نشر تقرير روبرت مولر لا ينهي مصاعب دونالد ترامب -تحليلات ومقالات مختارة-
واشنطن بوست: مولر لم يبرئ ترامب بل عراه/ إبراهيم درويش
علقت صحيفة “واشنطن بوست” على تقرير المحقق الخاص روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 بقولها إن التقرير لم يبرئ الرئيس بل على العكس، يدينه.
وقالت إن التقرير الذي عكف مولر وفريقه عليه لمدة عامين لم يكن “توقعه الرأي العام الأمريكي، وكما قال المدعي العام الأمريكي ويليام بي بار الشهر الماضي أن مولر لم يجد دليلا عن تصادم بين حملة دونالد ترامب الرئاسية والروس لحرف نتائج الانتخابات لصالحه إلا أن التقرير قدم قصة مختلفة حول ما إن كان ترامب قد أعاق مسار العدالة غير ما قاله بار في ملخصه الذي أعده لتقرير مولر”.
وفي “الحقيقة جمع مولر عددا من أكاذيب مدمرة لترامب ومحاولات التلاعب بمسار التقرير من خلف الأبواب ومحاولات الإكراه في وقت كانت فيه وزارة العدل تحقق التدخل الروسي في الانتخابات ومحاولات ترامب إعاقة عملها”.
وأكد تقرير المحقق الخاص أن الروس تدخلوا في الحملة الرئاسية لعام 2016 “بشكل واسع ومنظم” وهو ما نفاه ترامب. وكشف التقرير أن التدخل الروسي كان يهدف لمساعدة حملة الرئيس الحالي التي كان سعيدة بقبول المساعدة.
ومع أن تفصيل مولر للعلاقة بين حملة ترامب والروس لم يشمل على أدلة جوهرية إلا أن علاقات مسؤولين بارزين في حملته مثل جورج بابادوبولوس، وكارتر بيغ، على هامش الحملة مع شخصيات روسية غامضة تكشف عن نية موسكو واهتمامها لمساعدة حملة ترامب.
كما أن اللقاء الذي جرى في برج ترامب في التاسع من حزيران (يونيو) 2016 وحضره مسؤولون بارزون في حملته، ووصفه زوج ابنه جاريد كوشنر الذي كان حاضرا بـ”مضيعة للوقت” يعطي فكرة أن فريق ترامب وافق على المقابلة لأن الروس وعدوا بتقديم معلومات “قذرة” عن حملة المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون إلا أن نية الروس الحقيقية من وراء تقديم المعلومات هي الضغط باتجاه إلغاء قانون ماغنيتسكي الذي يلاحق منتهكي حقوق الإنسان.
ولم يجد التحقيق أدلة عن موافقة ترامب أو معرفته بالعلاقات المثيرة للشبهة التي قام بها مسؤول الامن القومي الأول مايكل فلين قبل تنصيب الرئيس مع السفير الروسي في واشنطن والتي دعا فيها فلين للتعقل في العقوبات التي فرضتها إدارة باراك أوباما على روسيا.
ولم يجد مولر أدلة عن محاولات من ترامب لإفشال محاكمة فلين أو أنه كذب نيابة عنها أو حاول إخفاء الأدلة المتعلقة بلقاء برج ترامب. ولكن التقرير وجد تعاونا بين حملة ترامب وويكيليكس من جهة والمخابرات الروسية من جهة أخرى. ووفرت المخابرات العسكرية الروسية الملفات لويكليكس بما فيها رسائل الكترونية من مدير حملة كلينتون جون بوديستا.
واستخدمت حملة ترامب جزءا من الملفات، وحاولت سؤال موقع ويكيليكس عن وجود مواد أخرى سيتم تسريبها. وتقول الصحيفة إن المدعي العام في نسخته المليئة بالحذف حاول التستر على النشاطات التي قام بها المقرب من ترامب، روجر ستون الذي عمل كمنسق غير رسمي بين الحملة الانتخابية وويكيليكس، والتي اتهم بها ستون في قضية منفصلة بداية العام الحالي. ولكن التقرير يكشف أن ويكيليكس لم تعرف عن استخدام الروس لها. وفي الوقت نفسه لم تنسق حملة ترامب مباشرة مع الروس بشأن التسريبات.
والمهم في تقرير مولر أن المحقق الخاص يعطي صورة أن غياب الأدلة القانونية بشأن التآمر بين الروس وحملة ترامب لا تعني بالضرورة براءة الرئيس من عرقلة مسار العدالة. وهذا بخلاف ما ورد في ملخص بار الشهر الماضي، الذي أكد أن مولر لم يجد ما يثبت تورط الرئيس بعمل إجرامي ولا دليلا عن محاولاته عرقلة مسار العدالة.
ومهما كان الحال، فنحن نعلم منذ البداية أن المحقق الخاص لم يكن ليصدر حكما على الرئيس. وقال في بداية التقرير: “لقد قررنا عدم تبني نهج يؤدي في النهاية للحكم على أن الرئيس ارتكب جرائم” وهذا لأن إرشادات وزارة العدل تنص على عدم توجيه تهم للرئيس الذي يجلس في البيت الأبيض.
ولكن مولر فعل كل ما باستطاعته لإدانة الرئيس دون توجيه اتهام له. وقال: “لو كنا واثقين بعد التحقيق المعمق للحقائق من أن الرئيس لم يرتكب عملا يعرقل مسار العدالة لذكرناه” و”بناء على الحقائق والمعايير القانونية لم يكن باستطاعتنا التوصل لهذا الحكم”. قدم مولر عددا من الحوادث التي يمكن أن تقدم صورة عن محاولات الرئيس عرقلة مسار التحقيق.
وبعض هذه الحوادث معروفة لكنها ذكرت في التقرير مشفوعة بشهادات وقسم، بالإضافة لحوادث لم يكشف عنها من قبل. فعندما التقى مع مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق (أف بي أي) جيمس كومي بمفرده وطلب من مستشاريه الخروج من الغرفة كان يعرف أن الطلب غير مناسب.
وكان يعتقد أنه لو طلب التساهل مع مايكل فلين فهذا يعني وقف كل التحقيق في التدخل الروسي. وعندما طلب من مستشار البيت الأبيض دونالد ماكغان عزل مولر “يجب أن تعزله” و”يجب أن يذهب” كان يعرف أنه المحقق الخاص يحقق في سلوكه.
وطلب منه أن لا يتحدث مع ماكغان لأنه لا يستطيع عزل المحقق الخاص. ولهذا حاول إقناع ماكغان الكذب ونفي أنه طلب منه عزل مولر. وهي نفس القصة عندما طلب من وزير العدل جيف سيسشينز السيطرة على التحقيق في الحملة الإنتخابية “وهو عمل كان يقصد منه وقف التحقيق في التدقيق في عمل الرئيس وحملته” حسبما قال مولر. ولكن الرئيس كان يعرف أنه تحت التحقيق ولديه مصلحة في وقفه.
وجاء في التحقيق أن “جهود الرئيس للتأثير على التحقيق لم تنجح لأن الأشخاص المحيطين بالرئيس رفضوا تنفيذ أوامره والإنصياع لها”.
ومن هنا ترى الصحيفة ضرورة استماع لجنة الشؤون القضائية في مجلس النواب من مولر نفسه وقراءة التقرير بكامله، خاصة الأجزاء المهمة التي منعت عن الرأي العام. وعليهم القرار بعد ذلك إما محاكمة الرئيس أو التأكد من أحدا ليس فوق القانون.
القدس العربي”
تايمز: نشر تقرير مولر لا ينهي مصاعب ترامب
ترى صحيفة “التايمز” البريطانية أن تحقيق روبرت مولر وإن لم يجد دليلا يدين الرئيس بالتورط في العلاقة مع الروس إلا أن مصاعبه لم تنته. وقالت في افتتاحيتها أن التحقيق الذي استمر 22 شهرا للبحث فيما إن كانت حملة الرئيس تآمرت مع الروس لحرف نتائج الإنتخابات. وبحسب المدعي العام ويليام بار الذي قدم موللر له نسخة التقرير لم يتآمر ترامب مع الروس. ولهذا ترى الصحيفة ان ترامب ربما شعر بالراحة خاصة بعد صدور نسخة مظللة من التقرير يوم الخميس. لكن البراءة غير كاملة. فقد وجد التقرير أن الروس دعموا رئاسة ترامب وعملوا “لتأمين النتيجة” ووجد أن “الحملة توقعت الإستفادة من المعلومات التي سرقت ونشرها الروس”. ويبدو أن نجل الرئيس دونالد ترامب جي أر كان على اتصال مستمر مع موقع ويكيليكس والذي نشر رسائل الكترونية بعد اختراق حساب جون بوديستا، رئيس حملة هيلاري كلينتون. وناقش ما ورد فيها مع مسؤولي حملة ترامب، مع أن التقرير يرى فيها نوع من سوء التقدير لا عملا جنائيا. وعلى خلاف تلخيص بار فتقرير مولر لم يستبعد ارتكاب أخطاء في رد ترامب على التحقيق بما في ذلك عزل مدير أف بي أي جيمس كومي وعلاقته مع عدد من المقربين الذين قدموا شهادات ومحاولات إقناع مسؤولين سابقين مثل وزير العدل جيف سيسشنز تولي مسؤولية التحقيق ومحاولات عزل موللر من منصبه. وكانت المحاولة الأخيرة قبيحة تحديدا.
ويشير التقرير إلى أن ترامب لم يأمر مستشار البيت الأبيض دونالد ماكغان لعزل مولر ولكن نفي أنه أمره بهذا. ولم يستجب ماكغان لأي من الطلبين. وأشار موللر إلى أن محاولات الرئيس التأثير على التحقيق لم تكن ناجحة ولكن “لأن الأشخاص المحيطين بالرئيس رفضوا تنفيذ أوامره أو الإنصياع لها” وهو “ما منعنا من التوصل بشكل قطعي أن سلوكا إجراميا لم يحدث”. وترك المحقق الخاص النتيجة للأخرين. وأكد بار أنه لا يتفق مع الأمثلة في التقرير التي تشير إلى حالة من تعويق مسار العدالة، ولكن الكونغرس قد لا يتفق معه. وتقول الصحيفة إن ترامب يتصرف على خلاف الرؤساء السابقين له وبالطريقة التي صورها ترامب.
وبعد مؤتمر بار الصحافي نشر الرئيس صورة على تويتر أخذها من مسلسل “لعبة العروش” وأعلن فيها “لا نتيجة ولا عرقلة وللكارهين واليساريين في الحزب الديمقراطي- انتهت اللعبة”. وبالتأكيد فتقرير الخميس يعطي ذخيرة جديدة للديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس النواب ولديهم القدرة التقدم بطلب محاكمة الرئيس. وفي غياب الدليل فسيكون أي تحرك مجرد حساب سياسي قد يندم عليه الديمقراطيون.
تقرير مولر: تدخل كثيف ومنهجي من الكرملين لفوز ترامب
1 ـ الفصل الأكثر صدمة في تقرير روبرت مولر لا يثير أي اهتمام في الكونغرس أو وسائل الإعلام الأمريكية. من كثرة الاهتمام بالأشجار-التنسيق بين ترامب والكرملين، ومحاولته للتشويش على التحقيق معه، وتبريرات مولر لعدم إدانة الرئيس بارتكاب جريمة ومسألة العزل ـ لا يرون الغابة: التدخل الكثيف والمنهجي لروسيا في الانتخابات الأمريكية للرئاسة.
معظم التفاصيل معروفة، لكن الصورة الشاملة مخيفة. الاستخبارات العسكرية الروسية استخدمت نظام «دعاية سوداء» في الشبكات الاجتماعية ضد هيلاري كلينتون، ووصل إلى عشرات ملايين الأمريكيين. الكرملين أنشأ جمعية وهمية نظمت عشرات تجمعات التأييد لترامب، بالأساس في دول «متذبذبة». موسكو شغلت جيشاً من القراصنة اخترق عشرات الحواسيب، منها قواعد بيانات الناخبين. لقد حولت لمنظمة «ويكيليكس» مئات آلاف رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون ومستشاريها، التي ساعد نشرها ترامب وأنقذه من ضائقته.
الحالة الأكثر بروزاً حدثت قبل شهر من الانتخابات، بعد بضع ساعات من كشف التسجيل الذي سمع فيه ترامب وهو يتفاخر بتحرشاته الجنسية. التسريب الكثيف مكن ترامب من الاستيقاظ وحرف أجندة وسائل الإعلام عن الحدث الذي بدا وكأنه قاتل بالنسبة له، أيضاً في نظر شخصيات رفيعة في الحزب الجمهوري. النتيجة معروفة: رغم أنه حصل على عدد من الأصوات أقل بـ 3 ملايين صوت من كلينتون، إلا أنه انتخب بفضل تصويت أقل من 80 ألف أمريكي في ميتشيغان وبنسلفإنيا ووسكونسن. في هذه الظروف فإن اكتشاف مولر يؤكد شكاً كبيراً من أن ترامب لم يكن لينتخب لولا التدخل الروسي. هذا التفكير مخيف جداً، فمعظم الأمريكيين بمن فيهم كارهي ترامب، يفضلون تجاهله.
2 ـ ممثلو ترامب عقدوا عدداً من اللقاءات مع ممثلين روس أثناء الحملة الانتخابية وبعدها. لقد أبلغوا مسبقاً عن رسائل البريد الإلكتروني المسروقة، وباركوها. وفي حالة بول منفورد، أيضاً نقلوا للروس معلومات حيوية داخلية. ورغم ذلك قرر مولر أن البينات التي جمعها لا تصل إلى مستوى اتهام جنائي بالتآمر. وحتى عندما فسر الجهد المنهجي لترامب لإنهاء التحقيق، فإن مولر امتنع عن اتهامه بالتشويش بسبب سياسة وزارة العدل التي تقول إنه لا يتم تقديم لائحة اتهام ضد رئيس وهو في منصبه. إلا أن فائدة الرئيس كانت تعادل خسارته: بدون اتهام صريح، وبعد أن مدحه على ما توصل إليه، فإن ترامب يجد صعوبة في وصف المحقق معه بأنه منحاز سياسياً. الاحتفالات المبكرة للرئيس حولت تقرير مولر إلى تقرير مدين مضاعف في نظر الجمهور. مولر قُيّد مسبقاً بفحص جنائي لأفعال ترامب: لو كانت لديه صلاحيات لجنة تحقيق رسمية في إسرائيل فإن ترامب سيكون الآن منشغلاً بجمع أغراضه من البيت الأبيض.
3 ـ الإسرائيليون الذين يجدون صعوبة في تحديد مواقفهم يجب عليهم أن يسألوا أنفسهم كيف كانوا سيردون لو أنهم عرفوا أن المخابرات الإيرانية اخترقت هاتف بني غانتس الذي التقي ممثلوه مع مستشاري نتنياهو، وأن رئيس الحكومة يحاول التشويش على التحقيق في الحادثة، وفي المقابل يلين بصورة مفاجئة مقاربته تجاه طهران. العاصفة بالطبع حينئذ ستكون غير مسبوقة، إلا أن مساعدي نتنياهو الذين لديهم تجربة بملفاته الجنائية كانوا سيستاؤون من مطاردة الساحرات، وربما يضيفون، مثل الجمهوريين على روسيا، بأن الشيطان الإيراني ليس فظيعاً إلى هذه الدرجة.
4 ـ الحاجز الرئيسي لقراءة الـ 448 صفحة من التقرير هو أن الأمر يتعلق بمادة معروفة وممجوجة. معظم تفاصيلها كشفت بشكل دقيق في السنتين الأخيرتين من قبل الصحافة الممأسسة. من غير العجيب أن ترامب، مثل نتنياهو، يرى في الصحف الحرة عدواً لدوداً يجب شن حرب ضدها.
حيمي شليف
هآرتس 23/4/2019
القدس العربي
نيويورك تايمز: تقرير مولر عن ترامب كشف شبكة الخداع في البيت الأبيض.. لكن ماذا بعد؟
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها إن تقرير المحقق الخاص روبرت مولر هو إدانة، ويكشف عن أشكال الخداع والعجز التي مارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولكنها تساءلت عن الخطوة المقبلة.
وقالت إن التقرير لم يبرئ الرئيس دونالد ترامب كما زعم هو والمتحدثون باسمه. وبخلاف هذا “لقد ظهر أن تقرير روبرت مولر وفريقه من المدعين والمحققين وجدوا دليلا جوهريا عن انتهاك الرئيس القانون الفدرالي وفي أكثر من مرة وحاول وقف وإنهاء التحقيق الذي استمر لمدة عامين في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016″.
وبالإضافة لتلميح التقرير عن إمكانية انتهاك القانون فقد وصف حالة من العجز وعدم الثقة داخل البيت الأبيض، يكذب فيه الرئيس ومساعدوه على بعضهم البعض ويحتقرون الرأي العام. وفشلت محاولات الرئيس للتدخل في مسار التحقيق.
وتوصل التقرير إلى أنه ليس متهما لأن “المقربين منه رفضوا تنفيذ أوامره والإنصياع لها. وربما نجا ترامب بسبب مستشاريه الذين اختاروا أو رفضوا وتجاهلوا مطالبه لما وصفه المستشار السابق للبيت الأبيض دونالد ماكغان بـ”القذارة المجنونة”.
وعادة ما أشار مساعدو الرئيس لترامب بـ”المدير” والذي كان يحاول تغطية خطواته. ففي مرة وبخ ماكغان لأنه كان يسجل محضر لقاء بينهما “لم أر أبدا محاميا يسجل نقاطا” فرد ماكغان أنه “محام حقيقي”.
وتقول الصحيفة إنه بصدور التقرير الذي طال انتظاره والملخص المضلل الذي أصدره المدعي العام قبل أسابيع يتساءل الأمريكيون عن السبب الذي دعا مولر لتجنب توجيه اتهام بإعاقة مسار العدالة لترامب؟ ورد مولر على هذا السؤال في بداية التقرير، حيث أكد أن فريقه تجنب أي نهج يقود لنتيجة تكشف عن ارتكاب الرئيس لجرائم.
وفي هذا تلميح إلى أن يدي مولر كانتا مقيدتين لأن وزارة العدل تمنع توجيه إدانة لرئيس في منصبه، ومن الظلم توجيه التهم للرئيس دون توفير منبر عادل ليدافع عن نفسه. إلا أن مولر قال بعد ذلك: “لو كنا واثقين بعد تحقيق دقيق للحقائق من أن الرئيس لم يرتكب جرما لذكرناه”.
وتتساءل الصحيفة عما يعنيه هذا الكلام؟ وتجيب “أن المحقق الخاص لم يكن قادرا على توجيه التهمة، إلا أن تحقيقه يحدد الأسس للكونغرس كي يقوم بالتحقيق، وهو المؤسسة التي تملك الصلاحية لمراقبة الجانب التنفيذي في الحكم وتحميل الرئيس المسؤولية. والنتيجة هي أن الكونغرس قد يطبق قانون إعاقة مسار العدالة على الرئيس وممارسته الفاسدة لصلاحياته في المكتب ولنظامنا الدستوري القائم على المراقبة والنزاهة وقاعدة أن لا أحد فوق القانون”.
ومن هنا فالكونغرس هو وحده من بيده القرار لتحديد إن كانت التصرفات التي قدمها التقرير مقبولة من الرئيس التنفيذي للبلاد. ومن أجل القيام بالتحقيق، يجب على الكونغرس أن يكون لديه النسخة الكاملة من التقرير والمواد التي استند عليها. ومن هنا فطلب اللجنة القضائية ومديرها جيرولد نادلر الحصول على النسخة الكاملة من التقرير دون رتوش أو حذف صحيح.
ومن مصلحة الرأي العام الاستماع لمولر وهو يقدم شهادة أمام الكونغرس. فالوصف الذي تقدمه النسخة الأصلية للتقرير لطريقة استخدام الرئيس لسلطته وإساءته لمنصبه تمثل تحديا لكرامة الرئاسة والعمل الحر والنزيه للنظام القضائي.
وتشير الصحيفة لأحد عشر حادثا لعرقلة مسار العدالة. وأشار التقرير لهجوم الرئيس المتكرر على مولر وفريقه. ولهذا السبب عندما بلغ ترامب أن مولر سيقوم بالتحقيق في سلوكه، ترنح على كرسيه وقال “يا إلهي، هذا رهيب، هذه نهاية رئاستي ولقد انتهيت”.
وبالإضافة للحصول على اعترافات بالذنب من 34 شخصا، أحال التقرير 14 حالة لتحقيق أوسع، 12 حالة منها تم التكتم عليها. ويبدو التقرير قاطعا ومرجعيا عندما يتحدث عن التدخل الروسي، الجواسيس والقراصنة في حملة 2016 ويصف جهودهم بـ”الواسعة والمنظمة”.
وقال مولر: “اعتقدت الحكومة الروسية أنها تستطيع الإستفادة من رئاسة ترامب وعملت على تأمين النتيجة. وأن الحملة الإنتخابية يمكنها الإستفادة من المعلومات المسروقة والتي تنشر نتيجة للجهود الروسية”.
ولم يعثر مولر على دليل قاطع على التعاون بين ترامب والروس. وتمت التعمية على أجزاء واسعة من التعاون بين موقع ويكيليكس وحملة ترامب. وقال ويليام بار إن التعاون بينهما لا يعد جرما. ولكن الرأي العام الأمريكي يستحق معرفة ما جرى.
وتقول الصحيفة إن الملحمة التي تحيط بالتحقيق الروسي يجري فيها خيط واحد وهو “عدم الصدق” من إدارة ترامب. وطلب الرئيس من مستشاره ماكغان الكذب أمام الصحافيين والقول إنه لم يطلب منه عزل مولر. فيما كذبت المتحدثة الإعلامية سارة ساندرز عندما قالت إن “الجميع في إف بي أي فقدوا الثقة” بالمدير المعزول جيمس كومي. كما أن نصف من اعترفوا بالذنب كذبوا، وحتى المدعي العام بار شوه سمعته قبل نشر التقرير عندما قلل من أهمية ما نشره.
وفي النهاية وخلافا لما قاله ترامب مرارا وتكرارا عن “الأخبار المزيفة” فقد أثبت تقرير مولر صحة ما نقلته الصحافة المسؤولة. ومع أن مولر لم يكن قادرا على إدانة الرئيس لأسباب قانونية، إلا أنه قدم تقريرا عن رئيس أساء استخدام سلطته وحاول إفساد مساعديه. وهو خطوة باتجاه تحقيق العدالة ومعرفة سلوك الرئيس، لكن العدالة لم تتحقق حسبما قالت الصحيفة.
5 محطات بتقرير مولر تكشف “ثقافة الكذب” لترامب ومساعديه
“إنها نهاية رئاستي”، هكذا علّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تعيين روبرت مولر محققاً خاصاً بملف التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة 2016، و”أفعال الرئيس التي تكون قد عاقت التحقيق”، يوم كان مجتمعاً مع عدد من مستشاريه، في مكتبه البيضوي في مايو/ أيار 2017.
كان الاجتماع مخصصاً يومها للبحث عن بديل لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” جيمس كومي الذي أقاله ترامب، حيث تلقّى وزير العدل آنذاك جيف سيشنز اتصالاً ينبؤه بتعيين مولر.
لم تتحقق فعلاً نهاية رئاسة ترامب، بفضل تحقيق مولر الذي استمر لمدة عامين؛ وانتهى دون توجيه تهم ضد الرئيس الأميركي، إلا أنّ تقرير التحقيق المنشور أمس الخميس، “رسم صورة مقيتة لبيت أبيض يقوده رئيس متعطش لإحباط التحقيق، بينما يقيّده مساعدون متعطشون بالقدر ذاته لإحباط أوامره”، وفق ما تذكر صحيفة “نيويورك تايمز”.
في تقريرها اليوم الجمعة، تقول الصحيفة إنّ البيت الأبيض الذي يُذكر في أكثر من 400 صفحة من تقرير مولر، يظهر كـ”بؤرة للنزاع” تغذيها “ثقافة الكذب” التي يتولاها رئيس يكذب على المواطنين وموظفيه، ثم يحاول إقناع مساعديه بالكذب لأجله.
تشير الصحيفة إلى أنّ ترامب كان خلال مرحلة تلو الأخرى يزيد طين مشاكله بلّة، ويستسلم للغضب وينتقد بطريقة حوّلت مستشاريه إلى شهود ضده، لافتة إلى أنّ تحقيق مولر خلُص إلى عدم اتهامه بعرقلة العدالة، غير أنّه يوضح في أجزاء أخرى أنّ مساعدي الرئيس، كانوا يدركون حجم الخطر قبل فوات الأوان، ويمنعون ترامب من اتباع غرائزه.
وقالت الصحيفة، إنّه بناءً على ملاحظات قريبة العهد ورسائل إلكترونية ونصوص أخرى ومقابلات لمكتب التحقيق الفدرالي، “يرسم تقرير ترامب مشهداً تلو الآخر لبيت أبيض كان على حافة الهاوية”.
وتوقّفت الصحيفة عند 5 محطات تجسد “ثقافة الكذب” التي كشفها تحقيق مولر عن ترامب، وكذب مساعديه بالتالي، في سبيل احتواء قراراته المتهورة.
“سنعتني بك”
بعد أسابيع قليلة من تولّيه منصبه، طرد ترامب مستشار الأمن القومي مايكل فلين، الذي كذب على “إف بي آي” بشأن محادثاته مع سفير روسيا.
غير أنّ ترامب عانق فلين يومها، هامساً في أذنه “سنوليك توصية جيدة. أنت رجل صالح. سنعتني بك”.
تشير “نيويورك تايمز”، إلى أنّ ترامب وصهره جاريد كوشنر، افترضا بشكل خطأ أنّ التخلّص من فلين سيعرقل التحقيق الروسي.
وعندما اتصل فلين بكوشنر ذات يوم، ردّ عليه مستشار ترامب وصهره بالقول: “الرئيس يهتم بك. سأطلب من الرئيس نشر تغريدة إيجابية عنك لاحقاً”.
“تركتني على جزيرة”
بينما كان التحقيق يأخذ مجراه، سعى ترامب للتأكد من بقاء سيشنز على رأس وزارة العدل، وطلب من محامي البيت الأبيض دونالد ماكغان، إخبار سيشنز بضرورة عدم تنحية نفسه عن التحقيق، على اعتبار أنّه عمل سابقاً في حملة ترامب.
حاول ماكغان تجنّب رفض طلب ترامب عن طريق الاتصال بوزير العدل ثلاث مرات، غير أنّ سيشنز أعلن تنحية نفسه عن التحقيق في ذلك اليوم. غضب ترامب حينها، واستدعى ماكغان إلى المكتب البيضوي في اليوم التالي، وقال له: “ليس لدي محام”.
صرخ ترامب في وجه ماكغان حول مدى “ضعف” سيشنز، وهو موقف جعل ستيف بانون كبير مستشاري ترامب الاستراتيجيين آنذاك، يعتقد أنّ ترامب لم يكن مجنوناً كما رآه يومها.
ركّز ترامب غضبه بشكل متزايد على كومي، الذي رفض خلال شهادته أمام الكونغرس في 3 مايو/ أيار 2017، الإجابة عن أسئلة حول ما إذا كان الرئيس نفسه قيد التحقيق.
غير أنّ ترامب صبّ غضبه على سيشنز، متوجهاً له بالقول: “هذا أمر فظيع، جيف. كل ذلك بسبب تنحّيك عن الملف. لقد تركتني على جزيرة. لا أستطيع فعل أي شيء”.
ردّ سيشنز بالقول إنّه ليس لديه خيار، لكنّه قال إنّ بداية جديدة في “إف بي آي”، ستكون مناسبة، وأن الرئيس يجب أن ينظر في استبدال كومي. في المقابل، قال بانون لترامب إنّه ليس بإمكانه إقالة كومي لأنّ “السفينة قد أبحرت” ولن توقف التحقيق.
“بداية النهاية؟”
تجاهل ترامب هذه النصيحة، وأقال كومي فعلاً في 9 مايو/ أيار 2017، ومتجاوزاً رفض ماكغان، أصرّ على أنّ رسالة إقالة كومي يجب أن تذكر بأنّ الأخير أخبره ثلاث مرات بأنّ الرئيس لم يكن قيد التحقيق.
شكّلت هذه المحطة مصدر قلق لدى المساعدين في البيت الأبيض، إذ كتبت آني دونالدسون رئيسة موظفي فريق ماكغان في مذكراتها “هل هذه هي بداية النهاية؟”.
وقالت سارة هاكابي ساندرز نائب المتحدث باسم الرئيس، للصحافيين، إنّ البيت الأبيض تحدّث إلى “عدد لا يُحصى من أعضاء مكتب التحقيقات الفدرالي” الذين أيّدوا قرار إقالة كومي، غير أنها اعترفت لاحقاً للمحققين بأنّ ذلك غير صحيح، وقالت إنّ تعليقها كان “زلة لسان” تمت “خلال الأجواء الملتهبة” ولم تستند إلى أي شيء.
إقالة كومي، دفعت نائب وزير العدل رود روزنستاين، لتعيين روبرت مولر المدير السابق لـ”إف بي آي” لتولّي التحقيق. متخوّفاً من أن يعني ذلك نهاية لرئاسته، حوّل ترامب مرة أخرى انتقاداته إلى سيشنز.
وقال ترامب لسيشنز: “كيف يمكنك أن تدع هذا يحدث، جيف؟ كان من المفترض أن تحميني”. وأضاف: “الكل يخبرني إذا عيّنت واحداً من هؤلاء المستشارين المستقلين، فهذا يفسد رئاستك. يستغرق الأمر سنوات وسنوات، بينما لا أتمكّن من فعل أي شيء. هذا هو أسوأ شيء حدث لي على الإطلاق”.
طلب ترامب من وزير العدل أن يستقيل، وأخبر سيشنز بأنّه سيفعل ذلك، وعاد إلى المكتب البيضوي في اليوم التالي، حاملاً خطاب استقالة سلّمه إلى ترامب.
وضع الرئيس الرسالة في جيبه، وسأل سيشنز عدة مرات ما إذا كان يريد الاستمرار في منصبه وزيراً للعدل. عندما ردّ سيشنز بالإيجاب، قال ترامب إنه يريد منه البقاء. تصافح الاثنان، بينما احتفظ ترامب بالرسالة.
شعر بانون، ورئيس موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس، بالقلق عندما علموا بأمر الرسالة، خوفاً من أنّ ترامب إذا احتفظ بها فقد يستخدمها بشكل غير لائق للتأثير على سيشنز. وقال بريبوس إنّ الرسالة ستكون بمثابة “طوق صدمة” قد يستخدمه ترامب لإبقاء وزير العدل وراء المقود.
في اليوم التالي 19 مايو/ أيار 2017، غادر ترامب البيت الأبيض في جولة إلى المنطقة، وبينما كان على متن طائرة الرئاسة الأولى المتجهة من السعودية إلى الأراضي المحتلة، بعد ثلاثة أيام من بدء الجولة، أخرج الرئيس الرسالة من جيبه وعرضها على مساعديه.
في وقت لاحق من الرحلة، عندما طلب بريبوس من ترامب إطلاعه على الرسالة، ادّعى ترامب بأنّها لم تكن بحوزته، وأنّها هناك بالفعل… في البيت الأبيض.
بعد ثلاثة أيام من عودة الرئيس إلى واشنطن، أعاد ترامب في النهاية الرسالة إلى سيشنز مع ملاحظة تقول: “مع الرفض”.
“مولر يجب أن يرحل”
في 17 يونيو/ حزيران، اتصل ترامب بماكغان من منتجع كامب ديفيد، وأخبره أن يجعل روزنستاين يطرد مولر بسبب “تضارب المصالح”.
خلال المحادثة التي استمرت 23 دقيقة، قال ترامب شيئاً على غرار: “عليك القيام بذلك. يجب عليك الاتصال برود”، غير أنّ ماكغان الذي يعتقد، ويؤيده مستشارون آخرون في ذلك، أنّ فرضية تضارب المصالح كانت “سخيفة “و”غير حقيقية”، انزعج من الاتصال.
غير أنّ ترامب اتصل بماكغان مرة أخرى قائلاً: “يجب على مولر أن يرحل. اتصل بي مرة أخرى عندما تفعل ذلك”.
قرر ماكغان الاستقالة، مصمّماً على عدم تكرار تجربة روبرت بورك الذي امتثل لأمر الرئيس ريتشارد نيكسون، وأقال المدعي العام في فضيحة “ووترغيت” خلال “مذبحة ليلة السبت”.
توجه إلى المكتب لحزم ممتلكاته وتقديم استقالته، غير أنّ بريبوس وبانون قاما بحثّه على عدم الاستقالة، فتراجع عنها.
“عليّ التخلّص منه”
في يناير/ كانون الثاني 2018، أوردت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً عن المساعي التي بذلها الرئيس، في يونيو/ حزيران 2017، لطرد مولر.
حاول ترامب “الغاضب” حينها الضغط على ماكغان لدحض تقرير الصحيفة علانية، لكنّه لم يفعل ذلك لأنّ التقرير كشف بدقة رغبات الرئيس.
أصرّ ترامب على أن ماكغان ينكر ذلك، متوجهاً له بالقول: “إذا لم تكتب بياناً، فعندئذ ربما يتعيّن عليّ التخلّص منه (مولر)”.
وخلال اجتماع تولّى جون كيلي الذي خلف بريبوس رئيساً لموظفي البيت الأبيض، ترتيبه بين ترامب وماكغان، قال الرئيس لمحاميه: “لم يقل أبداً إنّه يجب طرد مولر. لم أقل أبداً كلمة طرد. هذا التقرير لا يبدو أمراً حسناً. عليك إصلاح ذلك. أنت مستشار البيت الأبيض”، سائلاً “هل قلت كلمة طرد؟”.
وأجاب ماكغان بالقول: “ما قلته هو: اتصل برود وأخبر رود أنّ مولر لديه نزاعات بشأن مصالح وليس بإمكانه أن يكون محققاً خاصاً”، رافضاً طلب الرئيس بشأن “إصلاح” الأمر.
واشتكى ترامب من أنّ ماكغان يلجأ إلى كتابة ملاحظات، قائلاً له: “لماذا تدوّن الملاحظات؟ لا يدوّن المحامون ملاحظات. لم يكن لديّ أي محامٍ يأخذ ملاحظات”.
غير أنّ ماكغان ردّ بالقول إنه يدوّن الملاحظات لأنه “محام حقيقي”، وأنّها تُحفظ بسجلات.
وعلى عكس ما قاله ترامب بأنّ محاميه “لا يدوّنون الملاحظات”، لجأ ماكغان إلى فعل ذلك، ومثله فعل آخرون في البيت الأبيض.
الغادريان: تقرير مولر يؤكد أن ترامب لا يصلح للرئاسة
تساءلت صحيفة “الغارديان” عن الخطوة المقبلة بعد صدور نسخة مظلة من تقرير المحقق الخاص روبرت مولر، قائلة: “ليس مستغربا أن الوثيقة المكتوبة لا تشبه تلك الصورة التي قدمتها إدارة دونالد ترامب ويجب أن لا يسمح لها بأن تضع خطا عليها”.
وقالت: “في النهاية سمعنا من روبرت مولر نفسه، الذي واصل لعامين وتحت ضغوط شديدة ومحاولات دؤوبة لعزله تحقيقه الضخم. واحتفظ بالصمت في وقت زعمت فيه إدارة ترامب أن تقريره المكون من أكثر 400 صفحة هو تبرئة للرئيس. وأصبح الآن في معظمه في مجال الرأي العام وهذه ليست الكلمة القاطعة والنهائية”.
ولأن الوثيقة طويلة ومتعددة الجوانب فإن فهمها وهضمها والتعرف على تداعياتها يحتاج لوقت طويل. وعثر الباحثون والصحافيون الذين ينقبون خلالها على عدد من الأمور. ورفعت الوثيقة السقف عاليا حول التدخل الروسي في انتخابات عام 2016 وكذا سلوك الرئيس في حملته الإنتخابية.
ولكن التقرير لا يوجد فيه حقيقة قاتلة يمكن أن تؤثر على دعم القاعدة الإنتخابية المكرسة لترامب. والتقرير أيضا “إضافة شاجبة ومهمة وضرورية للأدلة المتراكمة” مشيرة إلى أن موقع مولر سمح له بالحصول على أدلة والضغط على أفراد بطريقة لم يكن الإعلام قادرا على عملها، كما أن موقع الوثيقة الرسمي مهم حتى لو هاجمها أنصار الرئيس. فهي تتحدث عن تدخل روسي “واسع ومنظم”. وتقدم تفاصيل عن العلاقة بين حملة الرئيس والدولة الروسية التي توقعت أن تستفيد من انتخاب ترامب واستفادة الحملة من المعلومات التي تسربها. وكانت الحملة متقبلة للدعم الروسي في بعض الأحيان مع أن التقرير لم يقدم أدلة قوية عن التآمر بين الطرفين.
ويذكر التقرير 11 مناسبة حاول فيها ترامب ومن معه تعويق مسار التحقيق والتي لم تكن ناجحة. وتقول الصحيفة إن الوثيقة التي نشرت يوم الخميس ليست القصة كاملة خاصة أن اجزاء منها ظللت بالأسود.
ورغم قانونية التظليل إلا أن الثقة بالرجل الذي يشرف على العملية معدومة -أي ويليام بار- الذي أساء تمثيل الوثيقة عندما نشر ملخصا عنها، وقال إن رفض الرئيس مقابلة المحقق الخاص هو دليل عن تعاون كامل.
وبالنسبة للرئيس ترامب “فقد انتهت اللعبة” إلا أن من يحرصون على الديمقراطية في أمريكا عليهم المضي بنفس المثابرة والتصميم التي أبداها مولر. وعليهم أولا الضغط على أعضاء الكونغرس للحصول على نسخة كاملة دون رقابة. وثانيا، عليهم تذكير الناخبين أن عدم قدرة مولر إدانة الرئيس بسبب القيود القانونية إلا أن تصرفات الرئيس غير عادية ومقززة مثل استعداد أنصاره والحزب الجمهوري الوقوف إلى جانبه رغم ما كشفه التقرير من أدلة عن تدخل عدو في العملية الإنتخابية. وثالثا، عليهم العمل لحماية أمريكا من تدخل ومحاولات تدخل جديدة. ويكشف تقرير مولر أن ترامب لا يصلح لمنصب الرئيس وكذا الوسائل التي أدت به للوصول إليه.
الديمقراطيون ماضون بمعركتهم ضد ترامب بعد نشر تقرير مولر
سارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إعلان النصر على “المؤامرة” المحوكة ضده، بعد نشر خلاصات التحقيق بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الخميس، غير أن الديمقراطيين يقفون له بالمرصاد، إذ توعدوه بمواصلة التحقيق بشأن سلوكه “اللا أخلاقي”.
وكتب الرئيس الجمهوري عبر “تويتر”: “للكارهين واليساريين المتطرفين الديمقراطيين، اللعبة انتهت”، في استعارة للعبارة الشهيرة من مسلسل “غايم أوف ثرونز” (صراع العروش).
وبعد تحقيق استمر 22 شهراً بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016، خلص المحقق الخاص روبرت مولر، في تقريره الصادر الخميس، إلى عدم وجود أي تواطؤ بين فريق حملة الجمهوري دونالد ترامب وموسكو.
وقد بدا ترامب مغتبطاً بنتائج التقرير، إذ رأى فيه تبرئة له، رغم أن الخلاصات لم تدحض الشبهات بعرقلته مسار العدالة.
وسارع الديمقراطيون للإفادة من هذه النقطة تحديداً، إذ قال رئيس الحزب الديمقراطي توم بيريز إن “دونالد ترامب أمضى مدة رئاسته كاملة في القيام بحملة مستمرة من العرقلة والتهويل واستغلال السلطة. لا أحد فوق القانون”.
وبفضل الأكثرية التي يملكونها في مجلس النواب، يحظى الديمقراطيون بالقدرة على إطلاق تحقيقات برلمانية وطلب مثول شهود، والمطالبة بالحصول على وثائق.
الكونغرس “يجب أن يحقق”
إلى ذلك، قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، الديموقراطي آدم شيف، إن أفعال الرئيس “مقلقة للغاية” و”تفتقر بما لا يقبل الشك للصدق والأخلاقية والوطنية”.
أما رئيس اللجنة القضائية جيري نادلر، فأشار من ناحيته إلى أن “تقرير مولر يسلط الضوء على أدلة مقلقة تظهر أن الرئيس ترامب عرقل مسار العدالة”.
وتشارك الرجلان الخلاصة عينها، ومفادها بأن روبرت مولر رمى الكرة في ملعب الكونغرس، الذي بات عليه “حمل الرئيس على تحمل مسؤولية أفعاله”.
وصبّ موقف المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية برني ساندرز في الاتجاه عينه، إذ شدد على ضرورة “أن يواصل الكونغرس التحقيق في سلوك ترامب، وأي محاولة أجنبية للتأثير على انتخاباتنا”.
إلى ذلك، رفضت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي اليوم الجمعة، التعقيب على ما إذا كان الكونغرس سيبدأ إجراءات لمساءلة الرئيس دونالد ترامب بهدف عزله، قائلة إنه ليس من اللائق أن تنتقده بينما هي خارج البلاد.
وقالت بيلوسي للصحافيين في بلفاست، عندما سئلت عن احتمال البدء في إجراءات المساءلة: “أياً كانت القضية أو التحدي الذي نواجهه، فسيحترم الكونغرس الأميركي قسمه بحماية دستور الولايات المتحدة والدفاع عنه وبحماية ديمقراطيتنا”. وأضافت: “مسؤولية الإشراف على ديمقراطيتنا تقع على عاتق السلطة التشريعية، وهذا ما سنقوم به”.
وفي إطار هذه التحقيقات، طلب الديمقراطيون من المحقق مولر، الإدلاء بشهادة أمام مجلس النواب بحلول 23 أيار/ مايو.
وأعلنت إدارة ترامب أنها لن تعارض هذا الأمر، كما أن وزير العدل بيل بار، الذي تلقى انتقادات لاذعة من الديمقراطيين على خلفية إدارته لنشر التقرير، فسيخضع لجلسة استماع حامية أمام الكونغرس في 2 أيار/ مايو.
تصويب الأولويات
وبعد نشر التقرير، جدد بعض أعضاء الكونغرس من اليسار الراديكالي تهديدهم بإطلاق مسار لعزل ترامب، غير أن القادة الديمقراطيين استبعدوا مجدداً اللجوء إلى هذا الخيار.
وأي مسار من هذا النوع سيبوء بالفشل على الأرجح، في ظل استحواذ الجمهوريين على أكثرية الأعضاء في مجلس الشيوخ.
كما لا تزال هزيمة الجمهوريين البرلمانية، بعدما أطلقوا إجراءات لعزل الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون ماثلة في الأذهان.
وقبل عام ونصف العام من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، على المعارضة التعامل بحذر مع تبعات التحقيق المتشعب بالتدخل الروسي، الذي عكّر أجواء أكثر من نصف فترة ولاية دونالد ترامب من دون إحداث تغيير كبير في آراء الناخبين.
ويحظى ترامب، المرشح لولاية ثانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، بشعبية كاسحة تلامس 90% في صفوف الجمهوريين.
في المقابل، يتنافس نحو عشرين مرشحاً لنيل ترشيح الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية للحزب.
وقد اكتفى الديمقراطيون الطامحون للمنافسة على الرئاسة، بالتعليق على نشر تقرير مولر عبر نشر تغريدة أو اثنتين، لكنهم سارعوا إلى إعادة تصويب اهتمامهم على الحملات الانتخابية، من خلال التركيز على المواضيع التي تشكّل أولوية لدى الناخبين، كالتأمين الصحّي والعمل والتعليم ومديونية الطلاب.
وأتت هذه الاستراتيجية بثمارها في الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 حين انتزعوا الأكثرية في مجلس النواب من الجمهوريين.
(فرانس برس، رويترز)
العربي الجديد
تقرير مولر: الحقيقة تضيع بين التمويه والتمييع/ فكتور شلهوب
في إفراجه، أمس الخميس، عن تقرير روبرت مولر، بعدما حذف حوالي 13% من حجمه الذي جاء في 448 صفحة، أفاد وزير العدل الأميركي وليام بار، بما خلاصته أنّ المحقق لم يجد الأدلة الدامغة لاتهام الرئيس دونالد ترامب بالتواطؤ مع الروس في انتخابات 2016.
كما قال إنّ ما قام به ترامب لا يرقى إلى مستوى إدانته بتهمة عرقلة سير العدالة أثناء التحقيقات، مع أنّه هو نفسه قال، بعد يومين من صدور التقرير، في 23 مارس/آذار الماضي، إنّ مولر “لم يبرّئ” الرئيس في هذه النقطة.
الشق الأول من الخلاصة صحيح، ويعكس ما جاء بوضوح في التقرير، مع أنّ هناك تساؤلات حول توصّل مولر لهذه النتيجة، فالتقرير يجزم بحصول التدخل، وبأنّ حملة ترامب “رحّبت بالمساعدة الروسية وتقبّلتها”.
لكن الشق الثاني المتعلّق بالعرقلة، بقي اجتهاداً هو أقرب إلى التمويه. وقد رأى فيه معظم المراقبين تعبيراً عن انحياز وزير العدل للرئيس، وبما يُنبّئ بمعركة سياسية – قانونية طاحنة ومديدة بين البيت الأبيض، ومعه الجمهوريون، وبين خصومه الديمقراطيين في الكونغرس.
فالوزير استند إلى صلاحيات تنظيمية مطاطة، زعم أنّها تخوّله تفسير النص المبطن في التقرير حول تهمة العرقلة. بذلك أعطى لنفسه دوراً كان الأحرى به أن يتركه إلى الكونغرس للبت بالجزء الغامض أو الملتبس من التقرير.
ومولر نفسه أشار إلى ذلك، وبدا أنّه تعمّد النأي عن الحسم في موضوع العرقلة، كي يتولّى الكونغرس هذا الدور بالاستناد إلى فيض المعلومات والأدلة التي احتواها التقرير، وباعتبار أنّ الكونغرس هو الحكم الأخير في الموضوع. والمعروف أنّه ليس بإمكان المحقق إدانة الرئيس أثناء فترة رئاسته، حسب التوجيه المعمول به في وزارة العدل.
علاوة على ذلك، بنى الوزير نسف تهمة العرقلة على حيثية هشّة. فهو يرى أنّ “عدم توفر الأدلة الكافية لدعم هذه التهمة، يشير إلى أنّ الرئيس لم تكن لديه نية بالعرقلة”. مع أنّ التقرير حافل بسرد الوقائع التي تجاهلها الوزير، والتي تكشف أنّ السعي في هذا الخصوص تكرر، وجرى بأكثر من صيغة. والمعروف حسب خبراء القانون والتحقيقات، أنّ نجاح المحاولات في هذا المجال ليس شرطاً لإدراجها في خانة التهمة، ذلك أنّ مجرد حصولها يضعها في هذا الصفّ.
يضاف إلى ذلك أنّ إخراج بار التقرير إلى العلن، عزّز الظنون بوجود نية لتمييع وتمويه الحقيقة. فلجوءه إلى الكشف عنه بالقطارة، وشراء الوقت والتشاور بشأنه مع البيت الأبيض وفريقه القانوني، من غير وضع الكونغرس في الصورة، كلّه ساهم في تكوين اعتقاد بأنّ في الأمر لفلفة لحجب جوانب مؤذية في التقرير.
يدعم ذلك أنّ فريق التحقيق غير مرتاح ولا موافق على هذا الإخراج. بار اعترف بوجود خلاف مع مولر حول بعض الجوانب. ولم يكن من غير مدلول أن يغيب هذا الأخير عن المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير العدل، أمس الخميس.
الآن انتقل الملف إلى ساحة الكونغرس، ومن المتوقع أن تصدر عن اللجان المعنية في مجلس النواب عدة استدعاءات للوزير بار والمحقق مولر، لتسليم النسخة الأصلية للتقرير، كما للمثول أمام هذه اللجان في جلسات تحت القسم الدستوري، لنبش خبايا الموضوع ولو أنّ خيار عزل الرئيس تلاشى تقريباً، حتى الآن.
ولا يُستبعد أن يفتح الرئيس من جانبه عبر مجلس الشيوخ، جولة من التحقيقات لملاحقة خصومه وتصفية الحساب معهم، بزعم الافتراء على رئاسته في الموضوع الروسي، بما يفاقم التصعيد والتعقيد. فالكل مستنفر لتسجيل مكاسب على أبواب حملة انتخابات الرئاسة 2020.
الفارق أنّ البيت الأبيض تنفس الصعداء، وهو يعيش جواً احتفالياً مع الجمهوريين. ارتاح ترامب من شبح التحقيقات التي أعرب في بداياتها عن خشيته من أن تؤدي إلى نهاية رئاسته، حسب ما ذكر التقرير نقلاً عن أحد معاوني الرئيس.
في المقابل، بدا المعسكر الديمقراطي في حالة من الصدمة والبلبلة. انهار كثير من الآمال التي علّقها على التحقيقات. وحتى لو أدت محاولاته إلى إزالة التمويه، وبما يُظهر أنّ عرقلة العدالة قد حصلت فعلاً، فإنّ الوقت سيكون قد فات.
حتى ذلك الحين، ستبقى الصورة التي رسمها الوزير بار عنوان الحديث. وفي هذا الإطار، وبالرغم من الإشادة الواسعة بمهنية واستقامة المحقق مولر، يبقى هناك سؤال بلا جواب، كامن في خلفية المداولات الجارية الآن: لماذا آثر مولر التلميح إلى الحسم في صياغة خلاصاته، خلافاً لما يفترض أن تنتهي إليه مهمة المحقق في قضية من هذا النوع؟