سياسة

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 7

أحداث

سورية: معارك في رأس العين بعد هجوم معاكس لـ”قسد

جلال بكور، أحمد الإبراهيم

دارت معارك عنيفة، صباح اليوم الثلاثاء، بين “الجيش الوطني السوري” ومليشيات “قوات سورية الديمقراطية”(قسد)، عقب هجوم معاكس شنته الأخيرة على محاور مدينة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي، فيما استمرت الطائرات الحربية والمدفعية التركية بقصف مواقع المليشيات في مختلف محاور عملية شرق الفرات.

وقالت مصادر من “الجيش الوطني السوري”، لـ”العربي الجديد”، إنّ “معارك عنيفة دارت، الليلة الماضية، وصباح اليوم، في مدينة رأس العين بعد هجوم معاكس من “قسد” التي تقودها “وحدات حماية الشعب” الكردية”.

وأوضحت المصادر أن “الجيش الوطني” اضطر للتراجع في بعض النقاط بهدف امتصاص الهجوم، فيما تقوم المدفعية والطيران التركي بقصف طرق إمداد المليشيات ومواقعها في المنطقة.

ونفت المصادر استعادة المليشيات السيطرة على كامل المدينة، مشيرة إلى أن هدف “الجيش الوطني” هو “تطويق المدينة من المحيط قبل السيطرة عليها، وعدم الدخول في معارك تدميرية بهدف الحفاظ على المدينة وعلى حياة المدنيين وتأمين ممرات آمنة لهم”.

ولفتت المصادر إلى أن “الجيش الوطني لم يسيطر على كامل أحياء المدينة، بسبب استخدام المليشيات للمدنيين كدروع بشرية”.

وكانت وزارة الدفاع التركية أعلنت، أول من أمس الأحد، سيطرة القوات المشاركة في عملية شرق الفرات على مدينة رأس العين.

في سياق متّصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان، صباح اليوم، تحييد 595 من عناصر مليشيات “قوات سورية الديمقراطية”. وذلك منذ بدء العملية العسكرية في منطقة شرق الفرات شمالي سورية، الأربعاء الماضي.

بدورها، أكدت مصادر، لـ”العربي الجديد”، أنّ “الجيش الوطني” أسر ثلاثة عناصر من مليشيات “وحدات حماية الشعب” الكردية، من الحاملين للجنسية التركية، مضيفة أن العملية تمت على الطريق الواصل بين عين عيسى وتل أبيض بريف الرقة الشمالي.

وكانت قوات “الجيش الوطني” قد سيطرت منذ بدء العملية، الأربعاء الماضي، على عشرات القرى ومدينة تل أبيض في ريفي الرقة والحسكة، فيما بدأت بهجوم على محور مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي، أمس الإثنين.

بنود اتفاق النظام و”قسد”

إلى ذلك، نشرت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري، نص الاتفاق مع مليشيات “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، حول انتشار قوات النظام في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات شرق الفرات.

ونشرت إذاعة “شام إف إم”، التابعة للنظام السوري، نصاً تحت عنوان “الاتفاقية بين الحكومة السورية وقوات سورية الديموقراطية المنحلة (قسد)”، مشيرة إلى أن الاتفاق تم التوصل إليه يوم الأحد الماضي.

وبحسب الشبكة، فقد جاءت الاتفاقية من أربعة بنود رئيسية، تضمن “موافقة قسد على دخول الجيش السوري وسيطرته الكاملة على المساحات والمناطق الممتدة من عين ديوار شرقاً، وحتى جرابلس غرباً، وذلك وفقاً لثلاثة محاور”.

والمحاور هي، بحسب نص الاتفاق: “محور الطبقة (بريف الرقة) شمالاً باتجاه عين عيسى وريفها وصولاً إلى الحدود السورية التركية عند تل أبيض وباتجاه الغرب، ومحور منبج – عين عرب على الحدود السورية – التركية وحتى تل أبيض وباتجاه الغرب، ومحور الحسكة – تل تمر وصولاً إلى رأس العين ومنه باتجاه الشرق وصولاً إلى القامشلي ومن ثم المالكية وباتجاه الجنوب”.

وبحسب النص، “تنتشر القوات السورية في منطقة منبج من منطقة عريمة وعلى طول خط نهر الساجور”، وبناء على الاتفاقية “سيوجَد الجيش السوري في كامل المنطقة شمال وشرق الفرات بالتنسيق مع القوات المحلية الموجودة في تلك المناطق، مع بقاء المنطقة المحصورة بين بلدتي رأس العين وتل أبيض كمنطقة عمليات قتالية غير مستقرة لحين تحريرها”.

وبحسب النص أيضاً “أكدت قسد التزامها الكامل بالوقوف إلى جانب الجيش السوري وتحت راية العلم السوري للحفاظ على وحدة الأراضي السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد في وجه التهديدات التركية”.

وبدورها، نشرت حسابات تابعة لمليشيات “قوات سورية الديمقراطية” نصاً مشابهاً ذكرت فيه أن “مذكرة التفاهم مع دمشق خطوة لعقد اتفاق نهائي مستقبلاً، ولن يتغير شيء في شكل الإدارات والأمن في المدن. الاتفاق يقتصر على الحدود فقط”.

وكانت وكالة أنباء النظام (سانا)، قد أفادت، أمس، بانتشار قوات النظام في العديد من المناطق التي تسيطر عليها “قسد”.

لوبارزين: هكذا ترك الأكراد جهاديات فرنسيات يهربن من مخيم احتجازهن في سوريا

وسط مخاوف الدول الأوروبية من مصير الجهاديين الأجانب المحتجزين لدى الأكراد وعائلاتهم بشمال شوق سوريا، قالت صحيفة “لوبارزين” الفرنسية إن المقاتلين الأكراد فتحوا أبواب المخيمات التي يحتجزون فيها الجهاديات الأجانب وأطفالهن وتركوهم يفرون، تحت نيران الجيش التركي الذي ينفذ منذ أسبوع عملية عسكرية ضدهم.

وأوضحت الصحيفة أن عشر نساء فرنسيات ينتمين إلى صفوف تنظيم “الدولة” (داعش) تمكنّ من الفرار من مخيم عين عيسى الواقع على بعد نحو خمسين كيلومتراً شمال الرقة؛ لأن القوات الكُردية التي كانت تحتجزهن لم تعد قادرة على الإبقاء عليهن، وبالتالي تركتهن يغادرن المخيم حيث كانت تحتجزهن مع أخريات.

وتابعت “لوبارزين” التوضيح أن هؤلاء الجهاديات الفرنسيات العشر وأطفالهن الـ25 تم إخراجهن من مخيم عين عيسى تحت سيطرة الأكراد صباح يوم الأحد المنصرم بينما كانت القوات التركية تستهدفه. ففي ظل عجزهم عن تسيير النسوة الجهاديات الأجنبيات المعتقلات لديهن، غادر الأكراد المكان لتجد هؤلاء النسوة وأطفالهن أنفسهم أحراراً. وكغيرهن من الجهاديات خرجت الفرنسيات مسرعات مع أطفالهن. جمعيهن معروفات لدى أجهزة الاستخبارات وصدرت بحقهن مذكرات توقيف دولية لانضمامهن إلى صفوف تنظيم الدولة (داعش).

ووفق مصادر “لوبارزين”، فإن معظم هذه العائلات الفرنسية ما زالت في منطقة عين عيسى نظرا لظروفهم المالية. ويبدو أن بعضهن كن ينتظرن بشكل واضح أن يتم الإفراج عنهن ثم البقاء في سوريا في انتظار عودة للجهاديين. وتنقل الصحيفة عن إحداهن تدعى “كلووي” قولها قبل بضعة أشهر: “أعود إلى فرنسا من أجل إدانتي بعشرين سنة في السجن.. لا شكراً.. أفضل البقاء هنا”.

هذه الشابة، على غرار أخريات، كانت تأمل في الوصول إلى منطقة إدلب، حيث يختبئ بعض الفرنسيين من تنظيم الدولة منذ عدة أشهر. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فإن هؤلاء النسوة بحاجة إلى دعم الخلايا النائمة لتنظيم الدولة (داعش) التي لا تزال تنشط بقوة في منطقتي عين عيسى والرقة، العاصمة السابقة للتنظيم.

القدس العربي”

هل تنجح قرارات تجميد تصدير الأسلحة في إجبار تركيا على وقف عمليتها العسكرية بسوريا؟/ إسماعيل جمال

بدأت دول الاتحاد الأوروبي أولى خطواتها بوقف تصدير الأسلحة إلى تركيا في محاولة للضغط على أنقرة لوقف العملية العسكرية التي بدأها الجيش التركي قبل نحو أسبوع ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، في خطوة يقلل الجانب التركي ومراقبون من أهميتها وقدرتها على إجبار تركيا على وقف العملية.

وبعد قرارات لعدد من الدول غير المؤثرة والتي لا تصدر لتركيا أسلحة فعلياً مثل هولندا وتشيك وفنلندا، قررت دول أكثر تأثيراً وذات موقع متقدم في تصدير الأسلحة إلى تركيا مثل فرنسا وألمانيا اتخاذ قرار مشابه، لكن الدول الأكثر تأثيراً وهي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لم تتخذ هذا القرار بعد.

ورغم اتفاق دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعاتها، الإثنين، على إدانة العملية التركية ودعوة أنقرة لوقفها فوراً، إلا أنها فشلت في الإجماع على قرار يلزم دول الاتحاد بوقف تصدير الأسلحة إلى تركيا، واتفقت على دعوة دوله لاتخاذ هذا القرار سريعاً.

ولا تبدو هذه الخطوة الأوروبية قادرة على الضغط على تركيا من أجل وقف العملية، ولا يمكن أن تؤثر على قدرة الجيش التركي في الاستمرار بالعملية العسكرية حتى لو استمرت لأشهر مقبلة، أو القيام بعمليات عسكرية أخرى في سوريا أيضاً، كون الجيش التركي يتمتع بقدرات كبيرة ولديه احتياطي كافٍ من الأسلحة.

كما أن تركيا، التي بقيت لسنوات طويلة تعد العدة لهذه العملية، كانت تتوقع بدرجة كبيرة اتخاذ الاتحاد الأوروبي هذه القرارات، وبالتالي فإنها اتخذت الاحتياطات اللازمة لتأمين احتياجات الجيش التركي لفترة طويلة للتخفيف من أثر هذه العقوبات المتوقعة.

يضاف إلى ذلك أن أنقرة قامت بخطوة كبيرة قبل عدة أشهر، تمثلت في طلب كميات كبيرة من الأسلحة وقطع الغيار، لا سيما من الولايات المتحدة وألمانيا، والمتعلقة بطائرات F16 الحربية وقنابلها، وذلك قبيل بدء استلام منظومة S400 الدفاعية الروسية، حيث كانت تتوقع تركيا أن تتعرض لقرارات أمريكية وأوروبية بوقف تصدير الأسلحة لها لأشهر وربما سنوات مقبلة.

كما أن الجيش التركي نجح في السنوات الأخيرة في زيادة اعتماده على الصناعات الدفاعية المحلية التي جرى تطويرها بشكل كبير ضمن برنامج ضخم عمل عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ وصوله إلى الحكم قبل قرابة 17 عاماً. ووفق تصريحات لأردوغان ووزير الدفاع خلوصي أكار، فإن الجيش التركي يستخدم في عملياته العسكرية في سوريا أسلحة محلية الصنع بنسبة تفوق الـ70%.

ويستخدم الجيش التركي أسلحة محلية عديدة أبرزها المدفعية الثقيلة، وقاذفات الصواريخ، والبنادق والذخائر التي جرى تطويرها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لكن الأهم هو الاعتماد على مروحيات أتاك الهجومية والطائرات التركية بدون طيار التي باتت تعتبر فخر الصناعات الدفاعية التركية.

كما أن العملية العسكرية في سوريا تبقى محدودة وتستهدف تنظيماً مسلحاً وليست حرباً شاملة مع دولة كبرى، وبالتالي فإن احتياجاتها إلى الأسلحة تبقى محدودة وتتعلق بالدرجة الأولى بالآليات والمدرعات الموجودة أصلاً، والبنادق والقذائف المتوفرة بسهولة لدى الجيش التركي.

يضاف إلى ذلك كله أن الحظر لم يشمل بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، وهما أكبر دولتين تستورد منهما تركيا أسلحتها، حيث لا يتوقع أن يلجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صاحب الشهية المفتوحة على بيع الأسلحة، لاتخاذ هذا القرار في الوقت الحالي، وفي حال اتخاذه فإنه سيكون مؤقتاً، بحسب التقديرات التركية.

وفي أسوأ الأحوال، تتوقع تركيا أن روسيا قادرة على تلبية أي احتياجات لها من السلاح على المدى المتوسط والبعيد، وذلك في ظل التقارب الكبير بين موسكو وأنقرة في السنوات الأخيرة، وشراء تركيا منظومة S400 الدفاعية الروسية، وتلويحها بشراء طائرات حربية روسية متقدمة من طراز سوخوي عقب قرار الولايات المتحدة وقف برنامج مشاركة وبيع تركيا طائرات F35 الحربية.

القدس العربي”

أردوغان: الجامعة العربية فقدت شرعيتها

جاء ذلك في مقال للرئيس التركي في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، نشرت الثلاثاء، تحت عنوان “تقاعس العالم فتحركت تركيا”، وذلك عن عملية نبع السلام التي بدأتها تركيا يوم الأربعاء القادم ضد عناصر تنظيمي “ب ي د/بي كا كا”.

وتساءل أردوغان عن سبب انزعاج بعض الدول العربية من المساعي التي تبذلها تركيا في سبيل إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. قائلاً: “كم استقبلت هذه الدول من ضحايا الحرب في سوريا؟ ما السبل الدبلوماسية التي سلكوها من أجل إنهاء الحرب في سوريا؟ إن الجامعة العربية بقراراتها التي لا تعكس النبض والمشاعر الحقيقية للشارع العربي، فقدت شرعيتها”.

وقال أردوغان: “عملية نبع السلام تقدم للمجتمع الدولي فرصة لإنهاء حالة الحرب بالوكالة في سوريا وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة، وعلى الاتحاد الأوروبي والعالم دعم الخطوات التي تقوم بها تركيا”.

أردوغان: “سنعمل على ضمان عدم مغادرة مقاتلي داعش شمال شرقي سوريا ومستعدون للتعاون مع الدول التي ينتمي لها الإرهابيون والمؤسسات الدولية لإعادة تأهيل زوجاتهم وأطفالهم”.

وشدد أردوغان في المقال على رفضه ربط داعش بالإسلام.

وأكد الرئيس التركي أنّ عملية نبع السلام هي لمكافحة امتداد تنظيم “بي كا كا” في سوريا وتنظيم داعش، قائلاً: “لا توجد أي مشكلة لتركيا مع أي مكون عرقي أو ديني. وكافة أبناء الجمهورية العربية السورية متساوون في نظرنا إلا من تورط في الإرهاب”.

وسلط أردوغان الضوء على الجهود التي بذلتها بلاده في استقبال 3.6 مليون سوري، قائلاً: “لم تشعر أي دولة بتبعات الحرب في سوريا منذ 2011 كما شعرت بها تركيا، باستقبالها 3.6 مليون سوري، وتوفير الطبابة والملاجئ وكافة الاحتياجات لهم، حيث تم إنفاق 40 مليار دولار”.

وأضاف: “تركيا وصلت لأقصى طاقتها تجاه اللاجئين، وبدون دعم مالي دولي، حذرنا مرارا بأننا لا نستطيع إيقاف ذهاب اللاجئين إلى الغرب”.

وأوضح أنّ تركيا لجأت لوضع خطة تنفذها في شمال سوريا، عندما تقاعس المجتمع الدولي عن التحرك بأي خطوة تجاه اللاجئين.

وأشار أردوغان إلى أنّه أطلع قادة العالم للخطة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلاً: “إن تركيا بدأت الأسبوع الماضي بعملية نبع السلام، من أجل الحد من الأزمة الإنسانية وإنهاء الأسباب التي تكمن وراء تصاعد الهجرة غير القانونية”.

ولفت الرئيس التركي أنّ عناصر (ي ب ك/بي كا كا، داعش) الموجودين في شمال سوريا يعيقون عودة 300 ألف سوري بينهم أكراد لمنازلهم.

والأربعاء الماضي، أطلق الجيش التركي، بمشاركة الجيش الوطني السوري، عملية “نبع السلام” في منطقة شرق نهر الفرات شمالي سوريا، لتطهيرها من مقاتلي “ي ب ك/ بي كا كا” و”داعش”، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

(الأناضول)

تركيا والنظام السوري يعلنان دخول مدينة منبج/ هبة محمد وإسماعيل جمال

إسطنبول ـ دمشق ـ «القدس العربي»: عقب التطورات المتلاحقة في شرق الفرات شمالي سوريا، وإتمام الجيش التركي سيطرته على تل أبيض ورأس العين، وبدء الولايات المتحدة سحب قواتها من مناطق سورية جديدة، احتدم التزاحم بين تركيا والنظام السوري للسيطرة على المنطقة الممتدة من جرابلس غرب نهر الفرات، وحتى مناطق السيطرة الجديدة للجيش التركي شرقي النهر. وفي هذا السياق العسكري دخل الجيش الوطني السوري التابع للمعارضة، وبإسناد من الجيش التركي، مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، حسب ما ذكرت مصادر للمعارضة.

تزامناً ذكرت الوكالة الفرنسية أن وحدات من الجيش السوري دخلت أمس مدينة منبج الاستراتيجية في شمال سوريا، وفق ما أفاد الإعلام السوري الرسمي، «في وقت تحشد أنقرة قواتها والفصائل السورية الموالية لها غربها». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «وحدات من الجيش العربي السوري تدخل مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي».

وقال قائد عسكري في الجيش الوطني لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «دخلت قوات الجيش الوطني إلى مناطق ريف منبج وسيطرت على قرية الياشلي شمال غربي مدينة منبج، وتتقدم القوات باتجاه قرية الجات شمال منبج، والعملية ستكون سريعة لانهيار دفاعات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهروب عناصرهم».

وذكرت وسائل إعلام النظام السوري الرسمية يوم الإثنين، أن قواته دخلت بلدة تل تمر في ريف الحسكة الشمالي الغربي لمواجهة الجيش التركي، بعد اتفاق مع وحدات الحماية الكردية، إضافة الى مركز محافظة الرقة وبلدة عين عيسى، فيما منع «رتل أمريكي قوات الجيش العربي السوري من دخول منبج وعين العرب». جاء ذلك غداة إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها المتبقية في شمال شرقي سوريا بقوام ألف جندي.

ولاحقاً نشرت وسائل إعلام النظام السوري أخباراً مختلفة حول بدء دخول «قوات الجيش العربي السوري إلى منبج»، ونشر التلفزيون الرسمي مقاطع فيديو لما قال إنها قوات رسمية تدخل إلى مناطق في منبج، وهي معلومات لم يتم تأكيدها من مصدر مستقل.

الجهات التركية تقدر حتى الآن أن ما يجري هو «عملية استعراضية»، ولا يوجد حتى الآن أي تقدم حقيقي وفعلي للنظام السوري إلى أي من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شمال البلاد وشرقها، حيث أظهرت الصور عدداً قليلاً من المسلحين بلباس جيش النظام السوري متجمعين مع عدد من المدنيين لتصوير مشاهد لهم في عدة مناطق، ولم تظهر أي مشاهد حشودا حقيقية لقوات النظام تدخل أياً من تلك المناطق.

أول تعقيب رسمي تركي جاء على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي لم يتحدث بشكل قاطع ولكنه أعطى إشارات إلى أن بلاده ترفض دخول النظام إلى هذه المناطق، وقال رداً على سؤال حول اتفاق النظام والوحدات الكردية: «هناك الكثير من الشائعات، ويبدو أنه لن تحدث مشكلة في عين العرب».

وأضاف: «حتى الآن يبدو أنه لن تكون هنالك أية مشكلة مع السياسة الإيجابية لروسيا في عين العرب، أما بالنسبة لمنبج فنحن في مرحلة التنفيذ كما قررنا».

كما لفت إلى وجود مشاورات متواصلة مع الأمريكيين والروس تجريها الاستخبارات ووزارة الدفاع التركية.

من جهته، أكد ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، الإثنين، أن اتصالاً وثيقاً يجري بين روسيا وتركيا حول التطورات في شمال سوريا. ولدى سؤاله عما إذا كان هناك خطر لحدوث صدام بين القوات الروسية والتركية في سوريا، قال بيسكوف «لا نريد حتى التفكير في ذلك»، مشيراً إلى وجود تواصل بين الجيشين «لمنع أي حوادث»، ورفض التعليق على إعلان النظام التقدم شمالاً.

أردوغان يسخر من الجامعة العربية: «لا تقدم ولا تؤخر»

■ باكو ـ الأناضول: وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قرار الجامعة العربية السبت الماضي، بخصوص عملية نبع السلام ضد «ي ب ك» و«قسد» بأنه متخبط ومتناقض ولن يقدم أو يؤخر.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها أردوغان على هامش اجتماع القمة السابعة لـ«المجلس التركي»، للدول الناطقة بالتركية في العاصمة باكو. وقال أردوغان مخاطبا قادة الدول العربية الذين أصدروا البيان: «تتخذون قرارات متخبطة ووفق أهوائكم بخصوص تركيا.. قراراتكم لن تقدم أو تؤخر». وأضاف: «لم تقدموا قرشا واحدا من أجل الأخوة العرب السوريين الهاربين من البراميل المتفجرة، نحن من اعتنينا بهم بحكم الأخوة». وأردف الرئيس التركي: «أن الذين أخرجوا سوريا من الجامعة العربية يسعون لإعادتها إلى الجامعة بعد عملية «نبع السلام». يا له من تناقض».

وزير الخارجية الفرنسي يلغي خططا لحضور مباراة بين بلاده وتركيا

■ باريس ـ د ب أ: أكد مصدر في وزارة الخارجية الفرنسية أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، ألغى خططه لحضور مباراة مؤهلة لبطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم «يورو 2020»، تخوضها بلاده أمام تركيا، مساء أمس الاثنين في باريس. ويأتي ذلك في الوقت الذي يتصدر فيه هاشتاغ يدعو إلى إلغاء المباراة موقع «تويتر» في فرنسا، وسط حالة من الغضب بسبب العملية العسكرية التي تشنها تركيا ضد القوات الكردية السورية التي هزمت تنظيم «الدولة»، ولكنها تربك متمردين أكرادا محظورين في تركيا.

الأمم المتحدة تحث تركيا على التحقيق في عمليات إعدام في سوريا

جنيف: قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء، إنه ربما يجري تحميل تركيا المسؤولية عن عمليات إعدام تعسفية نفذتها جماعة مسلحة مرتبطة بها بحق عدد من المقاتلين الأكراد وسياسي وقيل إنها ظهرت في تسجيلات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في مطلع الأسبوع.

وقال روبرت كولفيل، المتحدث باسم المكتب، في إفادة صحافية في جنيف، إن المكتب حصل على لقطات تصور عمليات القتل التي نفذها فيما يبدو مقاتلو جماعة أحرار الشرقية قرب منبج.

وقال كولفيل: “تركيا قد تعتبر دولة مسؤولة عن انتهاكات جماعات تابعة لها طالما تمارس سيطرة فعالة على هذه الجماعات أو العمليات التي حدثت خلالها تلك الانتهاكات”.

وتابع: “نحث السلطات التركية على البدء فورا في تحقيق محايد مستقل ويتسم بالشفافية”.

مقتل جندي تركي بهجوم لمقاتلين أكراد في منبج

أنقرة: قالت وزارة الدفاع التركية إن جنديا تركيا قُتل وأصيب ثمانية آخرون، الثلاثاء، بعد هجوم شنه مقاتلون أكراد في مدينة منبج بشمال سوريا، مضيفة أنه أمكن “تحييد” 15 مقاتلا كرديا على الأقل ردا على ذلك.

وذكرت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري في وقت سابق اليوم أن قواته دخلت منبج، لكن مقاتلين معارضين تدعمهم تركيا قالوا لاحقا إن معظم من دخل منبج مقاتلون أكراد.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان إن المقاتلين الأكراد نفذوا هجوما بقذائف المورتر من منبج، وإن القوات التركية ردت على ذلك بهجوم على المنطقة التي انطلق منها الهجوم و”حيّدت” 15 مقاتلا منهم على الأقل.

(رويترز)

ليبراسيون: لهذا يمضي أردوغان في العملية العسكرية في سوريا برغم الضغوطات

آدم جابر

باريس ـ “القدس العربي”:

“تركيا تنتهج سياسة خلق الفوضى في مواجهة الأكراد”، تحت هذا العنوان كتبت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية عن العملية العسكرية التي يشنها الجيش التركي ضد المقاتلين الأكراد داخل الأراضي السورية. وتقول الصحيفة إن القوات التركية وحلفاءها على أرض الميدان قصفوا بشكل عشوائي وأعدموا مدنيين وشردوا عائلات واستهدفوا صحافيين وأجبروا جنودا أمريكيين على إخلاء مواقعهم. وتشير الصحيفة إلى أن العملية العسكرية التركية اشتدت خلال نهاية الأسبوع بشكل خطير ومقلق.

وتؤكد ليبيراسيون أن عائلات مقاتلين من تنظيم الدولة (داعش) كانت محتجزة لدى الأكراد أطلق سراحها. وبعد خمسة أيام من إطلاق العملية العسكرية انهار التوازن الهش الذي كان قائما في المنطقة التي شهدت ثمانية أعوام من الحرب الأهلية ومعارك طاحنة مع تنظيم داعش.

وتقول الصحيفة إن المجمتع الدولي بما في ذلك ترامب الذي فتح المجال أمام أردوغان للهجوم، ينظر بقلق وعجز إلى العمليات العسكرية التركية. في فرنسا، اجتمع الرئيس ماكرون بمجلس الدفاع واعتبر أن العملية العسكرية من شأنها خلق وضع إنساني لا يحتمل، وطالب نظيره التركي في مكالمة هاتفية بوقف فوري للعمليات العسكرية.

لكن الضغوط الدبلوماسية والتهديد بالعقوبات الاقتصادية من قبل الكونغرس الأمريكي وحظر بيع الأسلحة من طرف عدد من الدول الأوروبية لم تثن أردوغان عن الاستمرار في الهجوم العسكري.

ويسعى الأتراك إلى تحقيق هدفين أساسيين خلال العملية العسكرية؛ أحدهما تدمير القدرة العسكرية والقتالية لميليشيات الأكراد الذين تصنفهم تركيا كتنظيمات إرهابية ويرى فيهم الغرب حليفا أساسيا لمحاربة الإرهاب، والهدف الثاني هو إنشاء منطقة عازلة واسعة النطاق بين تركيا وسوريا. وصرح الرئيس أردوغان يوم الأحد في إسطنبول قائلا: ”منذ بدء العملية العسكرية نتلقى تهديدات بالعقوبات الاقتصادية وبمنع السلاح. واهم من يعتقد أننا سنتراجع تحت ضغوط تلك التهديدات”.

وفي أجواء الحرب هذه، يصعب التحقق من المعطيات التي يقدمها كل طرف، غير أن منظمات غير حكومية وصحافيين على أرض الميدان يؤكدون تفاقم الأوضاع مع اشتداد المعركة خلال اليومين الماضيين. ويوم أمس قتل 10 مدنيين في قصف جوي تركي على بلدة رأس العين استهدف موكبا يضم صحافيين ومدنيين بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكتبت الصحافية في شبكة التلفزيونات الفرنسية ستيفاني بيريز أنها كانت ضمن الموكب الذي تم قصفه حيث قضى فيه صحافيون.

ومنذ يوم الأربعاء أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان وفاة 60 مدنيا و104 من مقاتلي الأكراد. بينما قدرت الأمم المتحدة عدد المشردين بأكثر من 130 ألف شخص، وهناك ما لا يقل عن 400 ألف شخص سيحتاجون مساعدات عاجلة في الأيام القليلة المقبلة.

وتقول الصحيفة إن التطور الأبرز يوم أمس الأحد تمثل في فرار عدد من عائلات تنظيم “الدولة” من سجون الأكراد، إذ تؤكد مصادر الصحيفة فرار حوالي 30 فرنسيا.

الغارديان: ظل روسيا يخيم على سوريا وحزب العمال الكردستاني اتفق مع الروس حول شروط التسليم

مع رحيل الولايات المتحدة عن سوريا، بدأت آثار الرحيل تظهر على عموم الشرق الأوسط الذي بات يعيش في الظل الروسي.

ويقول مارتن شولوف، مراسل صحيفة “الغارديان” لشؤون الشرق الأوسط، إن “اللحظة التي غيرت الشرق الأوسط جاءت بصمت مفاجئ. فقبل الساعة السابعة مساء الأحد، قطع الإنترنت في كل سوريا حيث بدأ الأكراد يبتلعون الأخبار التي باتت تلمع على الشاشات، قوات نظام الأسد تعود إلى مدن منبج وكوباني، وفرغت الشوارع في القامشلي من المارة، وأصبحت الشوارع الصاخبة بالحافلات الصغيرة والمتسوقين هادئة وصامتة، وبدون إنترنت لم يعرف أحد ما يجري ولا المسؤولون الذين تلاشوا مثل حركة السيارات في الشوارع. وبدا وكأن الهواء قد شفط من المدينة، ومن تبقى من الناس كانوا يعرفون ماذا يحدث: هذه لحظة تغير السلطة وهو وقت يثير الخوف”. وقال رجل: “عليك المغادرة الآن” و”هناك حواجز للجيش، والبقاء هناك لم يعد آمنا”.

وعاش هو وغيره من الأكراد تحت ظل النظام باستثناء السبعة أعوام الماضية وهو ما جعله يشعر بالخوف وبدا شاحبا.

ويرى الكاتب أن جيش النظام السوري احتفظ بوجود في مركز القامشلي منذ منح بشار الأسد الحكم الذاتي عام 2012، ولكنه لم يكن قويا مقارنة مع منافسه المجهز بشكل أفضل. فهل سيشعر بالجرأة الآن خاصة أن قاعدته لا تبعد سوى 200 متر عن المركز؟ ومن بعيد كانت هناك سحابة سوداء تغطي الطريق إلى الحدود والأضواء اللامعة التي تركها القصف التركي. وترك الأكراد الذين يراقبون الحواجز بشدة أماكنهم أو بدوا منشغلين بأمور أخرى. وكانت هناك سيارة وحيدة مسرعة وشاحنة بدون أضواء في الطريق، وربما كانتا آخر ما وصل قبل دخول الغزاة على حد وصف شولوف.

وبعد يوم من قرار الأكراد السماح للقوات النظامية الدخول لمدنهم بعد أسبوع حافل لم تفهم بعد تداعياته في سوريا وخارجها في الرياض وبغداد ودول الخليج. فقد كان هناك شيء أكبر يحدث وهو نهاية التأثير الأمريكي في سوريا. فتسليم المدن كان بين الأكراد والنظام في دمشق، ولكن التغير الحقيقي في القوة كان بين الولايات المتحدة التي غادرت قواتها العراق بعد 16 عاما، وروسيا التي عززت تأثيرها وحضورها في الشرق الأوسط الآن. والرئيس فلاديمير بوتين في الرياض كأنه يريد الاحتفال باللحظة، وهو في زيارة رسمية هي الأولى له منذ 12 عاما، وباستضافة ولي العهد محمد بن سلمان الذي شعر قبل ثلاثة أسابيع بالإهانة بعد تخلي الولايات المتحدة عنه.

فبعد أن شنت إيران هجمات على مراكز إنتاج النفط في المملكة توقع ولي العهد ردا انتقاميا من الولايات المتحدة، ولم يحصل هذا. وشعر بالنبذ من حليف تعهد بالدفاع عن المصالح السعودية. وقال ولي العهد السعودي للقادة العراقيين قبل أسبوعين: “هل شاهدتم ما فعلوه معنا؟ هذا أمر لا يصدق”.

وفي شمال سوريا كان قرار الولايات المتحدة سحب قواتها والتخلي عن الأكراد الذين ساهموا بهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” مدهشا للسكان المحليين ولم يترك لهم أي خيارات.

وقال مظلوم عبدي، القائد في قوات سوريا الديمقراطية: “من الأفضل التنازل بدلا من الإبادة”.

ويقول الكاتب إن الأكراد بقيادة حزب العمال الكردستاني عقدوا محادثات مع الروس في مدينة القامشلي قبل عدة أيام وتباحثوا حول شروط الصفقة مع دمشق. ووجد الأكراد الذين خسروا الحماية الأمريكية أنهم في موقع ضعيف لمواجهة القوات التركية. وقال أرشان أحمد: “اتهمنا الروس بإدخال الأمريكيين إلى المنطقة، ونحن ندفع الثمن الباهظ بسبب هذا” و”سنعمل ما باستطاعتنا لحماية مصالحنا”.

ولم يبق من سلطة الولايات المتحدة سوى صوت مقاتلاتها التي كانت تحلق فوق عين عيسى، ومع مرور الوقت على آخر أثر للحكم الكردي وصل الجنود السوريون في شاحنات للمواشي إلى بلدة تل تمر.

ويرى الكاتب أن الأيام الأخيرة للحرب ظهرت صورها على الشاشات في مناطق الأكراد، حيث راقب سائقو الشاحنات بنوع من التسليم سكان بلدة ديرك وهم ينثرون الأرز على أقدام الجنود السوريين.

وتقول أرشان: “إيران وروسيا هما القوتان المسيطرتان في المنطقة، وهما من يملي الشروط في هذه المنطقة، لقد تغير الوضع”.

عملية شرق الفرات: روسيا تمنع التصادم التركي ــ السوري

أمين العاصي

تتواصل العملية التركية في شرق الفرات السوري، التي دخلت يومها السادس، بالتوازي مع حراك سياسي على 3 محاور أساسية، الأبرز على خط موسكو – أنقرة، والهادف بشكل أساسي لمنع أي تصادم بين القوات التركية التي تواصل تقدمها في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) والنظام السوري الذي حرك قواته إلى المناطق التي لا تزال خاضعة لـ”قسد” بناء على اتفاق الضرورة الذي فرضه الهجوم التركي.

وبرزت، أمس الاثنين، مؤشرات تظهر حرص موسكو وأنقرة على منع أي توتر بين الطرفين بما في ذلك بعث الطرفين رسائل طمأنة لبعضهما البعض. وتحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، عن أنه لا توجد أي مشكلة مع السياسة الإيجابية لروسيا في عين العرب (كوباني)، بالتزامن مع بدء انتشار قوات الأسد على الحدود التركية في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة “قسد”، فيما كشف الكرملين عن وجود تواصل منتظم، بما في ذلك على المستوى العسكري، مع أنقرة، مشدداً على أنه “لا يريد التفكير في احتمال وقوع اشتباك بين القوات الروسية والتركية في سورية”.

 في موازاة ذلك، تواصل تركيا حراكها على أكثر من محور، بما في ذلك الهجوم الذي شنه أردوغان على الدول الأوروبية الحليفة في حلف شمال الأطلسي، مؤكداً مواصلة العملية “حتى تحقيق النصر الكامل”. ويتعلق الحراك الثالث بتوافق النظام السوري والأكراد على تسليم المناطق التي كانت تسيطر “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) عليها إلى قوات النظام، وهو ما حدث عبر دخولها إلى بلدة تل تمر، التي تقع على طريق استراتيجي يربط بين الشرق والغرب على الحدود مع تركيا. وفي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني “تفهمه للمخاوف التركية”، فإنه شدد على رفض طهران للهجوم الذي تشنه القوات التركية في شرق الفرات.

وفي حين تبدو مواقف الدول الإقليمية والمعنية بالملف السوري واضحة، لا يزال التخبط يسيطر على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، أول من أمس الأحد، أن ترامب أمر القوات الأميركية في شمال سورية بالبدء في الانسحاب “بأمان وبأسرع وقت ممكن”، فيما أعلن مسؤول أميركي، أمس الإثنين، أن الفريق الدبلوماسي الأميركي الذي يعمل في مشاريع إرساء الاستقرار غادر شمال شرق سورية. وفي إطار إبقاء الوضع العسكري تحت السيطرة ومنع انزلاقه، تسارعت، أمس، الاتصالات العسكرية على أعلى مستوى بين الأميركيين والروس والأتراك. وذكرت وكالات أنباء روسية أن رئيس الأركان العامة للجيش الروسي فاليري غيراسيموف أجرى محادثات هاتفية مع رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي. وأوضحت أن الاتصال الهاتفي، الذي جاء بعد إعلان الولايات المتحدة سحب باقي قواتها من شمال سورية، ركز على القضايا “ذات الاهتمام المشترك”. كما بحث غيراسيموف مع رئيس الأركان التركي يشار غولر، هاتفياً، المستجدات الأخيرة في سورية. وذكرت وزارة الدفاع التركية، في بيان، أن المسؤولين العسكريين بحثا المستجدات الراهنة والوضع الأمني في سورية.

وقال أردوغان، في مؤتمر صحافي في مطار أتاتورك في إسطنبول قبيل سفره إلى العاصمة الآذرية باكو، إن القوات التركية في مرحلة تنفيذ قرارها المتخذ بخصوص منطقة منبج السورية، فيما أشارت قناة “الجزيرة” إلى غارات وقصف مدفعي مكثف تمهيداً لتقدم القوات التركية وتلك التابعة للمعارضة السورية باتجاه منبج. وحول الاتفاق الذي أبرم بين أكراد سورية والنظام، قال أردوغان: “هناك الكثير من الشائعات”، مضيفاً “يبدو أنه لن تحدث مشكلة” في عين العرب (كوباني). وأشار إلى أنه “حتى الآن يبدو أنه لن تكون هناك أي مشكلة مع السياسة الإيجابية لروسيا في عين العرب. أما بالنسبة إلى منبج، فنحن في مرحلة التنفيذ كما كنا قررنا”. وتابع “عند إخلاء مدينة منبج سيدخلها أصحابها الحقيقيون”، في إشارة إلى فصائل الجيش السوري الحر التي تستعد لدخول المدينة.

ورحّب الرئيس التركي بقرار الولايات المتحدة سحب ألف جندي من شمال سورية. وخاطب أردوغان دول شمال حلف الأطلسي، متسائلاً: “هل ستقفون إلى جانب حليفكم في الناتو (تركيا)، أم إلى جانب الإرهابيين؟ بالطبع لا يستطيعون الإجابة”. وشدد أردوغان على أنه لن يتراجع “عن الهجوم مهما قيل”. وقال، في باكو: “نحن مصممون على مواصلة العملية حتى نهايتها دون أن نعبأ بالتهديدات. وسنكمل قطعاً المهمة التي بدأناها”. وندد بانتقاد الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية للعملية التركية، مطالباً بتمويل دولي لـ”المنطقة الآمنة” التي تعتزم أنقرة إقامتها في شمال شرق سورية.

من جهته، أعلن الكرملين أن هناك اتصالاً وثيقاً بين روسيا وتركيا حول العملية في شمال سورية. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس، إن المسؤولين الروس والأتراك على اتصال وثيق حول الأمر. وحول ما إذا كان هناك خطر حدوث صدام بين القوات الروسية والتركية في سورية، قال بيسكوف: “لا نريد حتى التفكير في ذلك”، موضحاً أن هناك تواصلاً بين الجيشين لمنع أي حوادث. وأشار إلى أن موسكو حذرت كل أطراف الصراع السوري بالفعل من أجل تفادي أي عمل من شأنه تصعيد الوضع أو الإضرار بالعملية السياسية الهشة. وأحجم بيسكوف عن التعليق عند سؤاله عما إذا كانت موسكو تشعر أن الوقت قد حان لتركيا لوقف عملياتها العسكرية داخل سورية. وقال عن التنسيق بين البلدين: “هناك اتصالات بين السلطات الروسية والتركية، وبالأخص جرت مكالمة هاتفية (بين الرئيسين) ومكالمات أخرى بين وزيري الخارجية. هناك أيضاً قنوات اتصال بين الجيشين”.

في هذه الأثناء، وبالرغم من اتحادها ضد العملية العسكرية التركية، إلا أن الدول الأوروبية فشلت بالاتفاق على حظر تسليم الأسلحة إليها، كما كانت تسعى ألمانيا وفرنسا. وأعلن وزراء خارجية دول الاتحاد، في بيان بعد اجتماع في لوكسمبورغ، أمس، أن “الاتحاد الأوروبي يدين تحرّكات تركيا العسكرية التي تقوّض بشكل جدي الاستقرار والأمن في المنطقة برمتها”. ولم تعلن دول الاتحاد الأوروبي فرض حظر على بيع الأسلحة إلى تركيا بسبب معارضة بريطانيا، وفق ما قالت مصادر دبلوماسية. وأعربت فقط عن التزامها بـ”اعتماد مواقف وطنية حاسمة إزاء سياساتنا المتعلقة بتصدير الأسلحة إلى تركيا”، وفق البيان. ودافع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ عن موقفه من العملية العسكرية التركية، وقال خلال جلسة للجمعية البرلمانية للحلف في لندن رداً على أسئلة من وفدي فرنسا وإيطاليا عما وصفوه بنهجه التصالحي حيال تركيا: “يجب ألا نخاطر بالمكاسب التي حققناها ضد عدونا المشترك. تركيا مهمة لحلف شمال الأطلسي. نواجه خطر تقويض الوحدة التي نحتاجها في الحرب ضد داعش”.

في هذه الأثناء، ووسط التخبط الذي يلف التعاطي الأميركي مع التطورات في سورية، تناغمت، أمس، اتهامات ترامب ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار للأكراد بشأن الإفراج عن عناصر من تنظيم “داعش”. وقال الرئيس الأميركي، في سلسلة تغريدات: “الأكراد ربما يفرجون عن البعض لحملنا على التدخل. من السهل للغاية أن تعيد تركيا أو الدول الأوروبية التي يتحدر منها هؤلاء الجهاديون احتجازهم، لكن ينبغي لهم التحرك بسرعة”. وكرر تهديده “بعقوبات كبيرة” على تركيا. وأعلنت الإدارة الأميركية، الجمعة الماضي، أنها ستعد عقوبات على تركيا، من دون أن تقدم تفاصيل حولها. واتهم أكار المقاتلين الأكراد “بإفراغ” سجن في شمال شرق سورية يحتجز فيه عناصر “داعش” قبل وصول القوات التركية إلى المنطقة. وأشار إلى أن السجن هو المكان الوحيد الذي يحتجز مسلحين من “داعش” في القطاع الحدودي شرق نهر الفرات الذي يشكل هدف الهجوم العسكري التركي.

ميدانياً، دخلت العملية التركية العسكرية ضد “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) يومها السادس، في ظل تقدم يحققه الجيش التركي و”الجيش الوطني السوري” (يتألف من فصائل معارضة)، خصوصاً في ريف تل أبيض في ريف الرقة الشمالي. وقالت مصادر من “الجيش الوطني” إن القوات المشاركة في العملية العسكرية المدعومة من الجيش التركي واصلت عمليات القصف المدفعي والتمشيط في محاور تل أبيض ورأس العين. وأوضحت أن القوات تمكنت من التقدم في محور الطريق الواصل بين رأس العين وبلدة تل تمر في ريف الحسكة الشمالي الغربي.

من جانبها، قالت وزارة الدفاع التركية في بيان، إن العمليات العسكرية في شرق الفرات أسفرت، منذ بدايتها، عن “تحييد 550 عنصراً” من “قسد”، التي تمثل “وحدات حماية الشعب” الكردية عمودها الفقري. وأكدت أن قوات “الجيش الوطني” سيطرت على قرى جديدة في ريف تل أبيض، بينها العلي وباجلية، وحمام التركمان، وأم عظام، والصخرات، والدوغانية، وذلك بعد تمشيطها والتأكد من خلوها من عناصر “الوحدات” الكردية الذين انسحبوا إلى ناحية عين عيسى بريف الرقة الشمالي. على الصعيد ذاته، لا تزال الاشتباكات محتدمة داخل مدينة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي بين فصائل المعارضة المساندة للجيش التركي وعناصر من “قسد”.

وبالتوازي مع العمليات العسكرية من جانب الجيش التركي، يبدو أن هناك مساعي تبذل من عدة أطراف من أجل إيقاف العملية في منطقة شرقي نهر الفرات، وبدء مفاوضات “جادة” بين الجانب التركي وقيادة “قسد”، وفق مصادر مطلعة أكدت، لـ”العربي الجديد”، أنه “جرت بالفعل منذ أيام مفاوضات بين الطرفين في مدينة أربيل العراقية، بوساطة من قبل قيادة إقليم كردستان العراق، إلا أنها فشلت، فبدأ الأتراك العملية العسكرية”. وأكدت أن قيادة الإقليم لا تزال تبذل جهوداً لتجسير الهوة بين الطرفين لتفادي تصعيد كبير في شمال شرقي سورية.

وفي محاولة من قيادة “قسد” لخلط الأوراق في المنطقة، أبرمت اتفاقاً مع النظام، برعاية روسية، الأحد الماضي، ينص على دخول قوات النظام إلى شرق الفرات وانتشارها على طول الحدود السورية التركية لـ”مؤازرة قوات سورية الديمقراطية لصد هذا العدوان وتحرير المناطق التي دخلها الجيش التركي ومرتزقته المأجورين”، وفق بيان “الإدارة الذاتية” التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي.

وذكرت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن رتلاً من قوات النظام دخل، فجر الاثنين، إلى منطقة شرق الفرات عبر مدينة الطبقة، بعيد ساعات من استهداف طائرات تابعة للتحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، رتلاً لقوات النظام في منطقة الرصافة، جنوب غربي مدينة الرقة، كان كما يبدو يستعد للتوجه الى مدينة الطبقة. ونقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام عن مصدر ميداني زعمه دخول قوات النظام إلى مدينتي منبج وعين العرب، مشيراً إلى أن هذه القوات فصلت المناطق التي توجد فيها فصائل المعارضة عن مدينة منبج، وأن ما سماها بـ”القوات المحلية” الموجودة في المدينة “فتحت جميع حواجزها أمام مرور الجيش السوري تمهيداً لمواجهة العدوان التركي”. وذكرت وكالة “سانا” أن وحدات تابعة للنظام دخلت إلى مدينة الطبقة وريفها ومطارها العسكري وبلدة عين عيسى وعدداً كبيراً من القرى والبلدات في أرياف الرقة الجنوبي والجنوبي الغربي والشمالي.

وأكد مصدر رفيع المستوى في “مجلس سورية الديمقراطي” (مسد)، وهو الجناح السياسي لـ”قسد”، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الاتفاق لا يتضمن تسليم المدن للنظام، مشيراً إلى أنه ينص على انتشار على الحدود في محاولة لإيقاف العملية العسكرية التركية. من جانبه، قال الباحث السياسي المقرّب من “الإدارة الذاتية” الكردية في شرق نهر الفرات إدريس نعسان، في منشور على صفحته على “فيسبوك”، أن الاتفاق مع النظام “سيشمل كوباني (عين العرب) ومنبج ولن يشمل الجزيرة السورية من رأس العين إلى نهر دجلة، وسيكون عبر انتشار الجيش على الحدود فقط دون التدخل في أمور الإدارة”.

من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الانسان إن قوات النظام بدأت الانتشار في منطقة تبعد 6 كيلومترات عن الحدود السورية التركية. وتوقع تعزيز ذلك الانتشار باتجاه رأس العين، مشيراً إلى أن الاتفاق بين “قسد” وروسيا يأتي “لمنع تركيا من قضم مزيد من الأراضي السورية بعدما سيطرت على نحو 1500 كيلومتر مربع” خلال العملية التي بدأت الأربعاء الماضي، زاعماً أن قوات النظام دخلت أطراف مدينة منبج وستدخل إلى مدينة عين العرب.

اتفاق “قسد” مع النظام بشرق الفرات: خلط أوراق

أمين العاصي

يكتنف الغموض الوضع في شرق الفرات السوري وغربه على خلفية اتفاق مفاجئ بين حزب “الاتحاد الديمقراطي الكردي”، الذراع السياسي لمليشيا “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، والنظام، في محاولة منهما لإيقاف العملية العسكرية التركية التي دخلت يومها السادس مع تصاعد التنافس بين قوات النظام والجيش التركي لانتزاع التركة الأميركية.

وبينما يخشى البعض من حدوث صدام في المنطقة، في حال لم تصل الدول الفاعلة في الملف السوري إلى تفاهمات حول المنطقة، فإن التصريحات السياسية الروسية والتركية اليوم تقلل من هذا الاحتمال.

وفيما أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه “لا يوجد خلاف مع روسيا بشأن منطقة عين العرب (كوباني)، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبدى نهجاً إيجابياً بشأن الوضع على الحدود”، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن المشرع الروسي قنسطنطين كوساتشيف قوله إن أنقرة لا تخطط للسيطرة على أراض سورية بالقوة، ولذلك فإن احتمال اندلاع صراع تركي سوري مفتوح ضعيف.

وكشفت مصادر مطلعة مقربة من قيادة “قسد” لـ”العربي الجديد”، أن هناك مساعي تبذل من عدة أطراف من أجل إيقاف العملية العسكرية التركية في شرق نهر الفرات، وبدء مفاوضات “جادة” بين الجانب التركي وقيادة “قسد”، مشيرة إلى أنه “جرت بالفعل منذ أيام مفاوضات بين الطرفين في مدينة أربيل العراقية، بوساطة من قبل قيادة إقليم كردستان العراق إلا أنها فشلت، فبدأ الأتراك العملية العسكرية”.

وأكدت المصادر أن قيادة الإقليم لا تزال تبذل جهودا لتجسير الهوة بين الطرفين لتفادي تصعيد كبير في شمال شرقي سورية. وفي محاولة من قيادة “قسد” للهروب إلى الأمام وخلط الأوراق في المنطقة، أبرمت اتفاقا مع النظام برعاية روسية، الأحد، ينص على دخول قوات النظام إلى شرقي الفرات وانتشارها على طول الحدود السورية التركية لـ”مؤازرة قوات سورية الديمقراطية لصد هذا العدوان وتحرير المناطق التي دخلها الجيش التركي ومرتزقته المأجورون”، وفق بيان “الإدارة الذاتية” التي يقودها حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يتخذ من الوحدات الكردية التي تشكل الثقل الرئيسي في قوات “قسد” ذراعا عسكرية له.

وفي السياق، قالت وكالة “سانا” الرسمية التابعة للنظام السوري، اليوم، إن “وحدات من الجيش العربي السوري دخلت بلدة تل تمر بريف الحسكة الشمالي الغربي لمواجهة العدوان التركي وسط ترحيب الأهالي”.

وأضافت أن “وحدات أخرى من الجيش العربي السوري دخلت إلى مدينة الطبقة وريفها ومطارها العسكري وبلدة عين عيسى وعدد كبير من القرى والبلدات في أرياف الرقة الجنوبي والجنوبي الغربي والشمالي”.

وقبل إعلان النظام، ذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أن رتلا من قوات النظام دخل، فجر الاثنين، إلى منطقة شرق الفرات عبر مدينة الطبقة بعيد ساعات من استهداف طائرات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، مساء الأحد، رتلاً لقوات النظام السوري في منطقة الرصافة، جنوب غربي مدينة الرقة، كان كما يبدو يستعد للتوجه إلى مدينة الطبقة (50 كيلومترا غربي الرقة) عقب اتفاق النظام و”قسد”.

وكانت وكالة “سانا” قد زعمت، مساء الأحد، “أن وحدات الجيش العربي السوري بدأت بالتحرك باتجاه الشمال لمواجهة العدوان التركي على الأراضي السورية”. كما نقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام عن مصدر ميداني زعمه دخول قوات النظام إلى مدينتي منبج وعين العرب، مشيرا إلى أن هذه القوات فصلت المناطق التي توجد فيها فصائل المعارضة عن مدينة منبج، وأن ما سماها بـ”القوات المحلية” الموجودة في المدينة “فتحت جميع حواجزها أمام مرور الجيش السوري تمهيداً لمواجهة العدوان التركي”، وفق زعمه.

وأكد مصدر رفيع المستوى في “مجلس سورية الديمقراطي” (مسد)، الجناح السياسي لقوات “قسد”، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الاتفاق لا يتضمن تسليم المدن للنظام، مشيرا إلى أنه ينص على انتشار على الحدود في محاولة لإيقاف العملية العسكرية التركية.

من جانبه، قال الباحث السياسي المقرّب من “الإدارة الذاتية” الكردية في شرقي نهر الفرات، إدريس نعسان، في منشور على صفحته على “فيسبوك”، إن الاتفاق مع النظام “سيشمل كوباني ومنبج ولن يشمل الجزيرة السورية من رأس العين إلى نهر دجلة (….)، وسيكون بانتشار الجيش على الحدود فقط دون التدخل في أمور الإدارة”.

وفي السياق، حركت العملية العسكرية التركية في شرقي نهر الفرات المياه الراكدة في غربه، حيث عاد السباق للفوز بمدينة منبج بين النظام والجانب التركي، حيث يحشد الطرفان من أجل الانقضاض على المدينة التي يسيطر عليها مجلس منبج العسكري التابع لمليشيا “قسد”. وذكرت مصادر من “الجيش الوطني السوري” لـ”العربي الجديد”، أن الجيش التركي استقدم تعزيزات عسكرية إلى الجبهات المطلة على مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي.

وأضافت أن التعزيزات التركية رافقتها تعزيزات من “الجيش الوطني”. وتضمنت تلك التعزيزات ناقلات جنود ودبابات وجسورا مائية، وتمركزت على جبهات نهر الساجور الفاصل بين مناطق سيطرة “الجيش الوطني” و”وحدات حماية الشعب” الكردية في شمال مدينة منبج.

وفي المقابل، تؤكد مصادر محلية أن النظام يحشد قواته في قرية العريمة، جنوب غربي المدينة، في استعداد لدخول المدينة، في ظل غموض يكتنف الموقف كله في شرقي الفرات وغربه. وفي تصعيد لا يمكن عزله عما يجري في شرقي الفرات وغربه، عاود الطيران الروسي وقوات النظام القصف على محافظة إدلب ومحيطها، في خطوة من الواضح أنها جزء من ضغط روسي على تركيا للسماح لقوات النظام بالسيطرة على مدينة منبج.

وقال مصدر من الدفاع المدني السوري في إدلب لـ”العربي الجديد”، إن أربعة مدنيين، بينهم امرأة، أصيبوا بجراح متفاوتة جراء قصف مدفعي من قوات النظام السوري على بلدة جبالا في ريف إدلب.

وأضاف المصدر أن ثلاثة مدنيين أصيبوا بجروح جراء قصف صاروخي من قوات النظام على قرية الكندية في ريف إدلب الغربي، كما أصيب مدني جراء قصف مماثل على بلدة بداما.

وأوضح المصدر أن الطيران الحربي الروسي شن ثماني غارات على الأقل استهدفت منطقة جبل الأربعين ومنطقة بزابور، فيما شمل القصف المدفعي والصاروخي بلدتي معرة حرمة وكفرسجنة وقرى معرزيتا وجبالا، جنوب إدلب، بالإضافة إلى الهلبة وأم جلال بريف إدلب الشرقي، وبداما والكندة وطريق عين الباردة بريف إدلب الغربي.

سجون “قسد” لاحتجاز “داعش”: ورقة ضغط ضدّ العملية التركية

جلال بكور

تتواجد العديد من السجون، التي يحتجز فيها عناصر تنظيم “داعش” في المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، وتتوزع على محافظات الحسكة والرقة ودير الزور شمالي شرقي سورية.

تلك السجون باتت ورقة تهديد من قبل “قسد” ضد العملية العسكرية التي تشنها تركيا في شرق الفرات ضدها، في حين حمّلت واشنطن مسؤولية السجناء لأنقرة، كما أعلن فصيل من “الجيش السوري الحر” المشارك في العملية ضد “قسد” استعداده لتولي مسؤوليتها.

وأعلن جيش “مغاوير الثورة”، الذي يتلقى دعماً أميركياً ويتخذ من منطقة التنف شرقي سورية مركزاً له، مساء أمس، استعداده تأمين سجون تنظيم “داعش” دون قيد أو شرط.

وأوضح الفصيل، المنتشر قرب الحدود العراقية، في بيان، أن عرضه يأتي “بهدف عدم هروب عناصر التنظيم”، ولكونه جزءاً من التحالف الدولي، ولعدم مشاركته في أي صراع داخلي.

وجاء البيان بعد إعلان مليشيا “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) هروب مئات عناصر التنظيم من سجون في مدينة عين عيسى، بريف الرقة، الأحد الماضي.

ومع بدء العملية العسكرية التركية في شرق الفرات، وردت أنباء من وسائل إعلام تابعة لـ”قسد”، التي تديرها “وحدات حماية الشعب” الكردية، مفادها هروب العشرات من عناصر التنظيم، متذرعة تارة بقصف تلك السجون من قبل تركيا، وتارة بسحب حراسة تلك السجون من أجل مد الجبهات بالمقاتلين ضد التدخل التركي.

وزعمت “قوات سورية الديمقراطية”، الخميس الماضي، وذلك بعيد ساعات من بدء العملية التركية، أن قوات الأخيرة “استهدفت مساء الأربعاء جزءا” من سجن في مدينة القامشلي يضم عددا كبيرا من عناصر “داعش”، ينتمون إلى أكثر من 60 جنسية.

وفي غضون ذلك، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووسائل إعلام أميركية، عن نقل سجناء “خطرين” من عناصر “داعش” إلى العراق خشية فرارهم من السجن.

وأطلق ترامب مؤخرا العديد من التصريحات التي أوضح فيها أن الدول الأوروبية لا ترغب في استعادة عناصر “داعش” الذين يحملون جنسيتها، حيث يتواجد الآلاف مع عائلاتهم في سجون “قسد”.

وبحسب ما أفادت به مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، فإن أبرز السجون التي تحتجز بها “قسد” عناصر “داعش” تقع خارج نطاق المناطق التي تستهدفها العملية التركية في الوقت الحالي، وفرار عناصر “داعش” منها يعود إلى تسهيل ذلك من قبل “قسد”.

وبحسب ما ذكرته مصادر مقربة من “قسد” لـ”العربي الجديد”، فإن غالبية المعتقلين في السجون من عناصر “داعش” ينتمون للجنسية العراقية، وهناك المئات من العناصر من الأوروبيين وبقية الجنسيات العربية.

وأبرز تلك السجون، بحسب المصادر، هي “سجن غويران”، ويقع في مدينة الحسكة، و”سجن هيمو” الذي يقع شرق القامشلي، وتشرف عليه “قسد” إلى جانب القوات الأميركية، و”سجن المالكية” الذي يقع في أقصى شمال شرق محافظة الحسكة، وأيضا تشرف عليه القوات الأميركية إلى جانب “قسد”، و”سجن علايا” الواقع بالقرب من مدينة القامشلي، وجميعها حاليا خارج نطاق المنطقة التي تستهدفها العمليات التركية.

ووفق إشارة المصادر، فإن تلك السجون تضم في معظمها عناصر التنظيم الأجانب، ومن يصنفون بالخطيرين، موضحة أن هناك سجونا ضمن القواعد الأميركية في المنطقة، وأبرزها في حقل العمر النفطي، حيث تحتجز القوات الأميركية عناصر خطرين من التنظيم.

أما بقية السجون فمعظمها يقع بالقرب من المخيمات التي تحتجز بها “قسد” عائلات عناصر التنظيم، سواء السوريون منهم أم الأجانب، ومنها مخيم الهول في ريف الحسكة الشرقي، ومخيم عين عيسى شمال الرقة، ومنطقتا عين الخضرة وروج قرب القامشلي.

وهناك سجون متفرقة في مناطق سيطرة “قسد” في مدينتي عين العرب ومنبج، وتلك لم تشملها العمليات التركية أيضا. وبحسب المصادر، فإن السجناء هناك جلهم من السوريين ومن أبناء المنطقة، وأطلق معظمهم بوساطات العشائر المحلية، وذلك عقب شهور من السيطرة عليهما.

حتى إن المصادر ذكرت أن عددا من أولئك المطلقين باتوا مقاتلين في صفوف المليشيا، إما بعد تجنيدهم إجباريا من قبل الأخيرة، أو انخراطهم طوعا في صفوفها.

 أسوأ مخاوف أمريكا.. هل أطلقت التنظيمات الكردية سراح مقاتلي داعش عمداً؟ ومن سيتولى أمرهم: تركيا أم الأسد؟

عربي بوست

    ماذا يجري في شمال سوريا؟

    من هم معتقلو داعش وكم عددهم وأين أماكن تواجدهم؟

    هل أطلق الأكراد سراح مقاتلي داعش في خضم هذه الحرب؟

    هل يمكن أن تتولى تركيا أو نظام الأسد أمرَ احتجاز سجناء داعش؟

    ألم يقل ترامب إنه أخرج بالفعل أخطر معتقلي داعش من سوريا؟

    ما حقيقة ما حدث إذاً، أين هؤلاء السجناء الخطيرين؟

    من هما البريطانيان اللذان تمكنت أمريكا من نقلهما وتولي مسألة احتجازهما؟

تثير الفوضى المتصاعدة في شمال سوريا مع تقدم تركيا في حملتها على التنظيمات الكردية، الحليفة السابقة للولايات المتحدة، مخاوفَ بشأن مصير الآلاف من معتقلي تنظيم «الدولة الإسلامية» وعائلاتهم، الذين يحتجزهم الأكراد في سجون مؤقتة كأسرى حرب.

عند إعلانه أنه قد أفسح الطريق أمام العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، أصرّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن تركيا عليها أن تتحمل مسؤولية مقاتلي داعش الأسرى وعائلاتهم، ثم قال إن الولايات المتحدة تولّت احتجاز أخطرهم. غير أنه في الوقت الذي يستعد فيه البنتاغون لسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، يبدو كلا المطمَحين أبعد بكثير من أن يتحققا، كما تقول صحيفة The New York Times الأمريكية.

ماذا يجري في شمال سوريا؟

يقول تشارلي سافاج، وهو صحفي أمريكي حاصل على جائزة بوليتزر، ومراسل في لصحيفة «واشنطن بوست»: الوضع معقد للغاية. فقد شنّت تركيا عملية عسكرية على تنظيم «سوريا الديمقراطية» الكردي، والذي كان الحليف الأمريكي الأساسي في سوريا في القتال ضد تنظيم الدولة، وهم يسيطرون على منطقة واسعة شمال شرق سوريا. غير أن تركيا تعتبر أن هذه التنظيمات إرهابية وتهدد أمنها القومي، لارتباطها بتنظيم حزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابياً في تركيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

في هذه الأثناء، يسيطر بشار الأسد، المدعوم من روسيا، على الجزء الجنوبي من البلاد، التي يريد استعادتها بالكامل. ويبدو أن الأكراد عقدوا صفقة مفاجئة مع الحكومة السورية، الأحد، لكن تفاصيلها –وماذا تعني فيما يتعلق بالمحتجزين الدواعش- ليست واضحة بعد.

من هم معتقلو داعش وكم عددهم وأين أماكن تواجدهم؟

يقول الصحفي الأمريكي إن تنظيم «قسد» أدار مجموعةً تضم نحو 6 مواقع احتجاز مؤقتة لأسرى الحرب من مقاتلي داعش، تشمل مقرات مدارس سابقة في مدن مثل عين عيسى وكوباني إلى سجن حكومي سوري سابق في الحسكة.

استوعبت تلك السجون قرابة 11 ألف شخص، منهم 9 آلاف تقريباً من المحليين –سوريين أو عراقيين- ونحو 2000 من 50 دولة أخرى، كانت حكوماتهم المحلية أبدت تردداً بشأن إعادتهم إلى أوطانهم وبعضها رفض ذلك بالكامل. عشرات من هؤلاء الرجال هم أوروبيون، من دول مثل بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، لكن أكثر من ذلك بكثير أتوا من دول أخرى مثل مصر وتونس واليمن.

يدير الأكراد أيضاً أكثر من عشرة مخيمات لعائلات نزحت على إثر النزاع، وتضم عشرات الآلاف من الناس، كثير منهم زوجات وأطفال غير سوريين من أسر مقاتلي داعش. ويشمل ذلك مخيماً ضخماً على بعد 25 ميلاً جنوب شرق الحسكة، حيث يعيش نحو 70 ألف شخص في ظروف مزرية للغاية، إضافة إلى مخيمٍ في عين عيسى.

هل أطلق الأكراد سراح مقاتلي داعش في خضم هذه الحرب؟

يقول سافاج، كان أحد أهم المخاوف بالنسبة لواشنطن بهذا الشأن، أن الأكراد يعيدون نشر حراسهم من السجون والمخيمات ويستدعونهم للمساعدة في مواجهة الأتراك، وهو ما قد يسهل على أعضاء داعش الهروب. ويوم الأحد، سمح الأكراد لمئات من نساء وأطفال مقاتلي داعش بمغادرة قسم من مخيم النازحين في عين عيسى، حيث كانوا محتجزين. وليس من الواضح ما إذا كان أي مقاتل قد فر من السجون بعد.

يقول مدير سابق بوحدة مكافحة الإرهاب في «مجلس الأمن القومي» في عهد ترامب والرئيس الحالي لـ»متحف الجاسوسية الدولي» في واشنطن، كريستوفر بي كوستا، إن «السيناريو الأسوأ» هو أن الأكراد يشعرون بخيبة أمل وغضب كبيرين مما فعلته الولايات المتحدة لدرجة أنهم «قرروا إطلاق سراح بعض المعتقلين الدواعش بالجملة».

هل يمكن أن تتولى تركيا أو نظام الأسد أمرَ احتجاز سجناء داعش؟

يقول البيت الأبيض إن تركيا «ستكون مسؤولة الآن عن جميع مقاتلي داعش في المنطقة التي تمت السيطرة عليها خلال العامين الماضيين». لكن تركيا لم تعط أي إشارة علنية بأنها وافقت على تولي أمر مثل هذه «الورطة».

وقال جوشوا جليتزر، المدير السابق للجنة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي في عهد أوباما، إنه «من الصعب تخيل أن تركيا لديها القدرة على التعامل بشكل مناسب مع المعتقلين الذين كانت القوات الكردية هي مَن تتولى احتجازهم منذ فترة طويلة، وهذا بفرض أن تركيا تنوي حقاً المحاولة»، حسب تعبيره.

من الممكن أيضاً أن ينتهي الأمر إلى تولي النظام السوري السيطرة على بعض السجون باتفاق بين الأكراد والأسد. لكن ليس واضحاً ما إذا كانت هناك أي خطة لنقل السلطة والمسؤوليات بشكل منظم وسط هذه الوتيرة السريعة للأحداث.

ألم يقل ترامب إنه أخرج بالفعل أخطر معتقلي داعش من سوريا؟

يقول الصحفي الأمريكي: بلى، لكن ما قاله غير صحيح إلى حد كبير.

فمع اشتداد الفوضى في شمال سوريا، يوم الأربعاء، أدلى ترامب بتصريحات مهدّئة للصحفيين، كشف فيها عن أن الولايات المتحدة كانت قد تولت نقل أسوأ معتقلي داعش وأخطرهم، لضمان عدم هروبهم.

وقال ترامب: «نحن ننقل بعض أخطر مقاتلي داعش. لقد نقلناهم واحتجزناهم في أماكن مختلفة، حيث الأوضاع آمنة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأكراد يراقبونهم. وإذا لم يراقبهم الأكراد فإن تركيا ستراقبهم؛ لأنها لا تريد أن يخرج هؤلاء الأشخاص خارج السجون أكثر مما نفعل».

وأضاف: «ومع ذلك، نقلنا عدداً معيناً من مقاتلي داعش السيئين للغاية. فقد أردنا التأكد من عدم حدوث تغير فيما يخصّهم، وفيما يتعلق بخروجهم خارج السجون. وأعتقد أننا نقوم بعمل رائع».

لكن على الرغم من أن ترامب تحدث بصيغة الماضي، كما لو أن العملية قد نُفذت، لكن ذلك التصور كان طموحاً إلى حد كبير، ويبدو مستبعداً الآن على نحو متزايد.

ما حقيقة ما حدث إذاً، أين هؤلاء السجناء الخطيرين؟

يقول سافاج: أخرجت الولايات المتحدة اثنين فقط من المعتقلين ذوي القيمة العالية، وهذا دون أهدافها بكثير. كان الجيش الأمريكي قد أعدّ خططاً طارئة لنقل قائمة تضم نحو 25 معتقلاً من ذوي الأولوية العليا في تلك المجموعة من المحتجزين، من شمال سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما أعلن ترامب لأول مرة أنه سيسحب قواته من البلاد قبل أن تبطِّئ إدارته وتيرة تنفيذ تلك الخطة، وفقاً لما قاله مسؤول.

بعد الضوء الأخضر المفاجئ الذي منحه ترامب لتركيا كي تبدأ حملتها، حاول الجيش تنفيذ الخطة التي كان قد طمح إلى تنفيذها. وتمكنت وحدات من القوات الخاصة يوم الأربعاء من نقل رجلين بريطانيين يُعتقد أنهما نصف عدد أفراد خلية داعش التي تولت تعذيب وقتل رهائن غربيين، وهم محتجزون الآن في قاعدة أمريكية في العراق.

لكن بعد قبول الأكراد نقل هذين الرجلين، أوقفوا تعاونهم مع الولايات المتحدة ساخطين على ما اعتبروه خيانة لهم من ترامب، وفقاً لمسؤولين أمريكيين. ويقول المسؤولون إن قرار البنتاغون يوم الأحد بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، يعني أن فرصةَ نقل أماكن احتجاز سجناء آخرين من معتقلي داعش –حتى لو قرر الأكراد استئناف التعاون مرة أخرى- تتلاشى بسرعة.

من هما البريطانيان اللذان تمكنت أمريكا من نقلهما وتولي مسألة احتجازهما؟

الرجلان هما الشافعي الشيخ وأليكساندا كوتي، وهما من ضمن عناصر ما يُعرف بـ «بيتلز داعش»، وهي خلية مكونة من أربعة عناصر بريطانيين منتمين لداعش اشتهروا بدورهم في تعذيب الرهائن الغربيين، ومنهم جيمس فولي، الصحفي البريطاني الذي قطعت رأسه في أغسطس/آب 2014، في مقطع فيديو دعائي لداعش. ويُعتقد أن عضواً آخر في الخلية، سبق أن قُتل في غارة جوية لطائرة بدون طيار، هو من قتل فولي.

تعتزم وزارة العدل الأمريكية إحضار الرجلين إلى المقاطعة الشرقية في ولاية فرجينيا، للمثول للمحاكمة، غير أن صراعاً قانونياً في بريطانيا أخّر عملية النقل. وتدور الدعوى حول ما إذا كان مسموحاً للحكومة البريطانية بأن تشارك أدلة مع الولايات المتحدة، دون ضمانات أن النيابة الأمريكية لن تطالب بعقوبة إعدام بحق المتهمين.

مقاتلون أكراد ام قوات النظام؟.. من دخل إلى منبج؟

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، أن الشرطة العسكرية الروسية تقوم بدوريات على خط التماس بين القوات التركية وقوات النظام السوري في الشمال السوري.

ونقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية عن الوزارة بياناً جاء فيه، أن “القوات الحكومية السورية المتحالفة مع روسيا تسيطر سيطرة كاملة على مدينة منبج في شمال سوريا”، وإن الجنود الروس ينسقون مع الجيش التركي في منطقة منبج.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع التركية عن مقتل جندي تركي، وإصابة 8 بهجوم صاروخي شنه مقاتلون أكراد من منبج، لافتة إلى أنه تم “تحييد” 15 مقاتلا كرديا.

وقالت وزارة الدفاع التركية إن “عدد الإرهابيين الذين حيدتهم قواتها في إطار عملية “نبع السلام” ارتفع إلى 595″.

ونقلت قناة “روسيا اليوم” عن مصدر عسكري سوري قوله، إن “الجيش أصبح على بعد 10 كيلومترات عن الجيش التركي بين بلدتي تل تمر ورأس العين، وقد يحدث اشتباك بين الجيشين في أي لحظة”.

لكن مصادر في “الجيش الوطني” قالت إن معظم القوات التي انتشرت في منبج لا تتبع للنظام السوري، وإنما هم مقاتلون أكراد أعادوا الانتشار في المنطقة وقيل إنهم يتبعون “للحكومة السورية”.

ونقلت وكالة “رويترز” عن يوسف حمود، المتحدث باسم “الجيش الوطني” تأكيده على أن “بعض القوات الحكومية دخلت المدينة، لكن غالبية القوات التي دخلت من المقاتلين الأكراد الذين جاؤوا من مدينة حلب التي تسيطر عليها الحكومة السورية”.

وأضاف “القوات التي دخلت لمنبج يُحكى أنها قوات نظام لكن غالبيتها من عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي”. وشدد على أن مقاتلي “الجيش الوطني” سيواصلون التقدم صوب منبج.

من جهة ثانية، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، تعليقا على احتمال وقوع نزاع عسكري بين تركيا سوريا: “أعتقد أن حدوث أي اشتباك ليس في مصلحة أحد بل أمر غير مقبول، ولهذا السبب نحن بالطبع لن نسمح بذلك”.

وأشار لافرينتييف إلى وجدود “حوار مستمر” بين سوريا وتركيا، وأوضح في هذا السياق أن الاتصالات جارية “عبر قنوات وزارات الدفاع والخارجية والاستخبارات”، مضيفا أن “المحادثات تأتي في نظام الوقف الواقعي”.

فرنسا تبحث عن مخرج من “الفخ السوري

أعلن قصر الإليزيه أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شدّد حلال مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، على “الضرورة المطلقة لمنع انبعاث” تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد العملية العسكرية التي شنّتها تركيا ضدّ الأكراد في شمال سوريا، وانسحاب القوات الأميركية من هذه المنطقة.

وبالإضافة إلى الرئيس الأميركي، أجرى ماكرون محادثات هاتفية مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والعراقي برهم صالح، وفق ما أوضحت الرئاسة الفرنسية.

وتخشى باريس وغيرها من العواصم الأوروبية فرار عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” المعتقلين لدى الأكراد واستفادة التنظيم الإرهابي من التفلّت الأمني لإعادة تنظيم صفوفه على الأرض.

وأعلن الإليزيه أن المكالمة مع إردوغان “أكّدت وجود تباين كبير في الآراء حول التداعيات المرتقبة للهجوم التركي على شمال شرق سوريا”.

من جهتها قالت أنقرة إنّ إردوغان “شرح” لماكرون أهداف العملية و”لفت انتباهه للتهديد الذي تشكّله داعش ووحدات حماية الشعب الكردية على أمن تركيا ووحدة أراضي سوريا”.

وأعلن الإليزيه أنّ المحادثات بين الرئيسين الفرنسي والعراقي تناولت “المخاطر التي تشكّلها الأوضاع الحالية على الصعيدين الإنساني والأمني”، كما و”الإجراءات التي يجب اتّخاذها في إطار التحالف الدولي” ضد تنظيم الدولة الإسلامية و”الذي يجب ان يتحمّل مسؤولياته”.

في غضون ذلك، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إن باريس تبحث عن مخرج من الفخ السوري الذي وقعت فيه في أعقاب انسحاب القوات الأميركية المفاجىء، ونقلت عن مصادر أنها تعد لسحب قواتها الخاصة المنتشرة في سوريا، إضافة إلى الانسحاب من التحالف الدولي رداً على القرار الأميركي الانسحاب من شمال شرق سوريا.

وقالت الصحيفة، إن ما يحدث في سوريا يعيد خلط الأوراق من جديد، أبعد من المناطق التي يقطنها الأكراد، فببساطة هذا نصر مرير للرئيس السوري بشار الأسد على حساب أكثر من 500 ألف قتيل ومليوني جريح و6 ملايين مشرد.

وتنقل الصحيفة عن وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لو دريان قوله، إن العملية التركية تجهض جهود 5 سنوات من قتال تنظيم “الدولة الإسلامية”، وتعطي “داعش” الفرصة لاستغلال ما يحدث لاستئناف تحركاته.

الصراع على منبج/ محمد حسان

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، أن “الجيش السوري يسيطر بشكل كامل على مدينة منبج”، وأضافت أن “الشرطة العسكرية الروسية تسير دوريات على طول خط التماس شمال غربي منبج”، وإن “القوات الأميركية غادرت منبج باتجاه الحدود السورية العراقية”. وأكدت الوزارة أنها “تنسق مع الجيش التركي بشأن مدينة منبج”.

ويبدو أن الاتفاق بين ألهام درار، عن “قسد” ورئيس مكتب “الأمن الوطني” اللواء علي مملوك، بحسب الناطق باسم “الجيش الوطني” المقدم يوسف الحمود، يقوم على دخول قوات “العمال الكردستاني” المنسحبة من حلب إلى منبج، وهي ترفع رايات النظام.

وليس معروفاً كيف ستتعامل تركيا مع الوضع المستجد في المدينة، وسط غموض كبير يحيط بوضع القوات الأميركية فيها لجهة انسحابها أو بقائها. مصادر “المدن” أكدت أنه حتى اللحظة لم تنسحب القوات الأميركية من المدينة، على عكس الادعاءات الروسية بذلك.

وكانت قوات “الجيش الوطني” بدعم وإسناد من الجيش التركي، قد بدأت عملياتها العسكرية للسيطرة على مدينة منبج شمال شرقي حلب، الإثنين، ضمن عملية “نبع السلام”. واستهدف القصف التمهيدي نقاط تمركز “قوات سوريا الديموقراطية” في محيط منبج، ومنها عرب حسن والجات وميل ويران. وتمكن “الجيش الوطني” خلال الساعات الأولى للهجوم من السيطرة على قرى الدندنية والياشلي بريف منبج الغربي بعد اشتباكات عنيفة مع “قسد”، التي انسحبت شرقاً باتجاه الفارات والجاموسية.

وخسرت “قسد” أكثر من 20 عنصراً على الأقل بين قتيل وجريح في تلك المعارك، بينما خسر “الجيش الوطني” 4 قتلى، وتمكن من اغتنام عدد من الأسلحة والمعدات بينها دبابة على جبهة الياشلي.

وانطلق هجوم “الجيش الوطني” من محورين رئيسين؛ الأول من الشمال الغربي انطلاقاً من قريتي محسنلي وحسن صغيرة، والثاني من الغرب انطلاقاً من الحميرة وتل على وشعيب، وهو المحور العسكري الرئيسي.

ويعود تركيز القوات المهاجمة للمحور الغربي لسببين؛ الأول نتيجة رغبتها بالتقدم في خط مستقيم في الأراضي الواقعة جنوبي المدينة نحو الشرق، لقطع الطريق أمام محاولات النظام الوصول لمركز المدينة من ريفها الغربي والجنوبي، أما السبب الثاني فلصعوبة التقدم من الشمال بسبب وجود القاعدة الأميركية في قرية عون الدادات.

الناشط الإعلامي أحمد محمد، من مدينة منبج، قال لـ”المدن”، إن سيارتين تقلان عناصر من قوات النظام حاولتا الدخول إلى قرية العسلية ذات الغالبية الكردية في ريف منبج، لكن القوات الأميركية المنتشرة في القرية طردتهما وهددتهما بالاستهداف المباشر في حال عدم التراجع.

أضاف المحمد أن جميع محاولات دخول قوات النظام إلى منبج وريفها، تتم بطلب وتسهيلات من “مجلس منبج العسكري” التابع لـ”قسد”، لكن القوات الأميركية تحول دون ذلك.

عاملا المباغتة وسرعة تحرك “الجيش الوطني” في التقدم إلى خطوط المواجهة، أربكا “قسد” وأثرا على مقاتليها، ما دفع عناصر من “مجلس منبج العسكري” المتمركزين على جبهات المدينة الشمالية للانشقاق وتسليم أنفسهم للقوات التركية.

“جيش الثوار” المتحالف مع “قسد”، أخلى جميع مقراته في منبج وتوجه إلى شرق الفرات، بعد استعانة “قسد” بقوات النظام. إذ يعتبر “جيش الثوار” النظام عدواً له، وهو من الفصائل القليلة التي تقاتل إلى جانب “قسد” وترفع راية الثورة السورية.

حالة التخبط في صفوف “قسد” يمكن معالجتها خلال الساعات المقبلة، فهي أمام فرصة لترتيب بيتها الداخلي، لأن القوات المهاجمة ستعمد إلى التهدئة لأسباب، أولها انتظار انسحاب كامل القوات الأميركية من منبج لبدء هجومها الشامل. وتقوم القوات الأميركية منذ ليل الإثنين/الثلاثاء، بإخلاء قاعدة السعدية أكبر قواعدها في منبج.

والسبب الثاني، هو محاولة تركيا التواصل مع روسيا لسحب قوات النظام التي دخلت بعض المناطق في ريف منبج. فيما يتعلق السبب الثالث بترتيبات تركية لوجستية للمعركة، واستقدام التعزيزات الكافية من المقاتلين إلى محيط المدينة، وهذا ما يستغرق وقتاً، خاصة وأنها تقاتل مع “الجيش الوطني” على جبهات متعددة في آن واحد.

سيطرة تركيا وحلفائها على مدينة منبج، تحقق لها العديد من المكاسب؛ طرد حزب “الاتحاد الديموقراطي” من غربي الفرات، بالتالي تأمين الحدود الجنوبية الغربية لها من أي وجود لأهم أعداء تركيا، وبسط النفوذ التركي على المزيد من التراب ما يعزز حصتها من الكعكة السورية ويعزز دورها كلاعب أساسي في أي عملية سياسية مستقبلية. وكذلك، قطع الطريق على النظام لمنعه من استخدام المدينة نقطة للانطلاق إلى شرق الفرات خاصة عين العرب “كوباني”.

ويشكل الموقع الجغرافي لمنبج، التي تعد عقدة وصل تجارية بين حلب والشرق السوري، مكسباً إضافياً لتركيا.

بدوره، يسعى النظام جاهداً لدخول منبج لاستعادة المزيد من الأراضي وفتح الطريق نحو الشمال الشرقي لسوريا في عين العرب والرقة والحسكة وصولاً إلى الحدود العراقية. وهذا الأمر ليس مهماً من الناحية العسكرية فحسب وإنما من الناحية الاقتصادية، فالنظام في أمس الحاجة لثروات الشرق السوري.

الخبير العسكري عبدالناصر العايد، قال لـ”المدن”: “إن ما يوصف بتقدم لقوات النظام هو ليس سوى عملية تسليم من طرف قسد بعض القرى لقوات النظام، بل أن بعض ذلك التقدم المزعوم تم من خلال استبدال علم قسد بعلم النظام فقط، واستبدال زيهم بزي قوات النظام، بهدف خلط الاوراق ووضع جيش النظام بمواجهة تركيا على نحو رمزي لا أكثر”.

وعن مستقبل المدينة والقوى التي ستسيطر عليها، أوضح العايد: “منبج خارج العملية العسكرية التركية، والقوات الاميركية لن تنسحب منها حالياً، لكنها لم تحرك ساكناً بعد، بانتظار قرارات مهمة من واشنطن بالتصدي لأي قوة تتقدم نحو المدينة بشكل حازم”، نظراً للضغوط الكبيرة التي يمارسها الجمهوريون والديموقراطيون والبنتاغون، على البيت الأبيض، لتعديل قراره بخصوص سوريا.

وأشار العايد إلى أن مسارعة “قسد” للتفاهم مع الروس والنظام الأسد، قد اربكت المشهد شرقي الفرات. وحتى لو أعلنت واشنطن التراجع والبقاء في المنطقة، فالأمور بين “التحالف الدولي” و”قوات سوريا الديموقراطية”، لن تعود كما كانت، وسيتوجب على “قسد” تقديم تنازلات مؤلمة لتلافي النتائج الكارثية لقرارها المتسرع بالانضواء تحت المظلة الروسية.

ويبدو أن قوات “قسد” المنسحبة من حلب، قد بدأت الوصول إلى منبج ودخولها تحت راية قوات النظام، وسط تسريب جديد لما قيل إنه “مذكرة تفاهم” بين “قسد” والنظام، وجاء فيها: أن الاتفاق بين “قسد” والنظام، قد خلص إلى موافقة “قسد” على دخول قوات النظام وبسط سيطرته على المنطقة من عين ديوار شرقاً إلى جرابلس غرباً، بحيث تنطلق القوات من 3 محاور؛ محور الطبقة شمالاً باتجاه عين عيسى وريفها والحدود السورية التركية عند تل أبيض وباتجاه الغرب. والمحور الثاني من منبج باتجاه عين العرب على الحدود السورية التركية. والثالث هو محور الحسكة-تل تمر وصولاً إلى رأس العين ومنه إلى الشرق باتجاه القامشلي والمالكية. وتنتشر القوات في منبج بدءاً من عريمة وعلى خط نهر الساجور وفق للاتفاقية السابقة المتعلقة بانتشار القوات في عريمة.

المدن

عقوبات أميركية على تركيا.. ونابليون بونابرت يساعد الأكراد!

فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عقوبات على تركيا، وطالبها بوقف التوغل العسكري في شمال شرق سوريا. وطالب ترامب بوقف إطلاق النار في مكالمة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، للصحافيين: “لن تتسامح الولايات المتحدة الأميركية ببساطة مع غزو تركيا لسوريا. إننا ندعو تركيا إلى التراجع وإنهاء العنف والوصول إلى طاولة المفاوضات”.

وكان ترامب قد قال في “تويتر”: “كل من يريد مساعدة سوريا في حماية الأكراد فهو أمر جيد بالنسبة لي، سواء كانت روسيا أو الصين أو نابليون بونابرت… آمل أن يبلوا جميعا بلاء حسنا، فنحن على بعد 7000 ميل!”.

وكشف بنس، أن ترامب طلب من نظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال مكالمة هاتفية، “وضع حدّ”  للعملية العسكرية في سورية وإعلان “وقف فوري لإطلاق النار”. وأضاف أنّ ترامب طلب أيضاً من أردوغان الدخول في “مفاوضات مع القوات الكردية في سوريا”، مشيراً إلى أنّ “الرئيس (ترامب) كان حازماً جداً مع الرئيس أردوغان اليوم”. وأضاف نائب الرئيس الأميركي أنّه سيتوجّه إلى تركيا قريباً بطلب من ترامب، للبحث في الملف السوري.

ووفقاً لنائب الرئيس الأميركي، فإنّ أردوغان تعهّد لترامب “بألّا يكون هناك أي هجوم على مدينة عين عرب (كوباني)”.

وأتى تصريح بنس بعيد إعلان وزارة الخزانة الأميركية أنّ ترامب فرض عقوبات على تركيا تشمل حتى الآن وزارتين وثلاثة وزراء، وذلك بهدف إرغام أنقرة على أن “تنهي فوراً هجومها” العسكري على الفصائل الكردية في شمال شرقي سوريا.

وقالت الوزارة، في بيان، إنّ العقوبات شملت وزارتي الدفاع والطاقة، ووزراء الطاقة والدفاع والداخلية، الذين باتوا ممنوعين من دخول الولايات المتحدة ومن إجراء أي معاملة مالية دولية بالدولار الأميركي، كما باتت أموالهم في الولايات المتحدة، إن وجدت، مجمّدة.

وفرضت هذه العقوبات بموجب أمر تنفيذي وقّعه ترامب وأجاز فيه أيضاً فرض عقوبات على عدد كبير جداً من المسؤولين الأتراك، المتورّطين بـ”أعمال تعرّض المدنيين للخطر أو تزعزع الاستقرار في شمال شرقي سوريا”. وبحسب البيان، فإنّ إدارة ترامب قرّرت في الوقت الراهن قصر هذه العقوبات على الوزارتين والوزراء الثلاثة فقط.

من جانبه، أصدر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بياناً في هذا الخصوص، قال فيه إن بلاده “فرضت عقوبات على وزراء الدفاع خلوصي أكار، والداخلية سليمان صويلو، والطاقة والموارد الطبييعة فاتح دونماز، لمساهمتهم في الأعمال التي تقوض الاستقرار في سوريا”.

وأوضح بومبيو أن بلاده فرضت عقوبات على تركيا من أجل الضغط عليها لوقف عمليتها العسكرية شمالي سوريا، مؤكداً ضرورة تفاوض تركيا مع الولايات المتحدة حيال الشأن السوري.

كما أتى تصريح بنس بعيد إصدار وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، بياناً، دان فيه بشدّة الهجوم العسكري التركي “غير المقبول”، والذي أسفر عن “إطلاق سراح العديد من المعتقلين الخطرين” المنتمين إلى تنظيم “داعش”، مشيراً إلى أنّ واشنطن ستطلب من حلف شمال الأطلسي اتّخاذ “إجراءات” ضدّ تركيا بسبب “تقويضها” المهمّة الدوليّة لمكافحة التنظيم الجهادي.

كما أعلن ترامب خططا لإعادة فرض تعريفة جمركية على الصلب التركي ووقف المفاوضات على الفور بشأن اتفاق تجاري بقيمة 100 مليار دولار.

وسرعان ما لاقت الخطوة انتقادات من الديموقراطيين في الكونغرس إذ قالوا إنها “غير كافية”.

وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي: “إعلانه عن حزمة عقوبات ضد تركيا لا يرقى إلى حد كبير إلى تغيير اتجاه تلك الكارثة الإنسانية”.

وانضم زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، المعروف بتأييده لترامب، إلى منتقديه للتعبير عن قلقه من الانسحاب من سوريا، قائلا إنه “سيؤدي إلى عودة الدولة الإسلامية”. وقال في بيان: “مثل هذا الانسحاب سيخلق أيضا فراغا أوسع في السلطة في سوريا ستستغله إيران وروسيا، وهي نتيجة كارثية للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة”.

وهددت دول أوروبية بفرض عقوبات على تركيا، لكنها اتفقت خلال اجتماع على عدم فرض حظر عليها. وبدلا من ذلك، ستنظر الدول الأعضاء في قيودها الخاصة على مبيعات الأسلحة.

في حين قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، إنه سيدعو الحلفاء في حلف شمال الأطلسي إلى “اتخاذ إجراءات جماعية وفردية” ضد تركيا عندما يجتمع مع وزراء الدفاع في بروكسل الأسبوع المقبل.

وتراجع أداء الليرة التركية وفقدت خمسة بالمئة مقابل الدولار في تحرك استثنائي يتزامن مع ارتفاع مؤشر إم.إس.سي.آي لعملات الأسواق الناشئة 1.3 بالمئة.

وصنف جيه.بي مورغان الليرة، بجانب الروبل الروسي، كأكثر العملات إنكشافا على التقلبات السياسية. وحذر غولدمان ساكس بشأن المخاطر الجيوسياسية والسياسة الاقتصادية المحلية، في حين تساءل بنك رابو الاسبوع الماضي إذا كانت الليرة على شفا “أزمة عملة” جديدة. وخفض دويتشه بنك نظرته الإيجابية لأدوات الدخل الثابت التركية وخفضت أوكسفورد إيكونوميكس مستوى رؤيتها لتركيا.

وقال بيوتر ماتيس من بنك رابو “إذا قرر الكونغرس الأميركي فرض عقوبات على تركيا، فإن هذا التحرك الصغير نسبيا (في الليرة) سيكون على الأرجح مجرد بداية”.

لماذا انتشرت قوات النظام في الحسكة وحدها؟

واصلت قوات النظام السوري، الإثنين، انتشارها في الحسكة، وفق الاتفاق المعقود بينها وبين “قوات سوريا الديموقراطية”، برعاية روسية، مساء الأحد، بحسب مراسل “المدن” محمد حسان.

انتشار قوات النظام بدأ في بلدة تل تمر شمال غربي الحسكة، وفي بعض أحياء مدينتي الحسكة والقامشلي، فيما تحاول مجموعات عسكرية الوصول إلى الأطراف الجنوبية لمدينة رأس العين.

ووصلت 8 سيارات دفع رباعي تُقلُّ قوات للنظام إلى الجهتين الغربية والشرقية من مدينة عين عيسى شمالي الرقة في محاولة لدخولها، لكن التواجد العسكري الأميركي ما زال يمنعها حتى اللحظة.

ويُقدر عدد عناصر قوات النظام الذين أعيد نشرهم بحوالي 650 عنصراً، معظمهم من حرس الحدود “الهجانة” و”الدفاع الوطني”، وبعض “المخابرات العسكرية” و”الأمن العسكري” في الحسكة.

وجاءت قوات النظام المعاد انتشارها من “فوج كوكب” و”المربع الأمني” في الحسكة، وهي مناطق بقيت تحت سيطرة النظام.

الانتشار العسكري لقوات النظام في الحسكة يجري بكل سلاسة، ولم يلاقِ أي عقبات تذكر، خاصة من القوات الأميركية المتواجدة في بعض القواعد العسكرية داخل المحافظة، باستثناء معلومات عن تراجع النظام من مدينة المالكية بسبب رفض أميركي.

تحركات النظام في الحسكة تقسم إلى مرحلتين، الأولى تم الانتهاء منها بالسيطرة على الطريق الدولي الحسكة-حلب، وبات الطريق من المالكية وحتى عين عيسى تحت سيطرة النظام. ويتبقى فقط دخول النظام مدينة عين عيسى، التي تشهد تواجداً أميركياً، لوصل الحسكة وريف الرقة الشمالي الشرقي مع عين العرب “كوباني” ومنبج.

أما المرحلة الثانية، تهدف إلى وصول قوات النظام إلى خطوط التماس مع “الجيش الوطني” وحليفه التركي على طول الحدود السورية-التركية، والمناطق التي خسرتها “قسد” منذ انطلاق عملية “نبع السلام”.

تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة، قد يتأخر لأيام، بسبب عدم وجود العنصر البشري الكافي لقوات النظام للانتشار في المنطقة الحدودية مترامية الأطراف، واقتصار تسليحها على بعض الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

مصدر خاص من مناطق سيطرة النظام في ديرالزور أكد لـ”المدن”، أن قوات النظام بدأت بنقل العشرات من عناصر “الفيلق الخامس” في ديرالزور، إلى المطار العسكري، تحضيراً لنقلهم جواً إلى مطار القامشلي.

وأضاف المصدر، أن النظام حاول إدخال التعزيزات العسكرية المتوجهة إلى الحسكة عبر مناطق سيطرة “قسد” في ديرالزور، لضمان وصول أسلحة ثقيلة عبر الطريق البري، “لكن الأمر لم يتم بسبب الرفض الأميركي”.

مساعي النظام لتأمين الطريق الدولي ستلاقي صعوبات كثيرة، أولها استمرار الوجود الأميركي في عين عيسى ومنبج، أو تقدم “الجيش الوطني” وحليفه التركي إلى تلك المناطق في حال الانسحاب الأميركي منها.

وكذلك، عدم قدرة النظام على نقل الأسلحة العسكرية الثقيلة للمشاركة في عملية الانتشار، بسبب وجود قوات “التحالف الدولي” على نقاط الفصل بين مناطقه ومناطق سيطرة “قسد”، في منبج والطبقة ومحيط بلدة الصالحية شرقي ديرالزور، ما يعني عدم قدرتها الحفاظ على مناطق الانتشار في حال أي مواجهة مع “الجيش الوطني”.

تحرك قوات النظام في الحسكة هو التحرك الفعلي الوحيد حتى اللحظة، إذ لم يُسجّل أي انتشار عسكري لقواته في منبج أو عين العرب شرقي حلب، أما مدينة الطبقة غرب محافظة الرقة فقد شهدت محاولة تقدم توقفت بعد استهداف طيران “التحالف الدولي” لها موقعة خسائر بشرية ومادية في صفوفها.

وفي ديرالزور، تقوم الدوريات الأميركية بالتنقل على طول ريف المحافظة الشرقي من أطراف الصالحية غرباً حتى بلدة الباغوز، ما يدحض الشائعات عن نية “قوات سوريا الديموقراطية” الانسحاب من الريف الديري وتسليمه للنظام.

عقوبات أمريكية مفاجئة على تركيا بسبب “نبع السلام

أدرجت الولايات المتحدة وزراء الطاقة والدفاع والداخلية والمالية الأتراك على لائحة العقوبات الاقتصادية، ومنعتهم من إجراء أي معاملات مالية بالدولار الأمريكي، وذلك رداً على عملية “نبع السلام” التي ينفذها الجيش التركي في شمالي سوريا.

وأعلنت الخزانة الأمريكية في بيان لها، اليوم الثلاثاء، أنها فرضت العقوبات على وزراء الدفاع خلوصي أكار، والداخلية سليمان صويلو، والطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز.

وبينت أن الوزراء الذين فُرضت العقوبات عليهم باتت أموالهم في الأراضي الأمريكية -إذا وجدت- “مجمدة”.

وزعم بيان الوزارة أن عملية تركيا ضد تنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” تعرّض مكافحة تنظيم “داعش” للخطر، ويمكن أن تزعزع استقرار المنطقة.

كذلك، أفاد بيان صادر عن البيت الأبيض بأن الرئيس دونالد ترامب وقَّع مرسوماً رئاسياً يمنح وزارتي الخزانة والخارجية صلاحية فرض عقوبات على مؤسسات وشخصيات في تركيا.

وقال البيان: “الرئيس ترامب يعتقد أن العملية العسكرية للحكومة التركية شمالي سوريا، والأوضاع الداخلية في سوريا، خلال الآونة الأخيرة، قوَّضا حملة هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، وعرَّضا حياة المدنيين للخطر، وهددا السلام والأمن والاستقرار في المنطقة”.

وأضاف: “وزارتا الخزانة والخارجية ستحددان معاً العقوبات، التي قد تشمل مصادرة أصول مسؤولين أتراك حاليين أو سابقين داخل الولايات المتحدة، قد يشكلون تهديداً على سلام وأمن واستقرار ووحدة أراضي سوريا”.

وقال ترامب في بيانٍ نشره البيت الأبيض: إن “الولايات المتحدة ستوقف فوراً المفاوضات التي تقودها وزارة التجارة، بخصوص اتفاق تجاري مع تركيا تصل قيمته إلى 100 مليار دولار، إلى جانب إعادة رفع الرسوم على الصلب إلى نسبة 50 بالمئة، بعد خفضها في مايو الماضي”.

بدوره، أكد وزير الخارجية مايك بومبيو، أن الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب يمنح وزارتي الخزانة والخارجية صلاحية فرض عقوبات على أشخاص ومؤسسات وأطراف مرتبطة بالحكومة التركية.

وأوضح بومبيو، في بيان له، أن عقوبات فُرضت على مؤسستين تركيتين هما وزارة الطاقة ووزارة الدفاع.

وسبق قرار العقوبات الأمريكية بيانٌ أصدره دونالد ترامب، أكد فيه أنه سيصدر أمراً تنفيذياً يسمح بفرض عقوبات على مسؤولين حاليين وسابقين في الحكومة التركية، وعلى أي شخص يسهم في إجراءات أنقرة شمال شرقي سوريا.

يشار إلى أن ترامب كان قد أبدى موافقة بلاده على عملية “نبع السلام” بطريقة غير مباشرة حين قال: “لندَع الأتراك يدبّرون أمر حدودهم، ولا أظن أن على جنودنا أن يكونوا موجودين هناك”، لكنه هدد بفرض عقوبات قاسية على أنقرة في حال لم تلتزم حماية الأقليات، وتتولَّ مسؤولية أسرى “داعش”.

وأطلقت تركيا، الأربعاء الماضي، عملية عسكرية سمَّتها “نبع السلام”، شرقي نهر الفرات بالشمال السوري، قالت إنها تسعى من خلالها إلى تحييد المليشيات الكردية الانفصالية على حدودها مع سوريا، إضافة إلى القضاء على فكرة إنشاء كيان كردي بين البلدين، وإبقاء سوريا موحدةً أرضاً وشعباً.

وإضافة إلى ذلك، تُمني تركيا النفس بإقامة منطقة آمنة تُمهد الطريق أمام عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى ديارهم وأراضيهم بعد نزوح قسري منذ سنوات، وتغيير ديمغرافي طال تلك المنطقة بعد سيطرة المليشيات الكردية عليها.

ترامب: لن نقاتل بسوريا.. والأكراد ليحمِهم نابليون بونابرت

أعرب الرئيس الأمريكي عن استغرابه من أن هناك من يطالب الولايات المتحدة بحماية أكراد سوريا من الجيش التركي، الذي يشن حملة في الشمال السوري، مجدداً تأكيده أن قوات بلاده أتمت عملها بقتال تنظيم الدولة وهزيمته.

وقال الرئيس الأمريكي، في سلسلة تغريدات على حسابه بـ”تويتر”، مساء الاثنين: “بعد هزيمة تنظيم داعش بنسبة 100٪ نقلت قسماً كبيراً من قواتنا من سوريا”.

وأضاف: “دع سوريا والأسد يحميان الأكراد ويحاربون تركيا من أجل أرضهم. قلت للجنرالات: لماذا يجب أن نقاتل من أجل سوريا؟”.

وتابع: “يريد بعض الناس من الولايات المتحدة أن تحمي الحدود السورية التي تقع على بعد 7000 ميل من بلادنا”.

وأكد ترامب أنه لا يعارض من يقف إلى جانب النظام السوري لمساعدته: “كل من يريد مساعدة سوريا في حماية الأكراد فليفعل، سواء كانت روسيا أو الصين أو نابليون بونابرت”.

واستطرد قائلاً: “أود التركيز إلى حد كبير على حدودنا الجنوبية (..) حيث يجري إنشاء الجدار الحدودي العازل (مع المكسيك)”.

وكان الرئيس الأمريكي اتهم، اليوم الاثنين، في تغريدة على “تويتر”، المليشيات الكردية بإطلاق سراح مقاتلي تنظيم “داعش”، لجر واشنطن من أجل التدخل في الشمال السوري وعدم سحب كامل قواتها من المنطقة، لمواجهة القوات التركية.

وأطلقت تركيا، الأربعاء الماضي، عملية عسكرية أسمتها “نبع السلام”، شرقي نهر الفرات بالشمال السوري، قالت إنها تسعى من خلالها إلى تحييد المليشيات الكردية الانفصالية على حدودها مع سوريا، إضافة إلى القضاء على فكرة إنشاء كيان كردي بين البلدين، وإبقاء سوريا موحدة أرضاً وشعباً.

وإضافة إلى ذلك، تُمني تركيا النفس بإقامة منطقة آمنة تُمهد الطريق أمام عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى ديارهم وأراضيهم بعد نزوح قسري منذ سنوات، وتغيير ديمغرافي طال تلك المنطقة بعد سيطرة المليشيات الكردية عليها.

الجيش الوطني السوري: هكذا ستدار مناطق شرق الفرات بعد تحريرها

قال المتحدث باسم الجيش الوطني السوري يوسف حمود، إن المناطق التي تتم السيطرة عليها خلال عملية “نبع السلام”، ستنتقل إلى إدارات مدنية بعد العملية.

جاء ذلك في كلمته، الاثنين، خلال ندوة نظمتها مؤسسة الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية (سيتا) بالعاصمة التركية أنقرة، تحت عنوان “عملية نبع السلام”.

وشارك في الندوة إلى جانب “حمود”، كل من نائب وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة حسن حمادة، ومصطفى سيجري، من الجيش الوطني، وباحثون، وممثلو بعثات دبلوماسية، وصحفيون.

ولفت حمود إلى أن الجيش الوطني هو أكبر عملية توحيد للقوات التي تقاتل النظام السوري منذ 2011، وأنه يضم 80 ألف عسكري مدرب، مشدداً على أن عملية “نبع السلام” باتت أمراً حتمياً، من جراء ممارسات الوحدات الكردية الانفصالية.

وأشار إلى أن التنظيم (الكردي) أجبر آلاف المدنيين من أكراد وتركمان وآشوريين على النزوح، وجنَّد أطفالاً قسراً، واغتال النشطاء السياسيين، واعتقل تعسفياً مئات بينهم نساء وأطفال.

وتطرق حمود إلى إدانة الجامعة العربية عملية “نبع السلام”، مؤكداً أنهم تلقوا ذلك بكل أسف ودهشة، معتبراً أن “الدول التي أدانت هذه (العملية) وقفت صامتة أمام جرائم الحرب التي نفذتها هذه الوحدات”.

وبيَّن حمود أنهم يبذلون جهوداً، من أجل عدم مغادرة المواطنين السوريين الأكراد المدنيين، القاطنين بمنطقة العملية العسكرية، منازلهم.

وأردف قائلاً: “في الفترة التي كنا نطهر فيها منطقة عفرين من الإرهاب، فتح وكيل حزب العمال الكردستاني في سوريا (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي)، الباب أمام نزوح الأكراد بممارسة الضغوط عليهم”.

وتابع: “في تلك الفترة، أقنعنا السكان بأن من الضروري عدم مغادرة منازلهم وذلك بالاتصال بهم. وبعد التواصل مع إخوتنا الأكراد، عاد قسم ممن غادروا المنطقة مجدداً إلى منازلهم، ونحن أمّنّا عودة آمنة لهم إلى منازلهم”.

كما أكد حمود أنهم بعثوا خلال عملية “نبع السلام” برسائل تطمين للمدنيين من الأكراد والآشوريين والسريان والمسيحيين، قائلاً: “نحن كجيش وطني سوري لن ندير المنطقة، سنسلمها لإدارة مدنية تسهّل عملية العيش المشترك بسلام بعد تحريرها من الإرهاب”.

من جانبه، أوضح نائب وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، حسن حمادة، أن “الأولوية الأساسية للحكومة المؤقتة تتمثل في إحلال الاستقرار والأمن في المناطق التي يحررها الجيش الوطني”.

وأشار حمادة إلى أن “الاستعدادات اللازمة كافة أُجريت من أجل الحيلولة دون تشكل بؤر الإرهاب مرة أخرى في المناطق المحررة”.

بدوره، لفت “سيجري”، إلى أن “ب ي د” يتحرك بتعليمات قادمة من معسكرات (جبل) قنديل من قِبل عناصر غير وطنية.

وشدد على أن عملية “نبع السلام” نُفذت في ضوء طلبات سكان المنطقة، وأنهم يهدفون من خلالها إلى تحرير المنطقة من ظلم واضطهاد الوحدات الكردية التي تسيطر على المنطقة.

وأطلقت تركيا، يوم الأربعاء (9 أكتوبر)، عملية عسكرية سمَّتها “نبع السلام”، شرقي نهر الفرات بالشمال السوري، قالت إنها تسعى من خلالها إلى تحييد المليشيات الكردية الانفصالية على حدودها مع سوريا، إضافة إلى القضاء على فكرة إنشاء كيان كردي بين البلدين، وإبقاء سوريا موحدةً أرضاً وشعباً.

وإضافة إلى ذلك، تُمني تركيا النفس بإقامة منطقة آمنة تُمهد الطريق أمام عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى ديارهم وأراضيهم بعد نزوح قسري منذ سنوات، وتغيير ديمغرافي طال تلك المنطقة بعد سيطرة المليشيات الكردية عليها.

موقف بريطاني ومجري إيجابي من “نبع السلام

قال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، إن تركيا واجهت وما تزال تواجه تهديدات إرهابية من حزب العمال الكردستاني، مؤكداً ضرورة أن تدافع تركيا عن نفسها في وجه تلك التهديدات.

جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بالعاصمة البريطانية لندن، أمس الاثنين.

وذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية، اليوم الثلاثاء، أن “والاس حث أنقرة على احترام حقوق الإنسان ومعاملة المدنيين في عمليتها بسوريا”، لافتاً إلى أن تركيا تواجه تهديداً من المليشيات الكردية”، في إشارة إلى مسلحي الوحدات الكردية في سوريا.

وأوضح والاس أن “تركيا واجهت، وما تزال تواجه، تهديداً من حزب العمال، وهي منظمة إرهابية في ذلك البلد، وإن تركيا بحاجة إلى فعل ما عليها أحياناً القيام به للدفاع عن نفسها”.

وتأتي تصريحات وزير الدفاع البريطاني عقب بيان للاتحاد الأوروبي يعارض عملية “نبع السلام” التركية ضد الإرهاب شمالي سوريا، والتي تهدف إلى إنشاء منطقة آمنة وخالية من كل التنظيمات الإرهابية.

وفي إطار ذلك قال والاس: “هذا وضع لم نرده أن يتطور بهذا الشكل، لكن حصل ما حصل، ونحن الآن نحاول التأكد من أن حقوق الإنسان يتم الحفاظ عليها في تلك العملية”.

المجر تدعم المنطقة الآمنة

وبخصوص المنطقة الآمنة أعلن وزير الشؤون والتجارة الخارجية المجري بيتر سيرتو، استعداد بلاده للتعاون مع تركيا في حال أنشأت منطقة آمنة من أجل عودة اللاجئين السوريين.

جاء ذلك في تصريحات لوسائل إعلام، في العاصمة الأذرية باكو، التي يزورها للمشاركة في القمة السابعة لـ”المجلس التركي” للدول الناطقة بالتركية.

ولفت سيرتو إلى اتباع بلاده سياسة دعم اللاجئين في بلادهم، مشيراً إلى أن حل تركيا لمشكلة اللاجئين داخل بلادهم تصب في مصلحة المجر.

وأوضح أنه “إذا أسست تركيا منطقة آمنة من أجل إمكانية عودة الأسر المهجرة من سوريا، فإن المجر ستتعاون معها بكل سرور”، لافتاً إلى إنفاق تركيا 40 مليار دولار على أربعة ملايين لاجئ حتى الآن.

وقال: إنّ “المجر لا ترغب في وصول مئات الآلاف أو ملايين المهاجرين إلى حدودها”، مضيفاً: “لو خيرونا بين إرسال تركيا اللاجئين إلى سوريا أو فتح حدودها أمامهم كي يصلوا أوروبا، بالطبع جوابنا سيكون: يجب إرسالهم إلى سوريا”.

والخميس الماضي، قال سيرتو، في تصريحات، إن بلاده أعاقت صدور بيان مشترك للاتحاد الأوروبي يدعو فيه تركيا لإيقاف عملية “نبع السلام” شمالي سوريا.

وأطلقت تركيا، يوم الأربعاء (9 أكتوبر)، عملية عسكرية سمَّتها “نبع السلام”، شرقي نهر الفرات بالشمال السوري، قالت إنها تسعى من خلالها إلى تحييد المليشيات الكردية الانفصالية على حدودها مع سوريا، إضافة إلى القضاء على فكرة إنشاء كيان كردي بين البلدين، وإبقاء سوريا موحدةً أرضاً وشعباً.

وإضافة إلى ذلك تُمني تركيا النفس بإقامة منطقة آمنة تُمهد الطريق أمام عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى ديارهم وأراضيهم بعد نزوح قسري منذ سنوات، وتغيير ديمغرافي طال تلك المنطقة بعد سيطرة المليشيات الكردية عليها.

عقب الانسحاب الأميركي.. روسيا تنسق مع تركيا وتسيّر دوريات في منبج

انسحبت آخر القواعد العسكرية الأميركية من مدينة منبج السورية فجر اليوم الثلاثاء تزامنا مع دخول أرتال النظام السوري لمحيطها، بينما نقلت مصادر إعلامية روسية عن وزارة الدفاع أن الجنود الروس ينسقون مع الجيش التركي في المنطقة.

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع قولها اليوم الثلاثاء إن الشرطة العسكرية الروسية تقوم بدوريات على خط التماس بين القوات السورية والتركية في شمال سوريا.

وفي المقابل، نقل مراسل الجزيرة نت في المنطقة عدنان الحسين أن قوات النظام السوري تقدمت في محيط المدينة وتسلمت نقاطا عسكرية، وقامت باستقدام قوات ومدرعات ودبابات في ظل تحليق طيران استطلاع تركي.

وقال المراسل إن الغموض يلف الوضع الميداني هناك، خصوصا بعد الاتفاق الذي وقع على عجل بين القوات الكردية والنظام السوري.

وفي السياق، قال مصدر عسكري من القوات الكردية في المدينة للجزيرة نت إنهم اتفقوا مع قوات النظام على تسليم نقاط المواجهة في محيط مدينة منبج لتشارك السيطرة على تلك النقاط بهدف وقف الهجمات من قبل تركيا، كما أن قواتهم أعطت القوات الأميركية توضيحا حول الاتفاق مما دفعها للانسحاب.

وأوضح المصدر أن قوات النظام السوري تمركزت في ثلاثة مواقع رئيسة في بلدة عين عيسى بريف الرقة الغربي وفي شمال منبج وفي نقاط مختلفة شرق وغرب مدينة عين العرب كوباني.

من جهته، قال القائد العسكري لمجلس منبج العسكري التابع للجيش الوطني عدنان الجاسم للجزيرة نت إنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال سيطرت بالفعل قوات النظام على المدينة.

تقدم تركي

وكان الجيش التركي وقوات المعارضة السورية سيطرا على ثلاث قرى في محيط منبج في ريف حلب، بعد الإعلان عن بدء عملية عسكرية واسعة تستهدف المدينة وريفها، في وقت تضاربت الأنباء بشأن دخول قوات النظام للمدينة.

وقال مراسل الجزيرة ميلاد فضل، إن قوات المعارضة السورية استولت على أسلحة وذخيرة لما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية بالمنطقة.

وفي السياق، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن القوات الكردية شنت هجوما مضادا ضد القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بمنطقة رأس العين شمالي شرق البلاد، ويخوض الجانبان معارك شرسة في المنطقة.

وأفادت وكالة سانا التابعة للنظام السوري بأن وحدات من قوات النظام دخلت بلدة تل تمر الواقعة على بُعد نحو ثلاثين كيلومترا من رأس العين بريف الحسكة الشمالي لمواجهة ما وصفته بـ “العدوان التركي” واقتربت نحو ستة كيلومترات من الحدود التركية. كما انتشرت وحدات من قوات النظام مزودة بدبابات وآليات ثقيلة في محيط منبج.

كما أكدت الوكالة نفسها دخول القوات إلى مدينة الطبقة وريفها ومطارها العسكري وبلدة عين عيسى بريف الرقة، وأضافت أن العلم السوري رفع على عدد من المؤسسات بمدينتي القامشلي والحسكة.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع التركية اليوم ارتفاع عدد قتلى القوات الكردية إلى 595 شخصا منذ بدء عملية “نبع السلام”.

المصدر : الجزيرة + وكالات

غارديان: ترامب محق بسحب القوات من سوريا وعليه سحبها من العراق وأفغانستان

نشرت صحيفة غارديان البريطانية مقالا للكاتب سايمون جينكينز قال فيه إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب محق في سحب قواته من سوريا ولكن يجب عليه سحبها أيضا من العراق وأفغانستان والسعودية ومنطقة الخليج.

وعلق جينكينز بأن ترامب كان مشددا على الانسحاب، لكنه أردف بأن عدم إمكانية التنبؤ به وخطابه العدائي شوها نواياه. وأضاف أن سبب تخلي ترامب عن الأكراد ليس واضحا لكن استمرار المشاركة الأميركية في حروب أجنبية سيكون كارثة.

ويرى الكاتب أن القوات الأميركية ليس لديها سبب إستراتيجي للبقاء في سوريا، وأنها إذا بقيت فترة أطول من ذلك فستُجر إلى مستنقع أعمق، إذا حاولت فرض نوع من السلام، وستهاجم من كل الأطراف، كما أن العالم الخارجي لا ناقة له ولا جمل في الحرب التركية الكردية.

وأشار إلى أنه عندما كان العالم الخارجي متحدا ضد تنظيم الدولة الإسلامية كانت درجة الوضوح الإستراتيجي ممكنة، ولكن عندما تفتت التنظيم -إلى حد ما- عادت العداءات القديمة إلى الظهور.

واعتبر أن كلا من الرئيس السابق باراك أوباما وترامب جاءا إلى الحكم مع تعهد بإنهاء الحرب، لكن بدا أن مجتمع الصناعات العسكرية الأميركي كان أقوى منهما. وأضاف أنه إذا أنهى ترامب كل الحروب -كما يقول- فسيستحق الثناء.

مقالات

العملية العسكرية التركية في شمال سورية.. نطاقها وأهدافها

المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

بعد ثلاثة أيام على مكالمةٍ هاتفية، وافق خلالها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على سحب قوات الولايات المتحدة من مناطق حدودية شمال سورية، أطلق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المرحلة الأولى من عملية عسكرية واسعة على الحدود مع سورية، على امتداد نحو 130 كيلومترًا بين مدينتي تل أبيض ورأس العين، وبعمق يصل إلى 32 كيلومترًا. وتهدف العملية إلى إنشاء منطقة آمنة لإعادة توطين الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين في تركيا. وتشارك في العملية التي أطلق عليها اسم “نبع السلام” وحداتٌ من الجيش التركي وفصائل من المعارضة السورية، وتعدّها أنقرة استكمالًا لعمليتي درع الفرات، وغصن الزيتون، شمال غرب سورية، في مواجهة ما تعتبره مشروعًا انفصاليًا تقوده قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي يغلب على تركيبتها المكوّن الكردي في الشمال السوري.

أهداف العملية التركية

تختلف العملية التركية الحالية عن العمليتين السابقتين اللتين غلب عليهما شعار محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، والتنسيق مع روسيا في شمال غرب سورية، في أن هدفها الرئيس هو مواجهة “قسد”، بعد التنسيق مع الولايات المتحدة التي توجد قواتها على الأرض في شمال شرق سورية من خلال التحالف الدولي لمواجهة “داعش”. وقد أعلن الجيش التركي عن هدفين رئيسين للعملية، هما تأمين الحدود “بعد إبعاد العناصر الإرهابية” عنها، وإنشاء منطقة آمنة بطول 460 كيلومترًا وعمق 30 – 40 كيلومترًا على طول الحدود السورية – التركية شرق نهر الفرات؛ لتوطين نحو مليوني لاجئ سوري فيها، وتحويلها إلى “عنصر استقرار في المنطقة وسورية عمومًا”. ولكنّ هذين الهدفين يخفيان مجموعة أخرى من الأهداف غير المعلنة، أهمها:

1 ــ تخفيف الضغوط الداخلية على الحكومة التركية في موضوع اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.

2 ــ تهيئة بيئة ديموغرافية صديقة لتركيا في الشمال السوري؛ إذ إن غالبية السكان سيكونون من المقيمين سابقًا على أراضيها.

3 ــ إنشاء حاجز ديموغرافي وجغرافي بين تركيا والمنظمات الكردية المسلحة.

4 ــ زيادة تأثير تركيا ونفوذها في الصراع داخل سورية، ودورها في الحل السياسي.

5 ــ توسيع المنطقة الجغرافية التي تديرها المعارضة السورية المحسوبة على تركيا، لتشمل مناطق أخرى من الشمال السوري الغني بالموارد الطبيعية ومصادر الطاقة.

6 ــ انتزاع أو إضعاف ورقة الضغط “الكردية” التي يستخدمها خصوم تركيا ضدها، وحل إحدى قضايا الخلاف الرئيسة مع واشنطن.

7 ــ القضاء نهائيًا على مشروع إقامة كيان انفصالي كردي في الشمال السوري.

8 ــ رفع شعبية الرئيس أردوغان والحكومة، التي عانت، في الفترة الأخيرة، بفعل انتعاش المشاعر القومية، وهو أمر مهم في هذه المرحلة تحديدًا في ظل الأزمة الاقتصادية، وقرب الإعلان عن قيام أحزاب سياسية جديدة منشقة عن حزب العدالة والتنمية.

العقبات والتحديات

أطلقت تركيا عمليتها بعد تجديد الرئيس الأميركي رغبة بلاده في سحب قواتها من سورية، ونشره لاحقًا تغريداتٍ أوحت بالتخلي عن “قسد”، بعد سحب القوات الأميركية من بعض النقاط الحدودية، وهو ما دعم فكرة حصول تفاهم ضمني بين ترامب وأردوغان لإطلاق العملية. وقد بدأت العملية في 9 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بقصف جوي ومدفعي تمهيدي، وانتقلت بعده مباشرة القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المشاركة في العملية إلى الهجوم البري؛ ما يوحي بأن تركيا حريصة على سرعة تحقيق الأهداف، وأن ثمّة سهولة نسبية في التقدم. ومع ذلك، تواجه العملية العسكرية التركية عقبات وتحديات كبيرة، أهمها:

أولًا، التحديات الميدانية: وتتمثل في اتساع الرقعة الجغرافية لمناطق شرق الفرات، والتي تقدر بنحو ثلث مساحة سورية، يسكنها ما يقرب من مليوني إنسان يتوزّعون بين عدة إثنيات، غالبيتهم من العرب. وهناك عدد كبير لقوات سورية الديمقراطية، يقدر بنحو 60 ألف مقاتلٍ مسلحٍ بسلاح أميركي حديث. ولدى هذه القوات رصيد كبير من التدريب والخبرة في مواجهة “داعش” على مدى سنوات، فضلًا عن أهمية المنطقة اقتصاديًا بالنسبة إليها. وإضافة إلى غناها بالثروات الطبيعية والمائية، تضم المنطقة نحو 90% من النفط في سورية و45% من إنتاج الغاز السوري. وثمّة قواعد ونقاط عسكرية أميركية، وأخرى تابعة للتحالف الدولي والدوريات التي يسيّرها الطرفان في المنطقة، ما يمكن أن ينتج احتكاكات غير مقصودة، كما حصل في عين العرب (كوباني)، عندما أصابت المدفعية التركية نقطة مراقبة أميركية، من دون أن تحدث إصابات. وثمّة صعوبات أيضًا تواجه القاذفات التركية بعد وقف التحالف الدولي تنسيقه الجوي والاستخباراتي مع تركيا.

ثانيًا، الضغوط الدولية والإقليمية: منذ البداية واجهت العملية العسكرية التركية موجة واسعة من الإدانات والمواقف الرافضة، أطلقها مختلف القوى الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، فيما فرضت ألمانيا وهولندا وفرنسا عقوبات على تركيا. ولم يؤيد العملية التركية إلا عدد قليل من الدول، أهمها قطر وباكستان وأذربيجان. وتتركز الضغوط الموجّهة لتركيا حول المخاوف من انعكاسات العملية سلبيًا على محاربة “داعش” والتعامل مع معتقلي التنظيم في سورية، واحتمال سقوط ضحايا بين المدنيين، ومخاوف من حصول تغيير ديموغرافي طويل الأمد في المنطقة، وهي ضغوطٌ مرشحةٌ للاستمرار والتزايد بمرور الوقت وتعمّق التوغل التركي.

ثالثًا، الموقف الأميركي: يعد الموقف الأميركي، وبدرجة أقل الروسي، الأكثر أهمية من وجهة النظر التركية، لما لواشنطن من تأثير، ووجود عسكري على الأرض في شرق الفرات، وكذلك باعتبارها الداعم الأكبر ل “قسد”. وعلى الرغم من التفاهمات التركية – الأميركية التي أفضت إلى انسحاب أميركي من تل أبيض ورأس العين، إفساحًا للطريق أمام القوات التركية؛ ما فهم على أنه ضوء أخضر للعملية، إضافة إلى الموقف الأميركي – الروسي الذي عرقل بيان إدانة للعملية في مجلس الأمن، تبنّته دول أوروبية، فإن أنقرة تتوجس من احتمالات تغير موقف الرئيس ترامب من العملية، بسبب الضغوط الهائلة التي يتعرّض لها داخل الولايات المتحدة، ومن جانب حلفائه في أوروبا والخليج وإسرائيل. كما أن البنتاغون لا يزال يبدي معارضة للعملية، فيما يهدّد الكونغرس بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا.

رابعًا، الموقفان الروسي والإيراني: يبدو واضحًا من ردود الفعل الروسية والإيرانية المتفهمة “مخاوف تركيا الأمنية”، وجود نوع من التنسيق التركي مع الطرفين. وهو عكس ما كانت عليه مواقفهما سابقًا، والتي كانت ترفض أي عملية عسكرية تركية في شمال سورية أو إقامة منطقة آمنة فيها. ويمكن تفسير التغير في الموقفين، الروسي والإيراني، بحرص البلدين على إخراج الأميركيين من المنطقة أولًا، على أن يتم التعامل مع تركيا في مرحلةٍ تالية. كما يدل هذان الموقفان على رفض النزعة الانفصالية الكردية، وعلى أن العملية التركية تفيد في معاقبة الأكراد على تحالفهم مع الولايات المتحدة، وتبين عقم الاعتماد عليها في توفير الحماية لحلفائها. قد يتغيّر هذان الموقفان في حال خروج الأميركيين نهائيًا من مناطق شرق الفرات، خصوصا في ظل إصرار الطرفين على استعادة النظام السوري هذه المناطق، وإحياء اتفاق أضنة الذي ينظم العلاقة بين سورية وتركيا في قضايا الحدود والأمن.

خامسًا، تكلفة العملية: نظرًا إلى التعقيدات والتحدّيات آنفة الذكر، ينتظر أن تتسبب العملية العسكرية التركية بخسائر بشرية، مدنية وعسكرية، أكبر من سابقتيها، لا سيما إذا ما طالت زمنيًا. كما يتوقع أن تكون لها ارتداداتها على الاقتصاد التركي، إذا استمرت الضغوط الدولية وتطورت إلى عقوبات، وهذا أقل احتمالًا.

سادسًا، المنطقة الآمنة: تحتاج فكرة المنطقة الآمنة التي تنوي تركيا إنشاءها في الشمال السوري إلى موافقة أطراف مهمة، مثل الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وتعاونها في التخطيط والتنفيذ والتمويل والدعم اللوجستي، الأمر الذي يبدو متعذّرًا حاليًا.

مستقبل العملية التركية

على الرغم من التحديات الماثلة والضغوط التي تتعرّض لها، تبدو تركيا مصممةً على إكمال المرحلة الأولى المعلنة، وهي السيطرة على المنطقة الحدودية الممتدة بين تل أبيض ورأس العين بطول 130 كيلومترًا وعمق 32 كيلومترًا، لا سيما أن المواقف المتحفظة من القوى الرئيسة لم تتحوّل إلى عقباتٍ ميدانيةٍ حقيقية بعد، حيث انسحبت القوات الأميركية إلى عمق 30 كيلومترًا، وهي منطقة العمليات التركية، بينما لم تتحرّك روسيا وإيران للقيام بأي تعقيدات ميدانية أو تصعيد في إدلب، أو في مناطق أخرى، يفهم منها محاولة لمواجهة الجهود التركية.

حتى الآن، تتقدم القوات التركية بسرعة وسهولة نسبية، مقارنة بالعمليتين السابقتين، حيث

أعلنت وزارة الدفاع التركية السيطرة على مدينة رأس العين، والوصول إلى الطريق الدولي M4 الرابط بين مدينتي منبج والقامشلي في اليوم الرابع من العمليات. ويبدو أن تركيا تستعجل تحقيق أهداف العملية، قبل أن تتزايد الضغوط لوقفها، أو استباقًا لحصول تعقيدات في الميدان تبطئ من زخم تقدّمها. كما يبدو أن الرئيس أردوغان يستعجل الانتهاء من تطهير المنطقة المذكورة من المليشيات الكردية وبسط السيطرة عليها قبل لقاء القمة المرتقب بينه وبين الرئيس الأميركي في واشنطن في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

مع ذلك، لا يزال من المبكر تأكيد قدرة أنقرة على تحقيق أهدافها في المرحلة الأولى من دون تعقيداتٍ كبيرة، فضلًا عن احتمال التمدد للسيطرة على كامل منطقة شرق الفرات، في حال حصول انسحاب الولايات المتحدة كليا. وفي كل الأحوال، سيكون على تركيا أن تقدّم تطميناتٍ مقنعة لمختلف الأطراف أن غايتها الحقيقية هي مواجهة المشروع الانفصالي في الشمال السوري، وحماية حدودها وأمنها القومي، وعدم رغبتها البقاء طويلا في الأراضي السورية، أو إحداث تغييرات ديموغرافية عميقة، تزرع بذور عدم الاستقرار لسنوات طويلة قادمة في سورية وعموم المنطقة.

على من يكذب ترامب؟/ عمر قدور

انقشع الغموض الذي رافق الأيام الأولى من الغزو التركي شرق الفرات، فأعلن وزير الدفاع الأمريكي سحب معظم قواته من سوريا، وهو إعلان يفوق بالأهمية تغريدة متسرعة لترامب من المحتمل أن يفرملها أركان إدارته. إعلان وزير الدفاع يتوج ما غرّد به ترامب في مستهل العملية لجهة ما سمّاه انسحاباً من “الحروب السخيفة التي لا نهاية لها في سوريا”، وهو قرار سبق أن ظهر متلهفاً لاتخاذه وفُرمل من قبل مسؤولي إدارته الذين إما رضخوا لإرادته مؤخراً، أو أودت إقالة بعضهم بمعارضيه.

من يقرأ أو يستمع لتصريحات ترامب يظن أن جنوده، الذين لا يزيد عددهم عن ألفين، هم طرف في حرب سخيفة لانهائية، بل يشاركون في الحرب على حساب حماية حدودهم المهددة بحسب قول لترامب قبل يومين. بينما نعلم في الواقع أن الوجود الأمريكي في منطقة شرق الفرات وجزء من الجزيرة السورية لا يتعرض لأي تهديد، هناك تفاهم مستقر مع موسكو في ما يخص الطلعات الجوية لطيران البلدين، والتهديدات التركية باجتياح المنطقة سبق أن تم لجمها بتهديدات أمريكية من مسؤولي الصف الثاني وانصاعت لها أنقرة، وقوات الأسد والميليشيات الإيرانية لن تتورط في نزاع يكلفها غالياً مع الوجود الأمريكي.

من الجانب العسكري، هناك دول أوروبية كانت مستعدة لإرسال بعض جنودها لتعويض انسحاب نظرائهم الأمريكيين لقاء بقاء المظلة الأمريكية، وهناك دول خليجية مستعدة لتعويض نفقات البقاء الأمريكي، وهي أصبحت زهيدة بحكم انتهاء الحرب على داعش وتوقف العمليات العسكرية. بعبارة أخرى، لقد كنا إزاء الوجود العسكري الأمريكي الأقل كلفة على جميع الأصعدة، ويمكن وصفه بالوجود الرمزي لجهة العدد والعتاد، لكنه مؤثر جداً بحكم هيبة أمريكا التي تردع الأطراف الأخرى المنخرطة في الحرب السورية عن الاقتراب منه.

إذاً، يكذب ترامب “وهذه ليست أولى أكاذيبه” عندما يهوّل من حجم الوجود الأمريكي وكلفته، ويكذب عندما يصوّر قواته كقوات فصل بين أنقرة وميليشيات الحماية الكردية، لأن الأخيرة لم تكن على الإطلاق في وارد قتال تركيا عبر الحدود السورية. وبصرف النظر عن العداء التاريخي، كانت وحدات الحماية خاضعة كلياً للنفوذ الأمريكي، بل كان ممكناً لهذا النفوذ لو مورس أن يؤثر في سلوكها وأن يسحب العديد من الذرائع التركية، وأيضاً من مآخذ سكان المنطقة من غير الأكراد الذين كان يرون أنفسهم مقصيين عن المشاركة في إدارة مناطقهم.

إثر اتصال هاتفي بين ترامب وأردوغان، اتخذ الأول قرار الانسحاب الذي بدا كأنه هدية للثاني. التسريبات التي تلت الاتصال، ثم تهديدات ترامب أنقرة بعدم تجاوز الحدود المتفق عليها، كانت جميعاً تشي بصحة التسريبات التي نصت على إرضاء أنقرة بشريط يمتد بين رأس العين وتل أبيض، مع بقاء القوات الأمريكية في المنطقة ولو ضمن ما هو معلن لجهة التصدي للطموحات الإيرانية. عودتنا إلى مربع تغريدات ترامب في اليوم الأول تنقض ذلك التصور، فالأمر عملياً بات يتعلق بتقسيم تركة النفوذ الأمريكي بين أردوغان وقوات بشار، والقرار الأمريكي “إن وجد” هو في الإشراف على تقسيم التركة ليس إلا.

كان متوقعاً للانسحاب الأمريكي أن يدفع بالأكراد إلى حضن بشار، ذلك لا يتعلق فقط بالفرع السوري لحزب العمال أو قاعدته الشعبية، فحتى إذا تغاضينا عن العداء التاريخي الكردي-التركي لدينا تجربة مريرة ساخنة هي تجربة احتلال عفرين وما رافقها وتلاها من انتهاكات منتظمة في حق الأكراد تقوم بها فصائل مرتزقة لكن بإشراف ورضا تركيين. هذه أيضاً ليست خسارة من وجهة نظر تركية، فإذا كان أردوغان يفضّل بالتأكيد وراثة النفوذ الأمريكي كاملاً لتأمين دور أكبر في المسألة السورية فإنه يقبل بما هو أقل من ذلك ما دامت عودة الأكراد إلى الأسد تعني طي الملف الكردي وانتهاء مغامرة حزب العمال. لا ننسى هنا أن هذا السيناريو لا يرضي أردوغان وحده عن مضض، بل يرضي أيضاً معارضيه الذين يتقاطعون معه في الشأن الكردي ويرون “عن حق” في بشار شريكاً له باع طويل في التحكم والسيطرة على حزب العمال.

سيبدو ترامب حيادياً إذا قسّم تركته بين موسكو وأنقرة، إلا أن قراءة هذا السيناريو ضمن المستقبل غير البعيد تختلف عن قراءته آنياً. بالعودة إلى تلهف ترامب إلى الانسحاب بصرف النظر عن الضغوط التركية، من المعلوم أن موسكو هي أكثر طرف ينتظر الانسحاب الأمريكي، وأنها تتوق إلى اللحظة التي تستطيع فيها التمركز كقوة وحيدة عظمى وفرض الحل الروسي على الجميع. موسكو العاجزة إزاء الوجود الأمريكي ليست كذلك في مواجهة الوجود التركي عندما يبقى الوحيد الذي يقاسمها النفوذ وله حساباته الخاصة.

لقد رأينا من قبل “فضائل” التفاهم الروسي-التركي، حيث جرى استهداف مناطق ما يُسمى خفض التصعيد كافة، وأُعيدت إلى سيطرة الأسد باستثناء إدلب “مؤقتاً”. لن يكون هناك رادع أمام موسكو، في حال الانسحاب الأمريكي التام، يمنعها من استهداف كافة المناطق الواقعة تحت النفوذ التركي، واحدة تلو الأخرى بذريعة وحدة وسيادة سوريا التي تعلن أنقرة التمسك بها أيضاً. كالمعتاد، سواء حدث تفاهم تركي على إعادة تلك المناطق لموسكو أو لم يحدث، لن يمر هذا المخطط من دون سفك دماء ودمار كبيرين.

حتى مسار التسوية الحالي، الهزيل الذي لا يلبي أدنى تطلعات السوريين، لن يكون متاحاً إلا وفق ما تقرره موسكو. لقد رأينا العرقلة الحازمة لأية مفاوضات حقيقية خلال السنوات الماضية، رغم وجود القوات الأمريكية وقدرتها على البقاء وإعاقة المخطط الروسي، وأيضاً الضغط الاقتصادي على الأسد وحلفائه بالسيطرة على منابع النفط والغاز والمياه. الانسحاب الأمريكي هو هدية متنوعة المنافع، بما فيها إنقاذ بشار اقتصادياً، ولو من باب الوفاء ببعض الديون الروسية أو الإيرانية، من دون أن ينعكس ذلك على أوضاع الخاضعين لسيطرته.

لا نحيك نظرية مؤامرة بالقول أن ترامب يقدّم مواربةً الهدية الأثمن لصديقه بوتين، وقد يكون واقعياً ومفيداً تذكر تصريحاته الانتخابية التي ظهر فيها محابياً لبشار الأسد، وأيضاً رغبته في مغادرة سوريا قبل بروز الضغوط التركية الأخيرة، وهي رغبة لا تجد مبررات خارج لغة المقاولات وخارج الاتهامات الداخلية له بالتواصل مع الروس منذ ترشحه للرئاسة. ضمن المنطق نفسه، ها هو ترامب يرضي أردوغان بتخليصه من الهاجس الكردي، ويرضي بوتين بتسليمه سوريا كاملة. لا ننسى أن هذه القسمة ترضي أيضاً شريحة من الجمهور السوري، فأنصار أردوغان فرحون بسيطرة قواته ومرتزقته على جزء من التركة الأمريكية، وفرحون بإثبات مقولتهم أن الأكراد كانوا دائماً في حضن الأسد، رغم اتهامهم لهم إلى ما قبل أيام بالانفصالية، وبالطبع يفضّل الجمهور الكردي بأغلبيته الساحقة عودة الأسد على الاحتلال التركي. هكذا، بضربة مقاول، تعم الأفراح لدى الجميع!

المدن

عن خيارات ترامب الثلاثة في سورية/ حسين عبد العزيز

فيما كانت الدوريات العسكرية التركية ـ الأميركية تزاول عملها الأحد، 6 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، داخل الشريط الحدودي السوري شمالي الرقة، جرت محادثة هاتفية في اليوم نفسه بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الأميركي، دونالد ترامب، ناقشا فيها، حسب مسؤول كبير في الخارجية الأميركية تحدث إلى قناة الحرة، المطلب التركي بإقامة منطقة آمنة داخل الحدود السورية، إلا أن الطرفين لم يتوصلا إلى صيغة نهائية. وبعد ساعات من المكالمة، كتب ترامب على “تويتر” إنه “يريد بقرار سحب الجنود الأميركيين ترك الأطراف الضالعة في النزاع حل الوضع، وأنه آن الأوان لكي نخرج من هذه الحروب السخيفة التي لا تنتهي”. وبعد ساعات قليلة، أصدر قرار سحب الجنود الأمركيين من نقطتي تل أبيض في الرقة ورأس العين في الحسكة، الذي عُد بمثابة ضوء أخضر أميركي لتركيا بتنفيذ عمليتها العسكرية، من دون أن يعني ذلك تأييدا أميركيا رسميا لهذه العملية.

وبعد تنديداتٍ واسعة جدا وحادة لهذه الخطوة، كتب ترامب في اليوم التالي، على “تويتر”، بصيغة تهديدية: “إذا فعلت تركيا ما أعتبره، بحكمتي التي لا نظير لها، تجاوزا للحد، فسأقضي على الاقتصاد التركي وأدمره بشكل كامل”. ثم استكمل تهديداته لتركيا يوم الخميس، “لدينا واحد من ثلاثة خيارات: إرسال الآلاف من القوات وتحقيق نصر عسكري، ضرب تركيا بشدة من الناحية المالية عبر فرض عقوبات، التوسط في اتفاق بين تركيا والأكراد”. وفسر بعضهم هذه الخيارات بأنها نوع من الخطوة إلى الوراء، بعيد الضغوط الكبيرة جدا التي تعرّض لها الرئيس الأميركي. ولكن بالتدقيق بعناية في هذه الخيارات، يتبين أن الخيارين الأولين لا يمكن تحقيقهما: إرسال آلاف من القوات الأميركية لمحاربة تركيا يتعارض مع الاستراتيجية الأميركية المتبعة منذ سنوات، وهي ليس عدم الانخراط في ساحات الصراع الدولية فحسب، بل تخفيف الحضور العسكري الأميركي في بؤر النزاع. كما أن هذا الخيار يتعارض مع مبدأ ترامب نفسه الذي أعلنه في أثناء حملته الانتخابية، وعبر عنه صراحة في مارس/ آذار الماضي، حين قرّر سحب القوة الأميركية من سورية. أما تدمير الاقتصاد التركي فيعني أن العلاقات الأميركية ـ التركية وصلت إلى نقطة الصفر السياسي، مع ما يعنيه ذلك بالضرورة من ارتماء تركيا في الحضن الروسي بشكل كامل، وهذا أمرٌ لا تحبّذه واشنطن على الإطلاق. والانسحاب الأميركي من نقطتي تل أبيض ورأس العين ليس إلا تأكيدا أميركيا على إيجاد قاعدة مشتركة مع الأتراك لإبقاء خطوط التحالف قائمة. ولا يبقى سوى الخيار الثالث الأكثر موضوعية، وقد كلف ترامب فعلا وفدا من الخارجية الأميركية بالعمل على التوسط بين الفريقين.

وفي ما يتعلق بتهديدات ترامب تركيا بعدم تجاوز الحد، أو الخط الأحمر، حسب قول مسؤول في الخارجية الأميركية، فإن المقصود عدم ارتكاب الجيش التركي عمليات تطهير عرقية، وعدم القيام بقصف عشوائي يستهدف المدنيين، وعدم التسبب بعمليات نزوح كبيرة، وعدم التسبب بفرار عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية.

أمام هذه التطورات، لا بد من تثبيت بعض المعطيات الموضوعية: أولا، لم تتحدث تصريحات ترامب ومسؤولي إدارته إطلاقا عن رفض أميركي للعملية العسكرية التركية. وما كان مواربة أصبح حقيقة موضوعية، مع رفض الولايات المتحدة تمرير البيان الأممي في مجلس الأمن، علما أن مشروع البيان الذي تقدمت به دول أوروبية لا يدين العملية التركية، وإنما يكتفي بالتنديد بها. وكان يمكن لواشنطن الاكتفاء بعدم التصويت على البيان بدلا من رفضه، غير أن رفضها يحمل رسالة سياسية إلى تركيا، مفادها بأن واشنطن لا تعارض العملية العسكرية، طالما لن تؤدي إلى أزماتٍ إنسانيةٍ أو تهديدات إرهابية. ثم جاءت تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، لتوضح موقف واشنطن تماما، حين قال “نُدرك أن لتركيا مصالح أمنية مشروعة ولها الحق في الدّفاع عن نفسها”.

ثانيا، لن تتوقف العملية العسكرية التركية، حتى تحقق أهدافها بالوصول إلى الطريق الدولي M4، أي بعمق يصل إلى نحو ثلاثين كيلومترا. وقد وسع الجيش التركي دائرة الاستهداف الجوي والمدفعي، على امتداد أكثر من 300 كيلومتر، من المالكية شرقا وحتى تل أبيض غربا، بعمق يصل إلى نحو أربعين كلم باتجاه اللواء 93 في ريف عين عيسى.

الهدف الرئيسي للعملية العسكرية ليس القضاء على ممر الإرهاب، ووقف التهديد الكردي لتركيا، وفق ما يتداوله المسؤولون الأتراك في الظاهر، فعمليا، منذ نهاية عام 2016 لم يعد ثمة عمليات عسكرية كردية ضد تركيا، بعدما منعت واشنطن الأكراد من ذلك. الهدف التركي هو ضرب مشروع “الإدارة الذاتية” للأكراد في سورية، ولا يتحقق هذا الهدف إلا بتوغل تركي محدود، وإنما يتطلب عمقا يتجاوز الـ 30 كلم. والهدف التركي الثاني توطين مئات آلاف من السوريين في المنطقة الآمنة المقرّر إقامتها، ويتطلب هذا العدد الكبير السيطرة على مساحات جغرافيةٍ واسعةٍ وقرى وبلدات عديدة.

ثالثا، على الوحدات الكردية تقبل الواقع الجديد، فالمصالح القومية العليا للدول تتجاوز الحلفاء المحليين، ولن يكون أمام الأكراد، بعدما أوصد النظام السوري باب الحوار معهم، سوى القبول بالوساطة الأميركية على ما فيها خذلان لهم.

رابعا، يشكل الانسحاب الأميركي الجزئي فرصة مهمة لروسيا، إذ إن الانسحاب الأميركي هو بمثابة سابقة يمكن تكرارها في مناطق أخرى، وتعتقد موسكو أن ممارسة الضغط على الولايات المتحدة سيحقق لها ما تريده كما فعلت تركيا. وفعلا، بعد ساعات قليلة من سحب القوة الأميركية، طلبت القوات الروسية من القوة الأميركية الموجودة في مدينة منبج إخلاء مواقعها من المدينة، تمهيدا لدخول قوات النظام السوري. ولا يستبعد أن يُقدم الأخير، مدعوما من روسيا في لحظة اشتداد المعارك بين الأتراك والوحدات الكردية، على شن عملية عسكرية في المناطق الكردية الرخوة، مثل جنوبي محافظة الرّقة.

خامسا، الانسحاب الأميركي الجزئي، أو إعادة التموضع، سيكون له تأثيرات استراتيجية مهمة في الشمال الشرقي من سورية، وسيعيد خلط الأوراق والتحالفات على المديين، المتوسط والبعيد.

العربي الجديد

تركيا تحجز مكانها على طاولة سوريا/ عائشة كربات

كقاعدة منطقية، يجب أن يكون لكل عملية عسكرية هدف سياسي واحد على الأقل وأن يكون لديها أيضاً خطة لعب نهائية. الغزو الثالث لتركيا إلى سوريا، عملية “نبع السلام” بعد عمليتي “غصن الزيتون” و”درع الفرات”، ليست استثناء من هذه القاعدة.

الأهداف السياسية للعملية ليست سراً على الإطلاق. تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ذلك بشكل علني للغاية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة: إنشاء منطقة آمنة في شرق نهر الفرات على طول الحدود. وفقاً لخطط تركيا، ستبدأ هذه المنطقة الآمنة في البداية من عمق 30 إلى 40 كم، بما في ذلك طريق “M4” الحيوي وبطول 480 كم. عندها سيكون من الرائع أن تتوسع هذه المنطقة الآمنة وتتعمق من الجنوب حتى الرقة ودير الزور. بعد ذلك سيتم إرسال اللاجئين السوريين إلى هناك، وسيتم بناء بعض المنازل هناك على أمل أن يمولها الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي.

لكن الهدف السياسي الحيوي الآخر لتركيا هو تدمير كل شيء تسيطر عليه وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه كمنظمة إرهابية.

اللعبة النهائية للعملية ليست احتلال سوريا، وليست تدمير أكراد سوريا، إذا نظرنا إلى التصريحات المتكررة لتركيا. ولكن أن تكون قوياً بما فيه الكفاية بينما ترسم الولايات المتحدة وروسيا وإيران وإسرائيل والسعودية خريطة الشرق الأوسط. لدى تركيا أسباب تاريخية للاعتقاد بأنه في الشرق الأوسط إذا لم تتم دعوتك لحضور حفل عشاء، فقد يكون اسمك على قائمة الطعام.

بين الأهداف السياسية ونهاية اللعبة، تجري العمليات العسكرية وفقاً قاعدة أن “الحرب هي الدبلوماسية بوسائل أخرى”. ومع ذلك، فإن تركيا حذرة بما يكفي للتصرف بحذر ورؤية حدود وأيدي اللاعبين الآخرين، وخاصة الولايات المتحدة وروسيا والنظام السوري. لهذا السبب، وبدلاً من العبور على طول الحدود، بدأ الجيش التركي بهذه المنطقة المحدودة بين تل أبيض ورأس العين التي تبلغ مساحتها حوالي 120 كم وتقطنها أغلبية عربية. ربما تكون المنطقة مجرد جزء من المنطقة المستهدفة ولكنها جيدة بما يكفي لتحقيق الهدف الأكثر حيوية لتركيا؛ وضع حد لتمدد الوحدات الكردية والسيطرة على ال”M4″ المستخدم من قبل الوحدات لأسباب لوجستية.

يبدو أنه حتى الآن على الرغم من كل الصراخ في واشنطن ومعارضة وكالة الاستخبارات المركزية والبنتاغون، وافق أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب على المرحلة الأولى من هذه العملية. يبدو أن ترامب الذي يعاني من مشكلة في البيت الأبيض بسبب عملية الإقالة الجارية يريد أن يقول لأمته “انظروا، لقد أحضرت أولادنا إلى الوطن وأنقذتهم من حروب الشرق الأوسط التي لا تنتهي أبداً”.

لكن من ناحية أخرى، بقدر ما نفهم من بيان وزير الدفاع الأميركي الأحد الذي قال فيه: “لقد علمنا أن الأتراك من المحتمل أن يوسعوا هجومهم إلى الجنوب أكثر مما كان مخططاً له أصلاً، وإلى الغرب”. هذا يعني أنه قبل أن تقول الولايات المتحدة أو تفعل شيئاً ملموساً لوقف تركيا، تريد أنقرة أن تذهب إلى أقصى حد ممكن. ومع ذلك، قد يكون من الممكن أن تتصرف تركيا بسرعة أكبر من خطتها لأن الولايات المتحدة أعلنت بالفعل أنها ستسحب المزيد من القوات، على الأرجح من منطقة منبج. هذا الإعلان هو مجرد صافرة الانطلاق لكل من تركيا والنظام السوري للسيطرة على منبج، وهي منطقة مهمة للغاية من الناحية الاستراتيجية بسبب موقعها.

ومع ذلك، كانت هناك تفاصيل صغيرة جداً ومهمة جداً في خطاب أردوغان الأحد. هو قال إن هذه العملية تتم بسبب اتفاق أضنة الذي يتوخى التعاون الوثيق بين سوريا وتركيا في محاربة الإرهاب. منذ فترة، ذُكر الاتفاق من قبل الرئيس الروسي بوتين الذي يريد استعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق في أسرع وقت ممكن ولكنه يواجه مقاومة من أردوغان.

لذلك، باختصار ربما بدأت تركيا في عمليتها العسكرية ولكن التردد والسرعة والحد الأقصى لها يعتمد على المفاوضات الأخرى. لكن لا شك أن هناك توازناً جديداً في أفق المنطقة بالفعل، لكنه ليس واضحاً بعد، ماذا ستكون نهاية اللعبة الحقيقية. الأحلام والحقائق يمكن أن تكون مختلفة جداً في هذه المنطقة.

المدن

تركيا تنقل صراعها مع الأكراد إلى الداخل السوري/ عمرو حمزاوي

دعكم من أحاديث الحكومة التركية عن إعادة اللاجئين السوريين إلى قراهم ومدنهم في الشمال، ونحوا جانبا دفعها الزائف بأولوية إقامة منطقة آمنة على امتداد الحدود التركية-السورية لا وجود بها لا للجماعات المسلحة ولا لعصابات الإرهاب. فليس للعدوان التركي على الأراضي السورية من أهداف غير القضاء على القدرات العسكرية والمدنية الكردية التي تطورت في ظروف الحرب الأهلية خلال السنوات الماضية، والتأسيس لوضع جديد في الشمال السوري جوهره الحضور طويل الأمد لوحدات الجيش التركي أو بعبارة أخرى الاحتلال التركي للشمال السوري.

فالحكومة التركية ترغب في نقل الصراع بينها وبين الأكراد إلى الداخل السوري، مستغلة الفراغ العسكري الذي أحدثه قرار دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من الشمال السوري. وتتبع حكومة رجب طيب أردوغان هنا نفس النهج العنيف الذي وظفته مرات ومرات ضد الأكراد في الشمال العراقي منذ الغزو الأمريكي في 2003 ولم يحد منه سوى عودة الجيش العراقي إلى الشمال وتطور القدرات القتالية للوحدات الكردية (البيشمركة).

في سوريا اليوم، كما في العراق قبل سنوات، تستغل حكومة أردوغان ظرف غياب الجيش الوطني وحالة السيولة في المناطق الحدودية للتأسيس لوضع جيو-استراتيجي جديد يسمح لها بالضغط العسكري المستمر على الأكراد، ويحول دون التعاون بين الحركات الكردية في الشمال السوري وبين المنظمات الكردية في شرق وجنوب تركيا، ويحد من جاذبية المطالبة داخل تركيا بإقرار الحكم الذاتي للأكراد إن عملا بالنموذج العراقي وبه يتمتع الأكراد دستوريا وسياسيا وعمليا باستقلالية نسبية داخل تركيبة الدولة العراقية أو تأثرا بتطورات الوضع الكردي في سوريا خلال السنوات الماضية وفي سياقها تبلور وجود عسكري ومدني مستقل للأكراد حتما سيفرض حقائقه على ترتيبات ما بعد انتهاء الحرب الأهلية.

ولا تعدم حكومة أردوغان في عدوانها العسكري على الشمال السوري التأييد داخل منظومة الدولة التركية وفي الفضاء العام وبين القوى السياسية العلمانية (الليبرالية واليسارية والقومية) التي تعارض في الداخل توجهات وممارسات أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم. فالامتناع عن الاعتراف بالمطالب المشروعة للأكراد داخل تركيا، سواء تعلق الأمر بالحكم الذاتي أو بمنح شيء من الاستقلالية السياسية والإدارية للأقاليم ذات الأغلبية الكردية أو إقرار مبادئ مواطنة الحقوق المتساوية للأكراد والتوقف عن تعقب واضطهاد الأحزاب الكردية، يمثل مكونا أساسيا للأيديولوجية الكمالية (نسبة إلى مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك) ويتمتع بدعم المؤسستين العسكرية والقضائية ويندر على الرغم من جوهره العنصري وغير الديمقراطي الواضح أن يجهر برفضه مثقفون أو إعلاميون أو أكاديميون (وإن فعلوا، فمصيرهم التعقب والقمع والعقاب).

بل إن الأحزاب السياسية التركية التي تعارض حكومة أردوغان ودأبت على التحالف مع أحزاب الأكراد في الانتخابات البرلمانية والمحلية، سرعان ما أعلنت تأييدها الكامل «للعمليات العسكرية» في شمال سوريا وأنتجت خطابا قوميا يضع الأكراد في الداخل التركي كما في العراق وسوريا في خانة الأعداء والمتآمرين ويتجاهل التداعيات الإنسانية الخطيرة للعدوان التركي.

على وقع تبرير العدوان على الأراضي السورية وتمرير الرفض الفاشي لحق الأكراد في شيء من الاستقلالية، تغيب التمايزات بين الإسلاميين والعلمانيين في تركيا وتصير العلاقة المضطربة بين أردوغان والمؤسستين العسكرية والقضائية علاقة تحالف وتذبح في الفضاء العام التعددية وحرية التعبير عن الرأي وتختفي السمات الديمقراطية للحياة السياسية. فالجميع في اضطهاد الأكراد على قلب ديكتاتور واحد، والأغلبية في تبرير العدوان على سوريا والعصف بسيادة شعبها سواء.

ويتشابه مع هيمنة التوجه الواحد فيما خص الأكراد وسوريا داخل منظومة الدولة التركية وفي الفضاء العام والحياة السياسية، يتشابه معه موقف قوى سياسية عربية مثل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وفي مصر التي تقدم إن تحالفاتها الوقتية مع أردوغان أو صراعاتها مع حكومات عربية ترفض السياسات التركية في الشرق الأوسط على أولوية الدفاع عن سيادة الشعب السوري بكل مكوناته العرقية على أراضيه وتنتج خطابا بائسا لتبرير العدوان التركي لا يقل في فاشيته باتجاه الأكراد عن فاشية الخطاب الأردوغاني.

القدس العربي

سوريا: عدو واحد واحتلالات كثيرة/ يوسف بزي

أعرف سوريين كثراً. الكرد منهم والعرب. أهل البداوة كما أهل الجبال والسهول والمدن والحواضر. أعرف ذوي الأصول الفلاحية وذوي الأصول المدينية. أعرف الآتين من أقاصي الشرق والشمال والساحل والآتين من حوران وجبل العرب. أعرف النبلاء منهم والأنذال، الفقراء والأغنياء ومتوسطي الحال، الشبان المتلهفين والكبار المتعبين. وأكثر ما أعرف المثقفين منهم، المشهورين منهم والمغمورين. وأيضاً، أعرف الأميين أو المعدمين الباحثين عن عمل يومي في شوارع بيروت. بل وأعرف ضباط المخابرات الحقراء والجنود الرثّين.

أعرفهم، مسيحيين وعلويين ودروزاً وسنّة واسماعليين.. الملحدين منهم والمؤمنين واللاأدريين.. لهجاتهم وطباعهم ومطابخهم ونكاتهم وحزازاتهم وأحزانهم وطقوس أفراحهم وبعض قصص حبهم وأخبارهم القديمة وأسرارهم الخبيئة. أعرف طيبتهم ومثالبهم، شهامتهم وكرمهم كما نواقصهم وعيوبهم.

طوال ثلاثة عقود كان السوريون في صلب حياتي وتجاربي وصداقاتي وعملي وانتباهاتي وكتاباتي وقراءاتي وسهراتي ومعشري وصِلاتي الوطيدة أو العابرة. وهذا ما جعل حياتي – على ما أعتقد – أرحب وأغنى وأوسع.. لكن مشوبة أيضاً بالألم لكثرة الأحزان السورية.

بعد كل هذا العمر والعِشرة، أشد ما أعرفه وما أوقنه، أن للشعب السوري عدواً واحداً: نظام الأسد.

الأذى الذي وزعه هذا النظام على كل السوريين من دون استثناء (بما في ذلك مؤيديه، طالما أنهم ضحايا تشويهه لأرواحهم وتسميمه لنفوسهم وإعطاباً لضمائرهم وإفساداً لعقولهم)، يجعله عدوهم الأول من دون منازع.

أنحاز لفكرة واحدة أن كل ما يفرق بين السوريين، كل الضغائن التي تنمو في ما بينهم، كل الجروح التي أصابت روابطهم، كل الأحقاد المتراكمة في ما بينهم حتى ولو كانت موروثة وقديمة وموغلة في الذاكرة ما كانت لتتحول إلى قوة فتاكة بينهم لولا تغذية النظام لها و”تربيتها” وتأصيلها واصطناعها وارتكابها.

النظام برهن عبر تاريخه أنه يكنّ عداء واحتقاراً للشعب السوري، حتى قبل أن يشهر السوريون عداءهم لهذه العصبة الإجرامية. هو الذي اختار عن سبق تصور وتصميم العداوة. وبحافز من كراهيته واحتقاره اقترف كل ما يمكن عمله لـ”تمزيق” الروابط بين الجماعات والطوائف والإثنيات وجعلها هكذا متنابذة ومتحاقدة.

بهذه القناعة الراسخة، لن أنحاز للعرب ضد الكرد. ولن أؤيد حزباً كردياً ضد السكان العرب. ولن أقف مع طائفة ضد طائفة. لن أنجر لتمجيد عبدالله أوجلان ولن أتعامى عن شجاعة المقاتلات الكرديات بوجه البربرية الداعشية.

سأظل منحازاً للمدنيين تحت القصف في أي بلدة أو مدينة أو قرية سورية، للمشردين على طرقات حلب وإدلب وحماة ودرعا ودير الزور وكوباني وعفرين وتل أبيض ومنبج وجرابلس والدرباسية.. ومن أي طائفة أو إثنية أو جماعة وعشيرة. سأظل مع الذين أحبهم من كل أنحاء سوريا.

لا أحب “الانفصاليين” متى كان انفصالهم عنوة عن السكان وعن خياراتهم، تماماً كما لا أطيق “الوحدويين” متى كانت وحدتهم إنكاراً للتمايزات والحقوق والتنوع والاختلاف، وقسراً في الضم وإجباراً في الدمج.

لا أتغافل عن مظلومية “الإخوان المسلمين” مثلاً ولا عن اقترافاتهم بحق خصومهم في آن واحد. لا أساوم في إدانة الميليشيات المتطرفة والمتعصبة والقاتلة، ولا أسامح الذين جعلوا الكرد مغتربين عن الثورة السورية. لا أنكر حقوق الكرد ولا أصمت عن تهجير العرب وطردهم.

والأهم أني لا أنسى أن الذي دفع هؤلاء وأولئك لأن يكونوا هكذا هو النظام السوري، الذي أخرج الكرد والعرب والأرمن والسريان والشركس والأشوريين، كما الطوائف والملل من “الرابطة الوطنية” إلى الخيارات الانتحارية أو القاتلة أو اليائسة.

الجريمة الأصلية بدأت بعد أن رأى النظام انشقاق عشرات الآلاف من جنوده، وخروج معظم سوريا عن سيطرته، فانتقل إلى الحرب الطائفية السافرة، وراح “يستورد” عشرات الآلاف من الباكستانيين والأفغان والأذربيجانيين والأوزبك والإيرانيين والعراقيين واللبنانيين والمرتزقة من كل الجنسيات.. انقضاضاً على السوريين. لقد أخذ قراراً “استراتيجياً” باستباحة سوريا.

هذه الاستباحة استدعت علناً الاحتلالات المتتالية والمتعددة. ولقد كان هذا الفعل هو المؤامرة الكبرى التي أرادها النظام: تبديد سوريا وتشريد شعبها وتمزيق اجتماعها.

النظام الذي رفض عمداً استعادة الجولان مقابل السلام. والنظام الذي تنازل بسهولة فائقة عن اسكندرون. وفي الحالتين، من أجل بقائه. ليس عسيراً عليه وللسبب نفسه إباحة أرض سوريا ودم السوريين لكل من أراد.

وفق هذا، المسؤول الأول عن كل احتلال هو بشار الأسد وحاشيته وجيشه و”دولته”. فالذي جعل الكرد يائسين من هويتهم السورية وجعل العرب منزلقين إلى تنظيمات التطرف والتعصب والاقتتال لصالح هذه الدولة أو تلك، أكانت تركيا أو السعودية أو روسيا أو إيران أو الولايات المتحدة أو ما شابه، ليس إلا بشار الأسد ونظام “البعث”. وعندما أقول “كرداً” و”عرباً” فبداهة ليس على سبيل التعميم على أي حال.

من السهل أن يؤيد البعض تركيا في هجومها العسكري على شمال شرق سوريا، من جهة، كما من السهل التعاطف مع قوات “قسد” أو “وحدات الحماية الشعبية”، من جهة ثانية. لكن من الصعب جداً إدانتهما معاً، لا من موقف النظام السوري الخبيث ولا من موقف المعارضة السورية العوراء ولا من موقف إيران التآمري ولا من موقف روسيا الكاذب. بل من مبدأ وحدة حقوق السوريين.

فالجريمة الكبرى هي انقلاب الحرب من ثورة ضد نظام، إلى حروب أصحاب حقوق ضد بعضهم البعض. فانتفت بذلك وحدة قضية “حقوق السوريين”. باتت حقوقا متفرقة ومتضادة على نحو ينفي بعضها البعض ويفنيها.. يبدد مسوغاتها وسمتها كـ”حق”. وهذا هو “انتصار” النظام وخراب سوريا.

المدن

عملية “نبع السلام” التركية في سوريا.. الهواجس والتحديات/ محمد ياسين نجار

    تركيا وتحديات الانسحاب العسكري الأميركي من سوريا

    تحديات التحالف الأميركي مع كرد سوريا

    منبج.. المعركة الفاصلة في العلاقات الأميركية التركية

    هل انتهت عملية درع الفرات فعلا؟

    تركيا والأزمة السورية.. ملامح مرحلة جديدة

لطالما تحدثت تركيا عن أن أمنها القومي لن يتحقق إلا بتدخل قواتها العسكرية في شمال سوريا، وبناء منطقة آمنة حقيقية لا مجرد منطقة أمنية كما كانت ترغب فيها الولايات المتحدة.

لقد كشفت ميكانيزمات التعامل الأميركي مع الأتراك في ملف منبج أن الدوريات المشتركة خارج المدينة، وخروج قوات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) الظاهري من مركز المدينة، وإدارتها من قبل أهلها شكلياً؛ لم تكن إلا وهماً لم يستطع إقناع تركيا بمدى جديته.

فالواقع الحاصل على حدود أنقرة الجنوبية أصبح مهدداً حقيقيا للأمن القومي التركي، ولن ينطلي عليها وجود قوات عسكرية لحزب العمال الكردستاني (بي كى كى) تحت مسمى “قسد”، فهو مصنف كحزب إرهابي لدى الأتراك وقد بذلوا جهداً كبيراً لفرض ذلك التصنيف داخل دول “حلف الناتو”.

إن مكالمة الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والتركي طيب رجب أردوغان الشهيرة في ديسمبر/كانون الأول 2018 -والتي قرر فيها ترامب الانسحاب من شمال شرق سوريا- لم تصمد إلا ساعات عديدة، ثم خضع لاحقا ترامب للمؤسسات الأميركية التي رفضت الانسحاب بشدة؛ مما أدى لإيجاد تأويلات وتبريرات عديدة عن إساءة فهم تصريح ترامب.

إلا أن إصرار أردوغان وقراءته الدقيقة لرغبة ترامب الحقيقية في الخروج من سوريا، لتركيزه على النمو الاقتصادي لبلاده وسعيه للاستفادة من انسحاب قواته في حملته الانتخابية القادمة. هذا بالإضافة إلى الدور المميز لوزير الدفاع التركي خلوصي آكار القادم من رئاسة الأركان التركية، التي لها علاقات وشيجة مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وزياراته المتكررة إلى واشنطن.

وكذلك الحملة الإعلامية التركية المستمرة داخلياً وخارجياً بشأن ضرورة المنطقة الآمنة؛ بحيث لم يكن القادة الأتراك يتركون فرصة إلا وذكّروا فيها بهذه المسألة، مؤكدين أن الأمن القومي التركي لا يمكن أن يتحقق إلا بها؛ مما جعل الرأي العام التركي جاهزا لذلك. وقد اتضح ذلك بتصويت حزب الشعب الجمهوري المعارض لصالح قرار التدخل، بينما عارضه حزب الشعوب الديمقراطي المقرب من حزب العمال الكردستاني.

إنَّ المكالمة الأخيرة للرئيسين التركي والأميركي -والتي حضر خلالها وزيرا الخارجية والدفاع الأميركي ورئيس الأركان، منعاً لتكرار ما حصل في المكالمة الأولى من تراجع عن تنفيذ القرار- أدت إلى قرار مباشر من الرئيس أردوغان بإطلاق عملية عسكرية مباغتة تحت مسمى “نبع السلام”، بحيث تمنع رافضيها -لأسباب دولية وإقليمية- من ممارسة الضغوط على أنقرة لإلغائها.

ولذا كان الجيش التركي على أتم الجاهزية بعد المكالمة لبدء المعركة حتى تتحول إلى أمر واقع يصعب تجاوزه لاحقاً، بالإضافة لعمليات التنسيق مع “الجيش السوري الحر” من خلال توحيد الفصائل تحت راية وزارة الدفاع -في الحكومة السورية المؤقتة- بقيادة اللواء سليم إدريس، للمشاركة معاً في تلك العملية.

إن الدبلوماسية التركية استطاعت -بعد قضية إسقاط الدفاع الجوي التركي الطائرة الروسية (في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2015)- أن تتوازن في علاقاتها مع روسيا وأميركا، بحيث تجعل الطرفين غير راغبيْن في خسارتها، وهو ما مكنها من تسويق نفسها كدولة مقبولة لدى الطرفين.

كما استطاعت الاستفادة من الضغوط الأميركية على إيران لإشعار الإيرانيين بأنها شريان حياة ضروري لهم إذا تطورت عمليات الحصار، وهذا ما يلاحظ في كتابات بعض الصحفيين الإيرانيين أو المحسوبين على طهران في لبنان، الذين أظهروا فيها استياءهم من التدخل التركي رغم أنهم جزء من “محور أستانا”.

إن التجارب العسكرية للجيش التركي تؤكد أنه جيش ذو عقيدة قتالية ويجيد التخطيط والتنفيذ، وهذا ما حصل سابقا عند تدخله في قبرص عام 1974 في عهد حكومة بولنت أجاويد ونجم الدين أربكان، وأخيرا في عملياته الأخيرة في إطار “درع الفرات”، وخاصة “غصن الزيتون” التي نفذ خلالها عملية عسكرية استئصالية لحزب العمال الكردستاني في منطقة ذات تضاريس صعبة.

وقد بنى الحزب -خلال عقود مضت- تحصينات وأنفاقا في هذه المناطق وشق مسالك عسكرية خاصة به، لا يعرفها إلا سكان المنطقة لمناوشة الأتراك وإزعاجهم بين فترة وأخرى. ولم يتوقف ذلك إلا بعد تهديدات جدية بالتدخل التركي عام 1997 في عهد الرئيس التركي سليمان ديميريل، وبعد تدخل الرئيس المصري حينها حسني مبارك تمت صفقة تخلي دمشق عن دعم وإيواء زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان وحزبه.

وتم لاحقا توقيع اتفاق أضنة عام 1998 الذي سمح نظام الأسد بموجبه بتدخل القوات التركية مسافة 5 كم لمحاربة الإرهاب، والمقصود هنا مليشيات حزب العمال الكردستاني التي حاولت روسيا استغلالها لتغير تعامل تركيا مع الملف السوري باعتبارها مجرد أزمة بين دولتين.

إلا أن الكثير من الكتاب والمفكرين يتكلمون عن هواجس محتملة يمكن أن تقع، منها أن تكون عملية “نبع السلام” مستنقعا سعت أميركا لتوريط الأتراك فيه على غرار توريط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في غزو الكويت، علماً بأن هناك تباينا زمانيا وفوارق في التموضع للبلدين، إضافة إلى حالة توازن القوى وطبيعة الواقع الدولي المتأزم، وواقع تركيا ما بعد مجيء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة.

ويقول البعض أيضاً إن تركيا ترغب في القيام بعملية تغيير ديموغرافي للمنطقة من خلال إعادة مليون لاجئ لتلك المنطقة؛ متناسين أن هناك أكثر من مليون سوري لاجئ -من إجمالي قرابة أربعة ملايين موجودين في تركيا- تعود أصولهم إلى تلك المنطقة، وقد قامت قوات “قسد” –وهي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني- بتهجيرهم من مناطقهم في الرقة والحسكة.

وذلك بعد أن سعت لتطبيق عمليات التجنيد الإجباري وممارسة العنصرية، وارتكبت بحقهم انتهاكات حقوقية وثقتها منظمة العفو الدولية والكثير من المنظمات الحقوقية؛ من أجل الوصول إلى مشروع انفصالي بعيداً عن رغبة سكان المنطقة. فغالبية اللاجئين السوريين الموجودين في أورفا وماردين -والشريط الحدودي المحاذي لتلك المنطقة- انتقلوا إلى الضفة الأخرى خلال مرحلة سيطرة “قسد”.

إن محاولات البعض تسويق ذلك المنطق يعاكس المفهوم الوطني الذي طالما رفعت شعاراتِه الثورةُ السورية؛ فمنطقة شرق الفرات أرض سورية يسكنها العرب والأكراد والتركمان والسريان والآشور والشركس منذ مئات السنين، وليست لعرق على حساب الآخر.

فهل يُعقل –في المقابل- أن يطالب أهالي دمشق وحلب بعودة أكراد الجزيرة وعفرين وعين العرب إلى مناطقهم؟! إن هذا المنطق مرفوض وطنياً وأخلاقياً لأن سوريا لكافة السوريين، علماً بأن سكان المدن الكبرى لا تناسبهم طبيعة الحياة الزراعية، فهم يتقنون التجارة والصناعة وليس الزراعة.

إن السؤال المشروع والمطلوب إيجاد إجابة واضحة عليه هو: هل يمكن أن يكون تحرير منطقة “نبع السلام” من حزب العمال الكردستاني عنصراً ضاغطاً على المجتمع الدولي حتى يتم إقرار حل سياسي عادل للشعب السوري؟ أم إن هذه العملية هي عملية توسعية تركية تستهدف الأقليات كما تدعي دول عديدة؟

فجامعة الدول العربية -التي تغاضت عن القصف الروسي لحلب وإدلب والغوطة وتدخل المليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية- استفاقت بشكل مفاجئ الآن، وأصبحت تدافع عن الأقليات وسيادة سوريا المنتهكة –منذ سنوات- حتى العظم. إنَّ كافة المؤشرات تشير إلى براغماتية “قسد” اللامتناهية، والتي قد تصل إلى إعادة العلاقات مع نظام الأسد مقابل تقديم تنازلات لها، حتى تكون جزءاً من تسوية ممكنة بالشراكة مع إيران وروسيا.

إلا أن قيادات في المعارضة السورية أصبحت لديها هواجس متزايدة وجدية، وذلك بعد إقرار اللجنة الدستورية بعيداً عن بيان “جنيف 1” والقرارات الأممية 2118 و2254. والانفلات الأمني وعدم تنظيم إدارة فاعلة للمناطق المحررة شبيهة بما قامت به أنقرة في قبرص التركية، من حيث تقديم الدعم المنجز والكافي لحياة مستقرة.

إن إعادة تكليف شخصية ملائمة لقيادة حكومة سورية مؤقتة جديدة -مع الاستفادة من كافة الخبرات التي عملت خلال المرحلة الماضية- أصبحت ضرورة ملحّة في حال تحرير كامل المنطقة المذكورة.

إن إزالة تلك الهواجس تتطلب حواراً صريحاً بين تركيا والمعارضة السورية بعد أن تعيد الأخيرة بناء مؤسساتها؛ بحيث تتجاوز المحاصصة والولاءات غير الوطنية، حيث إن الجميع أصبح يرى حالة الترهل التي أصابتها، وضعف آليات صناعة القرار السوري المنتمي إلى الثورة.

إن عملية “نبع السلام” يمكن أن تكون منطقة وسطى تتقاطع فيها المصالح المشتركة التركية/السورية/الخليجية؛ فبثّ روح جديدة في جسد الثورة السورية أصبح ضرورة ملحّة، لبناء شراكة على أسس من الصراحة والعلاقات الأخوية، والدعم الملائم لاستقطاب قرابة مليون سوري، حتى تعيش المنطقة حالة من الاستقرار تمنع جماعات الإرهاب الديني والقومي من التسرب مجدداً إلى سوريا.

إن حالة الاستقرار هذه ستكون مدماكاً أساسياً لبناء الحل السياسي، وسيجعل ذلك من الصعوبة بمكان عودة سوريا المفيدة زراعياً ونفطياً إلى أيدي النظام، بل إن إدارتها من قبل المعارضة بشكل فعّال ستعطيها عناصر قوة إضافية، وهذا ما يجب البناء عليه مع تركيا والدول الصديقة في الخليج وأوروبا، مما يجعل سوريا المستقبل جسراً حضارياً يربط بين أوروبا وتركيا والخليج.

إن هذا المفهوم هو المطلوب تسويقه من قيادات المعارضة، بحيث تكون سوريا دولة تساهم في استقرار المنطقة وازدهارها، غير مستقطبة لصالح هذه الدولة أو تلك. فإن أدركت تركيا والمعارضة ذلك كانت العملية نقطة تحول حقيقي في صالح السلام والاستقرار، وهو المأمول لشعوب المنطقة التي عانت بشدة من ويلات وبطش المستبدين الآفلين بإذن الله.

الاشتباك الأخلاقي مع العملية التركية/ عيسى الشعيبي

أوقفتُ، منذ مدة طويلة، انهماكي الشديد بالمجريات السورية، وأشحتُ وجهي عن تلك الصور المأسوية التي لم يعد في وسعي مشاهدتها، ولا يستطيع قلبي المتعب تحمّلها، فكنت كمن وضع ضمّادةً غير معقمةٍ على الجرح الغائر عميقاً في الوجدان الشخصي، آملاً أن تبرأ النفس مع مرور الوقت، وأن تتوارى مفاعيل هذا القَرْح كلما جدّ جرح جديد، أو تخلّق مشهدٌ إضافي راعف، يحل محل سابقه، هنا أو هناك، على امتداد جغرافيا المشرق العربي، لا سيما على الرقعة الفلسطينية، المفعمة بفيضٍ من الجراح المقيمة ما أقام عسيب، على حد قول الملك الضليل امرئ القيس.

غير أن النوائب السورية لا تكفّ عن اقتحام الفضاء العام بفظاظة شديدة، واستنساخ نفسها على نحو أمرّ وأدهى من سابقتها في كل مرة، تقتحم عوالم الإعلام من دون استئذان، وتُملي علينا ذاتها بضراوة، تماماً على نحو ما تجلّى عنه الفصل الجديد من هذه الكارثة المديدة، عندما بدأت القوات التركية في اقتحام شرق الفرات، قبل نحو أسبوع، آخذة في طريقها أوهام من ادّعوا الانتصار في حربٍ لم تضع أوزارها بعد، وأحلام قوم تعجلوا الوقوع في وهدة الانفصال، ومزاعم دول تتحرّق لقطف ثمار الميدان قبل الأوان.

إزاء هذا الانعطاف في مجرى نهر التطورات السورية المتلاحقة بسرعة تحبس الأنفاس، لم يكن في مقدور من لم يرفع الضمّادة عن جرحه المفتوح أن يكوّن رأياً متماسكاً حيال هذا الاقتحام العسكري المثير لشتى المواقف والعواطف والتقديرات المتضاربة حسب الأهواء، ولم يستطع كذلك الانخراط، ضميرياً، في هذه الفزعة العربية المُضَريّة، استجابةً لنزعةٍ قوميةٍ ديماغوجيةٍ عمياء، لا ترى سوى الأتراك وحدهم غزاة، بين جيوش عدة دول أجنبية عاتية، وجحافل مليشيات ذات راياتٍ سوداء، تملأ البر والبحر والسماء.

بداية الأمر، رحت ألوم نفسي الموزّعة بين العقل والقلب حيال هذا الاجتياح الجديد، وأسائلها عن إطالة الوقوف على مفارق الطرق، ثم أخذتُ أقرّعها على هذا الارتباك في تشخيص الموقف المبدئي، وتحديد قواعد الاشتباك الأخلاقي مع العملية التركية التي شجبتها العواصم العربية على نحوٍ شبه جماعي، ثم تبارى الساخطون على وسائل الإعلام ومنابر التواصل الاجتماعي في التنديد بها من “كعب الدست” جرّاء ما لحق بقلب العروبة النابض من إهانة، وآل إليه حال القطر العربي السوري العزيز، على يدي غازٍ جديد.

والحق أنني وددت كثيراً ضم صوتي إلى أصوات الغاضبين ضد التوغل التركي، المحذّرين من عواقبه الوخيمة، لو أنني كنت قد سمعتُ من لدن هؤلاء مثل هذا الغضب الساطع لدى التدخل الإيراني من قبل، أو لدى دخول روسيا على الخط، ولكنت هجوتُ أوغاد اليوم على نحو أشد من هجاء أوغاد الأمس، وحدّث بلا حرج عن العرب والأميركيين والجهاديين، وكل من أثخن في الجسد السوري، وحوّل بستان هشام، أو قل درة المشرق العربي، إلى متحفٍ للخراب العظيم.

حيث بدا لي الاعتراض على العملية التركية، بحجّة انتهاكها السيادة السورية المنتهكة أصلاً على رؤوس الأشهاد، والمستباحة من أربعة جيوش كبرى على الأقل، أمراً باعثاً على السخرية السوداء، حتى لا أقول الرثاء، فيما بدا لي البكاء على المنظمات الكردية المخذولة كابراً عن كابر، تلك التي قتلت وحرقت وجرفت القرى، وهجّرت سكانها العرب، وأسمت المنطقة “روج آفا”، وقارفت كل ما يرتكبه احتلال أجنبي غاشم، أمراً لا يتّسق مع أي خطاب أخلاقي، ولا يتعارض، في الوقت ذاته، مع الانحياز المعلن لجانب شعبٍ ظلمته الأقدار العمياء، ولحقّه في تقرير المصير.

خلاصة القول، كل المتورّطين في الأزمة السورية التي أعادت إنتاج نفسها كارثة عامة طامة ارتكبوا أخطاءً جسيمة، وقارفوا الجريمة الموصوفة بحق شعبٍ تهجّر نصفه، وتمزّق نسيجه، وتدمر بلده، وقُتل منه مئات الألوف، وجرى ترويعه قياماً قعوداً، الأمر الذي لا يمكن معه التسامح مع أيٍّ من هؤلاء القتلة، ليس من منظور الاعتبار السياسي فقط، وإنما أيضاً من منظور الخطاب الأخلاقي الذي ينبغي اعتماده مرجعا أوحد، في إجراء المحاكمات التاريخية لكل المتورّطين بهذه المقتلة، بمن فيهم النظام والمعارضة المسلحة.

العربي الجديد

المصيبة ألا يعي السوريون مصيبتهم/ سوسن جميل حسن

“إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، أو كنت تدري فالمصيبة أعظم”. رحم الله قائلها الإمام ابن القيم في وصف الجنة، فقد أصبح هذا البيت أمثولةً ترددها الأجيال، لما تحمل من قيمة معرفية وأخلاقية، مع العلم أن ما سبقها مباشرة لا يخلو من أهمية، خصوصا إذا ما أسقطنا المعنى على الحالة السورية الراهنة، وكذلك السنوات التسع السابقة، “فيا بائعًا هذا ببخسٍ معجلِ، كأنك لا تدري، بلى سوف تعلم”.

الحقيقة المؤلمة التي أظهرتها سنوات الزلزال السوري هشاشة الشعب السوري ونسيجه المجتمعي المتهالك الذي اهترأ وتشظى باكرًا في عمر الأزمة، وانكمش إلى جماعات وفرق وطوائف وغيرها من تقسيماتٍ تجاوزتها الحياة البشرية المنتظمة في دولٍ تنتمي إلى العصر، والأمرّ هو الارتهان إلى جهاتٍ خارجيةٍ من كثيرين ممن تبوّأوا مناصب مسؤولة، وكان لديهم جمهورهم وأتباعهم من عامة الشعب، يسيرون خلفهم ويتلقون أقوالهم مسلمات، وتفضيل الانتماء إليها على الانتماء إلى وطنٍ تم “بيعه” عوضًا عن مداواة جراحه ورتق فتوقه وترميم تصدّعاته ودعمها، وحتى البيع كان بـ”بخس معجّل”، وأبخس منه المؤجل. ولم يتعلم السوريون، في أي مقلبٍ كانوا، من أي تجربة قديمة أو حديثة، لم يتّعظوا ويفهموا أن الاعتماد على الغير، أيًا كان هذا الغير، لن يجلب سوى الخسران، خسران الوطن وقبله خسران الذات والكرامة التي ستظهر فداحتها عندما تصمت المدافع ويعم الصمت فوق الخراب الذي خلفته حروبٌ تُدار مباشرةً، أو بالوكالة، على أرضنا، وقودها دماء هذا الشعب وأرواحه، بعد أن استقوت جميع الأطراف بالأجنبي بلا استثناء، واحتكرت الوطن والوطنية.

مؤسفٌ أن يرى السوري المشهد يعيد نفسه، ويستنسخ كما لو كان صورة تتكرّر، مشهد قتل المدنيين من سكان المنطقة الشرقية، حيث تدار الحرب بين مكونات الشعب السوري ضد بعضه بعضا، في الغزو التركي أراضي سورية، الصورة نفسها، صورة القتل بمتعةٍ وتلذّذ، كما أظهر الفيديو الذي عرضته يوم السبت (12 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري) بعض المحطات، وتلقفته مواقع التواصل الاجتماعي، مقاتلين “سوريين” يُعدمون رميًا بالرصاص “سوريين آخرين” بنشوة عارمة، ويطلب أحدهم من زميله في القتل أن يصوّره، وهو يمارس هذا الطقس، كما لو أنه يعد مشهدًا سوف يبثه على مواقع التواصل، ويباهي الآخرين به، فأي ضلالٍ هذا؟ تكرّر هذا المشهد كثيرًا على مدى السنوات التسع الماضية، ومارسته كل الأطراف المتحاربة، وكان الشعب يراقب، حتى إن أجيالاً كبرت وشبت على تيمات القتل والعنف والثأرية ومفهوم العداء الذي تكرّس بين مكونات الشعب، سنواتٍ أوشكت أن تكمل التسع والدم السوري مستباح، والسوري يقتل السوري، والشعب السوري برمته في الداخل والخارج يتابع مسلسل القتل، ويشهد على الضغينة التي تستعر، ويستعر العنف معها، وينقسم السوريون إلى مهلل للقتل وشامت بالآخر الذي أصبح عدوه الوحيد الذي أعمته عداوته عن أن يبحث عن الحقيقة، مع أن أطرافها بين يديه، لو أراد أن يراها ويمسكها، وإلى مستنكر للقتل عندما يمارس بحق جماعته بالطريقة نفسها فيتوعد ويهدّد، مع أن الصورة نفسها، صورة أطفال سورية وهم يقتلون، نساء سورية يُسمن المهانة والذل، شبان سورية وهم يساقون إلى حمل السلاح في وجوه إخوتهم، أو  يفرّون إلى المجاهيل الأكثر رأفة، مهما كانت قسوتها، حتى لا يتورّطوا بدماء بعضهم بعضا.

لا أفهم كيف يمارس السوري القتل، وكيف يقتل إخوته وشركاءه في الوطن، مهما بدر من بعضهم، لأن الحقيقة السافرة أن كل شرائح الشعب السوري مارس بعضها سلوكًا مشابهًا، وقتل ما قتل من الجماعات الأخرى التي يعاديها بحجّة أن كل الجماعة التي ينتمي إليها هذا البعض كتلة صلدة صمّاء تستحق الانتقام والقتل. وها هو العدوان في المنطقة الشرقية يعيد الحالة الملطّخة لجبين كل سوري ينتمي إلى وطنه خالصًا من كل انتماء آخر. لا توفر الحرب من هذا النوع أحدًا. وعلى عادة الحروب التي تدار على سورية، وبأفراد شعوبها، فإن الإنسان لا يشكل أكثر من رقم مهمل، يبدو قتله الجماعي من ضروراتها، لا يهم كم ستقتل كل غارة من المدنيين وكم ستشرد من عشرات الآلاف، حتى صارت كلمة “نازح” ترادف تمامًا كلمة “سوري”. على مر سنوات تسع، والسوريون يسيرون في البراري تحت الهجير والعواصف والأمطار والثلوج، وكل شراسة الطقس والمناخ على شكل قوافل تبدو بلا نهاية، يموت من يموت في رحلة التيه التي لا يعرفون إلى أين ستوصلهم.

ما جرى ويجري على الأراضي السورية، في شرقها اليوم، هو اتفاق محكم بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية بزعامة رئيس أرعن جامح، اعتاد أن يضرب عرض الحائط بكل أشكال الأعراف الدولية والسيادة والدبلوماسية، على الرغم مما رشح وطفا على السطح، بل ومما أعلنه صراحةً وتهديده تركيا فيما لو قامت بالعملية العسكرية التي أطلقت عليها “نبع السلام”، وما يحمل هذا العنوان من ازدواجية فاضحة وجريئة، فكيف لحربٍ أن توصل إلى السلام؟ لم يكن ما جرى وليد اللحظة، ولم يكن من دون تواطؤ واتفاق مسبق يقضي بأن تغض أميركا الطرف عمّا ستقوم به تركيا، مع إطلاق التهديدات والوعود والتصريحات المتناقضة أحيانًا أو المتردّدة من الرئيس الأميركي الذي اعتاد العالم على تغريداته وتصاريحه التي لا يخجل من تناقضها. وها هو أخيرا يأمر بسحب ألف جندي أميركي من المنطقة. وليست روسيا بعيدة عن هذا الاتفاق، فالسياسة تقوم على المقايضات، حتى العالم كله ضالع في هذه المأساة والقرار الفرنسي وقبله الألماني بالوقف الفوري لبيع السلاح الذي يمكن أن يستخدم في هذه الحرب التركية على سورية لا يعدو أن يكون كلامًا دبلوماسيًا منمقًا لامتصاص غضب الشعوب التي تنتفض لنصرة بعضها، من دون أن تكون صاحبة القرار المباشر، بما يفيد وقف بيع السلاح، والترسانة التركية وغيرها من ترسانات الأسلحة في المنطقة تنمو وتتضخم على مر العقود، مثلما لو أن الدول المصنعة للسلاح تنتج لتبيع دول هذه المنطقة من أجل أن تدير حروبها؟

تعيد هذه القوى الكبرى خلط الأوراق ثانية في سورية في واحدةٍ من جولات الصراع العالمي الذي يجنح نحو تغيير قواعد التحكم والسيادة في العالم، عالم ما بعد القطب الوحيد، وها هو بعبع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يعود إلى الواجهة، خصوصا مع بواكير هروب عشرات العناصر أو أسرهم من أحد السجون في عين عيسى تحت وابل القصف، البعبع الذي تاجرت به جميع الأطراف، حتى صار يشكل رعبًا للشعوب الغربية، ويصعد على أمجاده البطولية في العنف والقتل وكره العالم اليمين المتطرّف الذي يزداد تطرفًا في أوروبا، ويرفع قضية اللاجئين السوريين بوصفها أهم القضايا في بلاده، وتهدّد تركيا بفتح بوابات الجحيم، جحيم اللاجئين السوريين، على مصاريعها في حال لم يتفهموا هجومها على سورية، ويقرّوا بحقها في “محاربة الإرهاب”.

إنها الحالة السورية التي تدعو إلى الجنون في تعقيداتها وسورياليتها وتداخلاتها وضلالها وتحالفاتها وعداواتها وغموضها وأسرارها التي سيتأخر التاريخ حتى يميط اللثام عنها. قد يكون من الصعب، أو المستحيل، على الشعب السوري في كل مناطقه وكل انتماءاته أن يعرف من المستفيد أو من الرابح الأكبر من هذه الحرب التي يمكن وصفها بالعالمية بامتياز، وأن يستطيع تفكيك عقد هذا اللغز المريع، ولكن ليس من المستحيل أن يعرف أنه الخاسر الوحيد، وأن كل ما قدمته الحرب هو الخراب ودمار وطنه وتهديم حياته وتبديد مستقبل أبنائه، فإن كان لا يعرف فتلك مصيبة، وإن كان يعرف ويصمت وينزلق مرة أخرى إلى الحروب البينيّة والتشفي والانتقام والاستقواء بالأجنبي والقتال لصالحه فالمصيبة أكبر. على السوريين، عربًا وكردًا، أن يعودوا إلى رشدهم، ويلملموا شتاتهم ويكبسوا على جراحهم، ويعرفوا أن لا مستقبل لهم ولن يكون لهم وطن ودولة إلّا إذا اتحدوا على هدف وحيد، بناء سورية الديمقراطية القادرة على احتضان كل أبنائها من دون ولاء أو انتماء إلا لها.

العربي الجديد

الأكراد ليسوا أعداءنا/ مولود تشاووش أوغلو

من المؤسف أن يتم تداول ووصف العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا في وسائل الإعلام الأميركية على أنها هجوم على الأكراد، وتقويض القتال ضد فلول “داعش”، والإضرار بمصداقية أميركا مع حلفائها. لذلك أنا مجبر على وضع بعض الأمور في نصابها الصحيح لأن حلف “الناتو” البالغ من العمر 67 عاماً والذي يضم تركيا والولايات المتحدة، ليس مؤقتاً أو تكتيكياً أو عملياتياً.

قامت تركيا بشن العملية لضمان أمنها القومي من خلال إزالة الخطر الذي يشكله الإرهابيون على طول المناطق الحدودية. كما ستقوم هذه العملية بتحرير السوريين الذين يعيشون هناك من طغيان المنظمات الإرهابية وتزيل الخطر الذي يهدد سيادة الأراضي السورية ووحدتها السياسية. وهذان التطوران من شأنهما تسهيل العودة الآمنة والطوعية للسوريين المشردين.

تركيا لم تقبل نهائياً بوجود ممر تديره جماعة إرهابية على حدودها. ولقد اقترحنا مراراً إنشاء منطقة آمنة، بما في ذلك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولقد طالبنا الولايات المتحدة بالتوقف عن توفير الدعم المادي للإرهابيين.

ولكن البيروقراطية الأمنية الأميركية لم تستطع أن تفصل نفسها عن الجماعات المعروفة باسم حزب “الاتحاد الديموقراطي” (P.Y.D) و”وحدات حماية الشعب” (Y.P.G) على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين، بما فيهم وزير الدفاع، قد اعترفوا بأن حزب “الاتحاد الديموقراطي” و”وحدات حماية الشعب”، اللذين يشكلان جوهر “قوات سوريا الديموقراطية”، لا ينفصلان عن حزب “العمال الكردستاني” (P.K.K) في تركيا، الذي تعترف به الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وحلف الشمال الأطلسي كمنظمة إرهابية.

كما بدا لنا أن محاورينا الأميركيين يوافقون على ضرورة إزالة تلك القوات من طول حدودنا وحتى أننا اتفقنا على جدول زمني. كما أسفرت المحادثات العسكرية الثنائية الأخيرة في آب/أغسطس عن التزام متبادل بإقامة منطقة آمنة من المفترض أن تكون خالية من قوات P.Y.D./Y.P.G. ولكن الولايات المتحدة الأميركية لم تستمر في هذا الأمر وأعطتنا انطباعاً قوياً بأنها كانت تتلاعب لفترة من الوقت بينما كانت الجماعة الإرهابية تتوغل في عمق سوريا.

قد تقوم جماعات P.Y.D/Y.P.G بتقديم نفسها للعالم على أنها الجماعات التي حاربت “داعش”، لكنها أيضا تقوم بتهريب المتفجرات إلى حزب “العمال الكردستاني” عبر حفر الأنفاق في الأراضي التركية. كما وجدنا أن أعضائها يقودون سجناء “داعش” باتجاه تركيا. وفي نوفمبر 2017، ذكرت BBC عن صفقة سرية قامت بموجبها “قوات سوريا الديموقراطية” بالسماح بهروب المئات من إرهابي “داعش” خلال عملية “التحالف” لتحرير مدينة الرقة.

فكان علينا أن نتصرف بهذا الشأن. ولكن عبرت أصوات عن قلقها بشأن سلامة السكان الأكراد في سوريا. لذلك أريد أن أكرر وأؤكد أن قتال تركيا ليس ضد الأكراد. معركتنا ضد الإرهابيين. أي وصف للوضع على أنه “أتراك ضد الأكراد” هو وصف خبيث وخاطئ. الأكراد ليسوا أعدائنا.

هدفنا هي منظمة إرهابية التي يديرها كل من “حزب العمال الكردستاني” وجماعات P.Y.D./Y.P.G، الذين قاموا بتجنيد الأطفال، وترويع المنشقين وتغيير التركيبة السكانية والتجنيد القسري في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

إن الأكراد والعرب والمسيحيين وغيرهم ممن عانوا من استعباد جماعات P.Y.D./Y.P.G. سيكونون أفضل حالا عندما يتم تحريرهم منهم. حيث أكد المجلس العالمي للمسيحيين الآراميين هذه النقطة بشدة.

قبل الشروع في هذه العملية، قمنا باتخاذ جميع الخطوات للحد من المخاطر على المدنيين ومنع حدوث أزمة إنسانية. وعلى مدار السنوات الماضية، وفرت تركيا المأوى لأعداد كبيرة من اللاجئين من شمال شرق سوريا، بما في ذلك العرب والأكراد والتركمان.

معظم هؤلاء، بمن فيهم أكثر من 300.000 كردي، تم طردهم من ديارهم بواسطة الإرهابيين. قدمنا لهم الآمان والمأوى وسبل العيش في تركيا. تقاسمنا معهم خبزنا ومنافع خدماتنا العامة. كما أن تركيا تعد أكبر دولة تنفق على المساعدات الإنسانية في العالم وتستضيف معظم اللاجئين في جميع أنحاء العالم.

قامت تركيا بوضع نمط فعال خلال السنوات الثلاث الماضية. حيث أدت عمليات تركيا في شمال غرب سوريا في -2017 2016 في جرابلس وما حولها وفي عفرين عام 2018، إلى تطهير مساحة واسعة من الوجود الإرهابي. وفي أعقاب تلك العمليات، بدأت المجتمعات التي عانت تحت سيطرة الإرهابيين في العيش بسلام والاستفادة من الحكم المنظم. حيث عاد حوالي 365.000 لاجئ إلى ديارهم في شمال غرب سوريا.

لقد أنشأنا العديد من الخدمات العامة، بما في ذلك المدارس لأكثر من 230.000 طالب. كما توفر 6 مستشفيات بها 55 سيارة إسعاف الوظائف لأكثر من 2000 موظف سوري وتركي في المناطق المحررة في شمال غرب سوريا. وتم بناء العديد من المرافق الترفيهية والرياضية، بما في ذلك ملعب لكرة القدم. وتم إعادة تأهيل الأعمال التجارية وفتح بوابة حدودية لتسهيل التجارة. كما بدأت الزراعة وتربية الحيوانات في تلقي الدعم المادي.

عند مقارنة عمليات تركيا السابقة بتدمير مدينة الرقة من قبل “التحالف الدولي”، سوف يتضح مدى حذرنا في إدارة عمليات مكافحة الإرهاب. كما سوف تساعدنا الدروس المستفادة من هذه العمليات على تحسين عمليتنا هذه المرة.

يقوم حزب “العمال الكردستاني” وجماعات P.Y.D / Y.P.G بابتزاز المجتمع الدولي من خلال الادعاء بأن المعركة ضد “داعش” ستفشل بدونهم. لكن المعركة ضد هؤلاء الإرهابيين الوحشيين لن تتعثر، خاصة إذا حافظ حلفاؤنا على مسار العمل والتعاون مع تركيا. حيث أننا الأمة الوحيدة التي أرسلت جنودا لقتال داعش.

يجب أن تستمر مكافحة داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى بمساهمة الجميع وتعاونهم. حيث أن العديد من الدول الأوروبية ترددت في السماح بعودة مواطنيها الذين انضموا إلى المنظمة. لذلك، سياسة تمني لإنتهاء هذه المشكلة ليست هي الحل حيث يجب على الجميع تحمل نصيبهم من العبء.

نحن في تركيا مقتنعون بأننا نمهد الطريق للاجئين السوريين للعودة إلى ديارهم وضمان عدم عودة داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية.

كما أنني أدرك أن العودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم بحاجة إلى تخطيط وإدارة حذرة. ويجب أن يتم ذلك وفقاً للقانون الدولي وبالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة. حيث أن سوريا هي موطن لعدة أعراق، ويجب إنشاء مجالس محلية عملية ممثلة لتلك الأعراق ريثما يتم إيجاد حل سياسي للصراع السوري.

بعد آخر عملية لنا لمكافحة الإرهاب في المناطق ذات الغالبية الكردية، قامت تركيا بتسهيل إنشاء مجالس حكم محلية بأغلبية كردية لتمثل السكان.

إن الشعب السوري يريد العودة إلى وطنه الآن. لقد عانوا بما فيه الكفاية. لذلك، نحن نأخذ زمام المبادرة للمساعدة في تهيئة الظروف السلمية اللازمة لعودة ملايين اللاجئين. على عكس المفاهيم الخاطئة السائدة، فإن عمليتنا ستساعد في معالجة البعد الإنساني للأزمة، وتسهم في الحفاظ على وحدة البلد وتضيف إلى العملية السياسية.

وزير الخارجية التركية

المدن

المجزرة السورية في طورها الكردي

ها هو “حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي” يستدعي قوات النظام، وكان الأخير استدعى الإيرانيين والروس، فيما أصدر الإخوان المسلمون السوريون بيان عارهم الجديد الذي يرحبون فيه بالدخول التركي إلى شرق الفرات. وفي مراحل أخرى، كان ثمة من استدعى الأميركيين، وآخرون تعاونوا مع الإسرائيليين، وشارك في غرفة الـ”موكا” التي أدارت الجبهة الجنوبية ضباط سعوديون وإماراتيون.

في سوريا اليوم أربعة جيوش احتلال في طور التمدد. جيوش روسيا وايران وتركيا وإسرائيل. وثمة جيش قيد الانسحاب هو الجيش الأميركي. أما الميليشيات غير السورية، فهذه خارج قدرتنا على إحصائها. ميليشيات لبنانية وعراقية وباكستانية وأفغانية، وهناك على المقلب المذهبي الآخر مقاتلون من السعودية ومن تونس ومن الأردن ومن عشرات البلاد.

لا أحد بريء من الدم السوري. وحده صاحب الدم بريء من دمه، ومن الصعب التحقق من أن جاره بريء. حين قررت “قسد” استدعاء قوات النظام، فعلت ذلك بعد أيامٍ من القتال المترافق مع شهوة قتل أبدتها وحدات “الجيش الوطني” المرافق للجيش التركي. وحين لجأت فصائل معارضة في جنوب سوريا للتواصل مع الإسرائيليين فعلت ذلك لمعالجة جرحى قصف النظام على مدن وبلدات الجنوب، والذين لم يجدوا من يعالج إصاباتهم. وحين استدعى النظام الروس والإيرانيين كان على وشك السقوط. إنها الدوامة السورية، حيث لا يقوى أحد على الصمود من دون سند غير سوري.

الاستعصاء أفضى إلى عجز كامل عن إنتاج قيم يحكم عبرها المرء على الأحداث. بماذا يمكن أن يصف المرء خطوة “قسد” عقد اتفاقٍ مع النظام؟ الأميركيون انسحبوا، و”جنجاويد” رجب طيب أردوغان على الأبواب، وهم افتتحوا غزوهم بمجازر متنقلة، فماذا أمام أكراد الجزيرة لفعله؟ لكننا من جهة أخرى، أمام نظامٍ هو صاحب الحصة الأكبر من المجازر، فكيف للمرء أن يتفهم خطوة “قسد”؟ الأرجح أنها ليست اللحظة المناسبة لاشتغال المعايير أو لتحكيمها للفصل في صوابية الخطوة أو في عدمها. لا مكان للصواب في المشهد السوري الراهن. ثمة مصالح غير سورية، وغرائز سورية. وباستثناء أصوات النخبة المدنية وغير الإسلامية، وهذه ضعيفة التأثير والحضور، لا يبدو أن ثمة قوة سورية تقاوم الانسياق وراء الدماء.

قد يكون من المفيد رسم مسار للكارثة الأخيرة في شمال سوريا. المسار بدأ بخطوة دونالد ترامب الحمقاء. الخطوة غير المفسرة حتى الآن. فالرجل يريد الحد من نفوذ إيران، ويفسح لها مجالات هائلة لقضم مزيد من المساحات والجماعات ومسارب التهرب من العقوبات. وهو، أي ترامب، يعطي دروساً تلو الدروس في حقيقة أن ليس لواشنطن حليف سوى تل أبيب، وهي مستعدة للمساومة على كل شيء. ومسار الكارثة تعمد بانقضاض رجب طيب أردوغان على مناطق سيطرة “قسد”، فور إعلان ترامب مباشرة الانسحاب. وخطوة أردوغان لا تخلو بدورها من حمق سياسي ونزق قومي رفعا منسوب الطوفان. الحمق السياسي يتمثل بما شكلته خطوته من فرصة كبيرة للنظام ولطهران وروسيا من ورائه، وهي فرصة وضعته أمام احتمالات مواجهة معهما لا يبدو أنه مستعد لها، أما النزق القومي فلا وظيفة له في مشهد المواجهة إلا حفر مزيد من المقابر الجماعية التي صارت جزءاً من ذاكرة الأكراد أينما حلو وعاشوا.

رجل مثل مسعود بارزاني لم يقوى على الصمت حول ما يجري على رغم انعدام الود والثقة بينه وبين الـ”بي واي دي”. وخطوة ترامب أذهلت أكثر المقربين منه في البيت الأبيض وفي الكونغرس. تل أبيب نفسها لم تتمكن من إيجاد سياق يناسبها لهذا الانقلاب في خريطة النفوذ في سوريا. وفجأة اتهمت أنقرة “داعش” بالوقوف وراء المجزرة المصورة التي أعدم فيها مدنيون أكراد بالقرب من رأس العين، وهو اعتراف بأن التنظيم استيقظ في مناطق القتال. هذه الوقائع ما كانت لأيام قليلة سبقت الانسحاب الأميركي لتنسجم في سياق القصة السورية.

ثم إن أحد وظائف الغزو التركي التي بدأت ترتسم هي عملية “ترانسفير” كبيرة لقرى وحواضر كردية في شمال سوريا تمهيداً لتوطين سوريين آخرين فيها. لهذه العملية سابقة، هي تجربة عفرين. إذاً ثمة تأسيس لمشهد ديموغرافي سوري مختلف، السوريون أدواته، فيما الأتراك والروس وبينهما النظام وراءه. المجموعات السكانية التي تم إخراجها من “سوريا المفيدة” مضافاً إليها أهل الرقة وريفها، سيحولهم أردوغان من ضحايا مُقتلعين من أرضهم إلى مستوطنين في أرض غيرهم. جدار سكاني يفصل بين تركيا وأكراد سوريا. النظام تخفف منهم في مناطق “الانسجام الاجتماعي” وأردوغان سيزرعهم برعاية الإخوان المسلمين السوريين على حدوده مع الأكراد.

تثبيت هذا الواقع يحتاج إلى قدر ليس قليل من الدماء. ولا يبدو أن ثمة من يرغب في دفع هذا المصير عن السوريين، لا بل إن الغرائز شحنت بمزيد من مشاعر الكراهية على خطوط الانقسام السوري، فيما يبدو أن الروس يتولون تنسيق مصالح النظام وأنقرة على طرفي المجزرة.

درج

ما حدود الأثر السياسي والاقتصادي لعقوبات ترامب ضد تركيا؟/ محمد أبو رزق

كان متخبطاً، ولم يكن له موقف واضح من عملية “نبع السلام” التي أطلقها الجيش التركي، لحماية حدود بلاده شمال شرقي سوريا، حتى فرضت إدارته عقوبات اقتصادية على وزراء أتراك، هكذا كان تعامُل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع خطوة أنقرة العسكرية.

وجاء أعنف ردٍّ من إدارة ترامب على عملية “نبع السلام”، رغم سحب القوات الأمريكية من المناطق التي تستهدفها القوات التركية قبل بدء العملية، حين تم إدراج وزراء الطاقة والدفاع والداخلية والمالية الأتراك على لائحة العقوبات الاقتصادية.

وسبقت قرارَ العقوبات مواقفُ متناقضةٌ من ترامب وإدارته حول العملية التركية، إذ ظهرت مؤشرات أمريكية على تأييد العملية مع الأيام الأولى لها، وكان أبرزها رفض أمريكي لمشروع قرار مجلس الأمن الدولي لإدانة تركيا.

كذلك، أعرب ترامب عن استغرابه من أن هناك من يطالب الولايات المتحدة بحماية أكراد سوريا من الجيش التركي، الذي يشن حملة في الشمال السوري، مجدِّداً تأكيده أن قوات بلاده أتمَّت عملها بقتال تنظيم “الدولة” وهزيمته، وهو ما يعد موقفاً متناقضاً مع خطوة بلاده الاقتصادية الأخيرة ضد تركيا.

وعلى الأرض، اتخذ ترامب موقفاً أعطى مؤشراً على موافقته على العملية التركية، بعد إعلان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، يوم الأحد (13 أكتوبر)، أن الرئيس أمر بسحب نحو ألف جندي من شمالي سوريا.

أبعاد اقتصادية

وبعيداً عن مواقف ترامب المؤيدة لعملية “نبع السلام”، فاجأ الرئيسُ الأمريكي الأتراك بجملة من العقوبات الاقتصادية، ووقف المفاوضات التجارية مع أنقرة، في إشارة إلى حالة التخبط التي تعيشها الولايات المتحدة بعد تحرُّك تركيا العسكري.

المختص في الاقتصاد التركي، أحمد مصبّح، يؤكد أنه “لولا الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لما أقدمت تركيا على عملية نبع السلام”، معتبراً خطوات ترامب الأخيرة “للاستهلاك الإعلامي”.

وعن الإجراء الأمريكي الاقتصادي الأخير ضد المسؤولين الأتراك، يقول مصبّح في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “ترامب لأول مرة يصدر بياناً مكتوباً وليس تغريدات كعادته، حول نيته السماح بفرض عقوبات على مسؤولين أتراك، مع التهديد بتدمير اقتصاد تركيا”.

ويضيف: “ترامب متخبط وفي كل ساعة له موقف، وأنا لا أستبعد أن يخرج ويمتدح تركيا بعد ساعات!”.

ويصل حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وتركيا، وفق مصبح، إلى قرابة 20 مليار دولار، والأضرار الاقتصادية في حالة قطع الشراكة ستطول البلدين.

ويقلل المختص الاقتصادي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، من جدوى وتأثير العقوبات الأمريكية على الاقتصادي التركي، لكون المجتمع الدولي، والاتحاد الأوروبي بصفة خاصة، له حسابات أخرى مع تركيا.

ويستبعد تسبُّب الخطوة الأمريكية الأخيرة، المتمثلة بفرض عقوبات اقتصادية على وزراء أتراك، ووقف التفاوض التجاري، في تدمير الاقتصاد التركي، “لكونها ليست دولة صغيرة تعتمد على النفط”.

ويرى أن الدول الأوروبية الكبرى “ليس من مصلحتها زعزعة الاقتصاد التركي، خاصة أن معظم ديون تركيا لمصلحة البنوك الأوروبية؛ وهو ما يشكل تهديداً على مراكزها المالية”.

ويضع مصبح أسباباً لعدم زعزعة الاقتصاد التركي، أبرزها “انحسار التضخم والعجز في الحساب الجاري، ووضوح السياسة النقدية، وانتهاء الاستحقاقات الانتخابية، وهامش تقلُّب العملة (الليرة) أصبح بطيئاً نسبياً”.

ويُرجع انخفاض الليرة بعد العملية العسكرية إلى أنه “يأتي بعد أي عمل عسكري تنفذه أي دولة بالعالم، ويأتي في الإطار الطبيعي”.

وسجلت الليرة التركية، الثلاثاء (15 أكتوبر)، تحسُّناً في أسعار صرفها أمام الدولار الأمريكي والعملات الأخرى، بعد نظرة قاتمة من المؤسسات الاقتصادية.

هل من بُعد سياسي؟

المحلل السياسي أنور قاسم يستبعد أن تؤثر العقوبات الأمريكية المفروضة على المسؤولين الأتراك، والتي وصفها بـ”المحدودة والمنتقاة”، في سير العمليات العسكرية بمنطقة شرقي نهر الفرات شمالي سوريا.

ويؤكد قاسم في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن القيادة التركية لن تتراجع عن استكمال عملية “نبع السلام”، لتطهير حدودها من إرهابيي “بي كا كا/ ي ب ك” و”داعش”، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

ويضيف: إن “العقوبات على وزارتين وثلاثة وزراء مهمة من الناحية الشكلية، لكن لا تؤثر في الاقتصاد التركي، وليست عاملاً رادعاً للقيادة التركية، التي تعهدت باستكمال العملية، مهما كانت النتائج”.

ويوضح أن العملية التركية منذ انطلاقها “كانت بضوء أخضر أمريكي خفي وعلني” على لسان الرئيس ترامب.

ويعتقد أن الصراع بين ترامب و”البنتاغون” حول سحب القوات الأمريكية من هناك كان وراء هذه العقوبات، “وهي لحفظ ماء الوجه وموجَّهة إلى الناخب الأمريكي والداخل أكثر منها إلى الخارج”.

وعن جدوى العملية للعالم، يقول: “الجميع مستفيد من نبع السلام، وضمن ذلك الأوروبيون الذين استنكروها في التصريحات فقط، وحتى لو أوقفت بعض دول أوروبا منفردةً تصدير السلاح إلى تركيا مؤقتاً، فلن تتراجع أنقرة”.

ويبين المحلل السياسي لـ”الخليج أونلاين”، أن أنقرة “لا تحتاج سلاحاً، فلديها فائض منه، وتستطيع أن تعوّض الفاقد من مخازنها أو من دول أخرى مثل روسيا والصين وغيرهما”.

كما أنها تنضوي تحت لواء حلف شمال الأطلسي “الناتو”؛ ومن ثم -بحسب قاسم- فإن دول الحلف عملياً وقانونياً مجبرة على الوقوف معها لا ضدها، كما تنص مواثيق الحلف، “حيث من المعروف أن الأطلسي بحاجة لتركيا، وربما أكثر ما هي بحاجة إليه”.

وعن النتائج الإيجابية المرجوَّة من عملية “نبع السلام”، يرى المحلل السياسي أنها تتمثل في وقف عبور المهاجرين إلى أوروبا والغرب، وذلك يعد مصلحة عالمية، وتوفير الحجة القانونية لسحب القوات الأمريكية، التي تشكل عبئاً على إدارة ترامب.

كيف تنظر إيران إلى عملية “نبع السلام” التركية شمال سوريا؟/ علي حسين باكير

قبيل اندلاع العملية العسكرية، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إنّ على تركيا أن تتحلى بالصبر وأن تعيد النظر في خيارها العسكري، ومع أنّ روحاني كان قد أبدى تفهّماً لمخاوف تركيا الأمنية فيما يتعلق بالوضع على الحدود مع سوريا، إلاّ أنّه قال إنّ الأفضل هو الحوار، داعياً قوات الميليشيات الكردية إلى الوقوف إلى جانب قوات النظام السوري. الرئيس الإيراني اعتبر أيضاً أنّ النظرة المعتمدة –العسكرية- والاتفاقات خلف الأبواب المغلقة لا تفيد المنطقة.

كلام روحاني عن الاتفاقات خلف الأبواب يعكس تخوّفاً من إمكانية حول اتفاق تركي – روسي على ما يبدو على حساب طهران. وزير الخارجية محمد جواد ظريف كان قد دعا تركيا إلى احترام وحدة وسلامة الأراضي السورية، مقترحاً أن يقوم بالتوسط لتطبيق بروتوكول أضنة، علماً أنّ روسيا كانت قد سبقت طهران إلى طرح تطبيقه، وهو ما يشير إلى أنّ الجانب الإيراني يحاول أن يختطف ورقة لكي يبقى في اللعبة الحاصلة حالياً شمال سوريا.

وبموازاة هذه اللهجة التي تبدو متوازنة للوهلة الأولى في حديث المسؤولين الإيرانيين، حملت تصريحات المسؤولين الإيرانيين باللغة الفارسية، وكذلك رجال الدين، والسياسيين لغة عدائية تجاه تركيا وعمليتها العسكرية داخل شمال سوريا. وسائل الإعلام الإيرانية هاجمت أنقرة بشكل غير مسبوق مؤخراً بسبب العملية التي وصفت بأنّها احتلال ودعم للإرهاب.

رئيس الجمهورية التركية كان قد غمز من قناة الإيرانيين عندما قال: “هناك من يعرضون الوساطة بيننا وبين التنظيم الإرهابي، كيف أصبح هؤلاء رؤساء حكومات ودول؟ هذا ما لا يمكن فهمه”. بالرغم من أنّ البعض قال إنّه يقصد بذلك الرئيس الأمريكي ترامب، إلاّ أنّ البعض الآخر أشار إلى أنّه ينطبق على الرئيس الإيراني. كلام أردوغان جاء بعد أنّ أعلن رئيس البرلمان الإيراني إلغاءه الزيارة التي كان يعتزم القيام بها إلى تركيا إثر إطلاق عملية “نبع السلام”. كما جاء ذلك بالتزامن مع قيام الجيش الإيراني بمناورات عسكرية غير معلنة قرب الحدود التركية.

ردود الأفعال الإيرانية كانت تحت مجهر بعض المتابعين الأتراك، وعندما بدأ هؤلاء في إظهار التناقض بين موقف بعض المسؤولين الإيرانيين المراعي للحساسيات التركية وبين الاتجاه العام، بدأت الوجه الحقيقي للموقف الإيراني بالظهور. الموقف الإيراني ركّز على ثلاثة أمور رئيسية تتمحور حول وصف العملية بالاحتلال والعدوان الغاشم، وحول اعتبار أنّ تركيا تشنّ هجوماً ضد الأكراد وتدعم الإرهاب، وحول قلق إيران على حقوق الأكراد جراء هذه العملية الذي تفتك بالأطفال والنساء على حد قولهم والطلب من تركيا سحب قواتها على الفور من سوريا.

بعض الصحف تحدّثت عن أنّ العملية التركية هدفها إعادة إحياء داعش في سوريا، البعض الآخر وصفها بالعدوان الذي يتم ضد سوريا و”أكراد سوريا”، والبعض الآخر أشار الى أنّها تأتي للهروب من المأزق التركي الداخلي. أحد أهم العناوين التي تمّ نشرها خلال الأيام القليلة الماضية عنوان لصحيفة فرهيختكان المقربة من وزير خارجية إيران لسابق علي ولايتي والتي وضعت صورة لأردوغان والعلم التركي مع عنوان بالخط العريض على صدر صفحتها الأولى يقول “السلطنة في خدمة الإرهاب”.

الخدمة الفارسية لوكالة الأناضول للأنباء كانت قد رصدت الصحافة والإعلام الإيراني لإظهار الموقف الإيراني الحقيقي من العملية، ونشرت تقريراً مفصلاً حول عمليات التضليل والتحريف والبروبغندا التي يقوم بها الإعلام في إيران فضلاً عن التهجّم الذي يتم ضد تركيا بما في ذلك من وسائل مصنّفة على أنّها تابعة للإصلاحيين أو المعتدلين داخل إيران، وبما يتناقض مع ما يقوله المسؤولون الإيرانيون عند لقائهم بنظرائهم الأتراك.

التقرير أشار إلى أنّ الإعلام في إيران المنحاز لم يستعن حتى بآراء خبراء أتراك، وتجاهل البيانات الرسمية التركية الصادرة عن المؤسسات الرسمية –كالرئاسة ووزارة الخارجية والدفاع- واستعاض عنها بموجز محرّف من إعداده يليها تحليلات ممتلئة بالبروبغندا والحقد على حد قول التقرير الذي وصف التغطية الإيرانية التي تتم باللغة الفارسية للعملية العسكرية التركية شمال شرق سوريا بغير المهنيّة، وغير الواقعية، وأنّ ذلك شمل حتى وسائل الإعلام الايرانية الناطقة بالفارسية التي تعمل خارج البلاد.

بعض النماذج للتصريحات الرسمية لرئيس الجمهورية التركية والتي تمّ نشرها في الوكالات الرسمية الإيرانية تقوم بتحوير تصريحات لأردوغان يقول فيها إنّه لن يوقف العملية العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية –تنظيم واي بي جي-، لتصبح “أردوغان يقول إنّه لن يوقف العملية العسكرية ضد الأكراد”. الأناضول باللغة الفارسية، كانت قد نشرت التقرير على وسائل التواصل الاجتماعي مع نسخة علنية إلى الصحف ووكالات الأنباء والمواقع الإيرانية الى أوردتها في تقريرها كنموذج على التلاعب بالأخبار والتحريف والتهجّم على تركيا وضمت وكالة إيرنا وإيسنا وتسنيم وعصر إيران، وأخبار تابناك، وبي بي سي فارسي وانتخاب وشرق وغيرها.

ومع أنّ الجماعات الكردية المسلحة تنشط كذلك داخل إيران في كثير من الأحيان، إلاّ أنّ ذلك لم يمنع النظام الإيراني سابقاً من التعاون مع حزب العمّال الكردستاني ضد تركيا، أو من استخدام جماعات أو أحزاب كردية ضد بعض الدول الأخرى كالعراق سابقاً أو حتى ضد الأكراد الآخرين. في عملية غصن الزيتون، قامت الميليشيات الشيعية المحسوبة على إيران بدعم ميليشيات “واي بي جي” الكردية، وقد استخدمت الأخيرة أسلحة إيرانية أدت إلى سقوط قتلى من المدنيين داخل الأراضي التركية.

خلاصة القول، إنّ الموقف الإيراني لا يمكن الوثوق به بغض النظر عمّا يقوله المسؤولون الأتراك، فقد يسمعوك قولاّ جميلاً، ويذيقونك سمّاً مريراً بعدها.

تلفزيون سوريا

التحولات السبعة عشر للحرب التركية الثالثة في العمق السوري/ محمد السلوم

انطلقت عملية “نبع السلام” التي ضمت الجيش التركي والجيش الوطني السوري، يوم الأربعاء 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، والهدف الأساس منها إنجاز منطقة آمنة، بعمق 30 كم وطول يتجاوز 450 كم، بمساحة تُقدر بـ 16 ألف كيلومتر مربع، وبمجرد إعلان هذه العملية، وبدء العمليات العسكرية فيها، فقد حققت تحولات فعلية على الأرض وفي المنطقة، بدليل ردات الفعل العربية والأوروبية والعالمية حولها، التي كانت على شكل استنكار وشجب وتهديد بعقوبات أميركية على تركيا، في الوقت الذي أعطت فيه الولايات المتحدة ذاتها الضوء الأخضر للعملية، متخلية عن أدواتها (قسد) القوات الكردية الانفصالية شرقي الفرات، وما يسمى “وحدات حماية الشعب” الكردية، وقامت بسحب قواتها من الحدود السورية – التركية لتمهيد الطريق لدخول القوات التركية والجيش الوطني السوري، واللافت أيضًا أن الولايات المتحدة وروسيا رفضتا واستخدمتا حق النقض الفيتو بمجلس الأمن في توافق روسي – أميركي نادر بالتاريخ، لوقف أي إدانة لتركيا، فيما رحبت المعارضة السورية بالإجمال بتلك العملية للقضاء على حلفاء الأسد، من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني المعادي لتركيا منذ عام 1984) الذي سيطر على ثلث الأراضي السورية منذ أكثر من عام تقريبًا، بعد نهاية (داعش)، وحكمه التعسفي لمنطقة يقطنها 90 بالمئة من العرب السوريين، وتعد هذه العملية الحرب التركية الثالثة في عمق الأراضي السورية، منذ بداية الثورة السورية ضد نظام الأسد عام 2011، فقد كانت الحرب الأولى عملية (درع الفرات) عام 2016 التي أدت إلى تحرير منطقة الباب شرقي حلب، والحرب الثانية عملية (غصن الزيتون) عام 2018 التي أدت إلى تحرير منطقة عفرين شمالي حلب، واليوم حرب عملية “نبع السلام” 2019 التي تستهدف تحرير منطقة شرق الفرات العربية.

التحولات السبعة عشر للحرب التركية الثالثة؟

1- انتصار تركيا في المفاضلة بينها وبين الأكراد في السياسة الأميركية

فتحت القوات الأميركية الطريق لتركيا شرقي الفرات، بالرغم من وجود فريقين متنازعين في البيت الأبيض حول جدوى وجود القوات الأميركية من عدمها في سورية، وفيما اطمأن الأكراد لوجود عشرين قاعدة أميركية ضمن الأراضي التي يسيطرون عليها شمال شرقي سورية، كان قرار ترامب حاسمًا بترجيح الكفة التركية، وتفضيل المصالح الأميركية مع تركيا، وهي مصالح تعود لأكثر من ستين عامًا، على مصالحها الطارئة مع حزب (ب ك ك) الكردي.

2- نهاية حلم الانفصال، والفيدرالية والحكم الذاتي لما يسمّى (روجآفا)

منذ عام 2013، طعن القوميون الأكراد بالثورة السورية، وأسسوا حكمًا ذاتيًا، وقوة عسكرية “قوات سوريا الديمقراطية” تهدف إلى ترسيخ ما يسمى (روجآفا) بمعنى “غرب كردستان”، ثم قاموا بتخفيف استعمال (روجآفا) لاستمالة العرب شرقي الفرات، وبعد انتصار التحالف الدولي على (داعش)، سيطرت قوات (قسد) على مزيد من الأراضي العربية شرقي الفرات، ومارست المزيد من التجاوزات العنصرية منها تدمير قرى عربية بأكملها، وفرض كفالة كردية على العرب، واحتجاز العرب في مخيمات لدفعهم للتهجير، وفرض اللغة الكردية على المناهج واستبدال تعليم الديانة الإسلامية بالديانة الزردشتية، وفرض التجنيد الإجباري، ومعتقلات التعذيب التي استهدفت العرب بالدرجة الأولى. وبالتالي فعملية “نبع السلام” أنهت كامل هذه المعاناة بمجرد إطلاقها.

3- تغيير الخارطة السياسية السورية والسيطرة على ثلث الأراضي السورية لمصلحة الثورة ضد الأسد

في الوقت الذي كثر فيه الحديث الغربي عن “انتصار نظام الأسد”، وسيطرته على ثلثي الأراضي السورية، بعد أن فقد أكثر من ثمانين بالمئة منها عام 2014، إذ أنقذه التدخل الروسي آنذاك، تُعدّ عملية “نبع السلام” إعادة لرسم خارطة الثورة السورية في مواجهة الأسد.

4- تركيا الرافعة الوحيدة المتبقية  للثورة السورية

تخلى كثيرون عن تبني الثورة السورية في إنهاء نظام الأسد، وبقيت الرافعة التركية وبعض حلفاء الثورة السورية من العرب، وبالتالي تتحمل تركيا الجزء الأكبر في أهمية استمرار الثورة السورية حتى إسقاط الأسد، وتعدّ عملية “نبع السلام” مرحلة مهمة ومفصلية لتحول الصراع السوري، وطوق النجاة المتبقي بعد أن فقد كثير من السوريين الأمل والثقة في انتصار ثورتهم على نظام القتل والاستبداد القابع في دمشق. وبعد خسارة جيوب الثورة في دمشق والغوطة الشرقية والجنوب السوري وريف حمص وحماة وجزء من إدلب. وبالتالي ستكون عملية تحرير شرق الفرات عبارة عن توسيع للمناطق المحررة من الأسد وحلفائه.

5- هزيمة جديدة لنظام الأسد وحليفه حزب الاتحاد الديمقراطي

تحالف الأسد مع حزب العمال الكردستاني مرتين: الأولى من عام 1984 إلى عام 1998، وانتهت بتخلي النظام عن حماية عبد الله أوجلان، وتسليمه بشكل غير مباشر إلى تركيا وحل ميليشياته في سورية، وانسحاب مقاتليه لجبال قنديل على الحدود التركية العراقية، وفي المرة الثانية عندما تحالف معهم لإنجاز ثورة مضادة شرقي وشمالي شرقي سورية وشمالها، للانقضاض على الثورة السورية ضد نظامه، ولتهديد أمن تركيا القومي، الداعمة للثورة السورية، ودخل حزب العمال الكردستاني التركي أصلًا تحت مسمّى حزب الاتحاد الديمقراطي و”وحدات حماية الشعب”.

6- إعادة اللاجئين السوريين

لجأ أكثر من مليوني سوري على الأقل، من الشمال السوري، بسبب ممارسات كل من (داعش) “الحليف السابق للأسد”، وحزب (ب ك ك) “الحليف للأسد منذ عام 2013، وبالتالي فعملية “نبع السلام” تمهد الطريق لعودة اللاجئين السوريين من أبناء الشمال لديارهم.

7- تحقيق المنطقة الآمنة

تكرس المنطقة الآمنة شمالي سورية العودة الآمنة لمعظم اللاجئين السوريين من أبناء الشمال السوري، وبذلك تعيد الثقة بوطنهم وانتمائهم إلى الوطن، عبر تشكيل حكومة وطنية فاعلة تمنع نظام الأسد وحلفائه من القيام بتجاوزات بحق المدنيين السوريين العائدين لديارهم أو الذين ما زالوا فيها.

8- إعادة الإعمار في الشمال السوري وبناء مدن جديدة

طالبت تركيا بمبلغ 37 مليار دولار لبناء العديد من المدن وإعادة إعمار المدن المدمرة من قبل قوات التحالف الدولي والنظام السوري، مما يؤكد أهمية الدور التركي في إعادة الإعمار لسورية، عكس النظام العاجز عن القيام بتلك العملية وكذلك حلفائه، وبالتالي فإن تلك العملية نموذج مهم على المدى البعيد والقريب حتى إسقاط نظام الأسد، وهو سحب البساط من تحت أقدام النظام الذي طالما عمل على تعفين ومحاصرة المناطق التي تمردت عليه. إما عبر (داعش) تارة أو (ب ك ك) تارة أخرى، عدا ضفادعه التي سلّمت المناطق الأخرى.

9- العملية الأكبر منذ قبرص 1974

تعرضت تركيا عام 1975، بعد تدخلها العسكري في قبرص التركية لعملية حصار أوروبي وضغوطات اقتصادية، بغاية إيقاف عملية قبرص آنذاك، وهناك من المحللين العرب من وصف العملية بقبرص الجديدة شمالي سورية، ومن وصفها بمحاولة تغيير ديموغرافي، ولكن هذه العملية هي الأكبر فعليًا منذ عام 1974، للجيش التركي خارج أراضيه، وهو ما يعني أن حقبة جديدة ستغير الوضع السوري برمته، بمشاركة حاسمة للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.

10- التوازن الداخلي والخارجي للدولة التركية

في الآونة الأخيرة، ظهرت في الداخل التركي أصوات تنادي بإنهاء أزمة اللاجئين السوريين في تركيا، وترافق ذلك مع تحولات في الصوت التركي المعارض لتواجد السوريين، فتارة من باب القومية، وتارة أخرى من باب الكيدية السياسية في الصراع بين الأحزاب، وأصبح اللاجئ السوري العامل الأكبر في تحول الرأي العام التركي، لا سيما من قبل المعارضة التركية التي ترغب في فتح حوار مع نظام الأسد، وحاولت عقد مؤتمر مع مسؤولين بحزب البعث السوري التابع للنظام في إسطنبول، وتمكنت المعارضة السورية ومؤيدوها من الحزب الحاكم في تركيا من وأد تلك المحاولة، وأي شكل من أشكال التطبيع مع نظام الأسد، وإطلاق هذه العملية أدى إلى خفت تلك الأصوات العنصرية التي تستهدف الشعب السوري المستضعف في تركيا، ومن الناحية الخارجية أكدت ورقة اللاجئين السوريين فاعليتها في مواجهة التعنت الأوروبي الذي يُطبع مع الأسد من تحت الطاولة، ويحاول فتح حوار غير مباشر معه لتمهيد المشاركة في إعادة إعمار سورية.

11- العمق الإيجابي للثورة السورية وتأكيد مفهوم الجار الدافئ والمريح

تُعدّ تركيا الجار الدافئ والمريح لسورية، منذ غزو الولايات المتحدة الأميركية للعراق عام 2003، وقد وصلت العلاقات التركية – السورية في تلك الحقبة إلى درجة متقدمة من الازدهار والتطور، وبعد قيام الثورة السورية، انحازت الحكومة التركية إلى مطالب الشعب السوري في إنهاء النظام، وأصبحت تركيا منصة المعارضة السورية، على كافة ألوانها وأطيافها السياسية.

12- المنطقة الآمنة ليست إسكندرون الثانية

سيطرت تركيا على لواء إسكندرون عام 1938، بموجب اتفاقيات مهد لها الاحتلال الفرنسي لسورية، وكانت ظروف الصفقة آنذاك قائمة على تتريك اللواء السوري، وتغيير معالمه الديموغرافية، وللمفارقة هنا أن نظام الأسد اعترف بتركيّة لواء إسكندرون باتفاقية أضنة عام 1998، لكن عملية “نبع السلام” اليوم مختلفة، لأنها تهدف إلى إعادة المواطنين السوريين -سواء أكانوا عربًا أو أكرادًا- ممن اضطهدتهم العقلية الميليشياوية لحزب (ب ك ك)، وبالتالي الحفاظ على ديموغرافية شرق الفرات دون المساس بها.

13- اتفاقية أضنة الأمنية وشرعية التدخل التركي

عام 1998، وقّع نظام الأسد الأب مع الحكومة التركية، اتفاقية أضنة الأمنيّة، وهي تمنح الشرعية للقوات العسكرية التركية بالتدخل بالأراضي السورية، في حال تهديد أمنها القومي، وبالتالي تتمتع تركيا بحقها الطبيعي بملاحقة الإرهابيين الذين يستهدفون عمقها وأمنها، وخاصة أن الاتحاد الديمقراطي هو فرع حزب العمال الكردستاني، وهم إرهابيون أتراك استعملوا الأراضي السورية كمنطلق لأعمالهم الإرهابية.

14- ملامح هزيمة إيران في تحقيق ممر وهلال شيعي

تحاول إيران التي تتعرض للقصف الإسرائيلي أو “المجهول” شرقي سورية، وغيرها من المناطق، الحفاظ على تواجدها خاصة في المناطق الحدودية السورية العراقية، ولا سيّما البوكمال، وعارضت الصحف الإيرانية، بل دان نظام الملالي في طهران العملية التركية السورية المشتركة، ضد قوات (ب ك ك) الانفصالية، لشعورها بوجود عامل طرد رئيس ثالث لها إضافة إلى روسيا و”إسرائيل”.

15- التوازن مع الروس مقابل التخلص من الأسد:

عطلت روسيا صدور بيان مشترك عن مجلس الأمن الذي طالب فيه بوقف العملية التركية في سورية، والمفارقة أن من قدم هذا البيان هو الولايات المتحدة التي رفضت في وقت سابق إدانة تركيا بمجلس الأمن، مما يعكس حجم التخبط داخل البيت الأبيض، مقابل استمرار روسيا تأكيدها أنها اللاعب الأهم في الملف السوري، أي أن التوجهات الروسية تتجه نحو عدم مواجهة تركيا، والتوصل معها بالمستقبل القريب -كما يبدو- إلى تغيير رأس نظام الأسد، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، كما أجمعت دول العالم.

16- قوة تركيا في ضعفها

يُعدّ الاقتصاد التركي أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، ويبلغ 766 مليار دولار، وعلى الرغم من معاناته خلال العامين الماضيين، في إثر قضية القس الأميركي أندرو برانسون، وتلويح الكونغرس الأميركي بفرض عقوبات قاسية على تركيا، على إثر عملية “نبع السلام”، فإن الجيش التركي يُعد أكبر جيوش الناتو، ورابع أكبر جيش في العالم، وتتمتع تركيا بعلاقات متجذرة واستراتيجية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكانت تركيا قد تبنت العلاقات الصفرية في العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين، إلا أنها دخلت بقوة كلاعب رئيس في الصراع السوري، وبالتالي فسورية هي العقدة والحل لكافة دول المنطقة، وهنا يأتي دور تركيا التي خسرت بوابة العرب الكبرى لتركيا للعالم العربي، أي سورية، في الوقت الذي تعد فيه تركيا بوابة سورية والعرب الكبرى لأوروبا، من ناحية نقل الطاقة والتجارة البرية والتطور الاقتصادي، فضلًا عن أنها مركز مهم لسوق اقتصادية إسلامية مهمة تمتد حتى حدود الصين.

17- تجاوز صفقة القرن

عارض نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي عملية “نبع السلام”، وعبّر عن مخاوف الكيان الإسرائيلي، من نهاية وشيكة لـ “صفقة القرن”، فالشعب المصري كسر حاجز الخوف من نظام السيسي الموالي لـ “إسرائيل”، بثورة محمد علي الأخيرة، والعراق خرج من كبوته منتفضًا على الوجود الإيراني في أراضيه، والسعودية عالقة في مأزق صراعها باليمن ومناكفاتها مع إيران، وبالتالي لا يمكن تحقيق “صفقة القرن” بمجرد ضم القدس والجولان وغور الأردن، وهي الإجراءات التي لا تحظى بقبول دولي وأممي، ومع ذلك فالمنطقة عبارة عن رمال متحركة لا ثبات فيها، ومستنقع كبير مركزه سورية. وما زال المستقبل مجهولًا وغير واضح المعالم.

جيرون

مخاطر المعركة التركية شمال شرق سوريا/ انور بدر

تستمر عملية “نبع السلام” العسكرية التركية التي بدأت يوم الأربعاء 9 تشرين أول/ أكتوبر الحالي، لاجتياح شمال شرق سوريا التي كان يطالب بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ نهاية عام 2011، لتصبح منطقة حظر طيران في البداية لحماية المدنيين الفارين من قصف النظام الوحشي. لكن المسألة تعقدت أكثر بعدما اعتمدت الإدارة الأمريكية قوات حماية الشعب الكردية Y.P.G التي أصبحت مؤخرا تعرف باسم “قسد”، ذراعا محلية لها في الحرب على الإرهاب، بعدما تلقت تدريبا وتسليحا مميّزا مكّنها حقيقة من دحر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من شمال سوريا وشرقها، تحت مظلة التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا.

هذه القوة العسكرية المرتبطة بمشروع “مجلس سوريا الديمقراطي” أو “مسد” التي أنشأها تنظيم P.Y.D، المرتبط بالحزب الأم لعبد الله أوجلان P.K.K، المصنف إرهابيا في أنقرة، يثير رعب الرئيس طيب رجب أردوغان، لحساسية المشكلة الكردية في تركيا، حتى غدا هذا الأمر مسألة خلافية مع إدارة أوباما ومن بعده ترامب في البيت الأبيض، ما يفسر ولو جزئيا التحول في سياسة تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي منذ عام 2016، حيث دخلت بتوافق مع حليفي النظام السوري روسيا وإيران في مسار “آستانة” التفاوضي الذي خلف جملة من الكوارث ما زلنا نحن السوريين نحصد نتائجها حتى الآن، فيما وصل الخلاف التركي الأمريكي ذروته في صفقة الصواريخ S 400 الروسية.

لكن يبدو أن سياق المعادلة اختلف بعد إعلان القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، بحيث أصبحت “قسد” قوة عسكرية مهمة لتنظيم P.Y.D الذي يسيطر على ثلث مساحة سوريا بما فيها محافظة الرقة، ويسعى لإقامة مؤسسات إدارية وهيكلية بديلة عن مؤسسات النظام السوري، وموازية لها من حيث العسكرة والأمن، تحت يافطة “مجلس سوريا الديمقراطية”، وهو مجال حساسية لبعض القوى السورية، لكنه مجال رفض وتخوف على الجانب التركي من الحدود.

وقد عبرت تركيا عن رفضها ذلك في أكثر من معركة، لعل أبرزها عملية درع الفرات في منطقة منبج بتاريخ آب/ أغسطس 2016 التي كان من مخرجاتها سقوط حلب بيد النظام، ولاحقاً عملية “غصن الزيتون” يناير 2018، التي أدت إلى احتلال عفرين، وتهجير سكانها الكرد تحديدا، والآن أصبحت الأوضاع مهيأة من وجهة نظر تركية، لاجتياح شمال سوريا وشمال شرقها وهو ما يجري حاليا، للقضاء على أي إمكانية لوجود نفوذ كردي في المنطقة حتى لو كان بصيغة إدارة ذاتية.

غير أن الدوافع التركية لبدء عملية “نبع السلام” الآن، ترتبط بعوامل تركية داخلية، ليس أقلها تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، وظهور مؤشرات تفكك داخله، بالتوازي مع بوادر انكماش اقتصادي ملحوظ، إلا أنها بالأساس تعبير عن تنامي النزعة التركية لاستعادة الأمجاد الإمبراطورية السابقة للخلافة العثمانية، مدعومة بقوة أيديولوجية قومية وإسلامية، يسعى الرئيس التركي لتوظيفها في معركة خارجية يمكنها أن تغيير موازين القوى الداخلية لصالحه.

لكن هذا التوقيت لم يكن ممكنا لولا تزامنه مع ضوء أخضر أمريكي، تمثل في إعلان الرئيس دونالد ترامب سحب قواته من سوريا، في عقب محادثة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ أكد ترامب أنه “حان الوقت لتخرج الولايات المتحدة من سوريا”، مضيفا أن بلاده “ستقاتل حين يكون ذلك في مصلحتها”، مضمرا أن لا مصلحة لبلاده في حروب المنطقة التي وصفها “بالغبية” أو “السخيفة” بحسب اختلاف الترجمات.

قد لا يكون موقف ترامب جديدا، إذ سبق له بتاريخ 18 ديسمبر 2018، أن فاجأ كل الأطراف المعنية بالقضية السورية بقراره سحب القوات الأمريكية من سوريا، لكنها كانت قنبلة صوتية إن صح التعبير، أدت إلى استقالة وزير دفاعه جيمس ماتيس في اليوم التالي للقرار، وأرعبت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المتحالفة معه، قبل أن يتراجع عن قراره بعد أسبوعين.

لكن قنبلة ترامب الراهنة جاءت حقيقية هذه المرة، حتى أن ارتداداتها غطت على استحقاق اللجنة الدستورية الذي شغل السوريين مؤخرا، ومعهم جزء كبير من الأطراف المعنية بهذا الموضوع، وربما يكون ذلك أحد دوافع ترامب لإعادة خلط الأوراق، وأخشى أن يكون ما بعد هذ الاجتياح التركي ليس كما قبله، على الرغم من تناقض كثير من التصريحات الأمريكية والجهد المبذول لفرض عقوبات على تركيا.

بل يمكن التأكيد أن أردوغان اقتنص أيضا موافقة روسية، حين طمأن نظيره الروسي بوتين، قبل دقائق من قصف طيرانه لمدينة رأس العين السورية، بأن هذه العملية “ستساهم في إرساء السلام والاستقرار في سوريا وتفتح الطريق أمام العملية السياسية” التي تقودها روسيا عبر مسار “آستانة” التفاوضي، لذلك سارع وزير خارجته لافروف للقول نحن “نتفهم القلق الشرعي لتركيا حيال أمن حدودها، ونؤكد حل هذه المخاوف في إطار اتفاقية أضنة”. مضيفا “أن العسكريين الروس والأتراك على تواصل مستمر حول الوضع في شمال شرق سوريا.” وقد أبدوا استعداد روسيا لرعاية حوار تركي مع النظام وحوار آخر كردي مع النظام أيضا.

يبدو من هذا السياق أن الرئيس بوتين مطمئن في ما يبدو، أن كل غيوم هذه الأزمة ومخرجاتها ستمطر لصالحه في نهاية الأمر، وربما يراهن هو والرئيس ترامب كل من جانبه، على توريط تركيا أكثر في الملف السوري، بدلالة معارضة الدولتين للمشروع الأوروبي الداعي لوقف الاجتياح التركي لشمال شرق سوريا في مجلس الأمن، على الرغم من التنديدات والملاحظات التي تنثر في الفضاء الإعلامي من جهة، وتفهم كلتيهما للمخاوف التركية وحقها بالدفاع عن النفس من جهة ثانية.

لأن المسألة الكردية في تركيا أعقد من أن تحل بعملية عسكرية في سوريا، حيث يمثل أكراد تركيا ربما حوالى 30 في المئة من تعداد السكان، وهناك إرث طويل من الاضطهاد والتمييز حاول الرئيس التركي أن يقفز فوقه في بداية صعوده السياسي، حين منح الأكراد حقوقا ثقافية ولغوية، وسمح لأول مرة بإنشاء قناة تلفزيونية تبث طوال 24 ساعة يوميا باللغة الكردية، أكثر من ذلك اعترف في أواخر عام 2011، بمسؤولية تركيا عن مجازر درسيم 1938 التي ذهب ضحيتها وفق اعترافه ما يقارب 13 ألف كردي، بينما تشير تقارير الخارجية البريطانية في ذلك الوقت إلى 40 ألف ضحية من أكراد تلك المنطقة، ويتخوف الكرد ومعهم المجتمع الدولي الآن من تكرار تركيا لهذه المجازر، أقله في حق أكراد سوريا.

ونحن نؤكد بداية الخلاف مع تنظيم P.Y.D وتحالفاته زمن الثورة السورية، إذ عجز عن التنسيق مع القوى الكردية في منطقة وجوده، إذ أغلق المكاتب أغلبها، واعتقل قيادات منهم، وكان رافضا أو عاجزا عن التنسيق مع مكونات الثورة السورية، على الرغم من وجوده الشكلي في هيئة التنسيق سابقا، حين لم يقطع مع النظام الاستبدادي الذي ساهم في نشأته، ومنحه معسكرات تدريب وتسليح في زمن عبد الله أوجلان، لنكتشف أنه حتى الأن يسعى -برعاية روسية- لإيجاد تفاهم مع نظام الأسد بدمشق.

إلا أن ذلك لا يغير شيئا في موقفنا من القضية الكردية، ومن حقوق الأكراد في سوريا بالمعنى الوطني والقومي أيضا، ونؤكد أن المعركة العسكرية الراهنة لن تصب في مصلحة الكرد والسوريين عموما، ثم إنها بغض النظر عن أوهام القيادة التركية لن تكون في مصلحة الشعب التركي ووحدته ووحدة تركيا مستقبلا.

تحمل هذه المعركة أخطارا كثيرة على الواقع السوري وتطوراته المستقبلية، وأولى المخاطر يتمثل في مقايضة محتملة يمكن أن تسوّقها روسيا بين تركيا والنظام بشأن إدلب، مع ما يمكن لذلك أن يتركه بالنسبة إلى المدنيين والنازحين في إدلب، وهي لن تكون مبارزة على أشلاء سوريا ودم السوريين.

لكن ما هو أخطر من ذلك، أن مشاركة جزء من بقايا الفصائل العسكرية الإسلامية التي أعادت تركيا توظيفها باسم “الجيش الوطني السوري” في هذه المعركة التركية ضد أكراد سوريا، يمنح المعارك الراهنة ظلالا لحرب “أهلية” سورية لا يريدها السوريون، وهي ليست كذلك، فهذه الفصائل الإسلامية التابعة لتركيا لا تمثل السوريين، ولا تتحرك وفق أجندات وطنية سورية، إن لم نقل إنها هي التي غدرت بالثورة السورية، وذهبت بها وراء يافطة الخلافة المزعومة والمحاكم الشرعية التي أجمع السوريون والعالم كله على رفضها ومحاربتها، وليس بعيدا عن ذلك تأييد قائد النصرة سابقاً، وهيئة تحرير الشام راهناً، أبو “محمد الجولاني” لهذه المعركة ضد الأكراد.

يضاف إلى ظلال الحرب “الأهلية” مسألة أبعد تتعلق بموضوع المنطقة الآمنة كما طرحها الرئيس أردوغان في أيلول/ سبتمبر الماضي، في أثناء انعقاد الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفق ما نشرته وسائل إعلام تركية، بأن المنطقة الآمنة التي تعتزم تركيا إنشاءها بالتعاون مع الجانب الأمريكي شمال شرق سوريا، تهدف إلى إقامة 200 الف مبنى من أجل توطين أكثر من مليون سوري لاجئ سوري في تركيا، مرحلة أولى، وستكون بعمق 32 كم وامتداد 480 كم داخل الحدود السورية، وتقدر ميزانية المشروع بنحو 26 مليارا و650 مليون دولار تقريباً، يحلم أردوغان أن تشكل توظيفات لدعم اقتصاد يبدو أنه غير معافى.

إلا أن خطة أردوغان تشير إلى مساحة إجمالية للقرى والبلدات السكنية تقدر بنحو 92.6 مليون متر مربع، فيما ستبلغ مساحة الأراضي الزراعية التي ستوزع على سكان هذه القرى من اللاجئين السوريين بنحو 140 مليون متر مربع آخر، لكن الخطة تتجاهل أن ذلك يشكل تغييراً ديموغرافياً، وفي حال حصوله لن يشكل عامل استقرار للمنطقة، ولن يشكل في أي حال من الأحوال أداة توحيد للهوية السورية المستباحة.

بروكار برس

المقاتلون الأجانب في “قسد”.. لماذا قدموا إلى سوريا ومتى يعودون؟/ ياسر العيسى

على الرغم من كل الأضواء المسلطة على الدور الكبير للمقاتلين الأجانب في الحرب في سوريا، إلا أن الموجودين منهم في صفوف داعش، خطفوا كل الأضواء عن أقرانهم في القوى الأخرى الداخلة في الصراع، ومن بينها “قسد”.

فما هي قصة المقاتلين الأجانب الذين التحقوا بصفوف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب، المكون الأساسي لـ”قسد”، وما أعدادهم وتوجهاتهم؟ وما الدول التي جاؤوا منها؟ وهل كان لهم دور قتالي فعّال مع “قسد”، أم كانوا أداة ترويجية إعلامية أكثر منها قتالية؟ وأخيراً: ما مصيرهم؟

البدايات.. والتدريب

“قوات سوريا الديمقراطية” المعروفة اختصاراً بـ”قسد” تتكون من مجموعات مقاتلة عدّة، يصل عددها وفق بعض الإحصاءات إلى 100 ألف عنصر، وبحسب بيانات موقع “بيلينغكات” الاستقصائي، فإن الفصائل الرئيسة لدى هذه القوات هي: وحدات حماية الشعب (YPG) المكون الاساسي لـ”قسد”، وحدات حماية المرأة (YPJ)، الصناديد، المجلس العسكري السرياني السوري (MFS)، جيش الثوار، جبهة ثوار الرقة، قوات الأمن الداخلي، كتيبة الحرية العالمي (المقاتلون الأجانب).

بدأ الأجانب بالانضمام إلى القوات الكردية في وقت مبكر من عام 2013 ، لكن ما وثقه “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، يؤكد أن “وحدات حماية الشعب” بدأت في أواخر عام 2014 باستقبال من تطلق عليهم “قسد” اسم: “المتطوعين الأجانب”، وذلك في إثر معركة عين العرب (كوباني) التي نال فيها المقاتلون الأكراد دعماً عسكرياً من التحالف الدولي وتأييداً دولياً، بعد أن حاصر داعش المدينة وجعلها في مرمى نيرانه الكثيفة، ووصف الإعلام آنذاك صمود المقاتلين الأكراد داخلها بـ”الاسطوري”.

وفي عقب ذلك، ومع استمرار تدفق المقاتلين الأجانب، وفي العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2015، أُعلن -في رأس العين شمال سوريا رسميا- تشكيل كتيبة قوات أجنبية ضمن قوات “وحدات حماية الشعب”، تحت اسم: “كتيبة الحرية العالمية”، وبحسب قيادية في هذا الكتيبة، فإن “أفراد الكتيبة هم متطوّعون دوليّون من كافة أنحاء العالم، جاؤوا لدعم ثورة كردستان السورية واستقلال الكرد في إقليمٍ خاص بهم في سوريا، وأنهم في الأغلب شيوعيون واشتراكيون وبعض اللاسلطويين”.

وفي ما يتعلق بالتدريب الذي يتلقاه هؤلاء بعد وصولهم إلى سوريا، يقول نوري محمود، الناطق باسم وحدات حماية الشعب، إنهم “يخضعون للتدريب العسكري ودورات تثقيفية لاطلاعهم على عادات المنطقة وتقاليدها وثقافتها وكيفية التعامل مع المجتمعات المحلية والاندماج فيها”.

ما أعدادهم؟

بالمجمل، لا توجد إحصاءات رسمية حول العدد الكلي للمقاتلين الأجانب في صفوف “قسد”، لكن التقديرات أغلبها أشارت إلى أن أعدادهم مئات حالياً، وآلاف إن أردنا إجمال من قاتل إلى جانب الفصائل الكردية في السنوات الماضية، لأن كثيرا منهم يقاتل فترة محددة، قبل أن يقرر العودة إلى بلاده.

وبحسب موقع “يورو نيوز”، فإن أعدادهم تراوح ما بين 400 و800 مقاتل أجنبي، جاء معظمهم من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وكندا وأستراليا وإيران وروسيا والصين.

بالمقابل، أشار موقع “فرانس 24″، إلى أن أعدادهم تراوح ما بين 100 و400، مشيراً إلى أن ظاهرة المقاتلين الغربيين الأجانب في صفوف الوحدات الكردية، بدأت في وقت مبكر من عام 2013 ، ومنذ ذلك الحين تضخمت صفوفهم إلى ما بين 1500 و 2000 مقاتل، ونادراً ما ظل كل منهم أطول من ستة أشهر، حيث عاد بعضهم إلى منازلهم وعادوا إلى القتال مرة أخرى، وجاء آخرون “للحصول على صورة فحسب” قبل المغادرة بسرعة.

لكن لا بد من التنبيه، إلى أن الأعداد في المصادر السابقة تأتي نقلاً عن تقديرات محللين ومراكز دراسات غربية، أما الأرقام الصادرة عن قيادات “قسد” الكردية حول المقاتلين الأجانب في صفوفها، فهي قليلة جداً، ونادرة، ومنها ما جاء في وقت سابق على لسان “بروسك حسكة” القائد الميداني والناطق باسم وحدات حماية الشعب في عفرين -قبل سقوط المدينة بيد تركيا ومقاتلي المعارضة السورية- الذي أشار في وقت سابق إلى إن “عشرات المقاتلين الأجانب التحقوا بجبهات القتال لمحاربة الجماعات المتطرفة وقد انتقل عدد منهم إلى عفرين للقتال ضد الجيش التركي والمسلحين السوريين الموالين لتركيا على الرغم من المخاطر التي تواجههم في أثناء السفر إلى سوريا وحتى إمكانية تعرضهم للاعتقال في بلدانهم الأصلية” بحسب قوله. مشيراً إلى أن وجود حوالى 150 مقاتلاً أجنبياً في صفوف “وحدات الحماية”.

جنسياتهم.. وتوجهاتهم

المقاتلون الأجانب في صفوف “قسد” ينتمون إلى جنسيات ومرجعيات أيديولوجية متعددة في مقدمتها اليسار التركي وبشكل رئيسي من الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني التركي، وجيش العمال والقرويين لخلاص تركيا، إضافةً إلى الحركات اليسارية المنتشرة في أوروبا الشرقية، لكن بالمجمل تنتمي جنسياتهم إلى دول عدة، منها ما هو ضمن دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الأمريكية والكندية والأسترالية والإيرانية والروسية والصينية.

وبدورها تنقسم الكتيبة التي ينضمون إليها (كتيبة الحرية العالمي)، إلى تشكيلات عدة أهمها لواء (بوب كرو BCB ) نسبةً إلى زعيم نقابي بريطاني. ولواء (هنري كرازوكي) نسبةً إلى قائد شيوعي فرنسي. وطابور العالميين المقاومين للفاشية، وطابور مناهضة الفاشية العالمية AIT.

يوجد داخل هذه الكتيبة ثلاثة أنواع رئيسة من المقاتلين الأجانب، وهم الأكراد غير السوريين، والجماعات اليسارية المتطرفة، ومدنيون غربيون يمينيون، وهم موجودون في سوريا بحجة محاربة داعش، لكنهم في الواقع حاربوا كذلك الجيش التركي في أثناء هجومه على عفرين.

من بين هذه المجموعات الثلاث، يبقى أقصى اليسار هو الأكثر تأثيرا، وبخاصة بين المقاتلين الأجانب القادمين من الدول الغربية أو تركيا، وقد ظهر أنهم من حملة الأيديولوجيات المتطرفة التي تميل بطبعها إلى العنف.

لكن بالمجمل، أغلب المقاتلين الأجانب في صفوف “قسد”، يرون أنهم يقومون بواجب أممي، دفاعاً عن أكراد سوريا وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية التي كان معظمها ضحية التهميش عقودا، من دون أن يلقى ذلك اهتماماً لدى الرأي العام العالمي، وقد لفت ما يجري في سوريا أنظار ناشطين سياسيين حول العالم من يساريين وتروتسكيين وأمميين ومدافعين عن حقوق النساء وفوضويين. وتضم هذه المجموعة عدداً من الغربيين المعادين للجماعات الجهادية من داعش والقاعدة وغيرهما.

سوف نبقى هنا

صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، وفي نسختها العربية، تطرقت في تقرير نشرته في فبراير/ شباط الماضي، إلى مصير الأجانب المقاتلين مع “قسد”، وأشارت فيه إلى أن كثيرا من هؤلاء، ومع القضاء على داعش، يؤكدون بأنهم لن يعودوا إلى أوطانهم، وسيبقون في سوريا.

وتقول دانيال إليس، خريجة جامعة أوكسفورد من لندن (29 عاماً)، المنضوية في صفوف هذه القوات، إنها لا تخطط للعودة إلى بلادها في القريب العاجل: “قطعت كثيرا من الروابط مع المملكة المتحدة. تخلّصت من كثير من ممتلكاتي. أنهيت وظيفتي (…) لقد نجح الناس هنا في إنشاء أسس مجتمع ديمقراطي ومتكافئ بشكل جذري، على الرغم من داعش. أرى أن الوضع واعد، هو بداية وليس النهاية”.

ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم “وحدات حماية الشعب”، نوري محمود، قوله في هذا الإطار: “لدينا مبدأ المواطنة الحرة. إذا كانوا يؤمنون بثقافة المنطقة وتاريخها وفلسفتها، فهم مرحب بهم ليكونوا جزءاً من المجتمع”.

دور قتالي.. وإعلامي

شجّعت “وحدات حماية الشعب” الأجانب على الانضمام إليها، وساعدت في تسهيل الرحلات إلى شمال سوريا، ومنحها وجود الغربيين في صفوفها دفعة دعائية مفيدة في بلدانهم الأصلية. وعاد كثير من المقاتلين إلى بلدانهم لحشد التأييد لـ”وحدات حماية الشعب”.

وعلى الرغم من أن أغلب الأجانب في صفوف “قسد” جاؤوا إليها لأجندات أيديولوجية يسارية مستوحاة من الماركسية تعمل بها قسد، وبعيداً عن الرأسمالية والمادية التي تركوها في بلادهم، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود بعض الراغبين في الشهرة ممن وصفتهم صحيفة “نيوريوك تايمز” بغريبي الأطوار الذين يسعون للتشويق ويدفعهم حب المغامرة.

هؤلاء تشير الوقائع إلى أنهم قاتلوا على مدار سنوات في مناطق عدة ما بين دير الزور والرقة وعفرين وعين العرب وغيرها، لكن مع ذلك وإضافة إلى دورهم القتالي، فإنه لا يمكن التغاضي عن ذكر الدور الإعلامي والتسويقي الكبير لهم الذي سعت “قسد” من خلاله إلى الترويج لنفسها عموما وللقضية الكردية خصوصا، ومخاطبة العالم الغربي عبرهم، في محاولة لإيهامهم بأنها القوة الوحيدة التي تستحق الدعم والمساندة، وأن “المظلومية الكردية” هي الوحيدة التي تملك الحق في أن يأتي لمناصرتها مقاتلون من جميع أصقاع العالم، فقط من دون غيرها من القوى الأخرى المنخرطة في الحرب داخل سوريا.

 المنطقة الآمنة: القطيعة المقبلة على الشرق السوري!/ *أحمد طلب الناصر

تمتد المنطقة الآمنة، بحسب المسؤولين الأتراك، من نهر الفرات غربًا حتى مدينة المالكية في أقصى شمال شرقي سوريا بالقرب من الحدود العراقية، بعمق يتراوح بين 30 و40 كم، وعلى امتداد يقدّر بنحو 460 كم

انطلقت عملية “نبع السلام” العسكرية في التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وتعتبر العملية الثالثة التي يشترك فيها الجيش التركي مع “الجيش الوطني” المكوّن من فصائل المعارضة السورية المسلحة، لتستهدف هذه المرة منطقة شرق نهر الفرات في الجانب الشمالي من الجزيرة السورية، بعد أن شملت عمليتا “درع الفرات” و”غصن الزيتون” أراضي غرب الفرات من جرابلس إلى عفرين.

ومنذ اللحظة التي أُعلن فيها بدء العملية، انقسم السوريون بين مؤيد ومعارض لها ليعود إلى الأذهان ما شهدته مواقع الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي من صدامات وتباين في الآراء والمواقف التي عاصرت العمليتين السابقتين خلال عامي 2016 و2018 .

فريق واسع من المعارضين السوريين أيّد “نبع السلام”، وغالبيتهم من أبناء المكوّن السوري “العربي” المتواجدين على الأراضي التركية، بالإضافة إلى النازحين المقيمين في مناطق ريف حلب الشمالي وعفرين وإدلب، وخصوصاً من أبناء المدن والبلدات التي سيطرت عليها ميليشيا “قسد” بعد انتزاعها من فصائل “الجيش الحر” أو من تنظيم “داعش” بمساندة الحلفاء، كمنبج وتل أبيض ورأس العين، وكذلك ريفي الرقة ودير الزور؛ ويبقى أبناء مدينة “تل رفعت” وما حولها من أشدّ الداعمين والمشاركين في العملية، إذ لا تغيب عن ذاكرتهم حادثة استعراض مقاتلي قسد لجثث رفاقهم الملقاة على قاطرة تجول بها شوارع عفرين قبل “غصن الزيتون”.

وفريق آخر، من المحسوبين على المعارضة السورية أيضاً، انتقد العملية وهاجم الطرف التركي فيها، متهماً إياه بالتدخّل في شأن سوري داخلي واحتلال أراض لدولة “ذات سيادة” تارة، وتارة أخرى باستهداف مدنيين في شرق الفرات، بالإضافة إلى اعتبار العملية ستساهم في اتساع الشقاق بين العنصرين الكردي والعربي.

جزء من أولئك المهاجمين ينتمون لتيارات وأحزاب يسارية أو قومية ومنظمات ومؤسسات مدنية ذات طابع علماني، إلا أن غالبية المهاجمين هم من أبناء المكوّن السوري “الكردي” عموماً ممن يتبعون لأحزاب سياسية كردية، ويقيمون في مناطق سيطرة قسد أو لاجئين في دول أوروبية مختلفة.

    أهداف العملية: من الغالب ومن المغلوب؟

الجانب التركي لا يخفي هدف العملية الأول والرئيس، والذي صرّح به رئيس تركيا “أردوغان” ومعه المسؤولون الأتراك، ويتمثل في “إزالة الممر الإرهابي الذي يحاول حزب العمال الكردستاني إقامته جنوب البلاد”. وكما هو معروف، فإن الصراع بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني (pkk) المصنّف إرهابياً على لوائح الأمم المتحدة، يعود إلى أكثر من 3 عقود مضت، ويشكل هذا الصراع عماد الأمن القومي بالنسبة لتركيا على الإطلاق، وترغب الأخيرة بإنهاء كابوسه للأبد والقضاء نهائياً على تهديده المستمر لحدودها الجنوبية الفاصلة بينها وبين سوريا والعراق وكبح سعيه الدائم لاقتطاع الجزء الجنوبي من تركيا لإنشاء “دولة كردية” تشمل كل من “كردستان العراق” وشمال شرق سوريا “روج آفا” بالإضافة إلى كامل ولايات تركيا الجنوبية.

الهدف الثاني من العملية، ويرتبط بالحالة السورية التي ستكون محور حديثنا في هذا التقرير المطوّل، وسنرصد بعضاً من تفاصيله وأبعاده وتأثيراته على الساحتين السياسية والاجتماعية في الشمال السوري؛ فيتمثّل في خلق “ممر آمن” في شرق الفرات بعد القضاء على قسد، وإقامة “منطقة آمنة” تضمن “عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم” بحسب تصريح الرئيس التركي الذي سبق وطرح في قاعة الأمم المتحدة، في أيلول/ سبتمبر الماضي، خطة لإعادة توطين مليوني سوري في هذه المنطقة بدعم من المجتمع الدولي.

وتمتد المنطقة الآمنة، بحسب المسؤولين الأتراك، من نهر الفرات غربًا حتى مدينة المالكية في أقصى شمال شرقي سوريا بالقرب من الحدود العراقية، بعمق يتراوح بين 30 و40 كم، وعلى امتداد يقدّر بنحو 460 كم.

وتسيطر “وحدات حماية الشعب الكردية” المدعومة أميركيًا على أهم مدن هذه المنطقة، وهي: الطبقة وعين عيسى وسلوك وتل أبيض في محافظة الرقة، والقامشلي ورأس العين والمالكية في محافظة الحسكة، وعين عرب في ريف حلب الشمالي.

ويبدو أن العملية تقاطعت فيها مصالح الطرفين، التركي والمعارضة السورية، من حيث اشتراكهما في مناصبة العداء لـ pkk وأجنحته من جهة، ومن حيث تأمين منطقة الشمال السوري لتشكل خطاً آمناً بالنسبة للأتراك ومنطقة آمنة بالنسبة للمهجّرين والنازحين السوريين تحت حماية تركيا.

    الانعكاسات الأولى: تضارب في الآراء وانعدام الحيادية:

قبل الحديث عن أخبار ضحايا وأعداد ووجهة النازحين المدنيين عقب انطلاق العملية، والتي تفتقر في الحقيقة إلى الدقة والموضوعية في معظم تفاصيلها نتيجة انقسام وسائل الإعلام وبعض المنظمات الحقوقية وانحيازها إلى طرف دون الآخر من طرفي الاشتباك؛ سنمرّ على أهم بيانات ومواقف المؤسسات السورية المعارضة للوقوف على حجم الانقسام الحاصل داخل بعضها البعض من جهة وبينها وبين المكونات السورية من جهة أخرى.

“تيار مواطنة” السوري المعارض، أعلن في بيانه الذي نشره بعد يومين من بدء العملية عن شجبه وإدانته لما وصفه بـ “الاعتداء التركي السافر على أراضينا السورية تحت سمع المجتمع الدولي وتواطئه وخاصة الولايات المتحدة بعد أن سحبت بعض نقاط تمركزها”.

وأشار البيان إلى أن العملية “تتعارض مع مصالح شعبنا وتدفع بشدة إلى اقتتال السوريين لمصلحة تركيا وتزيد في تفتت النسيج الوطني السوري ومما لا شك فيه أنها ستؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة وإلى نزوح عشرات آلاف السوريين عن مناطقهم وقد تؤدي إلى تغيير ديموغرافي إذا ما اكتمل المشروع التركي الخبيث للمنطقة”.

وطالب التيار جميع المقاتلين السوريين في الجيش الوطني بعدم المشاركة في هذه المعركة التي وصفها بـ “القذرة”!

أما “هيئة التفاوض” فقد اعتبر رئيسها، نصر الحريري، أن “حزب العمال الكردستاني، تنظيم إرهابي لا يختلف عن داعش والقاعدة والمليشيات الإيرانية، والمنطقة الآمنة حلم قديم متجدد للسوريين سيساهم في جلب الاستقرار ومواجهة التنظيمات الإرهابية والسماح بعودة المهجرين واللاجئين من أهالي تلك المناطق والدفع باتجاه الحل السياسي في سوريا”.

في حين أن “منصة القاهرة” في الهيئة نفسها فقد قالت: “نرفض بشدة هذه الأعمال العسكرية، ونعتبرها حربًا إضافية في سوريا ستؤدي إلى مزيد من الضحايا وخاصة في أوساط المدنيين، وإلى مزيد من موجات النزوح و الهجرة”. وأضافت “نرفض أي تغييرات ديموغرافية قسرية تنتج عن العنف أو أي وسائل أخرى في شمال شرق سوريا”.

كما وصفت “منصة موسكو” في “هيئة التفاوض”، التدخل التركي بـ”العدوان السافر”، ودعت إلى “وقف العدوان فورًا والالتزام بالعمل ضمن صيغة محادثات أستانة وضمن أطر القانون الدولي”.

ويتبيّن موقف المؤسسات الدينية في المعارضة السورية من خلال البيان الذي أصدره “المجلس الإسلامي السوري”، حيث جاء فيه: “يعلم جميع السوريين أن ميليشيات pkk وpyd  عاثت في الأرض فساداً، فقد شرّدت الناس من ديارهم، وعمّ أذاهم كل السكان من كرد وعرب وتركمان وغيرهم، وأعلنت مشاريعها التقسيمية التي تهدد وحدة سوريا واتحاد شعبها، وفي الوقت نفسه تهدد استقرار دول المنطقة بأسرها”.

وتابع “ولم تكن هذه العصابات في يوم من الأيام في ركب الثورة، ولا أفرادها من عداد الثوار، بل على العكس من ذلك تماماً كانت تنسق مع النظام المجرم، وعلاقاتها معه قائمة ومستمرة. وإنّ كسر شوكة هذه الميليشيات يعد مكافحةً للإرهاب الذي يتجاوز الحدود ويتخطى الحواجز”.

ولعل أكثر ما يلفت الانتباه من بين جميع التصريحات والبيانات كان بيان “أعيان مدينة القامشلي بكافة أطيافها” الذي ناشد فيه “الوحدات الكردية وعناصرها”، بإخلاء مدينة القامشلي “من المظاهر المسلحة وعدم اطلاق القذائف باتجاه الحدود التركية من داخل مدينة القامشلي لأن الجيش التركي سيرد على مصادر إطلاقها ويذهب ضحيتها المدنيون والأبرياء”.

وتابعوا: “دعوا المدينة تعيش بسلام ولا تطلقوا القذائف من الأحياء المدنية، اذهبوا الى الحدود أو مناطق الاشتباكات وقاتلوا هناك. جميع أبناء مدينة القامشلي الآن نزحوا منها والبعض منهم يبيت في العراء أو في المدارس”.

وفي مناطق درع الفرات وعفرين ومحافظة إدلب، شهد يوم الجمعة الأول بعد انطلاق العملية خروج عشرات المظاهرات المؤيدة لعملية نبع السلام، وحمل فيها المتظاهرون لافتات كتب عليها عبارات تدعو لمشاركة جميع الفصائل في العملية ومحاربة ما وصفوه بـ”الميليشيات الانفصالية”، بالإضافة لعبارات تدعو للتفريق بين أبناء المكون الكردي السوري وبين عناصر ميليشيات” pkk و pyd وقسد”.

من خلال استعراضنا السابق لوجهات النظر وآراء التيارات نلاحظ بأن معظم المصرحين، لا سيما الرافضين للعملية، يتناولونها من زاوية رؤيتهم وموقفهم السياسي والأيديولوجي من الأتراك متناسين الجانب السوري المشارك عسكرياً في العملية والجانب المدني الخاص باللاجئين والنازحين السوريين والذي يؤيد غالبيته العملية.

أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد تعرّض مديره “رامي عبد الرحمن” لانتقادات حادة ولاذعة من قبل العديد من المتابعين والإعلاميين، وخاصة من المؤيدين لعملية نبع السلام، نتيجة “افتراءات على تركيا والجيش الوطني وانحيازه الصريح لقسد، ويظهر ذلك من خلال مداخلاته ولقاءاته التلفزيونية التي يتهجّم فيها على الأتراك وحلفائهم من الجيش الوطني الذي يطلق عليه رامي عبد الرحمن في تقاريره مسمى (خلايا أنقرة)، ويعلن تأييده لقوات سوريا الديموقراطية، فانحرف بذلك عن الهدف الحقوقي الإنساني للمرصد ليغدو مرصداً سياسياً صرفاً” حسب تعبير الحقوقي السوري “محمد سيف الملا” في حديثه لـ “مع العدالة”.

وعلى أية حال، سنذكر ما أتى عليه المرصد السوري بمعزل عن صحة أنبائه من عدمها؛ إذ أشار إلى حدوث عمليات نزوح للمدنيين من مناطق متفرقة في شرق الفرات، “بسبب الهجوم التركي”. وبحسب إحصاءاته، فإن عدد النازحين تجاوز 75 ألف مدني نزحوا من تل أبيض ورأس العين والدرباسية ومناطق أخرى شرق الفرات عند الشريط الحدودي مع تركيا، وتوجهوا نحو عمق المنطقة، ومنهم من يفترش العراء ومنهم من توجه إلى مدينة الرقة، فضلاً عن الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعيشها المنطقة من انقطاع المياه عن مدينة الحسكة، وخروج محطات تغذية كهرباء عن الخدمة بسبب القصف والاشتباكات. وبحسب ما رصدته مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان على الأرض، فإن مدينتيّ الدرباسية ورأس العين باتتا شبه خاليتين من السكان تمامًا.

ويتابع المرصد القول بأن الهجمة أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين “نتيجة القذائف (العشوائية) التي أطلقتها القوات التركية على مناطق متفرقة”.

    اتهامات متبادلة وخطابات كراهية عربية- كردية، وأزمة ثقة:

بالرغم من ارتفاع الأصوات المعتدلة داخل أجسام المعارضة، ودعوتها للسوريين المدنيين من أبناء المكونين العربي والكردي للنأي بالنفس عمّا يحصل من اشتباكات بين فصائل الجيش الوطني وقسد، والحفاظ قدر المستطاع على النسيج الاجتماعي الوطني؛ إلا أن العديد من الشخصيات الإعلامية وممثلي الرأي من كلا الطرفين انجروا خلف انفعالاتهم العاطفية فأخذت خطابات الكراهية والعنصرية تملأ منشوراتهم وتغريداتهم، ووصلت حالات التخوين والإقصاء إلى مستويات لم نعهدها خلال الفترات السابقة، لدرجة أن الاتهامات بالعمالة والارتزاق صارت تُرمى ضد الفئات الصامتة والمحايدة.

غالبية المؤيدين للعملية من العرب وغيرهم تجاوزوا باتهاماتهم عناصر العمال الكردستاني وأجنحته لتشمل كامل المكوّن “الكردي” بسعيه للانفصال، وممارسة التمييز العنصري والتغيير الديموغرافي وتهجير العرب من بلداتهم داخل مناطق سيطرة وحدات الحماية الكردية، ويذكرونهم بمنعهم للعرب من دخول مناطق سيطرتهم، بالإضافة إلى حجز الآلاف منهم داخل مخيمات أشبه بمعسكرات اعتقال وعدم السماح لهم بالخروج إلا بعد دفع آلاف الدولارات، وإطلاقهم صفة “الدواعش” على جميع العرب في المناطق الشرقية ما تسبب بمقتل نحو 3 آلاف مدني في ريف دير الزور خلال حملة (الباغوز) أكثرهم من الأطفال والنساء، هذا بالإضافة بالطبع إلى مشهد استعراض جثث عناصر الجيش الحر في شوارع عفرين.

أما الفئة المناهضة لـ “نبع السلام” فيصفون كافة فصائل الجيش الوطني بالمرتزقة لدى الأتراك، وينعتون فئة كبيرة من اللاجئين السوريين في تركيا بـ “الشبيحة” لرئيسها، ويذكرونهم بمساندة الأتراك في “احتلال” عفرين واتهامهم بإفراغها من سكانها “الأكراد” والاستيلاء على منازلهم، وتوطين نازحي الغوطة وبقية المناطق فيها بقصد التغيير الديموغرافي أيضاً، ويذكرونهم كذلك بتخليصهم من تنظيم داعش بدعم من التحالف.

والحال، فإن الفريقين اعتمدا صيغة التعميم في التعامل مع الآخر؛ فالعربي أضحى بنظر الكردي إما “داعشي” أو عميل لتركيا، والكردي صار بنظر العربي “أوجلاني” أو قسدي!

وبناءً على هذه المعطيات فإن ما تخبّئه العملية العسكرية في شرق الفرات خلال الأيام والأسابيع القادمة، قد ينذر بنشوء كارثةٍ سوريةٍ من نوع آخر يفوق ما تعوّد عليه السوريون من موت ودمار ونزوح؛ كارثة جديدة تنخر نسيجهم الإنساني، ويُستبعد أن تزول آثارها النفسية من داخل التركيبة المجتمعية على المدى المنظور، بل ويُخشى من ديمومتها لدى الأجيال القادمة التي من المفترض أن تشكّل مستقبل سوريا الجديدة، في حال عدم التصدي للخطاب الشعبوي القائم وتغليب لغة العقل والمنطق ومصلحة سوريا التي هي فوق كل مصلحة فئوية.

موقع مع العدالة

“نبع السلام” في إطار الاستراتيجية التركية في سوريا/ سعيد الحاج

تؤكد عملية “نبع السلام” التي أطلقتها تركيا في شمال شرق سوريا استراتيجيتها المتبعة في الأزمة السورية في السنوات الأخيرة وأولياتها فيها، ويمكن اعتبارها مرحلة متقدمة تبني على ما سبق، وتمكّن من استشراف المستقبل بشكل أفضل.

متغيرات الموقف التركي

منذ بدء الثورة السورية في آذار/مارس 2011، بنت أنقرة موقفها من القضية السورية بشكل مرن ومتغير، بناء على تصور قائم على تفاعل ثلاثة عوامل رئيسة، هي المتغيرات الميدانية في سوريا وتطورات المقاربة الدولية لها ومدى قوة أو ضعف الوضع الداخلي في تركيا.

والحقيقة أن المتتبع للسلوك التركي في القضية السورية منذ بدء الثورة عام 2011 سيجد أنه مر بمراحل عديدة، وأن الموقف التركي لا يصاغ بناء على محدد واحد وحيد بل بتفاعل عوامل عديدة تجمع بين الأولويات والتوازنات والإمكانات المرتكزة على رؤية أنقرة للقضية السورية وبما يبني على مراحل مقاربتها لها. يجعل ذلك من عملية صناعة القرار التركي بخصوص المسألة السورية عملية معقدة جداً ولكن رغم ذلك متوقعة في كثير من الأحيان.

مر الموقف التركي من القضية السورية بخمس مراحل رئيسة، هي:

الأولى، حث النظام على الإصلاحات، وهي الفترة التي امتدت حى بدايات 2012 وتخللتها زيارات من وزير الخارجية آنذاك داودأوغلو ورئيس جهاز الاستخبارات فيدان ولقاءاتهما المتكررة بالأسد، وانتهت بسحب السفير التركي من دمشق بعد إصرار النظام على الحل الأمني وتضاؤل فرص الإصلاح السياسي.

الثانية، دعم المعارضة السورية بمختلف السبل – بما فيها السياسية والعسكرية – واستضافتها على الأراضي التركية وعدم الاعتراف بشرعية الأسد والمشاركة في مجموعة أصدقاء سوريا ولعب دور رئيسي بها. وقد استمرت هذه المرحلة حتى 2013 تقريباً.

الثالثة، دعم الحل السياسي في سوريا من خلال مسار جنيف وعلى قاعدة غياب/تغييب الأسد عن السلطة. ويمكن التأريخ لذلك بلقاء كيري – لافروف الشهير الذي اعتبر تأكيداً للحل السياسي للأزمة.

الرابعة، التراجع التكتيكي والقبول ضمناً ببقاء الأسد في السلطة ولكن مع التأكيد على عدم شرعيته وعلى ضرورة عدم مشاركته في السلطة في سوريا المستقبل. وقد استمرت هذه المرحلة حتى 2016، وشهدت عدة جولات من محادثات جنيف والتدخل الروسي العسكري المباشر وكذلك أزمة إسقاط المقاتلة الروسية في نهايات 2015.

الخامسة، المبادرة الهجومية، من خلال عمليات عسكرية على الأراضي السورية، أولاً بعملية “درع الفرات” في آب/أغسطس 2016 (بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة بقليل) ، وثانياً بعملية “غصن الزيتون” في كانون الثاني/يناير 2018، والآن مع عملية “نبع السلام”. هذه المناورة وتواجد تركيا على الأرض عسكرياً والانتصارات المتتالية التي حققتها أمنت لها مكاناً على الطاولة مع كل من روسيا وإيران ضمن مسار أستانا (نور سلطان حالياً) الذي شُكِّل من خلاله الإطار الثلاثي الضامن لوقف إطلاق النار.

اليوم، يمكن القول بأن الرؤية التركية للحل في سوريا تقوم على أنه حل سياسي برعاية دولية بعد وقف شامل لإطلاق النار، يرضي مختلف الأطراف بالحد الأدنى على الأقل، وبما يتضمن ويشمل وحدة الأراضي السورية ورفض/منع سيناريوهات التقسيم والتجزئة والإدارات الذاتية وكذلك عودة اللاجئين إلى بلادهم.

كيف يصنع القرار؟

تشكل العوامل الثلاثة الرئيسة المذكورة آنفاً، التطورات الميدانية والمقاربة الدولية والمشهد التركي الداخلي، مدخلاً مهماً لصنع قرار تركيا بخصوص الملف السوري، لكنها كذلك تتأثر بالشخصيات والمؤسسات المشاركة في صنعه إضافة لمثلث الأولويات والتوازنات والإمكانات الذي تراعيه أنقرة كثيراً وبحذر شديد في مختلف منعطفات الملف.

يمثل الرئيسُ رأسَ الهرم في السلطة التنفيذية وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وفق الدستور التركي، كما أن تطبيق النظام الرئاسي أعطاه صلاحيات إضافية، لكنه لا يصنع قرار السياسة الخارجية بمفرده بطبيعة الحال، فضلاً عن القضية السورية بالغة التعقيد وسريعة التطورات. إذ هناك ثلاث مؤسسات رئيسة – وأخرى فرعية أقل أهمية – تشارك في صنع القرار بدرجات متفاوتة، وهي الجيش الذي تزايد دوره مع العمليات العسكرية خارج الحدود في كل من سوريا والعراق، والاستخبارات التي نسجت علاقات متينة وباتت صاحبة نفوذ كبير لدى المعارضة السورية، ووزارة الخارجية التي تقود الجهد الدبلوماسي لأنقرة.

مع انتقال القضية السورية من حالة الثورة الشعبية إلى المسلحة ثم إلى التدخلات الخارجية، بالتوازي مع تأخر التدخل التركي، وخصوصاً ما بعد التدخل الروسي خريف 2015، باتت أنقرة تدرك محدودية قدرتها على إحداث اختراق كبير في الملف السوري. ومنذ تلك اللحظة باتت خطواتها محسوبة بحذر وفق إمكاناتها، وخصوصاً العسكرية، التي لا يمكن مقارنتها مع الإمكانات الروسية فضلاً عن الأمريكية. ومن جهة أخرى، اختارت أنقرة لنفسها ولسنوات طويلة اللعب في المساحات الرمادية للخلافات والتناقضات الأمريكية – الروسية في الملف السوري، إضافة لتوازنات أخرى مرتبطة بأولوياتها في سوريا.

شهدت بداية عام 2014 إعلان الإدارات الذاتية في شمال سوريا على ثلاثة “كانتونات” تديرها وحدات حماية الشعب YPG، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD الذي يعتبر الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حرباً انفصالية ضد تركيا منذ 1984. وعليه، شكل هذا التحول منعطفاً مهماً في مقاربة تركيا للأزمة السورية، تخوفاً من إنشاء كيان سياسي على حدودها الجنوبية يكون معادياً لها ومنطلــَقاً لعمليات ضدها إضافة لتأثيراته السلبية على ملفها الكردي الداخلي.

ومنذ تلك اللحظة بدأت الأولويات التركية في القضية السورية في التبدل لتصبحَ منطلقات تركية محضة مرتبطة بما تعتبره أنقرة أمناً قومياً لها. بعد سنوات من التمنع والحذر والتحفظ، خوفاً من سيناريو الاستدراج والتوريط، تدخلت تركيا عسكرياً وبشكل مباشر في سوريا مع عملية درع الفرات التي قطعت التواصل الجغرافي بين الكانتونات. لاحقاً، قضت عملية غصن الزيتون على سيطرة الوحدات على منطقة عفرين ومنعت تواصلها مع البحر، ما أبقى على مناطق شرق الفرات كآخر قلاع الوحدات، أو باسمها الجديد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

وإذا كان الملف السوري تحوّل ليكون أولوية السياسة الخارجية التركية على مدى السنوات القليلة الماضية، ومواجهة مشروع PYD أولويتها في الملف السوري نفسه، فقد كان لها ولا زال أولويات فرعية. منها على سبيل المثال تحقيق وقف إطلاق النار في عموم سوريا تمهيداً للحل السياسي، وعودة/إعادة اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها إلى بلادهم، والمحافظة – قدر الإمكان – على ما تبقى في يد المعارضة السورية المدعومة من أنقرة (إدلب) من سيطرة النظام. لكن هذه الأولويات الفرعية لم ترقَ ولن ترقى يوماً لمستوى الأولوية القصوى المتمثلة بمواجهة مشروع PYD شمال شرق سوريا.

نبع السلام

وفق كل ما سبق، يمكن القول بأن تركيا كانت دائماً جادة في تهديداتها بعملية عسكرية في مناطق شرق الفرات ضد “قسد”، وتراها – أي العملية – محطة مكمّلة لما بدأته بالعمليتين السابقيتين لا يمكنها التخلي عنها وإلا ذهب جلُّ ما أنجزته سابقاً أدراج الرياح.

لم تعلن أنقرة يوماً نيتها القضاء نهائياً على وحدات الحماية أو سوريا الديمقراطية، وإنما تهدف إلى تقويض أي إمكانية لتحويل المناطق التي تسيطر عليها إلى كيان سياسي، لا سيما وأنها تشتمل على مزايا عديدة مثل الاتساع الجغرافي وثروات الماء والطاقة إضافة لتحول قوات “قسد” إلى شبه جيش نظامي من عشرات آلاف المقاتلين بدعم واشنطن وتسليحها وتدريبها.

العائق الأكبر للعملية كانت معارضة واشنطن لها في ظل تواجد قوات لها في المنطقة، ولذلك فقد التقطت تركيا موقف ترمب الراغب بالانسحاب من سوريا لتطلق العملية التي كانت أكملت استعداداتها منذ فترة. الناطق باسم الرئاسة إبراهيم كالين حدد هدفين رئيسين للعملية: تأمين الحدود التركية بإبعاد “العناصر الإرهابية” عنها وتأمين عودة مليوني لاجئ سوري إلى منطقة آمنة تنوي تركيا إنشاءها في المنطقة.

بالنظر للتحديات العسكرية المباشرة للعملية، والمواقف الدولية الرافضة أو المتحفظة عليها، إضافة لتذبذب الموقف الأمريكي، من المرجح ألا تسعى تركيا مباشرة وسريعاً لعملية واسعة النطاق مع توغل بري في عمق الأراضي السورية. لكن ذلك غير واضح ولا يمكن القطع به، وسيكون مرهوناً بالتأكيد بما تم الاتفاق عليه بين اردوغان وترمب في الاتصال الشهير مؤخراً، كما بالتطورات الميدانية.

في الخلاصة، ثمة إصرار تركي على عملية نبع السلام لمواجهة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مناطق شرق الفرات، بعدِّها واجب الوقت ضمن الاستراتيجية التركية الأشمل تجاه الملف السوري، وباستثمار رغبة ترمب بإخراج بلاده من “الحروب السخيفة التي لا تنتهي” وفق تعبيره.

العملية العسكرية، الثالثة من نوعها، تشترك مع سابقتيها في الرؤية والأهداف وكذلك في كونها هجومية مبادِرة في الشكل دفاعية في الجوهر والأهداف، معقدة في التبلور متوقَّعة في الاستشراف. لكن تبقى فرص نجاحها ومآلاتها وتداعياتها رهناً إلى حد كبير بالمدى الذي تود أنقرة الذهاب إليه بها، وبمستوى ما ستواجهها من مقاومة ميدانية واعتراضات سياسية.

أنظر تغطيتنا للحدث

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 1

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 2

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 3

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 4

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 5

الحرب شرق الفرات – أحداث تحليلات ومقالات مختارة تناولت الحدث من كل الجوانب 6

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى