سياسة

حرب عالمية.. ضد من؟/ ميشيل كيلو


لم تكن الحرب التي شنّت على الشعب السوري محلية الطابع منذ بدأت. عندما تتدخل قوة عسكرية إقليمية كإيران في الحدث السوري قبل أشهر، وربما أعوام، من وقوعه. وتتدخل دولة كبرى، هي روسيا، يقول رئيسها إن قدراتها العسكرية هي الأولى عالميا. وحين يكون للعراق وحده اثنا عشر فصيلا إرهابيا غزوا سورية للحرب إلى جانب الأسد يكون الطرف الذي تشن الحرب العالمية عليه هو شعب سورية الذي ارتكب جريمةً لا تغتفر، هي مطالبته بالحرية، تحقيقا لوعود نظام وحزب الأسدية التي انتظرها سبعين عاما، وعندما ذكّرتهما مظاهراته بها، تعرّض لحربٍ كونيةٍ مباشرة: بقوات إيران وروسيا ومرتزقتهما، وأخرى غير مباشرة، أحجمت واشنطن خلالها عن الوقوف إلى جانب السوريين، وقرّرت إنقاذ الأسد، بحجة أن الإرهاب هو بديله الوحيد، وأنه سيهدد أمن الغرب وسلامه. نال هذا الموقف دعما إسرائيليا معلنا. لذلك، لم تتخذ واشنطن أي موقف ضد إيران وروسيا: الأولى، لأن الرئيس الأميركي السابق، أوباما، اعتبر دورها ضامنا لعدم سقوط سورية في يد الإرهاب، وأراد تشجيعها على الاستمرار في التفاوض بشأن برنامجها النووي. والثانية، لأن واشنطن رأت فيها جهةً تستطيع تحقيق مصالحها في سورية، يحتم تعاونها معها تخليها عن المعارضة، لا سيما وأنها لن تكون هي من سيصل إلى السلطة بعد سقوط الأسد، بل ستستولي عليها تنظيمات الإرهاب التي يحاربها الأسد، ويحول بينها وبين قتل مواطني الدول المتقدمة. لذلك، أين المشكلة إذا ما سقط سوريون بسلاح جيشه، إنْ كان سقوطهم يُبقيه في الحكم، ويحمي الغرب من الإرهاب، ويعزّز فرص التفاهم مع طهران؟

يقول مستشار أوباما لشوون الأمن القومي، بن رودس، في كتابٍ أصدره عن عهده بعنوان “العالم كما هو”، إن أوباما استمات لعقد الصفقة مع طهران، واستخدم سورية للضغط عليها، مثلما استخدمتها هي للضغط عليه، وإنه بدأ يتواصل معها منذ عام 2010، قبل الثورة السورية بعام، وإن الملالي عرضوا “وقف أنشطتهم النووية عشرة أعوام في مقابل رفع العقوبات عنهم وإطلاق يدهم في الشرق الأوسط … وهذا ما حصل في النهاية”. ثم، “بعد الاتفاق، طلب أوباما من مساعديه ألا يذكروا أمامه أي شيء عن الملف السوري، وقال بالحرف: تم إنجاز المهمة”.

في هذه الأثناء، كان قد أحجم عن توجيه ضربةٍ إلى النظام، ردا على استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة، بطلب من إيران التي هدّدته بوقف مفاوضات برنامجها النووي، وفرض، بطلبٍ من إيران أيضا، نوري المالكي رئيسا لوزراء العراق، على الرغم من أن الفائز في الانتخابات كان إياد علاوي. عندما أخرج المالكي جماعات “القاعدة” من سجون العراق، وأرسلهم إلى سورية، وسلم مئاتٍ قليلةً من الدواعش حامية الموصل العسكرية الكبيرة بسلاحها الذي قدر ثمنه بعشرين مليار دولار، وبموجودات العملات الصعبة في مصرف المدينة المركزي التي قدرت بستمائة مليون دولار، تجاهل البيت الأبيض الحدث الخطير، فمن هو الطرف الذي شُنّت عليه حرب إقليمية ودولية كونية: الشعب السوري أم نظام الأسد الذي نال كل هذا الدعم، إيجابا وسلبا؟ يكتب وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، في مذكراتٍ عنوانها “كل يوم هو إضافي”: “لقد واجهت الأسد حول محطة للطاقة النووية السورية كانت إسرائيل قد قصفتها. عندما أصبحنا وحدنا، نظر الأسد في عيني، وأخبرني أن المنشأة ليست نووية. كانت كذبة غبية غير قابلة للنقاش، لقد كذب من دون أي تردّد”، وسامحته واشنطن.

تُرى، من الذي شنّت حرب عالمية عليه: طلاب الحرية العزّل أم القاتل الكذاب؟

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى