ماذا كان برأيكم أبرز تطوّر في الشرق الأوسط خلال 2018؟/ مايكل يونغ
راغدة درغام | المؤسسة والمديرة التنفيذية لمؤسسة بيروت إنستيتيوت، وكاتبة في صحيفة The National في أبوظبي
أعتقد أن التطوّر الأبرز الذي شهده الشرق الأوسط في العام 2018 كان قيام الرئيس دونالد ترامب بإعادة رسم معالم العلاقات الأميركية- السعودية، عاكساً بذلك سياسات الرئيس السابق باراك أوباما تجاه المملكة وإيران. ففي 8 أيار/مايو، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي تفاوض بشأنه سلفه، وفرض عقوبات بعيدة الأثر على إيران. الأمر الذي وضع الشركات في جميع أنحاء العالم بين سندان مواصلة العلاقات مع طهران وبين مطرقة مواجهة رد فعل عقابي من واشنطن.
والحال أن مبدأ ترامب المتمثّل في استخدام العقوبات كحافز للتوصّل إلى اتفاق بشروط أفضل، أظهر تناقضاً صارخاً بالمقارنة مع التنازلات التي قام بها أوباما لإبرام الاتفاق النووي. وقد أدّى هذا التحوّل في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران إلى تغيير المشهد السياسي، وأعاد إرساء التحالفات الاستراتيجية التي كانت قائمة سابقاً بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي ومصر. كما أسفرت معاودة انخراط ترامب بشكل نشط في الشرق الأوسط عن إلغاء استراتيجية “التوجّه نحو آسيا” التي انتهجها أوباما وكذلك مبدأه المتمثّل في “القيادة من الخلف”. وقد بدا وكأن إدارة ترامب، من خلال إعادة إحياء الدور التقليدي للولايات المتحدة كلاعب رئيس منخرط في المنطقة، أظهرت لروسيا بأنها لن تكون بعد الآن في مقعد القيادة، وهو الموقع الذي تنازل عنه أوباما لصالح الكرملين في سورية. التطوّر الأبرز الذي شهده الشرق الأوسط في العام 2018 كان قيام الرئيس دونالد ترامب بإعادة رسم معالم العلاقات الأميركية- السعودية.
داليا داسا كاي | مديرة مركز السياسات العامة للشرق الأوسط في مؤسسة RAND
كان العام 2018 عاماً قاسياً، مع توّرط الشرق الأوسط في صراعات عدّة واتّخاذ إدارة ترامب قرارات مزعزعة للاستقرار – أبرزها نقل السفارة الأميركية إلى القدس والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران – مايجعل التقاط حدث وحيد باعتباره “التطوّر الأبرز” صعباً للغاية. مع ذلك، فالحدث الوحيد الذي يهيمن على كل منحى إقليمي سلبي مؤثّر تقريباً اليوم هو عملية القتل المأساوي للصحافي في صحيفة واشنطن بوست، جمال خاشقجي. سلّط مقتله الضوء على الاعتداء الغاشم على الأصوات المستقلة في المنطقة (بما في ذلك في تركيا حيث وقعت عملية القتل)، والتلاعب بوقائع مقتله لزيادة الخصومات الإقليمية في المعسكرات التي تقودها كل من السعودية وإيران في المنطقة، فضلاً عن التردّد المؤسف من جانب الإدارة الأميركية للردّ على الشركاء الإقليميين والتخفيف من حدّة تصعيد الصراعات المندلعة في المنطقة. الجدير ذكره هنا أن مقتله قد يشكّل نقطة تحوّل لتحفيز رؤية جديدة للمنطقة، تولي اهتماماً كبيراً باحتياجات سكانها كما قادتها؛ أو قد يدفع، من أسف، القادة الأوتوقراطيين والجماعات المتطرّفة غير الدُولتية إلى مضاعفة أعمال القمع والعنف.
حسين إبيش | باحث أول مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن العاصمة
تمثّل التطور الأبرز في الشرق الأوسط للعام 2008 في حملة “أقصى درجات الضغط” التي شنّتها إدارة ترامب ضد إيران، خصوصاً انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع طهران والعقوبات الاقتصادية الجديدة واسعة النطاق. وفي حال تم توسيع هذه السياسة، فقد تُعيد إلى حدٍّ بعيد رسم معالم المشهد الاستراتيجي وموازين القوى في العام 2019، ولاسيما إذا ماترافقت مع ضغط إقليمي ضد وكلاء إيران في العالم العربي.
والواقع أن العقوبات نجحت أكثر مما توقّع العديد من المشكّكين، علماً بأن تبعاتها لاتزال في مراحلها الأولى. لكن الضغط المالي الخارجي وحده لايؤدي أبداً في غالب الأحيان إلى تغيير النظام، ونادراً ما يفضي إلى إحداث تغيير في السياسة العامة. قد تسفر الحملة المالية المحضة ضد طهران عن إفقار البلاد، بيد أنها ستكون بلاداً موحّدة وعدائية، ولن تتوانى عن دفع وكلائها الإقليميين إلى تنفيذ خطوات أكثر خطراً باطّراد. لكن، في حال تلقّت إيران أيضاً سلسلة من الضربات الاستراتيجية في سورية والعراق واليمن وأماكن أخرى، فقد تُضطرّ إلى تعديل سياساتها وسلوكياتها لحماية أصولها.
ميشيل دنّ | باحثة أولى ومديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي
في لعبة الجينغا (Jenga)، يتناوب اللاعبون على إزالة القطع التي يتألف منها البرج الخشبي واحدةً تلو الأخرى، حتى يزيل أحدهم القطعة التي تؤدّي إلى تداعي الصرح بأكمله. وعلى نحو مماثل، تساءلتُ مؤخراً عما إذا شكّل مقتل جمال خاشقجي في 2 تشرين الأول/أكتوبر فاتحة انهيار الاستراتيجية الإقليمية التي صاغها كلٌّ من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد. كانت ردود الفعل الدولية متواصلة وقوية بشكلٍ غير معهود، كما أنها لم تستهدف فقط عملية الاغتيال الصفيقة هذه، بل أيضاً الحملة العسكرية الكارثية بقيادة السعودية في اليمن، وصراع المملكة العقيم على النفوذ مع قطر، وتعاملها القاسي مع المنافسين الملَكيين والناشطين الحقوقيين على حدٍّ سواء. وفيما حاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدفاع عن محمد بن سلمان، إلا أن أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ الأميركي (الذي يتمتع بسلطة كبيرة في النظام الأميركي) قرّروا أن ولي العهد ليس أهلاً للثقة، وسيلعبون الآن لعبة تعطيل شبيهة بما فعلوه مع روسيا. وفي غضون ذلك، باشرت دول أخرى وقف مبيعات الأسلحة إلى الرياض أما سؤال العام 2019 فيتمحور حول ما إذا كانت الأسرة المالكة قادرة على تغيير هذا المسار.
مركز كارينغي للشرق الأوسط