سياسة

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 14

أحداث

الأسد يصف أردوغان بـ”اللص”.. سرق المعامل والقمح والنفط واليوم يسرق الأرض

دمشق: شن رئيس النظام السوري بشار الأسد، اليوم الثلاثاء، هجوما حادا على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال الأسد، خلال تفقده لوحدات عسكرية في منطقة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي اليوم: “أردوغان لص… سرق المعامل والقمح والنفط… وهو اليوم يسرق الأرض”.

وشدد الأسد على أن “معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سوريا”.

ونقلت صفحات رئاسة الجمهورية السورية على مواقع التواصل الاجتماعي عن الأسد القول: “إدلب كانت بالنسبة لهم مخفرا متقدما، والمخفر المتقدم يكون في الخط الأمامي عادة، لكن في هذه الحالة المعركة في الشرق والمخفر المتقدم في الغرب لتشتيت قوات الجيش العربي السوري”.

وأكد على أن “كل المناطق في سوريا تحمل نفس الأهمية، ولكن ما يحكم الأولويات هو الوضع العسكري على الأرض”.

وأضاف: “عندما نتعرض لعدوان أو سرقة يجب أن نقف مع بعضنا وننسق فيما بيننا، ولكن البعض من السوريين لم يفعل ذلك وخاصة بالسنوات الأولى للحرب، وقلنا لهم لا تراهنوا على الخارج بل على الجيش والشعب والوطن”.

وقال: “أول عمل قمنا به عند بدء العدوان في الشمال، هو التواصل مع مختلف القوى السياسية والعسكرية على الأرض، وقلنا نحن مستعدون لدعم أي مجموعة تقاوم، وهو ليس قرارا سياسيا بل واجب دستوري ووطني، وإن لم نقم بذلك لا نكون نستحق الوطن”.

وتعتبر زيارة الأسد للمنطقة مؤشرا على احتمال بدء عملية عسكرية لقوات النظام لاستعادة السيطرة على طريق حماة حلب، وذلك بعد توقف المعارك على هذه المحاور منذ بداية آب/أغسطس الماضي.

(د ب أ)

القدس العربي

——————-

الخارجية الأمريكية تبعث خطابا لسفاراتها ضد العملية التركية شمالي سوريا

واشنطن: ذكرت وسائل إعلام أمريكية، الإثنين، أن وزارة الخارجية، بعثت لسفاراتها في الدول الأخرى، خطابا ضد عملية “نبع السلام” التركية شمالي سوريا.

وأوضح الإعلام الأمريكي، أن خطاب وزارة الخارجية، يدّعي أن عملية نبع السلام، تخاطر بمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وتُعرض المدنيين وأمن المنطقة للخطر.

وأضاف أن الخطاب يؤكد وقوع انتهاكات في العملية التركية بسوريا، وضرورة تحقيق أنقرة بتلك الانتهاكات.

وأشار ذات المصدر، إلى أن كبار الدبلوماسيين في الوزارة يعربون عن قلقهم من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المتعلق بسحب قوات بلاده من سوريا.

والخميس، توصلت أنقرة وواشنطن إلى اتفاق لتعليق العملية العسكرية “نبع السلام”، يقضي بأن تكون المنطقة الآمنة في الشمال السوري تحت سيطرة الجيش التركي، وانسحاب العناصر المسلحة من المنطقة، ورفع العقوبات عن أنقرة.

وفي 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أطلق الجيش التركي، بمشاركة الجيش الوطني السوري، عملية “نبع السلام” في منطقة شرق نهر الفرات شمالي سوريا، لتطهيرها من تنظيمي “ي ب ك/ بي كا كا” و”داعش”، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

وتهدف العملية العسكرية إلى القضاء على “الممر الإرهابي”، الذي تُبذل جهود لإنشائه على الحدود الجنوبية لتركيا، وإلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.

(الأناضول)

—————————-

الكرملين: نريد معلومات أكثر من أردوغان عن خطط تركيا في سوريا

موسكو: قال الكرملين إنه يأمل أن يتمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من تزويد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمعلومات عن خطط بلاده في شمال سوريا خلال اجتماعهما بجنوب روسيا، الثلاثاء.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الرئيسين لديهما الكثير لمناقشته فيما يتعلق بسوريا، وإن موسكو لاحظت ما وصفه بتبادل البيانات الحادة بين الولايات المتحدة وتركيا.

وحين سئل عن فكرة وزيرة الدفاع الألمانية إقامة منطقة أمنية تخضع لإشراف دولي في شمال سوريا وبمشاركة تركيا وروسيا، قال بيسكوف إن الكرملين سيدرس ما وصفه بالفكرة الجديدة.

(رويترز)

——————-

أردوغان: سنستأنف العملية العسكرية إذا لم تلتزم واشنطن بوعودها

يناقش الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، انسحاب المليشيات الكردية من الحدود بين سورية وتركيا، ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدر تركي قوله إن “وحدات حماية الشعب الكردية السورية ستنسحب مبدئيا من شريط حدودي مع تركيا طوله 120 كيلومترا”، مضيفا “مسألة انسحاب وحدات حماية الشعب من بقية المناطق الحدودية ستخضع للبحث في محادثات أردوغان وبوتين في سوتشي”.

وفي السياق، أكد أردوغان، اليوم الثلاثاء، أنه سيتم استئناف العملية العسكرية التركية بحزم أكبر، إذا لم تلتزم الولايات المتحدة بالوعود التي قطعتها لتركيا. وقال، في مؤتمر صحافي قبيل مغادرته إلى روسيا، إنه “تم تطهير مساحة ألفين و200 كيلومتر مربع من الإرهابيين حتى الآن في سورية”.

وعُلّقت العملية، الخميس الماضي، بعد التوصل إلى وقف إطلاق نار جرى التفاوض بشأنه بين أنقرة وواشنطن، وأعلن البلدان أنّ الهدنة ستستمر لمدة 120 ساعة، من دون أن يحددا ساعة انتهائها.

وأكد أردوغان أنه سيبحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في التطورات بسورية، مشيراً إلى أن “تركيا وروسيا متفقتان عند نقطة محاربة كل أشكال الإرهاب”. وأضاف: “سنبحث في روسيا الخطوات الواجب اتخاذها لإنهاء وجود عناصر (بي كا كا/ ب ي د/ ي ب ك) الإرهابية، في المناطق التي توجد فيها قوات النظام السوري”.

وشدّد الرئيس التركي على أنه “لا مكان لـ(بي كا كا/ ي ب ك) في مستقبل سورية، ونأمل إنقاذ منطقتنا من آفة الإرهاب الانفصالية بالتعاون مع روسيا”.

وأشار أردوغان إلى أنه “تم تحييد 775 إرهابياً منذ 9 أكتوبر/ تشرين الأول، واستشهد 7 من جنودنا الأبطال، و79 من إخوتنا في الجيش الوطني السوري، و20 مدنياً من مواطنينا جراء هجمات التنظيم الإرهابي”، لافتاً إلى أنه “حتى الآن، انسحب نحو 800 إرهابي من المنطقة، وهناك نحو 1300 يواصلون الانسحاب بسرعة، ونحن نراقب الوضع عن كثب”.

رفض اقتراح ماكرون

إلى ذلك، رفض أردوغان اقتراحاً طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على روسيا من أجل “تمديد وقف إطلاق النار” في سورية. وتعليقاً على تأكيد ماكرون خلال مكالمة هاتفية مع بوتين “أهمية تمديد وقف إطلاق النار” الذي تنتهي مدّته مساء الثلاثاء في شمال شرق سورية، قال الرئيس التركي: “لم أتلقَ مثل هذا الاقتراح من ماكرون. ماكرون يلتقي إرهابيين واختار هذه الوسيلة لينقل إلينا اقتراح الإرهابيين”.

وفي سياق آخر، لفت أردوغان إلى أن ثمة أصواتا مزعجة تصدر من الجانب الإيراني، معتبراً أنه كان ينبغي على الرئيس الإيراني حسن روحاني إسكاتها، “فهي تزعجني أنا وزملائي”، على حدّ تعبيره.

وحول لقائه المحتمل مع ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، قال: تباحثنا مع جونسون حول إمكانية عقد هذا اللقاء على هامش قمة زعماء حلف شمال الأطلسي “الناتو” التي ستعقد في لندن.

وبشأن عودة السوريين للمنطقة الآمنة، لفت أردوغان إلى أنّ بلاده تنتظر من كافة البلدان، صاحبة الضمير والرؤية، دعم هذا المشروع الذي سينهي حنين ملايين السوريين لوطنهم.

توسك يدعو لسحب القوات التركية من شمال سورية

من جهة ثانية، دان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك غزو تركيا لشمال سورية، داعياً أردوغان إلى سحب قواته من المنطقة.

وقال للمشرعين الأوروبيين في ستراسبورغ بفرنسا، اليوم الثلاثاء، إنه لا ينبغي “أن ينخدع أحد بما يسمّى باتفاق وقف إطلاق النار” الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وتركيا الأسبوع الماضي.

وأضاف أنه يتعين على تركيا، المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، “إنهاء عملها العسكري بشكل دائم وسحب قواتها واحترام القانون الإنساني الدولي”.

وتابع: “أي مسار آخر يعني معاناة غير مقبولة وانتصارا لـ(داعش) وتهديداً خطيراً للأمن الأوروبي”.

واقترحت وزيرة الدفاع الألمانية آنغريت كرامب كارنباور، اليوم الثلاثاء، إنشاء منطقة آمنة تحت رقابة دولية في شمالي سورية. وقالت في تصريح لوكالة أنباء “دي بي أ” الألمانية، إن المستشارة أنجيلا ميركل وافقت على المقترح، وأنهم نقلوه لحلفائهم الغربيين.

وهذه هي المرة الأولى التي تقترح فيها الحكومة الألمانية مهمة عسكرية في الشرق الأوسط. وإذا لاقى الاقتراح دعم تركيا وروسيا، فمن المتوقع أن ترسل برلين جنوداً إلى سورية في إطار المهمة.

وفي 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أطلق الجيش التركي، بمشاركة الجيش الوطني السوري، عملية عسكرية في منطقة شرق نهر الفرات، شمالي سورية، ضد المليشيات الكردية، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

———————-

قمة بوتين-أردوغان: رسم خارطة النفوذ وخطوط التماس في سورية/ سامر إلياس

من المنتظر أن تشكل القمة المنتظرة اليوم بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان علامة فارقة في تحديد مستقبل سورية. ويبحث الزعيمان في رسم حدود مناطق النفوذ بعد الانسحاب الأميركي من شمال وشمال شرقي سورية، ومستقبل التسوية السياسية في ضوء الواقع الميداني الجديد، الذي تتقاسم فيه روسيا وتركيا، مباشرة أو عبر وكلاء، معظم الجغرافيا السورية.

وتشي المواقف المعلنة للطرفين، ومعرفتهما العميقة لحدود ومحددات كل منهما، بأن الزعيمين سيتوصلان، في سوتشي، كما في مرات سابقة، إلى تفاهمات تضمن توزيع “تركة” “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) بعد تخلي الرئيس الأميركي دونالد ترامب عنها والبدء بسحب القوات الأميركية من شرقي الفرات ومنبج، غربي نهر الفرات، ليترك تحديد مصير المنطقة لكل من موسكو وأنقرة.

واستبق أردوغان، أمس الإثنين، القمة بالقول “سأبحث مع الرئيس بوتين مستجدات الأوضاع في سورية، وبعدها سنُقدم على الخطوات اللازمة”. أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فاعتبر، أمس، في مؤتمر صحافي مع نظيرته البلغارية إيكترينا زاهاريفا، أن موقف موسكو ثابت وهو رفض وجود أي تشكيل عسكري مسلح غير شرعي على الأراضي السورية. وفيما أكد أن موسكو مستعدة للقيام بدور داعم لتشجيع الاتصالات المباشرة بين أنقرة والنظام السوري وبين الأكراد والنظام، شدد على أن الحوار بين تركيا ونظام الأسد يجب أن يستند إلى اتفاق أضنة لعام 1998 (الذي يجيز لتركيا التوغل عسكرياً داخل الحدود السورية حتى عمق 5 كيلومترات في حال إخفاق الجانب السوري في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاق). وأشار إلى أن “موسكو تدعم كذلك إدخال تغييرات على اتفاقية أضنة إذا رغبت أنقرة ودمشق في ذلك”.

ومن المؤكد أن الانسحاب الأميركي من سورية يصب في مصلحة الجانب التركي، خصوصاً بعد العملية العسكرية التي مكنتها من السيطرة على مساحات واسعة على الشريط الحدودي مع سورية، بين تل أبيض ورأس العين، من دون تعرضها لعقوبات أميركية، أو صدام مباشر مع الحليف الأميركي في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وبعد سنوات من ربط تركيا مشاركتها بالحرب على تنظيم “داعش” داخل سورية بمحاربة “وحدات حماية الشعب” الكردية، المكون الأساسي في “قسد”، وحزب العمال الكردستاني، فتح ضوء ترامب الأخضر المجال لها لشن عملية لتحييد عناصر هذه التنظيمات، وإبعادها بعد إضعافها.

في المقابل، استطاعت موسكو تأمين عودة النظام إلى منبج ومناطق في شرق الفرات بعد سنوات من سيطرة القوات الكردية عليها، بعد انتهاء الخط الأحمر الأميركي من دون إراقة قطرة دماء واحدة. وأدى الدبلوماسيون والعسكريون الروس دوراً مهماً في مفاوضات الأكراد مع النظام في دمشق وقاعدة حميميم من أجل صوغ تفاهمات بين الطرفين بعد العملية العسكرية التركية. وفي حين لم تستطع إيران، الشريك الثالث في عملية أستانة، اقتطاع بعض الأجزاء في شرق الفرات، فإن الانسحاب الأميركي، وعودة النظام ودخول الضامن الروسي، وانتهاء سيطرة “قسد” على مناطق واسعة، يصب أيضاً في مصلحتها، نظراً لمخاوفها من أن يشجع حصول الأكراد على فيدرالية أو كيان في سورية مواطنيها الأكراد على استئناف كفاحهم من أجل حقوقهم.

ويفتح الانسحاب الأميركي الباب للوصول إلى تفاهمات جديدة بين البلدين لملء الفراغ في شمال وشمال شرقي سورية، ورسم خطوط تماس جديدة بين النظام وتركيا، بانتظار تفصيل الحل السياسي لإنهاء الأزمة المستمرة منذ 2011. وتنطلق موسكو من ضرورة المحافظة على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وعدم الإضرار بالتسوية السياسية، ومنع أي تصادم بين قوات النظام والقوات التركية، مع ضمان عدم فرار مقاتلي “داعش” المحتجزين في سجون “قسد”. وتتوافق موسكو مع أنقرة على عدم جواز تأسيس كيان انفصالي للأكراد. وفي السنتين الأخيرتين اتهمت الأميركيين مراراً بأنهم يشجعون طرفاً انفصالياً في شرق الفرات ومنبج. وتجنب المسؤولون الروس إدانة العملية العسكرية التركية في سورية، وأكدوا أن موسكو تتفهم مخاوف أنقرة بشأن أمنها، وحساسيتها من تأسيس فيدرالية أو كيان انفصالي في شرق الفرات، وأنها تسعى إلى تبديد هذه المخاوف، وفي الوقت ذاته المحافظة على وحدة سورية واستمرار التسوية. وترى روسيا أن أفضل الحلول يكمن في العودة إلى اتفاق أضنة الحدودي الموقع بين تركيا وسورية في العام 1998 مع بعض التعديلات.

ويرى خبراء أن موسكو لن تعارض إنشاء منطقة آمنة شرق الفرات، لكن النقاش سيدور حول حدود هذه المنطقة، وانتشار قوات النظام في بعض المناطق التي انسحبت منها القوات الأميركية. وتسعى موسكو إلى أن تكون هذه المنطقة بين تل أبيض ورأس العين، وبعمق يراوح بين 28 و30 كيلومتراً، على أن يشكل طريق “إم 4” الواصل إلى الحسكة، والذي يمر ببعض المدن الاستراتيجية، خط تماس جديداً بين القوات التركية وقوات النظام. وفي ما يخص منبج وعين العرب (كوباني)، يرى مراقبون أن البلدين قادران على الوصول إلى حلول توافقية بينهما، من دون إثارة الرأي العام الغربي نظراً لأهمية المدينتين الرمزية في محاربة “داعش”. ويرجح أن تعود قوات النظام السوري إليهما مع وجود روسي لأعمال الدوريات والمراقبة على الخطوط بين مناطق “درع الفرات” وقوات النظام في منبج، غربي الفرات، بعد انسحاب “وحدات حماية الشعب” الكردية، ومن عين العرب (كوباني) والمنطقة الآمنة، إضافة إلى عودة النظام بالكامل إلى مركز مدينتي الحسكة والقامشلي.

محددات تركية

ومنذ بداية الثورة السلمية على نظام الرئيس بشار الأسد منتصف مارس/ آذار الماضي، وتحولها لاحقاً إلى العسكرة، ومن ثم ساحة لحروب بالوكالة، تبدلت المواقف التركية. ومع بناء الطرفين علاقات مميزة على الصعد السياسية والاقتصادية، والعلاقات الشخصية بين زعيمي البلدين، ورغبة أنقرة في أن تكون دمشق بوابتها إلى الخليج العربي، وقاعدة لبناء اتحاد اقتصادي مع العراق وإيران، سعى أردوغان إلى محاولة إقناع الأسد بإجراء بعض الإصلاحات تلبية لمطالب المحتجين وأوفد وزير خارجيته وقتها، صاحب نظرية “تصفير المشاكل”ـ أحمد داود أوغلو، إلى الأسد، الذي استقبل المبادرة ببرود، لتنتقل الأمور لاحقاً إلى عداء مكشوف بين الطرفين، حمل فيه النظام السوري تركيا الجزء الأكبر من “المؤامرة الكونية” لإسقاطه، وعملت أنقرة على دعم المعارضات السياسية والعسكرية من أجل إسقاط الأسد.

ومع انتقال القتال إلى الشمال السوري، تم تجاوز “خطوط أردوغان الحمر” بعدم السماح بتدمير حمص وحماة وغيرها. ومع تعاظم قوة الأكراد، باتت الأزمة السورية موضوعاً داخلياً تركياً بامتياز، مع وجود حدود مشتركة تتجاوز 900 كيلومتر كانت تنشط عبرها مجموعات حزب العمال الكردستاني قبل اتفاق أضنة 1998، ورفعت منسوب الخوف من تجدد الحرب التي استمرت ثلاثة عقود وحصدت حياة عشرات الآلاف من الطرفين. وأجج انسحاب النظام وتسليم بعض المناطق للأكراد، والدعم الأميركي لـ”قسد” لاحقاً مخاوف تركيا من أن يستطيع الأكراد الانفصال عن سورية، أو تأسيس حكم ذاتي يضم التجمعات الرئيسية الثلاثة للأكراد في شمال وشمال شرقي سورية، ما قد يذكي أيضاً مشاعر الانفصال في 19 ولاية في جنوب وجنوب شرق تركيا تقطنها غالبية كردية، ويشعل حرباً جديدة.

فوبيا “الثورات الملونة”

الموقف الروسي، هو الآخر، شهد تغيرات كبيرة في ما يخص التعامل مع الأوضاع في سورية، وشهد منحى تصاعدياً في التحول من تبني رواية النظام للأحداث ودعمه دبلوماسياً وسياسياً، وصولاً إلى التدخل العسكري لإنقاذه، للمرة الأولى في تاريخ روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي. وبدا واضحاً أن موسكو فوجئت بثورات الشعوب العربية، وساد الارتباك مواقفها في البداية، لكن تطور الأحداث وانتقال الحراك إلى بلدان أخرى تسبب في تبدل واضح. ومع عودة بوتين إلى الكرملين لولاية ثالثة في 2012، ومخططاته لدور عالمي أكبر لبلاده في العالم، بدأت روسيا تنحو أكثر نحو التشدد، وبدأت بتوجيه الانتقادات للغرب، والحديث عن خدعة كبيرة باستغلال موافقتها على قرار مجلس الأمن 1973 الخاص بليبيا لإسقاط حليفها معمر القذافي.

وانطلقت موسكو من أن ما جرى في العالم العربي يندرج في إطار “الثورات الملونة” المدعومة من الخارج. وبدأت التحرك خوفاً من انتشار شرارة الثورات إلى بلدان آسيا الوسطى التي تتشابه ظروفها مع الأوضاع في العالم العربي من حكم دكتاتوري، وفساد مستشر، وقمع للحريات، وأوضاع اقتصادية مزرية. ومع تغليفها بشعارات من باب عدم جواز التدخل الأجنبي لقلب الأنظمة من الخارج، صعدت موسكو لهجتها وبدأت بدعم نظام الأسد، آخر حليف لها في المنطقة، خشية من صعود التيارات الإسلامية، التي تناصبها العداء تاريخياً، إلى الحكم كما حصل في بلدان أخرى، وقررت الدفاع حتى النهاية عن آخر موطئ لها في المياه الدافئة في شرق المتوسط، ما تسبب في زيادة الشقاق مع أنقرة، الذي بلغ حد القطيعة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 بعد إسقاط الجيش التركي مقاتلة روسية قرب الحدود مع سورية. لكن القطيعة لم تدم طويلاً. ونتيجة الموقف الروسي الرافض للانقلاب في تركيا على عكس الغرب، وإدراك الكرملين حقيقة الدور التركي المؤثر في سورية، وبراغماتية الطرفين ونجاحهما في فصل الملفات، والوصول إلى حلول تدريجية تراعي مصالح كل طرف وخطوطه الحمراء، فُتحت صفحة جديدة في العلاقات كان لها الدور الأبرز في ما وصلت إليه الأمور في سورية حالياً.

وعلى الرغم من اصطفاف البلدين في خندقين متقابلين منذ بداية الحراك السوري، فإن التنسيق رفيع المستوى في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية بينهما كان له التأثير الأكبر في تغير الأوضاع الميدانية، والتقدم في مسار التسوية السياسية، عبر تفاهمات، ساهم في إنجازها زعيما البلدين شخصياً. وتشارك البلدان، بعد استعادة النظام حلب، في رسم مسار أستانة منذ بداية 2017، وتشكيل مناطق خفض التصعيد التي انقلبت عليها روسيا والنظام واحدة بعد الأخرى، ما وسع مساحة سيطرة النظام إلى أكثر من 60 في المائة من الجغرافيا السورية، وحصر المعارضة المسلحة في منطقة إدلب وشمال محافظتي حماة واللاذقية. وفي المقابل شنت تركيا حملتين عسكريتين، بمساعدة الفصائل المقربة منها، في “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، ومنعت التواصل الجغرافي بين مناطق شرق الفرات وغربه، وباتت الطرف الأكثر تأثيراً على المعارضة السياسية والعسكرية السورية.

ومؤكد أن بوتين وأردوغان يدركان أن تعاون البلدين وتنسيقهما لعب دوراً حاسماً في تنفيذ مخططات كل منهما في سورية في السنوات الأخيرة، ما يدفعهما للتوصل إلى تفاهمات من أجل عدم التصادم، في محاولة كل طرف لملء الفراغ الأميركي ومراعاة الخطوط الحمراء لكل طرف. وواضح أن موسكو لن تمانع في إنشاء المنطقة الآمنة لأنها تخدم أهدافها في المرحلة المقبلة، وهي عودة اللاجئين والبدء بورشة إعادة الإعمار. ومعلوم أن أردوغان أعلن أكثر من مرة أن المنطقة الآمنة المزمع إقامتها يمكن أن تستوعب نحو مليوني سوري. ولاحقاً كشفت وسائل إعلام تركية أن المنطقة ستضم نحو 200 ألف منزل، وإنشاء أكثر من 130 قرية و10 بلدات جديدة، وتوفير بنية تحتية وخدمية لها بقيمة تصل إلى 23 مليار دولار.

كما أن العلاقات الاقتصادية والسياسية المتشعبة والمهمة للطرفين ستكون حاضرة على طاولة المباحثات بين بوتين وأردوغان في سوتشي. فقد سمحت هذه العلاقات بتقارب الطرفين، خصوصاً بعد العقوبات الغربية على روسيا في 2014، والمشكلات بين تركيا والغرب. وتعّد أنقرة من أهم شركاء موسكو التجاريين، بحجم تبادل وصل إلى 25.7 مليار دولار في العام الماضي. وتعتمد تركيا على الغاز الطبيعي الروسي لتأمين أكثر من 60 في المائة من احتياجاتها، فيما تراهن موسكو على خطوط الترانزيت الجديدة عبر تركيا لإيصال الغاز إلى أوروبا بعيداً عن جارتها أوكرانيا. ويدرك الطرفان قوة وتأثير كل منهما في آسيا الوسطى، ولا يرغبان في حصول تصادم في مصالحهما في هذه المنطقة الحيوية لهما.

وفي ضوء إدراك موسكو وأنقرة محددات كل منهما في مقاربة الوضع السوري، وعدم قدرة أي منهما على إنجازها من دون التعاون مع الطرف الآخر، فإن قمة بوتين أردوغان في سوتشي، اليوم الثلاثاء، ستلعب دوراً مهماً في مسار الحل السوري، خصوصاً أن البلدين موجودان على الأرض في آخر النقاط الخارجة عن سيطرة النظام في شرق الفرات وغربه في شمال سورية، إضافة إلى نفوذ موسكو على النظام، وتأثير أنقرة القوي على قرارات المعارضة، ما يؤسس للدفع بالمسار السياسي جنباً إلى جنب مع التحركات الميدانية على الأرض.

————————

بشار الأسد في زيارة خاطفة للهبيط..يشتم أردوغان ويلوم الاكراد

في الوقت الذي توجه فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا لمقابلة نظيره فلاديمير بوتين، للبحث في قضية شمال شرق سوريا، زار بشار الأسد المناطق التي استولت عليها قواته مؤخراً شمالي حماة وجنوبي إدلب، موجهاً رسائل بخصوص إدلب والشرق السوري.

وزار بشار منطقة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي، صباح الثلاثاء، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف استهدف مختلف بلدات ريف إدلب الجنوبي، وتحليق مكثف لطيران الاستطلاع، وقطع الاتصالات في محافظة حماة، بحسب مراسل “المدن” محمود الشمالي.

مصادر عسكرية معارضة أكدت لـ”المدن” أن بشار وصل إلى بلدة الهبيط، مستقلا سيارة مصفحة ضمن رتل مكون من 7 سيارات مصفحة، سلكت طريق السقيلبية-كفرنبودة، قادماً من مهبط جب رملة للطائرات المروحية غربي مدينة حماة. وأكدت المصادر وصول بشار إلى المطار بطائرة مروحية نوع “غازيل” أقلعت من مطار المزة العسكري في دمشق.

بشار، بحسب ما نقلته وكالة “سانا”، قال: “إدلب كانت بالنسبة لهم مخفراً متقدماً.. والمخفر المتقدم يكون في الخط الأمامي عادة، لكن في هذه الحالة المعركة في الشرق والمخفر المتقدم في الغرب لتشتيت قوات الجيش العربي السوري”. وقال: “كنا وما زلنا نقول.. إن معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سوريا”.

وأضاف معلقاً على التطورات في الشرق السوري: “عندما نتعرض لعدوان أو سرقة يجب أن نقف مع بعضنا وننسق في ما بيننا.. ولكن البعض من السوريين لم يفعل ذلك وخاصة بالسنوات الأولى للحرب.. قلنا لهم لا تراهنوا على الخارج بل على الجيش والشعب والوطن.. ولكن لا حياة لمن تنادي.. وحاليا انتقل رهانهم إلى الأميركي”.

وتابع: “أردوغان لص.. سرق المعامل والقمح والنفط.. وهو اليوم يسرق الأرض”. وأضاف أن “كل المناطق في سوريا تحمل نفس الأهمية ولكن ما يحكم الأولويات هو الوضع العسكري على الأرض”.

وأشار بشار إلى أنه “بعد كل العنتريات التي سمعناها على مدى سنوات من البعض بأنهم سيقاتلون وسيدافعون.. إلا أن ما رأيناه مؤخرا هو أن التركي يحتل مناطق كبيرة كان المفروض انها تحت سيطرتهم خلال أيام كما خطط له الأميركي”. وتابع: “أول عمل قمنا به عند بدء العدوان في الشمال هو التواصل مع مختلف القوى السياسية والعسكرية على الأرض.. وقلنا نحن مستعدون لدعم أي مجموعة تقاوم.. وهو ليس قرارا سياسيا بل واجب دستوري ووطني.. وإن لم نقم بذلك لا نكن نستحق الوطن”.

مصادر “المدن” أشارت إلى أن بشار اجتمع مع ضباط غرفة العمليات العسكرية، وعناصر في المدرسة الوسطى في بلدة الهبيط، حيث تتواجد مجموعات من “الفرقة السابعة” و”الحرس الجمهوري” و”الفرقة 25″ و”الفيلق الخامس”، بحضور قائد “الفيلق الخامس” اللواء زيد صالح. وتخلل اللقاء الاطلاع على خرائط عسكرية كانت إحداها معنونة بـ”سير الاعمال القتالية لتنفيذ عملية عسكرية محدودة لتدمير العصابات الإرهابية المسلحة”، بحسب ما ظهر في صور نشرها الإعلام الرسمي، فيما يُعتقد بأنه رسالة للمعارضة عن جولة معارك جديدة في إدلب.

ودامت الزيارة نصف ساعة، تزامنت مع قطع الاتصالات الخليوية في محافظة حماة لأكثر من ساعتين، وتحليق مكثف لطيران الاستطلاع في سماء ريف إدلب الجنوبي، مع تكثيف القصف المدفعي بأكثر من 200 قذيفة خلال ساعة واحدة تقريباً، استهدفت بلدات وقرى حيش وحزارين وكفرسجنة ومعرة حرمة والشيخ مصطفى والنقير ومعرة الصين والركايا وأرينبة وأم الصير وترملا وحسانة وبعربو ومدينة كفرنبل ومعرزيتا وجبالا والشيخ دامس جنوبي إدلب.

مصدر عسكري من المعارضة، قال لـ”المدن”، إن رفعاً لجاهزية مليشيات النظام سبق الزيارة، مع تكثيف لحركة الاستطلاع، ما دفع المعارضة بدورها إلى رفع جاهزيتها ظناً منها بأن المليشيات ستقوم بعملية عسكرية.

وبثت الصفحات الموالية صورا للزيارة من بلدة الهبيط، في مكان يبعد عن اقرب نقطة تماس مع المعارضة مسافة 4 كيلومترات. الناشط هاني قطيني، قال لـ”المدن”، إن بشار زار على الأغلب مدينة خان شيخون، أهم منطقة سيطرت عليها مليشياته في الفترة الأخيرة، لتوجيه رسائل تعزز رواية النظام عن الانتصار على “الإرهاب” في محافظة إدلب.

الناشط محمد العلي، قال لـ”المدن”، إن الزيارة تأتي في اطار التعزيز المعنوي لانتصار مليشيات النظام، والتأكيد على الاستمرار بالعمليات العسكرية ضد فصائل المعارضة، ومن الممكن ان يكون للزيارة هدف سياسي بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي الى روسيا، لإيصال رسالة مفادها بأن النظام موجود ويستطيع فرض قراراته في أي لحظة.

ومنذ الأيام الأولى لسيطرة المليشيات الروسية على مدينة خان شيخون، انتشر كلام عن نية بشار زيارة المنطقة، لكنها تأجلت شهرين تقريباً بعد السيطرة الكاملة على ريف حماة الشمالي.

—————

الحسكة: انتشار جديد لقوات النظام.. بشاحنات نقل المواشي

أقلت العشرات من شاحنات نقل المواشي، صباح الثلاثاء، جنوداً تابعين لقوات النظام من “الفوج الخامس-هجانة” المتمركز وسط مدينة الحسكة إلى محيط بلدة تل تمر، في إطار تنفيذ اتفاق جديد بين النظام و”قوات سوريا الديموقراطية”، بحسب مراسل “المدن” عبدالكريم الرجا.

وأشارت مصادر “المدن” إلى أن تلك القوات استقرت في قرية الكوزلية على بعد 12 كيلومتراً شمال غربي تل تمر.

وتواردت الأنباء عن التوصل لإتفاق جديد بين النظام و”قسد”، برعاية روسية، ليل الإثنين/الثلاثاء، يقضي بتسيير دوريات مشتركة بين قوات النظام و”قسد” في مناطق التماس مع قوات “نبع السلام” على الحدود السورية-التركية، بإشراف خبراء عسكريين روس. وكانت طائرة عسكرية روسية قد حطت، صباح الإثنين، في مطار القامشلي، وعلى متنها 50 جندياً ومستشاراً عسكرياً روسياً. وأفادت مصادر إعلامية موالية لـ”قسد”، أن أولئك المستشارين الروس سيقومون بالإشراف على تطبيق الاتفاق الجديد، والإشراف على تسيير دوريات مشتركة من النظام و”قسد” في مناطق التماس مع قوات “نبع السلام”، شريطة رفعها العلم الروسي.

وأشارت المصادر إلى أن 50 جندياً روسياً آخرين سيصلون لاحقاً إلى القامشلي، فيما يبدو كرد روسي على احتفاظ القوات اﻷميركية بـ200 جندي شمال شرقي سوريا.

إلى ذلك، أعلن النظام في قرار وقعه نائب وزير الدفاع محمود عبدالوهاب شوا، عن قبول اندماج مقاتلي “قسد” في صفوف جيش النظام، مشترطاً التزامهم بالقوانين باعتبارهم “مرؤوسين وليسوا رؤساء”، مشدداً على حظر “رفع أي علم أو أي راية لأي جهة سياسية أو عسكرية لا تنتمي إلى الجمهورية العربية السورية أو القوات المسلحة”، باستثناء العلم الروسي “في حال وجود قوة عسكرية أو أمنية روسية في ذات المنطقة”.

وحدد القرار اللباس العسكري الواجب على مقاتلي “قسد” المنضمين إلى قواته ارتداءه، بلباس شبيه بذلك الذي ترتديه مليشيات “الدفاع الوطني” التابعة له، إضافة إلى تحديده الرتب والشارات المعمول بها. وحظر القرار عمن وصفهم بـ”مقاتلي المجموعات أو اللجان الشعبية الكردية” ارتداء أي رتبة أو إشارة عسكرية “باستثناء رتب الجمهورية العربية السورية”.

وكان القرار واضحاً لجهة التأكيد على أن عمل مقاتلي “قسد” في صفوف قوات النظام سيتم تحت إمرة وإشراف قادة الوحدات العسكرية ومندوبي اللجان الأمنية “الأقرب الى مناطق انتشار تلك العناصر المعنية”.

ولم يتضح بعد بدقة، في أي النقاط والمناطق ستعمل هذه الدوريات، فيما رجحت مصادر أنها ستسير بين المالكية “ديريك”، شرقي مدينة القامشلي، والدرباسية غربها، على طول الشريط الحدودي السوري-التركي.

وأكدت مصادر “المدن” عدم حدوث أي انتشار لقوات النظام في مدينة القامشلي وريفها، واقتصار انتشارها في بلدة تل تمر وريفها، عبر “الكتيبة 46” من “الفوج الخامس هجانة”، وسط أنباء عن فشل المفاوضات بين الروس و”قسد” حول انتشار النظام في القامشلي.

————————

هولاند: كل من لم نردهم أن ينتصروا في سوريا..انتصروا

أعرب الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند عن أسفه لما آلت إليه الأمور في سوريا، حيث “انتصر كل من لم نردهم أن ينتصروا”، من بشار الأسد إلى فلاديمير بوتين مروراً برجب طيب أردوغان.

وقال هولاند في مقابلة أجرتها معه وكالة “فرانس برس”: “ماذا حدث في هذه المرحلة التي قد تكون الأخيرة من الصراع السوري؟ لقد انتصر كلّ من لم نرده أن ينتصر: نظام بشار، تركيا التي تريد في الواقع مطاردة الأكراد الذين هم حلفاؤنا، وفلاديمير بوتين، صانع السلام الذي أتى جنوده، في الواقع في نفس الوقت مع الإيرانيين، لحماية نظام بشار الأسد وإنقاذه”.

وأضاف “في الوقت نفسه، فإن التحالف الغربي الذي كان يريد عن حقّ – وأنا شخصياً كنت أحد القادة الرئيسيين فيه – القضاء على داعش بدعم من الأكراد، يرى حليفه اليوم يُسحق ويُطرد من المناطق لقد كان يسيطر عليها، ويرى عدوّه أي داعش، يستعيد جهاديين سيطلق سراحهم من المخيّمات”.

وبالنسبة إلى الرئيس الاشتراكي السابق فإنّ هذه التطورات الناجمة عن قرارات اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطرح علامات استفهام بشأن مستقبل حلف شمال الأطلسي وثقة حلفاء الولايات المتحدة بها.

وقال “نحن أمام سؤال رئيسي بالنسبة لمستقبل حلف شمال الأطلسي: كيف نثق برئيس أميركي هو دونالد ترامب الذي أعطى الضوء الأخضر لأردوغان للتدخّل في سوريا، والذي أعلن وقفاً لإطلاق النار مزيّفاً، وقف إطلاق نار كاذباً سيسمح في نهاية المطاف للروس بترسيخ وجودهم وللأتراك بالسيطرة على المناطق التي يريدونها؟”.

واعتبر هولاند أنّه حان الوقت لمطالبة الرئيس الأميركي بتقديم تفسيرات ولا سيما بشأن “التناقضات” التي نجمت عن أزمات مختلفة (تجارية ودبلوماسية …) بين “المصالح الأميركية ومصالحنا”.

وأضاف “كيف يمكننا أن نترك دونالد ترامب، العضو في التحالف الأطلسي وهو من الناحية النظرية البلد الذي يمكن أن يتدخل لحماية أوروبا، يشكّك في مصالحنا؟”، مشيراً بشكل خاص إلى مواقف الرئيس الأميركي بشأن الشرق الأوسط ووضع الأكراد والرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على المنتجات الأوروبية ومسألة بريكست.

———————

ترامب:لم نوافق مطلقا على حماية الأكراد لبقية حياتهم

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه لا يريد أن يترك أي قوات أميركية في سوريا لكن القوات التي تنسحب من هناك ستنتشر في مكان آخر قبل أن تعود إلى الولايات المتحدة.

وبحسب ما أفادت وكالة “رويترز”، قال ترامب أيضاً للصحافيين في البيت الأبيض خلال اجتماع لإدارته إن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع تركيا في سوريا يبدو صامدا رغم بعض المناوشات ملمحا إلى احتمال تمديده عقب انتهائه يوم الثلاثاء. وأضاف “إنني متأكد من انه إذا أردنا تمديدا قليلا فسوف يحدث”.

وقالت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إن تركيا علقت هجومها ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا لمدة خمسة أيام. وكانت تركيا قد بدأت عمليتها عبر الحدود بعد القرار الذي اتخذه ترامب قبل أسبوعين بسحب القوات الأميركية من تلك المنطقة.

وقال المسؤولون الأمريكيون في ذلك الوقت إن من المتوقع أن يعاد نشر تلك القوات في المنطقة وإن بعضها يمكن أن يذهب إلى العراق.

وقال ترامب إن عددا قليلا من القوات الأمريكية سيبقى “في جزء مختلف قليلا لتأمين النفط” علاوة على مجموعة أخرى “في جزء سوري مختلف تماما قرب الأردن وقرب إسرائيل”.

وأوضح الرئيس الأميركي “هذا تفكير مختلف تماما…ولولا ذلك لما وُجد ما يدعو” لبقاء القوات الأميركية. وأضاف “سيرسلون في البداية إلى مناطق مختلفة…وفي النهاية سنعيدهم للوطن”.

وانتقد البعض الانسحاب الأميركي قائلين إنه خيانة للحلفاء الأكراد الذين ساعدوا الولايات المتحدة لسنوات في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية”.

ودافع ترامب عن قرار سحب القوات وقال “لم نوافق مطلقا على حماية الأكراد لبقية حياتهم”. وقال الرئيس الأميركي “لقد ساعدنا الأكراد ولم نعطهم مطلقا تعهدا بأننا سنبقى لأربعمائة عام مقبلة لحمايتهم”.

وقال ترامب أيضا إنه ينفذ وعده الانتخابي بالخروج من الصراعات الدولية في إطار سياسته “أميركا أولاً” وذلك في إطار سعيه لإعادة انتخابه العام المقبل. وأوضح “أرغب في إعادة الجنود إلى الوطن. ينبغي عليّ أن أنجز ما انتخبت من أجله وينبغي أن أقوم بما اعتقد أنه صائب”.

———————–

ترامب يُهدد أنقرة بالقوة العسكرية..ورئيسة “مسد” في واشنطن

قال السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف، الثلاثاء، إن إعلان واشنطن استعدادها لاستخدام القوة العسكرية ضد تركيا يعتبر “سابقة”، إذ لم يحصل أن هددت الولايات المتحدة قبل ذلك حليفاً وشريكاً في الناتو.

وجاء تصريح السيناتور الروسي تعليقاً على إعلان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، ليل الاثنين/الثلاثاء، أن الولايات المتحدة “مستعدة لاستخدام القوة العسكرية ضد تركيا إذا تطلب الأمر”، وهي المرة الأولى التي تهدد فيها واشنطن بعمل عسكري ضد شريك وحليف لها في حلف الناتو.

واستبعد بوشكوف أن “تخيف مثل هذه التصريحات القيادة التركية”.

وقال بومبيو في تصريح صحافي على خلفية العملية العسكرية التركية في الشمال السوري: “نفضل السلام على الحرب. لكن يجب العلم أن الرئيس ترامب مستعد تماما لاتخاذ مثل هذه الإجراءات (ضد تركيا) اذا احتاج الأمر عملا عسكريا”.

وواصل نواب أميركيون مسعاهم لفرض عقوبات على تركيا بسبب عملية “نبع السلام” ضد “وحدات حماية الشعب” الكردية، في حين دعت رئيسة اللجنة التنفيذية لـ”مجلس سوريا الديموقراطية” ألهام أحمد، الرئيس دونالد ترامب إلى “وقف “التطهير العرقي” للأكراد.

والتقت ألهام احمد، في واشنطن، مع قيادات من مجلس الشيوخ من الحزبين، يتقدمهم السيناتور ليندسي غراهام والسيناتور كريس فان هولن. وستقدم أحمد، الاربعاء، شهادتها امام لجنة فرعية في الكونغرس حول سياسة الولايات المتحدة في سوريا. وزعمت أحمد: “إنهم (الأتراك) يرغبون في مهاجمتنا. إنهم يريدون قتل مئات الآلاف منا”.

وقال السيناتور الديموقراطي كريس فان هولن، في مؤتمر صحافي: “نحن في حاجة لوقف هذه المذبحة. نحتاج للتأكد من أننا لم نمكن داعش (من النهوض)”. وقال نواب إنهم يعملون لجمع المزيد من التوقيعات المؤيدة لتشريع يفرض عقوبات اقتصادية مشددة على أنقرة.

وقال السناتور الديموقراطي ريتشارد بلومنتال: “إن الحديث عن حقول النفط إلهاء شديد عن الكارثة الإنسانية الجارية” مضيفاً أنه يشعر “بفزع وخزي” بشأن الأكراد.

وكان فان هولن، والسناتور الجمهوري لينزي غراهام، قد أعلنا عن تشريع سيفرض عقوبات “تعجيزية” على تركيا، وقالا إنهما سيمضيان قدما في هذا الإجراء رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام.

وقال غراهام: “أوجه اللوم لتركيا أكثر من أي طرف آخر. الغزو التركي وضع هزيمة الخلافة في خطر”، وأضاف أنه يرغب في رؤية منطقة منزوعة السلاح بين تركيا والمقاتلين الأكراد تراقبها قوات دولية، واستمرار الشراكة الأميركية مع المقاتلين الأكراد، ومساع لحراسة ومراقبة حقول النفط في جنوب سوريا لكنه أوضح أنه ينبغي لأنقرة أن تتراجع أولا.

وكان ترامب قد قال الإثنين: “لدينا جنود في قرى في شمال شرق سوريا قرب حقول النفط. هؤلاء الجنود المتواجدون في تلك القرى ليسوا في طور الانسحاب”.

وأضاف في البيت الابيض: “قلت دائماً: اذا كنا سننسحب فلنحمِ النفط”، ملاحظاً أنّ الولايات المتحدة “يمكن أن نرسل واحدة من كبرى شركاتنا النفطية للقيام بذلك في شكل صحيح”. وأكد ترامب أن عملية حماية الموارد النفطية في المنطقة “ستضخ أموالا للأكراد”.

المبعوث الخاص السابق للرئاسة الأميركية إلى “التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية” بريت ماكغورك، سارع إلى إعلان رفضه لهذه الفكرة، مؤكّداً أنّه من “غير القانوني” القيام بذلك. وقال الدبلوماسي السابق الذي استقال في كانون الأول/ديسمبر 2018 احتجاجاً على إعلان ترامب حينذاك، لأول مرة، عن عزمه على سحب القوات الأميركية من سوريا “لا يمكننا استغلال هذه الموارد النفطية، اللهم إلا إذا أردنا أن نصبح مهرّبين”. وأوضح أنّ النفط السوري ملك لشركة نفطية عامة “شئنا أم أبينا”. وأضاف: “هذا لا يعني أنّ قوات سوريا الديموقراطية لا يمكنها استغلاله وكسب المال منه، لكنّ هذا تهريب”.

وأوضح ترامب في مؤتمر صحافي: “كان من المفترض أنهم سيظلون هناك لمدة 30 يوما، كان من المفترض أنهم سيدخلون إلى البلاد ويوجهون ضربة سريعة ضد “داعش” ويخرجون .. لكنهم بقوا بالفعل هناك في سوريا لمدة 10 سنوات”.

وكانت وسائل إعلام أميركية، قد ذكرت ليل الإثنين/الثلاثاء، أن وزارة الخارجية، بعثت لسفاراتها في الدول الأخرى، خطاباً ضد عملية “نبع السلام” التركية شمالي سوريا، بما أنها “تخاطر بمكافحة تنظيم داعش الإرهابي، وتُعرض المدنيين وأمن المنطقة للخطر”.

———————–

مع قرب انتهاء مهلة انسحاب المقاتلين.. أردوغان: لن نسمح للمنظمات الإرهابية بإنشاء أي ممر

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن العملية العسكرية شمالي سوريا ستستمر من النقطة التي توقفت عندها إذا لم تف واشنطن بتعهداتها، في وقت يسود فيه الترقب الحدود التركية السورية مع قرب انتهاء المهلة المحددة لانسحاب ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية من حدود المنطقة الآمنة.

وقال أردوغان إنه يريد أن يكون هناك سلام دائم في سوريا وليس سلاما مؤقتا، مضيفا أن “تركيا لم ولن تسمح بإنشاء أي ممر إرهابي من قبل المنظمات الإرهابية”.

وأبرز أن روسيا وتركيا تعملان من أجل وحدة الأراضي السورية، موضحا أنه سيبحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كيف يمكن للجنة الدستورية السورية أن تحقق تقدما ملموسا. وعبّر عن أمله في أن يمكن التعاون مع روسيا من “إنقاذ المنطقة تماما من المنظمات الإرهابية”.

وبخصوص فرنسا، قال أردوغان إن ماكرون يبدو أنه يسعى للحصول على شيء من اتفاق وقف إطلاق النار في شمالي سوريا.

وصرح “لم يصلنا من ماكرون أي عرض لتمديد وقف إطلاق النار، هو يلتقي بالإرهابيين وغالبا هذا الأمر جاء من قبلهم”.

ويجري الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان مباحثات اليوم في منتجع سوتشي الروسي تتناول الأوضاع في شمالي شرقي سوريا في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة.

ترقب

تزامنت هذه التطورات مع أجواء الترقب على الحدود السورية التركية مع نهاية المهلة التي حددتها كل من تركيا والولايات المتحدة مساء اليوم، والتي قضت بتجميد العمليات العسكرية شريطة انسحاب ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية من حدود المنطقة الآمنة التي تنوي تركيا إنشاءها على طول الشريط الحدودي مع سوريا.

ونقل مراسل الجزيرة في تل أبيض عن مصادر في الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية، أن الجيش انتشر في قرى عديدة بعدما انسحبت منها ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية في جنوب تل أبيض.

وأضافت المصادر أن هذه القوات هاجمت مواقع للجيش الوطني التابع للمعارضة غرب تل أبيض، وأوقعت قتلى وجرحى في رابع أيام وقف إطلاق النار في شمالي شرقي سوريا.

وفي منبج، أفاد مراسل الجزيرة بأن مئات المقاتلين من الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية، والنازحين واللاجئين لسنوات من المدينة وريفها، ينتظرون انقضاء المهلة المتفق عليها بين الجانبين الأميركي والتركي لمعرفة مصير مدينتهم.

ويعول كثير من لاجئي ونازحي منبج على عملية “نبع السلام” للعودة إلى مدينتهم، خصوصا بعد دخول قوات النظام السوري إثر انسحاب القوات الأميركية منها.

من جهته قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية في شمالي شرقي سوريا لا يزال صامداً.

وأشار خلال اجتماع لأركان إدارته في البيت الأبيض إلى أن ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية تنسحب حاليا خارج المنطقة الآمنة التي تمتد بعمق أكثر من ثلاثين كيلومترا في شمالي شرقي سوريا.

وأضاف ترامب أنه سيُـبقي عددا قليلاً من القوات الأميركية في سوريا لحماية مصادر النفط، وكذلك في منطقة أخرى بطلب من إسرائيل والأردن، في إشارة إلى منطقة التنف.

وفي ما يتعلق بحقول النفط في شمالي شرقي سوريا، قال ترامب إن إدارته ترغب في أن تعود بعض إيراداتها المالية إلى الأكراد، واقترح أن تتولى إحدى الشركات النفطية الأميركية إدارة هذه الحقول.

“قسد”

من جانبها عقدت إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية، مباحثات في واشنطن مع عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

ودعت إلهام، عبر مترجم، الرئيس الأميركي إلى التراجع عن قراره الذي اتخذه قبل أسبوعين بسحب القوات الأميركية من سوريا مما أتاح المجال للهجوم التركي عبر الحدود.

وقالت السياسية الكردية “إنهم يرغبون في مهاجمتنا. إنهم يريدون قتل مئات الآلاف منا”.

وقال السيناتور الجمهوري ليندزي غراهام بعد اللقاء إنه ينبغي على تركيا أن توقف عمليتها العسكرية والتعامل مع هواجسها الأمنية من خلال منطقة منزوعة السلاح في شمالي شرقي سوريا.

كما حمَّل غراهام تركيا مسؤولية ما وصفها بالفوضى في شمالي شرقي سوريا التي قد تؤدي إلى عودة تنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف غراهام أن إلهام أحمد أبلغته أن استمرار الوضع الراهن يهدد السجون التي يقبع فيها مقاتلو التنظيم.

وكانت وزيرة الدفاع الألمانية أنغريد كرامب كارنباور قالت إنها ستقدم مشروع إقامة منطقة آمنة دولية شمالي سوريا لاجتماع وزراء دفاع حلف الناتو، والذي سينعقد في بروكسل يومي الخميس والجمعة المقبلين.

وأضافت وزيرة الدفاع الألمانية أن مقترح إقامة منطقة حماية دولية تمت مناقشته مع المستشارة أنجيلا ميركل، وقُدم الاثنين للحلفاء الغربيين.

المصدر : وكالات

——————–

خصمان يتوخيان الحذر.. تركيا وسوريا تجريان اتصالات سرية لتجنب الصدام

رغم عداء أنقرة وخصومتها للرئيس السوري بشار الأسد منذ فترة طويلة فإن مسؤولين أتراكا يقولون إن بلادهم تجري عبر قنوات سرية اتصالات مع الحكومة السورية، لتفادي المواجهة المباشرة في شمال شرق سوريا حيث ينشر الجانبان قواتهما.

ويدعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعارضين المسلحين الذين حاربوا لإسقاط الأسد، ووصف أردوغان الأسد بأنه “إرهابي”، ودعا إلى الإطاحة به من الحكم.

لكن روسيا وإيران حليفتي الأسد ساعدتاه في قلب دفة الصراع، ومع انسحاب القوات الأميركية الآن من شمال شرق سوريا تندفع قوات الأسد المدعومة من روسيا عائدة إلى المنطقة بعد أن دخلتها القوات التركية من جهة الشمال.

ويقول ثلاثة مسؤولين أتراك إن الجانبين أقاما -مدفوعيْن بالحرص والحذر- قنوات اتصال، سواء في شكل اتصالات عسكرية ومخابراتية مباشرة أو بطريق الرسائل غير المباشرة عبر روسيا للحد من خطر المواجهة.

وقال مسؤول أمني تركي لرويترز “نحن على اتصال مع سوريا بشأن المسائل العسكرية والمخابراتية منذ فترة لتجنب أي مشاكل في الميدان”.

الوسيط الروسي

وأضاف أن أول اتصال أجري كان بشأن حالة تصعيد في شمال غرب سوريا، وهي حالة منفصلة عما يجري في الشمال الشرقي الآن، وذلك عندما شنت قوات سورية مدعومة من روسيا في وقت سابق من هذا العام هجوما في إدلب التي تنتشر فيها قوات تركية.

وأشار المسؤول إلى أن “التواصل مع سوريا يتم إلى حد كبير عبر روسيا، لكن هذا الاتصال كان يُجرى بشكل مباشر بين تركيا وسوريا في بعض الأحيان، لتجنب الدخول في مواجهة مباشرة بين الجنود السوريين والأتراك”.

وفي الوقت الذي تصر فيه الحكومة التركية على عدم حدوث أي تغيير في موقفها من الأسد، تعكس الاتصالات الأمنية مع دمشق حقيقة آخذة في التنامي ولا يمكن لأنقرة تجاهلها، وهي استعادة الرئيس السوري سيطرته على البلاد.

ويشير موقف روسيا كوسيط أيضا إلى الدور المركزي الذي تلعبه موسكو -وهي أقوى حلفاء الأسد- في سوريا منذ أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيسحب قواته من شمال سوريا.

ومن المقرر أن يجتمع أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود اليوم الثلاثاء، لإجراء محادثات من المحتمل أن تحدد ملامح الخطوات المقبلة في شمال شرق سوريا.

من جانبه، قال الكرملين إنه يأمل إن يتمكن الرئيس التركي من تزويد بوتين بمعلومات عن خطط بلاده في شمال سوريا خلال اجتماعهما بجنوب روسيا اليوم.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن لدى الرئيسين الكثير لمناقشته فيما يتعلق بسوريا، وإن موسكو لاحظت ما وصفه بتبادل البيانات الحادة بين الولايات المتحدة وتركيا.

وحين سئل عن فكرة وزيرة الدفاع الألمانية إقامة منطقة أمنية تخضع لإشراف دولي في شمال سوريا وبمشاركة تركيا وروسيا، قال بيسكوف إن الكرملين سيدرس ما وصفها بالفكرة الجديدة.

المصدر : رويترز

——————–

ألمانيا تقترح إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا بمشاركة روسيا وتركيا

اقترحت وزيرة الدفاع الألمانية، آنيغريت كرامب كارنباور، إنشاء منطقة آمنة تحت رقابة دولية شمالي سوريا، لحماية المدنيين النازحين وضمان استمرار قتال تنظيم الدولة.

وقالت كرامب كارينباور في مقابلة مع محطة دويتشه فيله التلفزيونية “أقترح أن نقيم منطقة أمنية تخضع لسيطرة دولية بمشاركة تركيا وروسيا”.

وأكدت الوزيرة أن المستشارة أنجيلا ميركل وافقت على المقترح، وأنهم نقلوه إلى حلفائهم الغربيين. وأشارت إلى أنها ستطرح المقترح خلال اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي “ناتو” في بروكسل الخميس المقبل.

وأضافت: ” تكمن الإجابة على ماهية هذا الحل، في إنشاء منطقة آمنة تحت رقابة دولية بما فيها تركيا وروسيا بهدف خفض التوتر هناك، ونهدف هنا إلى مواصلة الكفاح ضد الإرهاب وإرهابيي داعش، وغاية أخرى تتمثل في مواصلة العملية الدستورية التي بدأت مجددًا بعد قرار الأمم المتحدة”.

وذكرت كارنباور أن الوضع في سوريا أثر بشكل خطير على المصالح الأمنية لأوروبا وألمانيا، واعترفت أن ألمانيا وأوروبا اتخذت موقف “المتفرج” حتى الآن إزاء الوضع هناك.

وهذه هي المرة الأولى التي تقترح فيها الحكومة الألمانية مهمة عسكرية في الشرق الأوسط. وإذا لاقى الاقتراح دعم تركيا وروسيا، فمن المتوقع أن ترسل برلين جنودا إلى سوريا في إطار المهمة.

وانتقدت ألمانيا بشدة عملية نبع السلام التي تهدف إلى طرد قسد من شمال شرق سوريا وإنشاء منطقة آمنة، وأوقفت برلين تصدير الأسلحة إلى تركيا رداً على العملية.

——————

اتصالات استخباراتية بين نظام الأسد وتركيا لـ”تجنب الصدام

قال مسؤولون أتراك، إن بلادهم تجري عبر قنوات سرية، اتصالات مع نظام الأسد، لتفادي المواجهة المباشرة في شمال شرق سورية حيث ينشر الجانبان قواتهما.

ونقلت وكالة “رويترز”، عن “ثلاثة مسؤولين أتراك”، إن أنقرة ودمشق، مدفوعين بالحرص والحذر، أقاما قنوات اتصال سواء في شكل اتصالات عسكرية ومخابراتية مباشرة أو بطريق الرسائل غير المباشرة عبر روسيا، للحد من خطر المواجهة.

وقال أحد المسؤولين الأتراك: “نحن على اتصال مع سوريا بشأن المسائل العسكرية والمخابراتية منذ فترة لتجنب أي مشاكل في أرض الميدان”، مضيفاً أن أول اتصال جرى، كان بشأن حالة تصعيد في شمال غرب سورية(إدلب ومحيطها)، وهي حالة منفصلة عما يجري في الشمال الشرقي الآن، وذلك عندما شنت قوات سورية مدعومة من روسيا، في وقت سابق من هذا العام، هجوما في إدلب التي تنتشر بها قوات تركية.

وأضاف المسؤول ، أن “التواصل مع سوريا يتم إلى حد كبير عبر روسيا، لكن هذا الاتصال كان يجرى بشكل مباشر بين تركيا وسوريا في بعض الأحيان لتجنب الدخول في مواجهة مباشرة بين الجنود السوريين والأتراك”.

ويجتمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع نظيره الروسي  فلاديمير بوتين، غداً الثلاثاء، في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود، في محادثات من المحتمل أن تحدد ملامح الخطوات المقبلة في شمال شرق سورية.

وقال مسؤول تركي كبير “سنتلقى أيضاً معلومات عن وجهة نظر سوريا والخطوات التي ستتخذها خلال الاجتماع مع بوتين”.

المصدر:

رويترز

——————–

 بينها دعم إجراء تعديلات على اتفاقية “أضنة”.. روسيا تستبق قمة بوتين وأردوغان بأربعة تحركات

شهدت الساعات الماضية، عدة تحركات من جانب روسيا تخص الشأن السوري، وذلك قبل ساعات من القمة التي ستجمع الرئيسين التركي، رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي.

أبرز التحركات ما قاله وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين، إذ أبدى استعداد بلاده، لدعم إجراء أي تعديلات على اتفاقية أضنة، الخاصة بالحدود الشمالية لسورية، مشيراً إلى أن ذلك يرتبط بموافقة “أنقرة ودمشق”.

وأضاف لافروف، بحسب وسائل إعلام روسية: “بالطبع هناك حاجة إلى حوار بين تركيا والجمهورية العربية السورية، حيث أننا مستعدون أيضاً للقيام بدور داعم، لتشجيع مثل هذه الاتصالات المباشرة”، مشيراً إلى أن موسكو تدعم كذلك إدخال تغييرات على اتفاقية أضنة “إذا رغبت أنقرة ودمشق في ذلك”.

ويزور الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان مدينة سوتشي الروسية، يوم غد الثلاثاء، لإجراء محادثات مع نظيره فلاديمير بوتين، بشأن الخطوات التي يتعين اتخاذها، بخصوص مناطق شمال وشرق سورية.

وتأتي الزيارة في ظل سريان اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقعته أمريكا وتركيا، في الأيام الماضية، ويقضي بتعليق عملية “نبع السلام”، على أن تنسحب “قوات سوريا الديمقراطية”، من عمق 32 كيلومتراً من الحدود الشمالية لسورية.

وإلى جانب ما قاله لافروف، ذكرت وكالة “تاس” الروسية، أن بوتين، أجرى ثلاثة اتصالات، منذ صباح اليوم، مع كل من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والمستشارة الألمانية، أنيجلا ميركل.

وقال ماكرون خلال الاتصال الهاتفي، بحسب ما ذكرت وكالة “رويترز” إن من المهم تمديد وقف إطلاق النار في شمال شرق سورية.

وأضاف أيضاً أنه يتوقع إنهاء التوتر في شمال شرق سورية بالوسائل الدبلوماسية.

ونقلت وكالة “تاس” عن مساعد رئيس الاتحاد الروسي يوري أوشاكوف قوله، إن بوتين ناقش مع ميركل ملفين أساسيين، هما أوكرانيا وسورية.

وأضاف أوشاكوف، بحسب ترجمة “السورية.نت”: “خلال محادثة بوتين ونتنياهو، تطرقا إلى قضايا التسوية السورية وبعض قضايا التعاون الثنائي”.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم، إنه سيبحث مع الرئيس فلاديمير بوتين غداً الثلاثاء، مستجدات الأوضاع في سورية، و”بعد ذلك سنُقدم على الخطوات اللازمة”.

وفي آخر التطورات على الأرض في مناطق شمال شرق سورية، انسحبت القوات الأمريكية من كبرى قواعدها في المنطقة، وهي قاعدة صرين شرقي حلب، أمس الأحد، وسبق ذلك انسحابها من أربع قواعد، تنفيذاً لقرار الانسحاب، الذي أصدره الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

فيما أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” إخلاء مدينة رأس العين الحدودية بشكل كامل، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توصلت إليه تركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

====================

مقالات

10 معوّقات أمام المنطقة “الآمنة” التركية في شمال سوريا/ ياسر العيسى

بعد خمس سنوات من طرحها فكرة تنفيذ “منطقة آمنة” في سوريا، وتهديدها في عام 2014 (الذي طالبت فيه أنقرة لأول مرة بإنشاء هذه المنطقة) بأنها ستقيمها بشكل أُحادي، في حال لم تساعدها واشنطن بذلك، بدأت تركيا عملياً تنفيذ تهديدها في عقب إطلاق عملية “نبع السلام” التي تجري اليوم وسط غموض وتناقض في المواقف، وتسارع في وتيرة ردات الفعل حولها، وموجات تحذير وتنديد من عواصم ومنظمات إقليمية ودولية.

السؤال الذي يُطرح، هل سيكون الانتصار العسكري في “نبع السلام” إن تحقق في مقبل الأيام، والسيطرة على الأرض، هو الباب الرئيس الذي سيجري عبره الولوج إلى طريق إنشاء هذه المنطقة بسهولة ويسر؟ أم أن هناك عقبات ومعوقات قد تحوّل الانتصار العسكري إلى مأزق وورطة؟

“لقد علمنا التاريخ أن المناطق الآمنة نادراً ما تكون آمنة” كما تقول “آريان رامري”، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بسبب ما نتجت منه من “تاريخ مرير” بحسب وصف المنسق الإقليمي للأمم المتحدة لشؤون سوريا، “بانوس مومتيس”، ما جعل “الأمم المتحدة لا تشجع أبداً على إنشائها”، مستشهداً بالمذبحة التي وقعت في بلدة سربيرينيتسا في البوسنة والهرسك عام 1995.

قد يكون من الملائم تسليط بعض الضوء على التجارب التاريخية في ما يتعلق بـ”المناطق الآمنة” التي جرت في العقود الأخيرة بمناطق مختلفة من العالم، إن أردنا الحديث عن المعوقات التي ستقف أمام تحقيق “المنطقة الآمنة”، المزمع إنشاؤها من قبل تركيا على طول حدودها مع سوراة.

العراق 1991-1996

بعد هزيمة الجيش العراقي في حرب الخليج عام 1991، اندلعت انتفاضة واسعة في شمال البلاد، وكان رد القوات العراقية عنيفاً، ولشدة قمعها، توجه مئات آلاف من الأكراد إلى الجبال وحاولوا دخول تركيا بحثاً عن مأوى، ما استدعى من الولايات المتحدة وحلفائها إقامة منطقة حظر جوي في شمال العراق، ونظمت فيها أمريكيا “عملية توفير الراحة” التي شملت نشر 20 ألف جندي من 13 بلداً، بغية تأمين ملاذ آمن في شمال العراق، إضافة إلى أشكال مختلفة من المساعدة من 30 دولة مانحة، ونحو 50 منظمة دولية وغير حكومية.

ووجب على قوات التحالف بناء بنية تحتية لوجستية مؤقتة لدعم الجهد الإنساني، وربط مناطق التجمع بمخيمات اللاجئين. وفي الوقت نفسه، أنشأت القوات البرية ملاذاً آمناً في الشمال خالياً من جيش صدام حسين، ونفذت طائرات التحالف دوريات فوق منطقة حظر الطيران شمالاً من خط العرض 36.

وبحلول حزيران/ يونيو 1991، عاد الأكراد النازحون جميعهم تقريباً إلى ديارهم في شمال العراق، وهي المنطقة التي تحولت في النهاية إلى “حكومة إقليم كردستان” شبه المستقلة والقائمة اليوم، بينما استمرت قوات التحالف المتبقية الصغيرة العدد في شمال العراق وتركيا بالمراقبة ودعم عمليات منطقة الحظر الجوي حتى نهاية عام 1996.

 آمنة.. وتطهير عرقي

في نيسان/ أبريل 1993 أعلنت الأمم المتحدة بلدة سريبرينيتسا الواقعة في وادي درينا في شمال شرق البوسنة “منطقة آمنة” تحت حماية قوات الأمم المتحدة، ممثلة بعناصر الكتيبة الهولندية التي يبلغ تعدادها 400 عنصر، لكن ذلك لم يحُل دون وقوع عمليات تطهير عرقي واسعة ضدهم من قبل القوات الصربية، ولم يجد البوسنيون ما يدافعون به عن أنفسهم، بعد أن سلموا أسلحتهم لعناصر الكتيبة الهولندية التي طلبت منهم ذلك مقابل ضمان أمنهم، لكن ذلك لم يحصل.

بعد دخول القوات الصربية البلدة، عزلت الذكور بين 14 و50 عاماً عن النساء والشيوخ والأطفال، ثم جرت تصفية كل الذكور بين 14 و50 عام ودفنهم في مقابر جماعية.

التجربة الليبية

في عقب محاولات الرئيس الليبي السابق معمر القذافي القضاء على الثورة ضده عام 2011 باستخدام القوة، اتخذ مجلس الأمن القرارين 1970 و1973، دعا فيهما قوات القذافي إلى إيقاف الهجمات، وسمح فيهما للدول الأعضاء باتخاذ “كافة الإجراءات اللازمة” لحماية المدنيين المعرضين للخطر، مع السماح بإقامة حظر جوي، لكن مع استبعاد “قوة الاحتلال الأجنبية”.

إلا أن القرارين، لم يتضمنا كيفية حماية المدنيين من الهجمات البرية، وأصبحت هذه المسألة نقطة خلاف عندما تحولت عمليات منطقة الحظر الجوي إلى عمليات جوية هجومية، ساعدت الثوار في النهاية على هزيمة قوات القذافي.

لكن ما يُعاب على النجاح العسكري هنا، أنه لم يولّد نجاحاً سياسياً، ليعقب هزيمة القذافي، انبعاث نظام ضعيف وغير مستقر، انهار بيد أمراء الحرب وغرق في الفوضى التي ما زالت لييبا تعيش بعض نتائجها اليوم.

 عقبات ليست سهلة

اليوم وعلى طول المناطق السورية الملاصقة لحدود بلاده، يحاول الرئيس التركي استنساخ تجربة “المنطقة الآمنة”، وسط متغيرات سياسية واقتصادية وعسكرية معقدة، ومختلفة جذرياً عن تجارب سابقاتها بالأمس، ما أدى إلى وجود عقبات أمام تحقيق هذا “الحلم” إن صح الوصف، أكبر مما يتصوره الرئيس التركي وحكومته وسلطات بلاده التي تتفرد في مواجهة تحقيقه اليوم.

سجناء داعش تشير التقديرات إلى وجود 10 آلاف مقاتل منهم في سجون “قسد”، مع نحو 70 ألف من أفراد عائلاتهم الموجودين في مخيمات، نال هؤلاء كل الاهتمام الغربي والأمريكي في ردة فعلهم على العملية العسكرية التركية الجارية في المنطقة، على الرغم من رسائل الاطمئنان الصادرة من الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الذي نقل تعهد الرئيس التركي بتولي مهمة حمايتهم ومحاكمتهم بدلاً من “قسد”.

سجناء داعش وأفراد عائلاتهم الذين طالما هددت “قسد” بإطلاق سراحهم، بحجة عدم القدرة على حماية سجونهم ومخيماتهم، يبدون من حيث الظاهر، أنهم أول معوقات تنفيذ “منطقة آمنة”، وبخاصة أن الأتراك تعهدوا ببقائهم داخل الأراضي السورية، ومن ثم سيترتب على حمايتهم ومحاكمتهم تبعات اقتصادية وعسكرية وسياسية، ومن غير الواضح إن كانت تركيا مستعدة لتحمل نتائجها، أما إن نفذت “قسد” تهديدها وأطلقت سراحهم للحجة السابقة الذكر، فإن المهمة ستكون أصعب وأدهى وأمرّ.

خلايا نائمة.. وأخرى نشطة

من المعوق الأول، يمكننا الوصول إلى المعوق الآخر، المتمثل في وجود عدد كبير من عناصر “داعش” الميدانيين وقادته في مناطق سيطرة “قسد” الذين يتجمعون ضمن خلايا نائمة، وأخرى نشطة تنفذ عمليات تفجير واغتيالات، وتزعزع الوضع الأمني بشكل كبير، سواء في الرقة أم دير الزور.

هؤلاء ربما سيصعب على الأتراك والفصائل السورية المنضوية تحت لوائهم منع هجماتهم وعملياتهم الأمنية، التي قد ينتج منها نتائج باهظة على رأسها انتزاع صفة “الآمنة” عن المنطقة، ودفع اللاجئين السوريين (الراغبين أو المجبرين على السكن فيها) -تنفيذا للوعد التركي في هذا المجال- إلى التفكير ملياً قبل الإقدام على أي خطوة.

قد لا يكون من المبالغ القول إن ما هو أخطر من سجناء داعش، هو عناصره المنتشرين في مناطق سيطرة “قسد” الذين قد يكون تحرير زملائهم في هذه السجون أحد أهم أولوياتهم الحالية والمستقبلية، بل نالت اهتمام زعيم التنظيم نفسه، في كلماته ورسائله الأخيرة الصوتية منها، أو المرئية.

نماذج.. غير مشجعة

المعوّق الثالث الذي قد يقف في وجه تحقيق مشروع “منطقة آمنة” حقيقية، هو إمكانية تكرار تركيا النموذج الفاشل الذي قدمته في إدارة عفرين وغيرها من المناطق المسيطر عليها داخل سوريا منذ أعوام، بعد عمليتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”.

التجربة السيئة في ذاكرة السوريين وحاضرهم مع مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” لا يوجد في الأفق ما يشير إلى عدم تكرارها في مناطق سورية أخرى ستقع تحت سيطرة تركيا، ولا يتردد كثير من السوريين القاطنين فيها على ذكر معاناتهم في من الواقع الاقتصادي والخدمي، والأهم التدهور الأمني فيها الذي وإن لم يكن بسوء بقية المناطق السورية الأخرى، إلا أنه ليس بالجيد أو حتى المقبول.

وفي إطار الحديث عن تجربتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” اللتين تتغنى بهما أنقرة، ما الذي يمنع تكرار تجربة اعتمادها على شخصيات عسكرية وأمنية مثيرة للجدل، ولها تاريخ حافل وواقع ممتلئ بالجرائم والسرقات والنهب والسلب، علاوة على تعيين شخصيات مدنية غير مؤهلة؟

ربما نحتاج هنا إلى التذكير بالجرائم وعمليات السلب والنهب، وصولاً إلى الاقتتال الداخلي أحياناً في هذه المناطق، وعلى الرغم من ذلك، أصرت تركيا على الاعتماد عليهم، وتفويضهم والتغاضي عنهم، وإدارة ظهرها عن معاناة السوريين منهم.

موقف دفاعي..!!

معوق آخر، يشير إلى ترجيح استخدام تركيا القوة في حال الدفاع عن النفس فقط، سواء أمام هجمات داعش أم النظام والروس والقوات الكردية، بسبب المناطق الشاسعة التي يصعب تغطيتها عسكرياً ونارياً، أو لرغبة تركيا في عدم التصعيد مع قوى أخرى تتقاطع مصالحها معهم، في تكرار لموقفها من هجمات الروس والنظام على الشمال السوري، إضافة إلى عدم قدرة الحكومة التركية على تحمل خسائر بشرية كبيرة في صفوف قواتها تؤثر في وضعها الداخلي.

لعل ما يدلل على ذلك، تصريحات الساسة الأتراك التي ما زالت تؤكد أمام جميع التهديدات التي تطالها من نظام الأسد ومسؤوليه، بأنها سترد على أي اعتداء على قواتها، أي اتخاذها موقف المدافع من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم وجود تصريحات وقرارات تركية واضحة في ما يتعلق بالهجمات التي ستستهدف الحلفاء السوريين المنضوين في فصائل موالية لها، أو ستطال المدنيين الذين من المفترض أنهم يقعون تحت حمايتها.

إن أردنا الحديث عن المعوّق الخامس، فإن ذلك لا يتعلق بإمكانية عدم دفاع تركيا عن فصائل المعارضة الموالية لها في حال تعرضها لهجمات من قبل أعدائها متعددي الأصناف (داعش، القوات الكردية، النظام وحلفائه ومرتزقته،..) وحسب، بل في إمكانية أن يطال موقفها المتفرج هذا، ما سترتكبه هذه الفصائل وعناصرها، من جرائم وتجاوزات ستحرج تركيا محليا ودولياً، ومن ثم الاستمرار على نهج الامتناع عن إيقاف تجاوزات القوات المحلية الموالية لها، ومحاسبة فاعليها، إضافة إلى وجود عناصر من ضمن هذه الفصائل يحملون توجهات جهادية، ستكون بالتأكيد من المعوقات الرئيسة أمام إمكانية “إيجاد “منطقة آمنة” واقعاً، وليس اسماً فقط.

غياب الغطاء السياسي

المعوق السادس يكمن في عدم وجود غطاء سياسي دولي، سواء عبر قرارات أممية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أم دعم غربي يحمي تركيا ويدعمها سياسياً واقتصادياً في هذا الملف، علاوة على الغطاء المحلي الذي يتمثل في ضرورة موافقة البرلمان التركي على أي خطوة خارج الحدود، ومن ضمنها نشر القوات المسلحة التركية خارج البلاد الذي وإن حصلت موافقته اليوم، فإنه من غير الممكن الجزم بتكرار هذه الموافقة غداً.

بموجب المادة 92 من الدستور التركي، يجب أن يحظى أي نشر للقوات المسلحة التركية خارج حدود البلاد بموافقة البرلمان، وهو وإن أعطى موافقته منذ أيام لتمديد السماح للجيش بالقيام بعمليات خارجية لمدة عام آخر، إلا أن إمكانية تعرض القوات التركية لهجمات وتزايد خسارتها داخل سورية، إضافة إلى التكاليف الاقتصادية الباهظة للمنطقة الآمنة التي قد لا تؤتي ثمارها، وربما تؤدي إلى ضغوط على البرلمان لمنع الموافقة على التجديد، وحتى إلى سحب القوات من سوريا “فوراً”، في حال تعاظمت الخسائر التركية، والضغط الشعبي القابل للتغيير.

ما حصل من مجازر للبوسنيين في “منطقتهم الآمنة” يلقي الضوء على مخاطر إنشاء منطقة آمنة في أي مكان في العالم من دون وجود توافق دولي وإقليمي ومحلي، وهو ما ليس موجودا لدى “المنطقة الآمنة التركية”.

المواقف الدولية والإقليمية غير مشجعة حالياً للمشروع التركي، وحتى المواقف الأشد وطأة، من بينها الروسي وهو الأهم، تشير توقعات المحللين إلى أنه قد يتغير في أي لحظة، واصفين السياسة العسكرية التركية بـ”الطُعم” الروسي الذي وضع للأتراك، وبذلك قد تكون موسكو من العقبات الرئيسة أمام نجاح أي “منطقة آمنة” في سوريا، وفي أي لحظة يمكن أن تعود روسيا إلى سياسة رفض وجود هذه المنطقة من دون قرار من مجلس الأمن، وموافقة نظام الأسد أو ما تسميه موسكو: “الحكومة الشرعية” للبلاد.

للاقتصاد شروطه ومعوّقاته

البوابة الاقتصادية، ستكون من الحواجز التي على تركيا تخطيها إذا ما أرادت نجاح مشروع “المنطقة الآمنة”، لكن إذا علمنا أن مشروع الإسكان في هذه المنطقة وحده يحتاج إلى 27 مليار دولار وفق مسودة خطة تركية لتوطين مليون لاجئ في المنطقة، فإن هذا ينبئ بالتكاليف الاقتصادية الباهظة لـ”منطقة آمنة” تعوّل تركية على الولايات المتحدة والعالم الغربي والعربي لدعمها وتمويلها، وتراهن على تغيير مواقفهم حول ذلك، وتستخدم عصا التلويح بفتح أبوابها أمام اللاجئين السوريين الموجودين داخل أراضيها للهجرة. لكن لا يوجد في الأفق ما يشير إلى إمكانية نجاحها في هذا المسعى.

إن أصرت وتصدت تركيا اقتصادياً لهذه الخطوة وحيدة، فربما سيكون لذلك انعكاسات واضحة على الاقتصاد التركي الذي يعاني مؤخراً من أزمات متلاحقة، وجدت تأثيرها في الليرة.

ثامناً، اقتصادياً أيضاً هناك التهديدات التي تطال الاقتصاد التركي من خلال عقوبات أوروبية وربما أمريكية من جراء العملية العسكرية التركية الجارية في سوريا الآن التي قد تصبح أمراً واقعاً في أثناء معركة “نبع السلام” وبعدها، بسبب حالات التغيير الديموغرافي والنزوح وتدهور الأوضاع الإنسانية في المنطقة.

بيئة سياسية غير ملائمة

إذا ما انتقلت إلى المعوق قبل الأخير، فإن وجود رئيس أمريكي متقلب المزاج والقرارات، وصاحب القرارات المفاجئة التي لا علم لأقرب المقربين بها قبل صدورها، سيشكل معوقا أمام الرئيس التركي لتنفيذ منطقته الآمنة، عدا عن عدم علم أردوغان كذلك بالخطوات الروسية المقبلة، مع استمرار الروس في اتخاذ نهج نقض العهود والمواثيق مع حلفائهم، أسوة بأعدائهم، وإمكانية استغلال روسيا الفرص لاستعادة أجزاء من المنطقة الآمنة.

أخيراً، يحتاج نجاح “المنطقة الآمنة” إلى وجود بيئة سياسية سورية ملائمة، فضلا عن أن إخراج الأمريكيين من المنطقة أنهى بشكل شبه كامل على توازن القوى في القضية السورية الذي (غياب الأمريكيين) لا يمكن للأتراك بأي حال من الأحوال تعويضه، هذا عدا عن المشكلات القبلية والاثنية والمناطقية بين سكان جدد ووافدين خلفتها معارك عسكرية، وسياسة تغيير ديموغرافي كبيرة، ربما سيكون من نتائجها اقتتال داخلي متقطع، أو دائم ومستمر.

يشار إلى أن “المنطقة الآمنة” التي تعتزم تركيا إقامتها على طول الحدود مع سوريا وبعمق 32 كيلومتراً، ستضم مدناً وبلدات من 3 محافظات سورية، هي حلب والرقة والحسكة.

ووفق ما عرضته “الأناضول” في وقت سابق، فإن المنطقة الآمنة تشمل مدناً وبلدات من محافظات حلب والرقة والحسكة، وتمتد على طول 460 كيلومتراً، على طول الحدود التركية السورية، وبعمق 20 ميلاً (32 كيلومترا.(

وأبرز المناطق المشمولة في “المنطقة الآمنة”، المناطق الواقعة شمال الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة).

وتضم المنطقة الآمنة -بحسب الأناضول- مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين وتل تمر والدرباسية وعامودا، ووردية، وتل حميس والقحطانية واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة)، وكذلك ستضم كلاً من عين العرب (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة).

بروكار برس

—————–

الاتفاق الأميركي – التركي في شمال شرق سورية..الرابحون والخاسرون

المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

توصلت الولايات المتحدة الأميركية وتركيا في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2019 إلى اتفاقٍ يقضي بتعليق تركيا عمليتها العسكرية “نبع السلام” التي أطلقتها يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر في شمال شرق سورية، لمدة خمسة أيام، لإتاحة الفرصة أمام ما تسمى “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، للانسحاب من المنطقة الآمنة التي تعتزم أنقرة إنشاءها بعمق 32 كيلومترًا على الحدود التركية – السورية، وبطول 440 كيلومترًا، لتحقيق هدفٍ واقعيٍّ هو إبعاد القوى الكردية المسلحة عن الحدود التركية، وهدف آخر معلن وغير واقعي هو إعادة توطين الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين فيها.

ظروف التوصل إلى الاتفاق

تم التوصل إلى الاتفاق بعد مفاوضاتٍ أجراها في أنقرة نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لوقف العملية التركية التي بدأت بعد مكالمة هاتفية أجراها في السادس من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري الرئيس أردوغان مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي قرّر بعدها ترامب سحب قوة أميركية مشكلة من خمسين جنديًا من القوات الخاصة تعمل مع “قسد” في موقعين في شمال سورية؛ ما عُدّ بمنزلة ضوءٍ أخضر أميركيًا لتركيا لبدء عمليتها العسكرية ضد الأكراد. وجاء سحب الجنود مقدمة لسحب كامل القوة الأميركية الموجودة في سورية، والتي يقدّر عددها بنحو ألف جندي. وقد أثار هذا القرار عاصفة سياسية في واشنطن؛ إذ اتهم أعضاء في الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، وجنرالات سابقون ومراكز دراسات ووسائل إعلام ترامب بـ “خيانة الحلفاء” الأكراد الذين قاتلوا إلى جانب القوات الأميركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، ودفعهم إلى عقد اتفاق مع النظام السوري، دعوه فيه إلى إعادة الانتشار في المناطق الحدودية مع تركيا. وقد اعتُبر ذلك أيضًا انتصار لروسيا والنظام. ولمواجهة هذه الانتقادات، اضطرّت إدارة ترامب إلى إرسال وفد رفيع إلى أنقرة للتفاوض على وقف العملية التركية، فيما كان ترامب يواجه تهديداتٍ جدّية بالعزل من مجلس النواب الأميركي، بسبب محاولته ابتزاز أوكرانيا للتحقيق في قضايا متصلة بنجل منافسه الديمقراطي المحتمل في الانتخابات الرئاسية القادمة، جوزيف بايدن.

بنود الاتفاق

تضمن الاتفاق الأميركي – التركي ثلاثة عشر بندًا، شملت موافقة تركيا على “وقف إطلاق نار” فوري، وتعليق عمليتها العسكرية مدة 120 ساعة، لتمكين قوات “قسد” من الانسحاب من “المنطقة الآمنة” المزمع إنشاؤها، تحت إشراف الولايات المتحدة، على أن يسري وقف دائم لإطلاق النار فور الانتهاء من انسحاب “قسد” من المنطقة الآمنة كليًا. واتفق الجانبان على أهمية إنشاء منطقة آمنة وفاعلة، من أجل معالجة هواجس تركيا الأمنية، بما في ذلك إعادة جمع الأسلحة الثقيلة من “قسد” وتعطيل تحصيناتها وجميع المواقع القتالية الأخرى. وبحسب الاتفاق، ستكون المنطقة الآمنة تحت سيطرة القوات المسلحة التركية في المقام الأول، وسيرفع الطرفان مستوى التنسيق بينهما في كل ما يتعلق بها. كما يؤكد على التزام واشنطن وأنقرة بحماية الأقليات الدينية والإثنية في المنطقة الآمنة. ويشدد على التزامهما أيضًا باستمرار التصدّي لأنشطة “داعش” في شمال شرق سورية، على أن يشمل التنسيق في هذا البند أيضًا مرافق الاحتجاز لأعضائها، فضلًا عن التعامل مع ملف المشرّدين من المدنيين من المناطق التي كان يسيطر عليها “داعش” سابقًا. كما تعهدت تركيا بحماية سكان المنطقة الآمنة، وعدم الإضرار بالمدنيين والبنية التحتية. وأعلن الجانبان التزامهما بوحدة الأراضي السورية، وبالعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة والهادفة إلى إنهاء الأزمة السورية، وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

في المقابل، التزمت الولايات المتحدة بإلغاء جميع العقوبات التي تمَّ فرضها على تركيا أخيرا بمجرّد توقف عملية “نبع السلام”. كما تعهدت إدارة ترامب بالعمل والتشاور مع الكونغرس، للتأكيد على التقدّم الذي تم إحرازه لتحقيق السلام والأمن في سورية. وشدّد الاتفاق على تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، بوصفهما عضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتزامهما بالدفاع المشترك.

تحديات تواجه الاتفاق

على الرغم من تأكيد الطرفين، الأميركي والتركي، حرصهما على إنجاح الاتفاق، فإن ثمّة تحديات تواجه تنفيذه، أهمها: أن الاتفاق ينص على انسحاب “قسد” من “المنطقة الآمنة التي تسيطر عليها تركيا، من دون تحديد هذه المنطقة؛ إذ ما زالت العملية العسكرية التركية في مرحلتها الأولى، التي تشمل الشريط الحدودي بين رأس العين وتل أبيض (بطول نحو 130 كيلومترًا). وقد جاء هذا الاتفاق قبل أن تكتمل المنطقة، بحسب ما تخطط تركيا لتشمل كل الشريط الحدودي شرق الفرات (440 كيلومترًا). وبحسب المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، فإن هذا الاتفاق يركز على “تلك المناطق التي توغل فيها الأتراك في شمال شرق سورية”، وأن الأتراك “يجرون الآن مباحثاتٍ خاصة مع الروس والسوريين في مناطق أخرى من الشمال الشرقي وفي منبج إلى الغرب من الفرات”.. وتعزّز تصريحات القائد العسكري ل “قسد”، مظلوم عبدي، هذا المعطى، حيث قال إن قرار “وقف إطلاق النار ينسحب فقط على المنطقة التي يدور فيها القتال حاليًا”، وأي دعوة إلى إطلاق النار في خارج المنطقة الواقعة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض تحتاج إلى تفاهمات جديدة..

ويعني هذا أن الاتفاق بات جزءًا من تفاهمات أوسع يتعين على تركيا التوصل إليها مع الروس أيضًا لترتيب أوضاع المنطقة. وهناك مؤشّرات بالفعل على وجود تفاهمات تركية – روسية تسمح للنظام بالعودة للسيطرة على مناطق في شرق الفرات، وتجريد “قسد” من قوتها، وتنسيق أمني تركي مع النظام، باعتبار أن هذا الموضوع يشكل أولويةً بالنسبة إلى تركيا تتضاءل أمامه كل الاعتبارات الأخرى. وكانت قوات روسية ومن النظام السوري دخلت كلًا من منبج وعين العرب/ كوباني، إضافة إلى أجزاء أخرى من شمال شرقي سورية، بالتنسيق مع الأكراد بعد الانسحاب الأميركي. وقد صرّح الرئيس أردوغان أن دخول قوات النظام السوري إلى منبج لا يزعج تركيا. ويسعى الروس، بوضوح، إلى إحياء التنسيق الأمني بين أنقرة ودمشق، بموجب اتفاق أضنة لعام 1998 الذي يربط حق تركيا بولوج الأراضي السورية لمكافحة الإرهاب بالتنسيق مع الحكومة السورية. وينتظر أن يبحث أردوغان هذا الأمر في اجتماع القمة الذي يعقده مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في سوتشي، يوم الثلاثاء 22 تشرين الأول/ أكتوبر، وكذلك وضع قوات النظام السوري التي باتت الآن توجد في أجزاء من المنطقة الآمنة التي يسعى الأتراك إلى إنشائها. وقد أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده تدعم تطبيق الاتفاق بين دمشق والأكراد، وتعمل على تشجيع التعاون الأمني بين سورية وتركيا على الحدود المشتركة. وكشف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرينتيف، عن وجود “حوار مستمر بين سورية وتركيا” للحيلولة دون وقوع صدام عسكري بين الطرفين، وأن الاتصالات جارية “عبر قنوات وزارات الدفاع والخارجية والاستخبارات”..

من التحدّيات التي تواجه الاتفاق أيضًا موقف الكونغرس الأميركي من قضية العقوبات؛ إذ تدور شكوك كثيرة حول قدرة إدارة الرئيس ترامب على تنفيذ تعهداتها لإقناع الكونغرس بصرف النظر عن تمرير عقوباتٍ إضافية على تركيا، في ظل وجود استياء كبير بين أغلبية من الحزبين بشأن قرار الانسحاب من سورية والتخلي عن الأكراد؛ ما يعني أن ترامب قد خسر حتى دعم حزبه الجمهوري في هذا السياق. فقد صوّتت أكثرية مجلس النواب، في 16 تشرين الأول/ أكتوبر بأغلبية 354 صوتًا مقابل 60 صوتًا، بما في ذلك ثلثا الأعضاء الجمهوريين، على قرار غير ملزم يعارض قرار ترامب الانسحاب من سورية، فضلًا عن وقوف أغلبية جمهورية مع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ضد القرار، بما في ذلك زعيم الأغلبية، ميتش ماكونيل. ويعتزم الكونغرس، بدعم من الحزبين، التقدم بمشروع قانون يفرض عقوبات على تركيا بسبب عملية “نبع السلام”، ما قد يعني إغضاب أنقرة وتجدد العملية العسكرية.

الرابحون والخاسرون من الاتفاق

تعد “قسد”، ومشروع الإدارة الذاتية الذي روّجته الخاسر الأكبر من الاتفاق التركي – الأميركي الذي نتج من العملية العسكرية التركية؛ إذ تبدّدت طموحاتها في تحقيق حكم ذاتي في المناطق التي سيطرت عليها في شمال شرق سورية، بعد أن تخلى ترامب عنها، وتركها هدفًا سهلًا لتركيا وتفاهماتها مع روسيا. ولم تكسب إدارة ترامب شيئًا من الاتفاق الذي جاء محاولة لإنقاذ “ماء الوجه” بعد الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها داخليًا وخارجيًا بسبب تخليها عن الأكراد، والتي تسبّبت بحالة من الفوضى في مواقف إدارة الرئيس ترامب من العملية التركية، وصلت إلى حد تحذير أردوغان في رسالةٍ غير معهودة من أن يكون “متصلبًا” و”أحمق”، ثم مديحه وشكره على توقيع اتفاق مع نائبه بنس.

أما تركيا، فقد خرجت باعتبارها الرابح الأكبر من الاتفاق؛ إذ حصلت على موافقة أميركية بالسيطرة على مساحة واسعة من الأراضي في شمال شرقي سورية، بعمق يتجاوز 30 كيلومترًا لإنشاء المنطقة الآمنة التي تصبو إليها، من دون قتال، وتمكّنت من إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها الجنوبية بالعمق نفسه، وتعهدت برفع العقوبات الأميركية التي ترتبت على عملية “نبع السلام”. كما حققت روسيا أيضًا مكاسب كبيرة، إذ أفلتت الورقة الكردية من أيدي الأميركيين، وتخلصت روسيا وإيران من الوجود الأميركي في مناطق شرق الفرات، وخرج الأميركيون والأوروبيون من الملف السوري بالكامل، واستفردت به روسيا مع إيران وتركيا (الشركاء الأصغر)، وثبت عقم الاعتماد على الحليف الأميركي. وسوف تحاول روسيا خلال الفترة القادمة السيطرة على مصادر الثروات الطبيعية في مناطق شرق الفرات.

خاتمة

بقدر ما مثل الوجود العسكري الأميركي عاملًا مهمًا في تحديد مصير الصراع في سورية، فإن انسحابه يمثل أيضًا عاملًا مهمًا، فقد يغيّر كل ديناميات الصراع في سورية، بدليل العملية العسكرية التركية والاتفاق الذي نتج منها، والتفاهمات التي تم التوصل إليها بسببها، بين الأكراد وروسيا والنظام السوري من جهة، وبين تركيا وروسيا ومن خلالها النظام من جهة أخرى. ويترك تاليًا تحديد مستقبل الحل السياسي السوري بيد ثلاثي مسار أستانا (روسيا – تركيا – إيران)، بعد أن تم تهميش دور كل الفاعلين الآخرين، العرب والأوروبيين، وأخيرًا الأميركيين الذين فقدوا بخروجهم من سورية أي قدرةٍ على التأثير في مجريات الصراع سواء في الميدان أو على طاولة المفاوضات.

—————————

أردوغان في سوريا المقسومة على 3 شمالاً/ سميرة المسالمة

يدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن سوريا لم تعد دولة ذات سيادة وطنية بالمفهوم الإجرائي، أي إن ما يريده من سوريا ليس في يد نظام الأسد، ولكنه مقسوم بين دولتين كبيرتين هما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وهو ما جعله يقفز عن اتفاق أضنة الذي يتيح له فعلياً التحرك داخل الأراضي السورية وفق نص موثق مع الحكومة السورية، ويذهب إلى ما سمي “المنطقة الآمنة” التي تتقاسم إرادة وجودها اليوم واشنطن من جهة وموسكو من جهة أخرى.

وإذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يجد في “المنطقة” ما يحقق مصلحة بلاده كممر آمن يسّكن به الصراع العسكري على الحدود مع تركيا والعراق، ويجعل منها هراوة لتحجيم إيران في المنطقة، ويتيح له جعلها منطقة آمنة لمصالحه لا لتركيا، بتغيير الوظائف الموكلة إلى شريكتها في حلف الناتو، فإن ذلك حتى اللحظة لا يبدو قابلا للتحقق بسياسته الشعبوية التي تؤكد فقط استمرار التخلي الأمريكي عن الحلفاء وتعمية عيون الناخبين بالعوائد “السلمية” والاقتصادية، ما يعني أن حالة التأرجح الأمريكية ستكون حاضرة في عملية التقسيم المجحفة، وهنا فإن روسيا أيضاً التي فتحت الباب لأنقرة تجد في الوجود التركي وطموحاته ما يفتح النوافذ المغلقة عن مشروعاتها الاقتصادية في المنطقة ويبرر القفز فوق “لاءات”  الدول الأوروبية لعملية إعاد الإعمار المرتقبة، وهذا لا يعني أن فرص الديمومة أيضاً متاحة عندما يحل البديل الوطني مثلاً، أو البديل الأممي، على الرغم من ذاكرتنا الأليمة عنهما.

وعلى ذلك فإن التأكيد أن ما سيفعله الجيش التركي في سوريا تحدد ملامحه زيارة الرئيس أردوغان لنظيره الروسي بوتين اليوم الثلاثاء في سوتشي، ومآلات التفاهمات وحصص الشركاء تنطلق من واقع أن المعركة على الرغم من “تتريكها” إعلامياً، إلا أنها تنتمي إلى ما يمكن تسميته المعركة الدولية الحاسمة في رسم الحدود الفاصلة، وهذه ليست حدوداً جغرافية وحسب، بل هي حدود الشراكات الفعلية في أرض معركة تنتمي إلى منطق “الأقوى يحكم” ويستثمر ويغير، ليس في رسم خطوط التماس الميدانية العسكرية فحسب، ولكن أيضا في التركيبة السكانية، بحيث تأخذ الأطراف حصصها الضامنة لمناطقها الآمنة، ما يغير صفة سوريا من دولة ذات وحدة جغرافية، إلى دولة المناطق الآمنة التي يسعى كل فريق فيها ليصبح موالوه هم الأكثرية الغالبة على خريطة التوزع الديموغرافي.

وفي الوقت الذي تشدد فيه تركيا على منطقة آمنة بتركيبة سكانية لا تنتمي في معظمها إلى شمال شرق سوريا، فإن ذلك ليس بجديد على الواقع السوري؛ إذ  لجأ النظام سابقاً -بالتعاون مع إيران وبرعايتها وأذرعها وتواطؤ من جبهة النصرة وفصائل محسوبة على المعارضة (حركة أحرار الشام)، ووسط صمت دولي يشبه تماما ما يحدث اليوم- إلى إنشاء منطقة شبيهة في ريف دمشق في إثر اتفاق المدن الأربعة عام 2017 (كفريا- الفوعة- الزبداني ومضايا)، وفي الأثناء كانت الولايات المتحدة الأمريكية ترعى منطقة آمنة لحلفائها من الكرد جرت فيها عمليات تهجير قسري للعائلات العربية موازية، ما يعني أن المناطق الآمنة هي في حقيقتها مناطق تهجير سكانية قسرية جرت في كل مستويات التدخل بدءاً من النظام ومروراً بالفصائل المسلحة ووصولاً إلى الدول الراعية روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.

يتيح اجتماع اليوم لأردوغان في سوتشي أن يعرض قسمة المكاسب على شريكه الروسي التي اقتطعها له شريكه الأمريكي لتوسيع خياراته أمام روسيا، وتقوية موقفه -كما حدث عام 2018 في أثناء محاولات روسيا اقتحام إدلب- ويوضح أدواره الوظيفية في سوريا الشمال المقسمة على الشركاء الثلاثة وأتباعهم، وكذلك ما يمكن أن يلعبه في المنطقة بحيث تتحول المنطقة الآمنة إلى نقطة ارتكاز في شركة مساهمة دولية أرضها سورية و”أيدلوجيتها” تركية وشركاؤها متعددو الجنسيات، وهذا يعني أن ما يستلزم استكمال المباحثات في سوتشي بين الرئيسين حضور سوري رسمي ربما يسبقه حضور “شعبوي” آخر في سوتشي2، وستكون تجربة المد التركي قابلة للتعميم من سوريا إلى فلسطين واليمن وربما لبنان أيضاً.

بروكار برس

————————-

هل تُستأنف العملية التركية في شرقي الفرات؟/ عبد الباسط سيدا

هل نستطيع القول إن الأمور قد حُسمت في نهاية المطاف لصالح استقرار نسبي في العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، بعد تغريدات متعارضة إلى حد التناقض من الرئيس الأميركي ترامب، وبعد الكشف عن رسالة، غير معهودة في الأعراف الدبلوماسية، كان قد أرسلها الأخير إلى الرئيس التركي، أردوغان، قبل الهجوم على المنطقة بين تل أبيض ورأس العين في شمال سورية، والتهديد باستمرارية الهجوم حتى الحدود العراقية؛ وبعمق يتجاوز حدود 30 كيلومتراً؟ ويفيد كل ذلك بأن الهدف المعلن كان السيطرة على جميع المدن والبلدات والقرى الكردية، الخاضعة حالياً لسلطة “الإدارة الذاتية” التي يتحكّم بها حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، والقوات العسكرية التابعة له، وتلك المتحالفة معه ضمن إطار ما تعرف باسمها قوات سورية الديمقراطية (قسد)، فالضغوط الجديدة التي تعرض لها الرئيس الأميركي بخصوص العملية التركية، والتي تجسّدت في الانتقادات الحادة جداً التي تعرّض لها من الكونغرس؛ وفي داخل الحزب الجمهوري نفسه؛ وضمن أركان الإدارة؛ ومن الأوروبيين حلفاء الولايات المتحدة؛ جاءت لتضاف إلى تلك القديمة المستمرة، منها الخاصة بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية؛ وقضية الاتصال بالرئيس الأوكراني، زيلينسكي، في سعي إلى إلحاق الضرر بشعبية مرشح الحزب الديمقراطي المحتمل أن يكون منافس ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في 2020، وذلك في محاولة لتجاوز آثار الحملة التي تهدف إلى عزل الرئيس، الأمر الذي يلحق أفدح الخسائر بشعبيته، على الرغم من العناد الذي يظهره، ومحاولاته إظهار العكس.

وأمام الاتهامات الكثيرة التي وُجهت إليه، بخصوص إعطاء الضوء الأخضر للرئيس التركي، أردوغان، ببدء العمليات العسكرية، وقرار سحب القوات الأميركية من منطقة شرقي الفرات؛ لم يجد ترامب أمامه من سبيل سوى الدفاع عن نفسه، والتنصّل مما نُسب إليه، وبدأ يعتمد لغة متشددة تجاه تركيا، ويهدّد بعقوبات اقتصادية قاسية جداً. وجاءت العقوبات التي أقرّها الكونغرس ضد تركيا، لتمنح ترامب، على الرغم من الأزمة العاصفة بينهما، فرصةً للتلويح بمزيد من الضغط على الرئيس التركي أردوغان الذي يعاني، هو الآخر، من ضغوط داخلية شديدة، نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتراجع قيمة صرف الليرة التركية؛ هذا بالإضافة إلى الخلافات داخل حزب العدالة والتنمية نفسه، وتصاعد وتيرة الانتقاد ممن كانوا من أقرب المقرّبين إليه قبل الانشقاقات أخيرا داخل صفوف الحزب. كما أن الخلافات مع الحزب الجمهوري، على الرغم من الموقف الموحد المرحلي من موضوع التدخل في سورية تحت شعار الدفاع عن الأمن القومي التركي المهدّد، تعتبر من الهواجس المقلقة الضاغطة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية؛ فعلى المدى البعيد، خصوصا إذا نفذت الولايات المتحدة الأميركية تهديداتها بتطبيق مزيد من العقوبات الاقتصادية، فإن الخلافات ستشتد، ولن تنجح جهود أردوغان التي تقوم على المزج بين الأيديولوجيتين، الإسلاموية والقوموية، بغية شرعنة تدخله الراهن في منطقة شرقي الفرات؛ فمثل هذا الأمر ربما يساعده بعض الوقت، ولكن على المدى الأبعد سيعود كل طرف إلى حساباته واعتباراته، وستكون المؤشرات والموازين الانتخابية في مقدمة تلك الحسابات.

يبلغ التأزم ذروته داخل الإدارة الأميركية، وبينها وبين معارضيها الشرسين من الديمقراطيين، وتتصاعد وتيرة الهجوم التركي، الأمر الذي كان يهدّد بكارثة إنسانية كبرى يتعرّض لها السكان في مناطق العمليات، وغالبيتهم من الكرد بطبيعة الحال، وقد تعرّضوا أصلاً لعقود من الاضطهاد والإهمال والاستنزاف، نتيجة السياسة المستمرة التي اعتمدها النظام ضدهم، وهذا ما يضعف كثيراً قدرتهم على تحمّل أعباء الظروف الجديدة الناجمة عن تحول مناطقهم إلى ساحة للمعارك التي لا رأي لهم ولا مصلحة فيها. في ظل كل تلك التعقيدات، زار وفد أميركي لافت، برئاسة نائب الرئيس مايك بنس، أنقرة، والتقى مطولاً الرئيس التركي، الأمر الذي أعطى انطباعاً حول وجود عرض أميركي، غايته إيجاد مخرج ما بغية تجاوز تعقيدات الموقف، وكان التوافق على وقف إطلاق النار في شمال شرقي سورية مدة 120 ساعة.

أما البنود الـ13 التي تضمنها الاتفاق الذي توصل إليه بنس في أنقرة، فقد تراوحت بين تأكيد أهمية التحالف بين الولايات المتحدة وتركيا؛ وتفهّم مخاوف تركيا؛ وضرورة العمل المشترك، والتزام كل من البلدين بحماية مناطق دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) وسكانها من جميع التهديدات. وأكد البلدان التزامهما بدعم الحياة الإنسانية وحق الإنسان وحماية الجماعات الدينية والعرقية، هذا إلى جانب التزام الجانب التركي بضمان سلامة الناس ورفاهيتهم في جميع المراكز السكانية في المنطقة الآمنة. هذا إلى جانب الالتزام بوحدة سورية السياسة، ووحدة أراضيها؛ والالتزام بالعملية السياسة التي تقودها الأمم المتحدة التي تهدف إلى إنهاء النزاع السوري وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254. وينص أحد البنود على ضرورة انسحاب قوات حماية الشعب من المنطقة، الأمر الذي يقابله إنهاء عملية “نبع السلام”؛ وسيكون مقابل ذلك كله عدم تنفيذ الولايات المتحدة العقوبات الجديدة التي فرضت بموجب الأمر التنفيذي الصادر في أكتوبر/ تشرين الأول 2019؛ وبمجرد انتهاء العملية العسكرية التركية تُرفع العقوبات الأميركية الحالية.

واضح أن هذا الاتفاق جاء محاولة إنقاذية سريعة للوضع، ولقطع الطريق أمام الجهود الروسية التي أُعلن عنها في تصريحات مسؤولين روس عديدين تحدثوا عن استعداد روسيا للتوسط بين النظام و”قسد” من جهة، ومن ثم العمل على تحقيق نوع من التفاهم الأمني، وربما السياسي بين تركيا والنظام السوري، الأمر الذي كان من شأنه تفرّد روسيا بصورة شبه كاملة بالملف السوري، وهو الأمر الذي يوحي حتى الآن بأن المؤسسات الأميركية صاحبة الشأن غير متوافقة عليه، على الرغم من تغريدات ترامب الإشكالية. والسؤال هنا: هل سيؤدي هذا الاتفاق – البيان إلى عودة الثقة بين الحليفين المتخاصمين، الولايات المتحدة الأميركية وتركيا؟  وبالتالي، هل سيتم التعامل مع القضايا الاستراتيجية ذات الصلة بالتوجهات الأساسية المستقبلية في المنطقة، ومعادلاتها التوازنية بعقلية استراتيجية، تتجاوز حدود ردود الأفعال، والحلول الجزئية الترقيعية؟ أم أن ما أُعلن عنه لم يكن سوى مجرد جهد إنقاذي إسعافي، علّق خطر الانفجار، من دون أن يلغيه، وأن الأمر برمته لم يتجاوز تخوم “صحوة ضمير” أميركية مؤقتة، لن تغير في ملامح المشهد كثيراً، وهي ملامحُ يُستشف منها تعاظم الدور الروسي في عملية تحديد مستقبل الحل السياسي في سورية؟

سؤال تتوقف طبيعة الإجابة عنه على تنفيذ الخطوات الخاصة بالاتفاق، وهي الخطوات المفروض أن يتم الانتهاء منها في الساعات القليلة الباقية التي تفصلنا عن نهاية المهلة المحددة. وتبقى خطوات أخرى هامة لم يتناولها نص الاتفاق، ولكنها ضرورية، ولا بد أن تكون محوراً للمناقشات والتفاهمات الأميركية – التركية؛ منها التي تتناول كيفية إدارة المنطقة، وهوية الجهة أو الجهات التي ستديرها، خصوصاً بعد أن أعلن الأميركيون عدم استعدادهم للمشاركة. وبأي شكل ستتم عملية ضبط الأمن في المنطقة المقترحة، ومدى صلة ذلك كله بالموضوع السوري العام الذي يظل الإطار السليم الطبيعي لمعالجة كل القضايا الجزئية؛ بموجب مشروع وطني سوري يكون بالجميع وللجميع، على قاعدة احترام الخصوصيات والحقوق، وإتاحة المجال على قدم المساواة بين الجميع للمشاركة في إدارة البلد، والاستفادة من موارده.

العربي الجديد،

———————

كيف انسحب ترامب من سورية؟/ رافد جبوري

كانت الطريقة التي أعلن بها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قراره سحب القوة الأميركية من سورية، صادمة ومحيرة ومثيرة للتساؤلات. يرتجل ترامب كثيرا في عملية صناعة القرار، ويغالط في خطابه لتبرير ذلك. ولكنها ثلاثة عوامل مهمة، تحدّد أولويات ترامب، وتلقي ضوءا على قراراته وطريقة وصوله إليها، وهي اقترابه من النزعة الانعزالية في السياسة الأميركية، واهتمامه الكبير بالتأثير الإعلامي، وبحثه المحموم عن الربح المادي.

كان التيار الانعزالي دائماً أصيلاً في المجتمع الأميركي. يرى أنصاره أن الولايات المتحدة يجب أن لا تتدخل في الصراعات الدولية التي تجري خارج حدودها. وعلى الرغم من أن مكان التيار الانعزالي هو في أقصى اليمين، إذا اتبعنا التقسيم السياسي الكلاسيكي، إلا أنه يلتقي في هدفه العملي مع أقصى اليسار التقدمي الرافض سياسة الهيمنة الأميركية، والتدخل العسكري، والحروب التي خاضتها وتخوضها الولايات المتحدة في العالم. ليس ترامب من المختصين في علم السياسة، ولا يحيط نفسه أبدا بمستشارين من المتخصصين فيها، مثل باقي الرؤساء، لكنه يعرف تماما كيف يفكر رجل الشارع الأميركي، فهو يريد عن طريق الانسحاب من سورية أن يقدم للأميركيين إثباتا لطروحاته في الانسحاب من الحروب التي لا تتمتع بتأييد شعبي في أميركا. لذلك، كان تعهده بالانسحاب من سورية مبكرا في رئاسته، وقد أدى هذا القرار إلى خلاف حاد مع وزير دفاعه، الجنرال جيمس ماتيس، الذي استقال أواخر العام الماضي، بسبب إصرار ترامب على الانسحاب من سورية. ولكن ترامب خفّف قراره بناءً على نصائح كثيرة، ووافق على الإبقاء على بضع مئات من القوات في سورية، للاستمرار في العمل مع الوحدات الكردية. ولكن ترامب لم يرض بالتراجع. ولذلك عاد إلى الإعلان عن تنفيذ قراره، لتأتي العملية العسكرية التركية مباشرةً بعد ذلك.

تظهر ملامح اهتمام ترامب بالإعلام، وتركيزه على التأثير الإعلامي لقراراته وخطابه، في تسويق قراره الانسحاب من سورية، وفي مواجهته عاصفة النقد التي تبعته، فقد ركّز ترامب، في خطابه، على أنه يريد انسحاب أميركا من الحروب التي لا تنتهي في الشرق الأوسط. وتحدّث عن ذهاب الولايات المتحدة إلى الحرب بسبب مزاعم وجود أسلحة دمار شامل تبيّن عدم وجودها، وعن المبالغ الهائلة التي خسرتها أميركا جرّاء تلك الحروب. هذا صحيح، إلا أنه يتعلق بحرب العراق، وليس بسورية، لكن ترامب يلجأ إلى خلط الأوراق، من أجل إحداث التأثير على أوساطٍ شعبيةٍ ليست خبيرة في تفاصيل منطقة الشرق الأوسط، والفروق بين بلدانها وتفاصيل صراعاتها.

ترامب المسكون باتجاهات الرأي العام وبالتأثير الإعلامي لكل ما يفعله، وانعكاس ذلك على الناخبين، يخاطر، هذه المرة، في قضيةٍ تتعلق بالأمن القومي الأميركي، فتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عدو واضح، ترسخ اسمه عند الأميركيين، مثل تنظيم القاعدة. ولذلك تعرّض ترامب وقراره للهجوم من قادة الكونغرس، ومن عسكريين سابقين. وإذا كانت لغة إدانة التخلي عن الحلفاء الميدانيين الكرد قد سادت في خطابات المنتقدين، فإن الأهم هو تأثير الانسحاب على احتمالية عودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى التجمع واستغلال النزاع بين تركيا والكرد. ويرد ترامب أيضا بخطاب له مؤيدون، وهو أن أميركا قد هزمت التنظيم، وأن الدول الأخرى يجب أن تتحمل مسؤوليتها، لكنه طبعا يقدم طروحاتٍ غريبةً بشأن انتقال مسؤولية حراسة سجناء التنظيم من الكرد إلى تركيا، على الرغم من أن الحرب بينهما ستؤدي، على الأرجح، إلى إفلات أولئك السجناء.

أما اقتصاديا، وفي حسابات الربح والخسارة، فيتعامل ترامب مع كل القرارات تقريبا من وجهة نظر رجل الأعمال، ولكن ليس رجل الأعمال المسؤول، والمحافظ على علاقاته والتزاماته، وإنما الجشع الباحث عن الربح بأي طريقة، ففيما يتحدّث عن سحب جنوده من سورية يقرّر، في الوقت نفسه، يقرّر إرسال ثلاثة آلاف جندي إضافي إلى السعودية لحمايتها. يقف ترامب صريحا ليقول إن السعودية وافقت على أن تدفع مقابل ذلك كله. وبذلك أصبح عدد القوات الإضافية التي أرسلها ترامب إلى السعودية، منذ مايو/ أيار الماضي، أربعة عشر ألف جندي أميركي.

قد تنجح طريقة ترامب، بكل تناقضاتها تلك، في تحقيق أهدافه، خصوصا إذا لم يبرز أي خبر صادم إلى عناوين الأخبار، مثل مقتل جنود أميركيين أو عملية يشنها جهاديون على الأرض الأميركية أو ضد أميركيين في الشرق الأوسط. ليس لترامب مذهب سياسي في السياسة الخارجية، فهو ليس معنيا بذلك. شعاره الأبرز في إعادة أميركا إلى عظمتها ثانية، بحسب تعريفه، هو شعار شعبوي، يتعلق بتصديق قواعده الانتخابية، لا بالحقائق. ولكن من المهم أيضا التذكير بأن سياسات الرؤساء الذين سبقوه كانت لها أيضا نتائج كارثية، أدت إلى تعميق الاستياء الشعبي في أميركا، وتقوية التيار الانعزالي، فغزو إدارة بوش العراق وتدميره وتأجيج الصراعات الطائفية بعد ذلك، وتخاذل أوباما عن أي تدخل لإيقاف المجازر في سورية، لم تأت بأي خير للشرق الأوسط، ولا للولايات المتحدة. يبقى صوت المال والمصالح الذي ينتمي إليه ترامب ويمثله، والاقتصاد هو المؤثر الأهم في خيارات الناخبين في الولايات المتحدة وفي أي مكان.

العربي الجديد

———————-

من لا يخاف ترامب؟/ عيسى الشعيبي

ليس من شكٍّ في أن هناك دولاً وقوى وجماعات عديدة تناهض مواقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وتخشى، في الوقت ذاته، إثارة غضبه، وأن كثيرين من هنا وهناك يتحاشون الاصطدام به، بل ويتجنّبون شر عقوباته التجارية والمالية، ليس لكونه رئيس أقوى قوة عسكرية واقتصادية ومالية في العالم فقط، ولا لأنه القائد الأعلى لجيوش الدولة العظمى الوحيدة فحسب، وإنما لما يتّسم به الرجل البرتقالي من تهوّر، وما يطبع سلوكه من تقلّب، وما يغلب على قراراته من ارتجال، الأمر الذي يمكن الاستنتاج معه، بسهولة، أن أعداء الولايات المتحدة وخصومها يتجنبون الاصطدام به ما أمكنهم ذلك، ويخشون التناطح معه سراً وجهراً، ويمنّون أنفسهم بانقضاء سنواته الأربع في المكتب البيضاوي، بعد عامٍ ونيّف.

الجديد في الأمر أن حلفاء الولايات المتحدة وأصدقاءها التاريخيين في مشارق الأرض ومغاربها، وهم كثر، باتوا اليوم يخشون تحوّلات إدارة ترامب وتقلّباتها، كما لم يخشوها في أي وقت مضى، يتحسّبون من نزوات ساكن البيت الأبيض أشد من ذي قبل، لا سيما الحلفاء في الشرق الأوسط، ممن ظلت أميركا تُقدّم لهم الحماية، وتُؤمّن لهم الاستقرار والأمان والطمأنينة، إما لكونهم زبائن سلاح أثرياء وشركاء تجاريين مهمين، وإما لأنهم محط أطماع دول كبرى منافسة، كانت أميركا تعمل من دون هوادة على صدهم، والحؤول بكل السبل دون سيطرتهم على حقول النفط وطرق إمداده، أي التحكم بالمادة الاستراتيجية الأولى في العالم.

لن نتحدّث هنا عن مخاوف حلفاء أميركا في جنوب شرق آسيا، ولا عن ذعر شركائها التقليديين في أوروبا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولا حتى عن المؤسسة الأميركية (الدولة العميقة) المصابة بالهلع جرّاء تخبطات ترامب وقراراته المفاجئة، وإنما سنقصر الحديث على دول هذه المنطقة، بما فيها إسرائيل، ناهيك عن دول الخليج العربي التي مسّها ما يشبه الجزع، وهي ترى الانحناءات الأميركية المتكرّرة، حتى لا نقول الانكفاء المهين، أمام الاندفاعة الإيرانية المتمادية في هجماتها على ناقلات النفط، ومحطات التكرير، وخطوط النقل، والممرّات البحرية، خصوصاً في السعودية، وعلى وجه الخصوص ضد منشآت “أرامكو”، التي تزوّد الأسواق بنحو سبعة ملايين برميل يومياً.

وفيما تبدو الدول الخليجية إزاء الاستخذاء الأميركي غير المتوقع كرجل يشدّ على نواجذه، ويتجلّد بصعوبة، حتى لا يجاهر بألمه، وكي لا يزيد من التشفّي به، وبانكشاف عورة هوانه، أطلق الإسرائيليون، من جانبهم، صرخة مدوية، ليس على المستوى الرسمي الممعن في مداراته على سوء التقدير، وارتكاب خطأ الرهان كلياً على صديق إسرائيل الصدوق في واشنطن، وإنما على مستوى الصحافة والإعلام ومختلف وسائل الاتصال التي أجمع كبار كتابها، على حقيقة مفادها بأن ترامب الذي عوّل عليه بنيامين نتنياهو تماماً، قد خذل الدولة العبرية، وقطع بها الحبل، بل وخانها جهاراً نهاراً، عندما شرع بالانسحاب من شرق الفرات، وتركها من دون سند أمام مخاطر إيرانية متعاظمة.

لم تتشكل مشاعر الصدمة هذه جرّاء هجمات الحرس الثوري المتواترة على المصادر النفطية الخليجية، هذه الهجمات التي قوبلت بتسامحٍ مريب، وغض بصر غير مفهوم من إدارة ترامب، ولم تتعاظم موجة القلق لدى الحلفاء بعد إسقاط طهران طائرة تجسس أميركية ثمينة، وإنما صعدت كل هذه المشاعر بقوة، وطفت فوق السطح عالياً، جرّاء تخلي أميركا المباغت عن حليف كردي موثوق، قاتل مع الأميركيين ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بل وحارب نيابةً عن الحليف الاستراتيجي، ثم غدر به هذا الحليف على حين غرّة، وسط دهشة المؤسسة العسكرية وقادة الجيوش الأميركية، وغضب المشرّعين والإعلام والرأي العام الأميركي، فضلاً عن أعدى أعداء الولايات المتحدة.

في الوقت الذي استقبل فيه خصوم الولايات المتحدة تنازل الدولة العظمى عن مركز صدارتها العالمية، واعتبروها هديةً مجانيةً مجزية، وراحوا يفركون أيديهم بفرح غامر، وهم يراقبون بداية انكفاء أميركي، قد لا يكون طويلاً من الشرق الأوسط، كان السؤال الذي بدأ يطرح نفسه بإلحاح، وأخذ يستبد بأفئدة حلفاء أميركا وشركائها المخذولين في هذه المنطقة، وهم من كل الملل والنِحَل والأعراق من دون استثناء، هو إذا كان لدينا مثل هذا الصديق الجاهل الطائش في واشنطن، فما حاجتنا حقاً إلى أعداء قد يكونون أقل خطراً علينا؟

العربي الجديد

———————

“قاتلوا من أجلنا”/ سلام الكواكبي

في برنامج إذاعي فرنسي شاركت فيه قبل قليل حول التدخل التركي في شمال السوري، وخلال التقديم للموضوع، مرّر المُنشّط تسجيلاً صوتيا للفيلسوف الإعلامي برنار هنري ليفي يُعبّر من خلاله عن شديد تعاطفه مع ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومندّداً بالتخلي الغربي عنهم والذي يصفه بالخيانة. ولتعزيز موقفه، يُضيف ليفي مشدّداً على أن هذه القوات “قاتلت داعش من أجلنا”. والترجمة الواضحة لهذه العبارة هي قتال وحدات حماية الشعب الكردية الخاضعة لأوامر جبل قنديل للعصابات الإرهابية الداعشية.

طرح أبوي واستعماري تفوّه به هذا “الفيلسوف”. فالكرد المسلحون في إطار هذه الميليشيا قاتلوا، بناء على ما يورد، داعش لأجله ولأجل مصلحة بلاده أو قومه. وهذا الطرح، إن أُخِذَ في درجته الأولى، هو مهين للكرد السوريين. وحتى لو أُخِذَ بدرجته العاشرة، فهذا لن يُغيّر شيئاً من مستوى الإهانة التي تلحق بالكرد السوريين. فهم، وإن قاتلوا داعش، فعلى الأغلب لأنها تُمثل بالنسبة لهم ولمصالحهم خطراً محدقاً يجب التصدي له. هم قاتلوا داعش إذاً ليسوا

آخذين بعين الاعتبار السيد ليفي أو حتى مصلحة الدولة التي ينتمي إليها. على الأقل، هذا هو المرجو، وحسن النية يجب أن يكون قائماً في هذا الملف خصوصاً فيما يتعلق بالتصدي للإرهابيين من الدواعش. بالمقابل، يجب أن يتم التنبيه إلى أنهم ليسوا وحدهم من واجه داعش، فقد سبق طردها من حيّز جغرافي مهم كمدينة حلب من قبل الجيش السوري الحر.

وفي الحديث عن الكرد، يبدو واضحاً أن الإعلام يعتبرهم مكوناً متماسكاً لا يحمل تناقضات أيديولوجية ومناطقية، والتي ما فتئت تعصف بالعلاقات بين الأحزاب الكردية التي يفوق عددها في سوريا 16 حزباً، ويترك للميلشيات المسلحة القول الفصل لأنها تفرض نفسها على الساحة بقوة السلاح وبالتنظيم الستاليني المتميّز. كما أن الإعلام الغربي، وتعاطفاً مع القضية أو القضايا الكردية، يرى في مقاتلي وحدات حماية الشعب “غيفاريوا” القرن الواحد والعشرين. صورة ملائكية تزينها لقطات الفتيات المحاربات وتدفع المراقبين السطحيين إلى التوقف عند هذا المشهد لتفسير كل ما سيليه من تضامن ودعم، بعيداً عن الذهاب بعيداً في سبر تطورات المسألة الكردية منذ خيانة الغرب للكرد إثر اتفاقية سيفر 1920 مروراً بالمذابح التي اقترفها صدام حسين بحق كرد العراق، كما القمع والتنكيل القائمين ضد المكون الكردي في إيران، ووصولاً إلى تاريخ القمع والحرمان والإقصاء والتهجير في سوريا البعث وفي سوريا الأسدين الأب والأبن.

ينسى بعض المراقبين أن يتوقفوا أمام الخيانة الروسية التي فتحت الباب لتركيا للسيطرة على مدينة عفرين منذ سنة ونصف تقريباً، كما لا يتوقفون أكثر عند خيانة ترمب المتوقعة لهم من خلال إعطاء الضوء الأخضر في اتصال يوم الأحد الليلي الشهير مع الرئيس التركي الذي سبق العملية وسحب القوات الأميركية من المنطقة تمهيداً لدخول القوات التركية، مع تصريحات زائفة ومتناقضة. وكذا يغيب عن المتعاطفين مع القضية الكردية ضرورة التمييز بين الكرد كشعب وبين الأحزاب والميليشيات التي تقامر بمصيره المؤلم وبمطالبه المشروعة وبمستقبله الغامض.

في الحوار الإذاعي ذاته، يُشير صحفي أجرى الكثير من التحقيقات والأفلام الوثائقية على الأرض في شمال سوريا وفي جنوب تركيا، إلى تضحيات الكرد دون أية إشارة إلى أنهم جزء من شعب سوري قدم التضحيات الجسام منذ 2011 وغادر الملايين من أهله من مختلف المكونات منازلهم للجوء إلى مخيمات داخلية أو في دول الجوار أو هم عبروا البحر ليصلوا شطآن السلام والأمان في أوروبا.

مشارك آخر في البرنامج من المدافعين عن التدخل، وهو تركي / فرنسي، يتناول الموضوع من وجهة نظر الأحزاب القومية التركية مشيراً إلى الرهان الفرنسي الخاسر على حزب العمال الكردستاني المصنف فرنسيا وأوروبياً كجماعة إرهابية. وهو يُشدّد على قيام وحدات حماية الشعب أثناء إدارتها للمناطق الشمالية في سوريا بعمليات “تطهير عرقي” طالت العرب كما التركمان، في عدة قرى مستنداً إلى تقارير

منظمة العفو الدولية. طرحٌ، وعلى افتراض صحّته، لا يُعطي بأي شكل من الأشكال أي مبرر مشروع يسمح للجانب الآخر بالقيام بنفس الخطوات التهجيرية والإحلالية إن في عفرين كما سبق وجرى جزئياً أو في مناطق أخرى من الشمال السوري.

في متن البرنامج، يُشير المنشّط إلى إمكانية نشوب حرب واسعة بين الجيش التركي والجيش السوري، متجاوزاً حقيقة القبول التركي بعودة قوات دمشق للإمساك، ولو نظرياً، بالحدود، مما يعني إبعاد الميليشيات الكردية إلى الداخل السوري. وبناءً على معرفة تركية واسعة بموقف دمشق من حقوق المكون الكردي السوري، فسيطرة دمشق على هذه المنطقة ستؤمن حدوده الجنوبية مهما كان الخلاف متجذراً مع نظام الأسد والذي يعمل الروس على إيجاد حلول له. وهذا يُذكّر برضا نتنياهو المعلن عقب عودة قوات دمشق للإمساك بحدود سوريا مع فلسطين المحتلة.

وفي المحصلة، يبقى السؤال مفتوحاً على مصراعيه حول الرهانات والتحديات والمآلات المرتبطة بملف هذه العملية العسكرية التي ليس من المنطقي الاعتقاد بقرب نهايتها كما بإمكانية تجاوز نتائجها.

تلفزيون سوريا

أنظر تغطيتنا للحدث

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 1

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 2

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 3

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 4

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 5

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 6

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 7

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 8

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب  9

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 10

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 11

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 12

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 13

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى