منوعات

الطيور الخرساء/ غسان رمضان الجرادي

بينما يمكن للبشر التحدث وللكلاب أن تنبح وللأسود أن تزأر وللطيور أن تغرّد فإن هنالك بعض أنواع الطيور التي لا تصدر أصواتاً من مصفارها ولا من حنجرتها. فما هي الحنجرة وما هو المصفار؟

الحنجرة هي عضلة في أعلى القصبة الهوائية تحمل صناديق صوتية عند الإنسان ومعظم الحيوانات ووظيفتها بالإضافة إلى إطلاق الأصوات والأحاديث منع الطعام من السقوط في مجرى القصبة الهوائية والسماح للهواء فقط بالمرور إلى الرئتين. أما عند الطيور فالحنجرة موجودة ولكنها لا تطلق أصواتاً ولا أي شيء من هذا القبيل، بل تقوم بمنع الطعام من السقوط في مجرى الهواء. ومع ذلك فإن للطيور أصواتاً جميلة ولكنها تخرج من المصفار، الذي لا يوجد سوى عند الطيور، ويقع في أسفل القصبة الهوائية عند انقسام هذه الأخيرة إلى فرعين يصلان إلى الرئتين.

هذا المصفار يحتوي على الصندوق الصوتي ويعمل على إصدار أصوات نداء وأصوات خوف وزقزقات جميلة وأصوات نداء، الخ. إذن تقع  صناديق أصوات الطيور في صدورها بدلاً من حناجرها. والصندوق الصوتي للطيور يمكن تشبيهه بالآلة الموسيقية المسماة بالفلوت. أما من ناحية علم تطور المخلوقات فلا أحد يدرك حتى اليوم كيف تطور هذا العضو الفريد المسمى مصفاراً في مجرى الهواء بغية إنتاج الأصوات. ومهما يكن من أمر فإنه علينا معرفة أن هناك أنواعاً من الطيور تفتقر إلى المصفار وهي من فصيلة نسور العالم الجديد ولكنها تتواصل من خلال الهسهسة الحلقية.

تمتلك النسور هذه حنجرة ولكنها على عكس الثدييات لا تنطق ولا تستعمل سوى للتنفس. كذلك نجد أن أكبر طائر حي على وجه الأرض، ألا وهو طائر النعام، لا يصدر ضوضاء صوتية أو محكية، مثله مثل الزرافة، فكلاهما بفضل طول رقبتيهما لا يستطيعان دفع الهواء في المصفار إلى الخارج وبالتالي يبقيان صامتين. ولكن ذكر النعامة فقط يستطيع أن يصدر صوتاً لا ينتج عن مصفار أو حنجرة بل عن تعبئة أعلى الرقبة بالهواء بحيث يتضاعف قطر الرقبة نحو ثلاثة أضعاف ومن ثم يعيد إخراجه على دفعات وهو عبارة عن “بو – بو – بوووو” ويمكن سماعه من مسافة نسبياً بعيدة على الرغم من أنه يبدو ضعيفاً. هذا الأمر، على ما يبدو، دفع بعض الدارسين لمراقبة الزرافة لعلها أيضاً تخرج أصواتاً من خارج إطار حنجرتها، فكانت النتيجة أنه تم اكتشاف نوع من “الطنين” بقوة حوالي 70 هرتز تصدره الزرافة ولضعفه يكاد لا يسمع سوى في الليل، ولكن الدراسة لم تفسر كيفية خروج هذا الصوت الليلي.

من ناحية أخرى، نجد أن طائر التم الأخرس أو الصامت ليس صامتاً كما يوحي به اسمه، لكن البوق الخشن أو المكتوم أو نداء البوق الذي يصدر أثناء الدفاع عن منطقة تفريخه لا يشبه نداءات أنواع التم الأخرى. كما يقوم التم الصامت بعمل شخير أو هسهسة متفجرة عند التهديد أو الإزعاج وتصدر مجموعاته صافرة و”يشخر” أفرادها على بعضهم البعض. أما مالك الحزين أبو مركب، وطائر القطرس، وطائر البجع فهي من الأنواع التي لا تصدر أصواتاً محكية بل أصواتاً تشبه أصوات الخرس ولها ما يشبه الشخير أو النعيب الحزين أو الطقطقات بمناقيرها أو أصوات الضرب بجناحيها تصدرها عموماً من أجل التواصل في ما بينها أو تنبيه الأنواع الأخرى من الاقتراب منها أو من خطر ما يقترب منها.

موقف

لغات الطيور

أما طيور اللقلق الكبيرة الحجم وطويلة الأرجل وطويلة العنق والتي تخوض في الماء مع منقار طويل قوي البنية، فليس لها مصفار بل هي خرساء صامتة، ولا تصدر أي نداء، بل طقطقة بالمنقار مع رأس ومنقار مرفوعين إلى الأعلى، خاصة خلال فصل التفريخ، حيث تتبادل أفراد هذه الفصيلة التواصل في ما بينها عبر هذه الوسيلة فقط.

*اختصاصي في علم الطيور البرية

العربي الجديد

https://www.alaraby.co.uk/society/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%8A%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A1

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى