سألنا شباب عرب عن ألطف المواقف التي قام بها الغرباء تجاههم
في مواقف الحياة المختلفة التي تواجهنا قد نتعثر قليلاً وربما نفقد الأمل والثقة في حياتنا.. قد تأتي علينا أيضاً لحظة ضياع؛ أحياناً ضياع مادي بالمعنى الحرفي للكلمة وأحياناً ضياع معنوي ولكن قد يتدخل أحدهم في لحظة ما بعمل لطيف ليربت على أكتافنا المرهقة. سألنا شباب عرب عن ألطف الأعمال التي قام بها الغرباء تجاههم، ومع هذا المقال يمكن القول بأن الجملة المشتركة بين جميع من قابلناهم من الشباب والفتيات كانت “لم أنس هذا الغريب قط وسأظل أقدر ما فعله لأجلي.”
حين علم بمرضي لم يتركني للحظة واحدة طوال اليوم
“في مصر، أُطلقت حملة 100 مليون صحة للقضاء على فيروس “سي” والكشف عن الأمراض غير السارية مثل الضغط والسكر، كان أغلب الشباب يذهبون إلى الحملة بشكل روتيني إذ أثبت جزء من النتائج أن مرض فيروس “سي” غالباً ما يصيب كبار السن، في صباح يوم 4 فبراير من هذا العام قررت أن أذهب للحملة وحيداً، إذ كنت على ثقة بأن النتيجة حتماً ستأتي سلبية ولهذا لم صطحب أحداً معي. ولكن المفاجأة كانت أن النتيجة إيجابية واكتشفت أني مُصاب بفيروس “سي” ذهبت بعدها إلى مؤسسة الكبد لإجراء بعض الفحوصات وأثناء العودة سقط مغشياً علي، لينقذني أحد الشباب الذي علم من صور الأشعة أني مريض. صمم هذا الشاب على اصطحابي لأحد المطاعم الفاخرة إذ قال لي أن عينة الدم التي سُحبت مني هي التي جعلتني أفقد توازني. وبعد الغداء كانت هناك مباراة مهمة لفريقي المفضل ليفربول وذهب معي أيضاً لمشاهدة المباراة، رغم كرهه الشديد لكرة القدم، ومن ثم ذهبنا لأحد المقاهي الشعبية، وظل بجواري ولم يتركني حتى وصلت الساعة إلى الثانية عشر ليلاً.” – عبد الرحمن، 23 عاماً، مصر
سحبني من يدي إلى بيته أثناء المظاهرات في 2011
“كانت مظاهرات بلادنا تختلف عن غيرها من البلاد العربية، فلم نكن نستطيع أن نقف لنتظاهر في مكان ما لمدة طويلة إذ سرعان ما كانت تداهمنا قوات الأمن، وفي أحد المرات وبينما كنت نتظاهر أطبقت علينا قوات النظام السوري من كل مكان، وحرفياً لم يكن هناك مخرج، دخلت إلى أحد البنايات لأختبئ وإذ بيد تسحبني إلى داخل أحد الشقق. خبأني ذلك الغريب في بيته وهو يعلم أنه أمر خطير للغاية في بلادنا، بعث لأهلي يطمئنهم ومكثت في بيته عدة أيام حتى هدوء الأوضاع. لن أنساه أبداً.” – بلال، 25 عاماً، سوريا
أعطتني ثوب ابنتها المخبئ لجهاز عرسها
“منذ الصغر اعتدنا أن نركب السفينة القادمة من السودان إلى مدينة أسوان المصرية لكي نبيع المشروبات والعطور السودانية، حيث أعمل جاهدة لأساعد أبي على تربية أخوتي الثمانية، تستغرق رحلتنا في السفينة حوالي 18 ساعة. في أحد المرات خلال العودة إلى السودان داهمتني العادة الشهرية في غير موعدها ولم أكن أعلم كيف أتصرف، كانت السفينة مليئة بالسودانيين وكنت أبكي من الخجل، حتى رأتني إحدى الراكبات وأعطتني ثوب سوداني ألوانه زاهية وطلبت مني أن أبدل ملابسي بسرعة. بكيت أكثر وأخبرتها أنني سأغسله وأجلبه معي في المرة القادمة ولكنها رفضت بشدة، في سفريتنا اللاحقة عملت من صديقتها أنها اشترت الثوب الذي أعطته لي لابنتها من أجل جهاز عرسها.” – مشاعل، 27 عاماً، السودان
الغريب الأجنبي الذي شارك معي وجبة حلال
“حين كنت أدرس بالجامعة حصلت على فرصة لحضور مؤتمر هام في مدينة ليون الفرنسية، وبعد أن وصلت إلى هناك علمت أن فرصة حضور المؤتمر لا تشمل تناول الوجبات، بعد الاستراحة ذهب الجميع لتناول الغداء في أحد مطاعم المدينة الفاخرة، وهناك قرر جميع الطلاب أن يتناولوا وجبات مشتركة بسبب ارتفاع الأسعار، واجهتني حينها مشكلة أنني أبحث عن أكل حلال أو طعام يحتوي على الخضروات وليس اللحوم أو الدجاج. طلب جميع المتواجدين وجباتهم وجلست أنا في زاوية بعيدة أعد نقودي، حتى رآني أحد الجالسين في المطعم وسألني إن كنت أحب مشاركته في تناول بيتزا الخضروات، لم أصدق نفسي من الفرحة، إذ كنت جائعاً جداً وبالفعل تشاركنا في البيتزا وحين ذهبت لغسل يدي علمت أنه دفع ثمنها بالكامل، ومن بعيد رأيت نصف البيتزا الخاصة به لم تُمس أبداً.” – مروان، 27 عاماً، تونس
ضعت في اليابان وأوصلني لوجهتي
“حين كنت في زيارة لمدينة هيروشيما في اليابان ركبت القطار الخطأ وضعت تماماً، كانت العودة مكلفة للغاية إذ يجب أن آخذ القطار حتى النهاية وأعود لأركب من جديد، نزلت عند النهاية ولم أجد من أتحدث إليه إذ أن غالبية من قابلتهم يومها لا يتحدثون الإنجليزية. سألت بيأس أحد الشباب ورغم أنه لا يفهم الإنجليزية أبداً إلا أنه صمم على اصطحابي إلى وجهتي. لم يكن يفهمني ولم أكن أفهمه ولكن مع ذلك جلب لي دليل المدينة لأشير له على وجهتي وبعدها ذهب معي إلى هناك في رحلة استغرقت حوالي 6 ساعات.” – زينب، 22 عاماً، الأردن
صاحب المطعم الذي أمدني بوجبات غذائية طوال أسبوع
“أُصيب ابن عمي في حادث سير إصابة بالغة وذهب إلى المستشفى وحين علمت جدتي بذلك أصابتها نوبة قلبية ودخلت أيضاً المستشفى حزناً على ابنها، بعد عدة أيام مات ابن عمي ونصحنا الأطباء أن نخبئ الخبر عن جدتي لأن قلبها لن يحتمل. شُغل الجميع بمراسم الدفن وكنت أزور أنا جدتي كل يوم وفي كل مرة كنت أجاهد لأخفي عنها، أطبخ في البيت وأذهب إليها وفي أحد المرات استيقظت متأخرة وقررت أن أشتري الطعام من المطعم المواجه للمستشفى رغم ارتفاع أسعاره، ذهبت إلى هناك وأخبرني أحد العاملين أن طلب الوجبات يجب أن يتم بالحجز، جلست على الرصيف وبكيت.. بكيت بحرقة شديدة.. حتى جاء صاحب المطعم وأخبرته بقصتي كاملة، حينها خلع ملابسه وارتدى ملابس الشيف وصنع الطعام كله بنفسه.. سألني عن رقم الغرفة واعتاد أن يذهب لجدتي بالطعام كل يوم ويؤنس وحدتها.” – مريم، 30 عاماً، لبنان
العجوز التي رافقتي في شوارع مدينة فاس
“حين كنت أدرس بالجامعة بالدار البيضاء طُلب منا إجراء بحث ميداني في مدن المغرب التاريخية، قررت الذهاب لمدينة فاس ولكن لم أكن على دراية بأن شوارع المدينة الخلفية مخيفة للغاية وتعج بتجار المخدرات والمجرمين، بعد إجراء البحث والتقاط الصور أضعت الطريق، وفجأة رأيت خلفنا شباب على درجات بخارية يحاصرونني من كل جانب. لم أدر ماذا أفعل، حتى خرجت أمامي سيدة عجوز وقالت: مرحباً سارة لقد تأخرت كثيراً لقد قلقت عليكِ للدرجة التي جعلتي أخبر الشرطة باختفاءك؟ لماذا تركتي جدتك المريضة وحيدة؟ أخذتني من ذارعي ومشت بي التفت خلفي وأنا مذعورة وقالت لي لا تخافي لن يأتوا خلفك خوفاً من الشرطة، وأوصلتي إلى وجهتني. لقد كانت مريضة وتمشي بعكاز ولكنها لم تتركني حتى اطمأنت أن حافلتي قد تحركت.” – أميمة علوش، 31 عاماً، المغرب
فايس