إشكالية الاستيعاب وما بعدها/ ياسين الحاج صالح
بين ثمانينات القرن العشرين والثورات العربية، انتظم تفكير قطاع من المثقفين والناشطين السياسيين المعارضين بخصوص الإسلاميين حول ما يمكن تسميتها إشكالية الاستيعاب. وهذه تقوم على تصور استيعابي أو اشتمالي (نقيض استبعادي أو إقصائي) للدولة والسياسة على أرضية الديمقراطية والتعدد السياسي، كما تتأسس على استيعاب معرفي لا يُقرّ للإسلاميين بخصوصية سلبية أو إيجابية، تستعصي على المقاربة بمناهج الإنسانيات. طوَّرَ هذه الإشكالية مثقفون ومناضلون سياسيون «علمانيون»، يساريون وقوميون عرب أساساً، في إطار الصراع مع دول الاستبداد التي لم تلبث أن تطورت في عقد السبعينات من القرن الماضي إلى دول الأبد، وتطورت واحدة منها هي التي نجحت في بناء حكم سلالي جديد إلى دولة إبادة، «سورية الأسد». أخذت هذه الدولة، التي تجمع بين الانحطاط السلطاني وبين حداثة أداتية يمتنع أن تتشكل في تقليد، تترسّخُ وقت ظهور هذه الإشكالية أو قبلها بقليل، في سبعينات القرن العشرين. ويبدو اليوم أن إشكالية الاستيعاب أخذت تدخل أفق انطوائها التاريخي مع تفجر الثورات العربية في مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، فلم تعد صالحة كتحليل ولا كسياسة مُحتملة، وذلك بفعل تغيرات مهولة، طالت الدولة ذاتها، وكذلك تكوين وموقع الكلّ الذي نُجمله تحت دالّ الإسلاميين، فضلاً عن الطيف الديمقراطي المعارض.
1
على نحو ما أخذت تتطور بدءاً من سبعينات القرن العشرين، كانت فكرة الديمقراطية تعني نظاماً سياسياً استيعابياً، هو من جهة نقيض الدولة الاستبدادية القائمة على الاستبعاد الشامل لأي معارضين أو مستقلين، وهو من جهة ثانية نقيض الاستيعاب الانتقائي، الذي هو في الواقع احتواء واستتباع، يُدرِجُ الراضين به في واجهات وحواشٍ عاطلة عن التأثير وفاقدة للدور المستقل.
وعلى أرضية هذه الإشكالية التي أخذت بالظهور والانتشار في سورية ومصر وتونس والمغرب في ثمانينات القرن، بدا أنه ليس ثمة وجه عادل لاستبعاد الإسلاميين، المُستبعَدين من قبل نُظُم الاستبداد التي تحكم بلداننا، هذا إن كنا نتطلع إلى نظام سياسي غير استبعادي. ومن التجربة المتواترة في سورية ومصر وتونس والجزائر وليبيا وغيرها أخذنا نعرف أن الاستبعاد بنية شاملة، لم تستبعد مرة الشيوعيين أو الإسلاميين كي تستوعب غيرهم، وأنها في الأساس تستبعد السياسة وتجرد الجمهور من الاجتماع والكلام والاحتجاج.
لم تكن الأفكار واضحة دوماً في هذا الشأن، لكن في ثمانينات القرن العشرين وتسعيناته انعقدت مؤتمرات وملتقيات كثيرة، في بيروت وغيرها (نظم أو شارك في تنظيم عدد منها مركز دراسات الوحدة العربية)، تجمع يساريين وقوميين عرب وإسلاميين على أرضية الديمقراطية. كان نقد الدكتاتورية أو الاستبداد أو الدولة التسلطية يحتل موقع الصدارة في تفكير المثقفين، وهو ما كان ينزع عن الإسلاميين صفة العدو، إن لم يضعهم في موقع الشريك. كانت أعمال برهان غليون ومحمد عابد الجابري أساسية في هذه الإطار، وكانا على شهرة واسعة في العقدين الأخيرين من القرن. لم تكن هذه الأطروحة وحدها في التداول، لكنها كانت أطروحة نافذة وواسعة الانتشار. والمعطى الأول الذي سأعود إليه لاحقاً هو أن إشكالية الاستيعاب هي، أولأً وأساساً، قولٌ في الدولة والسياسة.
ويفترض الاستيعاب السياسي أن من شأن إدماج الإسلاميين في الحياة السياسية في بلداننا أن يجعل منهم منظمات سياسية مثل غيرها، تعمل للصالح العام، وقد يتضمن أو لا يتضمن فرضية فرعية تفيد أن التطرف الإسلامي نتاج الاستبعاد، والاستيعاب هو ما يقود إلى الاعتدال.
هذا الوجه السياسي للاستيعاب قام على وجه معرفي لا يقل أهمية، قد يمكن التعبير عنه بأنه التفكيرُ في الإسلامية كظاهرة دنيوية في عالم اليوم، تُقارَب وتُفهم وتُحلل بالمناهج العلمانية ذاتها التي تُقارب وتُحلل وتُفهم وفقاً لها أية ظواهر اجتماعية أخرى، في قطيعة مع المسالك التحريمية والتطهرية التي هيمنت في تفكير الجيل السابق (تقريبياً، الربع الثالث من القرن العشرين). ليس هناك خصوصية، وفقاً لهذا التصور، للإسلام وعالمه خلافاً لما يفترض الإسلاميون أنفسهم، وخلافاً لما قد يفترض «أنتي-إسلاميون» يحصل أن يسندوا تقريرهم لخصوصية إسلامية ووجوب استبعاد الإسلاميين إلى تصور ما للعلمانية. ويتقابل هذه الاستيعاب المعرفي للإسلاميين مع الاستبعاد الذي يقوم على أساس عقدي مسبق، شيوعي أو قومي أو علماني.
يعترض الاستيعاب الديمقراطي على الاستبعاد الاستبدادي، أما ما يعترض عليه الاستيعاب المعرفي فهو الاستبعاد من التفكير الدنيوي، وما يمكن أن ينطوي عليه من تقديس مضاد أو أبلسة. وفي هذا ما يتوافق مع علمنة التفكير عكس الظاهر، فيما أفضى المسلك التطهري إلى تحويل العلمانية إلى عقيدة دينية مقلوبة.
من جهتهم، زحزح الإسلاميون، وكان المقصود بهم قبل الثورات «الإسلام السياسي»، أي الإخوان وما شابه، تفكيرهم السياسي باتجاه يلاقي إشكالية الاستيعاب، ولا يستبعد تصور الديمقراطية، لكن تصورهم للديمقراطية إجرائي، يردها إلى صندوق الاقتراع، وإلى حكم الأكثرية.
2
وكان مما يثبّت أفضلية الموقف الاستيعابي أنَّ في الحقل الذي يشغلُ الاستيعابُ موقعاً فيه هناك موقفان آخران، أقلّ اتساقاً بعد. أولهما موقف «علماني» موال لـ«الدولة»، لا يريد موقعاً للإسلاميين في الحياة السياسية ولا الاجتماعية. وقد ينسب إلى «الدولة» (دون مزيد من التحديد) أنها «حاملة مسؤولية الضامن الوحيد الباقي لامتناع العمل التاريخي العربي وفاعلته ورافعته»، وأنها تعمل على بناء «مجتمع الدولة المكون من أفراد». العبارتان بين قوسين لعزيز العظمة، من كتابه دنيا الدين في حاضر العرب (الطبعة الثانية، 2002)، وبصرف النظر عن أنه ليس للأولى معنى محدد يُناقش، وأن الثانية باطلة كل البطلان وقت كتبها المثقف السوري وقبله، فإنه ليس هناك قضية عامة عادلة ينفتح عليها هذا الموقف الذي يضفي الشرعية على الاستبعادية الدولتية الشاملة1. كان البعد القيمي للعلمانية العربية، ما يتصل بالدفاع عن المساواة والعدالة (سواء الاجتماعية أو القانونية أو السياسية) والحرية والكرامة الإنسانية، وبالاعتراض على التعذيب والإذلال، ضامراً دون استثناء مهم يذكر.
يغيب عن الموقع/الموقف العلمانوي (الذي يجعل من الدولة ديناً للعلمانية أكثر من العكس: جعل العلمانية ديناً للدولة) وجهٌ ثالثٌ للاستيعاب يُضاف إلى وجهيه السياسي والمعرفي، وجهٌ أخلاقي، قد يمكن تلخيصه باستعداد مبدئي لتقبل المختلفين سياسياً وفكرياً، وأفضلية دائمة لذلك على نبذهم والقطيعة معهم. هذا الوجه يبطن موقع/موقف الاستيعابيين.
وفي الحقل موقف آخر، طائفي، يعادي الإسلاميين على أسس تفشل، تعريفاً، في أن تكون عامة، فيشكل في المحصلة إسلامية مقلوبة. ومن المفهوم أن الاستيعاب كأخلاقية غائبٌ هنا أيضاً.
وبالطبع هناك موقع/موقف الدولة الاستبعادية ذاتها. هذه لا تستبعد أحداً لأنها تستوعب غيره، بل هي وكالة استبعاد شامل، لا تتسع لقول أو فعل مستقل. وهي تنفي السياسة ذاتها، كما تقدَّمَ القول، قبل أن تنفي أية قوى سياسية، وثمن البقاء في ظلّها هو التخلي عن الاستقلال والشخصية المستقلة، على نحو تعرفه جيداً «أحزاب» الجبهة الوطنية التقدمية في سورية.
3
تداعى هذا الحقل كلياً بعد «الربيع العربي»، وبخاصة في سورية. انهارت إشكالية الاستيعاب السياسي بفعل ما عرض من تحولات كبيرة على الإسلامية، تكويناً وموقعاً. فقد صعد الإسلام الجهادي بعد أن كان «الإسلام السياسي» هو المسيطر أيام ظهور الإشكالية، ثم أنه جرى انزياح جامع لمواقع الإسلاميين عن موقع الضحية المُستبعَد إلى موقع المُستأثِر أو المعتدي. لقد تمكَّنَ إسلاميون متنوعون من ارتكاب جرائم كبيرة بدءاً من عام 2013، دون أن تواجه تلك الجرائم بتحفظات مسموعة من معتدلي الإسلاميين الحركيين.
ثم إنه لم يعد يشفي الغليل، على المستوى المعرفي، القول إننا لا يجب أن نُخرِجَ الإسلاميين من مناهج الشرح التي نشرح بها غيرهم، وهو ما قلته شخصياً مراراً. يلزم شغلٌ أوسع على الخيال والذاكرة، على الضمير والذاتية، على تصورات الله والإنسان، على النصوص والتأويل، أي تجاوز الاستيعاب المعرفي المحدود، المشدود إلى السياسة، نحو آفاق فكرية وفلسفية أوسع.
ويتجاوز انهيار الحقل إشكالية الاستيعاب إلى المواقف الأخرى فيه. فرغم انتعاش الطرح العلماني العابد للدولة بعد صعود الإسلامية، إلا أنه اليوم أقل صلاحاً لتأسيس أطروحة جدية حتى مما كان في زمن قبل الثورات. الدولة اليوم أداة، مملوكة ملكاً خاصاً، فاقدة للصفة العامة، لا-دولة. وهي انقلبت في سورية إلى وكالة إبادة عامة وإلى مُشرّعة لمحتلين أجانب. أما الموقف الطائفي فقد صار أكثر رسوخاً على المستوى النفسي، لكنه لا يستطيع بالتعريف صوغ نفسه في أطروحة فكرية ذات قيمة عامة. الطائفية مجالها الشفاهة وليس الكتابة، وحين تكتب نفسها تنتحل قناعاً وطنياً أو علمانياً دولانياً.
والواقع أن عالم إشكالية الاستيعاب على نحو ما أخذ يتلامح في ثمانينات القرن العشرين، وليس حقلها الخاص وحده، قد تداعى كلياً. كان عالم هذه الإشكالية مكوناً من أربعة عناصر: تعريف للذات كقوى «تقدمية»، يسارية وقومية عربية، ديمقراطية؛ تشخيص للاستبداد الدولاني كعدو يتوجب التخلص منه؛ تشخيص للإسلاميين كخصوم في أسوأ الأحوال وحلفاء ممكنين في أحسنها؛ وتصور للمستقبل كدولة ديمقراطية قائمة على التعدد والاستيعاب. لم يعد تصور الذات متماسكاً أو ذا معنى محدد، التاريخ كتقدم في أزمة، ومثله الدولة كديمقراطية، ومفهوم الشعب؛ والقوى المعنية اليوم تكاد تكون بلا هوية (دون أن تكون هناك قوى بهوية محددة، غير الإسلاميين، والجماعات الأهلية)؛ و«الاستبداد» اليوم صار جزءاً من تركيبة دولية تشغل «الحرب ضد الإرهاب»، ويقصد بها عنف الإسلاميين بصورة خاصة، موقع سرديتها الكبرى. ويبدو أن الترياق النوعي ضد «الإرهاب» هو «الدولة» التي هي اليوم البرنامج السياسي للقوى الغربية في «الشرق الأوسط». وفي هذا ما يوفّر تغطية لخصخصة الدولة وتطوّرِها الإبادي، وما يجعل الدولة احتكاراً لـ «إدارة التوحش» الشرعي، باستعارة مركبة من السوسيولوجي الألماني ماكس فيبر والمنظر السلفي الجهادي أبو بكر ناجي2. ثم إنه تقدمت الإشارة إلى تغيّرات موقع الإسلاميين، بعيداً عن موقع الضحية وأقرب إلى موقع المعتدي. أما صورة المستقبل فيمازجها اليوم كثيرٌ من اللايقين والارتياب، وهذا في عالم يطال اللايقين والارتياب كل شيء فيه وعلى نحو متصاعد ومترسخ. وإلى هذا كله، تبدو الديمقراطية في أزمة، ويجري الكلام أحياناً على زمن ما بعد ديمقراطي. هناك أوضاع عالمية قلقة، يتلاقى فيها غياب البديل السياسي مع افتقارنا إلى نظريات موجهة نحو العمل، تساعدنا في معرفة أين نحن وإلى أين نمضي وماذا نريد.
2. يميز الكتاب بين ثلاثة مراحل في عمل الجهاديين: «شوكة النكاية والإنهاك» التي تستهدف الدولة القائمة، ويستحسن أن تنجح في اجتذاب الأميركين إلى الصراع، ثم «إدارة التوحش» وهي مرحلة مرغوبة من انهيار الدولة وحالة من الفوضى والعنف الشامل، وأخيراً «شوكة التمكن» التي هي مرحلة سيادة الجهاديين ودولتهم. الكتاب بالغ الأهمية وواجب القراءة، وهو متاح هنا.
4
ليس في سورية وحدها، بل كذلك في مصر وليبيا واليمن، الأسس النظرية والتجارب السياسية للاستيعاب في تداع شامل، ومثلها كذلك الاستعدادات النفسية. وإذا كان صحيحاً أنه لم يكن هناك مثال واحد لاستبعاد الإسلاميين دون أن يُستبعد كذلك اليساريون والليبراليون وغيرهم، فإنه ليس هناك مثال على توافق علماني إسلامي ناجح. تونس بعد الثورة تبدو أقرب إلى استثناء إيجابي، ولعل وراء ذلك استفادة من تجربة الجوار الجزائري الدموية. في سورية هناك دمار للحياة السياسية وللثقة العامة. وبينما لا تستطيع الركون إلى الدولة الأسدية وأنت ترفض الإسلاميين، فإنك بالمثل لا تستطيع الركون إلى الإسلاميين وأنت ترفض الأسديين، وهذا في شرط سياسي يقوم خلال الأربعين سنة الماضية على الأقل على استقطاب حاد، اجتماعي وسياسي وأهلي، لا يكف عن تمزيق الموقع الثالث.
لكن بينما تتحلل إشكالية الاستيعاب اليوم فإنه لم تنحل المشكلة التي ظهرت للتفكير بها، أعني الدولة الاستبعادية التي تَرَقّت طليعتها السورية من الاستبداد إلى الأبد إلى الإبادة. من أجل ما بعد الاستيعاب هناك موقع يتعين بناؤه، موقع مستقل للنقد المزدوج. فمن موقع هياكل الدولة ما بعد الاستبعادية، إذا جاز التعبير، لا نستطيع تطوير اعتراض متسق على استبعادية الإسلاميين، وإن تكن هذه من جهتها تسهم في إغلاق دائرة الاستبعاد علينا. ثم إنه من موقع التكوين السيادي المطالب بامتيازات «فوق دستورية» في الدولة لا يستطيع الإسلاميون تطوير اعتراض متسق على دول الاستبعاد القائمة. قد لا تعود جذور دولة الحكم المطلق في العالم العربي إلى هذا التقابل بين استبعادين، لكن التقابل يسهم في تقوية جذورها الأخرى وتثبيتها. هذا يجمّد الديناميات الاجتماعية والسياسية والفكرية، على نحو نعرفه جيداً في سورية منذ ثمانينات القرن العشرين، وذلك عبر مصادرتها لاستقطاب ديني دولتي، أو إسلامي علماني، أو أكثريات وأقليات أهلية.
5
كانت إشكالية الاستيعاب قولاً في الدولة والسياسة، الإسلاميون موضوعه، وليست قولاً في الإسلاميين أنفسهم إلّا على نحو غير مباشر. من جهة لم تكن للإسلاميين مساهمة في صوغ إشكالية الاستيعاب التي لم تُصغْ على كل حال في صورة واضحة يوماً، ونحن نستخلصها اليوم بمفعول راجع استخلاصاً من أدبيات الطرح الديمقراطي النظرية، وليس من أي وثائق عملية. ومن جهة أخرى، وأهم، لم تُبن الإشكالية في النضال السياسي، عبر تقارب واتفاق فاعلين سياسيين على برنامج سياسي استيعابي. أعتقد أننا نجد هنا أحد جذور تفكك إشكالية الاستيعاب، فهي استخلاص نظري وليست سياسة عملية. ولم تكن في أي وقت نتاج مفاوضات بين أطراف تعترف ببعضها وتقر بشرعية مبدئية متساوية لبعضها، وتلتزم علانية بخطة مشتركة تلزم أطرافها بالعمل على بناء دولة ونظام سياسي استيعابي، وتفصِّل في أصول ذلك، وتعكسه في وثائق وتصريحات وممارسات متواترة. تماثُلُ المواقع كمُستبعَدين على حد سواء غطى على تباين المواقف، فحجب الحاجة إلى تفاوض جدي وتعهدات علنية صارمة. الأطر السياسية المعارضة التي تشكلت بعد الثورة ويفترض أن يتمثل فيها مبدأ الاستيعاب لم تكن بحال أمثلة ناجحة على الاستيعاب السياسي.
وظاهر اليوم أننا في حاجة إلى قول جديد في الدولة والسياسة، يستوعب تجربة الثورة المحبطة ومصير إشكالية الاستيعاب.
لقد كانت هذه الإشكالية من أوجه النموذج الوطني الديمقراطي للتفكير في السياسة على نحو ما تشكل بين ثمانينات القرن العشرين والثورات العربية، وانطواؤها اليوم هو أحد أوجه انطوائه.
1. العظمة لا يخشى على «الدولة» من الإسلاميين فقط، بل من عموم المعارضين الديمقراطيين، الذين لم يتضامن مع أحد منهم يوماً في محنة سياسية، ويصف تفكيرهم بـ «الديمقراطوي» و«الطلسمي». من أجل نقد مفصل بعض الشيء لتناول العظمة، يراجع كتابي: الثقافة كسياسة، المثقفون ومسؤوليتهم الاجتماعية في زمن الغيلان، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2016؛ الفصل المعنون: المفكرون السوريون ومذاهبهم في «الدولة العربية»، ص 149- 185.
موقع الجمهورية