مقالات

خرير ماء بعيد/ عدي الزعبي

يا خائط العوالم خِطني!

أبو العلاء

(1)

لا يأتي الانتحار دفعة واحدة: كالزواج، والتخصص الدراسي، والانتقال إلى بيت جديد، والهجرة، وقرار الاشتراك في المعارك. لا شيء في الحياة، تقريباً، يأتي دفعة واحدة. الحب يأتي بالتدريج، والكراهية أيضاً. الصداقة نموذج للعلاقات التي تُبنى مع الزمن، بهدوء ورويّة؛ وعندما تموت، تموت أيضاً ببطء. كل ما له معنى يأتي بالتدريج: القناعات الدينية والفلسفية والأدبية، والطلاق والانفصال المؤقت أو الدائم، والفشل الدراسي والمهني، والسُمنة أيضاً.

يأتي الانتحار بالتدريج: في البدايات، تكون الفكرة صغيرة غامضة، ثم تنمو بهدوء، وتكتسب شكلاً ومعنى، حتى تصبح شبه حقيقية، كأنها قاب قوسين أو أدنى من الوجود، أو العدم، في الحالة هذه. في النهاية، تضج الفكرة داخلك بموسيقا خاصة، وتصبح هاجساً لا يفارقك.

الانتحار يأتي بالتدريج: لا ينتحر المرء مرة واحدة، وينتهي الأمر: يعيش المرء مع الانتحار أياماً طويلة، أو شهوراً، أو سنيناً. يعيش معه كما يعيش مع صديق أو أم أو زوجة، مع قرين لا يني يكبر ويكبر أمام عينيك، كقرين من الجن، أولئك الذين كانوا يملؤون الأرض أيام كان المسلمون يفهمون النصوص حرفياً وبجدّية: قرين يعرفك جيداً ويفهمك ويلتصق بك ويحبك ويكرهك.

بالتدريج يأتي الانتحار: كالأطفال البريئين والنباتات المنزلية التي تحتاج عناية مضاعفة، أو كأشجار الغابات والحيوانات البرية الجامحة: في كلا الحالتين، ينمو ويكبر ليصبح بالغاً محترماً مليئاً بالثقة والرؤى والرغبة بالعمل. يستقل في يوم ما، وتختفي أنت خلفه: يصبح قرينك هو الوجود المكتمل الفعلي.

كل الأفكار الكبيرة، والأفعال الكبيرة، تبدأ صغيرة ثم تكبر، لتتحقق وترتاح من وجودها بالقوة: لتخرج إلى العلن، إلى الهواء الطلق، حيث يجب أن تحيا.

(2)

لا يوجد سبب واحد للانتحار: لا ينتحر المرء مباشرة بسبب هذا أو ذاك من العوامل. الانتحار بناء متكامل متماسك واضح يتخلل كيانك خليةً خلية: كل أسباب الرحيل تتدافع كي تقنعك بضرورة ما لا مفرَّ منه: منها ما هو خارجي، ثقافي، فكري، فلسفي، شخصي، موضوعي، اجتماعي، عاطفي، مادي.

لا ينتحر المرء لسبب وحيد، كما لا يحيا لسبب وحيد.

(3)

الخوف من المجهول ليس عاملاً رئيساً في منع الانتحار. هذا كلام فارغ يردده المتفلسفون. لا يخاف من المجهول إلا ديدان الكتب المسكينة.

المجهول يدفع المرء للتساؤل، لا الخوف؛ يجعلك تتأمل في الحياة ومعناها: أما الموت نفسه، فيُخيف لأنه نهاية للحياة، وليس لأنه مجهول.

عندما تفكر في الانتحار جدياً، بشكل مباشر، وتبدأ بحسبان الطرق الأنسب والأسهل والأكثر فعالية، تعرف أن المجهول لا يدخل في حساباتك هذه: في النهاية، كلنا سنتجه إلى هذا المجهول. الانتحار فقط يختصر المسافة، والألم: المجهول نفسه يبقى مجهولاً، سواء قابلته غداً أم بعد ثمانين سنة.

(4)

طريقة الانتحار ليست مهمة. المهم أن تكون مرتاحاً معها، ومتأكداً من فعاليتها. لا يعطي المرء الكثير من التفكير للطريقة. هذا أمر هامشي عموماً.

الطريقة الأنسب هي المتوفرة بسهولة.

الوسيلة هامشية، طالما الغاية واضحة.

(5)

يفكر المنتحر في العائلة: هل غيابك سيكسرهم تماماً؟

الانتحار نفسه يتردد كثيراً أمام هذا السؤال؛ يتردد، ويتساءل: وحدهم البشر، من بين كل المخلوقات، يترددون. الحيوانات، والملائكة، والشياطين، لا تتردد أبداً.

(6)

الانتحار حيادي تماماً فيما يخص الدين. لا صلة لتديّن المرء، أو لعدم تدينه، بخياره في الانتحار. تبدو الأديان، والعقائد العلمانية أيضاً، بعيدة تماماً عن الموضوع، وعاجزة كلياً أمامه.

قد يبدو أن بعض الثقافات أكثر انفتاحاً على فكرة الانتحار من غيرها؛ ولكنه انفتاح خادع: تشجع الانتحار في حالات محدودة جداً، للخاصّة وللنخبة، وتترك حقيقته، المفتوحة للجميع، خارج حساباتها.

العقيدة والإيمان، مهما كان شكلها، لا تعني المنتحر في شيء.

(7)

في لحظات حسّية تماماً تعرف أنه الخيار الصحيح: عندما تتفتح مسامات الروح بعد نصف ساعة من الجري أو السباحة: تتناغم حركات الأيدي والأرجل وحدها: يتفتّح صدرك ورئتاك على عالم ميتافيزيقي واسع صادق، دوخة خفيفة تخبرك أنك حي، حي ولا يعنيك كثيراً الحياة وما وراءها. تتابع الجري، كأنك تطير؛ تلفحك المياه كأنك قنديل بحر سامّ أجوف.

في لحظات حسّية كهذه، تعرف أنه الخيار الوحيد المتاح لك.

(8)

لا يعيش المنتحر في اكتئاب دائم. لا يغلق على نفسه كي يعلن انتحاره: يحيا المنتحر بيننا حياة شبه طبيعية. لا تكاد تميزه عن الأحياء. يأكل ويشرب ويسهر ويشرب القهوة والشاي والسحلب والمنكر مثلنا جميعاً. يمرح مع العائلة -إن استطاع إلى لقائهم سبيلاً- ويتسلى مع الأصدقاء. يُحِب ويُحَب ويقرأ الكتب والمجلات ويشاهد مسلسلات نيتفلكس السخيفة ويتابع أخبار الأوسكار و«عرب غات تالنت» وفضائح بن سلمان وحماقات ترامب وتعجرف بوتين وأخبار مخيمات الشمال وعودة الأصنام إلى المدن السورية.

في لحظات نادرة، يترك المنتحر نفسَهُ تُفلت منه: غالباً، تقع هذه الحوادث في منطقة غائمة بين إرادة نفسه التي تتحرق للتصريح عما يدور بينها وبينه، وبين الانفلات الغرائزي الهمجي لنفسه السجينة. ولكنه، على العموم، يسجن نفسه ويرعاها برقة، كي لا تجرح أحداً.

تُغلَق الأبواب الواحد تلو الآخر: وحده المنتحر يعرف بما يجري، وحده يعرف أن باباً أخيراً لا يستطيع أحد إغلاقه في وجهه، وسيفتحه هو على مصراعيه: وحيداً، بشجاعة، بسعادة، برغبة صادقة كاملة بالخلاص، وبالتحرر مما لا يمكن التحرر منه.

(9)

كانت الحضارات القديمة جداً ترسل الموتى جميعهم، بما فيهم المنتحرين، إلى المكان نفسه: كهف مظلم تحت-أرضي نعيش فيه جميعاً معاً: الكهف مادي ملموس مرئي، ومداخله على سطح الأرض معروفة للداني والقاصي. الروح، التي ستسكن هناك في النهاية، كانت مادية تماماً هي الأخرى، بالطبع.

فكرة التمييز بين الجحيم والجنة فكرة حديثة، نسبياً. ربما وُجدت في مصر مبكراً؛ ولكنها أخذت شكلها الحاسم الواضح في بلاد فارس، وانتشرت من هناك لتغزو العالم القديم بأكمله.

مغرية جداً فكرة الجحيم المشترك هذا، الذي يخلط بين الأشرار والأخيار، إلى أبد الآبدين، في حياة أخرى تجري بلا هدف.

على العموم، تشبه هذ الفكرة عالمنا هذا أكثر بكثير من فكرة الجحيم والنار؛ وإن أخذنا القياس العلمي، الذي يقيس الغائب على الحاضر، لكانت أكثر منطقية.

(10)

ردُّ فعلنا على الانتحار أشبه بفطرة غريزية: حيرة وتردد وغضب وشفقة.

لا يمكن تغيير رد الفعل هذا، ولا تعديله، ولا فهمه.

(11)

أسخف ما قد يفعله المرء، هو أن يقنع نفسه بأن الفنون والثقافة قد تقدم حلاً ما، أو مساعدة من أي نوع.

«لا حلول ثقافية لهموم وجودية»، يقول محمود درويش.

(12)

أخبرتني فتاة مرة أنها حاولت الانتحار. كنا نشرب البيرة، الكثير من البيرة. كنت أعرف ذلك. أعرفه جيداً. الجميع كان يعرفه، ويتهامسون عنه. أرتني آثار السكين على معصمها. ثلاثة خطوط باهتة على جلدها الأبيض الغض الشاحب الحزين. ثلاثة خطوط، لا تختفي ولا تغور، مهما تقدمت السن بها. ثم تكلمت عن الكثير من الأمور: عن أهلها، عن الحياة، عن الكنيسة، عن الفلسفة، عن الجنس والنشوة وما لم تجرّبه، عن الماضي، عن مساحيق التجميل وطلاء الأظافر الأسود الذي تحبه، وعن حذائها الرياضي الجديد، وعن البيرة، وعن أختيها، وعن ريف بعيد منسي، وعن زيارتها الوحيدة إلى فرنسا.

كنا محاطين بالأصدقاء يلعبون البلياردو، ويلعنون الحظ والطقس البارد. ضحكاتهم الثملة تملأ المكان بحميمية واثقة نادرة عابرة.

قبل الكلام عن طلاء الأظافر، أخبرتني أنها لم تندم، وأنها تتفهم أولئك الذين سيُقدمون على الانتحار.

صمتتْ قليلاً، ثم ابتسمتْ بأسى مرتبك. أرادت أن تضيف شيئاً ما، ولكنها لم تفعل.

لم أستطع ردّ الابتسامة، حتى لو مجاملة.

كان عليَّ تقبيلها.

لم نتكلم عن الانتحار بعدها، طيلة السهرة الرقيقة الهادئة الناعسة المخيفة، كشتاء قارس طويل لا مطر فيه.

(13)

وصار الليل مشتملاً علينا

كأنّ الليل ليس له نهار

المهلهل بن أبي ربيعة

(14)

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)

فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)

سورة البقرة. قرآن كريم

(15)

خرير ماء بعيد.

عاجزةً عن سماع مثل هذا الأصوات،

تتدلى قطعة من لحم الخنزير المقدّد

تحت الضوء الأحمر عند الجزّار.

يتلبّسنا الأمر، أقول أنا!

كو أون. شاعر كوري

 (16)

في بعض اللوحات التي يطغى عليها الأزرق، لشاغال وإميل نولده وفاتح المدرّس، يجعل الأزرق الكثيف اللوحة كلها في الماضي، أو في المستقبل، أو خارج الزمن: أي في عالم آخر، يرتبط بعالمنا هذا، بالطبع، ولكنه يتجاوزه إلى الماوراء، إلى المجهول.

(17)

لا أحد ينتحر لأسباب سياسية: لا أحد على الإطلاق.

ينتحر المرء لأسباب أخرى، أسباب متعددة وكثيرة؛ السياسي ليس واحداً منها.

الوحدة، الوحدة الكاملة المطلقة: الوحدة في الصباح والليل، وفي المقاهي والمطاعم ودوائر الهجرة ودورات اللغة وفي طوابير كثيرة كبيرة داخل سوريا وخارجها؛ والعجز الكامل عن التسامح وعن الفعل وعن التأمل، وعن فهم البشر وضعفهم وخطاياهم، وعن التأقلم مع عالم لا يلتفت لنا، وعن تقبّل ما حدث وما يحدث وما سيحدث؛ والفقر: الفقر الذي يعضّك بأنياب صغيرة حادة جميلة يومياً بخفة كأنياب قطة منزلية أليفة، ولا يترك لك مخارج إلا بأن تبيع روحك الحائرة الذليلة في مشاريع ثقافية لا تقدّم ولا تؤخر للخلايجة وأتباعهم، أو للنظام وأصدقائه، أو للأوروبيين البيض؛ وإدمان الشوكولا الرخيصة وقراءة الشعر وأخبار ميريام فارس؛ والاكتئاب اليومي، والعجز عن مغادرة السرير: خوفك من لقاء الأصدقاء الأقرب كي لا تفضحك ابتسامتك الباهتة، ولهفتك كي تحتضنك سخافات الإنترنت والتلفاز لتخفيك عن أعينهم؛ والأرق: الأرق الكبير الدائم الخجول الأصفر؛ وحقدي الأسود، الذي لم أستطع عقلنته، على مملكة الدنمارك الفاشية، تلك التي أذلتني بكل طريقة ممكنة، فقط لأنني وقعتُ في غرام امرأة من عشيرتهم البيضاء البروتستانتية؛ ومحاولة إتقان دور الأب العصري: الصبر الصبر، ثم الصبر، ولا صبر لمن لا يستطيع ترك الطفل مع جده وجدته كي يدللوه بعيداً عن صرامتك الوهمية؛ والمهمة اليومية اللانهائية لجعل الحياة الزوجية مقبولة بالحد الأدنى، على الرغم من الأرق والاكتئاب والبارانويا؛ الفشل في المهنة: عاطل عن العمل في بلد أجنبي لا تجيد لغته؛ خجلك من نفسك، ومن أولئك الذين يحسدونك على إقامتك في سويد الشمال البارد، مُحقّين؛ الارتباك والتردد أمام الغرباء، ومع الأقرباء أيضاً، والطرق المفتوحة أمامك للتغلب عليهما: الكوكايين من جهة، العزلة من جهة أخرى، أو الكحول والحشيش بينهما؛ والسؤال الصادق: هل ينتحر المرء بسبب هذه الصغائر؟

والأسوأ: الأسوأ على الإطلاق، معرفتك الكاملة بأن القادم أسوأ، وأن عليك قبول كل هذا، بصمت، إلى أن يقضي الله أمراً كان مكتوباً.

ولكن، ألا يرتبط كل ذلك، في العمق، بما حدث في سوريا؟

أو، ربما، لا يوجد ارتباط: الصلة واهية، أَختلِقُها أنا، باحثاً عن ذرائع وهمية كي لا أفهم ما الذي يحدث فعلاً؟ كي أخفي ضعفي وعجزي وفشلي وقلة حيلتي خلف البلد التي تركتها خلفي بكامل إرادتي؟

(18)

لا أعرف إن كان هذا من بنات أفكاري، أم أنني قرأته في مكان ما، ربما عند كاتب فرنسي، آندريه جيد أو آندريه مالرو. لا أذكر بالضبط. على أية حال، يتعلق الأمر بانتحار آنا كارنينا.

بعد انتحار آنا كارنينا، يتابع تولستوي قصته، يتابعها هكذا ببساطة: تموت البطلة، تنتحر، تنهي حياتها وقصته. ولكن تولستوي أكبر من آنا كارنينا، الحياة أكبر من آنا كارنينا، الشخصيات الأخرى أكبر منها. تستمر الحياة، ويتابع تولستوي القص.

عندما تموت، أو تنتحر، تستمر الحياة: لا شيء ينقص فيها.

ليس هذا ما يقصده تولستوي، أعرف ذلك.

تولستوي يتابع قصته، بدون أن يُدين آنا أو يتفق معها. الرواية بأكملها لا تُدين أحداً. ميلان كونديرا، في تعليق ساحر، يسخر ممن لم يفهموا تولستوي: أولئك الذين يريدون أحكاماً أخلاقية، مع أو ضد آنا كارنينا.

ما يقصده تولستوي، برأيي، هو التالي: يرسم أملاً نسبياً صغيراً في النهاية. يجعل أبطاله يتابعون الحياة، وذكرى انتحار آنا تطوف بينهم: ولكنهم يسعون إلى الأفضل. أو بعضهم يسعى إلى الأفضل.

على أية حال، ترك تولستوي بطلته تنتحر بلا معنى ولا مغزى. وهذا ليس مهماً في الحقيقة. ليس المعنى أو المغزى ما نبحث عنه في القصة: المهم أن انتحارها منطقي تماماً، ومفهوم، وصادق، وأصيل، وكامل، وجميل، ورصين، حتى لو كان بلا معنى أو مغزى.

أليس كل موت، في جوهره، بلا معنى ولا مغزى؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى