شعر

ستؤلمني هذه المرآة/ هلال كارهان

انطفأت النجومُ

عزيزِي… ليس لنا ليلة أُخرى،

هي في فوضى، فَدَعهَا كَما هِيَ.

الليلُ عِبءٌ عَلَى صُدُورِنَا،

وَقميصُ الحجَرِ في السَّماءِ.

كفَى… هَذِهِ المواجهَة مَعَ اللّيْلِ تكفِينَا،

تَشحَذُنَا عَنِ الوَاقعِ.

هَكذَا… يمكِنُ أنْ نَنسَى أيَّ ليْلَةٍ،

لنَدعُوهَا في وَقتٍ آخَرَ.

فَنحنُ لسْنَا في حَاجَةٍ لليْلةٍ أخرَى،

فَدعِيها كَما هِيَ،

حافظ على التغيير.

■ ■ ■

الليلُ رائحٌ… غادٍ، بَينَنا

يخلَعُ اللّيلُ لونَهُ،

وَينشَرهُ فَوقَ العُشْبِ الفضِيِّ.

تنمو الصفّاراتُ،

والهمسات مبلّلةٌ

الريحُ المشرّدةُ

– بقايا الصيف القديم –

تذرعُ الأرضَ

بالزيوتِ العطريةِ

الليلُ غير ملومٍ

وذراعاها بضّتانِ… ناعمتان

الليلُ يجعلُ

جغرافيا الجسدِ أبديةً

■■■

ينزل الليل من الحائط

الحدُودُ التِي تَفصِلُ الرّجَالَ عَنِ المدِينَةِ،

تَعتَقدُ أنَّ اللّيْلَ مِقَصٌّ حَادٌّ…

أينَ تَنحَسِرُ القُضبَانُ؟

كيفَ يمر قطاران ببعضهما في صمت؟

ولماذا تُكرِّرُ المدن التي يعبرها المرء ذاتَها؟

في حِينِ أنَّ اللّيلَ يدخُلُ كلَّ قَلبٍ،

مِنْ نفسِ البَاب…

■■■

قصائد

العَتبَةُ هيَ عُشْرُونَ سُنتيمتْرًا

يمكن أن تُقطع بخُطوةٍ واحدةٍ

إنها ضئيلةٌ على الأرض

لَكنّها عَميقَةٌ في القَلبِ

بَينَ الذَّهَابِ وَالبَقَاءِ

**

كُنتَ الصَّوتَ

وأنت تَعبُرُ اللّيْلَ

كلُّ حُبٍّ يُصبِحُ خَطأً، حِينَ يَنتهِي.

**

الهرب…

كانَ شَيئًا طَبيعِيًّا بِالنّسبَةِ إليْكِ،

كمَنْ يَشرَبُ مَاءً،

أوْ يُشعِلُ سِيجَارَةً

**

الألمُ الّذِي كُنتُ مُتمَسِّكًا بهِ،

أثنَاءَ غِيَابِكِ،

كَانَ أكثَرَ أمنًا

**

كلُّ حُزنٍ جَليٍّ،

وكلَّ ليلةٍ تَفقد جِدَّتها،

وَلكنَّها…

لاَ تَرحم البشر.

**

لا يمكِنُ أنْ يُتَّهم اللَّيلَ أبدًا،

بلعنَةَ الظِلِّ!

**

الحيَاةُ خُطوةٌ قَبلَ الموتِ.

وَنحنُ نَختبئُ بَينَ أمسيات متعاقبة.

**

أبحَثُ عَنْ مَكَانٍ للعَودَةِ،

صِرتُ غَريبًا أينَما ذهبت:

مِظلّة تركت في القطار.

**

كنْ صَبُورًا….

كلّ شَيءٍ يمكِنُ أنْ يَتغَيّرَ في ليلةٍ وَاحِدَةٍ،

حتى الحزن يمكن أن يصبح مللاً

**

شِبَاكُ الصَّيدِ بَاردَةٌ.

تَنتَظرُ صَبَاحًا محظُوظًا.

**

لاَ تَنسَ

أنَّ الأشجَارَ الكَبيرَةَ لاَ تَجفُّ، إلاَ حِينَ

يَتَسَلّقهَا اللّبْلاَبُ

**

الأضواءُ الثملة

تلمس الأريكة بصعوبة

**

اللّيلَ

يدخُلُ كلَّ قَلبٍ،

مِنْ نفسِ البَابِ

**

لآلئُ مَنثُورَة في الحقول

من حزام غيومٍ رُبط للتوّ

**

لو أنها لا تفتقد العنبر

هل تحب الوردة أيدي الرياح

التي تربت شعرها في لطف

**

الآن…

تتخمّر الليالي في جرّة الصبر

وهن يخدشن الحزن بسكّينهن المنكسر

**

منذ سنين خلت،

أصبح في جسدي روحان،

تحتاجان لحضورك وتغضبان لغيابك

**

اسكُتْ!

كلُّ الكَلماتِ الّتي تَنطِقُها، سَتُؤلمني

هَذِهِ المرآةُ المجوّفةُ سَتَسقُطُ مِنْ راحتيْكَ

**

المدُنُ التي نَعبُرهَا ليْلاً،

لمَ كلّهُنَّ مُتَشَابهَاتٍ؟

**

ذاكرةُ اللّمسِ تَتَحدَّى الزَّمنَ.

سَهلٌ أنْ تمسِكَ يَدًا بيَدٍ بحرَارةِ العنَاقِ،

ومَا تَزالُ تَذهَبُ، وَكيفَ تعُودُ بخطوَةٍ بسِيطةٍ،

بينَ الرائحةِ وَالأنفَاسِ.

**

العَتبَةُ،

هيَ خُطوَةٌ وَحِيدةٌ بَينَ الماضِي وَالمستَقبَلِ.

**

فجَأةً، تَهبُّ الرّيَاحُ مُدَاعِبَةً جُذُورِ الأشْجَارِ

صَاخِبَةٌ عَينَيها حِينَ تَنحَنيَ،

في عُقدَتينِ، وَتهمِسُ: حُرّيةٌ هيَ الحَياةُ

* شاعرة وطبيبة تركية. من مجموعاتها الشعرية: “قاموس في خلاصة يوم واحد”، و”أمام التلال” (2003)، و”سرّ وضباب” (2004)، و”تأخُّر المومياء” (2010)، و”ليلة الهوى المتشظّي”. تُرجمت قصائد لها إلى لغات عديدة كالإنكليزية والإيطالية والإسبانية والفرنسية والصربية والرومانية.

** ترجمة فتحي ساسي

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى