سفينة الحمقى التي يقودها ترامب تصطدم بصخرة فنزويلا
اعدادإبراهيم درويش
علق سايمون تيسدال بمقال نشرته “الغارديان” بعنوان “سفينة ترامب المحملة بالحمقى تتجه نحو صخور فنزويلا” على التطورات في فنزويلا عقب اعتراف إدارة دونالد ترامب بزعيم المعارضة كرئيس انتقالي مكان الرئيس الحالي نيكولاس مادورو. وقال إن التهديد الضمني الذي أطلقه الرئيس ترامب بالتدخل العسكري في فنزويلا يمثل مخاطرة كبيرة وسيرتد عليه بتداعيات كارثية. فمن خلال الدعم القوي محاولة المعارضة أن تحل محل مادورو، فقد قدم ترامب للزعيم القوي تحد وجودي وشخصي. فلو رد الرئيس الفنزويلي كما فعل في الماضي باستخدام العنف وقمع معارضيه أو اعتقل الدبلوماسيين الأمريكيين الذين تجاهلوا أوامره بمغادرة البلاد فقد يواجه ترامب خيارات صعبة بين التصرف بقوة وربما إرسال قوات عسكرية أو التراجع المهين عن قراره.
ويبدو أن زعيم المعارضة خوان غويدو يحظى بدعم الكثيرين إن لم يكن معظم الفنزويليين. وليس من الواضح إن كان قادة الجيش ووحدات الجيش الرئيسية ستتبع أوامر رئاسته البديلة.
وفي ظل التدخلات الكارثية للولايات المتحدة الأمريكية في أمريكا اللاتينية فإن شجب مادورو الانقلاب بأنه “إمبراطورية الغرينغو” (أي الرجل الأبيض) تحمل الكثير من الوزن. وهناك تعقيد آخر يواجه الرئيس الأمريكي وهي الدعم الروسي والصيني القوي للرئيس الحالي. وشجبت روسيا محاولة السيطرة على الحكم فيما رحبت الصين في الخريف الماضي بمادورو وقدمت له رزمة إنقاذ مالية. وفي حالة بقي الجيش معه فسيفشل ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي قاد حملة تغيير النظام في كركاس بالوفاء بأول مكون أساسي في أي عملية الانقلاب وهي التأكد من أصحاب البنادق يقفون معك. ويرى الكاتب أن هذا التصرف ليس غريبا، فالطريقة غير الناضجة التي تتعامل فيها إدارة ترامب مع القضايا الخارجية والدولية تعتبر ملمحا مميزا في إدارة ترامب. فترامب نفسه لا يعرف الكثير عن هذه الأمور. وبعد موجة عالية من الإقصاء والعزل في عامه الأول من الحكم فلا أحد معه بخبرة أو لديه معرفة جيدة في الشؤون السياسية لكي يقدم له النصح. وربما كانت فنزويلا المناسبة التي سيكشف فيها عن الضعف الخطير لترامب وفريقه. ويقول الكاتب إن حديثا طويلا جرى عن “الكبار في الغرفة” أي الناضجين ممن عملوا مع ترامب وحاولوا ضبط أو الحد من نزعاته الخطيرة. مع أن حديثا أقل جرى حول المسؤولين الرديئين من الدرجة الثالثة الانتهازيين أو من لا يمثلون شيئا والذين تسلموا مناصب “الكبار” والناضجين.
وحقيقة بحث ترامب عن مساعدة من مستشاره وصهره جارد كوشنر، قليل الخبرة لمساعدته الخروج من مأزق الإغلاق الجزئي لمؤسسات الدولة الفدرالية، يشير لندرة المواهب المحلية والمجربة. فالتعيينات الجديدة في فريق ترامب ممن يشاركونه الجهل المطلق في شؤون العالم خارج أمريكيا ستترك أثرها الخطير على الشؤون الدولية فيما تبقى من سنوات ترامب في الحكم. وكما قال أحد المعلقين الأمريكيين فقد كان لدى الرئيس “لينكولن فريقا من المتنافسين أما ترامب فلديه فريقه من الأغبياء”. ويعتقد الكاتب أن فكرة السيطرة أو الحد من تصرفات ترامب بسبب وجود مستشارين عقلاء ومجربين تظل محل شك.
فقد فشل وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس منع هجمات الرئيس المتكررة على حلف الناتو أو قراره المتسرع الخروج من سوريا.
قرار التغيير في فنزويلا ، يعد القرار الأسوأ من رئيس غاضب وقابل للاستفزاز ومحاصر من الكونغرس المعادي له ، وتلاحقه الشائعات حول قرب محاكمته وخطط خفية لتأمين ولاية ثانية.
وللإنصاف فقد نجح ماتيس في وضع حد لبعض اصوات ترامب المزعجة (على الأقل التي نعرف عنها) مثل دعوته الجيش اغتيال بشار الأسد. إلا أن قرار التغيير في فنزويلا يعد القرار الأسوأ من رئيس غاضب وقابل للاستفزاز ومحاصر من الكونغرس المعادي له وتلاحقه الشائعات حول قرب محاكمته وخطط خفية لتأمين ولاية ثانية.
وكلما حاول ترامب الضرب وبطريقة انتهازية عمل على حرف الأنظار من أجل السيطرة على الأجندة-والتي تشكل فنزويلا فرصة له-كلما احتاج إلى نصيحة منطقية وهادئة. وهو ما ينقصه في الوقت الحالي “أحسن وأذكى فريق” بعبارات ديفيد هابلسترام في وصفه لفريق جي أف كيندي، فما لدى ترامب هو أسوأ وأغبى فريق لا يخاف على سمعته. ويظل بولتون الأكثر رعبا من بين الحفنة فهو متعصب ولا يهتم بالعقل أو الحقائق. وتصرف بهذه الطريقة في العراق حيث حث جورج دبليو بوش لغزو البلد بناء على معلومات كان يعرف العقلاء أنها غير صحيحة.
وهو يكرر الخطأ في إيران التي دعا في السابق لتغيير النظام فيها بدون الالتفات للتداعيات. ومرة أخرى هناك مبالغة بشأن أسلحة الدمار الشامل وتم تمويهها بالحديث عن حقوق الإنسان والديمقراطية. ويقول إن هوس بولتون بإيران أدى إلى ردة فعل مبالغة على حادثين بسيطين في العراق، خريف العام الماضي حيث طلب مجلس الأمن القومي من البنتاغون التقدم بخيارات عسكرية لضرب إيران. وقال مسؤول إن كان الطلب مثيرا للصدمة ومثيرا للدهشة للطريقة الحربية التي قدم فيها. وتلاشت الحلول الدبلوماسية بعزل وزير الخارجية ريكس تيلرسون. وكان خطابات وزير الخارجية ومدير “سي آي إيه” السابق مايك بومبيو في القاهرة وبروكسل تعبيرا عن عبودية ساخرة لسيده حيث عبر عن رؤية ترامب القومية والتقسيم الساذج للعالم بين أعداء وأصدقاء. وكانت دعوة بومبيو للدبلوماسيين الأمريكيين لتجاهل طلب مادورو متعجلة فقد يتحولون إلى رهائن افتراضيين في أي صراع على السلطة بين فريقي النزاع.
ويرى الكاتب أن البحث عن رجال بارزين وبخبرة في إدارة ترامب عبث، فالبنتاغون الذي يعد أكبر قوة نووية في العالم وآلة قتال ضاربة يديره شخص مجهول اسمه باتريك شانهان بلا خبرة عسكرية أو في السياسات. أما النائب العام القادم ويليام بار، فيبدو أنه سيعمل ما يطلبه منه ترامب. مثل سارة ساندرز مسؤوليته الإعلامية التي تكره الإعلام أما مدير طاقمه المؤقت ميك مولفيني فقد وصف رئيسه مرة بأنه “أسوأ إنسان”.
وحتى لو لم يبدأ ترامب وسفينته من الحمقى حربا في فنزويلا فيمكنهم بسهولة بدء حرب في الشرق الأوسط أو مع الصين. وعلى زعيم المعارضة غويديو الحذر فهؤلاء ليسوا حلفاء يمكن الثقة بهم.
الغارديان
القدس العربي”