عن اجتماع مستقلي المعارضة السورية في الرياض -مقالات مختارة-
الرياض وإفساد من لم يفسد/ عمر قدور
مفاجأة صغيرة سجلتها الرياض بدعوتها ثمانين “معارضاً سورياً مستقلاً”، من أجل انتخاب ثمانية منهم يمثّلون كتلة المستقلين في الهيئة العليا للتفاوض. وجه المفاجأة يتعين في ما يظهر كأنه صحوة سعودية إزاء الملف السوري بعد طول انكفاء عنه، خاصة أن الدعوة تزامنت مع هجوم روسي-أسدي على إدلب، وقبله فشل اجتماعات اللجنة الدستورية، أي أن التوقيت لا يحمل دلالات إيجابية لجهة التحضير لعملية سياسية، بل لا تلوح في الأفق المنظور بوادر لانطلاقها سوى على المنوال الذي يقوم فيه ممثلو الأسد بتعطيلها، أو بالأحرى بالتنكيل بجثتها.
دعوة الرياض الأخيرة معطوفة على الدور الذي أُسند إليها بموجب بيان فيينا في 30 أكتوبر 2015، حيث مُنح لها تشكيل هيئة التفاوض كبديل عن احتكار الائتلاف مهمة التفاوض، الائتلاف الذي أصبح مع الملف العسكري تابعاً لأنقرة بموجب القسمة ذاتها. لكن كما نعلم، منذ ذلك الوقت حصلت متغيرات عديدة، منها توقف المسار الأممي كلياً لصالح مسار أستانة، ومنها أن الأخير كرّس عملياً “قواعد تفاوض” تنسف نص بيان فيينا. المثال الأهم على ذلك البدء بمفاوضات اللجنة الدستورية، وبما يخالف الفقرة السابعة منه التي تنص على “عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية، على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة”.
لا يُنتظر إحياء بيان فيينا ككل، بعد أن بذلت موسكو جهوداً مضنية لتغليب “المسار الدستوري” على بقية المسارات التي كان يُفترض أن تعمل بالتوازي. بمعنى أن لقاء الرياض الحالي لن يتعدى تعديل جزء يسير من التركيبة الكلية التي تفاوض في ملف الدستور، فالمستقلون الثمانية وفق التركيبة الحالية هم أقل من ربع العدد الإجمالي لهم، وهناك حصة مماثلة تقريباً تحدد أسماؤها الفصائل العسكرية وحصة أخرى مماثلة للائتلاف وكذلك لمنصتي موسكو والقاهرة معاً. المغزى المعنوي لتحرك الرياض يفوق هذا التأثير المحدود جداً، في عملية متعثرة ولا أفق لها، فالرسالة الأهم هي عودة الرياض إلى الملف السوري.
الرسالة موجهة في الدرجة الأولى إلى أنقرة التي احتكرت طوال السنوات الأخيرة تسيير المعارضة، واليوم قد نكون على موعد مع فصل جديد من التنافس بين الجانبين يتعلق بالملف الليبي، ما استدعى من الرياض إحياء ورقة فيينا للتلويح بها أمام التدخل التركي هناك. إلا أن إحياء جثة فيينا ليس في متناول الرياض، ما لم تكن مسنودة بدعم دولي، غاية الأخير أيضاً توجيه ضغط لأنقرة لا إحياء تفاهمات فيينا كاملة، ولا البدء بعملية سياسية صارت محط سخرية غالبية السوريين، بعد أن أبدت القوى الخارجية التي اقترحتها منتهى الاستهتار بها.
التدخل التركي في ليبيا مرفوض من العديد من القوى الدولية والإقليمية بما فيها موسكو، ولا تغامر موسكو بعلاقاتها مع أنقرة من خلال الضغط عليها عبر الرياض، لأن شهر العسل بين الجانبين يوشك على الانتهاء مع الهجوم على إدلب. على العكس، من مصلحة موسكو الضغط على أنقرة بعد أن جنت بالتحالف معها المكاسب الممكنة من مسار أستانة، ميدانياً وسياسياً، وقد لا نكون بعيدين عن موسم تفجر الخلاف بين الجانبين لأنها ترى في الوجود العسكري التركي فيما تبقى من المناطق السورية مؤقتاً، في حين تسعى أنقرة إلى ربط إنهائه بالتسوية السياسية.
ورغم أن المعارضة المنضوية تحت النفوذ التركي التزمت بتوجهاته، من لعبة مناطق خفض التصعيد والالتزام بهدن لا يلتزم بها الطرف الآخر، مروراً بالمشاركة في مهزلة مؤتمر سوتشي، وصولاً إلى التصفية العملية لمضمونها العسكري والسياسي، فهذا مما لا تكتفي به موسكو. حتى قبل التدخل العسكري المباشر، سعت موسكو إلى تمييع تمثيل المعارضة بكافة الوسائل، وحتى تهافتها تحت النفوذ التركي أقل مما تطمح إليه عبر تشتيتها أكثر فأكثر، لتؤكد مرة تلو الأخرى على عدم وجود طرف معارض متماسك وله مصداقية للتفاوض معه.
ذلك بالطبع لا يمنح أية ميزة للمعارضة المنضوية تحت العباءة التركية، فهي بسبب ذلك أصبحت مثار استهجان غالبية السوريين. الدخول السعودي على الخط، وإن كان يُضعف الائتلاف وتوابعه، فهو لا يخرج عما هو مثار استهجان، لأن تحويل الولاءات بين هنا وهناك يبقى في دائرة الارتهان ذاتها. واقع الحال أن السوريين يرون في قسم من المعارضة ممثلاً لتركيا، وفي قسم آخر ممثلاً للرياض، وهناك تمثيل أيضاً لموسكو، بينما لا توجد كتلة ولو صغيرة يُنظر إليها كممثل مقبول لقيم الثورة.
بلا مجاملة أو تحامل، النظرة السائدة إلى المعارضة هي أنها فاسدة ولا تحظى بأدنى احترام. دعوة الرياض ثمانين “مستقلاً” لانتخاب ثمانية منهم سرعان ما انقلبت على المدعوين الذين سيُنظر إليهم جميعاً كأداة سعودية ليس إلا، وكأن المفعول الوحيد لها هو إفساد أو حرق المزيد من المتورطين. الأسماء التي انتشرت، والتي لم ينكر أصحابها دعوتهم، أعطت فرصة إضافية لتبيان التهافت، ففيها على سبيل المثال ثلاثة أشقاء غير معروفين أصلاً بنشاطهم أو حضورهم السياسي الملموس. فكرة الاستقلالية في حد ذاتها صارت عرضة للسخرية، فالأصل فيها وجود أفراد لهم حضور اعتباري يضيفون ثقلاً معنوياً بمشاركتهم، بينما تُستغل هذه الفكرة ضمن أوساط المعارضة وداعميها لحشر أشخاص لا يمتلكون رصيداً، وعدم امتلاك الرصيد ليس مصادفة بالتأكيد، بل هو لسهولة انقياد من لا رصيد له يخسره.
ما سبق لا تتحمل مسؤوليته الحصرية الرياض التي تسعى مثل غيرها وفق مصالحها، وإنما تتحمل مسؤوليته كافة الجهات الداعمة التي تعاملت مع المعارضة ضمن المنطق ذاته، ويتحمل مسؤوليته الأولى والأخطر سوريون قبلوا بأن يكونوا أدوات لهذه الجهة أو تلك. الضرر الذي وقع يبدو مستداماً حتى إشعار آخر، لأن أي وافد جديد للعمل ضمن المعارضة سيدفع ثمن سمعتها التي تراكمت خلال سنوات، وسيكون أيضاً بمثابة إفساد من لم يفسد من قبل إذا لم يكن ضالعاً في التراكم السابق. ما يفاقم السوء أن المتلهفين حتى الآن لإقصاء المعارضة بغالبيتهم من الناقمين الذين لم ينالوا حصتهم منها، أو من رعاية الدول الداعمة، وأن يحمل البعض منهم شعارات من قبيل القرار المعارض المستقل فذلك بالنسبة لهم لا يتعدى محاولة الدخول إلى السوق على أمل وجود مشترين، إن لم يكن المشتري جاهزاً ومضموناً من قبل.
المدن
———————-
المعارضون المستقلون السوريون يسمّون 8 لـ«هيئة التفاوض»/ فتح الرحمن يوسف
البيان الختامي يدعو إلى «خروج جميع القوات الأجنبية وفي مقدمتها الميليشيات الإيرانية»
خلص اجتماع ممثلي المستقلين لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي اختتم أعماله في الرياض، أمس، إلى انتخاب 8 أعضاء إلى «هيئة التفاوض السورية»، وضمت مناصفة 4 نساء و4 رجال.
وضمت القائمة كلاً من: هند مجلي ومنى أسعد ويسري الشيخ وصبيحة خليل ومهند الكاطع وبسام العيسمي وعبد الباسط الطويل ونبراس الفاضل، في حين ضمت قائمة الـ13 عضواً إلى الأمانة العامة، 3 سيدات و10 رجال، هم: عبير كمون وثناء كسر وسناء حويجة وبديع أبو حلاوة ورضوان أبو فخر ومحمد الكراد وفاضل عفا الرفاعي وتامبي قاسم وأسامة عاشور وعبد الرحيم خليفة وبيان الأطرش وأحمد شلاش وعماد الدين المصبح.
وأصدر اجتماع ممثلي المستقلين لقوى الثورة والمعارضة السورية، بياناً في ختام أعماله، أكد فيه أن «الهدف تكريس وحدة القوى حول رؤية وطنية للحل السياسي، تقوم على الالتزام ببيان (الرياض 2)، وما بني عليه تنظيمياً وسياسياً، وفقاً لبيان جنيف لعام 2012، وقراري مجلس الأمن الدولي رقم 2118 لعام 2013 ورقم 2254 لعام 2015».
وأوضح البيان أن «الهدف من ذلك بناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تعتمد على مبدأ المواطنة المتساوية، وتعكس تنوع وغنى المجتمع السوري، وتحترم حقوق الإنسان، ويضمن دستورها حقوق وثقافات ولغات جميع مكونات المجتمع، التي تمثل خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها، على قاعدة وحدة البلاد أرضاً وشعباً وسلامتها الإقليمية».
وأكد المجتمعون، على «العملية السياسية لتحقيق انتقال سياسي عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي، كاملة الصلاحيات، لإنشاء بيئة آمنة وهادئة ومحايدة، من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة، يشارك فيها جميع السوريين داخل البلاد وخارجها، تحت إشراف الأمم المتحدة، ورقابة المنظمات الدولية المعنية بنزاهة الانتخابات».
وشدد البيان على ضرورة إطلاق سراح كافة المعتقلين والمعتقلات، والكشف الفوري عن مصير المختطفين، والمغيبين قسراً، مطالباً المجتمع الدولي بالإيفاء بالتزاماته، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة وتخليصها من الفساد وإعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية.
ونادى البيان بتطبيق مبدأي المساءلة والمحاسبة بحق مرتكبي جرائم الحرب والإبادة والفساد بحق السوريين، مع إدانة القصف الوحشي على المدنيين والمناطق الآهلة بالسكان، مع ضرورة العودة الطوعية الآمنة للنازحين واللاجئين والمهجرين إلى مناطقهم، مدينين كل أشكال التغيير الديموغرافي، وإرهاب الدولة.
ودعا المجتمعون إلى «خروج جميع القوات الأجنبية، والميليشيات الطائفية، في مقدمتها القوات الإيرانية وميليشياتها»، مطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في هذا الصدد، فضلاً عن رعاية العملية السياسية والدستورية، وتعزيز دورها حيال تعطيل النظام للعملية التفاوضية وإفشالها.
واتفق المجتمعون على تكليف الأمانة العامة المنتخبة، بالعمل على توسيع الهيئة العامة لوفد المستقلين، بضم شريحة من الشخصيات الوطنية المستقلة، وإشراك المرأة والشباب، وتأطير عملها.
من ناحيته، قال القاضي حسين حمادي رئيس المكتب التنفيذي، بالهيئة الوطنية للقانونيين السوريين المستقلين، وأحد أعضاء المستقلين الذين فازوا بعضوية ممثلية المستقلين في الدورة الجديدة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه حضر الاجتماع 70 شخصاً، و«تمت العملية، بحرية وديمقراطية تامة، ولم تتدخل المملكة بأي توجيه أو إحداث أمر ما، وإنما تم الأمر بمنتهى الشفافية والنزاهة».
ولفت في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن أغلب المؤسسات السورية الوطنية، ليست لها أي شرعية أو مشروعية، بمعنى أنها غير منتخبة وغير مؤسسة بشكل سليم، منوهاً إلى أن هذا اللقاء المؤلف من 70 عليه أن يصنف نفسه هيئة تأسيسية، تنتخب أمانة عامة تأسيسية، ووفداً للتفاوض، ويكلفون بتوسعة هذا الوفد، بحيث يتم تأسيس هيئة عامة، لكامل المؤسسين.
واقترح حمادي، أن تضم هذه الأمانة، شرائح اجتماعية، منتمية لفكرة الدولة الوطنية، بحيث تكون نواة صلبة تسمح باستمرار هذا الشكل، وتمنحه شرعية ومشروعية، حيث تم تبني هذا المقترح في البيان النهائي، وأصبح لزاماً على الأمانة العامة، العمل على توسيع وتشكيل الهيئة العامة الموسعة التي لها الحق في إعادة النظر في تسمية الهيئة العامة بصفتها السلطة العليا.
وأضاف حمادي: «بالعودة قليلاً لمخرجات (جنيف 3)، ارتأى المجتمع الدولي بتشكيل وفد للتفاوض، حيث تم تشكيله من 5 شرائح، منها شريحة لقيادة قوى الثورة، وشريحة لمنصات المعارضة، وأيضاً للمستقلين، إذ تم رعاية هذه الوفد شريطة أن يكون لهذه الوفود، يخضع لوجهة نظر جديدة خلال عام من تكوينها».
ولفت حمادي، إلى أن ما جرى جاء في إطار إيجابي، منها انه شارك في الاجتماع في حدود 70 شخصية من أصحاب الكفاءات ومن كل أطياف الشعب السوري.
من جهته، قال بشار الحاج علي، عضو اللجنة الدستورية، لـ«الشرق الأوسط»، إن السعودية «لعبت دوراً كبيراً في دعم قضية الشعب السوري، ومنحها التفويض الدولي في جمع المعارضة السورية، حيث وجهت دعوة لاجتماع المستقلين بالرياض». وأضاف علي: «من الطبيعي أن يرضى الجميع من السوريين بحكم أنها شريحة واسعة، ولكن ضمن رؤية الشعب. إن المعايير التي ضبطت هذا الاجتماع كانت ممتازة، والأعضاء المجتمعون يمثلون شرائح مختلفة من الشعب السوري، ومستويات عليا في مختلف التخصصات، ومناطق مختلفة في الداخل السوري وفي بلاد المهجر».
ولفت علي، إلى أن لجنة المتابعة التي دققت ملفات المدعوين، وجرت العملية بكل حرية وديمقراطية، تجاوزت حالة الارتباك التي رافقت بداية الاجتماع، بسبب نقص في خبرات التنظيم، ولكن عادت الى الاطار الصحيح، وتعرض الاجتماع لمؤتمر «الرياض 2»، وتوضيح بيان «الرياض 2»، وأهميته السياسية، ودعم هيئة التفاوض، وآلية العمل.
وبين علي، أن فكرة وضع مرجعية للمستقلين استدراك لخطأ وقع سابقاً، كان يضيع هوية المستقلين، ويضيعهم بين الولاءات الشخصية، بجانب مناقشة بيان الاجتماع الذي سلط الضوء على تطلعات الشعب السوري، استناداً للقرارات الدولية، فضلاً عن تقدير دور المملكة الكبير في تنظيم هذا الاجتماع بجدية من دون أي تدخلات.
الشرق الأوسط
——————-
تهافت المعارضة السورية: الاسترزاق/ عبدالناصر العايد
حدثان شهدتهما الساحة السياسية السورية المعارضة في الأيام القليلة الماضية، يستحقان من المعارضة بشقيها العسكري والسياسي، “التوقف” وتفحص المكان و”المكانة” التي وصلت إليها.
الحدث الأول سياسي، ويتمثل في جلب المملكة السعودية، الراعي العربي الأول للمعارضة السورية، نحو 80 شخصاً، إلى الرياض لعقد مؤتمر، الغاية منه تقويض كل من “الائتلاف” و”هيئة التفاوض”، وتهافت فئة جديدة من المعارضين الذين لم يُمنحوا أدواراً سابقة للقيام بهذه المهمة بحماس اجتمعت فيه الرعونة مع الانتهازية وقلة الخبرة، لتنتج مشهداً كاريكاتورياً مخجلاً، إن لم يكن مخزياً.
بدورهما، لم يكن “الائتلاف” و”الهيئة العليا للمفاوضات” أفضل حالاً، فطريقة تشكيلهما، والتهافت الذي ترافق مع تعيين الأعضاء، لا يقل في تجاوزه لأبسط القيم المؤسسة للعمل السياسي الوطني، ما اقترفه أعضاء مؤتمر “الرياض 3”. إذ أن من حلّوا في واجهة “الرياض 2″، جاؤوا إلى مناصبهم في الواقع بعد اطاحتهم برفاقهم في “الرياض 1″، فجاء من يطيحهم بطريقة أكثر صفاقة. وهكذا محطة بعد محطة يصبح العمل السياسي المعارض أكثر انحطاطاً، وواجهات المشهد أكثر رخصاً واستتباعاً.
على المقلب الآخر، تتوارد أنباء تتزايد مصداقيتها يوماً بعد آخر، حول إرسال تركيا لعدد كبير من مقاتلي المعارضة المرتبطين بها إلى ليبيا، لقاء رواتب تبدو عالية مقارنة بما يحصده هؤلاء المقاتلون في سوريا، لقاء “الاسترزاق” في معارك تركيا داخل سوريا، ضد “حزب العمال الكردستاني” وذراعه السوري.
مسؤولية وقوع هذين الحدثين في النهاية، أو ما أوصل السوريين إلى حضيضهما، تقع على أطراف الدول الراعية للمعارضة، التي هوت بها إلى مصاف الأداة والاسترزاق، سواء من حيث اختياراتها أو توجهاتها، أو الأفق الذي تضع فيه تلك المعارضة. لكن النصيب الأعظم من المسؤولية يقع على المعارضة ذاتها، وعلى نخبها المنكفئة بالدرجة الأولى.
ليس صحيحاً على الاطلاق إن من نشاهدهم في “هيئة التفاوض” أو “الائتلاف” أو “الرياض 3″ هم الفئة السياسية السورية المعارضة. يكفي ان نلقي نظرة على الأسماء التي قادت تلك المعارضة في السنتين الأوليين من الثورة، ونتساءل أين أصبحوا؟ يكفي أن نبحث في الآلية والمعايير التي صعدت بها الفئة الحالية لنفهم أنهم ليسوا الأفضل، بل ربما الأكثر استعداداً لتقديم التنازلات للجهات الداعمة و”الضامنة” على حساب القضية الوطنية. هناك مجموعة كبيرة من الكفاءات والشخصيات والتجمعات، التي تمت ازاحتها من المشهد كلياً، بفعل فاعلين، أو أنها اختارت بذاتها النأي عن الصراع الداخلي على المكاسب والمغانم، الذي وسم مؤسسات المعارضة منذ ولادتها سنة 2011 وحتى اليوم، بدافع من احترام تلك الشخصيات لذاتها، أو لقيم العمل السياسي الوطني، أو حفاظاً على رصيدها وسمعتها، بانتظار “نضج الظروف”، التي يبدو أنها لن تنضج كما يأملون، إذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال من التنازع التنازلي.
ليس صحيحاً أيضاً، إن الفئة السياسية السورية الحقيقية غير قادرة على فرض نفسها، وطرد “العملة السيئة” من التداول. فالمشهد الشعبي مقروءاً في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام البديل، ينبئ بأن الكتلة الشعبية تبحث عن الأجود والأكثر أصالة. وهي تنبذ الظواهر العبثية التي تطرأ كل يوم، وتُسخّفها وتنكرها، وهي مستعدة وقادرة على إنتاج الحقيقي، بشرط منح سوريا ومستقبلها الأولوية في الأجندة لا استخدام ذلك لقاء سلطة محتملة، أو منصب مرتقب.
ليس صحيحاً أيضاً، إن العزوف عن الانخراط في العمل بظروفه الحالية، يرفع من حظوظ المترفعين في زمن آخر، وليس من ضمانة بأن الجمهور السوري سيقف عند باب أحد من السياسيين متوسلاً إليه أن يهبط إلى ميدان لعمل السياسي لإنقاذه من المآزق التي حشره فيها الانتهازيون وراكبو موجة الثورة وأمراء الحرب. إذ أن نتائج أي سيرورة اجتماعية/سياسية، لا تنفصل عما حدث خلالها، وغالباً سيبقى المترفعون في عليائهم المتوهمة، بعيداً عن الأرض، والفعل والتأثير، ولن يسمع أحداً بهم أو لهم.
في الأيام القليلة الماضية، أصدّر عدد من السياسيين والمثقفين والنشطاء السوريين بياناً مضاداً لعمليات تجنيد المقاتلين السوريين في ليبيا، بدأ الأمر بنحو 10 موقعين، وفي ساعات قليلة قفز العدد إلى نحو 800. وكان الأكثر إثارة للدهشة هو عدد الموقعين من تركيا، التي وجه البيان في الواقع لها، استنكاراً ولوماً، وأحدث ذلك نوعاً من حملة مضادة للاسترزاق، بالمعنيين الأخلاقي والسياسي، ساهمت إلى حد بعيد في كبح جماح جماعات وافراد، ووضع حدا لسلوكهم المتهافت، لا على الصعيد العسكري وحسب، بل والسياسي أيضاً.
والغاية من سوق هذا المثال هو طرح تساؤل عن السبب الذي يمنع المعارضتين السياسية والعسكرية من البناء على هذا النموذج الايجابي أو آخر مثله، تدريجياً، وبوعي عميق وثابت، ليبدأ من مناهضة الاسترزاق السياسي والعسكري، صعوداً إلى الدفاع عن استقلالية الإرادة والقرار السوري، ووصولاً إلى صياغة وصيانة مفهوم وقيم الكرامة الوطنية، التي يجري امتهانها يوماً بعد يوم، لصالح ولاءات حزبيه ضيقة، أو مكاسب شخصية بائسة.
كلمة السر البسيطة والواضحة، لخروج المعارضة السورية من متاهتها، التي أدخلت جمهور الثورة فيها، هو “التنظيم”، بمعنى تنظيم قيمها وأولوياتها مجدداً، وتنظيم قواها وامكانياتها ومواقع اشخاصها، ونبذ “العملة السيئة” من ميدان السياسة والعسكرة المعارضة، قبل أن تطردهم جميعاً، ليصبح الميدان بالفعل خالياً لنظام الأسد، الذي سيصبح مطلب إعادة تأهيله، لا مطلباً لبعض القوى الإقليمية والدولية وحسب، بل حاجة اجتماعية وسياسية سورية داخلية.
المدن
———————-
بوادر انقسام في هيئة التفاوض السورية المعارضة: صراع داخلي جديد قد يؤثر على المفاوضات/ بهية مارديني
عكس المؤتمر الصحافي الذي انتهى قبل قليل لرئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري فصلا جديدا من صراعات المعارضة السورية وسط مخاوف من انقسام الهيئة الى هيئات.
وتحدث الحريري عن عدة اعتراضات على اجتماع المستقلين والذي انطلقت أعماله اليوم، على أنه “مؤتمر لم يستند الى أسس قانونية، و عُقد على عجل، ولم يكن هناك وقت لاختيار الشخصيات المشاركة كما أن بعضها لم يكن مستقلاً وكانت علاقة القرابة بين صفوف المشاركين، فضلاً عن انه لم يضم أشخاصاً من الداخل السوري”.
تمرير
عبّر العقيد الركن فاتح حسون القيادي في الجيش السوري الحر وعضو الائتلاف الوطني السوري المعارض في تصريح لـ”إيلاف” عن مخاوفه من تمرير “كتلة مستقلين” ضمنها ممثلون عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وأخواتها، أو إدخال أعضاء بطريقة المحسوبيات والمزاجية والإقصاء، في وقت يترأس فيه هيئة التفاوض عضو من الائتلاف”.
واعتبر أن “الائتلاف كله مآخذ، ولا بد من إيجاد حلول سياسية لمنع ذلك، وإن أُسقط في أيدينا كقوى ثورة ومعارضة سورية ولم نستطيع تعديل آلية الدعوة والاختيار، فترك “الجمل بما حمل على قلة ما يحمل” تدريجيا أفضل، لا سيما أنّ هناك امتعاضا مما حدث من عدة جهات دولية تواصلت معها، وأبدت لي ذلك، ومنها من قال في حال إتمام ذلك فسيكون عرقلة للعملية السياسية برمتها”.
تمني
من جانبه تمنى الاعلامي السوري أيمن عبد النور لجميع المشاركين من المستقلين في اجتماع الرياض الْيَوْم النجاح وأن يحسنوا اختيار ممثليهم، وتذكر أنهم يختارون ممثلين لهيئة تفاوض وليس لجمعية خيرية او منظمة مجتمع مدني فلكل منها صفات مختلفة يجب ان يتحلى بها الشخص كي نضمن نجاحه في عمله الذي نريده منه”.
و رأى “انه من المناسب ان يكون لدى المرشح معرفة كبيرة للعلاقات الدولية وخبرة في مهارات التعامل والتفاوض والتخطيط الاستراتيجي والحنكة والحذاقة والهدوء الكامل غير القابل للاستفزاز وحسن تشكيل فرق العمل، والعمل ضمن مجموعة والاستمرار والالتزام بقراراتهم، ويحسب له اذا كان ممن خبر اللقاءات والاجتماعات الدولية السابقة واكتسب منها واتقان لغات اجنبية ومعرفة تاريخ سوريا وحضارتها وعلاقاتها واين يكمن امنها القومي، على حدّ تعبيره.
إدلب
فيما يتعلق بادلب، قال نصر الحريري في المؤتمر الصحافي الذي عقده في اسطنبول الْيَوْم: “نحن لم نكن جزءاً من مفاوضات ادلب كونه اتفاق دولي، وجاء في اطار موتمر استانة، وتركيا دولة ضامنة وعليها مسؤولية، ونحن في الوقت الذي نجرم فيه النظام، نسأل أين الضامن كيف يضمن ومتى؟”
وأشار الى أن “النظام وحلفاؤه لم يلتزموا بالاتفاق، ولا توجد ارادة دولية لاجبار النظام ليلتزم بالاتفاقية، فدول العالم أدرات ظهرها لنا، ونحن نقوم بمساعدة السوريين قدر الإمكان، ومستمرون في المفاوضات مع الروس لوقف إطلاق النار”.
ايلاف
——————-
————————
السعودية تنازع تركيا على هيئة التفاوض السورية … وعدد النازحين من إدلب يقترب من الربع مليون/ هبة محمد
دمشق ـ «القدس العربي» : تفجرت، أمس الجمعة، خلافات جديدة داخل المعارضة السورية، تحديداً هيئة التفاوض، حيث أعلن رئيسها نصر الحريري، أن الاجتماع الذي شهدته العاصمة السعودية الرياض، لانتخاب ممثلين مستقلين جدد في الهيئة، لا يستند لأي إجراء قانوني.
وأضاف في مؤتمر صحافي عقده، في مبنى الائتلاف الوطني لقوى الثورة، في مدينة إسطنبول التركية، أن «الاعتراضات على اجتماع الرياض لأسباب قانونية، فلا يوجد سند قانوني في بيان الرياض أو في النظام الداخلي لهيئة التفاوض ينص على عقد مثل هذا الأمر».
وأضاف: «من الناحية السياسية، نرى أن عقد هذا الاجتماع بهذه السرعة يهدد عمل اللجنة الدستورية، ولن يخدم المعارضة بأي حال، وهذا الأمر يعطي الفرصة للنظام باتخاذه ذريعة للتهرب من اللجنة وبالتالي التأثير على سير العملية السياسية ولا يمكن أن نتنبأ بالعواقب».
ولفت إلى «وجود ملاحظات عدة حول القائمة التي تم اختيارها (الممثلون الجدد)، حيث لا تحتوي على أي سوري من الداخل السوري، إضافة إلى أن الكثير من الشخصيات المدعوة ليست مستقلة، بل تنتمي إلى مكونات وأحزاب سياسية، علاوة على أنه سادت عليها لغة المصلحة والعلاقات الشخصية».
كما أشار إلى أنه لم تتم دعوته كرئيس لهيئة التفاوض، كما لم تتم دعوة أي مكون من مكونات الهيئة إلى المؤتمر، معتبرا أنه يوجد فرق ما بين «استضافة المعارضة وتصنيعها».
وأعرب عن أمله بأن تعيد السعودية النظر في بنود الاجتماع، وتتذكر معاناة الشعب السوري، والخروج بحوار ولقاء تشاوري دبلوماسي مع أعضاء هيئة التفاوض.
ويبدو أن السعودية تسعى لانتزاع مزيد من المقاعد في هيئة التفاوض القريبين من تركيا ليكون في صفها، والحديث هنا يجري عن 8 من المستقلين، حالياً 6 منهم قريبون من الائتلاف، أي من تركيا. ومن المفترض أن يجري انتخاب أعضاء جدد.
وحسب ما قال مصدر مطلع في «القدس العربي»، فإن «السعودية جمعت حوالي 80 شخصية من المعارضين السوريين لانتخاب الأعضاء المستقلين في الهيئة، ومن بين الشخصيات المشاركة راسم الأتاسي وحسين حمادي وبديع أبو حلاوة».
وتأتي المحاولة السعودية، في ظل تصعيد من قبل النظام وروسيا ضد إدلب،
فقد قالت الأمم المتحدة إن 235 ألف مدني فروا من منازلهم في شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة خلال حملة عسكرية تدعمها روسيا شملت ضربات جوية وقصفا هذا الشهر.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن موجة النزوح الجماعي وقعت في الفترة من 12 وحتى 25 من كانون الأول/ديسمبر. وأضاف المكتب أن أغلب النازحين فروا من مدينة معرة النعمان وبلدات وقرى في جنوب محافظة إدلب ومن مدينة إدلب ومن مخيمات على الحدود السورية التركية.
وزاد «مع التصعيد الأخير في العنف في شمال غرب سوريا، يعاني المدنيون في محافظة إدلب مجدداً من التبعات المدمرة للأعمال القتالية». وأشار المكتب إلى أن تقارير تقول إن معرة النعمان ومنطقة الريف المحيط بها «أصبحت خالية تقريباً».
ووسط معاناة مئات آلاف النازحين الذين وصلوا إلى المناطق القريبة من الحدود السورية التركية، من عدم توفر أماكن وخيم لاحتوائهم مع اشتداد البرد في المنطقة، إلى جانب النقص المزمن في الغذاء والاحتياجات الأساسية، بات مشهد افتراش النازحين ومعهم أطفالهم للأرض وهم يلفون أنفسهم بالبطانيات لدرء البرد، حتى أصبحت الخيمة حلماً صعب المنال. وأفاد النازح في مخيم الكرامة محمد جلول لمراسل الأناضول، أنهم اضطروا للنزوح إلى المخيم بعد الاستهداف الهمجي لطيران روسيا والنظام لبلدتهم في ريف إدلب الجنوبي.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات عنيفة شهدها محور الدير غربي بريف معرة النعمان الشرقي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، والفصائل وهيئة تحرير الشام من جانب آخر، ترافقت مع قصف واستهداف متبادل، حيث تمكنت المجموعات المعارضة من استعادة السيطرة على نقاط كانت قوات النظام قد تقدمت إليها خلال الساعات الفائتة. بينما ذكرت وكالة النظام الرسمية «سانا» أن وحدات الجيش حققت تقدماً في ريف إدلب الجنوبي الشرقي وسيطرت على قرى ومزارع عدة. الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي، قال لـ«القدس العربي»، إن قوات النظام السوري استطاعت خلال أيام معدودة من السيطرة على أكثر من 30 قرية وباتت على بعد بضعة كيلومترات من مدينة معرّة النعمان الاستراتيجية جنوب شرقي إدلب.
وأحصى فريق «منسقو استجابة سوريا» خسائر المعارك والقصف في محافظة إدلب خلال عام 2019، بما فيها الخسائر البشرية واللوجستية والمراكز الحيوية. وقال الفريق في إحصائية نشرها على معرفاته الرسمية، أمس الجمعة، إن أعداد الضحايا في إدلب بلغت منذ بداية العام الحالي، 1703 أشخاص، منهم 1233 مدنيًا، بنسبة 72٪ من إجمالي الإحصائية، و470 طفلًا بنسبة 25٪. وأضاف التقرير أن ضحايا كوادر العمل الإنساني خلال الفترة ذاتها بلغ ثمانية عمال إنسانيين، و11 من كوادر من الدفاع المدني، و12 مسعفًا وسبعة من الكوادر الطبية. وبلغت أعداد المنشآت والبنى التحتية المستهدفة في المحافظة، 143 منشأة تعليمية، و82 منشأة صحية، و23 مخبزًا، وثماني محطات مياه، وست محطات توليد للطاقة الكهربائية. وأوضح الفريق أن أعداد النازحين داخليًا خلال عام 2019، بلغت مليونًا و182 ألفًا و772 نسمة.
القدس العربي
اجتماع الرياض: اختيار “مستقلين” لهيئة التفاوض السورية وسط اعتراضات/ جلال بكور
انتخب مجتمعون في الرياض أعضاء “مستقلين” لإضافتهم إلى جسم “هيئة التفاوض السورية”، وذلك في ظل غياب أعضاء وتشكيلات ممثلة في هيئة التفاوض، واعتراض على قانونية الاجتماع.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” إنه تم انتخاب أو إقرار أسماء مهند القاطع، بسام العيسمي، نبراس الفاضل، عبد الباسط الطويل، هند مجلي، منى أسعد، صبيحة خليل، ويسرى الشيخ، ليتم زجهم وإضافتهم إلى كتلة المستقلين في الهيئة، مشيرة إلى أنه لا تتوفر معلومات دقيقة عن جميع الأسماء المذكورة.
وبحسب المصادر، تسعى السعودية، من خلال الاجتماع الأخير، إلى السيطرة على كتلة المستقلين، بهدف التأثير على سير عمل الهيئة.
وكان رئيس هيئة التفاوض السورية، نصر الحريري، قد انتقد، في مؤتمر صحافي أمس الجمعة، الاجتماع الذي تمّ في العاصمة السعودية الرياض، لانتخاب ممثلين مستقلين جدد في الهيئة، وقال إن الأمر “لا يستند لأي إجراء قانوني”.
وكانت مصادر متعددة في المعارضة السورية قد كشفت، لـ”العربي الجديد”، الأحد، أن السعودية تقود حراكاً مكثفاً يهدف إلى إدخال تغييرات على تركيبة الهيئة العليا للمفاوضات السورية التي تستضيفها، من بوابة الأعضاء المستقلين. وبحسب هذه المصادر، فإن هدف الرياض الرئيسي يتلخص في تقليص نفوذ تركيا داخل الهيئة، وفتح المجال لضمّ شخصيات جديدة من “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) أو وحدات الحماية الكردية.
ووفق المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن سعي السعودية هو “لتشكيل مرجعية للمستقلين، لتكون هي صاحبة الكلمة عليهم، من دون أن يتم احتسابهم على أحد المكونات”، موضحة أن المشروع السعودي قديم، ويعود إلى أكثر من عام، وكانت الفكرة أن يتم عقد مؤتمر للمستقلين، لتكوين مرجعية لهم مثل بقية المكونات لهيئة التفاوض، كالائتلاف وهيئة التنسيق.
واعتبرت المصادر أن توقيت المؤتمر مريب، خصوصاً أنه يأتي في وقت توقفت فيه اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، بسبب مواقف النظام الرافضة للخوض في الدستور، في مقابل موقف المعارضة بعدم التنازل وعدم الاستسلام، والانفتاح على مناقشة المضامين الدستورية.
يذكر أن تشكيلات المعارضة السورية مرّت، منذ بدء الحراك الشعبي في عام 2011، بمراحل عديدة، وأجسام سياسية مختلفة، بدأت بالمجلس الوطني، مروراً بالائتلاف السوري ومنصات أخرى، وانتهت بتشكيل مظلة جامعة تتمثل في هيئة التفاوض السورية التي تولت، منذ تأسيسها قبل أربعة أعوام، العملية السياسية وفق مرجعية جنيف، وهي تضم كتلاً ومكونات عدة، وتقود العملية السياسية من بوابة اللجنة الدستورية التي تشرف عليها من جانب المعارضة.
العربي الجديد
——————————–
اجتماع مستقلي المعارضة السورية:إنقلاب سعودي على الائتلاف/ صبحي فرنجية
كشف رئيس “هيئة التفاوض” السورية نصر الحريري، عن تحفّظ مكونات أساسية في “هيئة التفاوض” على آلية انعقاد اجتماع المستقلين في الرياض، وتقديم اعتراضات قانونية وسياسية عليه.
وقال الحريري خلال مؤتمر صحافي، الجمعة، إن الاعتراضات التي وصلته تؤكد عدم وجود سند قانوني لعقد مثل اجتماع الرياض، إضافة إلى أنه كان بحاجة إلى تشاور وتنسيق وانخراط كافة الأطراف السورية. وأضاف أن الاجتماعات عُقدت بسرعة في الوقت الذي تتجه الأنظار فيه إلى “اللجنة الدستورية” التي لم تحسم المعارضة بعد موضوع مشاركتها في جولتها المقبلة.
وبدأت اجتماعات معارضين سوريين “مستقلين” في العاصمة السعودية الرياض، الجمعة، وسط غياب 4 من المدعويين الـ70 لما قيل إنها أسباب “لوجستية”، ومن المنتظر أن يختار المجتمعون ممثليهم الـ8، في “هيئة التفاوض”، السبت. وللمستقلين 8 ممثلين في “هيئة التفاوض” المؤلفة من 36 عضواً، في حين أن للائتلاف 8 ممثلين، و4 لكل من منصتي القاهرة وموسكو، و5 عن “هيئة التنسيق”، و7 عن الفصائل المسلحة.
وكانت الخارجية السعودية قد وجّهت الدعوة لـ”مستقلين” معارضين، استكمالاً لمجريات “الرياض 2″، بحسب ما قالت إنه “وفقا لدورها الذي كلفت فيه بموجب بيان فيينا والقرار 2254″، وعزت الدعوة إلى “مضي أكثر من عام على الاستحقاق الانتخابي للهيئة”.
وتابع الحريري، أن عقد هذا الاجتماع جاء في الوقت الذي تشهد فيه أيضاً إدلب كارثة إنسانية، وأن “الأولى هو متابعة ما يحدث في إدلب ومساعدة المدنيين على النجاة من عمليات القصف الوحشية”. كما أن الاعتراضات طالت لائحة المدعوين للاجتماع، والتي لم تضمّ أي شخص من المناطق المحررة، وأن الكثيرين من المدعوين من غير المستقلين ممن ينتمون إلى تشكيلات وأحزاب سياسية. وأوضح: “سادت صبغة الشللية والأقارب والمصالح والعلاقات الشخصية”.
وصعّد الحريري من انتقاده للاجتماعات التي قال إنه كرئيس “هيئة تفاوض” لم يُدعَ لها، وإن “استضافة المعارضة تختلف عن صناعة المعارضة، فيجب أن يكون للمعارضة السورية الدور الأبرز في التحضير والترتيب للاجتماعات والدعوى لها. لا يمكننا إلا أن نكون سوريين، وأن مقاربتنا لأي مسألة تنطلق من مدى مواءمة وفائدة هذه الخطوة للثورة ومصالح الشعب السوري”، وعقّب: “لا نرضى ولا نقبل ولا نتمنى أن نكون جزء من أي محور”.
ولفت الحريري إلى أنه “وبناء على كل ما سبق”، فإن الأطراف المعترضة “ترى أنها غير معنية بالاجتماعات ولا يمكن القبول بنتائجها”، محذراً من انقسام المعارضة السورية الذي يهدد عمل “اللجنة الدستورية” ويعطي الحجة للنظام لتعطيل عملها. وحثّ الحريري المملكة إلى النظر في “مخرج بالحوار الدبلوماسي الهادئ لتجاوز هذه المسألة”، مشدداً على أن “حماية المعارضة من الانقسام هي بيد الأخوة في المملكة”.
ويأتي المؤتمر الصحافي بعد تجاهل سعودي لرسالة أرسلها “الائتلاف السوري” المعارض، الخميس، إلى الخارجية السعودية يعترض فيها على طريقة عقد الاجتماع، معتبراً بأن التحضيرات له لم تحظ بالتشاور الكافي. وأشارت الرسالة إلى وجود “أعضاء مشكوك بانتمائهم لتنظيمات إرهابية”، هذا عدا عن “صلة القرابة بين الأعضاء المدعوين، ما يشكك بنزاهة الاجتماع”. كما أشارت الرسالة إلى أن الاجتماع لم يأخذ بعين الاعتبار المستقلين في سوريا والمناطق المحررة على وجه الخصوص، بالإضافة إلى أن “توقيت الاجتماع جاء في وقت حساس وهو الاوضاع الخطيرة بإدلب، وانطلاق عمل اللجنة الدستورية”.
مصادر “المدن”، قالت إن الرياض والقاهرة ومن خلال عقد هذا المؤتمر تريد سحب ورقة زعامة “الهيئة” من “الائتلاف” لصالح كتل أخرى مثل منصتي القاهرة وموسكو وكتلة المستقلين، خصوصاً أن الائتلاف على تحالف مع ممثلي الفصائل والمستقلين في “الهيئة”، وذلك يعني أن الرئيس القادم لـ”الهيئة” هو من هذا التحالف حتماً، أما الآن ومن خلال هذه الخطوة تكون السعودية ومصر قد سحبتا ثمانية أسماء من التحالف، ما سيرجّح كفة الكتل الأخرى.
وأشارت المصادر إلى أن هذا التغيير في التركيبة صاحبة القرار في “الهيئة” سيكون كارثة حقيقية، إذ أن أعضاء “اللجنة الدستورية” هم ضمناً من “هيئة التفاوض”، والرياض مع القاهرة ستملكان ورقة الفصل في الملف، إذ أن التصويت دائماً سيكون من صالح الكتلة الجديدة، وهو أمر يراه “الائتلاف” نقطة تحول في مسار السياسة السورية المعارضة، وانتقال إلى عهد تشقق جديد يُعطي وفد النظام أولوية في المرحلة المقبلة ككتلة متماسكة. وتوقعت المصادر أن يبدأ التغيير على مستوى أعضاء “اللجنة الدستورية” بعد تغيير المستقلين في “الهيئة”.
ويبقى الأمر الآن بيد السعودية، التي تحاول استبعاد التأثير التركي على الملف السياسي السوري، في الاستجابة لنداء الحريري الذي سيغادر منصبه قريباً، لتجنيب المعارضة السورية انقساماً جديداً في صفوفها، أو أن تكمل الرياض خطوتها وقلب الأوراق على الطاولة السورية، وقيادتها نحو نهايات مختلفة.
وكانت مصادر أخرى قد أشارت لـ”المدن” أن “مؤتمر الرياض هو من ترتيب عضو هيئة التفاوض السابق خالد المحاميد، ورئيس وفد الهيئة إلى اللجنة الدستورية هادي البحرة، والهدف منه هو الإطاحة برئيس هيئة التفاوض نصر الحريري”.
الرئيس المشترك عن المعارضة في “اللجنة الدستورية” هادي البحرة، نفى لـ”المدن” وجود محاولة لتحييد الحريري، قائلاً إنها “كوميديا سوداء وخيال واسع لا أساس له ولا منطق”.
وأكد البحرة أن “أعضاء الائتلاف في هيئة التفاوض يمثلون مرجعية واحدة ويلتزمون بقراراتها ولا يمثلون أنفسهم في “الهيئة”. ولا يوجد أي خلافات بينهم كممثلين لـ”الائتلاف” و”لا بينهم ككتلة وبين مرجعيتهم، وهناك التزام وتنسيق كامل”. وأن “الاجتماع مخصص لكتلة المستقلين فقط لإيجاد مرجعية لهم وانتخاب مجموعة تمثلهم للعام القادم كمكون ضمن الهيئة”.
وتنشر المدن هنا لائحة باسماء الحضور، بحسب الترتيب الأبجدي: “أحمد شلاش، ، بديع أبو حلاوة، بسام محمد السلامات، عمر فيصل الجرف، غالية كيالي، فاضل عفا الرفاعي، بشار حاج علي، عبير كمون، بشار سعد الدين، بيان الأطرش، رضوان أبو فخر، تامبي قاسم، تهاني معتوق، ثناء كسر، جمال عسكر، جمعة دبيس، حسام الدين الحزوري، حسام المحمد، حسن جاويش، حسن حج إبراهيم، حسين حمادة، أنور بدر، خلدون الكصيري، خليل ابراهيم فارس، دريد جبور، ديمة قادري، راسم الأتاسي، روعة بشير الحفني، سليم بشارة، سناء حويجة، صبيحة خليل، طارق الفيحان، عبد الباسط الطويل، عبد الرحيم خليفة، عبد العزيز عجيني، أسامة عاشور، عماد الدين المصبح، أمين أبو حلاوة، عمر بكر الحسيني، مأمون البورسان، محمد أبازيد، محمد الأحمد، محمد زيدية، محمد فوزي الكراد، محمود عبيد، مزكين يوسف، مصطفى قنطار، أيمن الشيخ، معد محمد مواهب طايع، مفيدة الخطيب، منى أسعد، مهند الكاطع، نبراس الفاضل، ندى الغثيث، هدى أبو حلاوة، عبد الناصر إسماعيل، بسام العيسمي، عبود الأحمد، علاء عمر عريان، هدى المحيثاوي، هند مجلي، أنس حسن عبدو، وفاء علوش، اسماعيل العودة الله، وهاد الحاج يحيى، يسرى الشيخ.
—————————–