حوار كردي ـ كردي يتعثر ويواجه بالرفض -مقالات وحوارات وبيانات مختارة-
====================
——————————————-
مشروع الدويلة الكردية… الحلم الضائع للاتحاد الديمقراطي الكردي/ سعد الله الشريف
أولًا: مدخل
أطلق “مظلوم عبدي” (القائد العسكري لقوات سوريا الديمقراطية/ قسد)، في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، مبادرة دعا فيها إلى إزالة العقبات التي تحول بين أحزاب “المجلس الوطني الكردي”، وإعادة فتح مكاتبها وممارسة نشاطها السياسي في المناطق التي تسيطر عليها قوات (قسد)، وذلك في سبيل إعادة الثقة بين الفعاليات السياسية الكردية و”الإدارة الذاتية” التي يهيمن عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، وفقًا لهدف المبادرة. ومن المعروف أن “الإدارة الذاتية”، منذ بداية عهدها في العام 2014، حظرت نشاط أحزاب المجلس الوطني الكردي، ولاحقت نشطاءه، ومنعت أغلب قيادات أحزابه من البقاء في مناطق سيطرتها، وذلك لأنها لم تخضع لتوجهات حزب الاتحاد، وقد تبيّن باكرًا أن هناك تباينًا في المواقف السياسية تجاه الثورة السورية والموقف من النظام، والأهم أن هناك تضاربًا في الرؤية حول سورية المستقبلية، وحول موقع ودور الأكراد السوريين وقضيتهم فيها، بسبب اختلاف الولاءات الإقليمية والدولية لكلا الطرفين.
مظلوم عبدي، الذي تصدّر الواجهة العسكرية لقوات (قسد) وقوات حماية الشعب YPG، والواجهة السياسية لحزب الاتحاد الديمقراطي و”الإدارة الذاتية”، قُبيل القضاء على (داعش) في آخر جيوبها في الباغوز في 23 آذار/ مارس 2019، ما كان له أن يُطلق تلك المبادرة، لولا أن هناك عاملين متزامنين ومتكاملين، أولها الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة وفرنسا، ضمن محاولاتهما جمع كلمة القوى الكردية تمهيدًا لتسهيل الحل السياسي للصراع في سورية، الذي تتزايد المؤشرات على تسارع وتيرة العمل عليه من قبل الدول المتدخلة والمجتمع الدولي؛ وثانيهما وصول مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي، بإقامة كيان كردي (تكون نواته الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية)، إلى طريق مسدود، إضافة إلى أن معطيات الواقع الميداني تحولت إلى غير مصلحة الحزب، بخاصةٍ بعد عملية “نبع السلام”، حيث سيطرت قوات “الجيش الوطني” والجيش التركي، على منطقتي تل أبيض ورأس العين، بموافقة من الولايات المتحدة وروسيا، وكان ذلك بمنزلة إنذار لقادة الاتحاد الديمقراطي، بأن يتخلوا عن جموحهم وأوهامهم، وأن يتواضعوا في طموحاتهم، وأن يعيدوا وصل ما قطعوه من خيوط مع القوى السياسية والفاعليات الكردية، كي يضمن الأكراد وقضيتهم حضورًا وتمثيلًا في أية مفاوضات قادمة حول الحل السياسي المنتظر.
وعلى الرغم من عقد أربع جلسات تفاوض بين الطرفين الكرديين، برعاية أميركية، يصعب أن تفضي المفاوضات الجارية بين الطرفيين الكرديين إلى نتيجة قابلة للاستمرار، حيث إن تاريخ العلاقة بين الطرفيين لا يشجّع على ذلك، إضافة إلى أن تجربة حزب الاتحاد الديمقراطي غير مشجعة، وأن القهر الذي مارسه في السنوات السابقة، على معارضيه الكرد والعرب، يصعب تجاوزه، يضاف إلى ذلك علاقة كل من الطرفيين بأطراف الصراع الأخرى التي تعدّ عامل تعقيد آخر. وعلى كل الأحوال، فإن هذه التجربة من المفاوضات تُعدّ اختبارًا مبكرًا، للكيفية التي سيكون عليها الحضور الكردي في العملية السياسية وفي مستقبل سورية.
ثانيًا: حزب الاتحاد الديمقراطي مسيرة ملتبسة واستراتيجية فاشلة
تأسس حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية عام 2003، تحت نظر المخابرات السورية، كذراع لحزب العمال الكردستاني الذي كان يقاتل في تركيا متخذًا من الأراضي السورية قاعدة انطلاق ومعسكرات تدريب ونقطة تنظيم وإدارة لعملياته منذ الثمانينات حتى العام 1998، عندما اضطر النظام السوري إلى إخراج عبد الله أوجلان باتجاه روسيا، بعملية انتهت بإلقاء القبض عليه في مطار نيروبي من قبل جهاز الاستخبارات التركي بتاريخ 15 شباط/ فبراير 1999.
لم يشارك حزب الاتحاد الديمقراطي في أي نشاط سياسي للمعارضة السورية، عربية كانت أم كردية، حتى في أحداث الملعب والانتفاضة الكردية بتاريخ 12 آذار/ مارس 2004 التي قُتل فيها تسعة متظاهرين واعتُقل فيها المئات من الشباب الكرد مدة وجيزة، لكن مع انطلاقة الثورة السورية في آذار/ مارس 2011 دخل حزب الاتحاد الديمقراطي حلبة الحراك السياسي الذي نشطت فيه أحزاب المعارضة، في سياق محاولات توحيد جهودها ومواقفها من الثورة، وقد تحفظت بعض القوى السياسية على دخول الحزب، باعتبار أن أجندة الحزب غيرُ سورية، إلا أن قوًى أخرى أتاحت له أن يكون عضوًا مؤسسًا لهيئة التنسيق الوطنية التي تأسست بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2011، لكنه ما لبث أن خفف نشاطه فيها، بعد أن تشكل (مجلس سوريا الديمقراطية/ مسد) الذي يُعدّ الجناح السياسي لقوات حزب الاتحاد في إدارة منطقة الحكم الذاتي في شمال وشرق سورية.
مع انطلاقة الثورة السورية وانخراط الشباب الكردي في تظاهراتها بشكل واسع، في كل مناطق وجود الأكراد في المدن السورية، لدرجة أنه كان هناك أسبوع للتظاهر تحت مسمى (جمعة “آزادي”)؛ جاء موقف حزب الاتحاد الديمقراطي ملتبسًا، وهو الذي يدّعي أنه “حزب معارض” للنظام، ولم يكتفِ بعدم مشاركة نشطائه في الحراك، بل إنه جابه في المرحلة الأولى التظاهرات الكردية بتظاهرات مضادة. ومع تقدم الثورة وتوسّعها؛ تمكّن الحزب، باستخدام العنف، من أن يمنع التظاهرات الكردية في كل المناطق الكردية التي يشكل فيها أغلبية، ثم أجرى انتخابات في كل المناطق التي يوجد فيها الأكراد، كمقدمة لإعلانه “الإدارة الذاتية”، وعلى غير عادته، لم يعترض النظام، حيث يُعتقد أن اتفاقًا غير معلن كان قد أُبرم بين أجهزة النظام وحزب الاتحاد الديمقراطي، قضى بإيكال المهمات الخدمية في مناطق الشمال للحزب، ثم تطور الاتفاق لاحقًا إلى دور أمني واقتصادي، مع إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي “الإدارة الذاتية” رسميًا في العام 2014، مع احتفاظ النظام بمربعات أمنية، في كل من الحسكة والقامشلي، كحضور رمزي، تعبيرًا عن تبعية تلك المناطق للحكومة السورية، وعلى الرغم من أن خطوة النظام تلك جاءت في سياق تخفيف الأعباء، بعد أن توسعت الثورة وخرجت كثير من المناطق عن سيطرة النظام، فإن النظام نظر إلى الموضوع من زاوية محددة، وفقًا لعقليته الأمنية، بحيث يترك خلفه ما يستطيع من ألغام، لتفجير أي وضع مستقبلي في سورية وتأخير استقرارها، في حال هزيمته في هذه الثورة، أما إذا “انتصر” وسيطر على الوضع، فإنه من السهل عليه إعادة ضبط حزب الاتحاد، على الأقلّ من باب رد الجميل، أو بحكم علاقة الطرفين مع إيران التي لن تبخل ببذل الجهود الحميدة بهذا الشأن. ومن الجهة المقابلة، اندرج حزب الاتحاد في تلك المغامرة تاركًا النتائج لتطورات الأوضاع التي لا يمكن التكهن بها مسبقًا، وقد بيّنت التجربة أن حزب الاتحاد وإدارته الذاتية قد قدّمت من الخدمات للنظام ما فاق تقديراته، سواء لجهة استثمار النفط وإيصاله إلى مناطق النظام، أو لجهة إيصال المحاصيل الزراعية إليه، فضلًا على التعاون الأمني على نطاق واسع.
إن بروز قوى التطرف الإسلامي، كتنظيمي (داعش) و(النصرة)، وسيطرتهما على مناطق واسعة، على حساب كتائب “الجيش الحر” التي بقيت مشتتة بتأثيرات المناطقية والجهوية وتوجهات الداعمين، شكّل فرصة لحزب الاتحاد الديمقراطي وإدارته الذاتية لتوسيع طموحه السياسي، فعندما سيطرت (داعش) على مدينة عين العرب/ كوباني ذات الغالبية الكردية، استنجد الحزب بالولايات المتحدة، وانخرط ضمن قوى التحالف الدولي في حربه على (داعش).
إن مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي في الحرب على (داعش)، وحجم الدعم العسكري والمالي الذي تلقته قوات (قسد) وعمادها “قوات حماية الشعب”، التي تشكلت بمشاركة فصائل عربية وسريانية ومتطوعين أجانب وفدوا من دول عديدة بدعوة من الحزب، سمحت لقوات (قسد) بتوسيع رقعة سيطرتها مستفيدة ومطمئنة على ما يبدو للدعم الأميركي، فاحتلت كامل محافظة الرقة ومناطق واسعة من محافظة دير الزور، بالتناسب الطردي مع تراجع تنظيم (داعش) بفعل ضربات التحالف الدولي. إن توسع مناطق سيطرة (قسد) وتنامي قوتها، دفع “مجلس سوريا الديمقراطية” إلى إعلان الفدرالية الديمقراطية لشمال سورية في ربيع العام 2016، وهذا الإعلان استنفر القلق التركي، وكذلك النظام الذي لم يكن يتوقع مثل هذه الخطوة، وقد ساهم ذلك الأمر في الاتفاق ما بين الأتراك والروس والإيرانيين لشق مسار أستانا، الذي هدف في أحد منطوياته إلى التصدي للوضع الذي يحاول حزب الاتحاد الديمقراطي فرضه، ومنها التطلع للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط مع تقدّمه غرب الفرات، واعتباره عفرين أحد مكوّنات فدرالية شمال سورية الثلاثة. وكان هذا واضحًا في ما عُرف باتفاق مناطق “خفض التصعيد” الأربع، ففي نهاية العام 2016، أخرجت روسيا قواتِ المعارضة من حلب الشرقية بعد أن دمّرتها، وقابل ذلك عملية (درع الفرات) حيث سيطرت قوات المعارضة، بمشاركة القوات التركية، على مثلث (إعزاز – جرابلس – الباب)، ثم جاء دور درعا والغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي بالعودة إلى النظام، من ضمن بدعة “المصالحات” التي سارت بها روسيا، مع تبدل في مواقف الدول الداعمة للمعارضة، الأمر الذي سهّل عملية (غصن الزيتون)، وطرد قوات (PYD) من عفرين، ثم فتح الطريق أمام عملية (نبع السلام) حيث طُردت قوات (PYD) وتابعتها (قسد) من تل أبيض ورأس العين.
منذ إعلان “الإدارة الذاتية”، حاول حزب الاتحاد الديمقراطي، عبر انتهازية سياسية مغامرة، تعزيزَ علاقته مع الروس، وحصل على فتح مكتب تمثيل في موسكو، ثم مع إيران بحكم علاقة قيادات قنديل (التي يتبع لها) العميقة مع طهران، وإذا أضفنا علاقته بنظام الأسد وتحالفه مع الولايات المتحدة، فإن أي متابع يمكنه الاستنتاج أن حزب الاتحاد الديمقراطي كان يلعب على أربعة حبال، فيها من التقاطعات والتناقضات واختلاف التوجهات وتفاوت موازين القوى، ما سيرميه على وجهه في أي لحظة؛ فمسيرة التوسع والسيطرة التي اعتمدتها قوات (قسد) بعد معركة كوباني، بدأت خطواتها التراجعية منذ عملية (درع الفرات)، وقد بلغت مفترقًا فاصلًا بعد عملية (نبع السلام) التي نفذتها فصائل المعارضة السورية وقوات من الجيش التركي، بموافقة روسية وأميركية.
على مستوى الممارسة، فإن تجربة حزب الاتحاد الديمقراطي وإدارته الذاتية ولاحقًا فدراليته، كانت تجربة سيئة ومدمرة في مناطقها، حيث مارس الحزب وقواه الأمنية ما يوازي ممارسة أجهزة النظام، فقد منع النشاطَ السياسي أمام أحزاب المجلس الوطني الكردي، وحارب كلّ الفاعليات المدنية التي لم توافقه على مشروعه وتوجهاته، وطرد واعتقل ولاحق ناشطي الأحزاب الكردية المعارضة وقياداتها، واستولى على بيوتهم وممتلكاتهم، كذلك نكّل ببعض العرب وهجّرهم ونهب ممتلكاتهم، خاصة بريفي الرقة وحلب الشماليين، ومن خلال فرض التجنيد الإجباري للشباب، وفرض التعليم وفق منهاجه الخاص، وفرض القوانين التي أصدرها وتتعارض مع قيم السكان المحليين ومعتقداتهم، عمل على تهجير مئات الألوف من الأكراد والعرب خارج سورية، وهؤلاء بقسمهم الأكبر من الذين وصلوا إلى أوروبا لن يعودوا.
من هنا، ونظرًا لمجمل التطورات التي يشهدها الصراع في سورية، ووصول مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي إلى طريق مسدود؛ يمكن أن نفهم دوافع مبادرة “مظلوم عبدي”، في أحد جوانبها، فهل يستطيع الحزب التوصل إلى تفاهمات مع باقي القوى الكردية، تحد من خسائره وتبقيه جزءًا من معادلات سورية المستقبلية؟!
ثالثًا: مسيرة التفاوض وآفاق المبادرة
بدأت المفاوضات بين حزب الاتحاد والمجلس الوطني، برعاية أميركية، مطلع نيسان/ أبريل الفائت، وقد عقدت أربع جولات -حتى الآن- بقواعد عسكرية أميركية في أطراف الحسكة ومنطقة القامشلي، بحضور المستشار لدى التحالف الدولي لمحاربة (داعش) الأميركي وليام ريبك، الذي طلب أن تكون اللقاءات بعيدة عن الإعلام، وعدم التصريح لأي من الطرفين بالإدلاء بأي معلومة حول سير المفاوضات ضمانًا لنجاحها، وبحسب التسريبات، فإن المفاوضات تتركز حول نقطتين أساسيتين: الأولى تتعلق بعلاقة حزب الاتحاد الديمقراطي بحزب العمال الكردستاني، والأخرى تبحث في سبل بناء شراكة حقيقية في الحكم والإدارة، وكل ما أشيع عن التوصل إلى اتفاق في نهاية الجولات الأربع الماضية لم يكن دقيقًا، فقد نفى صالح مسلم (الأمين العام السابق للحزب) في تصريح لموقع باست نيوز، بتاريخ 9 أيار/ مايو الجاري، التوصل إلى أي اتفاق بقوله: “لقد تمت تسوية بعض المسائل بين الطرفين، والآن توقفت المحادثات”. وأضاف: “ما يتم تداوله حول أننا توصلنا إلى اتفاق ليس صحيحًا، ولم يُوقّع أي اتفاق حتى اللحظة”، الأمر ذاته أكده عضو المجلس الوطني الكردي عبد الله كدو إذ نفى التوصل إلى اتفاق نهائي بين الجانبين حتى الآن.
ثمة خلافات مستعصية بين الجانبين، تتركز حول نقاط عدة تجعل الثقة شبه معدومة بينهما، فالاتحاد الديمقراطي يتّهم المجلس الوطني الكردي بالعمالة لتركيا، وبأنه “يعمل ضد مصالح الشعب الكردي”، وأنه ينفذ القرارات التركية، ويتجسس لصالحها، وهذه الاتهامات سبق أن وجهها الحزب إلى قيادة إقليم كردستان العراق، كما يطالب الحزب المجلس بإدانة الاحتلال التركي لتل أبيض ورأس العين وعفرين، في حين أن المجلس يعدّ “الإدارة الذاتية” سلطة أمر واقع، ولا يعترف بها ويطالب الحزبَ بفك ارتباطه بحزب العمال الكردستاني، ويؤكد أن تمثيله في ائتلاف قوى الثورة والمعارضة ليس موضع نقاش، ويطالب “الإدارةَ الذاتية” بالإفراج عن المعتقلين، وبكشف مصير المختفين، ويتهمها بالتكتم على مصيرهم، ومن المفيد التنويه أن المجلس الوطني الكردي يعوّل على مسار مشابه لما جرى بإقليم كردستان شمال العراق، بالمشاركة والتفاهم مع قوى المعارضة السورية، ومن خلال مسيرة جنيف التي يرعاها المجتمع الدولي، في حين أن حزب الاتحاد يرى أن “الإدارة الذاتية” مكسبٌ للشعب الكردي، يجب عدم التفريط به، ويمكن للقوى الكردية الأخرى، ومنها أحزاب المجلس، المشاركة فيها.
ونقطة الخلاف الأساسية تتعلق بارتباطات كل من الطرفين بالأطراف الإقليمية والدولية الأخرى، واضطرار كل طرف إلى مراعاة المصالح والتوجهات المتناقضة؛ فالمجلس يدعو لعلاقات مميزة مع تركيا، ويدعو لعدم استفزاها، ويرى أن حل القضية الكردية يأتي في سياق حل القضية الوطنية السورية، في حين أن الحزب له علاقات بكل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران والنظام بدرجات متفاوتة، وبات يعوّل، بعد أن خذلته الولايات المتحدة في عملية (نبع السلام)، على صفقة مع نظام الأسد، بحكم أزمته الاقتصادية المتفاقمة وبمساعدة الروس، تتيح للحزب دورًا في إدارة الشمال على حساب بقية القوى والفاعليات الكردية حتى لو جرى بعض التعديل على صيغة “الإدارة الذاتية”.
وليس من نافل القول أن فقدان الثقة بين الطرفين هو عامل ذو تأثير سلبي، يزيد في تعقيد المفاوضات؛ فتجربة المجلس مع حزب الاتحاد -على هذا الصعيد- لا تدعو للتفاؤل، فقد تم التوصل إلى اتفاقات عدة في السابق برعاية من قيادة أربيل، من اتفاق أربيل1 وأربيل2 واتفاق دهوك وملحق اتفاق دهوك، حيث جرى التفاهم في تلك الاتفاقات على كل شيء، حتى على شكل نظام الحكم في سورية بشكل عام وفي المناطق الكردية بشكل خاص، وآلية تشكيل الجيش وإدارة الموارد الاقتصادية، لكن هذه الاتفاقات لم تجد طريقًا للتنفيذ، بسبب مراوغة حزب الاتحاد الديمقراطي، وربما ستكون النقطة الأصعب، إذا تم التوصل إلى اتفاق، هي الآلية التي ستتم بها إعادة هيكلة القوى العسكرية؛ فالمجلس الوطني لديه ذراع عسكري قوامه قرابة ألف عسكري جرى تدريبهم في إقليم كردستان، وقد شاركوا في معركة تحرير كوباني، وكذلك في المواجهات الدامية مع تنظيم (داعش) عندما هاجمت مناطق الإقليم في 2014، وفي تحرير الموصل ومعارك جبل سنجار، وفي المقال لدى حزب الاتحاد “قوات حماية الشعب” وغيرها من التشكيلات العسكرية، التي تشكل مجتمعة العمود الفقري لقوات (قسد)، ومن غير المتوقع أن يقبل حزب الاتحاد بمعاملة بيشمركة روجآفا، كما يطمح المجلس، نظرًا لفارق القوة بالعتاد والرجال بين القوتين.
لقد شارك الفرنسيون بشكل جانبي في المفاوضات، واجتمعوا على مدار ثلاثة أيام، في قاعدة عسكرية بمنطقة الرميلان، بممثلين عن الطرفين وعن التحالف الكردي الذي يضمّ قوى وفعاليات كردية منخرطة في “الإدارة الذاتية”، بغاية تسهيل المفاوضات، ومن جهة أخرى، صرّحت روسيا بأن لديها مبادرة لتوحيد الكلمة الكردية، قال عنها كاميران حاجو، مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي: “إنها منفصلة عن الجهود الأميركية والفرنسية، وربما تحمل أهدافًا مختلفة، وأن موسكو ما زالت في مرحلة استطلاع للرأي لدى القوى الكردية، فموسكو تخشى أن تفقد التأثير في الملف الكردي، في حال نجاح واشنطن وباريس في توحيد الموقف الكردي من الحل السياسي، الذي يختلف عن تصورات موسكو لهذا الملف وللحل السياسي في سورية بشكل عام”.
بتاريخ 17 أيار/ مايو الجاري، سرت أنباء عن توصل قوى كردية بتدخل أميركي إلى رؤية سياسية، تتضمن خمس نقاط، من بينها أن سورية دولة ذات سيادة، يكون نظام الحكم فيها اتحادي فدرالي، يضمن حقوق جميع المكونات، واعتبار الكرد قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في حل قضيتهم القومية، كما تتضمن الإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية، وتشكيل مرجعية كردية تمثل جميع الأحزاب والتيارات السياسية وممثلي المجتمع الكردي في سورية. وعلى فرض صحة هذه الأنباء، تبقى هذه الرؤية بندًا من بنود عديدة ومعقدة تعترض التوافق بين الأطراف الكردية، ويبقى التساؤل مشروعًا حول موقف بقية الأطراف السورية الأخرى من هذه الرؤية الأحادية، وحتى لو نجحت الولايات المتحدة في دفع الطرفين نحو اتفاقٍ ما، فإنه يبقى أمام الطرفين اختبار استمراريته، وهو اختبار ليس من السهل تجاوزه بحكم التجارب السابقة وتعقيدات الصراع في سورية.
رابعًا خاتمة
أصدرت 26 من الأحزاب والهيئات السياسية الكردية، في 16 شباط/ فبراير 2020، بيانًا دعت فيه إلى توحيد المواقف والرؤى والتحرك بروح الفريق الواحد، ودعت كلَّ القوى والمنظمات الثقافية ووسائل الإعلام والشخصيات الاجتماعية والثقافية والدينية إلى لعب دورها الضاغط والحقيقي، في سبيل تحقيق وحدة الصف الكردي، وحدة الصف الكردي ذاتها التي دعا لها صالح مسلم، الأمر الذي يذكِّرنا بدعوات وحدة الصف العربي، التي انتهت إلى مصير مؤلم، وهنا تحضر إرادة الفاعلين الدوليين؛ فتركيا أعلنت معارضتها للمحادثات التي تجري بين الأحزاب الكردية في شمال شرق سورية، محذرة بأنها “لن تسمح بشرعنة وجود وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني”، وقد صرّح جاويش أوغلو، بتاريخ 16 أيار/ مايو الجاري، “بأن الولايات المتحدة وروسيا تحاولان شرعنة تنظيم وحدات حماية الشعب، عبر دمجه بالمسار السياسي السوري تحت مسمى (قسد)”، وأضاف أن “تركيا ليست ضد الأكراد، ولكن الولايات المتحدة تعمل على خطة لدمج المجلس الوطني الكردي مع حزب الاتحاد الوطني في النظام السياسي القادم في سورية، بعد أن فشل مشروع الدويلة الكردية في شمال شرق سورية”، وليس من الحكمة للقوى الكردية تجاهل الرفض التركي بحكم الجغرافيا، ولا رفض مواقف الأطراف المعنية الأخرى، وعليه فقد آن للقوى الكردية أن تعي، بعد فشل مغامرة حزب الاتحاد الديمقراطي، أن حلّ قضيتهم لا يمكن أن يكون له مستقبل إلا بالنضال المشترك مع القوى الديمقراطية السورية، من أجل سورية موحدة -أرضًا وشعبًا- وحرة وديمقراطية، وذات نظام يعتمد اللامركزية الإدارية الموسّعة.
Azad Kalash
كل ماورد في المقال صحيح باستثناء العنوان والخاتمة . العنوان نابع عن جهل و استخدام كلمة الدويلة يحاول الكاتب برمز النقص والدونية للاكراد . اما الخاتمة فمنذ البداية الامريكين اعلنوا انهم ضدا اي هدف كردي فيما يخص الوضع السوري و لو اراد الامريكين دولة كردية او فدرالية كردية ل فرضتها فرض على الارض الواقع و تفاهمت مع الروس بخصوص ذلك و الامريكين ليس لديهم اية نية بانشاء اقليم او دولة كردية استنادا على التفاهم الروسي الاسرائيلي ولو ارادت هي ذلك لاجبرت حتى تركيا بالقبول .والصاق تهمة الانفصالين بالاكراد هي تهمة باطلة ويجب تسمية المليشيات التابعة لتركيا بالانقصالين كونهم في الكثير من المناسبات طالبت بضم مدن سوريا ل تركيا و حتى الحظة هي في خدمة الدولة التركيا وتعمل لمصلحتها و تغتال الثوار من اجلها .
———————————-
حوار كردي ـ كردي يتعثر ويواجه بالرفض/ بكر صدقي
يتم تداول بيان يحمل توقيعات أكثر من 700 شخص يرفضون فيه ما يعتقدون أنه تفرد طرف بتقرير مصير سوريا، بالإشارة إلى ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن «حوار كردي ـ كردي» بإشراف وتشجيع أمريكي وفرنسي موضوعه مستقبل منطقة الجزيرة السورية الواقعة تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية». والطرفان الكرديان المقصودان هما حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي، وأولهما ينتمي إلى المنظومة الإقليمية لحزب العمال الكردستاني (في تركيا) وله جناح عسكري هو «وحدات حماية الشعب» المنضوية، مع مجموعات مسلحة أخرى غير كردية أقل وزناً، تحت مظلة «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها مظلوم عبدي، أما الثاني فهو تجمع يضم عدداً من الأحزاب الكردية السورية المقربة من قيادة إقليم كردستان.
جدير بالذكر أن طرفي الحوار هذين يتقاسمان النفوذ الشعبي بين كرد سوريا، وسبق لهما الانخراط في جولات حوار كان الهدف منها توحيد المرجعية الكردية في سوريا، لكنها فشلت، في كل مرة، بسبب اختلال توازن القوى بينهما لمصلحة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي كان لديه، منذ البداية، جناح مسلح قوي ضم، إضافة إلى أعضاء من الحزب، شباناً تم تجنيدهم قسراً من قبل سلطة الأمر الواقع، ليشكلوا ما يشبه جيشاً نظامياً صغيراً كان كافياً للسيطرة على الأرض وخوض معارك كبيرة ضد تنظيم الدولة (داعش) بدعم من القوات والمستشارين الأمريكيين. يمكن القول إن رغبة «الاتحاد الديمقراطي» في التفرد بالسلطة حيثما بسطت قواته المسلحة سيطرتها الميدانية، هي سبب إفشال جولات الحوار السابقة التي كانت برعاية مسعود بارزاني الرئيس السابق لإقليم كردستان. فكان «الاتحاديون» يوافقون، في كل مرة، على بنود توافقية مع المجلس الوطني، ثم يعودون إلى مألوف تفردهم بالسلطة، وصولاً إلى اعتقال بعض قادة أحزاب كردية، من المفترض أنها متوافقة، أو نفيها إلى إقليم كردستان، وإغلاق مقراتها ومنع توزيع صحفها وبياناتها.
الجديد المختلف في الجولة الحالية من المفاوضات هي أنها برعاية أمريكية وفرنسية، وهذا مما يمنحها فرصاً أكبر في التزام طرفي الحوار بما يمكن أن يتوافقا عليه. ليس فقط لأنهما قوتان عظميان في التوازنات الدولية، ولهما وزن لا يمكن تجاهله إذا أريد البحث في مصير سوريا، وهذان اعتباران كافيان بذاتهما، ولكن أيضاً لأنهما محايدان بين الطرفين المتحاورين، وإن كانت الولايات المتحدة أقرب، عملياً، للاتحاد الديمقراطي من منظور الحرب على داعش. وهذا ما قد يمنح الحوار نقاطاً إضافية من الأمل في الوصول إلى نتائج إيجابية، لأنه إذا كان الراعي حليفاً للطرف الأقوى القادر على إفشال أي توافق، فهو قادر على الضغط على حليفه الصغير الذي يعتمد عليه بقوة في التسليح والمساعدات المالية والحماية من الأخطار المحتملة.
الحوار يجري على جولات، بدأت منذ شهر نيسان الفائت، وما زال مستمراً بفواصل زمنية وفي قواعد عسكرية أمريكية وأخرى للتحالف الدولي، وبإشراف دبلوماسيين من الدرجة الثانية من الولايات المتحدة وفرنسا، بعيداً عن وسائل الإعلام. لكن هذه السرية لم تمنع بعض تسريبات قد تكون مقصودة لتهيئة الرأي العام أو مراقبة ردود الفعل المختلفة، مما يمنح الرعاة والمتحاورين فرصة لإجراء تعديلات على تصوراتهما تأخذ بعين الاعتبار تلك الأصداء.
تحدث أحد تلك التسريبات عن أن الطرفين المتحاورين اتفقا على أن «سوريا دولة ذات سيادة يكون نظام حكمها اتحاديا فيدراليا يضمن حقوق جميع المكونات» واعتبار الكرد «قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في حل قضيتهم القومية» ويطالب الطرفان بـ»الإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة (للكرد) وفق العهود والمواثيق الدولية» و«تشكيل مرجعية كردية تمثل جميع الأحزاب والتيارات السياسية وممثلي المجتمع الكردي بسوريا».
أما الخلافات بين الطرفين المتحاورين فهي، وفقاً للتسريب نفسه، رفض «المجلس الوطني الكردي» لتبعية حزب لاتحاد الديمقراطي لحزب العمال الكردستاني، مقابل رفض الاتحاد الديمقراطي لتبعية أحزاب المجلس لتركيا من خلال عضويتها في الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة الذي يتخذ من إسطنبول مقراً دائماً له، ويوافق على السياسات التركية بخصوص سوريا بلا أي هامش استقلالي. الادعاءان صحيحان، لكن المطالبة المتبادلة بشأنهما هي من نوع الحق الذي يراد به باطل. فالمجلس يعرف أن حزب الاتحاد لا يمكن أن يفك أواصر علاقته بالعمال الكردستاني بهذه البساطة، وحزب الاتحاد يعرف بدوره أن أحزاب المجلس الوطني لا تستطيع فك ارتباطها بتركيا بلا كلفة باهظة. فإذا سلمت نوايا الطرفين في الوصول إلى توافقات، سيكون بإمكانهما التغاضي عن هذين المطلبين. لكن الخلاف الأكثر جدية إنما هو في تصور الطرفين لمستقبل «الإدارة الذاتية» في المنطقة. فحزب الاتحاد يتمسك بتلك الإدارة التي يهيمن عليها كما هي بلا أي تعديل، في حين يطالب «المجلس» بإعادة هيكلة تلك الإدارة بما يتيح لها تمثيلاً أكثر ديمقراطية لجميع التيارات السياسية والمكونات المجتمعية المحلية. كذلك هناك خلاف حول السيطرة الميدانية التي يحتكرها «الاتحاديون» وحلفاؤهم من خلال «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل وحدات حماية الشعب الوزن الراجح فيها، في حين يطالب «المجلسيون» بإدخال قوات «بيشمركة روجافا» المقربة من أحزابهم والموجودة في إقليم كردستان تحت رعاية سلطة الإقليم.
لا أحد يعرف الآن ما هي نوايا الأمريكيين والفرنسيين من وراء التشجيع على هذا الحوار الكردي ـ الكردي، هل هي اقتطاع ذلك الجزء من سوريا من سائر أراضيها وإنشاء كيان مستقل أو شبه مستقل يمنع فرض أي حل سياسي تتفرد روسيا بفرضه بدون موافقة الأمريكيين والفرنسيين، أم أن هدفهما هو إقامة كيان كردي شبه مستقل على غرار إقليم كردستان الفيدرالي شمال العراق وفرضه على السلطة المركزية بصرف النظر عمن يشغلها، أم فرض وفد كردي موحد على مفاوضات سورية ـ سورية في إطار مسار جنيف مستعاد بعد فشل مسار آستانة الروسي؟ أم أن الأمر يتوقف على مجريات الحوار الكردي – الكردي ونتائجه المحتملة، بدون أي أهداف مسبقة جاهزة؟
على أي حال، يبقى أن الهجوم على الحوار المذكور بصورة مسبقة دون انتظار نتائجه، ليس من الحصافة في شيء، على الأقل بالنظر إلى حال سوريا المفككة أرضاً وبشراً بين احتلالات عسكرية صريحة وتدخلات دول عديدة وولاءات مختلفة لدى الجماعات. أضف إلى ذلك غياب أي أفق لحل سياسي قريب. فلا بأس من أن يحاول بعض الأطراف السياسة، لعلها تغير شيئاً ما في هذا الخراب.
كاتب سوري
القدس العربي
———————————————-
سجال سوري حول المفاوضات الكردية على تقاسم شرق سوريا
حمل المجلس الوطني الكردي بشدة على بيان وقعه المئات من المعارضيين السوريين، انتقدوا فيه المفاوضات الكردية-الكردية بخصوص المنطقة الشرقية من سوريا، والتي رأى فيها الموقعون أنها تشكل مصادرة لحقوق المكونات الأخرى في المنطقة.
ورغم أن البيان الذي وقع عليه عدد كبير من الشخصيات المعارضة، تمثل مختلف المكونات الإثنية والطائفية والتوجهات السياسية، بالإضافة إلى عدد من المعارضين الكرد المستقلين أيضاً، إلا أن المجلس الوطني الكردي اعتبر أن “الاستباق في رفض مخرجات التفاوض قبل التوصل اليها، يدل على رفضهم بالأساس لأي تفاهم أو اتفاق كردي مهما كانت نتائجه وغاياته، الأمر الذي ينم عن النزعة الموروثة لدى البعض في معاداة الكرد ورفض الآخر بمنطق قومي استعلائي مقيت”.
وأضاف المجلس أن “إصرار الذين لم يستطيعوا التخلص من عقد وأمراض الماضي، ويتمسكون بالشمولية والمركزية التي جلبت المآسي للبلاد والعباد، لن يستطيع النيل من الخط الوطني للمجلس، ولا لدور الكرد الوطني منذ بدايات تشكيل الدولة السورية والى الآن”.
المعارض السوري المعروف ميشيل كيلو، وهو أحد الموقعين على البيان، استغرب في تصريح ل”المدن”، رد فعل المجلس الوطني الكردي وتوجيهه الاتهامات بالشوفينية والتعصب القومي لشخصيات ناضلت ضد البعثية ومن أجل حقوق الأكراد.
وأضاف أنه “كان بإمكان المجلس الوطني أن يسجل موقفه من البيان الذي وقع عليه عدد كبير جداً من السوريين دون توتر وتوجيه اتهامات”، موضحاً أن “البيان الذي وقعنا عليه كان يريد، بشكل واضح، التذكير بأن حواراً يجري بين طرف سوري وآخر غير سوري لديه مشروع إقليمي، وبالتالي أنا أخشى من أن تكون الغلبة للمشروع الاقليمي وهو ما لن يحل القضية الكردية، وهو بالمناسبة موقف العديد من الشخصيات الوطنية الكردية التي كتبت عن هذه المفاوضات وانتقدت نقاطاً جوهرية فيها”.
وكان البيان الذي تجاوز عدد الموقعين عليه 750 شخصية معارضة، انتقد الحوار بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديموقراطي، الذي من المقرر أن تنطلق جولته الثانية خلال أيام، ويتعلق بمستقبل المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد) شمال شرق سوريا.
وقال البيان إن “المعلومات المسربة” عن التفاهمات ما بين المجلس الوطني الكردي وميليشيات حزب الاتحاد الديموقراطي “تشير إلى توافق ما بين الطرفين على إبقاء الإدارة الذاتية كحالة أمر واقع، من أجل تطويرها إلى فيدرالية أو حكم ذاتي يهدد وحدة سوريا”.
ونظراً لتعرض هذه التفاهمات لقضايا مصيرية، تمسّ بشكل عام مصالح الشعب السوري، وتهدد وجود باقي مكونات المنطقة، ونظراً لتجاهلها دور الغالبية من العرب والسريان والأشوريين والتركمان والأرمن والشركس وباقي الأكراد؛ وبالنظر إلى الموقف من التحالف التاريخي للاتحاد الديموقراطي مع نظام الأسد وإيران، ومن ارتباطها العضوي مع حزب العمال الكردستاني، ومن سلوكها الممنهج في ارتكاب جرائم حرب، ومن حالة الفساد والاضطهاد التي عمّت المنطقة خلال السنوات الماضية، فإننا نستنكر هذه التفاهمات ونرفض مخرجاتها، بحسب ما جاء في البيان.
واعتبر الصحافي والكاتب المعارض ابراهيم الجبين، وهو من الموقعين على البيان، أن “ما يجري بين الطرفين الكرديين ليس مجرد حوار سياسي وتفاهم إيديولوجي. المفاوضات تدور حول كيفية تقاسم حكم المنطقة الشرقية التي تحتلها قوات حزب العمال الكردستاني ومرفقاتها”.
وأضاف في حديث ل”المدن”، أن “هذه التفاهمات على المحاصصة وعلى رسم مستقبل ثلاث محافظات سورية (الرقة ودير الزور وقبلهما الحسكة) تجري وسط تغييب تام لأهلها وسكانها من العرب، وهم الغالبية، بالإضافة إلى السريان والتركمان وغيرهم، وهذا غير مقبول، وكان من الطبيعي أن يصدر موقف رافض لمخرجات تلك الحوارات”.
وأضاف “نحن نثق بالمجلس الوطني الكردي ولكن لا نثق بعملية تفاوض تدعو إليها ميليشيات حزب العمال الكردستاني، حتى لو أشرفت عليها الولايات المتحدة وأطراف أوروبية، والبيان يستند إلى حقائق صرح بها ممثلون عن المجلس وبشروا فيها بالانتقال في المرحلة الثانية من المفاوضات إلى الملفات الأساسية، وبالتالي لا يمكن القول إنها حوارات سياسية كردية كردية وحسب”. وأكد أن “الملايين من عرب المنطقة الشرقية لن يقبلوا أن يُحكموا من قبل أطراف منفردة تتفق في ما بينها بمعزل عنهم”.
وكان المجلس الوطني الكردي، المقرب من أنقرة وحكومة اقليم كردستان العراق، وأحد تشكيلات الإئتلاف الوطني المعارض، قد دخل مطلع نيسان/أبريل الماضي، بمفاوضات مع حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يهيمن على الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديموقراطية المسيطرة على مساحات واسعة شمال شرق سوريا، برعاية أميركية فرنسية.
وأثارت السرية التي أحاط بها الجانبان المرحلة الأولى من المفاوضات حفيظة المعارضة السورية بشكل عام، وممثلي المنطقة بشكل خاص، بينما يقول المجلس الوطني الكردي إن الهدف من الحوار هو التوصل الى اتفاق ينهي الخلافات الكردية-الكردية.
—————————————
بيان ضد الأكراد/ عمر قدور
في السابع من الشهر الحالي طُرح للتوقيع بيانٌ يتخوّف أصحابه من اتفاق مقبل بين الأحزاب الكردية في سوريا، ويرى واضعوه وموقعوه “الذين بلغ عددهم قرابة 800 حتى كتابة هذه السطور” في اتفاق القوى الكردية تهديداً لمستقبل وحدة الأراضي السورية، مستندين على تسريبات من المباحثات الكردية التي يُفترض دخولها الجولة الثانية قبل يومين! من بين الموقعين على البيان شخصيات كان لها دور سياسي في المجلس الوطني والائتلاف، وشخصيات عامة أخرى لم يُعرف عنها التعصب القومي أو سواه، ما جعل البيان يحظى بالانتباه، خاصة لجهة ردود الأفعال السلبية عليه من قبل الأكراد.
أهمية البيان، من حيث لا يقصد واضعوه، هي في الكشف عن تهافت التجربة السياسية في أوساط المعارضة السورية، وعدم اكتساب الخبرة التي من المأمول اكتسابها بمرور سنوات على انطلاق الثورة، وجراء تراكم الخيبات والفشل. على صعيد الشكل مثلاً، من المستغرب صدور بيان مبني على تسريبات من مباحثات قائمة، ومن الأفضل دعماً لمصداقية الموقعين عليه انتظار النتائج الرسمية لها ليُبنى عليها الموقف الذي يرتئيه أصحابه. وعلى الصعيد العملي، نعلم أن البيانات لم تعد من أدوات النشاط السياسي الفعال، فالفضاء الرقمي مليء ببيانات من كل حدب وصوب، وهي لا تلقى اهتماماً من قبل الجهات المعنية بالإصغاء إلى مطالباتها، ولم تعد في حدها الأدنى تساهم في تشكيل رأي عام.
يتهم البيان حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي وأحزاب المجلس الوطني بالسعي إلى الإبقاء على الإدارة الذاتية الحالية للحزب كأمر واقع، من أجل تطويرها إلى فيدرالية أو حكم ذاتي يهدد وحدة سوريا، وضمان ذلك مع امتيازات أخرى في الدستور المقبل. ويرى أصحاب البيان أن التفاهمات الكردية المرتقبة “تمس بشكل عام مصالح الشعب السوري، وتهدد بشكل خاص وجود باقي مكونات المنطقة (الشرقية)، وأمنهم، وعيشهم المشترك، نظراً لتجاهلها دور الغالبية من العرب والسريان والآشوريين والتركمان والأرمن والشركس وباقي الأكراد”. بينما، حسب النص، يبذل الشعب السوري التضحيات الجسام من أجل الوصول إلى دولة ديموقراطية، تبنى على المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات، وتحقيق حياة حرة كريمة للأجيال القادمة.
يُذكر أن أحزاب المجلس الوطني الكردي مشاركة في الائتلاف، وإذا كانت تصورات المجلس عن المسألة الكردية تتناقض تماماً مع وثائق الائتلاف وتوجهاته فلا بد من التساؤل عن سبب وجوده أو القبول به من المؤسسة التي طرحت نفسها لسنوات ممثلة للثورة. لا بد من الإشارة أيضاً إلى أن أحزاب المجلس الوطني خسرت قدراً كبيراً من شعبيتها لدى جمهورها بسبب وجودها في الائتلاف، وبسبب سياسات الأخير التي تراها الغالبية الساحقة من الأكراد ضدهم، فلا ينسى الأكراد مثلاً مباركة الائتلاف وحكومته الغزو التركي لعفرين، بصرف النظر عن انقسامهم بين مؤيد للمجلس ومناصر للإدارة الذاتية. البيان المذكور يبدو كأنه يستأنف السياق ذاته، إذ يشير إلى الانتهاكات التي ارتكبتها الإدارة الذاتية في المنطقة الشرقية، ويصمت عن نظيرتها التي ترتكبها يومياً في عفرين الفصائلُ التابعة لأنقرة.
المُستغرب في عالم السياسة هو ذلك الغضب الذي لا يخفي نفسه من اتفاق كردي-كردي، فالأحزاب الكردية موجودة كأمر واقع، ولها برامجها وتناقضاتها، ومن المستحسن توحدها حول رؤية مشتركة للمسألة الكردية في سوريا، إذا كانت النوايا صافية في الطرف المقابل. بهذا المعنى، يُفضّل وجود طرح كردي متفق عليه، ويمكن للأطراف السورية الأخرى أن ترفضه وأن تشتبك معه، أو أن تقبل بأجزاء منه وترفض أخرى. مثلما يمكن للأطراف الكردية أن تطرح أقصى طموحاتها، وأن تتفاوض للحصول على حد لا يتطابق معها. هكذا هو عالم السياسة، العالم الذي تتراوح فيه خيارات جميع القوى المتصارعة بين ما هو ممكن وما هو صعب المنال.
كان ممكناً لأصحاب البيان الإشارة إلى القضية الكردية، والنص مثلاً على حلها ضمن إطار ديموقراطي مستقبلي يرتضيه السوريون أكراداً وعرباً، إلا أنهم استعاضوا عن ذلك بإشارة يعلمون أنها غير كافية عن المواطنة المتساوية. وكان ممكناً لهم تحاشي تقرير وجود أغلبية من باقي مكونات المنطقة قياساً إلى الأكراد، فمزاعم كل طرف حول الأغلبية الديموغرافية هي من فولكلور الانقسام العربي-الكردي الذي يستحيل امتحانه حالياً “أو في المستقبل المنظور” لعدم خضوع المنطقة لسلطات ديموقراطية محايدة، وبسبب عمليات التهجير التي طاولت الجميع. ثم إن التقسيمات الإدارية غير مقدسة، لا الحالية منها ولا السابقة، إذا افترضنا التوصل مستقبلاً إلى اتفاق يمنح الأكراد وضعاً خاصاً ضمن الدولة السورية.
نعلم جميعاً، ويعلم واضعو البيان، أن القضية السورية برمتها ليست اليوم في أيدي السوريين، والقوى الدولية والإقليمية الموجودة على الأراضي السورية هي من يتحكم بالقوى المحلية التابعة. ومن أهم مظاهر إفلات القضية السورية من أيدي أصحابها عدم وجود معارضة معترف بتمثيلها وأهليتها، وهذه مسألة تتقدم في الأولويات على التصدي لتقارب كردي-كردي، إذا لم نقل أن حدوث التقارب ينبغي أن يقدّم مثلاً يُحتذى به للمعارضين العرب الذين عجزوا خلال سنوات عن خلق أطر معارضة محترمة، وعجزوا تالياً عن تقديم تصورات “ثورية” لمستقبل سوريا، باستثناء مبادرات قليلة جداً غلب عليها الطابع الفردي.
وإذا كان النشاط السياسي يُقاس بالجدوى المتوخاة منه فإن الأثر الأكبر للبيان هو استفزاز الأكراد الذي يتطلعون لأسباب عديدة إلى اتفاق كردي، والتعميم هنا جائز بسبب الصفة التمثيلية لحزب الاتحاد الديموقراطي وأحزاب المجلس الوطني، أي لصعوبة الزعم أن هؤلاء لا يمثلون الأكراد. وبطبيعة الحال لم تخالف ردود الأفعال الكردية ما بات معهوداً من شتائم واتهامات بحق العرب جميعاً، أو إطلاق أحكام قاطعة باستحالة التعايش معهم، وردود الأفعال الغاضبة هذه ليست أقرب للسياسة من البيان الذي استفزها، لأن الطرفين جرّبا الحرب بديلاً عن التفاهم ودفعا ثمنها غالياً.
لقد اعتدنا على استخدام تعبير “سياسة الإنكار”، والصحيح أن الإنكار ليس سياسة، من أي طرف أتى.
المدن
—————————————
برهان غليون متحدثاً حول قضايا الساعة: “سيزر”، السويداء، الأكراد وخيارات نظام الأسد
شهدت الساحة السورية في الأسابيع والأيام الماضية، تحريكا للعديد من الملفات بعد أشهر من الجمود، وسط توقعات بتغيرات، وربما اختراقات، قد تشهدها عدة المسائل مرتبطة بالقضية السورية. صحيفة “جسر” حاورت المفكر السوري، الدكتور برهان غليون، واستطلعت رأيه وتصوراته بخصوص هذه الملفات التي تشغل بال غالبية المهتمين والمتابعين للشأن السوري.
شهدت الساحة السورية في الأسابيع والأيام الماضية، تحريكاً للعديد من الملفات بعد أشهر من الجمود، وسط توقعات بتغيرات، وربما اختراقات، قد تشهدها عدة مسائل مرتبطة بالقضية السورية. صحيفة “جسر” حاورت المفكر السوري، الدكتور برهان غليون، واستطلعت رأيه وتصوراته بخصوص هذه الملفات التي تشغل بال غالبية المهتمين والمتابعين للشأن السوري.
المفكر السوري برهان غليون
ـ نبدأ بالوضع الأكثر إلحاحاً، وهو الانهيار الاقتصادي في مجمل سوريا، خاصة المناطق الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد، وذلك على الرغم من عدم البدء بتنفيذ قانون قيصر، ما هو السياق التاريخي لهذا الانهيار، وما هو أفقه السياسي وعقابيله الاجتماعية المحتملة؟
من الواضح ان قانون قيصر جاء بعد تسع سنوات من محاولات المجتمع الدولي اليائسة لوضع حد للمأساة السورية وبدء مرحلة جديدة تنهي الحكم الدموي لبشار الأسد وبطانته المافيوية. والهدف منه وضع الأسد، الرافض دائما للخروج من السلطة، بعد أن دمر فرص أي حل وسط، أمام خيارين: البدء بترتيب رحيله مع الممثل الشخصي لبوتين، الذي عين في منصب ما يشبه الوصاية على قاصر، أو التردد والإنتظار حتى يسقط تحت ضربات أقدام وأحذية الجائعين والمشردين، في بلد جفت فيه كلّ منابع الحياة والأمل. وما نشهده اليوم هو جزء تمهيدي من مفاعيل أو تفاعلات قانون قيصر، أي هو من آثار الاعلان عن بداية تطبيقه القريبة. وربما ينهار الوضع الاقتصادي تماما وتخرج الناس إلى الشوارع مطالبة برحيل “بطل” هذه المأساة الدموية، غير المسبوقة في التاريخ قبل أن يصار إلى تطبيقه عمليا. وكل ذلك، أي ما نعيشه ونشهده الآن، يقع في إطار انهاء اسطورة الأسد السوداوية، ونظامه الكابوسي.
ـ انطلقت في السويداء مؤخراً حركة احتجاجية، عالية السقف، كيف تنظر إلى الظاهرة في سياقها السوري، وفي سياق ما سعى إليه النظام من خلال اصطناع “حلف الأقليات”، وما توقعاتك المستقبلية حيال هذا الحراك، وتحركات أخرى قد تنشأ على خلفية تدهور الوضع الداخلي في سوريا؟
قلت في أحاديث سابقة إن الثورة قد انتصرت في الوقت ذاته الذي نجحت فيه في الاستمرار وتحدي نظام القهر الأسدي، لأن نزول الشعب إلى الساحات والشوارع كان لوحده، بصرف النظر عما حصل فيما بعد وما يمكن أن يحصل، تجسيدا لإنكسار سيف الترويع والإرهاب، الذي اقام عليه الأسد سلطته، من خارج السياسة وبدفنها. بمعنى آخر كانت الثورة وتظاهرات المخاض الذي اعلن عن ولادة الشعب كقوة مستقلة وحرة وقادرة على الفعل. ومنذ ذلك الوقت، ولدت السياسة المغتالة من جديد، وتغيرت معادلة القوة، ولم تعد هناك سلطة مطلقة واحدة، تفرض إرادتها بقوة السلاح وأجهزة القمع، وإنما برزت في مواجهتها قوة جديدة ثانية غيرت قواعد اللعبة السياسية الى الأبد. منذ الآن تشكل الاحتجاجات الشعبية والتظاهرات والمسيرات لغة الشعب السياسية الأولى والأساسية في مواجهة اي سلطة، وللتعبير عن إرادته الحرة التي قامت الديكتاتورية الدموية على إلغائها. وهذه هي في الواقع، حتى الآن على الأقل، هي الثمرة الوحيدة الناضجة للربيع العربي بأكمله. دخول الشعب إلى المسرح واكتشافه لغة السياسية، الابسط والأوضح والاقوى معا، أي التظاهرات الحاشدة، للتعبير عن إرادته الطالعة من تحت الارض. ومنذ الآن ولفترة طويلة قادمة ستكون هذه التظاهرات الجماعية والمسيرات الحاشدة، مصطلحات السياسة الأقوى تعبيراً عن التغيير الذي احدثته الثورة، وبشكل ما عن استمرارها أيضا، عبر قنوات النضالات السياسية المدوية. وعلى جميع من يتطلع إلى العمل السياسي في سورية المستقبل، وفي بلاد العرب جميعا، بعد اليوم، أن يتعلم الإنصات إلى أنغام هذه التظاهرات والحشود ووقع اقدام صناعها. فهنا تكمن السياسة، ومن هنا سيولد المستقبل. ستظل الشعوب تقاتل بأقدامها، حتى تحقيق جل مطالبها، بصرف النظر عن طبيعتها، أكانت مطالب سياسية، أو اجتماعية أو اقتصادية.
ـ وقعت مؤخراً على بيان يرفض انفراد قوات سوريا الديمقراطية بتقرير مصير ومستقبل الجزيرة السورية، من خلال اقتسام السلطة والثروات بين أحزاب كردية مختلفة، ووضع مبادئ دائمة لعملية صنع القرار، تستثنى بقية مكونات الشعب السوري، ما هي برأيك الطريقة الأفضل للتعامل مع المسألة الكردية في سوريا؟
ـ الكرد جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، وضمهم الى مسيرة التغيير الثوري المنشود، والقادم، لا محالة مهمة رئيسية أيضا، تقع على عاتقنا وعاتق أي وطني سوري، بصرف النظر عن الخلافات التي برزت أو يمكن أن تبرز مع بعض التشكيلات السياسية الحزبية أو الحركات أو التيارات القومية المتشددة هنا وهناك. وكما أن علينا أن نتفهم تطلعات الكرد القومية عموما، أعني في سورية وغيرها من بلدان الجوار، علينا أيضا أن نصارح الكرد فيما يمكن للسوريين أن يقدموه من مساعدة لهم، وما لا يمكنهم فعله. وكما قلت في محادثاتي مع بعض ممثلي أحزابهم، إن الحل العادل للقضية الكردية العامة هو اقامة دولتهم القومية الواحدة، التي تعبر عن هويتهم وإرادتهم الجماعية.
لكن ليس بإمكان سورية والسوريين أن يجعلوا من تحقيق هذا الهدف أجندة سياسة وطنية سورية، أو أن يشاركوا فيها في الوقت الذي تتعرض سورية نفسها لانتهاك صارخ لسيادتها وتقاوم، كالعين في مواجهة المخرز، قوى الاحتلال المتعدد، وتكافح من أجل وحدتها واستقلالها وحرية شعبها. كما أنني لا أعتقد أن كرد سورية قادرين أن يحملوا عبء القضية القومية الكردية بأكملها، كما يحاول بعضهم أن يفعل الآن، لأن ذلك سيكبدهم خسائر لا طاقة لهم بها، من دون أن يكون هناك في المقابل أي أمل بتحقيق تقدم مهما كان. ما تستطيع أن تقدمه سورية الحرة، القادمة لا محالة، هو حل عادل للقضية الكردية السورية، أي لمواطنيها الكرد السوريين، سواء برفع الغبن الذي كان واقعا عليهم، كما كان عليه الحال، في الواقع، على كل سكان المحافظات الشرقية، أو بتحقيق أمانيهم في أن يكون لهم حكم محلي ذاتي في المناطق التي يشكل فيها الناطقون بالكردية أكثرية بين السكان، بحيث يمكنهم إدارة شؤونهم وتعليم لغتهم والتفاعل مع ابناء جلدتهم. وترجمة هذا الحل في سياق العمل المشترك بين جميع السوريين للخروج من المحرقة واعادة بناء سورية ديمقراطية تعددية هو أن يميز الكرد بين القضية الكردية، التي تعنى بمصير كرد سورية، وقضية الإدارة الذاتية الحالية التي تغطي مناطق واسعة، ليس ولا يمكن للكرد السوريين أن يكون لهم طموحات لضمها الى مناطقهم الذاتية. فالحل العادل الذي يضمن حقوق الكرد هو نفسه الذي ينبغي أن يضمن ايضا حقوق القوميات والجماعات الوطنية الأخرى.
بمعنى آخر مثلما يتوجب على السوريين الاعتراف بحقوق الكرد كمجموعة قومية متميزة في سورية، على الكرد السوريين أن يعترفوا أيضا بحقوق المجموعات الأخرى. وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار الوضع الراهن الناجم عن أزمة الدولة السورية حلا نهائيا، ينبغي تكريسه وانما هو تعبير عن سلطة امر واقع، ينتهي مفعولها حالما تستعيد سورية سيادتها، ويقرر الشعب السوري كشعب واحد مصيره، عبر مؤسساتها الشرعية التي يقرها باجتماع كلمة أطيافه القومية والدينية والمذهبية والمناطقية كافة، ويحدد شكل الدولة التي يريد انشاءها، مركزية أو شبه مركزية، أو اتحادية أو فدرالية. هذا حقه وهو صاحب قراره، ولا يمكن لأحد، جماعة او دولة أجنبية، أن ينتزعه منه، أو يتخذه مسبقا بدله. وبعبارة واحدة: مستقبل الكرد يقرره الكرد أنفسهم، أما مستقبل سورية والسوريين فحسمه من حق السوريين جميعهم.
ـ قال جيمس جيفري، المبعوث الأميركي إلى سوريا، قبل يومين من الآن، إن بلاده قدمت عرضاً لبشار الأسد للخروج من الأزمة الحالية، ماهو بتقديرك هذا العرض؟ وهل سيقبل النظام به لتخفيف عقابيل الضغط الأميركي على الشعب السوري؟
ليس لدي أي فكرة عن هذا العرض، لكنني أتوقع أنه يحمل تطمينات للأسد إذا قبل بالتخلي عن الحكم والرحيل الارادي. لكنني لا أعتقد أن الأسد يمكن أن يثق بأحد، بعد ما ارتكبه من جرائم لم يسبق لحاكم أن ارتكبها من قبل، في التاريخ. حصل أن دمرت جيوش الغزاة بلادا أجنبية لضمها إليها، لكن لم يحصل أن دمر حاكم بلاده على رؤوس سكانها. حتى المحتلين.
أعتقد أننا مقبلون على أحداث جسام، وأن ما بدأ بكارثة، أعني الحرب على الشعب للإبقاء على النظام، لن ينتهي إلا بكارثة ثانية، هذه المرة بخصوص النظام نفسه.
سيدرك العالم الذي تعامل مع بشار الأسد حسب فرضية الضغط عليه من أجل الإصلاح، ثم من أجل تعديل سياساته، أنه ليس أمام شخص قادر على المحاكمة العقلانية، والأخذ والرد وتبادل المصالح، وإنما أمام كتلة صلدة من الغرائز والأهواء، لا تترك لصاحبها إلا منطق رد الفعل والعناد والإنكار، ومع ذلك ادعو واتمنى وارجو، أن أكون مخطئا، وأن ينجح بشار في التغلب على مخاوفه وأوهامه واحقاده، ويقبل بعرض من يشاء، من الروس أو الامريكيين ويقرر أن يكتب فصل الختام بأقل ما يمكن من الدماء.
الجسر
——————————-
أبناء المنطقة الشرقية يستنكرون تفاهمات PYD و”الوطني الكردي“
استنكر مجموعة من مثقفي ووجهاء المنطقة الشرقية (دير الزور والحسكة والرقة) التفاهمات التي تجري بين المجلس الوطني الكردي و”حزب الاتحاد الديمقراطي” حول إدارة المنطقة، وتفرد الطرفين بتقرير مصيرها دون غيرهم.
وذكر بيان
وقعه المئات من أبناء المنطقة اطلع عليه موقع تلفزيون سوريا، أنه “بينما يبذل الشعب السوري التضحيات الجسام من أجل الوصول إلى دولة ديمقراطية، تبنى على المواطنة المتساوية، تستغل بعض أطرافه معاناته وانشغالاته، لتجري تفاهمات منفردة على مستقبل بلاده، مستقويةً عليه في ذلك بالظروف والتدخلات الدولية”.
وأشار البيان إلى اتفاق “حزب الاتحاد الديمقراطي” الذي اعتبره امتدادا لحزب العمال الكردستاني والمجلس الوطني الكردي، على إبقاء الإدارة الذاتية “كحالة أمر واقع، من أجل تطويرها إلى فيدرالية أو حكم ذاتي يهدد وحدة سوريا”، فضلاً عن الاحتفاظ بـ “وحدات حماية الشعب”، وإشراك قوات “بشمركة روج أفا” كقوة عسكرية في المنطقة.
واعتبر الموقعون “التفاهمات” بين الطرفين تهديداً لباقي المكونات، وتجاهلا لدور الغالبية من العرب والسريان والآشوريين والتركمان والأرمن والشركس وباقي الكرد.
وأكد البيان على أن “إدارة شؤون المنطقة ومكافحة الإرهاب فيها تستلزم التعاون مع كافة المكونات، باختيار الشركاء الجيدين وإبعاد المتورطين بدماء المدنيين”.
وعرض أبناء المنطقة على الحكومات الأميركية والفرنسية وباقي الدول الصديقة العمل من أجل عودة اللاجئين والمهجرين الطوعية والآمنة إلى مناطقهم الأصلية.
مرجعيات غير سورية
وتعليقا على الخطوة قال الصحفي زكريا زكريا وهو أحد منظمي البيان، لموقع تلفزيون سوريا، إن “المنطقة ليست كردية خالصة، بل فيها مكونات عديدة، ولا يحق لجهتين سياسيتين احتكار تمثيلها، فهي غنية بالأطياف السورية والموارد أيضاً”.
وأضاف زكريا ” أن أحد الأطراف لديه مرجعيات غير سورية، وهو حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي لديه ارتباطات إقليمية لا تخدم مصلحة السوريين، لذلك ليس من المنطق أن يتحمل السوريون تبعات أحزاب وجماعات عابرة للحدود “.
وأوضح زكريا أن “الهدف الأول من البيان هو إيصال صوت أبناء المنطقة للسوريين أولا، ومن ثم للقوى الإقليمية والدولية، التي يرعى بعضها المفاوضات الكردية -الكردية”.
وحول ادعاء قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وأذرعها السياسية تمثيل مكونات المنطقة قال زكريا إن “النظام أيضا يدعي تمثيل كافة مكونات الشعب السوري، وقسد بالطبع لا تمثل كل أطياف المنطقة، والدليل هو الاحتجاجات المستمرة ضدها والتي سقط فيها ضحايا برصاص عناصرها”. وأكد عدم تمثيل قسد حتى للأكراد الذين ساهمت في تهجير قسم منهم إلى خارج سوريا.
وفي منتصف أيار الماضي قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الولايات المتحدة تحاول دمج “حزب الاتحاد الديمقراطي” مع المجلس الوطني الكردي في المسار السياسي السوري تحت مسمى “قسد” (قوات سوريا الديمقراطية) أو “السوريين الكُرد”.
ويخوض المجلس الوطني الكردي مفاوضات مع “قسد” برعاية فرنسية وأميركية، رفضتها “رابطة المستقلين الكرد السوريين” التي انضمت مؤخر إلى الائتلاف السوري.
ودعت الرابطة في بيان المجلس الوطني إلى مطالبة قسد بفك ارتباطها مع “حزب العمال الكردستاني”، وقالت إن “أي حوار كردي لوحدة الصف، يتطلب شرطا أساسيا جوهريا، أن تكون سوريا مستقلة، وأن لا يجري بسرية وبمعزل عن باقي القوى السياسية، ومكونات الشعب السوري”.
————————————-
بيان إلى الرأي العام من شخصيات وتشكيلات سورية في المنطقة الشرقية بخصوص تفاهمات الأحزاب الكردية على مستقبل الجزيرة السورية
7 حزيران 2020
بينما يبذل الشعب السوري التضحيات الجسام من أجل الوصول إلى دولة ديمقراطية، تبنى على المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات، وتحقيق حياة حرة كريمة للأجيال القادمة، تستغل بعض أطرافه معاناته وانشغالاته، لتجري تفاهمات منفردة على مستقبل بلاده، مستقويةً عليه في ذلك بالظروف والتدخلات الدولية؛
تشير المعلومات المسربة عن التفاهمات ما بين المجلس الوطني الكردي وميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي إلى توافق ما بين الطرفين على إبقاء الإدارة الذاتية – المفروضة بالقوة على السوريين – كحالة أمر واقع، من أجل تطويرها إلى فيدرالية أو حكم ذاتي يهدد وحدة سورية؛ وعلى الاحتفاظ بالقوات العسكرية والأمنية الكردية لـPYD – YPG مع إشراك – لم يحسم مقداره – لقوات بشمركة روج أفا، وعلى ضمان ذلك مع امتيازاتٍ أخرى في الدستور.
ونظرًا لتعرض هذه التفاهمات لقضايا مصيرية، تمس بشكل عام مصالح الشعب السوري، وتهدد بشكل خاص وجود باقي مكونات المنطقة، وأمنهم، وعيشهم المشترك؛ ونظراً لتجاهلها دور الغالبية من العرب والسريان والأشوريين والتركمان والأرمن والشركس وباقي الأكراد؛
وبالنظر إلى الموقف من التحالف التاريخي، المستتر، والمستمر لميليشيات PYD – YPG مع نظام الأسد وإيران، ومن ارتباطها العضوي مع حزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الإرهاب، ومن سلوكها الممنهج في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين، ومن حالة الفساد والاضطهاد التي عمّت المنطقة خلال السنوات الماضية، التي اغتصبت – هذه الميليشيات – خلالها النفط وخيرات البلاد، منتجةً مزيداً من القهر والفقر للأهالي، ومزيداً من التسلط والثروة لأذرع قنديل من أشخاص وكيانات.
فإننا نحن الموقعين أدناه – الممثليين لطيف واسع من أبناء المنطقة الشرقية – نستنكر هذه التفاهمات ونرفض مخرجاتها، ونؤكد استحالة فرض أي اتفاق – على أرض سورية – لا يقبل به السوريون؛
مثلما نؤكد أن إدارة شؤون المنطقة ومكافحة الإرهاب فيها تستلزم التعاون مع كافة المكونات، باختيار الشركاء الجيدين وإبعاد المتورطين بدماء المدنيين.
ونعرض خلال ذلك على الحكومات الأمريكية والفرنسية وباقي الدول الصديقة مبادرتنا للعمل من أجل عودة اللاجئين والمهجرين الطوعية والآمنة إلى مناطقهم الأصلية، ومن أجل استعادة السلم الأهلي وأواصر المحبة والتعايش الموروثة في المنطقة منذ قرون، ومن أجل حماية حقوق الإنسان فيها، لتكون رافعة في دعم الحل السياسي بالاستناد إلى بيان جنيف وقرارت مجلس الأمن 2118 و 2254.
نناشد إخواننا السوريين من كافة المحافظات التضامن معنا في حماية المنطقة الشرقية من المشاريع الضيقة؛
فالجزيرة كانت وستبقى أرضاً سورية لجميع السوريين، أثْرت العالم بحضاراتها القديمة وخصبها المتجدد، ونسيج أهلها المتنوع.
الموقعون:
*Vereist
اسماء الموقعون حسب ترتيب تاريخ التوقيع
1. ليندا باريش إيليا ناشطة حقوقية
2. نجاح عثمان مهندسة
3. د. محمود الحمزة أكاديمي وباحث سياسي
4. عبدالحميد عكيل العواك دكتور في القانون الدستوري
5. عبدالعزيز التمو رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين
6. شذا برغوث أديبة
7. رياض حجاب رئيس مجلس وزراء سوريا سابقا
8. زينب فواز الشيخ ناشطة اعلامية
9. هيثم المالح محامي حقوقي
10. الدكتور محمود عبيد باحث وخبير اقتصادي
11. جمعة الدبيس العنزي قاضي
12. عبد الحكيم قطيفان فنان
13. برهان غليون سياسي سوري
14. طه الرحبي كانب صحفي
15. فارس الحلو فنان وناشط اجتماعي
16. نوار بلبل ممثل ومخرج
17. خالد الحماد الأمين العام لجبهة الأصالة والتنمية
18. بيان الأطرش مواطن سوري
19. رديف مصطفى رابطة المستقلين الكرد السوريين
20. فايز السعدي الشمري
21. الشيخ سالم المسلط عضو ائتلاف و رئيس مجلس القبائل
22. دوريا مسعود ناشطة
23. نجاتي طياره كاتب سوري
24. محمود الماضي معارض سياسي
25. سليمان عبدالله القرفان نقيب المحامين بدرعا وعضو لجنة دستورية عن قائمة المجتمع المدني
26. شايش متعب الملحم ثائر سوري
27. نضال محمود الحسن عقيد منشق عن نظام السوري المجرم
28. طه الرحبي كانب صحفي
29. سمير نشار معارض سياسي
30. الدكتور أحمد طعمة رئيس الحكومة المؤقتة الأسبق
31. مهند الكاطع كاتب سوري مستقل
32. العميد الدكتور علي علاو ممثل التيار الشعبي الديمقراطي
33. د.جواد ابوحطب عميد كلية الطب البشري ،جامعب حلب الحرة
34. اسعد مصطفى وزير الدفاع السابق في الحكومة المؤقتة
35. عبد الناصر العايد رئيس صحيفة جسر
36. عماش الجديع وزير زراعة سابق
37. معاذ الحاج يوسف ناشط سياسي
38. محمد صبرا سياسي ومحامي سوري
39. ريم العمري دكتورة
40. بهجت الاتاسي عضو الائتلاف الوطني
41. حسام الدين شريف محامي
42. المحامي ياسر الفرحان باحث ومدافع عن حقوق الإنسان
43. البراء الكسار ناشط
44. غالية قباني كاتبة وصحفية
45. د.عبدالرحمن ددم مجتمع مدني
46. القاضي خالد شهاب الدين رئيس هيئة القانونيين السوريين
47. د. محمد زكوان بعاج ناشط مستقل
48. مروان العش اللجنة السورية للمعتقلين والمعتقلات SCD
49. مضر حماد الأسعد
اعلامي وسياسي معارض سوري
50. زاهر زيادة منظمة مجتمع مدني
51. فدوى العجيلي عضو هيئة التفاوض السورية
52. جواد عبيد صيدلاني
53. إبراهيم الجبين كاتب وصحفي
54. نواف فرحان الطائي عضو مجلس القبائل والعشائر السورية ورائيس تجمع ابناء قبيلة طي
55. عقاب يحيى كاتب وسياسي
56. اسماعيل جبين مجتمع مدني
57. ماجد الديري ناشط سياسي
58. سامر الأحمد صحفي سوري
59. عبد الرحمن الحاج باحث وسياسي
60. عبد الرحمن ريحاوي
61. بشير البكر كاتب وصحفي
62. زكريا زكريا صحفي وباحث
63. عبدالله الفرج محامي
64. عامر عبد الحي حقوقي وإعلامي مستقل
65. حسام مكناس صحفي ورئيس قسم الدولي ل صحافة الجماهير سوري
66. ياسر دلوان
67. ماجد سليمان اعلامي
68. د. ممتاز الشيخ اعلامي وكاتب سوري
69. عمر الغريب المدير التنفيذي لمركز الفرات للعدالة وحقوق الانسان
70. مصطفى نواف العلي عضو الائتلاف الوطني السوري
71. حس المصطفى محامي مدير برنامج العيادات القانونية
72. البراء صالح ناشط مدني
73. محمد امين كركوكلي رئيس التحالف الوطني لقوى الثورة في الحسكة
74. العميد الركن فاتح حسون عميد منشق
75. محمد عبود السلطان شيخ عشيرة الخواتنه بالمحافظة الحسكة
76. سمير عليوي قانوني واستشاري إدارة
77. محمد شكيب الخالد رئيس الحركة الوطنية الديمقراطية السورية
78. محمد اسماعيل زعوط ناشط مدير مجموعة السوريين في المانيا لايبزغ
79. نجوى علي ناشطة
80. مأمون خليفة ناشط
81. خلف موان وادي كاتب و شاعر و ناشط مدني مهتم بالشأن العام
82. حذام عدي كاتبة صحفية
83. ندا الركاد طبيب
84. عدنان حاج علي نشاط سياسي ومعتقل سابق
85. محمود غزال مدير منظمة كلنا سوا
86. د . حميد العسكر حقوقي وسياسي
87. المحامي مهند الحسني رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان
88. شيار حسين هورو سياسي مستقل
89. عدنان بو ش تنسيقيات دعم الثورة السو رية في المغرب
90. نصر اليوسف إعلامي
91. م. ياسر الحسيني إعلامي – عضو الصالون السياسي السوري بعينتاب.
92. محمد عيد الإبراهيم أبو وائل رئيس مجلس السوريين الأحرار
93. بسام النوري ثائر سوري
94. أحمد العطرة إعلامي – مدرس لغة عربية
95. نوري الكدرو الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية
96. عبد خليف البوراس ممثل عشيرة البو عيسى
97. فيصل حسن الصياح مواطن سوري
98. عبد المجيد الشيخ مواطن سوري
99. رشيد الحسن حقوقي
100. غياث خانكان ناشط من أجل الحرية و العدالة
101. ياسر بن علوش المشعل رئيس مكتب العلاقات العامة في قبيلة البو شعبان
102. محمد الحمدوش مهندس مساعد متقاعد
103. موسى الهايس محامي
104. حسام النزال محامي
105. عامر السعران رئيس التجمع الوطني لقوى الثورة فى الحسكة
106. الشيخ محمد عزام عضو /منظمة السلام/ لفض النزاعات والسلم الأهلي
107. عبد السلام المطر ابو احمد رئيس مجلس شورى عشيرة الخنجر البقارة
108. أحمد محمود شلاش مهندس كهرباء من محافظة الرقة
109. عبد القادر أحمد العلي مختار مهجري الحسكة وعضو باالهيئة العامة للشرقية
110. فادي مقرش محامي
111. علي النايف محامي
112. عامر ابو ورد سوري حر
113. سالم صالح السمير شيخ عشيرة البوعاصي
114. محمد علي حمزة عضو المجلس المحلي لمدينة رأس العين
115. خيرات حنيدي مواطن سوري
116. محمد كنجو نقيب المهندسين السوريين الاحرار
117. عزيز مصطفى الجاسم ناشط
118. فيصل الهويدي ناشط سياسي
119. ازهر ابراهيم السلوم مدني
120. فاضل خلف العبدالله تاجر مواشي
121. صالح البلال تاجر خضراوات
122. حمد عسكر مواطن سوري
123. صالح حسين العبدالله مدني
124. عمر العبد العلي مدني
125. محمد حسن العلي مدني
126. محمد خضر المزيد مواطن سوري
127. جاسم العبد
رئيس قطاع التربية في المكتب التنفيذي لمجلس محافظة الرقة
128. محمد علي باشا مدني
129. خالد دحام سياسي معارض
130. ايسر محمود الحنيدي معارض سوري
131. فواز المفلح عضو في التجمع الوطني لقوى الثورة والمعارضة في الحسكة
132. محمود حاج حسين مواطن سوري
133. عدنان الدخيل مدير مكتب شرق
134. عيسى العلي موظف
135. نجاح عثمان مهندسة
136. الشيخ توفيق الفارس الزبيدي
137. عبدالرحمن الفندي مدني
138. الدكتور باسل يونس دكتور اطفال
139. فادي الحمد مواطن سوري
140. تميم احميدي الصالح ناشط
141. عبد المهدي حمود مهندس
142. ماجد المحمد مواطن سوري
143. عبدالرحمن لابراهيم مواطن سوري
144. عمر الحمش مواطن سوري
145. ابراهيم عبدالخالق السلامة مواطن سوري
146. مهند عبد الرزاق الأحمد مواطن سوري
147. محمد عبدالعزيز الجابري مواطن سوري
148. محمد الأحمد الويس الأمين العام للتجمع الثوري لعشيرة الويسات في سوريا
149. علي خضر الأحمد مواطن سوري
150. مخلف زعال النزال ماجستير كيمياء عضوية
151. سرحان مصطفى الملالي ابوعلي ناشط
152. عمار الاحمد مدني
153. صالح رمضان الشيخ علي ناشط ومعارض سياسي
154. سمير سعيفان خبير اقتصادي سوري
155. محمود سليمان العساف نائب المنسق العام للرابطة الثورية بديرالزور
156. حمزة لاغا عربي سوري حر
157. محمد الجاسم مواطن سوري
158. اسكندر الحسين مدير تنفيذي لدى شبكة إدلب القانونية
159. الشيخ نضال كريم حسن الإبراهيم نائب الٱمين العام لائتلاف شباب القبائل والعشائر العربية
160. محمود بن عبد المحسن الجعبري مواطن سوري
161. داود صالح المجود مواطن سوري
162. طارق العمر مدير شبكة حماه القانونية
163. علي الاحمد موطن سوري
164. نبيل فندي عضو هيئة سياسية بدرعا
165. حسام الدين شحادة محامي
166. د.اسامه عبود الحامد طبيب عربي سوري يحلم بمجتمع العدل والمساواة وحكم القانون
167. حمزة السوعان ابوالعباس امين سر تجمع الشرقية الوطني
168. وائل العبود مواطن سوري
169. رشيد الناصر مهندس .ناشط سباسي
170. كمال الحسن اكادمي
171. احمد الفندي
172. عبدالرحمن العبدالله مواطن
173. فادي صلاح الصالح مواطن سوري
174. محمدابوزهرة ثوري
175. عبدالرحمن فراج الخضر ناشط إعلامي
176. عامرالعريس ثوري
177. محمد حسن لاحمد مدرس رياضيات
178. علي حسن لاحمد مواطن سوري
179. مهند محمد نوري الجاجان مدني مستقل
180. أسامة العمر ابو يزن معارض سوري
181. منير عكاشة مدرس
182. نجم درويش كاتب..صحفي
183. المهندس مقداد سوادي عضو المجلس المركزي في الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية
184. المحامي ناصر عليان محامٍي
185. منير القسيم مهندس
186. قاسم السماعيل ضابط منشق
187. سعيد ابراهيم العلو خريج شريعة
188. احمد عبود معارض سوري
189. محمد عبود معارض سوري
190. علي حماد معارض سوري
191. عارف وليد العلوش مجاز مساعد مهندس الكترون وكهرباء
192. أحمد هجرس العبدالله مندوب أغاثي
193. محمد صالح الخضر مواطن سوري
194. عبد محمد عباس مفتي رأس العين
195. عبود الفارس مواطن سوري
196. صالح الشحمة طبيب _ الرقة
197. عبدالحكيم ابورفعات الدملخي ممثل عشيرة الدمالخة ورئيس مكتب العلاقات العامة
198. عبدالحنان ظاهر مختار تل حلف
199. احمد المشهداني
200. عبدالرحيم العيسى طبيب
201. د . حميد العسكر حقوقي و سياسي
202. محمد حسين عبدالله عامل
203. خليل الأحمد فني في علوم الهندسة الكهربائية
204. فهد احمد الموسى عقيد ركن
205. ابراهيم احمد الناصيف مهندس
206. محمد عمران مواطن عربي
207. براء المحمد مواطن سوري
208. أحمد الاحمد مواطن سوري
209. بهاء الحسين مواطن سوري
210. عادل الجاسم مواطن سوري
211. أحمد خلف العبد الشاهر مهندس زراعي
212. عبد الناصر العمر حوشان محامي
213. عزت الفحام طبيب
214. علي حمد الملحم محامي
215. حسن رزوق الاحمد ناشط ثوري ومعتقل سابق
216. جهان حمد الخلف اعلامية وناشطة بالمجال الانساني
217. عمار محمد نصار ناشط سوري
218. محمد صالح الصبار مواطن سوري
219. أحمد حزوري أبو حسن ناشط ثوري
220. حسين الحاج رئيس مجلس محلي بلدة تلشعير سمعان
221. أحمد عبدلله بهلول مواطن سوري
222. عمر البكور مواطن سوري
223. مهند علي العبد الله ممرض
224. محمود خالد مواطن سوري
225. خالد محمد شميطي صاحب أرض
226. أحمد عبدو حسينات الهيئة السياسية في محافظة إدلب
227. عبدالرحيم النجار سورية للجميع وليس الأكراد فيها أرض محددة
228. محمود العبدالله عقيد
229. أبو أحمد الآزوري كاتب صحفي و ناشط حقوقي
230. عبد الكريم ابو عبدالله مواطن سوري
231. نذير علوش ناشط سياسي
232. أحمدكلش مواطن سوري
233. أحمد قاسم العلي ناشط ثوري
234. محمد محمد يوسف معارض سوري مستقل
235. غانم الخليل ناشط سياسي
236. زياد الاحمد ناشط سياسي
237. Ikbal ahmad aboisbaa Syrian citizen
238. ابو عبد العزيز القرعاني مهندس
239. عبدالله هويدي مواطن سوري
240. صلاح حمدو الكنش ناشط سياسي
241. Ammar Attia
242. محمد جلود مواطن سوري
243. محمد حاج حسين محامي
244. اسماعيل محمود السليمان ناشط سياسي
245. آدام خالد الحسن مواطن سوري
246. احمد الابراهيم مدرس
247. ياسر دلوان سياسي
248. سلامة درويش طبيب
249. حمود احمد مواطن سوري
250. حمود احمد نازح من دير الزور
251. شكرالله العساف مدرس لغة انكليزية
252. احمد ابراهيم حسون محام مستقل
253. خلف عزيز العبدالله عربي
254. سمير عليوي قانوني واستشاري إدارة
255. إبراهيم الصطوف مدير مدرسة
256. عبدالقادرالعجيل المحمدأغا شاعر وناشط حقوقي وسياسي
257. احمد العلي حازم
258. بشار محمد الخطاب ممثل قبيلة خزاعة في سورية واحد شيوخها وناشط سياسي
259. أنس كزبر مواطن سوري
260. Rahawe Alabdallah مواطن عربي سوري
261. يحيى الخطيب ناشط سياسي مستقل
262. محمد ناصر الخطيب ناشط سياسي مستقل
263. عمر العلوان
ناشط سياسي
264. عمر خالد المصطفى ناشط مدني
265. خالد العمر معارض
266. عبد الله سليمان منصور حقوقي وناشط مدني
267. زاهر تحسين زيادة سوري من مدينة داريا
268. عبدالرحمن ريحاوي مواطن
269. Mazen kseibi مواطن سوري
270. محمد الحاج علي مواطن سوري
271. حكمت بو حسون مدرس سابق
272. Mayez el Jandali
273. نادر وهبة ثائر يسعى للحرية ودولة المواطنة
274. Rimoun almalouli Profesor
275. احمد عمار معارض سوري
276. صدام حسين الجاسر ناشط سياسي وسجين سابق في سورية
277. راشد الإبراهيم مدني
278. انس الحريري معارض سوري
279. عمار الصالح العلي مواطن سوري
280. مناف الجديع مواطن سوري
281. فواز السبعاوي ناشط حقوقي
282. مازن محمد العلوش مواطن سوري
283. ايمان سليمان ناشطة سياسية
284. حاتم بدران ناشط ثوري – مدرس
285. عماد الاسعد امين السر في جمعية الوطن للأعمال الإنسانية والخيرية
286. حسن الحسن مواطن سوري من الحسكة
287. احمد حمود عضو الهيئة السياسية لدمشق وريفها
288. عبدالر زاق علوش ناشط في الثورة السورية والربيع العربي.
289. نوري الكدرو مفوض اورفا للكتلة الوطنية الديمقراطية السورية
290. رائد دهموش شخصية وطنية
291. المجو اسماعيل مدير مدرسه
292. تركي الجاسم المحمد ناشط ثوري
293. عارف نورالدين مواطن عربي سوري
294. عمر ياسر سوري
295. احمد بقاعي طبيب
296. اسماعيل الحاج اسماعيل مواطن سوري
297. سعاد عجان سورية
298. صالح البعاج ثائر حر
299. حسان عكله طبيب
300. ياسين هلال ناشط حقوقي
301. سامر بقدونس سوري من دمشق ولا ارغب بسوريا مقسمة
302. معروف احمد الجميل مواطن سوري
303. عمار المصارع صحفي
304. احمد الحسن
305. احمد عبد العابد معارض سوري
306. عبد الرزاق عبود فنان تشكيلي
307. محمود الجراح شاعر
308. عبد خليف البوراس ممثل عشيرة البوعيسى
309. كسار الجلال مواطن سوري
310. محمود غزال مدير منظمة كلنا سوا
311. احمد حسام محمد الأحمد
312. جميل الكاطع موظف سابق بإتحاد عمال الحسكة
313. عبد العزيز عجيني عضو الحركة الوطنية الديمقراطية
314. حاتم البرهو مواطن سوري
315. عمر الأحمد سوري حر
316. د محمد حمشو طبيب جراح
317. عامر عبد الحي حقوقي وإعلامي
318. يعرب رسلان ثائر غيور على سوريا
319. وائل احمد الحسن طالب جامعي
320. باسل القاطع لاجىء سوري
321. جاسم الجاسم محامي
322. خلف موان وادي كاتب و شاعر و باحث . ناشط مدني مهتم بالشان العام
323. ليث النوري لاجئ
324. مشهور ابو لطيف
مدرس متقاعد….. السويداء
325. Hafez Husain Hafez Doctor
326. ناصر محمود الحسين مدرس
327. مؤيد ابراهيم ناشط
328. وائل عبد العزيز ناشط سوري
329. عالية منصور معارضة سورية
330. محمد علاء غانم أكاديمي سوري
331. رباح صالح ناشطة سياسية
332. أحمد عقيل كلش مواطن سوري وناشط ب مشروع وطن للحراك المدني
333. عبدالقادرالعجيل المحمدأغا شاعر وناشط حقوقي وسياسي
334. معتز المير اسعد ناشط ثوري
335. سمير نشار معارض سياسي
336. حسن المصطفى مدرس
337. ماهر الحمود مهندس نووي
338. الدكتور تيسير الرداوي رئيس هيئة تخطيط الدولة في سورية سابقا
339. محمد علاء غانم أكاديمي سوري
340. عادل درويش ناشط بالمجتمع مدني وحقوق الانسان
341. بهاء الدين نجيب المدير التنفيذي لمنظمة نبني
342. عبد الرحمن الحاح سياسي واستاذ جامعي
343. عبداللطيف هزيم مدرس
344. وائل عبد العزيز ناشط سوري
345. Fawa Alawad Teacher
346. محمد الخليفة محامي و ناشط ثوري
347. أمين محمد ناصر صحفي سوري
348. شهاب احمد الخلف مواطن سوري
349. مهند الخانم ناشط ثوري
350. محمود هلال ناشط
351. بشار الحاج علي سياسي
352. محمد خليفة كاتب وصحافي
353. أسامة احمد عواد
354. مهند مدرس
355. حسن الأحمد
356. حسان الأسود مدير الرابطة السورية لحقوق الإنسان والمساءلة
357. اياد ددم اعلامي
358. نضال محمود الحسن عقيد منشق عن نظام السوري المجرم
359. زياد المنجد اعلامي
360. احمد حميدو ابو شريف ناشط سياسي
361. وهاد الحاج يحيى ناشطة في الثورة السورية وفي مجال حقوق الانسان
362. منال عباس
363. هشام نيازي أدب أنكليزي. عمل حر سابقا
364. مروان حبش عضو قيادة قطرية ووزير أسبق، معتقل لمدة مايقارب ربع قرن بعد انقلاب تشرين الثاني1970
365. يحيى عبد القادر الخطيب ناشط سياسي مستقل
366. وائل ابراهيم
367. رفعت عماشة ناشط سوري من الجولان المحتل
368. عمر الشيخ ابراهيم صحافي
369. مثنى محمود بركات اعلامي
370. أحمد، الخضر مواطن سوري
371. مثنى محمود بركات اعلامي
372. حمزه اللطيف طبيب
373. هيثم خوري طبيب وباحث علمي
374. محمد مصطفى زلطي ناشط سوري
375. داوود سليمان ناشط سياسي
376. د.رفعت عامر باحث واستاذ جامعي
377. مهنا سليمان
ناشط
378. صالح محمد أمين الطويل ضابط سابق بالجيش العربي السوري ولاجىء سياسي منذ 45 عام
379. عبد المنعم الحميدي ناشط سياسي
380. محمد غياث سحلول صحفي
381. محمد رفاعي الجوجو حقوقي
382. مهند النحاس ناشط
383. ثامر الجهماني محامي
384. حميد الحويج مخرج تلفزيوني وصحفي
385. أكرم عبد الدايم ناشط سياسي
386. Ibrahim ghashim.
387. وليد الشيخ مدير مكتب امانة السر في تجمع العدالة السوري
388. زينه وزان مواطنه سوريه
389. طريان القونرش ناشط ثوري اعلامي- الحسكة
390. ربيع الأخرس فنان تشكيلي
391. زياد ابو صالح مهندس
392. قونداح المنطر باحث
393. كماري قريج طبيبة نسائية
394. كوبهنو سركو المنظمة الاثورية
395. سركو بنقوني المنظمة الاثورية
396. ازكوما بهنام الاتحاد السرياني
397. هدى المصري ناشطة سياسية وحقوقية
398. كوتانفان اشمط مترجمة
399. منير محمد بيطار قيأدي في حركة الاشتراكيين العرب
400. تيسيرالنجار رئيس الهيئة العامة السورية للاجئين
401. جسام أديب أمين كاتب وإعلامي
402. محمد اديب المغير مهندس سوري من دير الزور
403. محمود خزام صحفي
404. جينا شعشاعة ناشطة سورية
405. نغم حوا مدرسة فلسفة . عضو تجمع العهد ووالكرامة
406. محمد الحاج علي لواء منشق عن نظام الاسد
407. زكي الدروبي صحفي وسياسي
408. فوزي البكري فنان مواطن سوري من الحسكة يقيم بلندن
409. فهد السيد ناشط سياسي
410. حسن المصطفى مدرس
411. ميشيل سطوف طبيب
412. عمر المختار ابو مصطفى اعلامي مستقل عن كل الفصائل
413. Moutaz shaklab الحراك الثوري السوري
414. عبد الناصر اسماعيل ناشط سياسي
415. عبد الحكيم جنيد مهندس
416. د تغلب الرحبي طبيب ناشط في الثورة السورية
417. سمرالحسون محاميه
418. أنس محمد المصطفى مواطن سوري حر
419. خليل المخلف مهندس
420. ابراهيم الحمد ضابط منشق
421. احمد زكور ناشط اعلامي
422. مهند محمد ناشط ثوري
423. عبدالله ابراهيم العاكوب معارض سوري
424. أنور الخطيب مدرس رياضيات
425. درويش خليفة ناشط
426. محمد علاء غانم أكاديمي سوري
427. أسامة محمود آغي كاتب وصحفي
428. عبدالله إبراهيم عبود مواطن عربي سوري
429. احمد الحريري ناشط سياسي
430. اتحاد رشيد الياسين مربية ومعلمة
431. صالح الشحمه طبيب_ دير الزور
432. Mechal aladawi صحفي
433. مشعل العدوي صحفي
434. اليسار الرداوي طبيبه من ابناء المنطقه الشرقيه
435. محمد فاخر قزموز ناشط سياسي
436. عدوية العبيد المحمد مواطن
437. سليمان الكفيري مدرس
438. عبد الله سليمان منصور حقوقي وناشط مدني
439. شاكر حسون مواطن سوري
440. عبدالرزاق علوش ناشط في الثورة السورية
441. أحمد مظهر سعدو كاتب صحافي سوري
442. Falak Al Hamdan Engineer
443. محسن جميل حزام حزب الاتحاد الإشتراكي العربي الديمقراطي في سورية
444. د.كمال سلوم محاضر سابق في الجامعة السورية
445. حسين العبدالله محامي
446. آصف دعبول عضو اللجنه التحضيريه للمؤتمر الوطني العام
447. حسن الفحيمان مسؤول اغاثة وأحد ابناء ديرالزور
448. سهير الأتاسي سياسية مستقلة
449. Fatemah Sharba ناشط سياسي ومدني
450. د.نضال فتيح طبيب اختصاصي بالأمراض الجلدية
451. عبد المنعم غشيم ناشط سياسي
452. اسامه مسالمه مواطن سوري
453. احمد غازي طبيب سوري مغترب
454. بشارعبدالوهاب الخضر مواطن سوري
455. خالد علي الخضر مواطن سوري
456. لؤي صافي استاذ جامعي وسياسي سوري
457. بدرالدين عرودكي كاتب ومترجم
458. متين كوركيس مواطن سوري
459. ناصر سابا مستشار قانوني
460. متين كوركيس مواطن سوري
461. اسيمة ثلاج مواطنة سورية من مدينة دير الزور
462. دروز نوبل مدرس متقاعد
463. حسام مواطن سوري
464. دروز نوبل متقاعد
465. شذى المصطفى مشرفة تربوية
466. معتصم محمد الابراهيم مدرس
467. عبد العزيز عجيني عضو الحركة الوطنية الديمقراطية السورية
468. مأمون البورسان أستاذ تاريخ
469. محمد الاحمد دكتور جامعي
470. جريس الهامس محامي وكاتب
471. حمدو خليفة بن خليفة مدرس
472. خليفة خليفة مهندس زراعي
473. نورس خليل الخليل متابع
474. مازن أحمد الجنيد عضو رابطة دير الزور الثورية
475. احمد الحاج ناشط مدني
476. على جاسر مهندس
477. مضر الدبس كاتب وسياسي سوري
478. محمد مصارع الحمود مواطن
479. خليل الحاج صالح مواطن
480. محمد عبد العزيز التمو ناشط
481. عبد الرزاق الحسين قاضي
482. Rody mustafa KKS Member
483. محمود المعمار مهندس
484. محمود الهادي محامي
485. جوان العيسى رابطة المستقلين الكرد
486. ريزان مصطفى ناشط سوري
487. محمود فرحان رابطة المستقلين الكرد
488. أسامة ظافر طيار
489. محمد علي عيسى عضو مجلس الادارة لرابطة المستقلين الكرد
490. عمر شحرور رئيس حزب العدالة والتنمية السوري
491. عيسى الحميد ابو المؤمل ثوري
492. محمد العكلة فنان تشكيلي
493. طلال المصطفى أكاديمي وباحث في السوسيولوجيا
494. محمود الشيخ اكاديمي سوري
495. samar allouni ناشط مدني
496. فرحان المطر صحفي
497. فرات الوفا مؤسس ومدير إعلاميون بلا حدود الرقة
498. عمار قط إعلامي
499. مازن الجعبري طالب جامعي
500. ماجد جمعه وزارة العدل
501. عبدالرحمن كحيل ناشط ثوري
502. عبد الكريم الحاتمي مواطن سوري
503. احمد شعبان صحافي سوري
504. احمد الحمود ناشط سياسي
505. علي العائد كاتب صحفي.
506. عمار التايه ضابط مهندس
507. يوسف دعيس كاتب وصحفي
508. د محمد عبدالله الحايك دكتور مهندس
509. نواف الركاد باحث و ناشط سياسي
510. غازي السطام الحريث الملحم
511. وائل العبود مدرس وناشط ثوري
512. فواز فاضل المفلح عضو التجمع الوطني لقوى الثورة في الحسكة
513. المحامي عبدالله العلي ناشط سياسي
514. عبدالسلام حسون مواطن سوري
515. د.عامر عبدالحميد العايش طبيب
516. ندى شاكر كركوكلي . مدرسه و ناشطه مدنيه مهتمه بالتنميه الاسريه
517. رامي النومان محامي
518. عبدالله العلي محامي وناشط سياسي
519. جود خلف وادي . طالبة علوم سياسيه و علاقات دوليه
520. ياسمينا بنشي عضو مجلس إدارة شبكة المرأة الانسانية السوري
521. محمد أحمد محام
522. المهندس جابر الاسعد الرابطة السورية لحقوق اللاجئين /مكتب أوكرانيا
523. خالد محمد شميطي ناشط ثوري و سياسي
524. المهندس مهند رياض العليوي معارض سوري
525. عبد السلام حسون سوري مستقل
526. خالد أحمد الزين محامي
527. عبد الكريم المحمد محامي
528. نزار محمد النعيمي عضو الرابطة السورية لحقوق اللاجئين.
529. مهند الحلاق حقوقي
530. شايش متعب الملحم قائد ميداني (احرار الجزيرة)
531. معبد الحسون كاتب
532. ميزر الحوش عضو منظمة السلام لفض النزاعات والسلم الأهلي/رأس العين /سوريا
533. اسكندر الحسين محامي
534. جورج صبرة معارض سوري
535. صالح فاضل صالح التركماني عضو الهيئة الاستشارية لتركمان سورية
536. صهيب عبدالرزاق جابر صحفي
537. يسار باريش ناشط سياسي
538. سقراط العلو باحث سوري متخصص بالاقتصاد السياسي والدراسات الديمقراطية
539. منير عبد العزيز ناشط مستقل
540. سليمان الحمادي ناشط سياسي ومعارض
541. أسامة الحسين ناشط مدني
542. علاء المخزومي الهيئة السياسة لريف دمشق
543. معمر محمد الحساوي التجمع الوطني لقوى الثورة والمعارضه في الحسكة
544. عبد الجبار عساف مواطن سوري
545. معتز خوجة مواطن سوري
546. عبدالكريم محمود جوهر محامي وشاعر محامي
547. عبد الغني حمادة أديب وناشط سياسي
548. عبدالله العمري ناشط اعلامي
549. أنس محمد المصطفى مواطن سوري
550. عبدالرحمن مطر كاتب
551. د كمال عمار طبيب
552. احمد حسن اعلامي
553. زياد حسن تركماني رئيس حزب الحركة الوطنية التركمانية السورية
554. فاخر العوض… اقتصادي وناشط في الثورة
555. إبراهيم خليلو مواطن سوري حر
556. المستشار محمد امين الحريري مستشار قانوني
557. د مأمون البورسان أستاذ التاريخ عضو جبهة المستقلين السوريين
558. عدنان ابو خروب مواطن سوري
559. فاروق العلي مدرس جامعي
560. د يونس عبدالعزيز طبيب وناشط إعلامي
561. حمزة داوود معارض سوري
562. محمد المطرود كاتب وناقد
563. المحامي عبد الوهاب الضعيف محامي وناشط حقوق وسياسي
564. حمود خلف ناشط ثوري
565. اسامة العاشور ناشط مدني وسياسي
566. عبود محمد الحمام صحفي مستقل
567. ساير الحاج ناشط حقوقي
568. عبد القادر خياشي صحفي
569. المحاميه سمر الحسون ناشطه حقوقيه
570. طلال خيشي صحفي سابق
571. خليف ابراهيم مدني مُهجر
572. أدهم باشو دكتور
573. قاسم سعد الدين عقيد
574. عبدالسلام الاسماعيل عضو مؤسس لمنظمة العربية لحقوق الإنسان (فرع سوريا)
575. د. محمد عبد الوهاب الفراس طبيب
576. سمرالحسون محامية
577. اسلام العامري مواطن جزراوي
578. العميد عبدالباسط عبداللطيف ضابط شرطة منشق
579. صهيب الأشقر مواطن سوري
580. علي جمعه الحنظل معلم القامشلي الجواديه
581. رامي عبيد الخليل ناشط سوري
582. عبد الكريم مصطفى ناشط مدني
583. واحة الراهب مخرجة سينمائية – روائية
584. حسام الدين العمر مهندس
585. ماجد جمعه محامي وناشط حقوق انسان
586. عمار التايه ضابط مهندس
587. خليل المخلف مهندس
588. يوسف دعيس – كاتب صحفي
589. د.محمد عبد الله الحايك
590. نواف الركاد – باحث وناشط سياسي
591. زكريا خالد الحراكي – محامي
592. وائل العبود – مدرس وناشط من الرقة
592. فواز فاضل المفلح – عضو التجمع الوطني لقوى الثورة في الحسكة
593. المحامي عبدالله العلي – ناشط سياسي
594. عبدالسلام حسون
595. المحامي عبدالله العلي – ناشط سياسي
596. د.عامر عبدالحميد العايش – طبيب
597. عبدالسلام حسون
598. ندى شاكر كركوكلي . مدرسة وناشطة مدنية مهتمة بالتنمية الأسرية
599. رامي النومان – محامي
600. عبدالله العلي – محامي وناشط سياسي
601. جود خلف وادي .- طالبة علوم سياسية
602. ياسمينا بنشي- عضو مجلس إدارة شبكة المرأة الانسانية السوري
603. محمد أحمد- محامي
604. المهندس جابر الاسعد- الرابطة السورية لحقوق اللاجئين /مكتب أوكرانيا
605. العقيد زياد حاج عبيد
606.خالد محمد شميطي- ناشط ثوري و سياسي
607. المهندس مهند رياض العليوي- معارض سوري
608. عبد السلام حسون- سوري مستقل
609. جود خلف وادي .ناشطه مدنيه و طالبة علوم سياسيه و علاقات دوليه
610. خالد أحمد الزين – محامي
611. عبد الكريم المحمد- محامي
612. نزار محمد النعيمي- عضو الرابطة السورية لحقوق اللاجئين.
613. مهند الحلاق – حقوقي
614. شايش متعب الملحم- قائد ميداني (احرار الجزيرة)
615. معبد الحسون كاتب
616. ميزر الحوش- عضو منظمة السلام لفض النزاعات والسلم الأهلي/رأس العين /سوريا
617. اسكندر الحسين- محامي
618. جورج صبرة – معارض سوري
619. صالح فاضل صالح التركماني- عضو الهيئة الاستشارية لتركمان سورية
620. صهيب عبدالرزاق جابر – صحفي
621. يسار باريش- ناشط سياسي
622. سقراط العلو – باحث سوري متخصص بالاقتصاد السياسي والدراسات الديمقراطية
623. عبدالسلام حسون -مواطن سوري
624. منير عبد العزيز- ناشط مستقل
625. المقدم هشام المصطفى- سياسي وضابط سوري معارض
626. ابراهيم الحمد ضابط منشق
627. أسامة الحسين ناشط مدني
628. علاء المخزومي الهيئة السياسة لريف دمشق
629. معمر محمد الحساوي – التجمع الوطني لقوى الثورة والمعارضه في الحسكة
630. عبد الجبار عساف
631. ابراهيم الحمد- ضابط منشق
632. حسام الدين العمر- مهندس
633. جمعة الخلف- مواطن
634. العقيد الركن حسين الكاش- ضابط منشق عن نظام الاجرام
635. محمد فواز معتقل سياسي سابق .. ناشط مدني مدافع عن حقوق الإنسان
636. د. علي الخضر طبيب سوري
637. عبدالله الخطبي ضابط منشق
638. د. حسين مرهج العماش استاذ الاقتصاد
639. العميد عبد الله زكريا
640. اكرم يوسف الطائي مواطن
641. حسن الاحمد العقيد
642. العميد فايز عمرو عميد ركن مجاز
643. احمد شقلب ناشط ثوري
644. عزيز حمدان مهندس معماري
645. قاسم سعد الدين ضابط منشق
646. عدنان عبد الرحمن اغا الخليفة معارض من تركمان الجولان المحتل
647. محمد عيد الاحمد عقيد طيار
648. عبد الحميد الحميدي مهندس لا اوافق على إقامة كيانات مستقلة .. واطلب اقامة دولة مدنية ديمقراطية واحدة ..
649. علاءالدين بركات عضو مجلس الإدارة لدى رابطة المستقلين الكرد السوريين
650. المستشار محمد امين الحريري مستشار قانوني
651. عبدالعزيز الطيباوي صحفي
652. صبحي دسوقي كاتب وصحفي سوري
653. سعد البرازي نريد سورية حرة
654. عبدالعزيز الطيباوي صحفي
655. العقيد مالك كردي نائب قائد الجيش الحر سابقا
656. حسن حافض ناشط وممرض
657. محسن الحمدان ضابظ منشق
658. حسام عبدالله شبيب حقوقي
659. صدام عليوي العليوي ناشط ثوري
660. بكري القدور رئيس المكتب السياسي في حزب المجتمع السوري
661. عمارالشهاب ناشط ثوري
662. لما الطحان مهندسة
663. خالد الخالد مواطن سوري
664. فائز المطر مواطن عربي سوري
665. طارق عبد الكريم العمر مدير شبكة حماة القانونية
666. درويش خليفة ناشط
667. محمد الفيحان
668. بلال المصطفى ناشط مدني
669. شعبان أحمد هارون الخطاب نشاط ثوري و إنساني
670. أسامة بشير كاتب ومدرس بالجامعة البلغارية
671. عدنان حاج علي ناشط سياسي ومعتقل سياسي سابق
672. اكرم الصالحة ناشط بتسيقية الثورة السورية لينة فنشبوري السويدية
673. عمار برد محامي سابق حلب
674. غازي جابر العبود عميد منشق
675. عمر الشيخ ابراهيم صحافي
676. ملحم نواف القعيط مستقل
677. جاسم الثامر حقوقي سوري
678 عبد السلام الأحمد مهندس
679 صبحي محمو
680 عدنان صطيف عميد ركن
681 عماد الشوفي مدرس متقاعد ناشط
682 احمد المهيد ثائر وناشط ثوري
683 عبدالله الخطيب ضابط منشق
684 عبد المجيد هيطلاني مهندس مكانيك
685 عبد الرحمن المنصور عقيد ركن
686 ماهر السليمان ناشط ثوري
687 محمد مجوز ثائر حر
688 المهندس فهد الرداوي الأمين العام لتيار التغيير الوطني السوري
689 مدين الإبراهيم محامي و ناشط حقوقي
690 مصطفى الحاج حسين قاص وشاعر
691 كمال باكير محامي
692 علاءالدين بركات عضو مجلس الإدارة لدى رابطة المستقلين الكرد السوريين
693 محمد عيد الاحمد عقيد
694 زياد الدهنه مهندس
695 فائل تركاوي محامي وناشط حقوقي
696 سامر الدندح مواطن سوري
697 اسماعيل محمد البركات
698 محمود علي الخلف أمين عام حزب الوسط السوري
699 خضر حسين البرهو معارض سوري من مهجري الحسكه
700 محمود المحمد مواطن سوري
701 محمد حمود طلاع الجبوري جامعي
702 عبدالله السلطان محامي
703 الدكتور محمد سليم علي طبيب وناشط
704 غازي حسين الحصين الشمري مواطن سوري
705 علي حمد
706 ساريه الساعي مهندسه
707 د.ناصر دهام الدندح طبيب اطفال
708 فواز الخليل اعلامي
709 اكثم البرجس مواطن سوري من ديرالزور
710 عمر فهد الاسعد مدني مهجر
711 علياء مصطفى الطباع
—————————
حديثٌ في الوحدة الكردية/ بهزاد حمو
يمكن فهم الحفاوة السياسية والشعبية التي استقبل بها كرد سوريا مبادرة قائد قسد الجنرال مظلوم عبدي، الساعية إلى «توحيد الخطاب الكردي»، وذلك في ظل الفشل الوطني المستمر والامتحان السياسي القاسي الذي يخوضه الأكراد على الضفتين السياسيتين، تحديداً منذ أن كشف أردوغان، نيابة عن الإقليم، رصاصته الصريحة تجاه كل معطى كردي في المنطقة.
في خضمّ هذا الامتحان الذي بات مملّاً من شدة تكراره، تلقّفَ الشارع الكردي صيحة الجنرال الأولى، في خريف العام الماضي، وكأنها وثيقة العبور السحرية من أوحال المأزق السياسي والاجتماعي، الذي يكابده الناس ويخوضون فيه منذ أعوام. راحوا يعلقون الصيحة إيّاها إلى جانب أحلامهم الكثيرة؛ الوحدة! أعظم الأشياء البعيدة التي لطالما سعى إليها الكردي، بوصفها دواءً، كما يعتنق، لكلّ عللهِ.
لكن الرغبات في السياسة تبقى أمراً «جميلاً» فقط، ما لم تقترن بالحقائق. الواقع يقول، إن صياغة المأزق «الكردي» الحالي على إنه خلاف بين قوتين سياسيتين، يتحقق التمثيل الشعبي العادل بمجرد «اتحادهما»، أقل ما يقال عنها إنها صياغة تبسيطية، ولا تقنع أحداً سوى أهلها، والأطفال الأكراد في دواخلنا، اللاهثين أبداً حول نيران نوروز.
الواقع يقول إن صوت المجلس الوطني الكردي في الفصل المستجد من أسطورة الوحدة الكردية، صوتٌ هزيل ومبحوح، بالكاد يُسمَع من أهل ضفته، ولا يعني لهم الكثير. وعلى الضفة الأخرى، منظومة إيديولوجية صلبة ومتكاملة، تحيا، بإفناء غيرها؛ هناك، حيث يمكن لـ«شهيد» أن يشطب وجه الجنرال ومبادرته.
من جهة أخرى يعطي الإشراف الأميركي على المفاوضات الحالية، بعض الزخم المأمول، لكنه كالعادة مبالغ فيه شعبياً وسياسياً. لا يجب أن تُفهم المساعي الأميركية، في حالة التسليم بجديتها، خارج إطار عملية إعادة ترتيب واختزال القوى العسكرية والسياسية الفاعلة في الحالة السورية العامة. وهي لن تحتاج، في سبيل إنجازها كردياً، سوى إلى ورقة موقعة من «الطرفين»، قد تحصل عليها بشكل ما، إذا رمينا بكل حظنا في وجه القدر!
لكن، يبقى أن تبسيط الحالة الكردية قدر المستطاع، ودفعها ككتلة واحدة إلى المعارضة السورية وليس إلى النظام، هو ما قد تستثمر فيه أميركا كردياً. بالتالي، ليس ثمة ضامن يَعِدُ الأطرافَ بالعطايا، إن تحقق الوفاق السياسي الفعلي والأمن المجتمعي الكردي؛ لا أحد يتحمل مسؤولية الأخير، سوى من يتجاهله كل يوم.
أيضاً، قراءة المشهد الكردي الحالي بوصفه نسخة سورية عن الحالة الكردية في كردستان العراق تسعينيات القرن الماضي، هي محاولة نوستالجية، وغير دقيقة. المفاوضات التي حدثت بين الحزبين الرئيسيين في السياق العراقي، حزب الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني، نتج عنها انفراج عسكري وسياسي، وإن تضمن تقسيماً صريحاً لملامح السلطة في الإقليم الوليد، بحكم توزع قوى السيطرة على ضفتين واضحتي المعالم. ذلك على خلاف شكل العلاقة الغريب بين طرفي المفاوضات المفترضة في الحالة الكردية السورية، حيث طرفٌ، هو حزب الاتحاد الديمقراطي وإدارته الذاتية، يحتكر كل أدوات السيطرة، بعد أن رَاكَمَ خلال السنوات الماضية علاقةً صعبة الفكاك مع مفاصل السلطة والمجتمع، كان وقودها الإيديولوجيا، والاقتصاد، والكثير من الدماء. فيما يشغل الجانبَ الآخرَ من طاولة المفاوضات الراهنة المجلسُ الوطنيُ الكردي، الذي لم يعد يملك الكثير ليفاوض عليه، بعد أن استُنزِفَ شعبياً منذ تشكيله نهاية العام 2011 كجزء من المعارضة السورية.
يتم تبسيط الأمر عادة بقمع الاتحاد الديمقراطي لكل صوت مخالف، وهذا صحيح، لكنه جزءٌ فقط من حكاية طويلة. إنها محاولة لإخفاء عورة المجلس الكردي، بأحزابه وآليات عمله وخطابه… أمام كل هذه المرايا.
لكن، يبدو جلياً أن لورقة التمثيل الدولي التي يملكها المجلس وقعُ السوط على ظهر الإدارة الذاتية المكشوف، ومن خلال هذه العلاقة الملتبسة بين من يملك الرقبة الفعلية، وبين من يمسك سوطاً، نشأت حاجة الطرفين إلى لقاءات بروتوكولية، كانت تحدث بينهم سابقاً، عشرات المرات، ومن دون كل هذا الصخب، في غرف الطين الدافئة ومع كثيرٍ من الشاي المرّ.
المؤكد الوحيد هو أنه لن ينتج عن لقاءات «سعود الملا- صالح مسلم» انفراجٌ سياسيّ، يتبعه أمان واستقرار اقتصادي كحالة كردستان العراق، كما أن المعارك لن تندلع إذا تخاصما. إن كان التفاوض هو ما يريده المجلس مع الاتحاد الديمقراطي، بهدف مواجهته بكل المآخذ على طريقة إدارته للمنطقة، فإن السلال بما فيها ينبغي أن توضع على الطاولة دفعة واحدة، واللحظات التاريخية، كما يطلقون على هذه الأيام، تستدعي مراجعات شاملة ومكاشفات ثقيلة وأسئلة محقة.
في غياب كل هذا، وإلى أن يكشف «المصدر الرفيع» عن اسمه، ويتلو بيانه الهام على الأمة، فمن حق الشارع، الذي الذي تدّعي كل الأطراف تمثيله، أن لا يكفّ عن السؤال ولا عن الملاحظة.
بعد أشهر من لقاءات مباشرة، في واحدة من القواعد الأميركية شمال سوريا، كما دأبت على القول لنا «مصادر رفيعة ترفض الكشف عن اسمها»، فإن قيادة قسد تسلمت بالفعل من المجلس الكردي قائمة معتقلين ومختفين من عدة أسماء! يتهم الأخير حزب الاتحاد الديمقراطي بالوقوف ورائها. يحق للمجلس بالطبع، كما أن من واجبه، أن يسائل PYD عن كل انتهاك وقع في مناطق سيطرته منذ 2012، سياسياً على أقل تقدير. لكن على المجلس بدوره أن يقتنع بأحقية المطالب الشعبية والسياسية الداعية إلى كشف حصيلة سنوات الشراكة السياسية مع المعارضة السورية، بوصفها خياراً.
فيما لو كان المشروع السياسي المفترض الذي يحمله المجلس الكردي في مفاوضاته، هو استمرار اعتبار المعارضة السورية الرسمية بشكلها وخطابها الحالي ضامنة أو داعمة للوجود الكردي في سوريا، أو لأي حق في البلاد، فالنتيجة تُقاس طرداً مع حصيلة ما استطاع المجلس بكوادره ومؤسساته وقواته المسلحة تحقيقه في مناطق سيطرة شركائه السوريين والأتراك، من عفرين وصولاً إلى رأس العين.
ورقة التمثيل الكردي في المحافل الدولية، التي يُلوِّحُ بها المجلس في وجه الاتحاد الديمقراطي، وفي وجوه الجميع، وظّفها لتعطيل العمل السياسي، تماماً كما مارس الاتحاد الديمقراطي السلطة في المناطق الكردية بحكم الأمر الواقع. لم يقتل المجلس ولم يعتقل أحداً في سبيلها، كما يفعل الاتحاد الديمقراطي. ربما لم تسنح للأول فرصة الأدوات والسجون من أجل عقد المقارنات، لكنه مارس وما يزال كل الإرث الحزبي الكردي التقليدي في مواجهة خصومه.
من دون الخوض أبعد في: كيف أصبح لدينا تمثيل دولي؟ دعونا نسأل: ماذا تحقق؟ ما الذي حققه هذا التمثيل المفترض لجهة حماية الوجود الكردي قانونياً، وتقوية موقفه تفاوضياً؟ ليس فقط في مواجهة النظام السوري، بل في مواجهة المعارضة السورية وجمهورها أيضاً.
انتهت، دون عقاب، حادثة «الكرافة» الشهيرة لممثل المجلس الكردي في واحدة من صولات جنيف، حين وعدَ المتجمهرين المعترضين على مشاركتهم وفد المعارضة، وعدهم بالفيدرالية بكامل حلتها، من خلال مشاركتهم في مفاوضات جنيف، وإلا «فليعلقوه من ربطة عنقه»!
ما يُبقي المجلس على قيد الحياة هو القتال من أجل البقاء ضمن الائتلاف السوري المعارض، على أمل حجز مقعد دولي في الشأن السوري. وهذا ما يُصرِّحُ به المجلس دوماً، وتؤكد عليه واشنطن، وكان آخر التأكيدات قد جاء رداً على أنباء تحدثت عن تداول الملف في المفاوضات الأخيرة، وعن نية المجلس الانسحاب ونقل مقره إلى القامشلي.
تركيا بدورها غير راضية عن كل ما يتم تداوله، وهي ليست غائبة بالطبع، وبدأت تداعب المجلس الكردي، من خلال ورقة «التمثيل الكردي» ذاتها، وأقحمت في الائتلاف بالفعل أسماءَ كردية مصطنعة. وما تزال تملك الكثير لفعله.
على ضفة الجنرال، يمكن ملاحظة استياء مكبوت على ملامح أنصار الحزب في سوريا، تجاه التقارب الأخير مع «البرزانيين». هذا الاستياء المتأصل والمتبادل بين الطرفين، يتخذ أشكالاً عدة في الممارسات والتصريحات، ويجد له تبريرات كثيرة، بعضها محق. لكنها في معظمها تمارس حرباً إيديولوجيّة عمياء، وتدرك في صميمها أن آليات السيطرة المجتمعية التي صمّمها الحزب طيلة السنوات الماضية، لا تحتمل فكرة الانفتاح أو المشاركة الحقيقية، التي يفسرونها انقضاضاً على المكاسب أولاً، وثغرة سوف تؤدي تالياً إلى إعادة تفكيك المجتمع وعلاقاته وخيارته، ما يعني الخسارة الإيديولوجية المؤكدة، ويستدعي السؤال البديهي حول حصول المبادرة أساساً على المباركات المطلوبة من هناك!
محاولة فهم مصادر هذا الاستياء وحامليه من طرف «الآبوجيين»، تستحق جهداً فكرياً وسياسياً. لكن الجواب الحتمي يستوجب قدراً من الثورية في التفكير، يبدأ أولاً بإلغاء حالة الاستبداد المتفشي على أساس الانتماء الحزبي، الذي يستخدم أدوات السلطة وأختامها لفرض منظومة قيمه ورموزه وأسمائه، مستمراً بالطبع في الحديث عن الثورة الإدارية والقانونية التي رافقت ثورة الحزب المسلحة.
لكن المؤسف أن الحزب نفسه لم يستفد من البيئة السياسية «المريحة» التي يَدّعي خلقها في مناطق سيطرته، على أنقاض النظام السوري، بل مارس السلطة وكأنه يخوض حرباً أبدية مع ظلّه، صرفَ في سبيلها، ولا يزال، موارد وطاقات جبارة.
المناخ السياسي الذي أوجده الاتحاد الديمقراطي، بكافة مسمياته وأذرعه، في المناطق التي يسيطر عليها، يبدو نافراً وبشدة لكل ما هو مخالف، ناهيك عن تقبل فكرة الشراكة مع من يعتبره خصماً إيديولوجياً.
على المقلب الآخر، يستثمر المجلس الوطني الكردي في حالة العطالة الشاملة التي أنتجها حزب الاتحاد الديمقراطي، ليصرف النظر عن كل الاستحقاقات السياسية والتنظيمية، وعن الفشل الصارخ الذي ينخر بنيته. لماذا قد يلجأ المجلس إلى عقد مراجعات قاسية لأدائه، طالما تتسع عباءة PYD لكل فشله؟
من جهتها، تُصرّ السلطة الحاكمة في شمال شرق سوريا على تصدير المجلس بشخوصه وانتماءاته، على أنه «الآخر» الوحيد خارج سياج العقد الاجتماعي «المزعوم» الذي تحكم من خلاله المنطقة. وبمجرد الحديث عن بوادر تقارب مع المجلس، سوف يتحتم على الكرد أن يرضوا بطريقة حكمها وهي مرتاحة الضمير هذه المرة. بات جلياً أن هذه السلطة تتمسك بملف الوحدة والمفاوضات مع المجلس الكردي، أكثر من الأخير، هرباً على ما يبدو من استحقاقات ديمقراطية وقانونية كبرى تتجاوز المجلس وهمومه وانشغالاته.
في الخلاصة، يمكن القول إن مبادرة الجنرال لم تتجاوز، حتى الآن، إعادة سرد مكثّف لواحدة من تلك الاجتماعات الحزبية الرتيبة والمملة؛ لا شيء سوى حديث إنشائي مكرور وعقيم، وحمولات إيديولوجية عمياء، تلغي كل ما هو سياسي، وتؤسس دوماً للخطوة التالية إلى الوراء. نجحت المبادرة في إعادة تذكير الناس بتشتتها وهشاشة الأرض التي تقف عليها، واستحضار «الوحدة» باعتبارها وصفة سحرية، تُشفي كل العلل، وتَجبُّ كل ما سبق.
إن إفساح المجال أمام الحراك السياسي للمجلس الوطني الكردي، وإشراكه سياسياً وإدارياً في المنطقة، لا يتم عبر وساطات ومفاوضات لا يحتاج إليها من يملك القدرة والرغبة الفعلية في العمل. لا بد أن يكون ذلك تحصيل حاصلِ عملية سياسية ومعرفية أصيلة ومستمرة، تسعى أولاً إلى عقلنة الفضاء العام، وتهيئته سياسياً، ليكون قادراً على استيعاب كل الأصوات، وصوت المجلسُ أحدها. لكن هذه العملية تبقى محكومة بالفشل، ما لم تعمل أولاً وقبل كل شيء، على فكّ الارتباط بين سعر البندورة أو القمح في المنطقة، وبين الخطط المالية لتاجر محدد وجد لبضاعته سوقاً معتبرة في روج آفا، فيما ضاقت الأرض بساكنيها! هذا ما يمكن، وما يجب تحقيقه، أما الحاجة إلى وساطات دولية كي «تؤكدوا معاً على حماية الحقوق الكردية في سوريا المستقبل»، فإنها تعني أنكم لن تروا في المستقبل هناك، سوى أنفسكم، لتصفقوا لها!
حديث الوحدة الكردية مديد ومتشعب مثل حكايات الجدات… لا ينتهي.
موقع الجمهورية
——————-
ثلاث نقاط خلافية في مفاوضات “الوحدة الكردية” في سورية
تستمر المفاوضات بين الأحزاب الكردية في سورية، من أجل التوصل إلى “الوحدة”، وذلك تحت رعاية مباشرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
وتدور المفاوضات بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” (pyd) من جهة و”المجلس الوطني الكردي” التابع لـ”الائتلاف الوطني السوري” من جهة أخرى، وتأتي بعد سنوات من القطيعة بين الطرفين، وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى الحل السياسي، بعد سنوات من العمليات العسكرية.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن قيادي رفيع في “المجلس الكردي” قوله اليوم الاثنين، إن نقاطاً خلافية تعترض المفاوضات بين الحزبين، وترتبط بـ 3 قضايا رئيسية.
أولى القضايا، بحسب القيادي هي تبعية “حزب الاتحاد الديمقراطي” السوري لـ”حزب العمال الكردستاني” التركي، وضرورة فك ارتباطه من أجنداته الخارجية.
أما القضية الثانية فتتمحور حول وجود قوتين عسكريتين كرديتين، وهي قوات “بيشمركة روج أفا” التابعة لـ”المجلس الوطني الكردي”، والموجودة في إقليم كردستان، بينما تعد “وحدات حماية الشعب” الكردية الجناح العسكرية لـ”حزب الاتحاد”، المسيطرة على مناطق شرق سورية.
ورحلت ثالث نقطة خلافية للجولة الثانية من المفاوضات، بحسب المسؤول من “المجلس الوطني”، وتركزت حول مصير “الإدارة الذاتية” المُعلنة منذ سنة 2014 من طرف واحد.
ويتمسك “المجلس الوطني” بتأسيس إدارة جديدة بجميع سلاسلها الخدمية والأمنية والاقتصادية، برعاية دولية، يكونون شركاء حقيقيين فيها، في حين يرى “حزب الاتحاد” أن “الإدارة الذاتية” مكسب كردي، وهناك إمكانية توسيع مشاركتها، على أن تشمل الأطر الكردية كافة، والحفاظ عليها وتطويرها.
وأشار المسؤول بالمجلس إلى أن ملف المعتقلين السياسيين لم يكشف عن مصيرهم.
ونقلت الصحيفة عن مفاوض بارز من “حزب الاتحاد” قوله: “المجلس مطلوب منه اتخاذ موقف واضح من الاحتلال التركي لمناطق كردية شمال سورية”، في إشارة إلى مدينة عفرين ورأس العين.
وأضاف المسؤول أنهم طالبوا بإشراك جميع الأحزاب الكردية في سورية، لا سيما أحزاب “الإدارة الذاتية”، الأمر الذي يتحفظ عليه قادة المجلس بهذه المرحلة، ويطالبون بإبقاء المحادثات المباشرة بين الطرفين المختلفين.
ويوم أمس السبت، كانت تركيا قد أكدت أنها لن تسمح بمحاولات كل من روسيا والولايات المتحدة لإضفاء الشرعية على “وحدات حماية الشعب”، والتي تعتبر أكبر مكونات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، عبر السعي لدمجها في مسار الحل السياسي للملف السوري.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو إن روسيا والولايات المتحدة تحاولان دمج “الوحدات” في المسار السياسي السوري تحت اسم “قسد” أو السوريين الأكراد، مشيراً إلى أن روسيا كانت مصرة وحاولت جاهدة السير في هذا الطريق، قبل دخول “الوحدات” تحت سيطرة الولايات المتحدة بشكل كامل.
وأضاف جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية ليل الجمعة – السبت: “بدورنا كنا نخبرهم في كل مرة بأن هؤلاء لا فرق بينهم وبين حزب العمال الكردستاني (المصنف كمنظمة إرهابية)”، مشيراً إلى أن تركيا ليست ضد الأكراد بل ضد التنظيمات الإرهابية.
وتعتبر أنقرة أن “وحدات حماية الشعب” هي الذراع السورية لـ”حزب العمال الكردستاني”، والمصنف إرهابياً في تركيا وعدة دول غربية.
وكانت الأيام الماضية قد شهدت حراكاً من أجل التوصل إلى “وحدة كردية” بين الحزبين (الاتحاد الديمقراطي، المجلس الوطني الكردي).
وقد دعمت محادثات الوحدة من قبل المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.
—————————-
كرد سورية بانتظار نتائج مباحثات إشكالية/ عبد الباسط سيدا
المباحثات بين المجلس الوطني الكردي السوري وحزب الاتحاد الديمقراطي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني) مستمرة برعاية أميركية وفرنسية، وبالتنسيق مع المسؤولين في إقليم كردستان العراق، وسط أجواء من التصريحات والتوقعات المتباينة. وهي مباحثاتٌ تتابعها مختلف الأطراف المهتمة بالملفين، السوري والكردي؛ ويُشار هنا إلى كل من أنقرة وموسكو وطهران. وأي اتفاق يتمخض عما يجري راهناً لا بد أن يأخذ في اعتباره مختلف الحسابات والحساسيات والتداخلات. أما كرد سورية، فآراؤهم مختلفة في شأن هذا الموضوع. هناك شريحة شعبية واسعة منهم تتعامل معه من موقع عاطفي، محوره الرغبة في وحدة الكرد، ووضع حد للخلافات البينية التي تُضعف الموقف الكردي بصورة عامة، وتنذر بصراعاتٍ داخليةٍ لا تحمد عقباها في حال تطوّرت الأمور نحو الأسوأ. ويرى هؤلاء أن الاتحاد الديمقراطي قد تمكّن من إبعاد المنطقة، على الرغم من كل سلبيات إدارته، عن الفوضى المتوحشة التي سيطرت على مناطق سورية عديدة خرجت عن دائرة سيطرة النظام، وباتت في أيدي قوىً لم تتمكّن من طمأنة السوريين، بل تحوّلت، بنزعاتها الإسلاموية المتطرّفة المتشدّدة، وولاءاتها الخارجية، إلى مصدر قلق وخوف لدى غالبية السوريين.
وفي مقابل هؤلاء، هناك كثيرون بين الكرد السوريين يرون في الحزب المذكور قوة وافدة، أدخلها نظام بشار إلى جانب المليشيات الأخرى منذ بدايات الثورة السورية، وقد كُلّف مع تلك المليشيات بمهام مختلفة، تمحورت حول مساعدة النظام في عملية قمع ثورة الشعب السوري.
وكانت مهمة هذا الحزب بصورة أساسة ضبط الأوضاع في المناطق الكردية لصالح النظام. وهي المناطق التي سُلّمت إليه بموجب تفاهماتٍ وتوافقاتٍ شملت التمويل والتسليح والإدارة، وحتى هوية الكوادر المفصلية؛ وقد تم ذلك كله في اجتماعات سرّية بين أجهزة النظام وممثلين عن قيادة حزب العمال الكردستاني، وبالتنسيق مع النظام الإيراني، وبتسهيلٍ من أوساط محدّدة ضمن قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني التي أقدمت على هذه الخطوة بناء على التزاماتها مع حليفها الإيراني، ورغبةً منها في التضييق على منافسها الداخلي: الحزب الديمقراطي الكردستاني، والرئيس مسعود البارزاني تحديداً، وذلك نظراً إلى حالة التأييد الواسعة التي يتمتع بها بين الكرد السوريين، هذا إلى جانب الاعتبارات الجغرافية والتداخل السكاني، فالمنطقة الكردية في سورية أقرب إلى مناطق الحزب الديمقراطي، كما أن النسيج المجتمعي على جانبي الحدود متداخلٌ بفعل الانتماءات العشائرية والأسرية المشتركة. هذا فضلاً عما يثيره هذا الموضوع من حساسيةٍ لدى الجانب التركي، الأمر الذي من شأنه تعكير صفو العلاقات بين الحزب الديمقراطي وتركيا، وفي ذلك مصلحة مباشرة للنظام الإيراني، ومعه نظام بشار بطبيعة الحال. وليس سرّاً أن إيران هي التي أسهمت بقوة، عبر قرارات وممارسات قيادة حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، في إفشال العملية السلمية التي كانت بين الحزب المعني وحكومة حزب العدالة والتنمية، وتم الإعلان عنها في عام 2010. ويشار هنا، على سبيل المثال، إلى ظاهرة حفر الخنادق في جزيرة بوطان ونصيبين وسور؛ وإطلاق النار على الشرطة التركية؛ والحملات الإعلامية التجييشية؛ الأمر الذي عزّز مواقف القوميين المتشدّدين في الجانب التركي، حتى تفجّرت الأوضاع، وتفاعلت مع موضوعاتٍ أخرى، مثل الأزمة مع الروس، وقضية الانقلاب الفاشل، واضطراب العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية. وقد دفع ذلك كله الحكومة التركية نحو مسار أستانة وسوتشي، وترتيب الأوراق مجدّداً في إطار سياسة اعتماد الخطط البديلة، خصوصا على صعيد التحالف مع اليمين القومي التركي في الداخل. ولذلك يرى هذا الفريق من الكرد السوريين أن ما يجري إنما يأتي في سياق سعي أميركي من أجل الاستمرار في الاستفادة من إمكانات الحزب المعني العسكرية، والاستفادة، في الوقت ذاته، من الموقف الكردي السوري العام الذي لم يتمكّن حزب الاتحاد الديمقراطي من كسب ثقته، وتأييده؛ وإنما تمكن من السيطرة عليه عبر استخدام أدوات التهديد والترغيب، إلى جانب الشعارات العاطفية التي لم تعد قادرةً على إقناع الناس الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية في غاية الصعوبة، نتيجة انهيار قيمة الليرة السورية، وحالات الفساد بأشكالها المختلفة خصوصا، وسوء الإدارة، خصوصا في ميادين التعليم والصحة والقطاع الزراعي.
وبين هذين الموقفين، هناك مواقف الحزبيين من الطرفين، إذ لا يثق كل جانب بالجانب الآخر، وذلك بناء على التجارب الطويلة غير المشجعة مع حزب العمال الكردستاني، وواجهته السورية، ولكن يبدو أن لكل طرفٍ حساباته وأسبابه.
ولكن الأمور في هذه المرحلة قد تغيرت بعض الشيء، فحزب الاتحاد الديمقراطي هو اليوم ضمن مجلس سورية الديمقراطية (مسد) وقوات سورية الديمقراطية (قسد)، وله التزامات مع شركاء عرب وسريان. كما أن للأميركان وجودا مؤثرا في المنطقة؛ وهم يتحكّمون بمفاتيح عديدة ضمن الحزب المعني، باعتبارهم مصدر الإمداد والتمويل. كما أن تعقيدات الإدارة ومتطلباتها قد أضعفت، إلى حد ما، من درجة تحكّم حزب العمال الكردستاني بكل التفاصيل، على الرغم من حرص الأخير على توزيع كوادره في مختلف المواقع المفصلية.
ما يرشح عن المباحثات أن هناك حرصا أميركيا على إنجاحها، ومن ثم توسيع دائرة التوافقات مع بقية الأطراف الكردية التي ما زالت خارج دائرة المباحثات، ويُشار هنا بصورة خاصة إلى الحزب الديمقراطي التقدمي، وحزب الوحدة؛ هذا إلى جانب الأحزاب الكردية الأخرى المرتبطة عملياً بالإدارة “الذاتية” التي يشرف عليها حزب الاتحاد الديمقراطي. كما ستشمل المباحثات والتفاهمات القوى العربية والسريانية، ولكنها تعاني من جملة مشكلات؛ فعلى الصعيد العربي، لا توجد قوى أو أحزاب سياسية فعلية، قادرة على تمثيل العرب في منطقة شرقي الفرات، وإنما هناك بنية عشائرية، تعاني، هي الأخرى، من الهشاشة والضعف نتيجة توزع الشيوخ بين جملة من الولاءات، حتى ضمن العشيرة الواحدة في بعض الأحيان. والموقف عند السريان هو أفضل نسبياً، فهناك المنظمة الآثورية وغيرها من القوى السياسية، ولكن تبقى الكنيسة الجهة الأكثر نفوذاً، وهي مرتبطة، في نهاية المطاف، مع النظام. شأنها في ذلك شأن كل المؤسسات الرسمية لمختلف الأديان والمذاهب في البلد.
هل سينجح الأميركيون في عملية تفكيك العلاقات العضوية الشمولية بين حزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، ولو جزئياً، ليحظى الأول بشيءٍ من الاستقلالية النسبية، ويستعد للتحول فعلياً، ولو تدريجيا، إلى حزب كردي سوري، يأخذ مصلحة كرد سورية ضمن الإطار الوطني السوري بالاعتبار؟ هذا هو السؤال الجوهري الأساسي الذي يفرض نفسه قبل إطلاق أي حكم، سواء بحظوظ نجاح المباحثات المذكورة أو فشلها. ونحن هنا لا ننكر وجود نزوع لدى كوادر عديدة ضمن حزب الاتحاد الديمقراطي نحو تحقيق أمرٍ من هذا القبيل، ولكن التجارب الماضية تؤكد أن الحزب الأم مستعدٌّ للإقدام على أي خطوة من أجل منع حصوله. والمجلس الوطني الكردي هو الآخر يعاني من نقاط ضعفه، سواء الداخلية الخاصة بكل حزب من أحزابه، أو في علاقات هذه الأحزاب مع الأحزاب الأخرى، خصوصا مع التي تركت المجلس لأسباب عدة.
مع ذلك، المباحثات والحوارات مستمرة؛ ويبدو أن الكل يراهن على عامل الزمن والتطورات التي قد تحدث، فحزب العمال الكردستاني استفاد من ورقة الكرد السوريين، واستغلها على نطاق واسع في حملاته الإعلامية، بغية التغطية على إخفاقاته في الداخل التركي. ويبدو أن النظام الإيراني لا يضغط كثيراً على الحزب المذكور لوقف هذه المباحثات؛ بل ربما يعتبرها مناسبة لسبر النوايا، وحتى فتح قنوات الاتصال، وهو على ثقةٍ بأن المفاتيح الأساسية ضمن الكردستاني ما زالت بيده. أما تركيا، وهي المعنية أكثر من غيرها بهذه المباحثات، فهي تراقب تفصيلات الوضع عن كثب، وتنتظر التوضيحات الخاصة بالحصيلة من الجانب الأميركي. وبالنسبة إلى الكرد السوريين، فإن مصلحتهم الاستراتيجية تتمثل أولاً في نزع فتيل الصراع الداخلي بين من أصبح من مؤيدي حزب الاتحاد الديمقراطي وأولئك الذين هم على خلاف معه. وإلى جانب هذا، فإن المعطيات التاريخية والجغرافية، والموجبات السكانية والاقتصادية، تلزمهم بالحفاظ على علاقة ودية مع تركيا، بغض النظر عن هوية الحزب الحاكم أو الأحزاب الحاكمة، فهناك حدود برية طويلة، وتداخل سكاني، ومصالح اقتصادية مشتركة، فضلاً عن مشاريع إنمائية كبيرة ممكنة في المستقبل.
الأكثر الأهمية هو مراعاة الاعتبارات والالتزامات الوطنية، والحفاظ على أفضل العلاقات مع النسيج المجتمعي الوطني السوري، والتفاعل مع كل السوريين من مختلف الانتماءات، والعمل معاً من أجل الوصول إلى حل سياسي يفتح الآفاق أمام تغيير حقيقي، يؤدّي إلى انتقال سياسي يضمن القطع مع الاستبداد والفساد، ويلتزم بمشروع وطني سوري، يطمئن الجميع على قاعدة احترام الحقوق والخصوصيات، والتشارك في الإدارة والموارد.
العربي الجديد
———————-
أنقرة والحوار الكردي الكردي في سورية/ سمير صالحة
لم تسنح الفرص والظروف للإعلام التركي، لكي يتعامل مع موضوع الحوار الكردي الكردي في سورية بعد. انشغالات فيروس كوفيد – 19، والأزمات الاقتصادية والمالية، ونقاشات عملية انقلابية يلمّح إليها بعضهم في صفوف المعارضة، هي التي تتقدّم وتطغى على غيرها من شؤون وقضايا.
ما الذي يدفع أنقرة التي تقول إنها تخوض حربا ضد جماعات إرهابية في سورية مرتبطة مباشرة بحزب العمال الكردستاني وبقراره، وأنها تتحرّك لحماية وحدة سورية وقطع الطريق على مشاريع التفتيت والتجزئة، وتغيير شكل البنية السياسية والدستورية فيها، ما الذي يدفعها إلى التغاضي عن الحوار الكردي الكردي الذي يدور في شرق الفرات؟ اجتماعات القيادات الكردية السورية أخيرا هي عملية اختبار للنيات والقدرات، أو مناورات حزبية سياسية، بهدف اكتشاف فرص تسجيل الاختراق أو الالتفاف على الطرف الآخر لتحسين المواقع، قبل أن تكون اجتماعات لبحث مستقبل القضية الكردية في سورية، ووضع استراتيجيات التحرّك الواجب بحثها مع بقية اللاعبين المحليين. خلافات اللاعبين الكبار في الملف السوري هي التي أوصلت الأمور كردياً إلى هذه النقطة، والتفاهمات بين اللاعبين أنفسهم هي التي ستحدّد شكل الملف الكردي السوري ومساره.
لم تكن نقاشات “شيلني أشيلك” الكردية الكردية في سورية لتتم، ولن يكون لها أي تأثير من دون الضوء الأخضر الأميركي والروسي، والتركي تحديدا. هذه القوى الثلاث هي التي ستكون موجودة أمام الطاولة لحظة اتخاذ القرارات. والحضور الإيراني وكذا الإسرائيلي ومعهما المصري والآخر الأوروبي مهم طبعا، ولكن في الكواليس ربما.
قد تستغل قوات سورية الديمقراطية (قسد) حالة التخبط التي تعيشها سورية، كما حدث مع أكراد العراق، لتعزيز فرصها في التفاوض، والوصول إلى ما تريد، لكنها ستتذكر دائما أن روسيا هي التي رفضت أن تهيمن واشنطن بمفردها على الثروات والأراضي الخصبة في شرق الفرات، وأن أنقرة نفذت ثلاث عمليات عسكرية واسعة في شمال سورية، كان آخرها يلزم الإدارة الأميركية بتقديم التضحيات والتنازلات هناك على حساب الشريك الكردي. عدم الضغط الأميركي هنا مجرّد مناورة، أو محاولة ابتزاز سياسي خلال التفاوض النهائي مع أنقرة وموسكو لا أكثر، فواشنطن تعرف قبل غيرها صعوبة إبقاء ثلث الأراضي السورية الاستراتيجية تحت إشرافها، وهي تنسق مع شريكٍ يأخذ أوامره من جبال قنديل (قيادات حزب العمل الكردستاني)، كما تقول أنقرة.
حاول الزعيم الكردي، مسعود البارزاني، قبل عامين، التمرّد على التوازنات الإقليمية في العراق، بالذهاب وراء استفتاء شعبي كردي منفرد، منحه بالأكثرية المطلقة فرصة إعلان الانفصال عن الدولة، فوجد العالم بأكمله يتحد ضده، لأنه قرّر الخروج عن التفاهمات، ومغادرة بيت الطاعة من دون استئذان. وجاء قرار فتح أبواب الحوار بين الفصائل والقوى الكردية السورية إقليمياً، قبل أن يكون خطوةً تتم بإرادة محلية. ولن تجد القيادة السياسية التركية التي أقنعت واشنطن وموسكو بضرورة القيام بعملياتها العسكرية الواسعة في الشمال السوري، وقلب حسابات حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) هناك، لن تجد صعوبة في إقناعهما مجدّدا باستحالة تقديم مناقشة حقوق الأكراد ورسم الخرائط السياسية والدستورية على حساب الأكثرية السكانية السورية المشرّدة بين لاجئ ونازح، وقبل حسم موضوع النظام الذي يعيش آخر أيامه.
لم يتمكّن السلاح الأميركي من عرقلة عملية نبع السلام التركية في شمال سورية، لأن تركيا خاضتها تحت شعار الحرب على الإرهاب، فكيف ستقبل إبقاء هذه المجموعات والأفكار في إطار خطة تكريسهم جيراناً لها على حدودها؟ واشنطن التي عقدت أكثر من صفقة سياسية، إقليمية وغربية، في شرق الفرات، للإمساك بورقة “قسد” لن ترفض عروضا تركية وروسية جديدة، تضع نقاشات الملف الإيراني ومصالح إسرائيل وتفاهمات رحيل بشار الأسد في سلة واحدة، تتطلب مراجعة سياستها الكردية في سورية.
الحوار الكردي الكردي رسالة تذكير أميركية لحليفها المحلي باستحالة تفريط واشنطن بعلاقاتها الاستراتيجية مع شريكها التركي، والدخول في مواجهة مع موسكو، من أجل إعطائه ما يريد. الأولوية هي للحوار السوري السوري الواجب أن تكون هذه الشريحة أيضا جزءا منه. مصلحة سورية العليا هي الواجب مناقشتها أمام الطاولة الكردية الكردية، وهذا هو هدف الحوار المتفق عليه بين العواصم الثلاث.
كانت “وحدات حماية الشعب” (فصائل كردية مسلحة تتبع قوات سورية الديمقراطية) تقول، قبل انطلاق العمليات العسكرية التركية في شمال سورية، إنها لن تنسحب من غرب الفرات تحت الضغط التركي، “لأننا أصحاب الأرض”. وكانت أنقرة تردّ “لن نتردد لحظة في دخول مغامرة عش الدبابير السوري لقطع الطريق على خطر أكبر”. والآن، تذهب “قسد” إلى الطاولة لتجنب مأزق الضغوط الثلاثية التي ستواجهها وتدفعها نحو العزلة والتهميش. وهي قلقة من أن تتحوّل الضغوط إلى تفاهماتٍ تأخذ بعين الاعتبار التوازنات الإقليمية والدولية الجديدة، بدلا من القديمة التي أطلقت يدها في شرق الفرات، وشارفت على الانتهاء. .. وما يقرّب الطرفين الكرديين ربما هو المشروع الفدرالي في سورية، لكن المرجع الحقيقي هنا سيكون تفاهم القوى الإقليمية المعنية مباشرة بالملف السوري بشأن شكل الخريطة السياسية والدستورية لسورية المستقبل.
إلى ذلك، لا يمكن أن يتجاهل قرار إعادة بناء سورية الجديدة الإجحاف والمعاناة الكردية عبر عقود، لكن قرار بناء الكيانات المستقلة في سورية لا يمكن أن يناقش بمعزل عن رغبة وإرادة الملايين الذين يشكلون أغلبية شرائح المجتمع، العرقية والعددية. كانت التجربة الكردية مع “البعث” مؤلمة، لكن الانتقام لا يمكن أن يكون على حساب عروبة سورية ووحدتها، بذريعة تفتيت دولة لبناء كيان يرفع علم حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) في القامشلي، “العاصمة” التي تستقبل البعثات الدبلوماسية على مسافة أمتار من الحدود التركية.
المراد من الجلسات الكردية الكردية هو التمهيد للانتقال بالملف السوري من الحروب بالوكالة إلى التفويض بصناعة السلام، والاختبار الأول سيكون معرفة مدى استعداد “قسد” للقطيعة مع حزب العمال الكردستاني، والالتزام بالثورة في سورية، وتسهيل عودة بقية القوى السياسية الكردية لممارسة نشاطاتها في شرق الفرات. الحوار الكردي الكردي محاولة جس نبض واختبار في احتمال تغيير المواقف والسياسات حيال ملفات سورية سورية، قبل أن يكون بهدف الضغط باتجاه الوصول إلى مصالحة كردية – كردية، أو إنهاء حالة الانقسام الحزبي الكردي، أو تشكيل إدارة جديدة لشمال سورية وشرقها. أعطى الضوء الأخضر للحوار في أنقرة وموسكو وواشنطن، بتشجيع أربيل وتل أبيب وباريس، وسط انزعاج وغضب في القاهرة ودمشق وطهران.
كل هذا العناد والتعنت التركي في ليبيا وعدم التخلي عن حكومة الوفاق، على الرغم من الحملات الإعلامية والسياسية والتسليح المصري الإماراتي للجنرال الليبي المتقاعد المتمرّد، خليفة حفتر، مؤشر يساعد القيادات والفصائل الكردية في سورية للتأكد من مسألة أن تركيا لن تتساهل مع محاولات رسم الخرائط والنفوذ على حسابها في بقعةٍ جغرافيةٍ ازداد تداخلها الأمني والسياسي معها.
العربي الجديد
————————-
الكرد السوريون.. على ماذا مقبلون؟/ صلاح بدرالدين
منذ أكثر من أسبوعين، وبإشراف ممثّل التحالف الدولي ضد داعش، الضابط الأمريكي الجنرال، روبيك، تعقد اجتماعات بين ممثلين عن أحزاب كردية سورية في قاعدة عسكرية بمنطقة الحسكة من أجل (توحيد الصف الكردي)، بحسب دعوة القائد العسكري ل”قسد”، ومن أجل معرفة المزيد ومتابعة مايجري بمعزل عن وسائل الإعلام وجدت من الفائدة الإدلاء برؤيتي حول هذا الموضوع الذي يتعلّق بمصير شعبنا. الكرد السوريون
في الإشكاليّات التعريفية الخمسة عشرة:
الإشكاليّة الأولى: صاحب الدعوة اسمه المستعار، الحركي، (مظلوم عبدي)، القائد العام لقوّات سوريا الديمقراطية، وأحد القياديين البارزين في منظومات حزب العمال الكردستاني بسوريا، من دون معرفة موقعه التنظيمي الفعلي في المسميات الأخرى، بسبب المنشأ العسكري والسرية المطبقة والمركزية الشديدة، وهو من خريجي قنديل الأوائل، والذي عاش فيه لأعوام.
الإشكاليّة الثانية: اختلط الأمر على المتابعين حول، هل الدعوة من قسد، أو ب ي د، أو تف دم، أو مركز قنديل، أو من بعضهم، أو من جميعهم؟.
الإشكاليّة الثالثة: هل هي مبادرة كما تردّد، أم دعوة في أغلب الاحتمالات، ففي الأولى إن صح، يجب أن تحمل مشروعاً متكاملاً معلناً عن كل تفاصيله التنظيمية، والإجرائيّة، ومصدره، والجهة التي وقّعت عليه، وبانتفاء هذه الحوامل تكون دعوة تم إطلاقها باسم شخص من دون مرجعيّة مؤسساتيّة جماعيّة معلنة تتحمل مسؤولية المتابعة.
الإشكاليّة الرابعة: آلية الدعوة ظلّت معلّقة وغير معلنة، هل من أجل السعي لالتحاق الآخرين بما هو قائم على قاعدة الأحادية الحزبيّة، وفي مقدمتهم (المجلس الوطني الكردي)، بإدارات ومؤسسات صاحب الدعوة (السياسية، العسكرية، الأمنية)؟، أم من أجل ائتلاف الأحزاب المنتمية إلى (طرفي الاستقطاب)، لأداء وظيفة ظرفيّة، تتطلبها الحالة السورية الراهنة والظروف الدولية الإقليمية، وتصبّ أساساً في مصلحة الجنرال، أم في سبيل بناء جسم جديد بهياكل ومنظومات جديدة من كل الأطراف والتيارات السياسية، والوطنيين المستقلين، تحت اسم الحركة الوطنية الكردية السورية، ومن خلال مؤتمر عام بمشاركة الجميع؟، أم مجرد دعوة كاستجابة سريعة لضغوطات من (مانحين) ومعروفة النتائج سلفا؟.
الإشكاليّة الخامسة: شكوك في ادّعاءات بتوصيف المشهد على أنّه مبادرة أمريكية فرنسية مشتركة،.حول الشأن الكردي السوري، من دون صدور أيّة إشارة أو وثيقة من هاتين الدولتين الكبريتين، اللتين لن تجدا حرجاً (خصوصا بالوضع السوري المزري الراهن) بالإعلان إن كان الأمر واقعاً، خصوصاً مايتعلّق بموقفهما حول الكرد السوريين ودورهم وحقوقهم ومصيرهم وصيغة حلّ قضاياهم بأيّ حلّ سلمي مستقبلي. الكرد السوريون
الإشكاليّة السادسة: ماهو الهدف من الدعوة؟، بحسب صاحبها تم تحديد صيغتين، واحدة “توحيد الصف الكردي”، وثانية “وحدة الموقف الكردي”، واستخدم إعلام الأنكسي صيغة “توحيد الصف الكردي”، أما راعي المفاوضات بين وفدي (طرفي الاستقطاب) الأمريكي، وليم روبيك، فأعلن دعم مبادرة القائد العام لقسد حول “توحيد الموقف بين الأطراف السياسية الكردية”، وتوحيد الصف ووحدة الموقف تعبيران عائمان لايلبيان شروط المرحلة، وفي جميع الأحوال، وكما يظهر من التسميات والمسمى، فإنّ الأمر لايتعدّى سلقاً سريعاً ببيان أو إعلان لأداء وظيفة عاجلة، فتوحيد الشعوب وحركاتها يحتاج إلى برامج ومشاريع ومؤتمرات ومواثيق وآليات ديموقراطية، وبمشاركة شعبية واسعة وبصورة شفافة.
الإشكالية السابعة: سوريا مقبلة على حدوث تطورات عميقة باتجاه تحقيق العدالة، بشأن مقترفي الجرائم ضد الإنسانية، نظاماً أو مجموعات مسلحة أو كيانات سياسية أو أفراداً، وبدعم دولي، خصوصاً بعد صدور قانون “قيصر”، وتقديم ضباط أمن سوريين أمام محاكم دول أوروبية، وقد تطال المساءلات مؤسسات المعارضة السورية أيضاً من المجلس الوطني السوري إلى الائتلاف. وفي المناطق الكردية والمختلطة وقعت جرائم وحصلت انتهاكات وراحت آلاف الضحايا، وهناك دعاوى حول مختفين ومختطفين بالأسماء والدلائل والقرائن، إضافة إلى مصادرة أملاك وعقارات وتجنيد أطفال، فهل سيتم بحث هذه المواضيع ذات الأهمية الفائقة في المفاوضات الجارية بالإشراف الغربي؟، ولوحظ صدور بيان من (الإدارة الذاتيّة) بتاريخ ٢١/ ٥ /٢٠٢٠، تطالب فيه المجتمع الدولي، خصوصاً أمريكا، بعدم شمول مناطقها للعقوبات على ضوء قانون قيصر، وليس سرّاً أنّ هناك عقوداً مبرمة نفطية، خصوصاً وحركة تجارية واسعة بين الإدارة والنظام، فهل البيان بمثابة التفاف على العقوبات الصادرة بحق النظام؟.
الإشكاليّة الثامنة: أصابع الاتّهام موجّهة إلى سلطة الأمر الواقع وصاحب الدعوة، خصوصاً، بشأن احتلال عفرين ومنطقتها وتهجير سكانها، وماحلّ بها تحت جور عصابات فصائل مسلحة غريبة، وهكذا الحال بالنسبة لمناطق تل أبيض ورأس العين _سري كاني_ وبشكل آخر، نفس الأصابع تتوجه الى الطرف الثاني _أنكسي_ بشأن التقصير بأداء الواجبات القومية والوطنية، باعتباره المدّعي أنّه الممثّل الشرعي، وأحيانا الوحيد، لكرد سوريا، فهل ستطرح هذه المسائل المصيرية أم سيتم القفز فوقها وترحيلها إلى المستقبل المجهول؟.
الإشكاليّة التاسعة: للوهلة الأولى، ومن حيث المبدأ، فإنّ كل دعوة أو صوت أو خطوة لإحلال التفاهم والسلم ولغة الحوار بين الأطراف الكردية السورية، يقابل بالرضا والمباركة بصورة عفوية لدى الرأي العام لشعبنا، حتى من دون التوقف على الجوهري في الموضوع في أكثر الحالات، لأنّه ذاق الأمرّين من شقاق الأحزاب وصراعاتها، ولكن يجب أن نعلم جميعاً بأنّ الحالة الكردية الفرعية تتشابه كلياً والوضع السوري العام، ولنعترف بأنّ مصير شعبنا وحركتنا وأحزابنا لم يعد بأيدينا، ولسنا في موقع يمكننا فيه حسم أي موقف وكل ماحصل وسيحصل في المدى المنظور (طبعا بغياب إرادة الغالبية من شعبنا ومشروعها القومي والوطني)، وتحديداً مايتم الآن في (القاعدة العسكرية الأمريكية في الحسكة) لاينطلق من مصالح شعبنا وحركتنا، بل من رؤية أجانب انطلاقاً من مصالحهم فقط ولاغير. الكرد السوريون
الإشكاليّة العاشرة: هؤلاء الأجانب قد يكونوا أميركان أو فرنسيين، يمكن مشاهدتهم بالعين المجردة، وقد يكونوا روساً أو أتراكاً أو إيرانيين أو نظام دمشق، من دون مشاهدتهم، وقد يكونوا كرد تركيا وكرد العراق وهم أشقاؤنا، ولكنهم ليسوا كرد سوريا، نعم حتى توافد مسلحي (ب ك ك) إلى مناطقنا كان قراراً أجنبيا، وليس كردياً سورياً، وتشكيل الأنكسي أيضاً كان إخراجاً أجنبياً، عبر وكلاء كرد سوريين، وحتى لو تم الاتفاق بين (طرفي الاستقطاب)، سيكون بقرار أجنبي ومن دون علم واطلاع الكرد السوريين بغالبيتهم الساحقة.
الإشكاليّة الحادية عشرة: أعترف بضعف وهزالة الحركة الديموقراطية السورية بالظرف الراهن تماماً مثل حالة حركتنا، وهو خسارة لشعبنا وقضيتنا، لأنّ حل قضيتنا لن يتم بالشكل السليم النهائي العادل من دون توافقنا مع الشركاء السوريين الديموقراطيين، ومايجري الآن بخصوص الحالة الكردية والدور الأجنبي الطاغي، وبعلاقة كل الأطراف بتفاوت، ماعدا شركائنا على الأقل، الذين واجهنا معاً نظام الاستبداد وساهمنا سوية في التظاهرات الاحتجاجية وفي الثورة والمعارضة، مع كل ملابساتها، وإن نجح الاتّفاق أو أخفق، فإنّ التاريخ سيسجل سابقة سلبية على الكرد، يمكن أن تزعزع الثقة، وتحلّ الشكوك في العلاقات الكردية_العربية في قادم الأيام، وهل سنبرّر لأجيالنا أنّ الأجنبي فرض علينا ذلك؟.
الإشكاليّة الثانية عشرة: طرفا المعادلة ليسا متكافئين بالعملية التي مازالت قيد الاختبار بحسب شكل ومضمون الدعوة، والكفة مائلة لمصلحة صاحبها الذي يعتبر المضيف الذي ينتظر منه الطرف المقابل، أنكسي، العطاءات والمكارم، وهو في الحالة هذه يقوم بدور الضيف المدلل الطامح بالكثير، ولايحمل في جعبته كما صاحب الدعوة أي مشروع جاد ومدروس لإعادة بناء وتعزيز وتوحيد الحركة الكردية على الأسس الثابتة، ومازالت مآلات الاتفاقيّات، المحاصصية، في أربيل ودهوك، التي لم ترَ النور بين الطرفين ماثلة باالأذهان.
الإشكالية الثالثة عشرة: أزمتنا ككرد سوريين، هي أزمة (شرعية وتفكك وضياع مشروع)، حركة شعبنا بجانبيها، القومي والوطني، وحلّ الأزمة لايكمن في مصالحة الأحزاب التي لانستهين بها، بل ماهي الا الجزء الأضعف والوقتي المرحلي في الحركة الكردية الواسعة، بل في البحث عن أفضل السبل لإعادة بنائها واستعادة شرعيتها عبر العودة إلى الشعب والغالبية الوطنية المستقلة وليس بتغييبها كما يتم الآن.
الإشكاليّة الرابعة عشرة: اجترار شعارات وعناوين منقوصة ومجتزأة، رفعت وتم الأخذ بها منذ نصف قرن، وتحديداً منذ كونفرانس الخامس من آب ١٩٦٥، مثل: (الكرد شعب من السكان الأصليين، حق الكرد بتقرير مصيرهم ضمن سوريا الموحدة بحسب الصيغة التي يرتئيها عبر استفتاء حر، ضمان دستوري ثابت، جبهة وطنية كردية ديموقراطية، اتّحاد كردي عربي ومع سائر المكونات الوطنية، لإيجاد بديل ديموقراطي على أنقاض الاستبداد)، وما تم تسريبه حتّى الآن من مفاوضات طرفي الاستقطاب: (الاتفاق على أنّ سوريا ذات سيادة بنظام فيدرالي، اعتبار الكرد قومية، تشكيل مرجعية تمثل الأحزاب والتيارات، إقرار دستوري بحقوق الكرد)، هذا إذا كانت التسريبات دقيقة.
الإشكاليّة الخامسة عشرة: عندما يتعلّق الأمر بأيّ قضية مصيرية، لكل فرد أو تيار أو مجموعة، إبداء الرأي من دون الاستئذان من أحد عن الموضوع المثار. هذه الأيام بشأن مفاوضات طرفي الاستقطاب، الكردي السوري، (ب ي د وأنكسي)، أتحدّث، وسبق أن أشرنا مرات عديدة، إلى عدم وضوح الرؤيا من جانب الطرفين حول طبيعة مايسعيان إليه، ولاشك أنّ من حقهما أيضاً إبرام اتفاقيات وتفاهمات حزبية ثنائية، التي قد تهدّئ الأجواء المتوترة بينهما، ولكن ذلك لايعني بتاتاً حلّ أزمة الحركة القومية الوطنية الكردية السورية، التي تتلخّص في التشرذم، والانقسام، والافتقار إلى الشرعية، واستقلالية القرار، والدور المفقود، كردياً وسورياً، وضياع مشروع البرنامج القومي، وللطرفين الدور الأساس في هذا الواقع المرير. الوطنيّون الكرد السوريون المستقلّون، لم يشعروا يوماً أنّ الطرفين يبحثان بجدية عن إعادة بناء الحركة الكردية، بقدر ما يعملان لمصالحهما الحزبية الضيقة، والتكيّف مع واقع الأزمة المشار إلى تجلياتها أعلاه. الكرد السوريون
ليفانت
————————————-
هل يلتقي المجلس الوطني الكردي مع بي واي دي على حساب تركيا؟/ مروة شبنم أوروج
قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية جيمس جيفري، في كلمة ألقاها بمعهد هودسون في واشنطن، الأسبوع الماضي: إن الولايات المتحدة بدأت تحصد ثمار القوة التي أنشأتها في سورية، عبر الضغط على أعدائها في المنطقة، مشيدًا بـ “السياسة الذكية” التي تنتهجها تجاه ذلك. وأفاد جيفري بأن مشاكل روسيا مع الأسد لا تشكّل مخرجًا سياسيًا، ورفضَ الادعاءات التي تزعم أن الولايات المتحدة الأميركية وصلت إلى طريق مسدود في سورية، كما حصل في أفغانستان وفيتنام، قائلًا: “هنا ليس أفغانستان أو فيتنام، هنا سورية، ولن يكون للولايات المتحدة طريق مسدود فيها.. مهمتي هي قطع الطريق أمام الروس في هذا الحرب”. وذكر أن السبب وراء تراجع إيران، عن بعض الساحات التي برزت فيها، هو المشاكل الناتجة عن العقوبات التي فرضها ترامب.
سياسة ترامب في سورية لم تتغير كثيرًا عن سياسة أوباما المتباينة التي دعم فيها المعارضة السورية بداية، ثم تخلى عنها واتجه إلى دعم “حزب الاتحاد الديمقراطي” و “وحدات حماية الشعب” الكردية، بذريعة “محاربة داعش”. وإن السبب الحقيقي وراء الوجود الأميركي، والإبقاء على 600 عنصر من أصل 2000، في بلدٍ أنهكته الحرب الأهلية، ليس مواجهة روسيا وإيران، كما تقول إدارة ترامب، فقد ظهرت الحقيقة من دلالات الرئيس الأميركي اليوم، فالسبب الحقيقي هو “حماية حقول النفط”.
مع بدء تركيا عملية (نبع السلام) في شمال سورية؛ اضطرت أميركا إلى الانسحاب نحو الجنوب، وعلى الرغم من إعلانها المستمر أن التركيز هو على روسيا وإيران، فإنها تنفذ أنشطتها الرئيسية عبر أذرع مختلفة. وهنا يجب أن نسأل: من هم الأعداء في المنطقة الذين يتم الضغط عليهم، عبر السياسة الأميركية في سورية التي تحدّث عنها جيفري؟!
بعد عملية “نبع السلام”، دفعت الولايات المتحدة ما أسمتها “قوات سوريا الديمقراطية”، وهي الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني، إلى التعاون مع روسيا ونظام الأسد، وذلك على حساب حليفتها في الناتو تركيا. ومن المعروف أنه عندما تكون المسألة متعلقة بحزب العمال الكردستاني الذي يهدف إلى تأسيس “دويلة” مستغلًا الحرب الأهلية في سورية؛ يزداد أعداد اللاعبين العالميين الباحثين عن مصالحهم؛ ومن ثم يزداد الوضع تعقيدًا.
في هذه الأيام، تسعى الولايات المتحدة وفرنسا إلى جمع حزب العمال الكردستاني مع باقي المجموعات الكردية في سورية، على طاولة واحدة، علمًا أنهما أحرزتا في الأيام الماضية تقدمًا في خطتهما لدمج حزب الاتحاد الديمقراطي مع المجلس الوطني الكردي السوري الذي يضم مجموعات كردية معارضة له.
إن خطط المحادثات المباشرة، بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي السوري، التي تحدث عنها القيادي في “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم كوباني -وهو المعروف بالابن الروحي لرئيس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان- بتاريخ 28 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2019، بدأت تؤتي ثمارها.
وعلى الرغم من الأقاويل التي تفيد أن الهدف هو توحيد الأحزاب الكردية في سورية؛ فإن من الصواب القول إن أحد الأهداف الأساسية هو إضفاء الشرعية على حزب الاتحاد الديمقراطي، وكانت إحدى الخطوات الأولى تسمية قواتها بـ “قوات سوريا الديمقراطية”. أما الهدف الآخر من خطة الاندماج فهو إقحام حزب الاتحاد الديمقراطي، عبر المجلس الوطني الكردي، في المفاوضات السورية بجنيف التي تتم برعاية الأمم المتحدة.
إن المجلس الوطني الكردي يمثل أكراد سورية في طاولة المفاوضات، في حين أن التنظيم “الإرهابي” (حزب الاتحاد الديمقراطي) ليس له مكان فيها، بسبب العقبات التي وضعتها تركيا أمامه.
عُقد الاجتماع الأول بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، في الأسابيع الأولى من نيسان/ أبريل. وبحسب التقارير، فقد عُقد هذا الاجتماع بالقرب من القاعدة العسكرية الأميركية في الحسكة، بمشاركة المستشار الأميركي الخاص وليام روبوك. ويقال إن روبوك كان يعمل على ترتيب هذا الاجتماع منذ ثلاثة أشهر، واجتمع مرات عدة مع المجلس الوطني الكردي لهذا الغرض.
قبل أيام، تم تأكيد هذه الجهود من قبل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إذ قال: “قبل أن يصبح حزب الاتحاد الديمقراطي تحت سيطرة الولايات المتحدة بشكل كامل، كان لروسيا أيضًا جهود وإصرار بهذا الخصوص، ونحن قلنا لهم مرارًا إننا لا نفرّق بين حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني”.
وشدد جاويش أوغلو على أن تركيا ليست ضد الأكراد، وقال: إن الولايات المتحدة تحاول دمج حزب الاتحاد الديمقراطي بالنظام السياسي السوري، وخاصة دمج حزب الاتحاد الديمقراطي مع المجلس الوطني الكردي، بعدما أصبح من غير الممكن إنشاء “دويلة” في هذه المنطقة.
بحسب تقرير في موقع المونيتور (لم يُحدّد مصدره) فإن المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي اتفقا على بعض القضايا، منها: أن سورية هي دولة اتحادية وديمقراطية وتعددية، وأن الحكومة الحالية هي نظام دكتاتوري مستبد يمارس العنف ضد معارضيه، ويقال أيضًا إنه تم ذكر بعض العناوين كالقول “إن المناطق الكردية في سورية هي وحدات سياسية وجغرافية متكاملة”.
ثمة مسألة هنا: هل يرغب المجلس الوطني الكردي بهيكل فدرالي في سورية؟ منذ متى حزب الاتحاد الديمقراطي كان معاديًا للنظام؟! هناك كثير من علامات الاستفهام! ومن ناحية أخرى، وردت أنباء عن اجتماع آخر عُقد هذا الأسبوع، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي في مدينة كوباني [عين العرب]، حيث قرر فيها 25 حزبًا كرديًا في سورية الاتحادَ تحت سقف واحد.
وبحسب هذه التقارير، فقد سُمّي هذا الاتحاد بـ “اتحاد الأحزاب الوطنية الكردية”، في حين لم يكن المجلس الوطني الكردي ضمن هذه الأحزاب، لكن الذراع السوري لحزب عائلة البرزاني في شمال العراق “الحزب الكردستاني الديمقراطي”، الذي أنشأ المجلس الوطني الكردي مع 12 حزبًا آخر، كان ضمن الاتحاد. ويُزعم أيضا أن “مسرور البرزاني” نجل مسعود البرزاني ورئيس وزراء إقليم شمال العراق، بذل جهودًا لإقناع المجلس الوطني الكردي بالتفاوض مع حزب الاتحاد الديمقراطي.
إن تعاطف مسرور البرزاني مع حزب الاتحاد الديمقراطي مفهومٌ، وفي الوقت نفسه ليس من المستغرب أن تكون الولايات المتحدة قد ضغطت على أربيل في هذا الاتجاه.
تركيا أعربت عن غضبها، ووجهته إلى رئيس إقليم شمال العراق “نيجيرفان برزاني”، حيث نقلت وكالات أنباء إعلامية، من بينها وكالة الأناضول الرسمية للدولة، أن الولايات المتحدة وفرنسا أقحمتا إدارة شمال العراق لتطبيق خططهما.
وعلى الرغم من دعم تركيا للمجلس الوطني الكردي، فإن المجلس لم يؤكد صحة الأخبار عن لقائه مع الحزب الاتحاد الديمقراطي والذراع السوري لحزب العمال الكردستاني، واتفاقهما على مسائل عدة، ولكنه لم ينفِها أيضًا. لن تقبل تركيا أبدًا أن يتعاون المجلس الوطني الكردي مع الحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تراه منظمة إرهابية، حصلت على أسلحة من الولايات المتحدة طوال مدة الحرب الأهلية، ونقلتها إلى تركيا لتنفيذ عمليات إرهابية.
إذا وقع المجلس الوطني الكردي في فخّ حزب الاتحاد الديمقراطي، وأصبح أداةً لجهود تلك المنظمة الإرهابية في الجلوس على طاولة الحوار في جنيف؛ فمن المؤكد أن تركيا ستتخذ إجراءات لمنعها. وقد قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، في اجتماعه مع قادة المجلس الوطني الكردي، في كانون الثاني/ يناير، في أنقرة: إن ردة فعل تركيا ستكون قاسية إذا ثبت التعاون مع حزب العمال الكردستاني. في الواقع، الجميع يعلم أن التحالف مع حزب العمال الكردستاني وذراعه في سورية (حزب الاتحاد الديمقراطي) يعني العداء لتركيا، ويجب على المجلس الوطني الكردي ترك الطاولة التي يجالس هؤلاء عليها، قبل فوات الأوان، وعليه ألا ينسى أن الولايات المتحدة تركت حزب الاتحاد الديمقراطي وحيدًا، عندما دخلت تركيا إلى سورية.
باختصار: على المجلس الوطني الكردي أن يضع في الحسبان سلبيات مواجهة تركيا، حينما يدرس إيجابيات الجلوس مع حزب الاتحاد الديمقراطي، وعليه أن يتراجع فورًا عن الطريق الخاطئ الذي يسلكه، وفي هذا السياق، يقع على عاتق الائتلاف السوري المعارض، والمجموعات المعارضة الأخرى، العمل الكبير.
مركز حرمون
———————————-
أكراد سوريا و( التخبط السياسي)/ سليمان يوسف
التماسك العرقي للأكراد، لم يحول دون تشتتهم الفكري وانقسامهم السياسي، الى درجة التقاتل والتخوين المتبادل بين الأحزاب والقوى الكردية، مع كل انتكاسة جديدة يتعرض لها الأكراد. كما حصل في العراق بين (حزب الاتحاد الوطني الكردستاني) بزعامة آل الطالباني و(الحزب الديمقراطي الكردستاني) بزعامة آل البرزاني. وكما يحصل في سوريا بين (حزب الاتحاد الديمقراطي) ، وأحزاب( المجلس الوطني الكردي).
التعددية الحزبية المفرطة وتعدد المرجعيات الكردية من خارج الحدود السورية، تُعد من الأسباب الأساسية لحالة التخبط السياسي لأكراد سوريا. تسع سنوات وأكثر مضت على بدء (الحرب السورية) والأكراد السوريين لم يحسموا خياراتهم ورهاناتهم (السياسية والعسكرية). الأكراد، ليسوا مع النظام السوري، لكنهم أبقوا على (شعرة معاوية) معه . رغم بعض المناوشات والاشتباكات العسكرية المحدودة بين قوات النظام والميليشيات الكردية، الأكراد تلقوا مساعدات عسكرية ولوجستية من النظام . خاضا معاً معارك مشتركة ضد عدو مشترك (تركيا – داعش ). خلال السنوات الماضية ، حصلت (جولات تفاوض) مباشرة، برعاية روسية، بين وفود من النظام ووفود من (حزب الاتحاد الديمقراطي) ، بهدف الوصول الى (تسوية سياسية)، فيما يخص ما يسمى بـ”الادارة الذاتية”، التي أعلنها الأكراد في المناطق، التي انسحب منها النظام(غالبية محافظة الحسكة) وسلمها لهم من دون قتال، مع ابقاء النظام على (قواته وجميع المؤسسات والدوائر والمراكز الحكومية ومقرات حزب البعث الحاكم) في أهم مدن المحافظة (القامشلي والحسكة). الأكراد تعاونوا ، بشكل أو آخر، مع القوى الخارجية والاحتلالات الأجنبية المتواجدة على الارض السورية. شاركوا التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا في الحرب على عصابات داعش. اتهموا واشنطن بالتخلي عنهم إبان العدواني التركي ” نبع السلام” واحتلال تركيا لتل ابيض وراس العين. قبلها، اتهموا موسكو بالتواطؤ مع تركيا في عدوانها واحتلالها لعفرين . اليوم، الأكراد يحتمون بالقوات الأمريكية والروسية من عدوان تركي جديد محتمل . يحتمون بالمحتل الأمريكي من هجمات متوقعة لقوات النظام على المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وربما ينتظرون من الأمريكان (إخراج النظام من القامشلي ومن كامل منطقة الجزيرة) . انضمام (المجلس الوطني الكردي) الى ما يعرف بـ” الاتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ” لا يعني اطمئنان الأكراد للمعارضات(العربية ، الآشورية ، التركمانية ، الاسلامية) المنضوية في الائتلاف. مع كل خلاف بين المجلس الكردي وهذه المعارضات، يهدد المجلس بالانسحاب من الاتلاف. وقد فعلها وانسحب منه ( الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي)، وسكرتيره العام المرحوم (عبد الحميد درويش ) كان نائب رئيس الاتلاف . باختصار، (البرغماتية وانتهاز الفرص والازدواجية في العلاقة والمواقف ) من ثوابت السياسة الكردية. في اطار هذه المنهجية الكردية ، وافق كل من ( المجلس الوطني الكردي- ANKS) و (حزب الاتحاد الديمقراطي- pyd ) على الدخول في مفاوضات مصالحة وتفاهم، بمباركة ورعاية( أمريكية – فرنسية)، لأجل الخروج برؤية كردية مشتركة لخيارات وبدائل الحل السياسي للمعضلة السورية ولحقوق الأكراد السوريين و تشكيل وفد كردي موحد للمشاركة في مسار الحل السياسي للأزمة السورية. وفق العديد من المصادر، اتفق الطرفان على ” أن يكون حكم اتحادي فيدرالي في سوريا… اعتبار الكُرد قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في حل قضيتهم القومية … الإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة، وفق العهود والمواثيق الدولية “. اللافت والجديد في التفاهمات الكردية ” اعتبار الكرد قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في حل قضيتهم القومية ” . يبدو أنهم استعاضوا بهذه المقولة عن ما يزعمونه زوراً بـ” كردستان سوريا “، المثيرة للحساسيات العرقية والمرفوضة من قبل السوريين من غير الكرد.
انفراد الأكراد عن بقية مكونات الشعب السوري بخيار (الفدرالية) لسوريا المستقبل، وهم على يقين تام برفض الشعب السوري(معارضة وموالاة) لـ(فدرالية)تخفي نزعة انفصالية، يعني أنهم(الأكراد) يراهنون على قوى خارجية في تحقيق الفدرالية التي يطمحون اليها . الرهان الكردي هو بالدرجة الأولى على( الولايات المتحدة الأمريكية)، التي جعلت من المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد (شرق نهر الفرات) منطقة نفوذ لها ، حيث أقامت فيها العديد من القواعد العسكرية في اطار الحرب على (تنظيم الدولة الاسلامية – داعش ) الارهابي. رغم انتهاء الحرب على داعش ، أمريكا استقدمت مزيد من التعزيزات العسكرية الى قواعدها ، وقررت السطو على حقول النفط والغاز واستثمارها ، خلافاً للقانون الدولي، الذي يمنع دولة الاحتلال من استثمار ثروات البلاد التي تحتلها . إذا أكراد سوريا يتأملون بأن تفعل أمريكا لهم ما فعلته لأكراد العراق إبان غزوها واحتلالها للعراق (2003- 2011)، فهم مخطئون في تقديراتهم وحساباتهم وفي قراءتهم للوضع السوري ولخريطة التحالفات والمحاور السياسية في المنطقة . سوريا ليست العراق. المناطق الخاضعة لسيطرتهم في الشمال الشرق السوري، الغالبية الساحقة من سكانها هم من المكون العربي. أمريكا ليست وحدها في الميدان السوري، كما كان الحال في العراق. على الارض السورية يوجد اليوم (الى جانب المحتل الأمريكي) المحتل التركي والمحتل الايراني والوصي الروسي، بثقله (العسكري والسياسي)، امتد الى عمق منطقة الجزيرة وأخذ الروس من (مطار القامشلي الدولي) قاعدة عسكرية لهم . اليوم ثمة مصالح مشتركة ونقاط تلاقي بين ( الروس والأتراك والايرانيين ) في رفض ومقاومة السياسات الأمريكية في سوريا والمنطقة . لأجل قطع الطريق على (المشروع الكردي) في سوريا، قامت تركيا باحتلال العديد من المدن والبلدات والمناطق السورية الحدودية كانت تحت سيطرة ما يعرف بـ( قوات حماية الشعب ) الكردية، وأجرت عملية تغير ديمغرافي في هذه المناطق لصالح العنصر العربي والتركماني . عن التحدي التركي للمشروع الكردي، يقول (سمير صالحة – دكتور العلاقات الدولية في جامعة استنبول) في مقاله له بعنوان (أنقرة والحوار الكردي – الكردي في سورية) نشر في موقع العربي الجديد:18 أيار الجاري : ” لن تجد القيادة السياسية التركية التي أقنعت واشنطن وموسكو بضرورة القيام بعملياتها العسكرية الواسعة في الشمال السوري، وقلب حسابات حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) هناك، لن تجد صعوبة في إقناعهما مجدّدا باستحالة تقديم مناقشة حقوق الأكراد ورسم الخرائط السياسية والدستورية على حساب الأكثرية السكانية السورية المشرّدة بين لاجئ ونازح…”.
. باحث سوري، مهتم بقضايا الأقليات.
ايلاف
———————————-
البيان المريب/ غسان المفلح
أصدرت شخصيات وتشكيلات سورية في المنطقة الشرقية بخصوص تفاهمات الأحزاب الكردية على مستقبل الجزيرة السورية 7 حزيران 2020. طبعا غالبية الفاعلين في البيان المذكور ليسوا من المنطقة الشرقية. كنت اتمنى ان ارى هذا البيان تضامنا مع تظاهرات السويداء. لما لهذه النخب من تأثير نسبي على بعض الشارع السوري. أكثر من 800 اسم وتشكيل، وقعوا على هذا البيان. البيان يعد انه وثيقة احتجاج على ما يجري من مفاوضات بين المجلس الوطني الكردي السوري وتنظيم الادارة الذاتية التابع حتى اللحظة لقيادة حزب العمال الكردستاني التركي او ما يعرف بقيادة قنديل. هذه المفاوضات التي تجري برعاية امريكية فرنسية.
هذا البيان افترض سلفا انه يخدم ثلاث جهات:
النظام الاسدي والحكومة التركية وقيادة قنديل. لا يخدم الشعب السوري عامة ولا يخدم اهالي المنطقة الشرقية.
اضافة الى أنه اتى في جو من الشحن بين بعض العرب وبعض الكرد. على خلفية الاحتلال التركي لعفرين من جهة، وموقف قيادة قنديل التاريخي الداعم للأسد في سياساته. كل طرف من هذين الطرفين يحاول تسويق نفسه بالضد من الآخر. وليس من خلال انجازاته لصالح الشعب السوري عربا وكردا. لهذا تصير الشرعية بنفي الاخر. في ظل هذا الجو اتى البيان بتوقيت مريب ومضمون أكثر ريبة. رغم انه يدعو الى مشاركة كافة المكونات في الجزيرة للمشاركة بالمفاوضات وهذا مطلب محق، لان الجزيرة ليست شأنا كرديا فقط. لكنه في سياق خاطئ.
هذا البيان عن المفاوضات بين الادارة الذاتية والمجلس الوطني الكردي السوري مع احترامي للموقعين وبعض المطالب المحقة فيه ليس حلا.. هذا البيان لغة وسياقا.
اولا انا مع قيام مؤسسة تمثيلية كردية سورية واحدة بعيدا عن الاسدية. وبعد طرد التمثيل الاسدي من المنطقة.. هذا هو العنوان المطلوب الاساسي. اما عن قضية الفيدرالية فان البيان بصراحة يدس السم بالعسل، حيث ان الفيدرالية السورية المرتجاة تشكل حلا مستداما لقضية الكرد والعرب معا. كثر من الموقعين على هذا البيان كانوا من قادة المعارضة. واغلبهم فشل في ادارة كثير من الملفات وفي التعاطي مع الملف الكردي بشكل خاص.
انني مع وحدة الصف الكردي.
لتتقدم هذه الشخصيات عبر واجهة سياسية واضحة بمطالبها من الدول الراعية للاتفاق.
كيف سيتم تنظيم المنطقة واداراتها والنظام لايزال موجودا؟ ولا نية لاحد اخراجه حتى اللحظة. لهذا كان عليهم التروي في اصدار مثل هكذا بيانات تشحن ولا تشكل رؤية للحل الواقعي وفقا للمعطيات.. عندما يخرج النظام من الجزيرة السورية، نتحدث في حال بقيت قنديل سلطة امر واقع. اما غير ذلك فلا يحتاج الوضع لبيانات. بل يحتاج الى عمل سياسي يأخذ بعين الاعتبار تعقيدات الوضع هنالك. وفتح صفحة جديدة في معالجة الملفات الحساسة كالقضية الكردية في سورية وموقع قيادة قنديل فيها.
ملاحظة لبعض أهلنا الكرد في ردة فعلهم على البيان، عن ان هؤلاء باعوا ارضهم للأسد!! لأنها تنطيق على جميع السوريين كردا وعربا نتيجة موازين قوى عسكرية الذي باع بالغوطة وفقا لهذا المنطق الشتام، هنالك من باع بعفرين مثله. نقد البيان يكون بعيدا عن البحث عن تمايز شتائمي هوياتي وغير صحيح. لان الاداء الكردي لم يكن نموذجي بل ربما أسوأ في محطات كثيرة. البحث عما يجمع.
هنالك اسماء انكرت تماما علمها بالبيان. مما اثار لغطا بالتزوير. اذكر منهم الصديقين انور البني واسعد العشي.
الاصدقاء بعضهم تسرع في التوقيع. كان الاجدى ايضا التفصيل بموقع المحتلين جميعا في اللوحة، بدء بالأسد وانتهاء بالتركي.
بالمقابل كان يجب التركيز على قيام تمثيل كردي سوري ايضا.
هذه وقفة سريعة مع هذا البيان. الذي اتمنى ان لم يكن اعتذارا على الاقل توضيحات لأسئلة كثيرة يثيرها هذا البيان المريب.
ايلاف
—————————————–
————————————-
الشرق السوري:العرب يثيرون حفيظة الأكراد..بالنداء الديموقراطي
أطلق العشرات من الشخصيات المعارضة الثلاثاء، بياناً حمل اسم “نداء من أجل تحالف عربي في منطقة الجزيرة والفرات” دعوا فيه إلى تحالف القوى العربية في شمال شرق سوريا في إطار سياسي لتمثيلهم بالتزامن مع الحوار الكردي-الكردي.
واعتبر البيان أن المشروع الوطني السوري “بات الآن ضرورة ملحة وخياراً وحيداً أمام الملايين من عرب المنطقة الشمالية الشرقية السورية، بمحافظاتها الثلاث الرقة ودير الزور والحسكة، الذين أصبح مستقبلهم مجهولاً لا يتحكمون بنسج خيوطه بأنفسهم، فتحولوا إلى رهائن مختطفين لا إرادة حرةً لهم”.
وأضاف البيان أن “المؤمنين بخطر هذا الواقع وضرورة التحرك العاجل لتغييره، يدعون عبر هذا النداء إلى تأسيس جبهة وطنية اجتماعية فكرية ديموقراطية عريضة وموحدة لأبناء المنطقة الشرقية العرب، بمختلف انتماءاتهم الدينية والفكرية والسياسية، تحت اسم التحالف العربي الديموقراطي، تُعلَن كإطار موسّع، فوق سياسي، عابر للإيديولوجيات، يضم خيرة الكفاءات وأصحاب الخبرات والشخصيات الوطنية العربية السورية، لاسيما المتحدرة من شرق سوريا، مع قوى المجتمع المدني والوجهاء والأعيان وممثلي القبائل والعشائر العربية والعسكريين المنشقين، وقبل الكل نساء المنطقة الشرقية اللائي دفعن أغلى الأثمان”.
وحدد البيان معايير تنطلق هذه الدعوة على أساسها، وأبرزها:
– تحقيق تطلعات المواطنين العرب في المنطقة الشرقية بعيداً عن المصالح الشخصية والحزبية، من خلال السعي إلى تجسيد قيم الديموقراطية والحوار لتحقيق السلام والتنمية والرفاه والعدل لعموم المكونات في الجزيرة والفرات، ولسورية كلها في المستقبل.
– استلهام مبادئ الثورة السورية في الحرية والكرامة من أجل بناء بلد يشبه أحلامهم وتاريخهم وعراقتهم بعد الخلاص من هيمنة النظام الاستبدادي الطائفي وعملائه، وعلى رأس أولويات التحالف العربي الديموقراطي المنشود محاربة كل أشكال التطرف الديني والعنصرية القومية وردع الممارسات الشوفينية الهمجية بحق مكونات الجزيرة والفرات، أياً كان مرتكبوها.
– مخاطبة المجتمع الدولي ونقل صوت عرب شرق سوريا، بناء على ثقة مؤسسيه بأن المستقبل لن يتجاهل الملايين منهم، سواء أولئك الذين يعيشون تحت سلطة الأمر الواقع في الجزيرة والفرات، أو أولئك الذين شرّدهم نظام الأسد وداعش أو التنظيمات المتشددة الأخرى، دون نسيان آلاف المعتقلين منهم.
– التشديد على أنه لا يمكن لأي تفاهمات منفردة، مهما كانت مدعومة من أطراف دولية معينة أن تصمد من دون القرار العربي في الجزيرة والفرات، وعلى أن أي تجاهل للقرار العربي إنما هو تدمير مباشر للأخوة العربية الكردية في المنطقة، وهو ما لا يمكن لعرب المنطقة الشرقية القبول به، رغم حرصهم على وحدة الموقف الكردي السوري التي يرونها مساوية لوحدة الموقف العربي السوري.
ويبدو أن النقطة الأخيرة هي الدافع الرئيس للتحرك على هذا الصعيد، خاصة مع دخول المفاوضات بين القوى الكردية السورية جولتها الثانية، والتي تهدف إلى الاتفاق على رؤية مشتركة بين أحزاب المجلس الوطني الكردي وحزب “الاتحاد الديموقراطي”، حول مستقبل المنطقة الشرقية من البلاد، الخاضعة للإدارة الذاتية التي يقودها حزب الاتحاد، وهو ما أثار تحفظات الكثير من سكان المنطقة من المكونات الأخرى.
وكانت لافتة ردود الفعل الكردية المنتقدة لهذا النداء، حيث اعتبر العديد من السياسيين والإعلاميين الأكراد أن مصدري هذا البيان أزعجهم الحوار الكردي-الكردي و”أنهم يخشون من أي اتفاق يمكن أن يفضي إليه، على الرغم من أن محددات هذا الحوار وسقفه هو الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعلى حقوق جميع مكونات المنطقة الشرقية السياسية والثقافية” حسب تصريح ل”المدن” أدلى به أحد المسؤولين في المجلس الوطني الكردي.
لكن الصحافي غياث كنعو، وهو أحد المشاركين في صياغة هذا النداء، اعتبر أن “الحساسية الكردية من الدعوة لاطلاق تحالف سياسي بين القوى العربية في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا ليست مبررة، خاصة في ضوء الحوار البيني لانجاز اتفاق بين الأكراد”.
وأضاف كنعو في تصريح ل”المدن”، أن “هذا النداء لم يكن موجهاً ضد الحوار الكردي-الكردي، بل رحبنا به طالما أنه يسعى لتحقيق الأهداف المشتركة لكل السوريين بمختلف مكوناتهم وتوجهاتهم، وكل ما أردنا فعله من خلال هذه الدعوة هو رمي حجر في المياه الراكدة على الصعيد السياسي للقوى العربية في المنطقة الشرقية من أجل أن تتحرك أيضاً للقيام بمسؤولياتها تجاه وطنها وشركائها الذين تجمعهم بهم قواسم مشتركة كثيرة، تجعل من مصالح الجميع واحدة بالضرورة”.
وحتى ظهر الأربعاء، وقّعت مئات الشخصيات المعارضة على النداء، أبرزها رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري المنشق، وعدد من الوزراء والسفراء والدبلوماسيين والكتاب والإعلاميين والأكادميين ورجال الأعمال وضباط منشقين، بالإضافة إلى شخصيات اجتماعية وقبلية وعشائرية من أبناء المنطقة الشرقية.
————————
إضاءات حول تفاهمات الأحزاب الكردية على مستقبل الجزيرة السورية/ معاذ الحاج يوسف
في تاريخ 7 حزيران/يونيو 2020، صدر بيان حول تفاهمات ومفاوضات جارية بين بعض الأحزاب الكردية بخصوص مستقبل الجزيرة السورية، والتي اتخذت من “مفاوضات الوحدة الكردية” عنواناً لها.
تباينت ردود الفعل حول هذا البيان بين موافق ومعترض. افترض المعترضون أنّ هناك موقفاً مسبقاً، من قِبل الموقعين على البيان، ضدّ هذه التفاهمات (الكردية -الكردية)، وضدّ وحدة الصف الكردي، وهنا لا بد من التوضيح، بصفتي أحد الموقعين على البيان، أّننا لسنا ضدّ أي حوار (كردي – كردي)، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو أّن “وحدة الصف الكردي” هذه هي في وجه من تحديداً؟ وهل هذه الوحدة تأتي ضمن السياق الوطني السوري بمعزل عن المشاريع العابرة للحدود؟ أم هي مع الإبقاء على المرجعيات السياسية الإقليمية (التي لا تنكرها تلك الأحزاب وتعترف بها)؟
الأطراف المتحاورة
يجب ألّا يتم التغافل على أنّ الأطراف المتحاورة في المفاوضات الجارية لا تمثل كامل الأحزاب والتيارات الكردية، بل تمثل جزءاً من المكون الكردي فحسب، الأمر الذي لا يمكن قبوله كممثل وحيد ووصي عن كامل المكون الكردي، بدليل أنّ هناك شخصيات وأطرافاً كردية كانت من طليعة الموقعين على هذا البيان، وبالتالي فإنّ هذه المفاوضات لا تمثل جميع الكرد، الأمر الذي يتنافى مع مقولة أن “هذه الحوارات جاءت بهدف توحيد الصف الكردي” وإلّا لماذا لم يتم إشراك باقي الأحزاب والأطراف الكردية في تلك المفاوضات؟ بالإضافة إلى أنّنا لسنا ضدّ أي حوار بالمستوى السياسي، بصورة عامة، وبين أي طرفين سوريّين شريطة ألّا تمس هذه الحوارات “الثوابت الوطنية” ووحدة واستقلال سوريا أرضاً وشعباً ومؤسساتٍ تحت السقف الوطني، ولكن الأمر الذي يؤخذ على هذه المفاوضات هي أنّها تمّت بين طرفين نقيضين؛ الأول “المجلس الوطني الكردي”، والذي يشارك في كلّ مؤسسات المعارضة السورية مع ذهابه منفرداً إلى هذه المفاوضات، و الطرف الثاني وهو “حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني PYD “، والذي يمتلك ميليشياتٍ تُشكّل الذراع العسكرية له، والتي فرضت سلطة أمر واقع على مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا، علاوةً على ارتباطه العضوي بـ “حزب العمال الكردستاني”، المضاف إلى قوائم الإرهاب الدولية كتنظيمٍ إرهابي، (الأمر الذي يتبين جليّاَ ليس من خلال رفع شعارات وأعلام وصور القائد أوجلان فحسب، بل من خلال وجود قيادات وكوادر وعناصر من حزب العمال الكردستاني بصورة مباشرة ضمن صفوفهم أيضاً، بالإضافة إلى وجود عناصر ومقاتلين أجانب من مختلف الجنسيات والقوميات). أمّا الإشكال الجوهري الآخر هو علاقة “حزب العمال الكردستاني” الوثيقة بكلٍّ من النظام السوري وإيران.
لذلك كان الأجدر قُبيل البدء في أية مفاوضات أن يقوم “حزب الاتحاد الديموقراطي الكردستاني” بتوضيح موقفه في كلّ من الثورة السورية والنظام السوري، والعمل على إنهاء أي ارتباط له مع “حزب العمال الكردستاني”، مع إخراج جميع العناصر الأجنبية غير السورية من صفوفه، حتى يصار إلى اعتباره طرفاً سورياً آخر مُشاركاً في المفاوضات.
علاوة على ذلك، لا يمكن القبول بهذه المفاوضات بمعزل عن باقي المكونات السورية الحاضرة في الجزيرة السورية، مع العلم أنّ المكون العربي يشكل الغالبية العظمى في المنطقة إلى جانب مكونات أخرى كالسريان والآشوريين والتركمان والأرمن والشركس.
أجندة مفاوضات الوحدة الكردية و”المعلومات المسربة”
طرحت المفاوضات في أجندتها، بالمرحلة الثانية، ملفات مصيرية متعلقة بالمنطقة؛ كإدارة المنطقة، وملفات الأمن والتعليم والاقتصاد والقوى العسكرية، كما صرحت بذلك القيادات في الطرفين، وما استند إليه البيان تحت توصيف (معلومات مسربة) كما ورد في نصه.
” معلومات مسربة ” هي معلومات مؤكّدة، وليست بتحليلات أو استنتاجات أو توقعات. هي معلومات لم تعلن بشكل رسمي -حين صدور البيان- الأمر الذي اعتُبر مأخذاً على المشاركين في المفاوضات، مع العلم بأنّها حقائق سُرِّبت عن قيادات في كِلا الطرفين، سواء أكان ذلك على الإعلام أم على وسائل التواصل الاجتماعي، أم في الجلسات الخاصة! الأمر الذي يؤكّد على وجود نية مبيته للقيام بمشاريع مشبوهة غايتها النيل من وحدة وسلامة واستقلال الأراضي السورية.
اتهامات وشكوك
اتهمت الأطراف المشاركة في مفاوضات الوحدة الكردية البيان بأنّه حالة استباقية للنتائج والمخرجات، وأكّدوا بأنّهم سيقومون بإشراك باقي المكونات بعد الانتهاء من الجولة الثانية من التفاوض، الأمر الذي يطرح تساؤلاً آخر فيما إذا كان هذا الاتفاق سيُقدَّم كـ”عقد إذعان” لباقي المكونات؟ أم سيتم إشراك شخصيات من بعض المكونات الأخرى كديكور تجميلي لا أكثر لهذا لاتفاق، الذي يرسخ بقاء الإدارة الذاتية بمشاركة الطرفين وفرض سلطة الأمر الواقع في المنطقة؟
هذا وقد بات واضحاً ولم يعد الأمر خفيّاً، بأنّ كل ما ورد آنفاً ليس بمجرد تسريبات أو هواجس أو شكوك بعدما أعلن وفدا المجلس الوطني الكردي في سوريا وأحزاب الوحدة الوطنية الكردي في الحسكة إنهاء الجولة الأولى من المفاوضات، مع صدور بيان توضيحي في 16 حزيران/ يونيو الجاري، والذي أعلن برعاية ومساعدة نائب المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي، السفير ويليام روباكي.
مقررات الإعلان الختامي للجولة الأولى لمفاوضات الوحدة الكردية
تم الاتفاق على “رؤية سياسية مشتركة ملزمة، والوصول إلى تفاهمات أولية، واعتبار اتفاقية دهوك 2014 حول الحكم والشراكة في الإدارة والحماية والدفاع أساساً لمواصلة الحوار والمفاوضات الجارية بين الوفدين بهدف الوصول إلى التوقيع على اتفاقية شاملة في المستقبل القريب”.
كما ورد في نص الإعلان الختامي للجولة الأولى من المفاوضات أجندة وبنود سيتم إحالتها إلى اللجنان المختصة بالجولة الثانية للبحث فيها والعمل على تفعيلها، الأمر الذي نرفضه جملة وتفصيلا، ولا يمكن القبول به لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، لاعتبارات خاصة كتعرض الإعلان لقضايا مصيرية وخطيرة تخص السوريين جميعا، وليس أبناء منطقة الجزيرة وشمال وشرق سوريا بحسب، مثل شكل الدولة السورية المقبل، وإبقاء الإدارة الذاتية – المفروضة بالقوة على السوريين- على مع العمل على تطوير شكلها، والاحتفاظ بالقوات العسكرية والأمنية الكردية لـ PYD – YPG مع إشراك قوات بيشمركة “روج أفا” أيضاً.
تساؤلات وحيرة
في النهاية هناك أسئلة واستفهامات حول قضايا محورية، على جميع الأطراف المشاركة في هذه المفاوضات الإجابة عليها وتوضيحها؛ كمصير واردات النفط السوري، الذي يتم توريده للنظام من خلال قوى “الإدارة الذاتية”، متغافلين عن الأوضاع المعيشية الصعبة لسكان مناطق شرق وشمال سوريا.
وفي الختام نؤكد أنّه لا يحق لأي طرف من الأطراف، أياً كان، الاستفراد والاتفاق بهذه الطريقة الفجة وبمعزل عن كل القوى والمكونات السورية، الأمر الذي يؤثر سلباً على مسار الحل السياسي السوري في إطار مقررات جنيف وقرارات مجلس الأمن 2118 و2254 ذات الصلة، حيث إنّ هذه الاتفاقيات والتفاهمات الكردية هي مقدمة تهدد وحدة سوريا وسلامة شعبها ونسيجها الوطني.
تلفزيون سوريا
———————–
————————————–
في الخلاف الكردي السوري والآفاق المأمولة/ حسين قاسم
لا تبدو صورة الحوارات ومآلاتها وردية على ضوء اجترار بعض الرؤوس الحامية لاحداث وقعت في الماضي وتتحمل القوة المسلحة المسيطرة(الوحدات الكردية) المسؤولية القانونية والأخلاقية حولها، كأحداث عامودا واختفاء قيادات ونشطاء كرد كبهذاد دورسن وأمير حامد وفؤاد إبراهيم، وأغتيال آخرين كمشعل تمو ونصرالدين برهك، هذا بالرغم من اعتذار الناطق الرسمي لوحدات الحماية الشعبية نوري محمود عن احداث عامودا الأمر الذي قد يشكل مدخلاَ معقولاً لكشف مصير المختفين و المعتقلين والضحايا وإجراء تسوية لأوضاعهم وأوضاع عوائلهم. بالرغم من الكثير الذي قيل ويقال عن ممارسات الوحدات الكردية لكن المنطقة الخاضعة تحت سيطرتهم تبقى المنطقة الأقل سوءاً في سوريا إذا ما قورنت بالمناطق الخاضعة لنفوذ النظام السوري أو المناطق الخاضعة تحت هيمنة الفصائل الإسلامية المتطرفة. يبدد طبيعة العلاقة بين حزب العمال الكردستاني PKK وجناحه السياسي حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا HDP حجة بعض الساسة السوريين كرداً وعرباً حول استحالة فك الارتباط بين PKK وحليفه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، حيث لم يمنع الحضور الفيزيائي لكوادر PKK في جسم HDP من أن تمارس الأخيرة السياسة بوصفها محكومة بشرطي الزمان والمكان ومرتبطة بالمعطيات التي تفرزها المستجدات والوقائع والقوى الفاعلة، هذا رغم كل الملاحظات المحقّة حول إعاقة الكردستاني لHDP لكنه يخرق المحظورات والخطوط التي يضعها قادة قنديل وحتى تعليمات اوجلان نفسه كما ظهر ذلك بشكل جلي في الانتخابات الأخيرة لرئيس بلدية استنبول، يمارس HDP السياسة بوصفه حزباً محكوماً بالظروف والشروط الموضوعية في تركيا حيث يشارك في الانتخابات البرلمانية والبلدية متحالفاً مع خصوم ومخاصماً حلفاء، يتظاهر، يعتصم، يؤيد، يندد، يقف مع حزب أتاتورك، يناصر تعديلات أردوغان الدستورية ….الخ، وإذا أضفنا إنعدام أطراف كردية منافسة في تركيا ووجودها في الحالة السورية، الأمر الذي يحسن فرص وشروط فك الأرتباط، إضافة إلى أن البيئة السورية بالرغم من نكوصها في السنوات الأخيرة لكنها تمتاز عن التركية بعدم وجود صراع مسلح مديد يعقد مسارات التصالح ويفتح الأفق أمام المزيد من تحكم العناصر السورية في قرارات حزبهم، هذا دون أن نخوض في التباس العلاقة بين الخصم/المجلس الوطني الكردي والحزب الديمقراطي الكردستاني-العراق الأمر الذي يسبغ مشروعية غياب الظهير الوطني السوري ويحيل إلى ارتهان الكرد عموماً إلى ظهير كردستاني يحجم حركته ويقيد نشاطه بدرجات مختلفة تبعاً لطبيعة العلاقات بين هذا الظهير والدول الإقليمية. يشكل مهد الولادة للتنظميات الكردية السورية أيضاً أرضية أتهام متبادلة ويتساوى في ذلك طرفي الصراع الكردي، حيث ولد حزب الاتحاد الديمقراطي PYD في قنديل عام 2003 معقل قيادة العمال الكردستاني ، كما أن الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا-البارتي الذي اتخذ تسمية الحياد بين طرفي الخلاف الكردي الذي نشب في ستينات القرن المنصرم، وأثناء محاولات البارزاني الأب توحيدهما، عقد هذا الحزب مؤتمره التأسيسي مطلع السبعينات في مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي تحت حماية بيشمركة البارزاني الأب ورعايته الشخصية، هذا الحزب الذي عقد مؤتمراً توحيدياً عام 2014 مع طرفي حزب آزادي(مصطفى جمعة-مصطفى آوسو) وحزب يكيتي الكردستاني(عبدالباسط حمو) في أحد قاعات الضيافة في هولير تحت إشراف قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني-العراق متخذاً نفس الاسم مع إضافة اللاحقة (سوريا) عوضاً عن (العراق) ليقول لجمهوره العريض حزبين توأمين في جزئين من كردستان، وفي هذه الحالة تسقط الأرضية المفاهيمية التي تقول بتمايز أحد طرفي الخلاف عن الأخر وذلك بتبعية PYD المطلقة ل PKK استناداً على فكرة مكان التأسيس ورعاية الأحزاب الكردستانية الرئيسية. فكرة أخرى كان يروّج لها في بعض الأوساط المعارضة السورية ومصدرها تسويق كردي سوري وهي أن خلاف ENKS مع PYD خلاف سياسي وبالتحديد موقفه من نظام الأسد، في الوقت الذي لا يختلف وثيقتي المجلس الوطني الكردي ومجلس الشعب لغربي كردستان(مؤسسها قيادات PYD) اللذان تأسسا في الربع الأخير من 2011 في تشخيصهما للنظام ولا في مقاربتهما ل”الثورة” السورية، ففي الوقت الذي أعلن مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية إنتهاء المرحلة الأولى من الحوارات والتي تضمنت الملف السياسي تحديداً، والبدء بالمرحلة الثانية من الحوارات حول الملفين الإداري والعسكري، حيث يلمس المتابع للمشهد أن نبرة الإتهام قد عادت إلى الواجهة من جديد على خلفية محاصصة السلطة والأمتيازات، بين طرفٍ يملك السلطة على الأرض وكل أدوات العنف (PYD) وطرف يملك قائمة من التهم والشتائم والمظالم وكل مبرراتها المحقة ENKS. في مجمل الخلاف الكردي تظهر قضيتين مختلفتين الأولى قضية السلطة وامتيازاتها، ضحاياه جمهور حزبي منافس(كالمجلس الوطني الكردي وحزبي الوحدة والتقدمي) إن أتيحت لهم الفرصة لم ولن يقدموا في هذه الظروف وتحت هذه الشروط مشروعاً أنضج وأكثر أستقراراً للمدنيين مما قدمته PYD وإدارتها، والثانية استبداد سلطة PYD وقمعها، وضحاياه نخب ثقافية ومدنية وهي لا تتموضع في حزب أو طرف سياسي، فالمعاناة هنا تشمل منتسبي PYD قبل غيرهم ، هذا الخلاف يطرح بشكل رئيسي سؤال الأستبداد والديمقراطية ، سؤال الحريات العامة وقوانين تنظيمها، سؤال الأفق السياسي لمشاريع أكثر عقلانية وموضوعية. يكاد يشكل الوفاق الكردي بوابة وفرصة حقيقة لكسر الحواجز النفسية بين الطرفين الرئيسين المتوهمين أنهما سلطة ومعارضة ودفع جمهورهما لمقاربات حقيقية بين بنيتين متقاربتين أصلاً تؤهلهما لشراكة لا لخصومة مديدة وقد يساهم هذا في خلق بنى كردية معارضة جديدة صاحبة مشاريع مختلفة تؤسس لتغيير حقيقي وهادف تخرج المجتمع الكردي من عطالته المزمنة وخياراته المحدودة، فالكرد السوريون لا يمكن ان يكونوا بارازانيون فقط لأنهم ليسوا آوجلانيون أو العكس، كسر هذه الحلقة من الداخل هي رهان مهم في فتح الأفق أمام نخب كردية طموحة وهي متموضعة بشكل كبير في الأحزاب الكردية السورية التي رهنت خياراتها كما سبق التنويه إلى المناخ السياسي المحكوم بالثنائية الوهمية.
نواة
—————————–
كيف يمكن للحوار الكردي – الكردي أن ينجح؟/ جان صالح
الكرد في سوريا منقسمون سياسياً، مثلهم مثل المعارضة السورية، وذلك بسبب التدخلات الخارجية وتأثيرات الحرب في أفكار ومفاهيم السياسيين. الانقسام الكردي متجذر قبل الثورة السورية، وسببه كان النظام السوري وآلة القمع التي كان يستعملها، خاصة مع القيادات الكردية التي تنتهج فكراً قومياً ديمقراطياً، لكن الانقسام الكردي السياسي زاد مع بدأ النزاع في سوريا، ولهذا استضاف اقليم كردستان القيادات الكردية، وكانت النتيجة اتفاقية دهوك 2014، حيث ضمت حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM والمجلس الوطني الكردي في سوريا ENKS. ووفقاً لتلك الاتفاقية، كانت القوى السياسية الكردية قد اتفقت على تشكيل “مرجعية سياسية كردية”، على أن تكون نسبة تمثيل حركة المجتمع الديمقراطي فيها 40%، والمجلس الوطني الكردي 40%، ونسبة 20% للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. ولاحقاً تم الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 30 شخصاً، ممثلين على الشكل التالي: 12 من حركة المجتمع الديمقراطي، و12 من المجلس الوطني، و6 من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين. وبحسب الاتفاق، فإن مهمة هذه المرجعية هي رسم الاستراتيجيات العامة وتجسيد الموقف الموحد، وتشكيل شراكة فعلية في هيئات الإدارة الذاتية، والتوجه نحو الوحدة السياسية والإدارية ومشاركة كافة المكونات الأخرى. لكن تلك الاتفاقية لم ترَ النور بسبب عدم رغبة الطرفين بالشراكة، واستفراد حزب الاتحاد الديمقراطي بالسيطرة على المناطق الكردية، ومنع ممارسة العمل السياسي والمدني من قبل المخالفين لنهجه. وبدوره، أصبح المجلس الكردي تحت تأثير تركيا وحركة الإخوان المسلمين، وبات موجهاً للعمل مع الائتلاف السوري، ولكن دون منحه أي دور سياسي يخدم القضية الكردية في سوريا. بعد الغزو التركي لسوريا، واحتلاله لجرابلس وعفرين ورأس العين وتل أبيض، ودور الائتلاف السوري وجيشه الوطني في عمليات الاحتلال وارتكاب جرائم حرب ضد الكرد، زاد الغضب الكردي الشعبي من التمزق السياسي بين القوى السياسية الكردية، وطالبت بالوحدة الكردية لتحقيق الطموحات السياسية للكرد في مستقبل سوريا، إنهاء الاحتلال التركي والانسلاخ عن التبعية للمعارضة السورية التي باتت إلى حد بعيد، تنفّذ الأجندات التركية التي تستخدم سوريا كورقة لمصالحها، وبالشراكة مع إيران وروسيا. منذ سنوات كانت هناك محاولات بريطانية وفرنسية لتوحيد المواقف السياسية بين الأطراف الكردية، ولكنها فشلت بسبب تصلب الأطراف الكردية، وتحول كردستان سوريا إلى ضحية للنزاعات بين الأحزاب الكردستانية الكبرى من جهة، ولتأثير الأنظمة الغاصبة من كردستان، أي طهران، أنقرة، دمشق وبغداد، ولهذا عمل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع النظام الإيراني وبتشجيع من روسيا لمحاربة الكرد السوريين، ومنع تحقيق أية طموحات سياسية لهم، بل اعتبروا الدعم العسكري الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية في الحرب على داعش، محاولة أمريكية لقيام كيان كردي في شمال شرق سوريا، وتكرار سيناريو كردستان العراق. الموقف الأمريكي السياسي غير واضح من القضية الكردية في سوريا. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه أيّدوا تركيا، وخانوا الكرد حين سمحوا لتركيا وميلشيات المعارضة، بما فيها من متطرفين، بضرب الكرد والقيام بعمليات قد ترقى إلى تطهير عرقي وما تزال مستمرة، لكن أمريكا، وعبر جهود المبعوث ويليام روباك، تبنّت رعاية مبادرة قائد قوات قسد، الجنرال مظلوم عبدي، الذي دعا القوى السياسية الكردية إلى الوحدة والحوار للوصول إلى تفاهمات مشتركة، لحماية الشعب الكردي وضمان حقوقه في سوريا ديمقراطية. خوف على الأكراد من أنفسهم نجح روباك ومظلوم، وبتأثير من الزعيم الكردي العراقي مسعود البارزاني، في جمع أحزاب الوحدة الوطنية الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وأحزاب المجلس الوطني الكردي التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني – هولير، على طاولة واحدة، واتفقوا على رؤية سياسية مفادها أن سوريا يجب أن تكون دولة اتحادية فدرالية، وأن نظام الأسد مجرم وقاتل لشعبه. وستستمر المفاوضات لنقاش مستقبل الإدارة الذاتية، الناحية العسكرية، تفاصيل الشراكة وضمان حقوق المكونات من المسيحيين والعرب في المنطقة. طبعاً هناك قوى كردية سياسية ما تزال خارج تلك الحوارات (التقدمي، الوحدة، يكيتي)، لأن المجلس الكردي يحاول إبعاد تلك الأطراف، رغم أن الجنرال مظلوم والراعي الأمريكي التقيا مع كافة الأحزاب الكردية لتنضم للحوار العام في المستقبل. هذا الحوار الكردي أغضب تركيا فهددت المجلس الكردي، وغالباً ستقوم بطرده من عضوية الائتلاف السوري، ووضع كافة القوى الكردية السورية على قائمة الإرهاب. أما المعارضة السورية وغالبية السوريين، فهم ضد الحوار الكردي ويعتبرونه خطراً يجب محاربته، وهذا سببه تركيا، ثقافة مدارس حزب البعث وغياب معارضة ليبرالية علمانية. رغم أن الحوار الكردي بين أحزاب الاتحاد الديمقراطي وأحزاب البارتي تبنى اتفاقية دهوك كمرجعية سياسية، لكن الحوار يبقى ناقصاً مع عدم إشراك القوى الكردية الأخرى، وكذلك عدم تمثيل القوى المدنية والحقوقية في تلك الحوارات. ولهذا هناك خارطة طريق على السياسيين الكرد اتخاذها كاستراتيجية طويلة الأمد، يتوجب على المجلس الوطني الكردي الانسحاب من الائتلاف السوري الذي صار منصة للإخوان المسلمين، ويشارك مع تركيا في جرائم الحرب ضد الكرد، أو يغضّ النظر عنها. بدوره على حزب الاتحاد الديمقراطي إطلاق سراح المعتقلين الكرد، وعلى الطرفين الاعتذار من الشعب الكردي عن كل الانتهاكات والأخطاء السابقة. ومن الأهمية إبعاد كافة الشخصيات التي لها دور سلبي في تمزيق المجتمع الكردي وضياعه سياسياً، عبر التسويق للعمل مع نظام الأسد، وكذلك كل من يعمل مع نظام الاحتلال التركي ويشرعن احتلاله وجرائمه بحق الكرد. سيكون من الأهمية أيضاً التواصل مع القوى المسيحية والعشائر العربية في المنطقة، لأجل التنسيق معها حول التمثيل السياسي في مفاوضات جنيف الدولية الخاصة بسوريا، ومدى أهمية النظام الفدرالي لسوريا ما بعد الحرب، منعا لعودة الديكتاتورية وداعش والإرهاب. على الكرد أن يفهموا جيداً أن رعاية أمريكا وفرنسا وبريطانيا للحوار الكردي سببه هو أهمية الكرد ومنطقة شمال شرق سوريا استراتيجياً وجيوسياسياً، والسعي إلى ضمان مصالحهم في سوريا في الحرب ضد الارهاب وطرد إيران وحزب الله منها، ومنع النظام وروسيا من السيطرة على المنطقة. التوافقات السياسية بين الكرد ستوفّر الاستقرار هناك، وستسهّل على الولايات المتحدة تحقيق استراتيجيتها الطويلة الأمد، وخلق التنوع السياسي والضغط على روسيا والأسد للحوار. لكن في النهاية المفاتيح بيد الكرد، ولا يمكن لهم الثقة بأمريكا في ظل إدارة ترامب التي تفتقد إلى استراتيجية واضحة تجاه الكرد، وتساند تركيا وسياستها داخل سوريا. ولهذا ينبغي على الكرد التواصل مع أوروبا، الأمم المتحدة والدول العربية، لمساندة مشروع الفدرالية في سوريا، كضمان للمساواة والحفاظ على التنوع العرقي، والضغط لإنهاء احتلال تركيا وإيران. نجاح الحوار الكردي هو أساس لتحقيق الطموحات القومية والسياسية للكرد ولباقي الأقليات، ويجب المطالبة بإدراج حل القضية الكردية، وحقوق الأقليات في مفاوضات جنيف، وعدم تأجيل ذلك لما بعد نهاية النزاع السوري. الكرد أمام استحقاق تاريخي وعليهم خوض معركة الفدرالية بذكاء، وتحقيق إقليم فدرالي في شمال شرق سوريا، سيكون دعماً لفدرلة ودمقراطة سوريا.
رصيف 22
——————————————-
=======================
تحديث 07 تموز 2020
—————————————
الحوار الكردي بجولته الثانية: دفع لاتفاق حفاظاً على المكاسب/ أمين العاصي
يتركز اهتمام الأكراد في سورية حالياً على مواجهة خلافات بينية بين أكبر كيانين سياسيين كرديين في البلاد، هما “المجلس الوطني الكردي” و”أحزاب الوحدة الوطنية” التي يقودها “حزب الاتحاد الديمقراطي”، اللذان انخرطا أخيراً في حوار برعاية أميركية، في مسعى لتجسير الهوة بينهما، والتي ظهرت مع بداية الثورة السورية واتسعت لاحقاً بسبب اختلاف في التوجهات والرؤية السياسية. ويرتبط الخلاف بمسألة التنافس للسيطرة على الشارع السوري الكردي، الذي يأمل من جهته أن يتوصل المتحاورون إلى اتفاق يرسخ مكاسب سياسية وعسكرية وثقافية حصل عليها أكراد سورية بدعمٍ أميركي، عقب حرب طويلة خاضها “التحالف الدولي” مع تنظيم “داعش” في هذا البلد، كانوا هم رأس حربتها.
ومن المتوقع أن تبدأ اليوم الثلاثاء أو غداً الجولة الثانية من الحوار بين أحزاب “الإدارة الذاتية”، وأحزاب “المجلس الوطني الكردي، وهما الكيانان السياسيان الأكبر في المشهد السوري الكردي، بعد جولة أولى (بدأت في إبريل/نيسان الماضي وانتهت في 17 يونيو/حزيران) وُصفت بـ”الناجحة”، على الرغم من أن المتحاورين لم ينخرطوا خلالها في مناقشة الملفات الخلافية والأكثر أهمية.
وذكرت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، أن جدول أعمال الجولة الثانية من الحوار الكردي – الكردي “يتضمن ملفات إدارية وعسكرية واقتصادية”، لافتة إلى أن اتفاقية دهوك (العراق – 2014) ستشكل أيضاً أرضية لهذه المباحثات، وفق ما اتفق الطرفان خلال الجولة الأولى. وقالت المصادر إن “المجلس الوطني الكردي” أكد لقائد “قوات سورية الديمقراطية” (“قسد”) مظلوم عبدي، والذي كان الداعي إلى هذا الحوار، وللجانب الأميركي، أن “ملف المعتقلين لدى الإدارة الذاتية من مؤيدي المجلس الوطني الكردي هو من الملفات الأساسية الهامة، الذي لا تنازل عنه”. وأضافت المصادر أن “المجلس الوطني” يطالب بـ”إيقاف الخدمة الإلزامية المفروضة من جانب واحد، أي من قسد التي يهيمن عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، أبرز أحزاب الإدارة الذاتية”.
طفل كردي
وكان اتفاق دهوك، الذي تمّ برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق، وأبرم في أكتوبر/تشرين الأول 2014، قد نصّ على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية -25 حزباً) فيها 40 في المائة، و”المجلس الوطني الكردي” 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. كما تمّ الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصاً، ممثلين وفق الآتي: 12 من “حركة المجتمع الديمقراطي”، 12 من “المجلس الوطني”، وثمانية من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين. ومهمة هذه المرجعية هي “رسم الاستراتيجيات العامة وتجسيد الموقف الموحد، وتشكيل شراكة فعلية في هيئات الإدارة الذاتية، والتوجه نحو الوحدة السياسية والإدارية، ومشاركة كل المكونات الأخرى”.
ومنذ بدء الثورة السورية، انقسم الأكراد السوريون إلى تيارات سياسية عدة، بعضها بات جزءاً من منظومة “حزب العمال الكردستاني” مثل “حزب الاتحاد الديمقراطي”، فيما اختارت أحزاب أخرى تشكيل “المجلس الوطني الكردي” المقرب من قيادة إقليم كردستان العراق، والمنضوي في “الائتلاف الوطني السوري” المعارض. بينما اختارت شخصيات سورية كردية تشكيل رابطة مستقلين تتخذ من تركيا مقراً لها، وانضوت أخيراً هي الأخرى في “الائتلاف الوطني”، وهو أحد أبرز الأجسام السياسية في المعارضة السورية.
وتفرد “الاتحاد الديمقراطي” بالقرار الكردي في سورية عن طريق “وحدات حماية الشعب”، وتالياً “قسد”، مضيقاً الخناق على الأحزاب التي تخالف توجهه، وهو ما أدى إلى انشطار في الشارع السوري الكردي الذي يأمل اليوم أن يتوصل سياسيوه إلى اتفاق، ما يمكن أن يساهم في تشكيل مرجعية واحدة لهم تدافع عن حقوق الأكراد في أي مفاوضات مقبلة تحدد مستقبل البلاد بعد أكثر من 9 سنوات من الحرب التي دفعت سورية إلى حافة التشظي.
ويسيطر الأكراد عملياً عن طريق “قسد” على أغلب منطقة شرق نهر الفرات الغنية بالثروات، والتي تشكل نحو ثلث مساحة سورية، إضافة إلى سيطرتهم على مناطق غربي نهر الفرات، أبرزها مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي. وفي أواخر العام الماضي، دعا عبدي، والذي يعد من أبرز الشخصيات السورية الكردية اليوم، إلى حوار يرقى إلى مستوى التفاوض بين “المجلس الوطني” و”الإدارة الذاتية”، عقب العملية العسكرية التركية شرقي الفرات، في محاولة لترتيب البيت الكردي من أجل مواجهة التحديات التي فرضتها هذه العملية.
وبدأ الحوار الكردي – الكردي في نيسان/إبريل الماضي بدفع من واشنطن التي تعتبر الداعم الأكبر للأكراد السوريين بسبب انخراطهم معها في الحرب على “داعش” منذ العام 2014 والتي انتهت عملياً في بداية 2019 بالسيطرة على آخر معقل للتنظيم في بلدة الباغوز في أقصى الشرق السوري.
وأوضح عضو الهيئة الرئاسية لـ”المجلس الوطني الكردي”، المنسق العام في حركة “الإصلاح الكردي”، فيصل يوسف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه جرى الاتفاق في الجولة الأولى من الحوار “على رؤية سياسية مشتركة ببعد وطني سوري والالتزام بالعملية السياسية الجارية في البلاد، ومن ضمنها إقرار حقوق الشعب الكردي في سورية”، مشيراً إلى أن المجلس “يسعى لموقف كردي سوري موحد يكون له دور في إطار العملية السياسية، ومنها صياغة دستور عصري يحدد شكل الدولة ونظامها الديمقراطي”.
وعن الخطوط الحمراء لدى المجلس التي لا تفاوض عليها، قال إنه “يجب ألا يؤثر أي اتفاق على موقعنا في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وهيئة التفاوض، ويحافظ على خصوصيتنا الكردية السورية في كل بنود الاتفاق”. وعن دور واشنطن في المفاوضات الكردية – الكردية، أوضح يوسف أن “الدور الأميركي يسعى حتى الآن لحل الخلافات القائمة وصولاً إلى موقف كردي موحد في إطار وحدة المعارضة والعملية السياسية والمحافظة على علاقات حسن الجوار”. كما أشار إلى أن “المجلس الوطني الكردي يتبوأ موقعه في هيئة التفاوض”، متحدثاً عن السعي إلى توسيع دائرة التمثيل الكردي في العملية السياسية. وأوضح يوسف أن قوى دولية “تؤكد على أهمية وضرورة حل الخلافات الكردية ومشاركة الجميع بالعملية السياسية”، لافتاً إلى أنه “بعد الانتهاء من هذه الخلافات، سيتم إشراك المكون العربي والسريان الآشوريين في عملية الحوار”. وشدد على أن هذا الأمر “من أولويات عملنا في المرحلة المقبلة، حيث نعتقد بأننا شركاء العيش والمصير في الوطن السوري”.
من جهته، رأى الباحث السياسي السوري الكردي المقرب من “الإدارة الذاتية”، إبراهيم مسلم، أن “المجلس الوطني الكردي” وأحزاب “الإدارة” قطعا خطوات جيدة في طريق الحوار القائم بينهما، معرباً عن اعتقاده في حديث لـ”العربي الجديد” أن الوضع القائم في منطقة شرقي نهر الفرات، وخصوصاً لجهة وجود ما سماه بـ”الاحتلال التركي” فيها، إضافة إلى قدوم قوات النظام إلى المنطقة، “يحتم عليهم (على الأكراد) الاتفاق”. وأشار إلى أن عدم الاتفاق في المقابل، يعني المجازفة بما تم إنجازه حتى الآن. ورأى كذلك أن “عدم اتفاق المتحاورين يعني إفساح المجال للنظامين السوري والتركي بضرب تجربتهم بحجة عدم تمثيلها لكل التيارات الكردية”. واعتبر أخيراً أنه “على الرغم من وجود أصوات نشاز بين الطرفين الكرديين، إلا أن الظروف القائمة سوف تحتم عليهما الاتفاق”.
العربي الجديد
—————————
قسد تطرد زعيم الكردستاني من سوريا: إنقلاب أم مناورة؟/ عقيل حسين
تدوالت مصادر كردية سورية معلومات عن بدء حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي إخراج بعض قادة حزب العمال الكردستاني من مناطق سيطرته شمال شرق البلاد، بالتزامن مع التحضير لانطلاقة المرحلة الثانية من المفاوضات الكردية-الكردية التي تجري برعاية أميركية، من أجل توحيد القرار السياسي الكردي في سوريا.
وكشف الصحافي والكاتب الكردي هوشنك أوسي السبت، عن قيام مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديموقراطية “قسد” التي يهيمن عليها حزب الاتحاد، بمنح القيادي في حزب العمال الكردستاني صبري أوك مهلة قصيرة لمغادرة الأراضي السورية، بعد أن قدمت الولايات المتحدة الأميركية قائمة من 30 شخصية فاعلة في الحزب، المصنف على قوائم الإرهاب، موجودين في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، لطردهم من هذه المناطق.
يأتي ذلك بعد نهاية الجولة الأولى من المحادثات التي ترعاها واشنطن بين “الاتحاد الديموقراطي” والمجلس الوطني الكردي السوري، التي انطلقت في نيسان/ابريل الماضي، وكان على رأس شروط المجلس في هذه المحادثات، إعلان حزب الاتحاد فك ارتباطه بالعمال الكردستاني الذي يخوض حرباً مع تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وكان الخبير في شؤون حزب العمال الكردستاني، هوشنك أوسي، قد اعتبر في منشور على “فايسبوك”، أن طرد صبري أوك، الذي كان يشغل منصب مسؤول الأمن والمخابرات في حزب “العمال” من المناطق التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، يعادل في تأثيره طرد عبد الله أوجلان من سوريا.
وينحدر صبري أوك، من ولاية أضنة التركية، وكان قد توجه إلى سوريا للمرة الأولى في 2013 واستقر في القامشلي، كمندوب عن جميل بايق، وهو أحد مؤسسي العمال الكردستاني ويقوده حالياً ضمن مجموعة مؤلفة من خمسة أشخاص، كما أنه الرئيس المشترك ل”منظومة المجتمع الكردستاني”، التي تضم مجموعة من الأحزاب الكردية في كل من سوريا والعراق وإيران وتركيا.
ورغم أن البعض اعتبر بدء الاتحاد الديموقراطي اخراج قادة الكردستاني خطوة كبيرة على طريق فك الاتحاد ارتباطه بالعمال الكردستاني، إلا أن آخرين يرون أنها مجرد إجراء شكلي، وأنه لا يمكن لحزب الاتحاد أن يتخلص من هيمنة الكردستاني الذي يسيطر بشكل كبير على مفاصل الاتحاد الذي طالما إعتبر فرعاً له.
وحسب مصادر كردية، فإن مجلس الادارة في الاتحاد الديموقراطي، يتألف من 30 شخصاً، أغلبهم أعضاء في اللجنة المركزية للعمال الكردستاني، ويحملون الجنسية التركية، الأمر الذي يجعل من أي محاولة للتخلص منهم أمراً بالغ التعقيد.
وترى هذه المصادر، أن ما يزيد من صعوبة التخلص من هيمنة الأكراد الأتراك على الاتحاد وجعل الأخير ذي طابع سوري، هو سيطرة كوادر حزب العمال على المفاصل الأمنية والعسكرية في قوات سوريا الديموقراطية، إلى جانب نجاحهم في تعزيز فكر الحزب وإيديولوجيته، ناهيك عن النفوذ الواسع الذي يتمتع به صبري اوك شخصياً، وسيطرته شبه الكاملة على مفاصل حزب الاتحاد.
ولا يقتصر نفوذ أوك على ما يعتبر الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني وحسب، بل استطاع ومنذ العام 2013، حسب المصادر الكردية، أن يكون الحاكم الفعلي لمجموعة القوى الكردية المرتبطة بحزب العمال في الدول الاربع التي ينتشر فيها الأكراد.
وتضيف هذه المصادر، أن صبري أوك، الذي كان يتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بمثل هذه الخطوة لإرضاء تركيا، عمل بشكل مبكر على تعيين مقربين منه في مواقع حساسة في حزب الاتحاد، حيث أعاد إلى سوريا باهوز أردال (قائد قوات حماية الوطن) التابعة للعمال الكردستاني، وهو كردي سوري من مواليد مدينة المالكية بريف الحسكة، واسمه الحقيقي “فهمان حسين” كان قد توقف عن دراسة الطب عام 1986، والتحق بمعسكر حزب العمال في منطقة البقاع اللبنانية، ومن ثم انتقل إلى جبال أغري في تركيا، قبل أن يستقر أخيراً في مدينة الرقة.
كما أن صبري أوك عين مكانه كمسؤول عن جهاز الاستخبارات، ومقره مدينة الرميلان بريف الحسكة، مصطفى بايق، ابن أخت جميل بايق، خليفة عبدالله أوجلان في قيادة الكردستاني، ما يصعب أكثر من مهمة تخلص حزب الاتحاد من سيطرة كوادر “العمال” حتى لو أراد الأول القيام بذلك فعلاً.
بل إن المصادر الكردية التي كشفت عن هذه التفاصيل، لم تستبعد أن تكون المعلومات التي نشرت مؤخراً حول بدء حزب الاتحاد بإخراج قادة العمال الكردستاني من صفوفه وطردهم خارج مناطق سيطرته في سوريا، أن تكون مجرد حملة دعائية لاظهار استجابة الاتحاد لشرط المجلس الوطني الكردي، الذي يرتبط بعلاقات ودّية مع تركيا، والذي تدعم واشنطن مطلبه بضرورة فك ارتباط الحزب مع “العمال الكردستاني” كشرط أساسي للتوصل إلى اتفاق بين الجانبين.
وما يعزز هذه الفرضية، حسب المصادر ذاتها، أن أول من نشر خبر طلب حزب الاتحاد من صبري أوك المغادرة، وهو هوشنك أوسي، وكان قيادياً سابقاً في العمال الكردستاني، وشغل منصب مدير الإعلام في الحزب، كما أنه ابن شقيق النائب الكردي في مجلس الشعب التابع للنظام عمر أوسي، والأخير متهم من قبل الأكراد المعارضين للنظام بأنه ممثل العمال في البرلمان السوري.
ويرى المشككون أن كمية المديح التي ساقها أوسي في الخبر الذي نشره حول هذا الموضوع، والتي كالها لقائد “قسد” مظلوم عبدي، واسمه الحقيقي شاهين جيلو، يؤشر بوضوح على التوجه لتلميع الأخير وتقديمه كشخصية ذات أجندة كردية سورية، وليس كجزء من العمال الكردستاني.
اتهام يرى فيه البعض أنه جزء من الصراع السياسي بين القوى الكردية السورية، خاصة وأن هوشنك أوسي قد انشق عن العمال الكردستاني منذ وقت طويل، ونشر الكثير من البحوث والمقالات التي تهاجم الحزب وتحذر من خطورة أفكاره وأهدافه.
إلا أنه وبغض النظر عن السجال الأخير، فإن الملف الرئيسي الذي يطرحه الإعلان عن بدء الاتحاد الديموقراطي بإخراج كوادر وقيادات العمال الكردستاني من صفوفه ومناطق سيطرته، يبقى هو الأهم بطبيعة الحال. ورغم وجود من يبدي تفاؤله بهذه الخطوة، إلا أن الغالبية ترى صعوبة بالغة في تحقيق انفصال حقيقي بين حزب الاتحاد وحزب العمال، بالنظر إلى التداخل الكبير بين الجانبين، والسيطرة الكبيرة للعمال على الاتحاد تنظيمياً وأمنياً وفكرياً أيضاً.
المدن
——————————
============================
============================
تحديث 11 تموز 2020
———————————-
الحوار الكردي في سوريا: متشائمون ومتفائلون/ شفان إبراهيم
هناك خيبة أمل مستمرة في أوساط أكراد سوريا جرّاء تعثر مشاريع التوافق والتقارب بين التيارات السياسية الكردية الأساسية، التي تجلّت في اتفاقيات سبق أن تم توقيعها بين العامين 2012 و2015، عُرفت باتفاقيات هولير الأولى والثانية، واتفاقية دهوك وملحقها. ذلك أن هذه الاتفاقيات لم تجد طريقها للتنفيذ، واستمرت الخلافات والصراعات العميقة التي أثرت بمجملها سلباً على أوضاع الأكراد خصوصاً، وعلى أوضاع عموم سكّان المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
واليوم، يشهد المسرح الكُردي في سوريا حوارات معمقة بين أبرز قطبين للحركة السياسية الكُردية في سوريا؛ المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، برعاية أميركية وفرنسية، وبحضور السفير الأميركي لدى التحالف الدولي ويليام روباك. وأفضت الحوارات التي لا تزال مستمرة إلى إصدار بيان مشترك حول توصل الطرفين إلى «رؤية سياسية مشتركة ملزمة، والوصول إلى تفاهمات أولية»، كما ذكر البيان أن «اتفاقية دهوك عام 2014 حول الحكم والشراكة في الإدارة والحماية والدفاع، تُعدّ أساساً لمواصلة الحوار والمفاوضات الجارية بين الوفدين بهدف الوصول إلى التوقيع على اتفاقية شاملة».
وفي وقت أثارت فيه هذه الأنباء ردود أفعال متباينة بين التفاؤل والتشاؤم في أوساط سكّان مناطق سيطرة قسد، وعلى وجه الخصوص من الأكراد، فإنها أثارت حفيظة بعض العشائر العربية في مناطق سيطرة قسد، وحفيظة شخصيات وتجمعات عربية، وهو ما تم التعبير عنه في سلسلة بيانات رافضة للحوار، طالب مصدروها بالكشف عن مضمون الاتفاق، وبعدم استفراد التيارات المتحاورة بتقرير مصير مناطق شمال شرقي البلد، وعدم الحوار مع الاتحاد الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية، باعتبار أنهما امتدادٌ لحزب العمال الكُردستاني.
هل يكون الحوار الكُردي بداية لحوار سوري أوسع؟
تحدثنا بشـأن هذه المفاوضات مع عدد من النشطاء في مناطق سيطرة قسد، وهي المناطق التي ستتأثر جدياً بأي اتفاق يجد طريقه إلى التنفيذ فعلاً. ويعتقد بعض من تحدثنا إليهم أن نجاح الحوار الكُردي الداخلي سيفضي إلى نتائج إيجابية على صعيد الوضع السوري ككل، فالكُرد جزء من الواقع السياسي والعسكري في سوريا، لكنهم «لم ينالوا حقهم ضمن اللجنة الدستورية السورية حتى الآن، ولا ضمن مسار المفاوضات السياسية عموماً»، وذلك وفق ما يراه النشاط المحلي عباس مراد، من سكّان مدينة الحسكة، الذي يتأسف لأن الحوار جاء بضغوط خارجية ولم يكن تلبية لمطلب شعبي قومي؛ يقول «الأمريكان هم الذين أجبروا الطرفين على الحوار، لذلك أشعر بمرارة أنه لم ينبثق من التفات الأطراف السياسية لمطالب الشارع الكُردي». ووفقاً لمراد، فإن التفاؤل الوحيد الذي ينتابه هو أن يكون هذا خطة على طريق «حصول الكُرد على حقوقهم المشروعة، وعلى طريق تحوّلهم إلى كتلة سياسية متماسكة وقوية بعد اتفاقهم».
كذلك يعتقد الناشط المدني عبد الله إسماعيل، من مدينة الرقة، أن هذا الحوار يمكن أن يكون مدخلاً إلى حوار سوري عام، وأنه ربما يكون بوابة حل سوري، معللاً اعتقاده هذا بأن اتفاق أي مكون على رؤية سياسية لسوريا المستقبل «سيساهم في بلورة طروحات تفيد باقي المكونات السورية، وهي خطوة صوب إيجاد أرضية مشتركة تُؤسّس لحوار سوري مستقبلي يضم كل السوريين بكامل مكوناتهم».
الناشط حسام القس من مدينة ديريك يقول إن «الحوار الكردي قد يساهم في إشاعة الأجواء الإيجابية في المنطقة، مما يساهم في إرساء الاستقرار للشعب الكردي وباقي مكونات المنطقة من سريان وآشوريين وعرب».
من جهته، يعلّق الناشط المدني إيفان أبو زيد من مدينة قامشلو على الحوار، مرحباً به باعتباره «أفضل من استمرار الخلافات والقطيعة السياسية، لكن بشرط أن يُفضي إلى سلام مستدام»، مطالباً بفصل العاطفة عن منطق الحوار؛ يقول إن «العاطفة الكُردية تعتقد أن الاتفاق سيؤدي إلى حل المشاكل وإلى ازدهار سياسي واقتصادي واجتماعي، لكن الواقع شيء آخر، حيث لا نتائج واضحة حتى الآن»، داعياً إلى إجراءات أعمق لبناء الثقة، ومطالباً «الإدارة الذاتية بإطلاق سراح جميع المعتقلين، ليكون هذا جسراً لتعميق الحوار».
توقعات متضاربة حول مستقبل الحوار
تتناقض التصورات حول مستقبل الحوار ما بين التشاؤم والمخاوف من عدم حل مشاكل عامة الناس، والتفاؤل حول مستقبل جديد للمنطقة وكل سوريا. يرى عبد الله إسماعيل أن هذه الحوارات «في طريقها للنجاح كونها حاجة ملحة للشارع السوري بكليته، وليس الكُردي فحسب»، ويعيد تفائله إلى ما يسميه بــ«كثرة النقاط الإيجابية التي تدعم نجاح الحوار، منها رغبة الشارع الكردي بالتخلص من الخلافات الداخلية وتوحيد الصفوف لتشكيل طرف أساسي في معادلة الحل السوري.
وتحدثنا أيضاً إلى الكاتب والباحث فاروق حاج مصطفى، من أهالي مدينة كوباني، الذي يقول إنه متفائل بنجاح الحوار لتوافر سببين اثنين: «لأنه استحقاق سياسي مرحلي لا يمكن تجاوزه، ولأنه استجابة لتطلعات الناس، فالعامل السياسي القادم من المساحة النقاشية الحوارية سيساهم في صياغة مستقبل سياسي جيد، وسيكون تجربة مهمة على مستوى مسار الحواري السوري العام».
بالمقابل يبدو إيفان أبو زيد متشائماً، فهو يرى أن أبرز عوامل فشل الحوار هي «عدم توفر الثقة المطلوبة بين المتحاورين، وتمسّك كل طرف برأيه، وعدم وجود رؤية استراتيجية واضحة لدى الضامن الأميركي حول مصير المنطقة، خاصة بعد العملية العسكرية التركية الأخيرة»، رابطاً مصير الحل الكردي بوجود «إرادة دولية للحل في عموم سوريا».
لكن حسام القس يذهب في اتجاه أخر، إذ يطالب أن تكون مخرجات الحوار طريقاً لإعادة الحق إلى أصحابه وإرساء العدالة لجميع المظلومين، مطالباً بأن يؤدي الحوار إلى «فتح صفحة حوارات ومفاوضات مع باقي المكونات للوصول إلى صيغة حكم جديدة تدير المنطقة إدارياً وعسكرياً من قبل أبنائها جميعاً، بعيداً عن العناصر الأجنبية القادمة من خارج الحدود». لا يخفي القس تشاؤمه ومخاوفه من فشل الحوارات: «أخشى أن احتمال فشل الحوار قائم بشدة، وذلك لعدة أسباب أهمها الإيديولوجيات والتوجهات المختلفة والمتضادة للمتحاورين».
كيف يمكن أن تنعكس نتائج الحوار على حياة الناس؟
وفي حال نجحت الحوارات وأفضت إلى نتائج إيجابية، فإن حسام القس يتوقع أنها ستنعكس إيجاباً على المنطقة: «نجاح الحوار يؤثر بشكل إيجابي على حياتي وحياة كل سكان المنطقة، لما فيه من تخفيف حالة الاحتقان والتوتر وتحقيق التشاركية في إدارة المنطقة، والتوزيع العادل للثروات مما يخلق فرص تنمية اقتصادية حقيقية».
في حين يرى إيفان أبو زيد أن هذه الحوارات ونتائجها لن «تحمل حلاً سحرياً لمشاكل الإدارة، ولا على صعيد تأمين المستلزمات اليومية، لكنها ربما تحقق نوعاً من الراحة النفسية، وخاصة إذا نجحت الحوارات في توحيد القرار السياسي».
بالمقابل، يرى عبد الله إسماعيل أن نجاح الحوار سيكون أمراً إيجابياً، لأن «مخرجاته ستنعكس على حياتنا ومواردنا الاقتصادية، وسيؤدي إلى تفعيل الحياة السياسية. كما أن مراقبة العديد من الجهات الإقليمية والدولية لهذه الحوارات هو أمر مهم في حد ذاته، وسيستفيد كل من يعيش هنا من المشاريع التنموية التي ستشهدها المنطقة بعد نجاح الحوار ووضع مخرجاته قيد التنفيذ».
في الاتجاه نفسه، يرى فاروق حاج مصطفى أن للحوار تأثيرٌ مباشرٌ على حياة الناس، لجهة أنه «تمهيدٌ لبناء أفق تشاركي سياسي يستند إلى التلاحم المجتمعي المحلي، وصولاً إلى منتج سياسي ينعكس على المشهد العام ومتطلبات تحسينه».
بينما تتنوع الآراء بين التفاؤل والتشاؤم، والحماس والرفض، فإن أغلب الأحاديث العامة في المنطقة تنصرف إلى التركيز على الكيفية التي سينعكس فيها الحوار على حيواتهم، وحول مدى قدرة مخرجات الحوار على توفير الأمان المفقود منذ أعوام. يتساءل الناس عن انعكاس نتائج الحوار على مستوى معيشتهم وأمنهم، وعلى إمكانية عودة أبنائهم من الخارج دون خطر سحبهم إلى التجنيد الإلزامي أو إجبارهم على دفع البدل النقدي، وحول مصير الطلاب ومستقبل العملية التعليمية، وحول الموارد الاقتصادية وإدارتها وتوظيفها، وهي التحديات والمشكلات الأساسية التي تمس حياتهم بشكل مباشر.
موقع الجمهورية
————————————-
سورية .. صراع هوياتي شرق الفرات/ علي العبدالله
لم تمر سوى أيام قليلة على تسريب أنباء عن اتفاق طرفي التفاوض الكردي، أحزاب الوحدة الوطنية الكردية، تجمّع يضم 25 حزباً صغيراً وحديثاً تعمل تحت مظلة حزب الاتحاد الديمقراطي، والمجلس الوطني الكردي، تجمّع يضم 15 حزباً كردياً عريقاً، على خمسة مبادئ عامة، حتى انبرت شخصياتٌ وقوى سياسية عربية للرد بإصدار بيان مضاد وجهته إلى الرأي العام يوم 7/6/2020، وقعته عند النشر 836 شخصية سياسية واجتماعية وثقافية، تلاه تحرّكٌ لشخصياتٍ عربيةٍ من الجزيرة والفرات بإصدار “نداء” يوم 23/6/2020 يدعو إلى تشكيل تحالفٍ عربيٍّ ديمقراطيٍّ في الجزيرة والفرات، وقعته عند النشر قرابة الأربعمائة شخصية سياسية واجتماعية وثقافية. وجاء التحرّك الثالث تحت عنوان “حركة استقلال الجزيرة”، يدعو إلى تشكيل كيان سياسي مستقل، دولة، شرق الفرات؛ تصدّره ناشطون من محافظة الرقة.
واضح أن دافع هذا التحرّك السياسي والتنظيمي العربي رفض التحرّك الكردي لتشكيل موقف موحد، ورفض المبادئ التوافقية التي أعلنت؛ والتعبير عن عدم امتلاك التحرّك الكردي شرعية وغطاء من عرب شرق الفرات، وهم أغلبية ضمن هذه المنطقة، ورفض تحديد المفاوضات الكردية ونتائجها الطبيعة الجيوسياسية للمنطقة، ففي الوقت الذي اكتفى فيه البيان الأول باستنكار التفاهمات ورفض مخرجاتها، على خلفية “استحالة فرض أي اتفاق – على أرض سورية – لا يقبل به السوريون”، ومناشدة السوريين، من المحافظات كافة، التضامن معهم في “حماية المنطقة الشرقية من المشاريع الضيقة”، انطوى الثاني (النداء) على دعوة إلى تأسيس إطار سياسي من عرب الجزيرة والفرات؛ تحت اسم “التحالف العربي الديمقراطي”، من “المؤمنين بخطر هذا الواقع، يقصد سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على شرق الفرات، وضرورة التحرّك العاجل لتغييره”، واعتبار التأسيس “فرض عين” على كل من “بقي لديه شعور بالغيرة والحرص على المنطقة الشرقية وسكانها من الغالبية العربية”، ودعوة عرب عموم سورية إلى الوقوف “ضد مظلومية إخوتهم العرب في المنطقة الشمالية الشرقية، ضد كل أشكال التمييز والتهجير والتغيير الديموغرافي التي فرضتها وتفرضها حكومة الأمر الواقع”، ودعوة دول الجوار العربي إلى “الالتفات إلى عرب المنطقة الشمالية الشرقية ومساعدتهم في الصمود بوجه سياسات التهجير المبرمج والتذويب والاضطهاد”، دعا التحرّك الثالث (حركة استقلال الجزيرة) إلى تشكيل كيان سياسي مستقل، دولة، شرق الفرات، ودعا مناصريه إلى إظهار تأييدهم “حق تقرير المصير” لسكان الجزيرة وحوض الفرات مجتمعين، بغضّ النظر عن عرقهم أو إثنيتهم أو دينهم أو ثقافتهم، وذلك على خلفية وجود هوية خاصة ومختلفة عن هوية الدولة السورية التي أنشأها اتفاق سايكس بيكو، وشكّل لذلك “مجلس تواصل” لجمع التوقيعات وكتابة وثائق التأسيس التي حدّدها عضو في “مجلس التواصل” بـ”وثيقة الهوية”؛ وهي وثيقة تعرّف وتحدّد وتشرح هوية سكان إقليم الجزيرة وحوض الفرات المشتركة الجامعة، في إطار تنوّع الثقافات والهويات الفرعية وغناها، “وثيقة الجغرافيا والسكان”؛ وهي وثيقةٌ تُثَبّت حدود دولة الجزيرة وحوض الفرات ومدنها وسكانها وتوزعهم الجغرافي، “وثيقة المساواة وحقوق الأفراد والجماعات”؛ وهي وثيقة تحدّد الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية الأساسية للسكان، أفراداً وجماعات، بما يضمن حقوق جميع السكان أفراداً، أولاً، وجماعات متمايزة في ثقافاتها ودياناتها ولغاتها، ثانياً، ويمنع تغوّل أي سلطةٍ حاكمةٍ عبر خضوعها لمحدّدات فوق دستورية، “وثيقة حق العودة”؛ وهي وثيقة تضمن حق المواطنة للسكان الذين تعود أصولهم إلى الجزيرة، وغادروها منذ اتفاقية سايكس بيكو، “وثيقة الحق في الموارد والقضاء على الفقر”؛ وهي تبيّن موارد وثروات إقليم الجزيرة وحوض الفرات العامة وسبل إنفاقها؛ بحيث يتم القضاء على الفقر نهائياً خلال فترة لا تتجاوز عقدا، حيث إنها من أغنى المناطق بالموارد، نقلا عن صحيفة القدس العربي (3/7/2020)، فالدعوات الثلاث، على ما بينها من فروقٍ وتباينات، يجمعها هدف واحد: التصدّي للتحرّك الكردي ورفع التحدّي في وجهه.
يمكن، ومن دون كبير عناء، تلمّس نزوع صِدامي وعصبوي في “نداء” تشكيل تحالف عربي ديمقراطي، فهو؛ وبينما يعارض التوجه الكردي الخاص، يواجهه بتحرّك عربي خاص: عروبة الجزيرة السورية، وتقديم صفة العروبة على صفة السورية، وقع أصحاب “النداء” تحت اسم “العرب السوريون في الجزيرة والفرات”، صيغةً مطابقةً لصيغة الكرد السوريين، وتشكيل جسم سياسي عربي صرف، والدعوة إلى “ضم خيرة الكفاءات وأصحاب الخبرات والشخصيات الوطنية العربية السورية، لا سيما المتحدّرة من شرق سورية، مع قوى المجتمع المدني والوجهاء والأعيان وممثلي القبائل والعشائر العربية وشرفاء العسكريين المنشقين الغيورين على أصالتهم ومستقبل وجودهم، وقبل الكل نساء المنطقة الشرقية اللواتي دفعن أغلى الأثمان، ولم يبخلن، مع الرجال والشيوخ والأطفال، يوماً بتقديم التضحية من أجل بلادهن وشعبهن”، و”الهدف الأساسي من تشكيل التحالف، تحقيق تطلعات ومصالح المواطنين العرب في المنطقة الشرقية وحسب، من خلال السعي إلى تجسيد قيم الديمقراطية والحوار لتحقيق السلام والتنمية والرفاه والعدل لعموم المكونات في الجزيرة والفرات، ولسورية كلها في المستقبل”، واعتبر “النداء” السريان صنو العرب. وقال: “ولا يميّز الداعون لتأسيس التحالف العربي الديمقراطي في نظرتهم إلى تلك الجهات بين عربي وسرياني ممن أسهموا في بناء سورية عبر السنين، مستمدّين وحدة المصير والمستقبل من التاريخ الواحد للعرب والآراميين في فضاء الجزيرة الفراتية. إسهام جسّدته الثقافتان كخزينة واحدة للحضارات الشرقية القديمة، لا سيما الحضارة العربية والإسلامية التي نهلت من ينابيع القيم الواحدة في القرآن والإنجيل، عبر مسارها الطويل”. علما أن السريان يبحثون عن تجسيد ذاتهم باعتبارهم قومية، سياسيا واجتماعيا وثقافيا، كما العرب والكرد. وواضح من النص أنه يستهدف وضع الكرد خارج تركيبة المنطقة. إنهم الوزة السوداء، كأنهم جاؤوا من المريخ، وليست لهم صلة وشيجة بتاريخ المنطقة وبالقرآن والإنجيل (؟!!)، كما برزت في حديث “النداء” عن تبعات تشكيل الإدارة الذاتية الكردية نزعة تمييز واضحة ضد الكرد بقوله: “وكان من نتائجه نشوء أمر واقع استهدفهم، يقصد العرب، باسم ديمقراطيةٍ مزيفةٍ مستندة إلى قوة السلاح، سلبتهم حتى الحق بتقرير المصير”، في حين هو ينكر على الكرد المطالبة بحق تقرير المصير. كان يمكن لموقف أصحاب “النداء” أن يكون أكثر معقوليةً لو أنهم دعوا الكرد إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض كسوريين يسعون وراء حل سوري يساوي بين كل السوريين، بغض النظر عن قوميتهم أو إثنيتهم أو ديانتهم أو مذهبهم، “فتحقيق السلام والتنمية والرفاه والعدل لعموم المكونات في الجزيرة والفرات، ولسورية كلها في المستقبل”، وفق “النداء”، يستدعي الدعوة إلى كلمة سواء على قاعدة الوطنية السورية وعقد اجتماعي أساسه مواطنة حقيقية.
أما أصحاب دعوة استقلال الجزيرة، وتشكيل كيان سياسي مستقل، دولة، شرق الفرات، وتبرير دعوتهم بالتلطّي خلف مظلوميةٍ حاقت بالمنطقة على يد الحكومات السورية المتعاقبة منذ تشكيل الدولة السورية الحديثة، بموجب اتفاقية سايكس بيكو، وربطهم خيارهم بوجود هويةٍ خاصةٍ للمنطقة، هوية فلاحية، وفق ما نشر في وسائل الإعلام والشبكة العنكبوتية، فمنطقهم ضعيف، ذلك أن الانفصال لا يشكل حلا للمظلومية الاجتماعية، والقيم والتقاليد الفلاحية لا تستغرق الهوية السياسية، فالهوية السياسية مركّبة وتحكمها توازناتٌ محدّدة ودقيقة، يتصدرها وينسق بينها، في كل مرحلة، عامل رئيس موجه ومقرر.
يتفق أصحاب المواقف الثلاثة في رفضهم التوجّه الكردي الداعي إلى حل يمنح الكرد حقوقهم القومية عبر صياغة عقد اجتماعي سوري جديد، على قاعدة دولة اتحادية، وفي توجههم المحلي الضيق، وتكريسهم، بدعواتهم ومواقفهم الصلبة، لانقسام عمودي يخدم سردية دعاة انعدام فرص العيش المشترك في الاجتماع السوري، وتجاهلهم طبيعة الخيار السياسي التي تفرض منح المساواة في حق الاختيار لكل إنسان أو جماعة، فما تطلبه لنفسك يجب أن ترضاه لغيرك.
في الختام، لا بد من الإشارة إلى أن مواقف القوى شرق الفرات بنت ثقافة سياسية سائدة، هي مزيج من سياسة الهوية وسرديات ومظلوميات عمّقتها لدى الطرفين ممارساتٌ سياسية تمييزية، ما رتب انعدام ثقةٍ عميقاً. كان على الإدارة الذاتية، وهي القوة المسيطرة، التحرّك بحذر وروية، بعيدا عن العقلية الانتقامية والاستحواذية والقهرية وقوة السلاح، وألا تثير مخاوف شركاء الوطن بالسيطرة على مساحاتٍ شاسعةٍ وضمّها للإدارة الذاتية، وتجنيد أبنائها عنوةً، مع أن سكانها ليسوا من الكرد، ولا يتبنّون خياراتها السياسية، فالطريق إلى بلوغ الحقوق بحاجةٍ إلى إدارةٍ مرنةٍ ومنفتحة، لتأليف القلوب وجسر الهوة والتأسيس لحل توافقيٍّ يخرج المنطقة من الاحتقان والصراع المفتوح نحو أفق سلام ووئام.
العربي الجديد
————————————-
حركة استقلال الجزيرة وأشقاؤها السوريون!/ بكر صدقي
نشرت مجموعة سورية تطلق على نفسها اسم «حركة استقلال الجزيرة» وثيقة بعنوان «وثيقة إعلان استقلال الجزيرة» تبرر فيها وجودها ومطلبها الاستقلالي، بعيداً عن أي مظلة أيديولوجية أو استقطاب بين نظام وثورة، أو موالاة ومعارضة، أو استقطابات قائمة على أسس اثنية أو ثقافية أو دينية أو مذهبية. ثمة توكيد على هوية واحدة جامعة لسكان منطقة الجزيرة السورية تتمحور حول النشاط الزراعي، وفقاً للوثيقة، ولا تتعارض مع الهويات الفرعية التي تشكل «مصدر غنى» وليس سبباً للتوترات الاجتماعية. ولا تخفي الوثيقة عنصر المظلومية (التهميش) الذي يشكل لحمة الهوية الجزراوية وسبب نزوعها الاستقلالي.
للوهلة الأولى ظننت الأمر يتعلق بنوع من المزاح أو «التقفيل» كما يقال، وهو ما يفعله نشطاء سوريون بكثرة حين يتناولون مسائل في غاية الجدية في إطار ساخر.
للوهلة الثانية ذهب بي الظن إلى أنه محاولة لقطع الطريق على أي نزوع استقلالي كردي في رد غير مباشر على التحركات الجارية في منطقة الجزيرة تحت عنوان «حوار كردي – كردي» بتشجيع وإشراف فرنسي – أمريكي.
أما للوهلة الثالثة فقد بدا لي الأمر، على العكس، استجابة إيجابية للتحركات المذكورة، إذا أخذنا بنظر الاعتبار نظرية عبد الله أوجالان حول «الأمة الديمقراطية» المشتقة من تنظير فوضوي/ إيكولوجي لا يأبه كثيراً بـ«الدولة» بقدر ما يعتمد على نوع من ديمقراطية كوميونية مباشرة للسكان المحليين في المدن والبلدات والقرى. بهذا المعنى ليس هناك تعارض بين مطلب استقلال الجزيرة (عن الدولة المركزية السورية) وبين سعي مجلس سوريا الديمقراطية لإقامة منطقة فيدرالية شرقي نهر الفرات تضم سكاناً متعددي الهويات والثقافات الإثنية واللغوية والدينية والمذهبية. فكلا المشروعين لا يسعى إلى إقامة دولة قومية للكرد، على ما يذهب كثير من أدبيات الهجوم على النزعة الانفصالية.
والحال أن هذا الهجوم لم يتأخر في الظهور بشأن حركة استقلال الجزيرة، مع أنها ليست كردية الطابع، لا بخطابها ولا بأسماء القائمين على إدارتها تحت وصف «مجلس التواصل» الذي يضم أشخاصاً من منابت متنوعة. فقد اعتاد السوريون على إلصاق تهمة «الانفصالية» بالكرد فقط لأنهم الجماعة الوحيدة التي لديها طموحات قومية استقلالية وتملك بعض مقوماته. لكن الهجوم على «حركة استقلال الجزيرة» كان أكثر حدةً وتضمن، لدى البعض، توجيه عبارات مهينة. من المحتمل أن مرد ذلك هو الصدمة التي شكلتها الحركة غير المتوقعة على الاطلاق في جو ثقافي مثقل بالإيديولوجيا عاجز عن التفكير بأدوات جديدة. لن أقول إنها «ثقافة بعثية» كما يفعل النشطاء الكرد غالباً، بل ثقافة إيديولوجية لا تعرف أنها كذلك. يتساوى فيها البعثي والإسلامي والشيوعي والقومي الكردي والليبرالي والديمقراطي وعامة الناس من مختلف الانتماءات الفرعية.
لا يمكن لهذه «الثقافة الإيديولوجية» أن تفهم أن الأمة هي جماعة متخيلة قائمة أساساً على الإرادة، لا على عناصر موضوعية مزعومة. ومثل ذلك مفاهيم كالشعب والطبقة و«أمة المسلمين» و«السوريين»… إلخ. إن أي جماعة لا تقوم العلاقات بين أفرادها على المعرفة المباشرة ليست إلا جماعة متخيلة، مفهوم ذهني، إطار مجازي.
إن الإرادة هي العنصر الحاسم في إقامة جماعة متخيلة، وقد تكون إرادة عدد محدود جداً من الأفراد، لكنهم يعبرون عن مصالح وتطلعات مجموعة كبيرة من الناس، تبقى مهمة «المؤسسين» هي اكتشاف أو اختراع العناصر المشتركة الجامعة. قد تكون هذه اللغة أو الدين أو الجغرافيا أو الثروة أو العرق أو إيديولوجيا سياسية معينة أو رقصة قومية أو أسطورة ما أو مظلومية حقيقية أو متخيلة. وعلى المؤسسين أن يقنعوا الأعضاء المرشحين للجماعة بأن لهم مصلحة أكيدة في انتمائهم إليها، وخسارة مؤكدة في التنكر لها.
هذا ما فعله منشئو «وثيقة إعلان استقلال الجزيرة» بالضبط. ولا شيء يمنع، نظرياً، من قيام هذه الجماعة، وتتكفل المواثيق الدولية بحقها في تقرير مصيرها بما في ذلك الاستقلال السياسي. ولا أرى أي مفاضلة بين تبرير وجود هوية قومية عربية، أو هوية إسلامية، أو هوية وطنية سورية، أو هوية جزراوية أو غيرها من هويات محتملة. تأتي المفاضلة دائماً من عناصر مضافة كواقعية الفكرة أو القابلية للتحقيق، أو قدرتها على إقناع أعداد كبيرة من الناس (ما يكفي لقيام الجماعة أو كيانها السياسي)، في حين تتصدر الاعتبارات الأيديولوجية التي تقدم نفسها كما لو كانت حقائق علمية، لكنها ليست أكثر من حسن تسويق للفكرة.
لا تعني هذه المناقشة أنني أشجع «حركة استقلال الجزيرة» ولا تعني أيضاً أنني بصدد مواجهتها. بل أردت فقط وضع النقاش في سياق صحيح. «الوطنية السورية» الرائجة أكثر في سوق السياسة، في الوقت الحالي، ولا تنفك تظهر كل يوم تقريباً تيارات سياسية تدعو إلى هذه الهوية المفترضة وكأنها انتماء بديهي لا يحتاج إلى أي برهان، في حين أنه الانتماء الأكثر هشاشة في واقع حال سوريا والسوريين. هذه «الهوية السورية» ألا تقوم أساساً على التخلي عن هويات تتجاوزها كالقومية العربية أو القومية السورية أو القومية الكردية أو القومية الإسلامية؟ صحيح أنها تلاقي رواجاً كبيراً، وقبولاً ظاهرياً كبيراً، لكن واقع الحال أن حدوداً عميقة انحفرت، خلال سنوات الصراع، بين الجماعات الأهلية، ومن الصعوبة بمكان تخيل العودة إلى تعايش تلك الجماعات وكأن شيئاً لم يكن.
مرة أخرى، الهوية الوطنية السورية تحتاج، قبل كل شيء، إلى إقناع الجماعات بأن لها مصلحة أكيدة في انتمائها إلى وطن واحد.
كاتب سوري
القدس العربي
————————————
الحسكة قحط وغوانتانامو/ بشير البكر
الحسكة تنافس، في هذه الفترة، العاصمة دمشق في نشرات الأخبار، وتتفوق عليها. جوع وعطش واحتلالات داخلية وخارجية وغوانتانامو جديد بحراسة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الحاكم في الجزيرة السورية. صارت هذه المحافظة المنسية تاريخيا أرض التجاذب بين القوتين العظميين، الولايات المتحدة وروسيا، وباتت هناك عدة قواعد عسكرية للدولتين منتشرة على هذه الجغرافيا التي تشكل ثلث مساحة سوريا، بينما يتقدم على أرضها المشروع الكردي شيئا فشيئا في ظل تململ واعتراض كبير من العرب والمكونات الأخرى من دون وجود مشروع جدي مضاد أو دعم فعلي. وفي هذه المناسبة لا يمكن إغفال مشروع إيران السرطاني في منطقة الجزيرة غير المنفصل مشروعها الشامل في المنطقة، غير أنه يعمل هنا وفق آليات طائفية لتفتيت البنى التي حمت هذه المنطقة وشكلت هويتها.
قبل أن يتم اكتشاف النفط واستغلاله في نهاية الستينات من القرن الماضي، كانت الحسكة تعيش من الزراعة. وشكل نهر الخابور شريان الزراعة الحيوي على ضفتيه في امتداد 320 كم، من مدينة رأس العين على الحدود السورية التركية جنوبا حتى المصب في نهر الفرات في شرق مدينة البصيرة، مرورا بمركز المحافظة، ومدن الشدادي، ومركدة. وكان القطن سيد الزراعة على ضفاف النهر، وغير بعيد تمتد مزارع القمح والشعير والعدس التي تعتمد أكثر فأكثر على مياه الأمطار، ما خلا بعض المشاريع الكبيرة التي مدت مياه الخابور نحو الأراضي البعلية كما فعل السيد حمود العلي الخليف في الستينات، ولا تزال أنابيب الفولاذ جاثمة وسط زحف الرمال منذ أن غزا التصحر المنطقة بعد جفاف الخابور في الثمانينات، في واحدة من أكبر اللعنات التي حلت على المنطقة في زمن حافظ الأسد، الذي كرس عهده لبناء السجون وأجهزة المخابرات التي تشكلت من فرق القتلة المحترفين الذين ارتكبوا المجازر منذ عام 2011 دفاعا عن حكم آل الأسد، ولا يزالون حتى اليوم.
حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي الذي يلهج صباح مساء بإقامة مشروع غرب كردستان( روج آفا)، ركب قطار الحرب على الإرهاب موضة العصر الإسرائيلي، وصار كل من يختلف معه داعشيا وفي أخف تهمة بعثيا. استنسخ حيل النظام السابق حين كان يعمل على تبعيث الأكراد وتعريبهم. ونجح هذا الحزب في إقامة غوانتانامو جديد في الحسكة. هذا التنظيم أكثر الذين حلبوا البقرة الداعشية، ولا يزال يرضع من ثديها حتى الآن: مخيم كبير في الهول يسرب منه أطفالا خلفهم شذاذ الآفاق الدواعش وتركوهم إلى مصير مجهول. سجن الصناعة في الحسكة الذي بات مبرمجا على الاستعصاء كلما أرادت قيادة حزب الاتحاد الديموقراطي أن تبتز الولايات المتحدة وأوروبا.
تعيش الحسكة على الجوع رغم الإنتاج الوفير من القمح، وفي هذا العام هناك محاصيل وفيرة جدا، لكن الناس تشكو الفاقة. القاعدة التاريخية في الجزيرة كلما زاد الإنتاج عم الفقر وانتشر الجوع. هذا هو الحال في زمن الأسدين الأب والأب، وكان الناس يتندرون على أن موازنة محافظة الحسكة التي ترفد الخزانة المركزية بحوالي 40 % من العائدات لا تعادل موازنة حي في المحافظات الكبرى مثل دمشق وحلب. وحتى يومنا هذا ليس هناك مشافٍ أو جامعات أو مصانع تليق أو ترقى إلى مساهمة المحافظة التي تراجع منتوجها من القطن والقمح بسبب جفاف الخابور الذي ترتب عليه هجرة كبيرة في السنوات التي سبقت الثورة نحو أحزمة المدن الكبرى، وخصوصا في دمشق.
في الخمسينيات من القرن الماضي كان كثير من سوريي الداخل، وخصوصا في أرياف حماة وحمص يهاجرون إلى أميركا اللاتينية من أجل تكوين ثروات، وكان آخرون يذهبون إلى الجزيرة للاستثمار في زراعة القطن على ضفتي الخابور والفرات. أما اليوم وقد خرب حكم الأسد الاقتصاد وشرد الناس ودمر البلد، فإن الجزيرة تحولت إلى أرض بور، وإذا لم يهطل المطر بغزارة، فإن الجوع هو المصير الذي لا مفر منه، وربما تحولت إلى غوانتانامو واسع.
تلفزيون سوريا
—————————————-
الوجود الروسي في شرق الفرات… علاقةٌ “مخيفة” مع سكان المنطقة وعشائرها وجيرانها/ منذر محمد
“اذهبوا، اذهبوا من هنا، هذا المكان ليس مكانكم، هنا للكرد ولأبناء الأرض الذين استشهدوا في سبيلها”، هذا ما انفكّت تُردّده العجوز المسنّة الواقفة على طريق قريتها المتاخمة لمدينة المالكية في أقصى الشمال الشرقي، مبديةً رأيها في الدورية الروسية الواقفة على مدخل قريتها.
“تركتم رأس العين وعفرين وجايين لهون مشان شو (لأي سبب)، نحن لا نقبل بكم”، أنهت العجوز كلامها، ثم أدارت ظهرها للجنود الروس متجهةً إلى داخل القرية.
بداية الوجود الروسي
يعود تاريخ وجود القوات الروسية في منطقة شرقي الفرات إلى أواخر عام 2019، وتحديداً في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، عقب عملية “نبع السلام” العسكرية التركية في رأس العين وتل أبيض. كان الأمريكيون قد انسحبوا من المناطق الواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا، إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه عن نية بلاده سحب كامل قواتها من شمال شرق سوريا.
إعلان أمريكا الانسحاب من الشمال السوري شجّع تركيا على شن عملية عسكرية بعد ثلاثة أيام، وهو ما دفع بقوات سوريا الديمقراطية إلى توقيع اتفاقية التفاهم مع روسيا القاضية بدخول الجيش السوري إلى المنطقة، خاصة المناطق الشمالية الواقعة على الحدود، بينما تعهدت روسيا بموجب تلك الاتفاقية بلعب دور “الضامن” في المنطقة لوقف زحف القوات التركية، وكذلك برعاية المفاوضات بين الإدارة الذاتية والنظام السوري.
بعد الدخول الروسي إلى المنطقة، وُقّعت اتفاقية أخرى بين موسكو وأنقرة، نصّت على انسحاب “قسد” من الحدود بعمق 30 كيلومتراً، وتسيير دوريات مشتركة بين الطرفين على طول المدن الواقعة على الشريط الحدودي من مدينة عين العرب إلى المالكية باستثناء مدينة قامشلي. من جهتها، أعلنت أمريكا بعد تسيير أولى هذه الدوريات بأن انسحابها من سوريا سيكون جزئياً وليس كاملاً، وأن تواجد قواتها يقتصر على المناطق الغنية بالنفط.
خارطة تواجد القوات الروسية
تتوزع القوات الروسية في شمالي سوريا وشرقيها بين مثلث عين العرب والريف الشمالي والغربي لمدينة الرقة، وصولاً إلى قامشلي وأريافها.
تُقدَّر نقاط تواجد القوات الروسية بحوالي 15 نقطة عسكرية، إذ تحوّل مطار قامشلي إلى قاعدة عسكرية لها تضم منظومة صواريخ دفاع جوي، وهناك قاعدة عسكرية لها في مطار مدينة الطبقة العسكري على مقربة من سد الفرات، وقاعدة عين عيسى التي كانت تتبع للفرقة 17 في مدينة الرقة، وقاعدة في مقر الفرقة 17 في المحيط الشمالي الشرقي محاذية لمدينة الرقة، وقاعدة أخرى في مدينة صرين جنوبي عين العرب… وكانت هذه قواعد تابعة للقوات الأمريكية قبل الانسحاب من هذه المناطق.
يستمر نشاط القوات الروسية في المنطقة بشكل مكثف من سد تشرين وصولاً إلى ريف الرقة الشمالي فمدينة قامشلي وعامودا، بالإضافة إلى تسيير دوريات مشتركة مع تركيا والقيام بجولات استطلاعية باتجاه الحدود العراقية، وهذا ما جعلها تصطدم بالقوات الأمريكية طيلة الأشهر الخمسة الماضية.
ناحية أخرى، تتابع روسيا تعزيز نقاطها العسكرية بالمعدات والأسلحة والرادارات، وأبرزها كانت القافلة العسكرية التي خرجت من عين عيسى على طريق M4 نحو قامشلي أمام أنظار الدوريات الأمريكية في شهر نيسان/ أبريل الماضي.
مخاوف الأهالي
في ظل التواجد الروسي في المنطقة، تكثر الحوادث والتوترات، بينما تظهر حالة الخوف لدى سكان المنطقة فيكثر حديثهم عن الدور الروسي تاريخياً تجاه شعوب المنطقة.
تعززت حالة الخوف بعد حوادث وقعت وكانت على علاقة مباشرة بتصرفات القوات الروسية، ومنها اجتماعات عقدتها الأخيرة مع زعماء العشائر، فضلاً عن تحريضها الأهالي في القرى الواقعة تحت سيطرة قوات النظام السوري ضد القوات الأمريكية، وممارسة الحرب الإعلامية ضد القوى الفاعلة على الأرض.
في منتصف شهر شباط/ فبراير الماضي، وقعت حادثة في قرية خربة عمو الموالية للنظام السوري، على إثر تحريض القوات الروسية والنظام لأهالي هذه القرية ضد الوجود الأمريكي، فجرى إطلاق نار على دورية أمريكية أثناء جولة استطلاعية لها في محيط قامشلي، وفقد شخص حياته خلال المواجهة.
تسببت هذه الحادثة بحالة قلق لدى السكان، حيث يقول سامي خليل، وهو من أهالي مدينة قامشلي: “روسيا يا بتبيعك يا بخليك تتقاتل مع جيرانك، عم تمارس نفس السياسة التي مارستها في الشيشان”.
ويرى خليل الذي عاش في روسيا لسنوات عدة في وجود القوات الروسية زعزعةً للاستقرار والسلم الأهلي، مشبّهاً السياسة الروسية في المنطقة بتلك التي مارستها عندما ألّبت شيشانيين على بعضهم البعض بدعم فصائل في وجه أخرى ضدها.
ويقول لرصيف22: “من فترة عم تحاول تقنع العشائر بضرورة الوقوف في وجه المحتل الأمريكي كما تصفهم، وتريد من العشائر إخراج أبنائهم من صفوف قسد، لتشكيل قوات موالية لها”، متسائلاً: “إذا كانت روسيا صادقة مع العشائر فلماذا تمنع فتح معبر اليعربية أمام المساعدات الإنسانية؟”.
ويشير خليل بذلك إلى الاجتماعات التي حصلت في نيسان/ أبريل الماضي في قرية الجرمز التابعة لمدينة القامشلي الواقعة ضمن نطاق سيطرة قوات النظام، وتلك التي حصلت في الحسكة وتل تمر أيضاً، عندما اجتمع ضباط من القوات الروسية مع زعماء من العشائر، لتحسين الوضع الخدمي في المنطقة وإجراء حلول عاجلة للمشكلات القائمة، بينما للمفارقة تصر على استخدام الفيتو لإبقاء المعبر مغلقاً.
والعشائر التي اجتمعت مع الجانب الروسي في قامشلي والحسكة هي عشيرة آل سياد، آل يسار، الغنامة، المعماري، بني سبعة، الراشد، البوعاصي.
وبحسب الباحث السياسي أحمد رسول، فإن هدف روسيا من وراء هذه الاجتماعات منافسة النفوذ الأمريكي من خلال استمالة القوة العشائرية الفاعلة ضمن قوات سوريا الديمقراطية إلى جانبها، لتشكيل قوة عسكرية خاصة بها وتعمل تحت رعايتها، كون معظم المقاتلين في صفوف قوات سوريا الديمقراطية من أبناء العشائر.
ويرى رسول أن روسيا تحاول استخدام العشائر العربية كأداة بيدها لضرب السلم الأهلي، وبذلك تُحقق هدفين: الأول إضعاف قوات سوريا الديمقراطية والانتقام منها كونها لم تستجب للسياسات الروسية في مواجهة أمريكا في المنطقة، وهذا ما يؤلّب الجماعات الأهلية في شرقي الفرات على بعضهم البعض.
الهدف الثاني، وفق رسول، يتمثل بممارسة ضغط فعال على الوجود الأمريكي نظراً لحيوية القوى العشائرية في المنطقة، وذلك من خلال إقناع العشائر بالوجود غير الشرعي للقوات الأمريكية أو “المحتلة” للأراضي السورية.
ويشير رسول إلى أن ما يدعم المحاولات الروسية المستمرة في هذا السياق هي الثقافة العشائرية الرصينة والعريقة في المنطقة التي ترفض الانصياع وقبول الغرباء. تحاول روسيا من خلال هذه النقطة إقناع العشائر بأن وجودها – على عكس الأمريكيين – جاء على خلفية دعمها للسوريين.
من جهته، يقول المحلل السياسي وليد جولي: “رغم مرور أشهر على المساعي الروسية تجاه العشائر، إلا أنها لم تحقق تقدماً يُذكر، ويعود ذلك إلى الصعوبة في كسب هذه العشائر، خاصة في ظل إعلان روسيا في الفترة الأخيرة عن تشكيل فوج عسكري لتجنيد السوريين للقتال في ليبيا، وهو ما يثير مخاوف أبناء العشائر”.
ثمة سبب آخر، بحسب جولي، وهو أن قوات سوريا الديمقراطية لا تقبل بوجود جيش آخر في المنطقة، وهو ما يدركه زعماء العشائر لما سيترتب عليه من كارثة حقيقة، بسبب اقتتال أبناء المنطقة.
وفي بداية شهر حزيران/ يونيو من العام الحالي، اعترض أهالي من مدينة ديريك/ المالكية، الخاضعة للنفوذ الأمريكي، على رغبة الروس في إنشاء قاعدة عسكرية في إحدى القرى التابعة للمدينة، فوقفوا في وجه القوات الروسية أثناء محاولتها بناء القاعدة، ما دفع روسيا للانسحاب.
يقول جهاد عباس، وهو أحد أبناء المدينة الذين شاركوا في التظاهر ضد القوات الروسية لرصيف22: “في حال موافقة أبناء المدينة على بناء نقطة عسكرية في قريتهم سيؤدي ذلك إلى خلق التوتر بينهم وبين القرى المجاورة لهم، نتيجة تمركز القوات الأمريكية في تلك القرى”.
الجدير بالذكر أن روسيا عرضت على الأهالي في الشهر نفسه مساعدات إغاثية من السلل الغذائية، لكن الأخيرة قوبلت بالرفض، وهو ما يؤكده نذير صالح من المدينة قائلاً: “حاولوا توزيع المساعدات علينا فرفضنا، كانوا يريدون إغراءنا بهذه المساعدات لنقبل بإقامة نقطة عسكرية لهم في قريتنا”.
في ظل الموقف التصعيدي الشعبي ضد التواجد الروسي، قامت طائرة تركية مُسيَّرة في الثالث والعشرين من شهر حزيران/ يونيو الماضي بقصف قرية حلنج التابعة لمدينة كوباني/ عين العرب، وأدت هذه العملية إلى مقتل ثلاث نسوة من أهالي المدينة كن يعملن في شؤون تنظيمات المرأة الحرة الموجودة ضمن الإدارة الذاتية، ما تسبب بموجة استنكار عارمة بين مختلف أبناء المنطقة وتحميل مسؤولية العملية لروسيا.
تصف جيهان خليل وهي من سكان القرية التي تم قصفها ما جرى قائلة: “روسيا لها يد بالعملية، على أساس دخلوا المنطقة ليضمنوا حمايتها لكن القوات التركية تقتلنا على مرأى من أعينهم”.
ويتفق كثر من أبناء المنطقة على أن روسيا لا تقوم بما هو مطلوب منها في دورها الضامن للحماية ووقف الهجمات والانتهاكات التي تتعرض لها المنطقة والأهالي.
ويقول جولي في هذا الإطار: “روسيا لم تلعب دورها المطلوب كما صرّحت في بداية دخولها إلى المنطقة، بناء على الاتفاقية الأمنية التي وقعتها مع قوات سوريا الديمقراطية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث تعهدت بموجب ذلك حماية المناطق الواقعة تحت سيطرة قسد وردع الهجمات والانتهاكات التركية”.
ويضيف: “أكثر من تسعة أشهر على الوجود الروسي، ولم تتوقف هجمات الفصائل المسلحة الموالية لتركيا في تل تمر وريف كوباني الشرقي والقرى الواقعة في ريف المالكية الشمالي”.
وبحسب جولي، فإن روسيا تتغاضى أحياناً عن الانتهاكات والهجمات، وأحياناً تتواطأ مع تركيا في ذلك. يقول: “السبب يعود إلى الانسحاب الجزئي لأمريكا وليس الانسحاب الكامل كما كانت تأمل روسيا في البداية”.
يضيف جولي سببين آخرين يلعبان دوراً برأيه، وهما الرفض الشعبي لمحاولة الروس استمالة الأهالي ضد القوات الأمريكية، وفشل المفاوضات بين النظام والإدارة الذاتية.
بحسب مصادر متقاطعة، اقتصرت الجهود الروسية في المنطقة خلال الآونة الأخيرة على رصد تحركات القوات الأمريكية واستفزاز دورياتها، وعرقلتها في بعض الأحيان، وهي تركز حالياً على كيفية إخراج الولايات المتحدة الأمريكية.
يعلق رسول على هذه النقطة بالقول إن روسيا لا تهمها حماية المناطق أو تحقيق الاستقرار فيها، بل لديها مطامع في الثروات الموجودة من النفط والغاز والقمح.
ويقول صالح: “قلت لهم أثناء تواجدي بين الناس المحتجين في ريف المالكية، ولله ما نكون جايين كرمالنا، أنتو جايين منشان النفط والقمح”.
وعلى الصعيد الإعلامي، مارست روسيا دوراً سلبياً ضد المكونات والعشائر. بحسب ما يقوله الإعلامي نورهات حسن: “الإعلام الروسي مارس التحيز التام، ويلجأ إلى أسلوب فبركة الحوادث والكذب بشأن هذه الحوادث، وأحياناً يجعل من حدث معين مشكلة كبيرة، فعندما اجتمعت العشائر مع قوات سوريا الديمقراطية من أجل تكثيف الجهود لتحقيق الاستقرار والأمن، أظهر الإعلام الروسي على أن هذا الاجتماع محاولة انفصالية، والتفاف على مسار الآستانة وسوتشي”.
ويضيف حسن: “عندما دخلت القوات الروسية والنظام السوري في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعد العملية التركية، لجأ الاعلام للتضخيم من شأن السياسة الروسية وبراعتها، وأعطى صورة أن قوات سوريا الديمقراطية انتهت، ووصفها بالقوات المنحلة، ومنذ ذلك الحين يعمل على تلميع العشائر وتحريضها ضد القوات الأمريكية، والتأكيد أن سوء الأوضاع في المنطقة بسبب الاحتلال الأمريكي لمنابع النفط والغاز”.
تقول الإعلامية جيهان محمد: “الإعلام الروسي يحاول أن يخلق انطباعاً لدى أبناء المنطقة من العشائر بضعف وهشاشة قوات سوريا الديمقراطية، وبعدم شرعية هذه القوات معطياً إياها طابعاً كردياً، لاستفزاز العشائر العربية وتأليبها عليها… الإعلام الروسي يلعب على النغمة القومية كثيراً لمواجهة أمريكا وضرب السلم الأهلي”.
أسباب النقمة
يقول الناشط السياسي محمد مسلم من مدينة عين عيسى: “في بداية دخولها منطقة الجزيرة وتسيير الدوريات المشتركة، كانت نظرة الأهالي عادية تجاه القوات الروسية، لكن لاحقاً مارست سياسة التحجيم والإضعاف ضد جميع القوى المعارضة بما فيها قوات سوريا الديمقراطية، وتستمر في السياسة نفسها في منطقتنا، تارة من خلال تحريض العشائر والمكونات على قوات سوريا الديمقراطية، وتارة أخرى من خلال تحريض أهالي القرى العربية الموالية للنظام السوري ضد القوات الأمريكية، وتغض النظر على الانتهاكات التركية بشأن وقف إطلاق النار وحرق مواسم القمح، لتشكل من خلال هذا التغاضي عن الممارسات التركية ضغطاً على الإدارة الذاتية”.
وفي سؤال حول سبب الغضب من القوات الروسية علماً أن أمريكا أيضاً أعطت الضوء الأخضر لتركيا بالسيطرة على مدينتي رأس العين وتل أبيض من خلال عملية نبع السلام، تقول روكن أحمد من مدينة الحسكة: “خائن واحد أحسن من خائنين. لم نر طوال فترة الوجود الأمريكي في المنطقة أي نوع من الانتهاكات التركية وهجماتها علينا، وهذا يجعلنا نخاف من روسيا كثيراً”.
وتضيف: “عندما تظاهرت نساء في عين العرب أمام مقرات روسية للشكوى على الهجمات التركية رفض المسؤولون استقبالهن، أما في مناطق التواجد الأمريكي، حين حصلت تظاهرات جرى استقبالهن”.
وحول السؤال نفسه، يرد الناشط السياسي محمد مسلم قائلاً: “صحيح أن أمريكا باعتنا في رأس العين وتل أبيض، لكن روسيا استفادت من الخيانة الأمريكية وقامت بتحريض تركيا على الولايات المتحدة للحصول على الضوء الأخضر منها قبل العملية، لكي تدخل إلى المنطقة التي كانت حلماً لها”.
—————————–
——————————————–
العودة إلى قنديل/ عروة خليفة
أفاد الكاتب والصحفي هوشنك أوسي، قبل عدّة أيام، أنّ مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، وبدعم وطلب أميركيين، اتخذ إجراءات أفضت إلى إخراج صبري أوك من سوريا. وأوك هو رجل حزب العمّال الكردستاني (PKK) الأهم في سوريا، ويؤكد أوسي، المطلع على التطورات الجارية ضمن حزب العمّال، أنّ إخراجه من سوريا جزء من عملية أوسع تهدف لتحييد قيادات العمّال الكردستاني عن مفاصل حيوية في إدارة الجزيرة السورية.
مصادر خاصة للجمهورية أكدت بدورها كلام أوسي، وقالت إنّ الأمر تمّ بطلب من الولايات المتحدة بناءً على ضغوط تركية، وإنّ هذه العملية جزء من إزاحة نفوذ العمّال الكردستاني والشخصيات المرتبطة به عن إدارة مفاصل الحياة في مناطق سيطرة قسد. وقد عاد هوشنك أوسي ليؤكد أنّ طلب الولايات المتحدة إخراج عناصر حزب العمّال الكردستاني كان بسبب مطالب تركية متكررة، وهو ما وافقت عليه واشنطن التي ربطت وجودها في سوريا بإخراج هذه الأسماء، حسب ما أكدت مصادر متطابقة.
عملية إخراج أوك من سوريا نحو قنديل لم تكن التحرك الوحيد في هذا الاتجاه خلال الفترة الماضية، إذ كان قد تمّ عزل علي شير، المسؤول عن مبيعات النفط والغاز، والمرتبط مباشرةً بحزب العمّال الكردستاني، من منصبه مع عدد من مساعديه، وهو ما وصفه أوسي بأنه جزء من عملية «إزالة دولة جميل بايك من روجافا». وأضاف المصدر الخاص الذي تحدثت إليه الجمهورية بأنّ توجه قسد لإبعاد شخصيات من العمّال الكردستاني، على رأسها صبري أوك، كان بطلب من موسكو أيضاً، التي تريد الحفاظ على الهدوء في مناطق انتشارها ضمن الجزيرة السورية.
وصبري أوك، الذي يدير استخبارات حزب العمّال الكردستاني، كان وما يزال الساعد الأيمن لجميل بايك، أحد مؤسسي حزب العمّال وأحد القيادات الرئيسية له. ويعرف عن بايك قربه من طهران، وهو ما قد يكون سبب طلب موسكو أيضاً إبعاد أوك عن سوريا وعودته إلى قنديل، خاصةً بعد التحرشات الإيرانية في عدد من المناطق الأخرى في سوريا مثل محافظة دير الزور، ذلك بالإضافة طبعاً إلى الضغوط التركية على كل القوى الدولية المتدخلة في سوريا بخصوص هذا الملف.
تعود العلاقة المعقّدة والمتداخلة بين حزب العمّال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) إلى تاريخ تأسيس الأخير عام 2003، من قبل عناصر فاعلة في حزب العمال من أصل سوري، ليكون فرعاً غير رسمي للعمّال الكردستاني في البلد. وقد عاش الحزب علاقة متقلبة مع النظام السوري، الذي قاد حملات اعتقال ضده ومن ثم سمح له بهامش من الحركة في المناطق الكردية. وتنتمي القيادات التي أسست لاحقاً وحدات حماية الشعب، والإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، لكنها لا تعترف بأي رابط رسمي بين تلك الهيئات والحزب، على الرغم من وجود عدد هائل من الأدلة على العكس، والتي تقود في النهاية إلى أن تكون تلك المؤسسات طوال السنوات الماضية مرتبطة بشدّة مع حزب العمّال الكردستاني.
وتسيطر اليوم على الجزيرة السورية عدد من القوى المحلية والدولية بشكل مباشر، إذ قامت تركيا العام الماضي بعملية عسكرية سيطرت من خلالها على المنطقة الممتدة بين مدينة رأس العين في محافظة الحسكة ومدينة تل أبيض شمال محافظة الرقة، وتسيطر قوات تابعة لأنقرة وقوات تركية على تلك المنطقة بشكل مباشر اليوم، فيما بدأ النفوذ والحضور الروسي مباشرةً بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحابه من سوريا بالتوازي مع إعلان أنقرة بدء عمليتها تلك. وقد تراجعت الولايات المتحدة بعد ذلك عن قرارها بالانسحاب، وأعادت تموضع قواتها شرقي الجزيرة السورية، ما أتاح لموسكو توقيع اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية لبسط «حمايتها» على مناطق واسعة غربي الجزيرة على وجه الخصوص، مع حضور للقوات الروسية إلى جانب قوات النظام في شمال شرقيها بمحافظة الحسكة.
وتحتفظ القوات الأميركية بقواعدها في ريف دير الزور الشرقي، وشرقي وشمال شرقي الجزيرة السورية، متيحةً دعماً سياسياً وعسكرياً لقسد التي كانت تنفرد بالسيطرة العسكرية في المنطقة بعد القضاء على تنظيم داعش، وقبل العملية العسكرية التركية التي بدأت في شهر تشرين الأول من العام الماضي.
وكانت أنقرة قد بدأت عملياتها العسكرية ضد مناطق سيطرة قسد في عفرين أولاً، التي سيطرت عليها بالكامل وتخضع لنفوذ قوات سورية تتبع لها اليوم، ومن ثمّ المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض، بحجة تبعية قسد لحزب العمّال الكردستاني، وهو ما تعتبره تركيا تهديداً مباشراً لأمنها القومي. وقد أدت العمليات العسكرية التركية إلى تهجير واسع للمدنيين، وسيطرة فصائل عسكرية تقوم بارتكاب انتهاكات في مناطق سيطرتها، ضمن أوضاع شديدة السوء، وهو ما تحاول واشنطن على ما يبدو تفاديه مستقبلاً، الأمر الذي يفسر الضغط الشديد من قبلها على قيادات قسد السورية، وعلى رأسها مظلوم عبدي، لإخراج قيادات العمال الكردستاني من سوريا، بهدف تطبيق اتفاق يهدئ التوتر مع تركيا، التي طلبت إخراج ثلاثة آلاف قيادي وعنصر من العمّال الكردستاني لتجنب عمل عسكري جديد، وهي قائمة كانت قد قدمتها سابقاً قبل عمليتها في الجزيرة السورية حسب المصدر الذي تحدثت إليه الجمهورية.
تأتي هذه التحركات بالتوازي أيضاً مع طاولة حوار كردي-كردي بين حزب الاتحاد الديمقراطي وأحزاب المجلس الوطني الكردي، بهدف دعم استقرار منطقة التي تشهد تزاحماً للدوريات العسكرية الأجنبية على طرقاتها، كتكثيف للأوضاع القلقة التي تعيشها الجزيرة السورية خلال الفترة الماضية.
مصادر محلية، فضَّلت عدم الكشف عن هويتها، قالت للجمهورية إنّ ما أغضب الولايات المتحدة، هو التجاهل المستمر والاستخفاف الذي عبّرت عنه عناصر العمال الكردستاني بالحوار الكردي-الكردي الذي يجري بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا. وقد نُقِل عن مسؤولين في العمّال الكردستاني رفضهم التام للحوار ولأي مخرجات تنتج عنه. وفي هذا السياق، يتحدث نشطاء محليون عن قيام مجموعة تسمى الشبيبة الثورية «جوانن شورشگر – Ciwanên Şoreşger»، وهي مجموعة رديفة لحزب العمّال، بزيادة عمليات خطف الأطفال لتجنيدهم ضمن معسكرات الحزب في قنديل، بالإضافة إلى اعتداءاتها المتزايدة على السكان، وهو ما فُهم على أنه رسالة من حزب العمّال بأنهم القوة المسيطرة على الأرض، الأمر الذي كان القشة الأخيرة على ما يبدو في سلسلة تحمّل واشنطن لوجود وتحكم عناصر العمّال الكردستاني بالأوضاع في الجزيرة السورية.
ويبقى أن السؤال الأساسي الذي يواجه مثل تلك التحركات، هو قدرة القيادات السورية ضمن قسد على إبعاد أو تخفيض نفوذ حزب العمّال الكردستاني ضمن بنيتها العسكرية والأمنية والإدارية، وهي مهمة ليست بالسهلة أبداً، إذ يسيطر حزب العمّال على مفاصل حيوية للغاية في إدارة المنطقة، كما ترتبط به عناصر تمتلك نفوذاً واسعاً على كل مستويات السلطة في الجزيرة السورية، ما قد يمكِّنه من قلب الطاولة على الجميع، والمساهمة في فرط عقد تلك الإدارة إذا ما أراد، وهو ما تخشاه واشنطن بالتأكيد.
ليس من المتوقع أن تتجاوز تحركات التيار السوري في قسد مستوى التصعيد الحالي ضد حزب العمّال الكردستاني، الذي يشمل عمليات سرية لا تتضمن استفزازاً علنياً واسع النطاق لنفوذ حزب العمّال الطاغي في المنطقة، إلّا أن ما تحقّّقَ حتى اللحظة هام للغاية، وستكون له بالتأكيد تأثيرات واسعة، بينما سيكون التحدي الحقيقي هو قدرة الشخصيات السورية ضمن قوات سوريا الديمقراطية على فرض نفوذها التام في صراع القوى الذي يجري منذ فترة في الظل. وهو تحدٍ لا يمكن التأكد من نتائجه، إلّا أنه خطوة تأسيسية بالتأكيد للوصول إلى نقطة تلاقي مع القوى السياسية السورية الأخرى الكردية والعربية في منطقة الجزيرة أولاً، وكل سورياً لاحقاً، خطوة لا يمكن من دونها تجاوز أي من الملفات الضرورية لتحقيق استقرار مستدام.
موقع الجمهورية
————————————-
معبرٌ أم منفذ نجاة للكرد؟/ شفان إبراهيم
يُعتبر معبر سيمالكا الحدودي بين كُردستان العراق ومنطقة الكُرد في سورية، مع دير الزور والرقة، شريانَ حياة للمنطقتين، فهو أولاً ورقة ضغط لكُرد العراق ضد تركيا والعمق العراقي، ومصدر اقتصادي مهم للتخلص من ابتزاز الطرفين الإقليم، ورئة كُرد سورية للخلاص من ابتزاز النظام في دمشق لهم ثانياً، ويُمكن أن يتحوّل إلى أحد روافد شمال غرب سورية؛ عبر التبادل التجاري بين شرق الفرات وغربه، ودور معبر سيمالكا في ذلك.
وشهد المعبر تحولاً استراتيجياً، بوصفه منفذا للعيش والاقتصاد، إلى وجهة دولية إقليمية محلية، فهو أولاً إحدى محطات الصراع الروسي – الأميركي، وما كانت جرأة قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) قبل فترة بالتصدي للدوريات الروسية التي اقتربت من المعبر، لتصير لولا الدعم والتوجيه الأميركيان بذلك، عدا عن الصدامات بين الدوريات الروسية والأميركية بالقرب منه أو منابع النفط. وثانياً، ترغب روسيا بالسيطرة عليه لجعله رئة اقتصادية تدرّ الأموال على خزينة النظام السوري الفارغة، وورقة مواجهة ضد قانون قيصر. كما أن سيطرة روسيا ستعني عودة النظام بكامل ثقله إلى المعبر، وهو غير مستعد لأبرز مُحدّدين يوضحان طبيعة العلاقة بينها وبين كُردستان العراق: أنها غير مستعدة لتقديم أيّ حقوق سياسية للكُرد في سورية، إذ تعتبرها تنازلاً عميقاً غير وارد في قواميسها. وأنها ليست على استعداد لنسيان موقف الإقليم، وخصوصا الحزب الديمقراطي الكُردستاني من الحدث السوري، ورفض التعامل مع دمشق، عوضاً عن تركيا والائتلاف السوري المعارض.
وثالثاً، ترغب تركيا بالسيطرة على المعبر، ورُبما إغلاقه، إن تمكّنت من ذلك؛ للضغط على الإقليم لترك كُرد سورية من جهة، وتعميق التجارة عبر معبر إبراهيم الخليل الذي يربط تركيا وكُردستان العراق من جهة ثانية. ومن جهة ثالثة، إبقاء كُردستان العراق مرتبطاً بالاقتصاد التركي. ورابعاً رغبة عراقية لمنع تصدير النفط من عموم المنطقة الكُردية صوب تركيا، لتستفيد هي من تصدير نفطها صوب تركيا.
وخامساً: أيُّ تغير على موازين قوى الفواعل الرئيسية للمعبر سينعكس على مجمل العملية السياسية في الإقليم، وحتماً على طبيعة العلاقات والتوازنات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني مع تركيا والحشد الشعبي وإيران. ومن السهل جداً تشكيل لوبي جديد من هذه الأطراف الثلاثة، ضاغط ومُحارب للتطلعات القومية الكُردية على طرفي الحدود، ما يعني مزيدا من التغلغل الإيراني. كما أن اقتراب الحشد الشعبي من معبر سيمالكا سيعني فرض طوق من الحصار الاقتصادي، وتالياً السياسي، على مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تعيش، هي الأخرى، مخاوف عسكرية لخسارة مزيد من الجغرافيا التي بقيت تحت سيطرتها، وستجد نفسها ما بين الاتفاق مع الحشد الشعبي وإيران والنظام السوري وروسيا. ومن دون شك، سيكون في مجمله ضد مسار جنيف والمعارضة السورية، أو الدخول في معارك أخرى، من شبه المؤكد توافق تركيا وفصائل المعارضة السورية معهم ضد “قسد”.
ويدفع هذا التشبيك المعقد بين الدول ذات الشأن في الملف السوري الكُرد إلى التمسك بالجانب الأميركي الذي لم يكن يحمل أيّ تصور للقضية الكُردية، قبل زعمه جديته لتقريب الأطراف الكُردية في جسم سياسي عسكري موحد، وهو ما يلزمه بالضرورة عدم التفريط بمعبر سيمالكا. وبالتأكيد لكل منطقة كُردية خصوصيتها وعلاقاتها مع المركز، ولكن من الخطأ الاستراتيجي الكبير النظر إلى القضية الكُردية في سورية والعراق، من دون تشبيك أو تأثير متبادل بينهما.
غالباً ما كانت جملة العوامل تتضافر فيما بينها للنيل من الكُرد وقضيتهم القومية، لذا يسعى الكُرد في سورية والعراق إلى نسيانِ ظلم التاريخ وقدر الجغرافيا التي أطاحتهم بين دول لم ترحمهم، لا باعتبارهم بشرا، ولا أصحاب خصوصيات وهويّات قومية، وبل أرهقتهم تلك الخصوصيات التي منحتها لهم المشيئة السماوية. وتتجسّد المساعي الكُردية عبر مداواة جراحهم بنظام سياسي، يضمن عدم عودة القتل على الهويّة. وتتكور نظرة الكُرد إلى التاريخ بألا يعيد نفسه، فالإقليم يعيش فترة عصيبة، من محاولاتٍ لإفشال الحكومة، إلى تعطيل البرلمان، وصولاً إلى إنتاج أزماتٍ وافتعال مواضيع مفخّخة تأخذ الإقليم بعيداً، وتحديداً عبر أذرع لإيران، سواء لإفشال النظام السياسي في كُردستان، أو للضغط على أيّ تقارب كُردي – كُردي في سورية ومنعه. كُل تلك الأحداث تدخل في صندوق السعادة الإيراني، السوري، والتركي، مع ارتفاع وتيرة قصفها كوباني (عين العرب) تارةً، والجغرافيا الحدودية مع الإقليم تارة أخرى. وفي كل مرة، فإن وجود حزب العمال الكُردستاني يُعتبر الذريعة الأكثر أهمية لتركيا، وبل بمثابة هدّية قيمة.
أمام هول الضغوط المباشرة والضمنية على الكُرد في العراق وسورية، فإن العامل الاقتصادي وطرق نقل النفط البرية والمائية من مناطق انتشارها في شرق الفرات، عبر معبر سيمالكا، تُعتبر أبرز البطاقات القوية التي رُبما يُضحّي الكُرد بدمائهم في سبيل الإبقاء عليه (المعبر) تحت سيطرتهم؛ للاستفادة السياسية والاقتصادية. وضمن السياق نفسه، فإن إفشال القضية الكُردية في سورية ومحاولات إضعاف الإقليم أو خنقه، اقتصادياً، باعتبار السيطرة على معبر سيمالكا إحدى أبرز أدوات حصار الإقليم وكُرد سورية، يعني أن الكرد مرة أخرى سيكونون ضحية للآخرين، وسقطة أخلاقية كبيرة للدول العظمى، وسيعني مزيدا من الفوضى والحدود الأمنية الهشّة، والدور المخيف للآثار المترتبة عليها، من أن تستجد أجيال تحمل أفكاراً للابتعاد عن الآخر أكثر.
ووفق ذلك، أفضل الحلول المتاحة حالياً للكُرد هي في إنجاح الحوار الكُردي الداخلي المرتقب، والذي أضحت زاوية النظر له متكئةً على الإيجابية، والاقتناع بجدّية الإدارة الأميركية لإنجاح هذا الحوار، وتحديداً لجملة من العوامل، من قبيل جدّية الولايات المتحدة في منع وصول روسيا إلى منابع النفط، وعدم السماح لها بالاقتراب من معبر سيمالكا، حتى لو كلف ذلك اشتباكاً بين دوريات الطرفين في المنطقة، إذ إن “قانون قيصر” جاد في تحطيم كيانات السلطة وركائزها في دمشق، كما أن تشكيل منصة/ كتلة كُردية بمطلب سياسي موحد سيشكل دعماً عميقاً لصالح الاصطفاف الذي سيتحالف معه الكُرد، والواضح أن “سيمالكا” سيكون شريان منع تأثير “قانون قيصر”على شرق الفرات برمته.
دمج الورقتين، السياسية العسكرية والاقتصادية اللتين تعمل عليهما الإدارة الأميركية، سيدفع صوب إعطاء شرق الفرات أهمية جديدة، وخصوصا في الإستراتيجية الأميركية المقبلة، ونوعية النظام السياسي للمنطقة الذي سيتبلور وفق صبغة الإدارة الجديدة ما بين الكُردية أو العامة. وإذا كان معبر سيمالكا يشكل عصب التغيرات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية بالعمق والمستقبل السياسي على شرق الفرات والإقليم الكردستاني، فإن قوات سورية الديمقراطية تتحمل وزراً كبيراً صوب إنقاذ ما تبقى للكُرد من إنقاذه في سورية، وبشكل أكثر عمقاً، ضبط إيقاع التيارات الرافضة للحوار والساعية صوب إفشاله، وطمأنة الإقليم لعدم دخوله خانة الابتزاز المحلي والإقليمي.
وإذا كان معبر سيمالكا، والمداخيل الاقتصادية لعموم شرق الفرات، لا يجوز أن تكون من نصيب الكُرد وحدهم، فإنها لن تكون من حصة مكونات شرق الفرات وحدها أيضاً، فالمطلوب ليس خنق العمق والداخل السوريين، ما يُحمّل الكُرد أعباء سياسية إضافية وأحقادا عميقة ضدهم، خصوصا مع الماكينة الإعلامية المضادّة للوجود الكُردي. وطمأنة باقي المكونات وجدّية مشاركتهم في أيّ عمليةٍ سياسيةٍ مستقبليةٍ هي من صميم العمل السياسي والعيش المشترك، الحقيقي والجاد.
رُبما لو سنحت لتركيا الفرصة لإجهاض أيّ فرص لنجاح الحوارات الكُردية، فلن تبخل بها، أو إن لها من الأذرع السورية لبعض الشرائح الكُردية والعربية، العاملة على زعزعة أي استقرار أمني، ما يكفل بمنع تحويل الحدود الأمنية الحالية إلى حدودٍ سياسية ثابتة. لكن الثابت الآخر أيضاً أن تركيا لن تستطيع الوقوف ضد الرغبة الأميركية في لجم الخلافات الكُردية – الكُردية، وتالياً شرق الفرات – تركيا، ومن مصلحة الأخيرة أن يكون كُرد سورية ومناطقهم والمناطق العربية في شرق الفرات، قيمة اقتصادية مضافة لناتجهم القومي المحلي، عبر تحويل التطلعات الكُردية من العسكرة إلى الاقتصاد والعمل، وهذه تحتاج إلى الاستقرار السياسي على مستويين: الحقوق الكُردية خصوصا، والحل السوري الكُردي عموما، والضاغط الآخر أن الجيل الكُردي الجديد ما عاد مهتما بالحرب، ولا راغبا بها، وبل أدرك استحالة هزيمة دولةٍ يحميها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد ثلاث تجارب عسكرية مع تركيا، انتهت بالفشل الذريع.
رُبما لم يعد أمام الكُرد في سورية سوى التحول من حُلم القوة العسكرية الصاعدة، صوب قوة اقتصادية واعدة تقترب من دوائر الاقتصاد العالمي، والاندماج الاقتصادي بين كُردستان وشرق الفرات، بما سيخدم عموم السوريين وتركيا والطرق البرية التي تسعى أميركا للسيطرة عليها، فسيكون من شبه المؤكد تسريع وتيرة الحل والمستقبل السياسي الكُردي في العراق وسورية.
العربي الجديد
———————————————
=============================