عودة “داعش” في سوريا: ملاحظات وأسباب -مقالات مختارة-
عودة “داعش” في سوريا: ملاحظات وأسباب/ بشير البكر
عاد تنظيم “داعش” بقوة إلى المشهد السوري من خلال سلسلة العمليات التي تستهدف جميع الأطراف في البادية السورية وشرقي الفرات. وكانت العملية الأخيرة التي جرت يوم الأربعاء الماضي، في البادية ما بين ريفي دير الزور وحمص هي ذروة العمليات التي بدأت بالتصاعد تدريجيا منذ منتصف السنة الماضية.
وجاءت نتيجة تلك العملية ثقيلة على النظام السوري الذي ألغى المظاهر الاحتفالية بالعام الجديد في التلفزيون الرسمي، تضامنا مع أهالي الضحايا الذين صدرت عن بعضهم ردود فعل تندد بتهاون النظام عن تأمين عساكر ذاهبين لقضاء الإجازة. وذكر بيان داعش الذي تبنى العملية أن عدد القتلى بلغ أربعين من بين الجنود الذين ينتمون إلى الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، والتي تشارك الميليشيات الإيرانية العمل في منطقة شرقي الفرات، وعلى نحو خاص في البوكمال التي تحولت إلى قاعدة إيرانية باسم قاعدة الإمام علي، وتسيطر عليها ميليشيات فاطميون الأفغانية والحشد الشعبي العراقي تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني.
ويمكن تسجيل عدة ملاحظات حيال العمليات التي يقوم بها تنظيم داعش. الأولى هي أنها تجري على رقعة جغرافية واسعة تمتد من محافظة الحسكة وتشمل محافظتي دير الزور والرقة في اتجاه البادية. والثانية هي أن هذه العمليات تستهدف كل الأطراف المسيطرة على هذه الجغرافيا على نحو شبه يومي. وسقط من جرائها قادة أمنيون وعسكريون من “قسد” والروس والنظام والميليشيات الإيرانية، وأبرز القتلى الجنرال الروسي فيتشسلاف غلادكيخ الذي لقي مصرعه مع قيادي بميليشيا الدفاع الوطني، في 18 من آب الماضي، نتيجة انفجار عبوة ناسفة في ريف محافظة دير الزور. والنقطة الثالثة هي أن العمليات في تصاعد واتساع رقعة تدريجي، وتكثفت على نحو ملحوظ في الآونة الأخيرة، رغم التعزيزات العسكرية المضادة.
أما الملاحظة الرابعة فتتمثل بالإخفاق في وقف هذه العمليات أو الحد منها، وهذا الفشل يسجل على الأطراف الموجودة على الأرض في هذه المناطق، أي روسيا، النظام، قسد، والميليشيات الإيرانية. ومن المعروف أن روسيا أعلنت في الصيف الماضي عن حملة عسكرية واسعة تحت مسمى الصحراء البيضاء بهدف القضاء على خلايا داعش في البادية، ما أدى إلى تصفية 327 مسلحاً وتدمير 134 ملجأ و17 نقطة مراقبة و7 مخازن عتاد و5 مخازن تحت الأرض للأسلحة والذخيرة” حسب التصريح الروسي الرسمي عن نتائج العملية.
يعزو خبراء من المنطقة التي تدور فيها العمليات نشاط داعش المتصاعد إلى عدة أسباب. السبب الأول هو سيطرة “قسد” التامة على المنطقة، ماعدا البادية التي آلت إلى النظام وروسيا. ومن دون شك يلقى مشروع قسد السياسي في المنطقة رفضا عاما من الأغلبية العربية، وخصوصا في محافظتي دير الزور والرقة ذات الأغلبية العربية المطلقة بنسبة تتجاوز 95%. ومنذ نهاية دولة داعش باتت المدينتان تحكمان من قبل قسد، الأمر الذي ولد نقمة شعبية غذاها التمييز، ووضع اليد على الثروات، وحرمان أهل المنطقة منها، وفرض مناهج دراسية من قبل الإدارة الذاتية الكردية.
ويعود السبب الثاني إلى سيطرة الميليشيات الإيرانية على مناطق واسعة في ريف دير الزور المحاذي للعراق، وقيامها بممارسات ضد أهل المنطقة، ومن ذلك حملات التشييع الواسعة التي تلقى معارضة شعبية من قطاعات واسعة.
أما السبب الثالث فهو يتلخص في عمل الروس على إعادة تأهيل النظام في المنطقة، وذلك في إطار السياسة التي تتبعها موسكو في كل المناطق التي سيطرت عليها منذ تدخلها العسكري في أيلول 2015. والتي أثبت فشلها كليا كما هو الحال في الجنوب، حيث إنها لم تتمكن حتى اليوم من تنفيذ اتفاقات 2018، ولذلك تشهد المنطقة حالة رفض شاملة للنظام وفوضى أمنية رغم قيام روسيا بإنشاء تشكيلات عسكرية موالية لها كالفيلق الخامس الذي تعمل على تعميمه في دير الزور.
تحتاج هزيمة داعش إلى مشروع مختلف يقوم على معالجة الاختلالات الكبيرة الحاصلة بسبب ممارسات الأطراف المسيطرة على الأرض، وأولها تسليم إدارة المنطقة لأهلها بما في ذلك مواجهة داعش عسكريا. ولابد في الختام من ملاحظة مهمة وهي أن داعش لا يحظى بشعبية في المنطقة، ولم تعد له حاضنة بين السكان، ولكن لا أحد من أهل المنطقة يجد نفسه معنيا بمواجهته، طالما أن ذلك يصب في صالح روسيا والنظام وإيران.
تلفزيون سوريا
————————-
بعد مقتل 40 عنصرا من الفرقة الرابعة: هل سيجر تنظيم “الدولة” روسيا إلى الرمال المتحركة في البادية السورية؟/ منهل باريش
توسعت مناطق عمليات تنظيم “الدولة الإسلامية” في شرق سوريا، سواء في مناطق سيطرة النظام السوري غربي نهر الفرات أو في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في ريف دير الزور شرقي نهر الفرات. وتحول التنظيم من العمل بتكتيك الخلايا الأمنية إلى السيطرة الفعلية على عدة جيوب في شرق أثريا وريف سلمية في الغرب وصولا إلى الحدود العراقية جنوبي مدينة البوكمال.
وفي أكبر مقتلة بصفوف قوات النظام السوري في البادية السورية، منذ سيطرة الأخير وحلفائه على البادية السورية عام 2018 قتل تنظيم “الدولة” 40 عنصراً من الفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد، عَصر الأربعاء، ونصب مقاتلو التنظيم كمينا لرتل عسكري يضم عددا من حافلات المبيت الخاصة بالفرقة، حيث استهدفوا الرتل بقذائف “ار بي جي” والرشاشات الثقيلة غربي تقاطع الشولا على طريق تدمر-دير الزور. وتمكنت باصات المبيت من الفرار والوصول إلى دير الزور، فيما اشتبك مقاتلو حماية الرتل مع مقاتلي التنظيم لنحو ثلاث ساعات لتصل مؤازرات الفرقة الرابعة المنتشرة على الطريق وتتمكن من انتشال الجثث وإسعاف الجرحى بالسيارات القتالية رباعية الدفع، حسب ما تناقلت صفحات مقربة من الفرقة الرابعة في جيش النظام. وهو ما كذب إعلام النظام السوري الذي صرح بمقتل 29 مدنيا في هجوم إرهابي على باص نقل مدني.
وتركزت هجمات مقاتلي التنظيم في شهر كانون الأول (ديسمبر) في ريف الرقة الشرقي على مشارف بلدة معدان وصولا إلى جبل بشري، حيث خطفوا عددا من عناصر الفرقة الرابعة والفيلق الخامس. وأصبح طريق الشولا-الرقة المحاذي لجبل البشري غاية في الخطورة أمام الميليشيات المتحركة عليه، وباتت السيطرة عليه شبه مفقودة من قبل النظام وحلفائه. حيث تعرضت قوات النظام لعشرات الكمائن عليه بين الشولا ورجم أبو جبر، قبل أن يتفرع عندها إلى طريقين شمالي باتجاه معدان وغربي يصل إلى الرصافة ومنها إلى المنصورة.
وانسحبت الميليشيات الإيرانية من جبل البشري، قبل عشرة أيام، بعد فشلها في القضاء على جيب التنظيم في قسم الجبل داخل حدود المنطقة الإدارية في دير الزور، وهو أحد المحاور الأساسية لميليشيا “زينبيون” الشيعية الباكستانية، و”فاطميون” الشيعية الأفغانية، وتمركزت في التلال المرتفعة في المنطقة الواقعة إلى الغرب من اللواء 137 غرب مدينة دير الزور، في قصيبة وتل الطريفاوي والمزرعة وصولا إلى الفصيات ووادي العين.
ورصدت “القدس العربي” مقتل عناصر يعتقد انهم يتبعون للحرس الجمهوري في جيش النظام السوري، قبل أسبوع من الهجوم على الفرقة الرابعة المذكور أعلاه، خلال استهداف حافلة عسكرية تقلهم بقذائف “ار بي جي” بالقرب من عقدة طرق الشولا، الواقعة في جنوب دير الزور على الطريق الواصل إلى تدمر.
وفي دير الزور، فقدت عمليات الفيلق الخامس التابع لروسيا، عددا من عناصرها في بادية التبني ولم تتمكن من العثور عليهم رغم عمليات البحث الطويلة.
في السياق، صعد الطيران الحربي الروسي من وتيرة قصفه في مناطق البادية وخصوصا في القسم الشرقي من جبل البشري، وتحول الجبل إلى مرمى أهداف الطيران بشكل كامل، حيث تستهدف القاذفات الروسية كل ما يتحرك في المنطقة شديدة الوعورة، والتي تعتبر منطقة تمركز ينطلق منها التنظيم لعمليات غرب دير الزور.
ويتخذ التنظيم من بادية الميادين نقطة تجمع أساسية، بدأت تتوسع باتجاه حقل التيم النفطي، وحقل الشولا. فأصبح التنظيم يهدد سيطرة النظام على الحقل بشكل كبير، فيقوم بعمليات يومية شرقه باتجاه الميادين. وفرض مقاتلوه (تنظيم الدولة) سيطرتهم على الجيب مؤخرا بعد أن كانوا مجرد خلايا أمنية تتحرك بحذر شديد.
ويعتبر جيب بادية الميادين الجنوبي أكبر المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة” فيمتد من فيضة الجب شرقا إلى فيضة ابن موينع غربا، ويحده من الجنوب محطة الضخ النفطية الثانية (T2). فيما تعتبر منطقة جنوب السخنة هي ثالث مناطق سيطرة التنظيم الفعلية في البادية، ويتحرك التنظيم في مناطق البادية بحرية كبيرة وصولا إلى منطقة الـ 55 (معبر التنف ومخيم الركبان) التي يسيطر عليها التحالف الدولي ويتواجد فيها جيش “مغاوير الثورة” المدعوم من البنتاغون والذي يقوده المقدم مهند الطلاع. ويسيطر التحالف الدولي على معبر التنف الحدودي مع العراق، قاطعا طريق دمشق-بغداد، وهي المنطقة التي زارها قبل أيام قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط فرانك ماكينزي.
عمليا، تتحرك خلايا تنظيم “الدولة” ومقاتلوه بأريحية كبيرة دون تهديد مباشر من بادية الميادين إلى منطقة العليانية في بادية حمص والتي هاجم منها حقل فوسفات الصوانة، حتى بادية السويداء الشرقية، وتقدر مساحة نشاط التنظيم وحركته في مناطق سيطرة النظام بنحو 50 كم2، عدا نشاطه في مناطق سيطرة قسد، وعمل خلاياه الأمنية في مناطق إدلب وعفرين ودرع الفرات.
وبسبب ارتفاع عدد عمليات التنظيم وتوسع منطقة سيطرته في البادية السورية، تخشى روسيا أن تفقد سيطرتها على الحقول النفطية وحقول الغاز والفوسفات التي حصلت على عقودها من النظام السوري. فدفعت بتعزيزات عسكرية جديدة إلى مدينة تدمر، تمركزت في مضمار الخيول جنوب غرب المدينة، ومن المرجح نشرها في حقل التيم والشولا. وتشمل التعزيزات عربات مدرعة وناقلات جند BMB. وتزيد روسيا من تواجدها في بادية الميادين بهدف حفظ المناطق النفطية، ومحاولة ملء الفراغ الأمني والعسكري الذي تخشاه بسبب إخفاق الميليشيات الإيرانية في ضبط الوضع.
ولم تقتصر خسائر محور النظام على جنوده ومقاتلي الميليشيات الإيرانية، بل طالت حزب الله اللبناني أيضا، حيث سقط عدد من عناصره بين قتيل وجريح في كمين لعناصر تنظيم “الدولة” في بادية البوكمال، فيما نعى الحزب علي الهادي يوسف بلوط، وقالت مواقع مقربة منه أن بلوط قتل في البادية السورية “أثناء أداء واجبه الجهادي” في سوريا، وجرى تشييعه في حومين التحتا في جنوب لبنان، من دون التصريح بتفاصيل إضافية حول مصير زملاء بلوط.
وفي مناطق سيطرة قسد، تستمر عمليات الاغتيالات بحق العناصر المنتسبين إلى قسد أو مجالسها المدنية، ويسجل ان رئيس المجلس المدني في قرية الكبر، حمد خلف النجم، كان آخر قتلى التنظيم. حيث فجر التنظيم سيارته بعبوة ناسفة وطال عدد كبيرا من الذين يقيمون علاقات مع قسد أو الأسايش (قوات الأمن الداخلي) أو يشتبه بتعاونهم أمنيا معها. كما تستهدف الاغتيالات العناصر السابقين في التنظيم والذين تخلوا عنه رغم بيعتهم. مؤخراً، يركز التنظيم عمليات الاغتيالات ضد التجار والمزارعين الذين فرضت عليهم مبالغ “الزكاة” وحذرتهم سابقاً من عواقب تخاذلهم عن دفع الزكاة لبيت مال المسلمين لـ “دولة الخلافة”.
في سياق آخر، تسعى قوى الأمن الداخلي في قسد “الأسايش” إلى مطاردة خلايا التنظيم والمتعاونين معه في مناطق سيطرتها وتقوم بعمليات اعتقال مستمرة، كما حصل، صباح الجمعة، إذ اعتقلت ما يزيد عن 30 مدنيا بتهمة الاشتباه بتعاونهم مع تنظيم “الدولة الإسلامية”. وجرت الاعتقالات في قرى أبو النيتل، والحريجة، والعلية شمالي دير الزور، واقتادهم إلى سجن الصور الواقع بالقرب من قرية الصور على طريق دير الزور-الحسكة.
الورطة الروسية
ستنعكس قوة تنظيم “الدولة” في البادية على الحاق خسائر كبيرة في صفوف القوات الروسية ومرتزقة فاغنر الذين يقومون بحماية حقول النفط والغاز والفوسفات. فنجاح فاغنر في حماية حقول خنيفيس والصوانة جنوبي تدمر، لا يمكن قياسه على باقي المناطق وخصوصا حقول النفط في دير الزور، فأغلبها بعيد عن الطرق الرئيسية وتقع في قلب البادية، مكان تمركز مقاتلي التنظيم، بخلاف منطقة خنيفيس المؤمنة بسبب قربها من طريق تدمر-دمشق القديم.
إضافة إلى أن عدد المرتزقة والقوات الروسية غير كاف على الأرض لحماية كل المنشآت بما فيها الشركات الأمنية السورية التي أسستها فاغنر، مثل “صائدو داعش” و”سند الأمن العسكري”. فحماية المنشآت يحتاج إلى منطقة آمنة واسعة حولها، تحميها من قذائف الهاون والمدفعية، إضافة إلى شبكة طرق تسهل الحركة اليومية من وإلى الحقول، وهذا يعني ان على روسيا الاعتماد أكثر على المليشيات الإيرانية، وهذا يتطلب إرضاء إيران من خلال تقديم حصة من العائدات أو منحها جزءا من العقود. وفي حال عدم اعتمادها على الميليشيات الإيرانية فعليها تسخير قوة إضافية من فصائل الفيلق الخامس أو الفرقة 25 مهام خاصة التي يقودها العميد سهيل الحسن. وهذا يتطلب سحب آلاف المقاتلين من محيط إدلب إلى البادية السورية بهدف ملاحقة خلايا التنظيم ومطاردته في البادية السورية.
نهاية، سيغير الجهد الروسي في البادية من أولويات عملها في سوريا وأجندتها، ويفرض أولوية الحرب ضد التنظيم على البدء بعمل عسكري في شمال غرب سوريا. خصوصا وأن فصائل الجيش الوطني غير قادرة على تغيير موازين القوى بشكل نهائي أو المبادرة بهجوم، فهي في موقع دفاعي حسب التفاهمات السياسية الروسية التركية، ولا تتجرأ على نقض الاتفاق بأي شكل من الأشكال، وهذا يتيح الفرصة لموسكو تركيز ثقلها في البادية بهدف تطهيرها من خلايا التنظيم والعودة لعقدة إدلب.
القدس العربي
——————————
الاستثمار في “داعش”/ عبسي سميسم
مع بداية العام الجديد كثّفت قوات النظام السوري و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من حملتيهما على تنظيم “داعش” الذي بدأ يستعيد قوته ضمن البادية السورية خلال الفترة التي تلت إعلان التحالف الدولي القضاء على التنظيم في سورية، بعد السيطرة على آخر معاقله في بلدة الباغوز في ريف محافظة دير الزور. وبدأ التنظيم بالعمل على شكل خلايا انتشرت في البادية السورية، تشن هجمات متفرقة على قوات النظام في كل من محافظتي دير الزور وحماة، وعلى عناصر “قسد” في مناطق سيطرتها شرقي نهر الفرات، بالإضافة إلى وقوع تفجيرات بعبوات ناسفة في تلك المناطق يعتقد أن “داعش” يقف خلفها.
على الرغم من توجيه التنظيم بعض الضربات الموجعة لكل من قوات النظام والمليشيات التي تسانده، وحتى للقوات الروسية في محافظة دير الزور، ومهاجمته حقول النفط فيها، إلا أن الضرر الذي ألحقته تلك الضربات لا يُقارن بالفائدة التي عادت بها على كل من النظام وروسيا اللذين استثمرا تلك الضربات سياسياً. ووجدت موسكو في هذا التطور فرصة ثمينة لإعادة محاولة تعويم نظام بشار الأسد كمحارب لـ”الإرهاب الداعشي” ومحاولة تسويق بقائه على أنه حاجة ماسة لا يمكن الاستغناء عنها، لأن البديل سيكون استعادة “داعش” مناطق أخرى من سورية، الأمر الذي من شأنه تهديد الأمن والسلم العالميين، خصوصاً مع تصاعد العقوبات الأميركية والأوروبية على النظام.
في المقابل، حذت “قسد” حذو النظام، وقامت بشن حملة مماثلة في مناطق سيطرتها ضد “داعش” الذي يُعتبر السبب الرئيسي لوجودها، الأمر الذي يجعل من تلك الحملة وسيلة لإثبات وجودها أكثر منها حملة تهدف للقضاء على “داعش”. فالنظام والتنظيمات الوظيفية الأخرى في سورية تحارب الإرهاب ليس بهدف القضاء عليه وإنما من أجل استمرار البقاء، بسبب ارتباط وجودها بوجود الإرهاب. لذلك نجد أن النظام و”قسد” يعملان بين الحين والآخر على صناعة الإرهاب من أجل محاربته، فشهدنا كيف أفرج النظام عن كل المعتقلين الجهاديين من سجونه في بداية الثورة السورية والذين شكلوا كل التنظيمات الإرهابية التي نشهد خطرها حالياً، وذلك في سبيل تبرير حربه على الشعب الثائر. من جهته، كانت “قسد” قد هددت المجتمع الدولي بالإفراج عن معتقلي “داعش” حين شعرت بخطر يهدد وجودها، الأمر الذي يقود إلى نتيجة مفادها أن معركة النظام و”قسد” ضد “داعش” لن تُحسم أبداً، فاستمرارها مصلحة مشتركة للجميع.
العربي الجديد
——————————
أسباب فشل القضاء على “داعش” في البادية السورية؟/ محمد حسان
شنت الطائرات الحربية الروسية عشرات الغارات الجوية خلال الأيام الماضية، على مناطق البادية السورية، التي تمتد بين أرياف وبوادي محافظات الرقة وحماة وحمص وديرالزور، مستهدفة مواقع لتنظيم “داعش” في البادية السورية، خاصة المثلث الواقع بين محافظات الرقة وحمص وديرالزور.
التصعيد الروسي جاء عقب هجوم عسكري نفذه تنظيم “داعش”، على طريق دمشق-ديرالزور بالقرب من بلدة كباجب، أسفر عن مقتل 37 عنصراً من قوات النظام، بينهم 8 ضباط برتب مختلفة.
لكن الهجوم الروسي، ضد خلايا التنظيم المنتشرة في البادية السورية، ليس الأول من نوعه، فقد نفذت القوات الروسية مع قوات النظام، ثلاث عمليات عسكرية خلال عام 2020، بهدف القضاء على خلايا “داعش”، كان آخرها عملية “الصحراء البيضاء”، لكن جميع تلك العمليات باءت بالفشل ولم تحقق الأهداف المعلنة لها.
وتعود أسباب فشل النظام وحلفائه في القضاء على خلايا التنظيم، إلى عوامل عديدة منها ما يتعلق بالاستراتيجية العسكرية للنظام وحلفائه، وأخرى تتعلق بالتكتيك القتالي الذي تتبعه خلايا التنظيم في عملياتها العسكرية.
السبب الأول في فشل كل من النظام وروسيا وإيران، في القضاء على خلايا “داعش” في البادية، يكمن في أن العمليات العسكرية، تكون عبارة عن ردّات فعل غير منتظمة وتفتقر للاستراتيجية، وتكون دائما عقب الهجمات العنيفة للتنظيم، والتي تتسبب بخسائر فادحة للنظام وحلفائه.
فعملية التطهير التي أعلن عنها منتصف عام 2020، كانت رداً على هجمات التنظيم على السخنة وحقلي آراك والهيل النفطية، أما عملية الصحراء البيضاء كانت رداً على مقتل الجنرال الروسي فيتشسلاف غلادكيخ، في ريف ديرالزور الجنوبي، أما العملية الحالية هي رد على الهجوم الذي استهدف عناصر الفرقة الرابعة في 30 من كانون الأول/ديسمبر 2020.
عمليات النظام وحلفائه ضد خلايا التنظيم، لم تقتصر على كونها ردّات فعل فقط، بل غابت عنها الخطط الاستراتيجية المتكاملة. فلا يملك الحلف المعادي للتنظيم مخططاً عسكرياً وزمنياً محدداً للقضاء على تلك الخلايا، بل يعتمد على هجمات متقطعة غالباً ما تكون برية دون عمليات إسناد جوي، أو عمليات تنفذها الطائرات الحربية وحدها، كما يجري الآن داخل البادية.
أما السبب الثاني هو التنافس الروسي الإيراني على النفوذ في شرق سوريا، فالقوات الروسية والإيرانية لا تلعب الدور الكافي في دعم العمليات العسكرية ضد خلايا التنظيم في البادية، وتركز فقط على تعزيز مناطق نفوذها في الحواضر المدنية في ريف حمص وديرالزور وريف الرقة الجنوبي.
ويمتنع كلا الطرفين عن الدفع بثقلهم العسكري البري في معركة تطهير البادية، خوفاً من أن يستغل الطرف الأخر حالة الفراغ العسكري لتعزيز نفوذه. فالقوات الإيرانية لم تشارك في عملية الصحراء البيضاء أو العملية الحالية حتى الآن، بينما تكتفي روسية بالمشاركة الجوية لإسناد قوات النظام المتقدمة برياً.
حالة التنافس زادت في الفترة الأخيرة، خاصة بعد افتتاح القوات الروسية مقراً لها، في مبنى الفندق السياحي في مدينة البوكمال، على الحدود السورية العراقية، التي تُعتبر أهم معاقل القوات الإيرانية شرق سوريا، وازدياد حالات الانشقاق في صفوف المليشيات الموالية لإيران والتحاقها بالتشكيلات المدعومة روسياً.
بينما يعتبر الضعف الاستخباراتي سبباً من أسباب الفشل في القضاء على خلايا تنظيم “داعش” في البادية. فشكل العمليات العسكرية ومناطق انطلاقها والنقاط المستهدفة، يؤكد أن القوى المهاجمة تجهل أماكن تمركز التنظيم والمواقع المحتملة لوجود خلاياه، كما تغيب عنها المعلومات التي يمكن من خلالها رصد تحركات التنظيم وتوقع هجماته والتعامل معها قبل حدوثها.
ويشكل وجود التنظيم في مناطق نائية في البادية بعيداً عن المجتمعات السكانية، عاملاً أساسياً في عدم قدرة النظام وحلفائه على الحصول على معلومات استخباراتية عن التنظيم، من خلال الأسلوب التقليدي الذي يقوم على تجنيد متعاونين خارج صفوف التنظيم، مهمتهم نقل التحركات وجمع المعلومات الاستخباراتية المبدئية.
الاستراتيجية التي يتبعها التنظيم أيضاً، تلعب دوراً مهماً في جعل عملية القضاء عليه أمراً صعباً جداً، من خلال عدد من التكتيكات العسكرية، التي تساعده في البقاء.
أول تلك التكتيكات عدم إيجاد مناطق مواجهة مباشرة مع النظام وحلفائه، بحيث تكون الهجمات عبارة عن عمليات صغيرة لها أهداف محددة وتختلف زمنياً وجغرافياً في كل مرة. فالتنظيم يبتعد عن إيجاد مناطق سيطرة واضحة في المناطق المأهولة بالسكان في القرى والبلدات والمدن، وذلك لأسباب عديدة، أولها تجنب وجود خطوط مواجهة فعلية تجعله تحت ضربات القوى المعادية له بشكل مباشر، ما يرهقه على الصعيد البشري والعسكري.
كما تشكل عمليات التحرك المستمر في البوادي الشاسعة، وأسلوب حرب العصابات الذي يعتمده التنظيم، وقدرة عناصره على التخفي ضمن الطبيعة الجغرافية في البادية، عوامل إضافية تساعده على البقاء وتصعب من عملية ملاحقته.
تحتاج حرب القضاء على “داعش” إلى استرتيجية مشتركة بين القوى المتصارعة في البادية، خصوصا بين الروس والإيرانيين. كما تحتاج إلى عنصر أساسي آخر وهو مشاركة أكثر فعالية من الولايات المتحدة في حرب التنظيم داخل البادية السورية، باعتبارها أحد أطراف النفوذ، وصاحبة القدرة العسكرية الأكبر في المنطقة.
—————————
مناورات أميركية في التنف..مع مغاوير الثورة
أعلن المتحدث العسكري باسم التحالف الدولي في عملية العزم الصلب العقيد واين ماروتو عن إجراء مناورات عسكرية ليلية في منطقة التنف بمشاركة فصيل مغاوير الثورة.
وقال ماروتو في تغريدة: “قوات مغاوير الثورة الشريكة في سوريا ساعدت التحالف الدولي على دخول العام الجديد بقذيفة هاون وصواريخ “HIMARA”. تدريب جيد للاحتفال بعام 2021. لا يزال التحالف ثابتاً في التزامه بدعم شركائنا في سوريا لدحر تنظيم الدولة”.
وبثّ فصيل مغاوير الثورة تسجيلاً مصوراً للمناورات الليلية التي استخدم فيها المنظومة الصاروخية الأميركية المتطورة (HIMARS) وقذائف الهاون المضيئة.
Partner forces in Syria @MaghaweirThowra assisted @CJTFOIR bringing in the New Year with a mortar and HIMARS shoot. Good training to celebrate 2021. The Coalition remains steadfast in its commitment to supporting our partners in Syria as they secure the enduring #defeatdaesh https://t.co/7WGwI8W1st
— OIR Spokesman Col. Wayne Marotto (@OIRSpox) January 1, 2021
وقبل شهر أجرى سلاح الجو الأميركي مناورات عسكرية في منطقة ال55 كم في التنف جنوبي سوريا، “لحماية المنطقة من أي تهديد”، بحسب ما أعلن فصيل مغاوير الثورة.
وقال الفصيل في تغريدة: “قامت القوات الأميركية بتنفيذ ضربات جوية تدريبية ناجحة بالقرب من حامية التنف، ومثل هذه التدريبات إلى جانب شركائهم، تثبّت قدرتهم على حماية المنطقة من أي تهديد”.
وشاركت في المناورات طائرات أميركية من طراز “إف-15”. وسبق أن أجرت مقاتلات تابعة للقوات الجوية الأميركية مناورات مماثلة في منتصف حزيران/يونيو 2020.
ومنذ 2018 كثفت القوات الأميركية وفصيل مغاوير الثورة من مناوراتهم وتدريباتهم، وأكدوا مراراً على أن الهدف منها ضمان عدم وصول تنظيم “داعش” والميليشيات الإيرانية إلى منطقة ال55 كم في التنف.
المدن
————————
“داعش” في سورية: غضّ نظر مزدوج/ أمين العاصي
تتسارع التطورات الميدانية في محافظة دير الزور السورية، على جانبي نهر الفرات الجنوبي والشمالي، مع ازدياد نشاط تنظيم “داعش”، الذي بدأ في الآونة الأخيرة برفع وتيرة هجماته وتنفيذ عمليات اغتيال، ما يؤكد أن هذا التنظيم لا يزال يمتلك خلايا نشطة و”ذئاباً منفردة”، يمكن أن تجعل منه لاعباً في مشهد الصراع المحتدم على الشرق السوري. وفي اليوم الأخير من العام الماضي، تلقت قوات النظام ضربة في بادية دير الزور، هي الكبرى خلال العام من التنظيم، ما دفعها إلى الشروع بحملة عسكرية واسعة النطاق.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام، مدعومة بقوات “الدفاع الوطني” ولواء “القدس”، بدأت، أول من أمس الجمعة، حملة عسكرية واسعة النطاق على مواقع انتشار تنظيم “داعش” في البادية الجنوبية لمحافظة دير الزور، وذلك بدعم جوي من الطائرات الروسية، التي بدأت بدورها بتنفيذ عشرات الضربات الجوية على مواقع التنظيم في المنطقة، ومناطق أخرى ضمن مثلث حماة-حلب-الرقة. من جهتها، أكّدت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن النظام زجّ بالفرقة 17 وكتيبة الاقتحام في الفيلق الخامس في هذه الحملة، التي تستهدف أيضاً تأمين الطريق الدولي الذي يربط محافظة دير الزور بمدينة تدمر في وسط البادية، والذي يتفرّع بعد ذلك باتجاه مدينتي دمشق العاصمة وحمص.
وتأتي العملية غداة كمين من تنظيم “داعش” في بلدة كباجب على طريق تدمر- دير الزور، أدى إلى مقتل نحو 40 عنصراً من “الفرقة الرابعة”، التي يقودها ماهر الأسد شقيق رئيس النظام بشار الأسد، من بينهم 8 ضباط برتب مختلفة. وشيّع النظام قتلاه الجمعة في حي “الزهراء” في مدينة حمص وسط سورية، في ظل استياء كبير من موالي النظام الذين طالبوا بتمشيط البادية وتعقب الفاعلين. ويُعد هجوم تنظيم “داعش” الأكبر خلال العام الماضي، لجهة عدد القتلى في صفوف قوات النظام السوري، التي فقدت مع المليشيات المحلية والإيرانية المساندة لها خلال العام الماضي نحو 819 عنصراً، عبر كمائن وقصف واشتباكات من قبل التنظيم ضمن البادية السورية، وفق المرصد السوري. وأشار المرصد إلى أن التنظيم خسر 507 من مقاتليه في العمليات ذاتها وبالقصف الجوي من قبل طيران النظام والروس.
وينشط تنظيم “داعش” في عموم البادية السورية، مترامية الأطراف، والتي تصل مساحتها إلى أكثر من 70 ألف كيلومتر مربع، وتتوزّع إدارياً على عدة محافظات سورية، هي: دير الزور، والرقة، وحلب، وحماة، وحمص، وريف دمشق، والسويداء. وتعد محافظة دير الزور ثاني أكبر المحافظات السورية لجهة المساحة، والبالغة نحو 33 كيلومتراً مربعاً، يشطرها نهر الفرات إلى قسمين، جنوبي يطلق عليه تسمية “الشامية”، وشمالي تطلق عليه تسمية “الجزيرة”.
ورأى مدير مركز الشرق للدراسات فراس علاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “وجود التنظيم وظيفي يخدم الطرفين”، مضيفاً: “هناك مصلحة متبادلة ما بين خلايا داعش وقوات النظام”. وأشار إلى أن التحالف الدولي “يغض النظر عن دخول مسلحين من التنظيم من العراق إلى شرقي سورية الذي تسيطر عليه مليشيات إيرانية، والأخيرة تغض النظر كذلك عن نشاط داعش في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد)”. وأوضح أن “وجود التنظيم ورقة بيد النظام وقسد لجهة الادعاء بمحاربة الإرهاب”، مضيفاً: “قسد تحصل على دعم سياسي وعسكري من دول التحالف بحجة محاربة الإرهاب، بينما النظام يروّج لفكرة أنه مستهدف من تنظيمات متطرفة وأنه يحاربها، ولهذا ربما يعود التنظيم بقوة إلى شرقي سورية والبادية”.
وفي السياق ذاته، كثرت في الآونة الأخيرة عمليات الاغتيال بحق عدد من أبناء ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات والخاضع لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، يُعتقد أن خلايا تابعة لتنظيم “داعش” تقف وراءها. ودفعت هذه العمليات “قسد” للقيام بمداهمات. وأكدت مصادر محلية أن هذه القوات اعتقلت الجمعة نحو 20 شخصاً في قرية أبو نيتل التابعة لبلدة الصور.
إلى ذلك، ذكرت شبكة “فرات بوست” الإخبارية المحلية أن مجلس دير الزور العسكري، التابع لـ”قسد”، أصدر قراراً “يقضي بفرض حظر كامل للدراجات النارية في منطقة الخابور الشرقي، وفي المنطقة الممتدة من حاجز مركدة وصولاً إلى دوار العتال بريف دير الزور الشرقي، اعتباراً من اليوم الأحد، بسبب ازدياد عمليات الاغتيال في الآونة الأخيرة. وذكرت الشبكة أن “قسد” طالبت وجهاء بلدة الشحيل بطرد النازحين إلى البلدة، وإيقاف نشاط معابر التهريب عبر نهر الفرات باستثناء نقل الركاب المدنيين، وحظر الدراجات النارية وتسليم المطلوبين.
ومن الواضح أن “قوات سورية الديمقراطية” تحاول من خلال هذه الإجراءات الحد من نشاط تنظيم “داعش”، بينما تؤكد مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن هذه القوات “قادرة بالفعل على القضاء على كل خلايا التنظيم في ريف دير الزور الشرقي”، مضيفة “ولكن هذه القوات تدرك أن سبب استمرارها في المشهد يعود إلى محاربة التنظيم، ومن ثم فهي تحاول إطالة أمد الصراع”. وكانت “قوات سورية الديمقراطية” قد سيطرت مطلع عام 2019 على آخر معقل لتنظيم “داعش” في منطقة شرقي نهر الفرات، وهو بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، لتعلن مع التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، نهاية التنظيم في المنطقة. ودخل “داعش” من بعدها في مرحلة “كمون”، قبل أن تتحرك خلاياه لتنفيذ عمليات اغتيال بحق متعاونين مع “قسد”، أو بحق من يرفض التعامل معه في عدة قرى وبلدات في ريف دير الزور الشرقي، وهو ما دفع هذه القوات إلى القيام بعدة حملات، بمساعدة قوات التحالف، للقضاء على هذه الخلايا. ويحتفظ التحالف الدولي بوجود قوي له في ريف دير الزور شمال النهر، حيث أقام قاعدة عسكرية كبرى في حقل “العمر” النفطي الذي يعد من أكبر الحقول في سورية.
العربي الجديد
———————
فوضى أمنية في إدلب..هل عاد داعش؟
عادت الفوضى الأمنية الى إدلب ومناطق غربي حلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بعد فترة من الاستقرار الأمني النسبي الذي عاشته المنطقة. ويرجع السبب في عودة الاغتيالات والتفجيرات إلى زيادة في أنشطة خلايا تنظيم “داعش”، وتمكن عناصرها من التحرك برغم القبضة الأمنية التي تفرضها الجبهة وشرطتها.
وتعرض وزير الأوقاف في “حكومة الإنقاذ” التابعة لتحرير الشام إبراهيم شاشو إلى محاولة اغتيال بعد خروجه من صلاة الفجر في إدلب. وقالت مواقع إعلامية تابعة للهيئة، إن “ملثمين أطلقوا الرصاص بشكل مباشر على شاشو الذي أصيب في منطقة الرأس بإصابة خطيرة نقل على إثرها الى المشفى في تركيا”.
وليل الأحد/الاثنين، تعرضت عربة عسكرية تركية لاستهداف مباشر بقذيفة “RBG” نفذه مجهولون أثناء مرورها من مفرق كفريا على طريق باب الهوى شمالي ادلب، ولم ترد أي معلومات عن وقوع خسائر بشرية أو مادية بالاستهداف. ونفذت الفصائل في “الجبهة الوطنية للتحرير” عملية أمنية محدودة في محيط منطقة الاستهداف.
وتكررت الحوادث الأمنية (محاولات الاختطاف والاغتيالات والتفجيرات بعبوات ناسفة) خلال الأيام القليلة الماضية في إدلب. وتتحاشى تحرير الشام الحديث عن عودة الفوضى الأمنية في ادلب لأنها لا تخدم دعايتها وترويجها للنجاح الأمني المفترض، والذي حققه جهازها الأمني، وجهاز الشرطة التابع للإنقاذ.
وتدعي الجبهة بأنها قضت بشكل شبه كامل على نشاط داعش في إدلب بعد أن اعتقلت العدد الأكبر من العناصر والقيادات النشطة خلال النصف الثاني من العام 2020، وذلك خلال عمليات الدهم والاعتقال التي نفذتها في مناطق تتركز فيها أنشطة عناصر التنظيم، بينما يشير الواقع الميداني إلى أن الاختراق الأمني لا يزال موجوداً بعكس ما تروج له الدعاية المفترضة.
وفي آخر التطورات الميدانية في جبهات إدلب، ومنطقة العمليات الجنوبية (جنوب إم-4)، استطلع رتل عسكري تركي منطقة قسطون في سهل الغاب الشمالي. وفي الغالب سيقوم الجيش التركي بإنشاء نقطة عسكرية في أطراف البلدة القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام والمليشيات الموالية لها، وذلك بعد أن أنهى عمليات إعادة انتشاره في جبل الزاوية المقابل للطرق إم-4 في الجزء الشرقي.
وتزامنت التحركات الاستطلاعية للجيش التركي جنوبي إدلب مع قصف بري نفذته قوات النظام استهدف قرى الفطيرة وكنصفرة وعدداً آخر من القرى والبلدات في منطقة جبل الزاوية.
المدن
——————————-
داعش يكثّف هجماته ضد قوات النظام في سوريا
بيروت: قُتل 15 شخصاً على الأقل، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، جراء هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا، في ثاني هجوم من نوعه خلال أقل من أسبوع يستهدف حافلات عسكرية.
ويصعّد التنظيم المتطرف في الآونة الأخيرة من وتيرة هجماته ضد قوات النظام، ما يعكس وفق محللين صعوبة القضاء نهائياً على خلاياه التي تنشط في البادية السورية المترامية الأطراف.
واستهدف عناصر التنظيم ليل الأحد، حافلة تقل عسكريين وسيارات وصهاريج وقود في منطقة وادي العذيب في شمال محافظة حماة، أثناء مرورها على طريق يربط محافظة الرقة (شمال) بدمشق، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، متحدثاً عن “كمين”، أعقبه اشتباكات.
وتسبّب الهجوم بمقتل ثمانية عناصر من قوات النظام وأربعة من قوات الدفاع الوطني الموالية لها على الأقل، إضافة إلى ثلاثة مدنيين. كذلك، أصيب 15 آخرون بجروح، وفق المرصد.
وكانت حصيلة أولية للمرصد ليلاً أفادت بمقتل تسعة أشخاص بينهم مدنيان، فيما أحصت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) مقتل “تسعة مدنيين” وإصابة أربعة آخرين بجروح “جراء اعتداء نفّذته التنظيمات الإرهابية”.
ونقل الاعلام الرسمي عن محافظ حماة طارق كريشاتي قوله إن الهجوم “تمّ غالباً بالأسلحة الرشاشة”.
وفي أعقاب الهجوم، خاضت وحدات الجيش، وفق ما نقلت صحيفة الوطن المقربة من دمشق عن مصدر على الأرض، حدوث “اشتباكات ضارية مع الإرهابيين”.
واستقدمت قوات النظام تعزيزات الى المنطقة بحسب المرصد، تزامناً مع شن الطائرات الروسية غارات مكثفة على البادية السورية.
ولم يعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع بعد ثلاثة أيام من هجوم مماثل كان قد تبنى تنفيذه الخميس. واستهدف حافلة عسكرية في محافظة دير الزور (شرق)، ما أودى بحياة 39 عنصراً من قوّات النظام، بينهم ثمانية ضباط، بحسب المرصد.
ويعدّ ذلك الهجوم وفق مدير المرصد رامي عبد الرحمن “الأكثر دموية” منذ إعلان قوات سوريا الديموقراطية، ائتلاف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن، في آذار/مارس 2019 دحر التنظيم والقضاء على “الخلافة” التي أعلنها صيف العام 2014 على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور.
وانكفأ التنظيم حينها الى البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق حيث يتحصن مقاتلو التنظيم في مناطق جبلية.
ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها، يواصل التنظيم خوض حرب استنزاف ضد الجيش السوري والمقاتلين الموالين له من جهة والقوات الكردية من جهة ثانية، رغم الغارات الجوية التي تستهدف تحرّكاته بين الحين والآخر. وينطلق في هجماته تحديداً ضد قوات النظام، من نقاط تحصّنه في منطقة البادية.
ويقول عبد الرحمن “عاود التنظيم تصعيد نشاطه وشنّ هجمات تستهدف قوات النظام منذ الربيع الماضي” متحدثاً عن “هجمات بشكل شبه يومي.. تشنّها خلايا تابعة للتنظيم تنفذ العمليات ثم تتوارى” في البادية.
ويعكس الهجوم الأخير، وفق ما يشرح الباحث في شؤون التنظيمات الجهادية أيمن التميمي لوكالة فرانس برس، صعوبة القضاء على “الخلايا النائمة” التابعة للتنظيم في منطقة مترامية المساحة كالبادية.
ويوضح “على القوات الحكومية السورية وحلفائها أن يغطوا منطقة شاسعة ذات كثافة سكانية منخفضة، يسهل على تنظيم الدولة الاسلامية البقاء فيها وشنّ هجمات” منها.
وبعدما خرجت مناطق كثيرة عن سيطرة النظام في بداية النزاع، تمكّنت دمشق بدعم من حليفيها روسيا وإيران من تحقيق انتصارات ميدانية متتالية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وباتت تسيطر اليوم على أكثر من سبعين في المئة من مساحة البلاد.
وأسفر النزاع منذ اندلاعه في العام 2011، عن أكثر من 387 الف قتيل، وأدى الى استنزاف البنى التحتية والاقتصاد، عدا عن تشريد أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، وتهجير 5,5 ملايين خارجها، وفق الأمم المتحدة.
—————————-
روسيا تعلّق على هجمات تنظيم “الدولة”: الوضع يزداد سخونة
علّقت روسيا على الهجمات المتصاعدة لتنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية، والتي أسفر آخرها عن مقتل 40 عنصراً من قوات الأسد، بعد تعرضهم لكمين في بادية دير الزور.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، اليوم الاثنين، إن الوضع في محيط نهر الفرات شرقي سورية يزداد سخونة فيما يتعلق بتنشيط مقاتلي تنظيم “الدولة”.
وأضاف المسؤول الروسي في مقابلة مع وكالة “ريا نوفوستي” الروسية: “الوضع على الأرض في سورية استقر، لكنه لا يزال متفجراً ومعقداً، ولا تزال التوترات قائمة في المناطق التي لا تسيطر عليها دمشق”.
وما سبق هو أول تعليق روسي على هجمات تنظيم “الدولة” التي استهدفت قوات الأسد في عدة مواقع، وخاصة في مناطق شرق سورية.
وكانت روسيا قد أطلقت عدة عمليات عسكرية للقضاء على خلايا التنظيم في البادية السورية، أبرزها “الصحراء البيضاء”، لكنها لم تتمكن من إحراز أي تقدم ميداني على الأرض.
وباتت البادية السورية “ثقباً أسوداً” قتل فيه على مدار الأشهر الماضية من عام 2020، المئات من قوات الأسد، على يد خلايا تتبع لتنظيم “الدولة”.
وعلى الرغم من إعلان إنهاء نفوذ التنظيم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، أواخر عام 2019، إلا أنه مايزال نشطاً في سورية والعراق أيضاً، وهو ما تؤكده هجماته التي يعلن عنها بين الفترة والأخرى.
وتبلغ مساحة البادية السورية التي تتحرك فيها خلايا تنظيم “الدولة” نحو 80 ألف كيلومتر مربع، وتتوزع على محافظات: دير الزور، الرقة، حلب، حماة، حمص، ريف دمشق، والسويداء.
وحسب مراقبين فإن نشاط خلايا التنظيم في البادية يأتي ضمن استراتيجية مختلفة بشكل جذري عن استراتيجياته السابقة في القتال، خاصة من ناحية تنقّل المقاتلين أو أساليب الاستهداف المحددة.
وكانت أبرز الضربات التي نفذها تنظيم “الدولة” ضد قوات الأسد، منذ خمسة أيام، إذ استهدف حافلة مبيت لقوات الأسد في أثناء توجهها من دير الزور إلى مدينة حمص، ما أدى إلى مقتل 40 عنصراً، وإصابة العشرات، معظمهم ينتمون لـ”الفرقة الرابعة”.
وسبق وأن قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في تقرير لها صدر في 31 من مارس 2020 إن تنظيم “الدولة” يحافظ على “مستوى منخفض” من عملياته داخل المنطقة الشرقية في سورية، بالإضافة إلى قدرته على اتخاذ إجراءات دفاعية محدودة من حيث النطاق والمدة وعدد المقاتلين.
وحسب التقرير: “لدى الإدارة الأميركية تخوف من قدرة التنظيم على إعادة تشكيل نفسه في البادية السورية في وقت قصير، بما يتجاوز القدرات الحالية للولايات المتحدة لتحييده”.
—————————
هل تشهد البادية السورية ولادة جديدة لتنظيم “داعش”؟/ أمين العاصي
تؤكد الوقائع الميدانية أن تنظيم “داعش” يتّبع أسلوب الاستنزاف ضد قوات النظام والمليشيات المساندة لها في البادية السورية مترامية الأطراف، ويريد بذلك تحويلها شيئا فشيئا إلى منطقة نفوذ له ومنطلقا جديدا يمكن من خلاله العودة إلى مجرى الصراع المحتدم في سورية.
وأواخر العام الماضي وبداية الجاري، كبّد التنظيم قوات النظام خسائر فادحة في أرواح مسلحيها في كمينين، الأول في قلب البادية، والثاني على أطرافها الشمالية، ما يدلل أيضا على عدم قدرة هذه القوات عن حماية مجموعات لها تتحرك في مساحة جغرافية مكشوفة تمكّن التنظيم من سرعة التحرك والإفلات من الضربات الجوية من الطيران الروسي.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حصيلة القتلى من قوات النظام ومليشيا الدفاع الوطني ارتفعت إلى 12، إضافة إلى 3 مدنيين، بينهم طفلة، جراء استهداف عناصر التنظيم الأحد لحافلة وسيارات وصهاريج وقود على طريق دمشق– الرقة قرب منطقة وادي العزيب، مشيرا إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود نحو 15 جريحا، بينهم 3 مدنيين، بعضهم في حالات خطرة، في ظل وجود معلومات عن قتلى آخرين.
وأعلن التنظيم الثلاثاء مسؤوليته عن العملية، مشيرا، في بيان، إلى أنه استهدف رتل صهاريج تنقل النفط إلى مناطق النظام من شمال شرقي سورية، مؤكدا مقتل 7 من عناصر حماية الرتل، وإحراق 10 سيارات منه.
وهذه ليست المرة الأولى التي يقطع فيها التنظيم هذا الطريق، حيث سبق له أن قتل منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عناصر تابعين لمليشيا “القاطرجي” التابعة للنظام، كانوا يقودون صهاريج محملة بالنفط قادمة من مناطق سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي البلاد إلى منطقة خاضعة لسيطرة النظام.
إلى ذلك، ذكرت شبكة “فرات بوست” الإخبارية المحلية أن تعزيزات إيرانية وروسية بدأت بالتوافد بعد هجوم الخميس إلى البادية في المنطقة الممتدة من البوكمال إلى ريف حمص وحماة والرقة.
وأشارت الشبكة إلى أنه جرى تخريج دفعة من مقاتلي مليشيا “لواء الباقر” المحلية التابعة للإيرانيين وإرسال عناصرها إلى كل من دير الزور وحماة للقتال في معارك البادية ضد التنظيم، وحماية طريق أثريا-السخنة، الذي تنتشر فيه نقاط عدة لهذه المليشيا التابعة للشيخ القبلي نواف البشير.
كما أكدت الشبكة أن الجانب الروسي وجّه قوة كبيرة من الفيلق الخامس ومليشيا “لواء القدس”، التي تضم مسلحين فلسطينيين من مدينة دير الزور، باتجاه بادية الرقة، وسط تحليق مكثف للطيران الحربي الروسي، الذي “شن ليلاً عشرات الغارات الجوية في البادية، والتي أدت إلى حدوث انفجارات عنيفة هزت ريف دير الزور الشرقي والغربي وريف الرقة الغربي”. كما أشارت إلى أن الحرس الثوري الإيراني أرسل عدداً كبيراً من العناصر المحليين من الفوج 47 إلى بادية ريف البوكمال في كل من الصالحية حسرات ومعيزيلة.
وكان تنظيم “داعش” شن في اليوم الأخير من العام الماضي هجوما هو الأكبر خلال العام الماضي، لجهة عدد القتلى في صفوف قوات النظام السوري، حيث قتل في الهجوم قرب بلدة كباجب على طريق تدمر- دير الزور، نحو 40 عنصراً من “الفرقة الرابعة”، التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، من بينهم 8 ضباط برتب مختلفة.
وغداة هذا الهجوم، شرعت قوات النظام، مدعومة بقوات “الدفاع الوطني” ولواء “القدس”، بحملة عسكرية واسعة النطاق على مواقع انتشار تنظيم “داعش” في البادية الجنوبية لمحافظة دير الزور، وذلك بدعم جوي من الطائرات الروسية، ولكن هجوم الأحد يؤكد أن التنظيم لم يعد يتأثر بالحملات التي تقوم بها قوات النظام.
وكان التنظيم، الذي يتحرك في طول البادية السورية وعرضها، استهدف خلال العام الماضي عدة أرتال لقوات النظام التي تبدو عاجزة تماما عن التصدي لهذا التنظيم.
وبحسب المرصد السوري، تنتشر خلايا التنظيم ضمن مساحة تقدر بنحو 4000 كيلومتر مربع انطلاقاً من منطقة جبل أبو رجمين في شمال شرق تدمر، وصولاً إلى بادية دير الزور وريفها الغربي، إضافة الى وجوده في بادية السخنة وفي شمال الحدود الإدارية لمحافظة السويداء.
وأشار المرصد إلى أن التنظيم “لا يزال يملك القوة الكافية لمجابهة النظام وحلفائه”، مبينا أنه “لا يكاد يمر يوم دون تفجير أو كمين أو استهداف أو هجوم خاطف ضمن مناطق متفرقة من البادية”.
وكان لافتا أن معظم القتلى في هجوم بادية دير الزور ينتمون إلى الطائفة العلوية، وهي طائفة الرئيس السوري بشار الأسد، حيث جرى تشييعهم في حي “الزهراء” ذي الغالبية السكانية من العلويين في مدينة حمص.
وكان للحادث وقع الصدمة على الطائفة التي استنزفت طيلة سنوات الأزمة السورية، كون أغلب مليشيات الدفاع الوطني المساندة لقوات النظام منها، وخاصة من محافظتي طرطوس واللاذقية على الساحل السوري.
وتؤكد الهجمات التي يشنها التنظيم ضد قوات النظام أنه بصدد نقل عملياته إلى مستويات أكثر خطورة في وقت باتت فيه هذه القوات متهالكة بعد مرور نحو 10 سنوات من الحرب التي شنها النظام ضد السوريين المطالبين بالتغيير.
ورغم الإعلان من قبل التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بدايات عام 2019 عن نهاية تنظيم “داعش” في سورية، إلا أن الأخير ربما يتجهز لـ”ولادة جديدة” اختار البادية مسرحا لها، متخذا من جبالها وهضابها وتضاريسها الصعبة ملاذا يصعب الوصول إليه.
وفي هذا الصدد، يرى الباحث السياسي المتخصص بالجماعات الإسلامية عرابي عبد الحي عرابي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن ظهور تنظيم “داعش” في البادية “ليس عشوائيا”، مضيفا: “ظهرت مقدمات لهذا الظهور منذ أكثر من سنة”.
وأضاف عرابي: “خلال العام الماضي استهدف التنظيم قوات النظام بشكل متصاعد، ما يؤكد أنه أعاد هيكلته، وفرز خلاياه مرة أخرى وتجددت قياداته”. وأكد أن شبكة القيادة التي كانت في البادية السورية “نُقلت إلى العراق وصُعدت قيادات جديدة لها خبرة أكثر في الوضع السوري”.
وأشار إلى أنه يبدو أن خطة التنظيم “تقوم على استهداف قوات النظام، لأنها الطرف الأضعف في المعادلة السورية”، لافتا إلى أن التنظيم يستهدف أيضا من وراء استهداف قوات النظام إرسال رسائل إلى الأطراف الأخرى.
وتوقع عرابي أن يبدأ التنظيم خلال العام الجاري بشن هجمات على مدن وبلدات على تخوم البادية السورية في المحافظات التي تتوزع البادية إداريا عليها، مثل حلب وحمص، معربا عن اعتقاده بأن التنظيم “لن يتمركز في هذه المدن والبلدات”.
العربي الجديد
—————————-
“داعش” يصعّد حرب العصابات: جبهة النظام السوري ضعيفة أمام التنظيم/ ريان محمد
تتصاعد تهديدات تنظيم “داعش” في سورية، مع استعادته لنشاطه العسكري، بتكتيك جديد يستند إلى حرب العصابات والضربات المحدودة والسريعة، الأمر الذي يهدد الاستقرار النسبي الذي حققّه الروس في مناطق سيطرة النظام، ويدفع إلى إعادة تقطيع أوصال المناطق التي يسيطر عليها الأخير عبر العمليات التي تستهدف الطرق الدولية. من جهتها، تبدو إمكانات النظام متهالكة لفتح معركة واسعة ضد التنظيم، خصوصاً أن الأول يعاني من عجز في استقطاب الشباب المستنكف عن الخدمة العسكرية في صفوف قواته، في حين يُحيّد الإيرانيون والمليشيات الموالية لهم أنفسهم عن هذه المعركة، فيما تبقى الضربات الجوية الروسية محدودة الفاعلية.
وتركز خلايا “داعش” وجودها في البادية السورية المترامية الأطراف، والتي تمتد من جنوب دير الزور في الشمال الشرقي إلى أرياف الرقة وحلب وإدلب في الشمال الغربي، نزولاً إلى حماة وحمص غرباً، وإلى ريفي دمشق والسويداء جنوباً، في حين هي مفتوحة على البادية العراقية والأردنية، باستثناء منطقة الـ55، التي توجد فيها قاعدة أميركية على المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، إلى جانب وجود مجموعة من الفصائل المسلحة المعارضة أبرزها “مغاوير الثورة”. وما يميز هذه المساحة الشاسعة أنها شبه خالية من السُكّان، وذات تضاريس صعبة تكثر فيها الوديان والجبال والمغاور، ما يساعد مجموعات التنظيم على التحرك والتخفي، الأمر الذي يسهل على “داعش” تنفيذ ضربات محدودة على أطراف البادية، تأقلم معها عناصره، وأصبحت لديهم خبرات في العمل العسكري ضمنها. مع العلم أن البادية كانت المنطلق الأساسي للعناصر مع سيطرة التنظيم على المناطق السكنية في العديد من المناطق، مثل تدمر.
سياسة/داعش سورية/(ديليل سليمان/فرانس برس)
ولا يبدو اليوم أن النظام لديه توجه للقضاء على “داعش” في البادية، في ظل توظيفه بقاء التنظيم ورقةً سياسيةً لتقديم نفسه طرفاً في “الحرب على الإرهاب”، وبما قد يساهم في بقاء رئيسه بشار الأسد في الحكم مستقبلاً. إضافة إلى ذلك، يأتي عدم توفر الإمكانات اللازمة لخوض مثل هذه المعركة، بعد استنزاف النظام للبيئة الحاضنة له في الساحل السوري، والتي أصبح يتنامى لدى أفرادها الشعور بعبثية الحرب الطويلة التي خاضوها، وضخامة الثمن الذي دفعوه بدون أي نتائج ملموسة. فحياة هؤلاء من سيئ إلى أسوأ، والفقر يتعمق بينهم، في حين أن النظام، وعلى رأسه رئيسه بشار الأسد، عاد ليحاول مغازلة الشارع السُنّي عبر مشايخ السلطة الذين والوه خلال السنوات الأخيرة، معتبراً أنهم كانوا رديفاً للقوات النظامية، بحسب حديث لللأسد في اجتماع دوري نظمته وزارة الأوقاف. ويزيد كلّ ذلك من أعداد المستنكفين عن الخدمة العسكرية، ممن حسبوا أنهم حاضنته.
كما فشل النظام في بناء مصالحات حقيقية مع أهالي المناطق المعارضة، التي أعاد السيطرة عليها خلال السنوات الثلاث الماضية، جرّاء عدم التزامه ببنود التسويات، بل أمعن في عمليات الاعتقال والتنكيل والإذلال بمختلف أشكاله، ما تسبب بانعدام الثقة بينه وبينهم. ويأتي ذلك في وقت يستنكف فيه عشرات آلاف الشباب من السويداء جنوب سورية عن الخدمة العسكرية منذ بداية المواجهات، على الرغم من أن غالبية سكان المحافظة من الأقليات التي حاول النظام طرح نفسه حاميا لها.
وتعاني مناطق النظام الملامسة لوجود “داعش” من أزمات عميقة، حيث تعصف بها صراعات النفوذ، كحال جنوب نهر الفرات في محافظة دير الزور، حيث تبدو واضحة المزاحمة ما بين الإيرانيين عبر مليشياتهم، والروس الذين يستخدمون بدورهم جزءاً من القوات النظامية العسكرية والأمنية، إضافة إلى عناصر الفيلق الخامس المشكل من شباب المصالحات. كما يمكن أن ينسحب هذا الصراع على مختلف الجبهات، مع فارق بسيط، وهو تمركز صراعات النفوذ ما بين أجهزة النظام الأمنية والعسكرية، استناداً إلى توزع الولاءات ومصالح المتنفذين فيها، وصولاً إلى السويداء التي تشكل البيئة المجتمعية فيها ورقة صدّ للتنظيم. وهذا الأمر ظهر واضحاً في العام 2018، عندما فشل في التقدم في الريف الشرقي من المحافظة والمحاذي للبادية.
وتبقى الأزمة الأكبر انعدام الثقة ما بين سُكّان تلك المناطق وسلطات الأمر الواقع، والتي قد ترى في تلك الصراعات حروب مصالح وفرض نفوذ، الأمر الذي جعل هؤلاء السُكان يتخذون موقفاً سلبياً، ولديهم ميل في المقابل للتخلص من النظام والإيرانيين، كما حدث في العديد من المناطق في العام 2014 وما بعد.
ورأى المحلل العسكري أحمد رحال، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “النظام لا يمتلك جبهة قوية في محيط البادية، فهي بالنسبة إليه اليوم منطقة مجهولة صحراوية واسعة، وهو غير قادر على البقاء فيها طويلاً، ولا يملك قوات مدربة على العمليات العسكرية في الصحراء والتقفي للآثار والتخفي وصنع الكمائن، في حين أن عناصر التنظيم لديهم هذه الخبرات”. ولفت رحال كذلك إلى أن “داعش ليس لديه اليوم الكثير من الخيارات أيضاً، فهو يعمل في مثلث يمتد ما بين دير الزور وتدمر وقاعدة التنف”.
ورأى رحال أن “الروس دخلوا اليوم في مستنقع في مناطق مثل السخنة والمنصورة وغيرها، حيث تشهد ولادة جديدة لداعش، تهدد بعودة التنظيم إلى تدمر وأرياف حمص وحماة، ما يعني فشل المشروع الروسي، خصوصاً أن الأميركيين يقولون إنه مع انتهاء داعش في الباغوز بريف دير الزور فقد قضينا على التنظيم، أما الإجهاز عليه في بقية المناطق فهي مسؤولية الروس”. وبحسب المحلل العسكري، فإنه لهذه الأسباب “يحضّر الروس للقيام بعملية عسكرية، وينشطون في محاولة تجنيد الشباب المستنكف عن الخدمة العسكرية، كما ظهر في درعا والسويداء، لتغطية عجز النظام عن القيام بمثل هذه العملية”. ولفت رحال أخيراً إلى “وجود غياب إرادة لدى مختلف القوى في القضاء على تنظيم داعش وجبهة تحرير الشام في محافظة إدلب، حيث إنهما لا يزالان يشكلان مبرراً لافتعال العمليات العسكرية واستمرار الحروب في المنطقة، وورقة لتبادل الاتهامات، ما يجعل أي عملية عسكرية هدفها اليوم فقط ردع وتحجيم التنظيم، لحماية مناطق نفوذهم، لكن هذا التشتت بين القوى سيكون سبباً لإحياء التنظيم وتمكنه من استعادة نشاطه”.
—————————
=====================
تحديث 10 كانون الثاني 2021
————————–
“داعش” في 2020.. هل عاد التنظيم إلى الواجهة من جديد؟/ مصطفى ديب
واحدة من سمات العام الفائت، 2020، هي عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، حيث شهدت منطقة البادية السورية خلال هذا العام، تحديدًا بادية محافظتي دير الزور وحمص، هجماتٍ مكثفة اعتمد التنظيم في تنفيذها على “الذئاب المنفردة”، وقام بشنها على ضوء تحولاتٍ محلية وعالمية، تمثلت في ظهور فيروس كوفيد – 19، وما أفرزه من ظروفٍ وإجراءاتٍ احترازية ساعدت عناصره على التحرك ضمن هامشٍ واسع، بالإضافة إلى تغيير الميليشيات الموالية لإيران لمواقع انتشارها في ريف دير الزور الشرقي عقب اغتيال قاسم سليماني، وهو ما استغله التنظيم لتنفيذ هجماتٍ مباغتة ضدها طوال العام.
نشاط تنظيم الدولة في سوريا خلال 2020
استغل تنظيم الدولة في العراق والشام “داعش” انتشاره في مناطق غير مأهولة، وتكيفه مع طبيعة البادية السورية وظروفها، بالإضافة إلى قدرته على التأقلم مع المستجدات الميدانية، واستفادته من تناقضات أطراف الصراع شرق نهر الفرات؛ لتنفيذ هجماتٍ ضد مجموعة واسعة من الأهداف، شملت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وميليشيات النظام، والميليشيات الإيرانية، وبعض الشخصيات المدنية المحسوبة على أحد الأطراف السابقة.
اعتمد تنظيم داعش في تنفيذ عملياته على الهجمات المباغتة والعبوات الناسفة. وبلغ عدد هذه العمليات خلال كانون الثاني/ يناير 2020، نحو 65 عملية توزعت على المحافظات التالية: دير الزور 49 عملية، الرقة 7 عمليات، الحسكة 3 عمليات، حمص 3 عمليات، بالإضافة إلى عمليتين في حلب، وواحدة في درعا.
ومع نهاية النصف الأول من عام 2020، سجلت هذه الأرقام ارتفاعًا كبيرًا، إذ بلغ عدد عمليات التنظيم خلال هذه الفترة نحو 399 عملية، نالت محافظة دير الزور النصيب الأكبر منها بـ 244 عملية، وحلت محافظة الرقة في المرتبة الثانية بـ 79 عملية، فيما توزعت بقية العمليات على محافظات الحسكة 38 عملية، ودرعا 19 عملية، وحمص 13، وحلب 12، بالإضافة إلى عمليتين في القنيطرة، وواحدة في السويداء.
وبحسب إحصائية نشرها “مركز جسور للدراسات”، استهدفت 302 عملية من أصل 399، قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بشكلٍ مباشر، وأسفرت عن مقتل نحو 288 من عناصرها، فيما استهدفت 77 عملية قوات النظام، موقعةً في صفوفها نحو 370 قتيل، يضاف إليهم أكثر من 19 قتيلًا تابعًا للميليشيات الرديفة الموالية لإيران.
وعلى مدار 12 شهرًا، استثمر التنظيم حالة الفوضى التي شهدتها منطقة شرق الفرات وبادية محافظة حمص، لتكثيف هجماته، حيث شهد النصف الأخير من العام الفائت تنفيذ أكثر من 327 عملية، توزعت كالتالي: 164 عملية في محافظة دير الزور، 85 عملية في الرقة، 32 عملية في الحسكة، 16 عملية في درعا، 15 في حمص، 14 في حلب، وعملية واحدة في القنيطرة. وتركزت هجمات التنظيم خلال هذه الفترة على قوات سوريا الديمقراطية، حيث جرى استهدافها بنحو 215 عملية، فيما استهدفت 57 عملية ميليشيات النظام.
ووفقًا لإحصائية نشرها “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، رصد فيها نشاط تنظيم الدولة في سوريا خلال 2020، نفذ التنظيم أكثر من 480 عملية ضمن مناطق سيطرة “قسد”، وهي دير الزور، والحسكة، والرقة، بالإضافة إلى منطقة منبج غرب نهر الفرات. وتسببت هذه الهجمات بمقتل 208 شخص، منهم نحو 86 مدني، و122 عنصرًا من “قسد”. وبحسب هذه الإحصائية، قتل التنظيم أكثر من 700 عنصرًا من قوات النظام والميليشيات المساندة لها، بينهم 108 من الميليشيات الإيرانية من جنسيات مختلفة.
ولعل أكبر عمليات التنظيم خلال العام الفائت، لناحية الزخم الإعلامي، هي عملية اغتيال الجنرال الروسي فياتشيسلاف جلادكيخ، الذي لقي مصرعه بانفجار عبوة ناسفة محلية الصنع، أثناء مرور موكبه في حقل ألغام زرعه التنظيم شرق منطقة السخنة في بادية محافظة حمص.
وتشير هذه المعطيات إلى ازدياد احترافية العمل العسكري والأمني للتنظيم، فيما يعزز المنحى التصاعدي لعملياته من احتمال ذهاب منطقة شرق الفرات والبادية، إلى المزيد من التصعيد والمواجهات العسكرية بين التنظيم من جهة، وميليشيات النظام وقوات “قسد” من جهةٍ أخرى. كما تدل عملياته خارج حدود مناطق انتشاره التقليدية، إلى اتساع مساحة التحرك والرصد الاستخباراتي عنده، واتسامها بالمزيد من المرونة.
وتدخل هذه التحولات في استراتيجيات التنظيم ضمن إطار سعيه إلى توسيع نطاق حركة عناصره، واختراق المجتمعات المحلية بهدف توفير مصادر متعددة للمعلومات حول تحركات الخصوم، وتحديد أماكنهم، ومعرفة الوقت المناسب لاستهدافهم.
نشاط تنظيم الدولة في العراق خلال 2020
اختلف وضع تنظيم الدولة في العراق عما هو عليه الحال في سوريا، إذ استطاعت القوات العراقية، بغطاءٍ جوي وفره طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، تتبع خلايا التنظيم وتفكيك الكثير منها خلال العام الفائت، كما نجحت أيضًا في إعاقة عملية إعادة ترتيب التنظيم لما يُعرف بـ “التواصل الخيطي” بين خلاياه المنتشرة شمال وغربي البلاد، وهي عبارة عن عملية تؤمن لقياداته التواصل فيما بينهم من جهة، وتواصلهم مع عناصرهم من جهةٍ أخرى، بهدف تسليم التعليمات وتنسيق الهجمات.
وشهد الربع الأخير من 2020، نجاح قوات الجيش العراقي في تفكيك 8 خلايا للتنظيم الإرهابي، وقتل عددٍ من قياداته وعناصره خلال مواجهاتٍ مسلحة جرت معظمها في الجزء الشمالي الغربي من العراق، تحديدًا في بادية محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين.
وغيرت القوات العراقية خلال العام المنصرم من طبيعة عملياتها ضد التنظيم، إذ اعتمدت على أسلوب المباغتة وجمع المعلومات، وتتبّع العناصر المشتبه بهم، واعتماد المراقبة الجوية عبر الطائرات المسيرة لرصد تحركاتهم. وأثبتت هذه الاستراتيجية الجديدة نجاحها في قتال بقايا التنظيم، مقارنةً بالاستراتيجيات السابقة القائمة على الحملات العسكرية الضخمة التي فشلت في تحقيق الهدف المرجو منها.
وعلى الرغم من تراجع خطر التنظيم داخل العراق نهاية العام الفائت، مقارنةً بما كان عليه الحال خلال نصفه الأول، إلا أن خطر عودة هجماته الإرهابية لا يزال قائمًا، خصوصًا في ظل الأزمة الأخيرة بين الحكومة المركزية والميليشيات الموالية لطهران، والتي من المرجح أن يسعى التنظيم إلى استثمارها بهدف العودة إلى المشهد مجددًا.
نشاط تنظيم الدولة خارج حدود “الخلافة”
في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، أعلن الرئيس الأفغاني أشرف عن يالقضاء على جميع خلايا تنظيم الدولة في أفغانستان على نحوٍ حاسم، وبشكلٍ يمنعها من إعادة ترتيب صفوفها مجددًا. ولكن تصريحات أشرف غني افتقرت إلى الدقة، إذ عاد التنظيم إلى المشهد عبر سلسلة هجماتٍ اختلفت لناحية الطابع والشدة، ولكنها ركزت على إعادته إلى المشهد، خصوصًا بعد اعتقاله العقيد غلام سخي، أحد مسؤولي الأمن القومي، وتصفيته بعد فشل المفاوضات بشأن إطلاق سراحه بين التنظيم والسلطات الأفغانية.
وتظهر عمليات تنظيم الدولة في أفغانستان، والتي تجاوزت 30 عملية خلال 2020، قدرته على التمويه والعمل رغم ضيق المساحة المتوفرة، بالإضافة إلى إثبات قدرته على إعاقة تنفيذ مخرجات اتفاق السلام الذي توصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان، بالتوازي مع مساعيها في استقطاب عناصر الحركة الناقمين على الاتفاق الأخير، والاستمرار في سياسة ضرب الأمن الداخلي وبث الفوضى.
أما على صعيد اليمن، فقد سجل نشاط التنظيم خلال 2020 تراجعًا كبيرًا، إذ انخفض عدد عملياته إلى حدٍ كبير، بمعدل عملية واحدة شهريًا، وذلك على ضوء المنافسة الشرسة بينه وبين تنظيم القاعدة على النفوذ في جبال منطقة قيفة الواقعة في محافظة البيضاء، والتي بلغت أوجها بعد اغتيال الولايات المتحدة القائد السابق للقاعدة في اليمن، قاسم الريمي، واتهام قيادة القاعدة تنظيم الدولة بالتنسيق مع الولايات المتحدة بهدف السيطرة على المنطقة.
وعلى الصعيد الأفريقي، شهدت القارة خلال العام الفائت ارتفاعًا ملحوظًا في نشاط التنظيم، بعد أن بلغ عدد عملياته 280 عملية، تركزت في نيجيريا بمعدل 115 عملية، ومصر 81 عملية، والكونغو 22 عملية، والصومال 19 عملية، فيما توزعت بقية عملياته على تشاد، والنيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، وموزمبيق.
الترا صوت
—————————–
طرق إمداد النظام..أهداف “داعش” المفضلة في البادية/ محمد حسان
تكررت هجمات تنظيم “داعش”، على قوات النظام السوري وحلفائه، منذ مطلع العام 2021، وتركزت هذه الهجمات على الطرق الرئيسية العابرة للبادية، والتي تصل محافظات الشمال والشرق السوري مع محافظات الوسط والعاصمة دمشق، خاصة طريقي ديرالزور-دمشق وطريق أثريا.
الهجمات تؤكد أن التنظيم يعتبر استهداف طرق الإمداد خياراً مفضلاً ومتاحاً لمقاتليه، لأسباب تتعلق بإمكانية تنفيذ تلك الهجمات، وأخرى تتعلق بمقتضيات الحاجة العسكرية لتعزيز قدرات عناصره القتالية.
لماذا طرق الإمداد؟
يُفضل تنظيم “داعش” تركيز هجماته التي تستهدف قوات النظام وحلفائها، على الطرق العابرة للبادية السورية، أولاً لأن التحركات العسكرية لقوات النظام وحلفائها هناك، غالباً ما تكون عبارة عن مجموعات عسكرية صغيرة بتسليح خفيف ومتوسط، ما يسمح لمجموعات التنظيم القتالية من التعامل معها ضمن إمكانياته المتواضعة. فالتنظيم تقتصر تجهيزاته على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والثقيل المتوفر لا يتم الزجّ به في مثل هذه العمليات.
والسبب الثاني الأساسي يعود إلى وجود طرق الإمداد في مساحات جغرافية بعيدة عن نقاط تمركز قوات النظام في المدن والبلدات الرئيسية، ما يُصعّب من عمليات التعزيز والإسناد للقوى المُهاجَمة على تلك الطرق، ويُعطي التنظيم القدرة على التعامل مع محدودية الهدف. فخلال هجمات التنظيم الأخيرة قرب منطقة كباجب وطريق أثريا، لم تصل تعزيزات النظام إلا بعد مضي وقت من انتهاء الهجمات.
كما أن طبيعة الأهداف المتحركة على الطرق، لا تفرض على التنظيم ضرورة الهجمات العسكرية المباشرة عبر العنصر البشري، فالكثير من الهجمات تكون عبر زرع العبوات الناسفة والألغام، وهذا يمنح التنظيم ميزات الحفاظ على عناصره البشرية وعدم تعريضها للخطر، خاصة وأن عمليات التجنيد تراجعت منذ هزيمته في سوريا والعراق.
تعزيز القدرات القتالية
لا يضع “داعش” من خلال هجماته، في حساباته أهدافاً استراتيجية، مثل قطع طرق الإمداد، لآن الأمر غير قابل للتطبيق حالياً، بسبب قدرات النظام وحلفائه العسكرية وأهمية تلك الطرق بالنسبة لهم، وأيضاً لعدم وجود مقومات عسكرية وبشرية كافية.
ويقول المحلل العسكري والاستراتيجي عبد الناصر العايد ل”المدن”، إن “هجمات التنظيم في البادية وعلى طرق الإمداد، هدفها الأول هو تعزيز القدرات العسكرية لمقاتليه، خاصة المنتسبين الجدد الذين يتوافدون إلى صفوف التنظيم بمعاقله في البادية، والذين يحتاجون لخوض المعارك وصقل تجاربهم القتالية، إضافة إلى تعزيز عوامل اللياقة البدنية لقدامى المقاتلين، وتجنب دخولهم في حالة الخمول والكسل نتيجة غياب النشاطات العسكرية”.
ويضيف العايد أن من بين أهداف التنظيم أيضاً، “تعزيز فكرة وجوده وعدم القضاء عليه، وأنه طرف يملك النفوذ الكامل على مناطق البادية السورية، وهذا يخدم التنظيم في نظريته الدعائية القائمة على البقاء”. ويتابع أن ل”داعش” أهدافاً تتعلق بمجال “الاستقطاب البشري إلى صفوفه، والدعم المعنوي لفروعه المنتشرة في العالم، عبر تأكيد وجوده القوي في سوريا والعراق المنطلق الرئيسي له وموطئ خلافته الأولى”.
ويشير العايد إلى أن “داعش” يعي أن الهجمات على طرق الأمداد غير مكلفة عسكرياً له، وبالتالي لا تستنفذ قدراته المحدودة، بل يمكنه من خلال تلك الهجمات السيطرة على المعدات والأسلحة، التي تكون عاملاً في رفد مخازنه.
هل يملك النظام الحل؟
لا يملك النظام السوري وحلفاؤه القدرة على وقف هجمات تنظيم “داعش” في البادية بشكل كامل، لكنه يمتلك بعض الآليات في حال تطبيقها يمكن أن تخفف من تلك الهجمات أو حتى الخسائر البشرية في صفوفه، سواء في عمق البادية أو على طرق الأمداد، الواصلة بين المحافظات.
إحدى تلك الآليات، تكثيف الحواجز والنقاط العسكرية الثابتة على طريقي ديرالزور-دمشق وطريق أثريا، للحد من عمليات استهداف آليات النظام وحماية الطريق من عمليات زرع الألغام والعبوات الناسفة، وأيضاً لتكون قوى متقدمة لمؤازرة القوات العابرة للطرق في حال تعرضها للهجمات.
هذا التكتيك الذي يشبه الطوق الأمني، نفذته قوات النظام في محافظتي الرقة وديرالزور خلال العامين الأخيرين، عبر نشر وحدات عسكرية على أطراف البادية المحاذية لمناطق سيطرتها في وادي الفرات. وقد حقق هذا التكتيك فاعلية كبيرة، لكن تطبيقه لحماية طرق الإمداد العابرة للبادية يحتاج لآلاف العناصر، وهو أمر غير متوفر حالياً.
كما أن الحد من تحركات النظام البرية في البادية سواء على الطرق الفرعية أو الرئيسية، والاعتماد على النقل الجوي، أو حصر عمليات التنقل بقوات عسكرية ضخمة مدعومة بإسناد جوي، يمكنه التخفيف من تعرض قواته للهجمات، فالتنظيم يختار الأهداف الضعيفة في عملياته العسكرية، ويتجنب الحشود العسكرية الضخمة.
المدن
—————————
هجمات جديدة ل”داعش” توقع قتلى من قوات النظام
قُتل سبعة عناصر من ميليشيا الدفاع الوطني الموالية للنظام السوري، ليل السبت، في هجوم لتنظيم “داعش” شرق سوريا، في عملية تندرج في إطار سلسلة هجمات للتنظيم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه وثّق مقتل سبعة عناصر من ميليشيا الدفاع الوطني جراء اشتباكات مع خلايا تابعة لتنظيم “داعش” في منطقة الشولا ببادية دير الزور الغربية.
وأوضح المرصد أن الهجوم وقع “أثناء عملية تمشيط قامت بها الميليشيا، كما أصيب آخرون بجروح متفاوتة، بعضهم في حالات خطرة”، مشيراً إلى أن الحصيلة مرشّحة للارتفاع.
ويعتبر هذا الهجوم الثاني من نوعه خلال أسبوع ضد قوات النظام، إذ قُتل 15 شخصاً على الأقل الأحد، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، في “كمين” نصبه تنظيم “داعش” في محافظة حماة.
وتشتد في الآونة الأخيرة هجمات التنظيم على قوات النظام والمليشيات التابعة له في البادية السورية مع سقوط عشرات القتلي والجرحى، ويقوم سلاح الجو الروسي بملاحقة خلايا التنظيم.
————————–
=====================
تحديث 11 كانون الثاني 2021
———————————
«داعش» في البادية السورية… عودة قوية بعد سنتين من «الهزيمة» توارى في الصحراء ومغاورها واستفاد من صراعات النفوذ
لندن: كميل الطويل
تشهد البادية السورية منذ أسابيع تصاعداً لافتاً للهجمات التي يشنها تنظيم «داعش»، ضد قوات النظام وحلفائه، ما يوحي بأنه تمكّن إلى حد كبير من إعادة تنظيم صفوفه في هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة.
يأتي ذلك بعد أقل من سنتين من الهزيمة الساحقة التي مُني بها في الباغوز، البلدة التي شكّلت آخر معاقله على ضفاف الفرات بريف دير الزور شرق سوريا. وبالإضافة إلى هجمات الكر والفر التي يقوم بها التنظيم ضد قوات النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في البادية، تقوم خلايا «داعش» أيضاً باغتيالات وعمليات ترهيب وابتزاز في المناطق الممتدة من شرق الفرات حتى الحدود العراقية وهي مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي هُزم «داعش» على أيديها في الباغوز، بدعم أميركي، في مارس (آذار) 2019.
وتشكّل البادية السورية، في واقع الأمر، مكاناً مثالياً لـ«داعش» للاختباء والتقاط الأنفاس، ومن ثم شن هجمات خاطفة ضد القرى المعزولة أو القوافل التي تعبر الطرقات الصحراوية المكشوفة غالباً والتي يصعب تأمينها كلياً. ورغم نجاح قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم روسي ضخم، وبآلاف المقاتلين المرتبطين بإيران، في استعادة كل المدن المهمة في البادية منذ عام 2017، فإن عمق البادية –التي تشكل قرابة نصف مساحة سوريا الإجمالية– بقيت فعلياً خارج نطاق سيطرة النظام، الذي لم يكن يملك ما يكفي من الجنود لملاحقة «الدواعش»، خصوصاً أن هؤلاء بدوا كأنهم ذابوا في رمال الصحراء أو ابتلعتهم مغاور جبالها.
كان النظام يعرف بالطبع أن «داعش» يختبئ في بواديه الشاسعة، فقد كان معروفاً أن مقاتلي التنظيم ينشطون في الجنوب، بدءاً من بادية السويداء بالغة الوعورة، مروراً بأرياف دمشق وحمص ودور الزور، شرقاً، وصولاً إلى الرقة وحماة في وسط سوريا. لكن تقدير النظام السوري وحلفائه، كان، على الأرجح، أن «داعش» المعزول في الصحراء لا يشكل خطراً وجودياً، وأن مواجهته يمكن أن تأتي لاحقاً، وبالتالي فإن التركيز يجب أن يتم على معاقل المعارضة المتبقية. وتُرجمت هذه السياسة، كما يبدو، في الحملة الواسعة التي استهدفت محافظة إدلب بشمال غربي البلاد في بداية العام الماضي، والتي تمكن فيها النظام وحلفاؤه الروس في انتزاع مناطق مهمة من أيدي فصائل المعارضة.
وتوضح ورقة بحثية للمعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، أن أوكار «داعش» في البادية السورية تتركز أساساً في ثلاث مناطق في عمق الصحراء: الأولى، جبل بشري في أقصى القسم الجنوبي الشرقي من محافظة الرقة. الثانية، في منطقة الدفينة بجنوب غربي دير الزور. والثالثة، في الصحراء بين تدمر والسخنة، غرباً، منطقة حزام الـ«55 كلم» جنوباً، محطة الـ«تي 2» النفطية شرقاً، ومنطقة فيضة بن موينع شمالاً. وتشير هذه الورقة، المنشورة عام 2019 إلى أن «هذه المناطق تمتاز بطبيعة ملائمة للاختباء، مثل الجبال، والأودية، والكهوف الطبيعية العميقة جداً، بالإضافة إلى حجم المنطقة الكبير، وعواصف الغبار اليومية التي تشوش الرؤية الجوية وتمحو بسرعة آثار الحركة».
استغلال صراعات النفوذ
واستغل «داعش» بلا شك كل هذه العوامل أحسن استغلال، لكنه استفاد أيضاً من عوامل أخرى مرتبطة بصراع النفوذ الأميركي – الروسي، والإسرائيلي – الإيراني، في سوريا. ويشكو النظام السوري باستمرار من أن «داعش» يستفيد من وجود قاعدة للمعارضة السورية، يحميها الأميركيون وقوات غربية خاصة، في التنف عند مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية، وهي شكوى دعمتها موسكو بقوة، مطالبةً تكراراً بتسليم التنف لحكومة دمشق. ومعلوم أن الأميركيين فرضوا حزام حماية حول هذه القاعدة يمتد على دائرة مساحتها 55 كلم، وقصفوا قوات النظام وميليشيات مرتبطة بإيران عندما اقتربت من حدود الحزام الأمني.
ووزعت الحكومة السورية، العام الماضي، اعترافات تلفزيونية مزعومة لعناصر من «داعش» أُسروا في البادية، قدموا فيها معلومات عن لجوئهم إلى قاعدة التنف لتلقي العلاج والحصول على مؤن قبل العودة إلى الصحراء، وهي اعترافات يصعب تصديقها لكنها توضح رغبة النظام في إلقاء اللوم، جزئياً على الأقل، على الأميركيين لفشله في التصدي لهجمات «داعش».
واستفاد تنظيم «داعش»، أيضاً، كما يبدو، من رغبة إسرائيل في منع إيران من تثبيت أقدامها في سوريا. فقد استعان النظام السوري على مدى السنوات الماضية، بسيل من آلاف المقاتلين الذين جنّدتهم إيران لدعمه ضد معارضيه. لكن انتشار «ميليشيات إيران» في مناطق مكشوفة في البادية جعلها مكشوفة للطيران الإسرائيلي، ما دفعها، كما يبدو، إلى حصر انتشارها في مناطق محددة، مركّزة على تأمين خط الإمداد العراقي الذي يمر بمدينة البوكمال في ريف دير الزور، فيما بقيت قوات تابعة لـ«حزب الله» منتشرة في مناطق بالبادية لمساعدة قوات النظام في حال تعرضها لهجمات من «داعش». ويقول مسؤولون إسرائيليون، حالياً، إن الإيرانيين قلّصوا انتشارهم في سوريا وأخلوا بعض القواعد نتيجة الضربات الإسرائيلية، كما يبدو.
غياب الضربات الذكية
لكن من العوامل الأخرى التي تساعد «داعش» على إعادة بناء نفسه في البادية السورية، أن النظام وحلفاءه الروس، لا يملكون تقنيات جوية تسمح لهم بتوجيه ضربات «ذكية» لتحركات مقاتلي التنظيم وعلى وجه السرعة. فقد شهدت السنوات الماضية مشاركة روسية كثيفة في مساعدة النظام على استعادة مناطق من أيدي المعارضين. لكن ذلك تم إلى حد كبير من خلال صب قدرة تدميرية كبيرة على منطقة محددة، ما يجعل بقاء المعارضين فيها مستحيلاً. وكان واضحاً من المشاهد المصوّرة لكثير من المدن والبلدات التي استعادها النظام، أنها لم تعد سوى أنقاض وركام، ما يؤكد الأسلوب الروسي لخوض الحروب متمثلاً بتدمير المدن على أنقاض المعارضين المتحصنين بها، كما حصل في تسعينات القرن الماضي في غروزني، عاصمة الشيشان. والحقيقة، أنه حتى ولو امتلك النظام وحلفاؤه تقنيات جوية حديثة، فإن ذلك قد لا يكون كافياً لهزيمة «داعش» في البادية.
فالفرنسيون مثلاً، ورغم قدراتهم التقنية الهائلة وطائراتهم المسيّرة وأقمارهم الصناعية، ما زالوا عاجزين منذ سنوات عن هزيمة «القاعدة» في صحراء مالي والنيجر، فيما يعرف الأميركيون، بدورهم، صعوبة هزيمة فلول «داعش» المختبئة في صحراء الأنبار بالعراق.
بالإضافة إلى كل ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن «داعش» لا يحتاج إلى عناصر بشرية كبيرة لشن هجمات في البادية السورية. إذ يكفي أن يرسل التنظيم عدداً قليلاً من عناصره مع قاذفات صاروخية لنصب كمين للقوافل العابرة عبر الصحراء، حيث يتم استهدافها من موقع بعيد، ثم الفرار والعودة للاختباء في مغاور في عمق الصحراء.
وهذا ما يبدو أنه حصل في الأيام الماضية من خلال استهداف حافلات تُقلّ جنوداً ومدنيين خلال عبورهم في الصحراء، بمنطقة كباجب، في طريقهم غرباً من دير الزور في اتجاه تدمر وحمص. لكن هجمات التنظيم الأخيرة في مناطق أخرى من البادية، وتحديداً ريف حماة الشرقي، يبدو أنها تشمل أعداداً كبيرة من المقاتلين، ما يوحي بأن الثقل البشري للتنظيم يتركز في هذه المنطقة القريبة من المنشآت النفطية المهمة المنتشرة وسط سوريا، والتي يشارك جنود روس في حمايتها، وهو ما يمكن أن يفسّر كثافة الغارات الجوية الروسية التي تلت هجمات «داعش» الأخيرة.
الشرق ا|لأوسط
————————
إعلام روسيا يروج لتصاعد هجمات دا.-عش في البادية السورية فما أهدافه …؟
شنت طائرات حربية روسية غارات جوية مكثفة على منطقة “الرهجان” بريف حماة الشرقي، فيما اندلعت اشتباكات بين عناصر تنظيم الدولة وقوات الأسد في المنطقة ذاتها، وسط حديث إعلام الاحتلال الروسي عن زيادة تسلل عناصر التنظيم باتجاه المنطقة.
وبحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية فإن خلايا تابعة لتنظيم “داعش” حاولت التسلل باتجاه مواقع جيش النظام على محور “الرهجان” بريف سلمية الشمالي الشرقي، شرق محافظة حماة وسط البلاد.
وقالت في تقرير لها إن محاولات التسلل نتج عنها اشتباكات عنيفة بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الحربي الروسي في سماء المنطقة، حيث نفذ سلسلة غارات على مواقع في البادية السورية، وأشارت إلى أن ميليشيات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى محاور الاشتباك، وذلك نقلاً عن مصدر وصفته وكالة الأنباء الروسية بأنه “مصدر ميداني”.
وقد يكون للإعلان الروسي عن هذه التطورات الميدانية أبعاده، إذ تحدث الإعلام ذاته قبل أيام عن تلقي عناصر تنظيم “داعش” دعماً أمريكياً كبيراً من القوات المتمركزة في منطقة التنف، ليتصاعد هجوم التنظيم تحديداً في منطقتي “الرهجان” و”أثريا” بريف حماة الشرقي، وفق وصفها
في حين قال ناشطون في شبكة “ديرالزور24” إن ميليشيات النظام شنت حملة تمشيط في محيط جبل بشري بريف دير الزور الغربي، بعد هجمات داعش المتكررة في بادية ديرالزور، والتي تزايدت خلال الفترة الماضية، وراح نتيجتها العشرات من عناصر الميليشيات.
هذا وتحدثت مصادر إعلامية عن تكبد ميليشيات النظام خسائر فادحة إثر هجمات متفرقة شنتها خلايا تابعة لتنظيم “داعش”، في عدة مواقع تابعة لجيش النظام في البادية السورية، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى بين صفوف الميليشيات.
وشهدت الأيام القليلة الماضية هجمات عديدة نفذها تنظيم “داعش” على محاور دير الزور وتدمر وريف حماة واستهدفت حافلات وصهاريج خلال مرورها على الطرق المنتشرة في المنطقة، تبنى التنظيم معظمها عبر وكالة أنباء التنظيم “أعماق”.
—————————-
فرنسا تحذر من عودة “داعش” في سوريا والعراق
قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إن تنظيم “داعش” قد يعود إلى الظهور مجدداً في سوريا والعراق.
وجاء تصريح بارلي ضمن حوار صحافي أوضحت فيه أن “فرنسا ترى أن تنظيم داعش لا يزال موجوداً. حتى أنه يمكن الحديث عن شكل من أشكال عودة ظهوره في سوريا والعراق”. وأشارت أنه “منذ سقوط بلدة الباغوز في وادي الفرات، حيث كان المعقل الأخير للتنظيم، يمكن أن نلاحظ أن داعش يستعيد قوته في سوريا”.
وأكدت بارلي أن التنظيم “يعيد بناء صفوفه في العراق أيضاً”، معتبرة أن تنظيم داعش “لم يتم اجتثاثه في بلاد الشام. لذا نحن لا نزال هناك عبر مهمات تدريبية وعبر مقاتلاتنا”، وعددها أربع طائرات من طراز رافال تشارك في مهمات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة بقيادة الولايات المتحدة.
تأتي تصريحات الوزيرة الفرنسية في الوقت الذي ازدادت فيه هجمات تنظيم “داعش” على قوات النظام السوري والمليشيات التابعة له كان آخرها عملية هجومية السبت أدت إلى مقتل 7 عناصر من مليشيا الدفاع المدني في منطقة الشولا بريف دير الزور الغربي.
بالمقابل يقوم سلاح الجو الروسي بشن غارات على مواقع التنظيم في البادية التي تشكل عمقاً مثالياً لإختباء خلايا التنظيم فيها، فوفق تقارير استخباراتية أوربية فإن التنظيم يتركز في عمق الصحراء في نقاط التقاء بين محافظات الرقة ودير الزور وحمص وبالتحديد بين تدمر والسخنه، يشن منها هجمات خاطفة على قوات النظام، وتركزت عمليات في الآونة الأخيرة عند المناطق المكشوفة بأطراف محافظتي حماه والرقة.
—————————-
المرصد: مقتل 8 عناصر موالين للنظام بهجوم لـ«داعش» شرق سوريا
قُتل ثمانية عناصر من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين له، اليوم الإثنين، في هجوم جديد لتنظيم «داعش» في شرق البلاد، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وصعّد التنظيم المتطرف في الآونة الأخيرة من وتيرة هجماته على قوات النظام، مما يعكس وفق محللين صعوبة القضاء نهائياً على خلاياه التي تنشط في البادية السورية الممتدة من شرق محافظة حمص (وسط) وصولاً إلى أقصى شرق محافظة دير الزور (شرق).
وأفاد المرصد السوري أن مسلحي التنظيم الإرهابي شنوا هجوماً جديداً على مواقع لقوات النظام و«لواء القدس» الفلسطيني الموالي له في جنوب محافظة دير الزور.
وأسفر الهجوم، حسب المرصد، عن مقتل خمسة عناصر من قوات النظام وثلاثة من «لواء القدس» على الأقل، فضلاً عن إصابة أكثر من عشرة آخرين بجروح.
ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها خصوصاً مع إعلان «قوات سوريا الديموقراطية» المكونة من ائتلاف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن، في مارس (آذار) 2019 القضاء عليه، يواصل التنظيم المتطرف خوض حرب استنزاف ضد الجيش السوري والمقاتلين الموالين له من جهة والقوات الكردية من جهة ثانية. وينطلق التنظيم في هجماته على قوات النظام من نقاط تحصّنه في منطقة البادية، رغم الغارات الروسية التي تستهدف مواقعه بين الحين والآخر دعماً للقوات الحكومية.
والسبت، قُتل سبعة مقاتلين موالين للنظام في هجوم لـ«داعش» في دير الزور. كما قتل في الرابع من الشهر الحالي، 15 شخصاً على الأقل، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، في هجوم استهدف حافلات عسكرية في بادية حماة في وسط البلاد.
ولا يزال مجهولاً، وفق المرصد، مصير نحو 15 عنصراً من قوات النظام كانوا يستقلون يوم الجمعة حافلة تعرضت لهجوم مباغت من التنظيم في ريف حماة الشرقي. وتم لاحقاً العثور على الحافة محترقة، من دون أن يتضح مصير العناصر، وفق المرصد.
—————————
«داعش» يعود إلى البادية السورية مستغلاً صراعات النفوذ
كميل الطويل
استغل تنظيم «داعش» في البادية السورية، عدة عوامل، لاستعادة قوته، وشن هجمات ضد قوات النظام وحلفائه، ما يوحي بأنه تمكّن إلى حد كبير من إعادة تنظيم صفوفه في هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة. لكنه استفاد أيضاً من عوامل أخرى مرتبطة بصراع النفوذ الأميركي – الروسي، والإسرائيلي – الإيراني، في سوريا.
ويشكو النظام السوري، باستمرار، من أن «داعش» يستفيد من وجود قاعدة للمعارضة السورية، يحميها الأميركيون وقوات غربية خاصة، في التنف عند مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية. وهي ادعاءات يصعب تصديقها، إلا أنها توضح رغبة النظام في إلقاء اللوم، جزئياً على الأقل، على الأميركيين لفشله في التصدي لهجمات «داعش».
وتشهد البادية تصعيداً لافتاً لهجمات «داعش»، بعد أقل من سنتين من الهزيمة الساحقة التي مُني بها في الباغوز، البلدة التي شكّلت آخر معاقله على ضفاف الفرات بريف دير الزور شرق سوريا.
من ناحية ثانية، عادت طوابير البنزين إلى الظهور في مدن سوريا. وعزت وزارة النفط الأزمة الجديدة إلى تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها، مبررة ذلك بـ«العقوبات والحصار الأميركي»، غير أن متابعين في دمشق، يرون أن السبب المباشر لتجدد الأزمة هو ازدياد هجمات تنظيم «داعش» في البادية السورية.
———————–
===================
=====================
تحديث 13 كانون الثاني 2021
————————–
فيروس داعش المتحور/ عمر قدور
عاد تنظيم داعش ليعلن عن وجوده باستهداف متكرر لقوات الأسد في البادية الشرقية، بعد مضي عشرين شهراً على استسلام المئات من مقاتليه أمام قسد، في آخر معاقله في قرية الباغوز التابعة لدير الزور. القضاء على آخر معقل لداعش كان قد أنهى عملياً وجود التنظيم الوحيد الخارج عن السيطرة، لتصبح المناطق السورية كافةً ممسوكة من قبل القوى الخارجية، مباشرة أو بواسطة ميليشيات محلية أضخمها تلك التابعة للأسد.
قضية الإمساك بالميليشيات المحلية قد تفوق بأولويتها “الحربَ على الإرهاب”، فالحرب على جبهة النصرة “كهدف أو كذريعة” بقيت مجمدة من قبل الجانب الأمريكي، مقابل إصرار روسي يظهر ويختفي حسب إيقاع العلاقة مع أنقرة، ويحركه دائماً السعي إلى توسيع منطقة النفوذ الروسي ليس إلا. العبرة في تأجيل معالجة ملف النصرة هي في انصياعها، ولو ضمناً وعلى مضض، للنفوذ التركي وتفاهماته مع موسكو، وقبل ذلك في عدم إقدام النصرة على “حماقات” مشابهة لما فعله داعش بإعدام رهائن غربيين.
عودة داعش مؤخراً تخلخل استقرار مناطق النفوذ، إذ يدخل التنظيم مرة أخرى كلاعب قد يجبر لاعبين آخرين على تغيير أولوياتهم أو تكتيكاتهم القتالية. مثلاً، باستهدافه قوات الأسد، باتت الأخيرة وحلفاؤها مضطرين إلى الاهتمام بجبهة جديدة قد تنتقص من الاهتمام الذي تحوزه جبهة إدلب بالنسبة لموسكو، وقد تضيف أرقاً إضافياً للميليشيات الإيرانية الواقعة تحت ضغط الغارات الإسرائيلية.
هذا ليس تنظيم داعش كما غلبت صورته في الأذهان، ليس تنظيم الدولة الإسلامية “الباقية وتتمدد”. من مستلزمات الدولة كما شهدنا السيطرة على الأرض، ليحكم الخليفة بقعة مهما صغرت واعداً بالجهاد والتوسع لاستعادة أمجاد الخلافة الإسلامية القديمة. هنا وجه من أوجه الاختلاف بين داعش وتنظيم القاعدة، فالثاني اعتمد على معاداة الغرب ومحاربته قبل الشروع في إقامة الخلافة، مع أنه لم يوفّر الفرصة مع تقدّم حركة طالبان للسيطرة على أفغانستان وإعلان المُلا محمد عمر أميراً للمؤمنين بمباركة من القاعدة. بل كان إعلان خلافة البغدادي قد إستمال قسماً من مجاهدي القاعدة وطالبان، خاصة مع تواري “أمير المؤمنين” المُلا عمر الذي أُعلنت وفاته لاحقاً، ودخول طالبان في مفاوضات مع واشنطن.
لقد تحور داعش الذي لم يتوقف عن التمدد في أماكن جديدة، في ليبيا ونيجيريا والصومال والفلبين وأندونيسيا وباكستان وأفغانستان، أي أنه أثبت قابلية ومرونة في الانتشار، كلما لاحت فرصة في أماكن رخوة أمنياً. ومن المحتمل أن مقتل “الخليفة” أبي بكر البغدادي قد ساعد خلَفه على التخلص من أوهام الخليفة، وعلى إدراك سراب موضوع الدولة كهدف عملي، مع الإبقاء عليه كهدف نظري نهائي أسوة بتنظيمات إسلامية أخرى تبشّر بعودة الخلافة يوماً ما.
ظهور داعش في البادية السورية نموذج عن التكتيكات التي يستطيع بها التنظيم إرهاق الآخرين بكلفة قليلة، خاصة إذا توفر له مقاتلون على استعداد كافٍ للتضحية مع مهارات عالية في التخفي. البادية “نظرياً” مكان مكشوف لا يصلح للاختباء، لكن هذه الميزة التي يخسرها التنظيم تخسرها على نحو مضاعف وأشد الميليشيات النظامية التي تقاتله. الأخيرة، بطبيعة تنظيمها وطبيعة تحركها، ستكون هدفاً يسهل رصده بسبب ثقل حركته ومعداته وحجمه البارزين للعيان بخلاف عناصر داعش المعتمدين على الحركة المستمرة، وعلى معدات خفيفة يصعب رصدها، ويسهل نقلها رغم آليات الرصد المتطورة لدى الخصوم.
في البادية، لن تحل موسكو معضلة هجمات التنظيم بسياسة الأرض المحروقة التي لا تتقن سواها، وقد تغطي على عجزها بإلقاء اللوم على الغرب الذي لا يترك لها السيطرة التامة على الأراضي السورية لتعالج موضوع “الإرهاب”! قائمة التبريرات الأسدية جاهزة، بالقول أن التنظيم يحظى بمباركة غربية، والشكوى من العقوبات الغربية التي تعيق حربه المزعومة على الإرهاب أيضاً. لا يُستبعد أن تكون سلطة الأسد فرحة بمقتل عناصر لها بتكرار هجمات داعش، فها هي مرة أخرى “ضحية” التنظيم الإرهابي الذي يخيف العالم كله، ها هي في الموقع نفسه مع الغرب.
لن تتوانى طهران، بلسان موسكو أو سلطة الأسد، عن التركيز على خطر داعش الكامن في البادية على امتداد الحدود بين سوريا والعراق، أي تماماً في المنطقة التي يُراد إبعاد السيطرة الإيرانية عليها، والتي تُعدّ حلقة أساسية في السلسلة التي تربط طهران بالضاحية الجنوبية. مع داعش، ثمة خطر متفق عليه دولياً، يصلح لتغييب الخطر المتفق عليه أمريكياً وإسرائيلياً. وقد يأتي العون من مسؤولين أوروبيين ينتبهون جيداً إلى خطر داعش، ولا يرون خطراً في النفوذ الإيراني وجرائمه في حق السوريين وسواهم.
أما أقوى الآمال التي تبنى على عودة داعش فهي تتعلق بانتهاء ولاية ترامب وتنصيب الديموقراطي بايدن، لعل الأخير يرى في خطر داعش مخرجاً جيداً لتعاون غير مباشر مع طهران، لعله يسلك طريق أوباما. لا ننسى أن عودة داعش تقدّم هدية لبايدن بتفنيد ادعاءات ترامب حول هزيمته التنظيم، ولو أتت العودة خارج مناطق نشاط القوات الأمريكية فقد يكون الأهم استخدام ذلك في الدعاية السياسية الداخلية.
ثم إن خطر داعش قد يكون مزدوجاً، فيطال قوات قسد المحمية أمريكياً، والموعودة بدعم أقوى في عهد بايدن. استهداف قسد قد يكون على نحو موارب استهدافاً للقوات الأمريكية، بل ربما تُستهدف القوات الأمريكية “باسم” داعش لجس نبض العهد الجديد، ومعرفة مدى استعداده للرد على المصادر الحقيقية للهجوم أو الجهات التي تقدّم دعماً لوجستياً للتنظيم. لقد كان الوجود الأمريكي المحدود محمياً نسبياً بالخشية من “تهور” ترامب، وربما تُختبر عزيمة الرئيس الجديد عما قريب.
قد لا يكون داعش صنيعة مخابراتية كما يروّج البعض، هذا لا ينفي مرونته وقابليته للتعاون مع أجهزة مخابرات لها باع مشهود في التعاطي مع هذه التنظيمات. ظهور داعش الأول استُخدم للتغطية على جرائم الأسد، وعلى جرائم أزلام طهران في بغداد. عودته، بقدرة أكبر على التخفي، ومع الضائقة التي يعيشها الأسد وحلفاؤه يُرجح ألا تكون بريئة من استكمال الأذى الذي ألحقه بالسوريين والعراقيين من قبل. الإجابة على ذلك هي في الغرب، فإما أن يقرر رؤية ما وراء داعش، أو أن يبقى مصراً على تجاهل العلاقة الوثيقة بين إرهاب يجتهد لإظهار محليته وآخر يجتهد لإظهار عالميته.
المدن
————————
داعش .. الحرب الأبدية/ مروان قبلان
شهدت عمليات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) طفرة كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية في العراق، لكن في سورية خصوصا. إذ تعدّدت العمليات التي قام بها التنظيم وتنوعت أهدافها، فجرى استهداف عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكذلك من قوات النظام السوري والمليشيات إيرانية الإدارة المتحالفة معه. كما بدأت عمليات التنظيم تقترب أكثر من مدن الوسط (حمص وحماه)، بعد أن كانت محصورة في البادية والشرق، ما حدا بروسيا والولايات المتحدة على السواء إلى رفع وتيرة تدخلهما الجوي، كل لدعم حلفائه على الأرض. لم تمثّل الزيادة الكبيرة في عمليات “داعش” مفاجأة لمتابعي أوضاع التنظيمات الجهادية الذين سخروا من مزاعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في فبراير/ شباط 2019، وأعلن فيها القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بنسبة “مائة بالمائة”، كما قال، في سياق تبرير رغبته بالانسحاب من سورية، في ضوء معارضة المؤسسة العسكرية التي ظلت تتخوّف من تكرار سيناريو العراق، عندما تسبب الانسحاب المبكر للقوات الأميركية، تنفيذا لسياسة الخروج بأي ثمن (cut and run)، التي تبنتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، في انبعاث “داعش”، بعد أن كانت إدارة بوش أضعفت سلفه، تنظيم دولة العراق الإسلامية، بشكل كبير، إثر الزيادة الكبيرة التي أجرتها على عدد القوات الأميركية هناك، وإنشاء الصحوات في الفترة 2007 – 2008.
واقع الحال أن الولايات المتحدة التي تتحمّل قدرا من المسؤولية عن نشأة الجهاد العالمي، سواء بصورة مباشرة، عندما دعمته لهزيمة السوفييت في أفغانستان، أو بصورة غير مباشرة، بسبب سياساتها في العالمين العربي والإسلامي، دخلت في مواجهةٍ معه منذ عام 2001. وباستثناء أنها منعت، منذ ذلك الوقت، وقوع هجوم كبير على أراضيها، فإن حربها معه مستمرة منذ عقدين، ومرشّحة للاستمرار عقودا عديدة مقبلة، إذا ما ثابرت على استخدام المقاربة نفسها في التعامل معه. بكلمة أخرى، “الحرب على الإرهاب”، إذا وافقنا على استخدام المصطلح الذي اخترعته إدارة جورج بوش الابن، مرشّحة لأن تصبح أطول الحروب في التاريخ المعاصر.
لقد بليت الألسن والأقلام من ترديد بدهية أن القضاء على “داعش”، وغيره من التنظيمات الجهادية المتشدّدة، لا يمكن إنجازه طالما ظلت الظروف التي أدت إلى صعوده وانتشاره قائمة، وهي، أي التنظيمات المتشدّدة، وإن توارت بسبب حجم القوة النارية المستخدمة ضدها لا تلبث أن تنبعث بمجرّد تغذية التربة التي تنمو فيها. سوف تنمو على الأرجح خلال الفترة المقبلة قدرات تنظيم الدولة الإسلامية، وتتزايد عملياته وتبلغ ذروتها في حال تحوّلت إدارة بايدن، كما يتخوّف بعضهم، إلى إدارة “أوباما 3″، بمعنى أنها أعادت إنتاج الظروف التي أدّت إلى انبعاث التنظيم في سورية والعراق، عبر تبني سياسة “استرضاء” إيران، من أجل ضمان عودتها إلى الاتفاق النووي، مع الاستمرار في تجاهل سياساتها في المنطقة، والتي تعد سببا رئيسيا في صعود التنظيم وانتشاره في عموم المشرق العربي.
عندما عاد تنظيم الدولة الإسلامية من صحراء الأنبار مع تطور اعتصامات الرمادي عام 2012، كانت الولايات المتحدة قد غادرت العراق، وتركته لإيران لتُحكم قبضتها عليه عن طريق حلفائها في حزب الدعوة وغيره من القوى السياسية المرتبطة بها. ومع إمعان حكومة نوري المالكي في سياسات التهميش والإقصاء التي طاولت المجتمعات السنّية، بما فيها النخب التي سلمت بخسارة حكم العراق وانخرطت في العملية السياسية، مثل طارق الهاشمي ورافع العيساوي، عاد التنظيم ليقدم نفسه باعتباره الحل لسنة العراق، وتمكّن من إقناع جزء منهم بذلك، بعدما أغلق المالكي كل السبل في وجوههم. تكرّر الأمر نفسه في سورية، حيث دعمت إيران استخدام النظام أقصى درجات العنف لمواجهة المجتمعات التي ثارت عليه، وساهمت من ثم في تحويل الصراع إلى صراع أهلي – طائفي بامتياز، وهي بيئةٌ مثاليةٌ لازدهار فكر “داعش” وانتشاره.
إذا قرّرت واشنطن في عهد بايدن غض النظر عن السياسة الإيرانية القائمة على منع قيام دولة قوية في العراق تمثل العراقيين، وتفكّك المليشيات التي تدين بولائها لطهران، وفي منع حل سياسي عادل في سورية يسمح بإعادة بناء الدولة، ويحقق للسوريين تطلعاتهم في استرداد بلدهم وإعادة بنائه، سوف تبقى الولايات المتحدة على الأرجح متورّطة في حربٍ أبديةٍ ضد “داعش” وأشباهه، ما أن تنتهي فيها جولةٌ حتى تنطلق أخرى.
العربي الجديد
——————————-
هل انتهى تنظيم «داعش» فعلاً؟/ محمد عايش
من يريد القضاء على الفكر المتطرف الذي يجنح نحو العنف فعليه بالضرورة أن يتيح المجال لقوى الاعتدال
القوة العسكرية القاهرة يمكن أن تُغير نتيجة معركة لكنها لا تغير أفكاراً ومعتقدات يتداولها الناس عبر أدمغتهم وعقولهم.
تتحالف أمريكا مع أنظمة عربية تقمع حركات إسلامية معتدلة وقوى سياسية تؤمن بالديمقراطية والمشاركة السياسية السلمية!
الأنظمة العربية تنتج التطرف عندما تنشر الاستبداد والقمع، وتعتقل الآلاف من أبناء شعوبها ولا تسمح لهم بالمشاركة.
هل انتهى التنظيم فعلاً؟ أم كان منشغلاً بإعادة تنظيم صفوفه وبيته الداخلي للعودة إلى العمل في سوريا والعراق وأماكن أخرى وبوسائل جديدة؟
التنظيم لم يُهزم كما زعمت أمريكا في 2017 وما حدث انسحاب تكتيكي لمقاتليه واستراحة محارب لإعادة ترتيب الصفوف ثم العودة للقتال!
الطريقة الوحيدة للتغلب على التنظيمات المتطرفة وتجفيف منابعها دعم التحول الديمقراطي في منطقتنا العربية وإتاحة فرصة المشاركة السياسية.
* * *
تقارير عديدة واردة من سوريا تتحدث عن عودة قوية لتنظيم «داعش» وسيطرة على مساحات واسعة من البادية والمناطق غير المأهولة بالسكان، وهو ما يعيد إلى الواجهة سؤال:
هل انتهى التنظيم فعلاً؟ أم أنه كان منشغلاً فقط في إعادة تنظيم صفوفه وبيته الداخلي، من أجل العودة إلى العمل مجدداً في سوريا والعراق، وربما أماكن أخرى وبوسائل جديدة؟
إذا صحَّت المعلومات عن حراك نشيط لمقاتلي التنظيم وخلاياه وتنفيذهم هجمات واسعة خلال الأيام الماضية في المناطق التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) فهذا يعني بالضرورة أن التنظيم لم يُهزم، كما زعمت الولايات المتحدة في عام 2017!
وأن ما حدث لم يكن سوى انسحاب تكتيكي لمقاتليه، واستراحة محارب، لإعادة ترتيب الصفوف ومن ثم العودة للقتال، وهو ما يعيد إلى الأذهان أيضاً ما حدث في أفغانستان عندما اعتقد الأمريكيون أنهم أطاحوا بحركة طالبان وتنظيم «القاعدة» في عام 2002.
في حين ما حدث حينها لم يكن سوى «إعادة انتشار» للتنظيم والحركة، ولم يكن ممكناً التعامل معهم إلا عبر قنوات التفاوض والاتفاق، لا بالهزيمة العسكرية المباشرة.
عودة النشاط مؤخراً لتنظيم «داعش» في سوريا يعني أن الحرب العسكرية التي انتهت بطرده من مدن شرق سوريا لم تكن تعني أن التنظيم قد انهزم، ولا تعني بالضرورة أنه انكفأ وتراجع.
وهذا يعيد التأكيد على أن إنهاء ظاهرة الحركات العقائدية المتطرفة، أو التنظيمات التي تُمارس العنف يحتاج بالضرورة إلى آليات غير تقليدية غير الحرب العسكرية التقليدية المباشرة.
من يريد القضاء على الفكر المتطرف الذي يجنح نحو العنف فعليه بالضرورة أن يتيح المجال لقوى الاعتدال، وفي حالة «داعش» فالبديل لا يمكن أن يكون إلا في حركات الإسلام المعتدلة، التي تؤمن بالديمقراطية والمشاركة وقبول الآخر، وتريد المشاركة في العمل السياسي.
وهي حركات تواجه القمع في عالمنا العربي، ما يعني بالضرورة في نهاية المطاف أن قمع الإسلاميين المعتدلين سيؤدي إلى إنعاش الإسلاميين المتطرفين، الذين يؤمنون بالعنف.
الولايات المتحدة التي حاربت تنظيم «داعش» لسنوات عديدة ماضية، وقبله حاربت تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق» الذي كان يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي، وقبله حاربت تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان، هي ذاتها التي تتحالف مع أنظمة عربية تقمع الحركات الإسلامية المعتدلة وغيرها من القوى السياسية التي تؤمن بالديمقراطية والمشاركة السياسية السلمية!
وهذه الأنظمة هي التي تنتج التطرف عندما تنشر الاستبداد والقمع، وتعتقل الآلاف من أبناء شعوبها، ولا تسمح لهم بالمشاركة.
خلال العشرين عاماً الماضية احتل الأمريكيون العراق وأفغانستان، وقصفوا مواقع لتنظيم «القاعدة» في السودان واليمن ومالي والصومال ومع ذلك كله لم ينجحوا في القضاء على هذه التنظيمات، بل تطورت نحو مزيد من التطرف ومزيد من العنف.
ومارست أشكالاً جديدة من العمليات المسلحة، حتى وصلت إلى شكل أكثر خطورة، وهو ما يؤكد أن هذه السياسة كانت بائسة، وفشلت في هزيمة هذا الفكر المتطرف.
ما حدث أن تنظيم «القاعدة» لم يُهزم في أفغانستان وإنما أعاد إنتاج نفسه، وكذا «داعش» وهذه الحركات نشأت وترعرعت كرد فعل عفوي على القمع والاستبداد والتسلط والظلم، الذي تمارسه بعض الأنظمة العربية ضد شعوبها، في الوقت الذي تتحالف فيه الولايات المتحدة وقوى الغرب مع هذه الأنظمة وتقدم لها الحماية.
التجربة الأمريكية الفاشلة خلال عقدين من الزمان تؤكد على أن الطريقة الوحيدة للتغلب على التنظيمات المتطرفة وتجفيف منابعها، هو في دعم التحول الديمقراطي في منطقتنا العربية، وإتاحة الفرصة للناس بأن تشارك في العملية السياسية، وأن تكون ممثلة في صناعة القرار في بلادها.
وكذا إتاحة الفرصة أمام حركات الإسلام السياسي المعتدلة، التي تؤمن بحق الغير في الوجود، وتؤمن بالديمقراطية والمشاركة السياسية السلمية، هذه فقط يمكن أن تكون الضمانة لإنهاء ظاهرة «داعش»..
أما القوة العسكرية القاهرة فهذه يمكن أن تُغير واقعاً على ساحة معركة، لكنها لا تغير أفكاراً ومعتقدات يتداولها الناس عبر أدمغتهم وعقولهم.
* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني
المصدر | القدس العرب
———————————-
تعزيزات إلى البادية السورية: ضربات “داعش” تنهك النظام/ أمين العاصي
تتجه المواجهات بين تنظيم “داعش” وقوات النظام السوري في البادية السورية إلى مزيد من التصعيد. وقد دفعت قوات النظام بتعزيزات كبيرة لتأمين الطرق والحدّ من خطورة “داعش” على مدن تقع على حدود البادية. وكشفت مصادر إعلامية تابعة للنظام السوري عن إرساله، أول من أمس الاثنين، تعزيزات عسكرية إلى طريق خناصر- أثريا في ريف حماة الشرقي، استعداداً لإطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في منطقة البادية، بعد الهجوم الأخير الذي نفذه “داعش” في ريف مدينة سلمية. في السياق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام استقدمت بالفعل تعزيزات إلى المنطقة، مشيراً إلى أن مصير نحو 15 ضابطاً وعنصراً من قوات النظام ممن فُقد الاتصال بهم مساء الجمعة الماضي لا يزال مجهولاً، بعد هجوم التنظيم المباغت على محوري الرهجان والشاكوسية، شرقي حماة. وأشار إلى أنهم “كانوا يستقلون باص مبيت في المنطقة”، عثر عليه لاحقاً وكان محترقاً.
وتلقت قوات النظام في الأيام الأخيرة من العام الماضي والأولى من العام الحالي، ضربات عدة من “داعش”، أدت إلى مقتل وخطف العشرات من عناصرها، بينهم ضباط برتب رفيعة. وظهرت بوادر “ولادة ثانية” للتنظيم في سورية، في نهاية العام الماضي، مع تضاعف عملياته ضد قوات النظام، بل بدأ بالاقتراب من مدن عدة، فضلاً عن قطعه طرقاً يعتمد عليها النظام في توريد الحبوب والمحروقات من مناطق سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، في الشمال الشرقي من سورية. ودفعت كل هذه التطورات في البادية وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي للتعبير عن قلقها من عودة “داعش” في العراق وسورية، مشيرة إلى أن بلادها تعتبر أن التنظيم لا يزال موجوداً. ولفتت الوزيرة الفرنسية في مقابلة تلفزيونية، إلى أنه “منذ سقوط بلدة الباغوز في وادي الفرات (عام 2019)، الذي كان المعقل الأخير للتنظيم، يمكن أن نلاحظ أن داعش بدأ يستعيد قوته في سورية”. وتعد فرنسا من الدول الفاعلة في التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تأسس في عام 2014 في ذروة صعود التنظيم في سورية. ويحتفظ التحالف بقيادة الولايات المتحدة بوجود قوي في سورية، منشئاً قواعد عدة، أبرزها قاعدة التنف. ومن اللافت أن التحالف لم يتدخل ضد التنظيم في مناطق سيطرة النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في البادية. مع العلم أن النظام يبحث عن التنسيق مع التحالف الدولي لمحاربة “داعش” بغية كسر حالة العزلة الدولية المحيطة به، ولكن من الواضح أن التحالف يرفض التعاون مع النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في هذا المجال. وحول هذا الموضوع، رأى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “ليست لدى النظام رغبة في محاربة داعش، وقد أكدت الولايات المتحدة هذا الموقف أكثر من مرة”. وحول إمكانية استغلال النظام لصعود تنظيم “داعش” مرة أخرى لتعويم نفسه كطرف محارب للإرهاب، أبدى زيادة اعتقاده بأن “لا أحد يكترث لما يقوله النظام، فهو في عزلة دولية تماماً، باستثناء دعمه من روسيا وإيران”. وأشار إلى أن “ظهور تنظيم داعش مرة أخرى، يفرض تحديات جديدة على المجتمع الدولي عليه التعامل معها”، مستدركاً “لا أعتقد أن ذلك سيكون من بوابة النظام، لذلك فالقوات الأميركية موجودة هناك”. من جانبه، اعتبر الباحث في “مركز الحوار السوري” محمد سالم، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن التنظيم “عملياً عاد بقوة، ولكن إلى نموذج سابق لما كان عليه في حالة (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) وحالة (دولة العراق الإسلامية). وهي الحالة التي كان عليها في العراق من ناحية شن حرب عصابات مع سيطرة مكانية مرنة”. وأضاف أنه “لا تبدو في المدى المنظور القريب أي إمكانية لعودة داعش لنموذج السيطرة المكانية على الحواضر، كما حدث في الموصل والرقة، وهذا لا ينفي مطلقاً حدوث ذلك على المدى البعيد، لأن عقلية التنظيم وأيديولوجيته تحثُّ على ذلك”. وأعرب عن قناعته بـ”أن الظروف لا تسمح في المدى القريب بعودة تنظيم داعش إلى ما كان عليه في سورية قبل عام 2019″، لجهة السيطرة على مساحات جغرافية كبيرة تضم مدناً كبرى وبلدات. وأوضح أن “مثل هذه السيطرة لم تكن لتتم لولا تدخل عامل خارجي واضح، كما في حالة سيطرة التنظيم على الموصل، والتي تمت بدعم إيراني خفي”.
ومن الملاحظ أن النشاط المتزايد لتنظيم “داعش” في سورية، يأتي قبل أشهر قليلة من انتخابات رئاسية ينوي النظام إجراؤها في منتصف العام الحالي، والتي من المؤكد أن بشار الأسد سيفوز فيها. ما يعزز الاعتقاد بأن الأخير يحاول الاستثمار مجدداً في مسألة الإرهاب، لدفع الغرب إلى الموافقة على بقائه في السلطة 7 سنوات أخرى. وفي هذا الصدد، شدّد سالم على أن بشار الأسد “أول المستفيدين من صعود تنظيم داعش”، مضيفاً أن “هذا الصعود يدعم سردية النظام والأسد في ادعائه محاربة الإرهاب، وأنه الخيار الأقل سوءاً للمجتمع الدولي بوجود تنظيمات يمكن أن تصعد مثل تنظيم داعش”.
——————————
ما الذي يجمع بين النظام الإيرانيّ و«داعش»؟/ حازم صاغية
بين النظام الخمينيّ في إيران وتنظيم «داعش» آلاف الفوارق: في الطبيعة والنشأة والتركيب والتمثيل والآيديولوجيا… مع هذا، ثمّة شيء أساسيّ مشترك بينهما: إنّ ولادة مشروعيهما مرتبطة بحطام المشاريع التي عرفها المشرق العربيّ.
الثورة الخمينيّة في 1979 جاءت بعد انهيار متدحرج دام عقدين وطال كلّ الأيقونات السياسيّة والآيديولوجيّة العربيّة، لا سيّما المشرقيّة منها:
– الوحدة العربيّة تلقّت هزيمتها القاتلة مع انهيار «الجمهوريّة العربيّة المتّحدة» وانفصال سوريّا عنها عام 1961. بعد ذلك، ورغم محاولات ومشاريع كثيرة، لم تقم للوحدة قائمة. لقد حلّت محلّها أعمال غزو مارسها عراق صدّام للكويت، وأعمال استتباع مارستها سوريّا الأسد للبنان.
– الاشتراكيّة تكشّفت عن رأسماليّات دولة محكومة بجهاز الأمن الصارم. لقد استخدمتها السلطات لإحكام قبضتها على مجتمعاتها ومدّ شبكة تحكّمها إلى المناطق والبيئات التي استطاعت الحفاظ على شيء من الاستقلاليّة. في أواسط السبعينات انعطف أنور السادات بمصر عن تلك الاشتراكيّة، ثمّ كان انهيار الاتّحاد السوفياتيّ إجازة عبور تدريجيّ في سوريّا وبلدان أخرى إلى النيوليبراليّة.
– تحرير فلسطين طوي أمره بعد حرب 1967 ليحلّ محلّه شعار «استعادة الأراضي التي احتلّتها إسرائيل». محاولات المقاومة الفلسطينيّة وضع الشعار القديم في الصدارة قادت إلى حروب أهليّة وغزو إسرائيليّ في 1982. بعد ذاك، ومن تونس، صار النضال الفلسطينيّ من طبيعة سياسيّة محكومة بالحصول على دولة إلى جانب الدولة العبريّة.
– مناهضة السياسات الغربيّة في المنطقة ضمرت أيضاً بعد ضمور الناصريّة الذي سبق وفاة عبد الناصر. المقاومة الفلسطينيّة راحت تعتدل. حافظ الأسد وقف إلى جانب التحالف الدوليّ لتحرير الكويت وساوم الأميركيّين في لبنان. صدّام حسين خاض حربه مع إيران في الثمانينات مدعوماً من الغرب، ولم يكن بلا دلالة أنّ هذه الحرب نفسها كانت الجسر الإيرانيّ الأعرض إلى عمق المشرق.
الثقافة السياسيّة العربيّة، بطبيعة الحال، كانت أكثر المتلكّئين عن التقاط المعاني الجديدة. مضغ الكلام النضاليّ القديم استمرّ ولا زال مستمرّاً. مَن كان سبّاقاً في الإدراك وسارع إلى طلب الوراثة كان إيران الخمينيّة الجاهزة، كسلطة مركزيّة متماسكة، لذلك.
بطبيعة الحال، لا تستطيع إيران الخمينيّة، وهي غير عربيّة، أن ترث الدعوة إلى الوحدة العربيّة، كما لا تستطيع أن ترث الدعوة إلى الاشتراكيّة في ظلّ زعمها امتلاك فلسفة اقتصاديّة إسلاميّة. لكنّها سطت على قضيّتي فلسطين ومكافحة النفوذ الغربيّ وصبّتهما في قالب إسلاميّ. في هذا استفادت الخمينيّة من عناصر عدّة: استفادت من انهيار ما كان قد تبقّى من العراق بعد حرب 2003 والانشغالات المعقّدة والدامية في ترتيب حقبة ما بعد صدّام. استفادت من الصعود المدوّي لمسألة الهويّات الطائفيّة والدينيّة والإثنيّة، كما ساهمت في تصليب ذاك الصعود. التعبير الأوضح عن ذلك جسّدته الأطراف النضاليّة الشيعيّة في العراق ولبنان، وبعضها صناعة إيرانيّة مباشرة. استفادت طهران أيضاً من اعتلال النظام السوريّ وحركات المقاومة الفلسطينيّة (حماس، الجهاد…) التي باتت في أمسّ الحاجة إلى نجدتها. واستفادت من خليط يجتمع فيه اليأس والبراءة والانتصار بالماضي وشعاراته لدى بيئات ثقافيّة في المشرق صدّقت الزعم الإيرانيّ ووجدت فيه ما يُنعشها ويبقي الماضي حيّاً.
ومثلما ولد دور الخمينيّة في المشرق من فشل الانقلابات وأنظمتها ودعاواها، ولد دور «داعش» وشقيقاتها من فشل الثورات ووعودها. صحيح أنّ آلة الرعب هذه غير صالحة لأن تُفسَّر بعامل واحد وحيد، غير أنّ أحد العوامل المؤكّدة إحباط العالم العربيّ، لا سيّما منطقة المشرق، بإمكان التغيير. هذا الإحباط، الذي حلّ معه التنازع الأهليّ والعنف محلّ التحوّل المدنيّ والسلميّ، كان الهديّة الثمينة لمساجين سابقين حوّلوا حرمانهم من الحرّيّة إلى عقاب بالغ التوحّش لكلّ كائن أو شيء يتحرّكان في هذا العالم. لقد استحال الصعود إلى فوق مع الثورات فبدأ الهبوط إلى تحت مع «داعش».
وإذا كان تمكين النفوذ الإيرانيّ في المحيط هو الهدف الأخير لطهران، فإنّ تمكيناً من نوع آخر استولى على وعي «داعش» وسلوكها: احتلال الأرض وإقامة سلطة الخلافة عليها. وبدل تغيير نظام من الأنظمة، وفّرت «داعش» للسلفيّين على مدى العالم فرصتهم لـ«الهجرة» إلى حيث النقاء الكامل المزعوم. إذن، ليس مُهمّاً تحسين شروط السكّان. المهمّ تحسين شروط الدين وفق تأويل «داعش» له.
هكذا كان أبو بكر البغدادي شرطاً لقاسم سليماني بقدر ما كان سليماني شرطاً للبغدادي. كلٌّ منهما اختار العدوّ الذي يناسبه: مقاتلة أحدهما للآخر تؤكّد له أحقيّة تمثيله المذهبيّ وأحقيّته في وراثة ذاك العدد الضخم من حطام المشاريع، بصالحها وطالحها، التي عرفها المشرق العربيّ.
لقد ولد الدَوران الكارثيّان من حطامنا ومن العدم الذي انتهينا إليه.
الشرق الأوسط
—————————
في إطار محاربة “داعش”.. حاملة الطائرات الفرنسية تعود إلى شرق المتوسط
قالت فرنسا، أمس الثلاثاء، إنّ حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول ستنفّذ خلال النصف الأول من هذا العام مهمّة في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي المحيط الهندي.
وتأتي مهمة حاملة الطائرات الفرنسية، في إطار العمليات العسكرية التي يقودها التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية “داعش) في سوريا والعراق.
وقالت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي أمام لجنة الدفاع النيابية إنّ “المهمّة التالية لحاملة الطائرات شارل ديغول ستكون تعزيز قواتنا المشاركة في عملية شامال.”
وعملية “شامال” هي الشقّ الفرنسي من العملية العسكرية الدولية التي تقودها الولايات المتّحدة ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
وأشارت إلى أنّ “حاملة الطائرات ستنتشر بالتالي في النصف الأول من عام 2021 في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي.”
وأضافت: “هذا الالتزام يؤكّد، إذا ما لزم الأمر، على إرادتنا في مكافحة الإرهاب بشكل دائم وغير مشروط.”
وتعتبر هذه المهمة الأولى التي تقوم بها حاملة الطائرات الفرنسية منذ مطلع عام 2020 حين أصيب ثلثا طاقمها تقريباً بفيروس كورونا.
وقالت بارلي: إن “قرابة 900 جندي يواصلون القتال ضدّ داعش في إطار عملية شامال” المنضوية في التحالف الدولي لمكافحة التنظيم.
وكانت بارلي أعربت عن قلقها من “عودة ظهور” التنظيم الجهادي في العراق وسوريا.
وقالت وزيرة الدفاع خلال مقابلة تلفزيونية الأحد إنّ “فرنسا تعتبر أنّ داعش لا يزال حاضراً. ويمكننا الحديث حتّى عن شكل من أشكال عودة ظهور داعش في سوريا والعراق”.
وتتزامن عودة حاملة الطائرات الفرنسية إلى مياه شرق المتوسط مع استمرار التوترات بين باريس وأنقرة بسبب خلافاتهما بشأن النزاعين العسكريين الدائرين في سوريا وليبيا.
كما يزداد الخلاف بين البلدين بسبب أعمال التنقيب عن الغاز التي تقوم بها تركيا في مياه تتنازع عليها السيادة مع كل من اليونان وقبرص.
ويضاف إلى ذلك الخلاف الأخير بين فرنسا وتركيا بشأن الحرب التي دارت بين أذربيجان وأرمينيا في ناغورني قره باغ.
وتأجّج التوتّر بين باريس وأنقرة في تشرين الأول/أكتوبر عندما شكّك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ب”الصحة العقلية” لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
واتهم أردوغان ماكرون، بشنّ “حملة حقد” على الإسلام لأنه دافع عن الحق في نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد.
لكنّ أنقرة بدت في الآونة الأخيرة وكأنّها تريد نزع فتيل الأزمة.
والخميس، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنّ بلاده مستعدّة “لإعادة العلاقات إلى طبيعتها” مع فرنسا.
وأشار أوغلو إلى أنّه وضع ونظيره الفرنسي جان-إيف لودريان “خريطة طريق” لتحقيق ذلك.
——————————
========================