سياسة

إدلب تُباد: ماذا بعد؟ -مقالات مختارة-

إدلب تُباد: ماذا بعد؟/ عمر قدور

يتواصل القصف الروسي والأسدي على ريف إدلب، خاصة المناطق اللازمة للسيطرة على الطريق الدولي دمشق-حلب، وتلك التي يقع الطريق في مرماها نارياً. الصور المهولة القادمة من هناك تترجم ما يريده الأسد وموسكو، فالمطلوب منطقة مدمَّرة كلياً، خالية من السكان نهائياً وغير قابلة لعودتهم والعيش فيها. استهداف قوافل اللاجئين من القصف في اتجاه الشمال يكاد يكون تعبيراً مألوفاً عن الحقد الأسدي على الأهالي، وعن التوق إلى رؤيتهم جميعاً قتلى، وذلك لا يثير غضب أية جهة دولية أو إقليمية لأنها تتعاطى على قاعدة: القتيل السوري أقل كلفة من نظيره اللاجئ.

إدلب تُباد، كتب هذا من قبل سوريون، وضعوه وسماً على وسائل التواصل الاجتماعي، توجه بعضهم بالاستغاثة إلى المجتمع الدولي؛ لم يغيّر ذلك من القدر الذي تسوقه موازين قوى دولية وإقليمية وتتقدم بموجبه المجزرة هنا وهناك. يُصادف أن يكون الهجوم الأخير على ريف إدلب بعد مرور ثلاث سنوات على استعادة الأسد سيطرته على الأحياء الشرقية في مدينة حلب، ولم تكن تلك الأحياء هي المنطقة الأولى التي يستعيد السيطرة عليها، فقد استعاد بقوة ميليشيات حزب الله ونظيراتها الشيعية مناطق مثل القصير ويبرود وأجزاء من الغوطة، إلا أن حلب كان لها دلالة مختلفة وبها ستستهل موسكو انتصاراتها الأهم منذ تدخلها العسكري المباشر قبل 15 خمسة عشر شهراً من ذلك التاريخ.

لدينا العديد من التواريخ المهمة الأخرى، فبعد التدخل الروسي بشهرين أسقطت أنقرة طائرة سوخوي على حدودها، ولم تجد مساندة من حلف الناتو ما فُهم على أنه موافقة غربية صريحة على ذلك التدخل. اقتحام حلب نوع من التأكيد لمن لم يفهم تلك الرسالة المبكرة، وهو تأكيد يبقى صالحاً للذين يرون توريطاً لموسكو في سوريا، فحتى إذا صحّت الفرضية لن تصحّ على منوال المثال الأفغاني الذي يتحاشاه الجميع. قبل ذلك التاريخ، كنا شهدنا في منتصف أيلول 2013 اتفاقاً أمريكياً-روسياً على تدمير ترسانة الأسد من السلاح الكيماوي، الاتفاق الذي طوى عملياً صفحة الآمال أو الأوهام المتعلقة بتدخل دولي إنساني في سوريا، وقبله بنحو سنة كانت الإمدادات قد قُطعت عن الفصائل التي باتت تشكّل تهديداً لسلطة الأسد في العاصمة دمشق.

لدينا، لمن يريد إثبات ذلك، محطات يصعب تجاهلها ليبرهن على عدم اكتراث العالم بالمقتلة التي ينفّذها الأسد. المحطات المذكورة سابقاً توضح التدرج من استبعاد الحل العسكري في خريف 2012، مروراً بالاتفاق الضمني على بقاء بشار وفق اتفاق الكيماوي، وصولاً إلى الموافقة الغربية على أن تتولى موسكو “بأسلوبها الوحشي المختبَر سابقاً في غروزني” إنهاء ما يُنظر إليه كفوضى سلاح وهيمنة إسلاميين عليه. مرة أخرى، لا يكترث قادة الغرب بآلاف الضحايا المدنيين الجدد، بل يفضّلون الضحية التي تتحمل موسكو والأسد مسؤولية إبادتها على اللاجئ الذي قد يتحمل الغرب مسؤولية ما إزاءه.

تكرار الكلام واجتراره عن لامبالاة العالم هو منذ سنوات بمثابة شكوى سورية مزمنة، تنتعش وتقوى مع كل موسم من المجازر، وتتوارى قليلاً في فترات الهدوء على أمل ألا يكون عابراً. هي شكوى لا تتوخى تأثيراً، لأنها في الأصل يائسة ولديها كافة مقومات اليأس، وبهذا المعنى لا مفعول لها سوى تعزيز وتعميق الشعور العام بالمظلومية السورية، ولا شيء كبناء المظلومية على هذا النحو يمنح السلوى لمن يعلنون عجزهم عن حق، أو عن سوء تقدير لإمكانياتهم مهما بلغت من التواضع.

لا بأس بالتذكير بأن الشكوى بدأت منذ إقدام قوات الأسد وشبيحته على قتل المتظاهرين السلميين، ثم تفاقمت مع قصفه الوحشي المناطق الخارجة عن سيطرته، أي أن عمرها مطابق تقريباً لانطلاق الثورة السورية. تأكيد ما هو مؤكد من عدم اكتراث العالم لا يخلو من وظيفة أخرى فوق تعزيز المظلومية، فالمعارضة طالما خرجت لتتشكى مثل أي سوري غير منخرط في العمل السياسي والاتصالات الخارجية، لتبرر لنفسها الفشل الذريع في قراءة الأحداث، أو لتبرر ارتهانها لجهات خارجية منخرطة في المقتلة السورية على نحو أو آخر.

لم تكن لدينا قبل انطلاق الثورة السورية سياسات دولية ناصعة أخلاقياً ليُبنى عليها هذا القدر من حسن الظن ثم الخيبة، ومبعث الأمل الوحيد كان أن العالم ربما وصل إلى عتبة من الحساسية الإنسانية والأخلاقية لا يحتمل معها مشاريع إبادة كالتي حصلت من قبل. نفترض أن هذا الوهم تبدد مبكراً، ونفترض مع ذلك أن أية ثورة قد تحتاج حقاً إلى دعم خارجي، وإلى أن تنافس السلطة في هذا المضمار، لكن الارتهان لذلك الدعم لا يؤدي سوى إلى تغليب مصالح الجهات الداعمة. ولعل التفافة أنقرة بعد درس إسقاطها الطائرة الروسية أفضل مثال على ذلك، فالسلطات التركية أعادت تموضعها مع الجار الروسي في سوريا بالتصويب على الملف الكردي كهدف بديل عما كانت تعلنه من عداء للأسد، بينما مضت في مسار أستانة المساند للمهمة الروسية والتي رأينا ونرى تنفيذها بأقصى بربرية.

لن يكون تكهناً يائساً القول بأن السياسات الدولية لن تتغير ما لم تقتضي مصالح القوى المؤثرة، مع التذكير بانطلاق الثورات العربية “ومنها الثورة السورية” من دون تنسيق مع تلك القوى أو رغبة منها. بمعنى أن التعويل على الذين لم يكونوا شركاء، ولا تقتضي مصلحتهم أن يكونوا كذلك، لا محل له في عالم السياسة. الكارثة المرادفة للإبادة، التي نفّذها وينفّذها الأسد وحلفاؤه، كانت في عدم التفكير في أي وقت لتلافيها، أو للتقليل من ضحاياها، ينطبق هذا خاصة في السنوات المنقضية من عمر التدخل الروسي، حيث انكشفت معه التوجهات الدولية لتتكيف معها نظيرتها الإقليمية.

السؤال الذي يطرح نفسه، لمن لا يريد التهرب من المسؤولية، ما الذي فعله السوريون لمواجهة واقع مفضوح أو على الأقل للحدّ من الضحايا؟ ما الذي فعله سوريو الثورة، وهم يراقبون القوى الدولية والإقليمية تركّب على مزاجها المعارضة التي ينبغي أن تمثّلهم؟ مع افتضاح ارتهان المعارضة منذ سنوات، ما الذي فعله سوريو الثورة لسحب الشرعية منها وتولي المسؤولية بدلاً عنها؟ وهل يلزم التذكير بأن كتابة بوست أو تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء لهجاء المجتمع الدولي أو المعارضة، ليست ممارسة سياسية، فالعالم لم يعد يكترث حتى بتغريدات ترامب وهو رئيس القوة الأعظم.

المدن

———————

دوامة الصراع السوري: ليس لدى تركيا ما تقدمه في إدلب!/ ماجد كيالي

ثمة لحظتان فارقتان في الصراع الدامي والمرير والمعقّد في سوريا، الأولى، تمثلت بالتوافق الأمريكي ـ الروسي على إنهاء الترسانة الكيماوية للنظام، بعد مجزرة الكيماوي (أغسطس2013)، الأمر الذي مهّد لتمييع بيان جنيف1، وطي ملف إنهاء نظام الأسد، والتحول للتفاوض معه، وفقاً للشروط الروسية (حينها سرت تسريبات تفيد بأن نتنياهو كانت وراء هذا المقترح لتجنيب النظام الضربات الأمريكية).

والثانية، تمثلت بقيام تحالف آستانة الثلاثي، الذي جمع تركيا (حليفة المعارضة) مع شريكي النظام في قتل وتشريد السوريين وتدمير عمرانهم، أي إيران وروسيا، سيما أن ذلك التحالف نشأ بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في الصراع السوري (سبتمبر/أيلول 2015).

المعادلة الأولى بيّنت عقم، ولا جدوى، المراهنة على التدخل الخارجي، مع مخاطر الأوهام التي نجمت على ذلك في أوساط المعارضة، وضمن ذلك ذهاب فصائل المعارضة إلى أقصى حد في الصراع العسكري، من دون استعدادات سياسية مناسبة، ومن دون توفر الإمكانيات الذاتية لذلك، ودون القدرة على الاستثمار، ما أدى إلى بقائها أسيرة هذا الخيار، الذي عزّز ارتهانها أو تبعيتها للخارج، لهذا الطرف أو ذاك، كما أدى إلى تسرع أطرافها في سعيهم جني ما ظنوا انه بدايات سلطة، سواء فيما عرف في المناطق المحررة، أو فيما اعتبر بمثابة شرعية تمثيل للشعب السوري، الأمر الذي أضر بالشعب وبمصداقية الثورة وبالمعارضة ذاتها.

أما المعادلة الثانية، فقد بينّت انكشاف ظهر الشعب السوري، إذ لا يمكن فهم قيام تحالف أستانا (2017) إلا باعتباره محاولة من تركيا تعظيم مصالحها في الصراع الدائر في سوريا، إزاء الأطراف الإقليميين والدوليين، بالتنافس أو بالصراع معهم، علما أن ذلك لا بد سيكون على حساب مصالح السوريين، وسلامة مسار ثورتهم؛ هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية، فإنه لا يمكن الاقتناع أن تحالفا تركيا مع طرفين أساسيين، شريكين للنظام، يمكن أن يصب في خانة إنهاء أو حتى إضعاف النظام، أو في صالح تحقيق مكاسب للمعارضة.

في المحصلة فقد شهدنا أنه منذ التهيئة لهذا التحالف خسرت المعارضة مواقعها في حلب أواخر 2016، التي تركتها لصالح ما تعتبره تركيا امنها القومي، في عملية “درع الفرات”. بعد ذلك فإن مسار آستانة، وكل خطة “خفض التصعيد” في المناطق الأربع، ومعها مفاوضات آستانة بجولاتها المتعددة، لم يتمخض عنها شيء لصالح الشعب السوري أو لصالح المعارضة. ومثلا، فقد خسرت فصائل المعارضة العسكرية معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها، قبل قيام ذلك التحالف (40 أو 50 بالمئة من جغرافية سوريا)، في حين خسرت أيضا مسار أستانا التفاوضي، التي تبين عن لعبة لكسب الوقت، وتقاسم النفوذ، وتمييع مسار جنيف التفاوضي، الذي تم تمييعه أصلا بقرار دولي، ولأن الولايات المتحدة لا تبالي بما يحصل في سوريا، خدمة لإسرائيل، أو لأنها ليست معنية؛ إذ النتيجة واحدة.

اللافت أن المعارضة السورية، بالفصائل المتصدرة لها سياسيا وعسكريا، لم تتصرف إزاء المعادلتين المذكورتين على نحو صحيح، باعتبار ما تمثله، أو ما يفترض أنها تمثله، سواء في تمثلها لمصالح للشعب السوري، أو تمثلها لمكانتها كمعارضة للنظام، فهي لم تقم بمراجعة ما يحصل، ولم تحاول استنباط الدروس منه، واستمرت على ذات الوتيرة ونفس الطريقة في العمل، رغم إنها خسرت المنطقة تلو الأخرى، ورغم إنها تراجعت من موقف إلى أخر، بحيث إنها خسرت من الناحيتين السياسية والعسكرية، وفضلا عن ذلك فقد خسرت مكانتها عند شعبها.

الآن، يشهد الصراع السوري عدة تطورات لافتة، وسيكون لها ما بعدها، وقد تشكل نهاية مآلات الصراع بالوسائل العسكرية، وفق الأدوات المحلية، يمكن تمثلها بالآتي:

أولا، الدخول في المرحلة الأخيرة من مسلسل الانتهاء من مناطق “خفض التصعيد”، أي في المنطقة الرابعة في إدلب وما حولها، بعد أن أسقطت المناطق الثلاث الأخرى في الجنوب والوسط والشمال، بإرادة دولية وإقليمية، وفق التوازنات أو المقايضات أو المساومات الحاصلة. والمشكلة أن ذلك يحصل بالطريقة الصعبة والوحشية وبأثمان باهظة، في ظل قصف جوي عنيف، وفي ظل تشريد أعداد كبيرة من السوريين، وتدمير مدن كاملة مثل سراقب وكفر نبل والمعرة وعشرات القرى، بواسطة الطيران السوري والروسي.

ثانيا، استخدام روسيا (والصين) حق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي، للمرة الـ 14 منذ نشوء الصراع السوري (2011)، ضد قرار باستمرار ادخال المساعدات الإنسانية الدولية للمناطق التي تحتاجها في الداخل السوري، وهو موقف يفتقد للحد الأدنى من الأخلاقية الإنسانية والسياسية، الأمر الذي يطرح التساؤل عن حقيقة الموقف الدولي، وجدوى العملية التفاوضية، وضمن ذلك جدوى العملية الدستورية.

ثالثا، قيام المبعوث الأممي لسوري غير بيدرسون بنعي اللجنة الدستورية، من على منصة مجلس الأمن الدولي، في إحاطته أمامه، قبل أيام، معتبرا أن وجودها بات عبثا، طالما أن النظام لا يتقدم ولا خطوة باتجاه تفعيل هذا الملف، وطالما أنه أصلا لا يستجيب للاستحقاقات الإنسانية، فوق التفاوضية، المطلوبة منه، بموجب قرارات دولية سابقة، كالإفراج عن المعتقلين ووقف القصف وإتاحة المجال أمام المساعدات الإنسانية.

رابعا، كل ما تقدم يحصل بالتزامن مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على “قانون قيصر” الذي شرعه الكونغرس الأمريكي لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019، والذي يفرض عقوبات عن جرائم الحرب التي ارتكبت في سوريا، وعلى المشاركين فيها، ما يشمل روسيا وإيران في عديد من الجوانب. ومع أهمية هذا القانون، إلا أن ما يجب الانتباه إليه أن ترامب بات له ثلاثة أعوام في البيت الأبيض، لم يفعل خلالها شيئا لردع النظام السوري وشريكيه، وأن الإدارة الأمريكية لديها عديد من أوراق القوة لاستخدامها، بقانون قيصر أو من دونه، لم تستخدمها، بدليل أن بضع مئات من جنودها، في شرقي الفرات، منعت أي قصف جوي فيه.

من كل ما تقدم يمكن الاستنتاج بأن الصراع السوري مازال أمام أفق مسدود، وانه يستعصي على الحل، وأن الشعب السوري مكشوف، ولا توجد إرادة دولية لوقف هذا الصراع، أو إيجاد حل له، ينهي حكم الأسد، ويضمن للشعب تقرير مصيره. وضمن ذلك فإنه يفترض نفض الأوهام حول دور تركي ينقذ إدلب من مصيرها، على ضوء التجربة، وعلى ضوء السياسات التي تنتهجها تركيا، لتعظيم مكانتها الدولية والإقليمية.

كان الله في عون السوريين، في مصيبتهم، وفي معارضتهم.

بروكار برس

————————-

النظام السوري يبداً قضماً جديداً في إدلب وأنقرة تراقب/ منهل باريش

كثف الطيران الروسي وطيران النظام السوري قصفه على مدينة معرة النعمان ثاني أكبر مدن محافظة إدلب شمال غرب سوريا، وقصفت القاذفات الروسية خط الجبهة في ريف معرة النعمان الشرقي وصولا إلى طريق حلب-دمشق (M5).

وتمكنت قوات النظام والميليشيات التابعة لها من إحداث خرق في قرية أم جلال أقصى شرقي جنوب محافظة إدلب والمزارع القريبة منها وصولاً إلى تل الشيح، حيث سيطرت عليها بعد تمهيد جوي وبري عنيف بآلاف قذائف المدفعية وراجمات الصواريخ إضافة للبراميل المتفجرة، حيث قدرت أعداد البراميل حسب مصدر طبي محلي بما يزيد عن 160 برميلاً متفجراً حتى لحظة كتابة هذه السطور (ظهر الجمعة).

وبدأ النظام السوري بتركيز القصف على ريف معرة النعمان الشرقي بعد أن قصف ريفيها الجنوبي والغربي مدة شهرين من دون توقف، ودفع عشرات آلاف المدنيين للنزوح شمالا من مدينة كفرنبل ومعرتحرمة.

واتهم الدفاع المدني السوري روسيا والنظام السوري بتهجير ما تبقى من السكان وقتل أكبر عدد منهم، وأضاف في بيان له يوم الأربعاء الماضي أن الطائرات الحربية “استهدفت اليوم فقط مركزاً للدفاع المدني ومركزاً إسعافياً وأسواقاً شعبية، وشركة الكهرباء” في مدينة معرة النعمان، وطالب “كل الأطراف والدول الفاعلة والمؤثرة بالضغط على النظام وحلفائه لوقف عمليات القتل الجماعية” وناشد “الجهات الدولية تقديم المساعدة للمدنيين المهمشين في العراء والمخيمات التي أنشئت على عجل في ظل أصعب وأقسى الظروف الإنسانية ” وحماية الأطفال “من برد الشتاء وجحيم القصف”.

وقال رائد الصالح مدير الدفاع المدني السوري في تصريح لـ”القدس العربي”: “الوضع إنسانياً كارثي، حتى الآن نزح أكثر من خمسين ألف إنسان، لا يوجد أي تحرك دولي لوقف الهجمة كما هو واضح، ومما سيزيد الوضع كارثيةً أننا على أبواب الشتاء”.

وأطلق نشطاء إعلاميون في معرة النعمان حملة استغاثة من أجل إجلاء عشرات آلاف المدنيين العالقين في معرة النعمان، والذين لم يتمكنوا من الخروج بسبب القصف الكثيف وعدم توفر وسائط نقل كافية لسكان المدينة من أهلها والنازحين إليها من مناطق خفض التصعيد المنهارة سابقاً، أو من التهجير الأخير من ريف حماة الشمالي وخان شيخون الصيف الماضي.

ورقة اللاجئين السوريين

في سياق منفصل، هدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بورقة اللاجئين السوريين وأشار إلى أنه “حالياً هناك 50 ألف شخص يتجهون من إدلب نحو أراضينا، ويوجد بالفعل 4 ملايين لاجئ في بلادنا، ربما سيزداد هذا العدد”.

جاء ذلك في معرض رده على أسئلة الصحافيين، يوم الخميس، في اجتماع طاولة مستديرة عُقد في إطار قمة كوالالمبور بالعاصمة الماليزية. وأوضح الرئيس التركي أن البلدان الغربية لا تدعم بلاده “عند الحديث عن تأسيس منطقة آمنة شمالي سوريا، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأسلحة فإنهم يرسلونها إلى المنظمات الإرهابية، وحينما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب يقولون ينبغي علينا محاربته”. وأضاف: “أنفقنا أكثر من 40 مليار دولار على السوريين، وليس هناك دعم جاد من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ولا يفي الاتحاد الأوروبي بوعده”.

وتجنب اردوغان التطرق إلى هجوم النظام السوري في منطقة “خفض التصعيد” الرابعة، والتي أبرم حولها اتفاقين منفصلين في سوتشي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتعتبر بمثابة منطقة تحت “الوصاية” والحماية التركية وتضمن بها فصائل المعارضة هناك.

في سياق متصل، قطعت قوة أمنية كبيرة تتبع هيئة تحرير الشام (النصرة) الطريق الواصل بين بلدة سرمدا ومعبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في وجه آلاف المتظاهرين، وأغلقت الطريق بالحواجز الاسمنتية قرب منطقة الجمرك القديم شمال البلدة. وأطلق عناصر القوة الأمنية النار لتفريق المتظاهرين، الذين ردّوا بهتاف “شبيحة.. شبيحة” ما أدى إلى إصابة أحد المتظاهرين. وتعتبر محاولة كسر الحدود والعبور إلى تركيا المرة الثانية التي يقوم بها المدنيون الهاربون من جحيم القصف الروسي، حيث تمكن العشرات من اقتحام المعبر العسكري في بلدة أطمة الحدودية ودخول الأراضي التركية في 30 آب (أغسطس) الماضي.

وقال قائد “جيش العزة” الرائد جميل الصالح، في تغريدة على تويتر: “أصبح ترك الملف السوري أفضل من وصايتكم عليه، تعاونكم مع روسيا وإيران أفسد الثورة والثوار. حولتم الثوار إلى مرتزقة لديكم وكممتم الأفواه وقيدتم البنادق. اتركونا لنموت بشرف أفضل لنا من الموت بذل تحت وصايتكم”.

وهو ما يمكن تفسيره بأنه رد فعل على صمت الضامن التركي على ما يحصل في إدلب.

الهجوم من محور آخر

ويشير سير العمليات العسكرية والهجوم الذي تشنه قوات النظام برعاية روسية إلى أن النظام اتبّع سياسة قصف المدن بهدف إخلائها، حيث باشر منذ شهرين بقصف المنطقة من حرش عابدين باتجاه الشمال إلى سجنة وحيش ومعرتحرمة وكفر نبل وصولاً إلى كفرومة.

وكما هو متوقع سيبدأ النظام الهجوم من محور آخر بعدما أنهك فصائل المعارضة وضغط بشكل هائل على المدنيين والمنظمات الإنسانية والإغاثية، وعلى الأرجح اختار لهجومه خط الجبهة الأضعف على محور عجاز – أم الخلاخيل في ريف المعرة الشرقي، وهي منطقة سهلية شبه صحراوية وقليلة التضاريس لا يمكن لمقاتلي فصائل المعارضة التحصّن والثبات فيها، ولا يوجد على هذا المحور مدن أو بلدات تمنع تقدمه وتتيح للمقاتلين التحصّن.

ومن المتوقع في مرحلة لاحقة وبعد أن يحقق النظام اختراقات في الجبهة بعمق 10-15 كيلو مترا أن يعود لفتح محور هجومي آخر انطلاقاً من ريف حلب الجنوبي باتجاه أوتوستراد حلب- دمشق الدولي، ولن يزجّ بمقاتليه في معارك مدن كبيرة مثل معرة النعمان وسراقب، إنما سيلجأ لحصار هذه المدن وتقطيع الأوصال بينهما، بهدف السيطرة على أكبر مسافة من الطريق الدولي بأقل كلفة من الخسائر.

القدس العربي”

————————–

إدلب نهاية بكائية أردوغان على السوريين/ سميرة المسالمة

يشكّل التصعيد في منطقة “خفض التصعيد” الرابعة -التي لم تّسلم بعد للنظام السوري كما سابقاتها- نهاية لمسلسل البكائيات على الشعب السوري، وانكشاف لعمق التخلّي الذي مارسته فصائل المسار الآستاني عن دورها كفصائل معارضة، مقابل الدور الوظيفي الذي أرادته، أو رسمته، لها القوة الإقليمية التي ساندت نشأتها وتحولاتها، وصولاً إلى التوافقات التي قيدتها في آستانة، التي نصّت، كما هو واضح، على تسليم مناطق “خفض التصعيد” بعد “معارك” يتم من خلالها تسويغ استسلامها ونجاة منتسبيها، على حساب موت وتشريد أهالي تلك المناطق التي انتكبت بهم، بعد نكبتها بحكم النظام الأمني لها، ولاحقاً بما طالها من قصف وحشي من النظام وداعمه الروسي.

لم تخف التفاهمات الدولية موقع إدلب الاستراتيجي في خارطة المساومات في سوريا وعليها، فحيث استوعبت أرضها جيوش المتصارعين المحليين والإقليميين والدوليين، فقد كانت أيضاً مركز تجميع بشري وفرز طائفي، كمقدمة طبيعية لما نتج عنه لاحقاً من توزيع جغرافي لمحوري الصراع في منطقة البحر المتوسط، (الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا) وكانت أحد الأسباب المباشرة في جلوسهما على طاولة واحدة في 9/9/2016 بما سمي اتفاق كيري -لافروف ومن ثم كانت الطريق إلى كشف الغطاء عن التحالفات الدولية ضمن ما سمي مسار آستانة في يناير 2017. ومن بعدها اتفاقات ثنائية وثلاثية تحت ما سمي لقاءات القمة التي أنتجت اتفاق سوتشي حول إدلب.

ويمثل الصمت التركي على المجازر الروسية في إدلب اليوم جوهر مضمون اتفاقات آستانة، ويقابلها بالمثل الصمت الروسي على العملية العسكرية التركية في الشمال (“نبع السلام”)، وأهم ما نتج عنها الموافقة على أكبر عملية تغيير ديمغرافي حدثت في سوريا تحت مسمى “المنطقة الآمنة”، التي يراد لها أن تكون حزاما بشريا عربيا يحقق لتركيا ما سعت له في إبعاد الكرد عن حدودها، وتشكيل كتلة بشرية موالية لها داخل حدود الدولة السورية، في غياب واضح لدور دولي أممي، في حماية حق السوريين في العودة إلى مناطقهم وأماكن سكنهم وخياراتهم الجغرافية داخل سوريا، رغم تصريحات بيدرسون الجمعة (20 كانون الأول) أمام مجلس الأمن خلال إحاطته الأخيرة لهذا العام “عن العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين إلى مناطقهم الأصلية أو المناطق التي يختارونها”، ما يشير إلى أنه يعرف “نوايا” ما يسمى توطين اللاجئين في المنطقة الآمنة.

وكما حدث في أيلول من عام 2018 في استحضار نشاط جبهة النصرة على الساحة السورية لمنح روسيا رخصة القتال وفتح المعارك، وفق الاتفاقات في أستانة ضد ما تسميه المنظمات الإرهابية، وإغلاق أي منفذ للحل السياسي، تعيد روسيا اليوم تأزيم الموقف من خلال فتح معركتها الوحشية ضد أهالي منطقة معرة النعمان بهدف تغيير الخريطة الميدانية، والتعتيم على ممارسات النظام داخل أروقة الأمم المتحدة، بخاصة في إعاقة عمل اللجنة الدستورية تحت الغطاء الدولي، ومحاولة إلزام الأمم المتحدة  التسليم بنقل أعمال اللجنة إلى أستانة لصالح الضامنين الثلاثة، روسيا، إيران، تركيا، لإبعاد شبح الهيمنة الأميركية عليها، والرد على العقوبات التي تطال روسيا من خلال قانون “قيصر” الذي أقرته الولايات المتحدة الأمريكية.

في المحصلة فإن كل التفاهمات والخصومات الدولية دفع ثمنها السوريون من أرواحهم، تارة بتجاهل جوهر ثورتهم وعدم مساندتها، بقضم حقهم في تنفيذ القرارات الدولية من بيان جنيف1 وحتى القرار2254، وتارة أخرى بالصمت إزاء تفاهمات الضامنين لآستانة، وتمرير مشاريعهم الخبيثة على حساب سلامة وحق السوريين في كل سوريتهم، ما يسقط بكائيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عليهم ويحوله إلى مجرد شريك لما تفعله روسيا وإيران ولو بالصمت.

وضمن ذلك يمكن طرح مسألتين؛ الأولى، وهي أن السياسة التركية تجاه المسألة السورية تستحق النقد، ليس لأنها لا تراعي مصالح السوريين وحقوقهم فحسب، وإنما لأنها تزيد من إغراق تركيا في المسألة السورية، بما لا يخدمها ولا يخدم شعب سوريا، ولا العلاقات المشتركة. والثانية، أن المعارضة معنية بتوضيح موقفها بدل إبداء المزيد من الخضوع للموقف التركي بل والتماهي معه على حساب مصلحة الشعب السوري، إذ أن المنطق الاستقلالي هو الذي يجلب الاحترام، وهو الذي يمكن أن يدفع تركيا لمقاربة مصلحة الشعب السوري، وهو الذي يجعل تلك المعارضة المتصدرة تكسب احترام شعبها الذي فقدته، واحترام من تعتبره حليفها وهو تركيا.

بروكار برس

——————

الأسد وروسيا يُبيدان إدلب ويهجّران معرة النعمان/ أحمد الأحمد

في صباح الخميس 19 كانون الأول/ ديسمبر، كان عدد سكّان معرّة النعمان في ريف إدلب الجنوبي نحو 80 ألفاً، ولكن مع كتابة هذا التقرير أي يوم الجمعة، أصبح العدد 27 ألفاً، وربّما ينخفض العدد أكثر وتصبح المدينة خالية تماماً من السكّان.

في صباح الخميس 29 كانون الأول/ ديسمبر، كان عدد سكّان معرّة النعمان في ريف إدلب الجنوبي نحو 80 ألفاً، ولكن مع كتابة هذا التقرير أي يوم الجمعة، أصبح العدد 27 ألفاً، وربّما ينخفض العدد أكثر بعد نشر هذا التقرير، وتصبح المدينة خالية تماماً من السكّان.

المدنيون البالغ عددهم 27 ألفاً، لم يبقوا في المدينة من باب الرفاهية وح

ب التمسّك بالأرض، على رغم القصف، ولكن بكل بساطة لا توجد وسائل لتنقلهم إلى مكانٍ مجهول في ريف محافظة إدلب الشمالي حيث يمكن أن يكون القصف بكثافةٍ أقل.

    #معرة_النعمان #إدلب_تحت_النار

    pic.twitter.com/b7TPewecYJ

    — Jina Shashaah (@JinaShashaah) December 20, 2019

إبادة عائلات بأكملها

في 17 كانون الأول، استهدفت المدفعية التابعة لقوات بشار الأسد حيّاً سكنياً في بلدة بداما في ريف إدلب الجنوبي، هذا القصف أدّى إلى مقتل 17 مدنيّاً كانوا في المنطقة، من بينهم 3 طفلات شقيقات (تسنيم وحنين ورنيم) تتراوح اعمارهن بين 4 و8 سنوات، وفي اليوم ذاته قتلت البراميل المتفجّرة عائلة مكوّنة من أربعة أشخاص في مدينة معرّة النعمان جنوب إدلب.

في اليوم الذي تلا مقتل الشقيقات تسنيم وحنين ورنيم، قُتلت عائلة كاملة مكوّنة من 7 أشخاص في إدلب أيضاً.

وبحسب عمار أبو أشرف، أحد المصوّرين في ريف إدلب، فإنّه في 18 كانون الأول قُتل 23 مدنياً جراء إلقاء طائرات الأسد المروحية براميل متفجّرة على الأحياء السكنية في المدينة، من بين القتلى عائلة مكوّنة من سبعة أشخاص، هم طفلتان وامرأتان و3 رجال.

كان يوم أمس الخميس، من أكثر الأيام دمويةً، إذ أوقع القصف العنيف بالمدفعية والصواريخ الثقيلة والطيران الحربي أكثر من 26 قتيلاً في قرية بداما في منطقة جسر الشغور، إضافةً إلى مدينة معرة النعمان، بينهم 6 أشخاص من أسرة واحدة دُفنوا جميعاً تحت ركام منزلهم.

بدأ النظام السوري حملته العسكرية على محافظتي إدلب وحماة منذ أربعة أشهر، وأسفرت هذه الحملة عن مقتل أكثر من ألف مدني، ونزوح أكثر من 400 ألف شخص إلى مناطق أكثر أمناً قرب الحدود التركية، وذلك بحسب ما وثّقت الأمم المتحدة.

معرّة النعمان تحت النار

تتصدّر مدينة معرّة النعمان حالياً المشهد العسكري في سوريا. تقع هذه المدينة في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب في موقعٍ استراتيجي على الطريق الدولي الذي يربط حلب بالعاصمة السورية دمشق.

سكّان المعرّة كان عددهم صباح حوالى 70 ألفاً، وانخفض هذا الرقم إلى أقل من النصف في غضون ساعات.

    ليس منظر ل طلوع الشمس أو غيابها

    وإنما دمار و هدم للآمنيين في

    #معرةالنعمان#إدلب pic.twitter.com/7frFwbz9XS

    — ضياء الدين الشامي (@alho0ot85) December 20, 2019

يقول عبد القادر رمضان، وهو من سكّان معرّة النعمان لـ”درج”: “لم ينم السكّان بسبب القصف الكثيف والذي لم يتوقّف طيلة الليل”.

يقدّر رمضان عدد الصواريخ الثقيلة التي سقطت على المدينة في ليلة الخميس وحدها بأكثر من 50 صاروخاً، عدا عن الغارات الجوية السورية – الروسية، والقصف المدفعي والبراميل المتفجّرة التي ترميها مروحيات الأسد على الأحياء السكنية هناك، الأمر الذي أجبر المدنيين على الخروج بما يرتدونه من ألبسة من دون أن يحملوا حتّى أوراقهم الشخصية، محاولين النجاة.

وتوضح سهام، وهي صحافية سورية كانت تعيش في معرّة النعمان حتّى يوم أمس: “إن النزوح بات يمثّل رفاهية بالنسبة إلى المدنيين هناك، فمن يستطيع النزوح ولديه مركبة لنقل عائلته يُعتبر شخصاً محظوظاً، مشيرة إلى أن هناك عائلات ما زالت تسعى بكل جهدها للخروج لكنّها لم تتمكّن من ذلك، بسبب عدم توفّر وسائل نقل وخوف أصحاب السيارات الخاصة من العودة والدخول إلى المدينة التي باتت شبه مدمّرة.

وبينما لا يزال هناك الكثير من المدنيين العالقين، وضعت منظّمات غير احكومية أرقاماً ساخنة لتقوم بإجلاء من تمكّن من الخروج.

    استجابة لاحتياجات أهلنا في معرة النعمان وريفها، وتخفيفاً لمعاناتهم خصصت منظمة شفق الرقم الساخن…

    Gepostet von ‎Shafak Organization منظمة شفق‎ am Freitag, 20. Dezember 2019

    الرجاء المشاركة || خـط بنفســج الســاخنإلى إخوتنا النازحين نبذل جُهدنا لنخفف عنكم العناء تعلن منظمة بنفسج عن إعادة…

    Gepostet von ‎منظمة بنفسج – Violet Organization‎ am Freitag, 20. Dezember 2019

تكمل سهام: “منذ أيام، بدأت قوات النظام تقصف بشدّة قرى جرجناز ومعار شمارين وتلمنس القريبات من معرّة النعمان، ولكن منذ الخميس 19 كانون الأول انتقل القصف الجنوني إلى داخل معرّة النعمان من دون سابق إنذار، الأمر الذي أوقع المزيد من القتلى المدنيين غير الجاهزين أصلاً للتعامل مع هذه الحملة”.

وتطالب سهام بإيجاد جهةٍ ما “قادرة على الضغط على النظام السوري لإيقاف القصف وإن لساعات، من أجل إخراج المدنيين العالقين في معرّة النعمان”.

وتضيغ: “عائلتي نزحت عبر شاحنة بيك آب كان يقودها مدني لا نعرفه، كان يكدّس عائلته في السيارة فصعدنا معهم من دون أن نعرفهم أو نعرف وجهتهم، كنّا نريد النجاة بأرواحنا وحسب”.

    حركة نزوح كبيرة تشهدها مدينة معرة النعمان في ريف #إدلب الجنوبي باتجاه الحدود السورية التركية نتيجة قصف قوات النظام المكثف على المدينة

    سوريا #ادلب#معرة النعمان pic.twitter.com/O8pIJKSeBq

    — اسماعيل احمد احمدو (@FdzPWRe6ruAGFPd) December 20, 2019

دور تركي سلبي

جميع هذه المناطق التي تتعرّض للقصف، تخضع لاتفاق “المنطقة منزوعة السلاح” التي اتفق عليها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيّب أردوغان خلال لقاء جمعهما في مدينة سوتشي الروسية.

الاتفاق نصَّ على وقف العمليات العسكرية على كامل منطقة إدلب وإنشاء منطقة منزعة السلاح تفصل النظام عن المعارضة بعرض 15 كيلومتراً على أن تكون خالية من السلاح الثقيل، وتسيير نقاط مراقبة عسكرية روسية – تركية لضمان تنفيذ الاتفاق.

إدلب

ولكن منذ توقيع الاتفاق حتّى الآن سيطرت قوات النظام السوري على معظم ريف حماة ومدينة خان شيخون في إدلب ومناطق أخرى.

هذا الأمر يدفع سوريين معارضين للنظام السوري يتّهمون تركيا بإعطاء روسيا ضوءاً أخضر للسيطرة على مناطق في إدلب، مقابل سماح روسيا لتركيا بشن علمية “نبع السلام” ضد الأكراد.

ويتعزّز ذلك مع صمت تركيا التي تُعتبر طرفاً ضامناً لاتفاق “المنطقة منزوعة السلاح” عن انتهاك الاتفاق، من قبل الطرف الضامن الآخر المتمثّل بروسيا، أي أن أحد أطراف الاتفاق يخرقه في حين يصمت الطرف الآخر عنه.

وبحسب معلومات “درج”، فإن تركيا تملك حالياً نقطة مراقبة قريبة من مدينة معرّة النعمان التي تتعرّض للإبادة عبر الطيران الروسي، وتقع النقطة بين قرية معر حطب ومدينة معرّة النعمان، لكنّها لم تحرّك ساكناً.

وقالت مصادر مطّلعة في إدلب لـ”درج” إن مكان تمركز نقطة المراقبة التركية تعرّض لقصفٍ مدفعي من قبل قوات النظام السوري، من دون أن يكون للنقطة أي رد فعل على هذا القصف.

هذا الأمر دفع الناطق الرسمي باسم “جيش العزة” (فصيل يقاتل النظام على جبهات حماة) فجر الاسماعيل إلى اتهام تركيا بإضعاف الثورة.

وقال الاسماعيل: “تركيا تدعم حلفين أساسيين وتضعف البقية، الفصيل الأول انبطاحي لا تهمه القضية قابل ليكون الطابور خامس، والثاني متسلط ظالم يحمي الأول ويؤمن له أسباب البقاء”.

وأضاف أنّه “سوف يأتي اليوم الذي تحارب فيه تركيا الثاني ليسود المحرر الأول وهكذا ينتهي الدستور الجديد ويحقق وحدة الأراضي السورية”.

تركيا تدعم حلفين أساسيين وتضعف البقية:

    الفصيل الأول انبطاحي لاتهمه القضية قابل ليكون الطابور خامس

    والثاني باغي متسلط ظالم يحمي الأول ويأمن له اسباب البقاء

    سوف يأتي اليوم الذي تحارب تركيا الثاني ليسود المحرر الأول وهكذا ينتهي الدستور الجديد ويحقق وحدة الأراضي السورية

    — fajr alismail (@fajr_alismail) December 20, 2019

وأكمل تغريداته: “عندما قلنا هذا الكلام قبل أن تتضح لكم خيانة تركيا ومرتزقتها هاجمنا الجميع وحاربونا بكافة الوسائل مادياً وإعلامياً وعسكرياً واُتهمنا بالعمالة وتخريب أمن المحرر، وها هي تركيا وحرس نقاطها يقفون صامتين متفرجين على محرر يباد ويحارب من قبل حليفهم الروسي”.

عندما قلنا هذا الكلام قبل ان تتضح لكم خيانة تركيا ومرتزقتها هاجمنا الجميع وحاربونا بكافة الوسائل مادياً وإعلاميا وعسكريا واُتهمنا بالعمالة و تخريب أمن المحرر . … الخ

    وهاهي تركيا وحرس نقاطها يقفون صامتين متفرجين على محرر يباد ويحارب من قبل حليفهم الروسي #لا_غالب_إلا_الله https://t.co/A8cKqQAuKr

    — fajr alismail (@fajr_alismail) December 20, 2019

“القتل البطيء”: استراتيجية الأسد وروسيا في إدلب التي يتجاهله

درج”

——————-

إدلب: هل تحصل المعارضة على دعم تركي للمعركة؟/ خالد الخطيب

بدت الفصائل المعارضة والإسلامية متفقة للمرة الأولى حول ضرورة الإعداد والدخول في المعركة الأخيرة مع النظام للدفاع إدلب. ويبدو أن المعارضة قد اتخذت مجتمعة قرار المواجهة وبكامل إمكاناتها العسكرية، وبدأت الحشد إعلامياً وميدانياً للمعركة الفاصلة، كخيار وحيد، بعدما ثبت لها فشل الحل التفاوضي والسياسي.

التمهيد الوحشي للمعركة

استؤنفت حملة القصف الوحشي، الخميس، على ريف منطقة معرة النعمان جنوب شرقي إدلب باعتبارها منطقة العمليات البرية المفترضة لمليشيات النظام الروسية. وكررت الطائرات الحربية والمروحية وراجمات الصواريخ استهدافها للبلدات الواقعة شرقي الطريق الدولي وجنوبي المعرة. وتسبب القصف في مقتل 40 شخصاً على الأقل في الساعات الـ72 الماضية.

وحققت حملة القصف بعض أهدافها، إذ نزح عن المنطقة عشرات آلاف المدنيين نحو شمال إدلب، وما تزال حركة النزوح مستمرة. وفي الغالب، ستستمر حملة القصف، لإفراغ المنطقة من سكانها بالكامل، في غضون أيام قليلة. ولاحقت الطائرات الحربية برشاشاتها الثقيلة النازحين لإرهابهم، كما استهدفت مواقع المعارضة ومقارها العسكرية المنتشرة في الخطوط الدفاعية الثلاثة في منطقة معرة النعمان، وقتلت عدداً من مقاتلي “الجبهة الوطنية للتحرير” بعدما رصدت تحركاتهم في عدد من المواقع.

استخدمت المليشيات الكثافة النارية في منطقة المعرة بشكل أكبر من حملات القصف السابقة، مقارنة بشمالي حماة وادلب الجنوبي. وما يميز المنطقة المستهدفة، هو السهل الواسع والمكشوف، وكثافة القرى والبلدات. واستخدمت المليشيات أنواعاً جديدة من الصواريخ والقاذفات الروسية التي تم نشرها في المنطقة الممتدة بين تل النار قرب خان شيخون جنوباً، وحتى أبو الظهور في الشمال الشرقي.كما استخدمت الطائرات الحربية في قصفها قنابل فراغية وعنقودية وصواريخ جديدة ذات فاعلية تدميرية أكبر.

واستنفرت قواعد المليشيات المتمركزة على كامل خط التماس مع المعارضة مرابض مدفعيتها لاستهداف أرياف إدلب وحلب وحماة واللاذقية، وقصفت الطائرات قرى جسر الشغور وكبانة وجبلي الأكراد والتركمان، وتعرضت الجمعيات السكنية وبلدات غرب وجنوبي حلب لقصف مكثف براجمات الصواريخ.

قضم المناطق السهلية

لا يمكن لأي عملية عسكرية واسعة أن تحقق للمليشيات أهدافها دفعة واحدة بالوصول إلى الطريقين الدوليين؛ أم-4 وأم-5، والسيطرة الكلية على منطقة خفض التصعيد. لذلك تبدو العملية البرية المفترضة جزئية، تهدف إلى قضم المناطق السهلية. ولا تخفي المليشيات تخوفها من الكلفة المتوقعة في حال قررت المعارضة المواجهة الفعلية وبشكل جماعي.

مصادر عسكرية في “الجبهة الوطنية” أكدت لـ”المدن”، أنه من خلال عمليات إعادة انتشار التعزيزات لمليشيات النظام الروسية في جبهات القتال يبدو التركيز على منطقة معرة النعمان كبيراً كمرحلة أولى باعتبارها المنطقة الأسهل لبداية العمليات العسكرية ويمكن من خلالها إضعاف الفصائل والتأثير على معنوياتها، وبالتالي التمهيد للمراحل اللاحقة من العملية ضد خصوم يعانون من الانقسام والخسارة المفاجئة والاستنزاف. وهو تكرار للسيناريو الذي حصل في حماة الشمالي منتصف العام 2019. وبحسب المصادر، ففي حال نجحت المخططات يمكن للمليشيات المتابعة والعمل على منطقة جديدة وفرض واقع جديد في ادلب للاستفادة منه في المفاوضات.

ويجهل قادة مليشيات النظام من الصف الثاني، في “الفرقة 25″ و”الفيلق الخامس” والفرق العسكرية، أهداف العملية العسكرية ونطاقها المكاني المفترض، والتي تقودها وتخطط لها بشكل مباشر القوات الخاصة الروسية. وتداولت المليشيات بسخرية التصريحات الروسية التي قالت إن “القوات السورية تصدت في 18 كانون الأول لثلاثة هجمات على مواقعها في منطقة إدلب شارك فيها 300 مسلح من المعارضة مدعومين بعشرات المركبات المحملة بأسلحة من عيار كبير في أم الخلاخيل والزرزور”، وتقول المليشيات إن هذه التصريحات معتادة لخلق مبررات الهجوم.

التعزيزات التي حشدتها المليشيات في جبهات المعرة تم استقدام الجزء الأكبر منها من محاور وجبهات أخرى في محيط ادلب، أي أنها ليست كبيرة، لأن الاعتماد في الهجمات سيكون على النار الكثيفة وتنفيذ تكتيك الالتفاف، والهجوم من أربعة محاور؛ محور رئيسي من الجنوب باتجاه مدينة معرة النعمان ومن المفترض أن يسلك الطريق الدولي، وثلاثة محاور إشغال وتقدم ثانوي على الأقل من الجبهات الشرقية، انطلاقاً من سنجار وأبو الظهور والشيخ بركة لحصار المنطقة المفرغة من سكانها، وإجبار المعارضة على الخروج منها.

الفصائل موحدة؟

صعّدت الفصائل المعارضة والإسلامية من لغتها، ولأول مرة يتحدث قادة كبرى الفصائل في “الجبهة الوطنية” المدعومة من تركيا عن فشل الحل السياسي، وأنهم باتوا أمام خيار وحيد، وهو المواجهة وخوض معركة فاصلة مع النظام وحلفائه، وقد تكون الأخيرة.

قائد “أحرار الشام” وعضو مجلس قيادة “الجبهة الوطنية” جابر علي باشا، قال: “لم يرهبنا مرتزقة الروس ولا جموع الإيرانيين يوماً، وحشودهم لن تخيفنا”، وتوعد المليشيات الروسية بجعل مناطق الشمال السوري مقبرة لهم، وبتلقينهم دروساً لن ينسوها. أما نائب قائد “الجبهة الوطنية” وقائد “صقور الشام” أحمد عيسى الشيخ، قال :”لا عذر لأحد في القعود عن معركة الثورة الأخيرة، فتح الجبهات هو الحل لنخرج من مسرح تسلية المجرمين الذين توزعوا الأدوار بين من يقتل الأطفال والنساء وبين من يدين ويندد وهو يشاهد بدماء باردة إن لم يكن بمتعة وسادية، فتح الجبهات يظهر النظام المجرم على حقيقته المتهالكة ويضمن للثورة أمانا حقيقيا لا كأمان الهدن الكاذبة، هل نتمسك بهدنة تكون بردا وسلاما عليهم وتكون جحيما وحربا شعواء علينا”.

تضمنت تصريحات ومواقف قادة “الجبهة الوطنية” خطة متكاملة للمواجهة، فتح جبهات قتال، أي شن عمليات هجومية واسعة، ونقض الالتزام غير المعلن بخفض التصعيد، وسط دعوة صريحة لكافة فصائل “الجيش الوطني” للمشاركة في التصدي والهجوم.

الموقف المعلن لـ”الجبهة الوطنية”، قد يكون انعكاساً لاتفاق ضمني بين مختلف مكوناتها من أجل المواجهة والانخراط الجدي في المعركة وربما بدعم تركي، وربما يكون بداية الفرز بين فصائلها. إذ ستنحاز الفصائل الإسلامية إلى قرار المواجهة بكامل طاقتها للتخلص من تبعات اتفاقات خفض التصعيد، وبالتالي ستكون في خندق واحد مع “هيئة تحرير الشام”، وهي “جيش الأحرار” و”أحرار الشام” و”صقور الشام” و”تجمع دمشق” وغيرها. وفي هذه الحالة لن ينال هذا التجمع المسلح أي دعم تركي للمواجهة، بل سيبعد عنه فصائل أخرى مثل “فيلق الشام”، وهذا ما سيصب في صالح المليشيات عموماً.

مدير المكتب السياسي في “فرقة المعتصم” التابعة لـ”الجيش الوطني” مصطفى سيجري، أكد لـ”المدن”، أن أهالي ادلب يضعون كامل الثقة في تركيا لإنقاذهم من توحش النظام وحلفائه، وكانوا وما يزالون ينظرون بعين الأمل والثقة بمواقف تركيا تجاه القضية السورية. وبحسب سيجري، فقد قتلت مليشيات النظام في 48 ساعة فقط أكثر من 40 شخصاً في ادلب غالبيتهم من الأطفال والنساء، وقال: “ندرك حجم ما تتعرض له تركيا من ضغوط خارجية وداخلية، إلا أننا نتعرض للموت المباشر، من دون أن نشهد اي تحرك دولي أو عربي تجاه العمليات الإجرامية من قِبل الاحتلال الروسي ومن دون أن نعطى حق الدفاع عن النفس نتيجة تفاهمات أستانة”.

وأضاف سيجري: “ما نطلبه من تركيا ورئيسها، وقفة تاريخية وإعادة استئناف الدعم العسكري من أجل أن ندافع عن أهلنا في مواجهة الارهاب الروسي. نعم نؤمن بالحل السياسي، إلا أن ما حدث في الفترة الأخيرة كان عملية إضعاف وصلت حد تجويع المقاتل لدفعه للاستسلام”.

يبدو أن فصائل “الجبهة الوطنية” متوافقة في ما بينها، وتدعو لمواجهة المليشيات عسكرياً، ومدنياً. قادة وشرعيون من “فيلق الشام”، المقرب من تركيا، دعوا الناس للخروج في مظاهرات، الجمعة، قرب الحدود السورية-التركية، للفت أنظار المجتمع الدولي للكارثة المحتملة من وراء العملية العسكرية واستمرار حملة القصف.

————————–

هل من رابط بين معركتي طرابلس وإدلب؟/ إبراهيم حميدي

تقدمت قوات الحكومة السورية، بغطاء روسي، في قرى شرق إدلب على حساب فصائل تدعمها تركيا، في وقت عزّز الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر المدعوم من موسكو، تقدمه باتجاه طرابلس، مقر حكومة «الوفاق»، بقيادة فائز السراج الذي تدعمه أنقرة، فهل من رابط بين المعركتين؟

جرت العادة على ربط التصعيد في إدلب بالوضع في شمال شرقي سوريا، والعلاقة بين أنقرة من جهة، وواشنطن وحلف شمال الأطلسي (ناتو) من جهة ثانية، والتعاون العسكري والسياسي والاقتصادي بين أنقرة وموسكو من جهة ثالثة، وقبل أي قمة محتملة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان.

لكن الأيام الأخيرة أدخلت عاملاً جديداً إلى العلاقة بين روسيا وتركيا، هو دعم البلدين طرفين مختلفين في الصراع الجديد في ليبيا. إردوغان يدعم حكومة السراج، فيما أفادت تقارير بدعم موسكو لحفتر، وانخراط عناصر «فاغنر» الروسية مع الجيش الوطني الليبي.

طرابلس

مع اقتراب انعقاد القمة بين بوتين وإردوغان في الثامن من الشهر المقبل، تبادل الطرفان اتهامات مباشرة وغير مباشرة إزاء التصعيد العسكري في كل من طرابلس وإدلب. وقال إردوغان إنه لا يمكن أن تلزم تركيا الصمت حيال «مرتزقة» مثل مجموعة «فاغنر». وزاد: «إنهم يعملون حرفياً كمرتزقة لصالح حفتر في ليبيا عبر المجموعة المسماة (فاغنر)».

جاء كلام إردوغان بعد إعلان الحكومة الليبية أنها صدقت على اتفاقية أمنية وعسكرية بين أنقرة وطرابلس، ما يفتح المجال لمساعدة عسكرية تركية محتملة، خصوصاً أن البرلمان التركي أقر الاتفاق وسط أنباء عن بناء «قاعدة تدريب» لتركيا في ليبيا، والسماح لها بالتنقيب عن النفط والغاز في مياه البحر المتوسط. وكان إردوغان صرح في العاشر من الشهر الحالي، بأنه مستعد لإرسال جنوده إلى ليبيا دعماً لحكومة السراج إذا طلب هذا الأخير ذلك.

موسكو تقول إن خطوطها مفتوحة مع الجميع في ليبيا. لكن ردها على إردوغان لم يتأخر، إذ أفاد مصدر في الخارجية الروسية بأن موسكو «قلقة بشدة» من احتمال إرسال تركيا قوات إلى ليبيا، مضيفاً أن الاتفاق الأمني بين تركيا والحكومة الليبية «يثير تساؤلات كثيرة». واعتبر التدخل العسكري الخارجي في ليبيا «لا يمكنه سوى تعقيد الوضع في البلاد».

إدلب

شنت طائرات روسية وسورية، في الساعات الأخيرة، مئات الغارات على ريف إدلب تمهيداً لـ«معركة كبرى». وسيطرت قوات الحكومة اليوم (الجمعة) على عدد من القرى شرق إدلب، في المنطقة الخاضعة لاتفاق خفض التصعيد بوساطة من الرئيسين بوتين وإردوغان. الواضح، من مناطق الغارات، أنها ترمي إلى السماح لقوات دمشق بإعادة السيطرة على الطريقين السريعين بين اللاذقية وحلب، وبين حماة وحلب، ما يعني الاقتراب من مناطق ذات كثافة سكانية مثل معرة النعمان وسراقب وأريحا. وأفيد اليوم بأن «مئات الصواريخ استهدفت معرة النعمان» التي تضم 70 ألفاً. وأثار القصف موجة نزوح للسكان باتجاه حدود تركيا من إدلب وريفها، وتضم 3 ملايين شخص.

من جهتها، أفادت قاعدة حميميم الروسية اليوم (الجمعة)، بأن «الحسم العسكري تم اتخاذه بعد رفض الجماعات المتطرفة الانسحاب من المناطق التي تم الاتفاق عليها مع الجانب التركي»، في وقت اتهمت مصادر روسية، أنقرة، بـ«عدم الوفاء بالتزاماتها» إزاء فصائل مدعومة من الجانب التركي. وتعرضت نقاط تركية إلى قصف في محيطها، علماً بأن هناك 12 نقطة أقيمت في إدلب وريفها بموجب تفاهم بوتين – إردوغان.

خيوط مفتوحة

رغم التصعيد العسكري في طرابلس وإدلب، وتبادل الاتهامات بين موسكو وأنقرة، فإن الأقنية لا تزال مفتوحة بين الجانبين وصولاً إلى قمة بوتين – إردوغان المقبلة التي تتناول قضايا إقليمية ودولية وتعاوناً استراتيجياً في مجال الغاز. كما أن بوتين لا يزال يراهن على تعاونه مع إردوغان في سوريا، لإضعاف «ناتو»، وليس منزعجاً من التوتر بين تركيا ودول أوروبية بسبب التنقيب في المتوسط.

رغم التصعيد، فإن باب المقايضات والصفقات لا يزال مفتوحاً بينهما في ليبيا على حساب الدول الغربية، كما حصل في سوريا. وليست صدفة أن رئيس حكومة «الوفاق» فائز السراج، اتصل برئيس جمهورية الشيشان رمضان قاديروف، لـ«نقل الخبرة الشيشانية في حل النزاعات ومكافحة الإرهاب»، علماً بأن قاديروف مدعوم من الكرملين وعراب الشرطة العسكرية الروسية العاملة مع نظيرتها التركية في سوريا.

الشرق الاوسط

———————

الغارديان: في سوريا.. المدنيون بين نيران المدافع وزمهرير الطقس

حذرت صحيفة “الغارديان” البريطانية من المخاطر التي يواجهها المدنيون الذين يعيشون في مناطق تخضع للمعارضة السورية مع دخول الشتاء، بجانب حملة قصف مكثفة تجبر الآلاف على الفرار، وسط نقص حاد في الوقود الرعاية الطبية.

وقال ناشطون محليون، إن 90 شخصًا على الأقل قتلوا و12 ألف فروا من بلدة معرة النعمان في إدلب بعد قصف عنيف خلال الأسبوع الماضي، ويخشون أن تكون الحملة التي شملت الضربات الجوية والقنابل البراميل والقصف، بمثابة استعدادات لشن هجوم بري.

ونقلت الصحيفة عن أحد مديري المستشفى قوله :” أوقف تشغيل السخانات على عنابره رغم انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء لتوفير الوقود لسيارات الإسعاف والمولدات التي تشغل الأجهزة الطبية الحيوية.

وقال هيثم أبو حسام، الذي يعيش في جنوب إدلب: “لقد واجهنا العديد من الحواجز أمام عملنا على مدار السنوات الثلاث الماضية، لكن لا شيء على نطاق الأزمة الحالية”.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 3 ملايين شخص يعيشون في إدلب، معظمهم من النازحين من أجزاء أخرى من البلاد، حيث تم تهجيرهم من قبل نظام بشار الأسد بدعم حلفائه الروس والإيرانيين .

وأدى نقص الوقود إلى جعل النقل أكثر تكلفة، لذلك كانت المواد الغذائية الأساسية مثل الطماطم والخيار والباذنجان أعلى بثلاث مرات على الأقل من شهر سابق.

وتجعل هجمات القصف هذه وقوداً لسيارات الإسعاف، وقال أبو حسام، عامل الإغاثة: “نتحرك كثيرًا للوصول إلى الحالات العاجلة، خاصة في الحملة الجوية الحالية ضد المدنيين في إدلب”.

ولسنوات، كان معظم الوقود في إدلب يأتي من حقول النفط في شمال شرق سوريا، بالقرب من الحسكة، وتم نقل النفط الخام غربًا على طول الطرق التي تحتفظ بها الميليشيات الكردية، وقوات المعارضة لتحويلها إلى البنزين والديزل وزيت الوقود في المصافي المؤقتة.

ولكن بعدما قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التخلي فجأة عن حلفاء الولايات المتحدة الأكراد السوريين ، تاركًا القوات التركية تجتاح بعض المناطق التي يحتلونها، أغلق القتال طريق النقل بالشاحنات الرئيسي.

ومما زاد الوضع تعقيدًا، في أواخر نوفمبر، قال نشطاء إن ضربات جوية من قبل طائرات مجهولة الهوية ضربت العديد من المصافي في شمال وشمال شرق حلب، مما أعاق أي محاولة لمعالجة النفط الخام إذا بدأت في الوصول مرة أخرى.

—————

تصعيد ضد المدنيين بريف إدلب.. هل يمهد لهجوم واسع لقوات النظام السوري؟

قتل وأصيب عشرات المدنيين في غارات جديدة على ريف إدلب (شمال غربي سوريا)، في حين يتحدث إعلام النظام السوري عن عملية عسكرية واسعة وشيكة بالمنطقة التي تعد آخر المعاقل الكبير للمعارضة السورية.

وتعرضت مدن وبلدات عدة في ريف إدلب الجنوبي والشرقي أمس الخميس لسلسلة غارات نفذتها طائرات تابعة للنظام السورية وأخرى روسية، مما أسفر عن مقتل 16 مدنيا -بينهم خمسة أطفال- وإصابة 45 آخرين، وفق حصيلة قدمها الدفاع المدني بإدلب.

وقال الدفاع المدني المعروف في مناطق المعارضة السورية بالخوذ البيضاء إن ثلاثة أطفال وسيدتين ورجلا قتلوا في مدينة معمرة النعمان جراء قصف بصواريخ شديدة الانفجار أطلقتها قوات النظام السوري المتمركزة في الريف الجنوبي.

ونشر الدفاع المدني في صفحته الرسمية بموقع فيسبوك مقاطع فيديو تظهر قيام عناصره بإسعاف مصابين وإطفاء حرائق اندلعت في محال تجارية بمعرة النعمان جراء القصف الصاروخي.

وذكر المصدر نفسه أن رجلا وامرأة وطفلين قتلوا في غارات روسية على بلدة مرديخ بالريف الشرقي، وقتل رجل وزوجته في غارة لطيران النظام السوري بقرية دير سنبل، في حين أوقعت غارات روسية قتيلا وجرحى في مدينة سراقب، كما قتل مدني آخر في قرية خان السبل.

وكان ما لا يقل عن 23 مدنيا -بينهم أطفال ونساء- قتلوا الثلاثاء الماضي في قصف مكثف نفذته قوات النظام السوري وروسيا على مناطق متفرقة بإدلب.

اعلان

ودعا ناشطون إلى التظاهر اليوم الجمعة في منطقة باب الهوى على الحدود مع تركيا، للتنديد بالتصعيد الجاري في إدلب.

وتصاعدت وتيرة القصف على إدلب، في حين تحدثت صحيفة الوطن السورية عن عملية عسكرية يجري التحضير لها من قبل النظام السوري ضد المعارضة المسلحة في ريف إدلب.

وأفاد ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي بأن المعارضة السورية صدت أمس الخميس محاولات تقدم لقوات النظام في ريف إدلب الشرقي.

وقال الناشطون إن مسلحي المعارضة قصفوا مواقع وآليات للقوات المهاجمة، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من عناصرها وإجبارها على التراجع، مشيرين إلى اشتباكات متزامنة في محورين غرب حلب.

وكانت قوات النظام السوري شنت نهاية أبريل/نيسان الماضي بدعم من روسيا ومجموعات مسلحة أجنبية هجوما واسعا تمكنت خلال من السيطرة على مناطق إستراتيجية شمال حماة وجنوب إدلب، وأسفرت العمليات عن مقتل نحو ألفي مدني وتهجير 400 ألف آخرين.

 إدخال المساعدات

من جهة أخرى، دعت أورسولا مولر مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مجلس الأمن الدولي إلى تجديد القرار الذي يسمح بإدخال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود دون إذن مسبق من الحكومة السورية.

وقالت مولر إن الأمم المتحدة تحتاج إلى الحفاظ على المعابر الحدودية الأربعة الحالية، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى أربعة ملايين سوري. وقد قدمت كل من ألمانيا وبلجيكا والكويت مشروع قرار تمت مناقشته لأسابيع عدة.

وينص المشروع على إضافة معبر آخر على الحدود التركية السورية إلى أربعة معابر أخرى كانت تدخل منها المساعدات، وهي باب الهوى وباب السلامة بين سوريا وتركيا، ومعبر اليعربية بين العراق وسوريا، ومعبر الرمثا بين الأردن وسوريا.

وأعلنت عشر دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي تأييدها تجديد آلية تقديم المساعدات لمحتاجيها في سوريا، وحذرت من عواقب كارثية لعدم تجديد الآلية.

اعلان

وقدمت روسيا والصين الاثنين الماضي مشروع قرار مضادا يدعو لإغلاق معبري اليعربية والرمثا، والإبقاء على معبري باب الهوى وباب السلامة، دون إضافة معبر ثالث على الحدود التركية السورية.

ويدعو مشروع القرار الروسي الصيني إلى تجديد عملية توصيل المساعدات إلى سوريا لمدة ستة أشهر فقط، وقد ناقش مجلس الأمن أول أمس الأربعاء مشروعي القرار المتنافسين خلال جلسة مغلقة.

المصدر : الجزيرة + وكالات

————————

إدلب: جمعة كسر الحدود.. لوقف البربرية الروسية

تظاهر آلاف السوريين، الجمعة، في حلب وإدلب في “جمعة كسر الحدود”، للفت أنظار العالم إلى المأساة الإنسانية التي يعانيها أهالي ادلب بسبب حملة القصف الروسية البربرية، وللضغط على تركيا والمجتمع الدولي لإيقاف الحملة العسكرية التي بدأتها مليشيات النظام الروسية على أرياف معرة النعمان مؤخراً.

آلاف المتظاهرين الغاضبين توجهوا نحو معبر باب الهوى الحدودي شمالي إدلب، بعد صلاة الجمعة، قادمين من كفر دريان وسرمدا والدانا ومنطقة المخيمات الحدودية في ريف ادلب وحلب. وتجمع العدد الأكبر من المتظاهرين في ساحة المعبر القديمة، في حين حاول البعض اقتحام بوابة المعبر والتقدم نحو الساحة الجديدة لكنهم فشلوا بعد أن أطلقت “هيئة تحرير الشام” الرصاص والغازات المسيلة للدموع على المتظاهرين وأجبرتهم على التراجع. وتسببت المواجهات بين المتظاهرين وعناصر “تحرير الشام” بإصابة مدنيين، بعضهم أصيب بحالات اختناق بسبب التدافع والغازات المسيلة للدموع.

وفشل آلاف المتظاهرين في الوصول إلى معبر باب الهوى بعدما نشرت “تحرير الشام” حواجزها الأمنية على الطرق المؤدية إلى المعبر، وأغلقت عدداً من الطرق الأخرى وطوقت ساحة المعبر القديمة بمئات العناصر التابعين لجهازها الأمني.

واعتقلت “تحرير الشام” بالقرب من المعبر عدداً من الناشطين الإعلاميين، بسبب نقلهم لأخبار المظاهرات، وتم الإفراج عن غالبيتهم بعد التحقيق معهم، فيما بقي الناشط محمد سعيد، معتقلاً حتى الآن.

وتظاهر آلاف المدنيين في مدن ادلب وسلقين وسرمدا وكفر تخاريم وغيرها في ريف ادلب. وخرجت مظاهرات في مدن الباب وإعزاز وجرابلس وعفرين في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي. وهتف المتظاهرون بشعارات تضامنية مع مدينة معرة النعمان وريفها الذي يتعرض لحملة عسكرية عنيفة.

ومن بين الهتافات التي رددها المتظاهرون: “بشار ولاك ما بدنا ياك” و”يا معرة نحنا معاكي للموت” و”يا إدلب نحنا معاكي للموت”، ورفعوا لافتات كتب على بعض منها “لن ننسى مجازركم”، “حتى الأطفال لم تسلم من قصفكم”، “عبثا تحاول لا فناء لثائر”، “ادلب جرح نازف فمن سيوقف النزيف”.

———————–

التعليمات الروسية واضحة: اقتلوا نازحي معرة النعمان!

شنت مليشيات النظام الروسية سلسلة من الهجمات البرية، الجمعة، على ريف إدلب الشرقي، وتمكنت من السيطرة على بلدتي ربيعة والخريبة في ريف معرة النعمان الشرقي، وتقدمت نحو قرية الشعرة غرباً، بحسب مراسل “المدن” خالد الخطيب.

ويشهد خط التماس الممتد بين الخريبة شمالاً وربيعة جنوباً معارك عنيفة، حيث تحاول المعارضة استعادة مواقعها قبل أن تنجح المليشيات في تثبيت السيطرة عليها.

وتحاول مليشيات النظام الروسية التقدم أكثر جنوب شرقي إدلب بعد ساعات من انطلاق عملياتها العسكرية نحو معرة النعمان، وتشارك البوارج الروسية من البحر في تقديم الدعم الناري للمليشيات.

لم يتوقف القصف على معرة النعمان وأريافها منذ أربعة أيام، وتنفذ الراجمات الروسية وقواعد المدفعية الثقيلة المتمركزة في خان شيخون جنوباً والشيخ بركة وسنجار وأبو الظهور شرقاً رمايات متواصلة عليها، واستهدفت أكثر من 2000 قذيفة مواقع المعارضة أثناء العمليات الهجومية في مختلف المحاور جنوبي وشرقي المعرة.

وكانت مدينة معرة النعمان قد تعرضت ليل الخميس/الجمعة، لحملة قصف مركزة بعشرات الغارات الجوية. واستهدفت صواريخ بحر-أرض المجنحة بلدة أم جلال وأكثر من 10 بلدات جنوب شرقي ادلب. وتسبب القصف بمقتل 16 مدنياً غالبيتهم من الأطفال توزعوا على مجزرتين في تل مرديخ والمعرة.

أهالي معرة النعمان وجهوا نداءات استغاثة لإخراجهم من المدينة، صباح الجمعة، إذ أن مئات العائلات باتت محاصرة بالنيران في المدينة. محمد منصور، من أهالي المعرة، أكد لـ”المدن”، أن المئات من المدنيين في شوارع المدينة يبحثون عن سيارات لتنقلهم إلى المناطق الحدودية شمالي ادلب، وهم في الغالب من الفقراء الذين لم يتمكنوا من الخروج خلال الأيام الثلاثة الماضية. ولا يجرؤ سائقو سيارات الأجرة على القدوم إلى المعرة والبلدات في ريفها لنقل النازحين بسبب الاستهداف المباشر للسيارات التي تقل النازحين من قبل الطائرات الحربية الرشاشة على الطرق في المنطقة.

ورصدت المعارضة خلال اليومين الماضيين أكثر من مكالمة لاسلكية بين الطيارين والقواعد الجوية التابعة للنظام وروسيا في مطارات حماة وكويرس وحميميم والشعيرات وأبو الظهور، طلبت فيها القواعد الجوية من الطيارين استهداف النازحين مباشرة، وتكثيف الغارات الجوية بالصواريخ والرشاشات الثقيلة من الجو على الطرق في ريف المعرة والطريق الدولي بين خان شيخون جنوباً والمعرة شمالاً. وقتل بالفعل عدد من المدنيين باستهداف سياراتهم على الطرق بينهم سائقو شاحنات ومركبات زراعية.

وكانت المعارضة قد تصدت لهجوم بري عنيف شنته مليشيات النظام نحو بلدة ربيعة في جبهات معرة النعمان شرقي ادلب، واستهدفت بالمدفعية والصواريخ المضادة للدروع المجموعات المتقدمة من بلدة كراتين كبيرة وقتلت عدداً من العناصر وأجبرت الباقين على التراجع إلى مواقعهم الخلفية.

وتمكنت مليشيات النظام الروسية، بعد منتصف ليل الخميس/الجمعة، من السيطرة على بلدة أم جلال في ريف معرة النعمان الجنوبي الشرقي، وحاولت المليشيات مواصلة تقدمها نحو قرية أبو حبة وتل الشيخ شمالاً، حيث شهدت محاور القتال معارك عنيفة بين المليشيات والمعارضة التي أجبرت على إخلاء مواقعها بسبب كثافة القصف البري والجوي الذي استهدف مواقعها المتقدمة وتسبب في مقتل 10 مقاتلين على الأقل من “هيئة تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير”.

وخسرت المليشيات أكثر من 20 عنصراً في معارك أم جلال، ولم تتم لها السيطرة الفعلية على البلدة الاستراتيجية إلا بعد تنفيذها سلسلة من الهجمات البرية مستفيدة من النيران الكثيفة، ومن استخدام المدرعات والدبابات بكثافة في هجماتها. وحاولت الفصائل المعارضة والإسلامية استعادة مواقعها في أم جلال بعدما شنت هجمات معاكسة، فجر الجمعة، وتمكنت من تدمير مدرعة وناقلة جند بالصواريخ المضادة للدروع لكنها لم تفلح في التقدم واكتفت بالدفاع ووقف زحف المليشيات التي تطمح للوصول إلى بلدة التح كبرى بلدات ريف المعرة الجنوبي والتي تقع على مقربة من الطريق الدولي أم-5.

وكانت المليشيات قد بدأت عملياتها العسكرية نحو منطقة المعرة، ليل الخميس/الجمعة. وأشغلت مليشيات “الفيلق الخامس” و”الفرقة 25″ و”الفرقة الأولى مدرعة” و”القوات الخاصة” و”الحرس الجمهوري” أكثر من 5 محاور هجومية في وقت واحد؛ أم جلال واسكيات في محيط خان شيخون جنوبي منطقة المعرة، وثلاثة محاور شرقية، المحور الأول انطلق من بلدة كراتين كبيرة نحو بلدة ربيعة، والثاني انطلق من اسطبلات وحاولت المليشيات من خلالها التقدم نحو الخريبة وجديدة نواف، ومحور ثالث من وداي التينة نحو جلبان جنوب غربي أبو الظهور.

المدن

————————

برميل متفجر للبيع.. بـ1200 دولار

في ظل القصف الهمجي المتواصل التي تتعرض له أرياف إدلب، أسقطت مروحية لقوات النظام برميلاً متفجراً على منزل في ريف معرة النعمان، لكنه لم ينفجر، فقام صاحب المنزل ببيعه بمبلغ 1200 دولار أميركي، بحسب مراسل “المدن” محمد أيوب.

مصادر محلية أكدت لـ”المدن”، أن صاحب المنزل، أحضر معه البرميل في سيارته اثناء نزوحه إلى بلدة معصران، حيث تمكن من بيعه.

ويُعتبر سقوط القذائف والبراميل من دون أن تنفجر حوادث متكررة واعتيادية، ومنها ما لا يتم اكتشافه إلا بعد وقت طويل، خاصة في المناطق التي ينزح عنها أهلها. وتم تسجيل انفجارات لمخلفات القصف بعد عودة السكان لقراهم وبلداتهم.

أحد تجار الأسلحة قال لـ”المدن”، إن سعر كيلو الـ”تي-أن-تي” يترواح بين 7 و10 دولارات، بحسب طريقة الخلط في القذائف، ويتراوح وزن البراميل المتفجرة بين 60 و300 كيلوغرام. وأضاف التاجر إنه كان يشتري القذائف غير المنفجرة ويبيعها لفصائل المعارضة التي غالبا ما تملك ورشات بدائية لإعادة تصنيع القذائف والالغام والقنابل اليدوية. وكانت بعض الفصائل تستخدم هذه المواد لصناعة المفخخات. ولكن وبعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” على المنطقة باتت هذه التجارة شبه متوقفة.

القيادي في “الجيش الوطني” المقدم وائل الخطيب، قال لـ”المدن”، إن مناطق المعارضة في ريف حلب الشمالي شهدت سقوط الكثير من القذائف والبراميل غير المنفجرة، فبدأت فصائل المعارضة وبمساهمة كبيرة من الضباط المنشقين، اختصاص التسليح، باستغلال هذه القذائف واستخدام المواد المتفجرة فيها لتصنيع القذائف الصغيرة والقنابل اليدوية والالغام، في الحرب على النظام. وبعد عملية “درع الفرات”، تأسس “الجيش الوطني”، الذي بات يضم فرقاً هندسية أوكلت إليها مهمة متابعة وجمع مخلفات القصف، ليتم التعامل معها بشكل مهني، وفي أغلب الأحيان يتم تفجيرها للتخلص منها.

مدير “المصنع الحربي” سابقاً في مدينة الرستن الرائد بشار الحمود، قال لـ”المدن”: “لا تنفجر البراميل بسبب عطل في الصاعق أو بسبب طريقة سقوطها وعدم الضغط على الصمام. وكانت هناك فرق هندسة تابعة للمصنع الحربي تتابع هذه البراميل والقذائف غير المنفجرة لتقوم بنزع الصمام ثم إخراج المواد المتفجرة واعادة استخدامها في صناعة قذائف الهاون أو قذائف المدافع التي اطلق عليها محلياً اسم مدافع جهنم”.

وتعتبر مخلفات القصف غير المنفجرة من كبرى التحديات التي يعاني منها المدنيون، في المناطق التي شهدت اشتباكات، خاصة أن النظام يعتمد في معاركه على سياسة الارض المحروقة التي يستخدم فيها كماً هائلاً من القذائف الغبية بشتى أنواعها، وغالباً ما تكون نسبة القذائف غير المنفجرة منها كبيرة.

————————

إدلب: هل “الانقاذ” حكومة طبيعية؟/ عقيل حسين

على الرغم من أن الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة لـ”حكومة الانقاذ”، قبل يومين، لم يُثر اهتماماً كبيراً، لكنه يشير إلى سياسة تراها “هيئة تحرير الشام” مثمرة وقابلة للنجاح على المدى البعيد، ما يجعلها تتمسك بتطبيقها والبحث عن آليات ووسائل إضافية لتطويرها، بغض النظر عن ردود الفعل تجاهها.

وكانت الحكومة السابقة برئاسة فواز هلال، قد قدمت استقالتها إلى “مجلس الشورى”، الذي كلّف بدوره، علي كده، بتشكيل الحكومة الجديدة. وعلي كده مهندس من قرية حربنوش بريف إدلب، وهو من مواليد 1973، ولديه خمسة أولاد. وتعهد كده في بيانه الوزاري، بـ”الوصول إلى وطن بلا خيمة عبر العمل على حل مشكلة النزوح والمخيمات”.

وفي البحث عن نماذج يمكن القياس عليها في ما يتعلق بالحكومة التابعة لـ”الهيئة” باعتبارها فصيلاً جهادياً، غالباً ما يطل نموذجا “حركة طالبان” الافغانية وتنظيم “الدولة الاسلامية” كمثالين يمكن المقارنة بهما، لفهم طبيعة ومصير التجربة الحالية شمال غربي سوريا. إلا أن المعطيات الخاصة بهذه التجربة، وقبل ذلك الخصوصية التي استطاعت “تحرير الشام” أن تتمتع بها بين قوى التيار السلفي الجهادي تشير إلى اتجهات أخرى. إذ يمكن القول إن تجربتي نظام “الثورة الاسلامية” في إيران، وحكومة “حركة حماس” في غزة، هما الأكثر إلهاماً لعرابي مشروع “حكومة الانقاذ”، الذين يراهنون على نجاح مشروعهم، رغم عدم الرضا الذي يبديه كل من الداخل والخارج عنه.

الهدف المحلي

المؤشرات تقول إن قيادة “هيئة تحرير الشام” تسعى بشكل حثيث إلى كسب رضا السكان المقيمين في مناطق سيطرتها على المدى القصير من جهة، وكسب ثقة العالم الخارجي على المدى الطويل من جهة أخرى، وصولاً إلى تثبيت أمر واقع في النهاية.

التغيير الوزاري الجديد يصب حتماً في سياق السعي لامتصاص نقمة الداخل على الواقع الخدمي والإداري في إدلب ومحيطها، بعدما بلغت مستويات خطيرة في الأشهر الأخيرة الماضية، حيث شهدت الكثير من المدن والبلدات مظاهرات منددة بـ”الهيئة” و”حكومة الانقاذ” السابقة التي قدمت استقالتها.

حل تقليدي طبعاً، لكن قيادة “الهيئة” لا تفكر بحكومتها بما هو غير تقليدي، بل من الواضح أنها ترى في اللجوء إلى الطرق المتبعة في جميع دول العالم السبيل الأفضل لترسيخ صورتها كسلطة متمكنة ينطبق عليها ما ينطبق على الآخرين. ولذلك فإنها تعتبر عملية التغيير الوزاري استجابة عصرية لمطالب الشعب، بغض النظر عن مدى قناعة الشعب بهذه الاستجابة، على الأقل حالياً.

لكن “الهيئة” ترى أن هناك سبلاً أخرى يمكن من خلالها منح جوائز ترضية للسكان المحليين، عبر اختيار وزراء من مناطق مختلفة بما يمكن من القول إن الحكومة تمثل جميع المناطق التي تقع تحت نفوذها، على الرغم من محدودية عدد الحقائب التي لا تزيد هذه المرة عن 10، بالإضافة إلى رئيس الحكومة. وهي الطريقة المعتمدة لديها في اختيار أعضاء “مجلس الشورى العام”.

كما أن التشكيل الجديد حاول اضفاء المزيد من الحداثة والجدية في الوقت ذاته، سعياً لكسب الرأي العام، أو على الأقل من أجل التخفيف من حدة سخطه. وهو أسلوب آخر غير متبع لدى الجماعات الجهادية التي تمكنت من إقامة شكل من أشكال الحوكمة في مناطق سيطرتها بالقوة.

الهدف الخارجي

وإذا كانت هذه الرسائل موجهة بالدرجة الأولى إلى الداخل، فهي مفيدة في الوقت ذاته مع الخارج أيضاً، الذي أصبح تجاهله والتعالي عليه والقطيعة معه جزء من التراث السلفي الجهادي الذي خطت “هيئة تحرير الشام” خطوات واضحة باتجاه التخفف من قيوده.

لكن الرسالة الخارجية الأهم التي تعمل “الهيئة” على إبقائها بارزة، هي التأكيد على قدراتها في الجانب الأمني خاصة في منطقة تعتبر ملعباً مفتوحاً في الوقت الحالي لمختلف القوى والجماعات التي يرى فيها العالم تهديداً له.

والحقيقة أن “تحرير الشام” نجحت إلى حد كبير في إثبات ذاتها على هذا الصعيد. كما أن إدارتها لملف المعابر مع الجارة تركيا يزيد من قناعة قادتها بأن العالم يمكن أن يقتنع بالأمر الواقع الذي فرضته، بما في ذلك روسيا وإيران، اللتين تأمل “الهيئة” بأن تتمكن تركيا من ثنيهما عن شن هجوم على إدلب وريفها، مع ضمانات لن تتردد “الهيئة” في تقديمها في حال حدث مثل هذا الاتفاق.

وبهذا الصدد ترى قيادة “تحرير الشام” في تجربتي حكومة “الثورة الاسلامية” في إيران وحكومة “حركة حماس” في غزة، مثالين مشجعين على المضي قدماً في هذا المشروع. إذ تمكن النظام الإيراني و”حماس” من عبور مأزق الرفض الدولي، وتثبيت الذات لاحقاً كلاعب لا يمكن تجاوزه. وبعد أن كان أقصى طموحات الجولاني وفريقه في السابق هو استنساخ تجربة “حزب الله”، أصبح البحث عن شكل من الحكم طموحاً ممكناً الآن.

الهدف التنظيمي

الطرف الثالث الذي لا يمكن لـ”هيئة تحرير الشام” تجاوزه، ولا بد لها من خلق الشعور بالرضا لديه في ما يتعلق بمشروع الحكومة، هم كوادر “الهيئة” وجمهورها من التيار السلفي الجهادي الذي نظر منذ اللحظة الأولى إلى هذا المشروع بعين غير مطمئنة، واعتبره الكثيرون منهم بدعة.

لدى إطلاق “حكومة الانقاذ”، بذل الجولاني وفريقه جهداً غير قليل في سبيل اقناع هذا الطرف بالمشروع الذي واجه انتقادين اساسيين من قبل هذا الطرف؛ الأول، أنه مشروع يقوم على أساس وطني طالما أنه يحمل اسم “حكومة الانقاذ السورية”. والثاني، أنه مشروع يعتمد وسائل وأدوات غربية في الحكم والإدارة، بالإضافة الى أنه يسلم “ثمرة الجهاد” إلى حكومة وزراؤها من خارج “الهيئة” والتيار الجهادي، ما يعني التقليل من فرص “تطبيق الشريعة”.

في تلك اللحظة كانت قيادة “الهيئة” بحاجة فعلاً لنموذج “حركة طالبان” والمجالس المحلية التي سمح فرع تنظيم “القاعدة” في اليمن لها بالعمل ضمن المناطق التي سيطر عليها بين العامين 2011-2012، خاصة في محافظة المكلا، بالإضافة الى تجارب أخرى أبسط خاضتها بعض الجماعات الجهادية في الحكم والإدارة. وهو أمر نجح في اقناع قسم مهم حافظ على ولائه لقيادة “تحرير الشام”، بينما لم يكن مقنعاً لقسم آخر انشق عن “الهيئة” وأغلبهم من غير السوريين “المهاجرين:، الأمر الذي لم يؤدِ الى عراقيل جدية أمام المشروع في النهاية.

ليست “حكومة الانقاذ” سوى واجهة مدنية لـ”هيئة تحرير الشام”، وهذا ما لا يختلف عليه اثنان. حتى “الهيئة” ذاتها لم تعد محرجة من هذه الحقيقة. وما هو أهم من كل ذلك أن مشروع “حكومة الإنقاذ” لا يعنى بالقيام بمسؤوليات الحكومة، بقدر ما يعني توزيع جوائز ترضية ورسائل للداخل والخارج، على أمل أن يسهم ذلك في تثبيت سلطة “تحرير الشام”، أو على الأقل فرض نفسها كقوة لا يمكن اقصاؤها في المستقبل.

—————————-

لماذا تعارض موسكو إيصال المساعدات إلى سوريا؟

يصوّت مجلس الأمن الدولي، ليل الخميس/الجمعة، على مشروع قرار لتمديد العمل بآلية لإيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى أربعة ملايين شخص في سوريا، لكنّ النصّ مهدّد بالاصطدام بفيتو روسي، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية.

وقالت المصادر إنّ جلسة التصويت ستعقد بطلب من ألمانيا وبلجيكا والكويت، التي صاغت مشروع قرار أول بهذا الشأن ثم عادت بعد أيام من النقاشات الصاخبة لتقدّمه بصيغة معدّلة في محاولة منها لإرضاء روسيا التي اعترضت بشدّة على الصيغة الأولى.

وينصّ مشروع القرار المعدّل الذي حصلت وكالة “فرانس برس” على نسخة منه على أن يمدّد لفترة سنة العمل بالآلية المعتمدة منذ 2014 لإيصال المساعدات الإنسانية الدولية لنحو 4 ملايين سوري عبر الحدود وخطوط الجبهة في سوريا.

وهذه الآلية التي تسمح بإيصال المساعدات عبر نقاط حدودية لا يسيطر عليها النظام السوري ينتهي مفعولها 10 كانون الثاني/يناير، لكنّ روسيا تعارض تمديد العمل بها بصيغتها الحالية لأنّها تسعى لتعزيز سيطرة حليفها، النظام السوري، على البلاد.

وتستخدم حالياً لإيصال المساعدات الأممية إلى محتاجيها في سوريا أربع نقاط حدودية: اثنتان عبر تركيا وواحدة عبر الاردن وواحدة عبر العراق.

وفي بداية الأمر حاولت ألمانيا وبلجيكا والكويت، الدول المكلّفة الشقّ الإنساني من الملف السوري، زيادة عدد هذه المعابر إلى خمسة من خلال استحداث نقطة حدودية جديدة عبر تركيا، الأمر الذي رفضته موسكو بشدة، مطالبة بالمقابل بخفض عدد المعابر إلى اثنين وبخفض مدة التمديد إلى ستة أشهر بدلاً من عام.

وفي ما اعتبر حلاً وسطاً فقد نصّ مشروع القرار في صيغته المعدّلة على خفض عدد المعابر إلى ثلاثة (اثنان عبر تركيا وواحد عبر العراق) أي بإلغاء معبر الرمثا الحدودي مع الأردن والذي قلّما يستخدم حالياً لإدخال المساعدات.

لكنّ مشروع القرار لحظ إمكانية إعادة فتح هذا المعبر بعد ستة أشهر إذا ما أوصى بذلك تقرير يعدّ بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وبحسب دبلوماسيين فقد عرضت روسيا على شركائها في مجلس الأمن، الإثنين، مشروع قرار مضادّ.

وموسكو، التي تعتبر أنّ الوضع الميداني تغيّر مع استعادة النظام السوري السيطرة على مزيد من الأراضي، تقترح في مشروع قرارها إلغاء اثنتين من نقاط العبور الأربع الحالية بدلاً من إضافة نقطة خامسة.

والمعبران اللذان تريد روسيا إغلاقهما هما معبر اليعربية، على الحدود بين سوريا والعراق، ومعبر الرمثا. كما تقترح موسكو تجديد القرار لمدة ستة أشهر فقط بدلاً من سنة.

وبالفعل فقد وضعت موسكو، بدعم من بكين، اللمسات الأخيرة على مشروع القرار الذي ستطرحه على التصويت مباشرة بعد التصويت على مشروع الدول الثلاث، ما يرجّح استخدام موسكو حق الفيتو ضدّ مشروع القرار الأول.

ولكي يتم اعتماده يتعيّن على المشروع الروسي أن يحصل على تسعة أصوات على الأقلّ من أصل 15، بشرط عدم استخدام أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس حقّ النقض علماً بأنّ ثلاثة من هذه الدول (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) تدعم النصّ الألماني- البلجيكي-الكويتي.

وكان السفير الألماني كريستوف هوسغن قال أمام الصحافيين في ختام اجتماع مغلق عقده مجلس الأمن، الأربعاء، بطلب من موسكو حول هذه المسألة “لسنا متأثرين بأيّ تهديد باستخدام حقّ النقض”، في إشارة إلى الموقف الروسي الذي عبّر عنه قبله بقليل أمام الصحافيين أنفسهم نظيره الروسي فاسيلي نيبينزيا.

وبحسب دبلوماسيين فإنّ كلا المعسكرين، الروسي والغربي، حدّد خلال الجلسة “خطوطاً حمراء”: بالنسبة لروسيا فإنّ سقف القرار هو تمديد لستة أشهر ولنقطتي عبور لا غير، بينما قالت واشنطن إنها لا تقبل بأقلّ من تمديد لسنة واحدة ولأربعة معابر، متنازلة بذلك عن مسألة فتح معبر خامس تطالب به أنقرة والأمم المتّحدة على حدّ سواء.

وأتت جلسة مجلس الأمن غداة توجيه الأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي مناشدة رسمية إلى روسيا لعدم الاعتراض على تمديد العمل بالآلية لمدة عام.

وقالت الدول العشر (بلجيكا وألمانيا وأندونيسيا وجنوب أفريقيا وجمهورية الدومينيكان وساحل العاج وغينيا الاستوائية والكويت والبيرو وبولندا) في بيان تلي في مقرّ الأمم المتحدة إنّ “عواقب عدم تجديد الآلية ستكون كارثية”.

وأعربت موسكو عن أسفها للرفض الذي يتوقع أن يقابل به مجلس الأمن الدولي مشروعها لقرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، والذي يصوت عليه المجلس الخميس.

وقال نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة: “تقدمت روسيا بمشروع قرار توفيقي خاص بالمساعدة الإنسانية عابرة الحدود في سوريا، وعدم تأييده من قبل شركائنا في مجلس الأمن  سيظهر أن الأمر كان بالنسبة لهم عبارة عن لعبة سياسية أكثر من الرغبة في مساعدة سكان سوريا”.

في حين أعرب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عن أمله في أن يوافق مجلس الأمن على مشروع القرار الروسي، مؤكدا أن المشروع الثلاثي الذي طرحته ألمانيا وبلجيكا والكويت، غير مقبول روسيّا. وشدد نيبينزيا على أن المشروع الروسي يدعو لزيادة الرقابة على المساعدات التي يجري إيصالها، “علما بأنه كانت هناك مشاكل في هذا الصدد في الماضي”، كما أشار المندوب الروسي إلى عدم جواز نقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا من دون موافقة الحكومة السورية.

وإذا رفض مجلس الأمن المشروع الروسي، واستخدمت موسكو حق النقض ضد المشروع الثلاثي، كما تتوقع مصادر دبلوماسية، فإن ذلك سيعني عدم تمديد آلية إيصال المساعدات التي ينتهي مفعولها يوم 10 كانون الثاني يناير المقبل.

————————————

هل تنفجر الخلافات الروسية التركية في سورية؟/ خورشيد دلي

الانسجام الروسي – التركي الناجم عن التفاهمات والتوافقات بين روسيا وتركيا في سورية، كثيرا ما يخفي خلفه خلافات عميقة بشأن كيفية إدارة الأزمة السورية. ومع هذه المفارقة المستمرة، تحولت الخلافات بينهما إلى ما يشبه جمرا يتقد، ويكاد يشتعل أو ينفجر هنا أو هناك، فكلما حذّرت تركيا من التصعيد العسكري في إدلب، ومن موجة جديدة للنازحين إلى أراضيها، ردّت موسكو بأن تركيا لا تفي بالتزاماتها الواردة في اتفاق سوتشي، ولا تقوم بالدور الكافي تجاه هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة). وكلما قالت تركيا إن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لم تنسحب من كامل المناطق التي نصّ عليها اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا عقب عملية “نبع السلام”، وهدّدت باستئناف العملية، ردّت موسكو بأن المقاتلين الكرد نفذوا الانسحاب الكامل من تلك المناطق، وأبدت استغرابها من هذه التصريحات التركية. وكلما تحدثت أنقرة عن ضرورة تنفيذ اتفاقية منبح وتل رفعت بين الجانبين، ردّت موسكو بضرورة انتشار الجيش السوري النظامي في جميع مناطق الشريط الحدودي مع تركيا. وكلما طالبت تركيا بفتح معبر تل أبيض لإدخال المساعدات الأممية إلى الداخل السوري، ردّت موسكو بأن جميع المعابر يجب أن تكون تحت سلطة النظام، وأن يتم إدخال المساعدات تحت إشرافه.

ولا يقتصر الجدل بين الجانبين على الميدان والأمن والمعابر فحسب، بل يشمل السياسة أيضا،

“ما زالت العوامل التي وقفت وراء التفاهمات قائمة، وهي التصويب المشترك على النفوذ الأميركي في شرق الفرات”

 على شكل صراع على كيفية تحديد أجندة اللجنة الدستورية، وما هي هذه الأجندة، وكذلك في الانفتاح الذي تُبديه موسكو تجاه “قسد”، ومحاولتها رعاية مباحثات بين دمشق والكرد للتوصل إلى حل ترى تركيا أنها ستكون المتضرّر الأكبر منه، نظرا لأن النقطة الأساسية التي يتفق عليها الطرفان هي محاربة نفوذ تركيا في شمال شرق سورية، والقضاء على نفوذ الجماعات المسلحة المرتبطة بها، سيما التي شاركت في عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام. ولا يعني الجدل الروسي – التركي هذا أن التفاهمات بينهما فقدت دورها الوظيفي للطرفين، إذ ما زالت العوامل التي وقفت وراء هذه التفاهمات قائمة، وهي تتعلق أولا بالتصويب المشترك على النفوذ الأميركي في شرق الفرات، كل طرفٍ لأسبابه الخاصة، وكذلك بدور التوتر الجاري في العلاقات التركية – الأميركية، ومحاولات روسيا الحثيثة إخراج تركيا من حلف شمال الأطلسي (الناتو) لصالح استراتيجيتها الأوراسية، لتسجل بذلك انتصارا كبيرا على الحلف من بوابة تركيا، فيما تتقارب الأخيرة مع روسيا تعويضا عن تفاقم الخلاف مع الغرب، بشقيه الأوروبي والأميركي، ولتحقيق نوعٍ من التوازن في علاقاتها بالطرفين، فضلا عن أهمية دور المصالح الاقتصادية التي تتعزّز بين موسكو وأنقرة، سيما في مجال الطاقة وخطوط إمداد الغاز الروسي عبر الأراضي التركية.

على الرغم من أن هذه العوامل والدوافع المشتركة أنتجت تقاربا كبيرا بين موسكو وأنقرة، تجسّد في تفهم كل طرف تطلعات الأخر في الأزمة السورية وتطوراتها، إلا أنها لم تستطع، في الوقت نفسه، إخفاء طبيعة التناقض الاستراتيجي بينهما إزاء هذه الأزمة، فتركيا تدرك أن توسّع انتشار النفوذ الروسي في شمال سورية وشرقها على حساب الأميركي سيكون على حسابها في النهاية أيضا، وما إقامة قاعدة عسكرية في القامشلي إلا مؤشر لقطع الطريق أمام المشروع التركي في هذه المنطقة، وترتيب المشهد المعقد هناك لصالح النظام واستعادته السيطرة على كامل هذه المناطق، وهو ما يعني أن التفاهمات الروسية – التركية التي جرت ستصبح مؤقتة، وأنها كانت بالنسبة لروسيا تكتيكا مرحليا لقلب الموازين إلى حين تتغير لصالح المطالبة بفرض أجندتها في مناطق النفوذ التركي، وهو ما يعني فقدان التفاهمات الجارية أهميتها لصالح تفجّر عوامل الصدام بينهما. ولعل ما يجري في إدلب اليوم يشكل امتحانا لهذه التفاهمات، وربما شرارة تفجّر الخلافات الكامنة بين الطرفين، على الرغم من أهمية الدور الروسي لتركيا في الأزمة الجارية بخصوص ليبيا والمتوسط.

وفي جميع الحالات، يبدو الموقف التركي، وتحديدا موقف الرئيس أردوغان، صعبا جدا، فهو من جهة يعرف مدى تكلفة المواجهة مع روسيا في سورية، وفي الوقت نفسه، يدرك أن مسايرة السياسة الروسية في سورية حتى النهاية باتت مكلفة أكثر على سياسته ومصداقيته.

العربي الجديد

———————————–

“السلم الروسي” في الشرق الأوسط: ما هي احتمالاته؟/ إيغور دولانويه

بعد أربع سنوات من شنّ عمليتها العسكرية في سوريا، تمكّنت روسيا من تحقيق استقرار في الوضع. وتتمتع بموقع الوسيط، إن لم يكن الحكم، في كل القضايا الإقليمية. وهو موقع فازت به بفضل نوعية العلاقات التي سهرت على إقامتها مع غالبية الأطراف الفاعلة. من جهة أخرى، يندمج الشرق الأوسط ضمن استراتيجية القوة الشاملة التي ينتهجها الكرملين.

ماذا تريد روسيا في الشرق الأوسط؟ يعود هذا السؤال بانتظام، ليس لنجاح موسكو في إعادة النظام السوري ضمن اللعبة من جديد فحسب، بل لأنها أصبحت جهة فاعلة أمنيا ورائدة في المشهد الاستراتيجي للشرق الأوسط. ومع ذلك، ليس من نوايا موسكو إقامة أي نوع من “السّلم الروسي” كبديل “لسلم أمريكي” يحتضر، إذ ليس لها لا الوسائل ولا الرغبة في ذلك. لقد استخلص الكرملين الدروس من الحقبة السوفيتية، عندما قام الاتحاد السوفياتي -بدافع أيديولوجي – بتقديم مساعدات عسكرية ومادية واقتصادية مكثفة إلى البلدان التي انضمت إلى المعسكر الاشتراكي. فذكرى تلك المليارات من الدولارات التي أنفقت بسخاء في قضية خاسرة والوسائل المالية التي انحسرت كثيرا في روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي تجعل الكرملين يعتمد نهجا أكثر واقعية. إذ نجمت عن المساعدة العسكرية-التقنية السوفياتية وحدها ديون متراكمة بلغت عدة مليارات من الدولارات لدى بلدان مثل ليبيا وسوريا والعراق، وقد اضطرت روسيا إلى التفاوض بشأنها، وفي كثير من الأحيان محوها في سنوات 2000 (مقابل إبرام عقود جديدة لبيع الأسلحة).

ويرى البعض في موسكو بأن مبلغ الخمس مليارات دولار من القروض التي تفكر روسيا في منحها لإيران استثمار محفوف بالمخاطر في ظل الركود الكبير للاقتصاد الإيراني، الذي سيشهد ركودًا بنسبة 9.5٪ في عام 2019 وفقًا لصندوق النقد الدولي

1

وتنامي مظاهرات الاحتجاجات في البلاد.

“بطاقة العمل” السورية

يلعب انسحاب واشنطن من الشرق الأوسط -والذي ترك المجال لاثنين من حلفائها الرئيسيين هما إسرائيل والسعودية- بصفة جلية لصالح روسيا. وفي مقابل هذا المجال الدبلوماسي المتروك والتذبذب الذي أظهرته إدارتا أوباما وترامب في سوريا، أظهرت موسكو عزيمة قوية في نفس الملف. وقد باتت موسكو تقدّم المثال السوري -سواء في المنطقة أو أبعد من ذلك في أفريقيا وحتى في فنزويلا- ضمن منطق شامل لإعادة تشكيل النفوذ وتحدي الزعامة الأمريكية.

كما يلعب صدى النجاح العسكري الروسي في سوريا دور الموازن للقوة أمام الهيمنة العسكرية التي لا تزال تشكلها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويبقى للولايات المتحدة 60 ألف رجل مرابطين في قواعد تنتشر في جميع أنحاء المنطقة، بينما تطوف منذ أسابيع في مياه الخليج مجموعة بحرية-جوية تقودها حاملة الطائرات النووية “أبراهام لنكون”. لم يسبق أن أرسلت البحرية الأمريكية هذا العدد من القوات الى الشرق الأوسط ، بل أن واشنطن تفكر بإرسال 14,000 جندي إضافي.

لا تقاس الأرباح التي جنتها روسيا في الشرق الأوسط بفضل حملتها العسكرية السورية باسترجاع مكانتها كقوة عظمى فحسب، بل أيضا وبشكل متزايد بالجانب الاقتصادي. ففي سياق نمو حجم التجارة الخارجية الروسية منذ 2015، تتزايد باستمرار حصة شركاء موسكو التجاريين في الشرق الأوسط: فإذا كانت تمثل 6،1٪ في سنة 2016، فقد وصلت إلى 7،1٪ في 2018. وفيما يتعلق بمبيعات الأسلحة، وعلى الرغم من انخفاض حجم الصادرات السنوية من المعدات العسكرية الروسية، هناك زيادة واضحة في حصة بلدان الشرق الأوسط خلال الفترة 2014-2018، فهم يتلقون ما بين 45٪ و48٪ من مجمل صادرات الأسلحة الروسية، وهو ما يعادل حصة الزبائن الآسيويين الذين كانوا يمثلون في السابق من 60٪ إلى 70٪ من حقيبة صادرات المعدات العسكرية الروسية.

وهكذا نرى بأن المركب العسكري-الصناعي الروسي استفاد من “العامل السوري”.

في مثلثات الشرق الأوسط

منذ حلول “الربيع العربي” وتخفيض الوجود الأمريكي ثم دخول روسيا في سوريا، برزت ثلاثة “مثلثات” على الساحة الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

ففي السياق السوري دون-الإقليمي ظهر ثلاثي أستانة ـ المشكل من روسيا وإيران وتركيا ـ منذ نشأته في نهاية 2016 كالمنتدى الأكثر نشاطا من أجل استقرار الأزمة. وقد بدا هذا المثلث مفيدا جدا خلال المحادثات بين الروس والأتراك والإيرانيين بخصوص كيفية استسلام مختلف مناطق “خفض التصعيد” في 2017 ـ 2018.

فمنتدى “أستانة” الذي له قبل كل شيء بعد عملي وتقني مع تأثير ميداني قوي على المستوى التكتيكي بل حتى العملياتي، قد استمر بعد اختفاء المناطق التي أنشأها. وتعود استمراريته وقدرته على التكيف في طرق تسييره بصفة كبيرة إلى مرونة موقف عرَّابيه.

وقد برز اتجاهان منذ نشأته: غلبة الفرع الروسي-التركي ضمن مثلث أستانة وتبلور التنافس الروسي-الإيراني حول مركز المثلث والذي يجسده بشار الأسد. تعد الغلبة الروسية التركية الملاحظة في 2018-2019 نتاجا لسياق مزدوج: التوترات القائمة حول آخر منطقة خفض التصعيد الباقية -أي إدلب- من جهة، وتلك المرتبطة بتبعات الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية من الشمال الشرقي السوري في خريف 2019 من جهة أخرى. وفي كلتا الحالتين، كان التفاهم بين موسكو وأنقرة، المبني دوما على قاعدة الصفقة والأجل القصير، حاسما في تفادي تصعيد الوضع دون أن يحلّ مع ذلك المشاكل الأساسية.

من جهة أخرى، من شأن انطلاق اللجنة الدستورية

2

تحت إشراف الأمم المتحدة نهاية أكتوبر-تشرين الأول أن يزيد في التنافس القائم بين الروس والإيرانيين في سوريا. وبالفعل سيُطلب من دمشق، في إطار هذه اللجنة، تقديم تنازلات سياسية مرتبطة بتعديل جزئي أو كلّي للدستور السوري. وفي هذا السياق، وأمام الضغط الذي قد يتعرض له النظام السوري من طرف حليفه الروسي، لن يكون أمامه بديل آخر غير البحث عن هامش مناورة لدى عرّابه الآخر -أي إيران- المهمش في عملية اللجنة الدستورية.

قوة تحافظ على استمرار الوضع القائم

المثلث الثاني الذي ظهر هو ذلك الذي شكلته على المستوى الإقليمي ثلاث قوى شرق أوسطية: المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا. لهذه الجهات الفاعلة الثلاث أجندات إقليمية وهي تتنافس على الزعامة التي أخذت شكلا حادا في سوريا. وتبرز هذه المنافسة أيضا بقوة في مسارح اخرى، كليبيا واليمن، وبشكل أقل عنفا في لبنان.

تتموقع روسيا في وسط هذا المثلث كونها تتمتع بعلاقات بنّاءة -على الرغم من أنها تخضع لديناميكيات خاصة- مع الأطراف الفاعلة الثلاث.

وشهدت الأخيرة من جهة أخرى تطورا في علاقاتها مع واشنطن خلال السنوات الأخيرة. فالروابط بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، وإن بقيت قوية، أخذت طابعا تجاريا ملحوظا منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. أما العلاقات بين أنقرة وواشنطن، فقد تدهورت بشكل كبير بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس التركي في صائفة 2016. وأخيرا، فإن الهدف بين الإيرانيين والأمريكيين هو تفادي وقوع حادث قد يتحول إلى نزاع مفتوح.

من وجهة نظر موسكو من الضروري الحفاظ على علاقات عمل جيدة مع هذه العواصم الثلاث، مع العلم أن هذه العلاقات لا تستند إلى بناء الثقة بل تستند إلى منطق المصالح. لدى السعوديين في الواقع وسائل تأثير قوية يأخذها الروس بعين الاعتبار: إنتاج النفط وقوة مالية ضاربة معتبرة تريد روسيا أن تستفيد منها والعامل الديني. نفس الحال ينطبق على تركيا: فهناك عامل النطق باللغات التركية في المجال ما بعد الاتحاد السوفياتي والتحكم في المضايق (البوسفور والدردنيل) والنفوذ التركي في البلقان… كما تخشى بقوة كل من إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية بروز حركات احتجاج شعبية في بلدانها شبيهة بـ“الربيع العربي”.

وفي هذا الصدد، من شأن الخطاب المحافظ الذي تتبناه روسيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ـ حيث تظهر موسكو كقوة تعمل على الحفاظ على الوضع القائم ـ أن يطمئن كلاّ من الرياض وأنقرة وطهران. ولكنه يُعدّ عامل التقارب القوي الوحيد بين روسيا وإيران، إضافة ربما إلى مسألة استقرار الوضع في أفغانستان. ففضلا عن تقدير مختلف حول طرق تسوية النزاع السوري، فإن الروس لا ينخرطون أيضا في الأجندة الإيرانية في الخليج (اليمن والموقف الإيراني بخصوص مضيق هرمز ومياه الخليج) في حين يلاحظ الطرفان تقلصا مستمرا في حجم تبادلهما التجاري منذ عشر سنوات

3

بين الولايات المتحدة والصين

يتكون المثلث الثالث الذي يبرز في الشرق الأوسط من قوى من خارج المنطقة، وهي روسيا والولايات المتحدة والصين. ولهذه الأطراف الفاعلة أجندات إقليمية وكذلك عالمية شاملة تندمج فيها المنطقة. إذا كانت القوة الأولى – روسيا- تمتاز قبل كل شيء بقدرتها الموسعة في التحاور مع كل الفاعلين، تبقى الثانية قوة عسكرية لا يمكن تجاوزها والثالثة فاعلا اقتصاديا من الصنف الأول.

يتوافق هذا المثلث تماما مع ذلك الذي رسمه هنري كسنغر، الذي كان وزيرا للخارجية ومستشار الأمن القومي في إدارتي نيكسون وكارتر. وقد أقام نظرية مفادها أنه من المستحسن أن تكون لواشنطن علاقات أفضل مع موسكو وبكين من العلاقات التي يمكن أن يقيمها الصينيون والسوفيات فيما بينهم. ويطبق الرسم هنا في سياق الشرق الأوسط.

ولكن يبدو أن الفرع الصيني-الروسي لمثلث كيسنجر هو -إلى حدّ بعيد- الأكثر متانة. إلى أي مدى يمكن لهذه الشراكة الديناميكية الروسية الصينية أن تتحول إلى عامل مهيكل في المشهد الاستراتيجي للشرق الأوسط؟ إلى حد الآن، لا يوجد دليل يدعم فرضية عمل صيني روسي متناغم. كل ما يمكن ملاحظته على مستوى مجلس الأمن الدولي هو أن الصينيين يتركون الروس “يصعدون إلى الجبهة” لمواجهة الغربيين في الملف السوري ويكتفون، عندما يحين الوقت وليس بصفة دائمة، باستخدام حق النقض مع موسكو. استخدمت الصين أربع مرات حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ عام 2012 للتصدي لمشاريع قرارات تتعلق بسوريا. وكان ذلك آخر مرة في سبتمبر- أيلول 2019. بالمقارنة، استخدمت روسيا حق النقض مرتين في عام 2018

4

في انتظار التسوية السياسية للأزمة السورية، توجد موسكو في مفصل هذه المثلثات الثلاثة. وتشمل قدرتها العابرة على الحوار المستويات الثلاثة -دون الإقليمية والإقليمية “والعالمية-المحلية”. ومن شأن دور موسكو في حل الصراع السوري -أو في أية أزمة أخرى في الشرق الأوسط- أن يعزز هذا التوجه. بالمقابل، ليس بمقدور روسيا أن تضيف إلى قوتها الدبلوماسية القدرة العسكرية اللازمة والإمكانات الاقتصادية المناسبة التي من شأنها أن تسمح بفرض “باكس روسيكا” (سلام روسي) في الشرق الأوسط.

إيغور دولانويه

إيغور دولانويه Igor Delanoë، مدير مساعد للمرصد الروسي الفرنسي، دكتور في التاريخ وأخصائي في الشؤون الروسية المتعلقة بالسياسة الخارجية والدفاع

———————————

سوريا أفغانستان الثانية لروسيا/ بسام مقداد

توقفت روسيا عند ذكرى حربها في أفغانستان مرتين خلال العام الجاري : 40 سنة على بدء غزوها في 15 شباط/فبراير من العام 1979 ، و30 سنة على هزيمتها وخروجها منها في 12 من مثل هذا الشهر في العام 1989 . وما بين هذين التاريخين مرت حوالي عشر سنوات على روسيا، وهي تجهد عبثاَ لتحقيق ما يحفظ ماء الوجه في شعاب أفغانستان ، ولم تكن تفعل خلالها سوى إرسال المزيد من جثث عسكرييها في صناديق الزنك ، التي بلغ عددها حوالي 15000 تابوت.

لم تفارق أفغانستان الذاكرة الروسية مطلقاً ، بل اشتد وقعها على هذه الذاكرة أكثر ، مع انخراط روسيا في المقتلة السورية منذ خريف العام 2015 . فمنذ بداية العملية الروسية في سوريا ، برزت مخاوف كثيرة من أن تصبح سوريا أفغانستان ثانية لروسيا ، ومن أن تضطر موسكو إلى التصعيد في عمليتها ، وتوسيع تواجدها على الأرض ، على قول المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الخارجية أندريه كارتونوف في اتصال مع “المدن” من موسكو . ويرى كارتونوف أن هذا التصعيد والتوسع في التواجد على الأرض “لم يحصل حتى الآن” ، وتبقى المشاركة الروسية محدودة جداً ، وكذلك الخسائر الروسية في سوريا. وتبقى العملية العسكرية منخفضة الكلفة نسبياً ، إذ أن المناورات المتعددة داخل البلاد تكلف الخزينة الروسية أكثر بكثير مما تكلفه عمليات الطيران في سماء سوريا ، برأيه .

إلا أن كارتونوف يستدرك ويقول بأن سوريا ، مع ذلك ، تشبه أفغانستان من زاوية أخرى ، إذ وكما في أفغانستان ، ليس من الواضح تماماً متى ستنتهي العملية العسكرية في سوريا ، ووفق أية شروط . فمواعيد الإنسحاب النهائي للعسكريين الروس من سوريا يجري تأحيلها باستمرار، و”يتسرب النصر العسكري من بين الأصابع” ، على قوله .

أما نيكولاي ريجكوف ، رئيس وزراء روسيا (الإتحاد السوفياتي) خلال فترة الإنسحاب من أفغانستان، فقد رفض رفضاً قاطعاً إجراء أية مقارنة بين سوريا وأفغانستان . وقال في مقابلة مع إنترفاكس في شباط/فبراير الماضي في الذكرى الأربعين لغزو أفغانستان ، بأنه “لا يجوز قطعاً مقارنة ما لايقارن” ، واعتبر أنه يوجد أساس شرعي بين سوريا وروسيا لتقديم المساعدة في حالة العدوان . واعتبر أن المساعدة الروسية قد طلبها رئيس سوريا الشرعي والقانوني ، وبغض النظر عن الموقف من الأسد ، إلا أنه شرعي ، برأيه . والعالم لا يعيش في فراغ ، بل تقوم العلاقات بين الدول على أسس حقوقية ، وروسيا ، إذ تقدم المساعدة لسوريا على أسس حقوقية شرعية ، لا تسعى إلى أن تقيم في هذا البلد ما يشبهها ، وتجعلها على صورة روسيا. ويقول بأن روسيا تؤيد الحل متعدد الجوانب للمشكلة السورية، وبأنها تؤيد في سوريا الدستور ، الذي يتوافق مع تقاليدها .

المقارنة بين تورط روسيا السوفياتية في أفغانستان وانخراطها الراهن في المقتلة السورية ، لم تغب عن المواقع والصحف الروسية منذ العام 2015، بل هي موجودة ، أو تتراءى في خلفية معظم النصوص الروسية ، التي تتحدث عن التورط الروسي في سوريا . بعد حوالي السنة من بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا ، كتب أحد المواقع الروسية المغمورة ((sevodnya.ru مقالة بعنوان “سوريا مثل أفغانستان” ، قارن فيها بين التبريرات ، التي ساقتها القيادة الروسية في كلتا الحالتين . وقال بأن الإتحاد السوفياتي دخل أفغانستان وهو يعلن بأنه لا ينوي الحرب طويلاً ، وبأنه دخل بقوة عسكرية صغيرة ، وأن السكان المحليين يرحبون بشكل عام بالقوات الروسية ، والعدو هم المجاهدون السنة ، وبأن أفغانستان تقع بعيداً عن موسكو .

التبريرات عينها ، برأيه، ساقتها القيادة الروسية الحالية لدى دخولها سوريا ، إذ أعلنت أنها لا تنوي الحرب طويلاً ( حتى أنها أعلنت عن انسحاب القوات في ربيع العام 2016) ، ودخلت بوحدة عسكرية صغيرة (الطيران العسكري مع الحماية والخدمات الأرضية) ، والسكان المحليون يرحبون بالعسكريين الروس ، ونجاحات بأقل الخسائر ، والعدو هو من الجنود السنة (ثائرون ، مقاتلون ، إرهابيون ، معارضة معتدلة وغيره) ، وسوريا تقع أيضاً بعيداً عن موسكو .

يستشهد الموقع بأقوال صينية قديمة عن “فن الحرب” ، تشير إلى أن النجاح هو حليف الحملات العسكرية السريعة ، وليس الحروب المديدة ، ويقول بأن روسيا يبدو أنها ، وكما الإتحاد السوفياتي من قبل ، قد وقعت في حرب مديدة مجهولة النتائج . ويقول بأن ما يجري لروسيا في سوريا شبيه بما جرى لها في أفغانستان : نجاحات عسكرية في البداية من دون دلائل على النصر في الحرب ، ثم تبعتها مرحلة تنشيط الولايات المتحدة لعملية مد القوى المعادية للروس بالسلاح ، والتي أفضت إلى خسارة كابول . ويقول بأنه يُشتم مما يجري في سوريا رائحة الفخ ، الذي وقعت به في أفغانستان من قبل ، غير أنها لم تقع به حتى الآن في سوريا(العام 2016) ، لكن إن وقعت به “فهذا أمر سيئ، ومحزن ، محزن للغاية”.

من جهة أخرى ، وفي ذكرى اليوم عينه ، الذي اتخذ فيه المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي القرار بغزو أفغانستان، في 12 كانون الاول/ديسمبر العام 1979، قام موقع “znak” الروسي المعارض بنشر مقالة مطولة بعنوان “أفغانستان أدت إلى موت جيشنا ودولتنا” ، قال فيه بأن هذا القرار تحول إلى خطأ مميت. وينقل الموقع عن النائب الأول للجنة الدفاع في مجلس الدوما ألكسندر شيرين قوله ، بأن أفغانستان هي مثل سوريا الحالية ، وظروف إدخال القوات السوفياتية إلى أفغانستان كانت تشبه تماماً ظروف إدخال الجيش الروسي إلى سوريا . الظروف عينها ، والجهاديون عينهم ، الذين انتفضوا وحاولوا إسقاط الحكومة الشرعية في أفغانستان، والإتفاقات نفسها بين الإتحاد السوفياتي وجمهورية أفغانستان الصديقة. ويقول الموقع بأن مثل هذه التصريحات سوف تتكرر بالتأكيد على لسان المسؤولين والسياسيين والعسكريين ، في الذكرى السنوية الأربعين لبدء الحرب الأفغانية ، لكن لا بد للرؤوس الحامية ، برأيه ، من أن تعترف ، بأن إدخال القوات الروسية إلى أفغانستان كان خطأً ، وأن هذه ليست وجهة نظر الموقع فقط ، بل هي وجهة نظر بعض المسؤولين السابقين في جهاز KGB السوفياتي ، الذين شاركوا في الحرب الأفغانية .

بدورها ، صحيفة عتاة القوميين الروس الفاشيين “zavtra” ، التي تصطف إلى اقصى يمين السلطة الروسية الراهنة ، والتي تتهمها دوماً “بخيانة” مصالح روسيا القومية ، نشرت في 5 من كانون الأول/ديسمبر الجاري مقالة بعنوان “مشروع من تنفذ روسيا في سوريا” . توجهت الصحيفة إلى قرائها بالقول “جَدّياً ، من منكم بوسعه أن يصيغ بشكل واضح ومفهوم هدف وجودنا العسكري في سوريا ؟” . وقالت ، حين بدأت الحرب في أفغانستان في العام 1979 ، “شرحوا لنا بسرعة ، بأن الشباب الطيبين في أفغانستان يريدون بناء الإشتراكية ، بينما الشباب السيئون يعترضون طريقهم” . وكان واضحاً ومفهوماً أن على الروس مساعدة “الأفغان الطيبين”.

وتنهي الصحيفة سخريتها اللاذعة في المقالة بالتذكير بفكاهة قديمة حول سلطة بوتين واستهتارها بمصالح روسيا القومية . تقول الفكاهة ، أن رئيس شركة كوكا كولا اتصل بالرئيس بوتين في بداية عهده واقترح عليه ، بأنه إذا كان يريد اعتماد العلم الأحمر في روسيا ، يمكنه أن يضيف باللون الأصفر كلمة  “Соса-Соla” ، وتتولى الشركة تسديد كل ديون روسيا الخارجية مع دفع مبلغ إضافي . أُعجب بوتين يالإقتراح ، وطلب من رئيس الشركة عدم إقفال الهاتف ، ونادى على رئيس وزرائه وسأله متى ينتهي العقد مع شركة ” Aquafresh” .

 الروس أدرى بشعاب سلطتهم . وإذا كانت ثقتهم بها على هذا القدر من التدني ، فهل يصعب على السوريين التأكد من أن روسيا بوتين ، وعلى الرغم من كل “انتصاراتها” المحلية ، سوف تخرج في نهاية المطاف كما خرجت من أفغانستان ، وستكون سوريا أفغانستان الثانية بالنسبة لها .

المدن

————————————-

إدلب: مجازر روسية متنقلة..وإستعدادات لمعركة فاصلة

كثفت الطائرات الحربية والمروحية قصفها الجوي على أرياف ادلب وحماة واللاذقية، واستهدفت بشكل مركز، أرياف منطقة معرة النعمان التي تعرضت لأكثر من 100 غارة جوية. وطاول القصف بلدات التح وأم جلال وتل منس والغدفة وأم التينة الدير الشرقي ومعر شورين ومعر شمارين وأكثر من 30 قرية، بحسب مراسل “المدن”.

وتسبب القصف الجوي في مقتل 16 مدنياً على الأقل في ريف المعرة في مجزرتين؛ بعدما استهدفت الطائرات الحربية الروسية السوق الشعبي في بلدة معصران، ومنازل المدنيين في تل منس.

مليشيات النظام قصفت براجمات الصواريخ البلدات المدينة شرق وجنوبي ادلب، وامتد القصف إلى سهل الغاب ومنطقة جسر الشغور غرباً، وتسبب القصف بوقوع مجزرة في بلدة بداما قُتِلَ فيها 6 أشخاص بينهم ثلاثة أطفال من عائلة واحدة. الطائرات الحربية الرشاشة لاحقت العائلات الهاربة من البلدات المستهدفة بالقصف الجوي، وتسبب قصف الطائرات للطرق الرئيسية والزراعية على جانبي الطريق الدولي وفي ريف المعرة، في مقتل واصابة عدد من المدنيين، ووقوع حوادث عديدة للمركبات والسيارات التي تنقل النازحين نحو مناطق الشمال القريبة من الحدود التركية. وفي المنطقة الحدودية غربي ادلب، قتل ثلاثة أشخاص بينهم امرأة، برصاص الجيش التركي أثناء محاولتهم عبور الحدود باتجاه تركيا، بمساعدة مهربين في منطقة أورم الجوز.

الناشط الإعلامي محمد رشيد، أكد لـ”المدن”، أن الطائرات الحربية والمروحية تكاد لا تفارق أجواء ادلب، بالتزامن مع حملة قصف وحشية تشنها المليشيات على البلدات والقرى. وحصد القصف أرواح أكثر من 24 مدنياً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، ودفع بالآلاف للنزوح من قراهم في ريف معرة النعمان.

ولجأ قسم كبير من النازحين إلى البساتين في أطراف القرى خوفاً من المسير الليلي بسبب استهداف الطائرات الحربية برشاشاتها الثقيلة طرق المواصلات.

مدير المكتب الإعلامي في “الدفاع المدني” في ادلب أحمد شيخو، أكد لـ”المدن”، أن الطائرات الحربية الروسية تشارك بكثافة في حملة القصف، وتركز في غاراتها على الأهداف المدنية في ريفي ادلب الشرقي والجنوبي.

الناشط الإعلامي فيصل الطيب، أكد لـ”المدن”، أن المليشيات تمهد لعمليتها العسكرية بالقصف الوحشي شرقي الطريق الدولي حلب-دمشق. وأضاف أن ادلب مقبلة على كارثة إنسانية في حال لم تتوقف الحملة التي ستتبعها في الغالب عملية عسكرية واسعة.

وتتداول المواقع الإعلامية الموالية لمليشيات النظام الروسية، خريطة لعملياتها البرية شرقي ادلب، وتظهر المناطق التي من المفترض أن تستهدفها المليشيات في هجومها البري الواسع الذي يهدف إلى السيطرة على الطريق الدولي الممتد بين خان شيخون جنوباً، وحلب شمالاً، مروراً بمنطقة شاسعة وخطوط تماس ممتدة من الشمال إلى الجنوب في ريفي ادلب وحلب لأكثر من 150 كيلومتراً.

وتقلل المليشيات من أهمية دفاعات المعارضة في الجبهات المفترض إشغالها، وتقول إنها رصدت انسحاب فصائل “الجبهة الوطنية” و”تحرير الشام” من منطقة خفض التصعيد، ومن بقي في خطوط التماس هم من التنظيمات “أنصار التوحيد” وتشكيلات “غرفة عمليات وحرض المؤمنين” الجهادية. وتتحدث المليشيات عن عمليات برية مشابهة من حيث الكلفة والسرعة للمراحل الأخيرة من معارك السيطرة على حماة الشمالي، وذلك عبر الالتفاف على خان شيخون والهبيط والطريق الدولي وإجبار المعارضة على الخروج من مناطق شاسعة حينها.

في المقابل تبدو الفصائل المعارضة والإسلامية مدركة بما هي مقبلة عليه من معركة فاصلة، لذا دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المناطق القريبة من خطوط التماس في ريفي ادلب الشرقي وحلب الجنوبي. وتداول مقاتلون في “تحرير الشام” معلومات حول توجه تعزيزات ضخمة من جيوش “الهيئة” الأربعة و”العصائب الحمراء” إلى جبهات القتال استعداداً للمواجهة. فصائل “فيلق الشام” و”أحرار الشام” و”صقور الشام” و”جيش الأحرار”، كبرى فصائل “الجبهة الوطنية”، بدت جاهزة للمواجهة بعدما استنفرت أعداداً إضافية من مقاتليها للالتحاق بجبهات القتال والخطوط الخلفية.

المدن

———————————–

لعنة الطرقات الدولية: الرحيل أو الموت/ مصطفى أبو شمس

«إمكانية البقاء معدومة، فهو يعني الموت، أو الاعتقال في أفضل الأحوال»؛ تكررت هذه الكلمات مراراً منذ تهجير سكان أحياء حلب الشرقية قبل ثلاث سنوات، ويقولها آلاف السوريين مجدداً مع كل تقدم لقوات النظام وحلفائها باتجاه منطقة جديدة، مستخدمة سياسة التدمير الشامل عبر آلاف الغارات الجوية والقذائف والصواريخ بهدف تهجير السكان من مناطقهم، وفرض شروطها لإيقاف حمام الدم مقابل مكاسب عسكرية وسياسية واقتصادية.

بين ريف إدلب الجنوبي وحلب

فرضت قوات النظام سيطرتها على كامل أحياء حلب الشرقية في مثل هذه الأيام من شهر كانون الأول 2016، وفق اتفاق قضى بتهجير سبعة وثلاثين ألف شخصاً بحسب منظمة العفو الدولية، وذلك بعد حصار خانق على هذه الأحياء وتدمير معظمها بشتى أنواع القذائف.

يتكرر المشهد الآن في قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي، التي تشهد منذ نحو شهرين تصعيداً عنيفاً من قبل قوات الأسد وروسيا، إذ وثَّقَ المركز الإعلامي العام MMC خلال تشرين الثاني الماضي 1256 غارة بالطائرات الحربية منها 1105 غارات روسية، كما وثَّقَ عودة مروحيات الأسد الواسعة لاستخدام البراميل المتفجرة بواقع 662 استهدافاً بها، بالإضافة إلى نحو 11823 قذيفة مدفعية وصاروخية. كما استهدفت هذه الغارات البني التحتية والمرافق العامة، إذ تم توثيق نحو 85 اعتداءً على المشافي والنقاط الطبية ومراكز الدفاع المدني والأفران والأسواق والمساجد والمخيمات خلال تشرين الثاني، لتستمر قوات الأسد وروسيا باستهداف المنشآت الحيوية خلال الشهر الحالي، دون أن تصدر إحصائية رسمية حتى الآن.

وتشير الأخبار والفيديوهات المتداولة إلى تصاعد حدة الهجوم خلال كانون الأول الجاري، خاصة على الأسواق الشعبية والبنى التحتية، كان آخرها استهداف سوق سراقب يوم السبت الماضي. ويقول فريق منسقو الاستجابة إن عدد النازحين بلغ أكثر من مئتي ألف شخص خلال كانون الأول الجاري فقط، بينما وثَّقَ المركز الإعلامي العام نزوح أربعين ألف شخص خلال الأيام الثلاثة الماضية فقط، وبقاء نحو سبعين ألف شخص تحت خطر الموت في القرى والبلدات المستهدفة.

وقد بلغ عدد الضحايا المدنيين خلال تشرين الثاني الماضي نحو 105 أشخاص، بينهم 46 طفلاً، تضاعف عددهم خلال الأسابيع الماضية من كانون الأول الجاري ليزيد الرقم عن 225 شخصاً بينهم 74 طفلاً، بحسب إحصائية لـ «منسقو استجابة سوريا» حتى 21 كانون الأول الجاري.

يقول أحمد الإبراهيم، الناشط المدني المحليّ من جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، إن السياسة المعتمدة حالياً تبدو نسخة مكررة عن ما قامت به قوات النظام مراراً منذ التهجير من حلب، وهي تهدف إلى إخلاء المناطق التي تسعى إلى السيطرة عليها من سكانها، وتضييق الخناق على الفصائل المعارضة بغية التسليم والقبول بأي حل تفرضه روسيا لإيقاف الهجوم الوحشي على المدنيين، مع القضم التدريجي والحصار كحل بديل في حال رفض الفصائل التسليم، في إطار سياسة عامة تهدف إلى فرض الرؤية الروسية للحلّ في سوريا.

وبالفعل، بعد أسابيع من القصف المدمّر، بدأت قوات النظام تقدمها البري في ريف إدلب الجنوبي الشرقي خلال الأيام القليلة الماضية، وسيطرت على قرى عديدة في المنطقة متقدمة من عدة محاور باتجاه مدينة معرة النعمان.

عقدة سراقب تمرّ عبر معرة النعمان

طال القصف نحو ثلاثة وثلاثين بلدة وقرية بريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي وكذلك الأرياف الشمالية والغربية، يقع معظمها في محيط الطريقين الدوليين؛ اللاذقية –حلب (M4) ودمشق-حلب (M5). ويدخل الطريق M5 مناطق سيطرة الفصائل من الشمال قادماً من حلب، ثم يتفرع عند مدينة سراقب إلى طريقين رئيسيين، الأول هو M4 الذي يتجه غرباً نحو اللاذقية عبر أريحا ومحمبل وجسر الشغور، فيما يتابع الطريق  الرئيسي M5 سيره جنوباً نحو مدينة حمص عبر معرة النعمان، ثم خان شيخون وريف حماة الشمالي اللذين سيطرت عليهما قوات النظام في شهر آب الماضي.

وتعني سيطرة روسيا وقوات النظام على هذين الطريقين بالكامل الاستيلاء على نحو نصف مناطق سيطرة الفصائل في محافظات إدلب وحماة وحلب، وتقسيمها إلى مناطق منفصلة، ما يعني وقوع قرى وبلدات في ريف حلب الجنوبي وجبل الزاوية وسهل الغاب وريف جسر الشغور مروراً بمدينة أريحا تحت الحصار نتيجة عزلها عن الحدود السورية التركية.

ولن يكون تنفيذ هذا السيناريو ممكناً دون السيطرة على جسر الشغور، وهو ما يفسر الهجوم المتكرر منذ بداية العام الحالي على التلال الحاكمة في محيطها بغية التقدم البري على المدينة. كما أنه لن يكون ممكناً دون السيطرة على معرة النعمان، التي نالت الحصة الأكبر من الغارات وقذائف المدفعية خلال الأسابيع الماضية، ويُقدِّرُ ناشطون من أبنائها نزوح نحو 80٪ من سكانها، وسبق ذلك تهجير معظم سكان مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي وتدمير نحو ثلثيها، كما تركّز القصف على مدن خان السبل وتل مرديخ وسراقب، وجميعها تقع على الطريق الدولي.

وقد تحدثنا إلى أحد القادة العسكريين في الجبهة الوطنية للتحرير، الذي قال إن السبب وراء التركيز في الهجوم على معرة النعمان يكمن في طبيعتها السهلية، وكذلك سهولة حصارها والوصول إليها من جهتين؛ الأولى من خان شيخون التي تشهد تجميعاً لقوات الأسد البرية فيها، والثانية من محور بلدة جرجناز التي تشهد هي الأخرى استهدافاً يومياً بعشرات الغارات والصواريخ. وهو يرجّح أنّ قوات الأسد وروسيا ترى أن سقوط معرة النعمان هو مفتاح سقوط باقي القرى والبلدات على الطريق M5، بينما تمثل السيطرة على تلال الكبينة وسقوط جسر الشغور مفتاح سقوط القرى والبلدات على الطريق M4، تمهيداً لالتقاء القوات على الطريقين الدوليين في عقدة سراقب، وبذلك تتجنب هذه القوات الدخول في معارك للسيطرة على جبل الزاوية، المحصور بين الطريقين، بطبيعته الجغرافية القاسية، إذ سيغدو سقوط بلداته تحصيل حاصل نتيجة حصارها وقطع طرق الإمداد إليها.

يبدو أن تنفيذ السيناريو الذي تحدث عنه القائد العسكري بدأ بالفعل منذ أيام، من خلال محاولات للتقدم البري في ريف المعرة الجنوبي والجنوبي الشرقي، كما شهد يوم أمس تقدم قوات النظام وسيطرتها على القرى والبلدات في محور التح وبابولين الذي يبعد عن الطريق الدولي نحو كيلومترين، وكذلك إحكام السيطرة على القرى المحيطة ببلدة الصرمان التي تضم واحدة من نقاط المراقبة التركية، حتى باتت على مشارف جرجناز، بالتزامن مع كثافة في استهداف معرة النعمان ومحيطها بالغارات الجوية والصواريخ، ودعوات من قبل المراصد والنشطاء لإخلاء العالقين فيها من السكان.

الطريقان الدوليان وأهميتهما

تقول معظم التقارير والتحليلات الإخبارية إن روسيا تسعى لتطبيق ما تم الاتفاق عليه من تفاهمات في سوتشي (أيلول 2018)، حول استعادة حركة الترانزيت على الطرق الدولية بالقوة، بعد رفض الفصائل العسكرية لتطبيق بنود الاتفاق التي تفترض السماح بتسيير دوريات روسية تركية عبرها.

لكن ثمة آراء متناقضة حول ما إذا كانت مسألة السيطرة على الطرقات الدولية هدفاً للحملة العسكرية، أم مجرّد ذريعة لها. وقد تحدّثنا إلى فادي الأسعد، وهو من أبناء ريف إدلب الجنوبي، اقتصاديٌُ ومتابع لمسألة الطرق التجارية وأهميتها. يقول الأسعد إن روسيا وتركيا متفقتان أصلاً على البنود المتعلقة بالطرقات الدولية، ودليله على ذلك قبول تركيا بتسلّم روسيا لطريق الحسكة حلب الدولي في الجزيرة السورية، وقبولها بإيقاف عمليتها العسكرية هناك بمجرد خروج ذلك الطريق عن سيطرة قسد، وفي الوقت نفسه صمتها عن ما حدث ويحدث في إدلب بالرغم من نقاط المراقبة التركية التي تنتشر في المنطقة.

وعن أهمية هذه الطرق الدولية، يقول الأسعد إنها تشكل شرياناً للتجارة الدولية بين روسيا ودول الخليج العربي من جهة، والعراق وإيران وميناء اللاذقية من جهة أخرى، وإنها ستدرّ مئات الآلاف من الدولارات يومياً بمجرد فتحها أمام التجارة الدولية. لكن بالمقابل، فإن عبد الحليم السيد، وهو من أبناء ريف حلب الشمالي ويحمل درجة الماجستير في الاقتصاد، يقلّل من أهمية هذه الطرقات، خاصة وأن تصريحات وزير النقل في سوريا تقول إن حجم الأضرار في الطرقات التي تمت السيطرة عليها يبلغ نحو 4.5 مليار دولار، متسائلاً عن الجهة التي ستدفع كلفة إعادة ترميمها في ظل الظروف الاقتصادية التي تعصف بالنظام، والتي كان آخرها انهيار العملة السورية وتضاعف سعر صرفها خلال الشهرين الأخيرين.

يكمل السيد أنه حتى في حال سيطرة روسيا على كامل الطرقات في إدلب، فإن أجزاء منها ستبقى تمرّ في مناطق سيطرة الفصائل المدعومة تركياً في ريف حلب الشمالي والشرقي، كما أن جزءاً من الطريق M5 القادم من تركيا نحو حلب يمرّ من تل رفعت الخاضعة لسيطرة قسد، وهكذا فإنه يرى أن السيطرة الكاملة على الطرق الدولية وتأمينها يحتاج سيطرة قوات الأسد على كافة المناطق السورية، كما أن الكلفة الهائلة للعمليات العسكرية في إدلب تجعل المكاسب الاقتصادية الناتجة عنها أمراً قليل الأهمية، وخاصة أنه يمكن الاستعاضة عنها بطرقات أخرى لا تمرّ عبر إدلب.

وهكذا فإن السيد يرى أن القضية أبعد من مسألة الطرقات الدولية، التي تبدو ذريعة للهجوم أكثر منها هدفاً، معتبراً أن الهدف من التصعيد الأخير يعود لأمرين؛ أولهما استمرار الحرب في سوريا لتصدير الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها السكان في مناطق النظام وتوجيه أنظارهم نحو المعركة لتخفيف الضغط على الحكومة، وثانيهما الضغط على المجتمع الدولي للقبول بحل سياسي وفق شروط روسيا مع بقاء الأسد في السلطة، وتقديم الدعم الاقتصادي له وإنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه.

النازحون يدفعون الثمن

لا تزال الاستجابة الإنسانية لحركة النزوح الواسعة بالغة الضعف، إذ اقتصرت على تقديم بعض السلال الإغاثية، بينما يتوجّه النازحون الجدد إلى المناطق الشمالية الأكثر أمناً، ويعيش معظمهم في العراء مع ارتفاع إيجارات المنازل إن وجدت، ما يتسبب بمعاناة هائلة تُفاقم منها الظروف المناخية القاسية وارتفاع أسعار المواد الغذائية مع انخفاض سعر صرف الليرة السورية، بينما تتوجه المنظمات المحلية إلى المجتمع الدولي بمناشدات ونداءات استغاثة متكررة، لا يبدو أنها تلقى استجابة مناسبة من أي أحد.

يُضطر آلاف النازحين إلى الخروج من بيوتهم سيراً على الأقدام لمسافات طويلة نتيجة عدم كفاية وسائل النقل، فيما يفترش آخرون الأراضي الزراعية. يقول الذين تحدثنا إليهم إن البقاء في منازلهم يعني موتاً ليوم واحد، أما النزوح فيعني أن يعيشوا ما يشبه الموت في كل يوم.

موقع الجمهورية

—————————–

لا شيء يحدث في إدلب/ عمر قدور

فقط حسن الظن أو السذاجة، أو كلاهما، ما يجعل البعض منا يظن أن شيئاً ما يحدث في إدلب. يرتكب الطيران الروسي وقوات الأسد المجزرة تلو الأخرى؛ هذا لا يرقى إلى مصاف الحدث، هو مجرد خبر صغير قد لا يجد له مكاناً ولو متأخراً في قائمة الأخبار الدولية. وهو، بمفهوم الخبر، يفتقر إلى الإثارة. إنه مجرد تفصيل صغير ضمن حدث صار بدوره قديماً ومملاً، والأهم من ذلك أنه تحت الضبط الخارجي ولن ينفلت على مفاجآت جديدة.

لا يوجد في مستجدات الهجوم على إدلب ما يستقطب اهتمام أية حكومة غربية، ولا ما يستقطب اهتمام قوى معارضة في الغرب. الغرب أصلاً غير متواجد في إدلب على نحو تواجده السابق في مناطق الحرب على داعش، وهناك أعادت واشنطن انتشارها مقدِّمة لأنقرة ولموسكو مساحات شاسعة رغم اعتراضات بعض القوى الغربية، ورغم اعتراض الديموقراطيين في الكونغرس الذين وجدوا في الأمر فرصة أخرى ليس إلا للنيل من إدارة ترامب.

تبرز المخاوف الأوروبية، وترتفع معها الأصوات، عندما يكون هناك تهديد جدي بموجات لاجئين. لم يرفع بعدُ مسؤولون أتراك، لمناسبة الهجوم على إدلب، أصواتهم مهددين أوروبا باللاجئين، وقد لا يستقيم مثل هذا التهديد مع تصريحات تركية رسمية تشير إلى عودة عدد كبير منهم إلى الأراضي التي سيطرت عليه أنقرة في عملية “نبع السلام”. في كل الأحوال، صدور التصريحات متصل بعمليات التفاوض حول ترسيم النفوذ بين أنقرة وموسكو، ولا علاقة له بالاعتبارات الإنسانية لدى أي طرف منهما ولا لدى الأوروبيين.

ثمة أخبار عن معارك عنيفة أحياناً، أو عن مقاومة شرسة يبديها المدافعون. ترجمة ذلك أن المدافعين قد حصلوا على إمدادات جيدة، وربما على معلومات استخباراتية، تتيح لهم إيقاع خسائر أعلى بقوات الأسد. المستوى الأهم في موضوع الإمدادات توجيه رسالة خفيفة لموسكو، ربما رسالة عتب لأن الأخيرة تتجاوز التفاهمات، أو رسالة تذكير كي لا تتجاوزها.

نحن لا نعلم أيضاً حدود التفاهمات الروسية-التركية المؤقتة، وما إذا كانت المعركة الحالية تهدف فقط إلى السيطرة على الطريق الدولي الواصل بين دمشق وحلب ومحيطه. لا ندري أيضاً ما إذا كانت الفصائل الخاضعة للنفوذ التركي في إدلب على دراية بالتفاهمات وبأفق المعركة، وإذا كانت التفاهمات مبرمة لماذا لا تُنفّذ بأقل الخسائر؟ لماذا على الأقل لا يُرحَّل المدنيون خارج ساحات المعركة؟ ما هو مؤكد أن الطيران الروسي وقوات الأسد يريدان المنطقة المستهدفة مدمَّرة وخالية من السكان، وما هو مؤكد على نفس الدرجة أن نتيجة المعركة يحددها التفوق العسكري، ولن يحظى المدافعون بأسلحة نوعية تُحدث فرقاً وتمنح حماية لم يحظَ بها من قبل أي فصيل يقاتل الأسد، فكيف عندما يكون الحديث عن منطقة تهيمن عليها جبهة النصرة “هيئة تحرير الشام” الموضوعة على قائمة الإرهاب الدولية؟

في معركة لا تثير جدلاً دولياً، ولو على سبيل الاستعراض الإعلامي، لا تحتاج موسكو إلى التركيز على هيمنة النصرة على المنطقة، لكنها ورقة جاهزة للاستخدام. ومما يثير الاستغراب، أو لا يثيره ضمن عالم الصفقات، أن النصرة كرّست هيمنتها وأقصت فصائل أخرى، وقد فعلت ذلك تحت النفوذ التركي، وبخلاف تفاهمات أستانة التي نصّ بعضها على تحجيمها. رأينا في باقي مناطق النفوذ التركي كيف تتدخل أنقرة في كافة الشؤون، بما فيها الشؤون الإدارية المدنية، بينما لم تُبذل جهود مماثلة في إدلب، وكأنه إقرار مسبق بأن المناطق الأخرى تُعدّ لوجود أكثر استدامة من الوجود فيها.

الأرضية ممهدة لمعركة إدلب، وستبقى هكذا طالما بقيت المعركة مستمرة أو تخللها تأجيل لسبب ما. الإشارة إلى ضحايا مجازرها الحالية لن تستثير جهة قادرة على التدخل، لأن كافة الصفقات على الأرض السورية مرّت فوق المجازر. فيما يبدو أنه أقل من خبر، لا اعتبار لأولئك الضحايا أكثر من كونهم أعداداً تُضاف إلى المقتلة السورية الكبرى، وتدخل في أرشيف منظمات دولية يمكن الرجوع إليه لاحقاً على سبيل التأريخ. أُتخم العالم بقصص اللاجئين السوريين، واللاجئون الآن من تحت القصف في ظروف مناخية شديدة القسوة لن يجدوا أمامهم سوى العراء بالمعنيين المباشر والإنساني.

قد يُنقل الناجون إلى مناطق سبق لتركيا احتلالها، مثل عفرين أو المنطقة الواقعة بين رأس العين وتل أبيض، وكأنهم متاع يسهل رميه هنا أو هناك. وربما لا يرى المعنيون بإيجاد حل لهم غضاضة في أن تقتل قوات الأسد المزيد مما يتيسر لها، فهذا يخفف العبء عليهم. لاحقاً، لا يُستبعد أن يُتاجَر بهم في مزاد المتاجرة بقضية اللاجئين عموماً، ويصبح تقديم أية إغاثة دون الحد الأدنى لهم مدعاة للتفاخر بإنسانية أصحابها.

يُستحسن ألا نأتي على ذكر المعارضة، لا بسبب عجزها وقلة حيلتها، إنما لأنها شريك في تزيين السياسات الإقليمية والدولية التي أوصلت الحال إلى هنا، على الأقل من قبيل الترويج لها كأفضل الخيارات لحماية المدنيين. وقد فعل خيراً رئيس “الحكومة المؤقتة” التابعة للائتلاف بذهابه ليرأس اجتماعاً في عفرين، وليظهر إلى جانبه العلم التركي مع لوحة قيل أنها شجرة السلاطين العثمانيين، فظهوره بهذه الطريقة وبهذا التوقيت أصدق خاتمة.

حتى حسابات السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي تكاد تقول لنا أن لا شيء يحدث في إدلب، لا صرخات استغاثة “كما كان يحدث سابقاً” تطلب من المجهول تقديم النجدة، ولا انتظار لمعجزة لن تحدث. صمت السوريين هذا مفهوم كدلالة على اليأس والعجز معاً، وهو يخلو مثلاً من مطالبات كانت ترتفع سابقاً من نوع التظاهر في عواصم الغرب لإيصال صورة المجزرة، فالكل يعلم أن العالم لا يحتاج من يوصل إليه صورة ما يحدث، والفكرة القديمة عن إيصال الحدث إلى الرأي العام الغربي كي يضغط على حكوماته تبدو ساذجة جداً اليوم. أيضاً الفكرة الطازجة قبل حين عن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها تثبت عجزها عن التأثير الواقعي، أقلّه للذين لا يملكون غيرها.

لا شيء يحدث في إدلب، هذا ما يقوله منطق القوة والأقوياء، ولا أحد من السوريين في وسعه معاندة هذا المنطق سوى من يستطيع النجاة بنفسه أو بأسرته من المحرقة هناك.

المدن

————————————-

الخذلان والجوع: معركة إدلب الأخيرة/ فايز سارة

سيسجل التاريخ، انه وفي النصف الثاني من كانون الأول لعام 2019، قام التحالف الدموي لكل من نظام بشار الأسد في سوريا ونظام المافيا الروسية الذي يتزعمه فلاديمير بوتين، ونظام ملالي طهران بقيادة الولي الفقيه علي خامنئي بالفصل الأخير من الحرب على الشعب السوري في إدلب ومحيطها من أرياف حلب واللاذقية وحماه، وقد بدأ الفصل بهجمات غير مسبوقة طوال السنوات التسعة الماضية، شملت أنحاء مختلفة من مدن وقرى المنطقة، مع تركيز خاص على مدينة معرة النعمان اكبر مناطق محافظة إدلب، وأكثرها أهمية وشهرة، ما جعلها في مقدمة أهداف الهجوم.

وشارك في العمليات الطيران والسفن الروسية في البحر المتوسط وطيران الأسد في هجمات ضد أهداف أغلبها مدنية منها تجمعات سكانية وأسواق ومدارس ومساجد، وتجمعات من اللاجئين، وميز الطيران الروسي هجماته باستهداف المدنيين وسياراتهم على الطرقات وسط تعليمات من قيادته: اقتلوا نازحي معرة النعمان!، فيما ميز طيران الأسد هجماته الجوية باستخدام البراميل المتفجرة التي ألقتها مروحياته طوال ستة أيام متواصلة، وقد شاركت أسلحة تحالف الأسد وإيران الأرضية وميليشياتهما من مدفعية ودبابات وراجمات طوال أسبوع متواصل هجماتها بالصواريخ والمدافع، واستخدمت أسلحة محرمة دوليا، وركزت هجماتها على قوافل المهجرين لإرهابهم، وليس قتلهم وجرحهم فقط.

والأسوأ في هذه الحرب تزامنها مع الانهيار المعيشي لحياة السوريين وفي إدلب ومحيطها بشكل خاص. فإضافة لتردي الوضع الاقتصادي بما فيه من فقر وبطالة وضرائب تفرضها هيئة تحرير الشام وحكومتها، ووقف المساعدات الدولية. فقد فاقم انخفاض سعر صرف الليرة السورية الوضع المعيشي، حيث ارتفعت أسعار المواد والخدمات الأساسية، وزادت تكاليف العيش، ودفعت أغلبية السكان هناك الى ما تحت خط الفقر، وجاءت الحرب لتزيد الحالة سوءًا وترديا، وبخاصة أن ظروف الحرب والتنقل تفرض مصروفات استثنائية.

وسوف يسجل التاريخ أيضا، إن الفصل الحالي في الحرب على إدلب مختلف عن الفصول التي توالت في السنوات الماضية. إذ يسعى التحالف الثلاثي الدموي، ليكون الفصل الأخير وخاتمة حربه على السوريين، وتدميره الشامل لمدينة معرة النعمان، وإخراج سكانها منها، يلخص مسعاه في جعلها الهدف الأول، مراهنا أن ذلك سيعطي حربه زخما، لم يسبق أن حصل عليه في السابق، ما يجعله أمام تحدي استكمال السيطرة على كل المنطقة، ودفع سكانها إلى مناطق السيطرة التركية، وهزيمة ما يسميه “الإرهاب” و”الجماعات الإرهابية”، وبناء على هذا التصور، توالت تصريحات أركان الحلف الثلاثي.

وسط سيناريو الحرب الراهنة في إدلب، سيسجل التاريخ، أن العالم بدوله ومنظماته وبقياداته الحالية خان المبادئ المعلنة حول السلام والعدالة والتضامن الإنساني، وتخاذل إزاء ما يحصل في إدلب ومحيطها وفي سوريا عامة، حيث الحرب تزيد أعداد الضحايا بالمئات موزعين بين قتلى وجرحى ومفقودين وبين الأخيرين ممن ماتوا تحت ركام بيوتهم ومحالهم، وهي تدفع في دروب التهجير نحو ثلاثة ملايين، يصر النظام وحلفاؤه على عدم بقائهم في مدنهم وقراهم، وتمتنع تركيا عن فتح حدودها لعبورهم الى أراضيها، ما يجعل المهجرين مستعدين لقبول أي مكان يلجؤون إليه، وكأنه يتم إجبارهم للتوجه إلى مناطق السيطرة التركية وبخاصة في شرق الفرات، ما سيدفع البعض لفتح معركة مع المهجرين بأنهم استولوا على مناطق وبيوت إخوتهم من الأكراد، بدل أن تتركز معركة الجميع ضد من أجبرهم على مغادرة ممتلكاتهم والهجرة، والتوجه إلى هذه الأماكن حصراً، لأنه لا مكان آخر لهم.

إن معركة حاسمة وأخيرة في إدلب ومحيطها، أمر مطروح، ولا تستدعي تفاهمات تفصيلية بين أطراف حلف الأسد والروس وإيران، كما يقول قادة في التشكيلات المسلحة هناك، وهذا ما حصل فعلاً. إنما تتطلب المعركة تفاهمات لأطراف آستانة وبخاصة الطرفين التركي والروسي اللذين يفاجئان الجميع بقدرتهم اعلى خلق المشتركات رغم كل ما يقال عن اختلافهما في الموقف من القضية السورية، وقد تمخضت اللقاءات التركية الروسية الأخيرة عن توافق عملي، جوهره سكوت تركي عن حرب روسية في إدلب ومحيطها، تمهد لاجتياح الحلف الثلاثي للمنطقة، وتطرد ما تبقى من التشكيلات المسلحة منها، ويتم تدمير القسم الرئيس من هيئة تحرير الشام، وهي نقطة توافق مشترك لكل الأطراف، ولو بدرجات مختلفة.

غير أن الأهم في نتائج هذا الفصل من الحرب، أنه سيدفع القسم الأكبر من سكان المنطقة نحو مناطق السيطرة التركية، وهي المجال الممكن والوحيد. ولعلها النقطة، التي تبرر وتفسر الموقف التركي الصامت حيال الحرب ومجرياتها، فذهاب مليون أو اثنان أو ما بينهما من السوريين إلى مناطق السيطرة التركية في درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، يمثل تغييراً ديموغرافياَ في المنطقة، يحقق مصالح تركيا، ويزيل بصورة نهائية مخاوفها من عودة كرد قوات سوريا الديمقراطية إلى المنطقة، وسيقضي بصورة حاسمة على فكرة الخطر الكردي في الشمال السوري.

لقد ذهب الحلف الإجرامي إلى الحد الأقصى من عملياته العسكرية جواَ وأرضا. وذهبت تركيا وروسيا إلى عمق تشارك الاستفادة من بيئة الحرب ونتائجها المرتقبة، فيما ذهبت القوى المحسوبة على المعارضة بشقيها السياسي والعسكري إلى إعلان موتها، فنتجنب أغلبها إدانة مواقف الأطراف الإقليمية والدولية وصمتها، وفي حالة الإدانة اكتفى بإدانة لفظية، لا تتصل بأي خطوات إجرائية ذات طابع سياسي أو عسكري، بل إن ما تم الإعلان عنه من خطوات مشتركة على الصعيد العسكري للدفاع عن إدلب ومحيطها أمر غير قابل للتنفيذ، فمن غير الممكن القبول بمشاركة تشكيلات مسلحة مع هيئة تحرير الشام ومن يماثلها في معركة أو جهد عسكري بعد كل هجماتها عليهم ومحاولات تصفيتهم، وبعد ما ظهر من دورها في سقوط حلب، إضافة إلى أن التشكيلات المسلحة المشاركة في آستانة، صارت خاضعة لتفاهماتها، وكلها لم يعد يملك قراره في العمل العسكري.

إن المحصلة العامة ولا سيما موقف التشكيلات السياسية والمسلحة، جعلت الموقف الدولي يزداد تردياَ وتدهوراَ، ليس في موضوع الحرب على إدلب ومحيطها فقط، بل في إجمالي الموقف من القضية السورية، وقد بات على السوريين، أن يخرجوا من نسق الندب والبكاء، وإدانة الأطراف المختلفة أو الميل إلى العزلة، والذهاب الى تفكير وسياسات جديدة بعد كل الخسائر التي حملها أهلهم في السنوات التسع الماضية.

بروكار برس

————————

في وضع إدلب ومحيطها/ فايز سارة

يتواصل بأقل قدر من الأضواء الإعلامية والاهتمامات السياسية الصراع على مستقبل إدلب ومحيطها، بين أطراف حلف نظام الأسد مع روسيا وإيران في مواجهة طرفي السيطرة على مدينة إدلب ومحيطها، التي تتقاسمها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)، وبقايا تشكيلات محسوبة على «الجيش الحر» وجماعات إسلامية معتدلة.

وفي الوقت الذي يعمل فيه أطراف حلف نظام الأسد بصورة منسقة ومتناغمة على محاور متعددة، يواصل الطرف المسيطر على إدلب ومحيطها صراعاته البينية من جهة، ومحاولة كل جماعة فيه تعزيز مواقعها بكل السبل في مواجهة مساعي النظام وحلفائه استعادة السيطرة على إدلب، التي لا شك أنها ستمثل تحولاً نوعياً في الصراع السوري المستمر منذ ثماني سنوات.

وإذا كانَ همُّ القوى المسيطرة على المنطقة من تشكيلات مسلحة الحفاظ على المنطقة خارج سيطرة النظام وحلفائه، وسعي كل جماعة تحسين مكانتها، وتوسيع حيز سيطرتها على الأرض والسكان بانتظار ظروف أفضل، تبدل معادلات الصراع أو تقلبها، فإنَّ همَّ نظام الأسد وحلفائه حسم الوضع في المنطقة واستعادة السيطرة عليها على نحو ما تحقق من انقلاب في الموازين بعد التدخل الروسي، واستعادة سيطرة النظام على مناطق كثيرة، بدأت فاتحتها في حلب 2016، ثم تباعاً في ريف دمشق ودرعا، وتقوم خطة النظام وحلفائه على ثلاث نقاط أساسية.

أولى النقاط وأهمها استمرار الاستنزاف العسكري للمنطقة وللتشكيلات المسلحة فيها، عبر استمرار العمليات العسكرية، التي تتضمن زج أكبر عدد من القوات وعناصر الميليشيات على حدود المنطقة، والإيحاء بأنه فرض للحصار عليها، بالتزامن مع فتح معارك تبقي خطوط التماس في حالة اشتباك عسكري، وقيام القوات بالتقدم ما دامت استطاعت، إلى أراضي خصومها، مما يضع التشكيلات المسيطرة في إدلب ومحيطها في حالة استنفار دائم، ويستنزف قوتها، ويضعف انضباطها، بحكم طبيعتها غير النظامية، والنقطة الثانية نقطة مكملة، وهي تصعيد العمليات العسكرية على المدنيين خلف خطوط الاشتباك، ويشكل القصف الجوي للطائرات الروسية بأسلحتها، وبعضها محرم دولياً، وبالبراميل المتفجرة، التي تطلقها طائرات النظام، جوهر هذه العمليات، حيث تُلحِق خسائر بشرية ومادية كبيرة بالتجمعات السكانية، فيما يشكل القصف المدفعي والصاروخي الذي تشارك فيه قوات الحلف الثلاثي وميليشياتها قسماً آخر في عمليات التصعيد، وكان للقصف الصاروخي الأخير للقوات الإيرانية على مخيمات النازحين في أطراف بلدة قاح، شمال إدلب، قرب الحدود مع تركيا، أثر مدمر، حيث سقط عشرات القتلى والجرحى المدنيين.

وتشكِّلُ إضافة النقطة الأولى في استنزاف قوة وطاقة التشكيلات المسلحة على خطوط التماس مع قوات النظام وحلفائه، والنقطة الثانية في إرهاب وتدمير البنية السكانية المعارضة للنظام في المنطقة، القسم الرئيسي من مثلث نقطته الثالثة إشاعة تدهور سياسي واجتماعي ومعاشي متعدد المستويات في إدلب ومحيطها بالتزامن مع التدهور الأمني، بحيث تتكامل مساعي تدمير المنطقة وسكانها، وهي أحد محاور سياسة النظام وحلفائه بمن فيهم الطابور الخامس والخلايا النائمة الذين يتشاركون بصورة مباشر وغير مباشرة في تعميم التدهور في كل مناحي الحياة العامة، لا سيما لجهة منع تحسين الأحوال والعلاقات بين الأطراف المختلفة، ونشر الإشاعات وتثبيط الهمم، مما يعزز سياسة النظام هناك القائمة، في هذا الجانب، على إغلاق المنطقة والتضييق على سكانها في حركتهم ومعاشهم، وإشاعة أجواء الإحباط واليأس نتيجة تغييب الحل السياسي، والإيحاء بأن لا طريق سوى استمرار القتل والتدمير والتهجير.

وللحق، فإن جزءاً مهماً من السياسات السابقة يتقاطع مع سياسات أطراف تزعم الوقوف في خندق العداء لنظام الأسد وحلفائه، على نحو ما تفعل «هيئة تحرير الشام»، التي تشكل «جبهة النصرة» عمودها الفقري، وباستثناء إصرارها على رفض إحداث أي تحولات في مصيرها، سواء بحل نفسها أو إجراء تغييرات عقائدية وسياسية فيما تتبناه، مما يبعد عنها صفة التطرف والإرهاب، ويحولها إلى طرف معتدل، فإنها تُصِرّ على البقاء في البيئة العقائدية والسياسية لـ«تنظيم القاعدة»، وتتابع في الوقت ذاته الإصرار على بسط هيمنتها السياسية والعسكرية، ومحاربة كل الأطراف التي تختلف معها بكل الأشكال بما فيها القتل والاعتقال والتهجير، إضافة إلى فرض تفكيرها العقائدي على السكان سواء عبر ميليشياتها أو عبر أجهزة ما تسميه «حكومة الإنقاذ»، التي شكلتها في المنطقة لتكون ذراعها في الإدارة المدنية، وإحدى وسائل سيطرتها، وواحدة من أدوات نهب القدرات المادية المتواضعة للسكان عبر الضرائب والإتاوات المفروضة، دون مقابل، وتحويلها لصالح الهيئة، التي جعلت من حكومتها منافساً للحكومة السورية المؤقتة، التي شكّلها الائتلاف الوطني المعارض.

ولعله لا يحتاج إلى تأكيدِ قولٍ، أن ما تتابعه الهيئة من سياسات، وما تقوم به من ممارسات، تفعله بدرجة أو بأخرى بعض التشكيلات المسلحة، خصوصاً التشكيلات الإسلامية، مما جعل حياة السكان والناشطين السياسيين والمدنيين والإعلاميين لا تُطاق، مما دفعهم إلى تنظيم مظاهرات واحتجاجات ضد الهيئة وزعيمها الجولاني، ومطالبتهما بالخروج من إدلب، وهي واحدة من خطوات يمكنها تحسين الحياة في المنطقة، وتحسين الإدارة فيها، وتعزيز صمودها في مواجهة سياسات وممارسات نظام الأسد وحلفائه.

إن العامل الأخير في التأثير على أوضاع إدلب ومحيطها تمثله تركيا وسياساتها في الشمال السوري، وهو تأثير لا يُستمدّ من كون تركيا بوابة المنطقة إلى العالم، والمتحكم الرئيسي فيها فقط، وهي طرف في الصراع، ولها مصالح وأهداف ووجود عسكري مباشر، إضافة إلى انخراطها مع روسيا في تحالف آستانة – سوتشي، الأمر الذي جعل سياساتها في موضوع إدلب ومحيطها أقل تشدداً، وخارج أي مساعدة، في مواجه الحرب على إدلب، بعد ما حصلت عليه من دعم ومساندة دوليين، وسكوت روسي على عمليتها الأخيرة، «نبع السلام»، في شرق الفرات، بخصوص خصومها من «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يشكل أكراد حزب «الاتحاد الديمقراطي» (BYD) عمودها الصلب في مناهضة تركيا.

خلاصة القول في وضع إدلب ومحيطها اليوم: إنها تسير بخطى متسارعة نحو كارثة، ليس من خلال قوة النظام وحلفائه فقط، بل من خلال تواطؤ سياسات الأطراف المسلحة التي تفرض سيطرتها على المنطقة، ومن خلال تهاون تركيا ومسايرتها موسكو وسياستها في القضية السورية، وما لم تحصل تطورات سياسية تقارب المعجزة، فإن إدلب ومحيطها يمكن أن تصبح في يد نظام الأسد وحلفائه.

الشرق الأوسط

—————————————

“القتل البطيء”: استراتيجية الأسد وروسيا في إدلب التي يتجاهلها العالم/ أحمد الأحمد

خلال إعداد هذه القصّة كتبتُ أن حصيلة عدد القتلى المدنيين على إدلب في هذا اليوم بلغت 12 قتيلًا بسبب الغارات الجوية الروسية، وبينما أكمل في تحرير القصّة، ارتفع العدد ليصبح 16 قتيلاً، وقبل أن أنتهي من تحريرها وإرسالها للنشر أصبح إجمالي عدد القتلى 20 قتيلًا.

فقدَ أبو عرب ابنه الوحيد إثر غارةٍ جوّية استهدفت منزله في ريف معرّة النعمان جنوب إدلب، حاول إسعافه دون فائدة.

الغارة ذاتها قتلت أربعة مدنيين بينهم ابن أبو عرب. أصبح الأربعيني مكلومًا، ودخلت عائلته في نوبة حزن شديد، في حين ترفض زوجته حتّى الآن تناول الطعام.

يقول أبو عرب لـ”درج”: “لم يعد لديَّ أي شيء أملكه في هذا الحياة، قتلوا ابني ودمّروا منزلي بشكلٍ كامل”.

كان منزل الرجل مقسومًا إلى غرفٍ للسكن، ودكّانٍ صغيرة يبيع فيها بعض المواد الغذائية، وحاول إبعاد أسرته عن شبح النزوح في مخيّمات إدلب سيئة الصيت، التي تغرق هذه الأيام في كومة طين مع بدء الشتاء، فاتخذ قرارًا بالبقاء، على خلاف معظم سكّان القرية التي يعيش فيها، ورغم ذلك لم يحصل على الأمن الذي كان يرنو إليه.

عن الهدنة الهشّة

خلال السنوات الماضية، لم يتوقّف القصف المدفعي والجوّي عن محافظة إدلب، وبات جزءًا من حياة السكّان هناك، ولكن منذ شهر أيار الماضي، صعّدت القوات الروسية من العملية العسكرية على حماة وإدلب، ما أسفر عن نزوح نحو مليوني شخص إلى المدن القريبة من الشريط الحدودي مع تركيا، بعد مقتل المئات من المدنيين نتيجة الغارات العنيفة، والتي انتهت بسيطرة قوات النظام السوري على معظم مناطق ريف حماة، إضافةً إلى مدينة خان شيخون في ريف إدلب.

في مطلع شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلنت روسيا عن “هدنة” من جانبٍ واحد، أوقفت بموجبها إطلاق النار على محافظة إدلب بشكلٍ تام.

ولكن هذه الهدنة لم تصمد إلّا تسعة أيّام، حيث عاد القصف مجدّدًا وبوتيرةٍ أعلى عمّا كانت عليه سابقًا، ما أدّى إلى وقوع سلسلة مجازر، كانت أفظعها، مجزرة سوق معرّة النعمان، حيث شنّت طائرة حربية من طراز “سوخوي” في الثاني من شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، غارة جوّية على سوق معرّة النعمان الشعبي، الذي كان مكتظًّاً بالمدنيين، ما أسفر عن وقوع نحو 15 قتيلًا وعشرات الجرحى.

تبع ذلك، قصفٌ عنيف استهدف قرى جبل الزاوية وأدّى إلى مقتل 20 مدنيًا ونزوح نحو 400 عائلة من قرى الجبل، التي تستضيف عشرات آلاف النازحين أصلًا.

حتّى المستشفيات في إدلب لم تسلم من القصف، حيث تعرّضت عدّة نقاط طبّية ومستشفيات ومراكز تابعة للدفاع المدني في المحافظة إلى تدمير كامل بعد ضربات جوية عليها.

في مدينة كفرنبل في ريف إدلب، يوجد واحدة من أكثر وسائل الإعلام الاجتماعية نشاطًا، وهي “راديو فريش” التي عانت من القبضة الحديدية لـ “هيئة تحرير الشام” في الفترة الماضية، عبر منعها من بث الأغاني والتضييق عليها، إلّا أن مصير الراديو انتهى بأن تم تدميره عبر رمي براميل متفجّرة من الطيران المروحي التابع للأسد فوق مبنى الراديو.

تقنيّة القتل البطيء

يعمل الصحافي أحمد الضعيف على توثيق عمليات القصف على محافظة إدلب وريفها، يتنقّل بكاميرته بين المناطق ملاحقًا الغارات وآثارها على المدنيين.

يقول الضعيف لـ “درج”: “إن نظام الأسد يستخدم تكنيكًا جديدًا في محافظة إدلب يقوم على تقنيّة قضم المناطق بشكلٍ بطيء مع توسيع نسبة الدمار”.

يختلف هذا الأسلوب عن الأساليب التي استخدمها النظام في غوطة دمشق ودرعا وحلب عندما شنَّ حربًا بريةً وجوّية واسعة، ويبدو أن هذه الطريقة هدفها إبادة المنطقة والسيطرة عليها عسكريًا دون أن ينتبه المجتمع الدولي والرأي العام العالمي لهذه الانتهاكات، وقد نجح الأسد، أو روسيا التي وضعت هذه الخطّة إلى حدٍّ بعيد في تحييد ما يجري في إدلب مؤخّرًا عن عدسات الإعلام العالمي.

يوضّح الضعيف، أن النظام يقضم قرية صغيرة كل أسبوع أو عشرة أيام بشكلٍ بطيء، بعد أن يعمل على تدميرها بشكلٍ كامل بالغارات.

ويكمل: “لاحظتُ مؤخّرًا أن النظام كان يقصف كفرنبل وبذات اللحظة تحاول قوّاته التقدّم في إحدى القرى الصغيرة شرق مدينة معرّة النعمان، وبعد أن سيطر على القرية تمركز فيها ولم يكمل زحفه البرّي وهذا ما يحدث فعلًا منذ أشهر.

بحسب الضعيف، تتركّز الهجمات اليومية على محور ريف إدلب الجنوبي، وهو أقرب محور لتمركز قوات النظام، ويمتد عبر مدن ومناطق “جبل الزاوية، معرة النعمان، كفروما، حاس، ريف المعرة الشرقي”، موضحًا أن القصف ازداد بشكلٍ كبير منذ شهر نوفمبر الجاري، حيث تتعرّض كل منطقة من هذه المناطق إلى عدّة هجمات يومية بالغارات الجوية والبراميل المتفجّرة.

ويقول الضعيف: “في بلدة حاس في ريف إدلب كان هناك فقط متجرين يبيعان المواد الغذائية للمدنيين، ولا يوجد غيرهما حيث تحوّلت البلدة إلى ما يشبه مدن الأشباح”، موضحًا أن الطيران الروسي أغار على المتجرين ودمّرهما بشكلٍ كامل.

ويبيّن أنّه حتّى المناطق الحدودية الواقعة في ريف إدلب الشمالي والتي تعتبر آمنة نسبيًا بسبب قربها من الحدود السورية تتعرّض هي الأخرى لهجمات جوّية بين الحين والأخرى.

أكثر من 150 قتيلاً خلال شهر واحد

وفقًا لفريق “منسّقو الاستجابة” التوثيقي، فإن عدد النازحين في منطقة إدلب والمناطق المجاورة لها بلغ 92,109 نسمة توزّعوا على 32 ناحية موزعة على المنطقة الممتدة من مناطق درع الفرات وصولا إلى مناطق شمال غربي سوريا.

وأكّد تقرير الفريق، أن “استمرار الأعمال العسكرية الهمجية من قبل قوات نظام الأسد والعدوان الروسي على مناطق شمال غرب سوريا”، موضحًا أنّه “أعداد الشهداء المدنيين ازدادت نتيجة الاستهداف المباشر للأحياء السكنية في مختلف المناطق، حيث وصل عدد الضحايا منذ بدء الحملة العسكرية في 01 تشرين الثاني وحتى 08 كانون الأول/ديسمبر أكثر من 156 شخص بينهم 52 طفلاً”.

كانت “مجزرة حاس” من أفظع المجازر التي ارتكبتها الطائرات الروسية مؤخّرًا، ففي مساء 16 أغسطس/آب، قصفت طائرة مركزًا للنازحين تديره في بلدة حاس بريف إدلب ما أدّى لمقتل 20 شخصًا وإصابة 56 آخرين، وتأكّد الهجوم بعد تحقيق استقصائي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.

وأكّدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أنّها تحدّثت إلى 24 شاهدًا واستعرضت صورًا مفتوحة المصدر وصور أقمار صناعية تتعلق بالهجوم، ووجدت أنه لم يكن هناك ما يبدو أنه هدف عسكري في المنطقة المجاورة، وأن الطائرات السورية – الروسية هي الوحيدة التي كانت تقوم بالعمليات في تلك المنطقة.

وأضافت أن روسيا تتحمل مسؤولية مشتركة عن أي انتهاكات كجزء من تحالفها العسكري مع سوريا، ولكن وجود أدلة قد تربط الطيارين الروس مباشرة بجرائم الحرب يفتح الباب أمام المقاضاة والمسؤولية الفرديتين.

درج

—————————-

أستانة 14: شرق الفرات.. إدلب واللجنة الدستورية

انطلقت الجولة الـ14 لمباحثات أستانة، حول التسوية السورية في العاصمة الكازاخية نور سلطان، الثلاثاء، بسلسلة مشاورات ثنائية وثلاثية بين الوفود المشاركة.

وبحسب ما أفادت قناة “روسيا اليوم”، بدأت المشاورات باجتماع مغلق بين الوفدين الروسي برئاسة مبعوث الرئيس الخاص لسوريا ألكسندر لافرينتيف، ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، والإيراني برئاسة كبير مساعدي وزير الخارجية للشؤون السياسية على أصغر حاجي.

وفي وقت لاحق اجتمع الوفد الروسي مع وفد الحكومة السورية الذي يرأسه سفير دمشق لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.

وأكدت الخارجية الكازاخية وصول كافة الوفود المعنية إلى نور سلطان، وبينها وفد المعارضة السورية المؤلف من 12 شخصا بقيادة أحمد طعمة رئيس الحكومة السورية المؤقتة التي تتخذ من غازي عنتاب التركية مقرا لها.

ويشارك في الجولة الحالية من المباحثات الدول الضامنة لعملية أستانة وهي روسيا وتركيا وإيران، ووفدا الحكومة والمعارضة السوريتين، وممثلون عن الأردن والعراق ولبنان بصفة مراقبين، إضافة إلى البعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن.

ويتضمن جدول أعمال الجولة مسائل دعم العملية السياسية في سوريا، على ضوء إطلاق اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وكذلك الوضع “على الأرض” مع التركيز على مناطق شرق الفرات وإدلب.

كما يتوقع أن تشمل المناقشات الوضع على الحدود السورية التركية بعد إبرام المذكرة الروسية التركية لوقف إطلاق النار هناك.

وحسبما ذكرت الخارجية الكازاخية في وقت سابق، يعتزم المشاركون في الجولة بحث إجراءات بناء الثقة مثل الإفراج عن المعتقلين والبحث عن المفقودين، إضافة إلى زيادة المساعدة الإنسانية الشاملة لسوريا في سياق عملية عودة اللاجئين والنازحين.

المدن

——————————

إدلب: المعركة تقترب

شهدت جبهات إدلب الشرقية، وحلب الجنوبية، الثلاثاء، وصول حشود عسكرية لمليشيات النظام الروسية من جهة، ومن الفصائل المعارضة والإسلامية من جهة ثانية. وقصفت الطائرات الحربية والمروحية مواقع المعارضة، والبلدات والمدن الواقعة تحت سيطرتها. في حين تصدت المعارضة لهجوم بري شنته المليشيات في محور خلصه جنوبي حلب، ولهجوم في كبانة في ريف اللاذقية الشمالي، بحسب مراسل “المدن” خالد الخطيب.

وحلّقت الطائرات الحربية والمروحية، الثلاثاء، بكثافة في أجواء ريف معرة النعمان جنوب شرقي إدلب، وقصفت الطائرات أطراف المعرة وبلدات معر شمارين ومعر شمشة والتح وأم التينة وموقع المعارضة قرب جبهات القتال. ونفذ الطيران الحربي الرشاش غاراته على الطرق الرئيسية والفرعية التي تربط بلدات المنطقة. وقصفت الطائرات الطريق الدولي حلب-دمشق. ويتواصل تحليق طيران الاستطلاع.

وتصدت المعارضة، الثلاثاء، لمحاولة تقدم في جبهات كبانة والمرتفعات الجبلية في ريف اللاذقية الشمالي، وما تزال المعارك مستمرة بين الطرفين في أكثر من محور. وتشهد المنطقة قصفاً جوياً وبرياً عنيفاً تشنه المليشيات مستهدفة مواقع المعارضة في المناطق الجبلية الوعرة.

وهاجمت المليشيات، فجر الثلاثاء، مناطق سيطرة المعارضة في خلصه وعدد من المزارع جنوبي حلب. وحاولت المليشيات المتسللة التقدم في محورين انطلاقاً من مواقعها في السابقية والمنازل، واشتبكت مع المجموعات المرابطة من “الجبهة الوطنية للتحرير” و”هيئة تحرير الشام”، واستمرت الاشتباكات لساعات تبادل الطرفان خلالها القصف بالأسلحة الثقيلة.

الناطق باسم “الجبهة الوطنية” النقيب ناجي مصطفى، أكد لـ”المدن”، أن المعارضة تصدت للهجوم البري الذي نفذته المليشيات في جبهات جنوبي حلب، وردّت بقصف مواقع المليشيات بالمدفعية والصواريخ. وقتل في المعارك عدد من عناصر المليشيات، بينهم عناصر من القوات الخاصة الروسية التي باتت تقود الهجمات البرية بشكل مباشر.

وكانت جبهات ريفي حلب الجنوبي والغربي، والضواحي الشمالية قد شهدت بعد منتصف ليل الاثنين/الثلاثاء، اشتباكات عنيفة بين الطرفين في محاور جمعية الزهراء والملاح شمالاً، والراشدين والبحوث العلمية غرباً. وقتل في الاشتباكات عدد من عناصر المليشيات بينهم قائد مجموعة من “الحرس الجمهوري”. وقصفت المليشيات بصواريخ “فيل” محلية الصنع، حريتان وكفر حمرة وحيان وعندان ومنطقة الجمعيات السكنية وخان العسل. في حين استهدفت المعارضة مواقع المليشيات في محيط الأكاديمية العسكرية وضاحية الأسد في أحياء حلب الغربية بصواريخ غراد وقذائف الهاون.

وشهدت جبهات غربي أبو الظهور شرقي ادلب، معارك عنيفة تركزت بشكل كبير في محاور طويل الحليب والكتيبة المهجورة. وقالت المليشيات إنها تصدت لهجوم شنته المعارضة نحو مواقعها في ناحية أبو الظهور، وكبدتها خسائر في العتاد والأعداد.

مليشيات “الفرقة الرابعة” و”الفيلق الخامس” خسرت عدداً من عناصرها في منطقة كبانة والمرتفعات الجبلية في ريف اللاذقية خلال الاشتباكات وعمليات الاستهداف بالأسلحة القناصة والرشاشات الثقيلة، وامتدت المواجهات بين الطرفين إلى جبهات سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.

وإشغال المليشيات لجبهات القتال بشكل مكثف خلال الساعات الماضية، وحملة القصف المركزة، يوحي بأن الهجوم البري المرتقب قد اقترب. ويحشد الطرفان المزيد من التعزيزات العسكرية في المنطقة القريبة من خطوط التماس شرقي ادلب. وتحشد المليشيات بشكل كبير في محيط نقاط المراقبة الروسية في أبو الظهور والشيخ بركة والحاضر، وفي حين قامت الفصائل المعارضة والإسلامية، من “الجبهة الوطنية” و”تحرير الشام” بتعزيز مواقعها تحسباً لأي هجوم بري مفاجئ.

النقيب ناجي مصطفى، أكد لـ”المدن”، أن الفصائل اتخذت إجراءات إضافية للدفاع في الجبهات المتوقع إشغالها من جانب المليشيات، وتشمل تعزيزات عسكرية متنوعة، وأعداداً إضافية من مقاتلي الفصائل المدربين والمجموعات العسكرية النوعية. وبحسب مصطفى، فالتهديدات بالاجتياح ليست بجديدة، لكن سيتم التعامل معها بشكل جدي.

———————-

إدلب: مليشيات النظام تتوعد معرة النعمان

استأنفت مليشيات النظام الروسية، الإثنين، حملة القصف على أرياف إدلب وحماة واللاذقية وحلب، بعد توقف مؤقت ليومين بسبب العاصفة المطرية. واستقدمت المليشيات تعزيزات عسكرية جديدة إلى مواقعها في خط التماس الممتد بين منطقتي أبو الظهور وسنجار الشيخ بركة شرقي ادلب، بحسب مراسل “المدن” خالد الخطيب.

واستهدفت الطائرات الحربية والمروحية بأكثر من 50 غارة جوية البلدات والقرى، ومواقع المعارضة المسلحة في ريف ادلب، وكذلك بلدات الشيخ مصطفى وركايا والشيخ دامس وأطراف حيش. وفي العمق استهدفت الطائرات أطراف مدينة بنش شمال غربي مدينة ادلب بـ6 غارات جوية، ما تسبب بمقتل طفلين وإصابة آخرين من عائلة نازحة، بعضهم في حالات خطرة.

القصف الجوي للطيرانين المروحي والحربي تركز بشكل كبير على مناطق ريف معرة النعمان الشرقي جنوب شرقي إدلب. واستهدفت الغارات أكثر من 20 بلدة وقرية، من بينها أبو مكي والتح ومعر شمارين. وقصفت الطائرات مواقع المعارضة المتقدمة في جبهات أم التينة والكتيبة المهجورة وطويل الحليب وغيرها من القرى الواقعة في خط التماس الأول مع المليشيات الممتد بين أبو الظهور شمالاً، وسنجار جنوباً.

واستهدف قصف المليشيات، البري والجوي، بلدات سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وطال القصف قرى بداما والناجية في ريف جسر الشغور غربي ادلب. وتعرضت منطقة كبانة والمرتفعات الجبلية في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي لقصف مكثف من طيران النظام المروحي. ونفذت الطائرات الحربية الروسية أكثر من 10 غارات جوية مستهدفة مواقع الفصائل المعارضة والإسلامية في المناطق الجبلية. وشهدت قرى ريف حلب الجنوبي قصفاً جوياً وبرياً امتد إلى منطقة الضواحي التي شهدت اشتباكات متقطعة وقصفاً متبادلاً.

مصادر عسكرية معارضة أكدت لـ”المدن”، أن مليشيات النظام الروسية استقدمت تعزيزات جديدة إلى جبهاتها شرقي ادلب، وهي تجهز لهجوم بري واسع قد ينطلق خلال الأيام القليلة المقبلة. وبحسب المصادر، تركيا تبدو عاجزة عن وقف حملة القصف ومنع عملية عسكرية للمليشيات هدفها الوصول إلى الطرق الدولية، وهذا يضع الفصائل المعارضة والإسلامية أمام تحد كبير خلال الفترة المقبلة.

وتركزت تعزيزات المليشيات في المناطق القريبة من خطوط التماس التي أشغلتها المليشيات بالهجمات البرية المحدودة منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، ونقاط التمركز الرئيسية للتعزيزات تم نشرها في النقاط غربي أبو الظهور، وفي مناطق غرب بلدة سنجار ونقطة المراقبة الروسية في الشيخ بركة. قادة من “الفيلق الخامس” و”الفرقة 25″ ومواقع إعلامية موالية للمليشيات، لمحوا إلى أن المعركة وشيكة وسوف تستهدف مدينة معرة النعمان.

—————–

روسيا تعرقل إدخال المساعدات إلى سوريا

اعتبر تقرير للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، سُلّم اخيراً لمجلس الأمن، أن “لا بديل” من مواصلة ايصال المساعدات الانسانية الى سوريا عبر الحدود وخطوط الجبهة، لكنّ هذه النظرة تصطدم برفض روسي واضح.

ويجري اعضاء المجلس مفاوضات لتمديد هذه الآلية التي ينتهي مفعولها في10 كانون الثاني/يناير المقبل.

وقال دبلوماسي لم يشأ كشف هويته “ليس من مصلحة أحد عرقلة هذا القرار”، فيما يتحدث آخرون عن سعي روسي الى تعزيز سيطرة النظام السوري على البلاد.

وقال مصدر دبلوماسي آخر إنّ “المفاوضات صعبة” مع موسكو.

وتُستخدم حالياً أربع نقاط عبور، اثنتان عبر تركيا وواحدة عبر الأردن وواحدة عبر العراق، وتتم مناقشة فتح نقطة خامسة عبر تركيا في تل أبيض. وتظهر نقطة العبور الجديدة هذه في مشروع القرار الذي قدّمته ألمانيا وبلجيكا والكويت، الدول المكلّفة الشقّ الإنساني من الملف السوري والتي تسعى لتجديد التفويض الأممي لمدة عام.

وأفاد دبلوماسيون أن دائرة الشؤون الانسانية في الأمم المتحدة، تؤيد هذا التمديد مع ازدياد الحاجة اليه في ضوء الهجوم العسكري التركي في شمال سوريا.

ورأى غوتيريش أنه اذا كان قد أُحرز تقدم لتوزيع المساعدات الانسانية داخل سوريا، فإن عبور الحدود وخطوط الجبهة يبقى لا غنى عنه.

وكتب في تقريره الذي نقلته “فرانس برس” أن “المساعدة الإنسانية التي تقدمها وكالات الأمم المتحدة شهرياً تشمل مواد غذائية لنحو 4.3 ملايين شخص، إضافة الى علاج طبي لأكثر من 1.3 مليون شخص في مختلف أنحاء البلاد”.

واكد أن “المساعدة عبر الحدود (…) تظل عنصراً أساسياً في الردّ الإنساني”.

وتفاقم الوضع الانساني في سوريا خلال هذا العام، ولا يزال “11 مليون شخص” يحتاجون الى المساعدة بحسب التقرير.

وكرّر غوتيريش وجوب القيام بكل ما هو ممكن لتجنب هجوم عسكري واسع النطاق في محافظة ادلب شمال غربي سوريا، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين شخص.

لكنّ دبلوماسيين أفادوا أنّ روسيا عرضت، الإثنين، على شركائها في مجلس الأمن، مشروع قرار مضادّاً.

وموسكو، التي تعتبر أنّ الوضع الميداني تغيّر مع استعادة النظام السوري السيطرة على مزيد من الأراضي، تقترح في مشروع قرارها إلغاء اثنتين من نقاط العبور الأربع الحالية، بدلاً من إضافة نقطة خامسة.

والمعبران اللذان تريد روسيا إغلاقهما هما معبر اليعروبية، على الحدود بين سوريا والعراق، ومعبر الرمثا بين سوريا والأردن.

كما تقترح موسكو تجديد القرار لمدة ستة أشهر فقط بدلاً من سنة.

——————

سوريا: معركة إدلب تهجّر 80 ألفا وتقتل 96… وفيتو روسي صيني لمنع دخول مساعدات إنسانية/ هبة محمد

استخدمت روسيا، بدعم من الصين، حق النقض في مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة، وذلك للمرة الرابعة عشرة منذ اندلاع الصراع السوري عام 2011 ، لمنع تسليم مساعدات إنسانية عبر الحدود من تركيا والعراق لملايين المدنيين السوريين.

وكان القرار الذي أعدته بلجيكا والكويت وألمانيا سيسمح بنقل مساعدات إنسانية عبر الحدود لمدة عام آخر من نقطتين في تركيا وواحدة في العراق، لكن روسيا حليفة الحكومة السورية أرادت الموافقة على نقطتي العبور التركيتين لمدة ستة أشهر فقط.

واستخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مسودة القرار، في حين أيدته بقية الدول الأعضاء وعددها 13 دولة.

وفي إطار الحملة العسكرية الرابعة والشرسة التي يقودها الحلف الروسي – السوري، على منطقة خفض التصعيد الأخيرة شمال غربي سوريا، قتل 16 مدنياً وأصيب 45 آخرون أمس بقصف حربي ومروحي لقوات النظامين على ريف إدلب.

وكثفت الطائرات غاراتها على مدينة معرة النعمان واستهدفتها بالصواريخ والبراميل المتفجرة، ما دفع الأهالي للخروج بمظاهرات حاشدة عند معبر باب الهوى الحدودي، تنديداً بالصمت التركي، لكن اللافت في ذلك تصدي تنظيم جبهة النصرة «هيئة تحرير الشام» للتظاهرة، واعتقال ناشطين وصحافيين، وسط إطلاق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع باتجاه المدنيين.

وقتل أكثر من 80 مقاتلاً من قوات النظام والفصائل المقاتلة في اشتباكات مستمرة بين الطرفين خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في محافظة إدلب وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينما وثق مدير الدفاع المدني في سوريا مصطفى الحاج يوسف في تصريح لـ«القدس العربي» استهداف 25 منطقة بـ 61 غارة جوية.

مدير وحدة الدراسات لدى مركز جسور للدراسات عبيدة فارس، رأى ان النظام السوري يسعى الى الوصول إلى معرّة النعمان، عبر استراتيجية عسكرية تقليدية، إذ تحاول قواته الوصول إلى معرة النعمان جنوبي إدلب والسيطرة عليها، بما يؤدي لتطويق نقطة المراقبة التركية في تل صرمان أو معر حطاط أَو كليهما، مستفيدة من غياب أي ردّ فعل من جانب تركيا.

وأوضح فارس لـ«القدس العربي»، ان قوات النظام السوري وروسيا تتبع سياسة الأرض المحروقة وبثّ الذعر بين السكان المحليين للضغط على فصائل المعارضة وتركيا، متبعةً سياسة القضم البطيء، في ظل صعوبة سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة العازلة دفعة واحدة، والاعتماد على أسلوب التطويق أو فكي الكماشة في السيطرة على مساحات واسعة لتقليل التكلفة المفترضة بهدف خرق دفاعات فصائل المعارضة.

وواصلت أمس قوات النظام تقدمها على حساب فصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية، حيث انتزعت السيطرة على نحو 10 قرى جنوب شرقي إدلب، حسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وفسّر المعارض السياسي وائل الخالدي ان ما يجري على الأرض هو وفق اتفاق تركي ـ روسي «لضمان تسليم طريق دمشق – حلب، المعروف بـ إم 5، لموسكو، وحمايته من قبل الفصائل، كضمانة لبقائها، وشراكتها بمداخل المعابر، تمهيداً لدمجها لاحقاً بالفيلق السادس».

واعتقلت هيئة تحرير الشام مجموعة نشطاء وصحافيين لعدة ساعات، وذلك أثناء تغطيتهم المظاهرة المنددة بالصمت التركي، حيث أطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع لتفريق جموع المتظاهرين عند معبر باب الهوى الحدودي.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عناصر أمنية تابعة لـ «هيئة تحرير الشام» اعتقلت 4 نشطاء إعلاميين أثناء تغطيتهم المظاهرة الحاشدة المناهضة للحكومة التركية عند معبر باب الهوى الحدودي، حيث تمكنت هيئة تحرير الشام من تفريق المتظاهرين من خلال إطلاق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع.

وأغلقت «هيئة تحرير الشام» الطرقات المؤدية إلى معبر باب الهوى من خلال وضع كتل إسمنتية ونشر عشرات العناصر من الأمنيين الملثمين، حيث حاول المتظاهرون الوصول إلى البوابة لمطالبة الضامن التركي بالتحرك لوقف العمليات العسكرية التي تشهدها مناطق ريف إدلب.

من جهة أخرى وصل عشرات الجنود السعوديين إلى حقل «العمر» النفطي الخاضع لسيطرة تنظيم «ي ب ك/بي كا كا» المصنف إرهابياً في تركيا حسب وكالة الأناضول، في ريف دير الزور، شرقي سوريا.

وأوضحت مصادر مطلعة أن القوات الأمنية السعودية التي وصلت إلى الحقل عبر طائرات هليكوبتر مكلفة بحماية خبراء سعوديين ومصريين وصلوا إلى الحقل قبل أسبوع، وتبين فيما بعد أنهم تابعون لشركة «أرامكو».

وفي خبر لوكالة «د ب أ» الألمانية سيطر مقاتلو تنظيم «الدولة» على حقل نفطي في محافظة حمص وسط سوريا بعد معارك عنيفة مع الجيش السوري.

القدس العربي

———————

معرة النعمان وسراقب… أهداف النظام المقبلة في إدلب/ وائل عصام

بدأ النظام السوري الجولة الثانية من حملته البرية على ريف إدلب، بهدف السيطرة على معرة النعمان وسراقب، حسبما بدا من محاور الهجوم، وبعد أن تمكن في حملة سابقة، من السيطرة على خان شيخون، وعدة قرى محيطة بها، ورغم المقاومة الشرسة التي أبدتها جبهة تحرير الشام وحلفاؤها الجهاديون في معارك كر وفر امتدت ثلاثة شهور، إلا أن التفوق العسكري للنظام السوري الذي يحارب بإمكانيات عسكرية ولوجستية مستمدة من قوى إقليمية (إيران وحزب الله) ودعم من قطب دولي (روسيا)، جعل مآل المواجهة معه، محسومة لصالحه.

ومستفيدا من تفوقه الجوي، تقدم النظام في القرى السهلية، التي لا تملك تضاريس طبيعية، أو كتل أبنية تخفف من انكشاف مقاتلي المعارضة أمام قصف النظام الجوي، وهكذا تجنب النظام دخول خان شيخون مباشرة في الجولة السابقة، لأن مقاتلي المعارضة قد يتمكنون من استنزاف قوات النظام في قتال الشوارع والأزقة، إن توفر لهم خط إمداد يغذي صمودهم في مدينة كخان شيخون، فيها كثافة من الأبنية، مقارنة مع القرى الصغيرة المحيطة، لذلك فضل النظام محاصرتها وإسقاطها عمليا بخنقها عبر محيطها من القرى، وقطع إمدادها، وهذا السيناريو هو المرجح للتكرار في معرة النعمان وسراقب، إذ يريد النظام فصل طرق الإمداد بين البلدتين وحصارهم، عبر السيطرة على دائرة القرى المحيطة، وقد تمكن حتى الآن من السيطرة على أربع قرى هي، أم جلال وأم التوينة والخريبة والربيعة.

وبينما يعجز النظام حتى الآن عن التقدم في تلال الكبينة، بعد شهور طويلة من القصف الجوي العنيف، ومحاولات الاقتحام البري، فإنه يحاول تعويض هذا الإخفاق في جبهات المعرة وسراقب، التي تعني سيطرته عليها في المرحلة المقبلة، تضييق الخناق أكثر وأكثر على مدينة إدلب وجبل الزاوية المجاور لعاصمة المعارضة المسلحة الأخيرة في سوريا. ولعل تلال الكبينة مثال آخر على أهمية التضاريس الطبيعية، في تخفيف تأثير القصف الجوي، وهي مسألة عانت منها المناطق المعارضة للأسد، بسبب طبيعتها السهلية في أكثرها، بينما تتحصن معاقل الأسد وخزان ميليشياته وضباط جيشه، في أحد أكثر الجبال وعورة في سلسلة جبال شمال غربي سوريا.

ومع بداية المرحلة الثانية من الهجوم البري لقوات الأسد، عاد الحديث مجددا عن الدور التركي، كون أنقرة جزءا من اتفاق خفض التصعيد في سوريا، ودولة ضامنة، لكن واقع الحال يظهر بشكل واضح انه لم يعد هناك ما يمكن لأنقرة أن تفعله في إدلب، لمنع هجوم النظام، بل إن إحدى نقاط المراقبة التركية، باتت تحت حصار النظام، وستضاف إليها نقاط جديدة مع تقدم قوات النظام المتوقع في الأسابيع المقبلة. ولا يبدو التعويل على دور تركي لإنقاذ إدلب، سوى تكرار لتقديرات خاطئة سابقة في السنوات الماضية، تتعلق بتضخيم قدرة أنقرة على منع النظام من قضم مناطق المعارضة، ولعل التصريحات التركية المتباينة من حين لآخر، زادت من غبش هذه الرؤية، فقبل أسابيع قليلة، اجتمع الرئيس التركي مع عدة قادة أوروبيين ليخرج المسؤولون الأتراك بتصريحات تتحدث عن تفاهمات لحماية المدنيين في إدلب، وكان الأوروبيون هم المعنيون بالهجوم على إدلب وليس روسيا والنظام.

السياسات التركية في سوريا باتت واضحة من الناحية العملية، وهي تشير بشكل جلي إلى أن الاهتمام التركي يتعلق بالملف الكردي حصرا، وتحريك الجيوش والقوات يتعلق بالمخاوف الكردية حصرا، وليس نظام الأسد، لذلك فإن معاودة التعويل ومطالبة أنقرة بلعب دور ما في إدلب، أو حتى مطالبة القوى الدولية بوقف هجمات النظام، يمثل تجاهلا لدروس وعبر السنوات الأخيرة من النزاع السوري، فموقف الأطراف الدولية الغربية (أوروبا والولايات المتحدة) بات واضحا في سوريا منذ عام 2015، قولا وعملا، من ناحية وقف التدخل لصالح فصائل المعارضة، وتجميد الدعم العسكري، ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى أن هذا الموقف قابل للتغيير، وفق المعطيات الراهنة. القوى الإقليمية لا الدولية، باتت هي الأكثر تأثيرا في الملف السوري اليوم، والصراع السوري أظهر أهمية دورها، أكثر حتى من القوى الدولية الغربية الآيلة للانسحاب من المنطقة «المجنونة»، حسب وصف الرئيس الامريكي ترامب، وعدد من المحليين الغربيين، فإذا نظرنا إلى داعمي المعارضة السورية الاقليميين، من تركيا إلى دول الخليج، سنجد في البدء، أن تنامي الخلافات العميقة بينهم، زاد من تعطل قدرتهم على التنسيق المشترك في الملف السوري، عدا عن تفاعلات نزاعات أخرى مؤثرة عليهم، جعلتهم أقل حماسة للتعامل في الملف السوري في مواجهة روسيا وإيران في الجبهة الإقليمة المقابلة، فاذا كانت الرياض قد أخفقت في التعامل مع النفوذ الإيراني في اليمن، خاصرتها الجنوبية، الذي يعتبر اكثر خطورة عليها استراتيجيا من سوريا، وإذا كانت قد أخفقت في الحفاظ على التحالف السعودي الإماراتي في صنعاء وعدن، فكيف ستتمكن من إدارة عملية ناجحة لدعم المعارضة في سوريا في مواجهة الحلف الايراني نفسه؟

وإذا اتجهنا شمالا نحو تركيا، سنجد أن النزاع الداخلي القديم المتجدد لأنقرة مع التمرد الكردي، جعل النظام السوري في نظر السياسة الخارجية التركية، أقل تهديدا لأمنها من أكراد شمال سوريا، وبالتالي، بدلا من دورها الإقليمي من دولة داعمة للمعارضة، إلى دولة حليفة لأعداء المعارضة روسيا وإيران!

هذا الواقع جعل التوازن الإقليمي في المنطقة يميل لصالح النظام السوري، المعتمد في قدر كبير من بقائه على تماسك تحالفه مع طهران، قبل موسكو، وفي المقابل أدى تفكك الكتلة الاقليمية المعارضة له، وفتور داعميها الدوليين، أدى بالمحصلة إلى استفراد النظام بالمعارضة المسلحة، مكشوفة الظهر، بعد تخلي حلفاؤها الإقليميون والدوليون لاحقا، لأن الدعم الدولي الغربي كان يتحتم لاستمراريته، الارتكاز أولا على حلفاء محليين وإقليميين متماسكين، وهو ما لم يحصل، وأيضا يحتاج الدعم الدولي لنجاحه إلى فصائل معارضة سورية منسجمة وموحدة القيادة، وهذا ما لم يحصل أيضا، وهذا ما سهل مهمة روسيا في دعم الأسد، وهو وجود مرتكزات محلية لنظام أقلوي استطاع الإبحار بسفينته لنصف قرن، وسط بحر من الاكثرية، ثم تمكن من مواجهة الغرق في طوفان الثورة السورية، مستعينا بسترة نجاة وحزام إقليمي داعم له من طهران لبيروت.

القدس العربي

——————————–

القصف والنزوح يحرمان آلاف الطلاب من الدراسة في إدلب/ ريان محمد

يعد الطلاب من بين أكثر المتضررين من الوضع الإنساني الكارثي الذي تعيشه محافظة إدلب السورية، فوسط نزوح عشرات الآلاف هربا من القصف الذي يستهدف بلداتهم ومدنهم من قبل قوات النظام والطيران الروسي، لا يعرف الطلاب مصير الامتحانات النصفية.

وقال أبو عبدالله الشامي، النازح من ريف دمشق إلى شمال إدلب، لـ”العربي الجديد”: “لدي أربعة أبناء في المدارس، والكبير بينهم كان يستعد هذه السنة للتقدم إلى امتحان الشهادة الثانوية، لكن بسبب القصف نزحنا، وتوقفوا جميعا عن الدراسة. حاليا نبحث عن مكان يحمينا من البرد، وطعام يسد جوعنا، كما نفتقد إلى أبسط احتياجاتنا اليومية، ولا مكان حاليا للتفكير بالمدارس، حتى أنني لم ألحظ وجود طلاب، فمدرسة المنطقة تغص بالعائلات النازحة”.

وقال النازح عبد الله أمين، المقيم في مخيم قاح شمالي إدلب، لـ”العربي الجديد”: “يحاول النازحون تأمين المأوى أولا، فالوضع سيئ جدا، وطريق معرة النعمان يغص بالسيارات التي تقل النازحين، وباتت المنطقة خالية من السكان تقريبا، وبالتالي فلا مجال للحديث عن استئناف الدراسة في ظل محاولات الهرب من القصف، فالناس يخشون أن يدفنوا تحت أنقاض منازلهم، أو يتم حصارهم”.

وأوضحت دائرة الإعلام في مديرية تربية إدلب، لـ”العربي الجديد”، أن “واقع الطلاب مأساوي بسبب النزوح والقصف، وتهجير أهالي المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية، والتي يوجد بها مجمعات تربوية في معرة النعمان وأريحا وأطراف جسر الشغور، ولا توجد قدرة على استيعاب المزيد من الطلاب في المجمعات التربوية بمناطق النزوح، رغم أن المدارس تعمل بأسلوب الدوامين لاستيعاب أكبر عدد من الطلاب”.

وتحولت أكثر من 50 مدرسة إلى مراكز لإيواء النازحين، وقام عدد آخر من المدارس بتحويل أجزاء منها لمأوى للنازحين، وتقدر مديرية تربية إدلب عدد الطلاب النازحين بأكثر من 120 ألف طالب، ويتوقع أن يصل العدد إلى 170 ألف طالب في ظل تواصل القصف.

وأكدت مديرية التربية أنه “لم يتم تحديد موعد لإجراء الامتحانات النصفية بسبب الوضع الأمني المزري، ويعود القرار إلى مدراء المجمعات لأنهم أقدر على تقدير أوضاع مناطقهم”.

العربي الجديد

————————-

معرة النعمان: الآلاف عالقون تحت النار

تشهد مدينة معرة النعمان موجة نزوح واسعة، وسط توقف كلي للخدمات العامة، وشلل في الأسواق، بسبب حملة القصف الروسية الوحشية. كما نزح عشرات آلاف المدنيين من ريف المعرة الشرقي. وما يزال عشرات الآلاف في مركز المدينة وريف المنطقة محاصرين وعالقين تحت النار، ويعانون ظروفاً إنسانية صعبة للغاية وينتظرون المساعدة، بحسب مصادر “المدن”.

ومعرة النعمان هي أكبر مدن ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وتقع على الطريق إم-5 حلب-بدمشق، وسيطرت عليها المعارضة المسلحة نهاية العام 2012، ونزح إليها آلاف السوريين من مختلف المناطق خلال السنوات السابقة. وتتعرض المعرة لحملة قصف جوي وبري هي الأعنف على الإطلاق لأنها مركز منطقة العمليات العسكرية التي أطلقتها مليشيات النظام، قبل يومين، وفيها العدد الأكبر من المدنيين.

الناشط الإعلامي فريد المحلول، أكد لـ”المدن”، أن الوضع الإنساني في المعرة يزداد صعوبة مع استمرار حملة القصف. والمجازر المروعة في المدينة والتطورات الميدانية المتسارعة على الجبهات أقلقت الأهالي ودفعتهم للخروج في موجات نزوح كبيرة. وما يزال 20 ألف مدني على الأقل عالقين في المدينة حتى الآن، بينما تمكن 70 ألف شخص من الخروج خلال اليومين الماضيين. والعائلات المتبقية عاجزة عن تأمين سيارات نقل لكي تخرج، وبعضهم لا يستطيع تحمل تكاليف النزوح، ولا إيجارات المنازل والنقل، وآخرون لديهم ممتلكات وبضائع في محالهم لا يمكنهم تركها والمغادرة. لكن الغارات الجوية وراجمات الصواريخ استهدفت الأسواق والمرافق العامة في المدينة، وما من مياه ولا كهرباء ولا أي نوع من الخدمات في المعرة في الوقت الحالي.

مدير المكتب الإعلامي في “الدفاع المدني” في ادلب أحمد شيخو، أكد لـ”المدن”، أن فرق الدفاع المدني تعمل على مدار اليوم على إجلاء الأهالي من المعرة، إذ أن مسببات النزوح قائمة ومعدلات القصف في ازدياد مخيف، لذلك تم استنفار كامل آليات الفرق والمتطوعين للعمل في جميع الظروف لمساعدة أكبر عدد ممكن من الناس. وتتضمن عمليات المساعدة، إنقاذ واسعاف ونقل عائلات وأمتعة من المناطق الخطرة.

وبحسب شيخو، فمن غير الممكن احصاء أعداد النازحين بشكل دقيق، فالعدد هائل، وهناك عشوائية في النزوح، ووجهات متعددة للنازحين، وقد تجاوزت أعداد النازحين 100 ألف منذ بداية الحملة، وما زال هناك مدنيون عالقون، وفي حال استمرت حملة النزوح على الوتيرة نفسها خلال 10 أيام، فإن المنطقة ستكون خالية بشكل شبه كلي من المدنيين.

ويعتبر ريف المعرة من أكبر الأرياف في ادلب، من حيث الكثافة العددية للقرى والبلدات التابعة للمنطقة، والكثافة السكانية. وحركة النزوح منه كانت كبيرة خلال الساعات الماضية بعدما تقدمت مليشيات النظام.

الناشط الإعلامي معاذ عباس، أكد لـ”المدن”، أن البلدات الكبيرة في ريف المعرة الشرقي شهدت حركة نزوح هائلة، السبت، بسبب قصف المليشيات المكثف، عدا عن عشرات الغارات الجوية ومئات القذائف الصاروخية. حتى العائلات التي كانت مترددة في اتخاذ قرار الخروج، بدأت تنزح الآن بعد تقدم المليشيات، فالخوف والهلع يخيم على المنطقة، والطائرات تستهدف الطرق والنازحين، وثمة عوامل كثيرة تعرقل عمليات إخلاء المدنيين.

الناشط الإعلامي عبد قيطاز، أكد لـ”المدن”، أن مئات العائلات في ريف المعرة الشرقي توزعوا على البساتين والأراضي الزراعية المحيطة في انتظار من يساعدهم على الخروج من المنطقة. والمنظمات والفرق التطوعية تعمل بكامل طاقتها لتقديم المساعدة ورغم ذلك لا تستطيع تغطية هذه الأعداد الكبيرة من النازحين وفي وقت قياسي.

يتوجه العدد الأكبر من نازحي المعرة إلى مثلث المخيمات شمالي ادلب في مناطق الدانا وسرمدا ودير حسان، وتم إنشاء عدد من المخيمات في المنطقة، وبنيت خيام ملحقة بالمخيمات القديمة في بعض المناطق. كما أن جزءاً من النازحين توجهوا لمناطق ريف ادلب الغربي في منطقة حارم، وتم استيعاب أعداد منهم في مساجد مدينة ادلب وعدد من المدارس والمنشآت العامة، ونجح الآلاف من النازحين في دخول مناطق ريف حلب الشمالي الشرقي، ووصلوا إلى عفرين وإعزاز ومارع والباب. ومع استمرار عمليات النزوح فإن المتوفر من المساكن والخيام غير كافٍ.

مدير فريق منسقو استجابة سوريا محمد حلاج، أكد لـ”المدن”، أن معرة النعمان وريفها الشرقي والجنوبي الشرقي شهدت حركة نزوح غير مسبوقة في الساعات الماضية، ومنهم أعداد كبيرة بحاجة لمساعدة عاجلة، والحاجات الأساسية المطلوبة هي مأوى ومواد إغاثية ضرورية. وبحسب حلاج، فإن تأمين المأوى الملائم للنازحين المشردين في المناطق الحدودية يشكل أزمة كبيرة، كامل المنظمات تعمل ضمن امكاناتها، والفعاليات المدنية قدمت المساعدة أيضاً.

المدن

——————————-

إدلب:هل يمكن إيقاف تقدم دبابة T-92 الروسية؟/ خالد الخطيب

إدلب:هل يمكن إيقاف تقدم دبابة T-92 الروسية؟ Getty ©

تبدو الفصائل المعارضة والإسلامية على جبهات معرة النعمان جنوب شرقي إدلب، مصدومة بسبب كثافة محاور القتال التي أشغلتها مليشيات النظام الروسية، مدعومة بنيران جوية وبرية هائلة. وتسبب ذلك في تأخر انتقال المعارضة من الدفاع إلى الهجوم، وخسارتها أكثر من 12 قرية وموقعاً في وقت قياسي، وانهيار 70% من خطها الدفاعي الأول.

هجوم مستمر

وتحاول المليشيات، السبت، السيطرة على قرى جديدة جنوبي وشرقي المعرة، وتشهد أطراف بلدة برنان معارك عنيفة بين الطرفين. وتصدت خلالها المعارضة للمليشيات التي هاجمت من أربعة محاور قرى برصة وقطرة وفروان وجديدة نواف، وتمكنت من تدمير دبابتين وناقلات جنود.

ويتركز هجوم المليشيات في المنطقة الواقعة بين أبو الظهور شمالاً وسنجار جنوباً، إلى الشمال من نقطة المراقبة التركية في الصرمان. وفي حال تمكنت المليشيات من مواصلة تقدمها فإنها ستكون أمام مواجهة مع المعارضة في أكبر بلدتين في ريف المعرة الشمالي الشرقي، الغدفة ومعصران. وفي حال تخطي المليشيات للبلدتين يصبح الطريق مفتوحاً للوصول إلى الطريق إم-5 شمالي المعرة، مروراً بمزارع وقرى صغيرة.

وفي الجبهات الجنوبية كثفت المليشيات من هجماتها البرية، السبت، محاولة التقدم نحو هلبة وحران بعد أن سيطرت على الرفة، منتصف ليل الجمعة/السبت. وشهدت جبهات أم التينة وأطراف الرفة معارك عنيفة بين الطرفين، خسرت المعارضة فيهما عدداً كبيراً من المقاتلين سقطوا بالنيران الجوية والبرية التي استخدمتها المليشيات بكثافة في محاور العمليات.

مواصلة تقدم المليشيات في المحاور الجنوبية يوفر لها قطع الاتصال بين أكبر بلدات ريف المعرة؛ جرجناز إلى الغرب من النقطة التركية في الصرمان، والتح الى الجنوب الغربي. وفي الغالب ستتجنب المليشيات المواجهة في البلدات الكبيرة لذا تسعى للالتفاف عليها، وتقطيع أوصال ريف المعرة والابتعاد ما أمكنها على النقطة التركية التي ستكون محاصرة في حال التقى المحوران الجنوبي والشرقي عند أطراف مدينة معرة النعمان.

وفي موازاة الهجوم البري المستمر، استمرت الهجمات الصاروخية والجوية على المدنيين، ومواقع المعارضة. ونفذت الطائرات الحربية، السبت، أكثر من 50 غارة جوية أكثر من نصفها استهدف تحركات المعارضة في جبهات القتال.

الصدمة

فشلت المعارضة في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، رغم محاولاتها المتكررة لتنفيذ هجمات معاكسة، لم تنجح في أي منها ولم تتمكن من استعادة أي موقع. بل ضاعفت محاولاتها الفاشلة من خسائرها البشرية، ويعود ذلك لحالة الصدمة التي تعيشها الفصائل بسبب كثافة النيران المعادية ومواصلة الهجوم في جبهات مفتوحة شتت المعارضة وأجبرتها على البقاء في الدفاع.

عوامل أخرى ساهمت في تقدم المليشيات وانهيار دفاعات المعارضة السريع، ومنها ضعف التنسيق بين الفصائل وربما افتقادها الكميات اللازمة من الصواريخ المضادة للدروع، وهو أهم سلاح نوعي يساعدها في التصدي للمليشيات، أو على الأقل مقاومتها لمدة أطول.

مصادر عسكرية في الجبهات الشرقية أكدت لـ”المدن”، أن كثافة القصف البري والجوي لعبت الدور البارز في انهيار الدفاعات في المناطق السهلية المكشوفة، بالإضافة إلى تركيز المليشيات على الهجمات الليلة مستفيدة من تقنيات الرؤية الليلة والاستخدام الكثيف للدبابات T92. إذ أشغلت المليشيات منذ بداية الهجوم في الجبهات الشرقية أكثر من 6 محاور، وما أن تتقدم في واحد منها حتى تنهار الدفاعات في المحاور الأخرى. كما أن كثافة النيران ومحاور الهجوم أنهكت المقاتلين وقيدت حركتهم بحسب المصادر.

دبابة T92 واحدة مكنت المليشيات من السيطرة على قريتين في الجبهات الشرقية، ليل الجمعة/السبت، بمرافقة مجموعة مؤلفة من 30 عنصراً من المليشيات نفذت عمليات التفاف ناجح، وأجبرت مقاتلي المعارضة على الانسحاب الذين فشلت مناشداتهم عبر الأجهزة اللاسلكية في طلب القواعد المضادة للدروع.

لا يمكن تجاهل دور المحاور الكثيفة في تشتيت المعارضة، إذ أشغلت المليشيات منذ بداية هجومها، ليل الخميس/الجمعة، أكثر من 12 محور عمليات، ما سهل عليها استنزاف المعارضة في الضربات الأولى والتأثير على معنويات مقاتليها. مقاتلون من “الجبهة الوطنية” بقوا في خنادقهم لأكثر من ثلاث ساعات ولم يسمح لهم القصف المعادي بالخروج منها إلا لتنفيذ عمليات انسحاب. المليشيات استخدمت في 24 ساعة من الهجمات البرية أكثر من 10 آلاف قذيفة مدفعية وصاروخية استهدفت مواقع المعارضة في قرى صغيرة.

الأرتال التركية

التطورات الميدانية المتسارعة لصالح المليشيات بدت مقلقة للجيش التركي، ودفعته إلى إرسال 9 أرتال عسكرية، ليل الجمعة/السبت، تضم مدرعات وناقلات جند ومصفحات وجرافات وآليات حفر وتحصين عسكرية، توجهت غالبيتها إلى منطقة معرة النعمان، ومن غير المعروف بعد مناطق انتشارها، وإن كانت لتعزيز نقطتي الصرمان ومعر حطاط أم أنها لإنشاء نقاط جديدة هدفها منع المليشيات من التقدم؟

تحاشت المليشيات في هجماتها البرية المستمرة لأكثر من 30 ساعة الاقتراب من المنطقة المحيطة بالنقاط التركية في ريف المعرة، وهي تتقدم من محورين جنوبي وشرقي، ويبدو أنها تهدف إلى محاصرة نقطة الصرمان كمرحلة أولى. في الغالب سيتم إنشاء نقاط مراقبة جديدة للجيش التركي شمال محور تقدم المليشيات في معر شمارين، وفي الغدفة أو معصران. والنقاط المفترض إنشائها هي لحماية مدينة المعرة، ولمنع المليشيات من مواصلة تقدمها، هذا إن كان هناك نية فعلية للجيش التركي في إيقاف المليشيات وعرقلة عملياتها البرية.

لم يجتمع قادة الفصائل المعارضة بالمسؤولين في الجيش التركي كما روجت بعض مواقع المعارضة، والدعم التركي بالأسلحة والذخائر مستمر، ولكنه غير كافٍ للتصدي لهجوم المليشيات التي اتبعت سياسة الأرض المحروقة بفضل النيران والذخائر الروسية الهائلة. يبدو أن المعارضة تعول على إجراءات أكثر جدية من قبل الجيش التركي، وربما موقف دولي متغير يصب في مصلحتها ويوقف الحملة العسكرية للمليشيات.

المدن

——————————-

الفيتو الروسي ال14:لا مساعدات إنسانية للسوريين

استخدمت روسيا، بدعم من الصين، حق النقض في مجلس الأمن الدولي، للمرة الرابعة عشرة منذ اندلاع الصراع السوري عام 2011، لمنع تسليم مساعدات إنسانية عبر الحدود من تركيا والعراق لملايين المدنيين السوريين.

وكان القرار الذي أعدته بلجيكا والكويت وألمانيا سيسمح بنقل مساعدات إنسانية عبر الحدود لمدة عام آخر من نقطتين في تركيا وواحدة في العراق، لكن روسيا أرادت الموافقة على نقطتي العبور التركيتين لمدة ستة أشهر فقط.

واستخدمت روسيا والصين حق النقض ضد مسودة القرار في حين أيدته بقية الدول الأعضاء وعددها 13 دولة.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة كيلي كرافت، للمجلس بعد الخطوة الروسية الصينية إنها في حالة من الصدمة لأن التبعات “ستكون كارثية”، ووصفت معارضة روسيا والصين للقرار بأنها “متهورة وغير مسؤولة وقاسية”.

وتزامن الفيتو الروسي-الصيني الجديد مع حملة عسكرية روسية بربرية على إدلب تسببت بنزوح مئات آلاف المدنيين.

وصوت مجلس الأمن بعد ذلك على مسودة القرار الذي صاغته روسيا الذي يسمح بنقطتي عبور تركيتين لمدة ستة أشهر فقط لكن القرار لم يحصل إلا على تأييد خمسة أصوات مقابل رفض ستة وامتناع أربع دول عن التصويت.

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، للمجلس: “من انتصر اليوم؟ لا أحد.. من خسر؟ الشعب السوري”. وأضاف أن “الوضع الإنساني في سوريا تحسن بشكل جذري وأن على المجلس الاعتراف بهذا التغيير”. وقال “لا تحاولوا إلقاء اللوم علينا في ذلك”.

وأضاف: “أكرر، لقد كنا مستعدين للتمديد. لا نعرف ماذا سيحدث عندما تنتهي هذه الآلية في 10 يناير. لكنني أعتقد أن شركاءنا بحاجة إلى أن يكونوا واقعيين وأن يفهموا ما يمكنهم تحقيقه في هذا الموقف وما هو مستحيل بالفعل”.

وتريد موسكو حصر إيصال المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع النظام السوري، وتعتبر عدم التنسيق “انتهاكاً للسيادة السورية”.

وحذرت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أورسولا مولر، المجلس، من حدوث “توقف فوري في المساعدات التي تدعم ملايين المدنيين” نتيجة غياب عمليات نقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود.

وتابعت قائلة “سيتسبب ذلك في زيادة سريعة في معدلات الجوع والمرض مما سيتسبب في مزيد من الوفيات والمعاناة والمزيد من النزوح بما في ذلك عبر الحدود لسكان يعانون أصلا من مأساة لا توصف نتيجة نحو تسع سنوات من الصراع”.

ومنذ عام 2014 تعبر وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إلى سوريا من تركيا والعراق والأردن عبر أربع نقاط يجيزها سنويا مجلس الأمن. وفي محاولة للتوصل لحل وسط مع روسيا ألغت بلجيكا والكويت وألمانيا نقطة العبور الأردنية من مشروع قرارها.

وردت مساعدة السفير الفرنسي آن غيغين بانه “لا يوجد بديل” عن هذه المساعدة الانسانية عبر الحدود معتبرة موقف روسيا “غير مسؤول” و”مفزع”.

ورفض السفير الصيني زهانغ يون، الاتهامات بعدم المسؤولية متسائلا “اذا كنتم فعلا تهتمون لهذه الدرجة بسوريا، لماذا لم تصوتوا لصالح المشروع الروسي؟”.

وينتهي التفويض الحالي للمعابر الأربعة في 10 كانون الثاني ولذلك لا تزال هناك فرصة لمجلس الأمن لمحاولة التوصل لاتفاق رغم اعتراف دبلوماسيين بصعوبة ذلك.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد حث مجلس الأمن الدولي في 16 من ديسمبر كانون الأول على تمديد تفويض تسليم المساعدات عبر الحدود.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة: “يحدونا الأمل بشدة في التوصل إلى حل في الأيام القادمة”.

واستخدمت روسيا حق النقض ضد 14 مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي منذ أن واجه نظام الرئيس بشار الأسد بالعنف المميت المتظاهرين المنادين بالديموقراطية في عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية.

وكان الأعضاء الـ10 غير الدائمين في مجلس الأمن قد ناشدوا روسيا، الثلاثاء، عدم الاعتراض على تمديد العمل بآلية إيصال المساعدات.

وقالت كل من بلجيكا وألمانيا وأندونيسيا وجنوب أفريقيا وجمهورية الدومينيكان وساحل العاج وغينيا الاستوائية والكويت والبيرو وبولندا، في بيان تلي في مقر الأمم المتحدة حينها، إن “عواقب عدم تجديد الآلية ستكون كارثية”. وأضاف البيان “إنها مسؤولية مشتركة لمجلس الأمن وندعو جميع أعضائه إلى البقاء متّحدين بشأن هذه القضية الإنسانية البحتة”.

ويستفيد من المساعدة الانسانية عبر الحدود (غذائية وطبية ..) نحو أربعة ملايين سوري ويبلغ اجمالي السوريين الذين يستفيدون من مساعدة دولية 11 مليون شخص بعد ثماني سنوات من الحرب. وبحسب مكتب الشؤون الانسانية الاممي فان هذه المساعدة تظل حيوية مع تدهور الوضع منذ عام ميدانيا ومع حلول فصل الشتاء في سوريا.المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى