي “سيريتل” للضغط على مخلوف وإجباره على الدفع.

من الصعب البت بمن يقول الحقيقة، لأن كلا الطرفين لهما باع طويل بتشويهها. بيد أن الحكومة تستخدم التكتيكات التعسفية نفسها، على غرار الاعتقال الاعتباطي، والمضايقات، وسوء استخدام القوانين، لتهميش مخلوف، التي لطالما استعملتها مع آلاف السوريين الذين يطالبون بالتغيير منذ العام 2011.

فيما يحتج مخلوف على هذا الظلم، يجدر أن نتذكّر أنه هو نفسه، وباعترافه، كان الراعي الرئيس للنظام التعسفي والاستغلالي الذي ينقلب الآن عليه. وهذه تذكرة وعبرة بأن خروقات الحقوق يمكن أن تطال أياً كان، مهما علا كعبه.

زياد ماجد | أستاذ مشارك في الجامعة الأميركية في باريس، ومؤلف كتاب Dans La Tête de Bachar Al-Assad (Solin/Actes Sud, 2018) (في رأس بشار الأسد) مع فاروق مردم بيك وصبحي حديدي

تعكس التوترات داخل الحلقة الضيقة للنظام السوري ثلاث ديناميات، أولاها تتعلّق بالعائلة. فمنذ التدخّل الروسي في العام 2015، ثم وفاة والدة بشار الأسد صاحبة التأثير القوي في العام 2016، بدأت عملية إبعاد تدريجية لآل مخلوف (عائلة الأم) بالتدريج من مواقع السلطة. والآن، الإجراءات التي تُتخذ ضد رامي مخلوف، الذي سيطر في مرحلة ما على 50 في المئة من الاقتصاد السوري، تستكمل فصول هذه العملية التي بدأت مع شقيق رامي، حافظ، ووالده محمد. ومن يحل مكانه الآن رجال أعمال مُقرّبون من أسماء، زوجة بشار النافذة، في محاولة لتوسيع شبكة النظام الزبائنية.

الدينامية الثانية تتعلّق بالضغوط الروسية على الأسد. فموسكو تريد إعادة تركيب مؤسسات الدولة السورية، وإعادة تنظيم الجيش، ومركزة آليات صنع القرار تحت قيادتها. الهدف: التفاوض حول عقود إعادة الإعمار مع شركاء غربيين وصينيين مُحتملين، وتمكين الشركات وأصحاب المشاريع الروس من الاستفادة ضمن مسرح عمليات مسيطَر عليه بالكامل. لتحقيق هذا الغرض، يتعيّن تقليص النفوذ الإيراني في دوائر النظام، وتهميش أصحاب الاحتكارات السوريين (مع روابطهم الإيرانية). بالنسبة إلى الأسد، هذه فرصة للتخلّص من ابن خاله سيِّء السمعة، وللقول إنه يبذل قصارى جهده للوفاء بمتطلبات الروس.

الدينامية الثالثة تمكن قراءتها من زاوية تحليل تاريخ النظام، والتوترات والانشقاقات التي شهدها. فبعد التخلّص من رفعت الأسد، عم بشار، في العام 1984، ومن غازي كنعان، الرجل القوي في أجهزة الأمن في 2005، وآصف شوكت، صهر بشار، في 2012، جاء الآن دور آل مخلوف. وهذا ليس بالأمر المفاجئ في الأنظمة التوتاليتارية ذات الاعتبارات الطائفية والقبلية والعائلية التي تُبنى غالباً على أسس معادلات وتوزانات دقيقة.

كل هذا يشي بأن النظام سيكون على موعد مع ضغوط متصاعدة وصراعات داخلية في المقبل من الأشهر. إذ أن روسيا في حاجة إلى الاعتراف الدولي بهيمنتها على سورية وعلى مشاريع إعادة الإعمار. وإيران لن تقبل بأن تُهمّش. وبشار يهجس بـ”إعادة انتخابه” في العام 2021. وفي هذه الأثناء، يقوم لاعبون أجانب آخرون، على غرار تركيا والولايات المتحدة، بإعادة توكيد أدوارهم ووتنظيم علاقاتهم مع حلفائهم المحليين في كلٍ من شمال غرب وشمال شرق البلاد، تمهيداً لولوج المراحل المقبلة.

خضر خضّور | باحث غير مقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط

التظلّمات الأخيرة والعلنية جدّاً بين رجل الأعمال البارز رامي مخلوف، وابن خاله الرئيس بشار الأسد أثارت موجة عارمة من التكهنات حول وجود توترات بين مختلف أعضاء النخبة السياسية والاقتصادية السورية. وقد ركّز قدرٌ كبير من التكهنات على دور ونفوذ روسيا وإيران في سورية، وعلى التنافس بينهما. لكن الخلاف مع مخلوف يبدو في الغالب مسألة داخلية تعكس أكثر الطبيعة المتغيّرة للاقتصاد السوري منه التدخل الخارجي.

تُظهر قضية مخلوف أن النظام في طور إعادة بناء شبكاته، ما قد يشي بانبلاج اقتصاد ما بعد النزاع. فقد أنشأت الحرب نخباً اقتصادية جديدة يعتمد نفوذ الكثير منها على علاقات واتصالات بمناطق خارجة عن سيطرة النظام، أو بقوى خارجية. ومع أن مخلوف كان شخصية مهيمنة على الشؤون التجارية السورية لحوالي عقدَين من الزمن، إلا أن غياب هذه الشبكة من العلاقات والاتصالات أدى إلى تراجع نفوذه تدريجياً لصالح قادمين جدد على الساحة من أمثال سامر فوز والأخوين قاطرجي ومحمد حمشو وغيرهم.

تركّز محنة مخلوف الراهنة على محاولة البقاء كلاعب بارز في المرحلة الجديدة من الاقتصاد السوري، التي يواجه فيها منافسة محمومة، ومن غير المؤكّد إلى أي مدى سيتمكن من تحقيق ذلك. مع أن مخلوف قد ينجح في استخدام الطائفة العلوية إلى حدٍّ ما لحماية نفسه، إلا أن علاقات أسرته تقف عند درجة معيّنة. فالروابط التي تجمعه مع الرئيس الأسد من خلال والدته منحته نفوذاً كبيراً، لكن في نهاية المطاف، إن عائلة حافظ الأسد المباشرة هي التي تتسلّم مقاليد السلطة الفعلية.

مؤكز كارينغي للشرق الأوسط

——————

أزمة النظام السوري: بين الأسد ومخلوف/ د.شفيق ناظم الغبرا

الخلاف الذي ظهر للعلن بين رامي مخلوف، رجل الأعمال المتحكم بجزء هام من الاقتصاد السوري، وبين الرئيس السوري بشار الأسد، يعكس طبيعة الأزمة التي يمر بها النظام السوري. فالخلاف بين مخلوف والأسد، يوضح مدى الفساد المستشري في النظام السوري، ويوضح كيف تلاعب النظام بالاقتصاد وبحقوق الناس.

إن التفكك الذي هز الجيش والأمن كما والاقتصاد بدأ يضرب عصب الأسرة المتحكمة في النظام. هذا التفكك في ظل وجود روسيا وإيران العسكري والسياسي وفي ظل انتقاد الإعلام الروسي لسلوك الأسد، يفتح الباب للكثير من المفاجآت. صراع المال والسلطة والسيطرة وصراع المافيات الاقتصادية وحجم الضحايا السوريين منذ 2011 سيؤثر في المشهد القادم.

لكن السؤال، كيف وصلت سوريا لهذا الوضع البائس؟ لنستعرض بعض من التاريخ. فبفضل سياسات النظام الأمنية والعسكرية منذ 2011 وبفضل قمع الثورة السورية السلمية في شهورها الأولى، تم دفع الثورة نحو التطرف. إن عسكرة الرد النظامي على الثورة وتصفية البعد المدني والشعبي للثورة السورية في 2011-2012 أدى لانشقاقات الجيش الحر ولبروز قوات الميليشيا المختلفة.

لكن النظام في سوريا فضل سياسة الأرض المحروقة على أن يقبل بتقليص صلاحيات الرئيس أو بالحد الأدنى من المساءلة والمحاسبة. وهذا ليس غريبا على الأنظمة الديكتاتورية، لكننا نلحظ فارقا بين نظام يسعى لاستيعاب حالة التغير كما حصل في عدد من الأنظمة العربية التي غيرت الرئيس، وبين نظام يتمسك برأس النظام حتى الرمق الأخير دون أدنى التفات لثمن ذلك التمسك.

ولتفادي الحل السياسي والإصلاح أتى النظام السوري في البداية بحزب الله من لبنان، ثم جاء بدولة إيران، لكن عندما لم ينجح النظام في استعادة المبادرة بفضل قوة زخم الثورة السورية، جاء بروسيا وبطيرانها وبقواعدها العسكرية. فقد تدخلت روسيا بزخم ضد الثورة السورية في أيلول- سبتمبر 2015 وذلك عندما كانت الثورة على وشك إحداث تغير حاسم في وضع النظام. وقد نتج عن كل ذلك تشريد ملايين السوريين وقتل مئات الألوف من المواطنين. لقد انتهى النظام السوري كرهينة بين إيران وروسيا، والان أصبحت تركيا في قلب الحدث السوري في مناطق الشمال.

إن السياسات المتطرفة التي خطها النظام السوري من أجل الحفاظ على كرسي الرئاسة أفقد الرئيس السوري كما وأفقد النظام مكانته وحياديته. إن العلاج الدموي الذي بحث عنه الرئيس بشار الأسد للثورة السورية التي بدأت عام 2011 تبين أنه اسوأ بمئات المرات ممن لو سعى للتحدث مع الثوار والنشطاء في بداية الثورة. فداعش على سبيل المثال كانت نتاجا للقمع ولعسكرة الثورة وسواد الفوضى. وهذه الفوضى ما كان بإمكانها أن تتطور بما فيها داعش لو أن النظام سعى للتفاهم مع الثوار في إطار سياسي منذ البداية. قراءة النظام لما وقع ولعمق غضب الشعب السوري كانت خاطئة وقد أدت لجرائم ضد الإنسانية.

إن مستوى القتل والفتك الذي مورس بحق الشعب العربي السوري يفتح الباب للكثير من الملاحقات القانونية بحق النظام. فمنذ أيام، على سبيل المثال، بدأت محاكمات في ألمانيا لسوريين قاموا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عندما كانوا جزءا من النظام.

لقد تقدم الضحايا بشهاداتهم ضد النظام السوري وضد المتهمين حول التعذيب والقتل وإعدامات السجون. قرار الاتهام أوضح إن ما وقع في سوريا كان جزءا من سياسة منهجية ضد النشطاء والمناضلين السلميين. إن المحاكمات ستمس من أعطى أوامر الإعدام وأساليب القتل والتعذيب والخطف والتصفية.

إن انتقال المحاكمات والمطالبات لقضايا أخرى هو الآخر ممكن. فعلى سبيل المثال بدأت تتفاعل في أوروبا في بعض الدول كهولندا قضية السوريين المخفيين قسريا والمخطوفين في سجون النظام والذين يبلغ عددهم عشرات الألوف. لن يستطيع النظام أن يختبئ من ملايين السوريين المنتشرين في دول العالم.

لقد تفجرت ثورة سوريا عندما تبين للشعب السوري أن أسلوب النظام الأمني وامتهانه لكرامة المواطنين وحرياتهم وضيق أفق سياساته الاقتصادية والأمنية لم تعد تحتمل. فالنظام السوري عاش في ذيل النظام الدولي والاقتصاد العالمي بعد أن سلم البلاد لأقلية من المتنفذين. وبينما تقاسم النظام السوري في زمن الرئيس حافظ الأسد بعض المنافع مع فئات مختلفة من المجتمع السوري إلا أن سيطرة الفساد والمصالح الضيقة في زمن الرئيس السوري بشار الأسد جعلت واقع النظام السوري يتجه نحو إهمال الطبقات والفئات الشعبية. لقد ثار الشعب السوري، كما ثار غيره من شعوب العرب عام 2011.

لم ينتبه النظام السوري بأن القمع الذي مارسه والحرب التي شنها على مكونات المجتمع السوري ساهمت في تدمير النظام السياسي السوري القديم. بل ان ادعاء النظام السوري بالانتصار في تلك الحرب كان من وحي الخيال. فالانتصار لا يقع عندما يتم تهجير الشعب السوري وتدمير اقتصاده وقراه ومدنه وقتل مئات الالوف من بناته وابنائه. ان بيئة مجزرة حماه التي عرف النظام كيف يتجاوزها منذ ثمانينيات القرن العشرين، تختلف عن ما وقع في السنوات منذ 2011. فقد تحولت كل سوريا لجريمة كبرى بحق الإنسانية.

أن قدرة النظام على إحداث التسويات مع الشعب كما وضمن الدائرة الحاكمة الضيقة تقلصت منذ زمن الرئيس بشار الأسد وذلك بسبب صرفه لرأسماله الأخلاقي والسياسي على مدى سنوات الثورة السورية. إن سيطرة القوى الكبرى والإقليمية على المصير السوري هو النتاج الطبيعي لتدمير الشعب السوري من قبل نظامه الأمني والسياسي. ستكشف لنا الأحداث القادمة عن المزيد من المفاجآت، فالتاريخ السوري بالكاد بدأ منذ ثورة 2011 ، كما أن قدرة الشعب السوري على استعادة مكانته هي الأخرى على المحك في المراحل القادمة.

استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت

القدس العربي

————————–

الصراع بين عائلتي مخلوف والأسد يخنق الاقتصاد السوري

الانهيار غير المسبوق لليرة السورية يتزامن مع الحرب على الفساد يشنها النظام ضد رجال أعمال استفادوا من الفوضى طوال السنوات الماضية.

دمشق – لم تأت الحملة على الفساد التي أطلقها النظام السوري مطلع العام الحالي للتصدي لرجال أعمال استفادوا من الحرب، وفي مقدمتهم رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، سوى بالمزيد من المشاكل الاقتصادية.

وتراجعت الليرة في السوق الموازية للعملات داخل المدن السورية، إلى مستويات قياسية تجاوزت 1550 ليرة لكل دولار واحد، متأثرة بتصاعد الخلافات بين رأس النظام السوري ورجل الأعمال رامي مخلوف.

ونقلت وسائل إعلام سورية، الأربعاء، أسعار صرف بيع الدولار الأميركي في السوق السورية، إذ بلغ السعر 1570 ليرة لكل دولار واحد، مقارنة مع 1490 ليرة في تعاملات الثلاثاء.

بينما كانت تداولات الأسبوع الماضي تشير إلى صرف الدولار في السوق الموازية بقيمة 1350 ليرة مع بدء ظهور الخلافات علنا بين النظام ومخلوف.

ومخلوف المصنف أكبر رجل أعمال في سوريا ولديه استثمارات في العديد من القطاعات المفصلية في الاقتصاد السوري، كان قد أخرج الخلاف مع النظام إلى العلن من خلال منشورات مكتوبة ومرئية له على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال في منشوراته إنه ضحية “أجهزة” الدولة، ودافع مخلوف في هذه المنشورات عن أعماله.

1550 ليرة سورية مقابل دولار واحد في سوق الصرف الموازي

ومنذ مطلع 2020، صعد صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية بنسبة 60 في المئة، إذ أنهت الليرة تعاملات 2019 في السوق السوداء عند 915 مقابل الدولار.

ووفق أسعار صرف الأربعاء تكون العملة السورية فقدت أكثر من 29 ضعفًا من قيمتها أمام النقد الأجنبي، منذ قيام الثورة عام 2011، حيث كان سعر الدولار بمتوسط 50 ليرة.

ويربط مراقبون هذا الانهيار غير المسبوق لليرة بالحرب على الفساد التي يشنها النظام السوري على عدد من رجال الأعمال الذين استفادوا من الفوضى وتداخل القوى الموجودة على الأرض لتحصيل ثروات طائلة.

وتأتي هذه الحملة في إطار البحث عن موارد بديلة بإمكانها ملء خزينة الدولة والمحافظة على النظام الذي أنهكته حرب أهلية تشارف على بلوغ عقدها الأول.

وبدأت الخلافات بين مخلوف والأسد تطفو منذ إصدار قرار الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف وبعض رجال الأعمال الآخرين، قبل أن تخرج إلى العلن منذ نحو أسبوعين.

ويرى متابعون أن المستفيدين من الحرب يضغطون على النظام اقتصاديا من خلال لعب ورقة الليرة، طالما ليس بإمكانهم تهديده أمنيا.

ويضرب تراجع الليرة مؤسسة الجيش بجعل قيمة رواتب الضباط والرُّتب فيه تتراجع بشكل قياسي إذ يعني أن ضابطا كبيرا برتبة عميد سيكون راتبه 72 دولارا في حين أن راتب الملازم لا يزيد عن 43 دولارا شهريا مع منحة إضافية تتراوح بين 10 و18 دولارا للطيارين.

ولا يمكن فصل هذا الصراع الاقتصادي الذي يتداخل معه السياسي عن التطورات الداخلية التي تشهدها سوريا وخاصة ما يتعلق بالتنافس الروسي الإيراني في تقاسم النفوذ في سوريا.

وظل الأسد يلعب على حبل التوازنات بين موسكو وطهران، لكن المتغيرات التي أنتجتها جائحة كورونا، وعاصفة النفط أيضا، قلبت جميع الموازين، ويبدو أنها جعلت موسكو تعيد حساباتها حول الكلفة الباهظة لبقاء الأسد على رأس الحكم.

وترجح أوساط أن يكون مخلوف هو البديل الذي تراهن عليه موسكو لتشكيل هيئة حكم جديدة في دمشق.

وبدأت الضغوط الروسية على دمشق وبشار الأسد، بعد زيارة خاطفة لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، نقل خلالها رسالة قاسية من الرئيس فلاديمير بوتين تتعلق بضرورة التزام دمشق بالاتفاقات العسكرية الموقعة بين الرئيس الروسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان حول إدلب.

كما تتعلق بضرورة ألا تستجيب دمشق لتشجيع دول عربية على فتح معركة ضد تركيا وفصائل موالية لها في شمال غربي سوريا.

ثم تبعتها حملة إعلامية قاسية تتهم الأسد وأركان نظامه بالفساد، تضمنت مقالات واستبيان رأي من طرف مؤسسات تابعة لمجموعة “فاغنر” التي تملك مقاتلين واستثمارات في سوريا، ومعروفة بقربها من بوتين، ثم جرى دعم تلك الحملة بمقالات حادة في صحيفة “برافدا” الرسمية (روسية)، وتحليلات على مواقع فكرية رصينة.

كما جاءت الحملة وسط انتقادات روسية لعدم التزام دمشق بالتفاهمات الروسية – الإسرائيلية – الأميركية، ورغبة موسكو في تقييد دور إيران في سوريا وتحديد ملامحه. كما سربت وسائل إعلام روسية معلومات عن صراع اقتصادي يدور في سوريا بين شركات روسية وأخرى تدعمها طهران، واعتراض شركات روسية بسبب عدم توفر عائدات مالية موازية للتدخل العسكري الروسي، خصوصاً في قطاعات حصص النفط والغاز والصفقات الاقتصادية.

العرب

—————————–

تهديد أم مصارحة..”ما يقوله مخلوف خطير جداً

أدلى ريبال الأسد، ابن عم رئيس النظام السوري بتصريحاتٍ لصحيفة “التايمز” البريطانية، تناول فيها الأسد الذي اعتبرته الصحيفة مصدراً موثوقاً بحكم صلته بالعائلة، تصريحات رامي مخلوف ا[خيرة، والتصعيد الإعلامي الذي رافقها.

حيث قال ريبال الأسد للتايمز: ” “اختفى أناس آخرون فقط لأن النظام رأى أنهم يشكلون تهديداً، والآن يخرج هذا الرجل ويقول أشياء خطيرة للغاية، ويتحدث بطريقة قد تكون طبيعية في بلد غربي، لكن ليس في سوريا، فهناك لا يقبل هذا النوع من الحديث!”

وحول المبالغ التي تطالب المؤسسة الناظمة للاتصالات مخلوف بسدادها، قال ريبال الأسد في حديث عبر الهاتف من مقر إقامته في إسبانيا “إنه مبلغ ضخم ولكن ليس لشخص ثري مثل رامي”، معتبراً أن مخلوف استفاد أساساً من منصبه، وقربه من الأسد من أجل تحصيل كل تلك الأرباح والثروات، لذا “لا يحق له الاختلاف في الرأي الآن إذا طلبوا منه 200 مليون دولار، هذا أمر غير منطقي!

واعتبرت الصحيفة في التقرير الذي نشرته قبل يومين أن”ريبال الأسد لا يعتبر غريباً عن المشاكل العائلية العنيفة، فعندما كان مراهقا تشاجر مع بشار، ابن عمه الأكبر، خارج مطعم في دمشق، فانتهى به الأمر مكبلاً من قبل الأمن.

وأوضحت “التايمز” أن ريبال لا يعتبر الوحيد الذي يتساءل: “لماذا يعتقد مخلوف أنه قادر على تحدي قريبه القوي؟ ملمّحة إلى مستجدات ربما طرأت في الكواليس الروسية، في إشارة إلى سلسلة المقالات التي نشرت الأسبوع الماضي في وسائل إعلام روسية تتحدث عن خيبة أمل موسكو من الأسد، على الرغم من النفي الرسمي لاحقاً لكل تلك النظريات.

وكان المبعوث الأميريكي إلى سوريا جيمس جيفري، قد أوضح أن الروس أكدوا لأميركا أن علاقتهم مع الأسد ليست في أفضل حالاتها كما كانت عليه في السابق، وهم ليسوا سعداء بالأسد، ولكن المشكلة في نظرهم هي عدم وجود بدائل عنه، وأنّهم على اتصال وتواصل مع الروس ونعرف ذلك.

ليفانت- وكالات

—————————–

======================

=====================

تحديث 16 أيار 2020

————————–

الثمن الروسي لحكم سوريا.. إسرائيل تتأهب/ منير الربيع

لم يكن الخلاف الذي طفى على سطح الأحداث بين بشار الأسد ورامي مخلوف، إلا محاولة حرق لمشروع قيد الدرس. يشمل المشروع البحث عن صيغة انتقالية في سوريا، مقابل سحب بشار الأسد من التداول، والإقدام على خطوات للخروج من الأزمة السورية. وكان هذا المشروع نتاج تداولات طويلة وكثيرة بين الأميركيين والروس والأتراك، وبعض الدول العربية والخليجية. توصلت روسيا إلى خلاصات بأن بقاءها في سوريا، يتطلب منها تقديم صيغ ترضي شرائح المجتمع السوري. فلا يمكنهم البقاء في بلد ضد النظام السوري وبشار الأسد تحديداً.

أنهت تلك المعركة رامي مخلوف وأي مستقبل له. وبذلك تضررت الكتلة المالية الصلبة المحيطة ببشار، وخصوصاً أنه الأقرب والأوثق في بنية النظام، ما سيدفع الآخرين إلى البحث عن بدائل. ولكن أثر ذلك سيكون كبيراً على بنية النظام، التي ستتخلخل، وذلك طبعاً سينعكس إلى مزيد من الإضعاف للأسد. فتحت معركة العائلة الواحدة، والبيئة الواحدة والطائفة الواحدة، الباب على معارك كثيرة، ستكون آثارها كبيرة على بنية النظام وحاضنته الاجتماعية.

وكذلك فتحت المعركة، مجالات جديدة للصراع أو التنافس الروسي الإيراني على الجغرافيا السورية ومناطق نفوذها. في هذا الوقت، تأتي إشارات إيرانية تبدي الاستعداد للتفاوض مع الأميركيين، وقد تجلى آخرها بتغريدة لمرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي والتي كانت لافتة وقال فيها: “أعتقد أن الإمام الحسن هو أشجع شخصية في تاريخ الإسلام، حيث قام بالتضحية بنفسه وباسمه بين أصحابه المقربين منه، في سبيل المصلحة الحقيقية، فخضع للصلح، حتى يتمكن من صون الإسلام وحماية القرآن وتوجيه الأجيال القادمة.”

موقف الخامنئي لا لبس فيه حول استعداد إيران للتفاوض مع الأميركيين، مثل هذا الموقف والجمل والعبارات نفسها كان قد استخدمها خامنئي بموقف أطلقه في العام 2013، وذلك لفتح الطريق أمام مفاوضات مباشرة بين الإيرانيين والأميركيين، أوصلت إلى توقيع الاتفاق النووي في العام 2015. اليوم يكرر الخامنئي الموقف نفسه، وسط تداعيات سياسية ستظهر على الساحة الشرق أوسطية، من تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي في العراق، إلى السماح للعراق باستيراد الكهرباء من إيران لستة أشهر، وصولاً إلى التهدئة السياسية في لبنان، ومواقف حسن نصر الله على الذهاب إلى صندوق النقد الدولي. وحتماً تحريك لمسار المفاوضات بين الإيرانيين والروس حول الوضع في سوريا.

ثبتت موسكو سوريا كمنطقة نفوذها السياسي والعسكري. هي لا تريد أي منازع أو منافس. بعدها لا بد من البحث عن تلك الصيغة، التي بدأ يتسرب بعض نقاطها. فيما بعد دخل الإسرائيليون على خطّ عرقلة هذه الصيغة. والتي بدأ التشويش عليها من شخصيات إسرائيلية، أو شخصيات على تواصل معها. هنا لا بد من العودة إلى الخط البياني الأساسي، والذي يقود إلى خلاصة واضحة حول التقاطع ما بين إسرائيل وبقاء الأسد.

تزامنت الحملة الإسرائيلية المضادة، مع حملة شرسة شنتها الصحف ومراكز الأبحاث الروسية ضد الأسد واتهمته بالفساد. هذه المواقف الروسية عكست انزعاجاً سورياً ومن بطانة المحسوبين على النظام من الموقف الروسي. الصيغة الروسية الأميركية التركية، قد أصبحت قائمة، لم يعد بالإمكان تجاوزها، بغض النظر عن تغيير في بعض تفاصيلها أو مضامينها. ولكن ذلك لا يمكن أن يحصل بدون موافقة إسرائيلية، ومعروف عن الإسرائيلي استعداده للدخول في الربع الساعة الأخير من الأحداث لفرض أمر واقع يلائمه. وهو حتماً يبحث عن ضمانات، سيوفرها له الروسي والأميركي، والتي تنطلق من تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا. من تغريدة خامنئي إلى الموقف الإسرائيلي ثمة بازار جديد سيفتح. الأميركي سيستمر في ضغوطه إلى أن تدفع إيران ما يجب دفعه من تنازلات، عبر انسحابات من بعض المناطق السورية، وترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

هنا لا بد من النظر إلى بعث بشار الأسد. وما يمكن أن يتغير في الصيغة التي كان يتم بحثها دولياً وتستثنى إيران منها. البعث تاريخياً مدمن على البازارات، كما على سياسة المزايدة تحت شعار فلسطين. بحث عن شرعيته في هذه المزايدة. أدق التوصيفات الذي يصح فيهم هو أنهم عصابة تسعى دوماً للبحث عن السلطة. برفع لواء فلسطين، أو الاشتراكية، أو مواجهة الإمبريالية، أو التحالف معها، ولو اقتضى الأمر رفع لواء الدفاع عن الطائفة للبقاء في السلطة، فهم يفعلون ذلك وقد مارسوه منذ سنوات، مستقبلاً سيحاول البعث البحث عن شعار جديد للمزايدة، لن يكون أقل من مغازلة إسرائيل علناً، وهي تشهد تشكيل حكومة وحدة وطنية، تشبه حقبة تشكيل ما يماثلها قبل حرب العام 1967.

تلفزيون سوريا

——————————–

عن جديد المشهد السوري/ أكرم البني

الجديد ليس فقط انشغال السوريين بفيروس «كورونا» وتداعياته، ولا بوضع اقتصادي ومعيشي يزداد تدهوراً ويشدد الخناق على شروط استمرارهم في الحياة، وإنما بما تواتر في الآونة الأخيرة من ظواهر وأحداث فرضت نفسها على المشهد وبدت كأنها حلقات مترابطة.

أولاً، خروج الخلاف والتنازع داخل الجماعة الحاكمة إلى العلن، مع تكرار ظهور رامي مخلوف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يتوسل ويرجو ويحذر ويهدد، خارقاً تقاليد سلطة دأبت على طمر خلافاتها والتظاهر بتماسك بنيتها وتراص صفوفها.

وإذا كان من الصعب معرفة حقيقة أي خبر أو التأكد من صحة أي معلومة في عالم السلطة المغلق والمغلف بالديماغوجية والغموض والقمع، فعادة ما يتم اللجوء لإثارة أسئلة حول الحدث كمحاولة لمقاربة أسبابه وفهم ما يجري.

فما دوافع رامي مخلوف للتوجه، اليوم، إلى الإعلام وعرض مشكلته أمام الناس، وهو خير من يدرك، مخاطر ذلك على اللحمة الطائفية وهيبة السلطة وسمعتها؟! لماذا حصلت قطيعة بينه وبين رأس النظام، ومن أغلق قنوات التواصل المباشر بينهما؟ هل يعود السبب فعلاً لخلاف على تسديد مبلغ مالي، ربما لا يساوي قلامة ظفر من الثروة التي يمتلكها الطرفان، أم ربما لتسويق دوره كبديل، أو محاولة استباقية للقفز مبكراً من قارب نظام بات مهدداً بالغرق وغدا رئيسه موضع أخذ ورد حول صلاحية استمراره في الحكم وقدرته على إعادة إنتاج دعائم سلطته؟

من له مصلحة في دفع الأمور إلى حد نشر غسيل الفساد السلطوي الوسخ، وشن حملة اعتقالات طالت أهم المسؤولين في شركات مخلوف ومصادرة ممتلكاتهم وأموالهم؟ هل ثمة أطراف خارجية شجعت على ذلك لغايات في نفس يعقوب، ربما إحداها الضغط على رأس النظام لتطويعه وإجباره على تقديم تنازلات كان يمتنع عن تقديمها، أم يصح الذهاب إلى اعتبار ما يحصل أحد وجوه الصراع على النفوذ بين روسيا وإيران للسيطرة على مؤسسات الدولة وعلى مقدرات البلد وثرواته؟!

لكن، ورغم تنوع هذه الأسئلة وتعدد خيارات الإجابة عنها، ثمة أمور غدت مؤكدة، منها، عمق الأزمة التي تعتمل داخل النظام السوري وضيق هامش مناورته، ومدى انحسار الثقة بين مكوناته وعجزها عن وأد خلافاتها البسيطة أو منع انفجارها بهذا الشكل والحجم، ومنها أيضاً شدة الاستهانة السلطوية بالبشر واحتقار عقولهم ومشاعرهم حين يتجرأ سارقو ثرواتهم ومن أوغلوا في الفساد والقتل والتدمير، على متاجرة رخيصة بجوعهم وفقرهم وتضحياتهم.

ثانياً، الضوء الأخضر، الذي منح سلطوياً، لفتح باب الرد على ما يعتبر رسائل تشهير وإهانات من قبل موسكو لنظام دمشق، أوضحها الطبيعة المتدنية في تعاطي قيادة الكرملين مع الرئيس السوري، إنْ خلال دعوته لموسكو أو عبر زيارات الرئيس الروسي أو أحد مبعوثيه لدمشق، وآخرها ما أثارته وسائل إعلام روسية عن فضائح بذخ وفساد لرأس النظام السوري، ثم عجزه عن توسيع قاعدته الشعبية لضمان نجاحه في الانتخابات القادمة، بما في ذلك تسريب متعمد لمواقفه الضعيفة في بعض المحادثات السياسية الخاصة، تحدوها إشارات متعددة إلى تراجع ثقة موسكو به، وصمتها عما يثار عن قرب استبداله وإعادة هيكلة النظام ومؤسسات الدولة.

والحال، لا يمكن في ظل التركيبة السياسية والأمنية السورية أن يبادر شخص، أياً كان، للتدخل وانتقاد طرف خارجي حليف، إن لم يكن مدفوعاً من النظام أو بعض أركانه، فكيف الحال إن كان المنتقد من قدامى زعماء أجهزة الأمن كبهجت سليمان، أو عضواً في مجلس الشعب كخالد العبود! وكيف الحال حين تصل الانتقادات إلى حد تفضيل الدور الإيراني والإشادة به مقابل مسخ دور موسكو وما قدمته لإنقاذ السلطة، أو حين يتم رهن حاضر الزعيم الروسي ومستقبله السياسي بقرار رأس النظام السوري وإرادته!

لكن، وبعيداً عن سذاجة هذه الانتقادات، يرجح أن يُفتح الباب على موجة من التداعيات قد يكون أرجحها إنضاج موقف روسي حاسم لإزاحة الرئيس السوري، كخيار لا بد منه لكسب ود الأطراف الإقليمية والدولية الراغبة والمؤهلة للتعاون في ترتيب البيت السوري وللمشاركة في إعادة الإعمار، وربما لا يضعف هذا الخيار، تأجيل تنفيذه، لبعض الوقت، بسبب انشغال مختلف الأطراف بهمومها الخاصة تجاه جائحة «كورونا» وتكلفة مواجهتها.

ثالثاً، تصعيد الموقف الإسرائيلي من وجود طهران وميليشياتها في سوريا، حيث صرح وزير دفاعها بأن هدف تل أبيب بات، اليوم، ليس لجم نشاطات التموضع الإيراني في سوريا، بل الانتقال بشكل حاد إلى طردها نهائياً، الأمر الذي تجلى بتواتر عمليات قصف مواقع محسوبة على طهران حتى في أقصى البلاد.

وإذا كان أحد أسباب التصعيد الإسرائيلي هو تنامي المخاوف من استهداف حكام طهران وميليشياتها لأهداف وأماكن استراتيجية وحيوية في قلب تل أبيب، فثمة سبب آخر يتعلق بدعمها الصريح للدور الروسي في سوريا وبميلها لتمكين موسكو من التفرد في إدارة دفة الصراع هناك واختيار قيادة جديدة أقل ارتباطاً بإيران، ما دام الجميع يدرك أن نفوذ طهران في سوريا يرتبط ببقاء النظام ورأسه في السلطة، بينما ثمة من يرجع السبب إلى تعاون وتنسيق مع السياسة الأميركية في عمل مشترك غايته إضعاف إيران وتطويعها ليس فقط، من خلال حصارها وتأزيم أوضاعها الداخلية، وإنما أساساً عبر تقليم أظافرها الإقليمية، وفي هذا السياق تدرج عملية مقتل قاسم سليماني، ثم الرهان على تداعيات إخراجها من سوريا لإضعاف نفوذها في العراق ولبنان، ربطاً بما أظهرته ثورتا البلدين من حالة عداء لافتة لوصاية طهران وأدواتها.

ربما تكشف الأيام والأسابيع القادمة مزيداً من تفاصيل المشهد السوري وخلفياته ومآلاته، لكن جديده عزز، بلا شك، من توجس الناس ومخاوفهم من المصير الذي ينتظره وطن أوغل سادته في تدميره وقتل أبنائه وتشريدهم، وبات مستقبله رهينة إرادات خارجية، والأهم هو تبعات استمرار هذه الجماعة الحاكمة، مع عجزها عن تخفيف الأزمات المتفاقمة، وكسب التعاطف للبدء بإعادة الإعمار، وتالياً مع إصرارها على استنزاف ما تبقى من قوى المجتمع واستجرار أسوأ أنواع الحصار والعزلة، وإكمال دورة الخراب التي بدأتها منذ استيلائها على السلطة!

الشرق الأوسط

———————-

رامي البداية، ورامي النهاية/ ماهر مسعود

منذ “جمعة الكرامة” في 18/03/2011، كان رامي مخلوف هو المستهدف الأول في الشعارات التي هتف بها المتظاهرين في مدينة درعا، وذلك قبل رفع شعارات إسقاط النظام فيما بعد، حيث ردد المتظاهرون بغضب وقتها “حاميها حراميها” و”بدنا نحكي عالمكشوف، يا خالف يمّا مخلوف” وأحرقوا مراكز شركة سيرياتيل في درعا بالإضافة لحرق مبنى حزب البعث، بينما كان الهتاف ضد رامي مخلوف في مظاهرات حماه الكبرى بعد ذلك، جزءاً أساسياً من أغنية القاشوش الشهيرة التي يقول في إحدى مقاطعها “لسى كل فترة حرامي، شاليش وماهر ورامي، سرقوا اخواتي وعمامي، ويالله إرحل يا بشار”. وإن كان ذلك يدل على شيء، فهو يدل على إدراك الشعب السوري للأهمية التي احتلها رامي مخلوف في الدولة الباطنة التي يحكمها الأسد.

معروف هو الدور الهائل الذي لعبه رامي مخلوف تحديداً، في خطة “الإفقار الاقتصادي” التي اعتمدها الرئيس الجديد وقتها عبر ما سمّاه “مكافحة الفساد” و”الشفافية” في خطاب القسم، حيث قضى رامي على “رابطة الفاسدين القدماء”، ونصّب نفسه كملك ملوك الفساد في سوريا، وبات يُقاسم كل شركة أو رجل أعمال؛ سوري أو يريد العمل في سوريا، أرباحه كنوع من الخوّة أو الجزية التي تفرضها عصابات المافيا عادة، وهو ما حصل مع عائلة سنقر “وكلاء مرسيدس في سوريا” على سبيل المثال أو الوليد بن طلال في مسألة “الفور سيزن”. كما قاد مخلوف بنفسه المرحلة النيوليبرالية الاقتصادية في سوريا، التي جعلت 36% من الشعب السوري عام 2004 تحت خط الفقر، وحولت الفساد في سوريا من فساد فردي خاص وسرّي، إلى فساد مؤسساتي عام وعلني وشامل، وطبّعت ما يُسمى بـ”العقد الاجتماعي على الفساد”، ليصبح الفساد هو الحالة الطبيعية الاجتماعية والثقافية التي يشارك بها، بشكل أو بآخر، جميع أفراد المجتمع السوري.

معروف أيضاً الدور الهام الذي لعبه رامي مخلوف بعد قيام الثورة السورية، إن كان من موقعه كقائم على “بيت مال” النظام، أو تكفّله ببناء ورعاية منظومات التشبيح المدني تحت سقف جمعية البستان الخيرية التي كان من مهامها أيضاَ إرسال المساعدات الشهرية لأبناء الطائفة العلوية والاعتناء بأعداد كبيرة من المصابين والمتضررين العلويين، بهدف رصّ الصفوف وشد عصب الطائفة وتماسكها وولائها، وجرّ فقرائها أفواجاً للقتال ضد “الثورة السنيّة” على “النظام العلوي”.

التغير الدراماتيكي الكبير في مكانة مخلوف ضمن الدولة الباطنة جاء تدريجياً ونتيجة عدة أسباب مثل الأزمة الاقتصادية الهائلة التي يعانيها النظام نتيجة العقوبات والتكاليف الضخمة لتمويل الحرب، والديون الروسية التي يقول البعض أن روسيا طالبت بـ 3 مليار دولار منها، ومنها أيضاً نهاية الحلم الروسي الأسدي بالسيطرة على كامل الأراضي السورية بعد الحملة الأخيرة الفاشلة على إدلب والاتفاق الروسي التركي، وهو ما كان معناه القطع النهائي لفكرة إعادة تعويم الأسد وتحصيل أموال إعادة الإعمار المأمولة، لكن ما يقف على رأس تلك الأسباب باعتقادنا هو موت أنيسة مخلوف والدة بشار وعمّة رامي عام 2016، حيث انقطعت أعمق الروابط وأقواها تأثيراً بين عائلتي مخلوف والأسد، وبدأ بروز زوجة الرئيس ذاتها هذه المرة، والصعود التدريجي لأقاربها مثل ابن خالتها مهند الدباغ أو والدها فواز الأخرس أو غيرهم.

إن دور الأمّ في السياسة السورية عبر تاريخ عائلة الأسد كان دائماً أكبر بكثير مما قد يبدو للرائي الخارجي، إن كان من جهة الدور الذي لعبته ناعسة، أم الرئيس الأول، في إنهاء المأزق الذي حصل بين الأخوين رفعت وحافظ عام 1983، وهو ما يمكن مراجعته بقراءة كتيب “ثلاثة شهور هزّت سوريا” لمصطفى طلاس، الذي يسرد بالتفصيل ما حدث بين الأخوين في تلك المرحلة، والذي تم سحبه من السوق مباشرة بعد نشره عام 2001. أو الدور الذي لعبته أنيسة مخلوف في حثّ بشار على مواجهة الثورة السورية بانتهاج سياسة والده ذاتها في مواجهة أحداث الثمانينيات، أو في تدخلها في كيفية التعامل مع عاطف نجيب الذي قام بتعذيب أطفال درعا، وهو أيضاً ابن خالة الرئيس، حيث كان التبرير الذي قدمه الرئيس لوجهاء حمص عندما التقاهم عام 2011، هو أن خالته اتصلت بأمه لتطلب منها الاكتفاء بنقله من درعا بدل محاسبته قضائياً.

إن لجوء رامي مخلوف للبث المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن أزمته، بعد انقطاع السبل التي تصله مباشرة بالرئيس القريب والصديق القديم، ليس موجهاً للرئيس فحسب رغم كل الابتهالات والترجيات التي  وجهها رامي في حديثه المطول، بل هو موجه للطائفة العلوية التي لم يبق أمامه سواها، فهو يعلم أثر المساعدات “الإنسانية” والمالية الكبيرة التي قدمها لأبناء الطائفة طوال فترة الحرب، وهو يعلم أنه قد يصبح ببساطة غازي كنعان جديد وأراد الإعلان عن أزمته للجميع قبل تصفيته بخفاء، وهو يعلم أن أزمته مع الرئيس تختلف ألف مرة؛ داخلياً وخارجياً، عن الأزمة التي حصلت بين رفعت وحافظ في الثمانينيات، ويعلم أنه لا يمكنه اللجوء لأي مكان نتيجة العقوبات التي تطاله شخصياً وأن روسيا التي قد تستقبله هي ذاتها قد تقتله وهي من تريد كل أمواله، وهو يعلم أن النظام كله في طريقه إلى الانهيار ولا يريد أن يصبح كبش فداء لأحد، بل اتجه نحو مبدأ “عليَّ وعلى أعدائي”.

ليست مهمة باعتقادنا كل الاتهامات والاعترافات التي قدمها رامي ضد نفسه وضد نظامه، إن كان من جهة ما قاله عن اعتقالات الأجهزة الأمنية لمدراءه بعد أن كان “الراعي الأكبر” لتلك الأجهزة خلال الحرب، أو ما سمّاه بعضهم “اعترافاته” بأن “الأجهزة الأمنية بدأت تعتدي على حريات الناس”، أو مخاطبته للرئيس مباشرة للتدخل في مسائل يُفترض أنها ضريبية وذلك في تجاوز لكل “مؤسسات” وأجهزة الدولة التي لا يفترض للرئيس التدخل بعملها، أو بمطالبته الرئيس بتقسيط الأموال التي عليه دفعها وكأن المسألة هي دين شخصي بينهما، أو بمطالبته الرئيس بتوزيع تلك الأموال على المحتاجين لكي “يسدّوا جوعهم”، ونعتقد أنه لم يقصد الشعب تحديداً هنا بقدر ما قصد زوجة الرئيس التي يظن رامي أنها خلف المطالبة بتلك الأموال، ولاسيما عندما شدد في الفيديو الثاني على القول “لا يجب أن نسمح للآخرين بأن يمشّوا كلمتهم”.

قد يبدو كل ما سبق مهماً للمتابعين، وهو مهم بدرجة ما، لكن الأهم بالنسبة لرامي نفسه برأينا، هو قطع الطريق على السبل القانونية التي قد يعتمدها النظام شكلياً لاعتقاله أو قتله فالمهلة التي أخذها للدفع تنتهي بـ5 أيار، وهو أيضاً تأليب جمهوره في الطائفة العلوية ذاتها بعد المساعدات الكبيرة التي قدمها لهم، ومحاولة إبراز الدور “السنّي” الذي تلعبه زوجة الرئيس في تفسّخ البيت العلوي الواحد، وأخيراً جعل ظروف إسقاطه “إن حدثت” علنية أمام الطائفة وأمام العالم أجمع.

نظن عبر هذه القراءة أن رامي الذي كان أساسياً في البداية، سيلعب دوراً أساسياً فيما يبدو أنه النهاية، فجميع المؤشرات الداخلية والدولية تدل على أن نهاية حكم الأسد باتت قريبة، والكيفية التي سيعالج بها الأسد أزمته مع رامي مخلوف ستؤثر حتماً وبأكثر من طريقة في تلك النهاية.

بروكار برس

———————–

ثقب أسود في فضاء مملكة الظلام السورية/ محمود الوهب

لم يكن الضابط ذو رتبة النقيب ليُعْجِب أسرة أحمد مخلوف، لا لأنه ضابط صغير، بل لأنَّ أسرته من قاع عشيرة الكلبية التي لا ترقى إلى أسرة آل مخلوف (عشيرة الحدادين) في الجبل العلوي، ولأن الضابط بعثيٌ وآل مخلوف “سوريون قوميون”، بينهم وبين البعثيين ما صنع الحداد، إذ هم متهمون باغتيال الشاب الدمشقي والبعثي اللامع، العقيد عدنان المالكي، في 22 إبريل/ نيسان 1955. ولكن الضابط النقيب الممتلئ حماسة وطموحاً سياسياً واسعاً تفُوقُ هذه المسائل كلها، وجد الطريق إلى قلب معلمة المدرسة، أنيسة أحمد مخلوف، بواسطة أهل الخير، ومنهم زميله الضابط صلاح جديد الذي أودى به فيما بعد، حيث استطاع النقيب حافظ الأسد اقتياد أنيسة إلى بيته، لتكون زوجة وشريكة عمر. وحين أخذ نجمه يسطع، وكان قد تخلص من رفاق دربه، وأخذ يؤسس لـ “مملكة الظلام” ذابت، عندئذ، الفوارق الاجتماعية والسياسية، إذ وحَّد الأسرتين السعي إلى المال والجاه وترسيخ فكرة القائد الأبدي، وتناسى الحدّادون نظرتهم الفوقية، وأخذ محمد مخلوف، الأخ الوحيد لأنيسة، يتقرَّب من صهره أكثر، ليرتقي في الوظائف التي تسمح له بمد يده الطويلة أصلاً. وبعد سنوات قليلة أيضاً، اعتذر حافظ الأسد لـ “السوريين القوميين” أي حين أطلقت يده في لبنان، عن سوء تقدير “البعث” وحدة سورية الكبرى!

وفي العام 1972، عُيّن محمد مخلوف مديراً للمؤسسة العامة للتبغ، ثم انتقل في 1985 إلى المصرف العقاري، حيث “قدّرت سرقاته من المصرف بأكثر من مليار ليرة سورية على مدى أكثر من عقد”، غير أن ذلك كله لم يرض نهمه للمال، فانتقل إلى تأسيس إمبراطورية كبرى للمال، ما جعله يتقدَّم قائمة الفاسدين. وبعد عقدين، ومع مرحلة “الوريث”، ظلَّ محمد مخلوف يترأس مملكة المال الفاسد من وراء ستار، بينما تصدَّر ابنه رامي المشهد، لتأخذ العائلة في التكاثر لتغدو أكثر من ثلاثين شركة وثروة قدَّرها فراس طلاس بين 14 مليار دولار إلى 18 مليارا، نافياً أن تكون قد وصلت إلى 40 أو 100 مليار، وعدّها فراس بن رفعت الأسد مئة في حدها الأدنى..! لكنه، للحقيقة والتاريخ، لم يوافق على قول رامي إنها من عطاء رب العالمين الذي يعزّ من يشاء، وقد اختار من بين السوريين آل مخلوف للعز في وقت فُرِض فيه الجوع والقهر والموت على ملايين السوريين الآخرين.

لم يبق أحد في العالم أجمع ليماري في هذا الأمر، ولكن لا بد من إشاراتٍ عابرةٍ إلى القليل مما

لم يكن رامي مخلوف أكثر من “طرطور” عند آل الأسد، وهذا يعني أن المال هو ملك رأس النظام

يعرف، لا عن السرقات والرشا التي كان يفرضها محمد مخلوف، بل عن التسهيلات التي قُدّمت لابنه رامي، بدءاً من إعفاءات منافذ البيع فيما تسمى السوق الحرة من الضرائب كلياً، ما أفقد خزينة الدولة سنوياً ملايين الدولارات. أما شركتا الخليوي التي زعمت حينها وزارة الاتصالات عجزها عن دفع تكلفة لوازم تأسيس الشركة أكثر من 400 مليون ليرة سورية (تؤكد دراسات الجدوى الاقتصادية للعقود بعد مقارنتها بالخيار الأمثل لاستثمار الشركتين أن مقدار ما يضيع على الدولة خلال 15 عامًا يقدر بـ 400 مليار ليرة سورية، وفقًا لدراسة قدّمها النائب رياض سيف لمجلس الشعب). وقد باعت شركة سيريتل الخط الواحد بدءاً من ستين ألف ليرة، (1500 دولار) ثم بأربعين ألفا ليتدرج في النزول خلال عدة أشهر إلى عشرين ألفا، ثمَّ ليهوي إلى مستوى الشعب. ويذكر أن إقالة محمود الزعبي من رئاسة الوزارة في مارس/ آذار 2000، بسبب رفضه خيار الـ”B.O.T” (بحسب رياض سيف)، وجيء، من خلال اجتماع استثنائي للقيادة القطرية، حضره حافظ الأسد بمصطفى ميرو، وأن وزير الاتصالات آنذاك، رضوان مرتيني (الحزب الشيوعي/ جناح يوسف فيصل) وجد مخرجاً لنفسه ولحزبه، فسلَّم الملف لرئيس الوزراء الجديد، ومن هنا يمكن فهم انتحار الزعبي بعدة رصاصات في الرأس.

أما قسم الحاويات في مرفأ اللاذقية فقد استثمره رامي بتراب الفلوس، إذ لم يدفع إيجار المتر المربع الواحد سنوياً سوى 25 ليرة فقط. ناهيكم بشروط الشراكة التي تفرض على كل من يريد تأسيس شركة ما مقابل أعمال كالحماية مثلاً أو خدمات تافهة، ليست الشركة بحاجة إليها، أن يدفع جزءاً محدّداً من أرباح شركته لا يقل عن 25% أو مضايقات وعراقيل في وجه المستثمر. ويدخل في هذا الجانب (بحسب فراس طلاس في لقاء له على “R.T. ARABIC” أخيرا) نسبة 7% من كل عقد بيع، أي ما يعادل ما بين ستة ملايين دولار إلى سبعة ملايين يومياً (وهذا ما يفسره الشعب السوري بأن النفط لا يدخل في حساب الموازنة العامة للدولة). وعلى الرغم من ذلك و(بحسب فراس رفعت الأسد ابن عم بشار الأسد)، لم يكن رامي مخلوف أكثر من “طرطور” عند آل الأسد، وهذا يعني أن المال هو ملك رأس النظام، وما رامي إلا أجير عنده، ما يشير إلى اعتراف صريح من فراس بأنَّ الذي يحكم سورية هم (أوبة حرامية) لا أكثر!

ولعلَّ عبارة كارل ماركس عن أصحاب رؤوس الأموال تبرز في أوضح تجلياتها عند آل الأسد، إذ يرى “أن صاحب رأس المال يَكْذِبُ في حالِ ربحَ ألفاً، ويَسْرِق إذا ربح عشرة آلاف، ويَقْتُلُ إذا تجاوز ربحه مئة الألف..”. وتفسِّر هذه العبارة بدقة متناهية ردود فعل رأس النظام على الشعب السوري، حين هبَّ هذا الشعب محتجاً على تجاوزاته عام 2011، إذ خشي أن تنتقص سلطته، وإنْ قيد أنملة، فكان أن رفع شعار “الأسد أو نحرق البلد”، وهذا هو جوهر ما جرى، فلا إرهاب ولا ما يحزنون. وإذا كان ثمّة إرهاب، فقد نشأ في سياق تنفيذ ذلك الشعار الاستبدادي الـ “مافيوي” وما قابله من ردود أفعال لدى بعض المتطرّفين! وإذا كان من توصيف لما يجري أيضاً، فإن النظام الذي أخذ في التفسخ منذ ثمانينيات القرن الماضي وظلَّ في ازدياد حتى شارف على نهايته، يريد أقطابه النجاة بأنفسهم اليوم، ومن هنا لهاثهم المجنون خلف المال وصراعهم حوله ويبدو أنّ رامي مخلوف استطاع تهريبه خلال السنوات الماضية (بحسب ابن رفعت الأسد). أما الفائدة الرئيسية الوحيدة من كل ما حصل ويحصل فهي: أن من يحكم سورية منذ خمسين عاماً هي مافيات بكل معنى الكلمة.

للروس دور تحريضي كبير فيما جرى ويجري، إذ يعدّون أنفسهم من أنقذ بشار الأسد، وقد غامروا بسياستهم وعسكرهم. صحيحٌ أنهم جرّبوا أسلحة، وعقدوا صفقاتٍ رابحة، وحصلوا على استثمارات ربما ما كانوا ليحلموا بشروطها المجحفة! لكنهم، في المقابل، يدركون أن لعنة السوريين سوف تظل تلاحقهم عقوداً، إنْ لم أقل قروناً طويلة، ثمّ إن المسألة السورية طالت، وكلفتها تزداد يوماً بعد يوم، وجاءهم وباء كورونا ليزيد من أوجاعهم الاقتصادية، وبشار الأسد غير مبال بهم، ولم يزل يلعب على حَبْلَيْ الروس والإيرانيين. لكن وقت الروس ضاق كثيراً، فقد أبرموا اتفاقاتٍ مع دول تربطهم بها مصالح، ولابد من الالتزام بها. ويعلن الأميركان، والغرب عموماً أنْ لا إعمار في سورية إنْ لم تحل المسألة السورية بما يرضي الأطراف كلها. إذاً لابد من الحل الذي ينتظره المجتمع الدولي، ولن يكون الحل إلا بإزاحة وريث مملكة الظلام الذي يصرُّ على البقاء منفرداً. ومن هنا، لا بد من أن يكون للروس قرارهم لتنفيذ اتفاقاتهم، والخلاص من المأزق الحرج الذي حشر فيه الجميع، ولعلَّ كثرة الانتقادات الروسية المهينة لرأس النظام، وما أشيع عن تسريباتهم إلى مخلوف، وما تقوله الوقائع السورية عن قرب انفجار شعبي سببه الانهيار الاقتصادي، وتدهور الوضع المعيشي وإذلال المواطن، إضافة إلى ما أحدثته السنوات التسع في نفوس السوريين وسلوكهم. وما نَشْرُ هذه الفضائح اليوم، وهذا الصراع في قلب الموالين أنفسهم، إلا واحدٌ من أشكال إضعاف رأس النظام وتعريته ما يمهد للتخلص منه، وهذا ما يلبي طموح الشعب السوري.

العربي الجديد،

————————–

=====================

========================

تحديث 17 أيار 2020

—————————-

مخلوف: الضغوط تهدف لإبعادي من الواجهة لمصلحة “أثرياء الحرب”/ عبد الرحمن خضر

أكّد رجل الأعمال السوري، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، رامي مخلوف، اليوم الأحد، أن الضغوط التي يتعرّض لها من الجهات الأمنية تهدف إلى إبعاده عن شركة الاتصالات الخلوية السورية “سيريتل” لمصلحة مَن وصفهم بـ”أثرياء الحرب” الذين لا تهمهم مصلحة البلد، على حد قوله.

وحذّر مخلوف، في تسجيل ثالث له، من وجود نيات لإغلاق شركة الاتصالات الأهم في سورية، التي تعتبر رافداً لاقتصاد البلاد، بالرغم من قبوله بدفع المبلغ الذي تطالب به شركة الاتصالات، والذي قال عنه إنه ليس ضريبة، فالشركة ملتزمة دفع الضرائب، وليس له أي أساس قانوني.

وأشار إلى أن سقف المطالب قد ارتفع بعد قبوله بدفع المبلغ، فطلب منه التعاقد حصرياً مع شركة تقدّم لـ”سيريتل” المستلزمات كافة، وهدّدوه بالسجن إن لم يقبل بهذا الشرط، وطلبوا التوقيع على العقد بعد نصف ساعة، ما اضطر أخاه الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة إلى الاستقالة بعد رفضه التوقيع.

كذلك “اشترطوا وجودي خارج الشركة فرفضت”، بحسب قوله، وطالبوا بزيادة نسبة المبالغ التي يتقاضونها إلى 120 بالمئة من الأرباح، “أي إننا سندفع 20 بالمئة من رأس المال” إضافة إلى كامل الأرباح، وإلا فستُوقَف الشركة وتُسحَب تراخيصها، كما قال.

واعتذر مخلوف من أهالي الموظفين الذين اعتقلوا أخيراً، وحمّل الجهات التي أوقفتهم كامل المسؤولية، وعبّر عن عجزه عن اتخاذ أي إجراء، لأن ما قامت به تلك الجهات عبارة عن إجراءات غير قانونية.

وتطرّق خلال حديثه إلى الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، والظروف التي أدت إلى هروب كثير من رجال الأعمال والصناعيين، وطالب بالحفاظ على الشركات الموجودة لأنها عماد الاقتصاد السوري اليوم.

وناشد مخلوف الحكومة اتخاذ إجراءات لبناء الاقتصاد من جديد والتكاتف في ظل انخفاض العملة السورية إلى 20 ضعفاً منذ منتصف 2019 وحتى تاريخ اليوم.

وحذّر في ختام حديثه ممن وصفهم بـ”أثرياء الحرب” الذين كوّنوا ثرواتهم بعد الأزمة، ولا تهمهم إلا مصالحهم، وطالب الحكومة بالتعويل على رجال الأعمال الذين لم تصنعهم الحرب، وهمهم البلد.

وخسرت الليرة نحو 75 بالمئة من قيمتها، منذ بداية العام الجاري، في السوق الموازية، حيث كان سعر العملة الأميركية يدور في نطاق 915 ليرة، مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، بينما لم تتجاوز 50 ليرة في 2011.

ويأتي الظهور المتكرر لمخلوف على خلفية مطالبة النظام له بضرائب ومستحقات مالية ينفي وجودها، بينما يصرّ النظام على تحصيلها من طريق وزارة الاتصالات. ويعزو مراقبون سبب الضغوطات التي يتعرّض لها إلى مطالب روسية تهدف إلى تحصيل أموالها، إذ طلبت روسيا أخيراً نحو ثلاثة مليارات دولار.

وكانت صحيفة التايمز البريطانية قد نشرت تقريراً العام الماضي أشارت فيه إلى وجود تصدّع داخل العائلة الحاكمة السورية جراء خلاف بين الرئيس بشار الأسد وابن خاله الملياردير رامي مخلوف.

وقالت التايمز إن سبب الخلاف بين الأسد ومخلوف هو رفض الأخير سداد ديون الحرب المشتعلة في البلاد، وإن الأسد يحاول استخدام أموال مخلوف لتمويل مليشيات للقتال معه، في محاولات لبسط السيطرة على المدن والبلدات السورية كافة.

وبحسب مصادر متقاطعة، انتقل مخلوف بعد خلافه مع الأسد إلى منطقة صلنفة في أعلى جبال اللاذقية، بهدف الاحتماء بموالين له هناك.

وكان مخلوف قد نبّه أبناء الطائفة العلوية بشكل غير مباشر في رسالته الأولى، عندما تحدّث عن أُسر القتلى والعسكريين الذين يُنفق عليهم، والحال الذي سيصلون إليه إذا أوقف عنهم المساعدات، في محاولة لجلب استعطاف الطائفة وفقرائها وأبنائها المنضوين في صفوف الجيش ومليشيا “الدفاع الوطني”.

العربي الجديد

—————————–

رامي مخلوف في ظهوره الثالث:يهددونني بالسجن..إذا لم أترك “سيرياتل

قال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف في ظهوره الثالث، إن أجهز النظام السوري بدأت بالمس به مباشرة من خلال طلب استقالته من رئاسة مجلس إدارة شركة “سيرتيل”، مضيفا “بدأوا بالتمادي معي.. هذا يعني انهيار الاقتصاد السوري”. ولم يوجّه مخلوف رسالة استجداء لابن عمته، رئيس النظام السوري بشار الأسد، بل كانت لهجته تحذيرية.

وأوضح مخلوف في مقطع مسجل على حسابه على “فايسبوك” الأحد، أن اليوم تنتهي المهلة التي أعطيت له لتنفيذ الأوامر التي صدرت، مضيفاً أن “الأجهزة تهدد بالسجن كلما طلبوا شيئاً لا يمكن تنفيذه”. وقال إن شقيقه، نائب رئيس مجلس إدارة “سيرتيل”، استقال رفضاً لتنفيذ بعض مطالب الأجهزة.

وحمّل مخلوف الذي ظهر في المكان نفسه الذي سجّل فيه ظهوره في المرتين السابقتين،  مسؤولية سلامة موظفي “سيرتيل” للجهات التي أوقفتهم “وحتى الآن لم نعرف مصيرهم. ولا يوجد أي إجراء رسمي أو نظامي”. وقال: الاستمرار بهذا النهج لن يؤدي إلّا إلى خراب الشركة التي ترفد الخزينة، وفيها أكثر من 6 آلاف موظف، و11 مليون مشترك، وبالتالي كارثة كبيرة على الاقتصاد السوري”.

ووصف المفاوضات مع الأجهزة بأنها “طريفة قليلاً”. وقال: “طلبوا منا دفع المبلغ المتوجب على الشركة، علماً أنه ليس حقاً ولا ضريبة، بل فرض من جهة معينة بلا حق ولا قانون. وقلنا سنلتزم به ونعتبره دعم للدولة بطريقة دفع مناسبة بدون أن تنهار الشركة”. وأضاف “طلبوا حصر كل ما تشتريه سيرتيل بشركة واحدة، مع منع التعاقد مع أي شركة آخرى، بدون استدراج عروض ولا أسعار، وإلّا…”.

وأضاف “تمكّنا من إلغاء موضوع حصرية الشركة وحاولنا إضافة شروط تتوافق مع الشركة ووجدنا مبدئيا حلول وسط. ثم طلبوا استقالة رئيس مجلس الإدارة الذي يزعجنا، وهو أنا. قلنا لهم هذا قرار يتعلق بالشركة ولا نستطيع تنفيذه. تكلموا معي وقلت لن أتنازل، فطلبوا توقيع العقود، وهي لأشخاص خاصين هم أثرياء الحرب، من قبل نائب مجلس إدارة الشركة، أخي، ومدير الشركة الذين ينوبون عني”.

وتابع: “قلت لأخي إما ترفض أو تستقيل لأن التوقيع خيانة للشركة. قدم استقالته وتم تعيين بديل”. وقال مخلوف: “الذي يوقع في الشركة هو أنا فإذا وصلت بالتمادي حتى عليّ فلا حول ولا قوة إلا بالله..تنهار الشركة والاقتصاد ولا أعرف ماذا قد ينهار أيضاً”.

وقال: “عقدنا اجتماعاً رسمياً في مؤسسة الاتصالات وعرضنا دفع المبلغ فقالوا إن هذا ليس كافياً. طلبوا تنازل الشركة عن أرباحها للدولة وإلّا نتصرف معكم، توضعون في السجن”. وأضاف “قالوا أنتم تدفعون للدولة 20 في المئة من رقم أعمال الشركة، هذا يعادل 50 في المئة من أرباحها، يجب أن تدفعوا 50 في المئة من رقم أعمال الشركة، وهذا يعادل 120 في المئة من الأرباح. أي يجب أن ندفع 20 في المئة إضافية من جيبنا”.

وتابع: “أبلغونا أنه إما تنفذون بحلول الأحد وإلا سحب الرخصة وحجز الشركة والسجن”. وقال: “هذه الشركة الواحدة المتبقية للاقتصاد السوري. كفانا الناس التي هربت من سوريا من رجال أعمال وصناعيين. الدولة لا تستطيع أن تكون وحدها”.

وأضاف “هذا الأسلوب والتهديد والوعيد سيخرّب القطاع. هذا أمر لا تستطيعون تحمله”. وأردف: “منذ بداية الحرب حتى منتصف 2019 ارتفعت أسعار السلع عشر أضعاف، قلنا هذا منطقي. لكن منذ منتصف 2019 ارتفعت الأسعار مجددا 20 ضعفاً. هذا انهيار للاقتصاد السوري”. وختم قائلاً: “اللهم إني بلغت”.

——————————-

هكذا انهال رامي مخلوف بالضرب على أمين مستودع السوق الحرة/ محمد فارس

هذه وقائع حادثة رواها لي أحد الموظفين سابقاً في إحدى شركات رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد. وقد امتنع الموظف السابق عن الكشف عن هويته لأسباب شخصية.

كان ذلك يوم ثلاثاء صيفياً من عام 2001. طاقم العمل مستنفر والمحلات بكامل نظافتها. الرفوف مرتبة والبضائع مصفوفة بأناقة. كل شيء على أتم استعداد لاستقبال “الأستاذ” الآتي إلى سوق دمشق الحرة في مطار دمشق الدولي، ليرأس اجتماعاً يعقده هناك مرتين كل شهر.

لحيتي لامعة وبدلتي أنيقة تتناسب مع الحدث، وبريق حذائي لا تخطئه الأبصار. هوذا العُرف الذي اعتدنا عليه أثناء زياراته. في المرتين اللتين يحضر فيهما، ومع أنني لست على تماس مباشر معه، أكون متوتراً ويتصبب العرق من كل مسامات جسدي وتكاد تخنقني ربطة عنقي التي لم أعتد عليها يوماً.

كعادته انسلّ “الأستاذ” كشبح من المستودع عبر مصعد مخصص للبضائع. لكنه لم يدخل إلى المكاتب الإدارية ولم يتجول في صالة المبيعات حيث نقف جميعاً متأهبين احتراماً له كأحجار الشطرنج. لكنه توجه فوراً إلى المكتب الرئيسي.

إلى هناك ساق اثنان من مرافقيه أمين مستودع السوق الحرة وأوقفاه في “حضرته”. سأل “الأستاذ” بهدوء عن بضاعة تم إتلافها فأنكر الموظف الأمر. خيم صمت مخيف في أنحاء المكان لثوان كانت كألف سنة. وأمام ثلة من كبار موظفيه، خلع “الأستاذ” ساعة “باتك فيليب” الفاخرة والجاكيت الرمادي. شمر عن ساعديه وشرع يضرب الموظف الهزيل حتى سال الدم من وجهه.

كنت أشعر دائماً بأنني أعمل في فرع مخابرات. لكنني أيقنت في ذلك اليوم أنني أعمل في مسلخ “الأستاذ” رامي مخلوف.

مع بداية عام 1997، استأجر رامي سوق دمشق الحرة بمساحة تقدر بـ1100 متر مربع مقابل مليون ليرة سورية (20000 دولار أميركي) في السنة. وكان يُحَصّل ذلك المبلغ من مبيعاتها في نوبة واحدة في يوم عمل سيئ، عدا عن عمليات التهريب المتنوعة التي كان يسهّلها لأفراد في جهاز المخابرات الجوية والمديرية العامة للجمارك. جُدد العقد بعد خمس سنوات، وبالنظر إلى الفارق الشاسع بين أرباح سوق دمشق بإدارة رامي وأرباح المؤسسة العامة للتجارة والتوزيع الحكومية (غوتا)، التي أدارها والده محمد منذ السبعينات، حاز مخلوف استثمار مساحات أوسع داخل بناء مطار دمشق وغيره من المطارات والنقاط الحدودية السورية من دون أن تُعرف قيمة العقود.

لا يحب مخلوف لقب “المعلم”، فهو محصور بـ”سيادة الرئيس” بشار الأسد. ويبدو أنه حاول من خلال لقب “الأستاذية” أن ينأى بنفسه عن العسكر، خصوصاً أن عُرفاً في الجيش يساوي بين لقب “أستاذ” ومفردة “الحمار”.

يتقمّص “الأستاذ” شخصية الرئيس الراحل حافظ الأسد فيشبك أصابعه أثناء حديثه الذي يجهد فيه على الحديث بهدوء قدر استطاعته فيتباطأ حيناً ويتسارع أحياناً. وحين يجلس على كنبة، يسند ذراعيه ويرخي كفيه ولا يضع رجلاً على رجل. لكنه لا يجاري الأسد الأب بارتداء ربطة عنق ولا بحلق لحيته تماماً. وباستثناء أخيه إيهاب الذي ارتضى لنفسه “التيشرت” والجينز، كان على فريق العمل كله ارتداء ربطات العنق طيلة النهار.

تذكرت حادثة “التحقيق” وأنا أشاهد “الأستاذ” في ظهوره النادر في تسجيلاته المصورة أخيراً. تغير مظهره كثيراً لكنه لم يكن يمثّل مطلقاً. نبرة صوته التي تعلو وتهبط فتتراوح بين التهذيب والتهديد، هي ذاتها. لكن حركة يديه تغيّرت عمّا عرفته. ويبدو لي أنه متأثر للغاية بطريقة حديث الرئيس بشار الأسد، خصوصاً في جزئية تحريك يديه في الهواء.

يتجنّب الجميع غضبه الذي يأتي مع نبرة هادئة بصمت قصير، ثم ارتفاع في حدة الصوت ونظرة حادة تفلّ الحديد. تغدو الأعصاب مشدودة والجو متوتّراً وتصل شحنة غضبته إلى الجميع بدءاً من ذراعه اليمنى، أخيه إيهاب، لتصل إلى المدير التنفيذي سامي معلا، الأقوى شخصية بين المحيطين به، مروراً بمدير عام سوق دمشق الحرة الإيرلندي دونال ماغي (Donal Maggie)، وحتى أصغر عامل في المطار. ومع أنني لم أسمع منه كلمة نابية، ولكنه كان يفاجئنا بصراخه الهستيري الآتي من مسافة بعيدة بعد أن يكون في حديث هادئ مع شخص ما.

لم يعتد فريق العمال على إهانات شخصية فمجرد نظرة ازدراء منه تعادل عقوبة، خصوصاً أن حوله عناصر مرافقين له ممن تجد نفسك أمامهم كمن صحا لتوه ليجد نفسه على خشبة مسرح عبثي وملك الموت ماثل أمام عينيه.

كان من سوء حظ أمين مستودع سوق دمشق الحرة أن يتبين له أثناء الجرد نصف السنوي أن هناك بضاعة زائدة هي دزينتا ألعاب “دباديب” لا تزيد قيمتهما عن 30 دولاراً أميركياً. ولشدة خوفه، اجتهد المحاسب الآتي من مدينة دوما في ريف دمشق الشرقي، وأتلف البضاعة ورماها في القمامة. وما إن شاهد أحد الحمّالين آثار “الجريمة”، حتى أبلغ المسؤولين.

أكثر من 20 عنصراً مرافقاً لرامي تناوبوا على إحضار عمال المستودع واحداً تلو الآخر إلى غرفة الاجتماعات حيث “التحقيق”. في الغرفة ذات النافذة الوحيدة طاولة اجتماعات اعتاد أن يعمل عليها إيهاب. وفيها أيضاً طاولة مكتبية لدونال ماغي. صورة نافرة لسفينة ضخمة على أحد الجدران خلف طاولة خشبية فخمة لسامي معلا قريب زوجة “الأستاذ”.

ما يميز شركات رامي مخلوف غياب أي رمز سياسي من أعلام الدولة أو “البعث” أو صور للرئيسين الأب والابن بل أو حتى صور الراحل باسل الأسد الذي ينظر أبناء العائلة إليه كأيقونة ويقلدونه في ما عدا “الأستاذ”. هذا الغياب كاد يقنعني مرات بأنني أعمل في مؤسسة حقيقة خارج حدود “سوريا الأسد”.

حقق مخلوف بداية مع معاون أمين المستودع الذي أقرّ بـ”الجرم” دونما حاجة إلى العنف. وحين جيء بأمين المستودع، كانت “الأدلة” جاهزة لمواجهته بها. ولما أنكر الأمر، تحول “الأستاذ” إلى ملاكم وشرع يضرب الموظف الأربعيني المسكين. وبعد ساعات، رُحّل “المجرم” إلى “المفرزة”، وهي سرية تجمع عناصر عسكرية ومستخدمين مدنيين مهمتهم حماية منزل “الأستاذ” في “حي المالكي”. وبقي هناك 15 يوماً تعرض فيها للتعذيب كما علمنا بعد أكثر من شهر. ثم فُصل الرجل من العمل ولم يعلم أحد بمصيره. بل إن أحداً لم يجرؤ على الحديث في أمره ولو همساً. كما غدا مساعد أمين المستودع مفوضاً حتى عُيّن أمينُ مستودع آخرُ مكانه.

في ظني أن “الأستاذ” رغب في أن يُرهِب موظفيه الذين حضروا “التحقيق” السادي ابتداء من إيهاب وسامي وانتهاء بدونال ماغي الآتي من شركة “أير ريانتا الدولية” (Aer Rianta International) التي كانت تدير سوق دمشق الحرة اعتباراً من عام 1997.

أتخيل الخوف متمثلاً في وجه أمين المستودع وهو المعروف أصلاً بأنه رعديد. لا بد أن ملامحه الخائفة كانت تشبه ملامح رامي مخلوف في تسجيليه المصورَين. كان الموظف موقناً أنه بريء ولم يرتكب خطأ يستحق عليه ذلك العقاب. وبما أن “الزايد أخو الناقص” كما يقول المثل الشعبي، فقد خاف أن يدفنه “الأستاذ” تحت سابع أرض، فأتلف البضاعة. ولو أنه كان “حرامياً”، لسرق بضاعة ثمينة من ذهب أو مشروب كحولي أو سجائر أو عطور فاخرة، وليس بضعة “دباديب”. لكن “الإثم” الممنوع في مملكة “الأستاذ” هو أن تتجرأ على “ملكه” وهو “خادم الأمانة” كما قال، و”الفضل لله يعز من يشاء”.

ما يجعلني أسرد هذه القصة اليوم هو الظلم الذي تكلّم عنه رامي مخلوف. ولا أشعر بأنني ربما بسردي هذه القصة قد أزيد حنق المظلومين عليه فقد وصلوا إلى أقاصي السخط حيث لا مكان لغضب أكبر.

درج

——————

هددوه بسحب ترخيصها.. مخلوف يرفض طلبا من حكومة الأسد بالتنحي عن رئاسة سيريتل

قال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف اليوم الأحد إن السلطات أعطته مهلة للاستقالة من رئاسة شركة “سيريتل” المشغل الأساسي لخدمات الهاتف المحمول في سوريا، وإلا فإنها ستسحب ترخيص الشركة، مؤكدا أنه لن يتنحى.

وأضاف مخلوف في مقطع فيديو، هو الثالث لرجل الأعمال الذي كشف عن خلاف عميق بينه وبين ابن عمته الرئيس بشار الأسد، أن انهيار “سيريتل” وهي مصدر رئيسي لإيرادات الحكومة، سيوجه ضربة “كارثية” للاقتصاد.

ويقول مسؤولون غربيون إن مخلوف كان جزءا من الدائرة المقربة للأسد واضطلع بدور كبير في تمويل المجهود الحربي للحكومة، مشيرين إلى إمبراطورية الأعمال التي يملكها، وتشمل الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط.

وكان مخلوف اتهم قوات الأمن في وقت سابق من الشهر باعتقال موظفين لديه “بشكل غير إنساني”، في هجوم غير مسبوق من داخل النظام يشنه على أحد أكثر الشخصيات ذات النفوذ في سوريا.

وكان رامي مخلوف -المحرك الرئيس لأموال عائلة الأسد وفق وصف صحيفة واشنطن بوست- قد ظهر في وقت سابق في فيديو بثه على صفحته على فيسبوك، قال فيه إن الأجهزة الأمنية تستهدف شركاته وتعتقل مديرين وموظفين لديه، واستغرب هذا الأمر قائلا “كنت أكبر الداعمين للأجهزة الأمنية خلال سنوات الحرب”.

المصدر : الجزيرة + وكالات

———-

مظلمة فيسبوكية جديدة لرامي مخلوف..بعد منحة أسماء الأسد

التكهّنات بخصوص السبب وراء مصادرة أملاك رامي مخلوف، وظهوره إعلامياً، من خلال مقطعي الفيديو ، اللذين تمّ نشرهما سابقاً، إضافةً إلى منشوره على “فيسبوك”، كانت على قدرٍ كبير من الصواب، وهو ما أثبته الظهور الإعلامي الأخير له اليوم، على يوتيوب في مقطع فيديو مطوّل. منحة أسماء الأسد

حيث جاء مقطع الفيديو هذه المرة مباشرة بعد ظهور أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، وإعلانها عن “منحة” مالية لجميع جرحى جيش النظام.

حيث عاود رامي مخلوف، ابن خال الأسد ورجل الأعمال المعاقب دوليا لفساده، الظهور بفيديو جديد، معلناً فيه أن جهات في النظام تريد إقالته من منصبه كرئيس مجلس إدارة شركة “سيرتيل” للاتصالات.

وأوضح أنّ  جهات في النظام، لم يسمّها، طالبت صراحة بإقالته أو استقالته من منصبه كرئيس لمجلس إدارة “سيرتيل” معلناً رفضه التنحي، ومؤكداً استقالة شقيقه من منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، بعد تعرّضه لضغوطات في سبيل التوقيع على قرارات قطعية، وأوضح مخلوف أن استقالة أخيه جاءت نزولاً عند رغبته.

وأشار مخلوف إلى أنّ ما يطلب منه، هو عبارة عن “تنازل” لصالح “أشخاص معينين” لم يسمهم، إلا أنه استعمل تعبير “أثرياء الحرب” وهاجمهم أكثر من مرة.

كما كشف رجل الأعمال المقرّب من رئيس النظام السوري، رامي مخلوف، عن فشله بإطلاق سراح موظفيه المعتقلين في سجون النظام، وتقدم لهم باعتذار، معتبراً أن جميع الإجراءات التي اتخذت بحقه، هي إجراءات “غير رسمية” وغير “نظامية”. وتطرق إلى المبلغ الذي طالبته الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، بدفعه لصالح خزينة النظام، ومقداره 230 مليار ليرة سورية، مكرراً اعتبار ذلك المبلغ بأنه ليس ضريبة وليس حقا للدولة، إلا أنه سيدفعه، كمساعدات لأنصار النظام.

كما قال مخلوف، أن النظام طرح على شركته، التعامل الحصري مع شركة محددة لم يسمّها، وأن هذه الشركة قادرة على تأمين جميع مستلزمات الشركة “من المسمار وحتى البرج” كما قال، معلناً رفضه التعاقد حصريا مع تلك الشركة المذكورة.

جدير لالذكر أنّ رامي مخلوف حذّر من انهيار الاقتصاد السوري، بانهيار سيرياتيل، وعزا سبب التراجع الكبير للقيمة الشرائية لليرة السورية إلى تحطوّر نوعي خطير حصل في منتصف 2019، رفض تسميته، وأن الاقتصاد مهدّد بكارثة حقيقية في حال استمرّت هذه الجهات بالتعامل معه ومع قضايا البلد، الذي لم يتركه، ولم يترك رئيسه، ولم يترك أهله، خلال السنوات الماضية، بل وظلّ داعماً له!

ليفانت- وكالات

—————————-

اصدار ثالث لرامي مخلوف.. أبرز الملاحظات

أولا: لم يذكر ولم يناشد بشار الأسد بالاسم إطلاقا كما فعل سابقا وهذا إما لأن تهديدا وصله بعدم تكرار ذلك، أو لاقتناع رامي مخلوف أن بشار الأسد ليس بيده الأمر ولم يعد قادرا على تقديم شيء.

ثانيا: هدد رامي مخلوف بشكل صريح وقال إن فعلتم ما تريدون “سينهار الاقتصاد وسينهار شغلات تانية” هل يقصد رامي مخلوف بتحول القضية لصراع حقيقي يصل السلاح والأنفس!..

ثالثا: رامي مخلوف بقي وحيدا في مواجهة أزمته بعد أن قال إن أخيه استقال من مجلس إدارة سيرياتيل، وبشر بانهيار أكبر ل الليرة السورية

رابعا: رامي مخلوف يعيش وحيدا الآن والدليل أنه في نهاية الفيديو نهض ليطفئ الكاميرا في حين الفيديوهات السابقة لم يظهر هكذا مشهد ما يعني أن هناك كان من يساعده في مونتاج وتصوير الفيديوهات، كذلك ظهر للمرة الثانية بنفس الجاكيت!..

——————-

أعزائي الموالين/ لؤي حسين

رامي مخلوف ليس مجرد شخص لديه أموال كثيرة. ولا مجرد قريب للبيت الرئاسي.

إنه جزء رئيسي من محور الاقتصاد السوري. أي لا يمكننا إطلاقا الحديث عن الاقتصاد إذا لم نضع دور رامي في موقع المركز.

تحدث السيد مخلوف مرة جديدة اليوم. وكان ملخص كلامه أن الاقتصاد السوري ليس له أي قواعد أو قوانين. ليس له أي بنيان. ليس له أي هيكل. بل لا يوجد شيء اسمه “الاقتصاد” في سوريا. يوجد أموال. يوجد ماليين. توجد أعمال هردبشت. يوجد بنك مركزي. لكن لا يوجد اقتصاد.

الاقتصاد هو قواعد وقوانين ونظم ومجالات عمل وسوق راسخة توضع فيها أموال، كثيرة أو قليلة، تؤدي إلى أرباح أو خسائر. أما المجال الذي كان يتحدث عنه رجل اقتصاد سوريا الأول فهو ليس مجال اقتصادي، هو مجال أموال فقط.

نعم كما قال السيد مخلوف بطريقة ما إن المشكلة بينه وبين الأطراف الأخرى ستؤدي إلى خربان الاقتصاد. ويقصد بذلك ارتفاع الأسعار، وانهيار قيمة الليرة، وهروب الأموال، وعزوف أي مستثمر عن المغامرة في دخول البلد.

لا يوجد دولة من دون اقتصاد. وعندما لا يوجد اقتصاد فهذا يعني أنه لا توجد دولة إطلاقا. فكل ما لدينا سلطة تضع سياسات اقتصادية بشكل مزاجي بحيث تناسب أشخاصا معينين، تماماً مثلما تم تعديل الدستور ليناسب شخصا هو بشار الأسد.

—————————

=========================

=====================

تحديث 18 أيار 2020

—————————

القديس مار مخلوف/ مهند الحاج علي

ظهر رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد أو “القديس” كما يحلو لبعض السوريين تسميته، في فيديو ثالث. والفيديو الأخير لم يأت خارج السياق، بل حمل في طياته تذكيراً بالـ”الأعمال الخيرة” لشركة “سيرياتيل” وبعض الحكم والأمثلة المنطقية (قُل البديهية) مشابهاً للتسلسل المنطقي الضحل في خطابات الأسد، وتكشف عن العمق الفكري للعائلة، من قبيل “لا أولاد من دون وزوج وزوجة” و”مقابل النهار، هناك ليل” “وموجب وسالب” وغيرها.

لكن هذا الفيديو كان أوضح في إظهار فوقية مخلوف في التعاطي مع الأسد. هو رجل الأعمال الذي يفهم بقطاعه، في حين يعجز الأسد وبقية النظام عن استيعاب عالم الأعمال. هم من مستوى آخر، يُضطر رامي الى تبسيط الأمور لهم، ويُظهر نفسه عاجزاً عن فهم المنطق المتحكم بهم. كيف يطلبون حصة من مجمل مدخول الشركة، وليس من أرباحها؟ من هذا المنطلق، رامي أبلغ النظام ورأسه بأن الشركة ستُفلس وتنهار لو استقال من رئاسة مجلسها، وستُسرّع في انهيار الاقتصاد. وفي طيات كلامه أيضاً، اتهام للنظام بتحمّل المسؤولية عن هذا الانهيار، نتيجة سلوك طائش، والأهم عدم معرفة كتلك التي يحملها هو.

هذه الفوقية ناجمة عن طبيعة هذه العلاقة بين آل مخلوف والأسد، وتاريخها وخلفياتها. وفقاً لمقال لكاتب مجهول في موقع مركز السياسة العالمي (Center for Global Policy)، الندية الظاهرة في خطابات المخلوف لها بعض الجذور التاريخية، وتُوحي بتنافس سياسي بين عائلتين تنتميان الى طرفين حزبيين هما “الحزب القومي السوري الاجتماعي” و”حزب البعث العربي الاشتراكي”.

ولكن قبل الخلاف السياسي، يبرز فارق اجتماعي بين العائلتين. اعترض كبار عائلة مخلوف على زواج أنيسة بحافظ الأسد عام 1958. ذلك أن آل مخلوف من طبقة ملاك الأراضي، وكانت ابنتهم أنيسة مدرسة وخريجة إرسالية فرنسية في بانياس، في حين يتحدر حافظ من عائلة فلاحين فقيرة. كان الصعود الاقتصادي لرامي مخلوف، برعاية عمته أنيسة، ويبدو أن حظوظه تراجعت بعد وفاتها عام 2016، كما يُوضح المقال. وقبل رامي، كان والده محمد محظياً في عالم الأعمال في سوريا منذ تولي الأسد الرئاسة، اذ جنى ثروة من إدارة مؤسسة التبغ والتنباك والبنك العقاري السوري.

كان زواج أنيسة خارج المألوف سياسياً أيضاً، إذ أن لعائلة مخلوف تاريخاً مع “الحزب القومي”، وقد شارك بديع مخلوف  (ابن عم محمد والد رامي) في اغتيال نائب رئيس الأركان السوري (المتعاطف مع “البعث” حينها) عدنان المالكي عام 1955 (عبد المنعم الدبوسي شارك مع مخلوف في عملية الاغتيال، وأعدمتهما السلطات السورية حينها). بحسب التقرير عينه، أودعت أنيسة وشقيقها محمد السجن نتيجة الاغتيال.

الحقيقة أن مراجع أخرى مثل كتاب عبد الله حنا عن المرشدية (صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)، يشير إلى تاريخ أعمق للعائلة مع الحزب القومي. وفقاً لهذه الرواية، كان جميل مخلوف، أستاذ مدرسة من مواليد 1920 (تقريباً من جيل أنيسة المولودة عام 1930)، وراء انتشار الحزب خلال أربعينات القرن الماضي في ريف جبلة وفي قريته بستان الباشا التي باتت تُعرف باسم “بستان سعادة”. جميل أودع السجن في زمن الشيشكلي منتصف الخمسينات، ثم خرج، وفر إلى لبنان بعد اغتيال المالكي.

اللافت أن مقال المركز يشير الى استثمار رامي منذ عام 2003 في الحزب، وقيادته من خلف ستار، وفصله عن الفرع اللبناني، وتشكيله بعد الحرب ميليشيا باسم “البستان”. من هذه البوابة، حلّ الأسد الحزب القومي في سوريا نهاية العام الماضي، ومن بعده ميليشيا “البستان”، بالتزامن مع بدء التوتر مع رامي. في المقابل، استدعت صفحات موالية لمخلوف صورة لأنطون سعادة مع مناصرين من آل مخلوف، وقصة بطولية لإعدام بديع، وكأن لسان حالها إظهار التناقض بين العائلتين.

لن يُهدد خلاف الأسد ومخلوف بإنهاء حالة التماسك العلوي وراء النظام، كما يُوحي المقال، لكنه يُنهي الاعتماد التاريخي على هذه العائلة في مجال الأعمال. والأهم من ذلك كله أننا أمام مصدر يعلم خفايا فساد السنوات الماضية، وقد يدفعه التوتر الحالي الى كشف شبكات الاعمال المرتبطة بالنظام وتجار الحرب فيه وفتح صفحات مطوية. وهنا قد تجتمع فضائح الفساد وآلياته، مع فظائع التعذيب الواردة في أدلة قيصر، لتكتمل صورة لا شك أنها قبيحة جداً جداً.

المدن

———————

رامي مخلوف ورفعت الأسد: إدارة الخلاف العائلي/ رضوان زيادة

مع استلام بشار الأسد السلطة في عام 2000 خلفاً لوالده حافظ الأسد الذي حكم سوريا لمدة ثلاثين عاماً (1970-2000) بدأ بمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الجزئية التي كانت تهدف بشكلٍ رئيسي إلى السماح بدخول القطاع الخاص إلى قطاع البنوك والمصارف وشركات التأمين والتعليم التي كانت حكراً على القطاع العام فقط، ولقد قوبلت هذه الخطوات بالترحيب من قبل رجال الأعمال السوريين ومن المجتمع السوري بشكل عام، لكن لم يمضِ شهور على صدور المراسيم والتعليمات التنفيذية الخاصة بهذه الخطوات حتى طفا على السطح اسم رامي مخلوف الذي أصبح المستفيد والشريك الوحيد من كل هذه الاستثمارات الخاصة حيث أسس البنك الدولي الإسلامي وبنك عودة -سورية وبنك البركة وبنك الشام وسيطر على شركات التأمين الخاصة مثل الشام كابيتال وفتح فرعاً لمدرسة الشويفات الدولية الخاصة ودخل على القطاع العقاري فأسس عدة شركات مثل البتراء والحدائق والفجر وغيرها التي امتلكت مساحات واسعة من الأراضي لبناء العقارات السكنية والتجارية، وكوالده محمد مخلوف دخل على قطاع النفط عبر شركة GULFSANDS Petroleum  واحتكر بشكل مطلق مناطق التجارة الحرة الحدودية السورية مع كل دول الجوار تركيا والأردن ولبنان والعراق عبر شركته التي أسماها راماك، لكن درة الاحتكار كما يقال كان امتلاك واحتكار حقوق شركات الخلوي هذه الخدمة التي دخلت سوريا متأخرة تقريباً مقارنة مع جيرانها.

الأنظمة العائلية التسلطية كنظام الأسد تحاول إخفاء الخلافات العائلية بالحد الأقصى لأن أي خلاف يظهر للعلن يعني أن الصراع داخل العائلة هو على أشده وقد يتحول إلى محاور تقضي على استقرار النظام بأكمله، وقد نجحت عائلة الأسد في إدارة خلافاتها الشخصية داخلها بشكل كبير حتى خلال أسوأ الأيام وأحلكها خلال الحرب السورية سيما في عام 2012 ومن ثم عام 2014 عندما زادت الضغوط الدولية بشكل كبير وازداد حجم الانشقاقات بشكل متصاعد وخطير، ولذلك أن يخرج رامي مخلوف بهذه الفيديوهات العلنية عبر صفحته على الفيسبوك هذا يعني أولاً أنَّ إدارة الخلافات داخل العائلة فشل في الوصول إلى حلول بطرق سلمية وسرية كما هي العادة دوماً، وثانياً أن طرق الاتصال بين مخلوف وبشار الأسد قطعت تماماً فأحب أن يتوجه له عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك.

طبعاً هناك الكثير من التشابه بين تصرفات رفعت الأسد ضد أخيه حافظ الأسد في عام 1982 وبين تصرف مخلوف ضد ابن عمته الرئيس بشار ألأسد عام 2020 ولكن القوة العسكرية التي كان يتمتع بها رفعت الأسد في تلك الفترة لا تقارن بما هو عليه رامي مخلوف اليوم وبالتالي يمكن القول إن مركزية عائلة الأسد داخل النظام التسلطي السوري وثقافة عبادة الشخصية التي بنيت حول والده حافظ وبشار من بعده وخاصة التضامن داخل الطائفة العلوية خلال سنوات الحرب والعصبية الطائفية التي تصرفت بها ضد كل مظاهر المعارضة أو اختلاف الرأي يجعلنا واثقين من القول أن الأسد سيكون الأقوى في الحد من هذا التأثير التصاعدي لفيديوهات مخلوف داخل الطائفة وهذا هو الأهم وهي المخاطب الوحيد الذي يعنيه مخلوف من فيديوهاته كما أنها هي مخاطب الأسد الأول والأخير.

وإذا صدقت التقارير التي تحدثت عن مرافقة روسية رافقت الأجهزة الأمنية السورية خلال اعتقالها لعدد من المديرين في شركة سيريتيل المملوكة لرامي مخلوف فإن هذا الصراع بين الأسد ومخلوف يعكس من جهة أخرى خلافاً روسياً مع الأسد بهدف تحصيل عائدات الحرب، إذ تقول التقارير إنَّ روسيا طالبت الأسد برفع مبلغ 3 مليارات دولار كتعويض عن المشاركة الروسية في الحرب السورية إلى جانب نظام الأسد، لكن الأسد تحجج بعد توفر المبلغ فقدمت روسيا حسابات لرامي مخلوف تثبت أنه يملك أكثر من المبلغ المطلوب وهو ما أشعل الصراع بين الأسد ومخلوف.

باختصار، إن رامي مخلوف سيدرك أن زمن إدارته لأموال عائلة الأسد انتهى وحان الوقت كي تمتلك أسماء الأسد كما تورد كل التقارير السيطرة فوق هذه الثروة خاصة مع كبر أولادها وهم أولاد بشار الأسد وعلى رأسهم حافظ الذي يتطلع للعب دور أبرز ربما في السنوات القادمة على المستوى المالي والأمني لإظهار تماسك أكبر داخل الطائفة وداخل النظام المتصدع.

تلفزيون سوريا

————————

أسماء الأسد تسحب ورقة الفقراء وجرحى الحرب من مخلوف

بث موقع رئاسة الجمهورية السورية، أمس، وقائع ورشة عمل، عقدتها زوجة الرئيس أسماء الأسد، أعلنت فيها عن إمساك القصر الرئاسي بملف جرحى القوات وتصحيح البرنامج الاقتصادي الخاص بهم.

وبدا واضحاً في حديث أسماء الأسد خلال ورشة العمل الخاصة عمن سمّتهم «جرحى الوطن»، أنها تسحب ورقة فقراء وجرحى النظام من يد ابن خال الرئيس ورجل الأعمال رامي مخلوف، التي سبق له التلويح بها في رسائله المصورة. وتحدثت أسماء الأسد عن إعادة تفعيل برنامج اقتصادي خاص بالجرحى و«تصحيح» الأخطاء التي شابته، وأـن ملف الجرحى بات تحت الإشراف المباشر من قبل القصر الرئاسي «حرصاً على إبقاء البوصلة الحقيقية لأي جهود تُبذل في هذا الإطار في اتجاهها الصحيح». واعترفت الأسد بوجود أزمة اقتصادية عميقة وأن الوضع «صعب»، متعهدةً بتقديم «منحة طارئة» لكل جرحى النظام، في الأيام القادمة. وهو ما سبق وطالب به رامي مخلوف في رسالتيه المسجلتين، عندما وجه خطابه إلى الأسد بأنه لن يتأخر عن تسديد المبالغ الكبيرة المطلوبة منه، إذا كانت ستذهب إلى «الفقراء». وتعيش أوساط عالم الأعمال في دمشق وضعاً مضطرباً مع تفاعل الخلافات بين النظام السوري ورجال الأعمال، والتي طفا منها على السطح الخلاف الأبرز بين الرئيس بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف. وفي الوقت الذي تفرض فيه الحكومة مخالفات باهظة على القطاع الخاص، شككت مصادر في المعارضة في أسباب وفاة رجل الأعمال غيث بستاني (32 عاماً) مالك مجموع «البستاني» التجارية، يوم الجمعة الماضي، بعد أن جاء في نعي العائلة أنه «توفي بنوبة قلبية»، إلا أن مصادر في المعارضة قالت إن البستاني، وهو مقرب من شقيق الرئيس ماهر الأسد وأحد أذرعه الاقتصادية، تمت تصفيته لرفضه سداد مبالغ مالية كبيرة طلبها النظام. والبستاني من رجال الأعمال الجدد الذيم ظهروا بشكل مفاجئ خلال سنوات الحرب.

في هذا السياق، تتحدث المصادر المطلعة في العاصمة السورية، عن فرض الحكومة في دمشق أرقاماً مالية ضخمة على الجامعات الخاصة «تحت بند مخالفات».

ويمر الاقتصاد السورية بأسوأ انتكاسة له عبر تاريخه مع التدهور السريع الحاصل في قيمة الليرة أمام الدولار الأميركي، الذي حطم عتبة 1600 ليرة سورية للدولار الواحد مساء السبت، ومن المتوقع أن تواصل الليرة تدهورها بعد الظهور الثالث لرامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري وأحد أعمدة النظام اقتصادياً منذ عقود ورئيس شركة «سيريتل» التي تملك نحو 70% من سوق الاتصالات في سوريا. إلى جانب العديد من الشركات الكبرى الأخرى والمدرج اسمه على القائمة الأميركية السوداء منذ عام 2008. وكان موقع قناة «الحرة» الأميركية قد نشر تقريراً عن لقاء رجل الأعمال سامر الفوز (46 عاماً)، مع الأسد، مؤخراً، وأنه ناقش معه مواضيع اقتصادية منها ملف شركات الاتصالات الخليوية ومشاريع تنموية، الأمر الذي أثار التساؤلات عن احتمال استبداله بمخلوف، داخل المشهد الاقتصادي للنظام السوري.

علماً بأن سامر الفوز الذي ظهر على ساحة الأعمال في سوريا مع بداية الحرب عام 2011 سارع إلى نفي لقائه الأسد مؤخراً

 الشرق الاوسط

—————————-

الموالون يردون على أسماء الأسد: وعود كاذبة!

ربط السوريون في مواقع التواصل الاجتماعي، حديث أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، عن الإشاعات المغرضة في البلاد، بالخلافات الحالية بين عائلة الأسد وعائلة مخلوف، إثر مقاطع الفيديو التي ظهر بها رجل الأعمال رامي مخلوف، متحدثاً فيه عن محاولات محيطين بالأسد، تجريده من شركة الاتصالات الأكبر في البلاد “سيريتل”.

وأشار المعلقون إلى إن أسماء، في أول ظهور لها بعد أزمة مخلوف، التي أخذت أبعاداً فضائحية في مواقع التواصل، تجاهلت ذكره بشكل مباشر.

وكتبت إحدى المغردات في “تويتر”: وقت بدها أسماء الأسد تحكي عن الإشاعات مقابل الحقيقي لازم تطبق أول شي تعلمناه من حياتنا بدول ديموقراطية، على أساس إنها بريطانية، وتتمتع بالشفافية والجرأة لإصدار بيان رسمي من مكتبها عن كل شي صاير بالشام، وتشرحلنا إذا كان محاربة فساد جدّية أو مجرد هوشة عرب على الغنيمة!”.

    وقت بدها #أسماء_الأسد تحكي عن “الإشاعات مقابل الحقيقي” لازم تطبق أول شي تعلمناه من حياتنا بدول ديمقراطية- على أساس إنها بريطانية- وتتمتع بالشفافية والجرأة لإصدار بيان رسمي من مكتبها عن كل شي صاير بالشام، وتشرحلنا إذا كان محاربة فساد جدّية أو مجرد هوشة عرب على الغنيمة! pic.twitter.com/orCdF97XDN

    — Marah Bukai مرح البقاعي (@marahbukai) May 18, 2020

وكان لافتاً إصدار الرئاسة السورية بياناً تحدثت فيه عن عسل النحل وزيت الزيتون، اللذين تواجدا في زجاجات على الطاولة أمام أسماء في لقاء ضمن برنامج “جريح الوطن” المخصص لمساعدة جرحى جيش النظام، رغم أن الرئاسة مثلاً تأخرت نحو شهر قبل إصدار بيان يفسر الزجاجات الغامضة التي ظهرت حول بشارالأسد، في مقطع فيديو ظهر به في شباط/فبراير الماضي.

وقال المعلقون أن مواكبة الرئاسة السورية لنشاطات أسماء بهذه الصورة، تأتي في وقت تتململ فيه البيئة الموالية من الإساءات المتعمدة التي تطاول جنود جيش النظام، الذين يتم تقديسهم في الخطاب العام عموماً. وتفاقمت تلك الحالة، بعد منشور للجندي السوري بشير يوسف هارون، المشهور في مواقع التواصل بصوره مع أسماء الأسد، طالب فيه النظام بإعدامه وإعدام الجرحى للتخلص من عبئهم.

أتى ذلك على خلفية قرار رسمي يضي من جهة بإلغاء الدواء لأهل الجريح، ومن جهة اخرى بخفض العلاج الفيزيائي وتحديد مدته في ستة أشهر، في وقت يقوم في النظام باستغلال هذه الفئة من السوريين، لتلميع صورته أمام الموالين له.

ووسط هذه الأجواء الدرامية، كانت العلاقة بين الأسد ومخلوف حاضرة غائبة. وتم التلميح إلى أن أسماء تحاول استمالة الفقراء من طبقة الموالين، بصورة مؤسساتية، في وجه مخلوف الذي يدعي دعم فقراء الموالين بالعطايا المالية، وتحديداً في الساحل السوري. وأوضح بيان “رئاسة الجمهورية” أن الزيت والعسل “هما نتاج مشروعين إنتاجيين لجريحين استفادا من المنح التي قدمها لهما برنامج جريح وطن، الجريح سامي حسن الذي يملك الآن مشروع مناحل. والجريح علي بلول الذي يملك حالياً مشروع غذائيات. حيث استطاع الجريحان بإصرارهما على العطاء وعدم الاستسلام للإصابة، تحقيق مردود مادي يضمن لهما ولعائلتيهما حياة كريمة”.

ورغم ذلك، علق بعض الموالين الغاضبين على بيان الرئاسة كاشفين عن “الوعود الكاذبة”، التي خدعهم بها هذا البرنامج التي تشرف عليه أسماء الأسد. وعلّق أحدهم: “المنح المعطاة للجرحى لا تكفي لهكذا مشاريع. اسألوا أهل الخبرة عن مشروع نحل أو مشروع زيوت. لا يكفي. لا يغطي النفقات”. وقال آخر: “أنا جريح ولم استفِد من برنامج جريح وطن. مو بس هيك بيوعدون من محافظة طرطوس ع مشروع كشك او ٥٠٠٠٠٠ ولم استلم شي من ٥ سنوات وأنا ناطر”.

وهذه ليس المرة الأولى التي يتم فيها توجيه انتقادات للنظام من قبل جرحى جيشه. وانتشرت في السنوات الماضية مقاطع فيديو لجنود سابقين يتسولون في الطرق بعد انقطاع المساعدات عنهم. فيما يقول الموالون عموماً ان كل الوعود ليست سوى مسرحية لا تغني ولا تسمن من جوع، وهي عبارة تكررت أكثر من مرة في التعليقات على بيان الرئاسة.

    pic.twitter.com/Fx4qub3LGq

    — هاشم الغانم (@Hasheemalkhanm) May 17, 2020

    مو بالضرورة كل العائلات تقدر تأمن لأبنها الجريح او الشهيد الحي أدوية ع حسابون اوحتى اللي بحاجة علاج فيزيائي ياريت الاهتمام والدعم يكون لكل#جرحى الوطن بنفس المستوى المطلوب

    — walaa soulaiman (@SoulaimanWalaa) May 16, 2020

    ياريت الاهتمام والدعم يكون لكل الجرحى ع نفس السوية والأهم الشهداء الأحياء اللي قدموا أغلى مابيملكوا بس يمكن حسب الدعم

    — walaa soulaiman (@SoulaimanWalaa) May 16, 2020

المدن

———————————–

————————-

إيران تنفي الاتفاق مع روسيا لتنحية الأسد.. كيف ستساوم على سوريا؟

تلفزيون سوريا – سامر القطريب

روسيا ستلعب دوراً مهماً لكنها لن تكون اللاعب الوحيد

نفى المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان صحة تقارير إعلامية حول اتفاق روسي – إيراني على تنحية بشار الأسد عن رأس السلطة في سوريا.

وقال عبد اللهيان في تغريدة على تويتر إن “الأسد رئيس سوريا الشرعي والقائد الكبير لمحاربة الإرهاب التكفيري في العالم العربي”،  مضيفاً أنَّ “شائعة اتفاق إيران وروسيا حول استقالته كذبة كبرى ودعاية إعلامية أميركية صهيونية”.

وكان “المجلس الروسي للشؤون الدولية” نشر تحليلاً عن السيناريو المستقبلي لـ سوريا، رجح فيه حصول توافق تركي أميركي روسي إيراني على تنحية بشار الأسد عن الحكم ووقف إطلاق النار، مقابل تشكيل حكومة انتقالية تشمل المعارضة والنظام وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

ويأتي ذلك عقب تقارير وفضائح  فساد لنظام الأسد نشرتها وسائل إعلام مقربة من “طباخ بوتين”، تحدثت عن أن الأسد ضعيف ولن ينتخبه السوريون في الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

كما كشف مسؤولون أميركيون الشهر الجاري أن إيران بدأت بسحب بعض ميليشياتها وقواتها من سوريا، نتيجة العقوبات الأميركية.

الكاتب والسياسي السوري فايز سارة أجاب في حوار مع موقع تلفزيون سوريا عن هذه المحاور التي سترسم المرحلة المقبلة في سوريا.

كيف ترى الأوضاع المحيطة بالنظام اليوم وخاصة ما يتصل بالموقفين الروسي والإيراني؟

أعتقد أن كثيرا مما يكتب اليوم، أو يقال حول إيران وروسيا ونظام الأسد، يحتاج إلى هدوء وتدقيق. ومثل ذلك الكلام عن اتفاق روسي إيراني لإبعاد الأسد أو خروج إيران من سوريا، أو أن إيران ستخرج من سوريا بسبب العقوبات الأميركية. فهذه أشياء تتناقض مع أبسط ما يحيط بالقضية السورية من معطيات وحقائق معروفة وشائعة.

الحلف الإيراني- الروسي، لايعني أن أهداف الطرفين واحدة في الوضع السوري وحيال الأسد خاصة. الأهداف الإيرانية عميقة أبعد بكثير من أهداف الروس. فـ للأخيرة مكاسب وأرباح، ليس لها بعد أيدولوجي، وإن كان لها بعد استراتيجي، فإنه بعد تفصيلي في استراتيجية دولة عظمى، والأمر في الحالتين بخلاف الرؤية الإيرانية، التي تمثل فيها سوريا حجر زاوية في أيديولوجية واستراتيجية إيران في السيطرة الإقليمية، ولهذا فإن إيران لن تساوم إلا بطريقة الخميني في تجرع السم في موضوع الخروج من سوريا، فلا اتفاق مع الروس في ذلك ولن يكون، ولا خروج تحت ضغط العقوبات الأميركية، التي تتواصل وتتزايد ضد إيران منذ أربعين عاماً، لقد صار خروج إيران من سوريا رهنا بواحد من ثلاثة احتمالات كل واحد منها بمثابة كارثة على حكم الملالي: سقوط النظام في إيران، أو حرب سريعة مع إيران تلحق هزيمة بها، أو انهيار نظام الأسد في دمشق.

كيف نقيم اليوم الموقف الروسي من نظام الأسد؟

موقف روسيا الرسمي ما زال حتى الآن، هو دعم نظام الأسد وبقاء الأسد على رأسه. لكن موسكو فتحت نافذة في هذا الجدار الرسمي، ترسل من خلالها الرسائل للأسد وغيره من الفاعلين في الموضوع السوري وما يتصل به، وهي رسائل تتوالى على شكل تقارير ومقالات وتصريحات تنشر في الإعلام الروسي، تتناول الأوضاع في سوريا وحولها، وشؤون الحكم والفساد والسرقات والصراعات الداخلية، بما يوحي عدم الرضا الروسي أو على الأقل عدم رضا بعض الأوساط الروسية عن النظام ورئيسه وعائلته وحكومته. وهكذا يقرأ كل واحد من الأطراف المعنية كل الرسائل، وكل طرف يأخذ منها ما يريد في عملية المزاودة الروسية على نظام الأسد والأسد ذاته، التي ستبلغ ذروتها في العام 2021، حيث يفترض حصول انتخابات رئاسية، يسعى الأسد فيها لتجديد رئاسته لسبع سنوات بعدها.

ما الثمن الذي يطلبه الروس للتجديد للأسد؟

المهم بالنسبة للروس، يكمن في التنازلات التي سيقدمها نظام الأسد لهم مقابل بقائه ومقابل قبول الروس بالتجديد لبشار الأسد لفترة قادمة، والأمر على ذات القاعدة بالنسبة لإيران لأنها أيضاً حريصة كل الحرص على بقاء النظام واستمرار بشار على رأسه لأن في ذلك سر بقائها في سوريا، وهما الأمران اللذان دفعا أصلا لقبول إيران بالتدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، وسيجري الروس مساومات مع الطرفين للحصول على أقصى تنازلات سياسية واقتصادية –استثمارية، وتنازلات من أجل دور عسكري- أمني أكبر في سوريا.

ماذا بشأن بقية الأطراف الإقليمية والدولية؟

أعتقد أن مساومات الروس، لن تقتصر على النظام والإيرانيين. بل سوف يساومون الأتراك شركاءهم في أستانا، لتعزيز فرص التعاون الروسي – التركي في سوريا وفيه ملفان في غاية الأهمية ملف إدلب وملف شرق الفرات، وتركيا لاعب رئيسي في القضية السورية، كما سيدخل الروس مفاوضات هي أقرب للمساومات مع الولايات المتحدة والأوروبيين، ليس لأنهم يشاركون الوجود في شرق الفرات، بل لأن الولايات المتحدة دولة عظمى، ولأنه لايمكن تمرير المرحلة المقبلة في سوريا دون موافقتها أو على الأقل سكوتها. وعلينا أن لاننسى أن الروس سيتباحثون مع الإسرائيليين في الوضع السوري خاصة أن الأخيرين صعدوا مع الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة في موقفهم من الوجود الإيراني، بل أنهم أرفقوا مطالبهم بخروج إيران مع تصعيد العمليات العسكرية ضد أهداف إيرانية وميليشيات إيران في سوريا.

خلاصة الأمر، إن روسيا بموقفها في الأشهر القادمة، ستلعب دوراً مهماً في رسم المرحلة السورية المقبلة، لكنها لن تكون اللاعب الوحيد

تلفزيون سوريا

————————

رامي مخلوف مهدداً رأس النظام: «أصبح ما بتعرفني»… لن أتنازل عن شركاتي وأحذر من انهيار الاقتصاد السوري/ هبة محمد

دمشق – «القدس العربي» : في إطار الصراع المتفاقم بين بشار الأسد ورامي مخلوف، على الاقتصاد والمال، خرج الأخير بتسجيله المصور الثالث، يهدد فيه بانهيار ما تبقى من الاقتصاد السوري، وقطاعات أخرى، نتيجة انهيار شركته بعد فشل المفاوضات مع «الدولة» ووصولها إلى طريق مسدود، وكشف عن مطالب وصلته بالتنحي عن رئاسة مجلس الإدارة لشركة الاتصالات وتخليه عنها، فيما اضطر الأخير إلى إقالة أخيه من مجلس إدارة الشركة والهروب من التوقيع على ما طلبته «الدولة».

وحمّل مخلوف في تسجيله المصور الذي يحمل عنوان «إن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين» المسؤولية الكاملة لـ»جهات أمنية معينة أوقفت الموظفين، ضمن إجراء غير رسمي أو نظامي» كاشفاً أن النظام وضع جملة من الشروط من بينها دفع المبلغ المطلوب وهو «ليس حقاً وﻻ ضريبة وإنما مبلغ فرضته جهة معينة بلا حق وﻻ مستند قانوني» حسب قوله.

كما كشف عن جملة من الشروط اﻷخرى، التي وافق عليها وخرج من التفاوض مع «الدولة» بصيغة تفاهم معينة، مشيراً إلى أنه هو المستهدف من هذا الصراع، من خلال المطالبة بعزله عن رئاسة مجلس إدارة الشركة وقال «لن أتنازل» وعزا السبب إلى «أنه خذلان للشركة والبلاد، وأنا بالحرب ما تخليت عن بلدي وﻻ عن رئيسي» وهدد بالقول «أصبح ما بتعرفني». وكان اللافت في تسجيله الأخير، ارتفاع نبرته، حيث هدد بانهيار الاقتصاد السوري، وغير ذلك حيث قال «إذا وصل التمادي عليّ تنهار الشركة وينهار اﻻقتصاد وما بعرف شو بينهار أيضاً» معتبراً أن ما يجري هو لخدمة جهات محددة وهي تتصرف بصورة غير رسمية، مستخدماً كلمة «ترهيب» في سياسة الدولة وتعاملها معه، حيث قال إن «شركاتي تتعرض لعملية ترهيب من الجهات». وأشار مخلوف إلى أنه عرض التسوية، ولكن الجهات التي لم يسمها طلبت منه دفع كامل المبلغ، كما طلب منه احتكار العمليات التشغيلية لشركة «سيريتل» مع شركة محددة، والاستقالة من مجلس إدارة شركة راماك التي تدير عمليات عدة، كما قال مخلوف إنه تعرض لتهديد بسحب رخصة شركتي الاتصالات التابعة له في حال لم يدفع ما يقارب 120% من أرباحه قبل يوم الأحد (أمس). مخلوف قال أيضاً إن الاقتصاد السوري انهار تماماً مع تضاعف أسعار المواد بأكثر من 30 ضعفاً، ووجه نداء لإيقاف هذه المجموعات التي لم يسمها بالكف عما تقوم به. ورغبة منه في ردم الخلاف وتجسير بعضاً من الهوة مع بشار الأسد، دعا مخلوف في نهاية حديثه إلى نبذ الخلاف وعودة التحالف، وقال «ندعو لمراجعة حساباتنا ونحط إيدينا بإيدين بعض».

وكما جرت العادة بعد كل تسجيل مصور لرامي مخلوف، ينهال السوريون بسيل من التحليلات والانتقادات، حيث لم يتوقع يوسف قدورة «من العصابة الحاكمة ان تدع رامي يخرج من قبضتهم قبل أن يوقع صاغراً على كل ما يريدونه منه». وأضاف أن مخلوف أشار قبل نهاية الفيديو بثلاث دقائق إلى أن منتصف عام 2019 كان نقطة تحول بالاقتصاد السوري، وأشار إلى أنه بهذا التاريخ حصل متغير ولم يصرح به، إلا أن هذا المتغير أدى إلى تدهور الاقتصاد السوري خلال أقل من عام أضعافاً مضاعفة عن سنوات الحرب السابقة كلها.

كما فند الباحث السوري عباس شريفة الإصدار الثالث الذي سرد رامي مخلوف طلبات النظام منه، وكتب 1- دفع المبلغ المحدد «كضرائب مستحقة» وهو ما اعتبره رامي مبلغاً مفروضاً من جهة ما، واعتبر رامي أن دفعه للمبلغ هو عبارة عن مساعدة للدولة.

2- حصر عقود شركة سيرتيل بالمشتريات مع شركة تسويق محددة بعقود يحددها النظام تقوم الشركة بشراء كل احتياجات سريتيل.

3- استبعاد رئيس مجلس الإدارة رامي مخلوف خارج الشركة وتخليه عن الشركة.

4- توقيع نائب رئيس مجلس الإدارة «شقيق رامي مخلوف» لتوقيع عقود مع أناس خاصين مع من سماهم رامي مخلوف أثرياء الحرب.

5- التنازل عن أرباح سيرتيل للدولة زيادة على الضرائب ، ما يعادل 120 % من الأرباح ، يعني دفع 20% من «أموال رامي الخاصة».

وقال آخر إن «فيديوهات رامي لها هدف بعيد، ومدروسة بشكل أن تظهر للعامة بالتدريج وبالتسلسل بدون عجلة، للضغط على خصومه في العصابة الحاكمة من جهة، ولزيادة التأثير على الطائفة العلوية والعامة من جهة أخرى». فيما توقع د. خالد عبد الكريم اطرش، ان يكون التسجيل الأخير لرامي هو بمثابة الحرب على كل من يريد سحب المال منه، وقال إن المعطيات تشير إلى وجود «عدة جهات تريد قسمة الكعكة المخلوفية، وسيكون أكثر شراسة، وسيبلع كل الأموال التي كان يبيضها باسمه لعائلة الأسد، وسيكون هناك كشف لجهات دولية عن مصادر أموال الأسد، وهو لا يخاطب بشار ولا الدولة، إنما يلمح بأنه ند وخصم إذا أراد».

المعارض السوري خالد تركاوي، عقب على التسجيل المصور لرامي مخلوف، وكتب «عندما يهدد المسيطر على ثلثي «الاقتصاد السوري» بانهيار ما تبقى من الاقتصاد فهذا أمر يجب أخذه على محمل الجد» مشيراً إلى أبرز المسائل التي يمكن أن تصل كنتائج تعكس الواقع خلال الأشهر المقبلة «1- عجز حكومة الأسد للمرة الأولى عن تسديد الرواتب والأجوار، 2- دولار أمريكي لكل 2000 ليرة سورية، 3- خروج مزيد ممن تبقى من التجار و الصناعيين من سوريا، 4- زيادة التدقيق على صغار التجار والصناعيين والعاملين في سوريا من قبل الأسد وعصابته لتحصيل مبالغ إضافية لتمويل حربهم».

وكتب ماهر مسعود ملاحظتين على الفيديو الجديد لمخلوف «أولاً عليان صوته للأخ، فبعد الأسلوب الثغائي الديني والمتمسكن في الفيديوهات السابقة يبدو هذا الفيديو أكثر عملية بشكل من الاشكال.

ثانياً، يخبرنا بشكل واضح أن مفاوضاته مع «الدولة» قد فشلت، ووصلت إلى طريق مسدود، وأن أسماء تريد كل شيء عبر الشركة التي أشار إليها، وعبر أقاربها الذين وصفهم بتجّار الحرب». فراس طلاس من جهته قال إن «كل المؤشرات الداخلية والخارجية، تدل على حدث كبير قادم في دمشق».

القدس العربي»

——————————–

سوريا.. انشقاق كبار مدراء سيريتل عن رامي مخلوف/ كامل صقر

دمشق – “القدس العربي”: هددت الهيئة الناظمة للاتصالات في سوريا شركة سيريتل التي يرأس رامي مخلوف مجلس إدارتها باتخاذ الإجراءات القانونية بحقّها بعد انقضاء المهلة الممنوحة لها لتسديد المبلغ المطلوب منها والبالغ حوالي 130 مليار ليرة وقالت الهيئة إنها تحمل شركة سيريتل كل التبعات القانونية والتشغيلية نتيجة قرارها الرافض لإعادة حقوق الدولة المستحقة عليها. وقالت الهيئة في بيان لها إنه وبعد رفض شركة سيريتل دفع المبالغ القانونية المستحقة عليها فإنها ستقوم باتخاذ التدابير القانونية لتحصيل هذه الحقوق واسترداد الأموال بالطرق القانونية المشروعة المتاحة.

وإثر هذا التهديد نشر رامي مخلوف على حسابه الرسمي على “فيسبوك” صورة لخطاب يُظهر أن الشركة أبلغت هيئة الاتصالات بتاريخ 10 مايو الحالي استعدادها لتسديد المبلغ المطلوب ولكن بشرط جدولته وتقسيمه على دفعات.

وقال مخلوف إنه من المستهجن أن تقوم الهيئة الناظمة للاتصالات بنشر عكس ما ورد بمضمون ذلك الخطاب المذكور أعلاه.

وفي سياق متصل أعلن 4 من كبار مدراء سيريتل وهم المدير الحالي ومدير المعلومات ومدير المشتريات والمدير التقني، إضافة للمدير التنفيذي للشركة ماجدة صقر، أعلنوا استعدادهم لإعلان استقالتهم من الشركة إذا طلبت منهم سلطات النظام السوري ذلك.وأصدر هؤلاء المدراء بياناً مشتركاً قالوا فيه إنهم طلبوا من رئيس مجلس الإدارة رامي مخلوف توقيع الاتفاق مع هيئة الاتصالات لإعادة التوازن للترخيص الممنوح لسيريتل وأنهم لم يحصلوا على الموافقة من رامي مخلوف.

وقال المدراء في بيان لهم أنهم يمتثلون لكل قرارات سلطات النظام السوري ويوافقون على اية إجراءات تراها الحكومة مناسبة بخصوص الترخيص الممنوح لشركة سيريتل.

اللافت أن المدراء أشاروا في بيانهم إلى استعدادهم لتسيير أمور شركة سيريتل بأية صيغة تراها السلطات مناسبة

———————–

مخلوف يكذّب النظام.. والروس يشاركون بتوقيف موظفيه

رد رجل الأعمال السوري رامي مخلوف على “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” التابعة للنظام السوري التي اتهمته برفض شركة “سيريتل” دفع المبالغ المفروضة عليها، قائلاً إن هذه الاتهامات غير صحيحة “كون شركة سيريتل قد توجهت للهيئة الناظمة للإتصالات والبريد بكتاب بتاريخ 10 أيار/مايو أبدت فيه استعدادها لتسديد المبالغ المفروضة عليها، وطالبت فيه تحديد مبلغ الدفعة الأولى ومبالغ الأقساط الأخرى والفوائد المترتبة عليها”.

وقال في منشور على صفحته على “فايسبوك”: “من المستهجن أن تقوم الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بنشر عكس ما ورد بمضمون الكتاب”. وأرفق منشوره بصورة للكتاب الذي “تم تسجيله في ديوان الهيئة تحت الرقم 4777/ح.ن.ق بتاريخ 10/05/2020”.

    جواباً على ما نشرته الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حول رفض شركة…

    Posted by ‎رامي مخلوف‎ on Sunday, May 17, 2020

بدورها، ردت الهيئة على مخلوف الاثنين، قائلةً إن “الهيئة كجهة عامة أولاً ليست في موقع من يحتاج للتأكيد على مصداقية ثبوتياته وبياناته التي منحها القانون الصفة الرسمية والقوة الثبوتية.. كما أنها تؤكد أن ما ساقه رئيس مجلس إدارة شركة سيريتل إنما يأتي ضمن حملة الخداع والمواربة بهدف التهرب من سداد حقوق الخزينة العامة”.

وثيقة بموافقة مدراء سيريتل على الدفع

وأضافت “ليس أدل على ذلك الا من خلال احجامه وامتناعه عن منح الفريق التنفيذي لشركة سيريتل التفويض الأصولي لتوقيع الاتفاق المتضمن سداد المبالغ المترتبة للخزينة”.

ونشرت الهيئة وثيقة قالت إنها “صادرة عن الادارة التنفيذية للشركة تبين وتثبت رفض رئيس مجلس الادارة منحهم التفويض الاصولي اللازم”.

وكانت وزارة الاتصالات التابعة للنظام السوري هددت الأحد، شركة “سيريتل “بأنها ستتخذ الإجراءات القانونية لتحصيل الأموال العامة لخزينة الدولة.

وقالت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” في وزارة الاتصالات على صفحتها على “فايسبوك”، أن شركة مخلوف رفضت دفع المبالغ القانونية المستحقة عليها والمتعلقة بإعادة التوازن للترخيص الممنوح لها، على الرغم من إعطائه مهلة أسبوعين لتنفيذ ذلك.

وحمّلت الوزارة شركة “سيريتل” كل التبعات القانونية والتشغيلية نتيجة قرارها الرافض لإعادة حقوق “الدولة” المستحقة عليه، وأكدت أنها ستقوم باتخاذ كافة التدابير القانونية لتحصيل هذه الحقوق واسترداد الأموال بالطرق القانونية المشروعة المتاحة.

يذكر أن النظام السوري طالب شركتي الهاتف النقال في البلاد (سيريتل وأم تي أن)، أواخر الشهر الماضي، بدفع مبالغ تعادل 233.8 مليار ليرة “لإعادة التوازن للترخيص الممنوح لهما”.

وفي حين أعلنت “أم تي أن” التزامها بالدفع، رفضت شركة مخلوف هذا الأمر وخرج على إثر ذلك 3 مرات متهماً حكومة الأسد بالتعدي على أملاكه، حسب زعمه.

في غضون ذلك أشار “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إلى أن الحملة الأمنية ضد منشآت ومؤسسات رامي مخلوف تتواصل، لافتاً إلى أن “أجهزة النظام الأمنية عمدت إلى تنفيذ مداهمات جديدة برفقة الشرطة الروسية خلال الساعات والأيام القليلة الفائتة، اعتقلت على إثرها 19 من موظفي “جمعية البستان”، وتوزعت الاعتقالات الجديدة على النحو التالي: 8 في اللاذقية، 7 في دمشق و4 في حمص، كما تمت جميعها بذات التهمة وهي الفساد”.

وأوضح المرصد أن عدد العاملين كمدراء وموظفين وتقنيين ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها مخلوف الذين أقفوا ارتفع إلى نحو 60 شخصاً، منذ بداية الحملة الأمنية في أواخر شهر نيسان/أبريل الفائت، في كل من دمشق وحلب وحمص واللاذقية وطرطوس، وهم 40 من شركة سيريتل و19 من جمعية البستان.

———————

رامي مخلوف وحيداً.. الدولة العميقة بمواجهته

الردّ الذي تلا الفيديو الثالث لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف، من قبل وزارة الاتصال السورية، يظهر ان الضغط الذي يمارسه مخلوف عبر مواقع التواصل، لا يمكن ان يجدي نفعاً.

وأعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد أنه بناء على القانون وعلى التزامها  بواجبها بتحصيل الأموال العامة لخزينة الدولة بكافة الطرق القانونية المشروعة، حمّلت شركة سيريتل كل التبعات القانونية والتشغيلية نتيجة قرارها الرافض لإعادة حقوق الدولة المستحقة عليها. وأكدت انها ستقوم باتخاذ كافة التدابير القانونية لتحصيل هذه الحقوق واسترداد الأموال بالطرق القانونية المشروعة المتاحة.

    وزارة الاتصالات والتقانة #الهيئة_الناظمة_للاتصالات_والبريد

    بعد مرور أسبوعين تقريبا على انتهاء المهلة المحددة لها ورغم المرونة التي أبداها الجانب الحكومي وبعد رفض شركة سيريتل دفع المبالغ القانونية المستحقة عليها والمتعلقة بإعادة التوازن للترخيص الممنوح لها ,

    — محبي سيادة اللواء ماهر الأسد (@MaherGeneral) May 17, 2020

والحال ان مخلوف، وجد نفسه وحيداً. لا حاضنة من داخل النظام، ولا دعم من المستفيدين من تقديماته. فهو ورقة معدّة للتضحية في داخل السيستم، بتوجه دولي، روسي بشكل خاص، لحماية السيستم من السقوط. وعليه، فإنه بمواجهة الدولة العميقة. تلك التي نبذته، كرجل أعمال متمكّن، حاز على ما لم يحز أي طرف آخر عليه.

وعلى الضفة الشعبية، لا يعتد الناس به كشخص، بالنظر الى ان تقديماته عبر جمعية البستان وغيرها، هي تقديمات الدولة، وليس بمبادرة منه كشخص. وعليه، فإن الورقة التي يحاول لعبها باستقطاب الناس من حوله، هي ورقة محروقة.

على ضفة المعارضة أيضاً، لن يعني تمرده على النظام، اصطفافاً الى جانب الشعب السوري المشتت في المنافي. قتاله مع النظام، هو قتال للحفاظ على الامتيازات التي حاز عليها منذ بدايات شراكته مع عائلة الاسد.

ويُستدل الى ذلك من التغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي التي سخرت، ولم تتأثر بالضغط البصري الذي حاول فرضه عبر ثلاث فيديوهات نشرها حتى الآن.

    رامي مخلوف يروح يبلط البحر

    لتكون مفتكر من عرق جبينك جمعت هالمصاري ؟

    هههه ردن يللا https://t.co/Kus59ba9Ey

    — BrO… (@nzopro) May 17, 2020

    رامي مخلوف: أرفض طلب الحكومة التنحي عن رئاسة سيريتل.

    رامي مخلوف: لبشار الأسد بتتنحى بتنحى

    😁😂😂

    — محمد فتح الله (@FthalaMohamad) May 17, 2020

    لغز الحطب خلف رامي المخلوف :

    كان علي الأسد،والد حافظ ،أجيرا عند آل المخلوف يجلب لهم الحطب شتاء للتدفئة حيث لم يكن هناك يومئذ مازوت او كهرباء

    يريد رامي ان يذكر ابن عمته بشار ان بيت الاسد كانوا خدم عند آل المخلوف الاسرة المرموقة بين عوائل النصيريين.

    منقول#رامي_مخلوف

    — Mosab (@MosabAga) May 17, 2020

———————-

رامي مخلوف “يستهجن ويكذّب” ادعاءات النظام السوري بشأن شركته/ جلال بكور

استهجن رجل الأعمال السوري وقريب رأس النظام رامي مخلوف، ما أوردته وزارة الاتصالات في حكومة النظام السوري عن رفض شركة الاتصالات الخلوية “سيريتل” دفع المبالغ المفروضة عليها، وذلك بعد أن نشرت “الهيئة الناظمة” التابعة للوزارة، بياناً عبر “فيسبوك” حمّلت فيه الشركة التبعات القانونية والتشغيلية المترتبة على قرارها الرافض.

وقال مخلوف، في منشور عبر موقع “فيسبوك” صباح اليوم الإثنين: “جواباً على ما نشرته الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حول رفض شركة “سيريتل موبايل تيليكوم” دفع المبالغ المفروضة عليها، فإننا نبين عدم صحة ما جاء بهذا المنشور كون شركة “سيريتل” قد توجهت للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بالكتاب المرفقة صورته ربطاً، الذي تم تسجيله في ديوان الهيئة تحت الرقم 4777/ح.ن.ق بتاريخ 10/05/2020، والذي بيّنت شركة “سيريتل” بموجبه استعدادها لتسديد المبالغ المفروضة عليها، ومطالبة الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بموجبه بتحديد مبلغ الدفعة الأولى ومبالغ الأقساط الأخرى والفوائد المترتبة عليها، فمن المستهجن أن تقوم الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بنشر عكس ما ورد بمضمون ذلك الكتاب المذكور أعلاه”.

ويأتي منشور مخلوف بعدما أعلنت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” التابعة لوزارة الاتصالات والتقانة في النظام السوري، انتهاء المهلة المحددة التي منحتها لشركة اتصالات “سيريتل” التي يرأسها ابن خال بشار الأسد، من أجل تسديد “المبالغ القانونية المستحقة”.

وجاء إعلان هيئة الاتصالات بعد ساعات من ثالث ظهور لمخلوف، كشف فيه عن الضغط المتزايد عليه من أجل الاستيلاء على الشركة والاستمرار بحملة اعتقال الموظفين. وأشار مخلوف في تسجيله الأخير إلى أنه وافق على دفع المبلغ المطلوب، لكن سقف المطالب ارتفع، فطلب منه التعاقد حصرياً مع شركة تقدّم لـ”سيريتل” المستلزمات كافة، وهدّد بالسجن إن لم يقبل بهذا الشرط، وطلب من شركته التوقيع على العقد بعد نصف ساعة، ما اضطر أخاه، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، إلى الاستقالة بعد رفضه التوقيع.

وبحسب زعمه كذلك، فقد “اشترطوا وجودي خارج الشركة فرفضت”، وطالبوا بزيادة نسبة المبالغ التي يتقاضونها إلى 120 بالمئة من الأرباح، “أي إننا سندفع 20 بالمئة من رأس المال” إضافة إلى كامل الأرباح، وإلا فستُوقَف الشركة وتُسحَب تراخيصها، كما قال.

واتهمت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، في 27 إبريل/نيسان الماضي، شركتي اتصالات “سيريتل” و”MTN” بعدم دفع الضرائب للحكومة، والتي تبلغ 233.8 مليار ليرة. ومنحت الشركتين مهلة أسبوعين من أجل سداد المبالغ المستحقة لخزينة الدولة، بينما كان مخلوف يواصل مناشدة بشار الأسد من أجل التوصل لحل يرضي الطرفين.

ويشار إلى أن رامي مخلوف جزء من النظام السوري وآلته القمعية، وكان قد اعترف في فيديو سابق له بدعم فروع الأمن التابعة للنظام السوري، وهي الفروع التي قتل بداخلها آلاف السوريين تحت التعذيب، كما يدعم العديد من المليشيات المقاتلة إلى جانب النظام.

————————

خداع ومواربة.. “الاتصالات” تردّ على رامي مخلوف مجددا

اعتبر بيان لـ”الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” أن تصريح رجل الأعمال وابن خال رأس النظام السوري “رامي مخلوف” ضمن حملة خداع ومواربة للتهرب من سداد حقوق الخزينة العامة.

وكان “مخلوف” قد ذكر في منشور على صفحته صباح اليوم الإثنين، أنّ ما نشرته الهيئة الناظمة بشأن رفض شركة سيريتل موبايل تيليكوم دفع المبالغ المفروضة عليها غير صحيح.

وقالت الهيئة في صفحتها على “فيسبوك”، اليوم الإثنين إنّ الهيئة كجهة عامة أولاً ليست في موقع من يحتاج للتأكيد على مصداقية ثبوتياته وبياناته التي منحها القانون الصفة الرسمية والقوة الثبوتية.

وأكدت عبر وثيقة نشرتها إلى جانب ردها، أنّ رئيس مجلس الإدارة “رامي مخلوف” هو من رفض منح الإدارة التنفيذية التفويض الأصولي اللازم لسداد المبالغ المترتبة عليه للخزينة العامة.

——————–

سقوط مدوٍ لليرة السورية في ظل صراعات “أمراء الحرب”/ عدنان عبد الرزاق

سجلت الليرة السورية، اليوم الاثنين، سقوطاً مدوياً في السوق الموازية، بعد أن بلغت مستويات متدنية لم تشهدها في تاريخها عند 1805 ليرة مقابل الدولار الواحد، الأمر الذي انعكس على الأسواق وأسفر عن ارتفاع جديد للأسعار في البلد الذي تمزقه الحرب والصراعات السياسية والمالية بين من يوصفون بأمراء الحرب.

ويأتي التراجع مدفوعا بتصاعد الخلافات داخل بنية النظام السوري، عززها انشقاق رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، حيث بث رجل الأعمال مقطعاً مصوراً، أمس الأحد، قال فيه إن المسؤولين طلبوا منه التنحي عن رئاسة شركة سيريتل لخدمات الهاتف المحمول، في أحدث منعطف في نزاع على الأصول والضرائب.

وقال مخلوف، إنه سيقاوم الضغط ويرفض التنحي عن رئاسة الشركة، مضيفا أن انهيار سيريتل، سيوجه ضربة “كارثية” للاقتصاد. والشركة واحدة من مصادر الإيرادات الرئيسية للنظام السوري.

ويمتلك مخلوف إمبراطورية أعمال ضخمة تشمل الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط. وكان يُعتبر في يوم من الأيام وعلى نطاق واسع جزءاً من الدائرة المقربة للأسد وقالت وزارة الخزانة الأميركية إنه واجهة لثروة عائلة الأسد. ويقول مسؤولون غربيون إنه لعب دوراً كبيراً في تمويل الحرب، وهو يخضع لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ووفق أسعار الصرف الأخيرة تكون العملة السورية فقدت نحو 97% من قيمتها منذ مطلع العام الجاري 2020، وفق رصد لـ”العربي الجديد”، إذ أنهت الليرة تعاملات 2019 في السوق الموازية عند 915 مقابل الدولار.

وبهذه المستويات، تكون العملة السورية قد خسرت أكثر من 29 ضعفاً من قيمتها أمام النقد الأجنبي، منذ قيام الثورة عام 2011، حيث كان سعر الدولار بمتوسط 50 ليرة.

وقال أستاذ النقد والمصارف في جامعة ماردين التركية، مسلم طالاس، إن تدهور الإحساس بالأمان لدى رجال الأعمال، خصوصا بعد انتشار مشكلات مخلوف، ربما عزز من تهريب الأموال للخارج ما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار.

ولا يستبعد طالاس في تصريح لـ”العربي الجديد” أن يكون لقانون قيصر الأميركي الذي يدخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران المقبل في إطار العقوبات ضد النظام السوري، دور في تراجع سعر الليرة، لأنه إن طبق سيطبق الخناق على الاقتصاد السوري، وقد يحول البنك المركزي إلى متهم بغسل الاموال.

وأضاف إنه قد يترتب على هذه الخطوة، تجريم كل المؤسسات المصرفية والمالية السورية المجبرة على التعامل مع البنك المركزي، وعلى ذلك لن يتجرأ أحد على الدخول في أي علاقة مالية أو نقدية مع المؤسسات المالية السورية ما يزيد من عدم الثقة في الليرة والرغبة في التخلص منها ومن ثم زيادة عرضها في السوق وهذا ما يدفع قيمتها للتدهور.

في السياق، رأى المحلل السوري إبراهيم الجبين، أن الليرة السورية لن تعود إلى سابق عهدها، وهي ماضية في الانهيار إلى ما هو أبعد من انهيار الليرة اللبنانية سنوات الحرب الأهلية، لكن الفارق أن الاقتصاد اللبناني وقتها كان اقتصاد سوق مفتوحة رغم كل شوائبه، أما اقتصاد نظام الأسد فما يزال مهيمناً من قبيل “المحتكر الأكبر لكل صغيرة وكبيرة في البلاد”.

وأضاف الجبين أن الانهيار المتعاظم في قيمة الليرة سيؤدي إلى المزيد من الانهيارات فيما تبقى من بنية النظام، مشيرا إلى أن رامي مخلوف كان الأول ولن يكون الأخير من بين شبكة رجال الأعمال المتضررين في العمق.

وبجانب الصراع على الأصول داخل النظام السوري، ثمة عوامل أخرى وراء انهيار الليرة، وفق تحليل نشرته وكالة الأناضول، اليوم ، منها جائحة كورونا وعاصفة النفط واستمرار واشنطن في سياسة الضغط القصوى على إيران، الداعم الرئيس لبشار الأسد، ما أربك طهران ودفعها إلى الانكفاء والانشغال بهمومها الداخلية، واضطرها لتحجيم أذرعها الخارجية وخصوصا في سورية والعراق ولبنان.

ضعف إيران الداعم شبه الحصري لنظام بشار الأسد، عمق من جروح الأخير، وزاد من تفاقم أزمته المالية الاقتصادية التي يعاني منها منذ سنوات، وتسبب في انهيار الليرة السورية أمام الدولار.

كما تضررت الليرة من خلو البنك المركزي السوري من النقد الأجنبي والذهب، حيث يعتبر وجود احتياطي العملات الأجنبية والذهب الركائز الأساسية التي تستند إليها العملات الوطنية.

وقد أصبح البنك المركزي فارغاً من احتياطي النقد الأجنبي، بسبب توقف إيرادات ترانزيت النقل البري والبحري والجوي، وتوقف حركة التصدير، المساهم الأكبر في إيرادات العملات الأجنبية، وفق “الأناضول”.

كما هناك توقف شبه كامل لعجلة الإنتاج، فأصبح النظام يستورد السلع الضرورية من الخارج، حيث تتم عمليات الشراء بالنقد الأجنبي وخصوصا الدولار، مما أدى إلى زيادة الطلب عليه، ونقصه في السوق، وبالتالي ارتفاع سعره على حساب الليرة المحلية، بينما تسبب النظام في تدمير المصانع وخطوط الإنتاج، وتدمير البنية التحتية التي تعتبر أهم دعائم الاقتصاد.

وفي ظل تداعيات كورونا تراجعت التحويلات المالية من الخارج، والتي كانت تستهدف إغاثة أهالي المغتربين الذين تحولوا إلى نازحين داخل سورية ولاجئين في بلاد الشتات، الأمر الذي يفاقم الفقر بين السوريين.

وفي محاولة لضبط حالة الفلتان التي تشهدها الأسواق السورية، وسط سخط شعبي عارم من ارتفاع الأسعار وعدم تطابقها مع نشرة الأسعار الخاصة بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أصدر رأس النظام بشار الأسد مرسومين رئاسيين، الأول تم بموجبه، إعفاء وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عاطف النداف، من منصبه، وتعيين محافظ حمص، طلال البرازي، بديلاً عنه.

أما المرسوم الثاني، فينص على إعفاء المواد الأولية المستوردة، والخاضعة لرسم جمركي 1%، من كافة الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على الاستيراد، لمدة عام واحد، اعتباراً من الأول من يونيو/حزيران المقبل.

وبحسب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، سامر الدبس، في حديث لصحيفة “الوطن” الموالية، أمس الأحد، فإن المرسوم الصادر من شأنه تخفيض أسعار المنتجات المحلية في الأسواق السورية، على اعتبار أنه يوفر على الصناعي السوري نحو 10% من قيمة فاتورة مستورداته من المواد الأولية، التي كانت تُدفع كرسوم وإضافات غير جمركية.

لكن المعاناة التي يعيشها الاقتصاد السوري، من تدهور الليرة السورية والعقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على النظام، إضافة إلى جائحة كورونا وما تلاها من إجراءات، تجعل من شبه المستحيل ضبط الأسواق ومراقبة الأسعار، وجعلها متناسبة مع دخل الأفراد، وبالتالي فإن إجراءات النظام التي جاءت في الوقت الضائع، لن تشكل سوى ضماد مؤقت لجرح غائر.

العربي الجديد

————————-

====================

=====================

تحديث 19 أيار 2020

————————–

أسماء الأسد ليست جوليا دومنا/ عمر قدور

أنعش رامي مخلوف، من خلال ظهوره بثلاثة فيديوهات ونشره نصاً مبهماً على صفحته، صورةَ أسماء الأسد. كثر يرون المعركة بينه وبينها، هي التي تريد الإجهاز على موقعه المالي والاقتصادي لصالح أقربائها الصاعدين كأثرياء سلطة جدد، أو كأثرياء حرب وفق تعبير رامي في إطلالته قبل يومين. لا يندر بين هؤلاء من يشير إلى طابع طائفي للمعركة، فأسماء “السنّيّة” في مواجهة رامي “العلوَيّ”، من دون تبرئة الطرفين من استغلاله أيضاً، إذ يعوّل رامي على اجتذاب بعض المتعاطفين الطائفيين، بينما تستفيد سلطة بشار بدرء اتهامات الطائفية عنها.

قبل يوم من فيديو رامي الأخير، نشر موقع “رئاسة الجمهورية العربية السورية” تسجيلاً لأسماء الأسد، تتحدث فيه ضمن ورشة “جريح الوطن” المتعلقة ببرنامج مساعدة جرحى قوات الأسد والقوات الرديفة “أي الشبيحة بالتعبير الرسمي”. ركّزت أسماء في حديثها على وجود البرنامج منذ ست سنوات، أي في الفترة التي أشار إليها رامي من قبل كزمن نشطت فيه مؤسسته لمساعدة الجرحى والمعاقين من قوات الأسد وشبيحته. ليصادف قبل يومين صدور مرسوم يخصص ما لا يقل عن 2% من مقاعد الجامعات والمعاهد السورية كمنح لذوي المصابين، بما في ذلك أجور النقل والسكن الجامعي. أي أن أسماء، وفق الافتراضات الشائعة، تواجه مخلوف في المجال الذي نال فيه شعبية لدى بعض الموالين ويستغله في حملته الحالية، بل تجرده من مزاعمه “الخيرية”.

في الصراع المفترض بين أسماء ورامي نحن أمام عناصر درامية مشوّقة، مواجهة بين امرأة ورجل، الاختلاف المذهبي بينهما الذي قد يفيد في حشد مناصرين من هنا وهناك، وفوق ذلك ما لصورة سيدة القصر المسيطرة من جاذبية تاريخياً. قد يلزم القول أن أسماء الأخرس ليست جوليا دومنا، الحمصية التي تزوجت قائداً عسكرياً رومانياً وشاركته صعوده إلى العرش، ثم شاركته حكمه وكانت لها سطوة أثناء حكم ولديها من بعده. الألقاب التي أُسبغت على جوليا دومنا، مثل “أم الوطن” و”أم الجيوش”، لم تكن الأهم بموجب المؤرخين الذين توقفوا عند دورها كمستشارة سياسية، وكمشرفة وحاضرة في المجلس العلمي والأدبي الذي أنشأته. المنبت الحمصي المشترك بين أسماء “سيدة الياسمين بحسب لقب جديد!” وجوليا دومنا، فضلاً عن بروز الأولى مؤخراً، يجب ألا يغرينا بالظن أن أسماء تحكم إلى جانب زوجها، وستحكم مستقبلاً إلى جانب ابنها.

يُسجّل المؤرخون لجوليا دومنا أنها غزت روما بأقاربها وبعضٍ من أهل مدينتها، في حقبة لاحقة سيعتلي ابن أختها عرش الإمبراطورية، واليوم تُشاع صورة أسماء التي أتت بعائلتها وأقاربها لتُمسك بهم مفاصل الاقتصاد والمال، مرة أخرى مع عدم إغفال الاختلاف المذهبي بين منبتهم ومنبت أثرياء السلطة السابقين وعلى رأسهم رامي مخلوف. لكن أقصى ما يُقال اليوم عن صعود أقرباء أسماء لا يدنو من البنية العسكرية والمخابراتية، البنية الأهم لسلطة الأسد، أما الجانب الطائفي المزعوم لعملية الاستبدال فيقضي الاقتناع بسنّيّة أسماء الأخرس وعلوية رامي مخلوف، مع علمنا بأن تجار المخدرات الكبار لا يتعاطونها، وأقصى ما يذهب إليه ترويج هذا الجانب هي استعادة صورة قديمة تستهوي البعض عن سلطة الأسد المخابراتية العسكرية التي تتحالف مع رجال الدين والبرجوازيين السنة.

أنذر رامي وهدد قبل يومين بانهيار الاقتصاد السوري، فيما إذا استمرت الضغوط عليه، وبدا مرتاحاً غير منفعل وكأنه واثق جداً من مكامن قوته. أحد أسباب ثقته بنفسه استعداده المضمر للتضحية بشركة الاتصالات التي هي رأس جبل الخلافات، والاعتقاد السائد عموماً هو أنه يبتز ابن عمته بباقي الأعمال والأموال الخاصة بشراكتهما في الخارج. وإذا صحّ الربط الذي أشار إليه بين ارتفاع الأسعار “أي تدهور الليرة” والضغوط التي بدأت تُمارس عليه منذ منتصف العام الفائت فهذا يمنحه أرجحية على الأثرياء الجدد من أقرباء أسماء، وحتى على الهيئات المالية والاقتصادية لسلطة بشار التي لا تستطيع منع الانهيار الحاصل.

نحن لا نعلم في المقابل مصدر القوة المفترضة لأسماء و”عشيرتها”، باستثناء ما ينبغي لنا تخمينه حول تأثيرها على زوجها. وفق هذا التصور الميلودرامي، يكون واقعاً تحت سطوة ثلاثية، سطوة موسكو وطهران من الخارج وسطوة أسماء داخل قصره. ولكي يستقيم هذا التصور، يتوجب تحييد منافسين لأسماء من الحلقة الضيقة جداً أهمهم ماهر الأسد، الأمر الذي لا يليق بصورته أمام الموالين الذين يرونه أشد بأساً من أخيه، ومن المستبعد أن تقدر عليه أسماء وحدها مهما عزي إليها من مهارات. من المفهوم تصويب رامي على أسماء، واستغلال الجانب الطائفي، علاوة على تحييد ابن عمته وتصغيره المضمر بهذا التحييد؛ ما هو غير مفهوم هو انصياع الطرف الآخر للعبة والدفع بأسماء أيضاً إلى مواجهته.

لعلنا نفسد جانباً من “متعة وتشويق” هذا المسلسل بقراءة الأحجام الحقيقية لأبطاله المفترضين، بدءاً من عدم قدرتهم على التحرك من دون دفعٍ أو سماحٍ خارجيين. في الواقع يصعب الاقتناع بخوض أسماء ورامي صراعهما وكأن سوريا مباحة لهما، أو أن الاقتصاد السوري “بكل تهافته” خارج نهائياً عن اهتمامات الوصيين الروسي والإيراني. وإذا كان الصراع غير منفصل عن إعادة هيكلة السلطة تمهيداً لاستحقاقات سياسية قادمة، من المستحيل تصور حدوثه بعيداً عن الوصيين، سواء في ظل تفاهمهما أو تنافسهما.

حتى الآن لدينا طرفان قادران على إيقاع الأذى كل منهما بالآخر، الليرة السورية وشركة الاتصالات أول اختبار للتهديدات المتبادلة، واستمرار المعركة مع استعداد كل منهما للخسارة يؤشر إلى دفع خارجي مباشر أو غير مباشر. وقد لا يكون الدفع الخارجي تعبيراً عن مصالح متناقضة لموسكو وطهران، فلا يُستبعد أن تكون الجهة ذاتها هي من يدفع الطرفين إلى المواجهة، وإلى إيقاع الخسارة بهما معاً. في انتظار حلقات أخرى من المسلسل، طرفا المواجهة تصرفا بطريقة منضبطة مُستبعدة عن طبيعتهما المعروفة، وهو ما يضيف تشويقاً لا إلى ترقب الخاتمة فقط، وإنما أيضاً إلى معرفة كاتب النص ومخرجه.

المدن

——————–

في سوريا… مشكلة ثروة ضخمة وتحكّم بطائفة/ خيرالله خيرالله

أمن أطرف ما تشهده الأزمة داخل العائلة الحاكمة في سوريا، بفرعي الأسد ومخلوف، الكلام عن القانون. هناك لجوء مفاجئ إلى القانون وكأن في سوريا شيئا اسمه دولة القانون وذلك منذ وصول حزب البعث إلى السلطة في العام 1963، وحتّى قبل ذلك عندما كان عبدالحميد السرّاج يحكم سوريا إبّان الوحدة مع مصر بين شباط – فبراير 1958 وأيلول – سبتمبر 1961. ظهرت بعد انتهاء الوحدة بارقة أمل بإمكانية عودة سوريا دولة طبيعية ذات دستور عصري معقول يحكمها أشخاص طبيعيون، رجال مدنيون يعرفون الحدّ الأدنى من التعامل الأخلاقي بين الناس بعيدا عن العُقد التي تتحكّم بالأقلّيات، بمختلف أنواعها، في المنطقة.

في السنة 2020، مع تصاعد الحملة التي تشنّها عائلة الأسد من أجل وضع اليد على شركة “سيريتل” للاتصالات، التي يملك معظمها آل مخلوف، بدأ رامي مخلوف يتحدّث عن ضرورة التقيّد بالقانون والاحتكام إليه، وعن وجود قانون يحميه ويحمي شركته التي فرضت عليها السلطات المعنية ما يمكن وصفه بخوّة تصل إلى ما يقارب 180 مليون دولار. نسي رامي مخلوف فجأة كيف صارت “سيريتل” شبه مملوكة منه ومن أشقائه وكيف أُخرج رجل الأعمال المصري نجيب سويرس منها مباشرة بعد لعب شركته الدور المطلوب منها في مرحلة التأسيس.

كانت “سيريتل”، وقتذاك، في حاجة إلى مستثمرين وخبرات معيّنة. الأكيد أن آخر ما فكّر فيه رامي وقت إخراج سويرس من “سيريتل” هو القانون الذي كان أداة طيّعة في يده. بقيت الأمور كذلك، إلى أن تولّدت لدى بشّار الأسد وزوجته أسماء الأخرس وشقيقه ماهر أفكار أخرى في شأن ثروة العائلة وكيفية الاستحواذ عليها كلّها، بدءا بوضع “سيريتل” في إطار كارتل جديد تشرف عليه السيّدة أسماء التي ظهر في الشهور الأخيرة أنّ لديها طموحات كبيرة.

لا يتعلّق الأمر بمبلغ مطلوب من آل مخلوف دفعه للخزينة السورية. هناك ما هو أبعد من ذلك بكثير. هناك ثروة آل مخلوف التي يطالب آل الأسد باسترجاعها. إنّهم يمتلكون، في الأصل، جزءا منها، نظرا إلى أنّ محمد مخلوف الذي كوّن الثروة كان بمثابة واجهة للنظام والذراع المالية له.

إنّ معظم هذه الثروة، التي تُعتبر “سيريتل” جزءا منها، موجود في حسابات خارج سوريا، في أوروبا تحديدا، كما يروي بعض الذين يعرفون خبايا النظام السوري. جمع آل مخلوف بقيادة الأب محمّد مخلوف، شقيق أنيسة زوجة حافظ الأسد، ثروة ضخمة تقدر بمليارات الدولارات في أساسها النفط والتحكّم به. لعل شهادة فراس طلاس، رجل الأعمال ونجل مصطفى طلاس (وزير الدفاع في عهد حافظ الأسد)، الذي أجرى معه التلفزيون الروسي (RT) قبل أيّام مقابلة، تعطي فكرة عن حجم الثروة التي كوّنها آل مخلوف الذين فقدوا مصدر قوتهم بعد وفاة الوالدة أنيسة ومرض محمّد مخلوف وتقدّمه في السنّ.

قال فراس طلاس “عندما رحل رفعت الأسد حلَّ مكانه محمد مخلوف الذي استعان بمستشارين لبنانيين ومن ثم إنجليز ومن ثم جنوب أفريقيين، وبنى شبكة من المحامين أسست شركات في الخارج. في هذه الفترة من الثمانينات دخلت الشركات الأجنبية لتستثمر في اكتشاف النفط في سوريا، فكان لمخلوف حصة شراكة مع كل شركة نفط دخلت إلى سوريا”.

يضيف فراس طلاس “في العقل الشعبي السوري هناك رواية متداولة عن أن النفط لا يظهر في الموازنة السورية (موازنة الدولة). الحقيقة أنه يظهر إما في المؤسسة العامة للنفط، أو في وزارة النفط، لكن ما يحصل هو أن مكتب تسويق النفط الذي هو مسؤول عن تسويق النفط كان يبيع سبع شركات فقط، وإذا جاءت أي شركة في العالم لتشتري النفط مباشرةً، يأتي من مكتب تسويق النفط من يهمس لك: تواصل مع فلان. هذا الفلان هو محمد مخلوف (أبورامي). وعندما تذهب إلى محمد مخلوف يقول لك: سنعقد اتفاقية في قبرص مع هذه الشركة بحيث تدفعون لها 7 في المئة عمولة على النفط، وهذا رقم كبير جداً لأن عمولات النفط تكون عادةً بين 0.5 في المئة و1 في المئة. لكنكم ستحصلون أساساً على هذه الـ7 في المئة محسومة من سعر النفط السوري. أي أن النفط السوري يباع بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 7 في المئة تذهب إلى شركات باسم العائلتين الأسد ومخلوف. هذا الأمر قائم منذ سنة 1986 أو 1987. عندما بدأ النفط السوري يُباع بشكل تجاري وفق عمليات تصدير حقيقية، صرنا أمام أرقام كبيرة جداً، حتى لو أن هذه الأرقام لم تصبح مليارات إلا في التسعينات بعد السنة الألفين، لأن سوريا كانت تصدّر من النفط ما مقداره 200-220 ألف برميل وليس أكثر من ذلك”.

يروي فراس طلاس أيضا كيف كان محمد مخلوف يحصل على مئات ملايين الدولارات من بيع الرخص ومن البنية التحتية التي كانت الشركات تبنيها في سوريا. ولمّا سأله الصحافي الذي كان يجري المقابلة: لكن النفط قطاع عام في سوريا، فهل محمد مخلوف شريك للدولة أو وكيل للدولة؟ أجاب: “كل النفط الذي يُستخرَج في سوريا يباع عبر مكتب تسويق النفط، ولا يحق لأيٍّ كان أن يشتري النفط السوري إلا إذا كان مسجلاً في مكتب تسويق النفط، وإذا ذهبت إليهم لتسجّل شركتك، يتم رفضك حتّى لو كنت أكبر شركة في العالم… إلا إذا كانت هناك اتفاقية بينك وبين محمد مخلوف الذي يحصل على عمولة 7 في المئة، فإذا تم بيع نفط بـ50 مليون دولار تحصل العائلة على 3.5 مليون دولار، ونحن نتحدث هنا عن 6-7 ملايين دولار يوميا”!

في المدى القصير، سيتمكن بشّار الأسد من إخضاع رامي مخلوف. لكنّ ذلك لا يمنع من طرح سلسلة من الأسئلة من بينها؛ أي مستقبل للنظام السوري في حال انتصر بشّار وأسماء وماهر على رامي؟ ما الذي سيتركه الصراع العائلي من آثار داخل الطائفة العلوية نفسها؟ الأكيد أن هناك توترا علويا – علويا لا سابق له في تاريخ الطائفة.

المشكلة الكبيرة أمام العلويين أنّ إلغاء فرع من العائلة لفرع آخر واستيلائه على الثروة، يدور فيما مستقبل سوريا على المحكّ. يمتلك رامي مخلوف مفاتيح حسابات الخارج. من سيتمكن من استعادة ما في هذه الحسابات في وقت كلّ الشخصيات السورية المرتبطة بالنظام على لائحة العقوبات الأميركية والأوروبية؟ أكثر من ذلك، من هو الشخص القريب من آل الأسد الذي يمكن أن يُؤتمن على أي حساب قد يخرج من سيطرة رامي مخلوف والواجهات التي يحتمي بها من العقوبات التي فرضت عليه؟ إنّها مشكلة ثروة ضخمة ومشكلة عائلة حكمت سوريا وتحكمت بالعلويين وبمصيرهم طويلا في الوقت ذاته!

إعلامي لبناني

العرب

———————-

الأسد يطلق رصاصة الرحمة على مخلوف

أطلق النظام السوري رصاصة الرحمة على ما يبدو تجاه أي محاولة لحل الأزمة المتفجرة مع رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، بعد أسابيع من التراشق الإعلامي بين الجانبين بلغ ذروته ظهر الثلاثاء، مع قرار الحجز الاحتياطي على أموال الرجل الذي طالما اعتبر واجهة النظام الاقتصادية.

وأصدر وزير المالية في حكومة النظام السوري قراراً بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، “ضماناً لتسديد الأموال المترتبة عليه لصالح الهيئة العامة الناظمة للاتصالات”.

القرار، وعلى الرغم من أنه جاء ضمن سلسلة من التصعيد بين النظام ومخلوف، إلا أنه يعتبر مفاجئاً بالنظر إلى أن التوقعات التي كانت تصب في اتجاه أن يجد الطرفان حلاً وسطاً في النهاية، مع تدخل مقربين سعوا لاقناع مخلوف بتقديم تنازلات، قال الأخير إن النظام لم يلتفت لها.

وأعقب قرار الحجز الاحتياطي قرار آخر صادر عن وزير مالية النظام مأمون حمدان، قضى بحرمان رامي مخلوف من التعاقد مع الجهات العامة لمدة خمس سنوات.

وهذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها قراراً بالحجز على أموال رامي مخلوف شخصياً بعد أن كانت قرارات الحجز السابقة تصدر باسم شركة “سيريتل” للاتصالات الخليوية، كبرى شركات رجل الأعمال الذي استحوذ على جزء كبير من السوق التجارية السورية قرابة عقدين، وخاصة في مجالات المصارف والتأمين والسياحة والنفط بالإضافة إلى الاتصالات.

وبينما يطالب النظام رسمياً رامي مخلوف بدفع نحو 180 مليون دولار كمستحقات متأخرة لصالح خزينة الدولة، تؤكد المصادر أن الرقم المطلوب دفعه أكبر بكثير من الرقم المعلن، في وقت يعاني فيه النظام من نقص حاد بالموارد المالية وخاصة من العملات الصعبة، حيث سجلت الليرة السورية تدهوراً كبيراً خلال الأيام الأخيرة الماضية لتبلغ أكثر من 1800 ليرة مقابل الدولار.

——————-

النظام السوري يحجز على أموال وأملاك رامي مخلوف

أصدر وزير المالية في حكومة النظام السوري مأمون حمدان الثلاثاء، قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف وأموال زوجته وأولاده بسبب قضية المبالغ المستحقة على شركة سيريتيل للاتصالات والبالغة حوالي 130 مليارا لصالح خزينة الدولة.

وكان رامي مخلوف قد عين ابنه علي البالغ من العمر 20 عاماً نائباً لرئيس مجلس إدارة شركة سيريتل بعد استقالة إياد مخلوف شقيق رامي من هذا المنصب.

——————-

في حرب معلنة.. الأسد يجمّد أصول شركات رامي مخلوف

دمشق- قررت الحكومة السورية، الثلاثاء، الحجز على أموال رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد وأحد أغنى أغنياء سوريا، وزوجته وأولاده.

وحملت وثيقة حكومية تاريخ 19 مايو وعليها توقيع وزير المالية وجاء فيها أن “الحجز الاحتياطي” يأتي ضمانا لتسديد المبالغ المستحقة لهيئة تنظيم الاتصالات في سوريا.

وكان مخلوف قد بث مقطعا مصورا الأحد قال فيه إن المسؤولين طلبوا منه الاستقالة من رئاسة شركة سيريتل لخدمات الهاتف المحمول، في أحدث منعطف في نزاع على الأصول والضرائب كشف عن خلاف في قلب النخبة الحاكمة بسوريا.

واتهمت وزارة الاتصالات السورية، الاثنين، مخلوف بمحاولة التهرب من سداد ديونه للخزينة العامة.

وقالت الوزارة في بيان إن رامي مخلوف “يمارس الخداع للتهرب من سداد الديون المستحقة من شركته”.

وناشد مخلوف الأسد أواخر أبريل في مقطع فيديو نُشر على صفحته على فيسبوك بإعطاء شركته الوقت لدفع الضرائب المتأخرة لتجنب الانهيار.

ويأتي احتدام الخلافات بين عائلة مخلوف والنظام في توقيت حساس جدّا لاسيما مع اقتراب دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ والذي يستهدف زيادة الضغوط الاقتصادية على دمشق من قبيل تعرض أي دولة أو شركة لعقوبات مشددة في حال تعاملت مع النظام السوري.

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد وضعا مخلوف على قوائم عقوباتهما بسبب صلاته بحكومة الأسد، ولكن ظهر خلاف بينه وبين النظام.

وقال رجل الأعمال إن الشركة مستعدة لدفع المال كنوع من الدعم للدولة، ولكن ليس كضريبة. واضاف “لقد تم فرض هذه الاموال بشكل غير عادل”.

وقالت مصادر قانونية سورية إن أمام الحكومة عدة خيارات للتعامل مع ملف سيريتل منها إلغاء الترخيص الممنوح لها.

وقد حذر مخلوف من قبل من أن انهيار شركته سيكون “كارثة كبيرة” على الاقتصاد السوري.

كما كشف عن فشل جميع الجهود لحل قضية سريتيل مع السلطات السورية، مستعرضا حزمة مطالب “لا تنتهي” تقدمت بها الأخيرة “خدمة لأشخاص معينة” حسب تعبيره، كانت بداية بدفع مبالغ مالية وافق عليها، من ثم طلب منه التوقيع على عقد حصري لشركة “لم يسمّها” تأتي بجميع المشتريات لـ”سريتيل”، تلاه طلب تخلي رامي عن رئاسة إدارة الشركة، وأخيرا وليس آخرا، التنازل عن 50 في المئة من رقم أعمال الشركة أي نحو 120 في المئة من أرباحها لفائدة الدولة، والذي قال عنه إنه “تخريب للشركة”.

ويرى العديد من السوريين أن مخلوف، الذي صنع ثروته في مجالي البناء والاتصالات، أحد أشهر أعضاء النخبة الحاكمة ورمز للفساد في البلد الذي مزقته الحرب.

وقال مخلوف، في ثالث تسجيل فيديو يبثه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” اليوم ، إنه لن يتخلى عن منصبه كرئيس لمجلس الإدارة في الشركة.

وأضاف أن حملة اعتقالات لمديري شركة اتصالات سيريتل ستوقع كارثة بالاقتصاد السوري، مقدما اعتذاره لأهالي الموظفين في شركاته الذين تم توقيفهم من الجهات الأمنية، مؤكدا استمرار “اعتقالهم دون اتخاذ اجراءات قانونية بحقهم، هذا النهج سيؤدي إلى خراب الشركة”.

ويمتلك مخلوف إمبراطورية أعمال في مجالات متنوعة مثل الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط.

ولعب آل مخلوف دورا رئيسيا في دعم الأسد الابن عقب اندلاع الأزمة في العام 2011، ليس فقط ماليا حيث وجهت اتهامات لمحمد مخلوف (القاطن في روسيا) وابنه رامي بالترتيب لصفقات أسلحة بين سوريا وروسيا ودفع ثمن هذه الأسلحة أو مبالغ نقدية “على الحساب”.

وجراء هذا الدعم تعرضت عائلة مخلوف لعقوبات أوروبية وأميركية. وفي منتصف العام 2019 بدأ الفتور يتسرب إلى العلاقة بين النظام السوري والعائلة لاسيما رامي مخلوف، وسط تسريبات تتحدث بأن زوجة الرئيس بشار الأسد أسماء وبعض رجال الأعمال الذين نجحوا في مراكمة الثروات خلال الحرب، من يقفون خلف هذا الفتور.

———————-

بعد حجز الأموال.. قرار آخر يشل حركة رامي مخلوف

أصدرت حكومة النظام السوري، قرارا بحرمان رامي مخلوف من التعاقد مع جميع مؤسسات النظام، لمدة خمس سنوات، بحسب وثيقة نشرها أنصار الأسد.

وفي التفاصيل، ذكر نص القرار أنه بناء على اقتراح وزير الاتصالات الذي رفعه لرئاسة مجلس الوزراء، أمس الاثنين، فقد تقرر “حرمان” المدعو رامي محمد مخلوف من التعاقد مع الجهات العامة، لمدة خمس سنوات.

قرار آخر يمنع رامي مخلوف من التعاقد مع النظام لمدة 5 سنوات قرار آخر يمنع رامي مخلوف من التعاقد مع النظام لمدة 5 سنوات

يأتي هذا، مع قرار الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لرامي مخلوف، ضماناً لتسديد أموال الهيئة الناظمة للاتصالات، بحسب القرار الصادر عن وزارة مالية النظام، الثلاثاء.

وكان مخلوف قد أعلن في ظهوره المصور الأخير، أنه لن يتنازل عن رئاسته لمجلس إدارة شركة “سيرتيل” للاتصالات، مؤكداً أن النظام طلب من موظفيه الكبار، إبعاده عن منصبه، فاستقال شقيقه، من منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، وعين مكانه، ابنه البالغ من العمر 20 عاماً فقط.

تقييده مالياً وشل حركته

وبحسب متابعين للشأن السوري، فإن قرار حرمان مخلوف من التعاقد مع “الجهات العامة”، يعني ضمنيا تقييده ماليا وشل حركته، الأمر الذي قد يدفع بالمساهمين إلى الضغط عليه للاستقالة وترك منصبه. لأن حرمانه من التعاقد مع الجهات العامة، يعني شلّ نشاطه التجاري، على مختلف الصعد، وليس فقط على مستوى شركة “سيرتيل”.

ورداً على ما ورد في الظهور الثالث لرامي مخلوف، ابن خال الأسد ورجل الأعمال المعاقب دوليا لتورطه بقضايا فساد وتكوين ثروة على حساب قوت السوريين ودعم أعمال الأسد العسكرية التي أدت لقتل وتشريد وإصابة ملايين السوريين، هددت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد التابعة للنظام السوري، باتخاذ تدابير قانونية ضد شركة “سيرتيل” العائدة ملكيتها لمخلوف.

الأسد ورجالاته (أرشيفية- فرانس برس) الأسد ورجالاته (أرشيفية- فرانس برس)

وقالت في بيانها، الأحد، والذي جاء بعد دقائق من ظهور مخلوف المصور، إنها تحمل شركة “سيرتيل” كل التبعات القانونية والتشغيلية، رداً عل رفض الشركة دفع المبالغ المستحقة عليها، بحسب البيان.

في حين ردّ مخلوف، صباح الاثنين، على ما ورد في كتاب هيئة الاتصالات، معلنا استهجانه لما ورد فيه، ومؤكدا في الوقت نفسه، أنه سبق وتقدّم بكتاب يعود تاريخه إلى العاشر من الشهر الجاري، نشره مرفقا مع بيانه، يطلب فيه إيضاح الدفعة المالية الواجب عليه دفعها، وكذلك تحديد الأقساط الأخرى المترتبة عليه. وقال: إننا نؤكد على “عدم صحة” ما جاء في منشور هيئة الاتصالات التي اتهمها بنشر “عكس” ما ورد في كتابه المرفق.

وكان مخلوف قد ظهر الأحد، في فيديو ثالث له، بعد ظهورين له في الثلاثين من الشهر الماضي، والثالث من الجاري، أعلن فيه رفضه “التنازل” عن منصبه رئيسا لمجلس إدارة شركة “سريتل” كما قال موضحاً إن جهات في النظام، طالبت بإبعاده كلياً، من شركة الاتصالات.

وأعلن في ظهوره الثالث، الأحد، أنه تلقى تهديدات كثيرة كحجز الشركة ووضع اليد عليها، وحبس موظفيه، موضحاً أن نظام الأسد قد قام باعتقالات طالت عددا من موظفي شركته، معلنا فشله بإطلاق سراحهم.

كما كشف أن شقيقه استقال من منصب نائب رئيس مجلس إدارة “سيرتيل”. واتّهم مؤسسات نظام الأسد بـ”التمادي” بحقّه. واستعمل تعبير “أثرياء الحرب” قاصداً رجال الأعمال الحاليين داخل النظام، مصنفا نفسه من أثرياء ما قبل الحرب، بحد وصفه.

وأعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات التابعة للنظام، أن على شركتي “سيرتيل” وإم. تي إن، لتشغيل الهاتف المحمول، دفع مبلغ 230 مليار ليرة سورية، كفوارق تعاقدية، معتبرة هذا المبلغ يعيد التوازن للتعاقد الأصلي، إلا أن مخلوف كشف أن هناك الكثير مما يطلب منه وصولا إلى إقالته من “سيرتيل”، وليس فقط المبلغ المذكور، بحسب ظهور الأخير، الأحد.

يذكر أن رامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال الأسد المعاقب دوليا، منذ عام 2008، متورط بقضايا فساد عديدة، واستعمل نفوذه وقربه من نظام الأسد، لتخويف خصومه التجاريين واكتساب مزايا متقدمة عليهم، بحسب ما ورد في عقوبات الخزانة الأميركية التي صدرت بحقه عام 2008 ومنعت الأفراد والمؤسسات من التعامل معه. ثم تلاها عقوبات مختلفة وتجميد أمواله، في الاتحاد الأوروبي وسويسرا.

وصدر مرسوم من رئيس النظام السوري في 11 من الشهر الجاري، يقيل فيه وزير التجارة في حكومته، عاف النداف، وهو المتهم بمنع شركة “تكامل” المصدرة للبطاقات الإلكترونية الذكية، والعائدة مليكتها إلى قريب أسماء الأسد، بحسب تقارير، من العمل في بعض قطاعات النظام الاقتصادية.

———————

الأسد يضع يده على إمبراطورية مخلوف.. النظام يحجز على أموال الملياردير وزوجته وأولاده

أمر نظام بشار الأسد بفرض حجز احتياطي على أموال الملياردير ورجل الأعمال رامي مخلوف، في خطوة تصعيدية غير مسبوقة من قبل النظام تجاه ابن خال الأسد الذي بنى إمبراطورية اقتصادية في سوريا على مرأى من الرئيس نفسه، كما يُعد هذا الإجراء مؤشراً على عمق الخلافات بين الرجلين.

وكالة رويترز قالت الثلاثاء 19 مايو/أيار 2020، إنها اطلعت على وثيقة تحمل توقيع وزير المالية في سوريا، مأمون حمدان، تتضمن قراراً بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرامي مخلوف وزوجته وأولاده.

تنصّ الوثيقة على أن “الحجز الاحتياطي يأتي ضماناً لتسديد المبالغ المترتبة على رامي مخلوف لصالح الحكومة السورية”.

يُطالب نظام الأسد مخلوف بدفع ما يقارب من 130 مليار ليرة، وتقول الحكومة إن هذا المبلغ هو ضرائب على شركة الاتصالات التي يملكها الملياردير والمُسماة “سيرتيل”، لكن مخلوف تحدى النظام في مقاطع فيديو وقال إنه يدفع ضرائبه، وإن الحكومة تريد الحصول على هذا المال بفرضها للأمر وليس لكونه مبلغاً مستحقاً.

مخلوف ومؤسسة الاتصالات في سوريا دخلا في حرب كلامية أمس الإثنين 18 مايو/أيار 2020، وقال مخلوف إن شركته وافقت على دفع المبلغ المطلوب منها، بينما اتهمته مؤسسة الاتصالات بالخداع.

اعتقالات بشركات مخلوف: يأتي الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف وعائلته ليُضاف إلى سلسلة من الإجراءات العقابية التي فرضها النظام عليه، إذ صعّد النظام عبر مواصلته شن اعتقالات موظفين ومديرين في شركات تابعة له، وكان آخرها الأحد 18 مايو/أيار 2020، الذي تزامن مع نشر مخلوف فيديو جديداً أعلن فيه رفضه عدداً من المطالب التي حددها النظام.

عناصر من الشرطة العسكرية الروسية شاركوا في مداهمة مكاتب ومقرات تابعة لشركات مخلوف، ووصل عدد الموظفين والمسؤولين المعتقلين إلى 60 شخصاً يعملون في شركة “سيرتيل” وجمعية “البستان” التي أسسها مخلوف، قبل أن تضع أسماء الأسد زوجة بشار يدها عليها.

هذه الاعتقالات واتساعها يؤشران إلى تصعيد كبير غير مسبوق داخل عائلة الأسد، ويبدو أنه في تزايد مستمر، وفقاً لما حمله الفيديو الأخير لمخلوف من مؤشرات على ذلك.

مخلوف نشر الأحد 17 مايو/أيار 2020 مقطع فيديو هو الثالث له خلال شهر، وهاجم فيه أجهزة النظام التي قال إنها تمارس ضغوطاً عليه، وإنها تطلب منه دفع أموال بـ”غير وجه حق” تحت مسمى الضريبة.

كشف الملياردير الذي يسيطر على 60% من الاقتصاد السوري، تفاصيل عن مفاوضات يجريها مع النظام، قائلاً إن الأخير أعطاه مهلة للتخلي عن رئاسة شركة الاتصالات الضخمة التي يملكها، وإلا فإنه سيسحب ترخيصها، مشيراً أيضاً إلى استمرار اعتقال قوات الأمن لموظفيه.

وعلى خلاف مقطع الفيديو الأول الذي ظهر فيه مخلوف، فلم يستنجد الأخير في ظهوره الجديد بالأسد، بل حمل الفيديو نبرة تهديد، إذ حذّر من أن استمرار الإجراءات بحق شركته سيؤدي إلى كارثة في الاقتصاد السوري.

كذلك، وفي تهديد مبطن، أشار مخلوف إلى ما تسببت به الحملة ضده من انهيار في قيمة الليرة السورية، وعاد بالزمن إلى منتصف عام 2019، واكتفى بالقول: “أنتم تعلمون ما حدث حينها”، مشيراً بذلك إلى استيلاء أسماء الأسد زوجة بشار على جمعية البستان الخيرية التابعة لمخلوف.

قال مخلوف في هذا السياق إنه منذ ذلك التاريخ ارتفعت قيمة الدولار أمام الليرة 30 ضعفاً، واصفاً ذلك بأنه انهيار للاقتصاد السوري.

وتأتي إشارة مخلوف هذه لتدهور قيمة الليرة بعدما شهدت الأخيرة خلال الأسبوعين الماضين انخفاضاً حاداً في قيمتها، فقد وصل سعر الدولار إلى 1900 ليرة سورية، الأمر الذي يزيد من سخط الشارع السوري المُوالي والمعارض.

كانت تقارير قد أشارت إلى دور مخلوف في زيادة انهيار سعر الليرة خلال الأيام الأخيرة، من خلال تحكّمه بأسعار الصرف في السوق السوداء، بحُكم شبكة علاقاته المالية الضخمة التي يمتلكها في سوريا.

————————

أنا أو الطوفان: الأسد ومخلوف/ أنس أزرق

يحاجج رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ابن عمته بشار الأسد بمنطقه نفسه، أنا أو الطوفان الاقتصادي، مستعيرا شعار الأسد “الأسد أو نحرق البلد”. وإن كانت دلالة “أو” تعني أحد الخيارين فإنها، وللأسف، في حالة الأسد تحققهما معا، أي بقاء النظام واحتراق سورية.

على الأرجح، سينتهي “مسلسل” مخلوف قريبا، وما سيبقى منه بضع شركات صغيرة مستترة في الداخل السوري وشركات وعمارات وأموال طائلة يملكها رامي وعائلته في دول عديدة، روسيا ورومانيا والمجر والإمارات وغيرها.

ما سيبقى أيضا غصّة وحسرة أيتام رامي مخلوف من حاشيته والمحسوبين عليه من طائفته (العلوية)، ومن الحزب السوري القومي الاجتماعي، مع تغيير ولائهم الظاهري لبشار وفريقه… لن يستطيع رامي البقاء في سورية، وسيكشف المزيد من أوراقه المستترة عبر الفيديو، وربما يؤسّس لاحقا تجمعا كالتجمع القومي لصاحبه رفعت الأسد وأبنائه.

عمل النظام في سورية وسيستمر ضمن حساباته السلطوية الجديدة، منذ ثلاثة أعوام تقريبا، على نزع أنياب مخلوف وأوراق قوته التي جمعها منذ صعوده كأكبر الذئاب الشابّة، مع تأهيل بشار الأسد بعد مقتل باسل عام 1994 تحت شعار “باسل المثل وبشار الأمل”، الذي أطلقه ضابط المخابرات بهجت سليمان في محاضرة له في مكتبة الأسد في دمشق. ومع انطلاق الثورة السورية في 2011، وهتاف المتظاهرين “لا شاليش ولا مخلوف.. ما بدنا نشوف”، وضع رامي ووالده محمد وشقيقه حافظ خطّة لاستمرار بقائهم ونفوذهم، ولا سيما بعد ملاحظة أن فريقا، ولو ضعيفا، من النظام يقبل تقديمهم كبش تضحية مع ابن خالتهم، عاطف نجيب. وتقوم الخطة ببساطة على مثلث الثروة والطائفة واستبدال حزب البعث بالحزب السوري القومي الاجتماعي.

– مضاعفة الثروة باعتباره خازن مال العائلة، وتبييض سمعة هذه الأموال بأن جزءا منها يعود للفقراء، وجزءا آخر منها لصالح حزب الله، وانتهى الأمر بإعلان مؤسسة راماك للأعمال الخيرية.

– تشجيع النظام على انتهاج الحل الأمني والعسكري من دون رحمة. وتنسب بعض دوائر النظام لآل مخلوف دورا كبيرا باعتماد الحل الأمني، ونبذ الحل السياسي الذي كان يشجعه بعض أركان النظام، وفي مقدمتهم نائب الرئيس آنذاك فاروق الشرع ومعاون نائب الرئيس العماد حسن توركماني، بل وحتى معارضة طرح نائب رئيس الأركان، العماد آصف شوكت، بالاعتماد على الحزب والأمن، من دون إقحام الطائفة كاستنساخ لتجربة حافظ الأسد في الثمانينيات خلال الصراع مع جماعة الإخوان المسلمين.

هنا ظهرت “خطة بندر” و”الياسمينة الزرقاء”، واللتان وضعتا في قسم الأربعين (التابع لفرع الأمن الداخلي في إدارة المخابرات العامة)، وأشرف عليهما حافظ مخلوف من مكتبه في منطقة العفيف بدمشق. وفي هذا الإطار، تم تسليح وتمويل مجموعات طائفية في حمص ومجموعات شبيحة في حلب، وغدت جمعية البستان تدير من موقعها في حي المزة 86 مناطق التوتر الطائفي في حمص ومدينة حلب، عن طريق وكيلها أبو علي قزق، وهو ضابط متقاعد من ريف جبلة مقيم في حلب، بالتعاون مع مليشيا آل بري.

– إعادة الصلة التاريخية بين آل مخلوف والحزب السوري القومي الاجتماعي، فبعد أيام من إعلان رامي التخلي عن النشاط الاقتصادي للعمل الخيري، أقسم يمين الانتساب أمام عصام المحايري، وهو رمز مهم للحزب، وزعيم ما عرف لاحقا بحزب الأمانة العامة، أي حزب رامي القومي الاجتماعي.

– دعم تشكيل مرجعية دينية للطائفة العلوية، بالاعتماد على التقارب مع الشيعة الإمامية، ولا سيما في مجال العبادات والمعاملات. ومن الطريف هنا أن أذكر حضور رامي مع والديه محاضرات الشيخ العراقي (الشيعي)، عبد الحميد المهاجر، في مقام السيدة رقية في رمضان 1999، ورعاية عمته أنيسة برنامج المهاجر على الفضائية السورية، والذي أوقف بشكوى من الشيخ محمد سعيد البوطي لحافظ الأسد من أن المهاجر يثير نعرات طائفية، عندما قال في البرنامج إن النبي محمداً عليه السلام لم يعقب من خديجة إلا فاطمة، أما البنتان الأخريان، رقية وأم كلثوم فهما ربيبتا النبي، وليستا ابنتيه.

حاول رامي مخلوف أن يبني نظامه الخاص على مثلث الطائفة واستبدال حزب البعث بالحزب السوري القومي الاجتماعي والثروة، وهذه أوراق يعرف بشار الأسد أنها ضمان استمراره… لن يغير الصراع المحدود بين الأسد ومخلوف شيئا من آلية الفساد والنهب، وإنما ستتم إدارة النهب من الأسد وعقيلته بشكل مباشر.

العربي الجديد

—————————

النهاية غير المتوقعة لرامي مخلوف… / راشد عيسى

لم يكن ليخطر في بال السوريين أن يصبح رامي مخلوف، رجل الاقتصاد الغامض، ابن خال رأس النظام، والذي لم يكن يذكَر اسمه إلا في ما يشبه الهمس، ألهيتهم.

المتسلط، الذي لم يترك رجل أعمال أو تاجر، أو حتى صاحب كشك جرائد، إلا وأراد أن يشاركه تجارته بالقوة، لم ينته نهاية القذافي، ولا نهاية ضحايا نظامه (كعارف دليلة، المعارض والأكاديمي الاقتصادي، الذي قضى سنوات في السجن، بسبب انتقاده شركات مخلوف)، أو نهاية رفاق الدرب، “انتحاراً” كمحمود الزعبي وغازي كنعان، لقد انتهى الرجل ليصبح، وفي ثلاثة فيديوهات فقط، “مسخرة” على ألسنة السوريين وأقلامهم.

بعد هالة الغموض، التي خلقها ابتعاده عن الإعلام والأضواء، بات مخلوف مهدوراً على طرقات مواقع التواصل الاجتماعي.

أتاح لنا ظهوره المسلسل التعرّف جيداً على جوانب غير متوقعة من شخصيته، ربما لسان حال الجميع الآن سؤال يقول: هل يعقل أن يكون واجهة اقتصاد هذا البلد على هذا الحال من الضعف، منطقاً وخطاباً وحضوراً شخصياً هزيلاً!

بعد الحلقة الأخير بتنا متأكدين أننا ذهبنا بعيداً في التحليل والاستنتاج، أن الرجل عمل بإدارة خبراء ومخرجين في محاولة ضمان التأثير بملايين السوريين، بعد الفيديو الثالث أدركنا أن الرجل هو هكذا، من دون أي إضافة، هذا الهزال هو جوهره.

أما لماذا كان يخيف السوريين، وأصحاب الأعمال منهم بالذات، فلأن الرجل دورٌ، وأود هنا استعارة وصف سمعته من زميل، إنه أقرب إلى “غطاء قنينة كازوز على شباك المخبز”.

هذا الشيء يعرفه كل من وقف من السوريين على باب الفرن، حيث يضع المرء مكانه ذلك الشيء، الغطاء. (كان ذلك بدلاً من وقوف المشتري نفسه بدور (رتل) طويل، كان هناك من يضع قلماً، أو علبة كبريت، أو أي غرض.. وحين ينادي البائع لمن هذا الشيء يعرف صاحبه أن دوره في شراء الخبز قد حان).

غطاء القنينة ذاك هو دور، يعرف الجميع أن لا قيمة له على الإطلاق، وليس مهماً جودته وفحواه، إنه بديل وعلامة لشيء آخر، وسرعان ما سيلقى عند انقضاء المهمة.

وفي الواقع، لم يكن السوريون ليحلموا بأن يكحّلوا أعينهم برؤية الرجل الأسطوري آيلاً إلى ذلك الشيء.

—————————-

اتساع القلق في دمشق بعد «حرب البيانات»

المبعوث الأممي ينأى بنفسه عن انتخابات سوريا

علي بردى دمشق: «الشرق الأوسط»

سادت حالة من القلق في دمشق، مع تفاعل قضية رجل الأعمال رامي مخلوف، وتبادل «حرب البيانات» بينه وبين مؤسسة الاتصالات الحكومية، إزاء سداد شركته «سيريتل» مستحقات للخزينة العامة.

وبعدما حذر مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، في مقطع فيديو بثه الأحد، من انهيار «الاقتصاد السوري وأمور أخرى»، في حال تضررت «سيريتل»، موضوع النزاع، واصل أمس تصعيده مع نشره على حسابه في «فيسبوك» وثيقة وتوضيحاً «يكذب فيهما ما ساقته هيئة الاتصالات حول رفض شركته سداد المبالغ المستحقة عليها للخزينة العامة». الوثيقة التي كشفها مخلوف مسجلة رسمياً في العاشر من مايو (أيار) الحالي، وتظهر استعداد «سيريتل»، التي يملك معظم أسهمها، لتسديد المبالغ المفروضة عليها، وتطلب من الهيئة الناظمة للاتصالات «تحديد مبلغ الدفعة الأولى، ومبالغ الأقساط الأخرى، والفوائد المترتبة عليها». واستهجن مخلوف قيام الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بنشر «عكس» ما ورد في مضمون كتاب شركته. من جهتها، ردت «الهيئة» على مخلوف بوثيقة صادرة في 16 مايو من إدارة شركة «سيريتل»، وقع عليها 5 مديرين لإعلام «الهيئة الناظمة للاتصالات» بموافقتهم على طلباتها، ورفض رئيس مجلس الإدارة رامي مخلوف، منحهم التفويض لتوقيع الاتفاق. وعين مخلوف أمس ابنه علي عضواً في مجلس الإدارة بدلاً من شقيقه إيهاب.

إلى ذلك، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عدد المعتقلين من مؤسسات مخلوف 60 شخصاً عقب ظهوره الثالث يوم الأحد.

من ناحية ثانية، نأى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، بنفسه، عن الانتخابات المقررة في سوريا. وقال في جلسة عبر الفيديو لمجلس الأمن أمس: «أخذنا علماً بتأجيل الانتخابات البرلمانية. وأغتنم هذه الفرصة لأقول إن هذه الانتخابات ستعقد وفقاً للترتيبات الدستورية القائمة. فالأمم المتحدة ليست لديها ولاية محددة، ولم يُطلب منها الانخراط في هذه الانتخابات. إن تركيزي لا يزال منصباً، في سياق المسار السياسي الميسر من الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن 2254».

الشرق الأوسط»

————————-

سوريا: مداهمات واعتقالات بمشاركة «الشرطة الروسية» ومدراء «سيريتل» «ينشقّون» عن رامي مخلوف

دمشق ـ «القدس العربي»: هددت الهيئة الناظمة للاتصالات في سوريا شركة «سيريتل» التي يرأس رامي مخلوف مجلس إدارتها، باتخاذ الإجراءات القانونية بحقّها بعد انقضاء المهلة الممنوحة لها لتسديد المبلغ المطلوب منها والبالغ حوالى 130 مليار ليرة. وقالت الهيئة إنها تحمّل «سيريتل» كل التبعات القانونية والتشغيلية نتيجة قرارها الرافض لإعادة حقوق الدولة المستحقة عليها.

وأكدت الهيئة في بيان لها أنه وبعد رفض شركة «سيريتل» دفع المبالغ القانونية المستحقة عليها فإنها ستقوم باتخاذ التدابير القانونية لتحصيل هذه الحقوق واسترداد الأموال بالطرق القانونية المشروعة المتاحة.

وإثر هذا التهديد نشر رامي مخلوف على حسابه الرسمي على فيسبوك صورة لكتاب يُظهر أن الشركة أبلغت هيئة الاتصالات بتاريخ 10 أيار/ مايو الحالي استعدادها لتسديد المبلغ المطلوب ولكن بشرط جدولته وتقسيمه على دفعات.

وقال مخلوف إنه من المستهجن أن تقوم الهيئة الناظمة للاتصالات بنشر عكس ما ورد في مضمون ذلك الكتاب المذكور أعلاه.

وفي خطة تحدٍ للنظام، عيّن رامي مخلوف ابنه علي عضوا في مجلس إدارة شركة «سيريتل»، بدلا من أخيه إيهاب الذي قدم استقالته على خلفية الخلاف مع وزارة الاتصالات، حول إيرادات الشركة.

وفي سياق متصل أعلن أربعة من كبار مدراء سيريتل، وهم المدير المالي ومدير المعلومات ومدير المشتريات والمدير التقني، إضافة للمديرة التنفيذية للشركة ماجدة صقر، استعدادهم لإعلان استقالتهم من الشركة إذا طلبت منهم الحكومة السورية ذلك.

وأصدر هؤلاء المدراء بياناً مشتركاً قالوا فيه إنهم طلبوا من رئيس مجلس الإدارة رامي مخلوف توقيع الاتفاق مع هيئة الاتصالات لإعادة التوازن للترخيص الممنوح لـ«سيريتل»، وإنهم لم يحصلوا على الموافقة من مخلوف.

وقال المدراء في بيان لهم إنهم يمتثلون لكل قرارات الحكومة السورية، ويوافقون على أية إجراءات تراها الحكومة مناسبة بخصوص الترخيص الممنوح لشركة «سيريتل».

اللافت أن المدراء أشاروا في بيانهم إلى استعدادهم لتسيير أمور شركة «سيريتل» بأية صيغة تراها الحكومة مناسبة.

وبعد الظهور الأخير لمخلوف، ابن خال بشار الأسد، الأحد في تسجيل جديد، وحديثه عن عمليات الاعتقال التي يتعرض لها العاملون داخل شركته، كشف المرصد السوري لحقوق الانسان أن تعداد العاملين الموقوفين ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها مخلوف ارتفع إلى نحو 60 شخصاً.

وفي هذا السياق، أشار المرصد إلى أن الحملة الأمنية ضد منشآت ومؤسسات رامي مخلوف تتواصل، مشيراً إلى أن أجهزة النظام الأمنية عمدت إلى تنفيذ مداهمات جديدة برفقة «الشرطة الروسية» خلال الساعات والأيام القليلة الفائتة، اعتقلت على إثرها 19 من موظفي «جمعية البستان»، وتوزعت الاعتقالات الجديدة على النحو التالي: 8 في اللاذقية، 7 في دمشق و4 في حمص، كما تمت جميعها بالتهمة ذاتها وهي «الفساد».

وليس بعيداً عن موضوع مخلوف، وقد يكون نتيجة لتداعياته، سجلت الليرة السورية أمس الاثنين انهياراً جديداً أمام القطع الأجنبية، ولامست حدود 2000 ليرة للدولار الأمريكي الواحد، أي وصل تدهورها الى 40 مرة أقل من سعرها قبل اندلاع الثورة في 2011.

وانعكس تدهور قيمة الليرة وانهيار الاقتصاد المتواصل على حياة المواطن السوري ضمن مختلف المناطق، في ظل العجز التام من قبل حكومة النظام السوري على ضبط السوق السوداء التي باتت هي المتحكم الرئيسي في أسعار المواد الأساسية التي تشهد ارتفاعاً جنونياً، بالإضافة إلى فقدان بعضها من الأسواق.

———————————

الأسد-مخلوف: التراشق بالوثائق

انتقل الخلاف الحالي بين رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ونظام الأسد، إلى مستوى جديد، عبر نشر الوثائق التي يدعي فيها كل طرف أنه على صواب وأنه لم يخالف القانون في البلاد.

ورد مخلوف، وهو ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، على ما نشرته “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” في وزارة الاتصالات، التي اتهمت شركة “سيريتل” برفض المبالغ المترتبة عليها، بنشره وثيقة عبر صفحته في “فايسبوك” تثبت استعداد الشركة لدفع المبالغ المطلوبة منها.

والوثيقة هي كتاب تم تسجيله في ديوان الهيئة تحت الرقم ٤٧٧٧/ح.ن.ق بتاريخ 10/5/2020 ويظهر استعداد “سيريتل” لتسديد المبالغ المفروضة عليها، مع مطالبة “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” تحديد مبلغ الدفعة الأولى ومبالغ الأقساط الأخرى والفوائد المترتبة عليها.

وقال مخلوف: “من المستهجن أن تقوم الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بنشر عكس ما ورد بمضمون ذلك الكتاب المذكور أعلاه”، وذلك بعد ساعات من إعلان الهيئة، عبر “فايسبوك” أيضاً أن شركة “سيريتل” تتحمل كافة التبعات القانونية والتشغيلية نتيجة قرارها الرافض لإعادة حقوق الدولة المستحقة عليها.

ن الهيئة أتى بسرعة، حيث نشرت وسائل إعلام موالية للنظام، وثيقة قالت الهيئة أنها تثبت كذب شركة “سيريتل” وتوضح رفض رئيس مجلس الادارة منحهم التفويض الأصولي اللازم.

وقالت الهيئة في بيان: “إن الهيئة كجهة عامة أولاً ليست في موقع من يحتاج للتأكيد على مصداقية ثبوتياته وبياناته التي منحها القانون الصفة الرسمية والقوة الثبوتية، كما أنها تؤكد أن ما ساقه رئيس مجلس إدارة شركة سيريتل إنما يأتي ضمن حملة الخداع والمواربة بهدف التهرب من سداد حقوق الخزينة العامة، وليس أدل على ذلك إلا من خلال إحجامه وامتناعه عن منح الفريق التنفيذي لشركة سيريتل التفويض الأصولي لتوقيع الاتفاق المتضمن سداد المبالغ المترتبة للخزينة”.

وكان مخلوف، ظهر أيضاً في مقطع فيديو ثالث، الأحد، تحدث فيه عن عمليات الاعتقال التي يتعرض لها العاملون داخل شركته، وكشف “المرصد السوري لحقوق الانسان” أن تعداد العاملين الموقوفين ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها مخلوف ارتفع إلى نحو 60 شخصاً.

وأشار المرصد إلى أن الحملة الأمنية ضد منشآت ومؤسسات رامي مخلوف تتواصل، مشيراً إلى أن أجهزة النظام الأمنية عمدت إلى تنفيذ مداهمات جديدة برفقة الشرطة الروسية خلال الأيام القليلة الفائتة، اعتقلت على إثرها 19 من موظفي “جمعية البستان”، بتهمة “الفساد”.

وهنا، نشرت صفحات في “فايسبوك”، تعرف عن نفسها بأنها صفحات داعمة لمخلوف في وجه عائلة الأسد، منشورات اتهمت فيها موالين لأسماء الأسد، بالاعتداء على مكاتب خدمة الجمهور التابعة لشركة “سيريتل”و إحراقها في تصعيد جديد ضد الشركة.

——————–

دير شبيغل:الرسائل الروسية لكارتيل المخدرات ماهر ورامي وحزب الله

تحت عنوان: “عصابات دمشق”، كتبت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية تقول إن شقيق رئيس النظام السوري ماهر الأسد، نأى بنفسه مؤخراً، عن ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، بعدما كان شريكه لفترة طويلة في تجارة المخدرات.

وعزت الصحيفة السبب في ذلك إلى المقاطع المصورة التي بثها مخلوف على صفحته على “فايسبوك”، وتمرد فيها على رئيس النظام السوري بشار الأسد، قائلةً إن عشائر سوريا القوية تعاني من صراع مرير بين الأسد ومخلوف على السلطة والمال.

وتتحدث الصحيفة عن شحنات المخدرات التي جرت مصادرتها في مصر والسعودية والإمارات وجميعها خرجت من مرفأ اللاذقية في سوريا، الذي تديره إيران، معتبرة أن تجارة المخدرات تدل إلى أي درجة وصل اليأس لدى بشار الأسد وحلفائه في إيران للحصول على مصادر تمويل. وتعيد الصحيفة تجارة المخدرات إلى دخول “حزب الله” إلى القصير قائلة إنه “بنى هناك معامل لإنتاج مادة الأمفيتامين (كبتاغون) وفي الوقت نفسه دعم زراعة الحشيشة”.

ونقلت عن مصادر أن قائد الفرقة الرابعة في جيش النظام ماهر الأسد استلم أمن منطقة القصير وطرق النقل إلى مرفأ اللاذقية. فيما شركات رامي مخلوف هي المسؤولة عن تمويه المخدرات، والتي ضبطت في مصر معبأة بعلب حليب لشركة تابعة لمخلوف، وتصديرها.

في وسط صراع العشيرتين يوجد بشار الأسد ورامي مخلوف، الديكتاتور ورجل الأعمال المعروف في سوريا بلقب “رامي الحرامي”. الجدال ساخن جداً لأن العائلتين مرتبطان ببعضها البعض. يكمل كل منهما الآخر طالما كان هناك ما يكفي للنهب. هذا انتهى الآن. تخطط أسماء الأخرس، زوجة بشار الأسد، لخطف درة التاج من مخلوف.

وقالت الصحيفة إن المقاطع التي بثها رامي مخلوف خطيرة، ولن يبقى بشري مثله على قيد الحياة في مملكة الأسد. بالنسبة لمخلوف، فإن الابتعاد المعتاد لمثل هذه الشخصيات في إمبراطورية الأسد مستبعد الآن: انتحار رسمي بعدة رصاصات في مؤخرة الرأس. لن يؤمن أحد بالانتحار بعد هذه الفيديوهات.

وتنقل الصحيفة عن عضو في إحدى أقوى العائلات الأولغارشية في دمشق، والذي يستخدم قنوات اتصال مشفرة كل بضعة أسابيع، أن دراما أولاد العم مشهد ثانوي: “ماذا يفترض أن يفعلوا؟ إذا سمح رامي لأتباعه بالسير ضد دمشق، فسيهلك الجميع.

العامل الحاسم، يواصل رجل دمشق، دراما من نوع آخر. يلعب رامي مخلوف أيضاً دوراً رئيسيًا فيها، فقط في كوكبة عائلية مختلفة. الأمر كله يدور حول تجارة المخدرات الضخمة، حيث انفضحت عمليات التسليم بشكل مثير للريبة في الآونة الأخيرة. مخلوف ليس الهدف بل شريكه الإيراني.

وترجع الصحيفة الأمر إلى الخلاف الإيراني-الروسي في سوريا، إذ تريد روسيا توقيع اتفاقية سلام وبدء إعادة الإعمار، فيما تريد إيران الاستمرار باستخدام سوريا كمنصة تهديد لإسرائيل. لن تهاجم موسكو الوحدات التي تسيطر عليها إيران عسكرياً، ولكنها ستسعى إلى طريقة أكثر أناقة. إنها تريد حرمان حلفائها في طهران الذي يقفون على حافة الخراب، من مصادر الدخل السورية، بما في ذلك إنتاج المخدرات على نطاق واسع.

لم يكن لدى الروس أي اعتراض على تصدير السلع غير القانونية. لكن ذلك تغير العام الماضي عندما أمروا المحققين السوريين بالتحقيق مع اليد اليمنى، لماهر الأسد في تجارة المخدرات. تمت إزالة عميد من التداول. كان شقيق الرئيس غاضباً للغاية لدرجة أنه في منتصف هجوم إدلب ، سحب كل الوحدات التي كانت تحت قيادته. ثم صرح أنه لم يعد يرغب في تحويل العملات الأجنبية من أعمال فرقته الرابعة إلى البنك المركزي.

من الواضح أن روسيا بصدد عرض أدوات التعذيب على ثلاثي المخدرات رامي مخلوف وماهر الأسد وحزب الله. إن فضح عمليات تصدير المخدرات هي مؤشر على ذلك ، وهذا ما يظهر أيضاً في دمشق.الروس يريدون إطلاق النار على الأعمال الإيرانية. ليس من قبيل الصدفة.

هناك شيء ما يتغير في النسيج الدولي الذي يعتمد عليه مصير الأسد. نفذت إسرائيل ست غارات جوية على مواقع إيرانية في سوريا منذ نيسان/أبريل، على ما يبدو بضوء أخضر من موسكو.

في دمشق، أطلق القصر مجموعة من حاشيته سمح لهم بالتحدث علنا ضد الحلفاء: إذا مارست موسكو المزيد من الضغوط على الأسد، فقد يطلق العنان لحرب ضد “المحتلين الروس”، والتي “ستزيل إلى الأبد اسم بوتين من التاريخ الروسي”.

في دائرة الأسرة، يسارع ماهر الأسد أيضاً إلى الابتعاد عن ابن خاله وشريكه في التهريب رامي. لكن مدى قربهما، مؤقتاً على الأقل، تم الكشف عنه من خلال تاريخ إصدار حساب “فايسبوك” الذي ظهر عبره رامي: لقد استولى على الحساب من ماهر.

—————————–

هل سيتخلّص الأسد من مخلوف ليثبت وفاءه لروسيا؟

توقّع الأكاديمي والكاتب اللبناني زياد ماجد، أن يقتنص رأس النظام السوري، بشار الأسد، حالة الخلافات الدائرة بينه وبين ابن خاله رامي مخلوف ليتخلّص منه نهائياً مثبتاً بذلك وفاءهُ لروسيا ومتطلباتها في المرحلة الراهنة.

جاء ذلك في تقرير تحليلي نشره مركز “كارنيغي للشرق الأوسط” أمس الخميس، حول الخلافات الأخيرة التي نشبت بين الأسد ومخلوف وتداعياتها، وتناول فيها آراء عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن السوري.

ويرى ماجد، أن التوترات داخل الحلقة الضيقة للنظام السوري تعكس ثلاث ديناميات، أولاها تتعلّق بالعائلة، فمنذ التدخّل الروسي في العام 2015، ثم وفاة والدة بشار الأسد صاحبة التأثير القوي في العام 2016، بدأت عملية إبعاد تدريجية لآل مخلوف (عائلة الأم) بالتدريج من مواقع السلطة، والآن، الإجراءات التي تُتّخذ ضد رامي مخلوف، الذي سيطر في مرحلة ما على 50 في المئة من الاقتصاد السوري، تستكمل فصول هذه العملية التي بدأت مع شقيق رامي، حافظ، ووالده محمد، ومن يحل مكانه الآن رجال أعمال مُقرّبون من أسماء، زوجة بشار النافذة، في محاولة لتوسيع شبكة النظام الزبائنية.

الدينامية الثانية تتعلّق بالضغوط الروسية على الأسد، فموسكو تريد إعادة تركيب مؤسسات الدولة السورية، وإعادة تنظيم الجيش، ومركزة آليات صنع القرار تحت قيادتها. الهدف: التفاوض حول عقود إعادة الإعمار مع شركاء غربيين وصينيين مُحتملين، وتمكين الشركات وأصحاب المشاريع الروس من الاستفادة ضمن مسرح عمليات مسيطَر عليه بالكامل، ولتحقيق هذا الغرض، يتعيّن تقليص النفوذ الإيراني في دوائر النظام، وتهميش أصحاب الاحتكارات السوريين (مع روابطهم الإيرانية). بالنسبة إلى الأسد، هذه فرصة للتخلّص من ابن خاله سيِّء السمعة، وللقول إنه يبذل قصارى جهده للوفاء بمتطلبات الروس.

الدينامية الثالثة يمكن قراءتها من زاوية تحليل تاريخ النظام، والتوترات والانشقاقات التي شهدها، فبعد التخلّص من رفعت الأسد، عم بشار، في العام 1984، ومن غازي كنعان، الرجل القوي في أجهزة الأمن في 2005، وآصف شوكت، صهر بشار، في 2012، جاء الآن دور آل مخلوف. وهذا ليس بالأمر المفاجئ في الأنظمة التوتاليتارية ذات الاعتبارات الطائفية والقبلية والعائلية التي تُبنى غالباً على أسس معادلات وتوزانات دقيقة.

كل هذا يشي بأن النظام سيكون على موعد مع ضغوط متصاعدة وصراعات داخلية في المقبل من الأشهر، إذ أن روسيا في حاجة إلى الاعتراف الدولي بهيمنتها على سوريا وعلى مشاريع إعادة الإعمار، وإيران لن تقبل بأن تُهمّش. وبشار يهجس بـ”إعادة انتخابه” في العام 2021. وفي هذه الأثناء، يقوم لاعبون أجانب آخرون، على غرار تركيا والولايات المتحدة، بإعادة توكيد أدوارهم وتنظيم علاقاتهم مع حلفائهم المحليين في كلٍّ من شمال غرب وشمال شرق البلاد، تمهيداً لولوج المراحل المقبلة.

وكان مخلوف قد نشر مؤخراً تسجيلين مصوّرين على صفحته العامّة في منصّة فيسبوك، أشار فيهما إلى وجود صدع كبير في الدائرة الضيّقة للنظام السوري، وأتبعهما بنشر دعاءٍ يتضرّع فيه لله، ويتحدّث عن عدم إعانته في ردّ الظلم الواقع على الناس، في استمرار لما وصفه مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري “نشر الغسيل الوسخ لأسوأ الأنظمة في القرن الحادي والعشرين”.

———————————–

الأسد يتسلح مرتين بالحجز الاحتياطي ضد رامي مخلوف وزوجته

في ديسمبر/ كانون الأول عام 2019، كان قرار مديرية الجمارك العامة، التابعة لحكومة الأسد، بالحجز الاحتياطي على أموال ابن خال الأسد، رامي مخلوف، صادماً للإعلام نوعاً ما، على اعتبار أن الخلافات لم تكن ظاهرة للعلن كما هو الحال اليوم.

فالخلافات التي أصبحت حديث الشارع اليوم، سبقها قبل خمسة أشهر اتهامات بالتهريب والتهرب الضريبي، وحجز على أموال رجل مال عائلة الأسد، رامي مخلوف، بعد سنوات سارت فيها أعمال مخلوف بتناغمٍ مع الأسد وحكومته، حتى أوشك على التفرد بالسيطرة على أطراف الاقتصاد السوري.

واليوم بات برصيد ابن خال رئيس النظام السوري، رامي مخلوف، قرارين بالحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة، بعد قرار ثانٍ صدر اليوم عن وزارة المالية في حكومة الأسد، تقضي بالحجز على أمواله وأموال زوجته وأولاده لحين تسديد المبالغ المطلوبة منه.

الحجز الأول.. بداية ظهور مخلوف للعلن

وكانت “الجمارك العامة” التابعة لحكومة الأسد، حجزت نهاية عام 2019، على أموال رامي مخلوف وعدد من شركائه وزوجته “ضماناً لحقوق الخزينة العامة من الرسوم والغرامات المتوجبة بقضية تتعلق بمخالفة أنظمة الاستيراد وغرامات أخرى”.

وطال الحجز حينها كلاً من: باهر السعدي، محمد خير العمريط، علي محمد حمزة، وزوجاتهم، إضافة إلى شركة “آبار بتروليوم سيرفيسز”.

وجاء قرار الحجز، بحسب الجمارك، بسبب تهريب بضاعة ناجية من الحجز، تقدر قيمتها بنحو 1.9 مليار ليرة سورية، يترتب عليها رسوم بقيمة 215 مليون ليرة، ليكون أول قرار رسمي ضد مخلوفالذي يعتبر الذارع الاقتصادية لآل الأسد.

إلا أن رامي مخلوف، ظهر لأول مرة في تصريح صحفي منذ عام 2011، حين رد على القرار السابق بحديث لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، وقال حينها “تم زج وإقحام اسمنا بذلك، بزعم أننا مالكون لشركة آبار بتروليوم سيرفيسز ش.م.ل. أوف شور، التي لا تربطنا بها أي علاقة قانونية منذ تاريخ تأسيسها وحتى اليوم”.

وتابع: “تلك الجهات لم تتبع الإجراءات والأصول القانونية اللازمة للتثبت من ملكية وعائدية هذه الشركة لنا أم لغيرنا، بل اعتمدت على سجلات جمركية غير رسمية دوّن عليها اسمنا، دون وجود أي سبب أو مسوّغ قانوني لذلك، ودون علمنا أو معرفتنا أو حتى سؤالنا من قبلها عن ذلك، وهذا أمر مخالف للقوانين والأنظمة مرعية الإجراء”.

بانتظار الرد الجديد

الجديد في خلافات الأسد- مخلوف هو قرار من وزارة المالية، اليوم الثلاثاء، يقضي بالحجز الاحتياطي على أموال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، وزوجته وأولاده، على خلفية التطورات الأخيرة

وبحسب القرار، الذي نشرته وكالة “رويترز” للأنباء، اليوم الثلاثاء، فإن قرار الحجز الاحتياطي يأتي ضماناً لتسديد المبالغ المترتبة على رامي مخلوف، لصالح الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، ويشمل مخلوف وزوجته وأولاده.

ولم يعلّق رامي مخلوف، حتى اللحظة، على قرار وزارة المالية، عبر صفحته الرسمية في “فيس بوك”، والتي كثف من نشاطاته عليها خلال الفترة الماضية، إذ تسود توقعات بأن يرد قريباً على القرار.

 يُشار إلى أن هيئة الاتصالات في حكومة النظام، طالبت شركتي الخلوي في سورية(سيريتل- MTN)، بمبلغ 233.8 مليار ليرة، حيث وافقت MTN على التسديد، فيما رفضت سيريتل التي يملكها مخلوف دفع المبلغ، حسب الهيئة، لكن مخلوف قال إنه عرض تقسيط المبلغ على “الاتصالات”.

وتحدث رامي مخلوف في 3 تسجيلات مصورة، عن ضغوطات يتعرض لها من أجل التنازل عن سيريتل، واعتذر في التسجيل الثالث من عائلات الموظفين في شركة “سيرتيل”، الذين تم توقيفهم من قبل “الجهات الأمنية”، وفشل الجهود من أجل الإفراج عنهم.

وتسعى حكومة الأسد إلى الترويج لخططها بمحاربة الفساد، عقب تقارير روسية انتقدت سياسة الحكومة ووصفتها بالفاسدة، وسط الحديث عن أيادٍ روسية في قضية خلافات الأسد- مخلوف.

—————

جولة في مسقط رأس “مخلوف”: انقسامُ حاضنة النظام حول “رجل الفقراء

رغم الهدوء الأمني الذي تشهده مدن الساحل السوري حالياً، وعدم ظهور ردود فعل علنية في الشارع، إثر الزوبعة التي سبّبها ظهور رامي مخلوف على مواقع التواصل الاجتماعي، ضد ما أسماه “الظلم” الذي لحق به، إلا أن الخطوة أحدثت شرخاً اجتماعياً قوياً بين أنصار النظام، في أكثر حاضناته الشعبية “تماسكاً”؛ لاسيما أن شعبية مخلوف، لا تقل عن شعبية الأسد في هذه المناطق، التي يُعتبر معظم سكانها من محدودي الدخل.

في مدينة جبلة مسقط رأس مخلوف، يحظى ابن خال بشار الأسد، بشعبية كبيرة، كنتيجة للدعم الذي قدمته “جمعية البستان الخيرية” لمؤيدي النظام خلال السنوات الأخيرة.

إذ استطاع مخلوف، بظهوريهِ عبر “فيسبوك”، استمالة شريحة واسعة من موالي النظام لصفه، وهم الذين فسروا ما يحدث، على أنه محاولة لإسقاط رمز اقتصادي داعم للفقراء، ولأبناء ريف اللاذقية الموالين، خاصة من عائلات الطائفة التي ينتمي لها مخلوف والأسد.

وجال مراسل “السورية.نت”، في شوارع جبلة وقرى حولها(دون إعلان هويته كمراسل)، محاولاً استنباطَ الموقف الحقيقي، لمن التقاهم، وهم من عائلاتٍ شديدة الولاء لنظام الأسد.

يتساءل أحدهم، واسمه حسان، طالب جامعي من قرى ريف جبلة، عن أسباب اقتصار حملة النظام في “مكافحة الفساد”، على رامي مخلوف، مضيفاً:” من مثله قدم للفقراء وللوطن خلال سنوات الحرب. يكفي أنه لم يغادر البلاد بأمواله وأتمنى تدخل الرئيس بشار”.

“غيمة عابرة” !

على الكورنيش البحري الذي يشكل متنفساً لأهالي جبلة، تكاد لا تغيب سيرة مخلوف عن النقاشات بين الناس، فيما وضع صاحب إحدى المقاهي هناك، صورة لمخلوف بشكل علني، وبجانبه صورة  لرمز النظام بشار الأسد.

أما في وسط قرية بستان الباشا، التي ولد بها مخلوف، وجاء منها اسم “جمعية البستان”، فإن مظاهر الحياة تبدو شبه اعتيادية؛ إلا من طوابير المراجعين للجمعية العائدة لمخلوف، التي يبدو أنها لا تقدمُ “المساعدات والخدمات” كالعادة، وهو ما اعتبره أحد السكان “أمراً مؤقتاً”.

ويشير ذات المتحدث، إلى التغيّرات التي طرأت على مدينة جبلة والقرى المحيطة:”منذ بداية خروج خلاف مخلوف للعلن، لم يكن رامي مخلوف رمزاً كما هو اليوم في قرى ريف جبلة، معظم النقاشات بين الناس، تتمحور حول دعمه لأبناء المنطقة(…)لا زال معظمهم هنا ينادونه بالأستاذ، وإن كان هناك فئة قليلة كانت مقتنعة منذ وقت سابق أن مخلوف ومن شابهه من الأغنياء هم الفئة المستفيدة من هذه الحرب وأن من يُقتل هم أبناء الفقراء فقط”.

أما حسان، وهو مقاتل سابق في ميليشيا “صقور الصحراء”، وأحد المستفيدين السابقين من خدمات “جمعية البستان”، عبر تأمين طرق صناعي له إثر إصابته في إحدى المعارك، يرى أن ما يحصل هو “غيمة عابرة ولا يمكن لأي فتنة أن تحدث خلاف حقيقي بين عائلة الأسد”.

ثِقل آل مخلوف

من جانبه ذكر مسؤول “لجان التنسيق المحلية” في مدينة جبلة، أبو يوسف جبلاوي، في حديث لـ “السورية نت” أن الأوضاع الأمنية في المدينة هادئة، لكن هناك أحاديث عن تكتلات بين عائلات قوية، وذات نفوذ واسع في الساحل السوري؛ مثل “آل مخلوف”، و”آل جديد”، و”آل خيربيك”، و” آل جابر”، وهي عائلات لها ثقلها في ريف الساحل السوري و”يُقال أنها تضغط لصالح مخلوف في الخلاف الحاصل”.

ويضيف ذات المتحدث:” استطاع مخلوف بخطابه الديني(في الفيديو) كسب عواطف مؤيدي الأسد بشكل واسع، وتحويل الأمر إلى استهداف طائفي، هذا الأمر خلق نقمة تجاه أسماء الأسد التي يرى المؤيدون أنها من يقف وراء هذا الأمر، وهذا ليس مؤكداً”.

ولا يتوقع جبلاوي، أن يتحول الأمر لاشتباك بين الموالين في الساحل السوري، في الوقت الراهن؛ إلا أن هذا الأمر إن حصل وفق رأيه، سيكون له “تداعيات كبيرة على المستوى الاجتماعي في المنطقة، لاسيما أن عائلة مخلوف لها امتداد واسع في ريف اللاذقية، وميليشيا عسكرية ممثلة سابقاً بمليشيا البستان والحزب السوري القومي الاجتماعي.. هذا بالإضافة لنفوذ واسع داخل أجهزة النظام الأمنية وضباط رفيعي المستوى”.

انتقاد للأجهزة الأمنية

عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت متنفسا للسوريين؛ مؤيدين منهم ومعارضين، تجاهلت معظم صفحات الساحل المحلية(الموالية)، ما يجري، إلا أن القلة القليلة منها التي تناولت الموضوع، انتقدت ظهور مخلوف واستخدامه الفيسبوك لايصال رسالته وإظهار الأمر للعلن.

وحمل منشور على صفحة “اللاذقية الآن” الموالية، مرفقاً بصورة “مخلوف” كقرصان، انتقاداً له، و”فساده وبذخ أولاده”، رغم تجاهلها سابقا الحديث عن هذه الأمور، إلا أن معظم التعليقات على الصفحة( من موالين أيضاً) حملت استنكاراً كبيراً للتهجم على مخلوف، مُتهمين قوى أمنية لم يسمونها بأنها وراء نشر مثل هذه المنشورات.

منشور من صفحة “اللاذقية الآن” الموالية ينتقد مخلوف ويثير استياء المُعلقين

وعلّق همام يوسف، على اتهام مخلوف بالفساد ، قائلاً:”كنت استرجي نزل هيك بوست واحكي هيك حكي من سنة ونص وين كنت قبل؟ ليش ماكنت شايف هالشي؟” بينما دافع شخص آخر  يدعى غدير عباس بالقول:” حماك الله أستاذ رامي رجل الخير والفقراء”.

لم يعتد مؤيدو الساحل السوري منذ بدء سنوات الثورة، أن يجدوا أنفسهم بين طرفين، كلاهما يحسب على “العائلة الحاكمة والطائفة ذاتها”، إلا أن هذا الخلاف يعيد للأذهان أحداث الثمانينات بين رفعت الأسد وأخيه حافظ الأسد، وفق ما يرى محمود وهو مهجر من مدينة جبلة ويقيم في إدلب.

ويرى الرجل الأربعيني، أن الخلاف الحالي “لا يعدو إلا كونه خلاف مكاسب مادية ولن ينتهي إلا بصلح يرضي الطرفين كما حصل حين استأثر الأسد الأب بالسلطة لسنوات وذهب الآخر بأموال الشعب السور

السورية نت

————————-

=====================

تحديث 19 أيار 2020

————————–

أسماء الأسد ليست جوليا دومنا/ عمر قدور

أنعش رامي مخلوف، من خلال ظهوره بثلاثة فيديوهات ونشره نصاً مبهماً على صفحته، صورةَ أسماء الأسد. كثر يرون المعركة بينه وبينها، هي التي تريد الإجهاز على موقعه المالي والاقتصادي لصالح أقربائها الصاعدين كأثرياء سلطة جدد، أو كأثرياء حرب وفق تعبير رامي في إطلالته قبل يومين. لا يندر بين هؤلاء من يشير إلى طابع طائفي للمعركة، فأسماء “السنّيّة” في مواجهة رامي “العلوَيّ”، من دون تبرئة الطرفين من استغلاله أيضاً، إذ يعوّل رامي على اجتذاب بعض المتعاطفين الطائفيين، بينما تستفيد سلطة بشار بدرء اتهامات الطائفية عنها.

قبل يوم من فيديو رامي الأخير، نشر موقع “رئاسة الجمهورية العربية السورية” تسجيلاً لأسماء الأسد، تتحدث فيه ضمن ورشة “جريح الوطن” المتعلقة ببرنامج مساعدة جرحى قوات الأسد والقوات الرديفة “أي الشبيحة بالتعبير الرسمي”. ركّزت أسماء في حديثها على وجود البرنامج منذ ست سنوات، أي في الفترة التي أشار إليها رامي من قبل كزمن نشطت فيه مؤسسته لمساعدة الجرحى والمعاقين من قوات الأسد وشبيحته. ليصادف قبل يومين صدور مرسوم يخصص ما لا يقل عن 2% من مقاعد الجامعات والمعاهد السورية كمنح لذوي المصابين، بما في ذلك أجور النقل والسكن الجامعي. أي أن أسماء، وفق الافتراضات الشائعة، تواجه مخلوف في المجال الذي نال فيه شعبية لدى بعض الموالين ويستغله في حملته الحالية، بل تجرده من مزاعمه “الخيرية”.

في الصراع المفترض بين أسماء ورامي نحن أمام عناصر درامية مشوّقة، مواجهة بين امرأة ورجل، الاختلاف المذهبي بينهما الذي قد يفيد في حشد مناصرين من هنا وهناك، وفوق ذلك ما لصورة سيدة القصر المسيطرة من جاذبية تاريخياً. قد يلزم القول أن أسماء الأخرس ليست جوليا دومنا، الحمصية التي تزوجت قائداً عسكرياً رومانياً وشاركته صعوده إلى العرش، ثم شاركته حكمه وكانت لها سطوة أثناء حكم ولديها من بعده. الألقاب التي أُسبغت على جوليا دومنا، مثل “أم الوطن” و”أم الجيوش”، لم تكن الأهم بموجب المؤرخين الذين توقفوا عند دورها كمستشارة سياسية، وكمشرفة وحاضرة في المجلس العلمي والأدبي الذي أنشأته. المنبت الحمصي المشترك بين أسماء “سيدة الياسمين بحسب لقب جديد!” وجوليا دومنا، فضلاً عن بروز الأولى مؤخراً، يجب ألا يغرينا بالظن أن أسماء تحكم إلى جانب زوجها، وستحكم مستقبلاً إلى جانب ابنها.

يُسجّل المؤرخون لجوليا دومنا أنها غزت روما بأقاربها وبعضٍ من أهل مدينتها، في حقبة لاحقة سيعتلي ابن أختها عرش الإمبراطورية، واليوم تُشاع صورة أسماء التي أتت بعائلتها وأقاربها لتُمسك بهم مفاصل الاقتصاد والمال، مرة أخرى مع عدم إغفال الاختلاف المذهبي بين منبتهم ومنبت أثرياء السلطة السابقين وعلى رأسهم رامي مخلوف. لكن أقصى ما يُقال اليوم عن صعود أقرباء أسماء لا يدنو من البنية العسكرية والمخابراتية، البنية الأهم لسلطة الأسد، أما الجانب الطائفي المزعوم لعملية الاستبدال فيقضي الاقتناع بسنّيّة أسماء الأخرس وعلوية رامي مخلوف، مع علمنا بأن تجار المخدرات الكبار لا يتعاطونها، وأقصى ما يذهب إليه ترويج هذا الجانب هي استعادة صورة قديمة تستهوي البعض عن سلطة الأسد المخابراتية العسكرية التي تتحالف مع رجال الدين والبرجوازيين السنة.

أنذر رامي وهدد قبل يومين بانهيار الاقتصاد السوري، فيما إذا استمرت الضغوط عليه، وبدا مرتاحاً غير منفعل وكأنه واثق جداً من مكامن قوته. أحد أسباب ثقته بنفسه استعداده المضمر للتضحية بشركة الاتصالات التي هي رأس جبل الخلافات، والاعتقاد السائد عموماً هو أنه يبتز ابن عمته بباقي الأعمال والأموال الخاصة بشراكتهما في الخارج. وإذا صحّ الربط الذي أشار إليه بين ارتفاع الأسعار “أي تدهور الليرة” والضغوط التي بدأت تُمارس عليه منذ منتصف العام الفائت فهذا يمنحه أرجحية على الأثرياء الجدد من أقرباء أسماء، وحتى على الهيئات المالية والاقتصادية لسلطة بشار التي لا تستطيع منع الانهيار الحاصل.

نحن لا نعلم في المقابل مصدر القوة المفترضة لأسماء و”عشيرتها”، باستثناء ما ينبغي لنا تخمينه حول تأثيرها على زوجها. وفق هذا التصور الميلودرامي، يكون واقعاً تحت سطوة ثلاثية، سطوة موسكو وطهران من الخارج وسطوة أسماء داخل قصره. ولكي يستقيم هذا التصور، يتوجب تحييد منافسين لأسماء من الحلقة الضيقة جداً أهمهم ماهر الأسد، الأمر الذي لا يليق بصورته أمام الموالين الذين يرونه أشد بأساً من أخيه، ومن المستبعد أن تقدر عليه أسماء وحدها مهما عزي إليها من مهارات. من المفهوم تصويب رامي على أسماء، واستغلال الجانب الطائفي، علاوة على تحييد ابن عمته وتصغيره المضمر بهذا التحييد؛ ما هو غير مفهوم هو انصياع الطرف الآخر للعبة والدفع بأسماء أيضاً إلى مواجهته.

لعلنا نفسد جانباً من “متعة وتشويق” هذا المسلسل بقراءة الأحجام الحقيقية لأبطاله المفترضين، بدءاً من عدم قدرتهم على التحرك من دون دفعٍ أو سماحٍ خارجيين. في الواقع يصعب الاقتناع بخوض أسماء ورامي صراعهما وكأن سوريا مباحة لهما، أو أن الاقتصاد السوري “بكل تهافته” خارج نهائياً عن اهتمامات الوصيين الروسي والإيراني. وإذا كان الصراع غير منفصل عن إعادة هيكلة السلطة تمهيداً لاستحقاقات سياسية قادمة، من المستحيل تصور حدوثه بعيداً عن الوصيين، سواء في ظل تفاهمهما أو تنافسهما.

حتى الآن لدينا طرفان قادران على إيقاع الأذى كل منهما بالآخر، الليرة السورية وشركة الاتصالات أول اختبار للتهديدات المتبادلة، واستمرار المعركة مع استعداد كل منهما للخسارة يؤشر إلى دفع خارجي مباشر أو غير مباشر. وقد لا يكون الدفع الخارجي تعبيراً عن مصالح متناقضة لموسكو وطهران، فلا يُستبعد أن تكون الجهة ذاتها هي من يدفع الطرفين إلى المواجهة، وإلى إيقاع الخسارة بهما معاً. في انتظار حلقات أخرى من المسلسل، طرفا المواجهة تصرفا بطريقة منضبطة مُستبعدة عن طبيعتهما المعروفة، وهو ما يضيف تشويقاً لا إلى ترقب الخاتمة فقط، وإنما أيضاً إلى معرفة كاتب النص ومخرجه.

المدن

——————–

في سوريا… مشكلة ثروة ضخمة وتحكّم بطائفة/ خيرالله خيرالله

أمن أطرف ما تشهده الأزمة داخل العائلة الحاكمة في سوريا، بفرعي الأسد ومخلوف، الكلام عن القانون. هناك لجوء مفاجئ إلى القانون وكأن في سوريا شيئا اسمه دولة القانون وذلك منذ وصول حزب البعث إلى السلطة في العام 1963، وحتّى قبل ذلك عندما كان عبدالحميد السرّاج يحكم سوريا إبّان الوحدة مع مصر بين شباط – فبراير 1958 وأيلول – سبتمبر 1961. ظهرت بعد انتهاء الوحدة بارقة أمل بإمكانية عودة سوريا دولة طبيعية ذات دستور عصري معقول يحكمها أشخاص طبيعيون، رجال مدنيون يعرفون الحدّ الأدنى من التعامل الأخلاقي بين الناس بعيدا عن العُقد التي تتحكّم بالأقلّيات، بمختلف أنواعها، في المنطقة.

في السنة 2020، مع تصاعد الحملة التي تشنّها عائلة الأسد من أجل وضع اليد على شركة “سيريتل” للاتصالات، التي يملك معظمها آل مخلوف، بدأ رامي مخلوف يتحدّث عن ضرورة التقيّد بالقانون والاحتكام إليه، وعن وجود قانون يحميه ويحمي شركته التي فرضت عليها السلطات المعنية ما يمكن وصفه بخوّة تصل إلى ما يقارب 180 مليون دولار. نسي رامي مخلوف فجأة كيف صارت “سيريتل” شبه مملوكة منه ومن أشقائه وكيف أُخرج رجل الأعمال المصري نجيب سويرس منها مباشرة بعد لعب شركته الدور المطلوب منها في مرحلة التأسيس.

كانت “سيريتل”، وقتذاك، في حاجة إلى مستثمرين وخبرات معيّنة. الأكيد أن آخر ما فكّر فيه رامي وقت إخراج سويرس من “سيريتل” هو القانون الذي كان أداة طيّعة في يده. بقيت الأمور كذلك، إلى أن تولّدت لدى بشّار الأسد وزوجته أسماء الأخرس وشقيقه ماهر أفكار أخرى في شأن ثروة العائلة وكيفية الاستحواذ عليها كلّها، بدءا بوضع “سيريتل” في إطار كارتل جديد تشرف عليه السيّدة أسماء التي ظهر في الشهور الأخيرة أنّ لديها طموحات كبيرة.

لا يتعلّق الأمر بمبلغ مطلوب من آل مخلوف دفعه للخزينة السورية. هناك ما هو أبعد من ذلك بكثير. هناك ثروة آل مخلوف التي يطالب آل الأسد باسترجاعها. إنّهم يمتلكون، في الأصل، جزءا منها، نظرا إلى أنّ محمد مخلوف الذي كوّن الثروة كان بمثابة واجهة للنظام والذراع المالية له.

إنّ معظم هذه الثروة، التي تُعتبر “سيريتل” جزءا منها، موجود في حسابات خارج سوريا، في أوروبا تحديدا، كما يروي بعض الذين يعرفون خبايا النظام السوري. جمع آل مخلوف بقيادة الأب محمّد مخلوف، شقيق أنيسة زوجة حافظ الأسد، ثروة ضخمة تقدر بمليارات الدولارات في أساسها النفط والتحكّم به. لعل شهادة فراس طلاس، رجل الأعمال ونجل مصطفى طلاس (وزير الدفاع في عهد حافظ الأسد)، الذي أجرى معه التلفزيون الروسي (RT) قبل أيّام مقابلة، تعطي فكرة عن حجم الثروة التي كوّنها آل مخلوف الذين فقدوا مصدر قوتهم بعد وفاة الوالدة أنيسة ومرض محمّد مخلوف وتقدّمه في السنّ.

قال فراس طلاس “عندما رحل رفعت الأسد حلَّ مكانه محمد مخلوف الذي استعان بمستشارين لبنانيين ومن ثم إنجليز ومن ثم جنوب أفريقيين، وبنى شبكة من المحامين أسست شركات في الخارج. في هذه الفترة من الثمانينات دخلت الشركات الأجنبية لتستثمر في اكتشاف النفط في سوريا، فكان لمخلوف حصة شراكة مع كل شركة نفط دخلت إلى سوريا”.

يضيف فراس طلاس “في العقل الشعبي السوري هناك رواية متداولة عن أن النفط لا يظهر في الموازنة السورية (موازنة الدولة). الحقيقة أنه يظهر إما في المؤسسة العامة للنفط، أو في وزارة النفط، لكن ما يحصل هو أن مكتب تسويق النفط الذي هو مسؤول عن تسويق النفط كان يبيع سبع شركات فقط، وإذا جاءت أي شركة في العالم لتشتري النفط مباشرةً، يأتي من مكتب تسويق النفط من يهمس لك: تواصل مع فلان. هذا الفلان هو محمد مخلوف (أبورامي). وعندما تذهب إلى محمد مخلوف يقول لك: سنعقد اتفاقية في قبرص مع هذه الشركة بحيث تدفعون لها 7 في المئة عمولة على النفط، وهذا رقم كبير جداً لأن عمولات النفط تكون عادةً بين 0.5 في المئة و1 في المئة. لكنكم ستحصلون أساساً على هذه الـ7 في المئة محسومة من سعر النفط السوري. أي أن النفط السوري يباع بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 7 في المئة تذهب إلى شركات باسم العائلتين الأسد ومخلوف. هذا الأمر قائم منذ سنة 1986 أو 1987. عندما بدأ النفط السوري يُباع بشكل تجاري وفق عمليات تصدير حقيقية، صرنا أمام أرقام كبيرة جداً، حتى لو أن هذه الأرقام لم تصبح مليارات إلا في التسعينات بعد السنة الألفين، لأن سوريا كانت تصدّر من النفط ما مقداره 200-220 ألف برميل وليس أكثر من ذلك”.

يروي فراس طلاس أيضا كيف كان محمد مخلوف يحصل على مئات ملايين الدولارات من بيع الرخص ومن البنية التحتية التي كانت الشركات تبنيها في سوريا. ولمّا سأله الصحافي الذي كان يجري المقابلة: لكن النفط قطاع عام في سوريا، فهل محمد مخلوف شريك للدولة أو وكيل للدولة؟ أجاب: “كل النفط الذي يُستخرَج في سوريا يباع عبر مكتب تسويق النفط، ولا يحق لأيٍّ كان أن يشتري النفط السوري إلا إذا كان مسجلاً في مكتب تسويق النفط، وإذا ذهبت إليهم لتسجّل شركتك، يتم رفضك حتّى لو كنت أكبر شركة في العالم… إلا إذا كانت هناك اتفاقية بينك وبين محمد مخلوف الذي يحصل على عمولة 7 في المئة، فإذا تم بيع نفط بـ50 مليون دولار تحصل العائلة على 3.5 مليون دولار، ونحن نتحدث هنا عن 6-7 ملايين دولار يوميا”!

في المدى القصير، سيتمكن بشّار الأسد من إخضاع رامي مخلوف. لكنّ ذلك لا يمنع من طرح سلسلة من الأسئلة من بينها؛ أي مستقبل للنظام السوري في حال انتصر بشّار وأسماء وماهر على رامي؟ ما الذي سيتركه الصراع العائلي من آثار داخل الطائفة العلوية نفسها؟ الأكيد أن هناك توترا علويا – علويا لا سابق له في تاريخ الطائفة.

المشكلة الكبيرة أمام العلويين أنّ إلغاء فرع من العائلة لفرع آخر واستيلائه على الثروة، يدور فيما مستقبل سوريا على المحكّ. يمتلك رامي مخلوف مفاتيح حسابات الخارج. من سيتمكن من استعادة ما في هذه الحسابات في وقت كلّ الشخصيات السورية المرتبطة بالنظام على لائحة العقوبات الأميركية والأوروبية؟ أكثر من ذلك، من هو الشخص القريب من آل الأسد الذي يمكن أن يُؤتمن على أي حساب قد يخرج من سيطرة رامي مخلوف والواجهات التي يحتمي بها من العقوبات التي فرضت عليه؟ إنّها مشكلة ثروة ضخمة ومشكلة عائلة حكمت سوريا وتحكمت بالعلويين وبمصيرهم طويلا في الوقت ذاته!

إعلامي لبناني

العرب

———————-

الأسد يطلق رصاصة الرحمة على مخلوف

أطلق النظام السوري رصاصة الرحمة على ما يبدو تجاه أي محاولة لحل الأزمة المتفجرة مع رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، بعد أسابيع من التراشق الإعلامي بين الجانبين بلغ ذروته ظهر الثلاثاء، مع قرار الحجز الاحتياطي على أموال الرجل الذي طالما اعتبر واجهة النظام الاقتصادية.

وأصدر وزير المالية في حكومة النظام السوري قراراً بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، “ضماناً لتسديد الأموال المترتبة عليه لصالح الهيئة العامة الناظمة للاتصالات”.

القرار، وعلى الرغم من أنه جاء ضمن سلسلة من التصعيد بين النظام ومخلوف، إلا أنه يعتبر مفاجئاً بالنظر إلى أن التوقعات التي كانت تصب في اتجاه أن يجد الطرفان حلاً وسطاً في النهاية، مع تدخل مقربين سعوا لاقناع مخلوف بتقديم تنازلات، قال الأخير إن النظام لم يلتفت لها.

وأعقب قرار الحجز الاحتياطي قرار آخر صادر عن وزير مالية النظام مأمون حمدان، قضى بحرمان رامي مخلوف من التعاقد مع الجهات العامة لمدة خمس سنوات.

وهذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها قراراً بالحجز على أموال رامي مخلوف شخصياً بعد أن كانت قرارات الحجز السابقة تصدر باسم شركة “سيريتل” للاتصالات الخليوية، كبرى شركات رجل الأعمال الذي استحوذ على جزء كبير من السوق التجارية السورية قرابة عقدين، وخاصة في مجالات المصارف والتأمين والسياحة والنفط بالإضافة إلى الاتصالات.

وبينما يطالب النظام رسمياً رامي مخلوف بدفع نحو 180 مليون دولار كمستحقات متأخرة لصالح خزينة الدولة، تؤكد المصادر أن الرقم المطلوب دفعه أكبر بكثير من الرقم المعلن، في وقت يعاني فيه النظام من نقص حاد بالموارد المالية وخاصة من العملات الصعبة، حيث سجلت الليرة السورية تدهوراً كبيراً خلال الأيام الأخيرة الماضية لتبلغ أكثر من 1800 ليرة مقابل الدولار.

——————-

النظام السوري يحجز على أموال وأملاك رامي مخلوف

أصدر وزير المالية في حكومة النظام السوري مأمون حمدان الثلاثاء، قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف وأموال زوجته وأولاده بسبب قضية المبالغ المستحقة على شركة سيريتيل للاتصالات والبالغة حوالي 130 مليارا لصالح خزينة الدولة.

وكان رامي مخلوف قد عين ابنه علي البالغ من العمر 20 عاماً نائباً لرئيس مجلس إدارة شركة سيريتل بعد استقالة إياد مخلوف شقيق رامي من هذا المنصب.

——————-

في حرب معلنة.. الأسد يجمّد أصول شركات رامي مخلوف

دمشق- قررت الحكومة السورية، الثلاثاء، الحجز على أموال رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد وأحد أغنى أغنياء سوريا، وزوجته وأولاده.

وحملت وثيقة حكومية تاريخ 19 مايو وعليها توقيع وزير المالية وجاء فيها أن “الحجز الاحتياطي” يأتي ضمانا لتسديد المبالغ المستحقة لهيئة تنظيم الاتصالات في سوريا.

وكان مخلوف قد بث مقطعا مصورا الأحد قال فيه إن المسؤولين طلبوا منه الاستقالة من رئاسة شركة سيريتل لخدمات الهاتف المحمول، في أحدث منعطف في نزاع على الأصول والضرائب كشف عن خلاف في قلب النخبة الحاكمة بسوريا.

واتهمت وزارة الاتصالات السورية، الاثنين، مخلوف بمحاولة التهرب من سداد ديونه للخزينة العامة.

وقالت الوزارة في بيان إن رامي مخلوف “يمارس الخداع للتهرب من سداد الديون المستحقة من شركته”.

وناشد مخلوف الأسد أواخر أبريل في مقطع فيديو نُشر على صفحته على فيسبوك بإعطاء شركته الوقت لدفع الضرائب المتأخرة لتجنب الانهيار.

ويأتي احتدام الخلافات بين عائلة مخلوف والنظام في توقيت حساس جدّا لاسيما مع اقتراب دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ والذي يستهدف زيادة الضغوط الاقتصادية على دمشق من قبيل تعرض أي دولة أو شركة لعقوبات مشددة في حال تعاملت مع النظام السوري.

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد وضعا مخلوف على قوائم عقوباتهما بسبب صلاته بحكومة الأسد، ولكن ظهر خلاف بينه وبين النظام.

وقال رجل الأعمال إن الشركة مستعدة لدفع المال كنوع من الدعم للدولة، ولكن ليس كضريبة. واضاف “لقد تم فرض هذه الاموال بشكل غير عادل”.

وقالت مصادر قانونية سورية إن أمام الحكومة عدة خيارات للتعامل مع ملف سيريتل منها إلغاء الترخيص الممنوح لها.

وقد حذر مخلوف من قبل من أن انهيار شركته سيكون “كارثة كبيرة” على الاقتصاد السوري.

كما كشف عن فشل جميع الجهود لحل قضية سريتيل مع السلطات السورية، مستعرضا حزمة مطالب “لا تنتهي” تقدمت بها الأخيرة “خدمة لأشخاص معينة” حسب تعبيره، كانت بداية بدفع مبالغ مالية وافق عليها، من ثم طلب منه التوقيع على عقد حصري لشركة “لم يسمّها” تأتي بجميع المشتريات لـ”سريتيل”، تلاه طلب تخلي رامي عن رئاسة إدارة الشركة، وأخيرا وليس آخرا، التنازل عن 50 في المئة من رقم أعمال الشركة أي نحو 120 في المئة من أرباحها لفائدة الدولة، والذي قال عنه إنه “تخريب للشركة”.

ويرى العديد من السوريين أن مخلوف، الذي صنع ثروته في مجالي البناء والاتصالات، أحد أشهر أعضاء النخبة الحاكمة ورمز للفساد في البلد الذي مزقته الحرب.

وقال مخلوف، في ثالث تسجيل فيديو يبثه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” اليوم ، إنه لن يتخلى عن منصبه كرئيس لمجلس الإدارة في الشركة.

وأضاف أن حملة اعتقالات لمديري شركة اتصالات سيريتل ستوقع كارثة بالاقتصاد السوري، مقدما اعتذاره لأهالي الموظفين في شركاته الذين تم توقيفهم من الجهات الأمنية، مؤكدا استمرار “اعتقالهم دون اتخاذ اجراءات قانونية بحقهم، هذا النهج سيؤدي إلى خراب الشركة”.

ويمتلك مخلوف إمبراطورية أعمال في مجالات متنوعة مثل الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط.

ولعب آل مخلوف دورا رئيسيا في دعم الأسد الابن عقب اندلاع الأزمة في العام 2011، ليس فقط ماليا حيث وجهت اتهامات لمحمد مخلوف (القاطن في روسيا) وابنه رامي بالترتيب لصفقات أسلحة بين سوريا وروسيا ودفع ثمن هذه الأسلحة أو مبالغ نقدية “على الحساب”.

وجراء هذا الدعم تعرضت عائلة مخلوف لعقوبات أوروبية وأميركية. وفي منتصف العام 2019 بدأ الفتور يتسرب إلى العلاقة بين النظام السوري والعائلة لاسيما رامي مخلوف، وسط تسريبات تتحدث بأن زوجة الرئيس بشار الأسد أسماء وبعض رجال الأعمال الذين نجحوا في مراكمة الثروات خلال الحرب، من يقفون خلف هذا الفتور.

———————-

بعد حجز الأموال.. قرار آخر يشل حركة رامي مخلوف

أصدرت حكومة النظام السوري، قرارا بحرمان رامي مخلوف من التعاقد مع جميع مؤسسات النظام، لمدة خمس سنوات، بحسب وثيقة نشرها أنصار الأسد.

وفي التفاصيل، ذكر نص القرار أنه بناء على اقتراح وزير الاتصالات الذي رفعه لرئاسة مجلس الوزراء، أمس الاثنين، فقد تقرر “حرمان” المدعو رامي محمد مخلوف من التعاقد مع الجهات العامة، لمدة خمس سنوات.

قرار آخر يمنع رامي مخلوف من التعاقد مع النظام لمدة 5 سنوات قرار آخر يمنع رامي مخلوف من التعاقد مع النظام لمدة 5 سنوات

يأتي هذا، مع قرار الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لرامي مخلوف، ضماناً لتسديد أموال الهيئة الناظمة للاتصالات، بحسب القرار الصادر عن وزارة مالية النظام، الثلاثاء.

وكان مخلوف قد أعلن في ظهوره المصور الأخير، أنه لن يتنازل عن رئاسته لمجلس إدارة شركة “سيرتيل” للاتصالات، مؤكداً أن النظام طلب من موظفيه الكبار، إبعاده عن منصبه، فاستقال شقيقه، من منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، وعين مكانه، ابنه البالغ من العمر 20 عاماً فقط.

تقييده مالياً وشل حركته

وبحسب متابعين للشأن السوري، فإن قرار حرمان مخلوف من التعاقد مع “الجهات العامة”، يعني ضمنيا تقييده ماليا وشل حركته، الأمر الذي قد يدفع بالمساهمين إلى الضغط عليه للاستقالة وترك منصبه. لأن حرمانه من التعاقد مع الجهات العامة، يعني شلّ نشاطه التجاري، على مختلف الصعد، وليس فقط على مستوى شركة “سيرتيل”.

ورداً على ما ورد في الظهور الثالث لرامي مخلوف، ابن خال الأسد ورجل الأعمال المعاقب دوليا لتورطه بقضايا فساد وتكوين ثروة على حساب قوت السوريين ودعم أعمال الأسد العسكرية التي أدت لقتل وتشريد وإصابة ملايين السوريين، هددت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد التابعة للنظام السوري، باتخاذ تدابير قانونية ضد شركة “سيرتيل” العائدة ملكيتها لمخلوف.

الأسد ورجالاته (أرشيفية- فرانس برس) الأسد ورجالاته (أرشيفية- فرانس برس)

وقالت في بيانها، الأحد، والذي جاء بعد دقائق من ظهور مخلوف المصور، إنها تحمل شركة “سيرتيل” كل التبعات القانونية والتشغيلية، رداً عل رفض الشركة دفع المبالغ المستحقة عليها، بحسب البيان.

في حين ردّ مخلوف، صباح الاثنين، على ما ورد في كتاب هيئة الاتصالات، معلنا استهجانه لما ورد فيه، ومؤكدا في الوقت نفسه، أنه سبق وتقدّم بكتاب يعود تاريخه إلى العاشر من الشهر الجاري، نشره مرفقا مع بيانه، يطلب فيه إيضاح الدفعة المالية الواجب عليه دفعها، وكذلك تحديد الأقساط الأخرى المترتبة عليه. وقال: إننا نؤكد على “عدم صحة” ما جاء في منشور هيئة الاتصالات التي اتهمها بنشر “عكس” ما ورد في كتابه المرفق.

وكان مخلوف قد ظهر الأحد، في فيديو ثالث له، بعد ظهورين له في الثلاثين من الشهر الماضي، والثالث من الجاري، أعلن فيه رفضه “التنازل” عن منصبه رئيسا لمجلس إدارة شركة “سريتل” كما قال موضحاً إن جهات في النظام، طالبت بإبعاده كلياً، من شركة الاتصالات.

وأعلن في ظهوره الثالث، الأحد، أنه تلقى تهديدات كثيرة كحجز الشركة ووضع اليد عليها، وحبس موظفيه، موضحاً أن نظام الأسد قد قام باعتقالات طالت عددا من موظفي شركته، معلنا فشله بإطلاق سراحهم.

كما كشف أن شقيقه استقال من منصب نائب رئيس مجلس إدارة “سيرتيل”. واتّهم مؤسسات نظام الأسد بـ”التمادي” بحقّه. واستعمل تعبير “أثرياء الحرب” قاصداً رجال الأعمال الحاليين داخل النظام، مصنفا نفسه من أثرياء ما قبل الحرب، بحد وصفه.

وأعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات التابعة للنظام، أن على شركتي “سيرتيل” وإم. تي إن، لتشغيل الهاتف المحمول، دفع مبلغ 230 مليار ليرة سورية، كفوارق تعاقدية، معتبرة هذا المبلغ يعيد التوازن للتعاقد الأصلي، إلا أن مخلوف كشف أن هناك الكثير مما يطلب منه وصولا إلى إقالته من “سيرتيل”، وليس فقط المبلغ المذكور، بحسب ظهور الأخير، الأحد.

يذكر أن رامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال الأسد المعاقب دوليا، منذ عام 2008، متورط بقضايا فساد عديدة، واستعمل نفوذه وقربه من نظام الأسد، لتخويف خصومه التجاريين واكتساب مزايا متقدمة عليهم، بحسب ما ورد في عقوبات الخزانة الأميركية التي صدرت بحقه عام 2008 ومنعت الأفراد والمؤسسات من التعامل معه. ثم تلاها عقوبات مختلفة وتجميد أمواله، في الاتحاد الأوروبي وسويسرا.

وصدر مرسوم من رئيس النظام السوري في 11 من الشهر الجاري، يقيل فيه وزير التجارة في حكومته، عاف النداف، وهو المتهم بمنع شركة “تكامل” المصدرة للبطاقات الإلكترونية الذكية، والعائدة مليكتها إلى قريب أسماء الأسد، بحسب تقارير، من العمل في بعض قطاعات النظام الاقتصادية.

———————

الأسد يضع يده على إمبراطورية مخلوف.. النظام يحجز على أموال الملياردير وزوجته وأولاده

أمر نظام بشار الأسد بفرض حجز احتياطي على أموال الملياردير ورجل الأعمال رامي مخلوف، في خطوة تصعيدية غير مسبوقة من قبل النظام تجاه ابن خال الأسد الذي بنى إمبراطورية اقتصادية في سوريا على مرأى من الرئيس نفسه، كما يُعد هذا الإجراء مؤشراً على عمق الخلافات بين الرجلين.

وكالة رويترز قالت الثلاثاء 19 مايو/أيار 2020، إنها اطلعت على وثيقة تحمل توقيع وزير المالية في سوريا، مأمون حمدان، تتضمن قراراً بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرامي مخلوف وزوجته وأولاده.

تنصّ الوثيقة على أن “الحجز الاحتياطي يأتي ضماناً لتسديد المبالغ المترتبة على رامي مخلوف لصالح الحكومة السورية”.

يُطالب نظام الأسد مخلوف بدفع ما يقارب من 130 مليار ليرة، وتقول الحكومة إن هذا المبلغ هو ضرائب على شركة الاتصالات التي يملكها الملياردير والمُسماة “سيرتيل”، لكن مخلوف تحدى النظام في مقاطع فيديو وقال إنه يدفع ضرائبه، وإن الحكومة تريد الحصول على هذا المال بفرضها للأمر وليس لكونه مبلغاً مستحقاً.

مخلوف ومؤسسة الاتصالات في سوريا دخلا في حرب كلامية أمس الإثنين 18 مايو/أيار 2020، وقال مخلوف إن شركته وافقت على دفع المبلغ المطلوب منها، بينما اتهمته مؤسسة الاتصالات بالخداع.

اعتقالات بشركات مخلوف: يأتي الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف وعائلته ليُضاف إلى سلسلة من الإجراءات العقابية التي فرضها النظام عليه، إذ صعّد النظام عبر مواصلته شن اعتقالات موظفين ومديرين في شركات تابعة له، وكان آخرها الأحد 18 مايو/أيار 2020، الذي تزامن مع نشر مخلوف فيديو جديداً أعلن فيه رفضه عدداً من المطالب التي حددها النظام.

عناصر من الشرطة العسكرية الروسية شاركوا في مداهمة مكاتب ومقرات تابعة لشركات مخلوف، ووصل عدد الموظفين والمسؤولين المعتقلين إلى 60 شخصاً يعملون في شركة “سيرتيل” وجمعية “البستان” التي أسسها مخلوف، قبل أن تضع أسماء الأسد زوجة بشار يدها عليها.

هذه الاعتقالات واتساعها يؤشران إلى تصعيد كبير غير مسبوق داخل عائلة الأسد، ويبدو أنه في تزايد مستمر، وفقاً لما حمله الفيديو الأخير لمخلوف من مؤشرات على ذلك.

مخلوف نشر الأحد 17 مايو/أيار 2020 مقطع فيديو هو الثالث له خلال شهر، وهاجم فيه أجهزة النظام التي قال إنها تمارس ضغوطاً عليه، وإنها تطلب منه دفع أموال بـ”غير وجه حق” تحت مسمى الضريبة.

كشف الملياردير الذي يسيطر على 60% من الاقتصاد السوري، تفاصيل عن مفاوضات يجريها مع النظام، قائلاً إن الأخير أعطاه مهلة للتخلي عن رئاسة شركة الاتصالات الضخمة التي يملكها، وإلا فإنه سيسحب ترخيصها، مشيراً أيضاً إلى استمرار اعتقال قوات الأمن لموظفيه.

وعلى خلاف مقطع الفيديو الأول الذي ظهر فيه مخلوف، فلم يستنجد الأخير في ظهوره الجديد بالأسد، بل حمل الفيديو نبرة تهديد، إذ حذّر من أن استمرار الإجراءات بحق شركته سيؤدي إلى كارثة في الاقتصاد السوري.

كذلك، وفي تهديد مبطن، أشار مخلوف إلى ما تسببت به الحملة ضده من انهيار في قيمة الليرة السورية، وعاد بالزمن إلى منتصف عام 2019، واكتفى بالقول: “أنتم تعلمون ما حدث حينها”، مشيراً بذلك إلى استيلاء أسماء الأسد زوجة بشار على جمعية البستان الخيرية التابعة لمخلوف.

قال مخلوف في هذا السياق إنه منذ ذلك التاريخ ارتفعت قيمة الدولار أمام الليرة 30 ضعفاً، واصفاً ذلك بأنه انهيار للاقتصاد السوري.

وتأتي إشارة مخلوف هذه لتدهور قيمة الليرة بعدما شهدت الأخيرة خلال الأسبوعين الماضين انخفاضاً حاداً في قيمتها، فقد وصل سعر الدولار إلى 1900 ليرة سورية، الأمر الذي يزيد من سخط الشارع السوري المُوالي والمعارض.

كانت تقارير قد أشارت إلى دور مخلوف في زيادة انهيار سعر الليرة خلال الأيام الأخيرة، من خلال تحكّمه بأسعار الصرف في السوق السوداء، بحُكم شبكة علاقاته المالية الضخمة التي يمتلكها في سوريا.

————————

أنا أو الطوفان: الأسد ومخلوف/ أنس أزرق

يحاجج رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ابن عمته بشار الأسد بمنطقه نفسه، أنا أو الطوفان الاقتصادي، مستعيرا شعار الأسد “الأسد أو نحرق البلد”. وإن كانت دلالة “أو” تعني أحد الخيارين فإنها، وللأسف، في حالة الأسد تحققهما معا، أي بقاء النظام واحتراق سورية.

على الأرجح، سينتهي “مسلسل” مخلوف قريبا، وما سيبقى منه بضع شركات صغيرة مستترة في الداخل السوري وشركات وعمارات وأموال طائلة يملكها رامي وعائلته في دول عديدة، روسيا ورومانيا والمجر والإمارات وغيرها.

ما سيبقى أيضا غصّة وحسرة أيتام رامي مخلوف من حاشيته والمحسوبين عليه من طائفته (العلوية)، ومن الحزب السوري القومي الاجتماعي، مع تغيير ولائهم الظاهري لبشار وفريقه… لن يستطيع رامي البقاء في سورية، وسيكشف المزيد من أوراقه المستترة عبر الفيديو، وربما يؤسّس لاحقا تجمعا كالتجمع القومي لصاحبه رفعت الأسد وأبنائه.

عمل النظام في سورية وسيستمر ضمن حساباته السلطوية الجديدة، منذ ثلاثة أعوام تقريبا، على نزع أنياب مخلوف وأوراق قوته التي جمعها منذ صعوده كأكبر الذئاب الشابّة، مع تأهيل بشار الأسد بعد مقتل باسل عام 1994 تحت شعار “باسل المثل وبشار الأمل”، الذي أطلقه ضابط المخابرات بهجت سليمان في محاضرة له في مكتبة الأسد في دمشق. ومع انطلاق الثورة السورية في 2011، وهتاف المتظاهرين “لا شاليش ولا مخلوف.. ما بدنا نشوف”، وضع رامي ووالده محمد وشقيقه حافظ خطّة لاستمرار بقائهم ونفوذهم، ولا سيما بعد ملاحظة أن فريقا، ولو ضعيفا، من النظام يقبل تقديمهم كبش تضحية مع ابن خالتهم، عاطف نجيب. وتقوم الخطة ببساطة على مثلث الثروة والطائفة واستبدال حزب البعث بالحزب السوري القومي الاجتماعي.

– مضاعفة الثروة باعتباره خازن مال العائلة، وتبييض سمعة هذه الأموال بأن جزءا منها يعود للفقراء، وجزءا آخر منها لصالح حزب الله، وانتهى الأمر بإعلان مؤسسة راماك للأعمال الخيرية.

– تشجيع النظام على انتهاج الحل الأمني والعسكري من دون رحمة. وتنسب بعض دوائر النظام لآل مخلوف دورا كبيرا باعتماد الحل الأمني، ونبذ الحل السياسي الذي كان يشجعه بعض أركان النظام، وفي مقدمتهم نائب الرئيس آنذاك فاروق الشرع ومعاون نائب الرئيس العماد حسن توركماني، بل وحتى معارضة طرح نائب رئيس الأركان، العماد آصف شوكت، بالاعتماد على الحزب والأمن، من دون إقحام الطائفة كاستنساخ لتجربة حافظ الأسد في الثمانينيات خلال الصراع مع جماعة الإخوان المسلمين.

هنا ظهرت “خطة بندر” و”الياسمينة الزرقاء”، واللتان وضعتا في قسم الأربعين (التابع لفرع الأمن الداخلي في إدارة المخابرات العامة)، وأشرف عليهما حافظ مخلوف من مكتبه في منطقة العفيف بدمشق. وفي هذا الإطار، تم تسليح وتمويل مجموعات طائفية في حمص ومجموعات شبيحة في حلب، وغدت جمعية البستان تدير من موقعها في حي المزة 86 مناطق التوتر الطائفي في حمص ومدينة حلب، عن طريق وكيلها أبو علي قزق، وهو ضابط متقاعد من ريف جبلة مقيم في حلب، بالتعاون مع مليشيا آل بري.

– إعادة الصلة التاريخية بين آل مخلوف والحزب السوري القومي الاجتماعي، فبعد أيام من إعلان رامي التخلي عن النشاط الاقتصادي للعمل الخيري، أقسم يمين الانتساب أمام عصام المحايري، وهو رمز مهم للحزب، وزعيم ما عرف لاحقا بحزب الأمانة العامة، أي حزب رامي القومي الاجتماعي.

– دعم تشكيل مرجعية دينية للطائفة العلوية، بالاعتماد على التقارب مع الشيعة الإمامية، ولا سيما في مجال العبادات والمعاملات. ومن الطريف هنا أن أذكر حضور رامي مع والديه محاضرات الشيخ العراقي (الشيعي)، عبد الحميد المهاجر، في مقام السيدة رقية في رمضان 1999، ورعاية عمته أنيسة برنامج المهاجر على الفضائية السورية، والذي أوقف بشكوى من الشيخ محمد سعيد البوطي لحافظ الأسد من أن المهاجر يثير نعرات طائفية، عندما قال في البرنامج إن النبي محمداً عليه السلام لم يعقب من خديجة إلا فاطمة، أما البنتان الأخريان، رقية وأم كلثوم فهما ربيبتا النبي، وليستا ابنتيه.

حاول رامي مخلوف أن يبني نظامه الخاص على مثلث الطائفة واستبدال حزب البعث بالحزب السوري القومي الاجتماعي والثروة، وهذه أوراق يعرف بشار الأسد أنها ضمان استمراره… لن يغير الصراع المحدود بين الأسد ومخلوف شيئا من آلية الفساد والنهب، وإنما ستتم إدارة النهب من الأسد وعقيلته بشكل مباشر.

العربي الجديد

—————————

النهاية غير المتوقعة لرامي مخلوف… / راشد عيسى

لم يكن ليخطر في بال السوريين أن يصبح رامي مخلوف، رجل الاقتصاد الغامض، ابن خال رأس النظام، والذي لم يكن يذكَر اسمه إلا في ما يشبه الهمس، ألهيتهم.

المتسلط، الذي لم يترك رجل أعمال أو تاجر، أو حتى صاحب كشك جرائد، إلا وأراد أن يشاركه تجارته بالقوة، لم ينته نهاية القذافي، ولا نهاية ضحايا نظامه (كعارف دليلة، المعارض والأكاديمي الاقتصادي، الذي قضى سنوات في السجن، بسبب انتقاده شركات مخلوف)، أو نهاية رفاق الدرب، “انتحاراً” كمحمود الزعبي وغازي كنعان، لقد انتهى الرجل ليصبح، وفي ثلاثة فيديوهات فقط، “مسخرة” على ألسنة السوريين وأقلامهم.

بعد هالة الغموض، التي خلقها ابتعاده عن الإعلام والأضواء، بات مخلوف مهدوراً على طرقات مواقع التواصل الاجتماعي.

أتاح لنا ظهوره المسلسل التعرّف جيداً على جوانب غير متوقعة من شخصيته، ربما لسان حال الجميع الآن سؤال يقول: هل يعقل أن يكون واجهة اقتصاد هذا البلد على هذا الحال من الضعف، منطقاً وخطاباً وحضوراً شخصياً هزيلاً!

بعد الحلقة الأخير بتنا متأكدين أننا ذهبنا بعيداً في التحليل والاستنتاج، أن الرجل عمل بإدارة خبراء ومخرجين في محاولة ضمان التأثير بملايين السوريين، بعد الفيديو الثالث أدركنا أن الرجل هو هكذا، من دون أي إضافة، هذا الهزال هو جوهره.

أما لماذا كان يخيف السوريين، وأصحاب الأعمال منهم بالذات، فلأن الرجل دورٌ، وأود هنا استعارة وصف سمعته من زميل، إنه أقرب إلى “غطاء قنينة كازوز على شباك المخبز”.

هذا الشيء يعرفه كل من وقف من السوريين على باب الفرن، حيث يضع المرء مكانه ذلك الشيء، الغطاء. (كان ذلك بدلاً من وقوف المشتري نفسه بدور (رتل) طويل، كان هناك من يضع قلماً، أو علبة كبريت، أو أي غرض.. وحين ينادي البائع لمن هذا الشيء يعرف صاحبه أن دوره في شراء الخبز قد حان).

غطاء القنينة ذاك هو دور، يعرف الجميع أن لا قيمة له على الإطلاق، وليس مهماً جودته وفحواه، إنه بديل وعلامة لشيء آخر، وسرعان ما سيلقى عند انقضاء المهمة.

وفي الواقع، لم يكن السوريون ليحلموا بأن يكحّلوا أعينهم برؤية الرجل الأسطوري آيلاً إلى ذلك الشيء.

—————————-

اتساع القلق في دمشق بعد «حرب البيانات»

المبعوث الأممي ينأى بنفسه عن انتخابات سوريا

علي بردى دمشق: «الشرق الأوسط»

سادت حالة من القلق في دمشق، مع تفاعل قضية رجل الأعمال رامي مخلوف، وتبادل «حرب البيانات» بينه وبين مؤسسة الاتصالات الحكومية، إزاء سداد شركته «سيريتل» مستحقات للخزينة العامة.

وبعدما حذر مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، في مقطع فيديو بثه الأحد، من انهيار «الاقتصاد السوري وأمور أخرى»، في حال تضررت «سيريتل»، موضوع النزاع، واصل أمس تصعيده مع نشره على حسابه في «فيسبوك» وثيقة وتوضيحاً «يكذب فيهما ما ساقته هيئة الاتصالات حول رفض شركته سداد المبالغ المستحقة عليها للخزينة العامة». الوثيقة التي كشفها مخلوف مسجلة رسمياً في العاشر من مايو (أيار) الحالي، وتظهر استعداد «سيريتل»، التي يملك معظم أسهمها، لتسديد المبالغ المفروضة عليها، وتطلب من الهيئة الناظمة للاتصالات «تحديد مبلغ الدفعة الأولى، ومبالغ الأقساط الأخرى، والفوائد المترتبة عليها». واستهجن مخلوف قيام الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بنشر «عكس» ما ورد في مضمون كتاب شركته. من جهتها، ردت «الهيئة» على مخلوف بوثيقة صادرة في 16 مايو من إدارة شركة «سيريتل»، وقع عليها 5 مديرين لإعلام «الهيئة الناظمة للاتصالات» بموافقتهم على طلباتها، ورفض رئيس مجلس الإدارة رامي مخلوف، منحهم التفويض لتوقيع الاتفاق. وعين مخلوف أمس ابنه علي عضواً في مجلس الإدارة بدلاً من شقيقه إيهاب.

إلى ذلك، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عدد المعتقلين من مؤسسات مخلوف 60 شخصاً عقب ظهوره الثالث يوم الأحد.

من ناحية ثانية، نأى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، بنفسه، عن الانتخابات المقررة في سوريا. وقال في جلسة عبر الفيديو لمجلس الأمن أمس: «أخذنا علماً بتأجيل الانتخابات البرلمانية. وأغتنم هذه الفرصة لأقول إن هذه الانتخابات ستعقد وفقاً للترتيبات الدستورية القائمة. فالأمم المتحدة ليست لديها ولاية محددة، ولم يُطلب منها الانخراط في هذه الانتخابات. إن تركيزي لا يزال منصباً، في سياق المسار السياسي الميسر من الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن 2254».

الشرق الأوسط»

————————-

سوريا: مداهمات واعتقالات بمشاركة «الشرطة الروسية» ومدراء «سيريتل» «ينشقّون» عن رامي مخلوف

دمشق ـ «القدس العربي»: هددت الهيئة الناظمة للاتصالات في سوريا شركة «سيريتل» التي يرأس رامي مخلوف مجلس إدارتها، باتخاذ الإجراءات القانونية بحقّها بعد انقضاء المهلة الممنوحة لها لتسديد المبلغ المطلوب منها والبالغ حوالى 130 مليار ليرة. وقالت الهيئة إنها تحمّل «سيريتل» كل التبعات القانونية والتشغيلية نتيجة قرارها الرافض لإعادة حقوق الدولة المستحقة عليها.

وأكدت الهيئة في بيان لها أنه وبعد رفض شركة «سيريتل» دفع المبالغ القانونية المستحقة عليها فإنها ستقوم باتخاذ التدابير القانونية لتحصيل هذه الحقوق واسترداد الأموال بالطرق القانونية المشروعة المتاحة.

وإثر هذا التهديد نشر رامي مخلوف على حسابه الرسمي على فيسبوك صورة لكتاب يُظهر أن الشركة أبلغت هيئة الاتصالات بتاريخ 10 أيار/ مايو الحالي استعدادها لتسديد المبلغ المطلوب ولكن بشرط جدولته وتقسيمه على دفعات.

وقال مخلوف إنه من المستهجن أن تقوم الهيئة الناظمة للاتصالات بنشر عكس ما ورد في مضمون ذلك الكتاب المذكور أعلاه.

وفي خطة تحدٍ للنظام، عيّن رامي مخلوف ابنه علي عضوا في مجلس إدارة شركة «سيريتل»، بدلا من أخيه إيهاب الذي قدم استقالته على خلفية الخلاف مع وزارة الاتصالات، حول إيرادات الشركة.

وفي سياق متصل أعلن أربعة من كبار مدراء سيريتل، وهم المدير المالي ومدير المعلومات ومدير المشتريات والمدير التقني، إضافة للمديرة التنفيذية للشركة ماجدة صقر، استعدادهم لإعلان استقالتهم من الشركة إذا طلبت منهم الحكومة السورية ذلك.

وأصدر هؤلاء المدراء بياناً مشتركاً قالوا فيه إنهم طلبوا من رئيس مجلس الإدارة رامي مخلوف توقيع الاتفاق مع هيئة الاتصالات لإعادة التوازن للترخيص الممنوح لـ«سيريتل»، وإنهم لم يحصلوا على الموافقة من مخلوف.

وقال المدراء في بيان لهم إنهم يمتثلون لكل قرارات الحكومة السورية، ويوافقون على أية إجراءات تراها الحكومة مناسبة بخصوص الترخيص الممنوح لشركة «سيريتل».

اللافت أن المدراء أشاروا في بيانهم إلى استعدادهم لتسيير أمور شركة «سيريتل» بأية صيغة تراها الحكومة مناسبة.

وبعد الظهور الأخير لمخلوف، ابن خال بشار الأسد، الأحد في تسجيل جديد، وحديثه عن عمليات الاعتقال التي يتعرض لها العاملون داخل شركته، كشف المرصد السوري لحقوق الانسان أن تعداد العاملين الموقوفين ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها مخلوف ارتفع إلى نحو 60 شخصاً.

وفي هذا السياق، أشار المرصد إلى أن الحملة الأمنية ضد منشآت ومؤسسات رامي مخلوف تتواصل، مشيراً إلى أن أجهزة النظام الأمنية عمدت إلى تنفيذ مداهمات جديدة برفقة «الشرطة الروسية» خلال الساعات والأيام القليلة الفائتة، اعتقلت على إثرها 19 من موظفي «جمعية البستان»، وتوزعت الاعتقالات الجديدة على النحو التالي: 8 في اللاذقية، 7 في دمشق و4 في حمص، كما تمت جميعها بالتهمة ذاتها وهي «الفساد».

وليس بعيداً عن موضوع مخلوف، وقد يكون نتيجة لتداعياته، سجلت الليرة السورية أمس الاثنين انهياراً جديداً أمام القطع الأجنبية، ولامست حدود 2000 ليرة للدولار الأمريكي الواحد، أي وصل تدهورها الى 40 مرة أقل من سعرها قبل اندلاع الثورة في 2011.

وانعكس تدهور قيمة الليرة وانهيار الاقتصاد المتواصل على حياة المواطن السوري ضمن مختلف المناطق، في ظل العجز التام من قبل حكومة النظام السوري على ضبط السوق السوداء التي باتت هي المتحكم الرئيسي في أسعار المواد الأساسية التي تشهد ارتفاعاً جنونياً، بالإضافة إلى فقدان بعضها من الأسواق.

———————————

الأسد-مخلوف: التراشق بالوثائق

انتقل الخلاف الحالي بين رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ونظام الأسد، إلى مستوى جديد، عبر نشر الوثائق التي يدعي فيها كل طرف أنه على صواب وأنه لم يخالف القانون في البلاد.

ورد مخلوف، وهو ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، على ما نشرته “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” في وزارة الاتصالات، التي اتهمت شركة “سيريتل” برفض المبالغ المترتبة عليها، بنشره وثيقة عبر صفحته في “فايسبوك” تثبت استعداد الشركة لدفع المبالغ المطلوبة منها.

والوثيقة هي كتاب تم تسجيله في ديوان الهيئة تحت الرقم ٤٧٧٧/ح.ن.ق بتاريخ 10/5/2020 ويظهر استعداد “سيريتل” لتسديد المبالغ المفروضة عليها، مع مطالبة “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” تحديد مبلغ الدفعة الأولى ومبالغ الأقساط الأخرى والفوائد المترتبة عليها.

وقال مخلوف: “من المستهجن أن تقوم الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بنشر عكس ما ورد بمضمون ذلك الكتاب المذكور أعلاه”، وذلك بعد ساعات من إعلان الهيئة، عبر “فايسبوك” أيضاً أن شركة “سيريتل” تتحمل كافة التبعات القانونية والتشغيلية نتيجة قرارها الرافض لإعادة حقوق الدولة المستحقة عليها.

ن الهيئة أتى بسرعة، حيث نشرت وسائل إعلام موالية للنظام، وثيقة قالت الهيئة أنها تثبت كذب شركة “سيريتل” وتوضح رفض رئيس مجلس الادارة منحهم التفويض الأصولي اللازم.

وقالت الهيئة في بيان: “إن الهيئة كجهة عامة أولاً ليست في موقع من يحتاج للتأكيد على مصداقية ثبوتياته وبياناته التي منحها القانون الصفة الرسمية والقوة الثبوتية، كما أنها تؤكد أن ما ساقه رئيس مجلس إدارة شركة سيريتل إنما يأتي ضمن حملة الخداع والمواربة بهدف التهرب من سداد حقوق الخزينة العامة، وليس أدل على ذلك إلا من خلال إحجامه وامتناعه عن منح الفريق التنفيذي لشركة سيريتل التفويض الأصولي لتوقيع الاتفاق المتضمن سداد المبالغ المترتبة للخزينة”.

وكان مخلوف، ظهر أيضاً في مقطع فيديو ثالث، الأحد، تحدث فيه عن عمليات الاعتقال التي يتعرض لها العاملون داخل شركته، وكشف “المرصد السوري لحقوق الانسان” أن تعداد العاملين الموقوفين ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها مخلوف ارتفع إلى نحو 60 شخصاً.

وأشار المرصد إلى أن الحملة الأمنية ضد منشآت ومؤسسات رامي مخلوف تتواصل، مشيراً إلى أن أجهزة النظام الأمنية عمدت إلى تنفيذ مداهمات جديدة برفقة الشرطة الروسية خلال الأيام القليلة الفائتة، اعتقلت على إثرها 19 من موظفي “جمعية البستان”، بتهمة “الفساد”.

وهنا، نشرت صفحات في “فايسبوك”، تعرف عن نفسها بأنها صفحات داعمة لمخلوف في وجه عائلة الأسد، منشورات اتهمت فيها موالين لأسماء الأسد، بالاعتداء على مكاتب خدمة الجمهور التابعة لشركة “سيريتل”و إحراقها في تصعيد جديد ضد الشركة.

——————–

دير شبيغل:الرسائل الروسية لكارتيل المخدرات ماهر ورامي وحزب الله

تحت عنوان: “عصابات دمشق”، كتبت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية تقول إن شقيق رئيس النظام السوري ماهر الأسد، نأى بنفسه مؤخراً، عن ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، بعدما كان شريكه لفترة طويلة في تجارة المخدرات.

وعزت الصحيفة السبب في ذلك إلى المقاطع المصورة التي بثها مخلوف على صفحته على “فايسبوك”، وتمرد فيها على رئيس النظام السوري بشار الأسد، قائلةً إن عشائر سوريا القوية تعاني من صراع مرير بين الأسد ومخلوف على السلطة والمال.

وتتحدث الصحيفة عن شحنات المخدرات التي جرت مصادرتها في مصر والسعودية والإمارات وجميعها خرجت من مرفأ اللاذقية في سوريا، الذي تديره إيران، معتبرة أن تجارة المخدرات تدل إلى أي درجة وصل اليأس لدى بشار الأسد وحلفائه في إيران للحصول على مصادر تمويل. وتعيد الصحيفة تجارة المخدرات إلى دخول “حزب الله” إلى القصير قائلة إنه “بنى هناك معامل لإنتاج مادة الأمفيتامين (كبتاغون) وفي الوقت نفسه دعم زراعة الحشيشة”.

ونقلت عن مصادر أن قائد الفرقة الرابعة في جيش النظام ماهر الأسد استلم أمن منطقة القصير وطرق النقل إلى مرفأ اللاذقية. فيما شركات رامي مخلوف هي المسؤولة عن تمويه المخدرات، والتي ضبطت في مصر معبأة بعلب حليب لشركة تابعة لمخلوف، وتصديرها.

في وسط صراع العشيرتين يوجد بشار الأسد ورامي مخلوف، الديكتاتور ورجل الأعمال المعروف في سوريا بلقب “رامي الحرامي”. الجدال ساخن جداً لأن العائلتين مرتبطان ببعضها البعض. يكمل كل منهما الآخر طالما كان هناك ما يكفي للنهب. هذا انتهى الآن. تخطط أسماء الأخرس، زوجة بشار الأسد، لخطف درة التاج من مخلوف.

وقالت الصحيفة إن المقاطع التي بثها رامي مخلوف خطيرة، ولن يبقى بشري مثله على قيد الحياة في مملكة الأسد. بالنسبة لمخلوف، فإن الابتعاد المعتاد لمثل هذه الشخصيات في إمبراطورية الأسد مستبعد الآن: انتحار رسمي بعدة رصاصات في مؤخرة الرأس. لن يؤمن أحد بالانتحار بعد هذه الفيديوهات.

وتنقل الصحيفة عن عضو في إحدى أقوى العائلات الأولغارشية في دمشق، والذي يستخدم قنوات اتصال مشفرة كل بضعة أسابيع، أن دراما أولاد العم مشهد ثانوي: “ماذا يفترض أن يفعلوا؟ إذا سمح رامي لأتباعه بالسير ضد دمشق، فسيهلك الجميع.

العامل الحاسم، يواصل رجل دمشق، دراما من نوع آخر. يلعب رامي مخلوف أيضاً دوراً رئيسيًا فيها، فقط في كوكبة عائلية مختلفة. الأمر كله يدور حول تجارة المخدرات الضخمة، حيث انفضحت عمليات التسليم بشكل مثير للريبة في الآونة الأخيرة. مخلوف ليس الهدف بل شريكه الإيراني.

وترجع الصحيفة الأمر إلى الخلاف الإيراني-الروسي في سوريا، إذ تريد روسيا توقيع اتفاقية سلام وبدء إعادة الإعمار، فيما تريد إيران الاستمرار باستخدام سوريا كمنصة تهديد لإسرائيل. لن تهاجم موسكو الوحدات التي تسيطر عليها إيران عسكرياً، ولكنها ستسعى إلى طريقة أكثر أناقة. إنها تريد حرمان حلفائها في طهران الذي يقفون على حافة الخراب، من مصادر الدخل السورية، بما في ذلك إنتاج المخدرات على نطاق واسع.

لم يكن لدى الروس أي اعتراض على تصدير السلع غير القانونية. لكن ذلك تغير العام الماضي عندما أمروا المحققين السوريين بالتحقيق مع اليد اليمنى، لماهر الأسد في تجارة المخدرات. تمت إزالة عميد من التداول. كان شقيق الرئيس غاضباً للغاية لدرجة أنه في منتصف هجوم إدلب ، سحب كل الوحدات التي كانت تحت قيادته. ثم صرح أنه لم يعد يرغب في تحويل العملات الأجنبية من أعمال فرقته الرابعة إلى البنك المركزي.

من الواضح أن روسيا بصدد عرض أدوات التعذيب على ثلاثي المخدرات رامي مخلوف وماهر الأسد وحزب الله. إن فضح عمليات تصدير المخدرات هي مؤشر على ذلك ، وهذا ما يظهر أيضاً في دمشق.الروس يريدون إطلاق النار على الأعمال الإيرانية. ليس من قبيل الصدفة.

هناك شيء ما يتغير في النسيج الدولي الذي يعتمد عليه مصير الأسد. نفذت إسرائيل ست غارات جوية على مواقع إيرانية في سوريا منذ نيسان/أبريل، على ما يبدو بضوء أخضر من موسكو.

في دمشق، أطلق القصر مجموعة من حاشيته سمح لهم بالتحدث علنا ضد الحلفاء: إذا مارست موسكو المزيد من الضغوط على الأسد، فقد يطلق العنان لحرب ضد “المحتلين الروس”، والتي “ستزيل إلى الأبد اسم بوتين من التاريخ الروسي”.

في دائرة الأسرة، يسارع ماهر الأسد أيضاً إلى الابتعاد عن ابن خاله وشريكه في التهريب رامي. لكن مدى قربهما، مؤقتاً على الأقل، تم الكشف عنه من خلال تاريخ إصدار حساب “فايسبوك” الذي ظهر عبره رامي: لقد استولى على الحساب من ماهر.

—————————–

هل سيتخلّص الأسد من مخلوف ليثبت وفاءه لروسيا؟

توقّع الأكاديمي والكاتب اللبناني زياد ماجد، أن يقتنص رأس النظام السوري، بشار الأسد، حالة الخلافات الدائرة بينه وبين ابن خاله رامي مخلوف ليتخلّص منه نهائياً مثبتاً بذلك وفاءهُ لروسيا ومتطلباتها في المرحلة الراهنة.

جاء ذلك في تقرير تحليلي نشره مركز “كارنيغي للشرق الأوسط” أمس الخميس، حول الخلافات الأخيرة التي نشبت بين الأسد ومخلوف وتداعياتها، وتناول فيها آراء عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن السوري.

ويرى ماجد، أن التوترات داخل الحلقة الضيقة للنظام السوري تعكس ثلاث ديناميات، أولاها تتعلّق بالعائلة، فمنذ التدخّل الروسي في العام 2015، ثم وفاة والدة بشار الأسد صاحبة التأثير القوي في العام 2016، بدأت عملية إبعاد تدريجية لآل مخلوف (عائلة الأم) بالتدريج من مواقع السلطة، والآن، الإجراءات التي تُتّخذ ضد رامي مخلوف، الذي سيطر في مرحلة ما على 50 في المئة من الاقتصاد السوري، تستكمل فصول هذه العملية التي بدأت مع شقيق رامي، حافظ، ووالده محمد، ومن يحل مكانه الآن رجال أعمال مُقرّبون من أسماء، زوجة بشار النافذة، في محاولة لتوسيع شبكة النظام الزبائنية.

الدينامية الثانية تتعلّق بالضغوط الروسية على الأسد، فموسكو تريد إعادة تركيب مؤسسات الدولة السورية، وإعادة تنظيم الجيش، ومركزة آليات صنع القرار تحت قيادتها. الهدف: التفاوض حول عقود إعادة الإعمار مع شركاء غربيين وصينيين مُحتملين، وتمكين الشركات وأصحاب المشاريع الروس من الاستفادة ضمن مسرح عمليات مسيطَر عليه بالكامل، ولتحقيق هذا الغرض، يتعيّن تقليص النفوذ الإيراني في دوائر النظام، وتهميش أصحاب الاحتكارات السوريين (مع روابطهم الإيرانية). بالنسبة إلى الأسد، هذه فرصة للتخلّص من ابن خاله سيِّء السمعة، وللقول إنه يبذل قصارى جهده للوفاء بمتطلبات الروس.

الدينامية الثالثة يمكن قراءتها من زاوية تحليل تاريخ النظام، والتوترات والانشقاقات التي شهدها، فبعد التخلّص من رفعت الأسد، عم بشار، في العام 1984، ومن غازي كنعان، الرجل القوي في أجهزة الأمن في 2005، وآصف شوكت، صهر بشار، في 2012، جاء الآن دور آل مخلوف. وهذا ليس بالأمر المفاجئ في الأنظمة التوتاليتارية ذات الاعتبارات الطائفية والقبلية والعائلية التي تُبنى غالباً على أسس معادلات وتوزانات دقيقة.

كل هذا يشي بأن النظام سيكون على موعد مع ضغوط متصاعدة وصراعات داخلية في المقبل من الأشهر، إذ أن روسيا في حاجة إلى الاعتراف الدولي بهيمنتها على سوريا وعلى مشاريع إعادة الإعمار، وإيران لن تقبل بأن تُهمّش. وبشار يهجس بـ”إعادة انتخابه” في العام 2021. وفي هذه الأثناء، يقوم لاعبون أجانب آخرون، على غرار تركيا والولايات المتحدة، بإعادة توكيد أدوارهم وتنظيم علاقاتهم مع حلفائهم المحليين في كلٍّ من شمال غرب وشمال شرق البلاد، تمهيداً لولوج المراحل المقبلة.

وكان مخلوف قد نشر مؤخراً تسجيلين مصوّرين على صفحته العامّة في منصّة فيسبوك، أشار فيهما إلى وجود صدع كبير في الدائرة الضيّقة للنظام السوري، وأتبعهما بنشر دعاءٍ يتضرّع فيه لله، ويتحدّث عن عدم إعانته في ردّ الظلم الواقع على الناس، في استمرار لما وصفه مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري “نشر الغسيل الوسخ لأسوأ الأنظمة في القرن الحادي والعشرين”.

———————————–

الأسد يتسلح مرتين بالحجز الاحتياطي ضد رامي مخلوف وزوجته

في ديسمبر/ كانون الأول عام 2019، كان قرار مديرية الجمارك العامة، التابعة لحكومة الأسد، بالحجز الاحتياطي على أموال ابن خال الأسد، رامي مخلوف، صادماً للإعلام نوعاً ما، على اعتبار أن الخلافات لم تكن ظاهرة للعلن كما هو الحال اليوم.

فالخلافات التي أصبحت حديث الشارع اليوم، سبقها قبل خمسة أشهر اتهامات بالتهريب والتهرب الضريبي، وحجز على أموال رجل مال عائلة الأسد، رامي مخلوف، بعد سنوات سارت فيها أعمال مخلوف بتناغمٍ مع الأسد وحكومته، حتى أوشك على التفرد بالسيطرة على أطراف الاقتصاد السوري.

واليوم بات برصيد ابن خال رئيس النظام السوري، رامي مخلوف، قرارين بالحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة، بعد قرار ثانٍ صدر اليوم عن وزارة المالية في حكومة الأسد، تقضي بالحجز على أمواله وأموال زوجته وأولاده لحين تسديد المبالغ المطلوبة منه.

الحجز الأول.. بداية ظهور مخلوف للعلن

وكانت “الجمارك العامة” التابعة لحكومة الأسد، حجزت نهاية عام 2019، على أموال رامي مخلوف وعدد من شركائه وزوجته “ضماناً لحقوق الخزينة العامة من الرسوم والغرامات المتوجبة بقضية تتعلق بمخالفة أنظمة الاستيراد وغرامات أخرى”.

وطال الحجز حينها كلاً من: باهر السعدي، محمد خير العمريط، علي محمد حمزة، وزوجاتهم، إضافة إلى شركة “آبار بتروليوم سيرفيسز”.

وجاء قرار الحجز، بحسب الجمارك، بسبب تهريب بضاعة ناجية من الحجز، تقدر قيمتها بنحو 1.9 مليار ليرة سورية، يترتب عليها رسوم بقيمة 215 مليون ليرة، ليكون أول قرار رسمي ضد مخلوفالذي يعتبر الذارع الاقتصادية لآل الأسد.

إلا أن رامي مخلوف، ظهر لأول مرة في تصريح صحفي منذ عام 2011، حين رد على القرار السابق بحديث لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، وقال حينها “تم زج وإقحام اسمنا بذلك، بزعم أننا مالكون لشركة آبار بتروليوم سيرفيسز ش.م.ل. أوف شور، التي لا تربطنا بها أي علاقة قانونية منذ تاريخ تأسيسها وحتى اليوم”.

وتابع: “تلك الجهات لم تتبع الإجراءات والأصول القانونية اللازمة للتثبت من ملكية وعائدية هذه الشركة لنا أم لغيرنا، بل اعتمدت على سجلات جمركية غير رسمية دوّن عليها اسمنا، دون وجود أي سبب أو مسوّغ قانوني لذلك، ودون علمنا أو معرفتنا أو حتى سؤالنا من قبلها عن ذلك، وهذا أمر مخالف للقوانين والأنظمة مرعية الإجراء”.

بانتظار الرد الجديد

الجديد في خلافات الأسد- مخلوف هو قرار من وزارة المالية، اليوم الثلاثاء، يقضي بالحجز الاحتياطي على أموال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، وزوجته وأولاده، على خلفية التطورات الأخيرة

وبحسب القرار، الذي نشرته وكالة “رويترز” للأنباء، اليوم الثلاثاء، فإن قرار الحجز الاحتياطي يأتي ضماناً لتسديد المبالغ المترتبة على رامي مخلوف، لصالح الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، ويشمل مخلوف وزوجته وأولاده.

ولم يعلّق رامي مخلوف، حتى اللحظة، على قرار وزارة المالية، عبر صفحته الرسمية في “فيس بوك”، والتي كثف من نشاطاته عليها خلال الفترة الماضية، إذ تسود توقعات بأن يرد قريباً على القرار.

 يُشار إلى أن هيئة الاتصالات في حكومة النظام، طالبت شركتي الخلوي في سورية(سيريتل- MTN)، بمبلغ 233.8 مليار ليرة، حيث وافقت MTN على التسديد، فيما رفضت سيريتل التي يملكها مخلوف دفع المبلغ، حسب الهيئة، لكن مخلوف قال إنه عرض تقسيط المبلغ على “الاتصالات”.

وتحدث رامي مخلوف في 3 تسجيلات مصورة، عن ضغوطات يتعرض لها من أجل التنازل عن سيريتل، واعتذر في التسجيل الثالث من عائلات الموظفين في شركة “سيرتيل”، الذين تم توقيفهم من قبل “الجهات الأمنية”، وفشل الجهود من أجل الإفراج عنهم.

وتسعى حكومة الأسد إلى الترويج لخططها بمحاربة الفساد، عقب تقارير روسية انتقدت سياسة الحكومة ووصفتها بالفاسدة، وسط الحديث عن أيادٍ روسية في قضية خلافات الأسد- مخلوف.

—————

جولة في مسقط رأس “مخلوف”: انقسامُ حاضنة النظام حول “رجل الفقراء

رغم الهدوء الأمني الذي تشهده مدن الساحل السوري حالياً، وعدم ظهور ردود فعل علنية في الشارع، إثر الزوبعة التي سبّبها ظهور رامي مخلوف على مواقع التواصل الاجتماعي، ضد ما أسماه “الظلم” الذي لحق به، إلا أن الخطوة أحدثت شرخاً اجتماعياً قوياً بين أنصار النظام، في أكثر حاضناته الشعبية “تماسكاً”؛ لاسيما أن شعبية مخلوف، لا تقل عن شعبية الأسد في هذه المناطق، التي يُعتبر معظم سكانها من محدودي الدخل.

في مدينة جبلة مسقط رأس مخلوف، يحظى ابن خال بشار الأسد، بشعبية كبيرة، كنتيجة للدعم الذي قدمته “جمعية البستان الخيرية” لمؤيدي النظام خلال السنوات الأخيرة.

إذ استطاع مخلوف، بظهوريهِ عبر “فيسبوك”، استمالة شريحة واسعة من موالي النظام لصفه، وهم الذين فسروا ما يحدث، على أنه محاولة لإسقاط رمز اقتصادي داعم للفقراء، ولأبناء ريف اللاذقية الموالين، خاصة من عائلات الطائفة التي ينتمي لها مخلوف والأسد.

وجال مراسل “السورية.نت”، في شوارع جبلة وقرى حولها(دون إعلان هويته كمراسل)، محاولاً استنباطَ الموقف الحقيقي، لمن التقاهم، وهم من عائلاتٍ شديدة الولاء لنظام الأسد.

يتساءل أحدهم، واسمه حسان، طالب جامعي من قرى ريف جبلة، عن أسباب اقتصار حملة النظام في “مكافحة الفساد”، على رامي مخلوف، مضيفاً:” من مثله قدم للفقراء وللوطن خلال سنوات الحرب. يكفي أنه لم يغادر البلاد بأمواله وأتمنى تدخل الرئيس بشار”.

“غيمة عابرة” !

على الكورنيش البحري الذي يشكل متنفساً لأهالي جبلة، تكاد لا تغيب سيرة مخلوف عن النقاشات بين الناس، فيما وضع صاحب إحدى المقاهي هناك، صورة لمخلوف بشكل علني، وبجانبه صورة  لرمز النظام بشار الأسد.

أما في وسط قرية بستان الباشا، التي ولد بها مخلوف، وجاء منها اسم “جمعية البستان”، فإن مظاهر الحياة تبدو شبه اعتيادية؛ إلا من طوابير المراجعين للجمعية العائدة لمخلوف، التي يبدو أنها لا تقدمُ “المساعدات والخدمات” كالعادة، وهو ما اعتبره أحد السكان “أمراً مؤقتاً”.

ويشير ذات المتحدث، إلى التغيّرات التي طرأت على مدينة جبلة والقرى المحيطة:”منذ بداية خروج خلاف مخلوف للعلن، لم يكن رامي مخلوف رمزاً كما هو اليوم في قرى ريف جبلة، معظم النقاشات بين الناس، تتمحور حول دعمه لأبناء المنطقة(…)لا زال معظمهم هنا ينادونه بالأستاذ، وإن كان هناك فئة قليلة كانت مقتنعة منذ وقت سابق أن مخلوف ومن شابهه من الأغنياء هم الفئة المستفيدة من هذه الحرب وأن من يُقتل هم أبناء الفقراء فقط”.

أما حسان، وهو مقاتل سابق في ميليشيا “صقور الصحراء”، وأحد المستفيدين السابقين من خدمات “جمعية البستان”، عبر تأمين طرق صناعي له إثر إصابته في إحدى المعارك، يرى أن ما يحصل هو “غيمة عابرة ولا يمكن لأي فتنة أن تحدث خلاف حقيقي بين عائلة الأسد”.

ثِقل آل مخلوف

من جانبه ذكر مسؤول “لجان التنسيق المحلية” في مدينة جبلة، أبو يوسف جبلاوي، في حديث لـ “السورية نت” أن الأوضاع الأمنية في المدينة هادئة، لكن هناك أحاديث عن تكتلات بين عائلات قوية، وذات نفوذ واسع في الساحل السوري؛ مثل “آل مخلوف”، و”آل جديد”، و”آل خيربيك”، و” آل جابر”، وهي عائلات لها ثقلها في ريف الساحل السوري و”يُقال أنها تضغط لصالح مخلوف في الخلاف الحاصل”.

ويضيف ذات المتحدث:” استطاع مخلوف بخطابه الديني(في الفيديو) كسب عواطف مؤيدي الأسد بشكل واسع، وتحويل الأمر إلى استهداف طائفي، هذا الأمر خلق نقمة تجاه أسماء الأسد التي يرى المؤيدون أنها من يقف وراء هذا الأمر، وهذا ليس مؤكداً”.

ولا يتوقع جبلاوي، أن يتحول الأمر لاشتباك بين الموالين في الساحل السوري، في الوقت الراهن؛ إلا أن هذا الأمر إن حصل وفق رأيه، سيكون له “تداعيات كبيرة على المستوى الاجتماعي في المنطقة، لاسيما أن عائلة مخلوف لها امتداد واسع في ريف اللاذقية، وميليشيا عسكرية ممثلة سابقاً بمليشيا البستان والحزب السوري القومي الاجتماعي.. هذا بالإضافة لنفوذ واسع داخل أجهزة النظام الأمنية وضباط رفيعي المستوى”.

انتقاد للأجهزة الأمنية

عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت متنفسا للسوريين؛ مؤيدين منهم ومعارضين، تجاهلت معظم صفحات الساحل المحلية(الموالية)، ما يجري، إلا أن القلة القليلة منها التي تناولت الموضوع، انتقدت ظهور مخلوف واستخدامه الفيسبوك لايصال رسالته وإظهار الأمر للعلن.

وحمل منشور على صفحة “اللاذقية الآن” الموالية، مرفقاً بصورة “مخلوف” كقرصان، انتقاداً له، و”فساده وبذخ أولاده”، رغم تجاهلها سابقا الحديث عن هذه الأمور، إلا أن معظم التعليقات على الصفحة( من موالين أيضاً) حملت استنكاراً كبيراً للتهجم على مخلوف، مُتهمين قوى أمنية لم يسمونها بأنها وراء نشر مثل هذه المنشورات.

منشور من صفحة “اللاذقية الآن” الموالية ينتقد مخلوف ويثير استياء المُعلقين

وعلّق همام يوسف، على اتهام مخلوف بالفساد ، قائلاً:”كنت استرجي نزل هيك بوست واحكي هيك حكي من سنة ونص وين كنت قبل؟ ليش ماكنت شايف هالشي؟” بينما دافع شخص آخر  يدعى غدير عباس بالقول:” حماك الله أستاذ رامي رجل الخير والفقراء”.

لم يعتد مؤيدو الساحل السوري منذ بدء سنوات الثورة، أن يجدوا أنفسهم بين طرفين، كلاهما يحسب على “العائلة الحاكمة والطائفة ذاتها”، إلا أن هذا الخلاف يعيد للأذهان أحداث الثمانينات بين رفعت الأسد وأخيه حافظ الأسد، وفق ما يرى محمود وهو مهجر من مدينة جبلة ويقيم في إدلب.

ويرى الرجل الأربعيني، أن الخلاف الحالي “لا يعدو إلا كونه خلاف مكاسب مادية ولن ينتهي إلا بصلح يرضي الطرفين كما حصل حين استأثر الأسد الأب بالسلطة لسنوات وذهب الآخر بأموال الشعب السور

السورية نت

————————-

=================

=====================

تحديث 20 أيار 2020

———————–

رامي مخلوف.. العائلة الأسدية تأكل نفسها/ بشير البكر

يتابع السوريون في الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم أحدث مسلسلات عائلة النظام في سوريا، وهو مسلسل يعتمد على البطل الواحد في حيز مكاني متقشف بعيد عن الأضواء، ويتم عرضه على فيس بوك.

البطل هو رامي مخلوف ابن خال رأس النظام بشار الأسد. وحتى الآن لا أحد يعرف من أين يتحدث، وهذا أحد عناصر الغرابة في المشهد المونودرامي الذي يتناول خلافات مالية تتعلق بشركة الاتصالات الخليوية “سيرتيل”. وعرض رامي في الحلقات الثلاث التي بثها حتى الآن ما يتعرض له من عملية ابتزاز كبيرة، هدفها اجباره على التنازل عن الشركة.

وبعد أن كانت مطالب هيئة الاتصالات في الحلقة الأولى تنحصر بتسديد ضرائب متأخرة، فإنها تطورت في الحلقة الثالثة إلى الطلب من مخلوف التنازل رسمياً عن رئاسة مجلس الإدارة في الشركة المساهمة، والتي يعود القسم الأكبر من ملكيتها له.

ويتابع الجمهور فصول هذه المسرحية بفضول شديد. وعلينا أن نعترف أنها أسعفت هواة الإثارة في زمن الكورونا والحجر المنزلي، وسدت ثغرة في الفراغ الكبير للموسم الرمضاني الفقير بالمسلسلات المسلية، وهذا أمر امتاز به الحصاد الدرامي لهذا العام، الذي خلا من المسلسلات المثيرة التي كانت تشد اهتمام الجمهور من المحيط إلى الخليج، وفشلت بعض القنوات في أبوظبي والرياض في تسخين الأجواء من خلال الانفتاح الدرامي على الصهاينة، بافتعال مسلسلات مثل “أم هارون” الذي مر باهتاً، ولم يلق سوى الشجب والاستنكار، بوصفه عملاً مشيناً يحابي الصهاينة، ويحرض على الشعب الفلسطيني.

ورغم أن رامي مخلوف لم يسبق له أن شارك في تمثيل أعمال درامية، فإنه بدا ممثلا يجيد الدور حتى الآن. وقد يكون رامي هو الذي اختار هذا الشكل التعبيري كي يوصل رسائله، أو أن قدراً شكسبيرياً أجبره على تقمصه. وبالتالي فهو يلعب حتى الآن لتحقيق أكبر قدر من الإثارة وكسب رأي عام.

وفي بداية المسلسل بدا لكثير من المتابعين أن المسرحية مفبركة، ولكن سرعان ما تبين أن رامي مخلوف يمثل، ويلعب دوراً مسرحياً على مسرح الواقع، محاولاً أن يخدع الجمهور وكاتب النص، الذي أراده أن يمثل دوراً مكتوباً، وفي ختام العمل يحكم على نفسه، كما في كل أفلام آل الأسد ذات النهاية الواحدة، والتي يكون ختامها اختفاء البطل عن الخشبة نهائياً، بطريقة ما.

وهناك أساليب مختلفة للاختفاء حسب الدور المناط بالممثل، ولكن في جميع الحالات ليست هناك نهاية سعيدة في اللعب مع آل الأسد، الذين أخذوا من والدهم حرفة تصفية الخصوم. وتبين منذ أن بدأ الأسد مشواره في العمل السياسي في نهاية الخمسينيات في اللجنة العسكرية أنه رجل يجيد على نحو متقن الركوب على ظهور الآخرين، ومن ثم التخلص منهم، وهذا ما حصل مع صلاح جديد ومحمد عمران ورفاق آخرين، وعلى منواله صفى نجله بشار بعض حرس والده مثل غازي كنعان، وأبعد عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي وعلي دوبا.. الخ.

والآن جاء دور ابن خاله رامي مخلوف، وهذا يعني أن اللعبة وصلت إلى الدائرة الضيقة، والقريبة من خزائن الأسرار والأموال، لأن رامي ابن الخال محمد مخلوف الذي عمل إلى جانب الأسد الأب، والذي ترك له حرية بناء إمبراطورية مالية عهد بها إلى نجله رامي، الذي كان بمثابة وزير مالية العائلة حتى وقت قريب جداً. ولو لم يظهر رامي شخصياً كي يتحدث عن خلاف مالي مع بشار الأسد لما كان أحد يصدق أن العائلة يمكن أن تتعرض إلى شرخ كبير بهذا القدر. وهذا الشرخ يمكنه أن يودي بالمركب ويغرق بمن فيه. ولكنه في جميع الأحوال، مؤشر واضح على أن العائلة السعيدة تأكل نفسها.

تلفزيون سوريا

—————————-

مخلوف ومخالف!/ ميشيل كيلو

لو أنه تمكّن من “سفّ” تراب سورية، لما قصّر. ولو اتسع “كرشه” لكل لقمة يأكلها السوريون، لما تردد في انتزاعها من أفواههم، غير أن إنسانيته وقناعته منعتاه من الاستيلاء على أكثر من قرابة أربعين شركة ومؤسسة ودائرة ومركزًا ومحيطًا وبحرًا ونهرًا، وسهلًا وجبلًا… إلخ. كما منعه تواضعه من أن يُفصح عن حجم ممتلكاته، وأصولها وفروعها، واكتفى بالحضور في كل مكان وعلى كل لسان، وبمد يده إلى جيب كل سورية وسوري، طوال نيف وعقدين، غيّب نفسه خلالهما عن أي شأن له علاقة بسورية الوطن والشعب، حيث كانت له سوريته الخاصة التي سانده من رعاهم من “فقرا” المخابرات في احتلال سورية العامة بواسطتها، وعلى شفط عافيتها، تحقيقًا لهدف نبيل هو إنزال قدر من التهالك والتهافت بها، تعجز بسببه عن الوقوف في أي وقت على قدميها، أو في استرداد وعيها بذاتها، بينما يمعن “الفقرا” في مساعدته على إرعابها، كي لا تقوم لها قائمة.

لكن سورية ثارت “من حلاوة الروح”، كما يُقال، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، فما كان من “الشيخ رامي”، وقد أدرك عمق الاحتجاج، إلا أن استجار بـ “الجوكر” الإسرائيلي، وأخبره أنه لن يكون آمنًا إن تخلى عن جماعته في دمشق، صناديد “مقاومة وممانعة” العدو الصهيوني في طهران وضاحية بيروت الجنوبية، الذين يصدون عنها خطر قيام سورية حرّة، وأعلن “الشيخ” خوفه منها على نظامه ومستوطني الجولان، وخوفه من أنها لن تتعايش مع من يحتلون الجولان وفلسطين. هذه الاستجارة، قال رامي إنها أزعجت رأس النظام بشار الأسد، فأمره بالتنحي جانبًا وبعدم التدخل في حرب “الجيش العقائدي” على الشعب، والتفرغ لتطبيق القسم الثاني من تقسيم “العمل الوطني”، الذي يتمثل في “تعفيش” ما بقي لدى الشعب من أدوات ومدخرات وموارد وثروات وممتلكات، حتى ما لديه من “طناجر” وصحون وملاعق الألمنيوم المستهلكة، وفوارغ علب حليب الأطفال، إن صدف وكانوا من أولاد “الأثرياء” الذين لم ينسوا بعدُ عادة جلب الحليب الذميمة لأطفالهم، على أن يفيد من سانحة تتاح كل ألف عام، هي القضاء الممنهج على الشعب في كل قرية وحي ومدينة وشارع وزاروب، بجهود مئات آلاف المعفشين المدربين من جند “القائد الخالد”، الذين سيضيف إليهم آلاف العاملين في مؤسساته، المتخصصين في “تعفيش” أكبر قسم يمكن تعفيشه من دخول المشاركين في (سيرياتل) وبقية شركات “البر والإحسان”، التي لا تعود ملكيتها الحقيقية إليه، بل إلى الشريف العفيف، والطاهر الزاهد، بشار الأسد وشركاؤه، ممن قال السوريون يومًا إنهم كانوا من بيت مخلوف وصاروا من آل مخالف!

اليوم، يشكو “الشيخ” من تغوّل “الفقرا” عليه، ومطالبته بالتخلي عن “جنى عمره”، الذي يراوح في تقدير متواضع بين عشرة وثلاثة عشر مليار دولار، شابَ بعض لحيته في الكدّ لجنيه، وسال منه عرق يشغّل طاحونًا، وليس من العدل، كما اكتشف، أخذها منه، لأن ذلك “ظلم لا يقبله عز وجل”، مع إشارة بإصبعه إليه، كي لا يخطئ أحد في هويته: “سيادة الرئيس”. هل أدرك الشيخ رامي اليوم أن الظلم ما إن يبدأ حتى لا تكون له نهاية، فكيف إذا كان من يعتمده لصوص وقتلة محترفون، مكانهم سجن القلعة وليس القصر الجمهوري، من أمثال مشغّله السابق، الذي يريد استعادة ما سمح له بسرقته من الشعب، ليس لأنه فقير، لا سمح له، بل لأنه لا يريد أن يدفع شيئًا للوطن من “جني عمره”؟! وهل يعتقد “الشيخ” أن “الفقرا” (هؤلاء صنف خاص من البشر، يختلف عن الفقراء اختلاف الليل عن النهار!) يريدون انتزاع شركة (سيرياتل) منه، دون علم أو قرار من ابن عمته، متناسيًا أنه لا قرابة في قضايا المصاري، التي تفرغ منذ تولى الرئاسه لجمعها والاسمتاع بعدّها، كما قال أحد مستشاريه السابقين، ولن ينصف “الشيخ” أو يستمع إلى استغاثاته، لمجرد أنه يستجير به!

أوحى “الشيخ” في شريطه الأول أن عدوه قريب من الرئيس، وها هو يقصره على الذين اعتقلوا موظفيه، ويطالبونه بالتخلي عن رئاسة (سيرياتل) من الأجهزة، واكتشف أن عليه قصر خلافه عليهم، حرصًا على النظام، أي على ابن عمته، الذي يحذره من انهيار اقتصادي، إذا استمرت الحملة عليه، ومن امتداد عقابيله إلى “فقرا” جمعية “البستان” وميليشياتها، التي تشعر امتداد أيدي ” فقرا” الأمن إلى مصدر عيشها، بأمر من الذي أخذت تميد به كرسي الرئاسة، وصار موضوع بازار دولي حول مصيره: سيد السفاحين والمعفشين، بشار الأسد، الذي لن تدوم رئاسته، ما دام لم يعد قادرًا حتى على ضبط من كان ظله: “رامي الحرامي!”.

تتفكك العصابات من داخلها، رغم ما تبدو عليه من صلابة وتكوّر على زعيمها، فيفتك أقوياؤها بضعفائها، ليستولوا على حصتهم من المسروقات. عندئذ، تصمت اللغة وتتحدث المسدسات، وما شابه من وسائل الغدر والفتك.

“شيخ” رامي و”ثيادة الرئيث”، سورية بانتظار خطوتكما المقبلة!

مركز حرمون

——————————–

تصريحات رامي مخلوف تفتح ملف الأموال المنهوبة في سوريا/ فراس حاج يحي

القضية تتعلق بأموال الشعب السوري التي نهبت وسرقت من جيوب السوريين والدولة السورية، ومواردهم الطبيعية على مدار عقود واستقرت في حسابات رجال الأعمال المقربين من عائلة الأسد وفي مقدمتهم رامي مخلوف.

تعد ظاهرة الفساد الإداري والمالي في سوريا من أهم العوائق أمام الجهود التي قد تبذل للتخفيف من حدة مؤشرات انهيار المجتمع السوري، والدولة السورية، وعوامل هذا الانهيار كثيرة، أبرزها الفقر، الأمية، سوء الحالة الصحية للمواطنين، خسائر الحرب الكبيرة بشقيها البشري والاقتصادي، دمار البينية التحتية، إضافة إلى تدني مستوى التعليم بين الشباب ومغادرتهم سوريا. رافقت ذلك خطورة نمو ظاهرة نهب الأموال العامة وتداعياتها المتنوعة، مع تزايد حجم الفساد المالي والإداري واتساع مظاهره بعد الثورة السورية عام 2011، وما رافقها من تأثيرات سياسية في الأعوام السابقة.

وهذا يبين أن هناك مشكلة حقيقية تتعلق أولاً بالإرادة السياسية لاستعادة هذه الأموال، وبالتدابير والإجراءات التشريعية والسياسية والإدارية التي تمكن الدولة من استرداد الأموال المنهوبة، التي تحصلت عن سوء استغلال الوظيفة العامة أو الاتجار بها أو استغلال الصلاحيات التي امتلكها بعض كبار المسؤولين في الدولة ورجال الأعمال المقربين من النظام الحاكم، وكذلك في بعض كيانات المعارضة السورية، والتي مكنتهم من الحصول على مكاسب مالية أضرت باقتصاد الدولة.

مرتكبو جرائم الفساد والاستيلاء على المال العام في سوريا، نجحوا في ظل تقنيات عصر العولمة وقوة الجريمة الدولية المنظمة، في تهريب المال العام المستولى عليه إلى خارج الدولة، لذا فإن العدالة تقتضي ملاحقة مرتكبي جرائم الفساد والاستيلاء على المال العام، وعدم تركهم من دون ملاحقة قضائية لاسترداد ما تم الاستيلاء عليه من المال العام. ولهذا السبب فقد اهتمت الدول بالتعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد واسترداد الأموال العامة المنهوبة.

عندما تحول رامي إلى ناشط فايسبوكي

على مدار شهر كامل، تابعنا جميعاً مسلسلاً درامياً سورياً جديداً، أبطاله ابن خال بشار الأسد رامي مخلوف وزوجة الأسد أسماء، استمعنا فيه إلى خطب دينية وخطاب وطني إنساني مبتذل، قدمه لنا رامي مخلوف على حلقات عدة، عبر صفحته على “فايسبوك”، محاولاً إظهار نفسه كضحية ورجل أعمال عصامي يعمل تحت سقف القانون. نشاط مخلوف الفايسبوكي قابلته كلمة لبشار الأسد في حضرة وزرائه، نشرتها وسائل الإعلام الحكومية الرسمية، تحدث فيها الأسد عن الفساد وجهود حكومته لمحاربته. وتبعت ذلك مقتطفات من كلمة لأسماء الأسد في اجتماع خاص للجنة دعم جرحى ومصابي جيش الأسد، تحدثت فيه أيضاً عن الإشاعات المغرضة كما سمتها، وعن الفساد وضرورة دعم جرحى ومصابي جيش الأسد، في ظهور إعلامي استثنائي أرادت فيها إثبات أنها السيدة الأولى في سوريا، وأنها المنتصرة في خلافها الأخير مع مخلوف.

هذا الخلاف بين عائلة الأسد- مخلوف كما نعلم جميعاً هو خلاف ضمن ما يسمى النواة الصلبة والضيقة لنظام الأسد، وخطاب مخلوف كان موجهاً تحديداً الى أبناء الطائفة العلوية في سوريا دون غيرهم، في محاولة لكسب ودهم وإظهار التأييد الشعبي له، وزيادة الضغط على بشار الأسد لإجباره تحت هذا الضغط على الوصول الى تسوية ترضي مخلوف. ومن يتابع الوضع السوري يدرك أن رامي نجح في ذلك على المستوى الشعبي لحاضنة نظام الأسد، بخاصة أن جمعية البستان التابعة لمخلوف هي التي تصرف الرواتب والمساعدات المالية والغذائية والطبية لمقاتلي ميليشيات الأسد وقتلاهم وجرحاهم من القوات غير النظامية للجيش السوري وذلك على مدار 9 سنوات متتالية.

وهذا الخلاف المستمر لا يستطيع أحد التنبؤ بنتائجه السياسية غير أن نتائجه الاقتصادية واضحة لكل متابع، مع انهيار الليرة السورية، وفقدان القطع الأجنبي ما قد ينذر بإعلان إفلاس المصرف المركزي في سوريا. وعلى المستوى الشعبي نجح رامي مخلوف بتسويق روايته في أوساط العلويين في سوريا بأن الخلاف بينه وبين أسماء الأسد هو خلاف اقتصادي علوي- سني، تحاول فيه أسماء الأخرس السنية الاستئثار بالملف الاقتصادي في سوريا وتجريد العلويين من حقوقهم. وما عزز هذا الشعور لدى مناصري مخلوف، اللقاء الأخير بين رجل الأعمال سامر الفوز المحسوب على أسماء الأسد مع بشار، والرسائل المبطنة التي تضمنها هذا اللقاء بأن سامر الفوز سيحل محل رامي مخلوف في الأيام المقبلة.

موقف السوريين من هذا الخلاف

على رغم معرفة جميع السوريين أن هذا الخلاف لا يمت لمحاربة الفساد بصلة، فهو تصفية حساب بين أجنحة النظام لا أكثر، إلا أن حالة الاحتقان والكره بين المعارضين السوريين لرامي مخلوف جعلت معظمهم يقفون ضده، وهذا يعني عن غير قصد الوقوف في جانب أسماء الأسد، علماً بأن هذا الخلاف لا يعدو استبدال رجل أعمال فاسد برجل أعمال آخر فاسد مثله.

وهذا القصور في الرؤية من قبل الكثير من السوريين بدا واضحاً في مقالاتهم وتحليلاتهم ولقاءاتهم التلفزيونية، وتناولهم القضية بسطحية من باب فضح رامي مخلوف والتشفي به والتندر عليه من دون الاقتراب من جوهر هذه المسألة، والتي نرى أنها تعتبر ثالث أهم ملف في سوريا ومستقبلها، بعد ملفي الانتقال السياسي ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب، وهو ملف الأموال المنهوبة في سوريا، منذ تولي الأسد الأب السلطة وحتى الوقت الحالي.

أين أموال الشعب؟

إذاً، القضية هنا تتعلق بأموال الشعب السوري التي نهبت وسرقت من جيوب السوريين والدولة السورية، ومواردهم الطبيعية على مدار عقود واستقرت في حسابات رجال الأعمال المقربين من عائلة الأسد وفي مقدمتهم رامي مخلوف، وهي مبالغ تم تهريب معظمها من سوريا إلى دول أوروبا الشرقية وروسيا وتقدر بعشرات المليارات.

وفي هذا الصدد، يبرز ملف الأموال المنهوبة والمهربة من قبل رفعت الأسد في قضايا يتم محاكمته فيها حالياً أمام القضاء الإسباني والفرنسي، فقد أوصى قاضي تحقيق إسباني قبل عامين بإحالة إلى المحاكمة، للاشتباه بتبييضه “أكثر من 600 مليون يورو”. وبحسب وسائل إعلام إسبانية يشتبه قاضي التحقيق بأن رفعت الأسد يرأس “شبكة إجرامية” مؤلفة من 8 من أبنائه، واثنين من زوجاته الأربع، وشركات وهمية، يخضعون جميعاً لأوامره، وفق ما ورد في قرار المحكمة الجنائية في مدريد.

وبحسب القرار، فإن جميع المذكورين “كرسوا أنفسهم منذ الثمانينات لإخفاء أموال منهوبة وتحويلها وتبييضها بشكل غير قانوني من الخزانة الوطنية السورية في بلدان أوروبية عدة”.

كما يحاكم في فرنسا، بتهم “غسل الأموال المنظم” عبر التهرب الضريبي واختلاس الأموال العامة السورية.

ومن الجدير بالذكر إدراج الاتحاد الأوروبي على لائحة عقوباته، مئات رجال الأعمال المقربين من نظام الأسد ومن ضمنهم رامي مخلوف. وكان آخر بيان صادر عن الاتحاد الأوربي في شباط/ فبراير عام 2020، تحدث عن إضافة 8 رجال أعمال وكيانَيْن مرتبطَيْن بهم إلى قائمة الأفراد والكيانات الخاضعة لعقوبات يفرضها الاتحاد على النظام في سوريا وداعميه.

وفرضت تلك الإجراءات العقابية ابتداءً من عام 2011، وتضم القائمة حالياً 277 شخصاً و71 شركة، يخضعون لحظر السفر ولتجميد أصولهم، وتشمل العقوبات الأوروبية حظراً نفطياً وقيوداً على استثمارات معينة، وتجميداً لأصول يملكها البنك المركزي السوري في الاتحاد الأوروبي وقيوداً على تصدير معدات وتكنولوجيا، قد تستخدم في القمع الداخلي ومراقبة الاتصالات عبر الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية أو التقاطها.

في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى قرار الجامعة العربية رقم (7442) الصادر في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، والذي نصت الفقرة الرابعة منه على تجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية.

كيف تعاملت المعارضة السورية الرسمية ونظام الأسد مع ملف الأموال المنهوبة؟

أشارت تقارير صحافية إلى أن ثروة “الأسد” تتراوح بين 35 و40 مليار دولار، فضلاً عن الأموال المنهوبة بأسماء مقربين، ليصل حجم الثروة الفعلية إلى حدود 122 مليار دولار.

على الصعيد الرسمي للمعارضة السورية بكياناتها المختلفة، لم يحظَ هذا الملف الحيوي بالاهتمام المطلوب والعمل اللازم لاستعادة هذه الأموال والمطالبة بها، ولم تشهد السنوات التسع السابقة جهداً يذكر من قبلها باستثناء تشكيل لجنة برئاسة المحامي هيثم المالح عام 2012، لمتابعة استرداد الأموال المنهوبة، بعد قرار الجامعة العربية تجميد أرصدة حكومة الأسد، ولم يصدر عن هذه اللجنة أي عمل فعلي أو نتائج حقيقية.

أما النظام السوري فهو لا يرى أن في سوريا أموالاً منهوبة إلا بعد عام 2011، ولا يعنيه من قريب أو بعيد تلك الأموال التي نهبتها عائلة الأسد أو المقربين منه، وعلى رغم ذلك يلحظ عمله الدؤوب على هذا الملف. وبحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” السورية عام 2018 عن رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية السوري، محمد برق فإن “حجم الأموال المكتشفة والمستردة تجاوز خلال عام 2017، 7.6 مليار ليرة سورية، في حين تجاوزت هذه الأموال منذ بداية عام 2018 (5) مليارات ليرة بزيادة نسبتها 25 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي”.

وبحسب ما نشرته صحيفة “البعث” السورية  في شهر نيسان/ أبريل الماضي كشفت المستشارة هدى الصواف رئيسة إدارة قضايا الدولة لدى النظام السوري عن بدء المشاركة الفاعلة في تمثيل سوريا بالدعاوى الخارجية أمام المحاكم الدولية.

وأوضحت الصواف، أن تمثيل سوريا بدأ أمام محاكم دول عربية عدة مثل لبنان والأردن والعراق ومصر. كان آخرها رد مبلغ 154 ألف دولار لمصلحة سوريا، بعد دعوى إيقاف بث من قبل النايل سات.

ووفقاً للصواف، فإن محامي الدولة يبذلون جهوداً فعالة في أعمال لجان القروض المتعثرة المكلفين بها من قبل مجلس الوزراء، أثمرت عن تحصيل ما يقارب 300 مليار ليرة سورية حتى الآن.

وأمام هذا الثالوث السوري المتمثل في حكومة الأسد، ومعارضته ورجال أعمال نهبوا أموال الشعب السوري وهربوها خارج سوريا، تضيع حقوق السوريين وأموالهم بين مقصر وسارق، ويترك السوريون قضيتهم الرئيسية في حقهم باستعادة هذه الأموال المهربة منها أو المجمدة، والتي يخشى أن يفرج عن أرصدتها لمصلحة حكومة الأسد فتنتشلها من أزمتها المالية قبل إنجاز عملية الانتقال السياسي، بدل أن تكون عند استرجاعها واستعادتها عماداً اقتصادياً لعملية إعادة إعمار سوريا وبنائها من جديد.

ويبقى أمل السوريين الوحيد لاستعادة أموالهم المنهوبة، قيام حكومة انتقالية تأخذ زمام المبادرة عبر إنشاء هيئة وطنية مستقلة لها صلاحيات قانونية في البحث والتحري والتقصي والتعقب والكشف عن تجميد الأموال العامة المنهوبة واستردادها، سواء كانت في الداخل أو الخارج، وذلك وفقاً للإجراءات المبينة في قانون استرداد الأموال المنهوبة واللائحة التنفيذية له والقوانين النافذة والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، وبخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

درج

——————————-

ما الذي يمكن لرامي مخلوف أن يفعله؟/ عقيل حسين

وضع النظام حداً للوساطات وجهود المصالحة التي كان يقوم بها مقربون من طرفي الصراع (الأسدي-المخلوفي) من أجل حل الأزمة التي تفجرت بين قطبي الحكم السياسي والاقتصادي، وقرر بشكل حاسم وضع اليد نهائياً على أموال رامي مخلوف.

والواقع أن الأخير لم يكن يملك بقدر ما كان يدير، الإمبراطورية المالية التي كان يتربع على عرشها لم تكن في يوم إلا إمبراطورية ابني حافظ الأسد، مثلما هي سوريا كلها في عرف هذه العائلة وقناعاتها.. أو ليست سوريا هي سوريا الأسد.

سيكون من المضحك القول إن رامي مخلوف لم يكن يدرك هذه الحقيقة، لكن المضحك فعلاً أن لطول أمد التحكم بالأموال التي أوكلت إليه ظن أنه بات، على الأقل شريكاً بها، ولذا فقد عز عليه التنازل عنها عندما حان وقت المطالبة بها، وتشبث بها كما يتشبث ابن عمته (الرئيس) بكرسي الحكم في قصر الشعب رغم كل ما جرى في السنوات التسع الماضية، إذ لا يشك الآخر أن هذا الكرسي لا يمكن أن يخرج من تحته، بعد عقود من هيمنة آل الأسد عليه.

ستطوى صفحة رامي مخلوف بأسرع مما يعتقد كثيرون، وستمر بأقل من كثير من أمنيات الشعب التي ارتفع سقفها مع بدء التراشق الإعلامي بين طرفي الصراع، حيث حذا الأمل الكثيرين بأن تشكل هذه الأزمة المسمار الأخير في نعش النظام.

والواقع أن رامي مخلوف ليس بيده ما يمكن أن يهدد به النظام أمنياً أو عسكرياً، وكل ما يقال عن وضع الملف في سياق صراع النفوذ بين روسيا وإيران ليس سوى كلام مرسل بلا سند أو دليل، ولن يكون في جعبة رامي مخلوف أكثر من نشر المزيد من غسيل النظام الوسخ.

لكن الفضائح التي قد يتجرأ رامي مخلوف على الإفصاح عنها، إن تجرأ وفعل، لن تهز شعرة في طرف هذا النظام الذي لم يعنه تعميم صورته في العالم كنظام استبدادي مجرم يقتل الشعب ويعذبه حتى الموت ويدمر منازل المواطنين ويهجرهم ويسرق أموالهم ويجلب الغرباء ليحتلوا أرضهم ويستولوا على كل مقدرات وطنهم..إلخ مما شاء القول أن يقول في هذا السفر الأسود.. هذا النظام الذي لم يحفل بكل ذلك هل سيكون معنياً بالفعل إذا ما أضيف للشعر بيت؟!

اعتقد البعض أن رامي مخلوف، الذي ورث أبيه محمد مخلوف في إدارة خزينة آل الأسد عندما ورث بشار منصب والده حافظ الأسد كحاكم عام ٢٠٠٠، يمكن أن يتسبب بانقسام داخل الطائفة العلوية، بعد أن بنى شعبية داخلها من خلال تبرعاته والمساعدات التي قدمها لأسر قتلى الطائفة وجرحاها خلال السنوات التسع الماضية، وأنه يمتلك ولاء يكفي لإثارة مخاوف النظام أمنياً، لكن هذا الاعتقاد يهمل أنه مهما بلغ هذا الولاء فإنه لن يصل مطلقاً إلى الحد الذي يكون موضع مفاضلة مع الولاء للأسد، ناهيك طبعاً عن تضخيم أرقام التبرعات والمساعدات التي كانت تقدمها مؤسسات مخلوف (الخيرية) والتي سيعمل النظام على تسريبها وكشف الحقيقة حولها بلا شك.

البعض الآخر ربط بين التدهور غير المسبوق بسعر صرف الليرة مؤخراً وبين تصاعد الأزمة داخل الأسرة الحاكمة، وهو ربط صحيح إلى حد ما، وبالتالي فإن هؤلاء يعتقدون بقوة ربما أن انهيار الليرة سيؤدي حتماً إلى انهيار النظام.

والواقع أن هناك نقطتين لا بد من أخذهما بعين الاهتمام هنا:

الأولى أن تدهور سعر صرف الليرة كان السبب الرئيس في تفجر الأزمة بين النظام وبين رامي مخلوف، وليس نتيجة لهذه الأزمة، رغم أن انتقال الخلاف إلى العلن زاد من حدة هذا الانخفاض.

والثانية أن أي نظام ديكتاتوري لا يمكن أن يسقط، كما يعلمنا التاريخ، بسبب انهيار عملته، بل إن كثيرا من الأنظمة الاستبدادية التي تسببت بخسارة عملة البلاد كل قيمتها، ما زالت تحكم وتتمرغ بنعيم السلطة بينما تستمر الشعوب التي تحكمها في المعاناة والفقر.

لقد حذرت في مقال سابق من التعويل على التطورات الأخيرة من قبل المعارضة والاندفاع مجدداً خلف الاعتقاد بأنها ستؤدي حتماً إلى سقوط النظام، وقلت إن هذه المعطيات لا تكفي للقول إن نهاية حكم الأسد قد حانت، فمثل هذا النظام لا يمكن أن تسقطه فضيحة أو أزمة اقتصادية، بل إن سقوطه أو بقاءه أو تغييره بات، ومنذ سنوات، محكوماً بتوافقات دولية وإقليمية معقدة.

تلفزيون سوريا

—————————–

في إجراء جديد ضده… الحجز على أسهم رامي مخلوف في 12 مصرفاً/  إبراهيم حميدي

في إجراء إضافي بعد انهيار «وساطة عائلية» جرت في قصر رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، في ضاحية يعفور قرب دمشق، الاثنين الماضي، قررت «سوق دمشق للأوراق المالية»، اليوم الأربعاء، الحجز على أسهم رامي مخلوف في 12 مصرفاً ومؤسسة مالية خاصة في البلاد، بينها «بنك عودة» و«بنك بيبلوس» و«البنك العربي» و«فرنسبنك».

واستند القرار، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى بيان وزير المال مأمون حمدان أول من أمس بـ«الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمدعو رامي مخلوف» في تبرير قيام «سوق دمشق» باتخاذ خطوة مماثلة تتضمن «الحجز الاحتياطي ضد جميع أسهم» مخلوف، بناء على اقتراح وزارة المواصلات، ضماناً للمستحقات المترتبة لـ«الهيئة الناظمة للاتصالات» الحكومية في سوريا من شركة «سيريتل» التي يترأس مخلوف مجلس إدارتها ويملك معظم أسهمها.

ومنذ طلب «الهيئة الناظمة للاتصالات» من مخلوف سداد حوالي 185 مليون دولار أميركي وإعطائه مهلة قبل 5 الشهر الجاري، جرت حملة من الضغوطات عليه شملت اعتقال عدد كبير من الموظفين في مؤسساته وشبكاته وسحب المرافقة الأمنية وتفكيك الحراسات قرب قصره وحرمانه من الامتيازات التي تمتع فيها لعقود، مع ترك باب التفاوض مفتوحاً للوصول إلى تسوية ما وقبول شروط معينة.

وفي آخر محاولة جرت في قصره في ضاحية يعفور قرب دمشق، الاثنين، تبلغ أن المطلوب منه التخلي عن «سيريتل» لصالح «صندوق الشهداء» واستعادة قسم كبير من أمواله في المصارف الخارجية التي تقدر بمليارات الدولارات إلى البلاد لـ«المساهمة في حلّ الأزمة الاقتصادية العميقة».

في المقابل، أظهر مخلوف «عناداً غير مسبوق» واستعمالاً لـ«الخطاب الديني»، مع قبوله دفع المستحقات المطلوبة من «سيريتل» إلى الحكومة على دفعات. كما قام بتعيين ابنه علي، المقيم خارج البلاد، نائباً له في مجلس الإدارة بدلاً من شقيقه إيهاب، وذلك لتعطيل أي قرار في «سيريتل» دون موافقته.

ومع انهيار الوساطة، استيقظ مخلوف أول من أمس على إجراءين: قرار رئيس الوزراء السوري عماد خميس، «حرمان المدعو رامي مخلوف من التعاقد مع الجهات العامة لـ5 سنوات»، وقرار وزير المال مأمون حمدان، الحجز على أمواله وأموال عائلته.

وقال مخلوف في بيان نشر على صفحته في «فيسبوك» ليل الثلاثاء – الأربعاء: «بعد الرد الأخير من قبلنا على الهيئة الناظمة للاتصالات وإظهار عدم قانونية إجراءاتها، يردون بإجراءات أخرى غير قانونية أيضاً ويلقون الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي، مع العلم أن الموضوع هو مع الشركة (أي سيريتل) وليس معي شخصياً، إضافة إلى المحاولة لإقصائي من إدارة الشركة بالطلب إلى المحكمة لتعيين حارس قضائي يدير الشركة».

وأضاف: «كل ذلك بذريعة عدم موافقتنا لتسديد المبلغ؛ وكما تعلمون (لمتابعيه) كل ذلك غير صحيح».

وتداول نشطاء، أمس، بياناً مفاده أن وزارة العدل عينت فراس فواز الأخرس، شقيق أسماء زوجة الرئيس الأسد، «حارساً قضائياً» لشركة «سيريتل».

لكن وزارة العدل نفت ذلك، مشيرة إلى أن «مصدر البيان جهات خارجية مغرضة»، في إشارة إلى أنه تقديم للتنافس على أنه بين أسماء الأسد ورامي مخلوف.

كما جرى تداول «بيان» آخر يتعلق بقرار وزارة المال ملاحقة أموال رامي مخلوف في مصارف خارجية، لم يجر التأكد منه.

وكان رامي نشر مساء أول من أمس أيضاً وثائق مراسلاته مع رئيس الوزراء للتدخل لدى «المصرف المركزي» لتسهيل عمل «مؤسسة نور للتمويل الصغير» التي تعطي قروضاً للمحتاجين في ستة مراكز في البلاد.

وكتب مخلوف: «تساءلنا في كتابنا: هل الحكومة في خدمة الشعب أم الشعب في خدمة الحكومة؟، فكان جوابهم بكتاب رسمي منع رامي مخلوف من التعامل مع الدولة لمدة 5 سنوات»، حيث نشر نص البيان.

وكانت «مؤسسة نور للتمويل» إحدى المؤسسات التي تعرضت لإجراءات تقييدية منذ أغسطس (آب) الماضي، عندما بدأت حملة لتفكيك شبكات مخلوف، شملت وضع يد الحكومة على «جمعية البستان» التي يرأسها وشكلت «الواجهة الإنسانية» لأعماله، وحلّ الميليشيات التابعة لها والسيطرة على شركات أخرى، بينها «السوق الحرة»، إضافة إلى إلغاء رخصة «الحزب السوري القومي الاجتماعي» الذي ينتمي إليه أفراد عائلة مخلوف تاريخياً، وكانوا ممثلين في الحكومة ومجلس الشعب (البرلمان)، إضافة إلى الحجز على أمواله في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وأفادت مصادر اليوم باعتقال عدد من عناصر الميليشيات التابعة لـ«جمعية البستان».

الشرق الأوسط

—————————

هل يخرج رامي مخلوف من الصورة لإنهاء الأزمة؟

“سيناريوهات الحل تفضح أسباب الأزمة”… تحت هذا العنوان نشرت “المدن” تقريراً في 10 أيار/مايو، سلط الضوء على محاولات مقربين من عائلتي الأسد ومخلوف نزع فتيل التوتر بينهما، والتوصل إلى حل ينقذ العلاقة التي تدهورت بين قطبي الحكم الذين تقاسما إدارة سوريا سياسياً واقتصادياً بشكل كامل على مدار عقدي حكم بشار الأسد، قبل أن يتفجر صراع بين الأسرتين بدأ قبل نحو عام وتصاعد ليبلغ ذروته الثلاثاء.

فبعد ثلاثة تسجيلات مصورة ظهر فيها ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، رجل الأعمال الأول في سوريا رامي مخلوف، وهاجم فيها الحكومة والمحيطين بالأسد، وبعد تراشق إعلامي وحرب وثائق بين الطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي، أصدرت وزارة المالية في حكومة النظام قراراً بالحجز على أموال وممتلكات رامي مخلوف وزوجته وأبنائه، مع حرمانه من التعاقد مع الدولة لمدة خمس سنوات.

ورغم أن قرار الحجز لم يكن الأول من نوعه، إلا أن النسخة الأخيرة منه تكتسي أهمية استثنائية، إذ لا يمكن النظر إليه على أنه مجرد خطوة تصعيدية أخرى من أجل ممارسة المزيد من الضغط على مخلوف، بل يتفق الجميع تقريباً على أن القرار يمثل وضع حد من قبل النظام لأي تفاوض حول هذه القضية، وتمهيداً مباشراً لفرض إرادته التي لم يعد هناك شك بأنها تهدف إلى الاستحواذ على شركة “سيريتل” بالدرجة الأولى، وربما بقية أعمال ومؤسسات رامي مخلوف في سوريا.

السيرة الكاملة

يشكل هذا “الحل” الذي اختاره النظام في النهاية انتصاراً واضحاً لأحد السيناريوهات التي كانت متداولة طيلة الأسابيع الماضية حول أسباب الخلاف بين النظام ورامي مخلوف، حيث تعددت الروايات وتباينت اتجاهاتها، لكنها ظلت كلها “احتمالات” في ظل تشابك خيوط الأزمة من جهة، وعجز حتى المقربين من كلا الطرفين عن الوصول إلى يقين.

الرواية التي انتصرت، على الأقل مبدئياً، وفي ضوء تطورات الثلاثاء، كانت تقول منذ البداية، إن جوهر الخلاف هو بين النظام وبين رامي مخلوف، وليس بين عائلتي الأسد ومخلوف، على الرغم من إصابة العلاقة الأسرية في مقتل نتيجة هذا الخلاف الذي بدأ منذ سنوات، وكان أول مؤشراته فتح النظام الأبواب التي كانت مقفلة لصالح رامي مخلوف أمام طبقة جديدة من رجال الأعمال، ومنحهم التسهيلات والامتيازات اللازمة.

مؤشر التقطه رامي مخلوف منذ اللحظة الأولى باعتباره يشكل استهدافاً له، على الرغم من أن النظام روج لهذه الخطوة على أنها سعي للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على مخلوف ورجالاته وواجهاته، بينما كان الدافع الحقيقي لانتاج طبقة جديدة من رجال الأعمال، هو التصلب الذي بات يبديه مخلوف في رده على مطالب النظام بدفع ما يتوجب أو ما يلزم من أرباح شركاته لخزينة الحكومة المفلسة، كما أكدت مصادر في دمشق ل”المدن”.

المصادر  قالت إن رامي مخلوف ومنذ بدأ الصعود التدريجي لرجال الأعمال الجدد، وعلى وجه التحديد ابتداءً من عام 2017، اتخذ خطوات عديدة كرد فعل على ما سبق، مثل محاولة عرقلة أعمال هؤلاء التجار في الدوائر الحكومية، أو الحاق الضرر بها من خلال مليشيات محسوبة عليه، الأمر الذي نبّه النظام إلى تنامي نفوذ وقوة رامي مخلوف، ما جعله يتخذ قراراً بالتعامل معه منذ تلك اللحظة كخطر لكن ليس كتهديد.

وتتابع المصادر أن حرباً خفية بدأت تتصاعد بين الطرفين منذ ذلك الوقت، كان سلاح رامي مخلوف الرئيسي فيها التعنت ورفض دفع ما يتوجب عليه من قيمة أرباح شركاته من أجل تمويل الخزينة، حيث اكتفى بداية بدفع النسب والرسوم القانونية فقط، ثم بدأ في المماطلة حتى بهذا الجانب، خاصة عام 2019، في الوقت الذي زاد فيه من قيمة المساعدات والمشاريع (الخيرية) في مناطق انتشار الطائفة العلوية، الأمر الذي كان يتابعه النظام عن كثب، ويعمل على مواجهته بهدوء، مع الإشارة إلى أن أرقام هذه المساعدات حتى بعد زيادتها أقل بكثير مما روج له مخلوف.

أحداث ومحطات

وفي تتبع لتطورات الأحداث بين الجانبين، أمكن مطابقة هذه الرواية مع محطات رئيسية مثلت أبرز التحولات في العلاقة بين مخلوف والنظام، والتي تبدأ أهمها في النصف الثاني من عام 2019.

البداية كانت في تموز/يوليو الماضي، عندما أطلق النظام حملة لدعم الليرة السورية، مستغلاً انخفاضاً كانت قد واجهته في تلك الفترة من أجل إلزام رامي مخلوف بالدفع، أو على الأقل إحراجه، وهو ما حصل بالفعل عندما بادر رجال الأعمال المنافسين له إلى دفع كل المبالغ التي فرضها النظام عليهم، بينما رفض مخلوف التبرع لهذه الحملة، متذرعاً بأنه يدفع ما يترتب عليه من ضرائب للدولة ويقوم بمساعدة الآلاف من عوائل جرحى وقتلى جيش النظام وميليشياته.

تحدٍ جديد تقول المصادر، أغضب الأسد بشكل جدي هذه المرة، فبدأ منذ تلك اللحظة بإجراءات علنية تستهدف “ابن خاله”، وكانت الخطوات التالية هي الحجز على مؤسسة “البستان الخيرية” في أيلول/سبتمبر 2019، وكإجراء معنوي لسحب ورقة المتاجرة بفقراء الطائفة العلوية، بث النظام دعاية واسعة عن تسلم أسماء الأخرس، زوجة بشار الأسد، مهمة الإشراف على أعمال المؤسسة.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2019 كانت الصفعة المؤلمة الثانية التي يوجهها الأسد لرفيق دربه رامي مخلوف، والتي كانت رغم ذلك بمثابة الانذار ما قبل الأخير، عندما صدر قرار عن مؤسسة الجمارك بتفويض وزير المالية إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف، وعدد من أعوانه، إلا أن قراراً بالحجز على أموال الأخير لم يصدر بالفعل، فيما بدا أنه توصلٌ إلى حل مرضٍ للطرفين.

لكن هذا الهدوء لم يدم سوى أربعة أشهر شهدت تطورات متسارعة على صعيد العلاقة بين النظام ورامي مخلوف من جهة، وبين عائلتي الأسد ومخلوف من جهة ثانية، وصلت إلى حد القطيعة النهائية، حيث رفض بشار الأسد، كما تقول مصادر “المدن”، مقابلة ابن خاله أو الرد على اتصالاته، في الوقت الذي تم فيه الايعاز للجهات الأمنية والمالية بالتضييق عليه، رداً على ما اعتبره الأسد استمرار مخلوف في تحديه للنظام.

الآثار والتبعات المحتملة

ترجح المصادر فرضية أن مخلوف يدفع ثمن تحديه للأسد على حساب كل السرديات الأخرى التي أحالت الخلاف إلى صراع أسري بين رامي مخلوف من جهة، وماهر الأسد وأسماء الأخرس من جهة أخرى، أو إلى صراع النفوذ بين روسيا وإيران. وتجزم أن مخلوف دفع ثمن اعتباره أن ما آل إليه من ثروات وما تحت يديه من شركات وما يدير من أعمال هي من أملاكه، بينما لا يقبل النظام بأي تشكيك في حقيقة أنه مجرد موظف مكلف بالإشراف عليها لصالح الأسد ونظامه، وأنه مجرد حامل للحقيبة المالية وليس مالكاً لها.

وحول تبعات ذلك على النظام، أقله من الناحية الاقتصادية، حيث شهدت الليرة تدهوراً غير مسبوق منذ تفجر الأزمة هذه، تؤكد المصادر أن تعنت رامي مخلوف وإحجامه عن امداد خزينة النظام بالأموال التي كانت تطلب منه، وخاصة من العملة الصعبة، كان أحد الأسباب الرئيسية في موجات انهيار الليرة المتتالية، وأكثر من ذلك فإن النظام يتهم مخلوف بتحويله كل الأموال والعائدات التي كان يتحصل عليها من السوق المحلية إلى الدولار، ويقوم بتحويل المبالغ إلى الخارج، ما أدى لاستنزاف الليرة السورية.

لا يعني ما سبق نفياً كاملاً للسرديات الأخرى عن طبيعة الخلاف بين الجانبين، خاصة مع تداخل السياسي والمالي مع الشخصي والأسري في بنية النظام الذي لم تعد للمؤسسات فيه، حتى تلك التي كانت مهمتها ترسيخ حكم الأسد، قدرة على القيام بأي دور جدي، متخلية عن وظائفها تحت ضغط عوامل مختلفة لصالح الحليفين الروسي والأيراني مؤخراً، أو لصالح تغول الأشخاص وتضخم حضورهم بما يفوق أكثر مؤسسات النظام قوة، كالجيش والأمن سابقاً.

لكن السؤال الذي يطرح اليوم يتعلق بالدرجة الأولى بنتائج قرارات النظام التي صدرت الثلاثاء، والتي كانت عند الكثيرين بمثابة المسمار الأخير في نعش امبراطورية رامي مخلوف الاقتصادية، حيث حمل تعليق مخلوف على قرار الحجز على أمواله الثلاثاء لهجة تهديد، بعد تهديدات سابقة أطلقها في الفيديوهات الثلاثة التي ظهر فيها حتى الآن.

مخلوف قال على صفحته في “الفايسبوك”: “لقد فعلت كل ما باستطاعتي يا ربي، فهذا فعلي وقد استنزف وانت المدد، فأرهم فعلك يا الله فقد حان موعد ظهوره ولك الأمر، فقد قلت إن لله رجالاً اذا أرادوا أراد، فبعزتك وجلالتك سيذهلون من فعلك”.

وبينما اعتبر البعض أن هذا التعليق يعتبر بمثابة تهديد مبطن قد تتم ترجمته بتحريك القوى الاجتماعية والمسلحة التي تدين بالولاء لرامي مخلوف داخل الطائفة العلوية، أكدت مصادر “المدن” أن هناك مبالغة في تقدير حجم هذا الولاء والنفوذ، وأن مخلوف كان يعني حرفياً ما يقول في منشوره هذا.

وحسب تقديرات هذه المصادر، فإن النظام الذي أمر بتعيين حارس احتياطي على شركة “سيريتل”، قد تكون أكثر خطوة متسامحة يمكن أن يتخذها ضد رامي مخلوف هو إلغاء قرار الحجز الاحتياطي على أمواله، أو الادعاء بأن مثل هذا القرار لم يصدر أصلاً، وتسليم إدارة شركاته لإبنه محمد مخلوف ولكن بشكل صوري، لرد الاعتبار معنوياً فقط، وبعد أن يكون مخلوف قد أجبر على تنفيذ كل ما هو مطلوب منه بالكامل.

المدن

————————

نفوذ رامي مخلوف المالي والسياسي يستفز ثلاثي الأسد (2-1)/ وليد شقير

زوجة الرئيس السوري تعمل لتمكين زوجها وابنها

بلغ الصراع على المال بين الرئيس السوري بشار الأسد وعائلته، وبين عائلة والدته آل مخلوف، مرحلة حرجة، اليوم الثلاثاء، بحجز الحكومة على أموال ابن خاله رامي مخلوف، الذي يعد من أغنى أغنياء سوريا ومُزوِّد آل الأسد بالمال، خصوصاً أنه كان واجهة لأعمال مالية وتجارية كبرى على مدى 20 سنة ماضية، بعدما كان والده، خال الأسد، محمد مخلوف يلعب هذا الدور أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد.

يستبطن الخلاف على الأموال الذي تجلى بمطالبة وزارة المال السورية رامي بدفع أموال طائلة للخزينة بحجة “تهربه” من الضرائب و”تقليصه” حصة وزارة الاتصالات من امتياز شركة “سيريتل” للهاتف الخلوي، صراعاً خفياً على السلطة، لا سيما من جانب آل الأسد، وزوجة الرئيس السوري أسماء الأخرس التي دخلت بقوة في السنوات الماضية عالم المال والأعمال.

أبعد من “سيريتل”

أظهرت وثيقة حكومية اطلعت عليها “رويترز” أن الحكومة السورية قرّرت الحجز على أموال رامي مخلوف، وزوجته وأولاده. وحملت الوثيقة تاريخ 19 مايو (أيار) وعليها توقيع وزير المالية. وورد فيها أن “الحجز الاحتياطي يأتي ضماناً لتسديد المبالغ المستحقة لهيئة تنظيم الاتصالات في سوريا”.

وكان مخلوف بث مقطعاً مصوراً هو الثالث عن القضية، الأحد الماضي، قال فيه إن المسؤولين طلبوا منه الاستقالة من رئاسة شركة “سيريتل” لخدمات الهاتف المحمول، في أحدث منعطف في نزاع على الأصول والضرائب، كشف عن خلاف في قلب النخبة الحاكمة بسوريا، بحسب “رويترز”.

كما أن مخلوف أشار في التسجيل الصوتي، الذي بث على صفحته عبر “فيسبوك”، إلى اعتقالات من قبل السلطات السورية لمديرين في الشركة التي يرأس مجلس إدارتها، بعد أن رفضوا التوقيع على أوراق بالتنازل عن أموال تساوي 120 في المئة من أرباح الشركة، حسبما أعلن، لكن رامي عاد وقال، إنه أبدى استعداداً لدفع هذه الأموال، على الرغم من وصفه ذلك بأنه “ظلم”. وطلبت السلطات من شقيقه إيهاب الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة أن يوقع على التنازل عن أموال طلبها مفاوضون عن الحكومة السورية.

إلا أن رامي الذي أوضح أن حق التوقيع منوط به، وأن شقيقه يوقع عنه إذا كان غائباً، بينما “أنا موجود”، طلب من شقيقه الاستقالة من المنصب، وعيّن مكانه ابنه علي، الذي يقيم في دبي، ولا تستطيع السلطات السورية ملاحقته، حسبما كشفت مصادر مطلعة على مجريات الصراع الدائر لـ”اندبندنت عربية”.

فرامي يريد التفاوض المباشر معه، الأمر الذي يرفضه الرئيس السوري، وسط معلومات بأن خال الأسد، ووالد رامي، حاول إقناع الرئيس بالاجتماع مع رامي، لكنه رفض.

وكانت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” نشرت على صفحتها الرسمية على “فيسبوك” بعد التسجيل الصوتي، الذي بثه مخلوف عن استعداده لدفع الأموال المطلوبة منه، أن الشركة “رفضت دفع المبالغ المتوجبة عليها وأنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة”، التي اتضحت بالحجز على الأموال.

ورد مخلوف في اليوم نفسه مكذّباً ذلك، بنشر بيان وجهته الشركة إلى “الهيئة الناظمة” بتاريخ 10 مايو الحالي، بينت فيه “سيريتل” استعدادها لتسديد المبالغ المفروضة عليها، مطالبةً الهيئة الناظمة بموجبه تحديد مبلغ الدفعة الأولى، ومبالغ الأقساط الأخرى والفوائد المترتبة عليها”.

واستهجن مخلوف، “أن تقوم الهيئة الناظمة للاتصالات بنشر عكس ما ورد في مضمون البيان”.

الحاجة إلى العملة الصعبة

يبدو من تسلسل أحداث الأيام الماضية، أن القضية تتجاوز ما هو مطلوب من أموال من استثمار مخلوف في الهاتف الخلوي، إلى ما هو أبعد.

وينسب العديد من الأوساط العارفة ببواطن الأمور تفاقم الصراع إلى تلاقي جملة عوامل، البعض يركز على جزء منها، والبعض الآخر يعطي أهمية إلى جزء آخر.

وعلى الرغم من أن رامي مخلوف جزء من نظام الأسد ومتهم بالمشاركة فيما يرتكبه الأخير من جرائم، واسمه على لوائح العقوبات الدولية والأميركية ضد أركان النظام، فإن حاجة الدولة السورية منذ أواسط عام 2019 إلى العملة الصعبة، نتيجة حصار العقوبات الأميركية والأوروبية والتدهور الدراماتيكي في سعر صرف الليرة السورية، التي أملت عليه إطلاق حملة ضد العديد من كبار رجال الأعمال السوريين الذين أثروا خلال الحرب ليتنازلوا عن مبالغ كبيرة، لم تستثنِ مخلوف الذي تخلى عن بعض الأموال في حينها.

إضافة إلى عدم إغفال تأثير تدهور الوضع الاقتصادي المالي في لبنان على مزيد من التراجع في الاقتصاد السوري، لأن لبنان كان طوال السنوات القليلة الماضية منفذاً رئيساً للالتفاف على العقوبات من جانب النظام.

 أسمى وشركة “تكامل”

وبحسب رواية هذه الأوساط المختلفة التي تحدثت إلينا، وبعضها معارض، فيما البعض الآخر محايد يفضل كتم هويته، فإن الصراع مع مخلوف يعود أيضاً إلى أن زوجة الرئيس السوري أسماء، دخلت في السنوات الماضية على خط الاستثمارات المالية والتجارية، بحيث بات لها حصة في السوق من خلال شركات عدة بالتعاون مع شقيقها ” ف. أ”، وابن خالتها “م . د.”

وكان أبرز هذه الأعمال شركة “تكامل” التي أصدرت بطاقة ذكية باسم الشركة هي نسخة عن بطاقة ائتمان اشتراها ملايين من السوريين، فنشأ فريق نافذ، بات شريكاً في اقتصاد الحرب في سوريا، قِوامه أسماء الأخرس وزوجها، وشقيقه ماهر قائد الفرقة الرابعة، بعدما كان مخلوف يشكل المستثمر الأقوى المقرب من ابن عمته، الذي حصل على امتيازات في الاتصالات (يملك حصة في الشركة الثانية المشغلة للخلوي MTN)، النفط والأسواق الحرة، من بين قطاعات أخرى كوكالات لشركات استثمرت في السوق السورية. لكن شراكة ثلاثي الأسد في السوق، أخذت تنافس مخلوف وعائلته، وباتت تشعر بأنه يجب تشذيب جوانح الأخير.

رخصة GSM الإيرانية

في المقابل، أخذ التنافس المالي بعداً سياسياً أحياناً، إذ انحاز ثلاثي الأسد إلى تنشيط رخصة شركة اتصالات خلوية ثالثة أعطيت لإيران منذ عام 2015، كانت تجري عرقلة تشغيلها من قبل بعض أوساط النظام، ومنهم آنذاك رامي مخلوف، خصوصاً أن الجانب الروسي تحفظ على اكتساب طهران امتيازاً كهذا في السوق السورية.

وفيما كان بشار الأسد يراعي بعض محيط الرئاسة بالامتناع عن تشغيل تلك الرخصة لصالح الإيرانيين، عاد وتساهل مع إطلاقها بدخول شقيقه ماهر وزوجته على خط قطاع الاتصالات. وباتت منافسة رامي أولوية.

ومع أن مجلة “دير شبيغل” أفردت مطلع الأسبوع صفحات عدة لتحقيق حول صراع العائلتين ضمن العائلة الواحدة. وأضافت إلى ملف صراع النفوذ الاقتصادي الجانب المتعلق بتهريب المخدرات من سوريا إلى دول عربية ودول أجنبية، وتحدثت عن فك شراكة بين ماهر الأسد وبين رامي مخلوف في هذا المجال، فإن الأوساط العارفة بالشرخ الكبير الحاصل داخل الأقلية الحاكمة في سوريا تركز على الجوانب الاقتصادية المذكورة أعلاه، وعلى جوانب سياسية أخرى في الصراع على السلطة.

تهيئة الظروف للوراثة؟

وعلى ذمة الراوي، فإن نفوذ زوجة الرئيس السوري أخذ بعداً قوياً؛ لأن هناك من يعتقد في دمشق، أن توسع نفوذ رامي مخلوف أثار حفيظة أسماء الأسد.

فالمتابعون لشؤون الرئاسة، يتحدثون عن توجه لدى السيدة الأولى لتمكين نفوذ زوجها في مواجهة بروز أي احتمالات لبدائل عنه، وصولاً إلى عملها لتهيئة الظروف وبناء قاعدة نفوذ لتمكين ابنها حافظ للعب دور رئاسي بعد والده عندما يشتد عوده.

 وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن هذا الأمر غير واقعي، فإن تفكيراً من هذا النوع ليس بعيداً من باطن الأمور، في شكل يبرر حصر المال والثروة بيد آل الأسد.

جمعية “البستان” ونفوذ مخلوف

من جهة ثانية، وسّع ابن الخال رامي، نفوذه خلال فترة الحرب، استناداً إلى الدور التقليدي لعائلة مخلوف في الطائفة العلوية قبل وأثناء رئاسة الرئيس الراحل حافظ الأسد، حيث كان شقيق زوجته محمد مخلوف يتولى الإنفاق في مناطق العلويين، ويقدم المساعدات المالية لضمان ولاء العائلات والعشائر للنظام، ولذلك أتاح له الأسد الأب أن يحصل على امتيازات استثمارية صنعت له ثروة مالية تخدم دوره المساند هذا.

منذ بداية الحرب الأهلية عام 2011 ، لعب رامي الدور نفسه إلى جانب بشار، حين أنشأ جمعية “البستان” التي قدمت مساعدات إنسانية، لا سيما في المناطق العلوية، احتضنت عائلات المقاتلين العلويين إلى جانب النظام، وقدمت لها مساعدات طبية ساعدت في استشفاء جرحاهم.

لكنه مع الوقت أنشأ ميليشيا تابعة للجمعية بلغ قوامها 18 ألف مقاتل، وجدت في المناطق العلوية، وأقامت الحواجز، واصطدم عناصرها أحياناً بالميليشيات الموالية لإيران. وهذا النفوذ، على الرغم من أنه ليس مستقلاً عن النظام، لم يرق لآل الأسد ولا لشقيق الرئيس، الذي يقال إنه لم يكن يستسيغ دور ابن خاله.

ويتداخل الصراع على الثروة المالية وعلى النفوذ السياسي بين فرعي العائلة الواحدة مع عوامل أخرى تلعب دوراً في إذكائه، وسط المرحلة الحرجة التي تدخلها سوريا هذه الأيام سواء على الصعيد الاقتصادي، أو على صعيد الحلول السياسية، التي تسعى إليها موسكو. ويبقى السؤال إلى أين يمكن أن يصل هذا الصراع؟

————————–

الأسد يكذب مخلوف.. لم نحجز الأموال!

مازالت الأمور في صد ورد بين رئيس النظام السوري بشار الأسد وابن خاله قطب الاقتصاد رامي مخلوف، الذي أكد أمس الثلاثاء، أن السلطات في سوريا قد ألقت الحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته وأولاده إلى حين سداد ما ترتب عليه من مبالغ مالية، لتخرج اليوم الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون التابعة للأسد عبر حسابها في تيليغرام وتنقل عن وزارة العدل، إعلانها أن ما تم تداوله غير صحيح.

موضوع يهمك

?

أوعز رئيس النظام السوري، بتعيين حارس قضائي ليدير شركة “سيريتل” للاتصالات والعائدة ملكيتها إلى ابن خاله، رامي مخلوف، رجل…

ضربة عنيفة ثالثة من بشار الأسد لابن خاله رامي مخلوف ضربة عنيفة ثالثة من بشار الأسد لابن خاله رامي مخلوف سوريا

الغريب في الموضوع أن القرار الذي استندت عليه وسائل الإعلام، والقاضي بإلقاء الحجز الاحتياطي على أموال رامي مخلوف، هو غير القرار الذي نفته عدل الأسد، لأن القرار الأول صادر عن وزارة مالية النظام، لا العدل. ولم تنف مالية الأسد، صدور قرار بإلقاء الحجز الاحتياطي على أموال ابن خال الأسد، كما لم تنف حكومة النظام إصدارها قرارا بحرمانه من التعاقد مع أي جهة تابعة لنظام الأسد.

وجاء في بيان وزارة العدل الجديد أن بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تداولت قرارا مزورا صادرا عن وزارة العدل يتعلق بقرار الحجز الاحتياطي للأموال المنقولة وغير المنقولة لرامي مخلوف، نافية القرار ومدعية أنه ناجم عن جهات خارجية، بحسب تعبيرها، مع العلم أن من نشر الوثيقة أولا كانت وكالة رويترز التي أكدت أمس اطلاعها عليها.

واللافت في الأمر أيضا أن مخلوف نفسه وبعد تداول الوثائق، خرج وأكد عبر حسابه في فيسبوك صحة المعلومات، وأعلن أن النظام بالفعل قد أصدر قراره بإلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله وأموال عائلته.

    بعد الرد الأخير من قبلنا على الهيئة الناظمة للاتصالات وإظهار عدم قانونية إجراءاتهم إضافة إلى توضيح عدم المصداقية يردون…

    Posted by ‎رامي مخلوف‎ on Tuesday, May 19, 2020

وقال مساء الثلاثاء: “بعد الرد الأخير من قبلنا على الهيئة الناظمة للاتصالات وإظهار عدم قانونية إجراءاتهم إضافة إلى توضيح عدم المصداقية يردون بإجراءات أخرى غير قانونية أيضاً ويلقون الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي مع العلم أن الموضوع هو مع الشركة وليس معي شخصياً إضافة إلى المحاولة لإقصائي من إدارة الشركة بالطلب إلى المحكمة لتعيين حارس قضائي يدير الشركة— كل ذلك بذريعة عدم موافقتنا لتسديد المبلغ، وكما تعلمون كل ذلك غير صحيح. الشباب بدن الشركة ومو شايفين غير السيطرة عليها وتاركين كلشي”.

توتر كبير

كما تابع: “إضافة إلى رد آخر من رئيس الحكومة على كتابنا المرسل له والذي طلبنا بمضمونه عدم عرقلة أعمال مؤسسة نور للتمويل الصغير والتي تساعد شريحة كبيرة من السوريين المحتاجين لمثل هذه القروض وكنا بصدد تخفيض الفوائد إلى النصف كدعم إضافي فالمصرف المركزي يمنع المؤسسة من الاستمرارية بالعمل فتساءلنا في كتابنا هل الحكومة في خدمة الشعب أم الشعب في خدمة الحكومة فكان جوابهم بكتاب رسمي منع رامي مخلوف من التعامل مع الدولة لمدة خمس سنوات”.

كما لم يصدر عن مخلوف منذ إعلان النفي أي رد حتى الآن.

يشار إلى أن الأمور بين رئيس النظام وابن خاله كانت توترت بشكل كبير خلال الأسابيع الماضية، خصوصاً بعدما خرج مخلوف المعروف ببعده عن الإعلام، بفيديوهات على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يشكو فيها الظلم، وأنه يتعرض لضغوطات لإجباره على دفع أموال على أنها مستحقات متراكمة، وهي دون وجه حق، وفق تعبيره.

أما البداية فكانت حين طالبت السلطات في سوريا مخلوف بدفع ما يقارب 130 مليار ليرة، وهي مبالغ مطلوب سدادها من قبل الشركات الخلوية لأنها مستحقة للدولة، وفقا لوثائق واضحة وموجودة، وتم حسابها بناء على عمل لجان اختصاصية في الشؤون المالية والاقتصادية والفنية والقانونية، بحسب البيانات السابقة.

إلى ذلك أعطي رامي فرصة للسداد، بعدما شرحت السلطات الآلية التي اعتمدتها لحساب تلك المبالغ وفقاً “لكافة البيانات والأرقام المقدمة من الشركتين الخلويتين في البلاد (سيرياتل وأم تي أن)، جاء ذلك وسط شكوك عن خلافات مالية كبيرة سببها الأرباح والأعمال التجارية.

—————————–

من هم الرجال الذين هدد بهم رامي مخلوف نظام الأسد؟/ عهد فاضل

بعد مضي أكثر من 24 ساعة على رواج قرار الحجز الاحتياطي على أموال رامي مخلوف، ابن خالد الأسد ورجل الأعمال المعاقب دوليا، نفت وزارة عدل النظام السوري، الأربعاء، علاقتها بالوثيقة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وتكشف إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرامي مخلوف وزوجته وأولاده. مع الإشارة إلى أن القرار الذي نفته عدل الأسد، هو غير القرار الذي أصدرته وزارة ماليته بإلقاء الحجز الاحتياطي، ولا يزال قيد التداول ولم يصدر أي نفي له من النظام.

يستمر الباحثون حول العالم في فك خبايا الفيروس المستجد الذي حصد أرواح أكثر من 320 ألف إنسان حتى الآن، وضمن مساعيهم هذه…

هكذا يتمدد الفيروس إلى الأسطح.. في وقت قياسي! هكذا يتمدد الفيروس إلى الأسطح.. في وقت قياسي! صحة

وكان رامي مخلوف نفسه، قد أكد على حسابه الفيسبوكي، إلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته وأولاده، وأعلن أن النظام السوري قد طلب إلى سلطاته القضائية، أن تعين حارسا قضائيا على شركة “سيرتيل” للاتصالات الخلوية التي يرأس مجلس إدارتها.

تهديد رامي مخلوف للأسد برجال

وكشف رامي مخلوف أنه تلقى ما وصفه بكتاب رسمي من سلطات الأسد، بحرمانه من التعاقد مع أي جهة تابعة له، مدة خمس سنوات.

وأطلق ابن خال الأسد، تهديدا في منشوره الأخير الذي أكد فيه القرار بحجز احتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة وأموال زوجته وأولادi، قال فيه: “فأرِهم فعلكَ، يا ألله، فقد حان موعد ظهوره. فقد قلتَ إن لله رجالاً، إذا أرادوا، أراد”. ولم يعرف من قصد بـ”الرجال” الذين تحدث عنهم في تهديده، رداً على إجراءات الأسد التي اتخذها بحقه.

ويشار أن لرامي مخلوف عددا من الموظفين الكبار داخل مؤسسات النظام السوري، وداخل مؤسسة الجيش ضابطاً وجنوداً، كما في مختلف قطاعات الاقتصاد والأعمال على مختلف الصعد. وتشير الأخبار الواردة من العاصمة السورية، إلى أن النظام بدأ بإبعاد رجال مخلوف، من حكومته، عندما أصدر قرارا في 11 من الشهر الجاري، بإقالة عاطف النداف، وزير تجارته. ونداف كان سبق له في شهر نيسان/ أبريل الفائت، أن أصدر قرارا لصالح مخلوف، عندما منع شركة “تكامل” المصدرة للبطاقات الذكية والعائدة ملكيتها إلى قريب أسماء الأخرس، زوجة الأسد، من العمل في بعض قطاعات النظام.

كما سبق وذكر مخلوف نفسه، أن شقيقه أرغم على الاستقالة من منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة “سيرتيل” وعين ابنه البالغ من العمر 20 عاما فقط، خلفا له. وأعلنت البقية الباقية من مجلس الإدارة، جاهزيتها للاستقالة، كما ذكرت في كتاب رسمي نشرته الهيئة الناظمة لاتصالات النظام السوري.

ويذكر أنه وبعد مرور 15 ساعة، على تهديد مخلوف المشار إليه، أعلنت سلطات النظام أنها لم تصدر قرارا بالحجز على أموال مخلوف، معتبرة أن الوثيقة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها وسائل إعلام عالمية وعربية، مزوّرة.

قرار العدل “مزوّر” وقرار المالية؟

ولوحظ أن وسائل إعلام النظام، اقتصر نفيها على وثيقة إلقاء الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف تلك الوارد فيها اسم قريب زوجة بشار الأسد، ويدعى فراس فواز الأخرس، فيما لم تعلق على قرار حرمان مخلوف من التعاقد مع مؤسسات النظام، ولم تنف قرار تعيين حارس قضائي على شركته “سيرتيل”.

ويشار إلى أن القرار الذي استندت إليه وسائل الإعلام، والقاضي بإلقاء الحجز الاحتياطي على أموال رامي مخلوف، هو غير القرار الذي نفته عدل الأسد، لأن القرار الأول صادر عن وزارة مالية النظام، لا العدل. ولم تنف مالية الأسد، صدور قرار بإلقاء الحجز الاحتياطي على أموال ابن خال الأسد، كما لم تنف حكومة النظام إصدارها قرارا بحرمانه من التعاقد مع أي جهة تابعة لنظام الأسد.

————————

طلاسم رامي مخلوف/ عدلي صادق

تتطلب فيديوهات رامي مخلوف، دخول عدد من العلماء في نظرية الدولة، وآخرين من علماء النفس، ومجموعة من الراسخين في العلم بخفايا وأحوال الدولة السورية، لكي يقدموا تقريرا يفسر ما يتفوه به المذكور، ويتجاوز التفسير الشعبي العام والمختزل، الذي يؤكد على وقوع الشقاق بين عناصر الأسرة في عمومتها وخؤولتها!

رامي مخلوف، يقدم أنموذجا غير مسبوق، على مستوى رجال الأعمال في العالم الثالث، وهو رجل الأعمال والأفعال والأفاعيل. ومن موقعه هذا، وبجمع كل ملاحظاته، يعطي السوريين والعرب المتعلقة أفئدتهم بسوريا ومصيرها؛ صورة تقريبية للنظام الذي يزعم أن لولاه لفقدت سوريا وحدتها وذهبت مع الريح.

ذلك على الرغم من التزام رجل الأفاعيل، أسلوبا أشبه بالطلاسم، لكنها هي الأخرى غير مسبوقة في نوعها، إذ يتلقاها السوريون والعرب والعالم، بصيغة تجهيل الفاعل المضاد، بينما ليس أسهل على المتلقين، من أن يعرفوا هذا الفاعل المقصود بالتجهيل. وبدا واضحا أن رامي مخلوف، يستند إلى هذه الحقيقة.

هو يكرر الإشارة إلى “جهات”، وفي هذا إخلال بأحد أهم وأقدم ثوابت النظام الحاكم في سوريا وأعمقها رسوخا، حيث تحسم جهة واحدة، كافة الأمور، وهي جهة عائلية لها رأس هو رئيس البلاد، الذي لن يقبل جهة أخرى تحسم، وما دون ذلك الموت الزؤام.

والأنكى، في إشارته إلى “جهات”، زعمه أن ما تقرره بخصوصه وبخصوص شركته، ليس رسميا ولا نظاميا، وهنا يضرب في جدارة الرئيس الذي يؤكد في السياق على طاعته له، بحكم وجود آخرين يمارسون أعمالا سلطوية، بحجم ما يُمارس عليه، وهو من هو، نفوذا وثراء وقربا من العصبية العائلية الحاكمة، بينما هم غير رسميين!

لا يختلف اثنان، على أن كلام مخلوف، في هذه النقطة، بلا معنى. لأنه بتجهيل الفاعل وبحديثه كذبا عن “جهات” إنما يقصد بشار الأسد حصرا، ومن ورائه وبجانبه، قرينته السيدة أسماء الأخرس، أم “حافظ الثاني” الوريث المرتجى، بعد عمر طويل لوالده، حسب منهجية كوريا الشمالية!

والأطرف، أن رامي مخلوف، في طلاسمه، يعتبر أن ما يتعرض له، يُعدُّ – في نظره – منهجية تؤدي إلى خراب البلد، وإلى كارثة اقتصادية. فقبل أن تقع مشكلته، لم تكن هذه المنهجية قائمة والخراب لم يكن جاريا وكان الاقتصاد ناهضا، لأن أرباح الشركة التي “تصب في صالح المجتمع” أي المجتمع نفسه، الذي جُنيت منه الأرباح.

لكن صاحب الطلاسم، يرى هذه المرة، أن “الجهات” قد ازداد جشعها، فتطلبت أكثر، وبمليارات الليرات السورية، ولم يكن ما تطالب به ضرائب، لأن وصفها كضرائب، نوع من التدليس، فهي “خُوّات” بلا حق وبلا قانون، ومع ذلك هو يتقبلها على مضض، وجاهز لدفعها و”تكرم عيونهم”، فقد أرسل كتابا “رسميا” يؤكد فيه استعداده للدفع “دعما للدولة”!

وليس غريبا أن يتجرأ رجل الأفاعيل، على المجاهرة بكون الدولة التي أتاحت له ولنفر قليل من المحسوبين على العائلة، التحكم في اقتصاد البلاد؛ قد أصبحت في حاجة إلى الدعم من أشخاص لا يزيد عددهم عن عدد أصابع اليد الواحدة. فالليرة السورية، فقدت ثلاثين ضعفا من قيمتها، ووفق أسعار صرف الأيام الأخيرة، تكون العملة السورية قد فقدت أكثر من 29 ضعفا من قيمتها أمام العملات الأميركية والأوروبية واليابانية والصينية، وأصبح الدولار في السوق الموازية يساوي 1805 ليرات، بينما كان لا يزيد عن 50 ليرة في العام 2011.

فخلال السنوات التسع الماضية، لم يكن هناك أي خراب – حسب ذاكرة مخلوف – وعندما اختار بشار الأسد، الحل الأمني لمواجهة مشكلة درعا، لم تكن هناك منهجية تدمر الاقتصاد والبلاد والعباد. ويعلم رامي أكثر من غيره، أن المصرف المركزي السوري، قد أصبح قبل أن تنفجر مشكلته خاليا من النقد الأجنبي، وهذا الذي اضطر “الجهات” التي يقصد بها جهة واحدة، مضطرا إلى اللجوء إلى المصرف المركزي “المخلوفي”، لانتشال المصرف المركزي السوري، ولا غرابة في ذلك، على قاعدة “وداوني، بالتي كانت هي الداءُ”!

يتشكى رامي مخلوف ويستهجن طلب “الجهات” إزاحته شخصيا عن رئاسة شركة الاتصالات، ويقول مستغربا ومستهجنا إن وجوده قد أصبح مزعجا، بينما هو لم يتخلّ عن بلاده وعن رئيسه في الحرب. وأيّ حرب وعلى مَن؟ إنها الحرب على الشعب الذي منه أحد عشر مليون مشترك لديه، يدفع للشركة كُلفة اتصالاته كما يقررها رامي مخلوف. والمتحدث أصبح في محنته يعرف معنى الخيانة، ويقول إن التنحي عن رئاسة الشركة، بمثابة خيانة. أما الوفاء المألوف للوطن وللشعب، في أعراف النظام والعائلة، فهو أن ينفرد حضرته، ومجموعة صغيرة من أمثاله، باقتصاد البلاد، ولا يتيح لمجتمع اقتصادي فيها أن يتشكل، ولا لدورة اقتصادية طبيعية أن تدور، ولا أن تتحقق أرباح تتناسب ودخول المواطنين، وأن تُجنى بشرف وتواضع.

لذا كان منطقيا أن دُمر الاقتصاد مع العمران، وتفشى الخراب، وأن “يميل” صاحب الفضل، على المستفيدين من فضله، لاسيما وأن المال عندهم قد فاض وتحول صرفه واستهلاكه إلى ابتذال، ليس أبلغ تعبيرا عنه، من تمظهر “محمد” نجل رامي في دبي، مستعرضا طائرته الخاصة وأسطول سياراته التي لا تملكها أسرة ملكية في أوروبا، وقواربه السريعة وقصره المنيف!

لا شيء من قبل، حسب طلاسم مخلوف، كان ينم عن انهيار للاقتصاد السوري. التعرض لشركته هو وحده الذي ينذر بالخراب. ومن المفارقات، أن هكذا دجل، يحاول رامي تغليفه بتفوهات إيمانية ارتجلت الكثير من الجمل القَدرية دون أيّ معرفة سابقة بالديانة. فالحساب عنده، إن لم يكن عند أهل الأرض، فليكن عند “أهل السماء” وكأن السماء لها أهل عديدون، وليس ربا واحدا، إن كان المتحدث مؤمنا.

غير أن التلميح الأخطر، الذي لم يستطع المجاهرة به، فهو الطلسم المتعلق بـ”أم حافظ”، ويقصد به، استثارة الطائفة، على اعتبار أن قرينة الرئيس سُنيّة، بل إنها هي أهل السُنة الصابرين العابدين، وليس السبعة مليون سوري، المشردين في أربع رياح الأرض.

كاتب وسياسي فلسطيني

—————————

ما هي ممتلكات رامي مخلوف بلبنان.. وهل يُحجز عليها؟/ عزة الحاج حسن

تأزم العلاقات بين رئيس النظام السوري بشار الأسد وابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، دفع بوزارة المال السورية إلى تسطير كتاب للهيئة المصرفية الدولية، في جنيف، لملاحقة أرصدة مخلوف وزوجته وأولاده أينما وجدت، خصوصاً في جزر باهاماس وقبرص وهونغ كونغ وجنوب إفريقيا.

ووفق وثيقة أصدرتها وزارة المال السورية، يُلقى الحجز الاحتياطي النافذ على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمدعو رامي مخلوف، وأموال زوجته وأولاده، أينما وجدت تلك الأموال. ليشكل ذلك ضماناً لتسديد المبالغ المستحقة لهيئة تنظيم الاتصالات في سوريا.

سعي وزارة المال السورية إلى تجميد أرصدة مخلوف “أينما وُجدت”، يفتح الباب على ماهية ممتلكاته وحجمها وعلى أعماله في مختلف الدول، وبينها لبنان. فهل لرامي مخلوف أعمال واستثمارات في لبنان؟

مخلوف الذي يخضع وشركاته، منذ أيار من العام 2011، لعقوبات أميركية وأوروبية بتهمة تقديم “التمويل والدعم” للنظام السوري، يرتبط بطرق مباشرة وغير مباشرة بأعمال واستثمارات في لبنان، أبرزها امتلاكه عن طريق شركاء لـ”شركة آبار بتروليوم سيرفيسز ش.م.ل”، وهي مسجلة في بيروت، ولها مقر في منطقة دُمّر بدمشق. تتركّز مهام الشركة على استيراد المواد النفطية من الخارج إلى بيروت. لكنها في واقع الحال، تستورد المواد النفطية إلى بيروت، وتقوم بتهريبها بشكل مخالف للقانون، مباشرة إلى الداخل السوري، بدليل عدم امتلاك الشركة لأي مستودعات في لبنان لتخزين النف

تم تسجيل شركة آبار بتروليوم سيرفيسز ش.م.ل عام 2011، كشركة أوف شور. لتبدأ باستيراد المشتقات النفطية إلى سوريا عبر بيروت. وهو ما يحتّم عليها التعامل المصرفي مع أحد المصارف اللبنانية. من هنا، بدأت تعاملات رامي مخلوف مع أحد المصارف اللبنانية الكبرى، والذي تربطه شراكة مع إحدى مؤسسات التحويل المالي. ولرامي مخلوف حسابات مصرفية في المصرف المذكور.

يرتبط رامي مخلوف باستثمارات في سوريا، في الغالبية الساحقة من القطاعات، لاسيما في قطاعات الاتصالات السلكية واللاسلكية والنفط والغاز، والتشييد، والخدمات المصرفية، وشركات الطيران والتجزئة، والسيارات والسياحة والإعلام والتبغ وغيرها.. ومن بين استثماراته المصرفية امتلاكه حصة تبلغ 5 في المئة في بنك بيبلوس اللبناني في سوريا في وقت سابق. بمعنى أنه كان مساهماً في أحد المصارف، قبل أن يُقدم على بيع حصته فيه العام 2011.

ويتردّد في الأوساط اللبنانية، أن رامي مخلوف يُعد مالكاً أساسياً وشريكاً لرجل أعمال لبناني بإحدى أهم المؤسسات التعليمية في لبنان. هي مدرسة الشويفات الدولية. أضف إلى ذلك، فقد ارتبط اسم رامي مخلوف بالعديد من المشاريع الاستثمارية في لبنان قبل العام 2005، حين عمد إلى نقلها إلى دبي بعد توتّر العلاقات بين لبنان وسوريا.

ويرتبط اسم رامي مخلوف، وفق تقرير نشره موقع “درج”، بعدة شركات في لبنان يعود تاريخ تأسيسها إلى الأعوام بين 2001 و2003. ومن بين تلك الشركات شركة “الشرق الأوسط للقانون”، وهي شركة “أوف شور” تأسست عام 2001. يرد فيها اسم “إيهاب مخلوف” شقيق رامي مخلوف، وأحد المدرجين على لوائح العقوبات الغربية. كما يرد اسم رجل الأعمال اللبناني إياد زيد الأمين. وهو شخص مقرب من رامي مخلوف، وشريكه في شركاته في لبنان.

وقد أوردت مواقع سورية معلومات عن امتلاك رامي مخلوف نسبة 45 في المئة من شركة فاتكس اللبنانية السورية، والمتخصصة بتجارة وتصنيع الأدوية. أضف إلى امتلاك رامي مخلوف نحو 80 في المئة من أسطول جزيرة أرواد السورية. ويُعد من أكبر أساطيل صيد السمك. إذ يتم عبره التصدير إلى عدة دول، من بينها لبنان.

المدن

————————

دمشق تصعّد مع رامي مخلوف من دون الذهاب إلى حدّ تصفيته

السلطات السورية لجأت إلى إجراءات تستهدف تأميم “سيريتل” خطوة خطوة مع منع أي تعاط مستقبلي بين رامي مخلوف والجهات الرسمية.

تتابع أوساط عربية مهتمة بالشأن السوري سلسلة الإجراءات التي اتخذتها السلطات السورية بحق رئيس مجلس إدارة شركة “سيريتل” للاتصالات رامي مخلوف، وسط تساؤلات عن الأسباب التي تمنع النظام من تصفية شخص يتحدّى بشار الأسد علنا.

ولاحظت الأوساط أن السلطات السورية لجأت إلى إجراءات تستهدف تأميم “سيريتل” خطوة خطوة مع منع أي تعاط مستقبلي بين رامي مخلوف والجهات الرسمية. وفسرت التهاون مع ابن خال رئيس النظام السوري بأنّ رامي متأكد من وجود مجموعة شعبية علوية داعمة له في معركته الحالية مع الأسد.

وأوضحت أنه على الرغم من الاعتقالات والاستقالات الأخيرة لمدراء ومسؤولين في مؤسسات رامي مخلوف وللأشخاص القريبين منه، إلا أنه توجد شبكة “خفية” تعمل على منح المشورة القانونية وتقديم الدعم لابن الخال.

وأشارت الأوساط إلى أن عدم لجوء دمشق إلى اعتقال رامي وتصفيته دليل على وجود خيط سري خارجي يحمي الرجل حاليا، في تذكير بما حصل سابقا مع هلال الأسد وأيمن جابر وآخرين عندما شكلوا خطرا على النظام.

واعتبرت لجوء أسماء الأخرس إلى الاستعراض العلني عبر نشر نبأ اجتماعها مع أعضاء إدارة جمعية “جريح الجيش”، التي معظم المستفيدين منها من الطائفة العلوية والظهور بمظهر الأم الحنون، هو دليل على أن الأسد وزوجته يأخذان في حسابهما قوة العلاقة التي تربط رامي مخلوف بالأعمال “الخيرية” على المستوى الشعبي العلوي عن طريق “جمعية البستان” الخيرية.

وهذا الاجتماع هو محاولة لسحب البساط من تحت قدمي رامي مخلوف. ومن المهم الملاحظة أن زوجة الأسد أرادت أن تظهر أنها مدعومة من الأقليات إذ وضعت الدكتور عمار سليمان، العلوي، إلى يمينها وفارس كلاس المسيحي إلى يسارها خلال الاجتماع.

وتحدثت الأوساط عن أن عدم المساس برامي شخصيا يؤشر إلى أن الأخير يملك ملفات يخشى الأسد من خروجها إلى العلن. وقد يكون من بينها ملفات عن علاقات خارجية له. وهنا يستوجب التذكير بمقابلة لرامي مخلوف عام 2011 قال فيها إن “أمن إسرائيل من أمن دمشق”.

ورأت تلك الأوساط أن رامي مخلوف يملك مفاتيح بيت المال الأسدي منذ تولى حافظ الأسد الحكم عام 1970 والموجودة كلها خارج سوريا. وهذه المفاتيح هي عبارة عن أرقام حسابات وشبكة شركات معقدة تملك عشرات الآلاف من العقارات والمؤسسات العاملة إلى هذه اللحظة في دول أوروبا والخليج وباقي دول العالم. وهذه كلها موجودة باسم رامي وأبنائه وإخوته وأبوه محمد مخلوف. ويعلم أنه في حال تمت تصفيته فسوف لن يحصل الأسد منها على أي شيء.

وتقول الأوساط إنه توجد حلقة خفية بين رامي وموسكو. ويعلم الاثنان – رامي وبشار – أنه في حال تم فتح ملفات بيت المال فلسوف يتم ابتزاز الأسد ماديا من قبل الروس. وخلصت إلى القول “يجب ألا ننسى أن الروس يوفّرون الحماية بشكل ما لجزء من مال آل مخلوف واستثماراتهم في موسكو وبيلاروسيا.

———————

إجراءات ضد رامي مخلوف بعد انهيار المفاوضات في دمشق

شملت الحجز على أمواله ومنع الحكومة من التعاقد معه

 إبراهيم حميدي

يدل القرار الذي اتخذته الحكومة السورية، أمس، بتجميد أموال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، ومنعه من التعاقد مع الجهات العامة، إلى انهيار جهود التسوية التي كان يقوم بها وسطاء في العائلة وراء الكواليس في الأسبوعين الماضيين.

تتجه الأنظار حالياً إلى الخطوة المقبلة. بين الخيارات، أن تضع الحكومة يدها على شركة «سيرياتل»، التي يرأس مخلوف مجلس إدارتها، ويملك معظم أسهمها، مع الاستمرار في حملة تفكيك شبكات مخلوف وشركاته، والضغط لمزيد من «الانشقاقات»… وتركه وحيداً وعارياً من أدواته، في مقابل قيام مخلوف ببثّ فيديو رابع يصعّد فيه من لهجته، والاقتراب أكثر من السياسة وتسمية الأمور بأسمائها… والاحتماء بـ«الاعتقاد أن هناك قوة خارجية تقف وراءه وتحميه».

علناً، لا يزال الرئيس الأسد بعيداً من الدخول في سجال علني مع مخلوف، تاركاً للحكومة و«هيئة الاتصالات» تنفيذ المفاوضات مع مخلوف. لكن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن الأسبوعين الأخيرين، شهدا حملة من الضغوطات على مخلوف، ممهورة بترك باب التفاوض مفتوحاً للوصول إلى تسوية ما.

المطلوب الفعلي من مخلوف كان التخلي عن «سيرياتل» إلى صالح «صندوق الشهداء» واستعادة قسم كبير من أمواله في المصارف الخارجية إلى البلاد التي تقدر بمليارات الدولارات لـ«المساهمة في حلّ الأزمة الاقتصادية العميقة». في المقابل، أظهر رامي مخلوف «عناداً وتصوفاً غير مسبوقين»، مع استعداد لدفع المستحقات المطلوبة، وقدرها نحو 185 مليون دولار من «سيرياتل» إلى الحكومة على دفعات… و«إلا فالمضي إلى آخر الطريق».

في موازاة المفاوضات، كانت هناك «حرب بيانات» بين مخلوف و«هيئة الاتصالات» وحملة ضغوط من السلطات شملت اعتقال كبار الموظفين في شركاته وشبكاته، منذ انقضاء الموعد الذي حددته «هيئة الاتصالات» لسداد «سيرياتل» الـ185 مليون دولار في 5 من الشهر الحالي. مخلوف المقيم في دمشق، من جهته، خاض «الحرب» بتوزيع بيانات و3 فيديوهات على صفحته في «فيسبوك» طلب بداية فيها من الرئيس الأسد التدخل لحلّ المشكلة… لكنه عاد في الفيديوهين اللاحقين إلى التصعيد تصاعدياً.

الجولة الأخيرة من «الحرب الإعلامية»، حصلت في الأيام الماضية. هو حذر في مقطع فيديو، بثّه الأحد، من انهيار «الاقتصاد السوري وأمور أخرى»، في حال انهارت شركة «سيرياتل»، موضوع النزاع. وللمرة الأولى، سمى بعض الأمور بمسمياتها لدى حديثه عن «أثرياء الحرب» وممارسة ضغوطات عليه للتخلي عن «سيرياتل» وتوقيع عقود حصرية مع شركة منافسة للهاتف النقال.

وعندما ردّت «الهيئة» بتمسكها بأن تدفع «سيرياتل» كامل المبلغ، واصل مخلوف الاثنين تصعيده، ونشر على حسابه في «فيسبوك» وثيقة وتوضيحاً «يكذب فيهما ما ساقته هيئة الاتصالات حول رفض شركته سداد المبالغ المستحقة عليها للخزينة العامة». والوثيقة التي كشفها مخلوف تعود إلى 10 مايو (أيار) الحالي، وأظهرت استعداد «سيرياتل» لتسديد المبالغ المفروضة عليها، وتطلب من «هيئة الاتصالات» تحديد مبلغ الدفعة الأولى، ومبالغ الأقساط الأخرى، والفوائد المترتبة عليها.

«الهيئة»، وهي الواجهة الأخرى لـ«الحرب»، قابلت الرد بوثيقة أخرى، إذ وزعت واحدة تعود إلى 16 مايو، من الإدارة التنفيذية في شركة «سيرياتل»، وقع عليها 5 مديرين في الشركة، لإعلام «هيئة الاتصالات» بموافقتهم على طلباتها، ورفض رئيس مجلس الإدارة مخلوف منحهم التفويض لتوقيع الاتفاق. هذا كان أشبه بالتلويح لرامي بـ«انشقاق» في شركته. من جهته، ردّ بأن عيّن ابنه الثاني علي المقيم خارج البلاد، بعدما قدّم شقيقه إيهاب استقالته من منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، كي لا يوقع على شروط الخصوم… «الآخرين». هو لن يوقع، كما قال. وابنه المخول بالتوقيع غير موجود.

الجولة الأخيرة من التفاوض، انتهت فجر أمس إلى الجدار من دون تسوية، فاستفاق رامي مخلوف على إجراءات جديدة، شملت قرار رئيس الوزراء السوري، عماد خميس، «حرمان المدعو رامي مخلوف من التعاقد مع الجهات العامة لـ5 سنوات» وقرار وزير المال مأمون حمدان الحجز على أمواله وأموال عائلته.

جاء قرار خميس وحمدان ضد رامي مخلوف، بناء على اقتراح وزارة المواصلات، ضماناً للمستحقات المترتبة لـ«هيئة الاتصالات» من شركة «سيرياتل» لسداد الـ185 مليون دولار. لم يكن هذا قرار الحجز الأول، ذلك أن وزارة المال حجزت على أمواله المنقولة وغير المنقولة في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي ضماناً لأموال تتعلق بـ«تهريب ضريبي».

ذاك القرار، كان ضمن سلسلة من الإجراءات التي بدأت في أغسطس (آب) الماضي، لتفكيك شبكات مخلوف، شملت وضع يد الحكومة على «جمعية البستان» التي يرأسها وشكلت «الواجهة الإنسانية» لأعماله، وحلّ الميليشيات التابعة لها والسيطرة على شركات أخرى، بينها «السوق الحرة»، إضافة إلى إلغاء رخصة «الحزب السوري القومي الاجتماعي» الذي ينتمي إليه أفراد عائلة مخلوف تاريخياً، وكانوا ممثلين في الحكومة ومجلس الشعب (البرلمان).

في خضم الحملة، كانت المرة الوحيد التي يلمح الأسد إلى ذلك، عندما قال في نهاية أكتوبر (تشرين الأول): «في القطاع الخاص، طلب من كل من هدر أموال الدولة أن يعيد الأموال (…) نريد أموال الدولة أولاً قبل أن نلاحق ونحوّل إلى القضاء».

الشرق الأوسط

————————-

«وساطة عائلية» تواكب إجراءات ضد مخلوف

واكبت «وساطة عائلية» مع رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد للوصول إلى تسوية، قرار الحكومة السورية، أمس، بتجميد أموال مخلوف ضمانةً لمستحقات كانت طالبت بها «هيئة تنظيم الاتصالات» الحكومية شركةَ «سيريَتل» التي يرأس مجلس إدارتها ويملك معظم أسهمها.

وتتجه الأنظار حالياً إلى الخطوة المقبلة. وبين الخيارات، أن تضع الحكومة يدها على شركة «سيريَتل»، مع الاستمرار في حملة تفكيك شبكات مخلوف وشركاته، والضغط لمزيد من «الانشقاقات»… وتركه عارياً من أدواته، في مقابل قيام مخلوف ببثّ فيديو رابع يصعّد فيه من لهجته، والاقتراب أكثر من السياسة وتسمية الأمور بأسمائها… والاحتماء بـ«الاعتقاد أن هناك قوة خارجية تقف وراءه وتحميه».

———————————-

سلطات النظام تداهم مستودعات لـ”طريف الأخرس” بحمص وشركة “جود” باللاذقية بالتزامن مع حجز أملاك رامي مخلوف

قالت صحيفة “الوطن”، الموالية لنظام الأسد، إن سلطات الأخير، داهمت الثلاثاء، مستودعاتٍ يملكها قريب زوجة بشار الأسد، طريف الأخرس، في محافظة حمص، بالتزامن مع إجراءات مماثلة في مخازن شركة “جود” في اللاذقية.

يأتي هذا في نفس اليوم الذي أعلنت فيه سلطات النظام، الحجز على أموال رجل أعمال عائلة الأسد، رامي مخلوف، ما أدى لتصاعد احتقانٍ ظهرت بوادره في مواقع التواصل الاجتماعي، بين أوساط حاضنة النظام الشعبية، خاصة في مناطق الساحل السوري، جراء تطويق مخلوف، الذي يُعتبرُ بين شرائح كبيرة من طائفته “رجل الفقراء والخير”.

ورغم أن الصحيفة التابعة للنظام، عنّونت الخبر، على أن الدوريات “تنتشر حول عدة مستودعات” لطريف الأخرس، لكنها ذكرت في متن التقرير، الذي قالت إنها استقت معلوماته من “مصادر تجارية”، أن “دوريات من التموين وبتوجيه مباشر من الوزارة دخلت اليوم إلى عدة مستودعات في حمص ومنها مستودعات عصام أنبوبا وطريف الأخرس بهدف جرد الكميات المخزنة والاطلاع على عمليات دخول وخروج البضائع والتأكد من انسيابية الحركة، وذلك منعاً لاحتكار أي مادة تموينية، أو الادعاء بأنها غير متوافرة حالياً”.

وأضافت، أن “المستودعات تحتوي على مواد السكر والطحين وبذور وكسبة فول الصويا بشكل عام، وإن الدوريات ستبقى موجودة بالقرب من المستودعات لمراقبة استمرار تدفق المواد إلى الأسواق وفي بعض الحالات سيكون هناك مراقب من التموين داخل المستودع بشكل مستمر”.

وقالت الصحيفة، إن الأسباب التي دعت لهذا “التحرك السريع والمفاجئ”، تعود إلى وجود “معلومات كانت قد وردت إلى وزارة التموين من أصحاب معامل الأعلاف تفيد بعدم توافر مادة كسبة فول الصويا التي تستخدم في صناعة الأعلاف، وبناءً عليه جاءت التوجيهات لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حمص للتحرك فوراً وجرد مستودعات مستوردي المادة (أنبوبا والأخرس)”.

بموازاة ذلك، ذكر ذات المصدر، أن دورية للتموين “داهمت اليوم مستودعات شركة جود للمشروبات الغازية في اللاذقية، ونظمت ضبطاً وأغلقت المستودعات لكون الشركة تبيع مادة الكولا بسعر أعلى من السعر المحدد والمتفق عليه”.

ونقلت صحيفة “الوطن”، عن “مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية” سامر السوسي، قوله إن” قرار الإغلاق جاء بعد ضبط بيع المشروبات الغازية بأسعار زائدة، مشدداً على معاقبة كل من يخالف القانون”.

فواز الأخرس..أعمالٌ وثروة متعاظمة

رغم أن طريف الأخرس الذي ينحدر من محافظة حمص، ليس رجل أعمالٍ جديد في سورية، إلا أن ثروته زادت خلال العقدين الأخيرين، وتعاظمت في السنوات القليلة الماضية.

ويعتبر الأخرس، شريك مؤسس في “شركة ترانس بيتون”، التي يمتلك ثلاثة أرباع الأسهم فيها منفرداً، وهو كذلك مدير “شركة مصانع الشرق الأوسط للنشاء والقطر الصناعي ومشتقاتها”.

وهو شريك في “شركة تاج للاستثمارات الصناعية”، ومدير “شركة العاليات للتطوير والاستثمار العقاري”، وشريك في “مصانع الشرق الأوسط للسكر”، إذ يستحوذ على 99% من أسهم الأخيرة.

ويقول موقع “الاقتصادي”، إن طريف الأخرس، يعتبر ثاني أكبر مصدّر على مستوى سورية، وهو التصنيف الذي تُصدره “هيئة تنمية وترويج الصادرات” في سورية.

وكانت وزارة المالية في حكومة الأسد، رفعت في 11ديسمبر/كانون الأول 2019، قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال طريف الأخرس “بسبب زوال الأسباب الداعية لذلك”.

وكان القرار قد صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، على خلفية ما قالت حكومة النظام، أنه “ضياع رسم جمركي”، فرضت اثره قرار الحجز على “مصانع الشرق الأوسط للسكر”، التي يملكها الأخرس، ويديرها أبناؤه مرهف وديانا ونورا.

“جود”..شركة أعمالٍ متعددة

أما شركة “جود”، التي يقع مقرها الرئيسِ، في محافظة اللاذقية، وتملكها العائلة التي تحمل نفس الاسم، وتنحدر من ذات المحافظة الواقعة على الساحل السوري، فقد كان يديرها رجل الأعمال صبحي جود، الذي توفي في أكتوبر/تشرين الأول سنة 2016، وتشتهر في سورية، بكونها أكبر مُنتج للمياه الغازية، لكن لها نشاطات تجارية متنوعة.

إذ أن مجموعة جود التجارية، تنشط في مجالات الشحن البحري وصناعة وتجارة المواد الغذائية،وغيرها،  وتعرضت لهجوم بعض وسائل إعلام النظام سنة 2018.

———-

حكومة النظام لرامي مخلوف: المُهلة انتهت وسنتخذ إجراءات بحق “سيريَتل

بعد ساعاتٍ قليلة، من ظهورٍ جديد، لابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، في فيديو ثالث خلال أسبوعين، أعلنت حكومة نظام الأسد، أنها ستتخذ ما وصفتها “الإجراءات القانونية بحق “سيريتل”، لـ”إعادة حقوق الدولة”.

جاء ذلك في منشور، لـ”الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد”، قالت فيه إنه و”بعد مرور أسبوعين تقريباً على انتهاء المهلة المحددة لها ورغم المرونة التي أبداها الجانب الحكومي وبعد رفض شركة سيريتل دفع المبالغ القانونية المستحقة عليها والمتعلقة بإعادة التوازن للترخيص الممنوح لها، فإن الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد وبناء على القانون وعلى التزامها بواجبها بتحصيل الأموال العامة لخزينة الدولة بكافة الطرق القانونية المشروعة، تحمل شركة سيريتل كل التبعات القانونية والتشغيلية نتيجة قرارها الرافض لإعادة حقوق الدولة المستحقة عليها”.

وقالت صفحة “فيسبوك”، التابعة لوزارة الاتصالات بحكومة النظام، إن الأخيرة “تؤكد أنها ستقوم باتخاذ كافة التدابير القانونية لتحصيل هذه الحقوق واسترداد الأموال بالطرق القانونية المشروعة المتاحة”.

    بعد مرور أسبوعين تقريبا على انتهاء المهلة المحددة لها ورغم المرونة التي أبداها الجانب الحكومي وبعد رفض شركة سيريتل دفع…

    Posted by ‎الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد‎ on Sunday, May 17, 2020

وجاء منشور “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد”، بعد نحو سبع ساعاتٍ من الفيديو الجديد، الثالث من نوعه لرامي مخلوف، والذي تجاهل فيه هذه المرة، ذكر ابن عمته بشار الأسد تماماً، خلافاً للظهورينِ السابقين، قائلاً إنه لن يتنازل للضغوط التي يتعرض لها.

وظهر رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام ، بشار الأسد، في تسجيل للمرة الثالثة، اليوم الأحد، تحدث فيه عن “خطورة الوضع وحساسيته”، وأربعة طلبات قُدمت له من قبل جهات معينة، لم يسمها.

وبدأ مخلوف حديثه بالاعتذار من عائلات الموظفين في شركة “سيرتيل”، الذين تم توقيفهم من قبل “الجهات الأمنية”، وفشل الجهود من أجل الإفراج عنهم.

وقال مخلوف إنه “حاول معرفة ما هو المطلوب من قبل هذه الجهات، وكان واضحاً أن المطلوب هو التنازل عن أمور معينة، وقرارات معينة لخدمة أشخاص معينين”.

وحمّل المسؤولية الكاملة للجهات التي أوقفت الموظفين، “دون إجراء رسمي وغير نظامية”، متحدثاً

عن أربعة مطالب قدمت له من أجل تنفيذها، وسط تهديد بإغلاق الشركة وسحب الرخصة منها.

الطلب الأول هو دفع شركة “سيرتيل” المبلغ المالي الذي حددته “هيئة الاتصالات” التابعة لوزارة الاقتصاد في حكومة الأسد.

وأوضح مخلوف أن “المبلغ ليس ضريبة، وإنما هو مبلغ فرضته جهة معينة بلا حق وبلا قانون ولا يوجد له مستند قانوني، ورغم ذلك وافقنا على دفعه بطريقة لا تسبب بانهيار الشركة”.

وحول الطلب الثاني “طلبوا أن تتعاقد شركة سيرتيل مع شركة تقدم لها كل شيء من البرغي وحتى البرج، وتشتري كل مشترياتها، على أن يكون هذا التعاقد حصري دون التعاقد مع غيرها، وعند الرفض قالوا أنتم مجبرون وإلا”.

وأشار مخلوف إلى أنه بعد المفاوضات، وإلغاء بند الحصرية في التعاقد مع الشركة، والتوافق معها من أجل عدم حصول سرقات في “سيرتيل”، وصلنا إلى حلول وسط، على الرغم من وجود بعض الخلافات في بعض الأمور.

وعقب ذلك “طلبوا مني التنازل والخروج خارج شركة سيرتيل، وهددوا في حال عدم تنفيذ الطلب”، مؤكداً “أنا ما رح اتنازل وما رح اتخلى، وهاد تخلي وتخاذل، أنا بالحرب ما تخليت لحتى اتخلى هلئ، أصلاً ما بتعرفوني”.

أما الطلب الرابع كان في مؤسسة الاتصالات، عندما وافقت “سيريتل” على دفع المبلغ، لكنهم “قالوا لها هذا لا يكفي، وإنما التنازل عن أرباحكم للدولة، وسط تهديد جديد”، مشيراً إلى أنه “كل يوم قرار جديد، ويوجد أشخاص لا تعلم ماذا تريد”.

وبحسب مخلوف، طلبوا أن تدفع “سيريتل” للدولة “50% من رقم أعمالها، بعد ما كانت تدفع 20%، وهذا يعني دفع 120% من ربح الشركة للدولة، بعدما كانت تدفع 50%، وهذا غير منطقي”، وسط تهديد بسحب الرخصة والحجز على الشركة وشن حملة اعتقالات.

——————–

فايننشال تايمز: دراما الطاغية والتايكون مستمرة ورفض مخلوف التعاون يعني خسارته كل شيء/ إبراهيم درويش

لندن- “القدس العربي”: قال الكاتب ديفيد غاردنر في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” إن حربا عائلية تقوض ترويكا السلطة في سوريا. وأشار إلى أن المعركة المحتدمة في قلب نظام بشار الأسد تأتي في وقت يتطلع فيه نظام الديكتاتور للانتصار في الحرب الأهلية التي مضى عليها 9 أعوام التي دمرت معظم البلاد.

وأضاف أن الخلاف العلني بين الرئيس الأسد وابن خاله رامي مخلوف، أثرى رجل في سوريا، أدى لجذب الاهتمام العربي والسوري. وخلال عقدين على حكمه شكل الرجلان مع شقيق الأسد الأصغر ترويكا للحكم. واليوم باتت مسلسلات رمضان الدرامية منافسة ولكن في الحياة الحقيقية- التايكون ضد الطاغية.

وتحكم عائلة الأسد سوريا منذ نصف قرن وبعيدا عن حادثة صغيرة عام 1984 عندما مرض حافظ الأسد وحاول شقيقه رفعت الانقلاب عليه، ظلت العائلة تتحفظ على أسرارها ولا تخرج خلافاتها للعلن. ومن هنا قد يكون مخلوف شجاعا أو يائسا عندما قرر إخراج الخلاف للعلن. وقام وهو الرجل الذي راكم ثروة طائلة بنشر ثلاثة أشرطة فيديو من خلال صفحته على “فيسبوك” اشتكى فيها أن نظام الأسد يحاول مصادرة مملكته التجارية والتي يقول إنها خدمت النظام طوال فترة الحرب الأهلية التي كانت تطيح به.

والخلاف الظاهري يقوم على مطلب من شركة سيرياتل وشركة أم تي أن الشركة الأخرى للهواتف النقالة بدفع مئات ملايين الدولارات إلى الحكومة التي تعاني من نقص في المال. وتقول الحكومة إن هذه ضرائب متأخرة وأجور غير مدفوعة مقابل رخصة العمل. وتم اعتقال عدد من مدراء شركة سيرياتل. وانتعش مخلوف الذي كانت خالته متزوجة من حافظ الأسد وبرز في ظل رأسمالية المحسوبية التي رعاها بشار تحت ذريعة لبرلة الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة. وبعيدا عن شركة سيرياتل فقد كان لمخلوف مواقع في البناء والهندسة والنفط والغاز.

وفرضت الولايات المتحدة عام 2008 عقوبات على مخلوف وتبعها الاتحاد الأوروبي أثناء الحرب حيث اتهم رجل الأعمال باستفزاز رجال الأعمال المنافسين له عبر أجهزة الاستخبارات ومساعدة النظام أثناء الحرب ولعب دور “خزينة المال” لها. وفي مقابلة سيئة السمعة مع الصحافي الأمريكي أنطوني شديد، مراسل “نيويورك تايمز”، جرت عندما قام الأخوان الأسد بتوجيه بنادقهم نحو المتظاهرين العزل، أعلن مخلوف أن هذه هي معركة حتى الموت. ولكنه اليوم قال في واحد من أشرطته: “أريد توجيه رسالتي للرئيس، بدأت أجهزة الأمن بالتعدي على حرية الشعب، وهذا هو شعبك، هذا هو شعبك”، ويعلق غاردنر أن مخلوف لا يتحدث عن مفارقة ساخرة، لكن كيفية وصوله إلى هذا المكان أمر صعب تتبعه في نظام غامض جدا.

فبعيدا عن المواجهة بين حافظ ورفعت حدثت الكثير من المشاجرات الجدية داخل النظام ولكن بدون توضيح وبنظريات مؤامرة كثيرة حول ما حدث في الحقيقة.

ففي عام 2005 أعلن عن انتحار غازي كنعان، وزير الداخلية والمسؤول عن احتلال لبنان لمدة 29 عاما. وكان على ما يبدو معارضا لاغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري والذي اتهمت دمشق بتدبيره.

ومات خليفته في لبنان رستم غزالة عام 2015 حيث حمل معه أسراره إلى القبر. ولم يبق أي شخص له علاقة بمقتل الحريري على قيد الحياة. وكان ينظر إلى كنعان كمنافس للأسد، وكذا مدير الاستخبارات العسكرية السابق وصهر الأسد، آصف شوكت، وزعم أن المخابرات التركية والفرنسية كانت تحضره كبديل عن الأسد عندما قتل في تفجير مجلس الأمن القومي الذي قتل فيه وزير الدفاع وجنرال آخر عام 2012. وزعمت المعارضة أنها هي التي نفذت العملية بعدما هاجمت وسط العاصمة دمشق، مع أن معظم مراقبي الشأن السوري يعتقدون أن العملية تمت من داخل النظام، مع أن تفجير كامل مجلس الأمن القومي لقتل شخص تبدو غريبة.

وفي ظل السوابق هذه، فأشرطة فيديو مخلوف قد تكون محاولة لتأمين نفسه ضد مصير كهذا. ولكن من الصعب النظر إليه كمنافس حقيقي للأسد، فجمعيته “البستان” التي تقوم بالعمل الخيري وتدعم 30.000 مسلح في مليشيا غرست جذورها في منطقة الساحل الشمالي- الغربي التي تعيش فيها الطائفة العلوية، ربما بدت كجيش خاص دربته إيران ولديه المال الذي ينافس ميزانية الدول التي تعاني من ضيق. لكن المليشيا التي شكلها تم استيعابها في الفرقة المدرعة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، أما جمعية “البستان” فتم تهميشها عبر جمعيات أخرى أكبر منها تديرها الطامحة أسماء، زوجة الرئيس. ومن هنا فالتفسير لكل ما حدث هو أن ثروة مخلوف أصبحت هدفا في ظل تراجع القتال في سوريا.

وفي أيلول/سبتمبر طلب النظام من رجال أعمال المساعدة في إنقاذ الاقتصاد وضخه بالدولارات. ووافق رجال الأعمال الجدد الذي انتفعوا من الحرب الأهلية، لكن مخلوف وحسب سياسي عربي مطلع رفض. كما رفض أيضا خططا لفتح شركة هواتف نقالة ثالثة والتي قيل لها إنها ستسهم في خدمة ثلث عملاء سيرياتل، ويبدو أنه سيخسر كل شيء، والميلودراما السورية مستمرة.

القدس العربي

—————————-

رامي مخلوف في جبلة… ماذا بعد الحجز على أمواله؟/ عدنان عبد الرزاق

يتصاعد الصراع بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، وابن خاله رامي مخلوف، وهو رجل الأعمال البارز الذي كان لسنوات يشكل الواجهة الاقتصادية للنظام، الأمر الذي جعل الجانب المالي يشكل واجهة الصراع التي تخفي وراءها أوجهاً أخرى، بحسب خبراء.

وأكد مسؤول سوري سابق أن الصراع بين رامي مخلوف وبشار الأسد صراع سياسي بامتياز، تجري تغطيته بالاقتصاد. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، اليوم الأربعاء: “لماذا لم نسأل أنفسنا عن سبب عدم قتل رامي مخلوف أو انتحاره كما تجري التصفيات مع من يشكل خطراً على رأس النظام؟”، ويجيب المسؤول السوري: “السبب أن الروس لا يريدون له أن يموت، خلال هذه الفترة على الأقل، فهم يسعون إلى ضرب الفساد بالفساد ليتسلموا سورية وقت تحين الصفقة”.

ويوضح المسؤول أنّ “المشكلة بدأت منذ أكثر من عام، حينما سُرِّبَت محادثات بين الروس ومحمد مخلوف وابنه حافظ، تتعلق باستعداد حافظ مخلوف لأن يكون “الضابط العلوي” الذي يدير الشؤون، أو بعضها المتعلق بالطائفة، في مرحلة ما بعد بشار الأسد، وهذا ما حوّل بشار الأسد 180 درجة ضد خاله وأولاد خاله الذين شكلوا منذ نصف قرن بيت الأسرار وليس بيت المال فقط للنظام السوري”.

وحول ما يشاع عن وجود أنصار لرامي مخلوف في مدن الساحل السوري، يلفت المسؤول إلى أن رامي مخلوف لوّح بأنه “يشغل 6 آلاف ويقدم مساعدات لعشرات الآلاف من ذوي القتلى والجرحى”، وأضاف أن “بشار الأسد يشغل مئات الآلاف، وهو مئذنة سبحة النظام، وتعلم الطائفة أن سقوط بشار يعني ضياع نظامٍ بنوه على مدار خمسة عقود”، ما يعني بحسب المصدر أن “احتمال الاصطدام يثير الضحك، مثله مثل تسويق الخلاف على أنه مالي يتعلق بمئتي ألف دولار طلبتها وزارة الاتصالات. فإن الأمر كذلك، فأملاك رامي مخلوف في سورية فقط، تقدَّر بنحو 10 مليارات دولار، أهمها في الاتصالات، ومن ثم في 31 شركة كبرى، فهل يعقل أن يقف عند مبلغ صغير، ويضحي بجميع الممتلكات؟”.

ولكن يرى المسؤول أنّ “كلا الطرفين يفهم أحدهما على الآخر، بمعنى أنّ آل مخلوف يعلمون أن الضريبة التي فرضها النظام على رامي مخلوف هي بداية للسيطرة على جميع الممتلكات، وفي المقابل يعلم بشار الأسد أن تحصيل أموال رامي مخلوف الموجودة في المجر ورومانيا ودبي وروسيا وسويسرا مسألة في غاية الصعوبة”.

ويؤكد المسؤول لـ”العربي الجديد” أنّ “أموال أسرة حافظ الأسد بمعظمها، يديرها مخلوف منذ زمن، حتى أموال باسل الأسد، التي حصلها أبوه بخديعة أن باسل متزوج وأرسل بعد 1994 وفداً قانونياً إلى النمسا مع عقد زواج بزمن يسبق تاريخ موت باسل، أعطيت أيضاً لمحمد مخلوف لإدارتها”.

وحول عودة الخلافات وخروج رامي بمقطع مصور ثالث، بعد ما قيل عن مساعٍ للمصالحات، شكك المصدر السوري بكل هذه الرواية، معتبراً أنّ “المشكلة في الأساس سياسية بحتة، وطفت قبل المقطع الثالث حينما طلب بشار الأسد من إياد مخلوف، شقيق رامي، أن يوقع على التنازل عن الأموال ووعده بدور لاحق إن فعل، فعزله رامي مخلوف وعين ابنه علي البالغ من العمر 20 عاماً مكانه، وهذا سبب تضمين أسرة رامي بقرار الحجز، أي المقصود الشاب علي”.

وختم المسؤول السوري بالقول إنّ الهدف من وراء ما يجري إنهاء “الظاهرة المخلوفية”، وربما ثمة توافق روسي مع بشار الأسد على ذلك، و”هذه رسالة لإيران التي راهنت على رامي مخلوف، ليكون ومن معه كما حزب الله في لبنان، وهذا خطأ إيراني فادح، فليس لرامي مخلوف الثقة التي لحسن نصر الله، وليس لأنصاره وزن الطائفة الشيعية في لبنان، فضلاً عن تغير الزمن، وبالتالي طرائق اللعب”.

وحول إيواء روسيا لمحمد مخلوف وابنه، قال المسؤول السوري: “روسيا مستمتعة باللعبة، ولنفهم طبيعتها يمكننا المقاربة من خلال صمت روسيا عن ضرب إيران بسورية، هذا إن لم نقل إنها من يعطي لإسرائيل الإحداثيات، علماً أنها ظاهرياً حليفة طهران، هذه هي السياسة”.

بالمقابل، كشف رجل الأعمال صالح محمد، لـ”العربي الجديد”، أنّ “المصالحة بين رجل الأعمال السوري، رامي مخلوف من جهة، ورئيس النظام بشار الأسد وأخيه ماهر، شارفت على النهاية، لولا مفاجآت حصلت بعد إعلان رامي أنه مستعد لدفع المبلغ لهيئة الاتصالات وفق سعر الليرة بيوم انتهاء المهلة، ولكنه سيتنازل للفقراء وأسر الشهداء وموظفيه بجمعية البستان، ولن يترك شركة سيريتيل لتعطيها أسماء الأخرس لأقربائها”، ما أعاد الخلاف وإعادة تهديد رامي مخلوف الذي خرج بتسجيل ثالث، وبالتالي إعادة التصعيد. وهي الرواية التي سردها رجل الأعمال السوري فراس طلاس.

ويؤكد محمد من ريف مدينة جبلة السورية الساحلية أن رامي مخلوف مقيم في سورية ولم يخرج منها خلال الخلاف، ويتنقل بين قرى بستان الباشا وحرشة زاما وبرمانا المشايخ التابعة لمدينة جبلة، معتبراً أن الحجز الاحتياطي على أموال رامي وأسرته، هو رسالة إلى إيران، التي ستعيد “تأجيج الخلاف” الذي لا يمكن أن يصل إلى المواجهة المباشرة بين أنصار رامي مخلوف وبشار الأسد.

ويؤكد محمد أن “قوة رامي في الساحل لا يمكن مقارنتها بقوة بشار الأسد، كذلك فإن محاولة تسويق الخلاف على أنه طائفي ومحاولات أسماء الاستيلاء على الأموال وإدخال أقاربها، لم تنطلِ على الجميع”.

وختم رجل الأعمال السوري بالقول إن “القناعة السائدة أو التي بدأت تتكرس بالساحل هي أن بشار الأسد باقٍ في السلطة وما عليه سوى مكافحة الفساد وإبعاد المسؤولين السابقين، وسيترشح للرئاسة العام المقبل، وفق الوعود الروسية ويفوز”.

وكان الخلاف قد طفا، أمس الثلاثاء، من جديد، بعد أن أصدر وزير المال بحكومة بشار الأسد، مأمون حمدان قراراً بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لرامي مخلوف إلى جانب الحجز على أموال زوجته وأولاده، وذلك ضماناً للمبالغ المترتبة عليه للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد.

وعلّق رامي مخلوف على قرار الحجز بمنشور على “فيسبوك”، مساء الثلاثاء، قال فيه: “بعد الرد الأخير من قبلنا على الهيئة الناظمة للاتصالات وإظهار عدم قانونية إجراءاتهم، إضافة إلى توضيح عدم المصداقية، يردون بإجراءات أخرى غير قانونية أيضاً، ويلقون الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي، مع العلم أن الموضوع هو مع الشركة وليس معي شخصياً، إضافة إلى المحاولة لإقصائي من إدارة الشركة بالطلب إلى المحكمة لتعيين حارس قضائي يدير الشركة، كل ذلك بذريعة عدم موافقتنا على تسديد المبلغ؛ وكما تعلمون كل ذلك غير صحيح”.

واتهم رامي مخلوف في منشوره أطرافاً لم يسمّها بالرغبة في الاستحواذ على شركاته وبالتضييق عليها، مشيراً مجدداً إلى مراسلاته مع الحكومة: “تساءلنا في كتابنا: هل الحكومة في خدمة الشعب، أم الشعب في خدمة الحكومة؟ فكان جوابهم بكتاب رسمي منع رامي مخلوف من التعامل مع الدولة لمدة خمس سنوات”. وختم مخلوف منشوره بـ”دعاء إلى الله”.

وترى مصادر سورية أن الحجز الاحتياطي ما هو إلا إنذار، وربما فتح الباب ثانية للتسوية، لأن مزيداً من الاحتقان قد يؤدي إلى انفجار في الساحل، بعد أن أضرّ ذلك بالاقتصاد السوري وهوى بقيمة العملة إلى ما دون 2000 ليرة للدولار الواحد، فيما تؤكد آراء أن ما يجري له علاقة بطموحات أسماء الأخرس، زوجة الأسد.

ويقول رئيس “تجمّع المحامين السوريين الأحرار” في تركيا، غزوان قرنفل، إن “الحجز الاحتياطي كإجراء تحفظي قانوني هو وضع مال المدين تحت سلطة القضاء لمنع المدين من القيام بأي عمل قانوني أو مادي يؤدي إلى التصرف بالمال”.

ويعرب قرنفل، في حديث لـ”العربي الجديد”، عن اعتقاده بأنّ “القرار مشوب بخطأ قانوني يشي بطبيعة الخلاف والصراع، بكونه خلافاً شخصياً أكثر مما هو متعلق بمال ومستحقات مالية مترتبة على شركة سيريتيل لمؤسسة الاتصالات، ذلك أن قرار الحجز المتداول يوقع الحجز على أموال رامي مخلوف وأسرته، بينما يفترض أن النزاع قائم بين مؤسسة الاتصالات وشركة سيريتيل، وبالتالي يفترض أن يلقى الحجز الاحتياطي على أموال وموجودات الشركة فقط”.

وفي ما يتعلق بالصراع، يرى القانوني السوري أنّه “صراع بين مراكز قوى داخل المافيا الحاكمة سببه الرئيس رغبة الأسد في نقل أدوات القوة والسيطرة المالية من مخلوف إلى منظومة جديدة قطبها أسماء الأسد وبعض الرموز من أسرتها، وهو في جانب منه متعلق بضغوط روسية على الأسد ليس فقط لأداء استحقاقات مالية لروسيا، بل أيضاً لرغبة روسية بإدخال إصلاحات تجميلية تراها ضرورية قبيل انطلاق العملية الدستورية، بما يسمح لها بإعادة إنتاج النظام بوجود أو عدم وجود الأسد كشخص، وبوجود كتلة صلبة تحافظ على بنية النظام لضمان مصالحها ودورها في سورية”.

وكان ناشطون سوريون قد تداولوا صورة قرار مذيَّل بتوقيع وزير المالية السوري، مأمون حمدان، يخاطب خلاله الهيئة المصرفية الدولية، وهو ما اعتبره القانوني قرنفل “غير صحيح، لأن القرار الصحيح يتضمن الحجز الاحتياطي، أي لم يصدر قرار قضائي بالحجز، كما يجب أن يكون بين سورية والدولة الأخرى المخاطبة اتفاقية لتنفيذ الأحكام، وهذا أيضاً غير متوافر إلا اللهم اتفاقية الرياض التي

——————————

الأسد والبقاء تحت المظلّة الروسية/ شورش درويش

عدّل المبعوث الأميركي إلى سورية من أنقرة، جيمس جيفري، من لهجة الإغراء، منطق استعمال الجزرة بدل العصا، في مخاطبة الروس، بمقابل اعتراف الولايات المتحدة بدور موسكو في سورية وتقوية مركزها، ذلك أن تعليقه الأوّل اشترط إزاحة الأسد عن الحكم وإخراج إيران من سورية، ثمّ اكتفى، في تصريحه الثاني، بإخراج إيران. وبذا تتفق واشنطن وتل أبيب على تجفيف قدرات الأسد، عبر التركيز على الحضور والدور الإيرانيين. وجاءت تصريحات المبعوث الأميركي معطوفةً على سيل اتهامات روسية لبطانة نظام الأسد بالفساد والتربّح، ووصفٍ لحكمه بالضعيف، والحديث عن إمكانية استبداله.

في حمأة الاتهامات الروسية غير المسبوقة تلك، قدّم (رجل الأعمال السوري) رامي مخلوف نفسه بنفسه أنه “كبش المحرقة”، وعلامةً على نيّة النظام الأمني القويّ والقادر على تجفيف منابع النفوذ الإيراني في دمشق. وبذا استرجع الأسد شرط تبريد نار الإعلام الروسي الموجّه عبر تخفيض القدرات التنافسية الإيرانية لروسيا عبر تحجيم شركاء طهران السوريين، وتذليل العقبات التي يفرضها وجود متنفّذين في الاقتصاد السوري لمصلحة رجال أعمال روس، أو شخصيات محسوبة على الكرملين.

ثمّة توازن أقامه النظام عندما لاذ بموسكو، بعد أن شعر بصعوبة التدخل الإيراني المباشر. ولأن إيران تجيد اللعب خلف الستار، فإن المسارات العسكريّة والسياسية والمالية أثرت في شكل التدخل الروسي في سورية، ذلك أن إيران يظهر دورها في المسارات الثلاثة من دون أن تراها في العلن، علاوة على أن طهران ما إن تخرج من الباب حتى تعاود الدخول عبر النافذة. وجه آخر للتنافس الروسي الإيراني يظهر في تخيّلهما شكل القوّات المسلّحة، موسكو تطمح إلى جيش بمعايير الانضباط الروسيّة، فيما تسعى طهران إلى مراكمة التشكيلات العسكرية المتعدّدة وفق نمط مليشياويّ، إنْ تصديراً لنموذج القوّات الإيرانية، أو نقلاً لتجربة “الحشد الشعبيّ” العراقي.

الوجود والنفوذ الإيرانيان يحولان دون الحديث عن مسألة “بديل الأسد”. نمط تقسيم العمل إلى فريق يشتغل مع الروس وآخر مع الإيرانيين هو تكتيك دمشق الأثير، والذي يمنع تخيّل بديل للنظام، المزيد من حضور روسيا وأدوارها في سورية يعني التقليل من تأثير بشار الأسد في الحكم، الاستحكام في مفاصل الدولة والجيش والاقتصاد يعني إنهاء صيغة اللعب على الحبال. لذا يبدو التنبؤ بإمكانية إخراج إيران من سورية وثيق الصلة بإزاحة الأسد عن الحكم، وهو ما تفهمه دمشق وتخشاه.

تقودنا مسألة “البديل” إلى مثالٍ وثيق الصلة بتدخلٍ روسيّ مشابه بعض الشيء، وهو مثال عن استحالة اللعب مع الروس، حيث إنه وبعد ثلاثة أشهر من انقلابه على حكم الرئيس الأفغاني، نور محمد تراكي، وفي 29 ديسمبر/ كانون الثاني 1979، نفّذ فصيل “ألفا” التابع للجيش الأحمر عملية “العاصفة “333” التي أسفرت عن قتل الرئيس الأفغاني “الموالي للسوفييت” حفيظ الله أمين في قصره الحصين (دار الأمان) في كابول. كان الأخير قد حاول اللعب على الحبال، وامتلاك هامش مناورة يكون أحد أطرافه السوفييت، وتجاوز تعليماتهم رفقة ابن شقيقه أسد الله أمين، المسؤول النافذ في المخابرات الأفغانية، واعتماده نهجاً بالغ القسوة في حل المشكلات الداخلية، كان له التأثير الكبير في احتكام موسكو إلى “الحل الأخير” المتمثّل في التخلّص من الرئيس المستجد في الحكم. بيد أن السبب الرئيس لاغتيال أمين كانت الشكوك السوفيتية في صلاتٍ جمعت أمين بوكالة الاستخبارات المركزية (الأميركية)، والتي تبيّن فيما بعد أنها لم تكن ذات أهميّة، ولا تدعو إلى انتقام بدأ بمحاولة دسّ السم في طعام حفيظ الله، ونجا منها، وانتهى بإمطاره بالرصاص.

كان أمين على اتصال مفتوح بوزير الخارجية السوفييتي، أندريه غروميكو، وعلى علاقة طيّبة بالسوفييت، أو هكذا كان يظنّ، الأمر الذي فسّر هذيان الرئيس لحظة سماعه أزيز الرصاص المتّجه نحو قصره، إذ بادر إلى طمأنة من حوله بأن الروس سيأتون في نجدته، حتى قال له أحد معاونيه إن القوّات المهاجمة روسية، لحظتها فقد حفيظ الله كل أمل بالنجاة.

يختلف تموضع الأسد المديد، والمعطوف على حكم الأسد الأب، عن وضع الرئيس حفيظ الله أمين، فوق أن ما يمكن تسميه توفّر شرط “العصبيّة الأمنية” والاحتكام على شبكات التمويل السوداء للأنشطة المغذّية للقوات الرديفة، وحضور غير قابل للقسمة في الجيش عبر اعتماد صيغة الولاء أوّلاً، وسواها من مسائل تجعل من تبديل الأسد مغامرةً متعبة للروس، على الرغم مما تحمله رسائل الروس، عبر الصحافة الناطقة باسم الكرملين، عن بحث موسكو عن بديل للأسد!

عبر صحافتها التي يمكن وصفها بالمركزية، نمي عن الرئيس الروسي، بوتين، وصفه الأسد بأنه “عنيد”، والعناد هنا يمكن أن يفهم على نحو ما أشاعته تلك الصحافة أن الأسد لا يبدي مرونةً كافيةً في مسائل الحوار مع أخصامه، في المعارضة ومع الكرد السوريين، وعدم رغبته في إجراء إصلاحات بنيوية في نظامه، حيث “الفساد أسوأ من الإرهاب” وفقاً لخبراء روس، إضافة إلى المسألة الأهم، وهي محاولة توظيف النظام الوجود الروسي لأجل طموحاته الشخصية التي لا يشترط أن تتقاطع مع ما يطمح إليه الروس.

ثمّة غيومٌ ملبّدة تتجمّع فوق دمشق، وما تكثيف الضغوط الروسية سوى رسائل مفادها إمكانية استبدال الأسد، إن هو اضطرّها إلى هذه المغامرة، أو أن يجنح الأسد إلى سياسةٍ أكثر انصياعاً، وأقل عناداً للرؤية الروسية لحاضر سورية ومستقبلها. الغالب أن الأسد سيختار البقاء تحت المظلة الروسية، وتجنّب مصير “الرفيق” حفيظ الله أمين.

العربي الجديد

——————————

سوريا: الأسد يصعّد ضد مخلوف بـ«الحجز الاحتياطي» على أملاكه/ هبة محمد

في مؤشر إلى وصول الخلاف إلى أوجه بين رجل الأعمال رامي مخلوف ورأس النظام السوري، الثلاثاء، أصدر الأخير قراراً بحجز احتياطي على أموال مخلوف. وجاء القرار عبر وزارة المالية بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة له ولزوجته وأولاده.

وحسب القرار الذي وقعه معاون وزير المالية بالتفويض، فإن قرار الحجز الرقم 1236 يأتي «ضماناً لتسديد المبالغ المترتبة عليه لصالح الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد».

وحسب رويترز فإن «الحكومة السورية أصدرت أمراً بالحجز الاحتياطي على أصول رامي مخلوف وزوجته وأولاده».

وتداولت حسابات ومصادر إعلامية موالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي قرار وزير المالية محمود حمدان، وقالت إن القرار صدر على خلفية رفض مخلوف دفع المبالغ المستحقة على شركة «سيريتل» لصالح خزينة الدولة، وذلك «ضماناً لتسديد المبالغ المترتبة عليه لصالح الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد».

وكان النظام السوري قد طالب مخلوف بدفع بمبلغ 233.8 مليار ليرة، إلا أن الأخير اعتبر هذه الأموال «ليست حقاً وﻻ ضريبة وإنما هي مبلغ فرضته جهة معينة بلا حق وﻻ مستند قانوني».

وقال في تسجيل مصور إن «كل جنى العمر» سيذهب إلى «جيوب الآخرين» مشيراً إلى «ظلم» الفئة الحاكمة و«استخدامها للسلطة في غير محلها»، كما هدد رئيس النظام وابن عمته بشار الأسد بهدم الاقتصاد السوري.

القرار بمصادرة أموال مخلوف جاء غداة اتهامات متبادلة بينه وبين «وزارة الاتصالات»، حيث وصفت الأخيرة مخلوف «بالمخادع» الذي يتهرب من سداد «حقوق الخزينة العامة»، ضمن بيان نشرته على موقعها الرسمي، ما دعاه للرد عبر تدوينة نشرها بدوره على صفحته الرسمية أكد فيها أن موظفيه «في الشركة اضطروا للتوقيع تحت الضغط والتهديد»، لافتاً الى أن «سيريتل» قد أبدت استعدادها للتسديد بموجب كتابين مسجلين في ديوان الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد.

وذكرت الوزارة في بيانها رداً على ما نشره رئيس مجلس إدارة شركة سيريتل على مواقع التواصل الاجتماعي «أن «الهيئة الناظمة للاتصالات» التابعة للوزارة كجهة عامة أولاً ليست في موقع من يحتاج للتأكيد على مصداقية ثبوتياته وبياناته التي منحها القانون الصّفة الرّسميّة والقوة الثّبوتية».

وأضاف البيان «كما أنها تؤكد أن ما ساقه رئيس مجلس إدارة شركة سيريتل إنما يأتي ضمن حملة الخداع والمواربة بهدف التّهرب من سداد حقوق الخزينة العامة. وليس أدل على ذلك إلا من خلال إحجامه وامتناعه عن منح الفريق التّنفيذي لشركة سيريتل التفويض الأصولي لتوقيع الاتفاق المتضمن سداد المبالغ المترتبة للخزينة».

ونشرت الهيئة «وثيقة صادرة عن الإدارة التنفيذية للشركة»، وذكرت أنها «تبين وتثبت رفض رئيس مجلس الإدارة منحهم التفويض الأصولي اللازم».

مخلوف بدوره قال «بالنسبة لما تم نشره من قبل الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بخصوص الكتاب الموقع عليه من المدير التنفيذي وبعض مدراء الشركة فإنه يَخص موضوعاً آخر ليس له إي علاقة بموضوع تسديد الشركة للمبالغ المفروضة عليها على الإطلاق، الأمر الواضح بصلب ذلك الكتاب المذكور».

وأضاف «من المُعيب إظهار خلاف حقيقة هذه الكتب للرأي العام، فالكتاب المنشور من قبلها يَخصْ طلبا مستقلا ومنعزلا عنه تماماً وقد تم توقيعه نتيجةً لضغوطات مُورِسَتْ عليهم سَتُجبرهم على نفي أنهم قد وقعوه تحت تأثيرها، كما الضغوطات الأخرى التي مُورِسَت عليهم بحجز حرية زملائهم، إضافةً للضغوطات التي أدت لاستقالة السيد نائب رئيس مجلس إدارة شركة سيريتل، فليس من المُسْتبعد أن يتم توقيع هكذا كتاب بهكذا ظروف، فالضغوطات دوماً مستمرة على رئيس مجلس الإدارة وحتى أصغر موظف، وكل ذلك بهدف الموافقة للتخلي عن جزء من الإيرادات التي هي حق مساهمي الشركة البالغ عددهم ما يقارب 6500 مساهم والذين من بينهم شركة راماك للمشاريع التنموية والإنسانية التي ترعى شريحة كبيرة من المجتمع السوري».

واعتبر ذلك «حرمان مساهمي الشركة من حقوقهم التي صَاغها وصَانَها الدستور وضمنها عقد الترخيص الإفرادي وحمتها القوانين والأنظمة المرعية».

ورفض مخلوف مجدداً دفع المبالغ المفروضة عبر زيادة الضغط عليه، حيث كتب في تدوينته «لا يحق لمن هو مُفَوضْ بالتوقيع عن الشركة أو لمدرائها ولو حتى من قبيل المُشَوَّرة التنازل عَن حقوق مساهمي الشركة كونها أمانة ونحن مؤتمنون أمام الله على حَملِها قبل عباده ولن نخونها مهما كانت النتائج فمن خانها فقد خان الله».

———————————

مسؤول إيراني يدعو لاستعادة 30 مليار دولار من نظام الأسد

إسطنبول: قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، إنه يجب على طهران استعادة مبلغ (20-30) مليار دولار، دعمت به نظام بشار الأسد في وقت سابق.

وأفاد فلاحت بيشه في تصريح لموقع “اعتماد أونلاين” الإلكتروني، الأربعاء، أشار فيه إلى أن البلاد تعاني من مشكلة اقتصادية وأمنية.

وأضاف أن بلاده أنفقت مبالغ مالية ضخمة في سوريا، قائلا: “منحنا سوريا نحو (20-30) مليار دولار، ويجب علينا استعادتها منها”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يدلي فيها فلاحت بيشه بمثل هذه التصريحات، إذ قال في مارس/ آذار 2019 إن نظام الأسد مديون لطهران ويجب عليه تسديدها.

(الأناضول)

———————————

===================

======================

تحديث 21 أيار 2020

—————————-

نظام الأسد الكيميائي يزداد شفافية وعفناً!/ بكر صدقي

مع تطور التكنولوجيا ووسائلها، واحتدام الصراعات الداخلية والمؤامرات الخارجية، بات بإمكاننا كمشاهدين في حالة حجر طويلة بسبب الوباء اللعين، أن نتابع أولاً بأول فصول سجالات حامية، بين جناح مخلوف في نظام الأسد وجناح الأخرس، من جهة أولى؛ وبين الإعلام الروسي و«مثقفين» سوريين من جهة ثانية، ولا نعرف، بعد، ما إذا كان هناك ما يربط بين خطي التوتر هذا غير التزامن، أي ما إذا كان هذا التزامن بريئاً أم لا.

فعلى الخط الأول يواصل رامي مخلوف الذي يحتل في النظام منصب ابن خال بشار الأسد إصدار حلقاته اليوتيوبية وكتابة بوستاته الفيسبوكية، فيما أصدر وزير مالية بشار الأسد قراراً بالحجز الاحتياطي على ممتلكات المذكور وممتلكات زوجته وأبنائه وبناته. ليرد ابن المخلوف بنشر وثائق تثبت أن شركته لم ترفض تسديد الجعالة المطلوبة منها وأن مزاعم وزارة المالية بشأن رفض الشركة التسديد ما هي غير افتراء لا أساس له. وواصلت «الجهات المختصة»، في غضون ذلك، اعتقال موظفي شركات مخلوف وجمعياته ليبلغ عددهم الإجمالي 60 شخصاً لا ذنب لهم غير العمل في الشركة الخطأ في الزمان الخطأ. وفي تجليه اليوتيوبي الثالث على خلفية حطب المدفأة الذي لم يخسر شيئاً من تنسيقه منذ الفيديو الأول، أضاف ابن المخلوف مسحة فلسفية إلى ورعه ودروشته فأعطانا لمحة أولية عن فلسفته المانوية القائمة على قطبين: السالب والموجب، الذكر والأنثى، الأرض والسماء.. إلخ، ليطبقها على المشكلة القائمة بينه وبين جناح الأخرس من عائلة الأسد، فيحاول إقناع ذاك الذي في موقع الخصم والحكم بأن الدولة بلا قطاع خاص لا يمكنها أن تعمل، الدولة الأنثى والقطاع الذكر، الدولة السالبة والقطاع الموجب، الدولة الأرض والقطاع السماء التي تمطر الليرات..

لا شيء مدهشاً، إذن، في هذه التطورات على الخط الأول. فماذا عن الخط الثاني؟

هنا ترتفع درجة التشويق إلى حد كبير مع سجالات حامية تلت الحملة الإعلامية الروسية على النظام وعلى رأسه بالذات قبل أسابيع قليلة. وكان عضو مجلس الشعب بمرتبة بوق إعلامي خالد العبود سباقاً ومدهشاً في رد الصاع صاعين للرفاق الروس، حين كتب مطوّلته المعنونة بـ»ماذا لو« مهدداً فيها الرئيس الروسي بغضب أسد دمشق الذي من شأنه أن ينهي عهد بوتين في السياستين الروسية والعالمية. جميل أن يتحول بشار الأسد إلى فزاعة يمسك بها شخص بمواصفات خالد العبود يهدد بها رجل كرملين القوي الذي اعتاد أن يشحن الأسد إلى موسكو حيناً، وقاعدة حميميم الروسية في سوريا حيناً، ومركز عسكري روسي قرب دمشق حيناً، وأن يسومه صنوف الإذلال في كل تلك الأحيان، قبل أن يوعز لوسائل إعلامه بالانقضاض عليه بالمقالات والتقارير واستطلاعات الرأي.

كانت مقالة خالد العبود المشار إليها كحصاة ملقاة في بحيرة راكدة، جاءت بردات فعل متباينة من أبواق النظام، فمنهم من انتقد العبود على تجرئه على الحليف الروسي خشية أن تفهم «القيادة الروسية» كلام العبود على أنه رسالة من النظام أو رأسه، وهو ما لا قبل له بتحمل عواقبه. فماذا لو «صغّر» بوتين عقله ورد على العبود بما يناسب موقعه القوي في العلاقة مع النظام التابع المتهافت؟ فالنظام لا يملك ترف توتير العلاقات مع روسيا وبخاصة «في هذا الوقت المصيري» (على فكرة: كل الأوقات كانت مصيرية لدى النظام السوري من 1970 إلى اليوم).. ومنهم من دافع عن خالد بحجة «تاريخه الناصع» في الولاء على رغم زلته الطفيفة. غير أن ردة الفعل الأهم هي في أن مقالة العبود، وامتناع الروس عن الرد عليها، قد شجعا بهجت سليمان على جمع مئات التوقيعات من سوريا وتونس ولبنان وفلسطين وغيرها من الأماكن على رسالة مفتوحة وجهوها إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي طالما زاوج في عمله الدبلوماسي بين وزارة الخارجية الروسية ونظيرتها السورية، ودافع عن النظام في المحافل الدولية والمؤتمرات الصحافية ومارس تكذيب الحقائق المثبتة وإثبات الأكاذيب المختلقة دفاعاً عن النظام وعن سياسة بلده في سوريا. الرسالة المفتوحة أو البيان تحفة تستحق المشاهدة، سواء بمضمونها أو بالقائمين على إصدارها والموقعين عليها أو بسياق صدورها.

يشكو الموقعون على البيان، وبينهم عدد لافت من التونسيين وهو ما يستحق التنويه، من وسائل الإعلام الروسية التي أطلقت العنان لنفسها في النيل من الرئيس الأسد والإساءة إليه، وهو أمر غير مقبول في رأي البيان. صحيح أن الموقعين عليه يؤمنون بحرية التعبير في وسائل الإعلام (!) لكن الإساءة المباشرة إلى الأسد لا تستقيم مع علاقات الصداقة والتحالف الروسية السورية. ومن هذا المنطلق فهم يدعون لافروف والقيادة الروسية إلى الإيعاز بوقف تلك الحملة الظالمة. لا سيما وأن الإعلام الروسي لا يتحامل على رؤساء عرب آخرين بنفس الطريقة التي تحامل بها على الأسد!

يا له من منطق بسيط: عاملوا بشار «أسوةً» بزملائه العرب الآخرين، فإما أن تسيئوا إليهم جميعاً فتضيع الطاسة، أو تتوقفوا عن الإساءة إليه، «فهذا حرام، هذا ظلم، هذا لا يجوز» إذا أردنا الاستعانة بقاموس رامي مخلوف وأسلوبه المهادن اللطيف.

بعيداً عن أي تحليلات أو تخمينات بشأن نهاية النظام الوشيكة، بانفجار تناقضاته الداخلية أو بقرار من فلاديمير بوتين، كما يذهب كثير من التحليلات المنشورة، فالسجالات المذكورة أعلاه بين وسائل الإعلام الروسية والأبواق الأسدية، وكذلك بين رامي مخلوف وخصومه، إضافة إلى عجز النظام عن إدارة الأمور، تشكل معاً لوحة يطغى عليها العفن كنهاية منطقية لنظام عفن احتل الحكم في سوريا طوال نصف قرن.

كاتب سوري

القدس العربي

———————–

برهان غليون: “خلاف الأسد ومخلوف صراع بين عصابة نهب منظّم

نسرين أنابلي

برز اسم السياسي السوري، وأستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في باريس، برهان غليون (مواليد حمص 1945)، كأحد أهم المعارضين للنظام السوري، وكان أحد الموقعين على “إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي” عام 2005. ظل غليون متمسكًا بقرار عدم الانضمام إلى أي تيار سياسي، إلى أن اندلعت الثورة في آذار/ مارس 2011، فانضم عندئذ إلى كتلة المستقلين الليبراليين، وبعد انتخابه رئيسًا للمجلس الوطني السوري، في تشرين الأول/ أكتوبر2011، شدد على أهمية الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلًا للشعب السوري، لكنه سرعان ما قدّم استقالته من رئاسة المجلس، احتجاجًا على تنازع قوى المعارضة وانقسامها الذي شلّ نشاطه، وعاد إلى العمل في صفوف النشطاء السياسيين، لتنسيق الجهود والمبادرات من أجل مواجهة الانقلاب الدموي على الشرعية الشعبية، والعمل على وضع مراجعة نقدية لتجربة الثورة السورية، والثورات العربية عمومًا، واستخلاص دروسها التاريخية التي تحتاج إليها الشعوب. كتب غليون العديد من المؤلفات، كان آخرها كتاب “عطب الذات.. وقائع ثورة لم تكتمل، سورية 2011-2012″، حيث أدخلنا بكتابه هذا إلى المطبخ الثوري، ليرينا كيف كانت تصدر القرارات، وهو يكشف بصراحة بالغة ما كان يجري من مكائد وعداوات داخل الصف الثوري، واستعرض فيه أيضًا بدايات الثورة السورية، وكيف تكوّن المجلس الوطني، والظروف التي أحاطت بقيامه وتفاصيل رئاسته، كأول رئيس للمجلس، ثم استقالته بعد ذلك، والأسباب التي أدت إلى الاستقالة. وقد لاقى كتابه هذا كثيرًا من الانتقادات وردّات الأفعال في أوساط المعارضة السورية.

المفكر والأكاديمي السوري برهان غليون خصّ “مركز حرمون للدراسات المعاصرة” بهذا الحوار، الذي تطرق فيه إلى المشكلات الأخيرة الحاصلة في عائلة الأسد، وتغير الموقف الروسي من النظام السوري، وملامح سورية في مرحلة ما بعد الأسد.

س – دعنا نبدأ من المتغيرات الأخيرة التي حصلت على الساحة السورية، بخصوص الخلاف القائم بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف الذي يسيطر على الاقتصاد السوري، كيف تنظر إلى ما يجري الآن؟ هل هو خلاف اقتصادي؟ أم إعادة تقسيم أدوار؟ وإلى أين ستسير الأمور في المرحلة القادمة؟

ج: الخلاف الذي نشأ بين أفراد الأسرة الحاكمة كان انعكاسًا لتزايد الضغوط الاقتصادية على “النظام”، نظامها، وانحسار الموارد التي كان يعتمد عليها، مع تفاقم الأزمة اللبنانية والمقاطعة الاقتصادية، وشح القروض الإيرانية، وتزايد إلحاح موسكو على التعويضات بسبب الأزمة التي تعيشها أيضًا، ومن ثم اضطراره إلى فرض الخوّة على أثرياء الحرب وأمرائها، كما حصل منذ أشهر، واليوم مع تفاقم الضغوط، يضطر إلى تشليح المقربين منه أو أبناء العائلة ذاتها.

يضاف إلى ذلك، أنه لا الأسد ولا الأسرة “المالكة” كانت ترى في ما جمعه مخلوف، أو سطا عليه، خلال الأعوام العشرين الماضية، ثروةً شخصيةً، بل تراه المصرف المركزي الموازي للسلطة العائلية التي تستخدمه لتمويل عملياتها السرية وميليشياتها المدافعة عن سلطتها، والآن لسد العجز المالي لديها، وربّما حلم رامي مخلوف بالهرب بأمواله والانفراد بملكيتها وحده. بالنتيجة هو صراع بين أعضاء عصابة نهب منظم للخزينة السورية، تفجّر بمناسبة الأزمة المستعصية التي يواجهها النظام، واضطراره إلى أن يأكل من لحمه ليمرر الأيام الصعبة القادمة، ويرضي أيضًا حلفاءه الروس الذين لا يريدون دفع أي كلفة لاحتلالهم، ويصرون على تمويله من حساب سورية، وإذا لم يمكن ذلك فمن حساب منهوبات عائلة الأسد.

س – هل تعتقد أن ظهور هذه الخلافات للعلن، والحديث عن فساد النظام من قبل أحد رموزه، سيساهم في تراجع شعبية بشار الأسد لدى مواليه؟ ونحن نعلم أن الوضع الاقتصادي والمعيشي في سورية سيئ للغاية، حتى من قبل أن تطفو هذه الخلافات على السطح، ما التأثير الذي يمكن أن تُحدثه هذه الخلافات في الموالين للنظام؟

ج: بالتأكيد، لن يحسّن نشر الأسرة المالكة غسيلها الوسخ صورتَها التي كانت سوداء كالفحم قبل ذلك، وسوف يزيد من دون شك من الضغط النفسي على الموالين للنظام، ويشعرهم بمزيد من القلق على وجود النظام ومستقبله، وربما بالنقمة عليه واليأس من إصلاحه، لكن لا ينبغي لذلك أن يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الوسط الاجتماعي والأهلي الذي شارك في معارك النظام وضحّى من أجل بقائه سوف يتخلى عنه بسهولة، سيحاول هؤلاء، مع الأسف، خاصة أولئك الذين فقدوا أكثر من ابن أو ابنة في معاركه الانتحارية، أن يفدوه بكل شيء وبأي ثمن، أملًا بإنقاذ استثماراتهم السياسية والعاطفية الهائلة التي وظفوها فيه. هذه هي حال المقامر الذي لا يعرف كيف ينسحب أو يتنازل عن بعض خسائره، فيقامر بكل شيء على أمل استرجاع ما فقده.

س – في الآونة الأخيرة، برزت ملامح تغيّر واضح في الموقف الروسي من نظام بشار، وظهر ذلك جليًا في العديد من التقارير الصادرة أخيرًا عن وسائل إعلام روسية وعن المجلس الروسي للشؤون الداخلية، حيث وصفت بشار الأسد بالشخص الضعيف، وبأنه مسؤول عن الوضع الاقتصادي الكارثي في سورية، وتحدثت بأن مسألة تعافي الاقتصاد السوري لن تكون ممكنة، الأمر الذي يتعارض مع أهداف التدخل الروسي في سورية. برأيك، هل أصبحت روسيا جاهزة لعقد صفقة للتخلي عن الأسد، على قاعدة حفظ مصالحها في سورية؟

ج: روسيا تبحث عن صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب عمومًا، في سورية وحولها، منذ اللحظة التي وضعت فيها سلاحها الجوي ومستشاريها في خدمة النظام. والآن، مع تعفن الوضع السوري واشتداد مخاطر الانهيار الاقتصادي، وتردي الأوضاع الاجتماعية في سورية، وازدياد ضغط الأزمة الصحية والاقتصادية الناجمة عن وباء كوفيد 19 في روسيا نفسها، أصبح البحث عن هذه الصفقة أكثر الحاحًا في موسكو بالطبع. وهذا الاستعداد للصفقة هو الهدف من تسريبات الصحافة الروسية لمعلومات عن فساد أسرة الأسد وعدم أهليته هو بالذات للقيادة.

لكن المشكلة أن الولايات المتحدة ليست مستعجلة على مثل هذه الصفقة، لأن الوقت لا يداهمها، ولديها أجندة مليئة للأشهر القادمة، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية، واحتواء أزمة كورونا أيضًا. كما أن من مصلحتها، كي تدفع روسيا إلى تقديم تنازلات أكثر في ما يتعلق بصيغة الحل النهائية في سورية، وإجبارها على التخلي عن فكرة تأهيل النظام ورجالاتها المتّهمين بجرائم ضد الإنسانية، انتظارَ نتائج تطبيق قانون قيصر وعقوباته الجديدة التي ستضاعف من اختناق النظام وحاجة روسيا إلى الحل. ثم إن هذا الحل لن يكون ممكنًا قبل أن يتمّ القضاء على النفوذ الإيراني العسكري والسياسي الواسع في النظام، أو على الأقل تحييده، وبالتالي إظهار روسيا تعاونًا أكبر في هذا المجال.

س – كونك تطرقت إلى قانون قيصر، هل تعتقد أن تغير الموقف الروسي له علاقة بتخوف موسكو من هذا القانون الذي سيدخل حيز التنفيذ في حزيران/ يونيو المقبل، والتداعيات التي سيتركها على بنية النظام الاقتصادية، إضافة إلى تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد الروسي وانخفاض أسعار النفط؟ وهل ترون أن هذه الحسابات دفعت موسكو إلى تغيير موقفها من نظام بشار الأسد؟

ج: بالتأكيد. كل هذه العوامل تزيد من الضغط على موسكو للتوصل إلى صفقة مع واشنطن. لكن لا ينبغي أن نُخدع بما تسرّبه اليوم الصحافة الروسية. لم تكن موسكو في أي وقت مخدوعة بالأسد، وكانت تعرف فساده وهمجيته منذ اليوم الأول من تدخلها، وهذا ما شجعها على التدخل. وهذا ما كانت تريد للغرب أن يفهمه من خلال حرصها على إذلاله في كثير من المناسبات ووضعه في مواقف حرجة أمام جمهوره. ما تغير هو استعدادها اليوم، بسبب تطور الأمور في عكس ما كانت تأمل به، ومنها عجز الأسد عن القيام بأي إصلاح وتدهور نظامه، كما لم يحصل في أي وقت، لمقايضة نظامه بثمن أقل، ومن ثم بروز فرص أفضل لتفاهم روسي أميركي لم يعد بعيد المنال، فما كانت روسيا تطمح إليه لم يكن يقتصر على الإبقاء على النظام ورئيسه “الشرعي”، وإنما أكثر من ذلك وهو الاحتفاظ بأجهزته ورجالات حكمه الحالي الذين يرتبط معظمهم بعلاقات أحيانًا عائلية مع الروس، وبالإضافة إلى ذلك جعل التفاهم على حل الأزمة السورية جزءًا من مفاوضات أوسع، تشمل جميع ملفاتها العالقة مع الغرب، وفي مقدمها العقوبات المفروضة عليها قبل وبعد ضمها منطقة القرم عام 2014.

س – في حال حصول تغيّر كامل في الموقف الروسي من نظام الأسد؛ كيف من الممكن أن تستفيد المعارضة السورية من هذا الأمر؟ وقد شهدنا أخيرًا تصريحات لمصطفى سيجري القيادي في الجيش الوطني، يدعو فيها إلى فتح صفحة جديدة مع روسيا، كيف ستكون المعارضة قادرة على التوفيق بين جرائم روسيا في سورية وبين مصلحتها؟

ج: روسيا بوتين لا تولي أي أهمية لوجود المعارضة السورية ولا لتصريحاتها، العسكرية منها والسياسية، ولا تتعامل معها كطرف مفاوض أو محاور. ولكنها تنظر إليها كأدوات تستخدمها الولايات المتحدة والغرب لتبرير تدخلها وفرض شروطها على الروس والنظام. وهي لم توفر مناسبة من دون أن تضع هذه المعارضة أمام هذه الحقيقة. فهي التي جرجرتها من ساحة إلى أخرى، وفرضت عليها شروطًا مذلة، من أجل حوار لم يحصل مع النظام، وأجبرتها على توقيع تصريحات وإعلانات ووثائق هزيلة، تتناقض مع قرارات مجلس الأمن الواضحة والالتزام بمؤتمر جنيف للتفاوض تحت إشراف الأمم المتحدة. ولا تستثني موسكو من نظرتها هذه المعارضة السورية التابعة كليًا لها والمؤيدة لسياساتها. والواقع أنها لا ترى حتى في المعارضة الروسية داخل بلادها غير أداة في يد الدول الغربية. ولا تختلف نظرتها للثورة السورية وكل الثورات الشعبية عن ذلك. فهي ترى أنها “أحداث مصطنعة من قبل العواصم الغربية، لتقويض النظم الشرعية ووضع نظم قريبة للغرب مكانها”.

س – أود هنا أن أعرّج على الموقفين الأوروبي والأميركي، تجاه سياسة موسكو الجديدة من نظام الأسد، خاصة بعد تداول أنباء تتحدث عن اتفاق شبه دولي على تنحية الأسد، وهل لديك توقعات عن الأسماء المتداولة لرئاسة سورية بعد بشار الأسد؟

 ج: في اعتقادي، إن تنحية الأسد لم تعد موضوع نقاش في الأوساط الدبلوماسية الدولية جميعًا، حتى لو لم يتم الاتفاق رسميًا بين الأطراف. لقد اكتشف العالم في السنوات الماضية حجمًا من الجرائم الجماعية والممارسات الوحشية والاستهانة بأبسط المشاعر الإنسانية، بشكل مهول إلى درجة أصبح فيها اعتبار الأسد خارج النقاش من باب البداهة. النقاش يمكن أن يجري في مسألة المثول أمام العدالة: هل سيُحاكم أم سيُرتب له خروج آمن!

مع ذلك، لا أعتقد أن الاتفاق على التنحي قد حصل، أو أن البديل أصبح جاهزًا. ففي نظري، بسبب الظروف المعقدة والصعبة التي تعاني منها جميع الأطراف، ومن ضمنها واشنطن وموسكو، لا تزال الجهود المبذولة في هذا المجال بطيئة ومتعثرة. وكثير مما تكتبه الصحف هو بالونات إعلامية لأهداف متعددة، بعضها للتشويش على الخصم أو المنافس أو التغطية على الوقت الضائع، أو كسب الوقت، وليس لمعظمها أي قيمة سياسية. جهاز الحكم البديل أو الجديد هو جزء أساسي من التفاهم أو الصفقة المنتظرة، والاتفاق حوله وحول المشاركين فيه لن يحصل قبل الاتفاق والتفاهم على نمط الحكم القادم، وكيفية تمثيل القوى والمناطق وتوزيع السلطات ومهام هذا الحكم وغاياته، وكل ذلك لم يتم التفاهم عليه بعد. كل ما هو قائم في نظري لا يتجاوز التفاهم المبدئي على التعاون بين روسيا والولايات المتحدة على ايجاد حلّ، ربما قبل موعد الانتخابات الرئاسية السورية منتصف العام القادم، وعلى الدور المحوري لموسكو في الصيغة الجديدة المتوقعة للحكم في دمشق. الإعداد لما بعد الأسد عنوان مرحلة لا نهاية للتفاوض عليها، ويمكن أن تشهد صراعات جديدة، وعقبات، وقرارات، وقرارات مضادة، وتبادل رؤى، وكذلك ضربات من تحت الطاولة، وخطوات إلى الأمام وأخرى الى الوراء.

س – في منتصف الشهر الماضي، قام وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بزيارة مفاجئة لدمشق رغم الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، برأيك ما هي أسباب هذه الزيارة خاصة في هذا التوقيت؟ وما الرسائل التي تريد طهران إيصالها إلى موسكو والمجتمع الدولي عمومًا؟ وما مصير الوجود الإيراني في سورية؛ إذا تم الاتفاق على تسوية سياسية لتنحية بشار؟

ج: لم يعد خافيًا على أحد، خاصة طهران، أن هناك اتفاقًا مبدئيًا بين القوى الدولية الرئيسية والقوى الإقليمية، وعلى رأسها إسرائيل، لوضع حد لمشروع الإمبراطورية الإيرانية التي تمتد من قُم إلى ضفاف المتوسط، والتي أصبحت بؤرة للتهديد وتفجير الحروب ومنع الاستقرار في المنطقة. والحقيقة أن معركة إجبار ميليشيات طهران على الخروج من سورية معركة مركزية وحاسمة في تقرير مصير هذا المشروع، والأسد هو الورقة الرابحة الرئيسية لإيران في هذه المعركة، ولن تتخلى عنه. هذه هي الرسالة، وهذا هو الهدف أيضًا من الزيارة في اعتقادي، أي التباحث في تأمين شروط بقاء الأسد، وتطمين فريق حكمه وتعزيز موقفه تجاه خصومه في الداخل والخارج. بالنسبة إلى النظام الايراني الذي أنفق معظم موارد بلاده وثرواتها على هذا المشروع التوسعي، منذ أكثر من ثلاثة عقود، أصبح الطريق إلى طهران يمرّ حتمًا من دمشق.

س – ضربت إسرائيل العديد من الأهداف العسكرية التابعة لميليشيات إيرانية في سورية، وغضت روسيا الطرف عن ذلك، برأيك هل تسعى إسرائيل للاستفادة من تبدل الموقف الروسي من بشار الأسد، خاصة مع وجود صراع نفوذ روسي – إيراني في سورية، ومحاولة روسيا إبعاد إيران عن موضوع استثمارات إعادة إعمار سورية، وسعي إسرائيل إلى إبعاد إيران من سورية خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، بحسب تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت، مطلع العام الحالي؟

ج: إسرائيل ليست بحاجة إلى استغلال أي تبدل في الموقف الروسي، لتتعقب الحضور الإيراني العسكري الكثيف في سورية. فهذا من مصلحتها الاستراتيجية أولًا، وهو أحد التزاماتها الرئيسية مع حلفائها، وهي تقوم به في الواقع منذ وقت طويل من دون أن تخفيه عن أحد، أو أن يعترض عليه أحد من الروس أو الأمريكان. لكن منذ انعقاد ما سمّي “اللقاء الأمني الروسي الأميركي الإسرائيلي في القدس”، في 25-24 حزيران/ يونيو 2019، الذي ضم إلى جانب سكرتير مجلس الأمن الروسي نيقولاي باتروشيف، نظيريه الأميركي جون بولتون، والإسرائيلي مئير بن شبات؛ تحوّل قصف الإسرائيليين مواقع إيرانية في سورية إلى جزء من تقسيم العمل بين الأطراف الثلاثة، ومساهمة إسرائيلية أساسية في تحقيق الهدف المشترك. وأعني به، وهذا ما فهمه الإيرانيون أيضًا، ردع طهران وإجبارها على وقف سياستها التوسعية التي تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله. وفي إطار هذا المشروع الثلاثي للضغط عليها وإجبارها على سحب ميليشياتها، يدخل هجوم تل أبيب على المواقع الإيرانية في سورية وتدمير الكثير منها.

 س – في حال الإطاحة بنظام بشار الأسد؛ كيف سينعكس ذلك على دول الجوار تحديدًا (لبنان، العراق، تركيا)، وعلى دول الاتحاد الأوروبي بشكل عام التي تواجه أزمة تتعلق بملف اللاجئين؟

ج: سيكون وقعه مثل وقع انفجار دمل أصاب بالالتهاب منطقة بأكملها بل قتلها، أي ستكون لحظة انفراج عام ولحظة تنفّس الصعداء وعودة الأمل للسوريين ولشعوب المنطقة بأكملها، حتى الشعب الإيراني المقهور. لكن مع الأسف، لن يعني هذا نهاية المأساة، ولن تكون معركة تصفية أنقاضه، والتحكم في فلوله من القتلة والمجرمين، ولا تجاوز الدمار النفسي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي خلفه وإعادة الثقة والتفاهم والتعاون بين الأفراد وخارج حدود الغيتوات أو المعازل الطائفية والمناطقية والقومية والفئوية التي أجبر الناس على الانكفاء عليها، معركةً سهلةً ولا مستقيمةً، وستكون الحاجة إلى التنسيق والتعاون بين السوريين والقوى التي ذكرتها ملحّة وكبيرة، من أجل احتواء ردة فعل الوحش الخرافي المتهاوي لإمبراطورية ولاية الفقيه، التي لا يختلف مصيرها كثيرًا عن مصير الفاشية الألمانية التي كلفت هزيمتها وتفكيكها، في منتصف القرن الماضي، الإنسانية عشرات ملايين الضحايا ودمار قارة بأكملها.

س – انتقدت كثيرًا أداء المعارضة السياسية السورية، خاصة في كتابك الأخير “عطب الذات.. وقائع ثورة لم تكتمل”، وأود هنا أن أسألك عن مدى قدرة المعارضة السورية على مواجهة تحديات المرحلة القادمة، ألا تتطلب المرحلة القادمة إعادة ترتيب البيت الداخلي للمعارضة التي شهدت انقسامات وخلافات كثيرة خلال السنوات الماضية؟

ج: بالتأكيد، لم تكن المعارضة في أي وقت على مستوى التحديات التي أطلقتها ثورة السوريين، لسبب بسيط هو أنها لم تكن موجودة، وما كان من الممكن أن توجد في ظلّ نظام حُكمٍ يقتل على الكلمة، تحكّم في رقاب السوريين لنصف قرن. وقد توزع مصير المعارضين السوريين خلال هذه الفترة بين الاغتيالات والإقامة الأبدية في السجون أو المسالخ البشرية، والتشرد في المنافي، أو الاختباء في الأقبية السرية، تجنبًا للملاحقة والاعتقال أو الاغتيال.

وكما ذكرت في كتابي، لم تحصل المعجزة التي كنت آمل فيها، في استعادة المعارضة المثخنة بجراحها اختراع نفسها، في لهيب ثورة شعب حوّل أبناءه جميعًا إلى فدائيين، للفوز بمعركة الحرية. ولم يسعفها الحظ وضعف الخبرة والثقة، لتجديد نفسها وتوحيد قواها ووضع نفسها في الخطوط الأولى للقيادة. ولذلك ذهبت الثورة في اتجاهات، لم تكن أغلب القوى التي شاركت فيها تريدها أو تتوقعها. لكن الثورة السورية، والتحديات التي طرحتها على النظام القائم، وعلى المجتمع الدولي معًا، لا ترتبط ولم ترتبط بالمعارضة، وليست بالتأكيد من صنعها. بالعكس إن قدومها جاء بالضبط نتيجة خنق المعارضة وحرمان الشعب من أي إمكانية لتنظيم قواه وتوصيل صوته إلى دوائر القرار، ومن ثم انعدام أي فرصة للإصلاح والتغيير السياسي والقانوني. والمشكلة التي واجهناها، وواجهها المعارضون “الناجون” من الموت السياسي أو المادي، هو أن المجتمع الدولي، بدلًا من أن يكون عونًا لهم وللشعب لدفع النظام إلى الحوار الجدي او الإصلاح، ولو الجزئي، لامتصاص النقمة العارمة وفتح قنوات لتصريف الغضب والعنف والقهر المتراكم؛ ربّت على كتف القتلة والمتجبرين، وشجعهم على الصمود، وأغراهم بشن حرب إبادة حقيقية على الشعب بكل الأسلحة والوسائل المحرمة.

وفي انتظار أن يتمكّن الشعب السوري من التقاط أنفاسه وبناء قواه الذاتية التي دمّرها الاستبداد والاحتلال، أرى أن مسؤولية المجتمع الدولي، وعلى رأسه القوتان الكبريان روسيا والولايات المتحدة، أساسيةٌ وحاسمةٌ في التعاون، لإنقاذ مستقبل الشعب السوري الغارق في مستنقع العنف والموت والدمار والانتقام، الذي خلفته حرب الإبادة الوحشية التي فرضت عليه لعقد كامل، ولإنقاذ مستقبل شعوب المنطقة بأكملها من مصير مظلم. ومن دون ذلك؛ لن يكون هناك مخرج سهل ولا سريع، من الحالة الكارثية التي أُوصلت إليها شعوب المنطقة، حتى لو كان من الصحيح، بالمقابل، أنه من دون سعي السوريين إلى الاستفادة من الحرية التي انتزعوها بانفراط عقد نظام القتل الجماعي والإرهاب، لبناء طبقة سياسية جديدة افتقر السوريون إليها لأكثر من نصف قرن، لن يكون هناك أمل أيضًا في إعادة إعمار سورية وبنائها وطنًا حقيقيًا وحرًا لجميع السوريين.

__________

ولد برهان غليون في حمص سورية، وتلقى فيها دراساته الابتدائية والإعدادية، ثم انتقل إلى دمشق لمتابعة دراساته في دار المعلمين، وبعدها في جامعة دمشق، حيث تخرج فيها عام 1969 بإجازة في الفلسفة والعلوم الاجتماعية ودبلوم في التربية العامة، وانتقل إلى فرنسا لمتابعة دراساته العليا، وحصل على شهادة دكتوراه الحلقة الثالثة في علم الاجتماع السياسي 1974، من جامعة باريس الثامنة، على رسالة حول الدولة والصراع الطبقي في سورية 1945 – 1970 تحت إشراف نيكوس بولانتزاس. له العديد من المؤلفات منها: “بيان من أجل الديمقراطية”، “اغتيال العقل” “مجتمع النخبة”، “عطب الذات.. وقائع ثورة لم تكتمل، سورية 2011-2012”.

مركز حرمون

——————————-

آل مخلوف في سورية: الحكاية الكاملة لصعود المافيا وسقوطها/ أمين العاصي

تكاد تختصر حكاية عائلة مخلوف سيرة سورية خلال نصف قرن من الزمان، إذ إنّ الفساد ونهب المال العام والسطوة الأمنية نهج نظام كامل تقوده عائلات محددة حولت البلاد برمتها إلى “جمهورية خوف”، لا يأمن السوري فيها على نفسه وماله. وتدلّ المعطيات المتوافرة على أنّ عائلة مخلوف التي راكمت النفوذ والثروات طوال العقود الماضية مستفيدةً من ارتباطها عائلياً بالنظام وتحولها إلى واجهته الاقتصادية، فضلاً عن أدوارها الأمنية، باتت اليوم على حافة سقوط مدوٍ، بعد خلاف مع عائلة الأسد الحاكمة. ويتصدر رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، واجهة الخلاف الذي بلغ مرحلة جديدة بتسريب أخبار الحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته وأبنائه قبل عودة وزارة المالية التابعة للنظام إلى نفي الأمر، ما يظهر حجم الارتباك داخل النظام الذي يتسبب به هذا الخلاف، والذي من غير الواضح كيف ستكون نهايته. وتتقاطع أسباب الخلاف بين سياسية وأمنية واقتصادية وعائلية، في ظلّ مؤشرات على أنّ النظام الذي يعاني من انهيار اقتصادي بعد أكثر من تسع سنوات من الحرب التي شنها على السوريين واستطاع خلالها تعزيز سيطرته على الأراضي التي خسرها، بدأ بمرحلة جديدة عنوانها الأساس إجبار جميع المحسوبين عليه والذين راكموا الثروات خلال فترة الحرب، على تمويل استحقاقاته المالية الداخلية والخارجية المتراكمة. يضاف إلى ذلك رغبته في “تهميش آل مخلوف وإضعافهم وإخراجهم كلياً من الواجهة”، إلى جانب مساعي رئيس النظام بشار الأسد في “إعادة تركيز مصادر القوة، ومن ضمنها الموارد المالية، داخل النظام بين يديه”، بحسب ما يلخصه تقدير موقف بعنوان “خلاف الأسد – مخلوف: أسبابه، وتداعياته، واحتمالات تطوره”، صادر عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”.

وبدأ رامي مخلوف، وهو اليوم الشخصية الأهم في عائلة آل مخلوف، أخيراً بالتهديد المبطّن للنظام في حال استمرار الأخير بمحاولات نزع أنيابه في سورية من خلال دفعه إلى التخلي عن شركة الاتصالات الأولى التي يملكها في البلاد “سيريَتل”، في خطوة تشير معطيات إلى أن أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد ليست بعيدة عنها، وذلك في سياق إجراء توازنات جديدة في النظام تحسباً لمرحلة مقبلة لم تتضح معالمها بعد. ولكن الكاتب والمعارض السوري بسام يوسف، يرى في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ مسألة “سيريتل” ليست هي القضية الأساسية التي تدور المعركة حولها، موضحاً أنّ “سيريتل هي قمة الجبل من المشكلة الحقيقية، وهناك مليارات الدولارات المتنازع حولها”. ويعبر يوسف عن اعتقاده بأنّ الظهور المتكرر من قبل رامي مخلوف على موقع “فيسبوك” منذ أسابيع لشرح الخلاف، والتركيز على “سيريتل”، له أهداف عدة مثل “التغطية على المليارات الأخرى المنهوبة من الشعب السوري، وتبرئة نفسه من الانهيار الاقتصادي الذي يتسارع كل يوم وتحميل مسؤوليته للطاقم الجديد، إضافة إلى سحب ما يستطيع من الحاضنة الشعبية الموالية، للاستقواء بها في معركة مقبلة”. ويشير يوسف إلى أنّ رأس النظام بشار الأسد “مستفيد من هذه المسرحية”، مضيفاً: “هو يظهر الآن بمظهر القادر على ضبط الدولة، والقادر على محاربة الفساد، وبالتالي هو مؤهل لإعادة إنتاج السلطة المقبلة”.

صعود مرتبط بحافظ الأسد

تنحدر عائلة مخلوف من بلدة بستان الباشا في ريف مدينة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية على الساحل السوري، وهي من العائلات العلوية المعروفة، وهو ما دفعها إلى رفض الملازم أول حافظ علي سليمان الوحش (الأسد لاحقاً) عندما تقدم إلى خطبة أنيسة مخلوف في عام 1958، كونه من عائلة متواضعة ومغمورة من قرية القرداحة القريبة. ولكن الأسد الساعي حينذاك إلى تحسين وضعه الاجتماعي، استطاع بعد محاولات، الزواج من أنيسة التي تنتمي إلى عائلة لها توجه سياسي مختلف عن توجه الأسد الذي كان عضواً في “حزب البعث العربي الاشتراكي”، في حين كانت عائلة مخلوف ميّالة إلى الحزب “القومي السوري الاجتماعي”.

وبدأ صعود عائلة مخلوف الفعلي مع تسلّم حافظ الأسد للسلطة عقب انقلاب على رفاق الأمس في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1970، إذ بدأ بدفع عائلات من الطائفة العلوية إلى واجهات السلطة الأمنية والعسكرية والاقتصادية وحتى الثقافية، لتأمين حكمه في بلد شهد نحو 10 انقلابات عسكرية خلال عشرين سنة. وبعد مرور نحو عام على استلامه السلطة، قرّب حافظ الأسد شقيق زوجته محمد مخلوف (من مواليد 1932) إلى الواجهة الاقتصادية، من خلال نقله من كونه مجرد موظف في شركة الطيران السورية في قسم المحاسبة التجارية، إلى المدير العام لمؤسسة التبغ والتنباك “الريجي” التي كانت حينذاك من كبريات المؤسسات الاقتصادية في سورية. وتؤكد مصادر مطلعة أنّ مخلوف بدأ برحلة الفساد مع تسلمه لهذه المؤسسة، حيث حصر وكالات شركات سجائر أجنبية باسمه، كما فرض على الشركات الأجنبية عمولة 10 في المائة مقابل كل كمية مستوردة منها من قبل مؤسسة التبغ. وفي ثمانينيات القرن الماضي، منع حافظ الأسد مؤسسة التبغ من استيراد السجائر الأجنبية المصنعة وحصر الاستيراد بمؤسسة الأسواق الحرة والتي كان يسيطر عليها محمد مخلوف. وكانت عمليات الاستيراد محدودة للغاية، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام متنفذين مرتبطين بمحمد مخلوف وغيره من الطائفة العلوية، للبدء بعمليات تهريب للدخان الأجنبي واسعة النطاق، من قبرص عبر لبنان إلى سورية، حيث ظهر “الشبيحة” في ذلك الوقت، والذين كانوا يتولون نقل كميات من الدخان من الحدود السورية اللبنانية إلى مختلف المناطق السورية، لحساب عائلات عدة منها عائلة مخلوف.

وأثار ما كان يقوم به محمد مخلوف في سورية بلبلة كبرى دفعت حافظ الأسد إلى نقله من “الريجي” إلى إدارة المصرف العقاري، حيث بدأ فصلاً جديداً من الفساد. ووفق المصادر، كان محمد مخلوف يتقاضى 15 في المائة من كل قرض يمنحه البنك، كما يتقاضى 10 في المائة عن أي تأخير في السداد. كذلك، منح قروضاً وهمية، فضلاً عن إعطائه قروضاً لرجال أعمال لإقامة مشروعات تبيّن لاحقاً أنها كانت وهمية أو لا تستحق قروضاً عالية. كما احتكر محمد مخلوف كل شيء يتعلق بصناعة النفط في سورية، من خلال شركة أسسها لهذا الغرض. وكانت له أيضاً يد في أغلب المجالات الاقتصادية التي تدر أرباحاً كبرى كقطاع الكهرباء، وقطاع النسيج، وقطاع المصارف. وبيّن تحقيق نُشر في “العربي الجديد” بتاريخ 12 أغسطس/آب عام 2015 جوانب من “إمبراطورية آل مخلوف المالية”، إذ أشار إلى أنّ لعائلة مخلوف خمسين شركة معلنة “لم تكن سوى الرأس الظاهر للعيان من جبل الجليد، بينما تختبئ العمليات المعقدة والشركات الأم المخفية في الملاذات الضريبية الآمنة”. وفي نهاية التسعينيات من القرن الماضي، بدأ محمد مخلوف بدفع ابنه رامي (من مواليد 1969) إلى واجهة العمل الاقتصادي في سورية.

رامي مخلوف وبشار الأسد

مع تسلم بشار الأسد للسلطة في عام 2000، أعلن رامي مخلوف عن وجوده من خلال شركة الاتصالات “سيريتل” التي كانت المخدم الثاني للهواتف النقالة في سورية، إضافة إلى شركة mtn والتي يمتلك رامي فيها حصة كبيرة. وبدأ رامي مخلوف بالصعود الدراماتيكي من خلال حجم الأرباح الكبيرة التي كان يجنيها من الاتصالات والتي قدرتها مصادر مطلعة بنحو ربع مليار دولار في عام 2011. كذلك، بدأ صعوداً دراماتيكياً في كل قطاعات الاقتصاد السوري، حتى سيطر على 60 في المائة من الاقتصاد السوري وفق منظمة “غلوبال ويتنس” لمكافحة الفساد، التي أكدت في تقرير عام 2019، أنّ رامي مخلوف يدير أكبر شركة للهواتف المحمولة في سورية، ويملك العديد من شركات البناء والنفط، فضلاً عن امتلاكه عقارات في العاصمة الروسية موسكو تقدَّر بـ40 مليون دولار، بحسب المنظمة.

ووفق مصادر مطلعة، يملك رامي مخلوف وعائلته شركة “شام القابضة”، وبنكي “سورية الدولي” و”بيبلوس”، وشركة “شام كابيتال” للوساطة المالية، وأسطولاً لصيد السمك في جزيرة أرواد السورية يدرّ ملايين الدولارات سنوياً. وفرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على رامي مخلوف في عام 2008، وقالت وزارة الخزانة الأميركية حينها إنّ “مخلوف استخدم الترهيب وروابطه الوثيقة بنظام الأسد للحصول على مزايا في مجال الأعمال”. وبعد انطلاق الثورة السورية في عام 2011، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على عدد كبير من أركان النظام، من بينهم رامي مخلوف الذي لقبته صحيفة “نيويورك تايمز” يومها بأنه “السيد 5 في المائة”، في إشارة إلى النسبة المئوية من العمولات التي كان يفرضها على كل مشروع في سورية.

وكان تغوّل عائلة مخلوف سبباً رئيسياً من جملة أسباب أفضت إلى انطلاق الثورة السورية، بعدما تحولت سورية كلها إلى مجرد مزرعة لعدة عائلات مرتبطة بالنظام، أبرزها عائلة مخلوف التي أصبحت أغنى عائلة في البلاد.

وقد حاول رامي مخلوف وقتها الابتعاد عن المشهد، من خلال ادعاء التفرغ للعمل الخيري، خصوصاً من خلال جميعة “البستان” التي تحولت إلى ستار للتغطية على المليشيات التي شكلها، واعتمد عليها النظام في قمع الثورة السورية، من دون أن يتراجع دوره الاقتصادي والأمني حتى.

غير أنّ كل ذلك بدأ في التحوّل خلال السنوات الأخيرة على نحو تدريجي. لكن العام 2019 شكّل مرحلة فارقة، وذلك بعدما مهّد النظام لهذه المرحلة تباعاً عبر سلسلة إجراءات بالتعاون مع روسيا. وشملت التدابير تقليص نفوذ مخلوف العسكري خصوصاً عبر تفكيك تحالفه مع المخابرات الجوية والفرقة الرابعة، وإضعاف المليشيات التي كانت تحت سلطته.

ومع تفاقم الخلاف اليوم بين رامي مخلوف وعائلة الأسد، يبدو أنّ مرحلة إنهاء نفوذ الأول، وباقي أفراد العائلة، ومن هم محسوبون عليها، قد دنت لحظتها. وتجد عائلة مخلوف نفسها في موقف صعب، على الرغم من عدد من أوراق القوة التي لا تزال تملكها، بما في ذلك الدعم الذي يتمتع به تحديداً رامي مخلوف داخل الطائفة العلوية، فضلاً عن امتلاكه الكثير من الأسرار الخاصة بالنظام. وخسرت عائلة مخلوف بوفاة أنيسة مخلوف، والدة بشار الأسد، في عام 2016، السند الأقوى لها في القصر الجمهوري، ما أفسح المجال لقوى أخرى داخل النظام، تحديداً ماهر الأسد وأسماء زوجة رئيس النظام، في مزاحمة عائلة مخلوف على النفوذ. وتتهم أسماء الأسد بأنها تحاول استبدال مخلوف بابن خالتها رجل الأعمال مهند الدباغ، ليكون هو الإمبراطور المالي الجديد في سورية، وهو ما يصوّره أتباع مخلوف على أنه بمثابة سعي للانتقاص من نفوذ الطائفة العلوية في سلطة آل الأسد (على اعتبار أنّ أسماء الأخرس تتحدّر من الطائفة السنية).

وعلى الرغم من أنها كانت تفضّل الابتعاد عن دائرة الضوء الإعلامي، إلا أنّ مصادر مطلعة تؤكد أنّ أنيسة مخلوف كانت وراء إطلاق يد شقيقها محمد مخلوف (ومن ثمّ أبنائه) ليصبح واحداً من أغنياء سورية، في إطار الأدوار التي أدتها خلال ثلاثين عاماً كان زوجها فيها رئيساً مطلق الصلاحيات في البلاد، تماماً مثلما لعبت دوراً في ترتيب عملية نقل السلطة إلى ابنها بشار في منتصف عام 2000 عقب وفاة حافظ الأسد. كذلك تتهم بأنها هي من دفعت إلى التعامل بقسوة مع الحراك الثوري، كما فعل حافظ الأسد في عام 1982. وفي 23 مارس/آذار 2012، أضاف الاتحاد الأوروبي أنيسة مخلوف إلى لائحة الشخصيات السورية التي فرض عليها عقوبات، ومن بينهم أيضاً زوجة بشار الأسد، وشقيقته بشرى التي خرجت من سورية عقب اتهامها لشقيقها بشار بتصفية زوجها آصف شوكت وانتقلت للعيش في الإمارات.

وتؤكد المصادر أنّ محمد مخلوف يقيم في العاصمة الروسية موسكو منذ منتصف عام 2012، حيث يدير مصالح العائلة في روسيا، ويقيم معه ابنه الثاني حافظ الذي كان رئيساً لفرع دمشق في إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة)، وكان من أبرز الضباط الذين حاولوا وأد الثورة من خلال اعتقال وتصفية عدد كبير من المتظاهرين تحت التعذيب. وقد نقل رجل أعمال سوري في دمشق عن حافظ مخلوف قوله في بداية الثورة: “لدينا استعداد لفعل كل شيء للبقاء في السلطة، وفي حال اضطررنا للتنازل عنها، سندمر سورية ونقيم دولة علوية في الساحل”. وأعفى بشار الأسد ابن خاله حافظ من منصبه في عام 2014 لأسباب غير معلومة، ولكن هناك من يرجح أنّ حافظ فتح خط اتصال مع الإيرانيين للعب دور سياسي، وهو ما دفع الأسد إلى تحييده.

ولا يقتصر نفوذ عائلة مخلوف على محمد وأبنائه، إذ كان عدنان مخلوف لفترة طويلة قائداً للحرس الجمهوري إبان سنوات حكم الأسد الآب، وهو من أبناء عمومة محمد مخلوف. ويسيطر خلدون ابن عدنان مخلوف على قسم كبير من القطاع السياحي والفندقي في سورية، حيث يمتلك ويدير عدداً من الشركات، كما أنه شريك مؤسس في شركات أخرى. كذلك يمتلك فنادق عدة في مدينتي دمشق وحلب. من جهته، بقي مخلوف مخلوف، وهو ابن عم أنيسة مخلوف، مديراً عاماً لمؤسسة الدواجن في وزارة الزراعة السورية أكثر من 20 عاماً، على الرغم من شبهات الفساد والإثراء غير المشروع التي كانت تلاحقه، إذ لم يكن يجرؤ الوزراء المتعاقبون على الوزارة على محاسبته أو إقالته.

العربي الجديد

————————-

نهوض رامي مخلوف وسقوطه/ مصلح مصلح

في ظهوره الثالث، في 17 أيار/مايو الجاري، أبدى رامي مخلوف تحديًّا غير مسبوق لقرارات السلطة الرئاسية التي قضت بطرده من نعيمها الفردوسي، وبدلًا من أن يتقمص دور المظلوم القانع بمصيره البائس، آثر أن يتقمص هذه المرة دور البطل المغوار الذي لا يتردد في الذود عن حمى ملكه المقدس، رغم كل المخاطر الواقفة في الباب كالاعتقال أو الموت.

وبدلًا من أن يستنجد برئيسه الطيب لإنقاذه من محنته التي صار إليها، قرّر الاستعانة بنفسه الأمّارة بالخير، رافعًا إياها إلى مصافي الذات المتفردة التي لا تدانيها ذات في إنتاج الخير وتدويره. فالعلاقة بين عافية الاقتصاد السوري وعافية شركته الوطنية “سيرياتيل” كما يرى جد بينة، بدليل أنها الشركة السورية الوحيدة التي تدر أرباحًا صافية لخزينة الدولة المفلسة. كما أن العلاقة بين ربح الشركة ونجاحه في إدارته لها عضوية، فبدون إدارته النزيهة ستهوي تلك الشركة الرائدة إلى مصاف الانهيار المحقق، حالها في ذلك حالة جميع شركات الدولة الاقتصادية التي تدار وفقًا لسياسة النهب غير المعقلن، تلك السياسة التي لا تقيم اعتبارًا للفرق بين نهب أصول الشركة التي تدر سمنًا وعسلًا وبين نهب أرباحها ذاتها.

بين الظهور الأول والظهور الأخير لمخلوف، ثمة تغير عميق في نبرة الرجل الخطابية الموجهة للذات الرئاسية الأسدية. فما الذي حدا به يا هل ترى لينقل خاطبه، من النبرة الخافتة المستعدة للقبول بكل ما يصدر عن تلك الذات الطيبة، إلى نبرة التحدي العلني لرغبات تلك الذات، التي لم يعد يرى فيها إلا مصدرًا لكل نهب وجشع وتشفٍّ بالخصوم؟

أتاحت النبرة الهادئة في خطاب رامي أن تنجح في أسر جمهوره الموالي، فبدل أن يجد المرء نفسه أمامه رجل جشع ومتسلط، وجد نفسه أمام شخص متواضع قنوع، راض بما قسمه الله له. كما أتاحت له الفرصة لدحض جملة الأكاذيب الرئاسية التي تحاول الجمع بينه وبين الفساد. فالرجل لم يتهرب ولم يسرق قرشا واحدا، وأنى له أن يفعل ذلك وقد وهب نفسه لخدمة السوريين الذي هو منهم. فالسر وراء الحملة الشرسة عليه، ماهي إلا محاولة كيدية للنيل من سمعته، بقصد السطو على ثروته التي جمعها بشرف.

جاءت سياسة التفاوض العلنية، التي تستقوي بالشارع، على عكس ما يتوقعها المغامر رامي مخلوف. فبدلًا من أن تؤدي تلك المناورة المستفزة إلى تخويف الرئيس من مخاطر النزاع العلني مع رامي، أدت إلى زياده شحنة غضبه عليه، مع إصرار متزايد لنزع الشركة من يديه. ففي الوقت التي كان يقدم فيها حلولًا لدفع الخوة الرئاسية المقدرة بـ 234 مليار ليرة، مقابل السماح له بالاستمرار بإدارة الشركة وجني المال، خرجوا عليه بتقليعة رفع مستوى المستحقات الواجب تحويلها للخزينة لتصل إلى ما يقارب الـ 120 % من الأرباح السنوية، الأمر الذي يعني إجباره لدفع الفرق من جيبه الخاص. وفي اللحظة التي كانوا يتفاوضون معه على طبيعة الشركة التي يجب أن تختص بتأمين جميع مستلزمات سرياتيل على نحو حصري، بقصد منعه من التلاعب بأسعار المواد الموردة للشركة، كانوا يشترطون عليه تقديم استقالته من منصب المدير التنفيذي للشركة، إذا كان صادقًا في حرصه على الاقتصاد السوري كما يدعي.

أثبت رامي حتى اللحظة شجاعة استثنائية بتحدي قرارات سلطة ابن عمته القهرية، التي لا تعرف من وسيلة تفاوضية مع خصومها المفترضين سوى التهديد بإزالتهم من الوجود، التي تختصرها العبارة التهديدية الشهيرة” نفّذ.. وإلاّ”. فما الذي يجعل رامي مصرًّا على المواجهة مع سلطة مافوية، لا تقيم اعتبارًا لأي شخص، قد يقف عائقًا في طريق تنفيذ رغباتها الكلية في السيطرة والتملك؟ أهي قناعته الراسخة بقدرته للتوصل إلى حل وسط يحفظ له سلطته ومركزه المالي، أم ميله للاستقواء بمليشياته الطائفية التي رعاها ومولها فترة حرب النظام على السوريين.

أثبتت وقائع الحجز الاحتياطي على أموال رامي، المنقولة وغير المنقولة، ضعف حيلة الرجل تجاه السلطة التي كان يأمل التوصل معها إلى حل وسط يسمح له بالاستمرار في إدارة شركته. فلا نبرة الاستعطاف نفعت ولا نبرة التحدي. ولا حتى الاستقواء بورقة التحكم بأرصدة الاستثمارات التي له في الخارج نفعت، رغم حاجة النظام الماسة لها لحل مشكلاته المالية الخانقة. فلقد دللت الوقائع أن النظام أو رأسه كتيم في وجه من يحاول لي ذراعه في ملاعب القوة والسيادة، التي يعتقد أنها حق من حقوقه الطبيعية التي يجب أن لا ينازعه عليها أحد.

أما فكرة استقوائه بالميلشيات التي سبق له أن دعمها أو دعم الحاضنة الشعبية التي جاءت منها، فهو أمر أقرب للخيال منه للواقع. ذلك أن نظام الأسد حرص طيلة وجوده في الحكم على ترسيخ نوع، من الانتماء الطبيعي المغلق، لكل دائرة من الدوائر الاجتماعية التي تدور في فلكه. فجميع شؤون الرئاسة وما يختص بها حكرًا على الرئيس وأعوانه، فإذا ما أختلف الرئيس مع أخيه أو مع أحد من أقربائه فهذا أمر خاص بهم وحدهم، حيث لا حق لبقية الدوائر الإجتماعية الأخرى في التدخل به، خاص إذا كانت تنتمي إلى دوائر أدنى كالطائفة أو الحزب. فالناس الذين يحاول أن يستقوي بهم رامي على الطالع والنازل، ويدعي رغبته بتوزيع فائض ما يملك عليهم، لن يتحركوا لمناصرته قيد أنملة، ذلك أن صراعه مع قريبه بشار ينتمي للحلقة الرئاسية، التي لا يحق لأحد التدخل في نزاعاتها الداخلية المغلقة.

الشيء الغائب في كلام رامي عن المال، هو مصدره. كيف استطاع الحصول عليه؟ وكيف استطاع تثميره على هذه الدرجة العالية من الكفاءة؟ فقبل أن يرث بشار حكم سوريا من والده، لم يكن لرامي حضور في أية عوالم، لا في السياسة ولا في الاقتصاد ناهيك عن المال. فكيف قدر لهذا الرامي المجهول الكفاءات والقدرات، أن ينهض بعبء إدارة ما يقارب الـ 60 % من الاقتصادي السوري.

تكمن ظاهرة نهوض رامي من العدم كما سقوطه في طبيعة النظام الأسدي ذاته. فالنظام في جوهره نوع من أنواع السلطات التي تعود بطبيعتها الحاكمة إلى أزمنة القرون الوسطى، حيث السلطة تؤول للفرد أو الزعيم عن طريق العنف أو الانقلاب، أما أقصى غايات تلك السلطة فتنحصر في تعظيم مصالح زعيمها أو قائدها، كما مصالح عصبته التي تساعده في إخضاع الآخرين بقصد نهبهم.

عندما استلم بشار الأسد السلطة أراد تعظيم منافعه عن طريق الانفتاح على اقتصاد السوق، إلا أنه اصطدم بالمخاوف التي يمكن أن يشكلها الانفتاح على مركزه في الحكم المطلق، فتفتقت قريحته الشيطانية عن التخطيط لذلك الانفتاح بنفسه. فما كان منه إلا أن استدعى رامي مخلوف ليكون واجهة لتنفيذ تلك المشاريع، التي حرص على أن تكون ممولة من رأس مال العائلة الشخصي.

عند تولي رامي إدارة ملف أموال بشار الأسد، عمل دون كل أو ممل على تثميرها على النحو الأمثل، الأمر الذي دفعه لأن يستثمر في جميع القطاعات المربحة وعلى رأسها قطاع الاتصال، الذي رأى فيها بشار بيضة القبان في استثماراته الأخطبوطية. لم يقنع رامي المتعطش لجمع المال بكل السبل الممكنة للاستثمار، بل ذهب لممارسة التشبيح الاقتصادي، على جميع أصحاب الوكالات الأجنبية، وأرغمهم على التخلي عنها لصالحه تحت الوعيد والتهديد. أما بعد أن فرغ من ذلك فقد أتجه لابتزاز رجال الأعمال السوريين في الداخل، عبر إجبارهم على تمويل رأس مال شركته “الشام القابضة”. فيما بعد امتدت استثمارات رامي على جميع المناقصات الحكومية الكبيرة، التي لا يقوم بالتنازل عنها إلا بعد أن يضمن تحويل، الخوة المالية المالية المتفق عليها من جيوب من رست عليهم.

كمنت خطيئة مخلوف الرئيسية في رغبته بالتمايز عن الذات الرئاسية التي صنعته، إذ أدت به معاقرته الطويلة للسلطة بالتجرؤ على أن يكون ندًّا لصاحبها الأصلي بشار الأسد. فعندما طالبه الأسد بتدبر مبلغ الثلاثة مليارات التي يدين بها للروس، مارس رامي كل أنواع التظليل والخداع كي لا يدفع، لاعتقاده أن بقدرته التمييز بين ما يخصه وما يخص الأسد الذي لم يعد له في ذمته شيئًا. لقد أثبت مخلوف جهلًا عميقًا في طبيعة السلطة الأسدية التي ينتمي إليها، تلك السلطة التي تتعامل مع جميع منهم في خدمته كخدم ليس إلا، وأن أي محاولة من العاملين لديها، بالتمايز أو المجاهرة بالندية، محاولة محكوم عليها بالفشل مسبقا. فالسلطة الأسدية سلطة مصمتة لا تقبل القسمة إلا على نفسها، فسوريا في عرفها ليست وطنًا لجميع السوريين بل ملكًا شخصيًا لها، يجوز على أفرادها من يجوز على الأشياء، من تصرف وتمتع ومن التخلص منها وقت الحاجة.

الترا صوت

————————–

ثروة الأسد قيد التحقيق/ ساطع نور الدين

يُحكى أن الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد ترك لخليفته بشار، مبلغ 30 مليار دولار، في الصندوق السري للعائلة وللنظام، والذي لا يظهر في أرقام الميزانية العامة للدولة السورية، جمعت في معظمها من عائدات النفط والغاز وصفقاتهما على مدى الاعوام الثلاثين الاولى من عمر النظام،  لكي يتصرف بها في حالات الطوارىء القصوى.

وبغض النظر عن دقة الرقم، الذي كان الدبلوماسيون العرب والاجانب في سوريا يتداولونه علناً، وعما صرف وما بقي من ذلك الإرث، فإن الاعتقاد السائد اليوم في كل من روسيا وإيران، هو أن النظام السوري غنيٌ، لا تقل ثرواته الخاصة عن ثروات بقية الانظمة العربية، عدا الخليجية طبعا، لكنه لا يزال يرفض أن يصرف من أمواله لتمويل المجهود الحربي، ولا لتغطية الأكلاف الإقتصادية والإجتماعية للحرب المستمرة منذ تسع سنوات.

وهي نقطة الإتفاق الأهم الآن بين موسكو وطهران: النظام لا يضحي بما يكفي لتسديد الديون المتراكمة وسد العجز المتزايد ، ويحرص على أن يلقي هذا العبء الضخم على الدولة السورية المفلسة، كما على حلفائه الروس والايرانيين، الذين حاولوا قبل سنتين ومن دون جدوى، الحصول على تمويل دولي لإعادة ملايين اللاجئين السوريين من مختلف بلدان العالم، إلى بلدهم، ثم سعوا الى تسويق النظام لدى أشقائه العرب والمجتمع الدولي، أملاً في أن يسهم هؤلاء يوماً في اعادة إعمار سوريا.. لكن أيضا بلا نتيجة.

هذا هو السياق الوحيد الذي يمكن ان توضع فيه فضيحة إبن النظام المدلل وإبن خال الرئيس المقرب، رامي مخلوف، الذي لا يصدق حتى الآن أن الصراع يدور الآن على ثروة النظام والعائلة، لا على إقتصاد الدولة السورية، المهدد ، أو على ميليشيات الحرب الموالية وفقرائها الذين يتركون الآن لمصيرهم. وهو لا يزال يأمل ان تحميه القوانين التي لطالما صيغت لمصلحة الأسرة حصراً طوال السنوات العشرين الماضية.

ليست صحيحة قصة اللوحة التي إشتراها بشار لزوجته أسماء، الصاعدة في سماء الأسرة وثرواتها، بمبلغ ثلاثين مليون دولار، لكنها كانت إشارة روسية صريحة ومباشرة تفيد بأن موسكو تراقب الآن الإنفاق الشخصي للأسد، الذي يقال أن الحرب ونفقاتها الباهظة لم تعلمه التقشف، ولم تفرض على بقية آل الاسد ومعهم آل مخلوف طبعا، تجنب التباهي بالثروة، لاسيما في ظل الحاجة الملحة الى تخصيص المزيد من الموارد لسداد الديون ولإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، لاسيما المؤسسة الاصعب، الجيش.

فضيحة رامي مخلوف، ليست سوى تفصيلٍ صغيرٍ في ذلك المشهد السوري المعقد. هي مشكلة مباشرة مع بشار نفسه، لا مع أحد أكبر وأهم موظفيه ومشغلي أموال العائلة. والأخطر من ذلك أنها مشكلة على الميراث الخاص للنظام، الذي باتت إيران تطالبه علنا برد ما بين عشرين وثلاثين مليار دولار أنفقتها عليه طوال السنوات التسع الماضية، والذي باتت روسيا تلح عليه لفتح دفتر الديون الضخم، من دون أن تكشف الرقم الذي تتوقعه منه، والذي يفوق حسب تقديرات غربية مبلغ الثلاثين مليار دولار.

الفضيحة لا تكمن في ان رامي تمرد على رئيسه علناً ، بل في أن بشار يقف اليوم أمام معضلة جدية: هو مطالب بأن يطرد إبن خاله من وظيفته، وبأن يسدد من إرث العائلة الخاص، الذي يعتبر آخر ما لدى النظام من أموال، منقولة وغير منقولة، تؤهله للبقاء، بمعزل عن إفلاس الدولة السورية وعملتها، الذي بات يهدد ولاء الجيش، وقدرة الموالين على الصمود.

النظام ما زال غنياً ، لكن الدولة تزداد فقراً. وهي إزدواجية ثابتة في مختلف الانظمة الدكتاتورية. لكنها في الحالة السورية، تضع الدائنين الروس والايرانيين أمام خيارات صعبة جداً.

المدن

————————-

هل تتكرر تجربة «سرايا الدفاع» مع مخلوف؟/ فايز سارة

لعل الأهمية الأساسية للتاريخ، تكمن في دروسه، أكثر من أهمية ما تحتويه المتاحف من لقى وقطع موروثة، بقيت من التاريخ. وفي الحالة السورية – كما في غيرها – يحتاج الناس إلى دروس التاريخ الذي غالباً ما يعيد نفسه، فيكون في الحالة الأولى مأساة، وفي الثانية مهزلة، وهي الخلاصة التي تقفز أمام كثير ممن يعرفون تاريخ نظام الأسد في سوريا، وخصوصاً الذين عايشوه منهم، وعرفوا ما جرى له من أحداث وحوله من تفاصيل.

عندما استولى حافظ الأسد على السلطة عام 1970، بنى حوله سياجاً من الضباط الصغار من مختلف التخصصات العسكرية والأمنية، كان بينهم وأبرزهم أخوه النقيب رفعت الأسد. وولَّى الأسد الأب ضباطه الصغار مناصب عسكرية وأمنية، غدت في خلال سنوات قليلة القوة التي تحرس نظامه؛ سواء في مواجهة التحديات الداخلية أو الخارجية، وهو ما كان ظاهراً بصورة واضحة في العقد التأسيسي الأول من عهد الأسد ما بين 1970 و1980 الذي شهد تطورات مهمة، كان أبرزها ثلاثة: ذهاب النظام إلى حرب محسوبة النتائج والأهداف مع إسرائيل عام 1973، كان الأبرز فيها حصوله على «شرعية وطنية»، وتمدد النظام في محيطه الإقليمي عبر تدخله العسكري في لبنان عام 1976، والذي سيعطيه لاحقاً قدرة على اللعب بعديد من الملفات المهمة، وأن يصير له وزن إقليمي كبير، والثالث شنه الحرب على السوريين، مستغلاً تحرك الجناح المسلح لـ«الإخوان المسلمين»، وتنظيمات مسلحة أخرى، قامت باغتيالات وهجمات على مؤسسات للدولة السورية، ما كان لنظام الأسد أن يقوم بأحسن منها في خدمة مصالحه واستراتيجيته لإحكام قبضته على المجتمع والدولة، وتحوله إلى بديل معلن عنهما، وتحول سوريا إلى «سوريا الأسد»، وكان بين تلك العمليات عملية مدرسة المدفعية في حلب عام 1979، واغتيال شخصيات علمية واجتماعية بارزة، مثل اغتيال فقيه القانون الدكتور محمد الفاضل في فبراير (شباط) 1977.

لقد تعمَّد ضباط الأسد الأب في أتون العقد التأسيسي الأول، وصار الأساسيون منهم مع بداية الثمانينات أركاناً للنظام الأمني – العسكري، وبرز في قائمة هؤلاء: محمد ناصيف، وعلي دوبا، ومحمد الخولي، وشفيق فياض، وإبراهيم الصافي، وعلي حيدر و… إضافة إلى رفعت الأسد الذي صارت له إضافة إلى مرتبته بين نخبة ضباط النظام أنه شقيق الرئيس، والحارس الرئيسي للنظام، بوصفه قائداً لما كان معروفاً باسم «سرايا الدفاع»، وهي وحدات نخبة من الجيش، مميزة في التدريب والتسليح والمهمات والمزايا، وبطبيعة الحال في التركيب الطائفي، والتي كان لها دور بارز في مواجهة الجماعات الإسلامية المتشددة وفي مجزرة سجن تدمر، في يونيو (حزيران) 1980.

عندما مرض الأسد الأب في عام 1983، أحس شقيقه رفعت أنه الأحق بالاستيلاء على السلطة، بما له من مكانة وإمكانيات، فنشر سراياه في اتجاه المفاصل الأساسية للنظام، وكاد يستولي عليها جميعاً، لولا تكتل المجموعة الصلبة من ضباط الأسد الذين شدوا أزرهم بالنخبة الظاهرة من سياسيي النظام، مما وضع النظام وسوريا على عتبة محرقة، كان يمكن أن تشتعل في أي لحظة، لولا صحوة رأس النظام، واستجماعه كل ما تبقى من طاقته ودهائه، في التوصل إلى حل بدا تسوية بين الضباط المتصارعين؛ لكنه صار جذرياً في إخراج شقيقه من تركيبة السلطة، وجعله وكأنه لم يكن فيها، عبر ترحيله إلى المنفى الذي ما زال يقيم فيه حتى الآن.

وإن كان الأسد الأب قد تخلص من شقيقه الذي كان أبرز أركان نظامه، فقد كان عليه أن يعالج وضع «سرايا الدفاع» التي كانت تحت قيادة رفعت الأسد، فلجأ إلى حل من عدة خطوات، أولها محاصرة معسكرات السرايا، وأماكن وجود مفارزها، واعتقال كبار ضباطها والفاعلين الأساسيين من عناصرها؛ حيث تم تسريح بعضهم من الخدمة، وإحالة آخرين للخدمة في وحدات الجيش الأخرى، مع بقائهم تحت عين النظام ومراقبة أجهزته، ثم جاءت الخطوة الثالثة، فقام بتفكيك ما تبقى من السرايا، فتم إلحاق جزء أساسي من ضباطها وعناصرها بالحرس الجمهوري الذي تسلم معسكراتها ومواقع تمركزها، وصارت مهمته القيام بما كان منوطاً بها من مهام، تحت قيادة ضباط موثوقين من رأس النظام. وقد انضم ابنا الأسد الضابطان باسل الأسد، ثم بشار الأسد بعد موت أخيه الأكبر عام 1994 إلى الحرس الجمهوري، ليكونا عيناً وضماناً لولائه التام للرئاسة.

بين مسار رفعت الأسد وتجربة «سرايا الدفاع»، ومسار رامي مخلوف وتجربة إمبراطوريته المالية والاستثمارية، مشتركات. فكلاهما من قلب العائلة التي أسست سلطة آل الأسد، والتي نقلت محمد مخلوف – والد رامي – من مجرد موظف صغير في جهاز الدولة البيروقراطي إلى تولي إدارة مؤسسات اقتصادية، يسهل استثمار والاستيلاء على أموالها، قبل أن يجري تكليفه بإدارة ثروة العائلة، والتي على أفضالها أسس وطور ابنه رامي عديداً من أعماله في بيع الفضاء من خلال «سيريتل»، قبل أن يأخذ بالتمدد في كل الاتجاهات وعلى كل المستويات، لدرجة يمكن أن يقال فيها إن ما من عمل استثماري في سوريا، إلا وكان له إصبع فيه، ما دام راغباً في أن يكون الأمر كذلك.

الفصل الأخير في مسار رامي مخلوف وتجربته المالية والاستثمارية، يكاد يقترب من نهايته. السؤال: هل نهاية مخلوف سوف تتشابه مع نهاية رفعت، بعد أن تقاربت البدايات والمجريات، رغم كل ما بينهما من اختلافات؟

الشرق الاوسط

————————–

سوريا: استهداف مخلوف يكسر «ترويكا النظام» والسلطات تصادر حصصه في المصارف/ إبراهيم درويش

دمشق ـ «القدس العربي» ووكالات: يبدو أن دراما «الطاغية والتايكون» الرمضانية في سوريا مستمرة فصولاً، حيث المشهد بين رموز النظام السوري ومخلوف بدأ يتطور بإيقاع سريع.

وبعد أن رفض مخلوف التعاون أشار العديد من التحليلات الصحافية العالمية الى ان الأمر قد يعني خسارته كل شيء وحتى يهدد وجوده الشخصي، وهو الملياردير المعروف الذي كان رمز فساد النظام ويده اليمنى في الاستيلاء على كل مقدرات البلاد.

وفي السياق علق ديفيد غاردنر في مقال نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» بأن حرباً عائلية تقوض ترويكا السلطة في سوريا. وأشار إلى أن المعركة المحتدمة في قلب نظام بشار الأسد تأتي في وقت يتطلع فيه نظام الديكتاتور للانتصار في الحرب الأهلية التي مضت عليها تسعة أعوام ودمرت معظم البلاد. وأضاف أن الخلاف العلني بين الرئيس الأسد وابن خاله رامي مخلوف، أثرى رجل في سوريا أدى لجذب الاهتمام العربي والسوري. وخلال عقدين على حكمه شكل الرجلان مع شقيق الأسد الأصغر ترويكا للحكم.

وفي جديد النزاع المحتدم كشف كتاب صادر عن سوق الأوراق المالية السورية أن رجل الأعمال رامي مخلوف مساهم في 12 مصرفاً أهمها بنك بيبلوس وفرنسبنك وبنك قطر الوطني وبنك سوريا والمهجر وبنك الشام الإسلامي وبنك سوريا الإسلامي وبنك عودة والبنك العربي.

وحسب هذا الكتاب الموجه إلى هيئة الاتصالات السورية فإن مركز الحفظ المركزي قام بتثبيت الحجز الاحتياطي على كامل الأسهم العائدة لرامي مخلوف في 12 بنكاً.

وحسب التفصيلات الواردة في الكتاب فإن مخلوف يمتلك حوالى 5 ملايين سهم في بنك سوريا والخليج ومليوناً ونصف مليون سهم في بنك الأردن، ويمتلك أكثر من مليوني سهم في بنك قطر الوطني، وأكثر من 3 ملايين سهم في بنك بيبلوس، ويمتلك أقل من مليون ونصف مليون سهم في بنك سوريا الإسلامي وأقل من مئة ألف سهم في بنك عودة.

ويبدو ان السلطات المالية السورية تقصدت ان تكشف للعلن حجم حصص رامي مخلوف في البنوك السورية، حيث فصّل الكتاب نسبة مساهمته في كل بنك وعدد الأسهم التي يملكها.

وفي ظل السوابق هذه، تعود صحيفة «فايننشال تايمز» لتشير الى أن أشرطة فيديو مخلوف قد تكون محاولة لتأمين نفسه ضد مصير مرعب قد ينتظره حيث تضخم حجمه وبات منافساً كبيراً. ولكن من الصعب النظر إليه كمنافس حقيقي لبشار الأسد، فجمعيته «البستان» التي تقوم بالعمل الخيري وتدعم 30000 مسلح في ميليشيا غرست جذورها في منطقة الساحل الشمالي – الغربي التي تعيش فيها الطائفة العلوية، ربما بدت كجيش خاص دربته إيران ولديه المال الذي ينافس ميزانية الدولة التي تعاني من ضيق. لكن الميليشيا التي شكلها تم استيعابها في الفرقة المدرعة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، أما «جمعية البستان» فتم تهميشها عبر جمعيات أخرى أكبر منها تديرها الطامحة أسماء، زوجة الرئيس حسب الصحيفة. ومن هنا فالتفسير لكل ما حدث هو أن ثروة مخلوف أصبحت هدفاً في ظل تراجع القتال في سوريا.

وفي السياق علم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أجهزة الاستخبارات التابعة للنظام السوري، تواصل حملتها الأمنية مستهدفة منشآت ومؤسسات تعود ملكيتها لرامي مخلوف، حيث جرى اعتقال نحو 12 شخصاً جديداً من المقاتلين السابقين ضمن «جمعية البستان»، عقب مداهمات نفذتها مخابرات النظام برفقة الشرطة الروسية، وتركزت الاعتقالات بشكل رئيسي في محافظة اللاذقية، فيما قالت مصادر المرصد إن المعتقلين الجدد هددوا بـ«حرق الأرض في حال حدوث أي مكروه لرامي مخلوف».

وبذلك يرتفع إلى نحو 71 تعداد العاملين كمدراء وموظفين وتقنيين ومقاتلين ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها مخلوف منذ بداية الحملة الأمنية في أواخر شهر نيسان/أبريل الفائت من العام الجاري 2020، في كل من دمشق وحلب وحمص واللاذقية وطرطوس، وهي 40 من شركة سيرياتيل و31 من «جمعية البستان»، ووفقاً لمصادر المرصد السوري.

القدس العربي

———————————-

النظام يحجز أسهم مخلوف في المصارف.. وحجاب: النظام تفكك

أكد رئيس الوزراء السوري المنشق، رياض حجاب، وجود صراع بين زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، أسماء الأسد من جهة وشقيقه ماهر الأسد شقيق من ‏جهة أخرى، بالإضافة للصراع بين رجل الأعمال رامي مخلوف وأسماء الأسد.

وقال في عدد من التغريدات، إنه “بالإضافة إلى الخلاف القائم بين أسماء الأخرس ورامي مخلوف، هنالك صراع ‏آخر في الكواليس بين أسماء وبين ماهر الأسد وزوجته منال جدعان، كما يدور في الخفاء صراع بين رجال الأعمال ‏المحسوبين على آل الأسد، وآل ‏مخلوف، وآل شاليش، ما يفسر إجراءات الاعتقال والحجز ومنع السفر”.

واعتبر حجاب أن “رامي مخلوف هو مجرد واجهة لمجموعة من المتأثرين بالإجراءات الأخيرة، أبرزهم خال بشار الأسد، ‏محمد مخلوف وابنه الآخر حافظ، وقائد الحرس الجمهوري الأسبق ‏اللواء عدنان مخلوف، وعدد من رجالات القصر الذين ‏استحوذوا على الأجهزة الأمنية والعسكرية وعلى مفاصل الاقتصاد السوري لفترة طويلة”‏‎، مشيرا إلى أن “الخلاف القائم ‏يعكس تفكك الدائرة الضيقة المحيطة ببشار الأسد”.

ونقل حجاب عن مقربين من القصر “امتعاضهم من سطوة آل مخلوف على بشار الأسد ‏ودعمه لهم لوضع أيديهم على ‏مفاصل الاقتصاد السوري برمته، وإخراجهم الجزء الأكبر من ثروتهم للخارج لحمايتها”.

ورأى أن مظاهر فساد آل مخلوف تنامت إثر تبني سياسات رفع الدعم الحكومي و”تحرير الاقتصاد”(عام 2005)، ما أدى ‏إلى إفقار السوريين وظهور طبقة حول بشار ‏الأسد، مثلت واجهة لمصالحه الخاصة في “شام القابضة”، و”سيرياتيل”، و”إم تي ‏إن”، والأسواق الحرة، وغيرها من القطاعات التي يملك بشار الأسد الحصة ‏الأكبر منها.

ولفت إلى أن بشار الأسد أحاط‎ ‎ذمته المالية بقدر كبير من السرية، حيث كلف رامي مخلوف‎ ‎ووالده محمد بمهمة إدارة أمواله ‏وخصص لهم الجزء الأكبر من عقود النفط ‏التي كانت تذهب لحساباته الشخصية، ولحساب زوجته أسماء الأخرس التي كانت ‏تتكسب من أموال الدولة وتدعم شخصيات فاسدة سلمتها إدارة “شام ‏القابضة‎”.

الخلاف الناشب داخل حاشية الأسد لا يزال يتصاعد. وأصدرت “سوق دمشق للأوراق المالية” التابعة للنظام، قراراً بالحجز على أسهم رامي مخلوف، في 12 مصرفاً ومؤسسة مالية خاصة في البلاد، بينها “بنك عودة” و”بنك بيبلوس” و”البنك العربي” و”فرنسبنك”.

واستندت “السوق” في قراراتها بالحجز على بيان وزير المال مأمون حمدان ب”الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف ضماناً للمستحقات المترتبة ل”الهيئة الناظمة للاتصالات” التابعة للنظام في سوريا من شركة “سيريتل” التي يترأس مخلوف مجلس إدارتها ويملك معظم أسهمها.

—————————–

مخلوف يشتري خطة إخلاء الأسد بـ28 مليون دولار؟/ شكري ناطور

يبدو أن صفقةً سرّية عقدت بين المدعو “علي ع”، الملقب بأبي البيارق، ممثل رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري و”طبّاخ بوتين”، فما حقيقة الصفقة؟

يبدو أن صفقةً سرّية تكشف عن تغيير كبير في موقف القيادة الروسية قد أُبرمت راهناً بين المدعو “علي ع”، الملقب بأبي البيارق، ممثل رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري في روسيا وبلدان الاتحاد السوفياتي السابق، ويفغيني بريغوجين Евгений Пригожин الملقّب بـ”طبّاخ بوتين”، والممثل الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين في صفقات شخصية عدة.

أوساط خاصة مقربة من الكرملين، أفادت بأن لقاءً جمع يفغيني بأبي البيارق في فندق ناءٍ في ضواحي مدينة سان بترسبرغ الروسية، تمخّض عن صفقة يصفها البعض بأنها “صفقة القرن الغرائبية”. وأشارت بعض وسائط الإعلام إلى أن الصفقة تضمّنت ثلاثة بنود شبه علنية وثلاثة بنود أخرى سرية.

وفيما لم يرشح شيء عن البنود السرية، فإنّ البنود شبه العلنيّة الثلاثة هي بحسب بعض وسائل الإعلام: أن يطّلع رجل الأعمال السوري الملياردير رامي مخلوف على خطة الطوارئ التي وضعتها روسيا في 2013 ثم جدّدتها في 2016 لإخلاء الأسد في حال تعرّضه للخطر، أن تحوّل روسيا هذه الخطّة لمصلحة إخلاء رامي مخلوف في حالة الطوارئ، أن يتعهّد مخلوف بالاستناد إلى ضمانات عسكريّة ومخابراتية روسية بتوظيف أمواله واستثماراته في الاقتصاد الروسي.

يشار إلى أن يفغيني برنغوجين رجل أعمال روسي مقرب جداً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويُشتهر باسم “طباخ بوتين” (على اعتبار أنّه متعهد تقديم طلبات الطعام والضيافة لقصر الكرملين)، لكنّه يلعب دوراً جوهرياً أيضاً في طبخ السياسات التي يتبعها الرئيس الروسي. فقد عرف عنه أنه الرجل التنفيذي الأوّل، وأنّه المتهم بترتيب عمليات التدخل في الشؤون الداخلية الأميركية، وأنّه هو ذاته نشر أخيراً مقالاً سحبته الصحف بعد أيام، هاجم فيه الأسد ووصفه بالفاسد والعاجز، والذي لم ينتخب بطريقة شرعية؛ ويعرف يفغيني برنغوجين بأنه الرجل الذي انعطف بالإعلام الروسي صوب اتجاه جديد حين وصف الأسد بالعبء على موسكو.

وفيما سرّب المعاون الشخصي لطباخ بوتين معلومات تشير إلى أن قيمة هذه الصفقة كانت 28 مليون دولار، أودعها رامي مخلوف فعلاً في حساب مصرفي خاص باسم يفغيني برنغوجين في سانت بترسبرغ، سادت تكهنات كثيرة ومتنوعة أوساط الصحافيين والمراقبين هنا، خصوصاً بعدما تبيّن أن أبا البيارق توجّه مباشرة بعد الاجتماع إلى نيويورك على متن طائرة خاصة، بسبب أوضاع الطيران و”كورونا”، وأن الغاية من هذه الزيارة هي لقاء شخصية ديبلوماسية سورية بارزة، معروفة عالمياً، يعتقد أنها ممثل سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري.

يذكر أن خلافاً واسعاً ظهر إلى العلن خلال شهر رمضان الحالي، بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، وابن خاله رامي مخلوف، تداول فيه مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما من السوريين، تسجيلين ورسالة مكتوبة لا تخلو من التهديد، وجهها مخلوف للأسد، فضلاً عن مقطع مصوّر يظهر اشتباكات قوات تابعة للنظام وأخرى مقربة من رجل الأعمال.

تنويه : هذا النص لا يعبّر عن سياسة الموقع بل هو من وحي الخيال الخصب للكاتب شكري الناطور.

درجة

———————–

تصاعد الحملة ضد رامي مخلوف وحجز أسهمه في 12 مصرفاً

«مصرف سوريا المركزي» يحذّر «المتلاعبين» بصرف الليرة

إبراهيم حميدي

في إجراء إضافي بعد انهيار «وساطة عائلية» جرت في قصر رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، في ضاحية يعفور قرب دمشق الاثنين الماضي، قررت «سوق دمشق للأوراق المالية» أمس، الحجز على أسهم «المدعو رامي مخلوف»، في 12 مصرفاً ومؤسسة مالية خاصة في البلاد، بينها «بنك عودة» و «بنك بيبلوس» و «البنك العربي» و «فرنسبنك».

واستند القرار، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى بيان وزير المال مأمون حمدان، الاثنين، بـ«الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمدعو رامي مخلوف» في تبرير قيام «سوق دمشق» باتخاذ خطوة مماثلة تتضمن «الحجز الاحتياطي ضد جميع أسهم» مخلوف، بناءً على اقتراح وزارة المواصلات، ضماناً للمستحقات المترتبة لـ«الهيئة الناظمة للاتصالات» الحكومية في سوريا من شركة «سيريتل» التي يترأس مخلوف مجلس إدارتها ويملك معظم أسهمها.

ومنذ طلب «الهيئة الناظمة للاتصالات» من مخلوف سداد نحو 185 مليون دولار أميركي وإعطاءه مهلة قبل 5 الشهر الجاري، جرت حملة من الضغوط عليه شملت اعتقال عدد كبير من الموظفين في مؤسساته وشبكاته وسحب المرافقة الأمنية وتفكيك الحراسات قرب قصره وحرمانه من الامتيازات التي تمتع بها لعقود، مع ترك باب التفاوض مفتوحاً للوصول إلى تسوية ما وقبول شروط معينة.

– محاولة أخيرة

وفي آخر محاولة جرت في قصره في ضاحية يعفور قرب دمشق الاثنين، تبلغ أن المطلوب منه التخلي عن «سيريتل» لصالح «صندوق الشهداء» واستعادة قسم كبير من أمواله في المصارف الخارجية إلى البلاد التي تقدر بمليارات الدولارات لـ«المساهمة في حلّ الأزمة الاقتصادية العميقة». في المقابل، أظهر مخلوف «عناداً غير مسبوق» واستعمالاً لـ«الخطاب الديني»، مع قبوله دفع المستحقات المطلوبة من «سيريتل» للحكومة على دفعات. كما قام بتعيين ابنه علي، المقيم خارج البلاد، نائباً له في مجلس الإدارة بدلاً من شقيقه إيهاب، لتعطيل أي قرار في «سيريتل» دون موافقته. ومع انهيار الوساطة، استيقظ مخلوف أول من أمس على إجراءين: قرار رئيس الوزراء السوري عماد خميس «حرمان المدعو رامي مخلوف من التعاقد مع الجهات العامة لـ5 سنوات»، وقرار وزير المال مأمون حمدان الحجز على أمواله وأموال عائلته.

وقال مخلوف في بيان نُشر على صفحته في «فيسبوك» ليل الثلاثاء – الأربعاء: «بعد الرد الأخير من قِبَلنا على الهيئة الناظمة للاتصالات وإظهار عدم قانونية إجراءاتها، يردون بإجراءات أخرى غير قانونية أيضاً ويلقون الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي مع العلم أن الموضوع هو مع الشركة (أي سيريتل) وليس معي شخصياً، إضافةً إلى المحاولة لإقصائي من إدارة الشركة بالطلب إلى المحكمة لتعيين حارس قضائي يدير الشركة». وأضاف: «كل ذلك بذريعة عدم موافقتنا لتسديد المبلغ؛ وكما تعلمون (لمتابعيه) كل ذلك غير صحيح».

وتداول نشطاء «بيان» مفاده أن وزارة العدل عيّنت فراس فواز الأخرس، شقيق أسماء زوجة الرئيس الأسد، «حارساً قضائياً» لشركة «سيريتل». لكن وزارة العدل نفت ذلك، مشيرة إلى أن «مصدر البيان جهات خارجية مغرضة»، في إشارة إلى أن تقديم التنافس على أنه بين أسماء الأسد ورامي مخلوف. كما جرى تداول «بيان» آخر يتعلق بقرار وزارة المال ملاحقة أموال رامي في مصارف خارجية، لم يجر التأكد منه.

– تفكيك الشبكات

وكان رامي قد نشر مساء الثلاثاء أيضاً وثائق مراسلاته مع رئيس الوزراء للتدخل لدى «المصرف المركزي» لتسهيل عمل «مؤسسة نور للتمويل الصغير» التي تعطي قروضاً لمحتاجين في ستة مراكز في البلاد. وكتب مخلوف: «تساءلنا في كتابنا: هل الحكومة في خدمة الشعب أم الشعب في خدمة الحكومة، فكان جوابهم بكتاب رسمي منع رامي مخلوف من التعامل مع الدولة لمدة خمس سنوات»، حيث نشر نص البيان. و«مؤسسة نور للتمويل» إحدى المؤسسات التي تعرضت لإجراءات تقييدية منذ أغسطس (آب) الماضي، عندما بدأت حملة لتفكيك شبكات مخلوف، شملت وضع يد الحكومة على «جمعية البستان» التي يرأسها وشكّلت «الواجهة الإنسانية» لأعماله، وحلّ الميليشيات التابعة لها والسيطرة على شركات أخرى، بينها «السوق الحرة»، إضافةً إلى إلغاء رخصة «الحزب السوري القومي الاجتماعي» الذي ينتمي إليه أفراد عائلة مخلوف تاريخياً، وكانوا ممثلين في الحكومة ومجلس الشعب (البرلمان)، إضافةً إلى الحجز على أمواله في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأفادت مصادر أمس، باعتقال عدد من عناصر الميليشيات التابعة لـ«جمعية البستان». وأدت الإجراءات هذه إلى تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي وغلاء في الأسعار، ما دفع «مصرف سوريا المركزي» إلى تحذير المتلاعبين بسعر صرف الليرة.

ولامس سعر الصرف في السوق الموازية 1650 ليرة سورية مقابل الدولار، في معدل غير مسبوق، فيما سعر الصرف الرسمي 700 ليرة. وقال «المصرف المركزي» في بيان إنّه «لن يتوانى عن اتخاذ أي إجراء بحق أي متلاعب بالليرة السورية سواء من المؤسسات أو الشركات أو الأفراد»، مؤكداً عزمه على اتخاذ «كل الإجراءات الكفيلة باستعادة ضبط أسعار الصرف». وتشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، تتزامن مع انهيار متتالٍ للعملة المحلية. ويعيش الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، في وقت قدّر برنامج الأغذية العالمي ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 107% خلال عام واحد.

وكان مخلوف قد حذّر من «كارثة اقتصادية»، لافتاً إلى أن انخفاض قيمة الليرة مرتبط بالإجراءات ضده. ويربط محللون بين تدهور الليرة في سوريا والأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان المجاور وشحّ الدولار. كما فاقمت إجراءات الإغلاق للحدّ من تفشي فيروس «كورونا» الوضع الاقتصادي سوءاً.

وتحدّث الرئيس بشار الأسد في الخامس من الشهر الحالي عن «تحدي إعادة تنشيط الاقتصاد» جراء تداعيات الوباء. وقال: «تسع سنوات من الحرب لا توازي إلا القليل من الأسابيع القليلة الماضية»، بعدما وضعت إجراءات الإغلاق «المواطن بشكل عام في مختلف الشرائح بين حالتين: الجوع والفقر والعوز مقابل المرض». وكرر تحذيره من «كارثة حقيقية».

الشرق الاوسط

————————–

رياض حجاب: الأسد طلب مني تحويل سيرياتيل وmtn إلى عقود إيجار

كشف رئيس الوزراء السوري المنشق عن النظام، رياض حجاب، أنّ رأس النظام بشار الأسد فاجأه عندما كان رئيسا للوزراء، بأن طلب منه تحويل عقود شركتي سيرياتيل وmtn إلى عقود إيجار مقابل 35 مليار ليرة سورية.

وعن سبب الطلب أوضح حجاب بسلسلة تغريدات على حسابه الموثوق في منصّة تويتر ليل الأربعاء، أنّ الأسد كان يرغب “بإبقائهما تحت سيطرة آل مخلوف الذين يمثلون واجهة لمصالحه الشخصية”، مؤكّدا أنّ “بشار يزاود على تطبيق الدستور والقانون ورامي يزاود على الفقراء، وكلاهما كاذب، ولو كانا صادقين لأعادا سيرياتيل إلى الشعب السوري، لأنها ملكية عامة للدولة وليست شركة خاصة بهما”.

وزاد أنّه “إزاء ذلك الطلب الغريب؛ شكلت لجنتان إحداهما برئاسة وزير المالية، والثانية برئاسة وزير الاتصالات، حيث قدم وزير المالية تقريراً أكد فيه أن الدولة ستخسر حوالي خمسة مليارات دولار إذا تم تحويل الشركتين إلى عقود إيجار، فلم أنفذ العملية، بل نفذتها حكومة وائل الحلقي فيما بعد”.

ولفت حجاب إلى أنّ الأسد أحاط “ذمته المالية بقدر كبير من السرية، حيث كلف رامي مخلوف ووالده محمد بمهمة إدارة أمواله وخصص لهم الجزء الأكبر من عقود النفط التي كانت تذهب لحساباته الشخصية، ولحساب زوجته أسماء الأخرس التي كانت تتكسب من أموال الدولة وتدعم شخصيات فاسدة سلمتها إدارة شام القابضة”.

وعن الصراع الحالي في الدائرة الضيّقة للنظام، قال حجاب: “بالإضافة إلى الخلاف القائم بين أسماء الأخرس ورامي مخلوف؛ هنالك صراع آخر في الكواليس بين أسماء وبين ماهر الأسد وزوجته منال جدعان، كما يدور في الخفاء صراع بين رجال الأعمال المحسوبين على آل الأسد، وآل مخلوف، وآل شاليش، ما يفسر إجراءات الاعتقال والحجر ومنع السفر”.

ومنذ أواخر نيسان/ أبريل الماضي، أعلن رامي مخلوف عن وجود خلاف مع النظام السوري بشأن دفع أموال مترتبة على شركة سيرياتيل التي يملكها.

وتحدّثت تقارير صحفية عن صراع اقتصادي بين زوجة الأسد (أسماء)، وبين ابن خاله (رامي مخلوف).

    بشار الأسد هو مصدر #الفساد في سوريا، فعندما اقترب موعد تحويل ملكية شركتي “سيرياتيل” و”إم تي إن” للدولة فاجأني بطلب تحويل عقودهما (BOT) إلى عقود إيجار مقابل 35 مليار ليرة سورية، لأنه كان يرغب بإبقائهما تحت سيطرة آل #مخلوف الذين يمثلون واجهة لمصالحه الشخصية. pic.twitter.com/poxVtQmFWu

    — د.رياض حجاب (@MediaPmoffice) May 20, 2020

بروكار برس

—————————-

=====================

======================

تحديث 24 أيار 2020

—————————-

خراف الأسدية المذبوحة/ عمر قدور

لا نعلم ما هي آثار الخلاف بين بشار الأسد ورامي مخلوف على شراكتهما المالية خارج الحدود السورية، المؤكد أن الأموال المسجَّلة باسم الثاني في سوريا تم الحجز عليها، وربما تُصادر لاحقاً لصالح جهات حكومية، ما يعني استعداد بشار للتضحية بجزء من أملاكه “ولو مؤقتاً” لأسباب سياسية. المكسب الذي يتجاوز بكثير قيمة الأملاك المحجوز عليها هو في ادعاء الحرب على الفساد، إلى درجة تستهدف أكبر “حيتان” الحلقة الضيقة، في ما يمكن فهمه تلبيةً لمطلب موسكو في الحملة الإعلامية الروسية التي استهدفت قبل أسابيع سلطة الأسد، وهددت بحرب على الفساد مشابهة للحرب على “الإرهاب”.

تزامناً مع قضية رامي مخلوف، تراجع مسؤولون روس عن الحملة التي استهدفت بشار شخصياً، وفي هذا دعم غير مباشر له أمام قسم من الموالين قد يجد في الحملة الإعلامية السابقة وتمرد رامي إشارات إلى قرب سقوط الأسد. من المرجح أن يكون الأخير قد تعهد لموسكو بأكثر مما أُعلن عنه حتى ينال تغطيتها، تحديداً في الجانب الاقتصادي الذي بات يُنذر بانهيار المنظومة الأسدية، وفي وقت، إن لم تكن المافيا الروسية تتطلع إلى التكسب منه، فهي على الأقل غير مستعدة لإنقاذه.

نظرياً، خرج بشار من الأزمة محققاً أكثر من مكسب، أول المكاسب توقف الحديث عن فرضية تنحيته قريباً من قبل الحليف الروسي، وثانيهما ليس التظاهر بالنظافة ومحاربة الفساد، لأن هذه الكذبة تصلح فقط للاستهلاك الإعلامي الممجوج، العبرة هي في إظهار قدرته على إبن خاله، والقول أن لا وجود لشريك حتى ضمن الحلقة الضيقة. لعل أهم ما حققه على الصعيد الأخير هو إعلان إيهاب مخلوف “شقيق رامي ونائبه حتى أيام قليلة انقضت” ولاءه لبشار الأسد ووجود خلاف بينه وبين أخيه، وأن إعلانه هذا لم يأتِ تحت أي ضغط كان، سواء صدق في نفيه وجود ضغوط أو لم يصدق. تكريس السلطة المطلقة لآل الأسد بإظهار الشقاق ضمن العائلة الواحدة يختزل الخصم أو المنافس إلى حالة فردية لا تحظى بحيثية اجتماعية، وقد عايش السوريون من قبل حالة مشابهة ببقاء الابن الأكبر لرفعت الأسد في سوريا بعد ترحيل أبيه، ومواظبته على إعلان ولائه لعمه ووريثه من بعده، خاصة عندما كان يعلو صوت أخيه سومر ضد حكم العم أو إبن العم.

أبعد من المكسب المعنوي بالتأكيد على السلطة المطلقة لأبناء حافظ الأسد، ربما تكون الضغوط الروسية قد نجحت في دفع السلطة الأسدية إلى ما يصب في صالحها، وما كانت تفعله الأخيرة تلقائياً في محطات الاختبار الحاسمة. رامي مخلوف ليس الأول ضمن خرافها السمينة التي يُضحى بها، هذه عملية كانت تحدث بين الحين والآخر، لكن بهدوء شديد، وفي أزمنة لم تكن فيها السوشيال ميديا تلعب الدور الإعلامي الذي نعيشه اليوم.

في الواقع كانت عملية تدوير الثروة تحدث وفق متطلبات السلطة، وبما يخدم تحكمها المطلق بها، والحصول على النسبة الأكبر منها. منذ انقلابه، قدّم حافظ الأسد نفسه شريكاً لبقايا البرجوازية السورية، على الضد من رفاقه القدامى الذين كانوا يتجهون يساراً، وكان البعض منهم راح يُعجب بنموذج ماو تسي تونغ. كانت الشراكة مع بقايا البرجوازية إشارة إيجابية أيضاً إلى دول الخليج، ليأتي حصاد حرب تشرين 1973 الأهم بالمساعدات المالية الخليجية غير المسبوقة. تلك كانت الغنيمة الأثمن لتحريك جبهة الجولان وللانفتاح “العربي” الذي أبداه حافظ الأسد، وانعكس تساهلاً مع بقايا البرجوازية التجارية.

بعد أقل من عشر سنوات سينقضّ حافظ على تلك البرجوازية، بزعم دعمها الإخوان المسلمين، ثم سنكون مع رواية خواء الخزينة السورية وتبرع القذافي بمبلغ يُدفع لرفعت الأسد كي يُغادر سوريا عام 1984. لا أحد يعلم مصير المساعدات الخليجية الضخمة خلال ما يقارب عقد من الزمن، فضلاً عن إيرادات خط أنابيب كركوك-بانياس التي ارتفعت مع الفورة النفطية، وهو الخط الذي أغلقه حافظ الأسد بسبب اصطفافه مع إيران في حرب الخليج الأولى، هذه المرة مقابل الأموال الإيرانية. الحصيلة الأساسية للثمانينات هي إلغاء الهامش الصغير بين السلطة وقسم من النشاط الاقتصادي، لتحتكره كاملاً مع بروز أسماء قليلة نجت من التصفية الاقتصادية، وسيتضح مع الوقت أنها بمثابة خراف سمينة يسهل ذبحها عندما تحين لحظتها.

في التسعينات، حين أُصدر قانون استثمار جديد، ستبرز أسماء كبرى جديدة، سهولة سقوطها أو إسقاطها تدل على كونها واجهات لرجالات السلطة، والحديث هنا عن المستوى الأضخم من الثروات. مع تلك الأسماء التي لا تُعرف بدقة شراكتها مع السلطة، سيبدأ بالظهور قسم من ثروات المسؤولين عبر أبنائهم الذين راحوا يستثمرون في شتى المجالات، إنما كل منهم حسب درجة النفوذ والحماية اللذين يتمتع بهما. أيضاً العديد ممن لمعوا فجأة كحيتان مال سرعان ما انكشفوا عن خراف سمينة سهل نحرها من دون أثر اقتصادي يُذكر، بما أن الأمر يتعلق أساساً بإعادة تدوير الثروة المُتحكَّم بكتلتها الأكبر.

إذا كان من قانون يسيّر عملية الصعود والهبوط فتلخيصه: نحن الدولة، نُعلي من نشاء ونحطم من نشاء. قانون ينطبق على الجميع بدرجات متفاوتة، يتربع أبناء حافظ الأسد في أعلاها. اختفت الصورة المزعومة للأب المتقشف الزاهد لحساب صورة الأبناء الجشعين للسطوة والثروة معاً، وما يصح عن رفضهم المطلق الموروث لأدنى مشاركة سياسية يسري على الاقتصاد وفق منطق زبائني رخيص. بموجب منطق الاحتكار ذاته، التخلص من شركاء آل الأسد الماليين ضرورة توازي تخلصهم من أمراء الحرب، ليكونوا الشركاء الحصريين للنصر الذي حققه لهم الحلفاء.

ما قد يكون مستغرباً هو الدفع الروسي أولاً باتجاه التخلص من ميليشيات الشبيحة وقادتها، بتطويعهم ودمجهم ضمن قوات “نظامية”، ثم الدفع باتجاه عملية مماثلة في عالم المال والاقتصاد. ذلك كله يخدم تفرد آل الأسد، بخلاف الصورة الشائعة عن سعي موسكو إلى إضعافهم أو تقويض سلطتهم. إنه أقرب إلى الدعاية الروسية عن كون التدخل العسكري أتى احتراماً للسيادة وما إلى ذلك من شعارات، إلا إذا كانت موسكو ترى أن خروفاً سميناً واحداً أسهل لها لحظةَ الذبح من قطيع خراف.

المدن

————————–

التاريخ الغامض لنظام الأسد… إزالة المعارضين وإخراج الروايات/ ماجد كيالي

ثمة تاريخاً غامضاً للنظام السوري، في الحقبة الأسدية، هو التاريخ المحجوب، لمصلحة سردية تحيل كل شيء في سوريا، للنظام الذي أسسه، أو سيطر عليه، حافظ الأسد…

تفتقر القصة التي أبطالها بشار الأسد الرئيس، وأسماء الأخرس زوجة الرئيس، ورامي مخلوف ابن خال الرئيس، إلى الحوادث الدرامية، المثيرة، والجاذبة، والتي تحرّض المخيّلة، على غرار الروايات الشيّقة التي قرأنا عنها، أو شاهدناها في المخيال السينمائي، والتي رصدت مؤامرات أو صراعات أو غراميات أو فروسيات سادة القصور، مثلاً، آل بوربون في قصر فرساي في فرنسا، وآل وندستور في قصر باكنغهام أو وندستور في بريطانيا، وآل رومانوف في قصر الكرملين أو “الشتاء” في روسيا.

في ذلك الافتقار يمكن الحديث عن أسباب، أهمها، أن تلك القصة تأتي في طور انحطاط النظام السياسي الأسدي في سوريا، وتكشف عن التحلّل الأخلاقي لأهل الحكم، الذين هيمنوا على حياة السوريين، منذ نصف قرن، لقبضهم على السلطة السياسية والأمنية والمالية في ذلك البلد، مع كل ما في ذلك من جشع وأنانية ورياء وغدر، كأن الأمر يتعلق بعصابة سيطرت على دولة، وفوق كل ما تقدم، لأن مخيلة السوريين لم تعد تتّسع لقصص كهذه، بعماد باتت تغص بقصص الهول السوري، القتل والاعتقال والتدمير والحرمان والتشرد.

ربما المّيزة الوحيدة لتلك القصة تتعلق بالشكل الذي يمكن أن تنتهي إليه، على غرار حكايات أخرى، مماثلة، ميّزت حقبة السلطة الأسدية، في التاريخ السوري. مثلاً، هل ستنتهي تلك القصة باغتيال مخلوف أو انتحاره أو اعتقاله أو نفيه، على نحو ما حصل مع غيره من أقطاب تلك السلطة، التي أكلتهم، ضمن ما أكلت من الشعب السوري، ومن تاريخ سوريا ومواردها؟

تاريخ محجوب

الفكرة هنا أن ثمة تاريخاً غامضاً للنظام السوري، في الحقبة الأسدية، هو التاريخ المحجوب، لمصلحة سردية تحيل كل شيء في سوريا، للنظام الذي أسسه، أو سيطر عليه، حافظ الأسد (1970)، عبر انقلاب عسكري سُمّي، مراوغة، “الحركة التصحيحية”، وتحت تغطية شعارات: الوحدة والحرية والاشتراكية، ومقاومة إسرائيل والإمبريالية، في حين أن ذلك الانقلاب أنجب واحداً من أكثر الأنظمة العربية تسلطاً وفساداً، في مختلف المجالات، ناهيك بأنه حول الجمهورية إلى نظام وراثي.

بدأت حكاية ذلك النظام مع تشكيل ما سمي “اللجنة العسكرية”، وكانت تضم مجموعة من الضباط من مثل صلاح جديد وحافظ الأسد وعبد الكريم الجندي وأحمد المير ملحم ومحمد عمران،

إلا أن أعضاء اللجنة العسكرية (ومعظم القادة السياسيين)، باستثناء أحمد المير، تمت إزاحتهم، بالقتل أو بالاعتقال أو بالنفي، بعد سيطرة الأسد (الأب) على السلطة، أي أنه بدأ حياته بالبطش برفاقه المقربين الذين ساهموا في صنعه وفي صعوده في الجيش. مثلاً، أمضى صلاح الجديد، الذي كان يعتبر أهم شخص في تلك اللجنة، 23 سنة في السجن إلى حين وفاته (1970- 1993)، وهذا ينطبق على عبد الكريم الجندي، الذي اختلف مع حافظ الأسد في فترة مبكرة، وكانت النتيجة أنه قضى نحبه بطريقة غامضة، في مكتبه بدمشق (يوم 2/3/1969)، وهو ما شهدناه في ما بعد مع مصرع رئيس الوزراء محمود الزعبي، وغازي كنعان وزير الداخلية. أما محمد عمران، فاغتيل في طرابلس (لبنان) يوم 14/3/1972. أيضاً ينطبق ذلك على اللواء احمد السويداني، رئيس أركان الجيش السوري في الفترة بين 1966 – 1968، الذي أمضى 25 عاماً في السجن (اعتقل عام 1969 لخلاف مع الأسد)، ولم يفرج عنه إلا قبيل وفاته، عام 1994.

طبعاً لم يكتف الأسد بإزاحة رفاقه في “اللجنة العسكرية”، وإنما استكمل ذلك بالإطاحة برفاقه في القيادة السياسية، أو قيادة حزب البعث. هكذا فبعد انقلابه تم اعتقال رئيس الجمهورية (وقتها) نور الدين الأتاسي، الذي كان تبوّأ منصبَي الأمين العام للحزب ورئيس الدولة، أيضاً، إذ أمضى 22 عاماً في السجن، ولم يطلق سراحه إلا بعدما تفشى مرض السرطان في جسده (توفي أواخر 1992). وقد حصل الأمر ذاته مع يوسف زعين، الذي كان من القيادات البارزة في الدولة والحزب، وشغل منصب رئيس الحكومة، إذ اعتقل 11 عاماً، وتم الإفراج عنه عام 1981 بسبب إصابته بالسرطان، ليغادر البلد للعلاج، وقد بقي خارج سوريا حتى وفاته (صيف 2016). وحصل الأمر ذاته مع ضافي الجمعاني، من القيادات القومية لـ”حزب البعث”، وهو أردني الجنسية، إذ أمضى 23 عاماً في السجن، وأطلق سراحه عام 1993 (توفي أوائل نيسان/ أبريل الماضي في الأردن).

شهدنا في فترة منتصف الثمانينات إزاحة رفعت الأسد، أخ الرئيس ونائبة للشؤون العسكرية، بطريقة ناعمة، اشتملت على تسوية مالية ونفي خارج البلد.

في أي حال فإن سيرة الأسد الأب، تكررت مع سيرة الأسد الابن في السلطة، ففي عهده (في ظل مرض الأسد الأب) تمت إزاحة القادة الكبار، رفاق الأسد الأب، من مثل علي دوبا وعلي حيدر وعلى أصلان، بطريقة ناعمة، كما تمت إزاحة عبد الحليم خدام، الذي غادر البلد، وحُجزت أمواله وممتلكاته.

وبشكل أكثر تحديداً، فإن عهد الأسد الابن شهد الكثير من حوادث الإزاحة الغامضة، ضمنها، مثلاً، مصرع محمود الزعبي، رئيس وزراء سوريا (1987- 2000)، في منزله، بادعاء أنه أقدم على الانتحار بعد وصول دورية أمنيه لأخذه إلى التحقيق لاتهامات بالفساد. وتكررت قصة الانتحار مع مصرع اللواء غازي كنعان (2005)، وزير الداخلية في حينه، والذي كان بمثابة حاكم للبنان، وذلك في مكتبه في الوزارة.

بيد أن القصة الأكثر غموضاً وإثارة للريبة تجلت في حادثة تفجير ما يسمى “خلية الأزمة” (صيف 2012)، في مكتب الأمن القومي بدمشق، والتي أدت إلى مصرع كل من: اللواء آصف شوكت صهر الرئيس، واللواء هشام الاختيار مسؤول الأمن القومي، واللواء حسن تركماني رئيس الأركان واللواء داوود راجحة وزير الدفاع، والتي تم التعتيم عليها في خضم الصراع السوري الجاري، وإخراجها بطريقة مريبة، إذ تم فيها التخلص من حلقة مهمة من القادة الأمنيين، الذين أثيرت حولهم الشكوك بشأن إيجاد بديل للأسد.

أيضاً، هناك قصة مقتل رستم غزالة (2015)، الذي كان واحداً من اهم أدوات النظام الأمنية البشعة، والذي كان اسمه يلقي الرعب في قلوب اللبنانيين، والطبقة السياسية في لبنان، إذ تم إخراج مقتله برواية عن خلاف “شخصي” بينه وبين اللواء رفيق شحادة، رئيس شعبة المخابرات العسكرية، نجم عنه قيام مرافقي شحادة بضربه ضرباً مبرحاً، أدى إلى مصرعه.

ولعل تلك القسوة والروح الاستئصالية، التي اتسم بها النظام الأسدي، تذكرنا بمسؤوليته عن مصرع مئات الآلاف، وتشريد ملايين السوريين، كما تذكرنا بمسؤوليته عن اغتيال الزعيم اللبناني كمال جنبلاط (1977)، ومفتي الجمهورية اللبنانية حسن خالد ورينيه معوض الرئيس اللبناني الأسبق (1989)، ثم الرئيس رفيق الحريري (2005) مع الوزير باسل فريحان، وأيضاً سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو وأنطوان غانم ووسام الحسن.

الآن، هل ستنتهي قصة رامي بمجرد نزع أملاكه، وعائلته، أم ستدخل في أطوار أخرى؟

درج

—————————

لماذا لم يُنتحر رامي مخلوف؟

قال السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد: “بصراحة، لو لم يكن جزءاً من الأسرة الحاكمة، فالأرجح أنه كان سيموت”، في إشارة إلى الخلافات بين رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ورئيس النظام السوري بشار الأسد.

وحجز النظام السوري على أصول مخلوف المنقولة وغير المنقولة وأسهمه في المصارف ومنعه من التعاقد مع الدولة لمدة خمس سنوات، كما أصدر قراراً بمنعه من السفر، بعد سلسلة من المقاطع المصورة على “فايسبوك” في الأسابيع الأخيرة وبخ فيها النظام الذي كان لاعباً رئيسياً فيه لعقود، وتحدى الأسد، وهو أمر غير اعتيادي في سوريا، بحسب مجلة “فورين بوليسي”.

وقد سبق أن واجهت شخصيات تمردت على نظام البعث في سوريا، الموت على يد استخبارات النظام، فيما يجري الإعلان عن هذه العمليات على أنها عمليات انتحار.

وأعلن مخلوف السبت، تحويل مليار ونصف مليار ليرة سورية(900 ألف دولار)، إلى “جمعية البستان” في سوريا، وذلك بعد قرار النظام بالحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة. وأرجع في منشور على صفحته على “فايسبوك”، تحويل الأموال إلى “الاستمرار بتقديم الخدمات الإنسانية لمستحقيها بصدق وأمانة”، كما جاء في المنشور.

وأعرب مخلوف عن رجائه من الجهات الأمنية “التوقف عن ملاحقة الموالين الوطنيين، والانتباه إلى المجرمين المرتكبين”، حسب تعبيره.

كما طلب إطلاق سراح الموظفين المحتجزين الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية من شركة “سيريتل”، خلال الأسبوعين الماضيين.

وفي ختام المنشور غمز مخلوف من قناة شقيقه إيهاب، الذي تخلى عنه، قائلًا إن “طريق الحق صعب وقليلٌ سالكوه لكثرة الخوف فيه، لدرجة أن الأخ يترك أخاه خوفًا من أن يقع الظلم فيه”.

“إنه الاقتصاد يا غبي”. تكثر النظريات حول ما دفع الأسد للتحرك ضد ابن خاله، تقول “فورين بوليسي”، بما في ذلك التكهنات بأن روسيا، التي حولت تيار الحرب في سوريا لصالح النظام عندما تدخلت في عام 2015، تشعر بالإحباط من سوء إدارة الأسد الاقتصادي وإجباره على قلب الطاولة على حلفائه. أصبحت الحرب السورية مستنقعاً لروسيا، لكن نفور موسكو من تغيير النظام واضح جداً، خاصة عندما لا يكون هناك خليفة واضح.

وتقول “فورين بوليسي” إن التفسير الأكثر ترجيحاً هو الاقتصاد السوري المتعثر، والذي ضربته سنوات من الحرب والعقوبات الاقتصادية.. انخفضت قيمة الليرة السورية المحاصرة بشكل كبير منذ بداية العام. وبصرف النظر عن مخلوف، فقد تم استهداف حوالي 12 من رجال الأعمال الموالين للنظام بينما يتطلع النظام إلى إعادة ملء جيوبه الخاوية.

وقال روبرت فورد: “في السنوات الأخيرة، بدأ الأسد في جمع المدفوعات من رجال الأعمال الأغنياء كنوع من الضرائب، لكن مخلوف كان متردداً بشكل متزايد في الدفع – ربما يعتبر نفسه خارج دائرة العقاب”.

المدن

————————-

النظام يمنع مخلوف من السفر وشقيقه يتبرأ منه!

أصدرت محمكة القضاء الإداري قراراً بمنع رامي مخلوف، رجل الأعمال الشهير وابن خال رئيس النظام بشار الأسد، من السفر، بالتزامن مع قرار بالغاء ترخيص شركتين أمنيتين تابعتين له.

ونشرت وزارة العدل التابعة لحكومة النظام نص قرار المحكمة الصادر في 20 أيار/ مايو، أي بعد يوم واحد من اصدار وزارة المالية قرار الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف.

وحسب نص القرار، فإن الحكم المستعجل يأتي بناء على الدعوى المقدمة من وزارة الاتصالات ضد رامي مخلوف، استيفاء للدين المطالب به، وأنه يمكن رفع المنع في حال تسديد المبالغ المترتبة عليه أو بعد البت بالدعوى قضائياً.

وكانت حكومة النظام قد ألغت الخميس ترخيص شركتين أمنيتين خاصتين تعودان لرامي مخلوف، وذلك بعد صدور قرار سابق بالغاء الامتيازات الأمنية والحراسات المخصصة له، في ضوء التصعيد الكبير بينه وبين النظام.

وبحسب مصادر رسمية، فقد طلب وزير التجارة في الحكومة، طلال البرازي، شطب السجل التجاري لشركتي “ألفا” و”فالكون” للحماية والحراسة والأنظمة الأمنية.

رسمياً، تقدم الشركتان اللتان منحتا الترخيص عام 2013، خدمات الحراسة والأمن للمؤسسات والشركات التجارية الخاصة والعامة، لكن عملياً فإن مهمتهما الأساسية الحماية الشخصية لرامي مخلوف وأفراد أسرته، وكذلك مقار ومكاتب المؤسسات المملوكة من قبله، كما تقول المعارضة إنهما لعبتا دوراً مباشراً في القتال إلى جانب النظام وساهمتا بارتكاب جرائم حرب.

مجموعة القرارات الأخيرة الصادرة عن حكومة دمشق، تأتي تتويجاً لسلسلة إجراءات اتخذها النظام ضد مخلوف خلال الأيام الأربعة الماضية، والتي بدأت بالحجز على أمواله ومنعه من التعاقد مع الدولة، بعد أسابيع من التراشق الاعلامي بينه وبين حكومة دمشق.

وبينما كشف رامي مخلوف عن قيام الجهات الأمنية التابعة للنظام باعتقال العشرات من كبار الموظفين لديه “من أجل الضغط عليه”، أعلن آخرون استقالتهم من إدارة مؤسسات تابعة له بعد التصعيد الأخير بين مخلوف والنظام، وكان أبرز المستقيلين شقيقه، إيهاب مخلوف، نائب رئيس مجلس إدارة شركة سيريتل للاتصالات الخليوية، الذي أصدر توضيحاً، كان بمثابة التبرؤ من شقيقه رامي الذي بات ينظر إليه كورقة محروقة على ما يبدو، بعد التطورات الأخيرة.

وقال إيهاب مخلوف على صفحته في “فايسبوك”: “أؤكد بشكل قاطع أنني لم أتعرض لأي ضغوط من أي جهة كانت، وأن إستقالتي التي تمت هي نتيجة خلاف على تعاطي رئيس مجلس إدارة سيريتل الأستاذ رامي مخلوف مع الإعلام ومع الملف القانوني والمالي تجاه الطاقم الحكومي… في المحصلة كل مال الكون، وكل شركات الدنيا لاتزحزح ولائي لقيادة رئيسنا وقائدنا بشار حافظ الأسد”.

المدن

———————————-

ماذا سيقول رامي مخلوف في الفيديو الرابع؟/ فاطمة ياسين

ظهر “رجل الأعمال” السوري، رامي مخلوف، في إطلالاتٍ فيسبوكية مصورة ثلاث، في فترات متقاربة، وهو يتحدّث عن جهات، لم يسمّها، تطلب منه دفع مبالغ مالية مستحقة.. في الثالثة، طلبت منه هذه الجهات أن يغادر منصبه في إدارة كبرى شركات المحمول في سورية شرطاً للتسوية. تطوّرت الأمور بصدور قراراتٍ متلاحقة، وبتواتر أسرع من “فيديوهات” رامي الفيسبوكية.. ويُظهر تسلسل القرارات أن النظام يصرّ على التعامل مع رامي مخلوف باحتقار، فبدأ بحجز أمواله، ثم تجريده من سلطاته، ولن يتوقف عند منعه من السفر، من دون النظر إلى “تاريخه” الحافل بمساهماتٍ ضخمةٍ في تمويل النظام وعملياته العسكرية، ومن دون النظر أيضاً إلى “صلة الرحم” الوثيقة بين رامي مخلوف وبشار الأسد، وتتجاوز هذه الصلة القرابة العادية إلى العلاقة اللصيقة والحميمة، فرامي مخلوف كان إلى جوار باسل الأسد في أثناء حادث السيارة الذي أودى بحياة باسل في عام 1994، واستمرّت علاقته مميزة مع الشقيق الذي جلس على كرسي الرئاسة بالفعل، قبل أن نُفاجأ أخيراً بمسلسل طرد رامي مخلوف من موقعه المميز.

لم يكن مخلوف في موضع تشكيل خطر على النظام، فليس لإمبراطوريته التجارية نفوذ عسكري، على الرغم من علاقاته المتشابكة مع المؤسسات الأمنية والعسكرية، فمساهماته تأخذ شكل الحماية والتمويل، من دون أن يكون لمخلوف دور في تعيين ضباط في مواقع أمنية أو عسكرية مؤثرة، أو نقلهم أو ترقيتهم، وحتى المليشيات المتفرّقة التي تم تشكيلها برعايته للقتال إلى جانب النظام، لا تشكل تهديداً حقيقياً، فالنظام قادرٌ على ضبطها بسهولة. كان رامي مخلوف متفرّغاً، وبدوام كامل، لدراسة الأفكار التجارية المجزية في السوق السورية وتنفيذها، واحتكار المفيد منها وتطويره، بدءاً من قطاع الأسواق الحرّة، المعفاة من الضرائب، إلى قطاعات النفط والاتصالات والصناعات الغذائية وغيرها، ودور رامي مخلوف، في العقدين الأخيرين، كان جديداً نسبياً على مؤسسة الحكم في سورية، فقد كانت تعتمد، زمن حافظ الأسد، على نظام “العمولة” التي يتم تحصيلها بطرقٍ كثيرةٍ من ممارسي التجارة والصناعة، ولم يكن في حينها يوجد وجه تجاري للنظام، بل كان الجميع جباةً ومحصلين، من دون أن ينخرطوا بجدّية في عالم “البزنس”. بروز دور مخلوف كان مع بروز بشار الأسد، فبدا رجل الطائفة، ورجل الأعمال الناجح الذي يقدم خدماته التجارية إلى جانب خدماته الاجتماعية الموازية، كأي تجاريٍّ عريق.

اليوم، كيف سيستفيد النظام من تنحية رامي مخلوف بهذه الطريقة، واسمه من أوائل الذين طاولتهم العقوبات الدولية والأميركية؟ لن تنفع هذه الخطوة لو أراد النظام وضعها في خطته لمكافحة الفساد، فالرجل يمارس النشاط نفسه بالأسلوب نفسه منذ جلس بشار على كرسيه في قصر المهاجرين، فما الذي تغير اليوم ليوضع رامي مخلوف في خانة الفاسدين؟

لا يمكن أن يكون عزل مخلوف مجرّد دسائس قصر، أو إرضاءً لزوجة الرئيس أو أحد أقاربها، فالتنظيم الأسري في الغالب أعلى من تصادمٍ من هذا النوع، ومن غير الممكن أن يكون الروس، أو الإيرانيون، أو أي داعم آخر للنظام قد فرض شطب اسم هذا الرجل، أو إيقاف أيٍّ من نشاطاته، واشترط إزالته لاستمرار الدعم. أما عن الوضع بين بشار ورامي، فقد يكون الرجلان اختلفا على تقاسم جزءٍ من الجسد الذي ينهشانه، وما زال فيه بقية من لحم. الصورة الأوضح ستظهر بظهور رامي مخلوف في فيديو آخر بمثابة “عيدية”، يقول فيه كل ما دار خلف الكواليس، وأوصل التناغم الكامل في العائلة، بشقيه الأمني والمالي، إلى هذا المستوى من تقاذف الاتهامات والتحدّيات على “فيسبوك”، حيث يمكن لكل من نهبهم هؤلاء متابعة تفاصيل ما جرى، والتهكم على مآلات أفراد هذه المافيا.

العربي الجديد

————————-

المدعو رامي مخلوف/ رشا عمران

لم يكن رامي مخلوف شخصا عاديا في سورية، حتى قبل أن يظهر اسمه رجل أعمال، كما يسمّي نفسه. هو الذي كان يرافق باسل الأسد (الخليفة المفترض) لوالده، في طريقه إلى المطار، حين وقع حادث السير الرهيب عام 1994 الذي حوله من رئيس قادم إلى شهيد. كانت صفة المرافق لباسل الأسد أنه ابن خاله محمد مخلوف، وهذا كان من أهم أركان النظام السوري، ولعب دورا كبيرا في تهيئة بشار للحكم بعد وفاة الأسد الأب، حتى لكان يقال إنه الحاكم الأصلي لسورية في بدايات حكم بشار، كما كان له الفضل الأول في بقاء الأخير على كرسي الرئاسة بعد الثورة عام 2011، إذ كان يشاع أن محمد مخلوف كان أحد أكبر المشجّعين على الحل الأمني والعسكري، وهو من وضع الخطط لقمع الثورة وتحويلها إلى فوضى وحرب أهلية. ويقال أيضا إنه كان الراعي الأول لكل شبّيحة الإعلام اللبنانيين والعرب الذين تبنّوا نظرية الثورة الطائفية والإرهابية ضد الرئيس العلماني، وإن هؤلاء كانوا يمرّون بمكتبه قبل الظهور على الشاشات الإعلامية، في وقت كان ابنه الأصغر (حافظ)، العقيد في المخابرات، رئيسا لفرع الخطيب للأمن الذي شهد أسوأ أشكال تعذيب المعتقلين. هكذا أحكمت عائلة مخلوف، في بدايات الثورة، سلطتها على الإعلام والاقتصاد والأمن، المفاصل الرئيسية التي يمكن من خلالها التحكّم بأي نظام أو بلد.

بدأ اسم رامي مخلوف في الظهور في بداية العقد الماضي مع شركة الاتصالات الخلوية الأولى في سورية، والتي أدّى ظهورها إلى التنكيل بشخصيتين سوريتين رفيعتي المقام، الاقتصادي عارف دليلة ورجل الصناعة الأهم رياض سيف، بسبب اعتراضهما في مجلس الشعب على احتكار رامي مخلوف لشركة اتصال، يفترض أن تكون تابعة لشركة الاتصالات الوطنية، وأن تعود أرباحها إلى الدولة، كانت بدايات خصخصة كل شيء في سورية الأسد، وكان لرامي مخلوف وشركاته التي بدأت تتمدّد كأخطبوط نصيب الأسد من هذه الخصخصة، ومصطلح “نصيب الأسد” هنا ليس مجازيا أبدا، إذ يعرف السوريون أن رامي مخلوف كان في البداية مجرّد “تحصلدار” لآل الأسد: لا يمكن لأي مشروع استثماري أن ينشأ في سورية إلا بمشاركة رامي مخلوف بالنصف أو أكثر قليلا، كان هذا الشرط الدائم لأي مستثمر، حتى أن مشاريع كثيرة قد تم إيقافها بسبب رفض أصحابها مشاركة مخلوف. يتحدّث في هذا المجال الملياردير المصري، نجيب ساويرس، عن سرقة آل الأسد ومخلوف أمواله، حينما اتفق مع الحكومة السورية على إقامة شركة اتصالات (فودافون) في سورية. كما أن مشروع “بورتو طرطوس” تم إيقافه سنوات طويلة، بسبب عدم موافقة المستثمر المصري على شراكة مخلوف.

قصص كهذه كانت تحدث كثيرا، حتى أصبح مخلوف أحد مليارديرات العالم، مدعوما بعد الثورة من إيران، حيث أنشأ جمعية البستان (الخيرية) على طريقة الجمعيات الجعفرية الشيعية، كانت في واجهتها جمعية مساعداتٍ للفقراء، بينما في أساسها كانت ما يشبه مدرسة لإعداد الشبّيحة الذين كانوا يتدرّبون في إيران لقمع الثورة! جمعية البستان جعلت اسمه بين العامة الفقراء من مؤيدي النظام يلحق بلقب “الأستاذ” المحسن الكبير الذي كان الذراع الكبرى في القضاء على “الفورة الإرهابية”!

غير أن الزمن لا يبقي حالا على حال. الحرب الطويلة في سورية غيرت شكل التحالفات، ويبدو أن البروباغاندا الإعلامية التي اشتغلت منذ عامين لإظهار “السيدة الأولى” في الصورة كانت من أجل هذه اللحظة، إحكام سيطرتها على الاقتصاد السوري، واستعادة الثروات الموضوعة تحت اسم مخلوف، في الإعلان عن بدء مرحلة جديدة في سورية، تكون سيدتها أسماء الأسد التي تسير على طريقة الأرجنتينية إيفا بيرون، أو ربما الفيليبينية إيميلدا ماركوس، فهي مثلهما تهوى اقتناء الأشياء الثمينة والفاخرة والأعمال الفنية المسعرة بملايين الدولارات، في وقتٍ يموت فيه السوريون، حرفيا، من الجوع والفاقة، من دون أن تنسى أن تقدّم بعض المساعدات، على طريقة عدوها الحالي، رامي مخلوف، لبعض الأسر والعائلات الموالية للنظام، بما يضمن إظهار صورتها محاربة للفساد و”قلبها على الشعب الفقير”.

أما الشعب الفقير، فليس له في حرب النفوذ المالي بين أركان النظام سوى الفرجة، وحيرة الاصطفاف لمن تعود على الاصطفاف والولاء الأعمى لأركان السلطة، وربما نظرة سريعة على التعليقات على فيديوهات رامي مخلوف، أو على القرارات الصادرة للحجز على أمواله والتي تسميه “المدعو رامي مخلوف”، تكشف هذه الحيرة، الخائفة، لدى مؤيدي النظام، والمرعوبين من هذا الشقاق غير المفهوم لهم.

العربي الجديد

—————————

ما هي علاقة رامي مخلوف بالمصارف اللبنانية؟/ عزة الحاج حسن

بعد إقرار وزارة المال السورية حجزاً احتياطياً على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرجل الأعمال رامي مخلوف، إبن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، نتيجة تصاعد حدّة الخلافات بين الطرفين، تبع ذلك عدة قرارات وخطوات مماثلة، تندرج في خانة الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف، منها اتخاذ سوق دمشق للأوراق المالية قراراً بالحجز على أسهم مخلوف في 12 مصرفاً ومؤسسة مالية خاصة في سوريا. وذلك، ضماناً للمستحقات المترتبة لـ”الهيئة الناظمة للاتصالات” الحكومية في سوريا، من شركة “سيريتل”، المملوكة من مخلوف.

المصارف الـ12 التي تم الحجز على أسهم رامي مخلوف فيها، بينها ستة مصارف لبنانية عاملة في سوريا هي: بنك عودة سوريا BASY، بنك بيبلوس سوريا BBS، بنك سوريا والمهجر BSO، فرنسبنك سوريا FSBS، بنك الشرق (تابع للبنك اللبناني الفرنسي) SHRQ وبنك سوريا والخليج SGB. ونظراً لكون المصارف “لبنانية”، وإن كانت عاملة في سوريا، رب سؤال عن مدى تأثير عملية الحجز ممتلكات لأحد مساهميها، أي رامي مخلوف، على المصارف الأم المرتبطة بها في لبنان؟

طبيعة المصارف اللبنانية في سوريا

يتواجد في سوريا سبعة مصارف لبنانية، يمكن تسميتها بمصارف لبنانية عاملة في سوريا. لكنها في واقع الحال مصارف سورية، ذات مساهمات من مصارف لبنانية. بمعنى أن المصارف اللبنانية العاملة في سوريا تتمتع باستقلالية إدارية ومالية، ولديها مجالس إدارة منفصلة تماماً عن المصارف اللبنانية. وانطلاقاً من ذلك، يؤكد أحد المصرفيين اللبنانيين في حديث الى “المدن”، أن لا أثر سلبياً على الإطلاق لعملية الحجز على أسهم رامي مخلوف في المصارف اللبنانية العاملة في سوريا، على نظيرتها في لبنان.

المصارف اللبنانية العاملة في سوريا ليست فروعاً للمصارف اللبنانية، إنما عاملة على الأراضي السورية، وكانت في وقت سابق مرتبطة إدارياً ومالياً مع المصارف اللبنانية الأم، قبل أن تنفصل عنها كلياً مع بداية الحرب السورية عام 2011. كما أن سيولتها وميزانياتها ورساميلها لا تندمج مع ميزانيات المصارف في لبنان. وهي اليوم (أي المصارف اللبنانية العاملة في سوريا) تُدار من قبل شركات خاصة ومجالس إدارة مستقلة. ومملوكة من عدد من المساهمين، بينهم رامي مخلوف، ومصارف لبنانية عاملة في لبنان.

لا خطر على المصارف

أما بالنسبة الى الحجز على أسهم رامي مخلوف في المصارف اللبنانية العاملة في سوريا أو في المصارف السورية، فلا يشكّل ذلك على الإطلاق أي خطر على مالية المصارف، يقول مدير أحد المصارف اللبنانية العاملة في سوريا في حديث الى “المدن”. فرامي مخلوف مجرّد مساهم كآلاف المساهمين في المصارف. وهو لا يملك حسابات مصرفية فيها. ويشدّد المصدر المصرفي، أن كل شخص (فرد كان أو مؤسسة) يندرج اسمه على لائحة العقوبات الأميركية أو الأوروبية أو الأمم المتحدة، لا يحق له امتلاك أي حسابات مصرفية في سوريا، إن في المصارف اللبنانية العاملة في سوريا، أو في المصارف السورية.

أما عن امتلاك رامي مخلوف أسهم مصرفية، وليس حسابات مصرفية، فيوضح المصدر المصرفي، أن كل شخص له الحق بشراء أسهم مصرفية مطروحة في البورصة، مهما كان وضعه. وهذا الأمر لا يخضع لإرادة المصرف، مع ضبط حجم الاستحواذ. بمعنى أن من يشتري أسهماً مصرفية من البورصة، لا يملك الحق بتملّك نسبة كبيرة من الأسهم، إنما يخضع لسقوف معيّنة. وهذا ما ينطبق على حالة رامي مخلوف، المالك لأسهم في المصارف اللبنانية دون امتلاكه أي حسابات مصرفيه فيها.

يُذكر أن المصارف اللبنانية المتواجدة في سوريا والبالغ عددها سبعة مصارف، يمتلك رامي مخلوف أسهماً في ستة منها. وعلى الرغم من أن مخلوف كان سبق له أن باع حصته في بنك بيبلوس سوريا عام 2011، وفق ما تردّد.. إلا أن كتاب “سوق دمشق للأوراق المالية” المتعلّق بالحجز الاحتياطي على كامل أسهم رامي مخلوف في المصارف، شمل أيضاً بنك بيبلوس سوريا، باعتبار مخلوف يملك فيه أكثر من 3 ملايين سهمٍ، ما يكشف عن إعادة استحواذ مخلوف على أسهم في بنك بيبلوس سوريا بعد العام 2011.

المدن

—————————–

احتدام صراع أسماء ـ رامي على «الفقراء والموالين»

احتدم الصراع بين أسماء، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، ورامي مخلوف، ابن خال الرئيس، على كسب «الفقراء والموالين» للنظام السوري.

وكتب رامي مخلوف على صفحته في «فيسبوك»، أمس: «نتمنى من الجهات الأمنية التوقف عن ملاحقة الموالين الوطنيين والانتباه إلى المجرمين المرتكبين. كما نتمنى أن يُطلق سراح الموظفين المحتجزين لديهم في هذا الفطر المبارك». وأضاف: «رغم الظروف الصعبة التي نمُرُّ بها لم ننسَ واجبنا تجاه أهلنا، فقد تمّ تحويل مليار ونصف المليار ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي نحو 1800 ليرة) لجمعية البستان وجهات أخرى لتقديم الخدمات الإنسانية لمستحقيها بصدق وأمانة، فكانت الجمعية ترعى ما يقارب 7500 عائلة قتيل و2500 جريح إضافة إلى آلاف العمليات الجراحية ومساعدات أخرى».

في المقابل، ذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمانة السورية للتنمية، التي تترأس مجلس الأمناء فيها أسماء، أطلقت حملة لدفع منحة مالية للعائلات في مختلف المناطق».

على صعيد آخر، أعلنت المعارضة، أمس، مقتل 10 أشخاص في اشتباك بين عشيرتين في ريف دير الزور، في وقت شهد سجن محكمة سرمدا في إدلب عصياناً من عشرات المساجين قوبل باستنفار أمني.

————————-

رامي مخلوف يطالب أجهزة الأمن بالتوقف عن ملاحقة «الموالين الوطنيين»

تصاعد التنافس بين أسماء زوجة الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ورامي مخلوف ابن خاله من جهة أخرى على كسب الفقراء والمحتاجين من الموالين للنظام السوري في دمشق والساحل غرب البلاد.

وكتب رامي مخلوف على صفحته في «فيسبوك» أمس معايدة بمناسبة عيد الفطر، قائلا: «نتمنى من الجهات الأمنية التوقف عن ملاحقة الموالين الوطنيين والانتباه إلى المجرمين المرتكبين. كما نتمنى أن يُطلق سراح الموظفين المحتجزين لديهم في هذا الفطر المبارك».

وتصاعدت الخلافات بين مخلوف والسلطات السورية منذ مطالبة «الهيئة الناظمة للاتصالات» الحكومية من شركة «سيريتل» التي يرأس مجلس إدارتها ويملك معظم أسهمها بسداد 185 مليون دولار أميركي قبل 5 مايو (أيار). وأعلنت وزارة المال الحجز على أمواله. كما حجزت «سوق دمشق للأوراق المالية» على 15.2 مليون سهم في 12 مصرفا في البلاد، إضافة إلى قرار محكمة في دمشق بمنعه من السفر.

وقال مخلوف أمس: «رغم الظروف الصعبة التي نمُرُّ بها لم ننس واجبنا تجاه أهلنا فقد تمّ تحويل مبلغ ما يقارب مليار ونصف المليار ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي نحو 1800 ليرة) لجمعية البستان وجهات أخرى كي تستمر بتقديم الخدمات الإنسانية لمستحقيها بصدق وأمانة فكانت الجمعية ترعى ما يقارب 7500 عائلة قتيل و2500 جريح إضافة إلى آلاف العمليات الجراحية ومساعدات مختلفة أخرى». وزاد: «نتمنى من مديري وموظفي الجمعية الاستمرار بهذه البرامج وتنفيذها على أكمل وجه لخدمة أهلنا بشتّى المناطق السورية وخاصة في الأرياف».

وكان إيهاب شقيق رامي، استقال من منصبه نائبا لمجلس إدارة «سيريتل» وأصدر بيانا يعلن خلافه مع رامي، معلنا «الولاء» للرئيس الأسد. وكتب رامي أمس: «طريق الحق صعب وقليلٌ سالكوه لكثرة الخوف فيه لدرجة أن الأخ يترك أخاه خوفاً من أن يقع الظلم فيه».

في المقابل، أطلقت «الأمانة السورية للتنمية» التي تترأس مجلس الأمناء فيها أسماء الأسد حملة لدفع منحة مالية للعائلات السورية «الفقيرة». وذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» في دمشق، أن «الأمانة السورية للتنمية، أطلقت حملة لدفع منحة مالية للعائلات السورية في مختلفة المناطق والمحافظات»، وأوضحت أن «تعليمات وصلت من مكتب أسماء الأسد نصت على توزيع مبلغ نقدي يتراوح ما بين 20 و100 ألف ليرة سورية، لكل أسرة». وأكدت أن «المبالغ العالية وهي أكثر من 75 ألف ليرة سورية تم تخصيصها للأسر العلوية محافظات حمص، واللاذقية، وطرطوس، وحماة، ودمشق، بينما المنحة النقدية المنخفضة تم تخصيصها إلى الأسر السنية في مختلف المحافظات».

وعلمت «الشرق الأوسط»، أن موظفين من «الأمانة» قاموا باتصالات على مدار الأيام الماضية بأسر سورية من أجل إبلاغهم بالتقدم إلى «منارات» الأمانة البالغ عددها نحو أربعين منارة موزعة في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، من أجل الحصول على مبالغ مالية ما بين 20 و100 ألف ليرة سورية بحسب عدد أفراد الأسرة.

ومع تفجر الخلاف مع رامي في بداية مايو الحالي، بث موقع رئاسة الجمهورية السورية، الأحد الماضي وقائع ورشة عمل، عقدتها أسماء الأسد، وبدا واضحاً في خلال حديثها عن «جرحى الوطن»، أنها تسحب ورقة فقراء وجرحى النظام من يد مخلوف، التي سبق له التلويح بها في رسائله المصورة، إذ تحدثت عن إعادة تفعيل برنامج اقتصادي خاص بالجرحى و«تصحيح» الأخطاء التي شابته، وأن ملف الجرحى بات تحت الإشراف المباشر من قبل القصر الرئاسي «حرصاً على إبقاء البوصلة الحقيقية لأي جهود تُبذل في هذا الإطار في اتجاهها الصحيح».

ورأت مصادر مطلعة، أن «الدافع وراء منحة (الأمانة السورية للتنمية) هو الرد على تصريحات مخلوف. واعتبرت أن «أسماء الأسد تسعى عبر المبالغ الموزعة إلى تأكيد أنها راعية الأسر السورية وبالأخص منها الفقيرة والعلوية».

———————————–

رامي مخلوف يتحدى والأسد يردّ في عقر داره/ عهد فاضل

لم يتأخر ردّ رئيس النظام السوري بشار الأسد، على ابن خاله رامي مخلوف، رجل الأعمال المعاقب دوليا، بعدما كتب مخلوف تدوينة، السبت، يقول فيها إنه حول أموالا لجمعية “البستان” التي كانت تحت إشرافه سابقا، ثم وضع الأسد يده عليها، منذ شهور.

وجاء الردّ، بعد ساعات قليلة، على منشور مخلوف، بتدوينة لجمعية البستان على حسابها الفيسبوكي، قالت فيها إنها تعمل تحت إشراف بشار الأسد. في رد مباشر من رئيس النظام، على التحدي الذي أطلقه مخلوف معلنا فيه، تحويل مبلغ مليار ليرة سورية ونصف المليار، لصالح “البستان”.

وكان مخلوف في تدوينته الأخيرة، قد خاطب موظفي “البستان” طالبا منهم “الاستمرار” بعملهم، و”تنفيذه” في الوقت الذي لم تعد تعمل الجمعية تحت إمرته، بعدما أصبحت تحت يد الأسد، وتديرها أسماء الأخرس، زوجة رئيس النظام.

وتقصّد مخلوف التعامل باستهانة، مع مؤسسات الأسد، عندما أعلن تحويل مبلغ مالي كمساعدات للجرحى، دون أن يعلن تحويل مبلغ مالي لصالح خزينة النظام التي تطالبه بـ 130 مليار ليرة. وتعمد عدم الاكتراث بالحكم الصادر بمنعه من مغادرة سوريا، والتقليل من شأنه، من خلال إصداره “أوامر” لموظفي جمعية البستان التي كانت يوماً تحت إمرته.

وتطرق مخلوف إلى موقف شقيقه “إهاب” الذي استقال من “سيرتيل” وأعلن وقوفه في صف الأسد، وقال إن الخوف هو الذي يدفع الأخ للابتعاد عن أخيه، خوفاً من الظلم.

حروب الجرحى

وتتمحور “المعركة” بين الأسد وابن خاله، في الأيام الأخيرة، على بيئة النظام الموالية، من طرف رامي مخلوف من جهة، والأسد من جهة ثانية. وفيما يسعى مخلوف لتقديم نفسه بأنه “راعي فقراء” بيئة النظام، لتعزيز مواقعه بمواجهة الأسد وتهديده بإمكانية تحريك تلك البيئة ضده وتغيير بوصلة ولائها، قامت زوجة بشار الأسد، بالإعلان عن تقديم منحة مالية وصفتها بالطارئة لجميع جرحى النظام، في 17 من الشهر الجاري، لسحب ملف جرحى جيش النظام من يد مخلوف الذي تحدّاها، السبت، وحوّل مبلغاً مالياً كبيراً لصالح أولئك الجرحى، فردّت “البستان” عليه بأنها تحت إمرة الأسد.

وكان الأسد قد اتخذ أكثر من إجراء “عقابي” بحق مخلوف، كحرمانه من مغادرة سوريا، وحجز أمواله في 12 مصرفاً، وإلقاء الحجز الاحتياطي على جميع أمواله المنقولة وغير المنقولة، وحرمانه من التعاقد مع جميع مؤسسات النظام لمدة خمس سنوات.

الأسد يستعدّ لـ”قيصر” بمخلوف

وشهدت نهاية العام الماضي، بداية تضييق الأسد على ابن خاله، رامي مخلوف، عندما أوعز لجهاته الحكومية بإصدار قرارات بالحجز الاحتياطي على أمواله، سبقها، في شهر آب/ أغسطس الفائت، وبإيعاز روسي، بإصدار أمر بحلّ ميليشيات جمعية “البستان” التي كانت تعمل تحت إمرة مخلوف، وتضم عددا كبيرا من المسلحين الذين يتقاضون مرتبات أكبر بكثير من مرتبات ضباط الأسد وجنوده.

ورامي مخلوف، رجل أعمال معاقب دوليا منذ عام 2008، بتهم تتعلق بالفساد والتربح على حساب قوت السوريين، وكثيرا ما لجأ إلى تخويف خصومه التجاريين، مستفيدا من دعم الأسد له، لاكتساب مزايا متقدمة عليهم.

وهتف الثوار السوريون، ضد اسم رامي مخلوف منذ بداية الثورة على الأسد عام 2011، بصفته فاسداً وواجهة مالية لآل الأسد. إلا أن مخلوف وعلى غير عادته، ظهر على وسائل الإعلام، في شهر حزيران/ يونيو عام 2011، معلنا “تخليه” عن نشاطه الاقتصادي، كيلا يكون “عبئا” على الأسد كما زعم. إلا أن الواقع أظهر أن هذا الإعلان، كان مجرد تنفيس للضغط المحيط بالأسد، من كل جانب، حيث تبين أن مخلوف كان الداعم الأبرز لجميع أعمال الأسد العسكرية والأمنية، فضلا عن استمرار نشاطاته التجارية وتكديسه مليارات الدولارات.

ويعاني الأسد من أزمة مالية واقتصادية خانقة، ويعيش في الآونة الأخيرة، مخاوف تقض مضجعه، تتعلق بتطبيق قانون “قيصر” الذي أصدرته الإدارة الأميركية بحقه، وسيدخل حيّز التطبيق الشهر القادم. حيث يتوقع أن يكون تأثير تطبيقه، على حليفي الأسد الأساسيين الداعمين له في شتى المجالات، إيران وروسيا، بصفة خاصة.

ويعاقب قانون “قيصر” جميع الشركات والأشخاص والدول التي تدعم الأسد، أو تمول حكومته أو تتعامل مع بنكه المركزي. وستشمل عقوبات “قيصر” قطاعات طيران النظام والنقل والاتصالات والطاقة.

وأطلق اسم “قيصر” لحماية المدنيين السوريين، على القانون الأميركي المعاقب لجميع داعمي الأسد. و”قيصر” هو اسم المصوّر العسكري السوري السابق الذي انشق عن نظام الأسد، ثم هرّب آلاف الصور الفظيعة التي تكشف تعذيب وقتل آلاف المعارضين لرئيس النظام.

العربية

———————————

صراع العروش داخل النظام السوري بين بشار الأسد ورامي مخلوف/ شفيق ناظم الغبرا

الخلاف الذي ظهر للعلن بين رامي مخلوف، رجل الأعمال المتحكم بجزء هام من الاقتصاد السوري، وبين الرئيس السوري بشار الأسد، يعكس طبيعة الأزمة التي يمر بها النظام السوري. فالخلاف يوضح مدى الفساد المستشري في النظام السوري، ويوضح كيف تلاعب النظام بالاقتصاد وبحقوق السوريين والسوريات. تعليق المحلل السياسي شفيق ناظم الغبرا.

التفكك الذي هز الجيش والأمن كما والاقتصاد بدأ يضرب عصب الأسرة المتحكمة في النظام. هذا التفكك في ظل وجود روسيا وإيران العسكري والسياسي وفي ظل انتقاد الإعلام الروسي لسلوك الأسد، يفتح الباب للكثير من المفاجآت. صراع المال والسلطة والسيطرة وصراع المافيات الاقتصادية وحجم الضحايا السوريين منذ 2011 سيؤثر في المشهد القادم.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف وصلت سوريا لهذا الوضع البائس؟

لنستعرض بعض من التاريخ. فبفضل سياسات النظام الأمنية والعسكرية منذ 2011 وبفضل قمع الثورة السورية السلمية في شهورها الأولى، تم دفع الثورة نحو التطرف. إن عسكرة الرد النظامي على الثورة وتصفية البعد المدني والشعبي للثورة السورية في 2011-2012 أدى لانشقاقات الجيش الحر ولبروز قوات الميليشيا المختلفة.

لكن النظام في سوريا فضل سياسة الأرض المحروقة على أن يقبل بتقليص صلاحيات الرئيس أو بالحد الأدنى من المساءلة والمحاسبة. وهذا ليس غريبا على الأنظمة الديكتاتورية، لكننا نلحظ فارقا بين نظام يسعى لاستيعاب حالة التغير كما حصل في عدد من الأنظمة العربية التي غيرت الرئيس، وبين نظام يتمسك برأس النظام حتى الرمق الأخير دون أدنى التفات لثمن ذلك التمسك.

ولتفادي الحل السياسي والإصلاح أتى النظام السوري في البداية بحزب الله من لبنان، ثم جاء بدولة إيران، لكن عندما لم ينجح النظام في استعادة المبادرة بفضل قوة زخم الثورة السورية، جاء بروسيا وبطيرانها وبقواعدها العسكرية. فقد تدخلت روسيا بزخم ضد الثورة السورية في أيلول- سبتمبر 2015 وذلك عندما كانت الثورة على وشك إحداث تغير حاسم في وضع النظام. وقد نتج عن كل ذلك تشريد ملايين السوريين وقتل مئات الألوف من المواطنين. لقد انتهى النظام السوري كرهينة بين إيران وروسيا، والان أصبحت تركيا في قلب الحدث السوري في مناطق الشمال.

إن السياسات المتطرفة التي خطها النظام السوري من أجل الحفاظ على كرسي الرئاسة أفقد الرئيس السوري كما وأفقد النظام مكانته وحياديته. إن العلاج الدموي الذي بحث عنه الرئيس بشار الأسد للثورة السورية التي بدأت عام 2011 تبين أنه اسوأ بمئات المرات ممن لو سعى للتحدث مع الثوار والنشطاء في بداية الثورة. فداعش على سبيل المثال كانت نتاجا للقمع ولعسكرة الثورة وسواد الفوضى. وهذه الفوضى ما كان بإمكانها أن تتطور بما فيها داعش لو أن النظام سعى للتفاهم مع الثوار في إطار سياسي منذ البداية. قراءة النظام لما وقع ولعمق غضب الشعب السوري كانت خاطئة وقد أدت لجرائم ضد الإنسانية.

“النظام في سوريا فضل سياسة الأرض المحروقة على أن يقبل بتقليص صلاحيات الرئيس أو بالحد الأدنى من المساءلة والمحاسبة. وهذا ليس غريبا على الأنظمة الديكتاتورية”

في ظل غياب الشفافية والديمقراطية عن كثير من الدول العربية، يصبح كرسي الحكم بالنسبة للمقربين من الحاكم، وخاصة أفراد أسرته، مصدراً للسلطة والمال. هنا جولة مصورة مع نماذج لأفراد أسر زعماء عرب متهمون بالتربح والفساد.

تتوجه إلى أشقاء الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة أصابع الاتهام بإدارة البلاد خلال السنوات، التي تدهورت فيها صحته. وبالتزامن مع استقالته من الحكم، تداولت وسائل إعلام أنباء عن وضع السعيد بوتفليقة تحت الإقامة الجبرية. ونشرت لوفيغارو الفرنسية تقريراً قالت فيه إن المحامي عبدالغني بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، شغل منصب المستشار القانوني لمجموعة خليفة، المتهمة بإحدى أكبر قضايا الفساد في الجزائر.

إن مستوى القتل والفتك الذي مورس بحق الشعب العربي السوري يفتح الباب للكثير من الملاحقات القانونية بحق النظام. فمنذ أيام، على سبيل المثال، بدأت محاكمات في ألمانيا لسوريين قاموا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عندما كانوا جزءا من النظام.

لقد تقدم الضحايا بشهاداتهم ضد النظام السوري وضد المتهمين حول التعذيب والقتل وإعدامات السجون. قرار الاتهام أوضح إن ما وقع في سوريا كان جزءا من سياسة منهجية ضد النشطاء والمناضلين السلميين. إن المحاكمات ستمس من أعطى أوامر الإعدام وأساليب القتل والتعذيب والخطف والتصفية.

إن انتقال المحاكمات والمطالبات لقضايا أخرى هو الآخر ممكن. فعلى سبيل المثال بدأت تتفاعل في أوروبا في بعض الدول كهولندا قضية السوريين المخفيين قسريا والمخطوفين في سجون النظام والذين يبلغ عددهم عشرات الألوف. لن يستطيع النظام أن يختبئ من ملايين السوريين المنتشرين في دول العالم.

لقد تفجرت ثورة سوريا عندما تبين للشعب السوري أن أسلوب النظام الأمني وامتهانه لكرامة المواطنين وحرياتهم وضيق أفق سياساته الاقتصادية والأمنية لم تعد تحتمل. فالنظام السوري عاش في ذيل النظام الدولي والاقتصاد العالمي بعد أن سلم البلاد لأقلية من المتنفذين. وبينما تقاسم النظام السوري في زمن الرئيس حافظ الأسد بعض المنافع مع فئات مختلفة من المجتمع السوري إلا أن سيطرة الفساد والمصالح الضيقة في زمن الرئيس السوري بشار الأسد جعلت واقع النظام السوري يتجه نحو إهمال الطبقات والفئات الشعبية. لقد ثار الشعب السوري، كما ثار غيره من شعوب العرب عام 2011.

لم ينتبه النظام السوري بأن القمع الذي مارسه والحرب التي شنها على مكونات المجتمع السوري ساهمت في تدمير النظام السياسي السوري القديم. بل ان ادعاء النظام السوري بالانتصار في تلك الحرب كان من وحي الخيال. فالانتصار لا يقع عندما يتم تهجير الشعب السوري وتدمير اقتصاده وقراه ومدنه وقتل مئات الالوف من بناته وابنائه. ان بيئة مجزرة حماه التي عرف النظام كيف يتجاوزها منذ ثمانينيات القرن العشرين، تختلف عن ما وقع في السنوات منذ 2011. فقد تحولت كل سوريا لجريمة كبرى بحق الإنسانية.

وفي الواقع تقلصت قدرة النظام على إحداث التسويات مع الشعب كما وضمن الدائرة الحاكمة الضيقة منذ زمن الرئيس بشار الأسد وذلك بسبب صرفه لرأسماله الأخلاقي والسياسي على مدى سنوات الثورة السورية.

إن سيطرة القوى الكبرى والإقليمية على المصير السوري هو النتاج الطبيعي لتدمير الشعب السوري من قبل نظامه الأمني والسياسي.

ستكشف لنا الأحداث القادمة عن المزيد من المفاجآت، فالتاريخ السوري بالكاد بدأ منذ ثورة 2011 ، كما أن قدرة الشعب السوري على استعادة مكانته هي الأخرى على المحك في المراحل القادمة.

حقوق النشر: قنطرة 2020

شفيق ناظم الغبرا استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت.

—————————-

جذر ومآلات صراع الأسد-مخلوف..باحثون يحاولون تفكيك المشهد اقتصادياً وسياسياً

ناقش باحثون سوريون، في ندوةِ نظّمها “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، الخميس، الخلافَ الذي تتطور مُعطياته يومياً، بين رجل أعمال عائلة الأسد، رامي مخلوف، وابن عمته رئيس النظام، بشار الأسد؛ والتداعيات المحتملةِ على الملف السوري، المُشتعل أساساً بتطوراتٍ عديدة، تتزامن مع مسألة مخلوف.

وحاول الباحثون عبر مقارباتٍ من زوايا مختلفة، تفكيك مشهد الصراع القائم، وتسليط الضوء على تفاصيل جوانبه الاقتصادية، وقراءة البعد السياسي عبر التحول الحاصل، وتشريح أسباب الخلاف ومستقبله.

وافتتح الدكتور عمار قحف، المدير التنفيذي لـ”مركز عمران” الندوة، التي أدارها الباحث معن طلّاع، وشارك بها المستشار الاقتصادي، أسامة القاضي، والباحثيّينِ ساشا علو وأيمن الدسوقي.

رامي مخلوف كـ”صندوق أسود”

وقال الدكتور أسامة القاضي، المحاضر الاقتصادي في عدة جامعات، إن “واقع الحال في الخلاف الدائر الآن بين الأسد ومخلوف، مغزاه الأساسي ضرب التحالف العشائري الطائفي الاقتصادي العائلي، وضرب هذه الكتلة الصلبة شاقولياً، من منظومة الفساد المالية، لما تبقى من اقتصاد سوري”.

واعتبر الباحث الاقتصادي، أن “المشكلة بين مخلوف والأسد لم تكن ذات مغزى حقيقي، إلا بعد أن أبرزتها الصحافة الروسية، و(خاصةً) صحيفة البرافدا في 14 أبريل/نيسان، لأنها صحيفة رسمية، وواضح أنها تُعبّر بشكل واضح، عن إرادة روسية في استبدال منظومة الفساد السورية، التي يعتبر رامي هو الصندوق الأسود فيها خاصة على الصعيد الاقتصادي”، مشيراً إلى أن “الصراع مع رامي صعب، لأنه مُتمركز داخل الاقتصاد السوري، بشكل عنقودي”.

وأضاف المتحدث، أن البعض قد يعتقد “المقصود مما يجري شركة سيريتل أو شخص رامي، لكن الواقع ما يجري هو استبدال منظومة رامي مخلوف، وهذه لا تعني شخص رامي؛ فهناك 71 شخصية في شركة الشام القابضة و23 في شركة سورية القابضة”، وغيرهم، من 120 رجل اعمال يتمركزونَ  حول هذه المنظومة”، التي تم خلال السنوات الماضية “تشريع حوالي 1200 مرسوم من أجل تمتين البيئة المناسبة والحاضنة المناسبة لهذه الشركات التي تقبض على الاقتصاد السوري”.

إقصاء رامي ليس سهلاً

واعتبر القاضي، أنه “ليس بالسهولة أن يقضي بشار الأسد على منظومة رامي مخلوف(…)امبراطورية الفساد الموجود يراد استبدالها بإرادة دولية؛ وعلى الأخص روسية، من أجل التمهيد لمرحلة قادمة بوجود أو بدون الأسد، لكن ضرب هذه المنظومة ليس سهلاً”، ولكن هذه المنظومة “باتت عبئاً على كل من يتحالف مع النظام”.

كما أن منظومة الفساد المالي القابضة على مفاصل الاقتصاد الروسية، ستشكل وفق القاضي “عقبة أمام دخول استحقاقٍ(أو تحدٍ) جديد هو قانون سيزر الشهر القادم”، بالتوازي مع عدم قدرة روسيا “على إعادة الاعمار وحدها”، وبالتالي هي مضطرة لدفع العملية السياسية، وإيجاد بيئة تشجّع المجتمع الدولي “للدخول في إعادة الإعمار، ودخول روسيا بأموالها لبدء قطف جني ثمار دخولها الحرب في سبتمبر/أيلول 2015”.

تأميم روسي؟

وذهب الباحث الاقتصادي، أسامة القاضي، إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال اعتقاده أن هناك “تأميم روسي للثروات السورية المنهوبة، فهذا التأميم الروسي للشركات السورية، لأن سورية باتت الآن تحت منطقة النفوذ الروسي وهي الآمر الناهي في هذا المجال، ولن تسمح لأي قوة دولية أخرى لتأخذ من حصتها الاقتصادية(…)الايرانيون مثلاً حاولوا في شركة الفوسفات ولم يفلحوا رغم توقيع اتفاقية رسمية، لكن الروس وضعوا يدهم على شركة الفوسفات” وهو ما تكرر في موضوع المرافئ.

ووفق كل ذلك، فإن القاضي يعتبر أن الوضع الآن “أمام إعادة تركيب جديدة لمنظومة الفساد، بالطريقة التي تخدم مدير الاقتصاد السوري وهو الجانب الروسي”، مشيراً إلى أن ذلك سيواجه “مشكلة أكبر بعد مخلوف، في استبعاد منظومة ماهر الأسد المعني أيضاً بهذه المسألة”.

إرهاصاتٌ لانهيارٍ أو تغيّير مُحتمل

الحدث يتحمل تحليلات عدة، لكونه استثنائي، كما قال الباحث ساشا العلو، الذي أضاف بأن “الاستثنائية لم تكن فقط بظهور رامي مخلوف”، بل في “عقلية السلطةالتي لم تؤمن يوماً بمحاسبة أحد رموز النظام وتشويه سمعته..على سبيل المثال، رفعت الأسد الذي هدد بانقلاب وحاصر دمشق بالدبابات، ولكنه خرج بتسوية منحته امتيازات عديدة(…) وينطبق كذلك على غازي كنعان، و يبدو أن النظام لم يُحدث أي تعديل على هذه العقلية مع شخصيات أقل وزناً مثل عاطف نجيب”.

فـ”الخصوصية المركبة لرامي مخلوف مقابل الإجراءات التي يتخذها النظام بحقه عبر أجهزة الدولة تشير إلى ملامح تحول”، حسب العلو “لأن النظام لا يمكنه التعاطي مع مخلوف كمجرد ابن خال الرئيس ورجل الاعمال المطبق على الجزء الأكبر من الاقتصاد السوري”.

وتابع أنه ووفقاً “لذلك لا يمكن التعاطي مع رامي مخلوف في الظرف السوري كشخص عادي، وانما هو جزء من مرحلة تحول كامل رافق تولي بشار الأسد للسلطة، وتبنيه سياسيات اقتصادية جديدة(نيوليبرالية)، والتي أدى تطبيقها ضمن منظور النظام، لصعود طبقة رجال أعمال جديدة من المقربين، تغولت في السوق على حساب دور الدولة والقطاع العام”.

إخلال بتوازنات حافظ الأسد

“هذا التغول والتحول الذي مثَله رامي مخلوف أخلَّ بتوازنات حافظ الأسد”، كما يرى ساشا العلو، معتبراً أن ذلك يأتي “على مستوى تجاوز عملية التطييف للجيش والأجهزة الأمنية إلى الاطباق على الاقتصاد وتطييفه. أداة التطييف مثّلها رامي مخلوف ومجموعة من أبناء رموز نظام الأسد الأب(…)هذا أخل بتوازنات(حافظ الأسد) بفتح الفضاء الاقتصادي للنخب التقليدية من السنة والمسيحيين ضمن اطار توافقات اقتضتها ضرورات تثبيت السلطة”.

وذهب الباحث السوري، إلى أنه و”كما كان صعود رامي مخلوف جزء من مرحلة كاملة، فبالضرورة أفوله اليوم ومحاولات تحجيمه وازاحته من الساحة الاقتصادية، هي أيضاً تحول يحاول النظام إحداثه..هذا التحول يحمل سمة القسرية لأنه يأتي ضمن دوافع وسياقات معقّدة في الملف السورية؛ داخلية تتجلى بأزمات اقتصادية حادة تضرب الداخل السوري، وخارجية تتجلى بضغط الحلفاء(المتنافسين على الاقتصاد السوري)، وازدياد وتيرة العقوبات ضد النظام واقتراب تطبيق قانون قيصر”.

محاولات تكيّف لاحتواء ضغوطات

ضمن هذه الظروف الداخلية والخارجية، يأتي هذا التحول، حسب العلو، مع صعود طبقة من رجال أعمال جدد “هم وكلاء محليين لحلفاء النظام، مع تراجع دور الدولة التي تحولت لشريك أمني ميليشيوي وليس شريك ضابط للسوق(…)وبالتالي النظام يحاول التكيّف مع كل هذه المتغيرات، وكما يحاول الاستفادة من هامش المنافسة بين حلفائه، فإنه أيضاً يحاول التكيف مع ضغوطاتهم عبر مقاربة مصالحه مع مصالحهم”.

وختم الباحث العلو حديثه بالقول، إن “تحركات النظام بغطاء قد ينكشف ويتراجع  للضغط عليه، تُعطي بشكل أو بآخر إشارات لسقف وشكل التغيير في بنية النظام العائلية والطائفية. أثناء التحولات، النظام يعطي مؤشرات لنظرته للتغيير وتخيله أنه يمكن أن يعود لشكل توازنات حافظ الأسد، وفتح الفضاء الاقتصادي للسنة من الموالين، واستبعاد أي  دور للمعارضة، ولكن دون التنازل في الجيش والأجهزة الأمنية”.

التصدع والتوازنات وانفراط التحالف

ما نشهده من خلاف، يعود لتغيرات وتحولات كانت تختمر في الظل خلال الفترة الماضية، كما يقول الباحث أيمن الدسوقي، و”تأتي في سياق مساعي الأسد لإعادة مَركَزَةِ القوى في القصر الجمهوري، والتخلص من منافسين مُحتملين خاصة على مستوى الطائفة”، فضلاً عن رغبته “الحصول على ريع سريع لدفع متطلبات حلفائه، ومواجهة تبعات قانون قيصر”.

وسَرًد الدسوقي، جملة معطياتٍ اعتبرها مهدت للمشهد الحاصل اليوم، من خلال حديثه عن “تحالف غير معلن لرامي مخلوف مع بداية الاحتجاجات(سنة2011)

رامي مخلوف مع بداية الاحتجاجات(في 2011) مع الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية، وهدف التحالف حماية النظام والطائفة الحاكمة، ولكل طرف في التحالف دور.. مخلوف يدفع الرواتب للميليشيات، المخابرات تُدرب وتُذخر، والفرقة الرابعة تُشرف على العمل العسكري والعملياتي”.

وذهب الباحث إلى أن تلك الفترة شهدت ولادة “مجموعات ميليشيوية لجمعية البستان التي لعبت دوراً متطوراً في الدفاع عن النظام، من خلال توسيع شبكاتها المحلية(…)كذلك انخرط مخلوف في اقتصاد الحرب، عن طريق تأسيس شركات للالتفاف على العقوبات، وتجارة القمح والنفط (..) وتنامت ثورته من خلال استنفاعهِ من اقتصاد الحرب”.

لكن هذا كله، بدأ يصاب بالتصدع بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، نهاية سبتمبر/أيلول 2015، وما أحدثه من ديناميات “بمعنى أن تحالف مخلوف والفرقة الرابعة والمخابرات الجوية، أصابه التصدع بعد استثمار الروس في قوات النمر وهذا أدى لتسرب عناصر من مجموعات البستان لمجموعات النمر، كما أن الفرقة الرابعة لم تعد تحمل مسؤوليةو العبئ العسكري الميداني، وبالتالي انخرطت اكثر في اقتصاد الحرب وباتت تتنافس مع البستان في الترفيق والترسيم”.

تزامن ذلك تقريباً، مع “تحول في القصر، بعد وفاة أنيسة والدة بشار، وقبل ذلك مقتل اصف شوكت. هذا أدى لخسارة آل مخلوف ثقل أنيسة، إضافة لمرض محمد مخلوف، وهذا أدى لتراجع نفوذ آل مخلوف في القصر(..) مع تشكيل أسماء الأسد مكاتب مرتبطة بها وتدخلت بتشكيل السياسة”.

تسوية أم تصعيد؟

يضيف الباحث الدسوقي، أن هناك عوامل أخرى، أدت لوصول المشهد إلى ما هو عليه الآن، فـ”ما حدث على الصعيد الاقتصادي: تدني الإيرادات العامة(…)وانهيار سعر صرف الليرة وارتفاع المعيشة، وانخفاض الإنفاق العام وتراجع الدعم الاجتماعي الحكومي، وبالتالي في ظل هذه المعطيات، أصبح النظام بحاجة لإيرادات مالية، وأسهل طريقة هي الاستحواذ على أموال رجال اعمال”.

واعتبر المتحدث، أن “مخلوف أحدث انقساماً على مستوى الطائفة(…) ترافق ذلك مع حملة روسية والكلام عن إمكانية استبدال الأسد”، متوقفاً عند  “الأوراق التي يمتلكها مخلوف”، في هذا الصراع، ومنها “أن لديه شبكات الدعم التي كان أسسها، وهو خازن الأسرار المالية للعائلة الحاكمة، وله نفوذ بمؤسسات الدولة والاجهزة الأمنية بالإضافة لشبكة ارتباطات تدعم موقفه”.

وذهب الدسوقي، إلى أن الخلاف متجه نحو كسر العظم..إن لم يصل الخلاف لتسوية، قد يذهب النظام لاغتيال مخلوف، وهو ما أشار إليه الأخير ضمناً بالفيديوهات التي ظهر بها.

ويمكنكم متابعة التسجيل الكامل للندوة عبر صفحة “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” في “فيسبوك”.

    ندوة بحثية بعنوان: “خلافات الأسد ومخلوف وتداعياتها المحتملة على الملف السوري”

    البث المباشر ندوة بحثية بعنوان: “#خلافات_الأسد_ومخلوف وتداعياتها المحتملة على #الملف_السوري”المشاركون؛- الأستاذ معن طلاع، باحث في مركز عمران (مدير الجلسة).د. أسامة القاضي، باحث ومستشار اقتصادي.- الأستاذ ساشا العلو، باحث في مركز عمران.- الأستاذ أيمن الدسوقي باحث في مركز عمران.رابط المشاركة عبر منصة الزووم: https://us02web.zoom.us/j/82525799612

    Posted by ‎عمران للدراسات الاستراتيجية Omran For Strategic Studies‎ on Thursday, 21 May 2020

السورية نت

—————————-

لماذا حان وقت رحيل نظام البعث – الأسد؟/ سمير سعيفان

بُعَيد استقلال سورية، كلّفت حكومة شكري القوتلي خبيرًا بريطانيًا بأن يقدّم دراسةً عن سورية وسُبل تنميتها وهي على أبواب مرحلة جديدة. ولو جاء السوريون اليوم، وسورية على أبواب مرحلة جديدة، بفريق من خبراء أجانب محايدين، لا علاقة لهم بمعارضة ولا موالاة، لينظروا في حال سورية منذ 1963 حتى اليوم، وفق معايير موضوعية، آخذين بالحسبان مصلحة سورية كبلد ودولة وشعب؛ فإن المتوقع أن يقدّموا للسوريين تقريرًا محتواه كالآتي:

عن النظام في الفترة السابقة لـ 2011:

بالعودة للجذور، نجد أن هذا النظام قد قام من بعد انقلاب عسكري على سلطة مدنية منتخبة، في 8 آذار/ مارس 1963، وهذا يجعل منه سلطة غير شرعية، بالمعايير السياسية العصرية. ولكن سمة العصر وانقسام العالم آنذاك، والحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي، أتاحت لمثل هذه الأنظمة أن تعيش على فتات الحرب الباردة، خاصة أن المعسكرين المتنافسين قد اهتمّا بالولاء والتبعية، لا بمدى شرعية أي نظام، فالشرعية لكل طرف منهما كانت بالموالاة له. والآن، وقد انتهت الحرب الباردة السابقة باكتمال سقوط المعسكر السوفيتي سنة 1991، أصبح نظام البعث – الأسد فاقدًا للمناخ العالمي الذي أتاح قيامه واستمراره، أي إن المصنع الذي أنتج هذا النظام قد أفلس وأغلق أبوابه، وأصبح نظام البعث الأسد ذاته خارج التاريخ؛ فلا يمكن اليوم القبول بحكم نظام غير ديمقراطي، لا يقوم على الحريات العامة في التنظيم والتعبير وتداول السلطة، ولا يمكن القبول بتولي أي حزب أو شخص أيّ سلطة، في أي بلد، إلا بانتخابات حرة نزيهة، فضلًا على أن الدستور لا يتيح للحاكم البقاء في السلطة أكثر من دورتين، لا تزيد مدتهما عن ثماني سنوات. إنه حكم التاريخ اليوم.

لأن الضباط الذين قاموا بانقلاب آذار 1963، كانوا يهتمون بالسياسة أكثر من اهتمامهم بمهنتهم، ولأنهم كانوا قد سُرّحوا من الجيش في مرحلة الوحدة السورية المصرية، فقد امتلؤوا بأفكار مفادها أن التآمر على قلب نظام الحكم هو الخطر الداهم، وأن من يحفظ السلطة بأيديهم هو قوة السلطة العسكرية والأمنية، لا رضى الناس وتقديرهم لإنجازات السلطة. ولذلك حرصوا على أن يبقى مناخ الصراع والتوتر قائمًا دائمًا، فأعلنوا تفعيل حالة الطوارئ صبيحة الثامن من آذار، وأبقوه مفعلًا مدة خمسة عقود، من دون أن تكون هناك حاجة لذلك، وعندما اضطروا إلى وقف حالة الطوارئ؛ استبدلوها بما هو أقسى منها، وهو ما سمّي بـ “قانون الإرهاب” الذي استُخدم ضد كل من عارض النظام، كما كانوا بحاجة إلى عدو خارجي كي يبقى التوتر مستمرًا، فيمنحهم ذرائع لأفعالهم، لذلك حافظوا على حالة من اللاسلم واللاحرب مع إسرائيل، وهذا ما يشغل الشعب عن مشكلات الداخل، ويتيح للنظام الاحتفاظ بجيش كبير وجهاز أمن وقانون طوارئ. وكان هذا على حساب الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث التهمت الموازنات العسكرية والأمنية معظم إيرادات الخزينة العامة، وتم انتزاع ما بين 300 إلى 500 ألف شاب سوري من ميدان العمل والإنتاج، ووضعهم تحت السلاح، كما تم تجيير كل شيء في البلاد لمصلحة الملف الأمني، وهذا مناخ لا يُنتج تنمية، لذا تأخرت سورية كثيرًا على الصعد كافة.

رفع نظام البعث منذ 1963 كثيرًا من الشعارات الكبيرة، مثل تحرير فلسطين والحرب الشعبية، من دون أي تحضير لمستلزمات مواجهة إسرائيل التي شكّلت منذ تأسيسها 1948 خطرًا داهمًا على حدود سورية. فلو تمتّع انقلابيو آذار 1963 بحد أدنى من الخبرة والمعرفة؛ لعلموا أنّ الجيش السوري الضعيف، الذي اهتمّ ضباطه بالسياسة ونظّموا الانقلاب تلو الآخر منذ الانقلاب الأول 1949، غيرُ قادرٍ على أن يدافع عن الوطن ويواجه الأعداء؛ إذ قاموا بتصفيات بعضهم البعض، منذ انقلاب حسني الزعيم، ثم انقلاب الحناوي، وانقلاب الشيشكلي، وانقلاب 1954، وانقلاب الوحدة 1958، وانقلاب أيلول 1961 الذي أطاح الوحدة، وانقلاب آذار 1963، ومحاولة انقلاب جاسم علوان في تموز 1963، وانقلاب صلاح جديد في شباط 1966، ومحاولة سليم حاطوم الانقلابية الفاشلة في أيلول 1966. وكان على الانقلابيين أن يدركوا أن الجيش السوري، بعد كل هذه الانقلابات وتصفيات الضباط والأفراد التي تبعتها، أصبح جيشًا مهلهلًا، بضباط صغار بخبرات معدومة وتدريب سيئ وتسليح ضعيف، ولو أنهم أدركوا ذلك، وهو أمرٌ بدهي، لما زاودوا بالشعارات وورطوا عبد الناصر الذي وقع هو الآخر في الفخ، ومنحوا الفرصة لإسرائيل بأن تهاجم أراضي عربية إضافية وتحتلها، في عدوانها في الخامس من حزيران 1967. لقد فقد نظام البعث شرعيته للمرة الثانية بعد هزيمة حزيران، وكانت المرحلة التي تلتها فترة نظام حكم بلا شرعية.

وإذا أخذنا معيار التنمية التي هي أحد أسس شرعية أيّ نظام، بما ينتجه من تنمية اقتصادية وبشرية وما يقدمه من منافع للشعب؛ فإن نظام البعث خلال نصف قرن من سلطته، بين 1963 و 2010، قد فشل في تحقيق أي تنمية مستدامة، وقد تراجعت سورية في عهده على الصعد كافة، من دولة ومجتمع كانا في طليعة بلدان العالم الثالث، في خمسينيات القرن العشرين، في الصناعة والزراعة والتجارة والقضاء النزية والتعليم وخدمات الصحة والإدارة الحكومية وغيرها، إلى دولة تقف في مؤخرة دول العالم، في مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية (أما اليوم، فسورية أصبحت خارج المؤشرات الإنسانية)، أي كان هناك فشل شامل. ويمكن توصيف وضع سورية العام، في ظل سلطة البعث -الأسد، بأنها دولة لديها موارد متنوعة وشعب بإمكانات كبيرة، بينما تدار إدارةً فاشلة وفاسدة. وهذا يُفقد أي نظام شرعيته خلال خمس سنوات، لا خمسين سنة!

على الصعيد الاجتماعي، جاء هذا النظام إلى السلطة رافعًا شعار القضاء على الإقطاع والرأسمالية ومحاربة الاستغلال، ولكن ما جرى أنه أزال الطبقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السابقة، كي تحل قياداته العسكرية والأمنية والمدنية والحزبية محلها؛ فأصبحوا هم الحكام الجدد، وهم الرأسماليون الجدد، وهم الإقطاعيون الجدد، وهم الوجهاء الجدد، من دون أن يحملوا قيم الطبقة السابقة ومعرفتها في تنظيم الإنتاج وحسن الإدارة. لقد أغرق نظام البعث – الأسد السوريين بشعارات الاشتراكية، ولكنه استأثر بكامل السلطة والمال، وأشرك الشعب في الفقر والقمع.

أغرق النظام السوريين بالحديث عن مكافحة الفساد، ولكنه نظّم الفساد ليكون أداة لتكوين ثروات كبيرة لعائلة الأسد أولًا، ولرجل أعمالها مخلوف، ولمجموعة من حولها، وعمم الفساد كي يكون ثقافة فلا يغدو الفساد سبّة في جبين الفاسدين، كما كان قبل مجيئهم، ثم قدّم بعض الفاسدين الصغار ضحية كي يستر فساده الكبير، واليوم يقتتل الأسد مع مخلوف على توزيع الثروة التي جمعوها بفساد عظيم، وهم مستعجلون ربّما لشعورهم بأن التغيير قد بات قريبًا في سورية.

ردّد النظام على مسامع السوريين شعارَ الحرية صبحًا وعشية، ولكنه ألقى كلَّ من طالب بالحرية في غياهب السجون، بينما أطلق الحرية ليد أجهزة القمع. وتحدث عن “الكرامة الوطنية” ولكن الأسد الأب، قبل مغادرته هذا العالم، نظّم توريث سورية وشعبها لولده الذي لم يكن له أي دور في الدولة، ولا أي خبرة أو مزية، أورثها له كما الممتلكات المادية (السوريون يقولون كما تورث الإبل)، فمرّغ كرامة سورية وشعبها بالتراب.

وعلى الرغم من أن البعث في الأساس حزب قومي تأسس ليبعث الأمة العربية من رقادها، وهو حزب علماني في جذوره، فإن السلطة التي قامت تحالفت منذ 1979 مع نظام ملالي إيران المذهبي الفارسي، وكان حافظ الأسد على رأسها آنذاك، ووقف إلى جانب النظام الديني في إيران، ضد العراق الشقيق الذي يحكمه الشق الآخر من حزب البعث، كما يسّر هذا النظام سيطرة “حزب الله” على لبنان، وهو حزب ديني يتبع إيران علنًا، بتأسيسه وتبعيته وتمويله وسياسته. وهذا يتعارض مع الزعم العلماني ويتناقض مع القومية العربية.

النظام منذ 2011 حتى اليوم

عندما نزل السوريون إلى الشوارع والساحات بدءًا من آذار 2011 بالملايين، على امتداد التراب السوري، وعلى مدى أشهر عديدة، مطالبين سلميًا بالتغيير؛ استخدم النظام العنف المبالغ به وغير المبرر، لقمع المطالبات المشروعة بالتغيير، وبالغ كثيرًا حين استخدم الدبابات والطائرات والمدافع، ومختلف أنواع الأسلحة حتى صواريخ (سكود)، وأثار ذلك دهشة العالم واستنكاره، واستدعى تأييده لحق الشعب السوري بنيل نظام حكم ديمقراطي، يحترم الحريات العامة وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.

وحين فشل النظام في القضاء على الحراك؛ استنجد بإيران وقواتها وميليشياتها التي جُلبت من دول كثيرة، ثم استنجد بموسكو. وقد تسبب عنف النظام، والعنف المضاد المعارض الذي جاء ردة فعل على عنف النظام، في فتح سورية أمام منظمات إرهابية أتت من كل فج عميق، وفي تدخّل دول واحتلالات متعددة تشابكت مواقعها ومصالحها على الأرض السورية.

كان لدى النظام فرصة للقيام بسلوكٍ آخر يحفظ سورية وشعبها ويفتح مستقبلها، إذ كان أمامه أن يستجيب للمطالب الشعبية الأولى بكل سهولة، ولم تكن تتجاوز المطالبةَ بالإصلاح ضمن النظام القائم، والسماح بالتجمع والتظاهر السلمي في الساحات بدًلا من دفع المتظاهرين نحو المساجد، وبفتح حوار وطني. ولو أن ذلك حصل حينذاك؛ لاعتُبر بشار الأسد بطلًا وطنيًا، لكنه آثر استخدام العنف المنفلت من عقاله الذي دمّر سورية، وأدى بها إلى ما وصلت إليه. ولو كان لدى عائلة الأسد الحاكمة وبقية النخبة الملتصقة بها، ومن يؤيدها على كامل التراب السوري، شيءٌ من حسن التقدير والتعقل وحبّ سورية وشعبها والولاء لها، لا لكرسي الحكم؛ لأدركوا حُكم التاريخ وفهموا الظروف الجديدة ولتصرفوا بتعقل.

يتذكر السوريون في هذه المناسبة العقيد أديب الشيشكلي، وقد سمّاه البعثيون والشيوعيون بـ “الدكتاتور”، فحين قام الانقلاب العسكري ضده في شباط 1954، رفض أن يواجه الانقلاب بقوة عسكرية، وكان لديه كامل القوة، إذ رفض أن تتواجه قطع من الجيش السوري في حرب أهلية على أرض سورية، وفضّل الانسحاب وترك السلطة، وهاجر إلى خارج سورية.

كما أتذكر أنا، كاتب هذه السطور، حين كنتُ أتابع دراستي في ألمانيا الديمقراطية، وبدأ الحراك المطالب بالتغيير يتصاعد ضد النظام القائم فيها، حينذاك، وقد نوقش موضوع ذاك الحراك في المكتب السياسي للحزب الحاكم (الحزب الاشتراكي الألماني الموحد) وهو شبيه بحزب البعث، مع فارق بين الصناعة البعثية والصناعة الألمانية، وقد أعطى هونيكر أوامره، وكان حينها رئيس الدولة وأمين عام الحزب، بأن لا يُعتقلَ أحد ولا يطلق النار على أحد، وقبِل هو بالتغيير وساعد في إتمامه واستقال، وجاءت نخبة حاكمة جديدة، ومن ثم استمر التغيير، وأدى إلى وحدة ألمانيا بقسميها الشرقي والغربي. ويومها ذهب هونيكر للعيش لدى ابنته في التشيلي، ولم يكن لديه، لا هو ولا أي من قيادات الحزب والدولة، أي ثروة. والتاريخ يذكر لهم ذلك.

سورية والمستقبل:

بسبب ربط الغرب رفْعَ العقوبات جميعها عن سورية ورفع الفيتو على إعادة الإعمار، والمساعدة في إخراج جميع القوات النظامية الأجنبية والميليشيات الأجنبية من سورية عدا القوات الروسية، والمساعدة في عودة المهجرين وإعادة بناء سورية ماديًا ومجتمعيًا، ربطًا شرطيًا بحدوث انتقال سياسي بدون الأسد ونظامه؛ فإن عدم حدوث الانتقال السياسي سيعني بقاء سورية مهدّمة ومدمّرة ومقسمة، بخدمات متدهورة ومستوى تعليم وصحة منخفض، ونقص من المياه والغذاء وفقر واسع جدًا واقتصاد مدمّر، إضافة إلى أن معظم شعبها مهجر، وأجزاء منها تحت سيطرة أجنبية، وسيبقى الدمار هو الحقيقة العارية. وعلى المؤيدين والمعارضين والحياديين إدراك هذه الحقيقة المرّة.

ومن الجدير التنويه به أن الانتقال لن يكون إلى نظامٍ تبتغيه فصائل مسلحة معارضة إسلامية، دعت -صراحة أو مواربة- لإقامة دولة دينية، إذ ستكون سورية حينذاك كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولن يكون هذا الانتقال السياسي المطلوب من القوى الدولية المتحكمة في الشأن السوري، وستبقى القوى الدولية تتخذ، تجاه مثل هذه الدولة في حال قيامها -وهو احتمال معدوم- الموقفَ الذي اتخذته تجاه نظام البعث- الأسد.

خلاصة تقييم نظام البعث – الأسد: أن بدايته غير شرعية، وكان فاشلًا في ماضيه، وقد ارتكب جرائم أكثر في حاضره، وبقاؤه يشكّل كارثة لمستقبل سورية وشعبها. وقد تجمعت مؤشرات عديدة تنذر بقرب رحيله.

من الذي يجب أن يرحل:

لكل هذه الأسباب وغيرها الكثير، سيكون من مصلحة السوريين، جميع السوريين، موالاة ومعارضة ورماديين وحياديين ولا مبالين، سيكون من صالحهم ومصلحة استقرار المنطقة، واستقرار لبنان بخاصة، أن يتم في سورية انتقال سياسي منظم، يضمن منع الفوضى، إلى نظام مدني ديمقراطي يقوم على تداول السلطة وفق أسس عصرية معلومة. ويبدو أن التاريخ قد حكم أخيرًا على هذا النظام الذي افتقد الشرعية طوال وجوده، بالرحيل، بعد أن تأخّر رحيله أكثر من نصف قرن، دفع السوريون خلالها الكثير من أرواحهم وكرامتهم وتقدّمهم، خاصة أنهم دفعوا خلال السنوات التسع السابقة ما لا يمكن تصديقه عندما يرويه الأجداد للأحفاد.

ما يجب أن يرحل هو النظام الحالي ككل، وليس فقط عائلة الأسد والنخبة الحاكمة، والمقصود بالنظام الحالي نظام الحزب الواحد الذي صادر السياسة، وحكّم أجهزة الأمن بمصاير السوريين، نظام تدخل الجيش في السياسة وجمع السلطات في يد رئيس مطلق الصلاحيات، نظام القضاء غير المستقل وغير النزيه، النظام الذي ينظم الفساد والفاسدين، والعاجز عن محاسبة المسؤولين، والذي أشاع ثقافة المحسوبية والولاء، وتدخل الدولة المعيق في الحياة الاقتصادية، نظام إهمال العلم والسماح بالتفاوت الكبير للثروة، وتركزها بيد أقلية على حساب بقية السوريين، وغير ذلك من السمات السلبية للنظام القائم، واستبداله بنظام عصري جديد، يمكن اختصاره بالقول إنه يعاكس كل هذه السمات السلبية بأخرى إيجابية.

ولا بد أن يرحل حزب البعث أيضًا، بأن يصدر قرار بحله ومنع عودته، ومصادرة ممتلكاته لتعود للدولة، لأن أثمانها سُحبت بغير حق من الخزينة العامة، فلا مكان لهذا الحزب في سورية القادمة، فما جرى باسمه ينزع عنه كل شرعية، على الرغم من أنه كان مجرد أداة، ولكن ليس من مصلحة سورية والسوريين تطبيق نهج العراق بسياسة اجتثاث البعث، الذي استخدم انتقائيًا لأغراض مذهبية انتقامية، فمعظم البعثيين السوريين كما العراقيين، لم ينالوا من هذا النظام شيئًا، بل نالوا منه ما ناله الشعب السوري عمومًا.

أما كيف سيرحل هذا النظام، فسيكون هذا بتوافق روسي أميركي، فأميركا تقرّ أن سورية منطقة نفوذ سوفيتية سابقًا وروسية لاحقًا، ولا تريد منافسة روسيا على سورية، ولكنها بذات الوقت لا تريد أن تسهّل مهمة روسيا في سورية بدون مقابل، وروسيا هي في أزمة لأنها غارقة في سورية، أما أميركا فمرتاحة وهي تحاصر سورية وتحاصر روسيا معها، وبالتالي ستضطر روسيا إلى تقديم التنازل ضمن انتقال سياسي يُرضي أميركا، وتبقى الصعوبة في صياغة هذا الانتقال وتأمين إمكانية تنفيذه على الأرض. ويبقى هذا احتمالًا ينتظر التحقيق.

الكلمة الأخيرة

الكلمة الأخيرة التي سيوجهها فريق الخبراء المحايدين، الذي جئنا على ذكره في البداية، إلى كل السوريين وخاصة النخب التي تلعب أدوارًا أهم -بغض النظر عن مواقف الموالاة والمعارضة والحياد- هي أن الماضي قد مضى، وأن التاريخ قد حكم على سورية بالتغيير والانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي عصري، وأن هذا الأمر يُوجب على الجميع الاتحاد والعمل المشترك من أجله، متجاوزين تصنيفات المعارضة والموالاة والرماد والحياد، لمواجهة حجم الدمار المادي والمجتمعي، وإزالة آثار المشكلات الكثيرة المتراكمة التي سيكون حلّها صعبًا ومعقدًا جدًا، حتى مع توفّر دعم العالم بكامله. أما إذا لم يتم رحيل النظام وغاب دعم المجتمع الدولي، وبقي الوضع على ما هو عليه؛ فإن على جميع السوريين -دون استثناء- أن يترحموا على سورية.

إنها مسؤولية كل سوري، وعليه أن يختار بين الدمار والإعمار.

مركز حرمون

——————————–

هل تبرأت “جمعية البستان” من رامي مخلوف لصالح بشار الأسد؟

عُقب منشور كتبه رامي مخلوف، على صفحته العامة، تحدث فيه عن أعمال جمعية البستان “الخيرية”، نشرت الجميعة، ما يشبه بيانَ الردّ على ما قاله مخلوف، مؤكدة أنّها تستمد تعليماتها من رأس النظام السوري بشار الأسد.

وجاء في منشور الجمعية الذي نُشر أمس السبت: تتمنى لكم جمعية البستان الخيرية عيد فطر سعيد، وبهذه المناسبة يسرنا أن نشير بأن الجمعية تقوم بعملها الخيري والانساني والتنموي بمتابعة وإشراف السيد رئيس الجمهورية.

وأضافت الجمعية، التي تموّل منذ 2011 اللجان الشعبية والدفاع الوطني “الشبيحة”: إننا في جمعية البستان نؤكد حرصنا على استمرارية العمل المكلفين به وفق الدور الموكل إلينا به على أكمل وجه وبتوجيهات “قائد الوطن”.

    تتمنى لكم جمعية البستان الخيرية عيد فطر سعيد، وبهذه المناسبة يسرنا أن نشير بأن الجمعية تقوم بعملها الخيري والانساني…

    Gepostet von ‎جمعية البستان الخيرية‎ am Samstag, 23. Mai 2020

وكان رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، نشر أمس السبت، منشوراً عبر صفحته الشخصية في فيسبوك، استهلّه بمعايدة بمناسبة عيد الفطر.

وقال رامي مخلوف، في منشوره: “بدايةً نعايد عليكم جميعاً بعيد الفطر المبارك والله يجعل كل أيامكم مباركة. ونتمنى من الجهات الأمنية التوقف عن ملاحقة المواليين الوطنيين والانتباه إلى المجرمين المرتكبين كما نتمنى أن يُطلق سراح الموظفين المحتجزين لديهم في هذا الفطر المبارك..”.

وأضاف: “رغم الظروف الصعبة التي نمُرُّ بها لم ننسى واجبنا تجاه أهلنا فقد تمّ تحويل مبلغ ما يقارب مليار ونصف المليار ليرة سورية لجمعية البستان وجهات أخرى كي تستمر بتقديم الخدمات الإنسانية لمستحقيها بصدق وأمانة فكانت الجمعية ترعى ما يقارب ٧،٥٠٠ عائلة شهيد و ٢،٥٠٠ جريح إضافة إلى آلاف العمليات الجراحية ومساعدات مختلفة أخرى”.

وختم بالقول: ‏‎نتمنى من مدراء وموظفي الجمعية الاستمرار بهذه البرامج وتنفيذها على أكمل وجه لخدمة أهلنا بشتّى المناطق السورية وخاصة في الأرياف.. إن طريق الحق صعب وقليلٌ سالكيه لكثرة الخوف فيه لدرجة أن الأخ يترك أخيه خوفاً من أن يقع الظلم فيه.

—————————

رئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب يكشف جذور الخلاف بين أسماء الأخرس ورامي مخلوف

هبة محمد

تتصاعد الأزمة التي تعصف بالبيت الداخلي للنظام السوري، والتي يقودها رئيس النظام بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس، ضد أبرز الرموز الاقتصادية رامي مخلوف، وهو رجل الأعمال الذي شكل لعقود الواجهة الاقتصادية للأسرة الحاكمة، وتربع على عرش الاتصالات لعشرين عاماً، الأمر الذي أثار موجة من التكهنات حول مآلات هذه العاصفة، التي لن تنتهي بحسب المؤشرات عند قرار الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف، وزوجته وأولاده، بل ربما سيشكل هذا القرار منعطفاً خطيراً يعـكس مدى تفـاقم الصـراع.

رئيس الوزراء السوري الأسبق د. رياض حجاب، تحدث عن جذور الخلاف بين العائلتين المتحكمتين في البلاد، إبان توليه منصبه، ووصف بشار الأسد، بمصدر الفساد في سوريا معتبراً «آل مخلوف» مجرد واجهة لتمثيل مصالحه الشخصية، لافتاً إلى أن زوجته أسماء الأخرس كانت تتكسب من أموال الدولة وتدعم شخصيات فاسدة، تسلمت حينها إدارة شركات رائدة في البلاد، كاشفاً عن خلاف آخر بين الأخرس وماهر الأسد وزوجته منال جدعان.

ولفت إلى أن رامي هو مجرد واجهة لمجموعة من المتأثرين بالإجراءات الأخيرة، أبرزهم محمد مخلوف وابنه حافظ، وقائد الحرس الجمهوري الأسبق اللواء عدنان مخلوف، وعدد من رجالات القصر، مؤكداً أن الخلاف القائم يعكس تفكك الدائرة الحاكمة الضيقة، لا سيما الممتعضين من سطوة آل مخلوف المسيطرين على مفاصل الاقتصاد السوري.

«كلاهما كاذب»

وكتب «حجاب» في سلسلة تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي عبر موقع «تويتر» بشار يزاود على تطبيق الدستور والقانون، ورامي يزاود على الفقراء،

وكلاهما كاذب، ولو كانا صادقين لأعادا «سيرياتيل» إلى الشعب السوري، لأنها ملكية عامة للدولة وليست شركة خاصة بهما.

وبيّن رئيس الوزراء الأسبق أن «مظاهر فساد آل مخلوف تنامت، إثر تبني سياسات رفع الدعم الحكومي وتحرير الاقتصاد» (عام 2005) ما أدى إلى إفقار السوريين وظهور طبقة حول بشار الأسد، مثلت واجهة لمصالحه الخاصة في «شام القابضة»، و»سيرياتيل» و»إم تي إن»، والأسواق الحرة، وغيرها من القطاعات التي يملك بشار الأسد الحصة الأكبر منها.

وأضاف «أحاط بشار الأسد ذمته المالية بقدر كبير من السرية، حيث كلف رامي مخلوف ووالده محمد بمهمة إدارة أمواله وخصص لهم الجزء الأكبر من عقود النفط التي كانت تذهب لحساباته الشخصية، ولحساب زوجته أسماء الأخرس التي كانت تتكسب من أموال الدولة وتدعم شخصيات فاسدة سلمتها إدارة «شام القابضة».

وكشف حجاب أن «بشار الأسد هو مصدر الفساد في سوريا» عازياً السبب إلى أنه «عندما اقترب موعد تحويل ملكية شركتي «سيرياتيل» و»إم تي إن» للدولة فاجأني بطلب تحويل عقودهما (BOT) إلى عقود إيجار مقابل 35 مليار ليرة سورية، لأنه كان يرغب بإبقائهما تحت سيطرة آل مخلوف الذين يمثلون واجهة لمصالحه الشخصية». وإزاء ذلك الطلب الذي وصفه حجاب بـ»الغريب» شكل رئيس الوزراء الأسبق «لجنتين إحداهما برئاسة وزير المالية، والثانية برئاسة وزير الاتصالات، حيث قدم وزير المالية تقريراً أكد فيه أن الدولة ستخسر حوالي خمسة مليارات دولار إذا تم تحويل الشركتين إلى عقود إيجار، فلم أنفذ العملية، بل نفذتها حكومة وائل الحلقي فيما بعد».

ولفت إلى أن «الخلاف القائم يعكس تفكك الدائرة الضيقة المحيطة ببشار الأسد، فقد عبر لي مقربون من القصر عن امتعاضهم من سطوة آل مخلوف على بشار الأسد ودعمه لهم لوضع أيديهم على مفاصل الاقتصاد السوري برمته، وإخراجهم الجزء الأكبر من ثروتهم للخارج لحمايتها» وأضاف أن «رامي هو مجرد واجهة لمجموعة من المتأثرين بالإجراءات الأخيرة، أبرزهم خال بشار الأسد محمد مخلوف وابنه الآخر حافظ، وقائد الحرس الجمهوري الأسبق اللواء عدنان مخلوف، وعدد من رجالات القصر الذين استحوذوا على الأجهزة الأمنية والعسكرية وعلى مفاصل الاقتصاد السوري لفترة طويلة».

بالإضافة إلى الخلاف القائم بين أسماء الأخرس ورامي مخلوف؛ قال حجاب «هنالك صراع آخر في الكواليس بين أسماء وبين ماهر الأسد وزوجته منال جدعان، كما يدور في الخفاء صراع بين رجال الأعمال المحسوبين على آل الأسد، وآل مخلوف، وآل شاليش، ما يفسر إجراءات الاعتقال والحجر ومنع السفر».

وكان رامي مخلوف قد رد في تدوينة جديدة له عبر صفحته الرسمية على قرار الحجز على أمواله، وكتب «الشباب بدن الشركة ومو شايفين غير السيطرة عليها وتاركين كلشي». ووصف إجراءات وزارة الاتصالات بغير القانونية بعدما حجزت على أموال عائلته رغم أن المشكلة مع الشركة وليست معه شخصياً بحسب ما قال، وكتب «بعد الرد الأخير من قبلنا على الهيئة الناظمة للاتصالات وإظهار عدم قانونية إجراءاتهم إضافة إلى توضيح عدم المصداقية يردون بإجراءات أخرى غير قانونية ايضاً ويلقون الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي مع العلم أن الموضوع هو مع الشركة وليس معي شخصياً إضافة إلى المحاولة لإقصائية من إدارة الشركة بالطلب إلى المحكمة لتعيين حارس قضائي يدير الشركة – كل ذلك بذريعة عدم موافقتنا لتسديد المبلغ؛ وكما تعلمون كل ذلك غير صحيح.. الشباب بدن الشركة ومو شايفين غير السيطرة عليها وتاركين كلشي».

وتساءل مخلوف في تدوينته «هل الحكومة في خدمة الشعب أم الشعب في خدمة الحكومة فكان جواب الحكومة بكتاب رسمي يمنع رامي مخلوف من التعامل مع الدولة لمدة خمس سنوات». وختم تدوينته بالدعاء على النظام السوري والفئة الحاكمة حيث كتب «لقد فعلت كل استطاعتي..وقد استنزفت وأنت المدد، فأريهم فعلك يا الله فقد حان موعد ظهوره ولك الامر فقد قلت ان لله رجالا إذا أرادوا أراد، فبعزتك وجلالتك سيذهلون من فعلك».

ردود أفعال

الخلاف المتأزم ضمن البيت الداخلي للسلطة الحاكمة، كشف للمؤيدين للنظام حجم الأموال المسروقة من الشعب السوري، حيث عقب القيادي الرفيع لدى قوات النظام «سليمان شاهين» والمقرب من العقيد «سهيل الحسن» على قرار الحجز على أسهم رامي مخلوف ببنوك سوريا بالقول «طلعت البلد ثلاثة أرباعها لرامي مخلوف ومن معه ومن كان واجهة لهم، والربع الباقي من البلد لمكتب أمن الفرقة الرابعة بسيطرتها على دخل المعابر والمرافئ ورسومها التي تفرض على كل شيء من خردة ورمل وبحص ومواشي وغيره» وهي الفرقة التي يقودها ماهر الأسد.

وكتب «شاهين» أيضاً «مفكرين إذا صادروا أموال أل مخلوف رح يروحوا لخزينة الدولة ويستفيد منها الشعب.. إحلم يا عين عمك إحلم» مضيفاً «الله يعين هالشهداء والجرحى كل واحد بده يسرق أو يكسب شعبية بهالبلد بيعمل حجه بالشهداء والجرحى أو صورني وأنا مو منتبه عم زور الشهداء والجرحى، وجرحى الحرب صاروا شحادين بالشوارع، وكل تلك الأموال ما في شي منهم بيروح لخزينة الدولة ولسا البعض بيحلم بمستقبل أفضل وشعار بكرا أحلى».

ورد عليه «أبو الحسن» بالقول «لسان حالهم يقول، حقك انت وغيرك تسألهن عن اول مليار دولار، والباقي شطارة وفهلوية !! لو حسنوا يسفوا التراب ماقصروا، اولو استطاعوا ياخدو لقمة الفقير لحطوها بكرشهن ماقصروا..ولو حسنو يعبوا الهوا ماقصروا.. ياترى هالدولاب لح يقلب وترجع هالثروات الطائلة لجيب هالشعب المسحوق.. اللهم اجعلها ناراً وحميماً في بطونهم».

القدس العربي

————————–

 الدكتور رياض حجاب يكشف أًساس الخلاف بين عائلتي الأسد ومخلوف

كشف رئيس مجلس وزراء سوريا الأسبق ورئيس الهيئة العليا للمفاوضات سابقا، الدكتور “رياض حجاب”، عبر تغريدات على حسابه الشخصي في موقع تويتر،

معلومات حول الخلافات الحاصلة بين “رامي مخلوف”، ورأس النظام، والتي اشتدت وتيرتها تصاعداً في الآونة الأخيرة.

وقال من خلال التغريدات إن: “بشار يزاود على تطبيق الدستور والقانون ورامي يزاود على الفقراء، وكلاهما كاذب، ولو كانا صادقين لأعادا “سيريتيل” إلى الشعب السوري، لأنها ملكية عامة للدولة وليست شركة خاصة بهما” بالإشارة إلى عملية الاحتكار الممنهجة التي يتبعها النظام في كافة المفاصل الهامة في البلاد، وتحويل ما يجب أن يكون أملاكاً عامة أو خدمات عامة إلى مصالح شخصية يُعنى بها آل الأسد دون أي أحد آخر.

وبيّن في سياق حديثه أنّ مظاهر فساد آل مخلوف تنامت وازدادت امتداداً و شراسةً بعد تبني سياسات رفع الدعم الحكومي و”تحرير الاقتصاد” (عام 2005)، كما أكد أن ذلك كان أحد الأسباب التي أدت إلى إفقار السوريين وظهور طبقة مخملية تتربع على عرش الاقتصاد والسياسة تحيط برأس النظام، وقد مثلت تلك الطبقة الواجهة لمصالحه الخاصة في “شام القابضة”، و”سيرياتيل” و”إم تي إن”، والأسواق الحرة، وغيرها من القطاعات التي يملك الأسد الحصة الأكبر منها، بحسب تعبيره.

وفي تغريدة أُخرى على منصة تويتر، تحدث حجاب عن السرية التي أبقاها الأسد لسنوات حول الشؤون المالية الخاصة به، كما أنه نوه حول دور أسماء الأخرس زوجة رأس النظام في ذلك: “أحاط بشار الأسد ذمته المالية بقدر كبير من السرية، حيث كلف رامي مخلوف ووالده محمد بمهمة إدارة أمواله، وخصص لهما الجزء الأكبر من عقود النفط التي كانت تذهب لحساباته الشخصية، ولحساب زوجته أسماء الأخرس، التي كانت تتكسب من أموال الدولة وتدعم شخصيات فاسدة سلمتها إدارة شام القابضة”.

وفي سياق متصل أعلن حجاب عن معلوماتٍ حصل عليها خلال توليه في سورية مسؤولية رئيس حكومة النظام، حيث قال: “عندما اقترب موعد تحويل ملكية شركتي “سيرياتيل” و”إم تي إن” للدولة فاجأني الأسد بطلب تحويل عقودهما (BOT) إلى عقود إيجار مقابل 35 مليار ليرة سورية، لأنه كان يرغب بإبقائهما تحت سيطرة آل مخلوف الذين يمثلون واجهة لمصالحه الشخصية.” ليستطيع حجاب من خلال هذه المعلومات توضيح صورة ما وصل إليه اليوم الأسد ومخلوف في الجزء الاقتصادي من صراعهما الطويل.

وتابع مؤكداً أنه لم يرضخ لطلب الأسد حينها، حيث شكّل لجنتين إحداهما برئاسة وزير المالية، والثانية برئاسة وزير الاتصالات، وقدم وزير المالية تقريراً بيّن فيه أنّ (الدولة) ستخسر حوالي خمسة مليارات دولار إذا تم تحويل الشركتين إلى عقود إيجار، ليقوم حينها بإيقاف الأمر وتأجيله، لكن رأس النظام بقي مصراً على تنفيذ ما يراه مناسباً، في عين مصلحته لا أكثر، وفيما بعد قامت حكومة “وائل الحلقي” بتنفيذ الأوامر.

وفيما يتعلق بالخلاف القائم حالياً بين رامي مخلوف والأسد اعتبر حجاب أنه يعكس تفكك الدائرة الضيقة المحيطة ببشار الأسد، ناقلاً معلومات من مقربي الأسد حول امتعاضهم من سيطرة مخلوف الاقتصادية اللامحدودة التي امتلكها سابقاً في البلاد.

وتناول أيضاً صراع رامي مخلوف وأسماء التي تلعب دور السيدة الأولى بظن منها أنها الأميرة “ديانا”، بينما تتلاعب في مصير البلاد مثل زوجها الدكتاتور تماماً، وأكد أنّ خلافها مع مخلوف هو مجرد واحد من عدة صراعات تدور في الدائرة الضيقة لـ بشار الأسد، منها ما يدور بين أسماء وماهر الأسد وزوجته “منال جدعان” أيضاً، كما يدور في الخفاء صراع بين رجال الأعمال المحسوبين على آل الأسد، وآل مخلوف، وآل شاليش، ما يفسر إجراءات الاعتقال والحجر ومنع السفر التي اتخذت بحق الجميع.

ومن جهته تحدث رامي مخلوف في ثلاثة تسجيلات مصورة، عن الضرائب والمبالغ الطائلة التي طالبته بها هيئة الاتصالات في حكومة النظام، وبينما  وافقت شركة MTN على التسديد، رفض رامي مخلوف التسديد عن سيريتل التي يملكها بحسب ما جاء في تصريحات الهيئة، لكن مخلوف قال إنه عرض تقسيط المبلغ على “الاتصالات”، كما قام بفضح الضغوطات التي يتعرض لها من أجل التنازل عن سيريتل، واعتذر في أحد التسجيلات من عائلات الموظفين في شركة “سيرتيل”، الذين تم اعتقالهم من قبل النظام، ولم يستطع  الإفراج عنهم حتى هذه اللحظة.

وحمّل المسؤولية الكاملة للجهات التي أوقفت الموظفين “دون إجراء رسمي وغير نظامية”، بحسب تعبيره، متحدثاً عن أربعة مطالب قدمت له من أجل تنفيذها، وسط تهديد بإغلاق الشركة وسحب الرخصة منها، كم أنه نوه إلى دوره الكبير في دعم الجهات الأمنية والمفاجأة بالنسبة له اليوم أن هذه الجهات ذاتها اعتقلت موظفيه.

وعليه، يتضح مشهد الصراع الدائر بشكل علني في هيكل العائلة الحاكمة، والمقربين منها على أموال الشعب السوري وثروات البلاد. وقد تصل الأمور في نهاية المطاف إلى تصفيات واغتيالات في الصفوف الأولى للنظام، (شخصيات اقتصادية وعسكرية) على غرار التصفيات القديمة التي قامت بها أجهزة المخابرات السورية بطلب مباشر من رأس النظام.

——————————

رامي مخلوف ممنوع من السفر.. والاعتقالات تتوسع في مؤسساته بإشراف روسي

في ظل التدهور الاقتصادي الذي تعيشه سورية والحالة المزرية للمدنيين، لا يزال الخلاف يتصاعد بين السلطة السورية ورجل الأعمال السوري، رامي مخلوف، ابن خال، بشار الأسد، على الأموال التي سرقت من أموال السوري وخيرات بلادهم خلال السنوات الفائتة.

وأصدر القضاء في السلطة السورية، الخميس، قرار يحظر السفر المؤقت على رجل الأعمال، رامي مخلوف، حيث جاء ذلك بعد أيام من إصدار السلطة قرار يقضي بالحجز على أموال “مخلوف” وزوجته وأبنائه.

وفي الشأن ذاته، واصلت الأجهزة الاستخباراتية في السلطة السورية وبدعم روسي حملتها الأمنية التي تستهدف المنشأت والمؤسسات التي تعود ملكيتها لرامي مخلوف، حيث جرى اعتقال 12 شخصا جديدا من المقاتلين السابقين ضمن “جمعية البستان” وذلك عقب مداهمات نفذتها المخابرات برفقة الشرطة الروسية، وتركزت الاعتقالات بشكل أساسي في محافظة اللاذقية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الأشخاص الذين طالتهم حملة الاعتقالات الجديدة كانوا سابقا قد هددوا بـ”حرق الأرض في حال حدوث أي مكروه لرامي مخلوف”.

وبعد حملة الاعتقالات هذه ارتفع عدد الأشخاص الذين أوقفتهم السلطات في سورية إلى 71 عاملا في مراكز مختلفة “مدراء، موظفين، تقنيين، قاتلين ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها مخلوف”. وذلك منذ بداية الحملة الأمنية في أواخر شهر نيسان / أبريل العام الجاري، في كل من دمشق وحلب واللاذقية وطرطوس وحمص، وهم وهم 40 من شركة سيرياتيل و31 من جمعية البستان، حيث جرى الإفراج عن عدد منهم بعد خضوعهم لجلسات تحقيق.

وكان مخلوف  تحدث في مقاطع مصورة عن الاعتقالات التي تطال موظفي الشركات التابعة له وقال إن جهات تريد إقالته من منصبه كرئيس مجلس إدارة لشركة “سيرياتيل” للاتصالات. واستخدم مصطلح “أثرياء الحرب”، مضيفا أن ما يطلب منه هو “تنازل” لأشخاص معينين”.

وشدد مخلوف في فيديو على أنه لن يتنازل أو يتخلى عن شركته، محملا المسؤولية لأشخاص في النظام، حيث لا توجد أي إجراءات رسمية أو نظامية تتبع ضده، وأن هذا الأسلوب يؤدي إلى ترهيب الموظفين العاملين في الشركة حاليا.

وتطالب السلطة رامي مخلوف بدفع “مستحقات مالية” على شركته سيرياتيل، فيما يعتبر الأخير أنّه “مظلوم”، وأنّه سيدفع لكن شرط أن يتم توزيع الأموال على “الفقراء”، مشيرا إلى أنّ من أسماهم بـ “الآخرين” يقومون بأخذ الأموال لمصلحتهم.

وتشير التقارير إلى أن، رامي مخلوف، وقع في خلاف مع الرئيس، وجُرّد بسبب هذا الخلاف من معظم ممتلكاته، وقالت صحيفة التايمز البريطانية العام الفائت، إن مخلوف ولسنوات كان حجر الأساس لنظام الأسد الأب ومن ثم للأسد الابن الذي خصخص بعض أصول الاقتصاد في سوريا مما سمح لمخلوف ببناء امبراطوريته المالية، وبحسب الصحيفة فإن رامي يملك العديد من كبريات الشركات السورية، وإنه كان يسيطر على 60 في المئة من الاقتصاد السوري قبل انتفاضة 2011.

وحول الخلاف قالت إن سببه هو رفض الأخير سداد ديون “الحرب” المشتعلة في البلاد، وإن الأسد يحاول استخدام أموال مخلوف لتمويل ميليشيات للقتال معه في محاولات بسط السيطرة على كافة المدن والبلدات السورية

وكان مخلوف قد قال إن السلطة السورية تريد “أن تأخذ 50 في المئة من حجم الأعمال، أي 120 في المئة من الأرباح (…) وإلا ستسحب الرخصة وستحجز على الشركة”.

—————————-

قرار لـ”محكمة القضاء الإداري” يمنع رامي مخلوف مغادرة سورية

نشر “مجلس الدولة في الجمهورية العربية السورية”، قراراً صادراً عن “محكمة القضاء الإداري”، اليوم الخميس، يُمنع بموجبه رجل أعمال عائلة الأسد، رامي مخلوف، من مغادرة سورية لـ”حين البت في أساس الدعوة”، و “تسديد المبالغ المترتبة”.

وحسب نص القرار الذي يحمل رقم (85/م/2)، واطلع عليه فريق “السورية.نت”، فإن محكمة القرار الإداري(2)، المُشكلة من القضاة “سليمان مداح(رئيساً)، وكارم غالي(عضواً)، وخالد العنادي(عضواً)، وبحضور مساعد المحكمة، حاتم بكر”، و”بعد اطلاعها على الدعوة ذات الرقم 2441 سنة 2020 المقدمة من الجهة المدعية: وزير الاتصالات والتقانة”، بحق “الجهة المُدعى عليها رامي محمد مخلوف”، فإنها قررت “منع  مغادرة الجهة المدعى عليها خارج البلاد”.

وجاء في نص القرار، إن المنع يأتي “لحين البت بأساس الدعوة وفي ضوء النتيجة أو تسديد المبالغ المترتبة عليها إلى الإدارة المدعية أيهما أسبق”.

    أصدرت محكمة القضاء الإداري بدمشق قرارها رقم / ٨٥ / المؤرخ في ٢٠-٥-٢٠٢٠ والمتضمن منع مغادرة المدعى عليه رامي مخلوف خارج البلاد وذلك عملاً بأحكام دستور الجمهورية العربية السورية.

    Posted by ‎مجلس الدولة في الجمهورية العربية السورية‎ on Thursday, 21 May 2020

ونشر “مجلس الدولة في الجمهورية العربية السورية”، قرار المحكمة الذي برر القرار لكون “المحكمة ترجح وجود دين بذمة الجهة المدعى عليها.

ويأتي التطور الجديد، في تتصاعد فيه معطيات الخلاف بين رامي مخلوف، وابن عمته رئيس النظام، بشار الأسد، حيث يضيق الخناق على مخلوف، الذي حُجزت أملاكه قبل يومين، ثم تم الحجز على ملايين الأسهم التي يملكها في كثيرٍ من البنوك الخاصة في سورية.

وأمس انتشرت وثيقة، تؤكد وضع إشارة الحجز الاحتياطي على كامل أسهم مخلوف المودعة لدى “مركز المقاصة والحفظ المركزي” (التابعة لسوق دمشق للأوراق المالية)، العائدة لرامي مخلوف.

وبحسب الوثيقة فإن مخلوف يمتلك ملايين الأسهم في مختلف البنوك في سورية، أكبرها كان في بنك “سورية والخليج” إذ يمتلك فيه أكثر من 4.90 مليون سهمًا، وبنك “بيبلوس- سورية” ويملك فيه أكثر من 3 ملايين سهم، وبنك “قطر الوطني- سورية” إذ يملك فيه أكثر من مليوني سهم.

ويأتي ذلك استمراراً لإجراءات الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف وزوجته وأولاده المنقولة وغير المنقولة، من قبل وزارة المالية في حكومة الأسد.

وأعلنت شركة “سيرتيل”، بشكل مفاجئ، استقالة عضو مجلس إدارتها، محمد الجلالي، وزير الاقتصاد الأسبق، بعد يومين من استقالة إيهاب مخلوف، من منصبه كنائب رئيس مجلس الإدارة وتعيين علي مخلوف ابن رامي بدلاً عنه.

وفي أول رد له على قرار الحجز، قال مخلوف منذ يومين، إنه “بعد الرد الأخير من قبلنا على الهيئة الناظمة للاتصالات وإظهار عدم قانونية إجراءاتهم، إضافة إلى توضيح عدم المصداقية يردون بإجراءات أخرى غير قانونية أيضاً ويلقون الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي”.

وأضاف أن “الموضوع هو مع الشركة وليس معي شخصياً، إضافة إلى المحاولة لإقصائي من إدارة الشركة بالطلب إلى المحكمة لتعيين حارس قضائي يدير الشركة، كل ذلك بذريعة عدم موافقتنا لتسديد المبلغ؛ وكما تعلمون كل ذلك غير صحيح”.

وأكد أن “الشباب”، في إشارة إلى أطراف مقربة من العائلة الحاكمة، يريدون السيطرة على شركة “سيرتيل” “ومو شايفين غير السيطرة عليها وتاركين كلشي”.

السورية.نت

—————————–

صحافة عبرية: أسماء الأسد..من “وردة الصحراء” إلى “المرأة الحديدة

نشرت مجلة “كلكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية، مقالاً مفصلاً عن صعود نجم أسماء الأسد، والتحولات التي طرأت على شخصيتها ودورها السياسي، منذ دخولها القصر الرئاسي، كزوجة لرأس النظام في سورية.

ويأتي المقال على خلفية الصراع الدائر في الحلقة الضيقة للنظام، بعد فيديوهات حوت الاقتصاد رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، التي فضحت للعلن حالة الفساد المالي والصراع التنافسي بين أركان الحكم في أعلى الهرم في بلد لا يزال يعيش “حالة حرب” منذ تسع سنوات وأغلبية شعبه تحت خط الفقر.

يصف المقال التحليلي الذي نشرته المجلة في ملحقها الأسبوعي، أسماء الأسد ، كإحدى وجوه الاستبداد الصامتة في سورية، وكيف تسير على خطى زوجها الرئيس وتجمع خيوط الحكم بيدها.

ويسلط المقال، دورون بيسكين، الضوء على التأثير المتصاعد لأسماء، وحضورها الفعّال في الحكم، وتشير إلى دورها في صد التوغل الإيراني والتحريض ضد روسيا، وإنشاء طبقة من رجال الأعمال الجدد وبناء شبكة اقتصاد عائلية مقربة من أسرتها.

بدأ الكاتب مقالها الذي نُشر قبل أسبوع، بوصف أسماء على أنها كانت “سوبرستار” ونجمة خطفت الأضواء من يومها الأول، لما تملكه من حسن وجمال، منذ ظهورها كزوجة لبشار الأسد عام 2000، بعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة، حظيت باهتمام محلي وعالمي، لدرجة أن صورها تصدرت أغلفة مجلات الموضة العالمية، كمجلة “فوغ” (vogue) الأمريكية.

وتستدرك بيسكين قولها، ولكن بعد اندلاع “الحرب الأهلية” في سورية، التي أظهرت بشار الأسد ديكتاتوراً متعطشاً للدماء ويذبح شعبه، بقيت أسماء الأسد على نمط حياتها المترفة، منفصلة عن الواقع الذي يعيشه السوريون، وراحت تبذر الأموال في وقت كانت تهان فيه كرامة الشعب.

من كانت توصف قبل عقد من الزمن بأنها “وردة الصحراء”، تبدو اليوم شخصية حازمة ومتوحشة لا تعرف الرحمة ولا تتردد بإزالة أي عقبة توقف في طريقها من دون هوادة.

حتى في تعاملها مع مرض السرطان، وفي سعيها لإعادة تشكيل النخبة الحاكمة في سورية من الدوائر المقربة إليها. ويقول الكاتب: “يبدو أن أسماء نجحت في الوقت الذي فشلت فيه إسرائيل، في تحجيم النفوذ الإيراني في سورية”.

نساء القصر

وتشير الكتابة في مقالها إلى دور النساء في القصر الجمهوري، وظهور فاعليتهن خلال الأزمات العصيبة في الحكم، ففي الصراع الذي نشب بين حافظ الأسد وأخيه رفعت، في ثمانينيات القرن الماضي، تدخلت أمهما ناعسة في تسوية الخلاف، وكذلك دور أنيسة مخلوف، التي كانت تعتبر أقوى امرأة في سورية، وأكثر شخصية مؤثرة في ابنها الرئيس. وعندما اندلعت “الحرب الأهلية” في 2011 هي التي أوصت بفرض النهج الأمني والقمع الوحشي، كما ساندت زوجها حافظ الأسد في 1982 في قمع وتدمير مدينة حماة، وهي من سلمت عائلتها (مخلوف) مفاتيح خزائن الدولة.

أما عن أسماء، كتبت بيسكين:”حتى مرض السرطان لم يوقف أسماء الأسد، الديكتاتورة الصامتة، التي تحكم سورية من خلف الكواليس”.

موت الحماة كان مؤشراً.. وابن خالتي مقابل ابن خالك

ويرى الكاتب، أن تاريخ 16 شباط/فبراير 2016 كان مهماً في حياة أسماء “السيدة الأولى في سورية”، يوم وفاة حماتها أنيسة، وزيادة تأثير الكنة الغريبة في القصر، باعتبارها من عائلة سنّية.

مهدت وفاة أنيسة الطريق أمام أسماء لطرد “آل مخلوف” من مواقعهم في السلطة، وخلق نخبة اقتصادية جديدة بدلاً منهم بالاعتماد على عائلتها “الأخرس” وعائلة خالتها من بيت “الدباغ”، بالإشارة إلى إحلال مهند الدباغ بدل رامي مخلوف.

أسماء هي من تحرض زوجها ضد ابن خاله، وتقنعه أن الأخير وفساده المالي هو من فجر الأوضاع ضد الحكم.

كما يتطرق المقال إلى الكثير من التفاصيل، حول طرق أسماء الأسد (44 سنة) في إعادة تشكيل صورتها في ظل الحرب في الشارع السوري، عبر الترويج لنفسها كزوجة صبورة تحدت مرض السرطان في مشاف عسكرية داخل سورية، وذلك بعد فشلها بتلميع صورتها مع بداية عام 2011 عبر نشر صورتها على غلاف مجلة “فوغ” الأمريكية.

وقتها، اعتمدت أسماء حسب الكاتب، على شبكات و”لوبيات” إعلامية أمريكية لتلميع صورتها، ودفعها راتب شهري مقداره 5 آلاف دولار شهرياً لـشركة “لافيد جيمس”، وهي شركة علاقات عامة أمريكية، لنشر صورتها على غلاف “فوغ” تحت عنوان “وردة الصحراء.. التي ستجلب التقدم والديمقراطية لسورية”، الأمر الذي اعتبر فضيحة في الأوساط الإعلامية العالمية، وتعرضت المجلة لانتقادات، لا سيما بعد انتشار صور ومشاهد شلالات الدم التي تسيل في شوارع سورية على يد زوج أسماء.

ومن اللافت في الكتابة التوضيحية (الكابشن) على الصورة الرئيسية المدرجة بالمقال، التي تظهر فيها أسماء تلتقط صورة “سيلفي” مع نساء سوريات، ورد فيها، “أسماء الأسد.. تحتضن المحتاجين أمام الكاميرات وخلف الكواليس تسرق منهم ملايين الدولارات”.

كما أورد المقال الكثير من التفاصيل، التي هي متداولة في أوساط السوريين، وقد لا تضيف جديداً لدى البعض، أو لدى الكثيرين ربما، ولكنها قدمت إحاطة كاملة لحياة أسماء الأخرس ودورها في الحياة السياسية السورية.

لم يقدم كاتب المقال أي مصدر يثبت به المعلومات التي أوردها، الأمر الذي يبقيها في دائرة التحليل الذي قد يخطأ أو يصيب، ومع ذلك يكتسب المقال أهميته، لما يعكسه لجانب من وجهة نظر إسرائيل، إزاء ما يحدث في سورية، وكيف تقرأ الصحافة الإسرائيلية صراع “الأخرس-مخلوف”.

—————————–

تحت الإقامة الجبرية.. النظام السوري يمنع ابن خال الأسد من السفر

ألترا صوت

أعلنت وزارة العدل السورية منع رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد من السفر خارج البلاد بصورة مؤقتة، وذلك بعد أقل من يومين من صدور قرار يقضي بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف مع زوجته وأولاده في إطار الصراع الدائر بين الدائرة المقربة من النظام السوري للهيمنة على مفاصل القرار الاقتصادي، وبين رجال الأعمال السوريين المدعومين من الدائرة المقربة من الأسد.

وقالت وزارة العدل التابعة للنظام السوري في منشور عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن “محكمة القضاء الإداري قررت عملًا بنص المادة 38 من دستور الجمهورية العربية السورية منع مخلوف من المغادرة خارج البلاد بصورة مؤقتة لحين البت بأساس الدعوة المرفوعة ضده من قبل الوزارة، فضلًا عن دعوى أخرى مسجلة باسم المدير العام للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد”.

وكانت غرفة العدل الدولية (غرينكا 37) قد أشارت في بيان سابق لها إلى تواجد مخلوف في دولة الإمارات، مطالبةً في بيانها أبوظبي باتخاذ الإجراءات القانونية ضده مع شركائه، بعدما أشار في أحد مقاطعه المصورة إلى استهداف الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري “أكبر مؤيد لها”، في إشارة للدعم المالي واللوجستي الذي قدمه مخلوف للميليشيات المحلية التي كانت تقاتل إلى جانب قوات النظام في مناطق المعارضة السورية، الموجهة إليها تهم بارتكابها انتهاكات إنسانية وجرائم حرب، بما فيها التعذيب المنهجي والإعدام الجماعي للمدنيين.

ويواجه مخلوف عقوبات اقتصادية فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن بسبب جمع ثروته المالية من فساد الحكومة السورية في عام 2008، وتوسعت رقعة العقوبات التي طالت مخلوف خلال السنوات الأخيرة لتشمل دول الاتحاد الأوروبي، بعدما ظهر في تسجيل نادر في عام 2011 يؤكد دعمه للنظام السوري وتحويل شركاته للأعمال الخيرية.

ثلاثة تسجيلات نادرة في أقل من شهر

في ظهور نادر لأول مرة عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، انتقد مخلوف في مقطع مصور مطلع الشهر الجاري ابن خاله الأسد بعد فرضه ضرائب مالية على شركات الاتصالات المملوكة لإمبراطوريته المالية، ودعا مخلوف في المقطع الأول الأسد للتدخل من أجل إنهاء خلافه مع حكومة النظام السوري، وإيقاف استهداف استثمارته التي جنبت خزينة الدولة الانهيار، مشددًا على موافقته دفع 130 مليار ليرة سورية، ما يعادل 77 مليون دولار في سعر الصرف الموازي، التي أقرت بتوجيهات من الأسد نفسه.

وبعد أقل من ثلاثة أيام على ظهوره الأول، وجه مخلوف في مقطع آخر انتقاده لمجموعة من الأشخاص ضمن الدائرة المقربة للأسد لم يقم بتسميتهم، إلا أن مراقبين اعتبروا أن الأشخاص المعنين بالمقطع زوجة رئيس النظام السوري أسماء الأسد، ورجل الأعمال المقرب منها سامر الفوز، وحاول مخلوف في المقطع الثاني استمالة الأسد لجانبه عبر مناشدته بتخفيف الضغوط التي تمارسها الأجهزة الأمنية على شركاته واصفًا إجراءاتها بأنها “غير عادلة”.

وأضاف بأن الضغوط التي تمارس على موظفيه وشركاته”غير مقبولة وغير إنسانية” بعد حملة الاعتقالات التي طالت موظفيه، قبل أن يضيف مستهجنًا مداهمة الأجهزة الأمنية لشركاته التي كانت “أكبر داعم وأكبر خادم وراع لهذه الأجهزة في أثناء الحرب. للأسف بدأت الأمور تنقلب بطريقة مختلفة”، مؤكدًا على عدم تنازله وأن الضغوط التي تمارس عليه ستأتي نتائجها بالضرر على الطرفين المعنيين في القضية.

ونشر مخلوف مقطعًا أخيرًا يوم الأحد الماضي توجه في بدايته بالاعتذار من عائلات الموظفين الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية بسبب عدم تمكنه من إطلاق سراحهم، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات ستؤثر على آلاف العائلات التي يقوم بتقديم الدعم المالي لها، قبل أن يتطرق إلى المفاوضات التي عقدها مع هيئة الاتصالات السورية لتسديد المبلغ المطالب بدفعه لها، وتشير تقارير مختلفة إلى أن مخلوف يعد أحد أبرز الأشخاص الذين يقدمون الدعم لعوائل قتلى قوات النظام من الطائفة العلوية التي ينحدر منها الأسد.

وأشار مخلوف إلى أن شركته وافقت على دفع المبلغ المطلوب رغم أنه “غير محق وليس ضريبة” إلا أنه اعتبره يدخل في بند “دعم الدولة”، وأضاف بأن النظام السوري قدم مجموعة مطالب أخرى، تضمنت مطالبة شركة سيريتل للاتصالات الخليوي بتوقيع عقد حصري مع إحدى الشركات المحددة مسبقًا لتلبية كافة المستلزمات اللوجستية التي تحتاجها الشركة، إضافةً لطلب النظام السوري من مجلس إدارة سيرتيل تقديم مخلوف لاستقالته من رئاسة مجلس الإدارة ما اعتبره مخلوف “خذلانًا للشركة والبلد”.

الأسد ومخلوف.. “علاقة قوة وسلطلة وفساد وتقاسم موارد سوريا”

وكانت هيئة الاتصالات قد ردت على تسجيل مخلوف الأخير بقولها إنه يأتي “ضمن حملة الخداع والمواربة بهدف التهرب من سداد حقوق الخزينة العامة”، غير أن مخلوف رد على الهيئة عبر منشور على فيسبوك يؤكد التزامه بدفع المبلغ الواجب عليه تسديده رغم “عدم أحقيته أو قانونيته”، غير أن منشور مخلوف الذي رد على هيئة الاتصالات قوبل من وزارة المالية في حكومة النظام بإصدار قرار يقضي بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف مع زوجته وأولاده، حسبما جاء في الوثيقة التي نشرتها لأول مرة وكالة رويترز.

ويرى مسؤولون غربيون أن مخلوف لعب دورًا كبيرًا في تمويل قوات النظام السوري والميليشيات المحلية التي تعرف بـ”القوات الرديفة” الموالية لها، وتعمل إمبراطوريته المالية في قطاعات الاتصالات والعقارات والبناء وتجارة النفط، ووصف خبراء مختصون بالشأن السوري الصراع الدائر داخل عائلة الأسد بأنه “أكبر صدع داخلي منذ عقود داخل الأسرة التي حكمت سوريا منذ وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى سدة الحكم قبل 50 عامًا”.

وكانت مجد جدعان شقيقة منال جدعان زوجة ماهر الأسد شقيق بشار الأسد قد أشارت في مداخلة لها عبر قناة الجزيرة الإخبارية، إلى أن الخلاف بين الأسد ومخلوف ناجم عن “قرار سياسي” اتخذه المجتمع الدولي “لإنهاء وجود النظام السوري” كما هو الحال مع الانهيار الاقتصادي الذي تشهده مناطق سيطرة النظام السوري، وأكدت جدعان على استبعادها احتواء الخلاف بين الطرفين بعدما “طفت على السطح”، نظرًا لأن العلاقة بينهما يشوبها “”قوة وسلطة وفساد وتقاسم موارد سوريا فيما بينهم”.

وفيما وصفت تقارير غربية الخلاف بين الأسد ومخلوف بـ”السقوط المذهل” الذي كشف عن بعض من “المكائد الداخلية” ضمن الدائرة المقربة من الأسد، فإن موقع ميدل إيست أي البريطاني اعتبر أن القضية أكثر تعقيدًا من حلقة الخلافات ضمن دائرة الأسد المقربة، مشيرًا لوجود احتمالين إما أن تكون إحدى الدول الداعمة للنظام السوري تستخدم مخلوف لزيادة الضغط على النظام للقبول بالتسوية السياسية، أو أنها استراتيجية من قبل النظام السوري لمواجهة هذا الضغط.

—————————–

المعارض السوري يحيى العريضي: العوامل الذاتية والخارجية لبقاء النظام مشلولة

حاورته: رلى موفّق

يُبدي رئيس المكتب الإعلامي في “الهيئة العليا للتفاوض” في المعارضة السورية الدكتور يحيى العريضي اقتناعاً بأن مصالح الدول المنخرطة بالأزمة السورية، وفي مقدمها روسيا، باتت تتطلب بقوة التوجّه نحو الحل السياسي، وأن الاختلاف الآن هو على الجنى السياسي والتقاسم. معتبراً أن تضارب المصالح الروسية-الإيرانية على الساحة السورية قد يُرجّح كفة موسكو في الحسم كونها تلقى دعماً أمريكياً وكذلك إسرائيلياً في هذه المسألة، وإن كان على يقين بأن “اقتلاع إيران من سوريا مسألة ليست سهلة على الإطلاق”.

ويرى عضو لجنة صياغة الدستور الجديد أن روسيا وجّهت رسائل للنظام بأنها “إذا رفعت يدها عنه سيسقط حكماً” وذلك لدفعه إلى التسليم بأنه لا بدّ من تغيير سياسي فعلي، وتطبيق القرارات الدولية. وهو ينظر إلى اللجنة الدستورية على أنها بوابة للولوج منها إلى تنفيذ القرار 2254.

العريضي الذي شغل موقع عميد كلية الإعلام في جامعة دمشق، قبل الثورة السورية، يعتبر أن نظام الأسد – حتى ولو استعاد السيطرة على جزء من الجغرافيا – لن يحظى برضى شعبي حتى في حاضنته، وهو لن يتمكن من الاستمرار، لأنه فقد المصداقية على مستويات مختلفة. فقد يستطيع تغطية تعثّره مادياً أو دبلوماسياً أو سياسياً لكنه لا يستطيع إخفاء إفلاسه الأخلاقي كونه مُثبت الوقائع عبر ما كشفته لجان التحقيق عن استخدامه للسلاح الكيماوي، وفي حالات التعذيب والمعتقلات من خلال 55 ألف صورة تمخض عنها ما سُمي بـ”قانون قيصر” وأصبح جزءاً من المنظومة القانونية الأمريكية، ليس فقط لمعاقبة النظام، بل أيضاً لمعاقبة أو مقاطعة أو فرض عقوبات على أي جهة تدعمه أو تتعامل معه.

وهنا نص الحوار:

*بداية، هل تؤيد الاستنتاجات القائلة بأن الحرب السورية انتهت؟

** ربما تكون الأمور قاربت نهاياتها على الصعيد العسكري، لكن علينا التفكير بأن النظام عاش على توتير الأوضاع انسجاماً مع مقاربته العسكرية، وإيران دعمته بهذا التوجه وما زالت. وهذه المنهجية لا تزال قائمة حتى في الشمال الغربي وآخرها هجوم أيلول/سبتمبر 2019. هناك محاولات كثيرة لخرق اتفاق روسيا وتركيا في 5 آذار/مارس الماضي، لكن الأمور لا تزال ثابتة حتى الآن. لا بدّ من وجود حل سياسي انسجاماً مع القرارات الدولية بدء من بيان جنيف والقرارين 2118 و2254، هكذا يمكن لسوريا أن تعود إلى الحياة. فجوهر القضية السورية في الأساس ليس حرباً، بل مواجهة بين نظام استبدادي وشعب يطلب الحرية.

 *ولكن لا يزال الحل العسكري هو خيار النظام؟

**باعتقادي أن الحرب الآن لا بد من أن تضع أوزارها، لأن هناك مصالح، بحكم تدويل القضية السورية. هناك جهات مأزومة، وعلى رأسها عالمياً، روسيا وإيران. موسكو لم تجن شيئاً سياسياً، تألقت في استخدام آلتها العسكرية، واستعرضت مختلف صنوف أسلحتها بغية التسويق لها، وشاركت في القرارات الدولية السياسية المتعلقة بسوريا، لكن في النهاية بقيت خارج التطبيق. كل هذه الأمور تقود روسيا للقول إن المقاربة العسكرية مضى وقتها وانتهت، وما عليكم إلا أن تتّجهوا باتجاه الحل السياسي، لكن الاختلاف الآن هو على الجنى السياسي، والمصالح والتقاسمات.

أما إيران التي دخلت إلى سوريا تحت يافطة نشر الثورة الإسلامية، وبوصفها “عقدة الوصل” لما يسمى بـ”الهلال الشيعي” من طهران إلى لبنان، فتواجه رغبة دولية بسحبها من سوريا، ولا يوجد تطابق بين المصلحتين الروسية والإيرانية على الساحة السورية، ولا بدّ لواحدة منهما أن تحسم الأمور. أعتقد أن الكفّة تميل لصالح الروس، ذلك أن أمريكا تريد لروسيا أن تحسم الأمور، وكذلك إسرائيل. ناهيك عن أن العرب مع بعض الاستثناءات والأوروبيين ليسوا مغرمين بإيران. كل تلك الأمور أعتقد أنها تقود إلى حل سياسي من نوع ما.

*ما الذي سيدفع النظام إلى تطبيق خريطة الحل السياسي والقبول بدستور جديد، طالما أنه أستعاد سيطرته على جزء كبير من الأرض عسكرياً؟

** القضية ليست قضية جغرافيا، الأهم هو أن ينال الرضا الشعبي. يمكن أن يسيطر على الجغرافيا لكن هل هناك رغبة شعبية به؟ هذا غائب حتى في حاضرة النظام، فالتذمر والتعب الاقتصادي والإحساس بالخوف والغموض المريب منتشر حتى داخل حاضنته، فما بالك في مناطق أخرى دمّرها بالبراميل المتفجرة، وقصف ناسها، وشردهم وقتل أبناءهم. سيطرته هذه هل يمكن أن تُحسب له بأنه يحوز عقداً طبيعياً يُرضي الحاكم والمحكوم؟ هذا شيء غير متوفر.

* ولكن الثورة على الظلم، كما أسميتها، أخفقت وبقي نظام الأسد؟

** الكل يعرف أن تلك السيطرة على الجغرافيا لم تكن بفعل قوّة النظام، بل بفعل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التي تدور في فلكه، إضافة إلى وجود قوّة عسكرية لدولة عظمى. هو أعجز من أن يفعل ذلك، وهذه الحقيقة تنسف مصداقيته كحاكم. كان يسيطر على سوريا ككل ومع ذلك رُفض، والآن حتى لو أعاد السيطرة، فلن يتمكن من الاستمرار، لأنه فقد المصداقية على مستويات مختلفة. قد يستطيع تغطية تعثّره مادياً أو دبلوماسياً أو سياسياً لكنه لا يستطيع إخفاء إفلاسه الأخلاقي كونه مُثبت الوقائع عبر ما كشفته لجان التحقيق عن استخدامه للسلاح الكيماوي، وفي حالات التعذيب والمعتقلات من خلال 55 ألف صورة، التي تمخض عنها ما سُمي بـ”قانون قيصر” وأصبح جزءاً من المنظومة القانونية الأمريكية، ليس فقط لمعاقبة النظام، بل أيضاً لمعاقبة أو مقاطعة أو فرض عقوبات على أي جهة تدعمه أو تتعامل معه. النظام يحاسب على فعل لا أخلاقي قام به. التمتع بالمصداقية والأخلاقية كحاكم هو الذي يبقيك، ولن تنفعك الجغرافيا ولا القوى الخارجية، ولا التزييف والكذب.

* ما تحاول قوله إن النظام محكوم بالرحيل، طال أو قصر الزمن، وتتم محاصرته الآن اقتصادياً وسياسياً ومالياً وقانونياً بشكل مُحكم، لكن واقعاً هو لا يزال مستمراً…

** النظام يستمر عملياً بفعل إيران وروسيا التي سعت لإعادة تأهيله وطلبت منه عدم خرق وقف إطلاق النار في الشمال الغربي، وتريد البدء بالحل السياسي، ولكن النظام يعرف أن الحل السياسي يؤدي إلى التغيير وهو لا يحتمل ذلك، لأن أي تغيير في بنيته الأساسية تعني نهايته.

هنا حدث التناقض بين ما تريده روسيا وما يريده النظام، لذا نراه يلعب على التناقضات القائمة، فتجدينه يتقرَّب من إيران ويهدّد بها عند كل سانحة. هذا كان جلياً عندما هدَّد خالد العبود (أحد أصوات النظام) الروس بـ”داعش” بشكل مبطّن، وبالعلاقة العضوية مع إيران. الأسد لا يستطيع أن يقول “لا” لروسيا، لأنها إذا امتنعت عن رعايته وعن استخدام حق النقض في مجلس الأمن ينتهي. امتناع الروس عن حضور اجتماع الأمم المتحدة لمناقشة استخدام الكيماوي كان إشارة غير مباشرة بأنه “إن رفعنا يدنا عنك أيها النظام ستسقط حكماً”، والإشارة الأخرى كانت الحملة الإعلامية الروسية التي حدثت بشكل غير رسمي ضد نظام الأسد – لكن لا شيء غير رسمي على الصعيد الإعلامي في روسيا – والردّ عليها بالاحتماء بإيران. قول المسؤولين بأن الأمور بين روسيا والنظام السوري أكبر من هذه الترهات ليس صحيحاً، فهي ليست ترهات، بل فعل حقيقي. الآن كيف يمكن للنظام أن يتملص من هذا الأمر؟ لا يستطيع ذلك، وروسيا تعرف ذلك، وتعتبر أنه لا بدّ من تغيير سياسي فعلي، وتطبيق القرارات الدولية.

* إذا كان النظام لا يستطيع أن يُماشي الروس لأنه سينتهي، ولا يستطيع أن يُؤمّن بقاءه من خلال إيران دون الروس، فكيف سيكون المشهد؟

** المشهد واضح، ثلاثة عوامل تبقي النظام: العامل الذاتي، والعامل الإيراني، والعامل الروسي، ويمكن أن نضيف إليها العامل الدولي، والعامل الخامس ربما يكون الحجّة بعدم وجود البديل. الروس ليسوا “جمعية خيرية”، وحققوا جزءاً من مصالحهم، ويبتغون تتويج ذلك بقرار سياسي، وحتى الآن لم يحصلوا على ذلك. أما إيران فمشروعها أبعد مدى، لأن له بعداً أيديولوجياً، فهي تغلغلت بالنسيج الاجتماعي، والنسيج المادي، والنسيج الديني، كل هذه الأمور تجعل من اقتلاع إيران من سوريا مسألة ليست سهلة على الإطلاق، لكن مهما كلف الأمر فهي أحد العناصر الأساسية المفجّرة لاستمرار الصراع. أما العامل الدولي فهو يريد تطبيق القرارات الدولية، وتغييراً سياسياً. وبالنسبة لعدم وجود بديل للأسد، المسألة ليست تبديل فرد بفرد، بل تبديل منظومة بمنظومة أخرى، منظومة كانت قائمة على الفرد وهو الآمر الناهي. بالإمكان إيجاد جسر انتقالي تأسيسي لفترة معينة، يُهيّئ لصناعة دستور ولجنة دستورية ربما تكون هي البوابة باتجاه ذلك، ثم تكون هناك انتخابات محلية، برلمانية وصولاً للرئاسية، تحت رعاية دولية، وتضع سوريا على سكة الحياة ثانية. لكن بوجود هذه المنظومة المستبدة لا يمكن الوصول إلى هذا الأمر.

أما بالنسبة للعامل الذاتي، فالنظام يعتمد على الناس والاقتصاد والعلاقة بينهما. الجانب الاقتصادي في حالة تدهور غير مسبوقة. هناك اليوم الصراع القائم في دائرته المغلقة، والحالة الفضائحية التي نشهدها. أعتقد أن روسيا أرادت أن تستغل ذلك، لأنه يُفترض برأس النظام أن يكون المنقذ، وعليه أن يُحارب الفساد، وهو لا يستطيع أن يفعل شيئاً، ومنسوب شعبيته منخفض جداً. الآن عندما يحارب رامي مخلوف، يقدّم نفسه على أنه يحارب الفساد، لكن روسيا ليست غبية كي لا تكتشف أن رامي مخلوف وفساده هو الوجه الآخر للعملة الواحدة. هذه الأموال تعود لرأس النظام وليست لرامي مخلوف فقط، هم شركاء في هذا الموضوع، لا يستطيع المرء أن يُحارب ذاته، هم ليسوا أغبياء. هذا من الجانب المادي، أما من الجانب الاجتماعي فهناك صمت وضبابية وغليان فظيع والناس في حالة عوز والجرائم منتشرة والمخدرات متفشية عن طريق إيران و”حزب الله”. هنا نصل إلى أن العوامل التي يستند إليها النظام مشلولة بالمعنى الكامل للكلمة بشكل لا يسمح له بالبقاء.

* في ظل هكذا نظام يعتمد النسق الاستخباراتي والقمعي، ألا تخشون من قدرته على الالتفاف على المكتسبات التي قد يحققها الشعب السوري في الحل السياسي؟

** النظام لا يستطيع الالتفاف على الحل عندما يكون حلاً منطقياً ويأخذ في الاعتبار ما يريده الناس. إذا وُضع بعض شخوص النظام كألغام في سوريا المستقبل، فهي الوصفة لاستمرار النزيف. أعتقد أنه يمكن أن توجد حلول مرضية للجميع. النظام ليس لديه القدرة على أن يلتف، لأنه لن يكون هناك ليلتف، المسألة لن تكون مسألة فرد يأمر فيُطاع، لن يكون حالة مخابرات مرعبة للناس، لن يكون حالة احتكار اقتصادي لاستخدام التجويع كأداة للسيطرة.

واقعياً، الحل لن يكون مثالياً للجميع، والشعب لن ينال حقوقه كاملة، وكذلك المتدخلون الخارجيون في القضية السورية، لا بدّ من بدايات كأسس للحل، كتطبيق بيان جنيف والقرار 2254 بكل تفصيلاته بما في ذلك الانتقال السياسي. البعض يعتبر كل من يشارك في هذا النظام مرتكباً، لكني أرى أن هذه المقاربة ليست دقيقة. على سوريا أن تقبل حلاً معقولاً، الخسارات ستكون متفاوتة والأرباح ستكون متفاوتة. لا أظن أن روسيا ستنال ما يرضي مصالحها بشكل كامل، أو تكون هي المتحكم الأساسي في مفاصل الحياة السورية. إن لم ينل هذا الشعب حريته في تقرير مصيره ستكون روسيا في حالة ضعف وفي مستنقع وهذا أمر مؤكد، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الأمريكان والإيرانيين والإسرائيليين.

* وما الذي يجعلك متيقناً من عدم قدرة النظام على الالتفاف حتى لو استطاع تأمين المصالح المشتركة للقوى الفاعلة في بلاده؟

** أمور عديدة تحدّ من قدرة نظام الأسد على ذلك، أولها الملفات الإجرامية المتراكمة بحقه، التي لا يشملها تقادم الزمن، وسقوط أخلاقياته والإدانات الواضحة له، وهي مسألة تضرب بالعمق أساساته. جانب آخر هو الإفلاس المادي الذي يعاني منه حالياً والمرشح للتفاقم، ناهيك عن “قانون قيصر” الذي سيبدأ تطبيقه خلال أيام وسيكون له وقع الكارثة عليه وعلى مَن يدعمه. وهناك ارتكاباته بحق شعبه بحيث بات نصف الشعب السوري مهجّراً ومئات الألوف منه تقبع في المعتقلات إضافة إلى عدم استعداد أي جهة للمساهمة بإعادة الإعمار في سوريا طالما لا يحدث انتقال سياسي، كل ذلك سيؤدي حتماً إلى نهاية النظام. إذاً نحن أمام جملة من القضايا التي تحول دون إمكانية إعادة تأهيل هذا النظام أو قدرته على الالتفاف. الآن روسيا بالذات تحاول أن تتملص أو تنأى بنفسها عن الارتكابات التي تمت أحياناً عندما يُشار إلى الكيماوي. على الأقل إذا كانت شاهدة أو تعرف بهذا الموضوع، ستكون مدانة. روسيا كانت مشرفة على تفكيك الترسانة النووية للنظام وتعهدت بأنه لم تبق لديه أسلحة كيماوية، فإذا ثبت عكس ذلك ستكون هي المسؤولة عن هذا الموضوع، وبالتالي تُصبح مرتكبة. فالموافق أو الشاهد على ارتكاب جريمة معينة يُعتبر مداناً. وإيران ستقوم بالتصرف نفسه.

* نشهد ضربات إسرائيلية متواصلة لمواقع إيرانية ولمواقع حزب الله، هذا يقودنا إلى سؤال أساسي عن جنوب سوريا أو ما يُطلق عليه “حزب الله” وحلفاؤه الجبهة الجنوبية. برأيك وأنت الأدرى بطبيعة تلك المنطقة، كيف سيكون التأثير الإسرائيلي على تلك المنطقة؟

** الهاجس الأساسي بالنسبة لإيران هو دخولها إلى سوريا والتواجد على الحدود الجنوبية الغربية وتحديداً عند الحدود الإسرائيلية، تحت عنوان المقاومة والممانعة، بحجة أن سوريا تتعرّض لمؤامرة كونية. دخول إيران لم يكن فقط لحماية المراقد الشيعية وإنما لنصرة نظام الأسد. ومن هنا تركيزها على هذه المنطقة. تم الاتفاق على أن تكون القوى الإيرانية بعيدة عن هذا المكان 80 كيلومتراً، لكن الموضوع تحوَّل أيضاً إلى استهداف للمواقع الإيرانية في حلب ودير الزور. الآن إيران وتواجدها في سوريا مطلوب سحبه دولياً، حتى الداخل السوري يرفضه ويرفض حالة التشييع الإيرانية. أخشى إذا “حُشرت في الزاوية” في سوريا أن تستهدف هي تلك المراقد التي أتت بذريعة حمايتها. لا أستبعد أن يُدمّر الحرس الثوري الإيراني وميليشياته في يوم من الأيام مقام السيدة زينب، للقول إن الإرهاب ما زال موجوداً لتعطي تبريراً لوجودها. التناقض الحاصل الذي لا يظهر تماماً على السطح بين روسيا وإيران، وهما الأقوى على الساحة السورية، ستكون له مفاعيله في وقت من الأوقات. وعندما يعود السوريون إلى تفكيرهم العميق سيتأكدون من أن النظام ربما كان يفكر عندما بدأت الأمور بالتدهور في العام 2011، بمقاربة مختلفة عما حدث، لكن إيران كانت الفاعل الأساسي والمحرّض للنظام حتى يأخذ هذه المنهجية في مواجهة الناس.

من جانب آخر هناك من يُشكك بهذه الضربات الإسرائيلية، ويقول إن هناك تنسيقاً بين إيران وإسرائيل لأن أي قصف من قبل إسرائيل، يُعطي شرفاً للوجود الإيراني والمقاومة، ويثبت شعار المقاومة والممانعة. أنا لا أعتبر أن إيران تهدد إسرائيل، إسرائيل تستخدمها ذريعة لتدمير سوريا أكثر، واستباحتها أكثر، وإيران تستخدم إسرائيل لتبرير تدخلها في سوريا، والآخرون متآمرون حول هذا الموضوع، أكان روسيا أم أمريكا أم أي جهة أخرى.

* وإسرائيل أمّنت بقاء نظام الأسد وحمته…

** إسرائيل مرتاحة لوجود هذا النظام على مدار عقود من الزمن، هي انسجمت مع شعاره الذي رفعه أساساً “أَحكمها أو أُدمّرها”. وأعتقد ان شعار إسرائيل الذي لم يُعلن هو: إما أن يبقى هذا النظام أو أن تتحوّل سوريا إلى حالة كسيحة لا تقوم لها قائمة لنفس الفترة الزمنية التي حميت فيها حدود إسرائيل أو كانت حدودها مرتاحة. عملياً تم الشق الآخر من الشعار الذي رفعه النظام “أحكمها أو أدمرها”. لقد دمرها، لكن لا يستطيع أن يُدمرها ويحكمها في آن معاً. لقد أنجزت شيئاً معيناً وعليك الرحيل. إسرائيل تضبط أمورها من خلال ما سيأتي بعد ذلك. عملياً سورياً لن تقوم لها قائمة قبل عقود من الزمن، تحتاج إلى فترة زمنية غير قليلة لتعود إلى سكة الحياة.

أما المسألة الأساسية بالنسبة للجولان، فلا يستطيع (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب أو غيره أن يحرم سوريا من أرضها. الجولان أرض سورية وسيعود لسوريا، عبر القرارات الدولية، القرار الصادر عام 1981 الذي اعتبر ضم الجولان لإسرائيل باطلاً ولاغياً، لا يزال قائماً، وسيبقى السوريون يتمسكون بذلك. لن يكون السوريون أكثر ملكية من الملك، وأقصد الفلسطينيين. الفلسطينيون بإمكانهم تدبّر أمورهم، ولهم دعم كامل من قبل السوريين لتحصيل حقوقهم. تربينا على أن القضية الفلسطينية هي القضية الجوهرية لكن اكتشفنا أن كل ذلك كان كذبة.

* تركيا لاعب إقليمي آخر على الساحة السورية والمخاوف من أطماعها موجودة؟

** وضع تركيا يختلف عن الوضع الإيراني، إيران لديها مشروع خبيث، أما تركيا فتجمعها مع سوريا حدود تتجاوز الـ800 كيلومتر وتعاني من حالة أمنية تهدّد أمنها القومي بوجود أحزاب إرهابية وفعلياً هي تمارس الإرهاب وتريد زعزعة الداخل التركي. تركيا من جانب آخر هناك فيض من البشر هرب باتجاهها وحملته، 3-4 ملايين سوري نزحوا إليها، مؤخراً أيضاً 3.5 ملايين في الشمال، وكل ذلك يُشكّل عبئاً عليها. وقد يقول الإنسان هي تستفيد من هؤلاء وتحضر على الساحة الدولية كلاعب سياسي وتقرر مصير الأمور، لكن من خلال حسابات القلم والورقة أعتقد أن تركيا إن ربحت شيئاً، فهي ربحت ليس اقتصادياً وليس أرضاً وليس شيئاً من هذا القبيل، لكن كسبت ثقة من نسبة هائلة السوريين لأنها حملتهم. هذا ليس مرافعة عن تركيا، أنا لا أريد قدماً تركية على أرض سوريا، أنا لا اريد لأي جهة خارجية أن تتدخل في سوريا، أنا أريد سوريا الحرة الديمقراطية لكل مواطنيها تحت يافطة القانون، والدين لله والوطن للجميع. هكذا إيماني، وهذا ما أعمل عليه.

* ملف سوريا يرتبط بملفات المنطقة، والكل بانتظار اللاعب الأمريكي، ربما بعد الانتخابات هل تتوقع انخراطاً أمريكياً جديداً؟

** الجانب الأمريكي منذ بداية الأحداث اتبع سياسة القيادة من الخلف. (الرئيس الأمريكي السابق باراك) أوباما نأي بنفسه وترك الآخرين يُستنزفون. وما دام معظمهم ليس في الفلك الأمريكي فليدمروا بعضهم البعض، وهو مرتاح لوضعه، لكن في النهاية أمريكا قوة عظمى، ولا تستطيع التخلي، استراتيجياً، عن منطقة حساسة جداً من العالم، فسوريا بوابة 3 قارات. الآن بدأت أمريكا بالانخراط أكثر في المسألة السورية. أعتقد أنه عندما كانت بعض الدول تسعى لمغازلة النظام، ردعتها ببساطة. تتحدث واشنطن عن إعادة الإعمار وشرطية هذا الموضوع بالانتقال السياسي. وتطبيق قانون “قيصر” ليس مرهوناً بإرادة وموقف الرئيس الأمريكي حتى لو ذهب ترامب، فهو أصبح جزءاً من المنظومة القانونية الأمريكية. هذا القانون هو لحماية الإنسان في مكان معين، واستهداف من يستهدف هذا الإنسان، واستهداف من يساعد المستهدِف، هنا قوّة هذا القانون. الآن تبقى مسألة العلاقة الأمريكية مع جهات كردية في الشمال الشرقي السوري، ووجود أمريكا عند آبار النفط. أعتقد أن أمريكا لا تحتاج لمزيد من النفط، وليست بحاجة لأموال جديدة، هي تستخدم هذا الأمر ورقة للضغط، من أجل أن يُزاح هذا النظام.

* كونك عضواً في لجنة صياغة الدستور، ما هو المتوقع منها راهناً؟

** المبعوث الدولي غير بيدرسون تواصل مع الهيئة السورية للتفاوض، ومع رئيس اللجنة الدستورية هادي البحرة، حول إمكانية عقد جلسة الكترونية، ولكن جرى التوافق على معاودة الاجتماع في جنيف بعد الانتهاء من أزمة “كورونا”. بالنسبة لنا اللجنة الدستورية تشكل لنا معبراً أو بوابة بسيطة للدخول إلى تطبيق القرار الدولي رقم 2254.

القدس العربي

—————————–

========================

==========================

تحديث 28 أيار 2020

—————————————-

ظهور رامي مخلوف يثير انقساماً في «مناطق النفوذ الثلاث»

أكاديمي في اللاذقية يحذر من «شرخ العلويين»… وقلق من المنعكسات الاقتصادية

تراوحت ردود فعل السوريين في مناطق النفوذ الثلاث (التي يسيطر على كل منها النظام السوري، والأكراد، والأتراك)، إزاء ظهور رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد، بين اعتباره «مراوغة لتبييض صفحة النظام»، وعدم الاكتراث به وبين اعتباره بداية لتطورات أهم مستقبلية، إضافة إلى القلق من انعكاس ذلك على الوضع المعيشي للناس.

وكتب الأكاديمي أحمد الأحمد المقيم في اللاذقية على صفحته في «فيسبوك» أول أمس: «ما زال رامي مخلوف يشرخ صفوف العلويين والناس نيام يصفقون، فاستيقظوا يا أيها الناس وكفى انجراراً بالعواطف». وأضاف «منشوره الأخير خنجر والغريب كمية التهليل. يقول: ‎نتمنى من الجهات الأمنية التوقف عن ملاحقة الموالين الوطنيين والانتباه إلى المجرمين المرتكبين. هذا كلام خطير لا يختلف عن كلام المعارضة منذ عام 2011. يقول: رغم الظروف الصعبة التي نمُرُّ بها لم ننس واجبنا تجاه أهلنا فقد تمّ تحويل مبلغ ما يقارب مليار ونصف المليار ليرة سورية لجمعية البستان وجهات أخرى كي تستمر بتقديم الخدمات الإنسانية لمستحقيها بصدق وأمانة!! الكل يعرف أنه لا علاقة لك بالجمعية منذ العام الماضي».

وسحبت رئاسة الجمهورية «جمعية البستان» الخيرية من مخلوف بعد إعلان الجمعية أنها تعمل تحت إشراف رئاسة الجمهورية. ويأتي هذا التطور بعد ساعات من كتابة مخلوف لمنشور على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» دعا فيه الجمعية لتقديم المساعدات إلى آلاف الجرحى والقتلى من عناصر الجيش السوري والقوات الموالية له. وقالت الجمعية عبر صفحتها بموقع «فيسبوك»: «نشير إلى أن الجمعية تقوم بعملها الخيري والإنساني والتنموي بمتابعة وإشراف السيد رئيس الجمهورية، ومن هذا السياق فإننا في جمعية البستان نؤكد حرصنا على استمرارية العمل المكلفين به وفق الدور الموكل إلينا به على أكمل وجه وبتوجيهات قائد الوطن».

وكان مخلوف قال في وقت سابق اليوم السبت إنه « قرر تحويل مبلغ مليار ونصف ليرة سورية من أمواله لصالح (جمعية البستان الخيرية) التابعة له ليتم توزيعها على أسر آلاف القتلى والجرحى من عناصر السوري والقوات الموالية له».

وأسس مخلوف جمعية البستان في مدينة اللاذقية منتصف عام 1999 لتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين من فقراء ومرضى.

وفي دمشق، تقول إسراء (27 عاماً) وهي نازحة من محافظة إدلب: «ما يجري لا يخرج عن كونه مجرد مؤامرة هدفها تبييض صفحة النظام، لأن رامي لا يجرؤ على تحدي الرئيس»، الأمر الذي يوافق عليه ياسين (45 عاماً) من محافظة السويداء جنوب البلاد، ويعمل في تجارة البناء، ويمثل اعتقاداً واسع الانتشار بين السوريين. ويقول: «مخلوف هو الواجهة الاقتصادية للعائلة».

ولا يخفي رجال أعمال منافسون لرامي سعادتهم بما يجري معه، خصوصا الذين زاد دورهم أخيراً مثل يسار إبراهيم وسامر فوز و«أبو علي خضر» وبراء قاطرجي. ونُقل عن أحدهم: «كما تدين تدان. الآن صار يستنجد بالقانون. أخيراً انتهت سيطرته على اقتصاد البلد وصار فينا نتنفس شوية».

لكن «أ. ق» (38 عاماً)، وهو من طبقة التجار الوسطى في أسواق دمشق، يبدي تشاؤمه من النظام، ويقول: «لن يحصل تغيير كبير، سيبقون ماسكين الاقتصاد. يذهب مخلوف ويأتي مخلوف والسيارة لن تمشي».

ويبدو القلق كبيراً في مناطق الساحل السوري، حيث تتخوف أم سائد (57 عاماً) وهي أم لعنصر من الجيش النظامي قُتل في الحرب، من تقلص حجم المساعدة التي تتلقاها من «جمعية البستان» التابعة لرامي. وتذهب في تخوفها أبعد منذ ذلك، بقولها: «لا نريد أن يحسبونا على جماعة رامي. ساعتها لا مساعدات ولا وظيفة».

حالة القلق من المستقبل تسيطر أيضاً على العاملين والعاملات في شركات رامي، فمصير تلك الشركات التي يقتاتون من العمل فيها على المحك، وتقول «أ. س» (43 عاماً)، وهي موظفة بإحدى شركاته: «الوظيفة بالشركة كانت امتيازاً ومصدرا للأمن المالي والاقتصادي والبريستيج الاجتماعي».

ويقول فيصل الحسن ناشط حقوقي من محافظة حماة ويعيش في إدلب: «الخلافات الحاصلة بين رامي مخلوف والنظام، هو صراع على النفوذ بدايةً ثم المال الذي يسهم في تقوية النفوذ، ومحاولة من البعض للتفرد بكل شيء في سوريا وحتماً ذلك بأوامر روسيا، وهدف الأخيرة من ذلك هو إزاحة واستبدال منظومة رامي مخلوف من خلال منظومة جديدة موالية ومطيعة لروسيا تسهم في دعم الموقف الروسي وإحكام قبضتها على التركيبة الإدارية السورية».

من جهته، يرى الناشط السياسي بكار حميدي من منطقة سهل الغاب: «بعد التقلبات السياسية التي طرأت على وجه النظام السوري الحاكم نتيجة ضغط الثورة السورية عليه متمثلة بفصائلها وحراكها المدني، ظهرت خلافات أركان النظام وعامت على السطح ومن بينها الخلافات بين العائلة الحاكمة نفسها. ظهور رامي، ليس الخلاف الأول في صفوف العائلة الحاكمة إلا أنه الخلاف الأبرز الذي لم يستطع النظام التستر عليه لعظمته وتفشيه ليس فقط بين العائلة الحاكمة».

أما خالد الحمود، من ريف إدلب الجنوبي ويقيم في أحد المخيمات السورية التركية، فيقول: «حتماً كنا نتوقع هكذا خلافات… حقيقة لا نعير للقضية والخلافات بينهم أدنى اهتمام ولكن نترقب بذات الوقت انهيار منظومة النظام السياسية والإدارية والاقتصادية التي تسببت بانهيار سوريا اقتصادياً وبنيوياً».

– شرق الفرات

سولين البالغة من العمر ثلاثين عاماً وتنحدر من مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا وتعمل في المجال الإعلامي، قالت: «ذُكرت مفردات للمرة الأولى نسمعها من أوساط العائلة الحاكمة بسوريا، وجّه خطابه مباشرةً للأسد دون ذكر أي جهة أو شخصية ما، كما ادّعى أن الأجهزة الأمنية حبست مديرين وموظفين بالشركة»، وأشارت إلى أن كل السوريين يعلمون حقيقة مفادها أن النظام وعلى مدى السنوات الماضية لم يسمح لأي شركة اتصالات عالمية العمل في سوريا لوجود شركتي (سيريتل) و(إم تي إن) كونهما احتكرتا سوق الاتصالات.

أما جوان، (37 سنة) من بلدة عامودا التابعة للحسكة والذي يعمل موظفاً لدى منظمة دولية تنشط في منطقة الجزيرة، فيقول إنه شاهد جميع مقاطع الفيديو التي نشرها رامي مخلوف، «ما بين السطور في كثير من الخفايا ممكن الواحد يلاحظها، فلماذا لجأ رامي إلى الله وللعبارات الدينية بهذا الخطاب؟».

غير أن معصوم (40 سنة) المنحدر من مدينة الحسكة ويعمل مدرساً منذ خمس عشرة سنة، تساءل مستغرباً عن تداعيات أزمة رامي مخلوف على الاقتصاد السوري والانخفاض الكبير الذي شهدته الليرة السورية، إذ وصل سعرها في ذروة الأزمة إلى ألفي ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي وكانت قبل 2011 عند (47) ليرة فقط، وقال: «لأن رامي يعد من الدائرة الضيقة المقربة من الرئيس ومن أشد الموالين له، فحصدت تلك الفيديوهات الثلاثة التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي اهتماماً كبيراً من السوريين». ويضيف «هل هذه بالفعل تسببت بتلك الأزمة خصوصاً أننا أيام الحرب على (داعش) لم نعانِ اقتصادياً مثل اليوم. إنها مراوغة بين الرئيس وابن خاله لإشغال الرأي العام ونسيان باقي الأمور»، في إشارة إلى «قانون قيصر» الذي أعدته الإدارة الأميركية لمعاقبة أركان النظام الحاكم وسيدخل حيز التنفيذ مطلع الشهر القادم.

الشرق الأوسط»

—————————————–

مخلوف يتحدى النظام السوري بنقل ممتلكاته إلى شركة “خيرية”/ عدنان أحمد

في إطار مناوشاته المستمرة مع النظام السوري، نشر رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، على صفحته في “فيسبوك”، منشورا جديدا أعلن فيه نقل ممتلكاته إلى شركة “راماك للمشاريع التنموية والإنسانية”، في خطوة قد تعتبر استباقية لمنع النظام من الاستيلاء عليها.

واستهل مخلوف منشوره الجديد بتوجيه الشكر لمن دعمه، مستغرباً أن هناك من يحاسبه “لقوله كلمة الحق”.

وقال: “لقد بدأتُ في معاملة نقل ملكية كل هذه الأسهم إلى راماك للمشاريع التنموية والإنسانية، والتي هي كما تعلمون وقف لا يُورّث، وبالتالي أي بيع أو ربح لهذه الأسهم سيعود إلى أعمال الخير بالكامل، التي تخدم كل ذوي شهيد روت دماؤه أرض هذا الوطن الحبيب، وكل جريح عانى الكثير، وكل محتاج قست عليه الحياة، فسخّر الله لهم هذه المؤسسة لتكون عوناً من الله لهم، وسيتم عرض كل الوثائق بعد إتمام المعاملة”.

واعتبر مخلوف أن تنازله عن هذه الأسهم “قد أراحنا كثيراً وأشعرنا بنشوة وقوة كبيرتين، لأن نزع ملكية الشخص أمر صعب، ولكن إعطاؤه إلى مؤسسة إنسانية سعادة لا يمكن وصفها”.

وتابع: “إن شاء الله تكون عائدات هذه الأسهم رافدة لكل محتاج، فبجاهِ العزيز الجبّار المُنعم القهّار المعطي الغفار الواهب، بقدرة مُقَدّر الأقدار أن لا يحيجكم إلا لله وحده لا شريك له”.

غير أن معظم التعليقات على منشور مخلوف سخرت من هذه الخطوة، واعتبرت ان أعمال الخير المزعومة التي يقوم بها لا تصل أبدا إلى أي محتاج حقيقي، وأن الناس يسمعون بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولا يرونها حقيقة.

ويعتمد مخلوف في المواجهة الحالية مع النظام السوري على “الحاضنة الشعبية” للنظام في الساحل السوري، وخاصة ما يسمى بعائلات الشهداء والجرحى في الحرب السورية، التي يقول إنه يدعمها، ويعول على دعمها له في هذه المواجهة، وبات يسعى كما يبدو إلى تحويل المواجهة من ساحته إلى مواجهة بين النظام وحاضنته الشعبية.

وكان مخلوف قد أسس شركة “راماك للمشاريع التنموية والإنسانية” في فبراير/ شباط من العام الماضي، وذلك بعد أشهر قليلة من إعلان تأسيس شركة أخرى باسم “راماك للمشاريع التنموية والاستثمارية”.

وحسب ما جاء في إعلان التأسيس، فإن رأسمال الشركة يبلغ 1.03 مليار ليرة سورية، يملك مخلوف نسبة (99.996%) منه، بينما يملك كل من صندوق المشرق الاستثماري ومجموعة راماك الاستثمارية (0.002%) من رأسمالها، على أن تعمل الشركة في مجال تأسيس شركات تمارس النشاطات في المجال العقاري والتجاري والصناعي والزراعي والخدمي والاستثماري، إضافةً للنقل والسياحة والتعهدات والمقاولات، كما يمكنها تأسيس مؤسسات مالية.

وكان مخلوف قد طالب، في آخر منشور له قبل أيام، الجهات الأمنية بالتوقف عن ملاحقة “الموالين الوطنيين” والانتباه إلى “المجرمين”، وذلك بعد سلسلة من مقاطع الفيديو والمنشورات منذ الأزمة التي اندلعت بينه وبين النظام، الذي يطالبه بدفع مبالغ مالية ضخمة، وإصراره على عدم قانونية ذلك.

——————————

رامي مخلوف.. خازندار الأسد الذي يكافح من أجل النجاة/ إبراهيم الجبين

رجل الأعمال رامي مخلوف يعيد الصراع في سوريا إلى طبيعته.

لم تبدأ قصة رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، التي تشغل الجميع اليوم، عند بثه لمقاطع فيديو يشكو فيها من اضطهاد يتعرض له على يد من سماهم بـ“الطاقم المحيط بالرئيس” والذين ينوون الإطاحة به من عرشه الاقتصادي الذي تربع عليه طيلة حكم الأسد الابن، لاسيما في رئاسته لإدارة شركة ”سيريتل“ للاتصالات.

غير أن مخلوف، ودون أن يقصد، قام بإعادة الصراع الدائر في سوريا منذ تسعة أعوام إلى طبيعته الأولى، بعيداً عن الحروب الدينية والفتوحات التي رفع شعاراتها الإسلاميون والفتوحات الإيرانية المضادة الطاحنة بين سنة وشيعة.

تلك حكاية تعود إلى خمسينات القرن العشرين، حين قرر حافظ الأسد الرئيس السوري السابق، الارتباط بعمة رامي، ابنة واحدة من الأسر المرموقة في منطقة الساحل السوري، عرفت بقربها من الحزب القومي السوري الاجتماعي.

بين صفقتين

واجه الأسد الأب حينها رفضاً شديداً من ذوي أنيسة مخلوف. ليس بسبب انتمائه لحزب البعث العربي الاشتراكي كما يشاع، ولكن في الواقع لاختلاف الانتماء الطبقي لأسرته عن أسرة مخلوف. ولكنه أصر على الزواج منها، وتم الأمر. ليتوارى آل مخلوف كما توارى غيرهم من أعيان العلويين سنين طويلة وسط التغييرات الهائلة التي عصفت بسوريا، ورفعت الطبقات المسحوقة لتحل محل نظيراتها البرجوازية والإقطاعية. كان شكلاً من أشكال الانتقام ساد في عالم القرن العشرين، دكتاتورية الفقراء التي سحقت الجميع. سحقت هندسة اجتماعية ما كان يمكن ترميمها إلا بصفقات عقدت هنا وهناك لتعيد تشكيل الواقع وفق توازن أتقن الأسد الأب صناعته وقيادته لاحقاً، حين ردّ الجميل لشقيق زوجته محمد مخلوف، وأطلق له العنان ليتولّى مناصب رفيعة في عالم المال، بدأها من إدارة مؤسسة التبغ السورية، المؤسسة الثرية والتي حققت أرباحاً هائلة، ناهيك عمّا حصدته من هيمنة مخلوف الأب على سوق تهريب التبغ بالتوازي. وكانت تلك بوابته للعبور إلى عالم الثروة، التعويض الاجتماعي عن تلك المصاهرة التي رأى والده أنها لم تكن متكافئة من بدايتها.

كانت تلك المعادلة التي ابتكرها الأسد الأب كافية حينها، لرد الاعتبار لكثيرين أحاطوا به، ترك لبعضهم حقول النفط ولآخرين الأمن والجيش وصفقات السلاح، ولغيرهم الصناعة والتجارة وحتى النفوذ الديني بمختلف مذاهبه وطوائفه. لكنه كان المحور الذي تتقاطع عنده جميع الخطوط. وهذا ما لم يستمر في عهد ابنه بشار الذي كان وصوله إلى السلطة صفقة في حد ذاته، أديرت بعناية من قبل أطرافها المحدودة.

ابن الأسد إلى الكرسي، وابن مخلوف إلى الاقتصاد، وابن وزير الدفاع مصطفى طلاس إلى قسط من الجيش وأبناء نائب الرئيس عبدالحليم خدام إلى الاستثمارات وهكذا بالنسبة إلى آخرين يعرف السوريون بعضهم ويجهلون كثيرين منهم. ليتم التخلص بالتدريج مما عُرف حينها بالحرس القديم، باللين حيناً وبالقسوة في أحيان أخرى.

رأى كثير من المنشغلين بالمشهد السوري أن صعود مخلوف رجل الأعمال الشاب تزامن مع اشتداد عود الرئيس الشاب. ففي الوقت الذي كان نفوذ الأول يتعاظم مكتسحاً الاستثمارات والشركات العاملة في سوريا، كان الثاني يذلل له العقبات، مسهلاً هيمنته على كل من حاول افتتاح مشروع جديد، حتى درجت طرفة تقول إن مخلوف لم يتورع عن مشاركة أصغر بائع فلافل بدمشق في تجارته.

لكن التحليل والوصف من بعيد، ليس مثل العيان، كما يقال. ومن سمع شكاوى رجال الأعمال السوريين والأجانب الهامسة التي كانت تتردد في المدن والأرياف السورية منذ العام 2000 وحتى انفجار الأوضاع السورية، يدرك الحجم الحقيقي للسرطان المالي الذي ضرب البلاد بسبب ذلك التحالف بين بشار ورامي.

كان ابتلاع سوريا اقتصادياً نهجاً أساسياً حثيثاً تجاوز الغرض منه مسألة جمع الثروة، إلى ربط الأمن بالاقتصاد. فمجرد السماح بالاستقلال المالي لأي نشاط في سوريا بات يشكل تهديداً من وجهة نظر النظام. كما كان تعهيد شركة الهواتف المحمولة لمخلوف ضرورة أمنية على حد تعبير المقربين من رأس السلطة، وليس مجرد مزايدة حكومية.

ومع الوقت أخذ دور الخازندار الذي لعبه محمد مخلوف الأب، ينتقل إلى ابنه رامي، وبقي هو مكتفياً بإدارة مؤسسات مالية موازية مثل البنك العقاري وشؤون القروض وسواها. أما رامي فقد اتجه إلى تطويق المزيد من الأعمال الاقتصادية السورية عبر بسط نفوذه على الأسواق الحرة في المناطق الحدودية السورية، براً وبحراً وجواً. علماً أن جميع المحافظات السورية هي محافظات حدودية يعتمد سكانها على التبادل التجاري مع العراق ولبنان وتركيا والأردن. وهكذا خنق العمل الخاص بيد من حديد، لذلك لم يكن مستغرباً أن يكون اسم رامي أول اسم تهتف ضده المظاهرات المطالبة بالتغيير في العام 2011.

أمن النظام

كانت أول ردة فعل سياسية فوق عادية لنظام الأسد، بعد انفلات الأمور، تصريح شهير لمخلوف في مثل هذا الشهر قبل تسع سنوات، أدلى به لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قال فيه ملوحاً إنه ”لن يكون هناك استقرار في إسرائيل، إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا“، مؤكداً أن النظام سيقاتل حتى النهاية ولن يستسلم بسهولة. وموضحاً ما يدور في ذهن النظام قبل حدوثه، وقبل ظهور أي مقاتل لا جهادي ولا غير جهادي، عبر قوله إن ”السلفيين هم البديل عن النظام”.

ويبدو أن من عرف ساعة البداية يدرك متى ستكون ساعة النهاية لهذه الحرب العبثية غير المبررة التي تدور في بلد كان يمكن إصلاحه فيما لو استمع رئيس النظام فيه لنصائح طالبته أولاً بالتخلي عن رامي مخلوف ذاته.

أمن النظام تعرض بدوره لسلسلة من التقشير، أزاحت عنه الدروع التي كانت تحميه، حتى بعد أن لجأ إلى الإيرانيين الذين يعانون اليوم بسبب العقوبات وطول الحروب التي شنّوها في المنطقة العربية، وإلى الروس الذين أخذوا يتململون من حرب لا هدف لها. قد يدفعون فيها أكثر مما كسبوا بكثير.

وكل ذلك كان يمكن أن تجري معالجته، إذا ما قرر الأسد ومن حوله مواصلة سياسة تدوير المشكلات وإعادة إنتاجها، لولا أن الصدع هذه المرة طال الحلقة الضيقة ذاتها. فضربُ رامي مخلوف سيعني ضرباً للأسد ذاته، ولا يهم من هو الطرف الذي يوجه الضربات، سواء كان زوجة الأسد أسماء الأخرس وفريقها وأقاربها، أو الروس أو الإيرانيين أنفسهم. لأن النتيجة ستضعف الأسد وحده.

وقبل أقل من ثمان وأربعين ساعة، بدأت حرب من نوع آخر أعلنتها وسائل الإعلام الإيرانية، هدفها مخلوف ومشاريعه وجمعياته. فقد انتقدت قناة “العالم” مخلوف، ووصفته بـ“المدعي” واستنكرت أعماله الخيرية بالقول إنه “يتصدق على السوريين من جيوبهم”، بعد إعلانه مع نهاية شهر رمضان عن تحويل مبلغ مليار ونصف مليار ليرة إلى “جمعية البستان” لتوزيعها على المحتاجين. ونقلت القناة الإيرانية عن مصدر خاص زودها بالمعلومات من داخل “جمعية البستان” قوله إن “مخلوف يسعى ومن خلال استغلال اسم الجمعية لدس السم في العسل واستمالة شريحة واسعة من الشارع السوري، وأنه على ما يبدو محشور في الزاوية”.

ومنذ أن بدأ النزاع ما بين مخلوف وخصومه، أخذت تتفكك من حوله دوائر لم يكن يتوقع أحد أن تكون وجوهها من المغضوب عليهم ذات يوم، وكانت ذروتها تبرؤ شقيقه إيهاب مخلوف منه وإعلانه ولاءه التام للأسد. ليبدو أن أمن ”أسرة النظام“ هو اليوم في أسوأ أحواله ما بين تقارب وتباعد في المواقف التي تسبب بها وضع مخلوف الجديد.

يتحدث مخلوف بالإشارة، عن شيء مّا حصل منتصف العام الماضي، بعده بدأ ما سماه بالانهيار. وما حدث حقاً في الواقع، كان بداية استهداف الأسد لمخلوف، عبر الحجز على شركة آبار “بتروليوم سيرفيسز”، وحين فرضت عليه غرامات تقدر بأكثر من 10 مليارات ليرة. ولم يكن ذلك الإجراء حينها سوى تلويح أولي، لكن مع الوقت اكتشف، كما يقول، أن الأمر مبرمج، وأن هناك من يترصده وينوي القضاء عليه.

 لكن من هو عدو مخلوف الحقيقي في الصورة السورية المعقدة؟ هل هي بالفعل أسماء الأسد؟ أم ماهر شقيق بشار؟ أم الروس الذين يرى البعض أنهم بعد استيلائهم على ميناء طرطوس وقاعدة حميميم وتوقيعهم لعقود استثمار النفط، بقيت أمامهم غنيمة كبيرة يدركون جيداً أنها بانتظارهم عند مخلوف.

حطب رامي مخلوف

يراهن رجل الأعمال الذي كان يهيمن على ثلاثة أرباع الاقتصاد السوري، عبر خطابه المستجد المطعم بالآيات القرآنية والنوايا الطيبة على استدراج جمهور اشتغل عليه بحكم وظيفته كواجهة للأسد، هو جمهوره داخل الطائفة العلوية ذاتها، والتي ما زالت تكنّ لأسرته الاحترام والتقدير لأسباب عشائرية دعمتها التقدمات المالية والحصص التي وزعها على غالبية أفرادها من بسطائهم إلى كبارهم.

يحاول إرسال برقيات عديدة من خلال ظهوره البصري بتلك الطريقة، ليقول إن إحراقه سيعني إحراق النظام، وحين لم ينفعه ذلك في وقف الإجراءات المتخذة ضده تحدث صراحة عن انهيار ما لا يعلم إلا الله أين سيكون. صحيح أن الأسد لم يستجب لنداءاته، إلا أن مخلوف لا يبالغ في تقدير حجمه ضمن بنية النظام، فهو ليس غازي كنعان الذي لا يتجاوز سقف الضابط المأمور، ولا محمود الزعبي رئيس الوزراء الأسبق الذي كاد يمزق ثيابه بكاء في جنازة باسل بكر الأسد الأب ومعروفة حدود قدرته على التمرد.

مخلوف يمثل ظاهرة واسعة يمكن رؤية آثارها في العديد من عواصم العالم، فأمواله تنتشر من خلال شركاته وشركات أخرى يمولها ويملكها آخرون، حتى روسيا التي يشكك البعض في موقفها من مخلوف، قام بالاستثمار فيها في الماضي، وجدد استثماراته السنة الماضية وفقاً لصحيفة ”فايننشال

تايمز“ التي تحدثت عن أملاك جديدة لمخلوف وسط موسكو، عبر شراء أكثر من عشرين شقة سكنية بقيمة أربعين مليون دولار. لكن الروس يعلمون أن هذا المبلغ لا يشكل سوى بعض ”الفكة“ في جيب مخلوف الذي تصل أرصدته وحساباته إلى بنما وغيرها والعديد من الملاذات الآمنة متعددة الجنسية. وكل ذلك يجعل من ثمن رأسه أغلى بكثير مما يتصور البعض، ميزة تجعل المحافظة عليه حياً أهم بكثير من التخلص منه على طريقة الزعبي وكنعان وغيرهما. وهذا أهم ما في حطب مخلوف الذي يعرضه لمتابعيه عبر مقاطع الفيديو التي ينشرها على صفحته على فيسبوك.

كاتب سوري

العرب

———————————-

رامي مخلوف وعلاقته بانشقاق الحزب السوري القومي/ سوسن مهنا

“كان يدعم اتجاهاً لتأسيس فرع على قاعدة مشروع سياسي تابع له وسمي الأمانة العامة”

يواجه رئيس النظام السوري بشار الأسد تحديات كبرى لإحكام قبضته على السلطة، منذ أن انتفض السوريون ضده للمرة الأولى قبل تسع سنوات. ومن تلك التحدّيات تصدع داخل عائلته، انهيار الاقتصاد، تزايد التوترات مع حليفه الرئيسي روسيا. في الأثناء، المتمردون في ركن أخير لهم من سوريا، وعادوا لا يشكلون تهديداً، ولا منافسين جادين لرئاسة دولة تحكمها عائلة الأسد منذ خمسين سنة.

الشقوق بدأت تظهر في جبهة كانت موحدة، أصوات ارتفعت من موالين وقفوا بجانب الأسد طوال معركته لسحق المعارضة. وتوقف تقرير لـ”واشنطن بوست” تحت عنوان “سوريا الأسد تواجه أصعب التحديات في حرب التسع سنوات”، نُشر في 26 مايو (أيار) الحالي، عند انتقاد ورد في وسائل الإعلام الروسية، يشير إلى اعتماد الأسد على الحلفاء الأجانب، روسيا وإيران من أجل بقائه.

يعتبر التقرير أن الخلاف العلني بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف هو عارض من أعراض المشكلات العميقة. لكنّ مخلوف، وفق التقرير، لا يشكل أي تهديد لرئاسة الأسد. علماً أن عائلة مخلوف مهمة في الطائفة العلوية، وهي أقلية تنتمي إليها الأسرة الحاكمة، وقد وفرت شركات مخلوف والجمعيات الخيرية والميليشيات سبل العيش لعشرات الآلاف من السوريين. ما منحه قاعدة دعم داخل المجتمع العلوي المستاء بشكل متزايد.

من هو رامي مخلوف؟

رامي مخلوف هو رجل أعمال سوري، ابن محمد مخلوف شقيق أنيسة زوجة حافظ الأسد. وانتمى الأب إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي. ويسيطر رامي على قطاع الاتصالات السوري، وقد حاز في 2001 بسعر بخس على شركتي “سيريتل” والمنافسة لها “أم تي أن”، وبترخيص وفق نظام “بي أو تي”. وهكذا احتكرت شركتا مخلوف قطاع الاتصالات. وفي 2006 أسس شركة “شام القابضة” للإشراف على إدارة التوسع الهائل لدوره الاقتصادي، إذ أصبح يسيطر على نحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ نحو 62 مليار دولار أميركي. لكن دور مخلوف الفعلي في القرار الاقتصادي كان أكبر من هذه النسبة.

اتهامات بالفساد

مع اندلاع الثورة السورية مطلع 2011، ظهرت لافتات وشعارات تفضح الدور الاقتصادي لمخلوف وشركاته. وطالب المتظاهرون الأسد بمحاسبته وتحجيم دوره. وكانت مقرات شركاته هدفاً لغضب المحتجين الذين اتهموه بالفساد واستغلال النفوذ. وفي رد على الاتهامات، أجرى مخلوف حينها مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، في مايو 2011، وجه فيها رسائل مباشرة إلى الخارج، مؤكداً أن النظام سيقاتل حتى النهاية. وحذَّر من تداعيات الفوضى في سورية على أمن إسرائيل واستقرارها. وظهر مخلوف إعلامياً مرةً أخرى، في يونيو (حزيران) 2011، مُعلناً تفرغه لـ”العمل الخيري”. وعلل خطوته هذه بعدم الرغبة في أن يكون عبئاً على سوريا وشعبها ورئيسها، وفق تعبيره. لكن خطوته هذه لم تنجح في تجنيبه وشركاته سلسلة من العقوبات الأميركية والأوروبية، أضيفت إلى تلك التي يخضع لها منذ فبراير (شباط) 2008.

العلاقة مع روسيا

لعب شقيق رامي، العقيد حافظ مخلوف، رئيس فرع أمن دمشق التابع لإدارة المخابرات العامة، دوراً محورياً في مواجهة الحراك الشعبي، بممارسة الاعتقالات والتعذيب والسجن. وكان من الحلقة الضيقة التي اقترحت الحل الأمني واستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين.

وفي 2014، أُعفي حافظ مخلوف من منصبه، وغادر لاحقاً إلى روسيا حيث والده محمد الذي يقضي وقته بين موسكو وكييف، بفضل علاقات أمنية وسياسية واقتصادية مع متنفذين في روسيا، منهم يفغيني بريغوجين المعروف بلقب “طباخ بوتين” وذراعه في أفريقيا، والمدرج على لائحة العقوبات الأميركية بسبب صلته بالانفصاليين في شرق أوكرانيا، والمتهم بتأسيس مجموعة “فاغنر”، وهي شركة خدمات عسكرية خاصة على طراز “بلاك ووتر”. وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت أن تأسيس هذه الشركة، يعود إلى خريف 2015، أي الفترة التي شنت فيها روسيا غارات دعماً للسلطات السورية.

التصدع داخل النظام السوري

في 30 أبريل (نيسان) الماضي، نشر رامي أول مقطع من سلسلة مقاطع فيديو على موقع “فيسبوك” يشجب تصرفات النظام ضده وضد إمبراطوريته المالية. قال في أحد المقاطع “لم أستسلم خلال الحرب… هل تعتقد أنني سأستسلم في ظل هذه الظروف؟ تبين أنك لا تعرفني”، متوجهاً إلى الرئيس بشار.

فيديوهات مخلوف جاءت بعد إجراءات قامت بها السلطات السورية بحقه منها فرض الضرائب وحل فرع اللاذقية من الحزب السوري القومي الاجتماعي، المعروف باسم “حزب رامي”، و”جمعية البستان الخيرية”، وحبس مديرها وتعيين إدارة جديدة فيها موالية لزوجة الرئيس بشار أسماء الأخرس. عندها، ذهب مخلوف إلى منطقة سياحية في أعلى جبال اللاذقية (صلنفة)، ولم يعد قادراً على مقابلة الأسد. وتردد أن السبب الرئيس للصراع هو تلقي الأسد طلباً من روسيا بسداد مليارات الدولارات، وقد رفض مخلوف الذي يسيطر على غالبية الأعمال التجارية والاقتصادية السورية الرسمية وشبه الرسمية، الإذعان للأسد، بحجة أن هذا الطلب كبير للغاية، ولا يمكن توفيره في الوقت المطلوب لروسيا.

الحزب السوري القومي

أسس أنطون سعاده الحزب السوري القومي الاجتماعي في 1932، وهو منتشر في لبنان وسوريا ومُرخّص رسميّاً. يدعو إلى إقامة “سوريا الكبرى”، التي تشمل منطقة الهلال الخصيب، أي العراق والأردن وفلسطين وسوريا ولبنان، كذلك الكويت وقبرص وشبه جزيرة سيناء ولواء الإسكندرون حالياً (محافظة هاتاي في تركيا)، وتقول العقيدة القومية السورية بأن هذه المنطقة يجمعها تاريخ مشترك. ويُعد الحزب المجموعة السياسية الثانية في سوريا بعد حزب البعث العربي الاشتراكي، الحاكم. أما في لبنان، فكان الحزب منظماً لأكثر من 80 عاماً. وحتى الآونة الأخيرة حينما أصبح مجموعة رئيسية في تحالف 8 آذار.

في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أصدرت محكمة الاستئناف المدنية الأولى في دمشق، قراراً يقضي بحل الحزب السوري القومي الاجتماعي (الأمانة العامة). وقالت قناة “روسيا اليوم” حينها إن القرار صدر بصفة المبرم (نهائي وغير قابل للاستئناف).

انفصال تنظيمي للحزب بين سوريا ولبنان

وتحمل مجموعتان سياسيّتان في سوريا اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، منذ الخلاف التنظيمي الذي أدى إلى الانقسام. الأولى “الأمانة العامة”، والثانية “المركز”، وهو ممثل في الجبهة الوطنية التقدمية (تكتل من 9 أحزاب إضافة إلى اتحادي العمال والفلاحين).

وفي 2013 تقرر فصل تنظيمي للحزب السوري عن اللبناني، على الرغم من اعتراضات رئيس الحزب في لبنان آنذاك أسعد حردان. وجاء أداء رامي مخلوف قسم الولاء للحزب أمام رئيس الحزب في سوريا عصام المحايري، قبل مؤتمره العام الذي عقد في دمشق، ليشرعن الانفصال التنظيمي للحزب بين سوريا ولبنان. وتشير المصادر إلى وقوف رامي مخلوف وراء الانشقاق الذي ضرب الحزب، مستعملاً قانون “التعددية الحزبية”. وارتبط عمل “جمعية البستان الخيرية”، والميليشيات المسلحة التابعة لها، منذ ذلك الوقت، بميليشيات حزب “الأمانة”.

وكان مسؤول أمني في الحزب السوري “المركز” قد صرّح أن مخلوف استطاع أن يسحب ثلث القيادات الشبابية، ودفع رواتب ضخمة، وضم حوالى 2000 شاب من ذوي القتلى في أشهر قليلة. وأسس لنشاطاتٍ اجتماعية وترفيهية، “لم يقم بها أي حزب في التاريخ الحديث لسوريا”.

مشاركة الحزب في الحرب السورية

منذ بداية الثورة السورية، كان الحزب جاهزاً ومستنفراً ومخلصاً للدفاع عن النظام وشارك إلى جانب قوات النظام في قمعها. وسرعان ما شكل مجموعة مسلحة باسم “نسور الزوبعة”، وقاتلت ضد المعارضة، وانتشرت في الساحل وحمص ودمشق والسويداء.

ينفي نائب رئيس الحزب في لبنان، وائل الحسنية، في حديث مع  “اندبندنت عربية”، ما تتناقله وسائل الإعلام عن حل للحزب في سوريا. ويقول إن “رامي مخلوف كان يدعم اتجاهاً لتأسيس فرع من الحزب السوري القومي، على قاعدة مشروع سياسي تابع له، وسمي الأمانة العامة”.

اقرأ المزيد

ويشير حسنية إلى أن لدى الحزب “المركز” سبعة أعضاء في البرلمان السوري، وهو عضو في الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم 10 أحزاب ويشارك في عمليات الدفاع عن سوريا عبر “نسور الزوبعة”.

ويعتبر عضو المكتب السياسي ورئيس الدائرة الخارجية والاقتصادية في الحزب، طارق الأحمد، أن “ليس الحزب القومي الذي حل”، مؤكّداً أنه “حليف لحزب البعث العربي الاشتراكي منذ عام 1972، في إطار الجبهة التقدمية الحاكمة. لكن وكما يعرف البعض، كان هناك انشقاق عن الحزب عام 2011، دام لسنوات، ومنذ أكثر من سنة قامت المحكمة بإلغاء الترخيص للمجموعة التي قامت بالانشقاق”.

علاقة الانشقاق بالأحداث الحالية

ويشير الأحمد إلى أن “أن حسين مخلوف، ابن عم رامي، كان عميداً للداخلية وأحد قياديي ذلك الشق من الحزب في ذلك الوقت، مع ذلك ألغي ترخيصهم. لكن قرار المحكمة سبق الأحداث التي تجري الآن بسنة أو أكثر، والقانون طبق في وقت لم تكن هناك مشكلات تتعلق بالخلافات على الضرائب والاتصالات”.

ويعتقد الأحمد أن “لا صراعات داخل الأجنحة، ولم يعد في سوريا سوى الحزب السوري القومي المرخص”. ويقول إن “كل الأحزاب في التاريخ تتعرض للانقسامات، إذ تفرض التقلبات السياسية هذا النوع من الإيقاعات. وعمر الحزب يتجاوز الثمانين عاماً، وقد عاصر كل الأحداث والتقلبات التي جرت في سوريا”. 

ويضيف عن الجناح المنشق، أن “آخر من تولى الرئاسة كان إلياس شاهين، وهو نائب سابق في البرلمان. وقبله كان جوزيف سويد، وهو وزير سابق، وقبلهما كان عصام المحايري”.

مخلوف كان يرعى الانشقاق

النائب عن الحزب في مجلس الشعب السوري ورئيس الدائرة الإعلامية في المكتب السياسي، أحمد مرعي، يقول إن “الحزب قائم ومستمر منذ عام 1932. وموجود اليوم في الجمهورية العربية السورية ضمن الجبهة الوطنية التقدمية، ولديه كتلة نيابية مؤلفة من سبعة نواب، وممثل في الإدارة المحلية والنقابات والمنظمات الشعبية، ويمارس دوره النضالي في إطار الحياة السياسية العامة في سوريا”.

أما عن الانقسامات فيشير مرعي إلى أنه “في عام 2012، نشأت حالة طارئة من مجموعة انتحلت صفة الحزب، واستمرت لمدة خمس إلى ست سنوات، وواجه الحزب الأساس هذه الحالة، ولجأ الى القضاء، وسار القانون في مساره الطبيعي. ومنذ عام ونصف تقريباً أصدرت المحكمة قرارها بحل هذه الحالة الطارئة المنتحلة صفة الحزب اسمه”.

ويؤكد مرعي أن مخلوف “كان يرعى الحالة (الانشقاق) التي نشأت عام 2012  كما بات معلوماً في الوسط السياسي”.

——————————-

بمنشور جديد.. رامي مخلوف يحرج بشار الأسد أمام أنصاره/ عهد فاضل

أعلن رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد ورجل الأعمال المعاقب دوليا لتورطه بالفساد، منذ عام 2008، أنه قرر التنازل عن أسهمه في مصارف وشركات تأمين، لصالح شركة “راماك” للأعمال الخيرية والتنموية التابعة له، بحسب تدوينة جديدة له، الخميس، على حسابه الفيسبوكي.

وقال مخلوف إنه سينقل ملكية أسهمه في البنوك وشركات التأمين، لتصبح تابعة لمؤسسة “راماك” الخيرية التي وصفها بأنها “وقْف” لا يمكن توريثه لأحد، مؤكداً أن بيع أو ربح تلك الأسهم، ستكون لصالح جرحى جيش النظام السوري وذوي قتلاه.

وكان نظام الأسد اتخذ قرارات حجز احتياطي على أموال مخلوف المنقولة وغير المنقولة، ثم قرر حرمانه من التعاقد مع مؤسسات النظام لمدة خمس سنوات، بعدها منعه من مغادرة البلاد، وتلاه بحجز أمواله في 12 مصرفاً، بعدما امتنع ابن خال الأسد عن دفع مستحقات مالية لخزينة النظام، تبلغ 130 مليار ليرة سورية.

خطوة ذكية

واعتبر بعض المعلقين على حساب رامي مخلوف، أن ما قام به من تنازل عن أسهمه، لصالح شركة “راماك”، بمثابة “خطوة ذكية” من فريقه القانوني، بحد تعبيرهم الذي ورد فيه تساؤل عن ردّ “الفريق الآخر” المتوقع، على تلك الخطوة.

وبنقل أسهم مخلوف، لصالح شركة خيرية تقدم معونات لصالح مصابي جيش الأسد، يصبح وضع يد النظام على تلك الأموال، كما لو أنه وضع اليد على أموال جرحاه وفقرائه.

الخطوة التي يمكن تفسيرها، بالمحرجة لنظام الأسد، تقصَّد مخلوف القيام بها، خاصة وأنه رفض الإعلان عن دفعه الأموال التي طالبه بها النظام. الأمر الذي حدا ببعض أنصار مخلوف، لوصف خطوته بالذكية، متسائلين عن موقف النظام منها.

رامي مخلوف وأسماء الأخرس وبشار الأسد رامي مخلوف وأسماء الأخرس وبشار الأسد

وسبق لمخلوف، في 23 من الجاري، أن تحدى قرارات الأسد بالحجز على أمواله، فأعلن تحويل مبلغ مليار ليرة ونصف المليار، لصالح جمعية “البستان” التي يصفها أيضا بالخيرية، وأصبحت تحت إشراف الأسد، منذ عام 2019. فردّت مصادر الأسد على مخلوف، سريعاً، بإعلان مؤسسة البستان، أنها تعمل تحت إشراف بشار الأسد.

صراع على بيئة الأسد

ويحرك رامي مخلوف خطابه الإعلامي والدعائي، داخل بيئة الأسد، عبر إعلانه الدائم بمناصرته لجرحى جيش النظام وفقرائه، خاصة بعدما وضع الأسد يده على مؤسسته “الخيرية” المعروفة باسم البستان، وظهور اسم أسماء الأخرس، زوجة الأسد، كطرف يريد الإشراف والسيطرة مباشرة على مجمل نشاطات مخلوف المالية والاقتصادية.

فكثّفت زوجة الأسد ظهورها الإعلامي داخل البيئة التي يخاطبها مخلوف، وهي جرحى الأسد وفقراؤه، وأعلنت في 17 من الشهر الجاري، تقديم منحة مالية لجميع جرحى جيش الأسد، تلاها النظام بإصدار قرارات تعيين فوري لزوجات وأبناء قتلى جيشه، في مختلف وزارات حكومته، بدءا من 26 مايو.

كما يأتي تنازل مخلوف عن أسهمه، لصالح مؤسسة ترعى مصابي جيش الأسد، كجزء من معركته داخل بيئة الأسد لتجييرها لصالحه.

في حين يسعى الأسد بالمقابل، إلى سحب ملف الجرحى والفقراء، من يد مخلوف، عبر قرارات مختلفة. لتكون المعركة بينهما بانتظار رد مؤسسات الأسد، على خطوة مخلوف الأخيرة، الخميس.

وأكد مخلوف أنه بدأ بنقل ملكية هذه الأسهم، دون أن يحدد إذا ما كانت كل أسهمه في جميع المصارف وشركات التأمين، أم فقط تلك التي أوقع عليها نظام الأسد، الحجز الاحتياطي ضماناً لتسديده المبالغ المطلوبة منه. ووعد مخلوف بنشر وثائق تنازله، بعد الانتهاء من الإجراءات.

كما اعتبر في تدوينة وهو يخاطب فقراء الأسد وجرحاه، أن ما سيتنازل عنه من أمواله هو “إعادة الملك لأهله وأنتم الأولى والأحق به من نفسي ومن أولادي!” مختتما بالقول على الطريقة العامية السورية: صحتين على قلبكم!

شرخ داخل الطائفة العلوية

وتتمحور “المعركة” بين الأسد وابن خاله، في الأيام الأخيرة، على بيئة النظام الموالية، من طرف رامي مخلوف من جهة، والأسد من جهة ثانية. ويسعى مخلوف لتقديم نفسه بأنه “راعي فقراء” بيئة النظام، لتعزيز مواقعه بمواجهة الأسد وتهديده بإمكانية تحريك تلك البيئة، بحسب محللين.

وأقرت شخصيات من داخل الطائفة العلوية التي ينحدر منها رئيس النظام السوري بشار الأسد، بما سمّته الشرخ الذي تسبب به مخلوف. وقال الدكتور أحمد أديب الأحمد، أستاذ الاقتصاد في جامعة “تشرين” التابعة لحكومة الأسد، على حسابه الفيسبوكي الموثق بعلامة زرقاء، إن رامي مخلوف لا يزال “يشرخ في صفوف العلويين” متهماً مخلوف باستعمال الدعاء “بطريقة شيعية” على حد وصفه، واتهمه بتحريض الفقراء والبسطاء، على بشار الأسد.

كما أكد أحمد في سياق هجومه العنيف على مخلوف، أن الأسد أقال عماد نداف، وزير تجارته السابق، من الحكومة، بسبب علاقته بمخلوف الذي اتهمه بأنه اشتراه بالمال. وختم بتهديد مباشر لمخلوف: لا تختبر صبر الأسد.

وشهدت نهاية العام الماضي، بداية تضييق الأسد على ابن خاله، رامي مخلوف، عندما أوعز لجهاته الحكومية بإصدار قرارات بالحجز الاحتياطي على أمواله، سبقها، في شهر آب/ أغسطس الفائت، وبإيعاز روسي، بإصدار أمر بحلّ ميليشيات جمعية “البستان” التي كانت تعمل تحت إمرة مخلوف، وتضم عددا كبيرا من المسلحين الذين يتقاضون مرتبات أكبر بكثير من مرتبات ضباط الأسد وجنوده.

————————–

================================

=====================

تحديث 30 أيار 2020

————————–

إلى أين ستأخذ أزمة رامي مخلوف بشار الأسد؟ ألمان يوضحون

“رامي مخلوف” هو اسم لمع نجمه مع وصول رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى السلطة كقطب يمسك بين يديه اقتصاد البلاد، إلا أن الحال تغير خلال الأسابيع الماضية، إذ إن النزاع القائم بين الأسد ومخلوف كشف بعضا من خبايا الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد نفسه، فهو نزاع عائلي يتجاوز القرارات الاقتصادية بل يكاد يصل أساسيات حكم الأسد نفسه، وذلك بحسب ما يراه خبراء ألمان.

فسوريا التي لطالما عرفت خلال حكم عائلة الأسد الممتد منذ قرابة 50 عاماً، بغياب تام لدور الإعلام، وبتعتيم كامل عن كل الأخبار إلا التي ترغب العائلة المالكة بإيصالها للشعب، تعيش منذ أسابيع على وقت صد ورد من رامي مخلوف والسلطات على العلن وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.

نظرية التعتيم هذه كان قائدها حافظ الأسد، كان سرها الكتمان عن أي تفصيل يتعلق بالعائلة، وعدم نشر الفضائح أو حتى السماح لأحد بتداولها مهما كان الثمن، وذلك حفاظاً على بقاء النظام.

وأكبر مثال على ذلك، كان الخلاف العميق بين حافظ وأخيه رفعت الذي تفجر عام 1984، فمنذ ذاك الحين حتى اليوم، لا يعرف السوريون تفاصيل القصة، كل ما يعرفونه أن رفعت حاول الانقلاب على أخيه فقام حافظ بنفيه بعد أن أفرغ له أموال مصرف سوريا المركزي.

وبحسب موقع “دير شبيغل” الألماني، فإن العائلة الحاكمة في سوريا تعيش اليوم صراعاً مماثلاً لصراع الثمانينات بين حافظ وأخيه، وأن صراعا آخر من أجل السلطة والمال ينخر دائرته العائلية القريبة، منذ أشهر.

خط الكتمان الأحمر كان رامي مخلوف قد تجاوزه حين خرج إلى الإعلام وكشف المستور عبر فيديو هات نشرها في فيسبوك.

اشتكى رامي بداية من “الطريقة غير العادلة التي يٌعامل بها”، فرجل الأعمال الغني مالك شركة سيريتيل التي يقدر البعض قيمتها بنحو 162 مليون يورو، ويتربع على أكبر ثروة في سوريا، فرض على أمواله الحجز الاحتياطي وفق وثيقة مُوقعة من قبل وزير المالية في حكومة النظام السوري، وذلك ضمانا لتسديد مستحقات لهيئة تنظيم الاتصالات السورية، في تحول اعتبره السوريون خطيرا جدا.

وقبلها ناشد مخلوف في مقطعي الفيديو، الأسد نفسه بوقف الضغوطات عليه للتنازل عن شركاته.

اسم زوجة الأسد يلوح

هي تفسيرات مختلفة وأحيانا متناقضة، مبنية في الغالب على معلومات غير مؤكدة، ظهرت بشأن تفجر هذا الخلاف، منها أخبار متداولة في دمشق تُشير إلى أن مشاكل مخلوف، الذي تعتبره المعارضة من أبرز رموز فساد النظام، لها علاقة مباشرة بالفريق الاقتصادي الذي تديره أسماء الأسد زوجة بشار، ويبدو أن هذا الفريق وضع خطة لاستعادة المبادرة في قطاعات المال والأعمال في ظل الأزمة لاقتصادية الخانقة التي تجتازها البلاد، ولكن أيضا لدرء أي مخاطر أو منافسة محتملة تهدد مستقبل عائلة الأسد.

ووفقا للمعلومات الواردة، فقد أشار الكاتب الألماني موريتس باومشتيغر في صحيفة “زودويتشه تسايتونغ”، أن توجه مخلوف لهذا الطريقة للوصول إلى الأسد فيه جانب استعراضي، لكنه يكشف في الواقع عن تحولات في أعلى هرم السلطة، فلطالما كان مخلوف أحد المقربين من الأسد، الذين موّلوا النظام السوري منذ اندلاع الثورة في 2011.

إشارات إلى دور روسي

إلا أن معلومات أخرى تشير إلى دور روسي في الأمر، كما أن تضارب الروايات يسيطر على الموقف، فهناك من يرى أن الكرملين بات يرى في “جشع” مخلوف خطرا على استقرار النظام في دمشق، فيما يرى البعض الآخر بأن موسكو نفسها تسعى للاستحواذ على شركة “سيريتيل” وأجزاء أخرى من القطاعات الاقتصادية يحتكرها مخلوف.

والأكيد بحسب مراقبين أن الخلاف لم يكن بسبب المال، فمخلوف مان قد جمع منذ 20 عاما حتى اليوم ثروة ضخمة، إنما هو صراع على النفوذ والسلطة.

والمهم ذكره أن الصراع لا يقتصر على المال فقط، فقد كدست عائلتا الأسد ومخلوف ما يكفي من الثروة للعيش في رغد دائم، لكن الأمر يتعلق أيضا “بصراع على السلطة والنفوذ” على حد تعبير أوليفر بيشا في مقال نشره موقع “مينا ووتش”.

خلاف قديم

وبحسب المعطيات، فإن خلاف الأسد مع مخلوف لم يكن وليد الأسابيع الماضية، بل بدأ منذ صيف العام الماضي، حين استحوذت السلطات السورية على جمعية رامي مخلوف الخيرية، قبل حل الميليشيات التي يمولها والتي تورطت في الحرب على السوريين، حيث تؤكد المعارضة أن ما تعرف بجماعات “الشبيحة” التي قتلت كثيريين كان ممولة من مخلوف.

وحينما قررت السلطات متابعة عدد من رجال الأعمال بالتهرب الضريبي والإثراء غير القانوني، شمل ذلك أيضا صديق طفولة الأسد، وهو مخلوف.

يشار إلى أن أنشطة مخلوف لم تقتصر فقد على الاتصالات، بل شملت قطاع المحروقات والكهرباء والبنوك والنقل الجوي. وهناك من يقدر ثروته بعدة مليارات من الدولارات.

أين إيران من هذا؟

أما عن الدور الإيراني، فمن الضروري ذكره بأي تفصيل يتعلق بسوريا، لأن هناك من يُرجع قضية مخلوف لصراع النفوذ بين طهران موسكو، فعلى الرغيم من أن آل مخلوف على علاقة وطيدة مع روسيا، ويملكون فيها استثمارات هائلة، إلا أن هناك من يشير إلى أن روسيا منزعجة من مخلوف لأن شركاتها لا تحصل على نصيبها من مشاريع إعادة الإعمار الضخمة.

وهناك روايات تؤكد أن الروس هم من يقفون وراء انهيار إمبراطورية مخلوف لرغبتهم في تقاسم الكعكة الاقتصادية بعد دورهم الحاسم في إنقاذ نظام الأسد.

وحسب “مينا ووتش” يبدو “أن الإيرانيين بدورهم أرادوا دخول سوق الهواتف المحمولة السورية عامي 2014 و 2015 ، إلا أن مخلوف حال دون ذلك، لأن سوريا ليست “دولة عادية”، بل إن هناك أسرة نهبت بلدا منذ عقود، بحسب الموقع.

وعن إيران، فقد نقلت شبكة الإعلام الألمانية “إير.إن.دي” قبل أيام، دعوة حشمت الله فلاحت بيشة العضو في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إلى استعادة أموال إيران من سوريا والتي قدرها بـ 20 إلى 30 مليار دولار، ما دفع مراقبون للتساؤل حول توقيت تلك التصريحات. حيث أكد بيشة أن “الدعم الإيراني للحكومات والحركات المسلحة في سوريا واليمن وفلسطين ولبنان يواجه انتقادات متزايدة داخل البلاد، ظهر ذلك جليا خلال الاحتجاجات الشعبية الأخيرة هناك، وزاد الوضع تأزما بعد تجدد العقوبات الأميركية والأزمة الاقتصادية الناتجة عنها، فبات العديد من الإيرانيين يطالبون الحكومة باستثمار الأموال في البلاد وعدم إنفاقها على العرب، بحسب تعبيره.

تكهنات لا تأكيد لها

وفي النهاية، تبقى كل التقارير مجرد تكهنات لا أحد أكد صحتها، فهل بالفعل وصل مخلوف لأن يشكّل خطرا على بشار وأخيه ماهر؟، خصوصا وأن مؤسسة “البستان” الخيرية التابعة لمخلوف كانت بدأت بتقديم الدعم المالي للمنتسبين للجيش وقوات الأمن من أبناء العلويين. كل هذا يبقى مجرد كلام في ظل غياب معطيات واضحة من مصادر رسمية.

بدوره، كتب كريستوف إرهارت مراسل صحيفة “فرانكفورته ألغماينتسايتونغ” في بيروت مقالا قبل أيام عرض فيه شهادات لسوريين من الطائفة العلوية، وأورد شهادة رجل في الثلاثينات قال “لقد ضحينا بدمائنا، لكننا لم نحصل على شيء مقابل ذلك”، في إشارة للحرب التي استنزفت طاقات البلاد.

إلا أن الأكيد هو أن أزمة مخلوف مشكلة حقيقية بالنسبة للأسد، قد تكلفه غاليا.

العربية

——————————

صراع “مُلّاك سوريا”: رامي مخلوف يهب “مؤسسة خيرية” أملاكه نكاية بالنظام

في خطوة وصفت بالذكية، قال الملياردير ورجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، إنه نقل أسهمه وأملاكه المتنازع عليها مع النظام إلى مؤسسة خيرية يمتلكها لتكون “وقفاً ورافدة لكل محتاج”.

ومخلوف هو أحد الأعمدة الاقتصادية للنظام منذ عقود، ويمتلك “سيريتل”، أكبر شركة اتّصالات في سوريا، علاوةً على حصص في قطاعات الكهرباء والنفط والعقارات والمصارف.

ومنذ 30 نيسان/أبريل الماضي، كشف مخلوف في منشورات عدّة عن نزاع مع السلطات التي تطالبه بدفع 185 مليون دولار أمريكي قالت إنها مستحقّة للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد على شركته. غير أن مخلوف يرى هذه المطالبة “غير مبرّرة وظالمة”، ويشدد على أنه يدفع ضرائبه بانتظام، إضافة إلى “نصيب الدولة من الأرباح التي تقدر بـ50%” من مكاسب الشركات المعنية.

نقل ملكية لتفادي الانتزاع

وعبر فيسبوك، أعلن مخلوف، مساء 28 أيار/مايو: “لقد بدأتُ في معاملة نقل ملكية كل هذه الأسهم إلى راماك للمشاريع التنموية والإنسانية التي هي، كما تعلمون، وقف لا يُورّث، وبالتالي أي بيع أو ربح لهذه الأسهم سيعود كله إلى أعمال الخير التي تخدم كل ذوي شهيد روت دماؤه أرض هذا الوطن الحبيب، وكل جريح عانى الكثير، وكل محتاج قست عليه الحياة”.

وأضاف: “تنازُلِنا عن هذه الأسهم قد أراحنا كثيراً وأشعرنا بِنشوة وقوة كبيرتين لأن نزع ملكية الشخص أمر صعب، ولكنّ إعطاءها إلى مؤسسة إنسانية سعادة لا يمكن وصفها، بناء على قوله تعالى، “مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ”

 وختم: “طوبى لمن أعاد المُلك لأهله، فأنتم أهله وأنتم الأَولَى والأحق به قبل نفسي وأولادي”، ساخراً من النظام بقوله “فصحة على قلبكم وإن شاء الله تكون عائدات هذه الأسهم رافدة لكل محتاج”.

واعتُبرت هذه الخطوة “ذكية وكيدية” ونكاية بالنظام.

واتخذ مخلوف قراره هذا بعدما أصدرت وزارة العدل السورية، في 21 أيار/مايو، قراراً منعته بموجبه من السفر موقّتاً بسبب أموال مستحقة للدولة على إحدى شركاته.

وقبل ذلك، تحديداً في 19 أيار/مايو، أمر وزير المال السوري بـ”الحجز الاحتياطي” على أموال مخلوف وزوجته وأولاده “ضماناً لتسديد المبالغ المستحقة لهيئة تنظيم الاتصالات” في سوريا.

لكن الصراع بين مخلوف والسلطة كان قد بدأ في صيف عام 2019 حين وضعت الحكومة يدها على “جمعية البستان” التي يترأسها وتُعدّ “الواجهة الإنسانية” لأعماله.

وتفاقم هذا الصراع في كانون الأول/ديسمبر الماضي بعدما صدرت سلسلة قرارات حكومية قضت بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال في البلاد، بينهم مخلوف وزوجته. واتهم مخلوف حينذاك بالتهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال سنوات الحرب التي اندلعت عام 2011.

مناشدة ثم هجوم واتهام

وتباينت لغة مخلوف في منشوراته منذ طرح تفاصيل صراعه مع السلطات علناً، فتارةً يناشد ابن عمته، بشار الأسد، نصرته في وجه المسؤولين الظالمين، وتارةً أخرى ينقلب على النظام ويتهمه بـ”الظلم والابتزاز والضغط عليه” للاستقالة من رئاسة “سيريتل” أو الحصول على 50% من أرباحها أو حرمانه من “التعاقد مع الجهات العامة خمس سنوات”.

وتعرض مخلوف للكثير من الانتقادات والسخرية لاعتماده في منشوراته ومقاطع الفيديو التي ظهر فيها، لغةً دينية و”ارتداء عباءة المظلوم/ القديس/ رجل البر”، فيما يتهمه سوريون كثر بـ”نهب أموال الشعب الفقير”.

دلالات أبعد للصراع

ويرى مراقبون أن النزاع ليس قائماً إلا بين بشار (لا السلطة) وابن خاله، وأنه “يكشف عن بعض خبايا الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس السوري”، لافتين إلى أنه “نزاع عائلي يتجاوز الخلافات المالية المحضة ليَمُس الركائز التي يقوم عليها النظام”.

ووُضعت عدة سيناريوهات لأسباب الصراع بين الحليفين اللذين ترعرعا معاً، أولها أن عقيلة الرئيس السوري، أسماء الأسد، أرادت السيطرة على الجانب الأكبر من مبادرات قطاعات الأعمال لتخطي الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد، أو ربما لدرء أي منافسة محتملة تهدد عائلة الأسد ونفاذها إلى السلطة بشكل وراثي. وثانيها، يفترض دوراً روسياً يخشى على نظام الأسد من تضخم نفوذ آل مخلوف وسيطرتهم على قطاعات رئيسية مثل الاتصالات وغيرها. بالإضافة إلى أن لدى الروس والإيرانيين أطماعاً بدخول سوق الاتصالات في سوريا، وهذا ما دفعهم إلى تدمير العلاقات بين أفراد العائلة الحاكمة.

في سياق متصل، يعتقد بعض المراقبين أن حدوث انشقاقات في فريق الأسد ليس لمصلحته، وأن أي مغامرة من شأنها تقسيم العلويين قد تكون مكلفة جداً.

يُذكر أن عقوبات أمريكية فرضت على مخلوف منذ عام 2008 على خلفية ما تصفه واشنطن بالفساد العام، فيما يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه منذ بدء الصراع السوري عام 2011 إثر اتهامه بتمويل الأسد. ويَعدّ معارضو الأسد مخلوف “أحد أخطر رموز الفساد”.

————————-

كيف تؤثر خلافات رامي مخلوف وزوجة بشار الأسد على الاقتصاد السوري؟/ منتصر أبو نبوت

منعطفٌ حاد وصل إليه الاقتصاد السوري بعد تفجر الخلاف بين رجل الأعمال رامي مخلوف وأسماء الأخرس زوجة ابن عمته الرئيس بشار الأسد.

وتلقى الاقتصاد السوري أقوى ضربة بعد مطالبة رامي مخلوف بدفع ضرائب تزيد على 120 مليار ليرة سورية (نحو 66 مليون دولار) عن أهم مشاريعه الاقتصادية: شركتي الاتصالات الوحيدتين في سوريا اللتين يملك إحداهما كاملة والحصة الكبرى في الثانية منذ دخول الهاتف المحمول إلى البلاد عام 2000.

وقد رفض رامي مخلوف الرضوخ لأمر الدفع معتبرا أن هذا جاء بناء على معلومات مغلوطة وصلت إلى بشار الأسد، وقد ناشده التدخل من أجل حل المشكلة خلال مقطع مصور بثه على صفحته الرسمية على فيسبوك.

لكن رامي مخلوف -الذي بدا في المقطع المصور ضعيفا- كشف عن ضعف الاقتصاد السوري بعدما تزعزت الليرة عقب نشوب الخلاف بين آل مخلوف وآل الأسد، بعد أشهر قليلة من استقرارها عند سعر صرف بلغ ألف ليرة لكل دولار، ليصبح أكثر من 1700 ليرة لكل دولار، وهو ما تسبب في زيادة أسعار المواد الأساسية أكثر من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه الشهر الماضي.

وأكد المدير التنفيذي في مجموعة عمل اقتصاد سوريا تمّام البارودي -في حديث للجزيرة نت- أن رامي مخلوف يدير موارد كثير تابعة للاقتصاد السوري، فضلا عن الموارد التي يملكها.

وقال البارودي إن انهيار الليرة السورية لا يتعلق فقط بمخلوف وحده، بل لأن البلاد ليس لها خطة من أجل تنمية الاقتصاد، مضيفا أن جميع المقربين من النظام “ينهبون من أعمال غير شرعية”.

انقسامات الساحل

ولا تكمن أهمية مخلوف  في كونه رجل أعمال ثريا وأحد أقارب بشار الأسد فحسب، بل تأتي من الطائفة التي ينتمي إليها بشار الأسد وأقاربه في الساحل السوري، وهذا ما شكل سابقة لم تحدث في سوريا بذات الزخم، خصوصا أن مخلوف تعمد توجيه خطابه في ثالث ظهور له على مواقع التواصل الاجتماعي إلى من وصفهم بفقراء سوريا، مطالبا بشار الأسد بصرف الأموال التي يمكن أن يدفعها على تحسين أوضاعهم.

لكن التسريبات من خلال صفحات موالية للنظام تفيد بأن مخلوف اتخذ من الساحل مقرا لإقامته الحالية، وهو يسعى إلى جمع أكبر تأييد له من الطائفة.

وفي محاولة لخلط الأوراق بشكل أكبر، أعلن رامي مخلوف عن بدء نقل ملكية أسهمه في البنوك وشركات التأمين إلى مؤسسته الخيرية المعروفة باسم “راماك الإنسانية”، وأوضح في بيان نشره على صفحته في فيسبوك أن مؤسسة راماك وقف لا يورّث، وأن أي بيع أو ربح للأسهم سيعود إلى أعمال الخير.

رمز الفساد

يعتبر الكثير من السوريين أن رامي مخلوف أساس الفساد في البلاد، لكن يرى البعض الآخر أن سلطته نابعة أساسا من بشار الأسد، لذلك فملف الفساد يُدار من رئيس البلاد.

وهذا ما أكده رئيس الوزراء الأسبق رياض حجاب في سلسلة من التغريدات على تويتر تعليقا على خلاف أسماء الأخرس ورامي مخلوف، حيث قال حجاب إن “بشار الأسد يزايد على تطبيق الدستور والقانون ورامي مخلوف يزايد على الفقراء، وكلاهما كاذب”.

حجاب أضاف أن مظاهر فساد آل مخلوف تنامت إثر تبني سياسات رفع الدعم الحكومي وتحرير الاقتصاد عام 2005، وهو ما أدى إلى إفقار السوريين وظهور سلسلة من الشركات يملك بشار الأسد الحصة الكبرى منها.

وأكد رئيس الوزراء الأسبق أن عائلة مخلوف مكلفة بشكل رسمي من بشار الأسد بإدارة أمواله، وقد خصص لهم الجزء الأكبر من عقود النفط التي تذهب إلى حساباته الشخصية وحساب زوجته أسماء الأخرس.

وأشار  إلى أن بشار الأسد طلب منه تحويل عقود شركتي الاتصالات “سيرياتيل” و”إم تي أن” إلى عقود إيجار مقابل 35 مليار ليرة سورية (19 مليون دولار)، بعد أن اقترب موعد تحويل ملكيتهما إلى الدولة.

وأوضح حجاب أنه بعد تشكيل لجنتين الأولى برئاسة وزير المالية والثانية برئاسة وزير الاتصالات، تأكد من خلالهما أن الدولة ستخسر حوالي خمسة مليارات دولار إذا تم تحويل الشركتين إلى عقود إيجار، لذلك لم ينفذ التحويل ونفذته حكومة وائل الحلقي بعد أن أعلن حجاب انشقاقه عن النظام عام 2012.

المصدر : الجزيرة

=========================

========================

تحديث 05 حزيران 2020

————————

حيثيات ومآلات صراع الأسد – مخلوف/ منذر الشيخ

يبدو أن قضية رجل الأعمال رامي مخلوف قد أخذت أبعادها شبه النهائية، ما لم تحدث تطورات مفاجئة، ومستجدها في الأسبوع الماضي هو قرار المنع من السفر من قبل القضاء الإداري، ومنشور مخلوف الأخير (28 أيار/ مايو)، الذي أعلن فيه تحويل الأسهم العائدة له في شركات عدة إلى شركة (راماك) للمشاريع التنموية والإنسانية.

مخلوف هو واجهة لمجموعة مصالح اقتصادية واجتماعية أصابتها الإجراءات الحكومية الأخيرة المدعومة من القصر الجمهوري بقوة. الأمر لا يتعلق بالتأخر عن تسديد الضرائب المستحقة على شركة “سيرياتل”، بل هو عملية مدروسة للنيل منه اقتصاديًا، ونقل جزء من الثروة التي حازها، باعتباره صاحب بيت مال السلطة سابقًا، إلى رجال أعمال آخرين، من أجل دعم مركز الثقل الجديد الذي بدأ بالتشكل والتبلور حول شخصية أسماء الأسد الصاعدة بقوة، بعد أن تعافت من مرضها وأخذت مكان السيدة الأولى (أنيسة مخلوف) التي توفيت في العام 2016. وكانت أسماء قد استغلت الأموال الممنوحة من الاتحاد الأوروبي للمجتمع المدني منذ عام 2005، غير الموجود أصلًا، للقيام بأنشطة ذات طابع تنموي.

اللافت والجديد في قضية رامي مخلوف هو نقل الخلاف من قبله إلى العلن، عبر وسائل التواصل الاجتماعية، ما يشكّل دعمًا قويًا لموقفه وغطاءً يحميه، ويعطي فكرة عن نقاط القوة التي يتمتع بها ومدى استعداد مؤيديه لدعمه في مواجهته المفتوحة مع أسماء الأسد، وقد حفلت منشوراته بالترميز إليها وهو يخاطب رئيسه.

يعتمد رامي مخلوف على المستفيدين من “جمعية البستان الخيرية” بشكل خاص، وهم كثر، والجمعية هي الوحيدة على هذا المستوى في المناطق التي يسيطر عليها النظام، ومن المعروف أنه لم يكن يتم الترخيص في سورية حتى للجمعيات الخيرية إلا بصعوبة وفي مناطق وحالات خاصة، وذلك من باب التضييق على المجتمعين الأهلي والمدني. على العموم، يقف وراء مخلوف في هذه المواجهة:

1. المستفيدون والذين استفادوا من خدمات جمعية البستان الخيرية، وهم يعدون بعشرات الآلاف؛

2. رجال الأعمال الملحقون به والعاملون في مؤسساته والأسر التي يعيلونها؛

3. أنصار الحزب القومي السوري وميليشياته، وارتباطات الحزب العائلية التاريخية ببيت “مخلوف” وبيت “جديد” من عشيرة الحدادين في جبلة، المنافسين التاريخيين لعشيرة الكلبية في جبل القرداحة، وكانت السلطات قد حلت فرع الحزب القومي السوري التابع لمخلوف (الأمانة العامة) في خريف العام الماضي، بقرار مبرم من محكمة الاستئناف؛

4. مجموعة من الضباط الأقرب إلى إيران.

هذا يعني أن رامي مخلوف قد يخسر معركته هذه مع أسماء، وهو الأمر الأكثر ترجيحًا، لكن بالنقاط، لا بالضربة القاضية، وقد أضعفه تحوُّل أخيه، إيهاب، إلى مركز الثقل السلطوي الجديد. كما أنه من شبه المؤكد بأن الصراع سيترك شرخًا في الطائفة، لكنه لن يتحول إلى انقسام في الظروف الحالية، إذ الحرب لم تنته، ووحدة الصف ما تزال مطلوبة، وسيكون هذا الشرخ الأول من نوعه ضمن الطائفة العلوية على المستوى الشعبي، وقد نجح حافظ الأسد في توحيدها سياسيًا، لأول مرة، لكن بثمنٍ باهظ ترك وسيترك آثارًا عميقة على أبنائها وعلى السوريين جميعًا.

كشف الصراع مع مخلوف عن مدى تفسخ السلطة واحتكارها للثروة الوطنية، فما إن حصل هذا الشرخ حتى عادت بعض أجنحتها المستبعدة أو الموجودة في الظل إلى المطالبة بحصصها، فدخل ماهر الأسد وزوجته منال الجدعان، على خط الخلاف ضد أسماء (تغريدة لرياض حجاب تحدث فيها عن ذلك)، وعاد رفعت الأسد من غيبوبته السياسية والعقلية، من خلال ابنه دريد، ليذكر السوريين بتاريخه الحافل بـ “تعزيل” البنك المركزي من الدولارات، وزاد عليها ما تبرع به الرئيس القذافي وقتئذٍ، بطلب من أخيه حافظ الأسد، لقاء خروجه سالمًا غانمًا إلى فرنسا مع عدة مئات من حاشيته، كما جاء في مذكرات مصطفى طلاس. 

وبينما يتضعضع التحالف القديم والقوي للسلطة بين آل الأسد ومخلوف، ينمو التحالف الجديد الذي تقوده أسماء الأسد، مستظلةً بسلطة زوجها المتداعية ومدعومة بالحليف الروسي هذه المرة، ودوره ليس خافيًا، فقد رافقت شرطته العسكرية قوات الأمن التي داهمت مقرات رامي مخلوف واعتقلت المديرين. وفي ضوء عجزهم أمام الحلفاء المهيمنين، يحتار أهل السلطة إن كان عليهم أن يتضامنوا أو يتنافسوا، في الوقت الذي يتم فيه سحب البساط من تحتهم أجمعين. إنها طريقة التاريخ الملتوية للنفاذ من الاستعصاء السوري الحالي وتعقيداته، من أجل إحداث التغيير السياسي، مهما يكن الشكل الذي سيتبدى به أو السيناريو الذي سيأخذه.

برزت أسماء بعد موت أنيسة 2016، وكانت قد حضّرت نفسها -اجتماعيًا- من خلال سيطرتها، منذ عام 2005، على أموال الاتحاد الأوروبي الممنوحة للمجتمع المدني السوري، غير الموجود في سورية أصلًا. كما برز دور السيدة الأولى الجديدة، بعد وفاة السيدة أنيسة أم بشار، وتطور هذا الدور في السنتين الأخيرتين ليصبح أكثر فاعليةً وتأثيرًا في ترتيب البيت الداخلي للسلطة، فعملت على تحويل الثروة بالتدريج إلى رجال أعمال من أقاربها والمتعاونين معها، فكان لا بد أن تصطدم بإمبراطورية آل مخلوف المالية العتيدة، وهذا ما حصل.

في هذا المجال، مُنح امتياز بطاقة “تكامل” الخاصة بتوزيع بعض المواد الأساسية، لمقربين منها وأقرباء لها. لا أحد يعرف بالضبط كيف يتم تقاسم مداخيل هذا المشروع، لكن ما يتسرب من معلومات يشي بأن مداخيل هذه البطاقة تكاد تبلغ مداخيل شركة اتصالات مصغرة. كل ذلك كان يجري كمقدمة لتقويض إمبراطورية آل مخلوف المالية، والتي بدأت ثمارها السياسية بالنضج، ما صار ينذر بتنافسٍ على السلطة، يدعم هذا الرأي إخراج رامي مخلوف الخلافَ إلى العلن، وتدرج موقفه من مناشدة الرئيس إلى امتلاك الشجاعة على التحدي.

بالطبع، لا يمكن أن نصدق بأن الأمر يتعلق بتخلف رامي عن دفع مستحقاته الضريبية، في بلدٍ لا أحد يعرف بالضبط كيف توزع فيه الأموال والثروات، لكن الجميع يعرف أين تتركز، إنها عملية “تشليح” لرامي مخلوف، بهدف تقليم أظفاره المالية واحتمال تحولها إلى “مخالب” سياسية تدمي السلطة، وتعيد بصورة “ماكرة” قصة رفعت الأسد من جديد.

في صراعه مع تحالف السلطة الجديد، يستخدم رامي لغة شعبية بسيطة مطعمة بالتدين، يجتذب بها المعوذين والتائهين بين الفقر والمخاوف والانتماءات، وتوفر له دعمًا شعبيًا قد يجنبه الانتحار على الطريقة المعتادة في تصفية الحسابات والتخلص من الخصوم. بالفعل، انتشرت العديد من الصفحات المؤيدة له على وسائل الإعلام الاجتماعية، وفيها يستخدم بعض المؤيدين أسماء مستعارة، خوفًا من الملاحقة وتطبيق قانون الجرائم الإلكترونية.

ومع أن الحاجة الملحة إلى المال ومطالبة الحلفاء بدفع المستحقات قد عجلت من خروج هذا الخلاف إلى دائرة الضوء، بالطريقة الخشنة التي تمّت بها، فإن نقل الثروة يمهد لنقل السلطة، ويبدو أن أسماء تعمل على تأسيس سلالتها الخاصة في المملكة، بيد أن حساباتها تأتي في توقيت خاطئ، وهذا لا يعني أن بعض المستجدات المتوقعة في الأشهر القادمات قد تضعها في موقع السلطة أو تؤمن لها دورًا مهمًا فيها.

هنا يحضر البعد الخارجي للصراع، فبينما تحاول روسيا، من خلال التحالف الجديد، تعزيز نفوذها وإجراء عملية هيكلة لمناصريها في التحالف الجديد لتسهيل إملاء قراراتها، تقف إيران حيرى، ولكنها أذكى من أن تراهن على الحصان الخاسر، رامي مخلوف، فأوعزت إلى قناة “العالم” الإخبارية التابعة لها بالهجوم على رامي، واتهمته بأنه يهب من الأموال التي سلبها من الشعب، وكأننا كنا نعتقد بأن المال يهطل من السماء كالمطر! في ذلك، يبدو أن إيران باتت تلهث للحاق بروسيا في سورية، وهي تخسر مواقعها واحدًا بعد الآخر أمام حليفتها اللدودة، المتحالفة مع عدويين لا قِبل لإيران بمقاومتهما، الولايات المتحدة و”إسرائيل”. 

فما الهدف من التطورات الحاصلة الآن على مستوى السلطة، وفي القلب منها قضية رامي مخلوف؟ وما الذي يمكن أن تقود إليه على المدى القريب؟ يمكن الإجابة عن هذين السؤالين معًا بما يلي:

    تأمين الأموال اللازمة لدفع بعض مستحقات الحلفاء، نظرًا لخواء بيت المال/ البنك المركزي؛

    كبح الطموح السياسي لآل مخلوف، من خلال تحجيمهم ماليًا وإخراجهم من المنافسة على السلطة، ومن ضمن ذلك تأميم جمعية البستان الخيرية؛

    ضرب روسيا لمراكز القوى المتحالفة مع إيران، ومنها إمبراطورية آل مخلوف المالية (يلاحظ أن خطاب مخلوف وطريقة تدينه ولباسه أقرب إلى النمط الديني الشيعي)، واستثمار النقمة الشعبية على التردي المتفاقم للأوضاع للدفع باتجاه التغيير الذي تريده؛

    محاولة التخفيف من “علوية” السلطة بالرجوع إلى عهد الأسد الأب، حيث الأمن والجيش للعلويين ورأس المال للسنّة، والشراكة هنا ضرورية كثمن للحماية من المنافسة وحسب.

    دعم موقع أسماء الأسد وتحضيرها لتولي مسؤوليات مهمة، وربما الحلول مكان زوجها في إطار أي حل سياسي روسي منفرد أو متفق عليه مع الأميركيين؛

    تشكيل الروس لفريقهم الخاص في السلطة، وفي حال التوافق الدولي والإقليمي على حل سياسي ما، يكونون قد أمّنوا عدم وجود معارضة جدية على عملية الانتقال السياسي، في هذه الحالة، من المرجح أن تتم هذه العملية عبر تشكيل مجلسين، عسكري وسياسي، لقيادة المرحلة الانتقالية. في هذا السياق، يمكن تفسير تعيين السفير الروسي الحالي في دمشق، كمبعوث خاص للرئيس بوتين لدى سورية، ربما كتمهيد لعملية التفاوض القادمة مع الولايات المتحدة، وقد شارفت العمليات العسكرية على الانتهاء.

    العمل على مواجهة قرار “سيزر” الذي سيأخذ طريقه إلى التطبيق قريبًا.

مع الأسف، المشكلة، للمرة الألف، هي عدم وجود مشروع وطني سوري للتغيير، تصوغه قوى جديدة تتلاءم توجهاتها مع مرحلة ما بعد الحرب وبناء الدولة، وقد اقتربت الشروط الموضوعية من أن تصبح مساعدة للنهوض به.

مركز حرمون

—————————

——————————-

مخلوف كتغيير في بنيّة النظام.. محاولات العودة لتوازنات حافظ الأسد/ ساشا العلو

عكس ظهور رامي مخلوف بحمولة من الرسائل والدلالات، استثنائية الحدث وحجمه، خاصة ضمن التوقيت والسياق الحاليين للملف السوري. الاستثنائية التي تكمن بداية في الخروج عن المألوف لناحية سلوك أحد رموز النظام في التعاطي مع الإشكاليات الداخلية وتصديرها، تحديداً تلك المتعلقة بجزء من نظام الحكم والمقربين من الدائرة العائلية، والذين لطالما أحيطت بهم هالة من التقديس والسريّة، ساهم ظهور مخلوف بكسرها عبر تصديره إشكالية مركّبة (سياسية-اقتصادية-عائلية-دولية) إلى مستوى مختلف تماماً، تمثل بالرأي العام والشارع.

ولا تكمن الاستثنائية في رد فعل رامي مخلوف فقط، وإنما تمتد أيضاً إلى سلوك آل الأسد وعقلية السلطة والنظام، والذي لم يؤمن يوماً بهذا النوع من المحاسبة في إطار تشويه سمعة لأي من أركانه ورموزه ضمن دائرة الحكم، خاصة العائلية والطائفية، فرفعت الأسد الذي حاصر دمشق بالجيش وزاحم أخاه السلطة، خرج في إطار صفقة ضمنت لهُ امتيازات عدة، أقلها تحفّظ الإعلام الرسمي حتى الآن عن تناوله وتشويه سمعته.

وكذلك غازي كنعان، الذي أتى بما لم يأتِ به رامي وهدد السلطة بمخطط انقلاب، ورغم انتحاره/تصفيته فقد حظي بجنازة عسكريّة. ولا يبدو أن النظام قد أحدث أي تغيير في تلك العقلية ضمن ظروف أكثر حساسية واتجاه شخصيات أقل وزناً، كعاطف نجيب في مطلع العام 2011، فكيف برامي محمد مخلوف ونفوذه؟ والذي لا يبدو ظهوره إلا ذروة لخلاف كان يتفاعل منذ وقت.

فقد تعرض مخلوف خلال العامين الفائتين لحملات مُنظّمة ومتتالية على مستويات مختلفة، تعددت أشكالها غير الرسمية، لتنتهي اليوم بوضعه كغريم لـ “القانون” الممثل بـ”الدولة”، والتي خاطبها رامي بشكل مباشر في ظهوره دون ذكر كلمة الحكومة أو أي من أجهزتها المعنية بالإشكالية، وذلك ليس فقط لوعيه “الفطري” بأنه جزء منها ومن النظام المُسيطر عليها، وإنما لإدراكه الكامل أن القرار الذي اتُخذَ بحقه هو قرار سياسي أولاً، يتجاوز مبلغ 233.8 مليار ل.س، والذي لم يحتج على دفعه، وإنما على السياق وآليات التحصيل، وما بعده؟.

ولعل الخصوصية المركّبة لرامي مخلوف مقابل طبيعة التحركات والإجراءات التي يتخذها النظام بحقّه عبر مؤسسات الدولة، تعطي مؤشرات لملامح تحوّل في بنية النظام، على الأقل الاقتصادية، فمخلوف ليس مجرد ابن خال الرئيس، ورجل أعمال مهيمن على الحصّة الأكبر من الاقتصاد السوري، وإنما يمثل منظومة داخل منظومات متداخلة، عائلية وطائفية وعشائرية.

وهو ابن محمد مخلوف عرّاب بشار الأسد وأحد أهم الذين وقفوا معه في سنوات حكمه الأولى، خاصة في وجه الحرس القديم، والذي تمتد قوته في شجرة السلطة إلى أنيسة مخلوف، وآل مخلوف الذين ينحدرون من عشيرة الحدادين التي تشكل قوة داخل البنية العشائرية للطائفة، وكذلك العائلة ذاتها داخل العشيرة.

فضمن السياق السوري، لا يمكن التعاطي مع رامي مخلوف كشخص فقط، بقدر ما هو جزء من مرحلة كاملة وتحوّل رافق حكم بشار الأسد وسياسات الانفتاح الاقتصادي (النيو ليبرالية)، التي صعّدت طبقة رجال أعمال مقربين تغولوا في السوق على حساب تراجع دور الدولة والقطاع العام، التحول الذي أخلّ بتوازنات حافظ الأسد، ليس على مستوى شكل الاقتصاد فحسب، وإنما على مستوى تجاوز هيمنة الطائفة، عبر النظام، للجيش والأجهزة الأمنية والاكتفاء بالإتاوات من التجّار، إلى الإطباق على الاقتصاد السوري.

وقد شكّل رامي مخلوف وعائلته وعدد من أبناء رموز نظام الأسد الأب أداةً لهذا الإطباق، من خلال شركات وبنوك واستثمارات في مختلف القطاعات وصلت حد الاحتكار والتشبيح الاقتصادي، وتسخير أجهزة الدولة لخدمة هذا الاحتكار ومنع كسره عبر قوانين مصممة له، وبذلك ضيّق الهامش لباقي رجال الأعمال من مختلف المكونات، والذين يعملون أيضاً في المتاح اقتصادياً ويشاركهم رامي في أغلبه، بعكس التوازنات التي كانت راسية عهد الأسد الأب والقائمة على ترك الاقتصاد للنخبة التقليدية من السُنّة والمسيحيين، في إطار تحالفات وتوازنات اقتضتها ضرورات تثبيت السلطة.

وكما مثّل صعود رامي مخلوف جزءاً من مرحلة وتحولاً في بنية النظام السوري، فإن أفُولهُ اليوم ومحاولات تحجيمه وإزاحته عن الساحة الاقتصادية، قد تشير إلى بدايات وملامح تحوّل جديد، لا يبدو مخلوف المحطة الأخيرة ضمنهُ.  التحوّل الذي يحمل سمة القسريّة ويسعى النظام إلى إحداثه في بنيته ضمن دوافع وسياقات معقّدة، منها داخلية تتعلق بتغيير الأولويات بعد تراجع العمليات العسكرية وما ظهّرته من إشكاليات مركّبة، انعكست بشكل أزمات اقتصادية مزمنة يعيشها النظام على عدة مستويات، ومالها من آثار عميقة على حركة الحياة العامة والمعيشة.

وأُخرى خارجية، تمثلت بتصاعد أثر العقوبات الاقتصادية واقتراب فرض قانون قيصر، كضغط دولي سياسي-اقتصادي لدفع النظام لإحداث تغيير في “سلوكه” بحسب تعبير الولايات المتحدة، والذي لا يبدو أنه سيحدث دون تغيير في البنيّة. مقابل ضغط الحلفاء الاقتصادي في إطار استرداد فاتورة التدخل العسكري، والتزاحم على التغلغل في بنية الاقتصاد السوري والتنافس على تحصيل عقود طويلة الأمد في قطاعاته الحيوية، والتي تحاول إيران التموضع ضمنها عبر شبكاتها الاقتصادية ووكلائها المحليين، مقابل نشاط موسكو وشبكاتها وما يرافقه من محاولات للتغلغل وإعادة هيكلة بعض قطاعات ومؤسسات الدولة، بما يتوافق ومصالحها ورؤيتها للحل السياسي وتفاهماتها مع اللاعبين الإقليميين والدوليين.

وقد ساهم هذا المناخ إضافة لعوامل أخرى، بصعود طبقة رجال أعمال جدد كوكلاء للحلفاء في عدة قطاعات، والذين ساهموا برسم شكل جديد للسوق عبر التغول أكثر على حساب “الدولة” التي تحولت إلى طرف ميليشياوي وشريك أمني وليس اقتصادي.

في تلك السياقات المعقّدة وما يتخللها من ضغوطات داخلية وخارجية، يبدو أن الأسد يسعى لإحداث تحوّل في جزء من بنيّة النظام، عبر براغماتية توائم بين مصالحه الخاصة والضغوطات المتعددة، فكما يناور النظام في هامش التنافس بين حلفائه، فإنه أيضاً يحاول التكيّف مع ضغوطاتهم، خاصة الروسية منها، عبر محاولات التوفيق بين مصالحه ومصالحهم ومقاطعتها.

ولعل مخلوف أحد أمثلة هذا التقاطع، الذي اقتضى سلسلة تحركات باتجاه تحجيم نفوذه، إذ لم تكن الإجراءات الأخيرة ضده هي الأولى من نوعها، فقد سبقتها أخرى على مستويات وفترات مختلفة، كحلّ ميلشيات “الحزب القومي السوري” المدعومة منه، إضافة إلى مليشيات أخرى، مقابل التضييق على أعمال جمعية البستان والحجز على بعض الشركات.

وفي هذا السياق لم يكن رامي الوحيد، ولكنه الأبرز، فقد تزامنت تلك الحملات مع أخرى استهدفت شرائح مختلفة من الشبكات الاقتصادية (ضباط، رجال أعمال، تجّار) وفرضت بدايةً محاصصتهم في الكسب الذي حققوه خلال سنوات الصراع، وذلك في إطار إعادة تعريف علاقة النظام بهم.

ويبدو أن تحركات النظام تأتي كمحاولات لإعادة ترتيب مراكز القوى، وفرض نفسه عبر الدولة الساعية إلى استعادة أدوارها، والتي تنازلت عن العديد منها بعد العام 2011، سواء في الشق الاقتصادي أو العسكري، وفوضتها لمليشيات مسلحة وشبكات اقتصادية بشكل يتلاءم وطبيعة الصراع المسلّح وما أفرزه من أشكال لاقتصاد الحرب على مرّ الأعوام الفائتة.

وربما يتقاطع ذلك مع ما أشار إليه بشار الأسد خلال لقائه بــ “المجموعة الحكومية لمكافحة الـكورونا” والمؤلفة من وزارات ومؤسسات الدولة، اللقاء الذي تلا الظهور الأخير لرامي مخلوف بأيام قليلة ونشرته رئاسة الجمهورية عبر معرفاتها الرسمية، وأكد خلاله الأسد على “ضرورة إعادة دور الدولة كلاعب على مستوى الاقتصاد وضابط للسوق”.

ذات الخطاب حمل تلميحات غير مباشرة ومدروسة باتجاه قضية مخلوف، فمجرد الظهور بالفريق الحكومي واستعراض ملفات عديدة و”تحديات المستقبل”، بدا كردّ “الدولة التي تنشغل بملفات أكبر من أفراد”، وهذا هو سلوك النظام الرسمي والتقليدي في التعاطي مع أزماته الحساسة، عبر تجاهلها والحرص على تظهير الدولة كطرف وليس الشخص أو العائلة أو الطائفة.

ولا تبدو محاولات استعادة دور “الدولة” على المستوى الاقتصادي منفصلة عن باقي المستويات، فقد رافق إجراءات  النظام في الجانب الاقتصادي تحركات على مرّ العامين الفائتين باتجاهات مختلفة، منها حلّ بعض المليشيات وإعادة تنظيم ودمج بعضها الآخر في الجيش، وذلك أيضاً في إطار إعادة ضبط وتعريف العلاقة بينها وبين “الدولة”، الأمر الذي استدعى أحياناً الصدام معها وبعض العوائل والأسماء المتنفذة التي تدعمها، كما حدث سابقاً في الساحل السوري 2018-2019، خاصة مع تحوّل تلك المليشيات إلى شبكات عائلية وأمنية، تنافس سطوتها في مناطقها “الدولة”.

ولعل القاسم المشترك في أغلب تحركات النظام على المستويات السابقة، هو الغطاء الروسي، خاصة في تلك التي تستدعي صداماً مع مراكز القوى داخل النظام والعائلة والطائفة، واحتواء أي آثار محتملة لهذا الصدام. وفي هذا السياق لا تبدو أسماء الأسد ورجال الأعمال المقربين منها قوة كافية في مواجهة هذا النوع من الصدامات، خاصة ضمن بنيّة نظام الأسد المركّبة، والتي يبدو فيها دور أسماء الأخرس منفعلاً ومرسوماً، أكثر من كونه فاعلاً وعاملاً حاسماً في إحداث تحولات داخل البنيّة.

وهذا لا يعني التقليل من دور “السيدة الأولى” وأثره، بقدر ما هو إشارة إلى الدور الروسي كغطاء رافق هذا النوع من تحركات النظام السابقة، الغطاء ذاته الذي قد يتراجع أحياناً للضغط على النظام، ويعود لدعمه في حال الاستجابة. ويبدو أن الحملة الروسية غير الرسمية، التي شنت هجوماً على الأسد قبيل ظهور مخلوف، جاءت في هذا السياق، خاصة وأنها ركزت على توصيفي (ضعيف، فاسد)، لتأتي تحركات الأسد تجاه مخلوف كإثبات للعكس في ظاهرها، بينما بدت في العمق كرد منسجم مع مطالب الحملة، أكثر منه تحدٍ لموسكو.

وخلال استجابة النظام للضغوطات المركّبة عبر ديناميات داخلية جديدة، يبدو أنه بشكل أو بآخر يرسل إشارات تُعبّر عن رؤيته الخاصة لحجم التغيير المحتمل وسقف التنازلات التي قد يقدمها خلاله، فيما بدا وكأنه أشبه بالعودة إلى توازنات حافظ الأسد في بعض المستويات، والتي تقتضي إعادة فتح المجال الاقتصادي، وربما التنازل في غيره من المجالات مستقبلاً بما ينسجم مع حجم الضغوط والمرحلة المقبلة، ولكن دون التنازل في البنيّة الرئيسية المتمثلة بالإطباق على الجيش والأجهزة الأمنية، كصمام أمان النظام وأداته للتحكم والهيمنة على البلاد.

إذ يحاول النظام التكيّف مع الضغوط الخارجية للتغيير في بنيته الطائفية والعائلية، عبر التمسك بالجيش والأجهزة الأمنية وفتح ما دونهما لمشاركة الأغلبية السُنية من الموالين، في محاولة للاستمرار بعزل المعارضة وعدم الاعتراف بها، والإيحاء بأن الصراع في سورية طائفي على الحكم، ويمكن حلّه بتوسيع هامش مشاركة السُنة وباقي المكونات في مجالات مختلفة.

فرغم هذا التحوّل الذي يقوده الأسد على المستوى الاقتصادي أو الإيحاء به على مستويات أخرى؛ إلا أن الأجهزة الأمنية والجيش لم يشهدا إلى الآن أي تغيير حقيقي، خاصة لناحية الهيمنة الطائفية، بل على العكس زاد تغول تلك الهيمنة على مستوى المراكز القيادية، وهذا ما أثبتته دراسة صادرة عن “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، تناولت طبيعة شاغلي المراكز القيادة في الجيش، والتعديلات التي طرأت عليها حتى العام 2020.

يدرك النظام أن اللجوء إلى مستويات من توازنات حافظ الأسد، ليس إلا تكيّفاً مرحلياً في واقع اختلفت فيه توازنات سورية والمنطقة، وتأقلماً مع حجم الضغوطات الداخلية لسنوات الصراع، وضغط المجتمع الدولي وداعميه، وذلك كمحاولة للتملص من إحداث تغيير حقيقي في سورية عبر مشاركة المعارضة وإعادة هيكلة أجهزة الدولة بما فيها القطاع الأمني، الأمر الذي يبدو أنه لم يعد رهناً بإرادة بشار الأسد وتصوراته، بقدر ما تحول إلى عملية خاضعة لتفاهمات ومصالح الفاعلين في القضية السورية.

 فرغم أن تحولات مراكز القوى قد تشير إلى تصدع في بنيّة نظام الأسد، إلا أنها وبالوقت ذاته ليست مؤشراً كافياً على تآكل تلك البنيّة أو تغييرها بالكامل، الأمر الذي بات مرتبطاً بعوامل إقليمية ودولية مختلفة، وتوافقات بين لاعبين متعددين بمصالح متضاربة، سيشكل التوفيق فيما بينها أساساً لأي حل سياسي قادم، وتحديداً لشكل النظام الجديد وموقع الأسد ضمنه.

———————————

ما بعد عائلة الأسد.. سوريا إلى أين؟/ بسام يوسف

عندما كان حافظ الأسد ينتهك القانون السوري من ألفه إلى يائه، بعد أن جعل من القضاء السوري محض واجهة، حتى إن أدنى عنصر مخابرات كان يمكنه أن يجرجر أكبر مرجع حقوقي وقضائي إلى أقبية السجون بلا أي سبب ومن دون أي تبرير، لم يكن يخجل أبدا من أن يخرج على السوريين مطالباً إياهم بأن ينظروا نظرة ازدراء إلى من يخالف قانون السير!

وعندما كان يعتقل من يقوم بفعل حقيقي من أجل الجولان السوري المحتل، وكان يحمي اتفاقه مع إسرائيل وحدودها بكل بسالة، لم يخجل أبدا من أن يخرج متبجحاً ليقول بعد إعلان إسرائيل قرار ضم الجولان عام 1981: أنه قادر على جعل الجولان في منتصف سوريا.

هكذا كان حافظ الأسد، وهكذا هو- ببساطة شديدة- مجرد كاذب يتقن إخفاء الحقيقة بشعارات تناقضها. وهو ذاته الذي في مقابلة أخرى، وعند سؤاله عن سوريا من دون حكمه ومن دون حكم البعث، كان قد أجاب بما يستحق التوقف عنده:

لن تكون هناك سوريا…!

واليوم، يكثر حديث السوريين- وغيرهم- عن مستقبل سوريا من دون عائلة الأسد، فهل من الممكن أن تغيب هذه العائلة عن حكم سوريا التي حكمتها ما يزيد على نصف قرن؟ وبالرغم من هذا السؤال، وبغض النظر عن اقتراب وقت هذا الرحيل أو تباعده، فإن السؤال الملح الذي يسأله السوريون اليوم كثيراً، هو:

سوريا إلى أين؟

إذاً، هل ستتحقق نتيجة حافظ الأسد التي قالها في جوابه ذاك، بأن سوريا لن تكون؟ أم أن هناك ما سوف يقوله السوريون، وهو بالضرورة يجب أن يناقض ما خططه حافظ الأسد وما عمله، إضافة إلى أنه يجب أن يناقض أيضا ما كرسه ابنه القاصر على الأرض، أقصد: دمار سوريا، ونهايتها؟

أما الأرقام التي تتناقلها جهات عديدة معنية بالشأن السوري، فهي تبعث إحساساً عميقاً بالصدمة، وتعمق يأساً قاتلاً، ففي هذه السورية لم تعد مفردة الكارثة كافية لوصف الحال الذي أوصلتنا إليه عائلة الضباع؛ لأن ما دمره حكم هذه العائلة ليس الدولة السورية فقط، ولا بنيتها التحتية فقط، ولا اقتصادها فقط، ولا نسيجها الاجتماعي فقط، لقد دمر- عن سابق تقصد وتعمد- ما هو أفدح بكثير، لقد دمر إمكانات نهوضها، ودمر ركائز بقائها، وفخخ مستقبلها بكوارث قابلة دائماً للانفجار في أي لحظة.

لن أعيد الحديث عن التقديرات الاقتصادية التي تتحدث عن حاجة سوريا إلى 600 مليار دولار لإعادة إعمارها، ولا الحديث عن تداعيات الظلم الاجتماعي الهائل الذي مورس على السوريين والذي سيلقي بظلاله الثقيلة على سوريا في عقودها القادمة، ولا الحديث عما يقارب مليون ضحية، وعشرات المجازر الوحشية، ومئات آلاف المعذبين حتى الموت، والمختفين في سجون هذه الطغمة. وفوق كل هذا يقوم بشار الأسد برهن سوريا واقتصادها لجهات خارجية عبر اتفاقيات مجحفة وقعها ليحمي كرسيه، رغم أنها تسلب الشعب السوري حريته وثرواته… إلخ.

ولكني سأحاول مقاربة مؤشرين فقط، وهما مؤشران شديدا الأهمية، مع أنهما لا يلقيان ما يكفي من الانتباه والاهتمام، وهما المؤشران اللذان ينشغل عنهما السوريون الغارقون في مواجهة الموت اليومي الذي يحاصرهم، واللذان لا بد أن يتكشفا ما إن يصمت زعيق الموت، وما إن ينجلي غبار هذه الحرب، فيتلمس السوريون بما يشبه الفاجعة، أن وجهاً آخر لا بد من مواجهته، ولا بد من دفع استحقاقاته، وهو الوجه الأشد قسوة لهذا الخراب الذي يعصف بسوريا.

المؤشر الأول، هو: التعليم، والذي أشارت دراسة أعدها “المركز السوري لبحوث السياسات” إلى فاجعة ستواجهها سوريا لعقود قادمة، يمكن تكثيفها بالعبارة الواردة في البحث:

“لقد ضاعت 24 مليون سنة دراسية على السوريين، وهذا يعقد فرص النهوض في المستقبل”.

نعم إن الكارثة هنا، كارثة ثلاثة ملايين طفل سوري خارج المدارس منذ سنوات، هذا يعني أن جيلاً قادماً سيشكل بنية القوة العاملة الأساس في سوريا، جيل سيعاني من نقص المهارات ونقص المعرفة، وفقر بالعلوم التي أصبحت اليوم محرك الاقتصاد الأهم، هذا إذا تجاهلنا- كمن يكذب على نفسه- أن هذا الجيل لن يعاني من عدم التعليم فقط، بل سيضاف إلى معاناته ما خلفته هذه الحرب، إضافة إلى آثار ظروف التشرد والفقر على بنيته النفسية.

وما يزيد هذه الكارثة الفادحة، هو: أن من يذهبون إلى المدارس في سوريا، ليسوا أحسن حالاً بكثير أيضاً؛ ففي سوريا هناك ستة مناهج تعليمية تدرس، وهي المناهج التي تفرضها القوة الحاكمة في كل منطقة، وهي مناهج تشوه الأطفال السوريين نفسياً وعقلياً؛ لأن الأيديولوجيا والدين هما اللذان تشكل مرجعياتهما الأساس، في الوقت الذي تغيب تماماً عن هذه المناهج أي معايير علمية أو نفسية أو حقوقية التي ليس أقلها حقوق الطفل.

أما المؤشر الثاني، فهو المؤشر الذي يشكل تحدياً كبيراً للسوريين في دولتهم القادمة، وهو ملف الإعاقة الذي ذكرته منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة، في تقرير نشرته في شهر آذار عام 2018، وقد جاء فيه: أن في سوريا ما يزيد على مليون ونصف المليون إعاقة دائمة.

إذاً، كيف سيتمكن بلد مدمر بكامله، بلد يخرج مكلوماً من حرب طويلة، بلد منهوب الاقتصاد، وما تبقى منه مرهون لجهات خارجية، كيف سيتمكن من النهوض بأعباء مليون ونصف معاق على أقل تقدير؟

لا أدري إن كانت منظمة اليونيسيف قد لحظت في تقريرها الأمراض النفسية التي تسببت بها الحرب، والتي تصنف من ضمن الإعاقات أيضاً، وهي التي ترصد لها الدول ميزانيات ضخمة لمعالجتها، مع أن الأعداد لا يمكن مقارنتها- كيفما كانت- بأعداد الكارثة السورية.

 إن ما أوصلنا إليه نصف قرن من حكم عائلة الأسد يفوق بكثير شعار “الأسد أو نحرق البلد”، لأنه قد يكون ترجمة غير دقيقة لجواب حافظ الأسد: لن تكون هناك سوريا. هذا الجواب الذي لم يتمكن حتى أتباع الأسد الممسوسين من استيعابه، ولا من مقاربته.

فهل- بعد هذا- سيتمكن السوريون، بعد أن يقتلعوا هذه العائلة المجرمة، من أن يقتلعوا ما خططته لسوريا ولهم، وأن يطووا صفحتها بكل ما فيها وبما يترتب عليها، وبكل ما تحمل كلمة طي من معنى؟

إنه سؤال برسم السوريين كلهم دون استثناء.

تلفزيون سوريا

—————————————

بوتين إذ يضبط رامي مخلوف/ ساطع نور الدين

كان الرئيس فلاديمير بوتين وسيبقى رجل إستخبارات غامض، ولن يكون رجل دولة معلن، حتى ولو حكم روسيا خمسين عاماً..وحتى ولو بقي في سوريا مئة عام.

مرسومه الاخير الذي أعلن فيه، بشكل موارب ليس له مبرر، عزمه تعزيز الوجود العسكري الروسي على السواحل والاراضي السورية، يعبر عن شخصيته  الاستخباراتية وسلوكه الأمني الذي يعتبر أن السياسة هي فن إثارة المفاجآت، والاستفسارات، والالتباسات، ما يضيع الخصوم ويشل قدرتهم على الرد.

المرسوم الرئاسي الروسي الصادر هذا الاسبوع، مازال يخضع للدرس في مختلف عواصم العالم التي تحاول تفكيك عناصر الحقيقة من الخداع، وتسأل عما يقصده بوتين من تلك الخطوة المفاجئة التي تبدو في الظاهر خارج التطور المنطقي للسياسة الروسية ، ولا للواقع السوري، ولا لأي منطق سياسي، أو حتى إستخباراتي.

التفسير الأقرب الى الصواب، هو أن بوتين شعر بالتشجيع من الاشارة الاميركية الاخيرة التي وجهها المبعوث الاميركي جيمس جيفري عندما قال في شهادة أمام الكونغرس، بصريح العبارة “أن واشنطن لم تطالب يوماً ولن تطالب أبداً بخروج القوات الروسية من سوريا التي تقيم علاقات مميزة مع روسيا منذ أكثر من ثلاثين عاماً”..وهو موقف أميركي ثابت منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا في أيلول سبتمبر العام 2015، الذي قيل يومها أنه حصل مسبقاً على ضوء أخضر من واشنطن، ما زال سارياً حتى الآن، بدليل العمليات الجوية المنسقة في السماء السورية، والدوريات البرية المشتركة التي إفتتحت هذا الاسبوع في الشرق السوري، في خطوة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات بين الدولتين العظميين اللتين خاضتا حربا باردة أمتدت نحو نصف قرن.

وعليه، من المستحيل أن يوضع المرسوم الروسي الاخير في سياق المواجهة او المنافسة مع أميركا على منطقة نفوذ ليست في الاصل جذابة أو مغرية لأحد، مثل سوريا. بل هي بقعة فراغ قديم يسده الروس اليوم، بسهولة شديدة، وبلا أي منازع، لا في الغرب ولا في الشرق ولا حتى في الاقليم.. بل بمباركة دولية شبه إجماعية.

لكن هذا المنطق، لا يفسر سبب إصدار وإعلان المرسوم الروسي بتفويض وزارتي الدفاع والخارجية التفاوض مع الحكومة السورية على حصول القوات الروسية على المزيد من المواقع البحرية والبرية في سوريا. فالجمهور الروسي ليس مهتماً الى هذا الحد بتوسع بلادهم الخارجي وإكتسابها أراضٍ وسواحل إضافية شرقي البحر المتوسط، في ظل الصعوبات الاقتصادية الشديدة التي يواجهها والتي زادت جراء غزو كورونا الاخير.

في التقليد السياسي، كان يتوقع ان يعلن بوتين صراحة أنه قرر تعزيز الوجود العسكري الروسي وتوسيعه على الساحل وفي العمق السوريين، من دون أن يتعرض لأي إستنكار او إستهجان دولي، بل ربما الى بعض الاستغراب..كونه يستكمل مغامرة روسية غير مجزية في بلد تعمّه الفوضى ويحكمه الفراغ.

في العرف الدبلوماسي، كان يفترض ان يكلف بوتين وزارتيه ، الدفاع والخارجية، بشكل سري أو غير معلن رسميا، ببدء التفاوض مع النظام السوري على توسيع الوجود الروسي في سوريا، على أن يتم الاعلان عن الامر عندما يتم التوصل الى معاهدة جديدة تنظم العلاقات بين البلدين، ويجري الاحتفال العلني بالتوقيع والشروع في تنفيذ بنود تلك المعاهدة.

ما يقال عن أن مرسوم بوتين يهدف الى وضع الرئيس السوري بشار الاسد أمام الامر الواقع، يتعارض مع التقييم الروسي الفعلي للرئاسة السورية ولشخصية بشار الذي يفقد يوماً بعد يوم المزيد من صلاحياته الرئاسية. أما ما يتردد عن أن المرسوم  يجسد تقاسم سوريا بين ساحل خاضع كلياً لنفوذ روسيا وبين برٍ خاضعٍ نهائياً لنفوذ إيران، فهو تقدير خيالي لا يمت بصلة لا الى الطموح الروسي ولا الى الانكفاء الايراني.

مع ذلك، فإن البحث ما زال مستمراً عن تفسير نهائي للمرسوم  الاستخباراتي الروسي الذي لا يمكن أن يكون هدفه البعيد عسكرياً فقط، ولا بد أنه موجه أيضا الى بقية الاوليغارشيا الروسية التي تتوق الى تحصيل مغانم الحرب السورية قبل فوات الأوان.. وقبل أن تتاح لرامي مخلوف مثلا، فرصة المضي قدماً في تحدي النظامين، السوري والروسي على حد سواء.

المدن

———————-

مسرحية التقزيم وفاتورة رامي مخلوف/ عمر الشيخ

لو تجاوزنا قليلاً الجانب الهزلي الذي راح يظهره السوري بعد فيديوهات “محرك” اقتصاد النظام في سورية حسب ما تريد عائلة الأسد، لاستطعنا فهم صلابة الدولة العميقة التي كانت ولا تزال على استعداد لقلب كل أشكال التوازن من ميادين القتال وصولاً إلى الدوائر الحساسة لبنية الحكم الطائفي للبلاد.

كان مكتوبا لرامي مخلوف أن يقول ذلك كله بمشهد من إخراج الروس الذين يأوون أطرافاً من عائلته، وصار معروفاً حجم الدَين الكارثي الذي سجله الرئيس الروسي، بوتين، على أي نظام حكم يأتي إلى سورية، فالمواقع الاستراتيجية المحتلة والملاحة البحرية المُستثمرة على الساحل السوري وإبرام صفقات الغاز والتوسع والظهور الدولي المستمر ممثلا لنظام الأسد، هي القيود الحديدية الروسية الضامنة لبقاء هذا النموذج من دولة العصابات.

أضف إلى ذلك أن الخطاب الذي تناوله مخلوف في ظهوره المتواضع على “فيسبوك” كان بصبغة سعودية، نظراً إلى طبيعة الداعم الخليجي الذي ساهم بكتابة سيناريو ذاك الظهور ورتب خطابه كتلميذ حديث الولادة في صفوف “الهدايا” المزعومة والخوف من عواقب هدر دم ذوي القربى، وهذا أيضاً باقتراح روسي، حسب رأيي.

رجال النظام السوري مهما كانت مواقعهم وسلطتهم، يمكن تصفيتهم بهدوء، قتلاً أو بتراً للأجنحة والامتيازات. هذه المعضلة التي لم يفهمها السوري مهما اعتقد أن الثورة العفوية بفاتورتها القاسية والدامية، لن تحل سطراً من شيفرة البقاء للمصالح الدولية في نظام بشار الأسد أو غيره على أراضي سورية. والطاعة المطلوبة لا تواجهها فرعنة الأفراد أو حتى الجماعات ولو كانوا من طائفة رأس النظام، والمقتلة تكمن في إفشاء خصومة “مزعومة” للعوام، وهذا تماماً ما يريد الأسد أن يحدث ليقول للعالم: أنا أصحّح المسارات حتى في صلب عائلتي (…) وسأنهي أي شخص يصوّر ويعلّق ويجعل منّا مادة “هزلية” للتحليل والتناول!

وفي أكثر من مناسبة، كان إعلام النظام يعتبر حكم الإعدام بحق من يقول حقائق تدينه، ويوثقها ويكتبها وينشرها أبسط أشكال الجزاء، لأن التعتيم بالنسبة للوعي الأسدي هو أساس الحكم في هذا النظام، فكيف لو كان الأمر من بطولة رجلٍ صنعه النظام، ومنحه دور ممثل الشراكة المطلقة مع أي مشروع اقتصادي أو أي مبادرة ربحية لسورية تعود بفوائدها إلى جيب الطاغية؟

تلك المصيدة تماماً هي ما كان يريدها الأسد للتضحية بابن خاله “شكلياً” وتقزيمه وجعله مادة سائلة تُشعر المواطن أن تغيراً ما حدث في البلاد، سواء في الداخل أو الخارج، لكن الهدف الرئيسي لتلك المصيدة، حسب ما يدور في الأروقة، أن مشغّلاً جديداً للخطوط الخلوية في سورية يريد النظام أن يضعه بتصرف أحد رجاله كشركة بكيان جديد يواكب الاحتلالات الدولية والاستثمارات على أعناق السوريين، وسيكون في الخدمة في غضون أسابيع، وهذا في الظاهر.

كانت قصة المشغل الخلوي الجديد واردة منذ نحو عقد، ولكن بالاتفاق مع مخلوف وشراكة جديدة لعملاء للنظام في دول أجنبية لضخ الأموال في حسابات عائلة الأسد، لأن حصة مخلوف – النظام من شركة “إم تي إن” العالمية في سورية كانت بسيطة، ومنذ العام 2019 ومحاسبة مخلوف وتحجيمه أمام عيون العالم باتا مسألة وقت، فانتزع النظام منه “جمعية البستان” العملاقة في تمويل “المشاريع الخيرية” للموالين للأسد وأحد الداعمين لمليشيا “الفيلق الخامس” التابعة لقوات النظام، ودخول الإيرانيين على خط الاستثمار لتكون شركة المحمول الجديدة لهم بشكل كلي إدارة وتنظيماً ومعدّات، وحتى اختيار الموظفين من الموالين لهم في بيت الاقتصادي الداعم للنظام. اعترض مخلوف على ذلك، وكان على وشك تسوية الأمر، لكن الضربة القاضية كانت هي مطالبته، أيضاً، بسداد فاتورة الدعم الروسي كاملة من أرباح وأسهم الشركات التي يديرها، وهذا ما رفضه بشكل قاطع، حسب الأخبار الواردة من دمشق.

الاقتراح باختراق صلابة مخلوف متعدد الجنسيات والأملاك في العالم، والتي هي ملك للعائلة الحاكمة، بنسائها ورجالها وأحفادها، هو لبناء إمبراطورية مالية جديدة، سوف تنزل مخلوف عن وحدانية هذه السلطة المربحة، ولكن “الداعية رامي” الذي اقترح عليه الروس، ربما، إحراج النظام السوري والتوجه مباشرة إلى ابن عمته بشار بفيديوهات تحمل تلميحات وإسقاطات على من حوله، بلغة تضرّع كأنه عبد مكسور الخاطر، كان قد وقع في انتقاد أهل بيته وتأكيدات روسيا أنها سوف تحميه كما تحمي والده وأخاه في الإقامة الجبرية على أراضيها أو في مكان ما!

في سورية، لا يستطيع المرء تقدير المواقف، ولا التحليل إلا من خلال اللاعبين الدوليين ومصالحهم وتفاهماتهم، لا وجود لأعداء حقيقيين في سياسة الحرب هناك، مثلاً زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)، أبو محمد الجولاني، في إدلب، والذي ظهر قبل أيام في صور مع أطفال بمناسبة عيد الفطر، يظهر كبطل “ثوري”، وهو بطبيعة الحال رجل مطيع تعلم في أقبية المخابرات السورية، والآن يخدم في مناطق تركيا الصديقة لروسيا، والأخيرة مرحّبة بالتهدئة مع إسرائيل، والتي تشجب دائماً أفعال الولايات المتحدة في المنطقة وضد الأسد، من فوق الطاولة، وتنفذ اتفاقاتها بشراكة إيران والأسد من تحت الطاولة.

إذاً، احتمالات التخوين في بيت النظام السوري هي أبرز الأدوات التي يستخدمها رجال النظام في الظل، وتخوين مخلوف بشأن ما قيل عن اقتحام مسلحي المعارضة من جهة العباسيين لدمشق، ومن خلال خطوط الصرف الصحي في منطقة الزاهرة جنوب دمشق باستخدام الشبكة الخلوية، هو مجرّد مسرحية تقزيم ساذجة ابتكرتها أجهزة الإشاعة الأمنية في إعلام الأسد، فالمسألة خلاف بسيط “أهلي” وتغيير مواقع لوجوه النظام، بينما السوريون يخسرون مزيدا من وقتهم أمام دروس التربية الأسدية لعملاء القتل في سورية.

العربي الجديد

————————-

ميشيل كيلو وخفايا صراع مخلوف – الأسد في ندوة لـ “حرمون

عقد مركز حرمون للدراسات المعاصرة، السبت 30 أيار/ مايو 2020، ندوة بعنوان (أين تتجه العلاقة بين دمشق وموسكو؟)، شارك فيها من باريس الكاتب السوري المعارض ميشيل كيلو، وأدارتها الإعلامية ربا حبوش.

تحدث كيلو، في بداية الندوة، عن خلفيات وحقيقة الصراع بين رامي مخلوف وبشار الأسد، وكيف يمكن لهذه الخلافات أن تؤثر في حاضنة النظام من الطائفة العلوية، وقال: “أعتقد أن القصة تتخطى كثيرًا أسماء الأسد، كما يتم تداوله، وأن لها دلالات مهمة، وهي أن النظام لم يعد لديه أي مورد من الموارد يمكّنه من أن يمارس وظائفه كنظام، وهذا ما جعل الشعب في حالة إفلاس ومستوى معيشي مترد، مع أهمية الإشارة إلى أن موارد البلد وثرواته الطبيعية أصبحت في معظمها بيد الروس والإيرانيين، وبعضها محتجز عند الأمريكان، وهذا دفع النظام إلى البحث في دفاتره القديمة، كما يُقال، ومن هنا ظهرت مشكلة الحجز على أموال رامي مخلوف”.

وتابع: “أعتقد أن هذه نقطة مهمة كثيرًا، ولفتت أنظار المسؤولين الدوليين الذين يراقبون الوضع السوري، إلى حجم الفساد الموجود في سورية، وإلى الطريقة التي تم بها توزيع الثروات في الفترة الماضية، وهي التي أوصلت الشعب إلى التمرد والقيام بثورة. وهناك نقطة مهمة في هذا السياق، يجب التركيز عليها، وهي أن هذا أول صراع يحصل بين رأس السلطة في سورية وخصومه، ولا يكون موقف الناس والمجتمع الدولي داعمًا ومؤيدًا للنظام، وإذا عدنا تاريخيًا للوراء، إلى حقبة صراع حافظ الأسد وأخيه رفعت، وجدنا أن الناس كانت تقف مع حافظ الأسد وتؤيده، وكذلك الأمر في الصراع بين الأخير وصلاح جديد ومحمد عمران، والأمثلة كثيرة، ونلاحظ في السابق أنه عندما ينشب أي خلاف، يقف الناس والمجتمع الدولي مع رأس السلطة، لكن هذه المرة الوضع مختلف، فلا أميركا تقف مع نظام الأسد ولا تركيا، حتى إيران لديها استعداد للتلاعب بالنظام، علمًا أن هذا الصراع في المدلول العام ليس قليل الأهمية، سواء من حيث دلالاته أو انعكاساته على الشارع السوري، إضافة إلى أن هناك دلالة في غاية الأهمية، وهي تعرّض النظام لحادثة غير مسبوقة، لها علاقة بوظيفية السلطة وعجزه عن حلها دون الاستيلاء على أموال شخصيات مقربة منه، مثل رامي مخلوف، لديها القدرة على حشد الناس ضد النظام وتغيير كفة الولاء لصالحه، وقد سمعنا بالأمس عن إصدار عدد من العائلات العلوية، بيانات ضد النظام، تؤيد رامي مخلوف، وأيضًا تم توزيع 5000 منشور في مدينة جبلة تحرّض على النظام. لذا يكتسب هذا الصراع أهمية داخلية وخارجية بالنسبة إلى النظام، وربما يمكن أن يصبح له أهمية في ما يتصل بنقل هذا الخلاف من داخل الأسرة إلى داخل النظام، إلى داخل الطائفة”.

وفي سؤال حول تضحية نظام الأسد برامي مخلوف، لتبييض صورته أمام المجتمع الدولي، أجاب: “هناك رأي يقول بأن المسألة تمت في سياق محاولة الاستيلاء على أموال مخلوف ومصادرتها، كي لا تتأثر بالعقوبات عند بدء تطبيق قانون قيصر، ومحاولة النظام أن يموّه بأن هذه الأموال ملك للدولة، لكن من ناحية أخرى نجد أن الدولة نفسها فُرض عليها عقوبات، لذلك لا يستطيع النظامُ، ولا الروس والإيرانيون، التلاعب في مسألة العقوبات؛ لأن العقوبات ستكون حاسمة إلى درجة أنها ستقوم بتخفيض الدخل الوطني للنظام إلى ملياري دولار في السنة فقط، وهذا معناه أن النظام سيتعرض للإفلاس بشكل كلّي. أعتقد أن المسألة تقع عند نقطة ألم حقيقية عند النظام، وهي إفلاسه وعدم قدرته على القيام بوظائفه، خاصة أنه كان يراهن على قدراته طوال الوقت، ويقوم بدفع رواتب الموظفين، ويحاول ربط المناطق المحررة، من حيث المعاملات الإدارية به، لكن النظام حاليًا لم يعد قادرًا على أداء هذه الوظائف، وهنا تكمن مشكلته الحقيقية”.

ورأى كيلو أن النظام فقد قدرته على ممارسة مهامه، وعلى الرغم من ذلك، فإن ربط مسألة انتهائه وزواله بهذا الأمر هو مسألة أخرى تحتاج إلى جمع قرائن وأدلة خاصة بها. وأضاف: “إن شروط قرار بقاء النظام أو ذهابه أصبحت مهيأة، ولكن اتخاذ القرار في هذا الأمر مرتبط بحسابات دولية”.

وعن تعيين موسكو سفيرها في سورية أليكسندر يميوف ممثلًا شخصيًا لبوتين، في ما يبدو وكأن سورية دخلت في حالة انتداب روسي عليها، علّق قائلًا: “في الواقع إن التواجد الروسي في سورية هو احتلال وليس انتدابًا. ففي 28 أيلول/ سبتمبر عام 2015، قبل أن يصل الروس إلى قاعدة حميميم العسكرية، أُجريت مناورات عسكرية في موسكو حضرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتم استعراض قوة الأسلحة الروسية وقدرتها على التدمير، وفي نهايتها قال بوتين في خطاب علني: أنتم ذاهبون إلى سورية لإنقاذ بشار الأسد، وبعدها بأيام جاء تصريح آخر لسيرغي لافروف، قال فيه إن النظام كان سيسقط في غضون أسابيع، لولا تدخل روسيا. لذا نجد أن التواجد الروسي في سورية هو استعمار حقيقي بكل معنى الكلمة، وأعتقد أن مسألة تعيين السفير أليكسندر يميفوف مرتبطة بعوامل مهمة، أولها المشادّات الكلامية التي جرت بين روسيا والنظام أخيرًا، وتصريح شخصيات محسوبة على النظام، مثل خالد عبود، بأن النظام قادر على طرد روسيا من قاعدة حميميم خلال نصف ساعة، لا بل من كل المناطق السورية أيضًا، لذا جاء رد الفعل الروسي بتعزيز وجودهم في سورية أكثر من قبل. الأمر الثاني المرتبط بتعيين يميوف، هو أن بشار الأسد، في الفترة الأخيرة، تورط في مسألة عبثه باللجنة الدستورية ورفضه لها، ورفضه أيضًا الانتقال السياسي وإجراء انتخابات، وهي تمثل التعهدات الثلاث التي قدمها الروس للأمريكان بموجب القرار 2254، وهذا دفع روسيا إلى إيصال رسالة للنظام، بأنها لن تسمح له بالعبث والتلاعب وبأن يقرر ما يريده، خاصة إذا كانت هذه القرارات ضد تعهدات روسيا والتزاماتها، لذا قامت روسيا بتعيين شخص يملك صلاحيات الرئيس الروسي، كي يراقب تحركات النظام”.

تطرق الضيف كذلك خلال الندوة إلى حقيقة الخلاف الروسي – الإيراني: أهو خلاف على المصالح والمكاسب، في ضوء اختلاف السياسات التي تنتهجها كل من موسكو وطهران في سورية، أم لا، وقال: “لدى إيران مشروع قديم في سورية بدأ عام 1979، عندما حدثت الثورة في إيران ووقف حافظ الأسد معها ضد العراق، ومن ثم دخل الأسد الأب في حرب مع العراق من أجل إيران، وذلك خلال الحرب العراقية – الإيرانية، وقام بإرسال وحدة صواريخ سكود إلى إيران كي تقصف العراق، وسمح بدخول وحدات عسكرية إلى سورية لقصف مناطق غرب العراق. وبعد ذلك، بدأت حالة من الاندماج والتعايش بين نظام الأسد وإيران، وكان ذلك على حساب اندماج سورية في النظام أو الكيان العربي، حيث عمل النظام منذ ذلك الوقت على تنفيذ المخطط الإيراني المتمثل بإقامة محور شيعي، من مزار الشريف في باكستان وصولًا إلى جنوب لبنان، وهذا المشروع هو مشروع قومي واستراتيجي بالنسبة إلى إيران”. وتابع: “أما المشروع الروسي في سورية، فهو قائم على استخدام سورية كمنصة توطد روسيا أوضاعها فيها، كي تستعيد نفوذ وحضور الاتحاد السوفييتي في العالم العربي. ونلاحظ أن كلا المشروعين الروسي والإيراني متناقضان جذريًا، وهناك خلاف كبير بين هذين المشروعين اللذين يتنافسان على نفس المنطقة، أي سورية، وهذا ينفي الآراء التي تقول إن الخلاف الروسي – الإيراني هو خلاف مصالح، بل هو خلاف بين دولتين لكل منها مشروع لا يتحقق بوجود الأخرى”.

وعرّجت الندوة إلى مسألة الاتفاق الروسي – التركي، بخصوص منطقة شمال غرب سورية، المتعلق بخفض التصعيد العسكري: أسيصمد الاتفاق أم سيتلاشى مع الوقت، وحول طبيعة العلاقات التركية – الروسية. وحول هذه المسألة، قال كيلو: “أعتقد أن تركيا تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة إلى الروس أكثر من أهمية نظام الأسد، ونستطيع أن نلاحظ أنه خلال العشرين سنة الأخيرة من حكم روسيا، وقد سيطر خلالها بوتين على السلطة، لم يستطع بوتين أن يحقق أي إنجاز على صعيد السياسة الخارجية، باستثناء تركيا على المستوى الاستراتيجي، وسورية على المستوى التكتيكي، فالإنجاز الأكبر له هو علاقته مع تركيا التي لعب دورًا كبيرًا في إبعادها عن الأطلسي، ولم ينجح في ذلك، كما لعب دورًا في محاولة ربط اقتصاد تركيا باقتصاد روسيا، عن طريق فتح الأسواق الروسية أمامها، إضافة إلى علاقاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي أدت إلى وقف الحرب في إدلب، وليس ذلك هدنة، في رأيي الشخصي. وأعتقد أن الوضع في إدلب سيبقى مستقرًا إلى حين التوصل إلى حل سياسي، تعود بموجبه إدلب إلى سورية”.

—————————-

حافظ الأسد مؤسس الفساد وراعيه/ عقاب يحيى

ليس مبالغة اعتبار سورية من أكثر بلدان العالم شيوعاً للفساد، وعمليات الإفساد المنهّج، ووصول الحالة إلى التعميم الشامل في كل مؤسسات ودوائر الدولة، وعبر نمو مافيا أخطبوطية نهمة نهبت المال العام، وجمعت الثروات الطائلة بالوسائل غير المشروعة، وكرّست الإفقار المعمم…

هذا المسار لم يأت عفوياً، أو في سياقات طبيعية بل كان مقصوداً، وجزءاً من تركيبة نظام ظلّ همه الرئيس التأبيد في الحكم، وقولبة البشر ونخرهم من الداخل وتحويلهم إلى قطيع تسيطر عليه فئات ما فيوزية هي جزء من منظومة مدعومة ومحمية.

اليوم، وفي “مسلسل” رامي مخلوف، وأشرطته المتتابعة التي تصلح لكتابة روايات عمّا حدث ويحدث، وما تستدعيه من تحليلات مختلفة عن الأسباب والخلفيات والنتائج، فإن الحقيقة الأنصع والأشمل تتمحور حول واقع الفساد لتلك الطغمة التي حكمت سورية على مدار العقود، وسبل جمع الثروات، وحمايتها من أعلى هرم في السلطة، وتقاسم تلك الثروات فيما بين القلّة الحاكمة، ثم دخول عوامل متشعبة على الخط تقود إلى نوع من الخلاف، أو الصراع بين العصبة الحاكمة، وما يقال عن الأسباب والدوافع، وهي مختلطة، وكثيرة .

فترة الحكم التي سبقت انقلاب الأسد التفحيحي (تشرين الثاني 1970)، وبغض النظر عن أية عمليات نقد للخط الذي ساد، وللأخطاء التي وقعت، فالأكيد أن تلك المرحلة اتسمت بتغلب المبدئية، والإيمان بالخط الوطني وبناء دولة وطنية مستقلة على أية اعتبارات ذاتية، وقد اتصفت قيادة تلك المرحلة بنظافة اليد، وبمحاربة بعض مظاهر الفساد التي كانت جدّ محدودة، وغير بارزة مطلقاً. على العكس فإن عدد اللصوص، والانتهازيين كان يعدّ على الأصابع، وكانوا منبوذين سياسياً وأخلاقياً واجتماعيا، لكن، ومع انقلاب الأسد حدث انقلاب شامل في القيم والأخلاق والمبادئ بشكل منهّج ومدروس لتشكيل” عجينة” أو توليفة سهلة القيادة، غارقة في المصالح الخاصة، فأطلق العنان لعمليات الفساد المبرمج، وصولاً إلى ما تعانية بلادنا هذه الأيام .

أذكر بهذه المناسبة حادثة ذات دلالة مباشرة على طبيعة حافظ الأسد وتوجهاته حين اتخذنا موقفاً معارضاً لانقلابه، وعمليات اللملمة التي فعلها، أنه قال في حديث خاص : أنه لن يكون كالسابقين الذين كانوا متشددين مع الناس، و” خلّي الناس تعيش”، أي إطلاق العنان للانتهازية والفساد، وكان الشعار الذي أطلقه في سنوات حكمه الأولى ” الحزب هو الشعب والشعب هو الحزب” وفتح تنظيم الحزب على دخول مئات، بل ملايين المنتسبين بداية التطبيق العملي لسياسة الإفساد المنظّم .

عبر هذه السياسة، وانتقال رموز السلطة من قبول الهدايا وبعض العمولات على عملية التسهيل والتمرير إلى مرحلة المشاركة مع الطبقة التجارية الجديدة الناهضة، ثم تحويل كثيرها إلى توابع للأخطبوط الجديد المتغوّل في كل مناحي الاقتصاد والحياة السياسية، كان ذلك يمثل مرحلة الانتقال الفعلي التي تمكن عصابة السلطة من الإمساك بمفاصل الاقتصاد والدولة، وكان الأقربون من العائلة والحاشية هم الأذرع الأساس لعملية التحول تلك، فبرزت ظاهرة رفعت الأسد بملياراته ووضع يده على مرافق حيوية في التجارة والاقتصاد، وظهور عدد من رموز النظام كأصحاب مليارات وشركات تجارة واسعة النطاق .

ورغم كل التعقيدات التي رافقت ما يعرف بالخلاف بين رفعت الأسد وبقية العصبة الحاكمة، وتلك التسوية التي حصلت بخروج رفعت من سورية، إلا أن مليارات الدولارات ظلت مصانة ومحمية مما كان يفتح المجال لاعتبار خروجه صفقة متفق عليها لإدارة أموال وأعمال العائلة.

بعد وفاة الطاغية الأكبر حدثت مناقلة (جزئية) في قيادات ورموز الفساد بانتقالها من بيت الأسد إلى آل مخلوف وبعض الأقرباء لجهتهم بتأثير مباشر وقوي من أنيسة مخلوف زوجة حافظ، واعتلى ركب الفساد محمد مخلوف وبيت شاليش، وصولاً إلى بروز ظاهرة رامي مخلوف الذي مكّنه الوريث المفروض بشار الأسد من التحوّل بزمن قصير للصعود كالصاروخ العابر لسورية إلى مجموعة من الأنشطة الحيوية داخل سورية وخارجها، وبما يشكل امبراطورية حقيقة تضع يدها على أهم جوانب الاقتصاد السوري، بالتشارك مع (ابن العمة ـ بشار، وأخوته)..

اليوم ونتيجة مفاعيل متداخلة يظهر الصراع إلى العلن بين رامي وبشار، وكلّ منهما يحاول استخدام ما لديه من وسائل لمواجهة الآخر، أو وضع اليد على تلك المؤسسات والأموال المليارية في حين أن أغلبية الشعب السوري انتقلت إلى مادون خطّ الفقر بفعل سياسات النظام، وعمليات النهب المنظمة .

هناك من يعيد الأسباب إلى (موقف، أو تحريض روسي) ترافق مع قيام جهات إعلامية روسية نافذة وقريبة من الرئيس الروسي بفتح بعض ملفات النظام عموماً، ورأسه بوجه الخصوص وبشكل ملفت يتناول مستوى الفساد المعمم، وفشل الأسد في مواجهة التحديات، وعلاقته مع إيران، وبما يعني أن روسيا قد ترفع الغطاء عنه بحثاً عن بديل مناسب، وهناك من يركّز على الصراع القائم داخل العصبة الحاكمة بين رامي وآل مخلوف ومن يواليهم، وبين الأخ ماهر الشرس، ثم زوجة بشار وفريقها الملتفّ حولها بتأييد من زوجها، وحاجة الاقتصاد المنهار إلى مليارات الدولارات لإنقاذ النظام من كارثة محققة..

وإذا كان من الصعب القطع بحقيقة هذا الخلاف، وخلفياته، ومآلاته، ومدى علاقته بالصراع أو الخلاف بين النفوذين الروسي والإيراني، وبمستقبل النظام السوري ورأسه، فإن ما يحدث يكشف علانية مستوى الفساد وعمليات النهب التي جرت عبر العقود، والتي كان النظام الحامي الأساس لها، والمستفيد الأول منها.

سيريا بريس

—————————-

رامي مخلوف ينذر الأسد بأيام حاسمة..وبتدخلٍ إلهي

أطلّ رجل الأعمال السوري رامي مخلوف مرة جديدة، في منشور على صفحته في “فايسبوك”، توجه فيه إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد من دون أن يسميه، وحمّله مسؤولية ما يجري بحقه، وهدده بأن “الأيام القادمة حاسمة”.

وقال مخلوف في منشوره: “لا شك أن هناك يداً خفية ذات قوة خارقة تسمح لبعض الأشخاص بالتجرؤ على الملكية الخاصة وبالتهديد باتخاذ إجراءات جدية ضد أعمالنا، إذ لم ننصع لطلباتهم”. وعدد مخلوف التهديدات والإجراءات التي اتخذت بحقه:

أولاً، التهديد الذي تم تنفيذه فرض مبلغ 134 مليار ليرة سورية على شركة سيريتل من قبل الهيئة الناظمة للاتصالات “بدون وجه حق” وبالرغم من ذلك تم القبول بالتسديد.

ثانياً: تم رفع سقف ‏المطالبات لإرغامنا لرفع حصة الهيئة لتصبح 50 في المئة من عائدات الشركة الذي سيؤدي حكماً لإفلاسها الأمر الذي لم نقبل به.

‏ثالثاً: تم توجيه تعليمات للمدير التنفيذي لتسيير أعمال الشركة بمعزل عن رئيس ومجلس إدارتها كاملاً وتلقي وتنفيذ تعليمات صادرة عن جهات أخرى لها مصالحها الخاصة.

‏رابعاً: الضغط على بعض المدراء بالشركة لمنعهم أيضا من التواصل مع رئيس مجلس إدارتها.

‏خامساً: احتجاز مجموعة كبيرة من الموظفين كما تعلمون لترهيب البقية وضمان تنفيذهم للتعليمات الموجهة إليهم من تلك الجهات بلا اعتراض والذين تم الإفراج عنهم مؤخراً.

‏سادساً: الحجز على أموالنا وأموال زوجتنا وأولادنا المنقولة وغير المنقولة ضماناً لأموال مترتبة على الشركة، وليس على أشخاصنا، إنما من المفترض إلقاء الحجز الاحتياطي على أموال الشركة.

‏سابعاً: طلب فرض حراسة قضائية على الشركة بالرغم من موافقتها على الدفع وتأكيد جاهزيتها الفورية لذلك قبل يوم واحد على ذلك الطلب.

ثامناً: بعد تبديل المدير التنفيذي بسبب امتناعه عن التعاطي مع رئيس وأعضاء مجلس الإدارة تم الضغط على المدير التنفيذي المعيّن بديلاً عنه وصولاً للاعتذار عن ممارسته لمهمته، بحسب مخلوف.

وتساءل مخلوف: “هل كل ما يجري من تجاوزات وخروق وتعدٍ على ملكيات وحريات خاصة يسري بمعزل عن المعنيين بالأمر أو حتى علمهم؟!”. وتابع: “كل ما تم ذكره أعلاه ما هو إلا إعلام منا للمعنيين بالأمر بهدف الإيعاز بوقف كل هذه التجاوزات والتعديات وإنصافنا بحق الذي لا نطلب غيره ووفق القوانين والأنظمة النافذة”.

وهدّد بأن “الأيام القليلة القادمة حاسمة. فإما تطبق القوانين والأنظمة لإنصاف المظلوم من خلال عدم إجابة طلب فرض حارس قضائي على الشركة لعدم أحقيته، أو أن لا يتم الاكتراث للحقوق والملكيات التي صانتها القوانين والأنظمة وبالتالي منع مجلس إدارة الشركة من ممارسة صلاحياته بإدارة الشركة”.

وكرر مخلوف معزوفة “مساعدة الناس” قائلاً: “هذه الشركة (سيريتل) وطيلة السنوات العشر الماضية كانت ومازالت تسخر 70 في المئة من أرباح مساهميها لأعمال الخير ولم تقصر يوماً مع كل من كان بحاجة لهذه المساعدة”.

وأضاف “مثل هذه الأعمال ليس بمقدور أحد أن يمنعها عن مستحقينها. بكل صراحة ووضوح وبكل شجاعة وثقة أكرر لا أحد قادر على منع إيصال هذه الأموال إليكم، لا أحد، لا أحد. فإن أصروا على موقفهم بنصرة الظالم على المظلوم فإلعنوني إن لم يكن هناك تدخل إلهي يوقف هذه المهزلة ويزلزل الأرض بقدرته تحت أقدام الظالمين”.

    بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أن هناك يد خفية ذات قوة خارقة تسمح لبعض الأشخاص بالتجرؤ على الملكية الخاصة وبالتهديد باتخاذ…

    Posted by ‎رامي مخلوف‎

            المدن

——————————–

سورية ما بعد الأسد

يمثل حكم الأسد الأب والابن في المعادلة السورية حقبة واحدة للنظام الحاكم الحالي في عقوده الخمسة منذ 1970، ثلاثون عاماً لحافظ الأسد وعشرون لوريثه بشار، وهو ما جعل تداخلات المعارضين والمناهضين للرئيسين الأسديين تتماهى مع بعضها، وترصّ صفوفها تحت عباءة الثورة، سواء كانوا من السوريين المنادين بالحرية والديمقراطية والمواطنة، أو من أيديولوجيات متعدّدة، ما وضع الثورة في متاهات الأجندات المختلفة، والمتخالفة فيما بينها، ولاحقاً وضعها في مواجهة بعضها بعضاً، فبعد أن أدركت بعض التنظيمات المسلحة (فصائل “إسلامية” إلى جانب تنظيمي جبهة النصرة وداعش) أن العمل المسلح الذي رافق الثورة مع أعوامها الأولى (الجيش الحر) قد يأخذها إلى مكان آخر، أو يحافظ على الأقل في استمرار شعاراتها الأساسية في الحرية والمواطنة الكاملة، وهو ما من شأنه أن يدعم التعاطف الدولي للعمل على تغيير شكل حكم الأسد وبنيته الحاليين، ويحقق مطالب السوريين، بما لا يتوافق وإرادة هذه التنظيمات في أن يكون كل طرف دخيل منهم هو البديل المحتمل لعائلة الأسد وأدواتها الأمنية، على الأقل في “المناطق المحررة”، بعد ذلك أعلنت هذه التنظيمات المسلحة الحرب على الجيش الحر، واستحوذت على مناطق وجوده، وهو ما كشف أجنداتها، وأجبرها على خلع قناع الثورة، والإعلان عن حقيقتها ومسمياتها وأجنداتها وإماراتها ودولة خلافتها، ما حرّر ثورة 2011 من الارتباط بهم.

ومن ذلك كله نتج المشهد السوري في شكله الداخلي المعقد، والذي هو ظلال أجندات خارجية غذّت مطامع الحالمين بسلطةٍ بديلة، وتوظيفهم في مد أمد الصراع وتشعيب انعكاساته، لإنتاج ما يمكن تسميتها فوضى المنطقة برمتها، وتجلّى المشهد عموماً في سورية ولبنان وفلسطين وليبيا واليمن، وصولاً إلى تركيا، مع فرق في تمظهراته التي بدأت بانقلاب فاشل، واستمرت بأشكالها الاقتصادية.

وبعد تسع سنوات من الصراع الدائر في سورية وعليها، وعديد التشكيلات المعارضة السياسية، من هيئة التنسيق الوطنية إلى المجلس الوطني إلى هيئة تفاوض “الرياض” مرورا بالائتلاف ومنصات المعارضة، القاهرة وموسكو وغيرهما، من التي طفت على السطح، وقدّمت نفسها ممثلة للمعارضة السورية أمام المجتمع الدولي، يجد السوريون أنفسهم أمام سيناريوهات تغذّيها أمنيات أكثر مما يدعمها الواقع، وترتب تفاصيلها مصالح الدول واتفاقاتهم المشتركة غير عابئين بإرادة السوريين. وتتساوى، في ذلك، كل الأطراف السورية من نظام ومعارضة ودخلاء، مع اختلاف في تحديد المنتصر على الركام السوري، فحيث يعلن النظام انتصاره تتسابق المعارضة في إعلان هزيمته، ما يجعل النقاش في العودة إلى تحديد سمات الواقع الحالي ضرورة لاستعادة واقعيتنا في ثورة تحط رحالها على مواجعها، ونظام يزفّ نبأ موته القريب.

على المعارضة، أي الكيانات التي تتأهب للفوز بما سينتج من فتات قرار مجلس الأمن 2254 أن تدرك أنها لم تنجح في مقاصدها، وأن الثورة في مسارها السياسي هزمت على يد معارضتها قبل هزيمتها على يد النظام، وهذا لا يعني أن الثورة بمعنييها، التاريخي القيمي والمستقبلي، قد انتهت.

والنظام لم ينتصر في هذا الصراع الذي اختاره منذ ما قبل الثورة، وحتى تحول الصراع من داخلي، أي نظام ضد معارضيه، إلى صراع مسلح متعدّد الأجندات، تحول فيه كل السوريين، بما فيهم النظام بجيشه، إلى مجرد أداة تنفيذية لقوى دولية ساندته بطلب منه (إيران وروسيا ومليشيات طائفية عديدة)، ما ينزع عنه صفة المنتصر القادر على فرض شروطه على طرف خاسر.

ومن هنا، نحن إزاء بلد مدمر في بنيته التحتية، ومنزوع السلطة الشرعية، أو على الأقل “ناقص السلطة الشرعية”، اعتماداً على وجود قرار يساوي بينه وبين كيان المعارضة الموفد إلى مباحثات جنيف دوليا. وتشوب البلد المشتت سياسياً منازعات مجتمعية وهوياتية، وحتى وجودية، وتحت وصايات دولية عسكرية عديدة من إيران وروسيا والولايات المتحدة الأميركية وتركيا، وقبلهم جميعا الاحتلال الإسرائيلي.

إذاً في أي سيناريو واقعي يمكن استشرافه لا يمكن تجاهل ما سبق، أو القفز عنه، بمعنى أنه في إيماننا لا يمكن دوام الحال على ما هو عليه، فثمة نهاية لكل شيء، بمعنى أننا قد نكون على مشارف الفصل الأخير من الصراع المسلح الذي يدفع باتجاه البحث عن حل، ليس لإنهاء المأساة السورية الضاغطة، ولا لأن أطراف الصراع انحازوا إلى السلم المتبادل بينهم، بل لأن أدوات الصراع الدولية ترغب في وضع خاتمةٍ تناسبها، لما حمله هذا الصراع من عبء عليها، وحان أوان التخفف منه، وفي ضمنها أو في سياق رغبتها، يأتي الأمر في مصلحة عموم السوريين الذين أنهكتهم الحرب، أي حل يساير مصالح الدول الفاعلة من جهة، ويعيد بناء دولة جديدة بأجندة ووجه ووظيفة إقليمية مغايرة لما كانت عليه في عهدي الأب والأبن الأسديين.

بيد أن ذلك لا يعني بالضرورة رغبة روسيا (اللاعب الأكبر في سورية) إزاحة الأسد بين ليلة وضحاها، كما يراهن بعض المحللين لقراءات قرار تعيين مبعوث خاص رئاسي للرئيس الروسي في دمشق، وسبقتها مقالات النقد في الإعلام الروسي للأسد وزوجته وفساد النخبة الحاكمة في سورية، وتحميلها روايات عن خلاف رئاسي بين فلاديمير بوتين وبشار الأسد، فموسكو تدرك معنى منح الإدارة الأميركية لها كامل الحرية في لعب دور منفرد في سورية، ما يلقي عليها أعباء تنفيذ الحل المتفق عليه دولياً (القرار 2254)، ومن متطلباته الحالية توحيد جبهة النظام الداخلية المهترئة، والتي اتضحت معالمها في الخلافات العائلية بين رامي مخلوف أداة عائلة الأسد الاقتصادية وزوجة بشار الأسد الوجه الأنثوي لحكمه. وعلى ذلك، فإن مرجعية موسكو الحاضرة الآن في دمشق (المبعوث الرئاسي) بشكل دائم هي الأداة في صناعة موقف واحد في سورية من الاتفاقات التي تعقدها روسيا بشأن الملف السوري، والتي تسارع في تنفيذها للتقليل من حجم المنعكسات الكبيرة لقانون قيصر الأميركي. وهذا يعني بالضرورة إعادة الحياة للجنة صياغة الدستور، ومهمتها الانخراط بشكل فعلي ودائم في العملية السياسية في جنيف، وإلغاء المرجعيات الأمنية المتعدّدة التي أعاقت عملها في الجولة السابقة، فالحاجة إلى صياغة دستور جديد يهيئ سورية لمرحلة ما بعد الأسد، لا تعني بالضرورة فقدانه فرصه في المشهد المستقبلي، ولكن المشهد المرسوم لسورية ليس فيه سورية ما قبل 2011، وهي لن تكون سورية التي تحكم تفاصيلها دمشق العاصمة، أي أننا أمام خيارات التسويات الجراحية التي ستحز عميقاً في خريطة سورية الجغرافية والديمغرافية في آن معاً، مما قد يمهد للأسد أن يكون حاضراً في إحدى الزوايا ضمن السيناريو الروسي الذي يوضح معالمه ما سبق وقدموه في مسودة الدستور المطروحة للنقاش. وواقع الحال يوحي بانعدام فرص سورية المركزية، ليس فقط لجهة تعدّد الوصايات الدولية في المناطق الحدودية، ولكن بسبب البنية المجتمعية الممزّقة التي تحتاج أيضاً لإعادة صناعة مادتها الوطنية اللاصقة، وهي قد تمر بمراحل عديدة، قبل أن نتحدث عن مجتمع سوري واحد، وهو ما عمل عليه نظام الأسد من جهة الذي انتهج تأجيج الخلاف الطائفي منذ بدء الثورة، لتمزيق وحدة ضحايا سياساته الأمنية والاقتصادية، والانفراد بها مذهبياً وقومياً ومناطقياً، وفي سياقٍ هو ما اشتغلت عليه فصائل السلاح المشبوهة في مناطق حكمها من جهة ثانية، ما يستدعي وجود لجنة نظام دستورية تحت وصاية روسية، وتقابلها لجنة معارضة دستورية تحت وصاية أممية، تدخل في التفاصيل القانونية والإدارية والمؤسساتية بعيداً عن خطابات الوطنية الزائفة التي نفذت فرصها، وحان أوان سورية ما بعد نظام الأسد شكلاً وبنيةً.

—————————–

غضب قيصر/ خضر خضّور

بعد حوالى عقدين من تربّع رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، على عرش إمبراطورية الأعمال في سورية، يبدو أننا نشهد اليوم أفول هذه الهيمنة. ففي 19 أيار/مايو، حجزت السلطات على أصوله هو وأفراد أسرته، فيما تسري تكهّنات بأن سقوط مخلوف سيُحدث شقاقاً سريعاً قد لا يمكن رأبه في أوساط الدوائر الداعمة للنظام، ولاسيما في صفوف العلويين.

لكن هذا الأمر مستبعد على ما يبدو. فشقيق مخلوف كتب مؤخراً منشوراً على فايسبوك انتقد فيه رامي، مؤكّداً على ولائه للأسد. إذن، يشي تصرّف شقيق رامي بأن حدوث انشقاق جماعي للعلويين عن الأسد أمرٌ بعيد المنال. بل السؤال الأهم ما يمكن أن يكشفه مصير رامي مخلوف حول المشهد الاقتصادي وبيئة الأعمال في سورية، خصوصاً مع اقتراب تطبيق قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية،والذي يشكّل جزءاً من قانون إقرار الدفاع الوطني للسنة المالية 2020. إذ يفرض هذا القانون عقوبات على النظام السوري لارتكابه جرائم حرب، كما يفرض عقوبات على الجهات التي تتعاون اقتصادياً مع النظام والهيئات التابعة له. ومن المتوقع أن يدخل هذا القانون حيّز التنفيذ هذا الشهر.

سيفاقم قانون قيصر عزلة النظام. فثمة جهات عدة، من بينها رجال أعمال ودول في الشرق الأوسط، قد تعيد النظر بشأن مواصلة التعامل مع النظام على ضوء المخاطر الكبيرة التي تُحدق بها. وواقع الحال أن هذا القانون سيقسم سورية إلى منطقتين: الأولى تضم المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، والثانية يمكن تسميتها “المنطقة الشمالية”. تتضمن المنطقة الشمالية الشمال الغربي الخاضع إلى سيطرة قوات المعارضة المدعومة من تركيا، إضافةً إلى الشمال الشرقي الخاضع إلى قبضة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وتحظى بحماية الولايات المتحدة. ونظراً إلى أن قانون قيصر يسمّي تحديداً الحكومة السورية، ستُستثنى من العقوبات المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وبالتالي، مع دخول قانون قيصر حيز التنفيذ، يبدو أن وطأة الضغوط الاقتصادية ستدفع النظام إلى الاعتماد أكثر على المناطق الشمالية.

قد يتمكّن التجار المحليون من استخدام شبكة اتصالاتهم وعلاقاتهم ليكونوا وسطاء مع العالم الخارجي من أجل إمداد المناطق السورية الخاضعة إلى سيطرة الحكومة بالحاجات اللازمة عبر تركيا والعراق. بالنسبة إلى شمال شرق البلاد، حيث يستخدم معظم السكان الليرة السورية، سيشمل ذلك بشكل أساسي منتجات محلية مثل النفط والقمح. وبالنسبة إلى شمال غرب البلاد، حيث الليرة التركية والدولار الأميركي أكثر شيوعاً، ستشمل الحركة بمعظمها صناعات رخيصة مستوردة من تركيا.

ترتدي الضغوط التي ستدفع النظام إلى الاعتماد على هذه المناطق طابعاً أكثر إلحاحاً نظراً إلى خسارة لبنان، الذي يرزح منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019 تحت وطأة أزمة مالية وسياسية حادة. فمنذ الستينيات، أتاح لبنان، وخصوصاً القطاع المصرفي اللبناني، المجال أمام سورية لإجراء معاملاتها التجارية والمالية الدولية متفاديةً العقوبات الغربية. كذلك، شكّل لبنان نافذة سورية نحو الخارج. لا شكّ إذاً أن عجز لبنان عن لعب هذا الدور سيؤدّي إلى مضاعفات كبرى تلقي بثقلها على الاقتصاد السوري.

طيلة سنوات النزاع في سورية، هيمنت على اقتصاد البلاد فئتان من اللاعبين الاقتصاديين البارزين: تتألّف الأولى من نخب تتمتّع بشبكة واسعة من العلاقات وتتحكّم بحصص كبيرة في قطاعات رئيسة مثل السلع الأساسية والطاقة والاتصالات. كان مخلوف سابقاً الشخصية المهيمنة في قطاع الاتصالات، لكنه الآن يواجه بمنافسة من رجال أعمال جدد مثل سامر فوز والأخوة قاطرجي، الذين اكتسبوا نفوذاً خلال فترة النزاع.

أما الفئة الثانية فتتألف من مروحة واسعة من الوسطاء المحليين وأمراء الحرب وغيرهم ممن تمكّنوا من تحقيق الأرباح والاستفادة من سيطرتهم على قطاعات اقتصادية محدّدة من خلال احتكار أنشطة معيّنة، من بينها السيطرة على نقاط التفتيش وطرق التهريب. وفي حين تتحكّم الفئة الأولى بقطاعات كبيرة، تنشط الفئة الثانية على مستوى محلي أكثر، فتعمد إلى استغلال الاحتياجات الأساسية للسكان وتحقق ربحها من الفتات الذي يخلّفه كبار رجال الأعمال.

في هذا الإطار، يُرجّح أن يدفع قانون قيصر هاتين الفئتين إلى إقامة علاقات مع المناطق الشمالية، وبالتالي العمل كوسطاء في العمليات التجارية مستقبلاً. بعبارة أخرى، قد يساهم هذا القانون في جعل الاقتصاد السوري أكثر فساداً مما هو عليه الآن، لأن التعاملات الاقتصادية ستعتمد بشكل أكبر على الشبكات الشخصية، في ظلّ إشراف رسمي محدود أو حتى معدوم.

مع ذلك، تسبّب سقوط مخلوف بصدمة أخرى للنظام. إذ يُرجّح أن يستقي العديد من اللاعبين الاقتصاديين البارزين الدروس والعبر من سقوط مخلوف، ويستنتجوا أنه إذا تمكّن الأسد من إزالة ابن خاله، فهذا يعني أن أياً منهم قد يلقى المصير نفسه. وهذا قد يحفزّهم أكثر على تحقيق عائدات وأرباح سريعة، ويدفعهم على الأرجح إلى نقل أموالهم خارج سورية. تجدر الإشارة هنا إلى أن التخطيط والتطوير اللذين تحتاج إليهما البلاد على المدى الطويل سيصبحان أبعد منالاً. وإن دلّت قضية مخلوف على شيء، فهو أن نظام الأسد ليس شريكاً أو حليفًا يعوّل عليه، ولا حتى لأولئك الأكثر ولاءً له والأقرب إلى أوساطه الداخلية.

بينما يزداد شعور الأوليغارشية واللاعبين الاقتصاديين البارزين بانعدام الأمان، سيواجه المشهد الاقتصادي السوري جملةً من الصعوبات والتحديات، قد تدفع الوضع إلى الانفجار في أية لحظة، ما قد يؤدّي إلى انهيار مدمّر للغاية. وفيما تنكبّ هذه النخب على مصالحها الخاصة، حتى على حساب تماسك النظام، قد يبدأ المسؤولون في القصر الرئاسي بفقدان السيطرة على قراراتهم، أي أنهم قد يصدرون الأوامر، لكن لن يكون من الواضح إلى أي مدى سيتم الامتثال لها أو تنفيذها.

وما يزيد الطين بلّة أن كل هذا يحدث فيما التدهور الاقتصادي السريع في سورية يتطلّب اتّخاذ قرارات متّسقة أكثر إلحاحاً، ولاسيما أن حوالى 80 في المئة من السوريين يعيشون الآن تحت خط الفقر. إذن، بات الشعار المؤيد للأسد للعام 2011 “الأسد أو لا أحد” نبوءة ذاتية التحقق، إذ تقف سورية الآن أمام احتمال أن تصبح دولةً لا يسيطر عليها أحدٌ بالكامل.

قال أحد المقرّبين من النظام مؤخراً، وهو يصف الانهيار المحتمل في سورية: “سترى مثلاً كيف أن قائد مطار عسكري لن يفرّ مع عائلته وحسب، بل سيأخذ معه أيضاً سرباً من الطائرات”.

مركز كارينغي للشرق الأوسط

——————————

رامي مخلوف يتحدى الأسد ويتوعده بـ «زلزال»: قوتك غير كافية لمصادرة أموالي/ هبة محمد

دمشق – «القدس العربي» : دخل النزاع المحتدم بين رئيس النظام السوري بشار الأسد وابن خاله وسلطان المال في سوريا رامي مخلوف مستويات متقدمة، بعد خروج الأخير بمنشور جديد على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، متحدياً بشار الأسد وقوته بمصادرة أملاكه أو منعها كما يقوم عن مستحقيها، بعد أن فرز نفسه في وجه الأسد ضمن فئتي المظلوم والمظالم، كما تحدث مخلوف عن زلزال سيضرب الظالمين لدرجة أن الآتي سيذهل به المعنيون بذلك، فيما تطرق رجل الأعمال السوري الأقوى في سوريا إلى وجود يد خفية ذات قوة خارقة سمحت لبعض الأشخاص «لم يسمهم» بالتجرؤ على ملكيته الخاصة، والاعتماد على التهديد.

مراقبون للشأن السوري، اعتبروا أن الصراع بين الأسد ومخلوف انتقل إلى داخل الطائفة العلوية كساحة حرب أخرى مغايرة للساحة الاقتصادية، وبأنها أي الطائفة التي يتحدر منها كلاهما، هي الحكم الذي سيحدد من الفائز ومن الخاسر، ولعل توجيه الرسائل من قبل مخلوف وأسماء الأخرس عقيلة الأسد للعلويين، معززاً لتلك النظريات، خاصة بأن كليهما يراهن عليها في تحصيل المكاسب وتقليب الشارع ضد الآخر واكتساب التأييد.

فمخلوف في منشوره الأخير، ركز في ختامه على هذه النقطة، والتي استخدمها في الوقت ذاته كسلاح بوجه الأسد أو زوجته، حيث قال: «هذه الأعمال ليس بمقدور أحد أن يمنعها عن مستحقيها فبكل صراحة ووضوح وبكل شجاعة وثقة أكرر لا أحد قادراً على منع إيصال هذه الأموال إليكم لا أحد لا أحد لأنها بأمر الواحد الأحد فإن أصروا على موقفهم بنصرة الظالم على المظلوم فإلعنوني إن لم يكن هناك تدخل إلهي يوقف هذه المهزلة ويزلزل الأرض بقدرته تحت أقدام الظالمين.. وبعزته وبجلاله ستذهلون».

كما اعتبر أن الأيام «القليلة القادمة حاسمة فإما تطبق القوانين والأنظمة لإنصاف المظلوم من خلال عدم إجابة طلب فرض حارس قضائي على الشركة لعدم أحقيته أو أن لا يتم الاكتراث للحقوق والملكيات التي صانتها القوانين والأنظمة وبالتالي منع مجلس إدارة الشركة من ممارسة صلاحياته بإدارة الشركة و اتخاذ القرارات المناسبة لها كونه المُنْتَخَبْ الشرعي والقانوني من الهيئة العامة للشركة واستبداله بحارس قضائي بغير وجه حق أو داع قانوني لذلك وكونه لا يمثل حقيقة رغبة أي من مساهمي الشركة».

مخلوف.. في موقف قوة

المعارض السوري، الدكتور محمد حاج بكري، رأى من جانبه تداخل الصراع بين الأسد ومخلوف، الذي تحول لنزاع سياسي ومالي وهناك عوامل مساعدة لتصعيد الخلاف في مرحلة يكثر فيها الحديث عن رحيل بشار الأسد، وكل ما صدر عن رامي مخلوف كان تهديداً مباشراً لحكم آل الأسد، ولا زال يملك من مصادر القوة التي لم يظهرها حتى الساعة، واذا اعتقل او قتل فستتطور الأمور وتصبح أكثر خطورة بالنسبه للنظام.

كما اعتبر المصدر، في تصريحات أدلى بها لـ»القدس العربي»، أن رامي مخلوف منذ ظهوره الأول، لم يكن في موقف ضعف، وإنما يستمد قوته من مصادر عدة، أهمها العائلية، العائلة التي يتحدر منها مخلوف، تعتبر من أهم العائلات في بنية الطائفة العلوية تاريخياً، ولها إرثها القديم، وقد عمل مخلوف من خلال جميعة «بستان باشا» على تعزيز هذا المسار، من خلال الانتشار الشعبي عبر تقديم المساعدات للفقراء منهم. بالإضافة إلى القناعة الموجودة لدى معظم المؤيدين من أبناء الطائفة بأن حكم آل الأسد في سوريا بات من المستحيل، وبالتالي انضمام عائلات مهمة من الموالين إلى آل مخلوف في موقفهم الحالي من الأسد، ولا ننسى أن معظم أولاد هذه العائلات يشكلون البنية الصلبة في الجيش والأمن.

المعارض السوري «بكري» اعتقد خلال حديثه لـ «القدس العربي»، أن الموالين للنظام السوري، باتوا على قناعة بأن رامي مخلوف هو المخلص، وطوق النجاة لهم من مستقبل غامض يحمل مصيراً مجهولاً، خاصة في ظل غياب أي زعامات حقيقية متنفذة لديهم. ويعتقدون بأنه لا يستطيع اتخاذ مثل هذه الخطوة ما لم يكن مسنوداً دولياً وهو الصندوق الذي يحتوي الأسرار الهامة لسلطة آل الأسد على المستويات كافة، فمنذ بداية الثورة السورية، احتضنت جميعة البستان التابعة لمخلوف معظم ابناء الطائفة العلوية، وقدمت لهم مختلف أنواع الإغاثة والطبابة، وكان لها ميليشيا خاصة بلغ تعدادها أكثر من 15 ألف مقاتل تدعم النظام السوري في معاركه.

8 ملفات

وسرد رامي مخلوف في منشوره الأخير سلسلة من التطورات التي وصفها بـ «التهديدات»، وكان أولها: فرض مبلغ 134 مليار ليرة سورية على شركة سيريتل من قبل الهيئة الناظمة للاتصالات بدون وجه حق وبالرغم من ذلك تم القبول بالتسديد.

ثانياً: تم رفع سقف المطالبات لإرغامنا لرفع حصة الهيئة لتصبح 50% من عائدات الشركة الذي سيؤدي حكماً لإفلاسها الأمر الذي لم نقبل به.

ثالثاً: تم توجيه تعليمات للمدير التنفيذي لتسيير أعمال الشركة بمعزل عن رئيس ومجلس إدارتها كاملاً وتلقي وتنفيذ تعليمات صادرة عن جهات أخرى لها مصالحها الخاصة.

رابعاً: الضغط على بعض المدراء بالشركة لمنعهم أيضاً من التواصل مع رئيس مجلس إدارتها.

خامساً: احتجاز مجموعة كبيرة من الموظفين كما تعلمون لترهيب البقية وضمان تنفيذهم للتعليمات الموجهة إليهم من تلك الجهات بلا اعتراض والذي تم الإفراج عنهم مؤخراً.

سادساً: الحجز على أموالنا وأموال زوجتنا وأولادنا المنقولة وغير المنقولة ضماناً لأموال مترتبة على الشركة وليس على أشخاصنا إنما من المفترض إلقاء الحجز الاحتياطي على أموال الشركة.

سابعاً: طلب فرض حراسة قضائية على الشركة بالرغم من موافقتها على الدفع وتأكيد جاهزيتها الفورية لذلك قبل يوم واحد على ذلك الطلب الذي جاء خلافاً للقوانين والأنظمة وذلك كون رفع دعوى الحارس القضائي على شركة مساهمة كشركة سيريتل يتم بطلب من قبل أحد المساهمين بها حصراً (وليس من جهة متعاقدة معها مثل الهيئة الناظمة للاتصالات) وذلك في حال دب الخلاف على إدارتها بين أعضاء مجلس إدارتها (وليس موظفي الشركة) الأمر غير المنطبقة حالته على الشركة، وإن أي إجراء يتخذ خلاف لذلك يحمل تصدياً صريحاً للقوانين والأنظمة وبخلافها، وتعدياً واضحاً على الملكية الخاصة التي صانها الدستور.

ثامناً: بعد تبديل المدير التنفيذي بسبب امتناعه عن التعاطي مع رئيس وأعضاء مجلس الإدارة تم الضغط على المدير التنفيذي المعيّن بديلاً عنه وصولاً للاعتذار عن ممارسته لمهمته.

ثم تساءل مخلوف بعد كل ذلك، قائلاً: هل كل ما يجري من تجاوزات وخروقات وتعدٍ على ملكيات وحريات خاصة يسري بمعزل عن المعنيين بالأمر أو حتى علمهم؟ .. ليختم بالقول: «هذه الشركة وطيلة العشر سنوات الماضية كانت ومازالت تسخر سبعين في المئة من أرباح مساهميها لأعمال الخير ولم تقصر يوماً مع كل من كان في حاجة لهذه المساعدة، فالمبالغ التي قُدمت بتلك السنوات أرقام هائلة هو عطاء إلهي لمستحقيه».

اصطفافات عائلية

النزاع المحتدم بين مخلوف والأسد، يحمل في طياته سيناريوهات مفتوحة التأويل، فمنهم من ذهب إلى خسارة مخلوف مبكراً، ومنهم من رأن النزاع في مرحلته الأولى، والقادم قد يحمل شرخاً في بينة النظام، وكذلك في نواة الطائفة العلوية التي يتحدر منها كل من مخلوف والأسد.

عضو الائتلاف السوري محمد يحيى مكتبي، لم يستبعد تطورات خلاف الأسد- مخلوف إلى مستويات متقدمة، متحدثا لـ»القدس العربي»، عن إمكانية أن يتطور الخلاف إلى اصطفافات عائلية وعشائرية ضمن الطائفة العلوية. ومن المعروف، وفق المصدر، أن عائلة مخلوف ذات ثقل أكبر من عائلة الأسد، وهنالك معلومات أن بعض العوائل بدأت بالفعل بهذا الاصطفاف مثل عائلة إسماعيل، ويتبع هذا الاصطفاف الاجتماعي اصطفاف أمني وعسكري ولا ننسى العامل الروسي والإيراني في اللعبة.

كما يرى «مكتبي»، أن النزاع بين الأسد- مخلوف، أعمق بكثير من قضية 150 مليون دولار أمريكي المطلوبة من مخلوف كـ «ضرائب»، معتبراً أن هذا المبلغ فعليا لا قيمة له أمام الثروة الهائلة والمقدرة بـ 100 مليار دولار أمريكي، ووفق ذلك، فإن الخلاف مرشح للتصعيد أكثر فأكثر، لا سيما محاولة استغلال خطاب «اسماء الأخرس- زوجة الأسد» ذات الهوية السنية لتعميق الاصطفاف.

القدس العربي

——————————

في تصعيد جديد مع نظام ابن عمته بشار الأسد.. رامي مخلوف يهدد بإجراءات حاسمة

في تصعيد جديد بينه وبين نظام ابن عمته بشار الأسد، هدّد رجل الأعمال السوري رامي مخلوف من أنه سيتخذ ما وصفها بإجراءات تصعيدية حاسمة في الأيام القادمة إذا لم تطبق القوانين والأنظمة لإنصافه، على حد تعبيره.

وفي منشور على صفحته في موقع فيسبوك، لم يوضح مخلوف (51 عاما) ماهية الإجراءات التي سيتخذها، ولكنه أشار إلى ما وصفها بأيد خفية تسمح بالتجرؤ على ملكيته الخاصة.

ولفت ابن خال رئيس النظام السوري إلى سلسلة الإجراءات التي اتخذتها السلطات المتمثلة في الحجز على أمواله وأموال زوجته وأولاده، وفرض دفع مبلغ 134 مليار ليرة سورية (نحو 67 مليون دولار) ضرائب على شركة سيرياتل التي يملكها.

وأوضح مخلوف أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى إفلاس شركة سيرياتل، مؤكدا أنه لن يقبل بهذا الأمر.

وبعد أن بقي لسنوات بعيدا عن الأضواء، خرج مخلوف عن صمته عبر بيانات وشريطي فيديو على صفحته في فيسبوك فضحت حجم التوتر بينه وبين نظام ابن عمته بشار الأسد، في معركة يتوقع محللون أن تكون عواقبها وخيمة عليه.

بداية الأزمة

وتشهد الأزمة تصاعدا منذ أن نشر مخلوف مقطع فيديو على فيسبوك يوم 30 أبريل/نيسان الماضي، وتلاه آخران في مايو/أيار الماضي، قال فيها إنه دفع ما عليه للحكومة، بما في ذلك 12 مليار ليرة سورية من ضرائب العام الماضي. وطلب من الأسد تعيين شخص ما للتحقق من صحة قوله.

وخلال مقطع فيديو نشر يوم 17 مايو/أيار الماضي، أشار مخلوف إلى أن الإجراءات المتخذة ضده وضد شركة سيرياتل لن تؤدي إلا إلى تدمير إحدى الشركات القليلة المربحة التي لا تزال موجودة في البلاد، وقال إنها توظف أكثر من 6500 شخص، ولديها أكثر من 11 مليون مشترك، وتقدم أكثر من نصف أرباحها ضرائب.

وبينما التزم الأسد (54 عاما) الصمت بشأن هذه القضية، منعت الحكومة مخلوف من السفر، واعتقلت كبار موظفيه، وصادرت ممتلكاته وأصول زوجته وأطفاله.

وكان يُنظر إلى مخلوف على أنه أحد أعمدة النظام السوري اقتصاديا. وتفرض عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة جراء علاقته بنظام الأسد وباعتباره من الأشخاص المقربين الذين استفادوا من الفساد العام لمسؤولي النظام.

وكانت أزمة مخلوف بدأت حين وضعت السلطات السورية صيف 2019 يدها على “جمعية البستان” التي يرأسها والتي شكلت “الواجهة الإنسانية” لأعماله خلال سنوات النزاع، كما حلّت مجموعات مسلحة مرتبطة بها.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصدرت الحكومة سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال، بينهم مخلوف وزوجته. واتُهم هؤلاء بالتهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال الحرب المستمرة منذ 2011.

كما تحدثت تقارير إعلامية عن دور لأسماء زوجة الأسد في المواجهة بين النظام ومخلوف.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

——————————-

 حملة إعلامية ضدّ قائد «النمر» تتزامن مع إجراءات بحق مخلوف

«الدفاع الوطني» السورية تتهم مساعدي سهيل حسن بـ«التعفيش»… وتجميد التداول بأسهم «سيريتل»

انطلقت حملة من ميليشيات سورية موالية لإيران ضد قائد «قوات النمر» العميد سهيل الحسن، بالتزامن مع إجراءات جديدة ضد رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، شملت تجميد التداول بأسهم شركة «سيريتل» للهاتف النقال التي يملك معظم أسهمها ويرأس مجلس إدارتها.

وفي صيف العام الماضي، انطلقت حملة لتفكيك شبكات وشركات مخلوف المالية والاقتصادية والعسكرية والخيرية. كما جرى تغيير اسم «قوات النمر» إلى «الفرقة 25 مكافحة الإرهاب» بقيادة العميد سهيل الحسن، الذي يحظى برعاية روسية، تمثلت بمشاركته في لقاء الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس بشار الأسد في قاعدة حميميم في ديسمبر (كانون الأول) 2018.

ونشرت صفحة «قوات الدفاع الوطني» في موقع «فيسبوك» تقريراً بعنوان «قائد فوج في قوات النمر… عراب التعفيش وأمير حواجز الإتاوات». ونقلت عن شبكة «نحن البلد» قولها إن «أحد قادة قوات النمر، ويدعى سامر إسماعيل، تحول خلال سنتين أو أكثر، إلى قائد فوج الحيدرات، فيما يُعرَف بقوات النمر، من شخص بالكاد يملك ثمن غرفة إلى واحد من أصحاب مليارات الليرات السورية، وصار أحد أبرز وجوه الحرب وتجارها خلال السنوات الماضية، يضرب بسيف السطوة والنفوذ والسلاح والتهديد والاستيلاء». وأضافت: «انتقل الرجل في زمن قياسي من اللاشيء إلى كُل شيء، وأصبح واحداً من أكبر مُلّاك العقارات والسيارات والأراضي والفيلات والمزارع والمحال التجارية في حمص (وسط البلاد)، بعض عقاراته اشتراها، والأخرى قام ببنائها بطريقة مُخالِفة (للقوانين)، حتى إنه في إحدى المرات وضع يده على حديقة بحي عكرمة، قرب فيلّته بمدينة حمص، وبدأ بتشييد بناء من عدة طبقات، لكن قراراً من دمشق أمر بهدمها فامتثل للقرار، ثم عاد وحوّل الحديقة إلى مقرّ وكولبات لمرافقته».

وقالت إن إسماعيل «يعرف بقربه من النمر، وأنه أحد أذرعه في حمص. وتتبعُ سامر إسماعيل مجموعة واسعة من الحواجز في المنطقة الوسطى، مهمة تلك الحواجز فرض رسوم وإتاوات كبيرة على الآليات والشاحنات التي يَنقل عبرها التجار الخضار والفواكه من المزارعين إلى أسواق الهال في المدن السورية. هذا الأمر ساهم بدرجة كبيرة برفع سعر الخضار والفواكه حيث يضطر التجار لتحميل ما يدفعونه لتلك الحواجز على سعر المادة التي سيدفعها المستهلك». وأضافت: «تتبع له مجموعات تمتهن التعفيش، مهمتها دخول المناطق المحررة وإفراغها من كل ما يُمكن بيعه، وقد خصص لهذا العمل مجموعة واسعة من سيارات الدفع الرباعي والشاحنات والعربات المصفحة والمُعفِّشين المزوَّدين بمختلف أنواع السلاح».

وكانت إيران ساهمت في نهاية 2012 بتشكيل «قوات الدفاع الوطني» في نسخ لتجربة «باسيج» الإيرانية، بتجنيد ميليشيات سورية للقتال إلى جانب قوات النظام ضد فصائل المعارضة، إضافة إلى ميليشيات أخرى غير سورية.

ويعتقد أنها تتنافس مع «قوات النمر» التي تحظى برعاية روسية من قاعدة حميميم.

وكتبت «الدفاع الوطني» أيضاً: «رامي الطبل، سائق الصهريج الذي تحول إلى تاجر حرب للمازوت والغلاء». وتابعت: «ركب الطبل الأزمة السورية، وأنشأ مجموعة من البلطجية في بانياس يعرفها أهالي بانياس جيداً، ثم انضم مع مجموعته إلى قوات النمر، وأصبح قريباً من النمر، ثم تحول رامي الطبل إلى أحد أمراء الحرب وذاع صيته بين أهالي حلب وريفها، فهو الرجل الذي كان يأذن عبر حواجزه التي لا ترحم بدخول المواد الغذائية إلى حلب خلال الفترة التي سبقت تحرير أحيائها الشرقية، وهو الذي يقرر تسعيرة الدخول وضريبة المواد الغذائية، يفرض ما يشاء على أصحاب السيارات حتى لو كان المرء ينقل أغراضه الشخصية؛ حيث تُمعن حواجز الطبل بإذلال وقهر السائقين على الطرقات، وتحديداً طريق إثريا – حلب».

وقالت أيضاً: «تعاظمت ثروة الطبل، وصارت بالمليارات فأنشأ عدة شركات لبيع وشراء النفط في لبنان، واشترى عشرات العقارات والفلل بمئات الملايين في طرطوس حيث يقيم الآن، فيما يقيم أخواه التوأم (أحد مرافقي النمر سابقاً) في حماة». وأشارت إلى أن فؤاد عندان مدير مكتب «النمر» هو صهر أمير الحرب رامي الطبل.

«سيريتل»

إلى ذلك، أعلنت سوق الأوراق المالية في دمشق أمس تجميد تداول أسهم شركة «سيريتل» التي كانت وزارة الاتصالات طالبتها بسداد 180 مليون دولار أميركي، ذلك ضمن سلسلة إجراءات ضد مخلوف.

وكان مخلوف أعلن قبل أيام تنازله عن ملكية أسهمه في كثير من البنوك وشركات التأمين، لصالح مؤسسة «راماك للمشروعات التنموية والإنسانية»، التي وصفها بأنها «وقف لا تُورَّث ولا تُباع»، وأن أرباحها تعود إلى «أعمال خيرية بالكامل»، متعهداً بـ«نشر كل وثائق معاملة نقل الملكية بعد إتمامها».

وقالت مصادر حقوقية في دمشق إن «تنازل مخلوف عن ملكية أسهمه في المصارف وشركات التأمين وتحويلها إلى مال وقف، محاولة لإبطال مفاعيل قرارات الحجز على أمواله؛ إذ لا توجد قوانين تفرض الضرائب على الجمعيات الخيرية والإنسانية».

وكانت الحكومة في دمشق اتخذت سلسلة إجراءات ضد رامي مخلوف، الأسبوع الماضي، بينها الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، وأسهمه في 12 مصرفاً، بالإضافة إلى منعه من السفر، ومنعه من التعاقد مع الدولة لمدة 5 سنوات، وذلك ضمن إجراءات وزارتي المالية والاتصالات لتحصيل ضرائب مستحقة على شركة «سيريتل» للاتصالات المملوكة من مخلوف.

وطلب مخلوف في أول ظهور له بداية مايو (أيار) الحالي، من ابن عمته، الرئيس الأسد، التدخُّل بشكل شخصي لمنع الأجهزة الأمنية والحكومة من الاستيلاء على أمواله، طالباً منح الأموال للموالين من الفقراء الذين ساندوا النظام خلال 9 سنوات من الحرب، لكن ردّ النظام جاء بظهور لزوجة الرئيس أسماء الأسد في 17 مايو الحالي، وسحب ورقة الفقراء وجرحى الجيش من يد مخلوف، عبر تقديم منحة مالية للجرحى، ضمن برنامج «جريح الوطن»، تلاها قرار تعيين فوري لأرامل وأبناء قتلى النظام في وظائف حكومية، بدءاً من 26 مايو الحالي.

وبدوره، تحدى مخلوف قرارات الحجز على أمواله، وإجراءات النظام المتخذة ضده، وأعلن تحويل مبلغ مليار ليرة ونصف المليار (الدولار يساوي 1800 ليرة)، لصالح جمعية «البستان الخيرية»، حسب وصفه، رغم أنها تعمل تحت إشراف بشار الأسد.

وأتبع هذا التحويل، بإعلان نقل ملكية الأسهم إلى «مؤسسة راماك الإنسانية»، في محاولة ترمي إلى «قطع الطريق على إجراءات الحجز على الأموال»، حسب ما قالته مصادر حقوقية في دمشق.

الشرق الأوسط

—————————-

هل طالت شظايا رامي مخلوف ضابطا سوريا يدعمه “بوتين”؟

المصدر: العربية.نت – عهد فاضل

أكدت إحدى الشخصيات القريبة من النظام السوري أن الحملة التي بدأت ضد العميد سهيل الحسن، أشهر قادة الأسد العسكريين، وراءها رامي مخلوف، ابن خال الأسد، ورجل الأعمال المعاقب دولياً.

وقال الدكتور أحمد أديب الأحمد، أستاذ الاقتصاد في جامعة “تشرين” التابعة لحكومة النظام، وصاحب ما يعرف بـ”المجمع العَلَوي السوري” الذي ينشر موضوعاته باللغتين الروسية والإنجليزية إضافة إلى اللغة العربية، إن ما وصفها بالأيدي الخفية “الآثمة” التي تحاول “تشويه صورة العميد النمر” وهو لقب يطلقه أنصار الأسد على سهيل الحسن، هي نفسها التي تقف “وراء تحريض رجل الأعمال الشهير الذي يهدد ويتوعد الدولة بزلزلة الأرض تحت أقدامها”.

وكانت الساعات الأخيرة شهدت تصعيدا غير مسبوق من قبل رامي مخلوف، بوجه نظام الأسد عندما هدد بزلزلة الأرض من تحت أقدام ظالميه، ردا منه على إجراءات الأسد ضده والتي تمثلت بإلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة، وطلب وضع حارس قضائي على شركته، ومنعه من مغادرة سوريا، وحرمانه من التعاقد مع جهات النظام مدة خمس سنوات.

وانطلقت حملة وصفها مراقبون بالغريبة والغامضة، الأحد الماضي، ومن صفحات محسوبة على النظام السوري، كصفحة الدفاع الوطني على فيسبوك، تهاجم أحد قادة ميليشياته التابعين للعميد سهيل الحسن، الضابط القريب من روسيا والذي يتحرك بحماية روسية مباشرة وأمام عدسات الكاميرات.

قائد فوج الحيدرات يمتلك المليارات

واستهدفت الحملة القائد التابع لسهيل الحسن، المعروف باسم سامر إسماعيل، ويحمل منصب قائد فوج الحيدرات، في قواته، مؤكدة أن إسماعيل أصبح يملك المليارات بعدما كان مجرد شخص بالكاد يمتلك غرفة واحدة، واصفة الرجل بأنه أحد وجوه الحرب وتجارها.

كما ذكرت أن قائد فوج الحيدرات التابع لسهيل الحسن، أصبح من أكبر مالكي العقارات والسيارات والأراضي والمزارع والمحال التجارية في محافظة حمص. وتصف الحملة سامر إسماعيل بأنه معروف بقربه من العميد سهيل الحسن وأحد أذرعه في حمص، متحدثة عن “الإتاوات” التي يتقاضاها من الحواجز العسكرية التي ينشرها على الآليات والشاحنات كي يسمح لها بالعبور، مؤكدة أن من مظاهر فساد الرجل، سرقة بيوت السوريين التي يعاود جيش الأسد السيطرة عليها.

استهداف لموسكو

وتطرقت إلى العلاقة الوثيقة التي تجمع بين الحسن وإسماعيل، واصفة الأخير بأنه يد العميد في محافظة حمص السورية.

يشار إلى أنه سبق واتهمت عناصر تابعة للعميد سهيل الحسن، على الهواء مباشرة، بسرقة بيوت أهالي حلب، إلا أن النظام السوري سحب ترخيص الصحافي السوري الموالي له الذي أدلى بتلك التصريحات، ثم اضطر لمغادرة سوريا خوفا من انتقام جماعة سهيل الحسن منه.

في حين أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحسن، وطلب انضمامه لدى اجتماعه ببشار الأسد، في سوريا، سنة 2017 وأظهرته عدسات المصورين جالساً مع الأسد وبوتين اللذين تحدثا عنه في اللقاء. ويعتبر الحسن أكثر ضباط الأسد قرباً من روسيا، ويتمتع بحماية أمنية مباشرة من جنود روس يرافقونه في جميع تحركاته حتى لو كانت داخل قطعات جيش النظام.

كما سرت أنباء سابقة، عن دور روسي في ما حل برامي مخلوف، خاصة في قرار الأسد بحل ميليشيات “البستان” التابعة له، العام الماضي، وسط تكهنات عن إيعاز روسي للأسد باتخاذ إجراءات بحق ابن خاله.

وتشير المعلومات إلى أن الخلاف بين الأسد ومخلوف أكبر بكثير من مجرد مبلغ مالي على مخلوف تسديده لخزينة الأسد ويبلغ 134 مليار ليرة سورية. وأكد مخلوف نفسه أنه وافق على الدفع، ورغم ذلك، جاءت كل هذه الإجراءات التي تعني الإجهاز عليه، اقتصاديا في المقام الأول.

انقسام داخل النظام

وتسبب خلاف الأسد-مخلوف بشرخ في الطائفة العلوية التي ينحدران منها، بحسب شخصيات معروفة فيها، وتطورُ الخلاف للنيل من أحد أشهر ضباط الأسد المعروف بقربه من روسيا، ينذر بتوسع الانقسام من داخل بيئة النظام على نحو أشد من السابق، خاصة إذا كان مخلوف يريد إرباك موسكو من خلال وقوفه وراء الحملة على العميد الحسن للقول للروس: “هذا رجُلكم المفضّل، فاسد”.

وبتأكيد شخصية قريبة من نظام الأسد، بأن الحملة ضد الحسن القريب من روسيا، مصدرها رامي مخلوف نفسه، تكون الأمور مرشحة لمزيد من التصعيد، إذا ما لجأ مخلوف إلى سلاحه الأمضى بصراعه مع ابن عمته، بشار الأسد، إلى إذاعة “أسرار” ذلك النظام ونشر غسيله القذر، وقد يكون ما نشر عن قائد فوج الحيدرات، سامر إسماعيل، أول غيثها، بحسب مراقبين.

وفهم أنصار الأسد، أن التصويب على سامر إسماعيل، من داخل النظام، هو استهداف لشخص العميد سهيل الحسن، فهدّد الدكتور أحمد الأحمد بقطع “الأيدي الخفية” التي تحاول “تشغيل أدواتها” معتبراً أن ما وصفه بإقحام اسم الضابط المذكور، محاولة لـ”تشويه صورته” متهماً الأيدي التي سعت “لتشويه صورة العميد النمر” بأنها هي نفسها “الأيادي التي تقف وراء تحريض رجل الأعمال الشهير الذي يهدد ويتوعد الدولة بزلزلة الأرض” أي رامي مخلوف.

———————————————–

الساحل السوري يغلي..روسيا تتواسط لدى وجهاء المنطقة للتهدئة

مع قرب دخول قانون قيصر، بدأ تظهر ملامح تغير في خارطة القوى على الساحة السورية، فالميليشيات الإيرانية المنهكة أصلاً بسبب العقوبات الاقتصادية وكورونا، باتت غير قادرة على استنزاف طاقاتها المتبقية بشكل أكبر لصالح نظام الأسد، والهيمنة الروسية على مفاصل القرار والمعابر الحدودية والمطارات، بعد أن دمّر النظام البنية التحتية على مدى سنوات، أفقدت النظام السوري مقدرته على الخروج من عباءة الروس، وحلّ مشكلاته بمعزل عنها، وهو ما شكّل طعنة لحزب الله، وكيل تجارة المخدّرات في العالم.

لتطورات بدأت تحدث تصدّعات في صفوف حاضنة النظام الشعبية، المتمثلة بكبار الشخصيات العسكرية، والذين هم تابعون لإيران بطبيعة الحال، بحكم التركيبة الطائفية للنظام، ورجال الأعمال الذين لم يعد الأخير قادراً على حمايتهم من الهيمنة الروسية على مصنع القرار.

وبحسب مصادر ليفانت نيوز، فقد انتقل الخلاف بين رامي مخلوف وبشار الأسد إلى مستوى جديد، أقحم فيه الشعب في الخلافات المتأزّمة بين الطرفين على خلفية قضية سيرياتيل، سيما مع اقتراب تطبيق قانون قيصر من جهة، والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد؛ ما استدعى طلب المعونة من رجال الدين في الطائفة العلوية لتهدئة الأوضاع.

حيث طلب بشار الأسد معونة رجال الدين العلويين، والذين أجروا عدة اجتماعات مع أمناء الشعب الحزبية، ورؤساء الأفرع الأمنية في طرطوس واللاذقية لحل الأزمة، حيث أن التصعيد جارٍ بين الحاضنة الشعبية لبشار الأسد في اللاذقية ومحيطها، والحاضنة الشعبية لرامي مخلوف في محيط جبلة والقرداحة، تحديداً قرى بيت ياشوط، القصيلبية، زاما، راس العين، وعين شقاق، حيث ينتشر مؤيّدو الأخير في الشوارع ليل نهار، ويكيلون الشتائم لبشار الأسد وآل الأخرس، وقد حاول الروس مراراً التدخّل لاحتواء الموقف، والتقوا وجهاء حميميم لهذا الغرض.

وقال مصدر ليفانت نيوز أنّ “رؤساء المفارز الأمنية في كلّ هذه المناطق يدينون بالولاء لرامي مخلوف، كما أنّهم كانوا يتلقّون منه مساعدات مالية، وبينهم عائلات علوية عريقة منحازة لآل مخلوف ضدّ آل الأسد، ومن بينهم عائلات: جديد، خضور، هواش، عدرا وعائلة حيدر”.

كما علمت ليفانت نيوز أن “موالي بشار الأسد يتهمون خصومه بالتبعية للإيران، فيما يُتّهمون هم أنفسهم من قبل الطرف الآخر بالتبعية لإيران، فيما يتّهم أتباع مخلوف الروس بإشعال فتيل الأزمة في المنطقة”، كما حصلت على معلومات مفادها أن اجتماعاً “جرى الأسبوع الماضي في حميميم وتمّ خلاله إبلاغ وجهاء المنطقة أن سوريا مقبلة على مرحلة جديدة، وأنّ عليهم إقناع أبنائهم من المسؤولين والضباط، وأفراد الجيش بذلك، مقابل الحصول على حماية الروس مستقبلاً”.

وتجدر الإشارة إلى أن زعماء العشائر العلوية في صافيتا، مصياف، منطقة الشيخ بدر، ومصياف هم الأكثر موالاة وتشدّداً لإيران، ويرفضون الروس، كما أنّ هذه العائلات ومشايخها ييدعمون رامي مخلوف والجناح الإيراني بقوة في جيش النظام.

إلى ذلك، يحث هؤلاء أبناءهم على الالتحاق بالميليشيات الشيعية، ويتهمون الروس بالتسبب في مظلومية رامي مخلوف.

جدير بالذكر أن السبب المباشر لبروز هذه الاصطفافات هو موجة الغلاء التي تشهدها سوريا، حيث اشتكت زوجة عميد في جيش النظام السوري بأن دخل زوجها لا يتجاوز 65 دولاراً أمريكياً، فيما وصل سعر كيلو الأرز إلى دولارين، وكيلو اللحم ب15 دولاراً أمريكياً، بحسب مصادر ليفانت نيوز الخاصة.

————————-

معارض سوري بارز: رامي مخلوف يكشف أوراق قوته تباعاً وموسكو تؤمن حمايته

دمشق – «القدس العربي» : لا يبدو أن النزاع بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، وابن خاله رجل الأعمال الأول في سوريا الملياردير رامي مخلوف سوف ينتهي في وقت قريب، لاسيما بعد رفض الأخير الخضوع للشروط المفروضة عليه وعلى رأسها دفع ضرائب قيمتها 50% من عائدات شركة الاتصالات “سيريتيل”، لصالح الهيئة العامة الناظمة للاتصالات، وهو ما يعني إفلاس الشركة حسب قول مخلوف.

المعارض السوري الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية أيمن عبد النور – الذي يقال إنه كان قريباً من رأس النظام سابقاً – اعتبر أن القطب الاقتصادي الأكبر في سوريا رامي مخلوف يلمح إلى حقه بالاقتصاص ممن يلحق الأذى بمؤسساته وأملاكه، وعلى رأسها “سيريتيل” للاتصالات، ويعتقد عبد النور أن مخلوف يتحدى بشار الأسد، ويهدد بنشر نص العقد الأصلي بين الجانبين أو الأوراق القانونية بخصوص الشركة والتي يستند إليها، والمليئة بالمخالفات ابتداء من القانون رقم 9 لعام 2009، الذي أصدره بشار الأسد آنذاك حول تشكيل الهيئة العامة الناظمة للاتصالات، وجعلها تخضع لتعاقدات شخصية بعيدةً كل البعد عن قوانين الدولة”.

وبالنتيجة توقع عبد النور، أن لا يكشف رامي مخلوف كل أوراقه، في هذا الوقت المبكر من الصراع الذي بدأ “منذ طرد حافظ مخلوف من جهاز الأمن وإبعاده خارج سوريا، حيث شعر آل مخلوف بالريبة، ويعتقد عبد النور أن “رامي مخلوف قد يحتفظ بتسجيلات ووثائق وربما بصور لجلسات هامة، وقد يظهرها تباعاً وفق تطور النزاع مع الأسد”.

ولفت المعارض السوري، في تصريحات أدلى بها لـ”القدس العربي”، إلى أن مخلوف يستند إلى الحماية الروسية إذ انه ما زال مقيماً حتى الآن في العاصمة السورية دمشق الخاضعة تحت نظام الأسد، ويبدو أن الروس يؤمنون عدم التعرض له شخصياً ليبقى في دمشق تحت حمايتهم كما جرى مع نائب الأسد فاروق الشرع الذي بقي في سوريا الى الآن، مضيفاً “وهذا ما بدا عندما رافقت الشرطة الروسية شرطة النظام السوري خلال عمليات مداهمة شركة سيريتيل واعتقال موظفيها حتى تبقى روسيا مديرة لسقف الخلاف بين الأسد ومخلوف”.

كما اعتبر عبد النور أن استثمارات مخلوف الموجودة خارج سوريا- وهي الجزء الأكبر من الأموال والاستثمارات الموزعة تحت أسماء عديدة – تشكل من وجهة نظر مخلوف حماية له، اذ سيمتنع أصحابها من تسليم تلك الأموال لبشار الأسد في حال التعرض لمخلوف بأي خطر. كما لم يستبعد عبد النور، أن يقوم رامي مخلوف بعملية التصعيد ضد إحدى الشخصيات التابعة لبشار الأسد، بهدف إظهار أحد النماذج حوله، وأشار عبدالنور إلى عوامل أخرى مهمة وشخصيات كانت قريبة منه أو من عائلته قد تقلق بشار، ومنها ماهر وبشرى شقيقا بشار الأسد، وهما يريدان أيضا حصتهما من الإرث، خاصة بشرى المتواجدة في الإمارات العربية المتحدة، ومن الواضح عدم امتلاكها ما يكفي من المال في دبي.

القدس العربي»

————————-

النظام ينتزع”سيريتل”من رامي مخلوف..ويترك له”ثغرة” قانونية/ عقيل حسين

يقترب النظام من وضع يده بشكل نهائي على شركة “سيريتل”، “درة تاج” إمبرطورية رامي مخلوف، رجل الأعمال الشهير، وابن خال رئيس النظام بشار الأسد، بعد إصدار “محكمة القضاء الاداري قراراً بتعيين حارس قضائي على الشركة”.

وتحت عنوان “في سابقة قضائية” نشرت صفحة “مجلس الدولة السوري” على “فايسبوك”، قرار المحكمة الإدارية والمتضمن “فرض الحراسة القضائية على شركة سيريتل، ضماناً لحقوق الخزينة العامة وحقوق المساهمين في الشركة”.

ومن العنوان، يبدو واضحاً أن الحكم مثير للجدل، وأن المجلس كان بصدد الدفاع المسبق والتبرير لهذا القرار الذي يخالف مواداً قانونية تجعل النظر بمثل هذه القضايا خارج اختصاص القضاء الإداري.

وحسب القانون السوري، فإن المادة 15 من قانون الشركات رقم 29 لعام 2011 تنصّ على “أن محكمة البداية المدنية هي المخولة بالنظر في جميع المنازعات والقضايا التجارية المتعلقة بالشركات أو فروعها”، وبالتالي، فإن وضعها أمام المحكمة الإدارية لا يعني فقط مخالفة واردة الحدوث، بل خطوة ذات دلالات مهمة آنياً وعلى المدى البعيد أيضاً.

لكن مجلس الدولة، وفي سياق تبرير هذا القرار “السابقة”، رأى أن من حقه “بسط اختصاصه الولائي في هذا النوع من الدعاوى وفق ما كرسه فقه القانون العام، ومنتهجاً ما سار عليه مجلس الدولة المصري والعديد من الأنظمة  القضائية في دول العالم، التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج في هذا الصدد، كلما تعلق أصل النزاع بعقد أو قرار إداري”.

ويوضح المحامي أحمد الويس ل”المدن”، أن “قاضي المسائل المستعجلة ملزم بوضع المال تحت الحراسة إذا كان وجود المال تحت يد الحائز يهدد مصلحة صاحب الحراسة، سواء كان صاحب اليد غاصبة أو مسلوب الإرادة أو غير مؤتمن أو مهمل أو قام بأعمال الغش والتدليس والاضرار بمصلحة طالب الحراسة”.

لكن في هذه الحالة التي نحن بصددها، يتابع الويس، “نحن أمام إشكال مبدئي وهو اختصاص المحكمة، ولأن مثل هذه القضايا من اختصاص محكمة البدايات المدنية، فكان يجب على رئيس المحكمة الادارية أن يرفض النظر بالدعوى ويقول إنها خارج الاختصاص.. فهل يعقل أن نرفع دعوى شرعية (تثبيت زواج أو طلاق) أمام محكمة ادارية؟!”. ويضيف “شخصياً لا أعرف لماذا تم اتخاذ القرار برفع الدعوى أمام المحكمة الادارية، إذ من السهل رفع الدعوى أمام القضاء المدني، وسوف يحصل المدعي على نفس القرار وبنفس السرعة”.

وينفي المحامي الويس تقريباً فرضية أن الهدف من رفع حكومة النظام الدعوى أمام المحكمة الإدارية إنما كان استصدار حكم مستعجل ليس متاحاً أمام المحاكم المدنية، كما رأى البعض، لكن آخرين اعتبروا أنه من الناحية القانونية يعتبر الحكم المستعجل الصادر عن القضاء الاداري حكماً مبرماً، وبالتالي حرمان رامي مخلوف من استئناف هذا الحكم.

ومنذ البداية، ردّد مخلوف أن النظام يسعى من وراء تفجير هذه الأزمة إلى الاستحواذ على شركة “سيريتل”، وأن الحديث عن ضرائب مستحقة لم تدفعها الشركة لخزينة الدولة لم يكن سوى ذريعة لتحقيق الهدف الرئيسي، وهو ما أكده لاحقاً عندما أعلن استعداده لدفع المبلغ الذي طالبت به الهيئة الناظمة للاتصالات، لكن الأخيرة لم تبد اهتماماً باستجابة مخلوف لمطالبها بدفع 180 مليون دولار لخزينة الدولة، وتابعت تصعيدها الاعلامي والقانوني ضد مخلوف وشركة “سيريتل”، بدءاً بالحجز على أموال الشركة، مروراً بالحجز على أموال رامي مخلوف وزوجته وأولاده، وصولاً الى منعه من السفر والتعاقد مع الدولة، وانتهاءً بتعيين حارس قضائي على “سيريتل،” وهو ما يؤكد حسب الكثيرين ما قاله مخلوف منذ البداية.

لكن رفع الحكومة الدعوى القضائية أمام المحكمة الإدارية، يمكن أن يعتبر في الوقت نفسه ترك الفرصة قائمة أمام رامي مخلوف لاستعادة الشركة في المستقبل، بناء على أي تطورات ايجابية يمكن أن تطرأ على العلاقة بينه وبين النظام الغاضب عليه في الوقت الحالي. إذ سيكون من اليسير وقتها استصدار حكم قضائي جديد ينص على عدم قانونية النظر بالدعوى الحالية أمام القضاء الإداري، وبالتالي إلغاء الأحكام الصادرة عنه في هذه القضية.

سيناريو محتمل بقوة، بل حتى وإن لم يكن وارداً في تفكير النظام التصالح مع رامي مخلوف “المتمرد”، فإن ذلك يتيح ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول هو انتزاع الشركة التي تدر أرباحاً طائلة من يد مخلوف بقرار من القضاء الإداري، والثاني يبقي على امكانية منح هذه الشركة لأي شخص من المساهمين الكبار فيها المقربين من عائلة الأسد، التي لن تضطر مع هذا الخيار (اعتبار أحكام القضاء الإداري لاغية لاحقاً) إلى تحويل الشركة لملكية الدولة “استيفاءً لحقوقها”، على اعتبار أن الجهة المدعية قانونياً في الوقت الحالي هي مؤسسة حكومية.

——————————-

صورة غامضة للأسد وزوجته بعد تهديد رامي مخلوف

نشرت صورة غامضة في توقيتها، لرئيس النظام السوري، بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس، الأربعاء، على صفحة جمعية “البستان” الخيرية التي كانت تحت إدارة رامي مخلوف، ثم صارت بعهدة الأسد.

موضوع يهمك

?أفادت مصادر “العربية”، ليل الأربعاء، بأن قائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، أكد من القاهرة أن الجيش التركي يتدخل بشكل…

حفتر يتمسك بانسحاب الأتراك قبل التفاوض مع الوفاق حفتر يتمسك بانسحاب الأتراك قبل التفاوض مع الوفاق المغرب العربي

وحلّ الأسد في شهر آب/ أغسطس الماضي، ميليشيات “البستان” التي حملت اسم الجمعية الخيرية التي سبق وأسسها رامي مخلوف عام 1999، وصارت تدار من داخل ما يعرف بمؤسسة رئاسة النظام، تحت إشراف زوجته مباشرة.

وكان مخلوف يدير الجمعية الخيرية، ويقود الميليشيات التابعة لها وتحمل ذات الاسم: البستان.

يأتي نشر صورة للأسد وزوجته، في ظل الخلاف الكبير الذي اندلع بين بشار وابن خاله رجل الأعمال المعاقب دوليا.

الخلافات تحتدم

وظهرت خلافات الرجلين إلى العلن منذ نهاية شهر نيسان أبريل الماضي، عندما بدأ رامي مخلوف بالظهور المصور، مخاطبا الأسد عن ما يصفه بالظلم اللاحق به، جراء مطالبات النظام له بدفع مبالغ مالية تصل إلى 134 مليار ليرة سورية. ثم تطورت “ظهورات” وتدوينات مخلوف، بعدما ضيق الأسد الخناق عليه، ومنعه من السفر خارج البلاد، وألقى الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة، وحرمانه من التعاقد مع أي جهة تتبع لحكومته مدة خمس سنوات، ثم إيقاف تداول أسهم شركة “سيرتيل” للاتصالات الخلوية المملوكة لمخلوف، في البورصة السورية.

دور أسماء الأسد في قضية مخلوف

ويتهم مخلوف نظام الأسد بالسعي لوضع اليد على شركته، وألمح إلى دور أسماء الأخرس، زوجة الأسد، في هذه المسألة، كما ارتفع الهمس في هذه القضية، داخل أنصار النظام في سوريا. وبات الكلام عن دور أسماء الأخرس في الإجراءات التي اتخذت ضد مخلوف، يتكرر في شكل شبه يومي.

في آخر تصريح لمخلوف، الاثنين، رفع سقف خطابه وهدد بزلزلة الأرض تحت أقدام “ظالميه” في سوريا إذا استمر ما يصفه الظلم اللاحق به.

الصورة تأتي في قلب الخلاف

ومنذ الظهور الأول لمخلوف، نهاية أبريل الماضي، سعى لتحريك بيئة الأسد خاصة جرحى جيشه، وأعلن أكثر من مرة استمراره تقديم الدعم لهم. ثم سحبت أسماء الأسد الملف منه بإعلانها تقديم منحة مالية لجميع أنصار الأسد، فعاود مخلوف الرد وأعلن تحويل مئات الملايين من الليرات السورية لصالح جمعية “البستان” التي كانت يوما تحت إدارته، فردت الجمعية في اليوم التالي بالقول إنها تعمل تحت إشراف الأسد.

وقامت جمعية “البستان” بنشر صورة تجمع الأسد بزوجته، ليل الأربعاء، في سياق كل تفاصيل الخلاف الواقع بين مخلوف والأسد، أو مخلوف وأسماء الأخرس. الأمر الذي يعتبره مراقبون، مناكفة لمخلوف، وردا آخر على رجل الأعمال الذي كان يوما شريكا بصنع سياسات النظام وواجهته الاقتصادية العائلية التي أدار من خلالها مليارات الدولارات المنهوبة من قوت السوريين على مدار عقود.

——————————

===========================

تحديث 09 حزيران 2020

—————————–

الجذور الاجتماعية والسياسية لـ«تمرد» رامي مخلوف/ إبراهيم حميدي

كان مفاجئاً الظهور المتكرر لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف على موقع «فيسبوك» بدءاً من 20 أبريل (نيسان) الماضي، سواء في بيانات أو فيديوهات بدأت مطلبية ثم تحولت إلى تحذيرية، لأمرين: الأول أنه ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، ومعروف أنه يملك ثروة مالية ضخمة داخل البلاد وخارجها، وصلت إلى 8 في المائة من الناتج المحلي البالغ 62 مليار دولار أميركي؛ والثاني أنه لم تجرِ العادة خلال السنوات والعقود الماضية على أن يتجرأ شخص، رجل أعمال كان أم رجلاً سياسياً أم عسكرياً، على توجيه انتقادات مباشرة أو غير مباشرة وهو موجود داخل سوريا.

المعادلة الصامتة كانت: الثري أو المتنفذ يجب أن يكون موالياً بدرجة تزداد طردياً مع ثرائه وقربه، ومَن يفكر بالانتقاد عليه أن يخرج إلى المنفى معلناً بيان الانشقاق من الخارج؛ غير ذلك، فإن العقاب يكون شديداً. وهناك بعض الاستثناء، ومنه تحدي رفعت الأسد شقيقه الرئيس الراحل حافظ الأسد في بداية ثمانينيات القرن الماضي، مستنداً إلى: 1) صلة الدم وقرابته بالرئيس، و2) قاعدته العسكرية في «سرايا الدفاع» في الجيش التي ألهمت لاحقاً بتقوية «الحرس الجمهوري»، و3) الحاضنة الشعبية التي بناها في الساحل السوري، و4) مرض شقيقه الأكبر ودخوله المستشفى، و5) ربما إيحاءات من قوى خارجية.

وبعد وساطات يعتقد أن الاتحاد السوفياتي لعب دوراً فيها، انتهى المطاف برفعت إلى المنفى؛ هذا الاستثناء أكد المعادلة القائمة: الانتقاد ممنوع من الداخل.

من هنا، يأتي مصدر المفاجأة إزاء تحرك رامي مخلوف. فمنذ بروزه بصورته الجديدة، كان التركيز على ثروته ومؤسساته المالية، ونزاعه مع الحكومة حول «سيريتل» (إحدى شركتي الهاتف النقال في سوريا) التي يرأس مجلس إدارتها ويملك معظم أسهمها. وقليل من التركيز كان على الأبعاد السياسية والاجتماعية – الطبقية والاقتصادية التي ربما دفعت إلى تفكيك شبكات ومؤسسات مخلوف من جهة، ووفرت له بعض الحصانة من جهة أخرى.

هنا يطرح سؤالان: لماذا تمرد الثري رامي ابن خال الرئيس على النظام؟ ولماذا لا يزال شخص يقوم بهذه الانتقادات في دمشق خارج السجن؟ للإجابة عن هذين السؤالين، لا بد من ذكر السياق التاريخي، سياسياً واجتماعياً.

منذ ظهوره إعلامياً، سعى رامي مخلوف، مضموناً وشكلاً، إلى استمالة العلويين، وحاول تقديم نفسه بصفته صوت الساحل السوري، خصوصاً الفقراء والمتدينين والمحتاجين والجرحى والموالين للرئيس بشار الأسد، تلك البيئة الحاضنة التي تعبت خلال تسع سنوات من الحرب، وفقدت أكثر من مائة ألف قتيل (حجم الخراب والدمار والتهجير والقتل أصاب الشرائح الأخرى بدرجات أكثر)، ولديها تصورات لها علاقة بقرون سابقة.

ولفهم السياق التاريخي، لا بد من الإضاءة على تاريخ عشيرته وعلاقاتها ببيئتها، إذ ينحدر آل مخلوف من عشيرة الحدادين من ملاك الأراضي في الساحل السوري. وقد كانت لهم السيطرة على القرى والعائلات، مثل الإقطاعيين الآخرين من آل خيربيك وإسماعيل وكنج. وروى باحثون ومؤرخون أنه عندما ضربت المجاعة السواحل السورية في أثناء الحرب العالمية الأولى، فتح والد أنيسة (زوجة حافظ الأسد) وشقيقها محمد (والد رامي) المنزل أمام المحتاجين، الأمر الذي أسهم في تعزيز مكانة العائلة داخل المجتمع.

– الأسد ـ مخلوف

لم يكن سهلاً في عام 1958 على آل مخلوف في البداية قبول زواج ابنتهم أنيسة من طيار شاب بالقوات الجوية يدعى حافظ الأسد، وينتمى إلى عشيرة أخرى، هي الكلبية، ذات أصول ريفية، وإلى المؤسسة العسكرية، في وقت كانت أنيسة تدرس في دير يديره فرنسيون (لذلك كانت هي وأخوها محمد يتحدثان الفرنسية بإتقان).

لكن زواج حافظ – أنيسة تم، وسيكون له أثر لستة عقود في تاريخ سوريا الحديث: آل مخلوف اقتربوا من العسكريين الصاعدين في الريف المحلي، والأسد حصل على دعم عشائري واجتماعي في مسقط رأسه. ولا شك أن هذا سيتكرر في دمشق في عقود لاحقة، عندما حصلت «زيجات مصلحة» مشابهة بين أبناء المسؤولين والعسكريين وأبناء الطبقات الاجتماعية القديمة.

وبعد وصول الأسد إلى سدة الحكم عام 1970، أصبحت أنيسة «السيدة الأولى»، مع أنها لم تكن تستعمل هذا اللقب أبداً، ولا الظهور في المناسبات. ولا شك أن هذا الزواج جنب آل مخلوف الاندثار مثل الطبقات الإقطاعية الأخرى، إذ إن من المفاتيح التي لعب بها الأسد لتثبيت حكمه لاحقاً أنه أنهى الطبقات القديمة، باستثناء خيربيك، التي تضم خمس عائلات كبيرة، بينها عائلة محمد ناصيف خير بيك، وابن شقيقه فؤاد وقريبهما عصام ترقوا في الجيش والأمن في الثمانينيات والتسعينيات. وقد سعى الأسد (الأب) إلى بناء طبقات اجتماعية بديلة من الفلاحين والمهمشين الذين ترقوا في الجيش والأمن، مثل آل دوبا حيث تسلم اللواء علي دوبا المخابرات العسكرية، والخولي حيث تسلم اللواء محمد الخولي القوى الجوية، إضافة إلى التقرب من المشايخ، مثل آل حيدر حيث سلم اللواء علي حيدر «الوحدات الخاصة» في الجيش.

الأسد ترقى بالحكم، وتسلم الجيش والأمن والسياسة، وشقيق زوجته تسلم الاقتصاد. أما محمد مخلوف، شقيق أنيسة، فانطلق من «مؤسسة التبغ – ريجي» الحكومية ليتجذر في رعاية صفقات اقتصادية كبرى، خصوصاً في قطاع النفط من الإنتاج والتصدير في منتصف الثمانينيات؛ كان «العرّاب الخفي» للاقتصاد وغيره، كانت جميع الصفقات تمر عبر مخلوف الذي يوزع الحصص على رجال الأعمال الآخرين، من السنة والعلويين والمسيحيين وغيرهم، في عقدي الثمانينيات والتسعينيات.

قبل ذلك، كان لشخصية أخرى، هي محمد حيدر، دور بارز في الصفقات الاقتصادية من منصبه في الحكومة. كما كان هناك دور مالي بارز لرفعت الأسد الصاعد. فقد استفادا وقتذاك من «الهبات والمساعدات» العربية بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

– المهندس

مع التغير البيولوجي – الجيلي في الأسرة والنخبة الحاكمة، انتقل الدور للجيل الجديد من أبناء المسؤولين، من «الشراكات» في الشركات إلى قيادة قطاع الأعمال الخاص في النصف الثاني من التسعينيات، وكان أبرزهم «المهندس رامي» الذي بدأ في «راماك» المختصة في «السوق الحرة» على البوابات الحدودية البرية والجوية في نهاية تسعينيات القرن الماضي.

وعندما توفي حافظ عام 2000، تراجع محمد مخلوف إلى الخلف قليلاً، وبدأ نجم نجله الأكبر رامي يسطع بمجال الأعمال. وقد تولت أنيسة (أرملة الأسد) تسهيل وتشجيع صعود رامي الذي كان المفضل لديها من بين أبناء أشقائها، كما كانت تفعل لصالح شقيقها.

اتجه رامي إلى قطاع الاتصالات الواعد، وحازت «سيريتل»، وشركة أخرى منافسة هي «إم تي إن»، من الحكومة السورية على ترخيص «بي أو تي» في 2001. وباتت الشركتان تحتكران قطاع الاتصالات وعائداته. وقتذاك، تعرض باحثون ونواب سابقون، بينهم رياض سيف، لضغوط يعتقد معارضون أنها بسبب إثارة هذا العقد، والاقتراب من هذا «الخط الأحمر».

كان عقد «سيريتل» القاعدة التي اتسعت منها مجالات عمل واهتمام شركات مخلوف، لتشمل معظم قطاعات النفط والمال والمصارف والسياحة والتجارة، في مواكبة لمرحلة الانفتاح الاقتصادي الانتقائي بالبلاد في بداية الألفية، ذلك الانفتاح الذي يعتقد خبراء أنه ضَيّق حجم الطبقة الوسطى، وركّز الثروة لدى عدد قليل، خصوصاً شركات مخلوف، وأكل من القاعدة الشعبية التقليدية للنظام وحزب «البعث» الحاكم، وأربك «العقد الاجتماعي» القائم خلال ثلاثة عقود من حكم الأسد. ويذهب بعضهم إلى أنه كان سبباً رئيسياً في احتجاجات 2011.

وبلغت سيطرة مخلوف على الاقتصاد السوري حداً دفع الولايات المتحدة لفرض عقوبات ضده منذ فترة مبكرة مطلع عام 2008، في إطار العقوبات المفروضة ضد سوريا منذ عام 2004، تبعاً لـ«قانون محاسبة سوريا»؛ أي قبل اندلاع الثورة السورية بثلاثة أعوام.

– الحزب السوري القومي

في ثلاثينيات القرن الماضي، توسع «الحزب السوري القومي الاجتماعي» من لبنان إلى الساحل السوري وجبال الساحل، بحكم القرب الجغرافي والتجارة والانفتاح في هذه المنطقة التي شكلت لاحقاً مسرحاً للأحزاب العلمانية، مثل هذا الحزب وحزب «البعث»، في النصف الثاني من الأربعينيات، و«الحزب الشيوعي»، على عكس المدن الكبرى، مثل دمشق وحلب، التي ازدهر فيها «حزب الشعب» و«الكتلة الوطنية»، في نهاية أربعينيات القرن الماضي.

وإذا كان «البعث» يؤمن بـ«الوحدة العربية» و«القومية العربية»، فإن «الحزب السوري» يسعى للترويج لـ«القومية السورية» في سوريا وفلسطين والأردن والعراق ولبنان، ولكنه لم يصل إلى الحكم قط، وقضى الجزء الأكبر من مسيرته في السر.

كان آل مخلوف، خصوصاً محمد وأخته أنيسة، أقرب إلى فكر «الحزب السوري». وفي 22 أبريل (نيسان) 1955، اغتيل العقيد المالكي في الملعب البلدي بدمشق. وارتكب جريمة القتل ثلاثة، بينهم بديع المخلوف، ابن عم أنيسة. واتهم «الحزب السوري القومي الاجتماعي» بالمسؤولية عن الاغتيال، وهي التهمة التي نفاها الحزب، ولكن رئيس الحكومة حينها صبري العسلي أصدر قراراً بحظر الحزب، وبدأت حملة اعتقالات في صفوفه. وبعد ستة أشهر، أصدرت محكمة عسكرية بدمشق أحكاماً بالإعدام على عدد من أعضاء وقادة «الحزب السوري»، شملت الإعدام لثلاثة من قادة الحزب الموقوفين، إضافة إلى 4 قادة حكم عليهم غيابياً، بينهم رئيس الحزب جورج عبد المسيح. كما حكم على جوليات المير سعادة، أرملة مؤسس الحزب أنطون سعادة، بالسجن 18 عاماً.

وكانت تلك أقوى ضربة يتلقاها «القوميون السوريون» منذ تسليم أنطون سعادة للسلطات اللبنانية وإعدامه عام 1949، إذ طالت الملاحقات جميع الأعضاء في سوريا، بما في ذلك الطلاب، إلى حد أن الفنان الشهير دريد لحام اعتقل قبل أن يصبح مشهوراً. واستطراداً، فإن الشاعر الراحل محمد الماغوط وعلي أحمد سعيد إسبر (أدونيس) كانا أيضاً عضوين في الحزب لاحقاً.

ومن مفارقات القدر أن حافظ الأسد تعرض للاحتجاز، مع غيره من الضباط السوريين، في زمن الانفصال عن مصر عام 1961 (الوحدة السورية – المصرية استمرت بين 1958 و1961)، تمهيداً لإعادته إلى بلاده، ومحمد مخلوف وأنيسة تعرضا للاستجواب بسبب انتمائهما إلى حزب منافس.

– عدنان المالكي وساحته

ومن مفارقات القدر بعد 1970 أن مكتب ومنزل حافظ الأسد، وزوجته أنيسة، وابنه بشار، في دمشق كان يطل على ساحة تسمى باسم «ساحة عدنان المالكي»، ينهض في وسطها تمثال كبير لعدنان المالكي. وكان عليهم جميعاً أن يمروا من هذا الساحة يومياً في شارع عدنان المالكي الشهير في دمشق.

وقد بقي الحزب محظوراً بعد وصول «البعث» إلى الحكم (1963-1970)، ولكن حين وصل الأسد إلى القيادة، تراخت الأيدي ضده، بفضل تأثير أنيسة على زوجها الرئيس، فسمح للحزب بالدخول بشكل غير مباشر إلى البرلمان. لكن المفارقة أن الحزب كان محظوراً رسمياً في سوريا، غير أن التحالف كان متيناً بين النظام والحزب في لبنان خلال وجود الجيش السوري في لبنان بعد 1976.

– جريح وطن

بعد وصول الرئيس بشار الأسد إلى الحكم في 2000، تزوج من أسماء الأخرس التي لم يعرف الكثير عن التاريخ السياسي لأسرتها، بل كانت أقرب إلى الاقتصاد من الآيديولوجيا، إذ كان شفيق ابن عم والدها فواز أستاذاً في الاقتصاد، وقريبها كان رجل أعمال في حمص، وهي كانت تعمل في بنك «جي بي مورغن» في لندن، فيما كان والدها طبيب قلب مشهوراً في لندن، ووالدتها تعمل في السفارة السورية في العاصمة البريطانية.

وعلى عكس زوجة الرئيس الراحل، ظهر دور علني لأسماء، إذ ترأست «الأمانة السورية للتنمية» المشرفة على الجمعيات المدنية، ورعت مناسبات عمومية، كان آخرها مبادرة «جريح وطن». كما انخرطت أكثر في التصور الاقتصادي في دمشق.

وفي 2011، سمح لـ«الحزب السوري» بالدخول بصفة «مراقب» إلى «الجبهة الوطنية التقدمية» (وهي تحالف من الأحزاب المرخصة في دمشق) التي يقودها «البعث». وساد اعتقاد بأن «الحلقة الضيقة» باتت أقرب إلى فكر «الحزب السوري»، بتأثير من أمه وخاله، الأمر الذي سهل للحزب استعادة نشاطه ودخول البرلمان، وهو ما لم يرق لـ«البعثيين» الذين جيشوا أيضاً ضد رامي ونفوذه وحزبه.

أضيف إلى ذلك دور رامي الذي يقول أشخاص التقوه أنه كان «مؤمناً إيماناً مطلقاً بأفكار الحزب السوري». وبين عامي 2005 و2019، اضطلع مخلوف بدور الرئيس غير المرئي، وعمد إلى دفع أنصار الحزب في مناصب قيادية عليا قبل انتخابهم في البرلمان أو تعيينهم وزراء. وساهم رامي في تأسيس فرع للحزب في 2011. وتشكلت للحزب ميليشيات باسم «نسور الزوبعة»، أقرب لجناح أسعد حردان، قاتلت إلى جانب قوات الحكومة ضد فصائل المعارضة. وقد خاض انتخابات مجلس الشعب في 2012، بدعم من «جمعية البستان»، وحصل على مقاعد في البرلمان. وفي أبريل (نيسان) 2016، سحب 16 مرشحاً من انتخابات المجلس قبيل موعد الانتخاب، دون معرفة السبب. ولم يكن مفاجئاً أن كثيراً من مؤيدي رامي، بعد ظهوره الأخير، وضعوا صورة «الزوبعة»، شعار الحزب، على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي.

– نزع المخالب

في منتصف 2019، توفرت لرامي تحت أعين النظام شبكة وأدوات لم تكن موجودة مع شخص آخر: خلفية تاريخية وعشائرية وطبقية، وإمبراطورية اقتصادية ومالية، وحزب سياسي يطمح للسلطة، وجمعية خيرية وميليشيات عسكرية. وفي المقابل، برز رجال أعمال جدد و«أمراء حرب» بنوا ثروتهم من القتال بين 2012 و2019، والالتفاف على العقوبات الأميركية والأوروبية، وهم مقربون من نافذين جدد زاد دورهم في السنوات الأخيرة. كما تراكم الانتقاد لرامي من أكثر من زاوية ولأكثر من سبب.

توفرت ظروف القلق من رامي مخلوف وأدواته، وطموحات منافسيه، وتغييرات إقليمية ودولية، وتجاذبات روسية – تركية، فبدأت حملة تفكيك شبكات مخلوف في أغسطس (آب) الماضي، شملت حظر نشاطات معينة لـ«جمعية البستان» وحل جناحها العسكري، وهي التي كانت تعطي المقاتل راتباً شهرياً قدره 350 دولاراً، ما يعني أضعاف راتب الجندي النظامي. وهذا يشبه تفكيك «سرايا الدفاع» في «الحرس الجمهوري» التي كانت تابعة لرفعت الأسد في الثمانينيات، وحل «جمعية المرتضى» التي كانت تابعة لجميل الأسد، شقيق حافظ الأسد، وكانت توزع المساعدات والتشييع في الساحل لاستقطاب العلويين في الثمانينيات.

– حجز وإطلالة

في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أصدرت محكمة الاستئناف قراراً بحل «الحزب السوري – جناح الأمانة» الذي كان رامي قد شجع تشكيله، لكن ذلك لم يشمل وزير المصالحة في الحكومة علي حيدر الذي ينتمي إلى الحزب، وتيار جورج عبد المسيح، بسبب «صداقته مع الأسد»، حسب مصدر في دمشق.

وفي 19 ديسمبر (كانون الأول)، صدرت سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على أموال مخلوف وزوجته وشركاته، ووجهت لهم تهم التهرّب الضريبي. وفي 17 مارس (آذار) 2020، أصدرت وزارة المال قراراً بتجميد أمواله بسبب علاقته بشركة مختصة بالنفط.

وفي نهاية أبريل (نيسان)، طلبت الحكومة من «سيريتل» دفع نحو 185 مليون دولار أميركي قبل 5 مايو (أيار)، وقد رفض رامي دفع ذلك مباشرة. وهذا نقل المواجهة إلى مستوى جديد، إذ أطلقت السلطات حملة ضده، شملت اعتقال كبار الموظفين في شركاته ومؤسساته، والحجز على أمواله في سوريا، وصدور قرار بمنع مؤسسات الدولة من التعامل معه لخمس سنوات، وقرار بمنعه من السفر، وحجز 15.2 مليون سهم في 12 مصرفاً، وتجميد التداول بأسهم «سيريتل». كما سحبت منه جميع الامتيازات الأمنية والاقتصادية التي كان يتمتع بها منذ كان صغيراً، بصفته ابن أخ زوجة الرئيس منذ 1970. وشملت الإجراءات قرار محكمة في دمشق تسمية «المؤسسة العامة للاتصالات» الحكومية «حارساً قضائياً» على «سيريتل»، في خطوة إضافية ضد رامي.

وفي المقابل، كان هو ينتقل من تصعيد إلى آخر، وصل إلى تحذير من «انهيار اقتصادي»، ثم من «أيام حاسمة» و«زلزال» في دمشق. كان يقول هذا من قصره في يعفور قرب دمشق. وهذا «امتياز» جديد لم يسبقه إليه أحد… إلى هذه اللحظة غير المضمونة.

————————

مبعوث بوتين وتفكّك عائلات النظام في سورية/ عمار ديوب

المفوض الساميّ. غازي كنعان روسيا في دمشق. مبعوث بوتين والاستخبارات ورجال أعمال الكرملين. صفات متعدّدة أُطلقت على المفوض الذي كان سفيراً. هو تأويل صائب للتحوّل، وإلّا لظلَّ السفير سفيراً! يحاجج بعضهم بأن ذلك أضغاث أحلام؛ فروسيا لن تتخلى عن بشار الأسد، وكفاكم مغالاةً في الأوهام. هذا التفكير هو الخيالي بامتياز، حيث يقلّل من شأن تغيير الصفة، وكذلك من عدم ملاحظة التغيّرات في الواقع، وأيضاً لا يقرأ السياسة إلا من أفواه جناحٍ يكذب، طوال الوقت، وأن روسيا لن تغيّر النظام، بينما الحقيقة أن روسيا لم تعد تعتبره نظاماً؛ فهو بالنسبة لها أداة بيدها، وإلّا فكيف أسقطت عنه المساواة معها، أي بين النظامين، السوري والروسي، وهذا منذ أكثر من عامين. الجديد هذا علينا قراءته بدقة، وحتى التسمية الروسية له تشي بذلك، فهو “لتطوير العلاقات مع سورية”. إذا هناك علاقات مربكة، ومتأزمة، ووصلت إلى حدٍ تتطلب فيه التغيير. نضيف هنا أن روسيا اختطت للنظام بدائل عن بيان جنيف في العام 2012، وحتى قرار مجلس الأمن 2254 حاولت تجنبه، وكانت بدائلها تفاهمات أستانة وسوتشي واللجنة الدستورية، مكملة للحرب منذ العام 2015، ولكن ذلك كله لم يدفع النظام إلى تغيير سياسته، ولم يبد أي إصلاحٍ، ولم يوقف آليات الفساد، ولم يتقدم بمشروعٍ ما، يسعف الروس.

يقاتل الروس معه، وعلى الجبهات كافة؛ دبلوماسيّاً، عسكريّاً، اقتصاديّاً، وحتى سياسيّاً. فعلوا ذلك كله، وهم يأملون تغيير المشهد السياسي السوري، والمشهد الدولي المتعلق بسورية؛ وعكس ذلك يتمّ، فدولياً ضَبَطت أميركا المشهد العالمي، فلا يُسمح بتعويم النظام السوري قبل إحداث تغييرٍ فيه وقبوله بحلٍّ سياسيٍّ يستوعب المعارضة، وطرد إيران. وإقليمياً، لم تطرد روسيا ومعها النظام إيران، ولم يستطيعا تهميش تركيا، بل أصبحت موجودة عسكرياً في أكثر من منطقة في سورية. أكثر من ذلك، تجاوز وجودها هذا دعمها فصائل مسلحة سوريّة، تآمرت هي مع روسيا عليها وأخرجتها من كل سورية باسم خفض مناطق التصعيد، والآن تشرف على إرسال بعضها إلى ليبيا، وتفعل روسيا هذا مع بعضها الآخر! المقصد هنا أن روسيا غيّرت الواقع الميداني لصالح النظام، ولكن ذلك لم يدفعه إلى تغييرٍ ما، ولهذا وجدناه يرفض أفكار اللجنة الدستورية المشكلة روسيّا، وشن أعوانه أخيرا (خالد العبود وبهجت سليمان وسواهما) حملات “تافهة” ضد روسيا، بل وهدّدوا الرئيس بوتين!

روسيا المحكومة بنظامٍ مافياوي استخباراتي تقرأ ملامح المشهد السوري كلها، وتذلّ النظام بأكثر من شكلٍ وطريقة، وتتعامل معه، في أحيان كثيرة، وكأنّه جهة مساوية لفصيل مسلح هامشي، كما يجري في درعا، حيث تجبر أجهزة أمنه على الجلوس مع ممثلين عن فصائل عسكرية. روسيا التي رفضت الدول الكبرى على خططها لشرعنة النظام السوري، وأعطت لتركيا مناطق واسعة، وتراقب تفكك عائلات السلطة، وشراسة بعضها وشراهتها لحيازة ثروات سورية، وتتهرّب هذه من دفع الديون لها، روسيا هذه، بخطوتها الأخيرة، تعلن سياسة جديدة. سياسة تنطلق من أنها أصبحت المتحكّمة في سورية، وبدء مرحلة التفاوض على مستقبل الحكم

هناك.

لن تكتفي روسيا من “تخليص” إيران بعض المشاريع الاقتصادية، وستواصل تهميش دور هذا البلد في سورية، وهذا باتفاقٍ مع إسرائيل وأميركا وربما تركيا. وفيما يتعلق بأميركا، ليس أمام الروس إلّا التفاوض على شرق سورية، حيث النفط والثروات. وبما يخص النظام، ستعمل موسكو على التدقيق أكثر فأكثر في كل سياساته الاقتصادية والعسكرية والأمنية. المبعوث الآن ليس سفيراً، وتسميته الجديدة لا تشبه تسمية دولة أخرى لسفراء فوق العادة أو مبعوثين، حيث تجب قراءة ذلك وفقاً للمشهد أعلاه، ولحجم التدخل الروسي الذي أصبح احتلالاً، ولم يعد تدخلاً أو تحالفاً وسوى ذلك. روسيا بذلك ستتجه نحو سياسة جديدة، لا نعرف خطوطها الدقيقة، ولكنها بالتأكيد، تجاوزت مرحلة تهميش النظام، والبحث في مرحلة التفاوض على مستقبله.

عدا ما حاججت به؛ هناك ما يشبه الإجماع في التحليل للوضع السوري أنه لم يعد قابلاً للاستدامة؛ فاقتصادياً تدهور الوضع بشكلٍ مهول في الأشهر الأخيرة، وسياسياً، تتفكك عائلات السلطة التي بدونها لن تصمد طويلاً، وخزينة الدولة مفلسة بالكامل، والنظام ليس في مرحلة محاربة الفساد، فهو قائم على الفساد، وأيديولوجياً، لم تعد تفيده سوالفه عن حماية الأقليات، والإرهاب السني، وعدم وجود بديل عنه، والسيادة الوطنية، والمقاومة والممانعة. أيضاً، اجتماعياً، هناك تفكّك في حاضنته الاجتماعية، وهذا بتأثير الغلاء الشديد، والتفكّك في عائلات السلطة، والذي أصبح معلناً، وصار الحديث يتناول “نحن نموت جوعاً، وأنتم تختلفون على مليارات الدولارات”. وهناك قضايا دولية تتعلق بأكثر من ملف “جرائم حرب، المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية”، وكلّها، تغلق نوافذ تعويم النظام.

روسيا أمام مشهد معقد للغاية، ولا يشبه الموقف في أبخازيا أو حتى أوكرانيا، وهناك العقوبات التي تحاصرها، وجائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور بداخلها؛ روسيا العنيدة هذه لم يعد لها أية مصلحة في بقاء النظام الحالي، والأخير لا يعي ضرورة أن يبدأ الإصلاح كما نوّهت، وبالتالي هي أمام مأزق حقيقيٍّ، فإمّا الاستمرار في سياساتها القديمة، وعدم التفاوض على النظام، وسيفضي ذلك إلى إخفاقها، حيث انتهت الحرب، والآن تتسلم تركيا وأميركا مناطق واسعة، وحربها الفعلية تتمّ مع إيران! وإمّا تتجه، وبذاكرتها تجربة إخفاقها في أفغانستان وأميركا في العراق، وتتفاوض مع الدول المحتلة والمتدخلة في سورية.

إذاً، كثيرة هي الأسباب التي تدفع إلى تحميل مبعوث روسيا مهماتٍ جديدة، سيما أن روسيا لم تعد قادرةً على تسنيد أرجل النظام الذي شاخ طويلاً. حالة المعارضة السوريّة والثورة والفصائل المسلحة تشبه أوضاع النظام في تفككها، وضعفها، وتبعيتها، وارتزاقها. هذا أسوأ مما يحدث لسورية؛ فلا النظام يبدي أيّ حسٍ وطنيٍّ لما أصبح عليه هو والبلاد، ولا المعارضة أيضاً. ولهذا، ليس من تغييرٍ سوريٍّ سوريٍّ كما يشتهي بعضهم، ونتمنى معه في الوقت الراهن خارج التوافقات الإقليمية والدولية، فهل تعي روسيا اللحظة الراهنة للوضع السوري؟

أغلب الظن، سنرى سياسة روسية جديدة بما يخص سورية.

العربي الجديد

——————————

صورة نادرة لخال بشار الأسد المتواري عن الأنظار

من بين صور كثيرة تنشر على أنها لمحمد مخلوف، والد رامي مخلوف رجل الأعمال المعاقب دولياً، عثرت “العربية.نت” على صورة مؤكدة لخال رئيس النظام السوري بشار الأسد، يظهر فيها إلى جانب أحد الضباط السابقين القريبين من حافظ الأسد نفسه.

الصورة التقطت لمحمد مخلوف، وهو على رأس عمله مديرا لشركة التبغ السورية، أول سبعينيات القرن الماضي وهو الوقت الذي بدأ فيه بتكوين ثروته مستغلا المنصب، بحسب مختلف المصادر التي تؤكد أن حافظ الأسد، رئيس سوريا السابق، عيّن شقيق زوجته أنيسة، بمنصب مدير شركة التبغ، عام 1972.

“شباب تونس ينتفض ضد الإخوان”.. دعوة للاعتصام “شباب تونس ينتفض ضد الإخوان”.. دعوة للاعتصام المغرب العربي

يشار إلى أن الصورة ملتقطة، أصلا، للظاهر إلى يسار محمد مخلوف، ويدخن سيجارة، ونشرها موقع تاريخ سوريا المعاصر، وهو شخصية شهيرة شديدة القرب من حافظ الأسد، واسمه أحمد محمد عنتر، لواء سابق اشترك مع حافظ الأسد في انقلاب “8 آذار” وكافأه بتعيينه بمناصب عسكرية ومدنية كثيرة، منها المدير العام لشركة الطيران السورية، عام 1972، وهو ذات العام الذي أصبح فيه محمد مخلوف مديرا لشركة التبغ، وتوفي سنة 1998.

من هنا بدأ أبو رامي

وبحسب الصورة، لا ينظر محمد مخلوف إلى عدسة المصور، ويخفض بصره قليلا إلى الأرض.

ومنذ لحظة هذه الصورة، كانت ثروة مخلوف-الأسد، تتشكل، والشعب السوري يزداد فقراً. بعدها بسنوات قليلة، واجه الأسد، أول معارضة مدنية لحكمه، نهاية سبعينيات وأول ثمانينيات القرن الماضي.

وأصبح محمد مخلوف، في ما بعد، وكيلا لأشهر شركات التبغ في العالم، باستغلال واضح لمنصبه الأول مديرا لشركة التبغ منتجة السجائر في البلاد، بحسب وثائق دولية سربت في وقت سابق.

اللواء أحمد عنتر يدخن سيجارته إلى جانب محمد مخلوف اللواء أحمد عنتر يدخن سيجارته إلى جانب محمد مخلوف

ثم صارت “السوق الحرة” السورية، بالكامل، في جيب آل مخلوف-الأسد، بعدما صارت كبرى العلامات التجارية تحت سيطرتهم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما هي العادة في نظام كالنظام السوري.

الشركات المستترة أو المخفية أو مجهولة الهوية، التابعة لتحالف مخلوف-الأسد، أكثر من أن تحصى، وهي تنضوي تحت ما يعرف بشركات “الأوف شور” التي استثمروا فيها بشكل غير شرعي، بعشرات الملايين من الدولارات. وأفاد تحالف مخلوف-الأسد، من خاصية تشفير أسماء المودعين، في بعض البنوك الدولية، لإخفاء المزيد من الثروات المنهوبة من لقمة السوريين.

إلا أن العقوبات الأوروبية والأميركية، لاحقت الاثنين، مخلوف والأسد، حتى وراء الأسماء المستعارة والمشفرة.

حسابات بأسماء وهمية وسرية

محمد مخلوف، يخفي غابة من الأسماء الكودية والمستعارة باستثمارات موزعة على مختلف الأمكنة حول العالم. بعضها كشف عبر تحقيقات وبعضها لا يزال مجهولا.

وتشير تقديرات إلى أن أصل خلاف بشار الأسد مع رامي، هو عدم تمكن بشار من الوصول إلى الأموال التي شغّلها خاله محمد وابنه رامي، بأسماء وهمية عالمياً، مع العلم بأنها “أموال عائلية مشتركة” تم السطو عليها في الأصل من مال واقتصاد السوريين، بحسب سوريين متابعين.

الميل إلى السرّية المفرطة والتحرك بحذر شديد، مكّنت محمد مخلوف من إخفاء هويته الفعلية. فبحسب تحقيقات صحافية دولية سابقة، فإن مخلوف كان يملك حسابات بأسماء سرية للغاية.

وترك الرجل البالغ من العمر الآن قرابة التسعين عاماً، ثروة غير شرعية مترامية الأطراف لابنه رامي، ووضع الأسد يده على أغلب أصولها المالية داخل سوريا، ذلك أن أجزاء الثروة الأخرى، خاضعة للعقوبات الدولية المفروضة عليه، منذ عام 2008، والأسد عمليا، لا يستطيع الوصول إليها.

وأخضع الأسد أخيراً، شركة “سيريتل” للاتصالات الخلوية المملوكة لابن خاله، رامي محمد مخلوف، لسلطته القضائية. وأصبحت عمليا بإدارة الأسد مباشرة، على المستوى المالي والميزانية والإدارة. مع أن مخلوف أعلن موافقته على دفع 134 مليار ليرة لصالح اتصالات الأسد. لكن السعي لدى النظام، واضح، بحسب مخلوف نفسه: إنهم يريدون الشركة.

انهيار التحالف الذي جوَّع السوريين

تحالف مخلوف-الأسد الذي أنتج ثروة غير شرعية من لقمة السوريين، تخلخل منذ عام 2011، وانطلاق الثورة لإسقاط الأسد. حيث هتف المتظاهرون باسم الفاسد الأشهر، في ذلك الوقت، رامي محمد مخلوف، الأمر الذي اضطر الأخير للظهور بمسرحية “التخلي” عن أعماله التجارية كي “لا يحرج الأسد” كما قال بمؤتمر صحافي مشهور في شهر حزيران/يونيو 2011. إلا أن الفترة اللاحقة شهدت ازدهارا لأعماله وأنشطته التجارية، خاصة في المجالين العقاري والمالي.

وشهدت نهاية العام الماضي، بداية تفكك تحالف مخلوف-الأسد، إثر الأزمة المالية الخانقة التي تضرب النظام وإثر اقتراب موعد تطبيق قانون “قيصر” الأميركي بحق نظام الأسد وداعميه، فسعى بشار، للإفادة من “الكاش” الذي بحوزة مخلوف، إلا أن الأخير امتنع عن الدفع، بداية، وتطورت الأزمة بين بشار ورامي إلى حد منع الأخير من مغادرة سوريا، بعد إلقاء الحجز على أمواله وأموال زوجته.

رامي مخلوف وبشار الأسد وزوجته رامي مخلوف وبشار الأسد وزوجته

الرجل السرّي بقي سريا، لم يظهر محمد مخلوف حتى اللحظة رغم كل ما حل بابنه الكبير رامي.

منذ بدايته يفضل التخفي، وهكذا سيظل، رغم أنه سينهي قريبا العقد التاسع من عمره، وهو المولود سنة 1932، وحتى عام 2013، كان يشار إليه بحرفي اسمه الأول والثاني، م.م. لقد كان ممنوح “العصمة” من آل الأسد ما يسر عليه جمع المال من أفواه السوريين، ووضع ملاعق الذهب في فم ابنه الأكبر، رامي، ثم بقية إخوته.

———————————–

سرّ دفين في قصر الأسد.. رجل خافوا كشف اسمه الحقيقي

دخل شخص باسم “م.م” على حافظ الأسد، وحصل كذا وكذا. ويصرّ صاحب الرواية، على ترميز اسم تلك الشخصية المجهولة، والتي تمتلك من النفوذ أن تدخل على رئيس سوريا السابق، وتتناول معها طعام الإفطار.

موضوع يهمك

?لا شك أن مواقف ابن خال رئيس النظام السوري رامي مخلوف الأخيرة كانت مفاجئة لكل سوري في الداخل والخارج، يعي كواليس ما يجري…

زلزال مخلوف.. كيف تجرأ ابن خال الأسد على تهديده من دمشق؟ زلزال مخلوف.. كيف تجرأ ابن خال الأسد على تهديده من دمشق؟ سوريا

صاحب الرواية هو أميل عباس معروف، صاحب موسوعة “تاريخ العلويين في بلاد الشام من فجر الإسلام إلى تاريخنا المعاصر” بمجلداتها الثلاثة التي يبدأ أولها، بأبرز شخصيات صدر الإسلام، وما بعده، ثم دويلات الحمدانيين والبويهيين والفاطميين والأيوبيين. فيما يركز الجزء الثاني على إحدى أهم الشخصيات وأكثرا تأثيرها على العلويين، هو حسن بن المكزون السنجاري المتوفى أوائل القرن السابع الهجري، وصولا إلى زمن الاحتلال العثماني للمنطقة العربية.

واسع الثراء والنفوذ

وترد رواية الشخص المجهول المرمز بـ “م.م” في المجلد الثالث من موسوعة العلويين المشار إليها، وهو الجزء الذي يتناول فيه عشائر العلويين التي ينتمي المؤلف إلى إحداها، ثم مرحلة الانتداب الفرنسي على سوريا، وولادة ما يعرف بدولة العلويين، عشرينيات القرن الماضي، وصولا إلى مرحلة وصول حافظ الأسد، والد رئيس النظام السوري الحالي، بشار الأسد، إلى السلطة، بعد انقلاب عسكري.

“م.م” هذا، واسع النفوذ في قصر حافظ، كما بشار ابنه من بعده، ذلك أن الكتاب أُلِّف عام 2013، أي بعد قيام الثورة السورية على بشار بعامين، ورغم ما في الكتاب من جرأة وتوسع على جميع المستويات، خاصة منها التاريخية المتعلقة بتاريخ الطائفة العلوية، إلا أنه عند هذا الاسم، ينقبض قلمه، ويقول: “م.م”. فقط.

المرمز بـ”م.م” واسع الثراء، أيضا، كما تظهر رواية معروف في تاريخه الهام عن العلويين. فبحسب “تاريخ العلويين” فإن ثمة من قال لحافظ الأسد، إن السيد “م.م” في القصر الجمهوري، وكان حافظ يتناول طعام الإفطار، مع أحد الضباط. فأذن لهم بإدخاله عليهما. ويورد صاحب تاريخ العلويين، أن من “عادة السيد م.م أن يهدي إلى كبار المسؤولين السوريين ولا سيما المتواجدين في لبنان، الهدايا الثمينة والسيارات الحديثة”.

القصة واردة بحسب المؤلف، للإشارة إلى أسلوب حافظ بإدارة شؤون قصره، ما اعتبرها المؤلف “وخزة تنم عن أخلاق عالية ورؤية بعيدة”.

حافظ الأسد فقيرٌ أمامه!

دخل السيد م.م على حافظ الأسد الذي دعاه لتناول الإفطار معه. إلا أن الرئيس الراحل وبعدما عرف بقصة الهدايا التي يقدمها لكبار مسؤولي الدولة قال له: “شو جايب معك هدايا اليوم للشباب؟” بعامية تعني: ما الذي أحضرته معك اليوم من هدايا؟ ثم أكمل حافظ، في قصة توضح قوة ونفوذ وثراء تلك الشخصية على نظامه، فيقول لـ”م.م”: شي مرة احسب حساب العميد بيطار، هذا الفقير مادياً مثلي! بعامية تعني: احسب حساب، العميد بيطار، ولو لمرة واحدة، فهو فقيرٌ مادياً مثلي.

رامي محمد مخلوف رامي محمد مخلوف

وبيطار المذكور كان يتناول الإفطار مع حافظ، لحظة دخول “م.م” عليهما. بحسب رواية تاريخ العلويين.

“م.م” المجهول هذا، هو شقيق زوجة حافظ، وخال بشار الأسد، محمد مخلوف.

وبرواية تاريخ العلويين، يتأكد ما سبق وذكره، الضابط السابق محمد معروف في كتابه “أيام عشتها” عندما تحدث عن نفوذ واسع لمحمد مخلوف، منذ سبعينات القرن الماضي. كما أنه أشار إلى علاقة محمد مخلوف، بأثرياء سوريين مقيمين في الولايات المتحدة الأميركية.

الواجهة المالية والاقتصادية

وتوفي حافظ الأسد عام 2000، ثم زوجته أنيسة مخلوف مانحة شقيقها محمد كل النفوذ الذي تمتع به، عام 2016، بعدها أصبح بشار الأسد، عمليا، بدون سلطة عائلية تتوسط بينه وباقي أفراد أسرته، خاصة من بيت أخواله آل مخلوف، فبدأ بالتضييق على رامي، ابن محمد المرمز بـ”م.م” ورجل الأعمال المعاقب دوليا والغارق بالفساد المدرج على لوائح العقوبات الدولية منذ عام 2008.

محمد مخلوف، ثم ابنه رامي الرازح الآن تحت ضربات بشار الأسد بعد الخلاف الناشب بينهما، هما واجهتان ماليتان واقتصاديتان، كدّس من خلالهما آل الأسد ثروات طائلة منهوبة من لقمة عيش السوريين، إلا أن هذه الأموال مسجلة باسم آل مخلوف الذين قاموا بتسجيلها بأسماء وهمية، إضافة إلى أسمائهم الحقيقية.

ووضع بشار الأسد، أخيرا، على شركة “سيريتل” للاتصالات الخلوية، والعائدة ملكيتها لابن خاله رامي مخلوف، بعد إصدار قضائه حكماً بتعيين حارس قضائي على الشركة، سبقها بقرارات حجمت كثيرا من مخلوف، كمنعه من مغادرة سوريا، وإلقاء الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة.

وأقر مخلوف أن الأسد يريد الاستيلاء على “سيرتيل” وقال إنهم يريدون الشركة، وآخر ما صرح به، تهديد علني بزلزلة الأرض من تحت أقدام من يصفهم بظالميه.

وفي كباش الأسد-مخلوف، لا فائدة يعول عليها أنصار النظام. فبحسب ما يقولونه على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنهم لا ينالهم سوى القتال والموت، ثم الفقر والجوع والعوز.

————————–

تعرّف على إمبراطورية رامي مخلوف الاقتصادية/ مناف قومان

خرج آلاف السوريين إلى الشوارع في المحافظات عام 2011 يهتفون “بدنا نحكي على المكشوف سرقنا رامي مخلوف” و”نهبوا البلد على المكشوف آل الأسد مع مخلوف”.

خلال العقد الماضي ومع ترخيص شركة سيريتل في العام 2000 عرف السوريون رامي مخلوف من خلال أعماله المتشعّبة في البلد، ولم يخفِ أحد امتعاضه من رسم الاشتراك الشهري الثابت لخط الهاتف المحمول لاحق الدفع والمقدرة بـ 600 ليرة ما يقارب 120 دولارا آنذاك، علماً أن هذا المبلغ يعد أعلى من الدخل الشهري لما يعادل 75.6% من الأجراء الذين يكسبون أقل من 100 دولار في الشهر، وهو دخل لا يكفي الاحتياجات المطلوبة للغذاء لأسرة مكونة من 5 أفراد، وبلغ أجر العامل بحسب تقديرات في العام 2001 نحو 150 دولارا في الشهر.

جمعت الشركة أموالا سهلة من هذا الرسم تقدر بـ 144 مليون دولار سنوياً، بدون أي تدخل من حكومة الأسد، التي سمحت ومنحت ترخيصا لدخول شركتين لسوق الاتصالات السورية بدون جدوى اقتصادية.

فقد أكدت دراسات الجدوى الاقتصادية في العام 2001 لعقود شركات الاتصالات سيريتل و”إم أي إن” بعد مقارنتها بالخيار الأمثل لاستثمار قطاع الاتصالات في سورية، أن ما يضيع على الدولة خلال الـ15 عامًا المقبلة يقدر بـ400 مليار ليرة، وتحقق الشركتان المتعاقدتان أرباحاً احتكارية وغير عادلة تتراوح بين 200 و300 مليار ليرة.

وللإشارة فمبلغ 200 مليار ليرة يعادل مجموع كتلة الرواتب والأجور والتعويضات لجميع العاملين في وزارات العدل والتعليم العالي والتربية والصحة والشؤون الاجتماعية والعدل، في ذلك الوقت، والذين يعيلون ما يقارب مليون مواطن سوري على مدى 15 سنة كاملة وفقاً لدراسة أعدها المعارض السوري رياض سيف في ذلك الوقت.

أينما تولّي وجهك فثمّة اسم رامي

ارتبط اسم رامي مخلوف بالنفوذ والقوة من خلال بسط سيطرته على كثير من النشاطات الاقتصادية بينها النفط والاتصالات والبنوك والإعلام والسياحة والعقارات والتجارة والاستيراد والوكالات الحصرية وغيرها.

ولا يوجد مبالغة عندما يربط السوريون الاقتصاد السوري باسمه، وأنه أحد أحجار الأساس في اقتصاد البلد التي يستدعي تخلخل أحدها؛ هزة كبيرة تصيب الاقتصاد برمته، إذ تشير تقديرات سيطرته على 7% من الناتج المحلي الإجمالي الذي قدر بنحو 62 مليار دولار في العام 2010، دلالة هذا تأتي من احتكاره أو استحواذه على الحصة الكبرى من العمل في العديد من القطاعات الاقتصادية، وعدم قدرة أي مستثمر أياً كان الدخول للأسواق السورية بدون علمه.

وإذا رفض أي مستثمر الرضوخ لشروطه سيتلقى مضايقات وتأخيرا وعراقيل قد تصل في بعض الأحيان للاستحواذ على الاستثمار، وهو ما أشارت إليه وزارة الخزانة الأميركية بعدما فرضت عقوبات على رامي مخلوف في 2008 إنّ “مخلوف استخدم الترهيب وروابطه الوثيقة بنظام الأسد للحصول على مزايا في مجال الأعمال”، ولُقِّب بـ”السيد 5%” إشارة إلى النسبة المئوية من العمولات التي كان يفرضها على كل مشروع في سورية.

في قطاع الاتصالات يملك رامي مخلوف حوالي 70% من سوق الاتصالات عبر شركة سيريتل التي قُدر صافي أرباحها السنوية في العام 2019 بنحو 59 مليار ليرة (136 مليون دولار على دولار المركزي البالغ 434 ليرة).

وفي قطاع البنوك والصيرفة يملك أسهما في 12 مصرفاً ومؤسسة مالية بينها بنوك عودة وبيبلوس والعربي وفرنس بنك والشام، وتبلغ حصيلة أملاكه في البنوك المدرجة في البورصة السورية حوالي 7 مليارات و370 مليون ليرة موزعة على 15 مليونا و219 ألفا و532 سهما.

وفي قطاع الطيران يملك شركة أجنحة الشام التي تم ترخيصها في العام 2008 والتي تحتكر العمل في سوق النقل الجوي، وتمكنت من التأثير على عمل الشركة السورية للطيران بسبب العقوبات المفروضة على الأخيرة.

في قطاع الطاقة لديه استثمارات عبر شركة “غلف ساندر” البريطانية للنفط تقدر بنسبة 5.7% من أسهمها، وبحسب الشركة نفسها فقد استأجرت مكاتب في دمشق من شركة مملوكة لمخلوف ودفعت رسوما بنحو مليون دولار لشركة أخرى مملوكة له لتقديمها مشورة بشأن تحديد ومتابعة فرص التنقيب في سورية.

وفي قطاع العقارات والإنشاءات يساهم رامي في شركة الفجر بنسبة 10% من أسهمها ولديه شركة باترا والحدائق، واستحوذ فبل الثورة على معظم المشاريع البارزة في وسط دمشق وأبرزها أبراج سورية.

وفي قطاع الإعلام إذا أردت أن تقرأ صحيفة فستجد صحيفة الوطن، وإذا أردت أن تسمع على الراديو سيكون أمامك إذاعة نينار، وفي التلفزيون لديه قناة الدنيا الفضائية، وإن رأيت إعلانات في الطرقات وفي التلفاز من نافلة القول إنها تتبع لشركة “بروميديا” للدعاية والإعلان لصاحبها رامي مخلوف.

وفي قطاع التعليم يملك شركة الشويفات الدولية المعروفة؛ وفي قطاع الصناعة يمتلك شركة “ايلتيل ميدل ايست” و”تبي بي راماك”.

وفي قطاع التجارة لدى رامي مخلوف شركة راماك للأسواق التي تحتكر 7 أسواق في مطاري دمشق وحلب وميناءي اللاذقية وطرطوس وحدود باب الهوى ونصيب ومناطق التجارة الحرة على طول الحدود مع لبنان، وتمتلك تلك الأسواق بضاعة أجنبية لا تدخل لسورية إلا عبرها، ولهذه الأسواق قصة طويلة مع تهريب الدخان، كما استأثر بوكالات حصرية للسيارات وأبرزها مرسيدس وبي إم دبليو.

وفي قطاع السياحة يمتلك شركة المدائن وهو صاحب الغالبية العظمى من شركة شام القابضة التي تملك استثمارات في هذا القطاع من فنادق ومطاعم وعقارات.

وفي مجال المساعدات الإنسانية أسس بعد الثورة جمعية البستان؛ وأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي في العام 2011 كذراع سياسي خاض انتخابات مجلس الشعب في 2012 وحصل على مقاعد في البرلمان.

ولم ينسَ مخلوف أن يكون له بصمة في مجال الإتاوات عبر شركة شام القابضة في العام 2006 برأسمال 350 مليون دولار وبمساهمة 71 رجل أعمال يملك رامي فيها 50%، إلا أن الشركة لم تعلن عن أي مشاريع واستثمارات في البلد حتى بعد اندلاع الثورة في 2011. ولاحقاً باتت الشركة نافذة إجبارية لرجال الأعمال الراغبين في التعاقد لإنشاء عقارات في دمشق ومحيطها ويتيح للشركة إدارة أملاك الدولة.

رأس الفساد

الخوض في تفسير خطاب رامي مخلوف بأن أعماله وأمواله من الله ويحمده على هذه النعمة، أمر غير مجدٍ، فالقاصي والداني والدول أيضاً تعرف أن ما جمعه تم عبر الفساد، وأن نشاطاته تتصل بموافقة النظام، والمهم هنا أن رامي هو رأس جبل الجليد الظاهر من حجم فساد رجال الأعمال والنظام في سورية.

ويتضح مما أُقر من أملاك مخلوف وخلافه مع نظام الأسد أن سلوك النظام طوال العقود الماضية كان واضحاً في محاباة رجال أعمال يعملون تحت لافتات التنمية والانفتاح والاستثمار والتطوير ولكنهم في الواقع لم يفيدوا سوى حساباتهم المصرفية الشخصية، فتمكنوا من بناء أعمال وجمع ثروة طائلة من الاحتكار والاستغلال والفساد بمعيّة النظام، وقد أطلق على خدمة الدولة لهؤلاء الأشخاص بـ “رأسمالية المحسوبيات”.

سيتفاجأ السوريون من حجم حسابات هؤلاء المصرفية إذا عُرف أن ثروة رامي مخلوف وحدها تعادل أكثر من 6 مليارات دولار، وقد تم رصدهم من الحكومة الأميركية والحكومات الأوروبية وضمهم إلى قائمة العقوبات جراء مساعدة النظام في أعمال العنف وتطوير سورية إذ شملت العقوبات الأوروبية 270 شخصاً لهم صلة بالنظام وخرق العقوبات عليه. ومنهم من يقفون في الصفوف الخلفية يدعمون نظام الأسد لمصالحهم الشخصية والتجارية، وغداً قد يقلِبون مع الثورة بعد رجحان الكفة لها.

أخيراً، لا شك أن ظهور رامي مخلوف بهذه الطريقة سيفتح أو يجب أن يفتح العيون على رجال أعمال آخرين كان لهم اليد الطولى قبل الثورة وخلالها في جمع المليارات على حساب السوريين وتعبهم بعلم النظام وبمساعدته، وهؤلاء تجب محاسبتهم وإعادة الأموال المودعة في الخارج إلى موطنها، وربما تكون هذه الأموال كفيلة بانطلاقة أعمال إعادة الإعمار في سورية المستقبل.

جميع حقوق النشر محفوظة 2020

العربي الجديد

—————————-

الليرة السورية تقترب من ال 4000 مقابل الدولار

تحول خطير شهدته أزمة العملة السورية الاثنين، مع بلوغ سعر الصرف مستويات جديدة من الانخفاض توقفت معه عمليات البيع، بينما تفاوت سعر الشراء بين مكاتب الصرافة في المنطقة الواحدة، في الوقت الذي بدأ تجار الجملة بتسعير المواد على أساس ارتفاع أكبر في قيمة الدولار .

وحسب نشرات الصرف ظهر الاثنين، فقد بلغ سعر الدولار مقابل الليرة 3175 في مدينتي دمشق وحلب، بينما كان لافتاً تجاوزه 3200  في محافظة إدلب التي كانت تسجل في الأيام الماضية أفضل سعر لليرة.

مصادر في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال سوريا أكدت ل”المدن” أن مكاتب الصرافة توقفت عن بيع الدولار، بينما اختلفت تسعيرة الشراء التي تجاوزت عملياً ما هو معلن، لتصل إلى نحو 3700 ليرة في بعض المناطق، قبل أن تتعافى الليرة قليلاً.

وحسب هذه المصادر، فإن تجار الجملة شمال حلب، المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني المعارض، بدأوا منذ مساء الأحد بتسعير المواد الغذائية على أساس سعر صرف يساوي 3700 ليرة للدولار، ما أدى لتوقف معظم العمليات التجارية.

وبينما توقع خبراء اقتصاديون في وقت سابق أن يبلغ سعر صرف الليرة 4000 مقابل الدولار قبل نهاية حزيران/يونيو، تشير التقديرات الحالية إلى عدم القدرة على التنبؤ بمستوى الانخفاض في قيمة الليرة، مع التدهور المستمر الذي تشهده، والذي يتسارع على مدار الساعة.

—————————

واشنطن تقدم عرضاً للأسد..للخروج من أزمته

كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري أن الولايات المتحدة قدمت عرضاً لرئيس النظام السوري بشار الأسد للخروج من الأزمة التي تعاني منها سوريا. وأوضح أن العقوبات الأميركية لعبت دوراً في انهيار العملة السورية.

وقال جيفري في وقت متأخر من ليل الأحد/الاثنين، إن انهيار قيمة العملة السورية كان إلى حد ما نتيجة الإجراءات التي اتخذنتها الولايات المتحدة. واعتبر أن هذا الانهيار دليل على أن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تعويم النظام السوري، وعلى أن النظام نفسه لم يعد قادراً على إدارة سياسة اقتصادية فاعلة.

وأضاف جيفري أن النظام السوري لم يعد قادراً على تبييض الاموال في المصارف اللبنانية التي تعاني بدورها من أزمة، في إشارة إلى شح الدولار في المصارف اللبنانية، مع انخفاض احتياطيات المصرف المركزي.

وكشف جيفري أن واشنطن قدّمت للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة. وقال: “إذا كان الأسد مهتماً بشعبه سيقبل العرض ونحن على تواصل مستمر مع الروس ومع اللاعبين البارزين والآخرين ومع المعارضة السورية التي يجب أن تبقى موحدة”.

وأوضح أن قانون “قيصر” يعطينا صلاحية يمكن استخدامها وفقاً لما نراه مناسباً لتحقيق سياستنا وسنتخذ إجراءات ضد الأنشطة التي نرى أنها تُبقي الأسد قادراً على معارضة العملية السياسية وتُبقي قواته في الميدان. وتابع: “نحن نقرر الأنشطة التي تشملها للعقوبات وقيصر لا يحدد أن كل القطاعات التي تنشط في مجال معين ستخضع تلقائيا للعقوبات”.

وقال: “إذا تم خرق وقف إطلاق النار سنزيد الضغط الاقتصادي والدبلوماسي وسننسق مع الأتراك، بحسب ما قاله الرئيس دونالد ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول طبيعة الدعم الذي نقدمه لهم في إدلب”.

وتابع: “نريد أن نرى عملية سياسية ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام لأنه لا يمكننا المطالبة بذلك بينما نعمل تحت مظلة الامم المتحدة”. وأضاف “نطالب بتغيير سلوك النظام وعدم تأمينه مأوىً للمنظمات الإرهابية، وعدم استعماله السلاح الكيماوي ضد شعبه وجيرانه، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لتبسط هيمنتها على دول في المنطقة”.

وأكد جيفري أن “هدف الولايات المتحدة هو إخراج كل القوات الإيرانية من سوريا”، معتبراً أنها “سبب الكثير من الأعمال السيئة التي تحصل هناك”. وقال: “العقوبات المشمولة بقانون قيصر ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل أوتوماتيكي، وأي تعامل بين أي دولة وبين النظام الإيراني، وخرقها ستكون له تبعات على الدول غير الملتزمة”.

وأوضح المبعوث الأميركي أن “الأوروبيين شركاؤنا ويجب التمييز بين موقفهم معنا تجاه سوريا وبين موقفهم تجاه إيران، كما أن هناك فروقاً بين موقف حكومتنا وبين مواقف حكومات اوروبية تجاه السياسة الخاصة بإيران”.

وأعلن حرص الولايات المتحدة على ثلاثة أمور هي: تطبيق العقوبات الاقتصادية على النظام وداعميه، وعلى الانشطة التي تساعده على قمع شعبه. ألا تتم إعادة إعمار سوريا في ظل نظام الأسد، وروسيا وايران والنظام السوري لا يوفرون وسيلة لدفعنا الى تمويل إعادة الإعمار لكننا لن نفعل ذلك. ونحرص على ألا تقدم أي جهة دولية على تمويل الاعمار في ظل هذا النظام.

المدن

—————————

 جذور رامي مخلوف تُعمّق جراح الموالين

«قانون قيصر» يخنق أسواق دمشق قبل 10 أيام من تنفيذه

لندن: إبراهيم حميدي

كان مفاجئاً الظهور المتكرر لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف، على موقع «فيسبوك»، بدءاً من 20 أبريل (نيسان) الماضي، سواء في بيانات أو فيديوهات بثها من يعفور قرب دمشق، بدأت مطلبية، ثم تحولت إلى تحذيرية، لأمرين: الأول، أنه ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، ومعروف أنه يملك ثروة مالية ضخمة داخل البلاد وخارجها. والثاني، أنه لم تجرِ العادة خلال السنوات والعقود الماضية على أن يتجرأ شخص من «النواة الصلبة»، على توجيه انتقادات مباشرة، أو غير مباشرة، وهو موجود داخل سوريا.

ومنذ بروز مخلوف بصورته الجديدة، كان التركيز على ثروته ومؤسساته المالية، ونزاعه مع الحكومة حول «سيريتل». لكن العودة إلى جذوره و«أدواته» السياسية والاجتماعية تلقي ضوءاً إضافياً على خلفيات «تمرده» و«حصانته الموقتة»، الأمر الذي قُوبل بتفكيك شبكاته وشركاته السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، وإحداث جروح أو شقوق بين الموالين.

وسجّلت الليرة السورية، أمس، تدهوراً قياسياً، لتتخطى عتبة 2400 مقابل الدولار، قبل 10 أيام من تطبيق عقوبات أميركية جديدة عبر «قانون قيصر». وانعكس هذا ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية الرئيسية والأدوية.

——————————

بثينة شعبان..خاصرة الأسد الرخوة في مرمى رامي مخلوف
تستمر فصول الحرب الدائرة بين أجنحة النظام، على الرغم من انتهاء إحدى أخطر جولاتها لصالح الطرف الأقوى، عائلة الأسد، على حساب رجل الأعمال رامي مخلوف، الذي لا يبدو أنه استسلم تماماً، بل انتقل إلى مهاجمة الخواصر الرخوة في صف خصومه.
ولأنه لا يمكن أن يوجد خاصرة أضعف من مستشارة رئيس النظام، بثينة شعبان وعائلتها، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي داخل القصر الجمهوري، فقد لوحظ خلال الأسبوعين الماضيين تركيز هجومي شديد عليها من قبل العديد من الحسابات المجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت معلومات وتفاصيل عن شعبان وزوجها وابنها، قليل منها كان صحيحاً وأغلبه كان مختلقاً أو مضخماً.
كان من الطبيعي أن تتلقف الحسابات الشهيرة للمعارضة على مواقع التواصل، وكذلك وسائل الإعلام التابعة لها هذه المعلومات باهتمام شديد، من دون الاهتمام بالبحث عن الجهة التي تقف خلف الترويج لها، في مشهد يذكر بقصة اللوحة التي قيل إن الأسد اشتراها لزوجته قبل أشهر، بمبلغ تجاوز الثلاثين مليون دولار.
ولأن هذا النوع من السلاح أثبت نجاعته، فقد جددت الجهة المهاجمة استخدامه. وما عزز الشكوك حول ارتباط هذه الجهة بمخلوف، هو كمّ المعلومات الواردة في ما تنشره عن بثينة شعبان وعائلتها، والتي رغم المبالغات فيها، إلا أنه لا يمكن إلا للمقربين جداً الاطلاع على الصحيح منها.
بدأت الحسابات المهاجمة هذه الجولة بالحديث عن ثروة نجل مستشارة الأسد رضا جواد الذي يقيم في العاصمة البريطانية لندن، وروجت لامتلاكه عشرين مليون دولار على الأقل، متسائلة عن مصدر هذه الثروة بالنسبة لشاب حديث التخرج لم يتجاوز الرابعة والعشرين من العمر. وبالطبع لم يكن هناك سوى القول إن ما يتنعم به الشاب وما يملكه من أعمال وشركات في بريطانيا ليس سوى أموال الشعب السوري التي استولت عليها بثينة شعبان بطرق غير مشروعة.
وبالإضافة إلى هذه الأرقام، نشرت الحسابات ذاتها صوراً قالت إنها لسيارات رضا جواد وأملاكه من العقارات في لندن وغيرها من المدن الأوربية، كما تحدثت عن أسهم بالملايين يملكها في سوق الأوراق المالية الأميركية، اعتماداً على صورة تجمعه بإحدى الموظفات المرموقات في هذه البورصة، في الوقت الذي كانت والدته تتحدث عن ضرورة صمود السوريين بوجه تفاقم الأزمة الاقتصادية وبلوغها حدوداً غير مسبوقة.
وبعد تجاهل استمر أكثر من أسبوع، سجّل رضا جوار أول رد على الحملة الإعلامية التي يتعرض لها هو وعائلته، وكتب على حسابه في موقع “فايسبوك” منشوراً مطولاً، فنّد فيه بعض المعلومات والصور المنسوبة إليه، وتحدث عن مسيرته “العصامية” في الدراسة بسوريا حتى مرحلة الثانوية، قبل أن يتوجه لبريطانيا التي درس فيها الرياضيات، وتمكن “مثل أي شاب” من الحصول على وظيفة.
الصور التي تظهر أسطول سيارات ومجموعة عقارات فخمة نسبت لابن مستشارة الرئيس لم تكن صحيحة بالفعل، وقد تمكنت “المدن” من معرفة أصحابها، وهما إبنا رجلي أعمال مقربين من عائلة الأسد، وتجمعهما علاقات صداقة مع أبناء بشرى الأسد، لكن لا يمكن في الوقت نفسه تصديق روايته العصامية، إذ لا يستطيع “أي شاب” سوري، كما قال جواد، أن يسافر إلى لندن من أجل دراسة الرياضيات، كما أن “أي شاب” لا يمكنه إيجاد وظيفة بشركة اقتصادية مرموقة في بريطانيا فور تخرجه.
بعد حملة تضليليّة ممنهجة أُطلقت منذ سنوات، مازال هنالك من يتناول بعض الصور و التصرفات و ينسبها زوراً إليّ، و هنا أودّ أن…
Posted by Rida Jawad on Sunday, June 7, 2020
يضيف نجل المستشارة في معرض الرد: “أقول لكل من تناولني على أساس أنني الفتى الذهبي، بإمكانكم سؤال كل من خالطني في مختلف مراحل حياتي، وسيؤكد لكم أني أعيش حياة طبيعية ولست مليونيراً ولا يوجد أي مليونير في عائلتنا.. وقد عدت إلى وطني ولأني وحيد فتم إعفائي من الخدمة الإلزامية”.
وإذا لم يكن قد سُجل على عائلة شعبان المولودة عام 1953، منذ أن فتحت لها أبواب القصر الجمهوري مطلع تسعينيات القرن الماضي، مظاهر بذخ أو ترف بعد، لكن نقطة سبب إعفاء ابنها من الخدمة العسكرية لا يمكن المرور عليها بهذه البساطة.
فإثارة هذه القضية ليست مجرد حشو لا معنى له لمجرد تعزيز نقاط الهجوم، بل كانت إضافة واعية تضرب على وتر شديد الحساسية بالنسبة لشعبان، المتزوجة من العراقي خليل جواد، والتي لم تستطع رغم كل ما بذلته من جهود أن تمنح أولادها الثلاثة، رضا وشقيقتيه، الجنسية السورية، بسبب وجود نص قانوني صريح يحرم الأم السورية من منح جنسيتها لأولادها من زوج أجنبي.
بطريقة أخرى، كان الهدف من إثارة هذه النقطة تذكير المستشارة بأن أولادها ليسوا سوريين، وهذه حلقة من سلسلة معطيات لطالما استخدمتها عائلات القصر الجمهوري العلوية، التي تحسد المرأة الفقيرة القادمة من قرية المسعودية الصغيرة التابعة لمنطقة جب الحراح في ريف حمص الشرقي، من أجل النيل منها، على الرغم من أنها علوية أيضاً، لكن ليس كل العلويين سواء بطبيعة الحال، وأن تدخل إلى القصر فهذا لا يعني أن تصبح جزءاً منه.
لم يكن انتماء بثينة شعبان الطبقي نقطة ضعفها الوحيدة، بل كان زواجها أيضاً سبب آخر في إضعاف حظوظها التي كانت يمكن أن تكون أفضل بكثير، على الأقل بالنظر لقربها من الأسد الأب والابن، إلا أن ذلك لم يعنِ بأي حال خلو وفاضها من شيء، إذ استطاع زوجها، المعارض الشيعي لصدام حسين والمقيم في دمشق منذ سبعينيات القرن العشرين، أن يحصل على وظيفة مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، وهي مؤسسة حكومية تعتبر إحدى أكبر شركات القطاع العام ميزانية، لكنها أكثرها خسارة وفساداً.
ورغم تسجيلها أرقاماً كارثية على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، إلا أن خليل جواد، زوج بثينة شعبان ظلّ على رأسها، كما استمرت هي بالصعود على سلم الترقيات، فعُينت مستشارة في وزارة الخارجية، ثم وزيرة للمغتربين عام 2003، قبل أن تستقر في منصب مستشارة الأسد منذ تلك السنة.
يُقال إن الرئيس الراحل حافظ الأسد، الذي كان شديد الاعجاب ب”مهارات” شعبان عيّنها مترجمته الخاصة بدءاً من مرحلة مفاوضات السلام مع اسرائيل عام 1994، وجرياً على عادته في منح “الأبدية الصغرى” لمن يحب، بعد حصوله على أبدية الرئاسة، فقد وعد الوافدة الجديدة للقصر بأن تكون شركة الصناعات الغذائية من نصيب زوجها للأبد، بينما يغمز آل مخلوف وقسم من آل الأسد أيضاً، أنه لولا العلاقة الخاصة التي تُثار حولها الأقاويل بين بثينة شعبان وبشار الأسد، منذ مرحلة تحضيره لوراثة أبيه، لما استمرت حظوتها ولما بقي زوجها العراقي إقطاعي هذه الشركة، التي لطالما سال لعاب الكثيرين من حاشية القصر عليها.
لم تكن نظافة كف شعبان هي سبب غياب روايات البذخ والترف عن عائلتها، بل الطبقية التي حكّمت عائلات معينة بالثروة والجاه. فمنذ دخولها إلى القصر قادمة من جامعة دمشق، فهمت شعبان التراتبية الطبقية التي يجب أن تحترمها، فأبعدت أسرتها عن الوسط المترف، وتجنبت إبداء أي مظاهر يمكن أن تُفهم أنها في إطار التنافس مع الأسر الذهبية في النظام، الأسد ومخلوف وشاليش، بل وكونها امرأة، أدركت أن عليها مضاعفة صرامة أسلوبها المدرسي المحافظ لتجنب ما يمكن أن يساء تفسيره من قبل نساء القصر، بما في ذلك منع أولادها من إقامة أي علاقات خاصة مع أبناء الطبقة الأولى، هذا النوع من العلاقات الدارج بقوة، وقد نجحت بتجنب هذه المشاكل إلى حد كبير، لكن لا يبدو أن ذلك النجاح سيكون كافياً لإبعادها عن سهام التصويب.
الفساد واستغلال المنصب في جمع ثروة معقولة بطرق غير شرعية ستكون السيف المسلط على رقبة بثينة شعبان وزوجها العراقي مدير شركة الصناعات الغذائية، الذي بات اليوم أكثر قوة، بحكم ارتباطه القديم والوثيق بإيران و”حزب الله”، بعد أن أصبح لهاتين القوتين حضور طاغٍ في المشهد السوري.

المدن


وجوه رامي مخلوف من الصعود إلى السقوط

https://www.youtube.com/watch?time_continue=1&v=XW5LGBncZeQ&feature=emb_logo
كان الواجهةَ الاقتصاديةَ لبشارِ الأسد
والمتهمَ بسرقةِ ثرواتِ سوريا
كان أغنى رجلٍ فيها.. وظنَّ أنه الأقوى
وأنَّ ملياراتِه مانِعَتُهُ من الناسِ والسلطة
حتى اندلعتِ الحربُ مع ابنِ عمتِه.. المتربعِ على عرشِ السلطة
وجوه رامي مخلوف من الصعود إلى السقوط
سوريا مزرعةُ العائلةِ “غيرِ السعيدة”
تنقسمُ إلى رعاةٍ، على رأسِهِم آلُ الأسدِ ومخلوفِ وشاليش
ورعيةٍ.. وهم بقيةُ الشعب
بين الرعيةِ والرُّعاةِ بَزَغَ اسمُ رامي كحوتٍ اقتصاديٍّ
بأكثرَ من وجه
الوجه الأول رامي الصغير
ابنُ محمدِ مخلوف شقيقِ أنيسة مخلوف، والدةِ بشار
انتقل والدُه من الشركةِ السوريةِ للطيرانِ ليصبحَ مديرَ مؤسسةِ التبغِ السوريةِ (الريجي)
بعد سنتين فقط من وصولِ صهرِهِ حافظ الأسد للسلطة
وكانت تلك لحظةَ البدايةِ لإمبراطوريةِ آلِ مخلوفٍ الاقتصادية
وهو الأستاذ رامي “العصامي”
تحتَ عباءةِ والدِه أسس «راماك» المختصةَ في «السوقِ الحرة»
حين وَرِثَ بشارُ كرسيَّ الحكمِ السياسي
كان رامي يَرِثُ كرسيَّ الحكمِ الاقتصادي
واتجه سريعاً إلى قطاعِ الاتصالاتِ الواعدِ
واحتكرتْ شركتُهُ “سيرياتل” قطاعَ الاتصالاتِ مع منافِسَتِها MTN
ومن سيرياتل بدأ رامي إمبراطوريَتَه الضخمة
ومنها زحف إلى قطاعاتِ النفطِ والمالِ والمصارفِ والسياحةِ والتجارة
.. ثم رامي الحرامي
لاحقته دوماً اتهاماتٌ بالسرقةِ ومشاركةِ المستثمرين طوعاً أو كرهاً..
أسس شركةَ «شام القابضة»
وأصبح يسيطر على نحو سبعين في المِئة من الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ للبلاد
فرضتْ واشنطن عقوباتٍ عليه بتهمةِ محاولةِ تقويضِ الحكمِ في العراقِ ولبنان، والمسؤوليةِ عن الفسادِ العامِ في سوريا
استهدفه شبابُ الثورةِ السوريةِ باعتبارِهِ الوجهَ الاقتصاديَّ للنظام
وأحرقوا مكاتبَ سيرياتل في درعا
ووضعه الاتحادُ الأوروبيُّ على قائمةِ عقوباتِهِ الاقتصاديةِ والسياسية
هو رامي الشبيح
بدأ رامي في الردِّ على خصومِه
بدعمِ وتمويلِ التحركاتِ العسكريةِ للنظام
حتى أنه أسَّس جناحاً عسكرياً لنفسِه
وقال لصحيفةِ نيويورك تايمز إنَّ “أمنَ سوريا مِن أمنِ إسرائيل”
لكنَّ شقيقَه الأصغرَ حافظ مخلوف
كان رئيسَ فرعِ أمنِ دمشق بالمخابراتِ العامة
وكان حافظُ هذا أولَ مَن سقطوا، فقط أعفاه بشارٌ من منصبِه ولم يعُدْ للواجهةِ بعدَ ذلك
هكذا كانت تبدو بدايةُ المطاردةِ لآلِ مخلوف
رامي الفاسد المتهرّب
اتَّخذَ بشار الأسد إجراءاتٍ صارمةً ضدَّ شبكاتِ مخلوف
ليقطعَ ذراعَه العسكريةَ، والسياسيةَ، والاقتصاديةَ
فحلَّ “جمعيةَ البستانِ” (الخيريةَ) وجناحَها العسكريَّ
وأجبرَه على قطعِ إمداداتِهِ عنِ الحزبِ السوريِّ القوميِّ الاجتماعي
ومع انهيارِ الليرةِ السوريةِ بدأتْ حملةُ بشار لمكافحةِ الفسادِ واستعادةِ أموالِ الدولةِ المنهوبة
ثم
الحجزُ على أموالِ رجالِ أعمالٍ بارزين بينهم مخلوفٌ وزوجتُه
التهمةُ؟
التهرُّبُ الضريبيُّ وأرباحٌ غيرُ قانونيةٍ
ثم.. قرارٌ نهائيٌّ بتجميدِ أموالِه
واندلعتِ المواجهةُ..
وبدأتْ شخصيةٌ جديدةٌ تظهرُ لرامي..
إنه أخيرا رامي “المؤمن”
ظهرَ مخلوف يتحدثُ فيها عن حملةٍ “ظالمةٍ” ضدَّه وضدَّ موظفيه
برزتْ لحيتُهُ
واستعانَ بالخطابِ الدينيِّ وهو يطلبُ من “ابَنِ عمَّتِهِ” وقفَ الحملة
معتبراً ثروتَهُ هي ثروةُ الشعب
فشِلتْ كلُّ “الوساطاتِ العائلية”
ومن ثمّ تقررَ منعُهُ من السفر
الخلافاتُ الماليةُ ليستْ هي المسألة
القضيةُ هي “تفكيكُ” مراكزِ القوى التقليديةِ في النظام
وإعادةُ ترتيبِ الأوراقِ لصالحِ الرئيس
كما حدث في حالاتٍ سابقةٍ أبرزُها صراعُ حافظ الأسد مع شقيقِهِ رفعت
فهل رامي مخلوف مع كلِّ هذه الوجوهِ المدهشةِ
قادرٌ على مقاومةِ “رغبةٍ رئاسيةٍ” في محوِهِ من الخريطة
أم أنه مرشحٌ للاختفاءِ من المشهدِ بلا ثمنٍ
مثلَ كلِّ رجالِ الرئيس
السابقين واللاحقين؟


—————————

أين “هربت” ملايين مخلوف؟ تفاصيل المواجهة مع “أسماء” وسؤال الطائفة المؤرق: كيف يتحول الجيش إلى “أسدي”؟

مسألتان لا يمكن إسقاطهما من الحساب السياسي عندما يتعلق الأمر بمحاولة فهم الأسباب التي تحول دون تمكن بشار الأسد من “إخضاع” ابن خاله ورجل الأعمال العملاق رامي مخلوف.

مخلوف الشاب يقود المواجهة التي يعلن أنها تستهدفه وعائلته مدعوما وبقوة من والده محمد مخلوف وهو أحد الأعمدة الأبرز في الطائفة العلوية بسوريا، ويقيم في روسيا مع عدد كبير من أحفاده وأولاده وأفراد عائلته الآن.

طوال الأزمة التي رافقت رجل الأعمال المشاغب كثر الجدل وتعددت الروايات وتراجعت الحقائق لصالح الانطباعات.

لكن العنصر الأساسي في تلك المواجهة الداخلية لا بل العائلية والطائفية في بعض الأحيان له علاقة بما لا يعرفه الرئيس بشار ولا مجسات وأجهزة النظام السوري عن طبيعة وحجم الأموال التي تم تحصينها وتحريكها إلى الخارج طوال فترة الأزمة منذ عام 2011.

جهة لا يتطرق لها الإعلام هي التي فتحت أو “نكشت” الملف والمقصود به هنا حصريا السيدة الأولى في القصر الجمهوري في دمشق ووالدة الأبناء وزوجة الرئيس أسماء الأسد التي بدأت ودائرة محيطة جدا منها خصوصا بعد مرضها تفكر بالطريقة الكلاسيكية في انتقال السلطة لأبنائها لاحقا وبتعزيز حصة أولادها في إدارة الشؤون والبلاد.

اصطدمت أسماء الأسد وهي تدعم نحو خمسة من رجال الأعمال الجدد الشبان من أقربائها المباشرين بملف نفوذ رامي مخلوف وبملف المال الذي تمكن ومجموعته من إخراجه إلى خارج سوريا.

مع الوقت واستنادا الى حيثيات توثقت “القدس العربي” منها في إطار سجالات وسلسلة من الوثائق القانونية، تبين أن السيدة الأسد كانت أول المشتبكين مع إمبراطورية رامي مخلوف وعائلته.

بالتالي استجاب زوجها الرئيس وبدأ الجدال والسؤال والاستفسار بين فريق قانوني كلف بحصر ثروة مخلوف أن الأخير أبقى جزءا صغيرا من الكعكة في إدارة إمبراطوريته الداخلية وأن الجزء الأهم أفلت إلى الخارج وفي بعض الأحيان في إطار ودعم روسي.

مع التلويح المبكر بقانون قيصر الأمريكي أصبح البحث عن المال هوسيا في أقرب حلقات عائلة الحكم السوري.

ومع الاشتباك الأول قررت السيدة الأولى مع زوجها السيطرة على ما تيسر من الفتات الذي ترك مخلوف في الداخل عبر قوننة عملية لها علاقة بالرسوم والضرائب.

السؤال الذي يطرحه المراقبون الخبراء هو التالي: لماذا لم تتم عملية تصفية رامي مخلوف على الطريقة السورية؟

عند الإجابة على هذا السؤال يقفز العنصر الثاني الذي لا يمكن إسقاطه من الحساب فالمطلوب ليس فقط ما يحصل الآن من إخراج لرجل الأعمال الشاب من معادلة الداخل الاقتصادي، بل تفكيك طلاسم ورموز المال الذي تم تهريبه للخارج، الأمر الذي وفر حماية ومنع أي أفكار أمنية بعنوان استهداف رجل الأعمال الغاضب بصفة جذرية ونهائية.

توفرت الحماية لرامي مخلوف من جهة أخرى فهو ووالده محبوبان جدا من الطائفة العلوية وينفقان عشرات الملايين من الدولارات عبر جمعية البستان الخيرية التي تختص حصريا بدفع المال أو التعويض لآلاف القتلى والجرحى والمصابين من أبناء الطائفة، وهو أمر دفع الحلقة القريبة من الرئيس بشار لإعادة بعض الحسابات.

شعبية رامي ومحمد مخلوف كبيرة في أوساط الطبقة الوسطى وفقراء الطائفة العلوية واستهدافهما مكلف جدا بهذا المعنى.

والدعاية المضادة في أوساط الطائفة اليوم تقول بأن الرئيس بشار بدا ينتقل بجيش النظام السوري من مستوى جيش طليعته وقواه الأساسية من الطائفة العلوية إلى جيش يقوده بعملية تدريجية الاعتبار الأسدي العائلي ضمن الطائفة وليس كل الطائفة.

ذلك جزء من المستور سوريا في أزمة رامي مخلوف مع أسماء وبشار الأسد.

—————————————-

——————————————

خلاف الأسد-مخلوف قضية عائلية معقدة

ترجمة : بسام جوهر

خريف عام 1997 وفي فندق الكارلتون بدمشق، أُقيم حفل زفاف بسيط للرجل الذي سيصبح أغنى رجل أعمال في سوريا والذراع المالي للنظام السوري، رامي مخلوف أبن خال بشار الأسد.

اختارت عائلة مخلوف فندقاً من فئة الأربعة نجوم وذلك في محاولة لصرف الأنظار عن تأثيرها وثروتها. في منتصف الحفل وصل الضيف الأكثر أهمية، وفور دخول الأسد القاعة بدأ رامي مخلوف وأخوه حافظ في البكاء، من ثم تبعهم الجميع، لقد تذكّروا باسل الأسد الذي قضى إثر حادث سيارة قبل ثلاثة أعوام حيث كان برفقته، وبنفس السيارة، حافظ مخلوف. يبين ذلك المشهد إلى العلاقة بين العائلتين.

عندما بدأ حافظ الأسد ببناء نظامه كانت عائلة مخلوف حليف رئيسي له، تعمّق هذا التحالف بعد صعود بشار للسلطة، حيث رسّخ آل مخلوف حضورهم حتى أصبحوا الركيزة الأساسية للنظام. آل الأسد الذراع السياسي للنظام بينما آل مخلوف ذراعه الاقتصادي والمالي. وكما وصف مخلوف في فيديوهاته الأخيرة على فيس بوك، انتهت العائلتان لتكونان، بالنسبة للنظام، الليل والنهار، الموجب والسالب، الرجل والمرأة.

حافظ ومحمد مخلوف :

استولى حافظ الأسد على السلطة في انقلاب عام 1970 وتم تعيين أحمد الخطيب رئيساً لسوريا لبضعة أشهر، وذلك حتى إجراء الانتخابات، في آذار-مارس 1971 التي أعطت للأسد مظهراً من الشرعية. وكي يكون حكمه مستداماً، أدرك الأسد حاجته الماسّة للمال. كان حافظ حذراً من النخبة الرأسمالية في دمشق وحلب، التي كانت تتحكّم وتدير الثروة في البلاد، وكان من الصعب على الشاب حافظ، وفي بيئة اشتراكية وشيوعية وماركسية، أن يجمع ثروة باسمه، بالإضافة إلى صفته كرئيس للدولة، لأن فتح حساب باسمه في الخارج سيجعله في متناول الصحافة وبالتالي الفضيحة.

كان بحاجة إلى شريك ووجد في شقيق زوجته، محمد مخلوف الرجل المثالي لمشروعه السياسي. كانت تربط الرجلين علاقة قوية ويلتقيان كل يوم وكانا شركاء في لعبة طاولة الزهر.

عيّن حافظ الأسد، عام 1972 شريكه محمد مخلوف، رئيساً للمؤسسة العامة للتبغ (GOT)، التي كان لها الحق الحصري في شراء التبغ من المزارعين ليتم بعد ذلك بيعه إلى جميع شركات التبغ العالمية من خلال شركة يملكها محمد مخلوف في قبرص. أصبحت (GOT) البقرة الحلوب لمحمد مخلوف بصفتها أيضاً المستورد الوحيد للدخان، حيث كان يأخذ عمولة للسماح للعلامات التجارية الأجنبية ببيع منتجاتها في السوق المحلية، ولاحقاً أخذ نصيب الأسد من العمليات غير القانونية في تهّريب الدخان الأجنبي من لبنان إلى سوريا.

هكذا بدأ محمد مخلوف بتكديس الثروة. وبعد مغادرته شركة التبغ، أودع خليفته (محمد كفا) السجن، بعد اسبوعين من توليه منصبه، على أثر كلام زوجة (كفا) عن فساد مخلوف.

بدأ مخلوف بإضفاء الطابع المؤسساتي على الفساد في سوريا، ذلك الفساد، الذي أشرف عليه حافظ الأسد، سيكون السند المالي للنظام.

في الثمانينات. شهدت سوريا طفرة وازدهار في عمليات البناء، وفي عام 1985 أصبح مخلوف رئيساً للبنك العقاري، الذي كانت مهمته تقديم قروض لمشاريع البناء، حيث كان على جميع الجمعيات السكنية المرور عبر هذا البنك للحصول على القروض. كان مخلوف يُعرف بالسيد 10 بالمئة، فهو لا يوافق على أي قرض دون حصوله على 10 بالمئة، وقد احتفظ بمنصبه هذا حتى عام 2004.

وعندما بدأت سوريا بتصدير النفط، في منتصف الثمانينات، انخرط مخلوف بذلك، لكن بدون منافس مثل رفعت الأسد (شقيق حافظ)، الذي تم نفيه إلى فرنسا في ذلك الوقت. إحدى هذه الفرص كانت من خلال شركة lead contracting and trading (ليد للمقاولات والتجارة)، المملوكة من قبل غسان مهنّا، صهر محمد مخلوف، ويديرها شريكه وقريبه نزار الأسعد. أصبحت هذه الشركة المزوّد الوحيد لخدمات حقول النفط لشركة الفرات، وهو مشروع مشترك بين الحكومة السورية وشركات النفط العالمية.

قدمت صادرات النفط السورية فرصة أخرى لمخلوف. كان يتم بيع النفط السوري من قبل وزارة النفط ومن خلال مجلس تسويق النفط في مكتب رئيس الوزراء، إلى سبع شركات حصرياً تم تأسيسها في قبرص واليونان، تلك الشركات التي كانت قد منحت مخلوف تخفيض بنسبة 7 بالمئة.

لقد حققت صناعة النفط وتسويقه قفزة نوعية في ثروة مخلوف لأن الأموال كانت تأتي بالعملة الصعبة وبكميات كبيرة. بنى مخلوف الأب الأساس لابنه ليتولى ويتابع إرث العائلة.

تخرّج رامي مخلوف من جامعة دمشق عام 1993 بشهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية، عُرف عنه أنه شخص هادئ للغاية، نشأ وترعرع بعقلية أنهم جزء لا يتجزأ من حكام سوريا، في القمة ولا يريدون أي شيء. سافر آل مخلوف بجوازات سفر ديبلوماسية وتم استضافتهم في صالات كبار الشخصيات المخصصة لرؤساء الدول، في المطار، كانوا يتخطون التفتيش الأمني وتُرسل لهم السيارات من القصر الجمهوري لنقلهم، حرّاسهم ولوحات سياراتهم وسياراتهم كلها كانت من القصر الجمهوري، حتي مفاتيح القصر كانت لدى آل مخلوف، فقد كانوا يُعاملون مثل الأسد تماماً. عروض القوة هذه كانت رسالة للشعب السوري بأنهم شركاء في الحكم، وقد نظروا إلى أنفسهم على هذا النحو.

رامي وبشار :

تركز كل الاهتمام على بشار بعد موت باسل عام1994 إثر حادث سيارة وأصبح رامي قريباً جداً من بشار وطوّر علاقته معه، تلك العلاقة التي لم تكن بنفس المستوى مع باسل الذي كان يُبقي مسافة بينه وبين أولئك الذين في دائرته. حتى أن رامي بدأ يُقلّد بشار في سلوكه وتعابيره وحركات جسده.

بدأ رامي بتوسيع تعاملاته التجارية وأسس عام 1999 شركة سيريتيل مع المليونير المصري نجيب ساويرس، وانطلقت في العام التالي. كان ذلك جزءاً من خطة بشار المزعومة لفتح الاقتصاد، كما كان أول محاولة لرامي في عقد صفقات تجارية دولية.

أسس رامي منطقة تجارة حرّة لاستيراد المنتجات والسلع وبيعها داخل سوريا (المنطقة التجارية الحرّة الوحيدة في العالم لبيع السلع داخل البلد)، مما سمح له ببيع المنتجات دون دفع أية رسوم جمركية. كما كان لديه العديد من الشركات في مجال العقارات والمعادن والتأمين وقطّاعات أخرى.

تقاعد محمد مخلوف من البنك العقاري عام 2004 بعد أن جمع ثروة ضخمة وبدأ البحث عن (البرستيج) أي المكانة. أراد أن يضع نفسه كمفكر وكبير الاقتصاديين في سوريا. بدأ بتطوير العلاقات الدولية للنظام وبناء علاقات مع رجال الأعمال اللبنانيين والمسؤولين الغربيين الفاسدين في أوربا وأمريكا.

في كانون الثاني-يناير عام 2005 وخلال زيارة السيناتور الأمريكي جون كيري لدمشق، التقيت به كمستشار سياسي ، إلى جانب كل من عبدالله الدردري رئيس هيئة تخطيط الدولة، سمير التقي رئيس مركز بحوث الشرق ونوار الشرع ابنة وزير الخارجية فاروق الشرع آنذاك. برنامج زيارة السيناتور كيري كانت تتضمن عشاء في بيت آل مخلوف في حي المالكي . كان محمد مخلوف متأثر كثيراً بجميل الأسد – شقيق حافظ، الذي كان، ولفترة طويلة، رئيساً للجنة الأمن القومي في مجلس الشعب، وكان محمد يطمح بموقع مشابه. عندما قابل كيري اُعجب بلقبه، حيث أن كلمة سيناتور تبدو كبيرة جداً. في سوريا يمكن للمرء أن يكون عضواً في مجلس الشعب، لكن محمد أراد لنفسه شيئاً أكثر مكانة (برستيج)، أراد أن يخلق شيئاً في سوريا يمنحه نفس المكانة التي يتمتع بها السيناتور كيري في أمريكا. هكذا كان آل مخلوف ينظرون (للدولة) كمنظمة يمكن تشكيلها لتناسب أهوائهم ونزواتهم.

اتصل محمد مخلوف بالأمين العام المساعد لحزب البعث وطلب منه تشكيل لجنة من كبار الخبراء القانونيين لإنشاء مجلس شيوخ على غرار الولايات المتحدة، والذي سيرأسه فيما بعد. وفعلاً تم تعيين أربعة خبراء قانونيين كبار لذلك وهم : هيثم سطايحي – سام دلة – إدوارد خوري وعمران الزعبي. لكن بشار الأسد رفض الفكرة خلال مناقشات مؤتمر الحزب في حزيران- يونيو عام 2005 مشيراً إلى أن آل مخلوف مكانهم هو الحقل الاقتصادي وليس لهم أي دور سياسي في سوريا.

شام القابضة :

عام 2006، وبغية زيادة قبضته على الاقتصاد، أسس رامي شركة شام القابضة، حيث جمع كبار رجال الأعمال السوريين وعددهم (71) ووضعهم تحت جناحه برأسمال قدره 350  مليون دولار، وشرع في تعزيز سيطرته على القطّاع الخاص، الذي يُشكّل حوالي ثلثي الاقتصاد السوري.

هذا وبدأ التنافس بين رامي وأسماء الأخرس، زوجة بشار، التي كانت لديها سيرة ذاتية قصيرة في مجال العمل البنكي، حيث عملت في بنك مورغان في لندن قبل الزواج.

في نفس الوقت تقريبا الذي أنشأ فيه رامي شام القابضة، أنشأت أسماء الأسد شركة سوريا القابضة، لكن مشروعها الطموح لبناء الأبراج في سوريا وجمع الملايين لها ولعائلتها باءت بالفشل.

بادئ ذي بدء استطاع رامي، الذي استفاد من سمعة والده، أن يجذب كبار رجال الأعمال وهو الأمر الذي لم تستطع أسماء فعله بسبب علاقاتها المحدودة (فقد تمكنت فقط من جمع 23 من رجال الأعمال من الطبقة الوسطى، معظمهم من السنّة لشركتها). كما أن رامي حصل على دعم ابن عمته، فقد كان بشار يبعث برسائل ضمنية إلى مجتمع رجال الأعمال في سوريا مفادها : أي شخص يريد العمل على نطاق واسع يحتاج إلى المشاركة في شام القابضة. بالإضافة إلى دعم بشار فقد تم كبح طموحات أسماء من قبل أنيسة مخلوف – والدة بشار(التي احتفظت بلقب السيدة الأولى لنفسها)، ومن قبل أخته بشرى الأسد، التي وبعد اغتيال زوجها، اللواء آصف شوكت عام 2012، انتقلت مع والدتها للعيش في دبي. شوكت، الذي كان يخطط مع ستة ضباط آخرين للقيام بانقلاب والتوصل إلى تسوية مع المعارضة لتجنيب البلاد صراعاً دموياً. بمجرد خروج أنيسة مخلوف وبشرى الأسد من المشهد أصبح لدى أسماء مساحة أكبر للمناورة.

ذروة قوة رامي :

أجرى الراحل أنطوني شديد، من صحيفة نيويورك تايمز، مقابلة مع رامي في بداية الاحتجاجات عام 2011، أتذكّر أن أنطوني اتصل بي وتحدثنا لمدة ساعة ونصف نناقش ما يجب أن يقوله وكيف يمكن لرامي أن يحاول المراوغة وخاصة عندما يسأله عن المتظاهرين الذين يتهمونه بالفساد. في النهاية، وفي محاولة يائسة، ولكسب ودّ وتعاطف الرأي الأمريكي، شدّد رامي على أهمية أمن اسرائيل، في مقابلة غريبة نوعاً ما، قائلاً أنها جزء لا يتجزّأ من أمن سوريا. مقابلة وضعت اسمه وارتباطه الوثيق بالنظام في دائرة الاهتمام الدولي.

في البداية لم تكن الاحتجاجات تهدف إلى الإطاحة بالنظام أو رئيسه، بل كانت عبارة عن دعوات ضد الفساد.

تنازل رامي عن كل أسهمه في شركة سيريتيل لصالح شركة راماك للتنمية والمشاريع الخيرية، وهي مؤسسة خيرية تقدم المساعدات لعائلات المقاتلين الذين سقطوا في الحرب إلى جانب النظام. كما وظّف أبناء العائلات العلوية في شركاته التجارية أو في الميليشيات التي يمولها.

في المناطق ذات الأغلبية العلوية يُشار إليه باسم (الأستاذ)، وهو لقب يعني بالعربية سيد أو مدرّس، ويُستخدم عادة كدليل على الاحترام. لقد اكتسب جمهوراً كبيراً بين العلويين الفقراء والطبقة الوسطى، ومع الشعبية تأتي السلطة.

شهدت الفترة بين 2011 و2013 ذروة قوة رامي، تلك القوة التي بدأت تثير غضب وغيظ أسماء، التي بدأت للتو بالتنفس بحرية بعد مغادرة والدة بشار وأخته لسوريا. نمى نفوذ الأستاذ وقام بتمويل النظام وميليشياته، مثل نسور الزوبعة والكميت، وهي ميليشيات كانت مسؤولة عن حماية مدن عدة وحماية حقول النفط في البلاد على التوالي، كما قام بتمويل المؤسسات الخيرية ودفع الرشاوى. كان الضباط الروس الأوائل الذين وصلوا سوريا على جدول رواتبه، فقد أراد أن يرسلوا تقارير إيجابية عن بشار الأسد إلى بوتين. لكن بوتين، وعندما شعر بالفساد، أرسل فريق تحقيق وقام بتغيير الطاقم بأكمله في سوريا كما تم تغيير القائد الروسي مرتين.

مع بداية الصراع عام 2011، غادر والد رامي إلى روسيا، حيث كانت روسيا الدولة الوحيدة الراغبة في المساعدة وبيع الأسلحة لنظام القتل في سوريا.

صعود أسماء :

كان هناك اضطراب في زواج بشار، فقد نشرت CNN في آذار – مارس 2012 عدة إيميلات مغازلة تلقاها بشار الأسد من عدد من النساء. استمر هذا الاضطراب لمدة عام ونصف، حتى تدخّل والدها لمعالجة الأمر بينهما. لتبدأ بعد ذلك في لعب دوراً أكثر أهمية وتبني امبراطورية تجارية مع عائلتها وتصبح السيدة الأولى. كان ذلك بمثابة بداية صعودها إلى السلطة بشكل أكثر وضوح، حيث بدأت تظهر بشكل شبه يومي على شاشة التلفزيون.

والدها، وهو شخصية رئيسية في العلاقات البريطانية السورية، لعب دوراً هاماً في الدعاية للنظام كما نظّم زيارة رئيس أساقفة كاننتربري لسوريا.

أزالت وفاة والدة بشار عقبة هامة من أمام أسماء وبقي أمامها رامي.

رغم أن رامي يتمتع بهدوء وبحياة بسيطة، مع قليل من الإفراط، إلا أن ولديه محمد وعلي، اللذان انتقلا إلى دبي، يعيشان حياة باذخة، حيث ظهرت في الحال صور حفلاتهم وطائراتهم الخاصة في كل مكان على وسائل التواص الاجتماعي، هذا الأمر أثر سلبياً على رامي كرجل أعمال رصين وملتزم بالنظام. تم حذف هذه الصور لاحقاً، لكن بعد أن أحدثت الضرر، حيث استخدمت أسماء تلك الصور وسلوك عيش أبناء رامي ضده.

طلبت روسيا، أوائل عام2019، من بشار الأسد مبلغ 3 مليارات دولار كثمن معدات عسكرية في منظومة الدفاع الصاروخي. كان بشار ، في ذلك الوقت، يُعد العدة للهجوم على إدلب وهو بحاجة إلى تمويل، لذلك طلب من ابن خاله رامي، الذي عادة ما يُقدم الأموال والولاء دون طرح أي سؤال، لكن رامي تقدم باقتراح غريب مفاده أن يتقاسم الدفع مع بقية أمراء الحرب اللذين يقفون مع بشار. كان هذا بمثابة رفع البطاقة الحمراء الذي استغلته أسماء لإثبات قضيتها مع رامي.

بداية، أوضحت أسماء لزوجها أن الثروة كلها تتركز بيد رامي، وهل يضمن بشار أبناء رامي أن يكونا مخلصين لأبنائها ويدفعون المال عند الطلب منهما؟ وهل سيحافظ أبناء رامي على ميثاق  الأسد – مخلوف الذي أقامه حافظ مع محمد؟ كما اعترضت على دور رامي والذي برأيها ليس إلا وسيط، وتعتقد أنها، كمصرفية سابقة، لديها الخبرة والدراية في الشؤون المالية ويمكنها عقد الصفقات والعثور على شركاء وعقد المؤتمرات ورشوة الناس، أي يمكنها لعب دور رامي ولا حاجة له بعد الآن. إضافة إلى ذلك كله فقد ضغطت بشرى الأسد على أخيها للحصول على حصتها من ميراث أبوها.

اقترحت أسماء تدقيق حسابات شركة سيريتيل مع منافستها MTN، المشغّل الآخر للمحمول في سوريا، والمملوكة جزئياً ليسار ونسرين إبراهيم، فوجدوا أن نفقات سيريتيل ضعف منافستها MTN، لكن رامي برر ذلك، من خلال مقاطع الفيديو، أن السبب هو دعمه وتمويله عمليات النظام، بعكس MTN التي لا تقوم بذلك.

انهيار الثقة :

على كل حال انهارت الثقة. في هذه العائلة المافيوية فإن انهيار الثقة يعني النهاية. أصبح بشار مرتاباً من ابن خاله القوي وبدأ حملة الاستيلاء والحجز على ممتلكات وأصول رامي، كما تم الطلب من سيريتيل دفع غرامة ضخمة بسبب التهرّب الضريبي، وأصدرت بورصة دمشق قراراً بتجميد أسهم رامي في 12 مصرف في سوريا. (كان محافظ البنك المركزي، الذي كان صديقاً لرامي، قد طلب من البنوك العاملة في سوريا إعطاء نسبة من اٍسهمها إلى رامي).

لم يكن دائماً رامي صامتاً في وجه محاولات وجهود أسماء لإقصائه، في عام 2019، وبعد أيام من تجميد أصول شركة آبار بيتروليوم، المسجلة في بيروت، تم اختطاف أحد أقرباء أسماء في بيروت، وتم اعتبار ذلك بمثابة تحذير لها بعدم  الذهاب بعيداً.

لم يكتفِ بشار بالغرامة على سيريتيل، والتي تعادل 65 مليون دولار، بل أنه يتطلّع إلى الاستثمارات الموجودة خارج سوريا. لقد كان النظام بحالة نزيف، فقد استنفدت العقوبات القاتلة موارده المالية وهو بحاجة إلى سد النقص في العملة الصعبة.

حصل رامي، الذي كان أيضاً خاضع للعقوبات، على الجنسية القبرصية عام 2011، لكن تم سحبها منه في 2012 على أثر إدراجه على اللائحة السوداء من قبل الاتحاد الأوربي. رامي كان مكشوفاً عالمياً وممتلكاته لم تكن سيولة كما أراد بشار. كما أن رامي شعر بالإهانة من أسماء بوصفها له بالوسيط بينما يرى نفسه الذراع الاقتصادي والمالي للنظام، وهو الذي نفّذ كل العمليات التي لم يرغب النظام بتنفيذها. وفي مقطع الفيديو الخاص به أشار إليها باستخدام العديد من التعبيرات والرموز العلوية مستهدفاً هؤلاء اللذين حول بشار.

كانت أسماء، ومنذ عام 2018، تمنح الامتيازات لحاشيتها، منحت ابن خالتها مهنّد الدباغ امتياز عقد البطاقة الذكية، التي من خلالها توزع الحكومة المساعدات للمحتاجين، كما منحت صديقيها يسار ونسرين إبراهيم الحق في الدخول في العديد من الشركات.

يتكهّن العديد من المحللين حول علاقة رامي مع روسيا وإيران، ولكن من الانصاف القول أنه على مسافة واحدة من كليهما. قبل 2015 لم يكن هناك وجود روسي كبير في سوريا، لذلك استخدم رامي الايرانيين في تدريب ميليشياته، كما أن تعاملاته التجارية مع إيران كانت محدودة. كانت هناك خطة لمنح رخصة لمشغّل ثالث لشركة إيرانية، لكن ذلك لم يتحقق.

عزز رامي، بعد 2015 علاقاته مع الروس وقدم لهم الرشاوى نيابة عن بشار. لكن الروس يستخدمونه الآن لإضعاف بشار بعد أن أثبت هذا الأخير أنه حليف صعب ومكلف ومنفصل عن الواقع.

سيستمر بشار، من الآن فصاعداً، بالضغط على رامي بهدف السيطرة على جميع ممتلكاته، وخاصة تلك التي خارج سوريا، وسيكون ذلك مهمة صعبة نظراً لانتشارها في العديد من البلدان وتحت أسماء مختلفة. وحالما يستطيع بشار تأمين ذلك سيتدخّل أفراد الأسرة والنخب العلوية المحترمة للتوسط  في صفقة مصالحة بينهما. من المرجّح أن يؤدي ذلك إلى تسوية سرّية نهائية تترك شيئاً لرامي  وتجبره على مغادرة البلاد.

بغض النظر عن كيفية توزيع الممتلكات فإن الوضع خاسر بالنسبة للنظام، لقد فقد ذراعه المالي ولاعب رئيسي ساعد بشار في الداخل والخارج، وبغض النظر عمن يحل محل رامي فإن الأمر سيستغرق الكثير من الوقت والخبرة والطاقة لإعادة بناء شبكته.

أيمن عبد النور: إصلاحي سوري بارز ورئيس تحرير AII4 SYRI ، رئيس منظمة (مسيحيون من أجل السلام) منظمة غير ربحية. الآراء الوارة في النص هي آراءه الخاصة.

ساهمت الدكتورة دانيا قليلات الخطيب في كتابة هذا المقال، الخطيب متخصصة في العلاقات الأمريكية، حاصلة عل درجة الدكتوراه في السياسة من جامعة إكستر، هي باحثة منتسبة في معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت.

(Middle East Institute – معهد الشرق الأوسط في واشنطن )

رابط المقال الأصلي :

https://www.mei.edu/publications/assad-makhlouf-spat-complicated-family-affair

بسام جوهر ضابط سوري سابق، ومعتقل سياسي كاتب وله مساهمات عديدة بالترجمة

————————————–

==========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى