ما الذي قد يحصل إن اعترفت الولايات المتّحدة بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان؟/ مايكل يونغ
دانيال كيرتزر | السفير الأميركي السابق لدى مصر (1997–2001) وإسرائيل (2001–2005)، وأستاذ دراسات سياسات الشرق الأوسط في كليّة وودرو ويلسون للشؤون العامّة والدولية في جامعة برِنستون.
نظراً إلى أن اعتراف واشنطن اليوم بسيادة إسرائيلية على هضبة الجولان لن يفيد المصالح الوطنية للولايات المتحدة ولن يعزّز الأمن الإسرائيلي على نحو ملموس، ينبغي أن يبقى التركيز على السياسات الإِجرامية في سورية والأعمال العدائية لإيران ووكلائها والدعم الذي تقدّمه روسيا لنظام الأسد. إذاً، لا جدوى من تغيير الموضوع في الوقت الراهن، لأن الدول التي تدعم حق إسرائيل في استخدام القوة الاستباقية للدفاع عن نفسها، ستصبح مضطرّة في هذه الحالة إلى الإعلان عن موقفها من قضية السيادة.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تؤيّد بحزم مبدأ احترام وحدة أراضي أي دولة، وتعتبر منذ العام 1967 أن الجولان أرضٌ محتلّة وفقًا للقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهي دعمت جهود رؤساء الوزراء الإسرائيليين السابقين إسحق رابين وشيمون بيريز وإيهود باراك وإيهود أولمرت، وأيضًا جهود رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو للتفاوض مع سورية بشأن إبرام معاهدة سلام قد تنصّ على انسحاب إسرائيلي من الجولان. أَمَّا الآن، فمفاوضات السلام ليست مُدرجة على جدول الأعمال ولا أحد يدعو إلى انسحاب إسرائيلي من الجولان. لذلك، فإن دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان لا معنى له في الوقت الراهن.
نيقولاوس فان دام | سفير هولندي سابق ومؤلف كتاب “تدمير وطن: الحرب الأهليّة في سوريا” (2018) المُتَرْجَم عن اللغة الإنكليزية “Destroying a Nation: The Civil War in Syria”(2017).
قد تشكّل خطوة كهذه وصفة ممتازة من شأنها أن تقوّض، على نحو أكبر، مصداقية الولايات المتحدة السياسية في الشرق الأوسط ومناطق أخرى، وأيضاً مزاعم إسرائيل غير الشرعية حول الضفة الغربية. فبعد مرور نصف قرن على احتلال اسرائيل أجزاء من الجولان، ثم ضمّها إليها بشكل غير قانوني في العام 1981، لن يحصل الكثير من التغييرات على المستوى العسكري. لكنّ ذلك سيشكّل عائقًا آخر أشدّ خطورة يُضاف إلى قائمة العوائق التي تعترض أصلاً مسار التوصّل إلى سلام مع سورية. ويبدو أن إسرائيل، في ظل الدعم الأميركي لها، تفضّل السيطرة على المزيد من الأراضي على إحلال السلام مع سورية، ناهيك عن أن أي حكومة سورية لن تقبل بعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل طالما أنها لا تزال تحتلّ جزءًا من البلاد. فواقع الحال أن قوة إسرائيل وتفوّقها العسكري لا يكفيان وحدهما لإرساء السلام والاستقرار الإقليمي. كذلك، تجدر الإشارة إلى أن خطوة أميركية غير شرعية كهذه ستُقابل بغضب ورفض عارم في صفوف معظم السوريين، سواء أَكانوا موالين للمعارضة المدعومة من الولايات المتحدة أم للنظام. وقد تتّخذ دول عربية أخرى موقفًا مُماثلاً. فعلى الرغم من أنّها لا تستطيع القيام بشيء يُذكَر حيال الأمر، سينتج عن هذا القرار سبب أقوى للصراع.
مايكل دوران | باحث بارز في معهد هدسون، ومؤلف كتاب “Ike’s Gamble: America’s Rise to Dominance in the Middle East” (مقامرة آيك (آيزنهاور): صعود أميركا إلى الهيمنة في الشرق الأوسط)، وهو عضو سابق في مجلس الأمن القومي خلال إدارة جورج دبليو بوش
كيف سيكون شكل الدولة السورية التي من شأنها أن تساهم على أفضل وجه في إرساء السلام والاستقرار الدوليين؟ لابدّ أن يستنتج أي شخص مهتّم فعلاً بهذه المسألة أن هضبة الجولان يجب أن تبقى خاضعة إلى سيطرة الإسرائيليين. فإذا ما استعادت سورية الجولان الآن، سيقوم الجنود الإيرانيون بتصويب قناصاتهم نحو المدن والبلدات اليهودية، وهو احتمال لايمكن تصوّره. لكن الخطر المتمثّل في إعادة الجولان إلى سورية لا ينجم ببساطة عن واقع أن نظام الأسد متحالف مع إيران فحسب، بل أيضاً عن أن شكل النظام السياسي في سورية غير مستقر بحكم طبيعته. فحتى لو وصل إلى سُدة الحكم في دمشق يوماً ما نظام موالٍ للولايات المتحدة ومؤيّد للاستقرار الإقليمي، فلا يمكننا أبداً أن نعوّل على صموده. لذا، إذا ما أردنا أن يشكّل الجولان منطقة عازلة يُعتدّ بها بين سورية وإسرائيل والأردن، فيجب أن نتركه تحت سيطرة الإسرائيليين. لكن، الإسرائيليين لن يتخلّوا أبداً عن هذه الأرض، وبالتالي يجب التذكير بأن الدبلوماسية الأميركية تبلغ ذروة فعاليتها عندما تستند إلى الوقائع. إذاً، آن الأوان لكي تعترف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.
آلان غريش | رئيس تحرير موقع OrientXXI.info
لن يؤدي اتّخاذ الولايات المتحدة لمثل هذا القرار إلا إلى مفاقمة حالة اللااستقرار المستمرة في الشرق الأوسط. فبعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ستؤكد هذه الخطوة على أن الولايات المتحدة لم تعد حتى “وسيطاً غير نزيه” في مفاوضات السلام العربية- الإسرائيلية، بل باتت طرفاً مباشراً في الصراع العربي- الإسرائيلي. ومن شأن ذلك أن يصعّب على واشنطن مهمة التوسّط لإبرام “صفقة القرن” بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وعلى الرغم من صدور العديد من البيانات خلال العام الماضي التي أشارت إلى أن الأطراف على وشك التوصّل إلى خطة سلام، لاتزال المحادثات تراوح مكانها.
سيعزّز هذا الوضع نفوذ روسيا، التي تُعتبر الآن طرفاً فاعلاً مهماً يحافظ على علاقات جيّدة نوعاً ما مع جميع القادة الإقليميين، من الرئيس السوري بشار الأسد مروراً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووصولاً إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وسيصبّ هذا الأمر كذلك في مصلحة إيران، إذ سيسمح لها بتوسيع تحالفها مع بعض “الجماعات السنّية”، وقد يصبّ حتى في مصلحة الأسد أيضاً. فبعد حرب العام 2006 في لبنان، أعرب بعض قادة الإخوان المسلمين السوريين عن استعدادهم للتعاون مع الأسد تحت شعار النضال ضد إسرائيل. واليوم، قد يتسبّب اعتراف الولايات المتحدة بضمّ الجولان إلى إسرائيل في إعادة إحياء مثل هذه الدوافع.
مروان المعشّر | نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي
على غرار القرار الأميركي الذي قضى بالاعتراف بفرض السيادة الإسرائيلية على كامل مدينة القدس، أي قرار مماثل تتّخذه الولايات المتحدة حيال هضبة الجولان سيكون على الأرجح متعارضاً مع الشرعية الدولية. فالقانون الدولي ينصّ بوضوح على أن الجولان أرضٌ سورية محتلّة، ولا يمكن لأي قرار أميركي أحادي الجانب أن يقلب هذا الواقع.
من الناحية العملية، سيكون هذا القرار أشبه بإطلاق رصاصة أخرى على مبادرة السلام العربية التي تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة. تستند هذه المبادرة إلى مبدأ تغيير الهدف المصبو إليه من محاولة التوصل إلى اتفاق فلسطيني-إسرائيلي، إلى اتفاق عربي-إسرائيلي متعدّد الأطراف يكون مشروطاً بعودة إسرائيل إلى حدود العام 1967، بما في ذلك انسحابها من هضبة الجولان.
ومنذ إطلاق هذه المبادرة للمرة الأولى في العام 2002، يشي كلٌّ من رفض إسرائيل التفكير فيها جديّاً، واندلاع الحرب الأهلية في سورية بأن إعادة إحيائها أمرٌ متعذّر، ما سيقوّض حظوظ سورية باستعادة أرضها من جهة، وآفاق التوصّل إلى حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة أخرى. لكن القرار الأميركي بشأن القدس، شأنه شأن أي موقف مماثل حول هضبة الجولان، سيساعد إسرائيل على طعن نفسها في القلب إذا ما استمرّت في رفض حل الدولتين ووجدت نفسها مضطرة للتعامل مع واقع الدولة الواحدة.
مركز كارينغي للشرق الأوسط