المواجهات الإسرائيلية-الإيرانية في سوريا واحتمالات المستقبل (قراءة إيرانية)/ د. حسن أحمديان
ازدادت في الآونة الأخيرة الاستهدافات الإسرائيلية للأهداف الإيرانية علی الأرض السورية، وجرى الرد علی بعض تلك الهجمات، ويبقی الباب مفتوحًا أمام احتمالات التصعيد. تستعرض هذه الورقة النقاش الإيراني حول أسباب تلك المواجهة واحتمالات اتساعها ضمن سؤال محوري حول أسباب التصعيد وإسقاطاته علی المنطقة عمومًا/ حسن أحمديان
مقدمة
بينما تضع الحرب في سوريا أوزارها لصالح ترتيبات أمنية وسياسية جديدة، تبرز أخطار المرحلة الجديدة في الزيادة المطردة للمواجهات الإقليمية داخل الحدود السورية وعلی أطرافها. ويمكن اعتبار المواجهات بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل وداعميها من جهة أخرى أهم تلك المواجهات وأكثرها لفتًا للانتباه لاحتمالات اتساعها. فقد ازدادت في الآونة الأخيرة الاستهدافات الإسرائيلية للأهداف الإيرانية والسورية ولحزب الله علی الأرض السورية. كما جرى الرد، وعلی مستويات غير مسبوقة، علی بعض تلك الهجمات. ويبقی الباب مفتوحًا أمام احتمالات التصعيد. ولذلك، يدور نقاش إيراني مهم حول أسباب تلك المواجهة واحتمالات اتساعها. ويمكن رصد نقاش مشابه في إسرائيل والمنطقة يدور السؤال المحوري فيه حول أسباب التصعيد وإسقاطاته علی المنطقة وعلی إيران و”محور المقاومة” بشكل عام.
مواجهات متصاعدة
بدأت الضربات الإسرائيلية علی الأراضي السورية في يناير/كانون الثاني 2013 بغارة علی موقع بالقرب من دمشق قيل إنها استهدفت موقع صواريخ أرض-جو ومجمعًا عسكريًّا محاذيًا له. وادَّعت إسرائيل لاحقًا أنها استهدفت في الهجوم مركبة كانت تحمل أسلحة مضادة للطائرات في المركز السوري للأبحاث العلمية. وتزايدت بعدها الهجمات الإسرائيلية علی المواقع السورية وكذلك نقاط تموضع حزب الله وإيران في سوريا. وقامت بهجمات تركزت علی مناطق بالقرب من دمشق والحدود السورية مع إسرائيل، قيل إنها استهدفت حمولات أسلحة متجهة إلی الأراضي اللبنانية أو قواعد/قوات إيرانية. فقد استهدفت إسرائيل، في يناير/كانون الثاني 2015، مجموعة في القنيطرة ضمت عناصر من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، منهم القيادي في حزب الله، جهاد مغنية. واستمرت الهجمات الجوية الإسرائيلية وازدادت اتساعًا وكثرة مع اقتراب الحرب السورية إلی نهاياتها. فقد قام الجيش الإسرائيلی بمئتي هجمة صاروخية وجوية ضد أهداف إيرانية في أقل من عامين حسب المصادر الإسرائيلية(1).
ولم تواجَه إسرائيل بردود تُذكر في البداية ما زاد من ثقتها بقدراتها العسكرية وعجز سوريا وحلفائها عن الرد. وبرز نقاش في إيران وبين أطراف “محور المقاومة” حول أسباب عدم الرد. وكان السبب الرئيسي، كما يبدو، انشغال تلك الأطراف بأولويات أخری في الحرب المحتدمة آنذاك وترجيحها عدم إشعال جبهة أخرى علی مستوی إقليمي. فحتى دخول روسيا الأزمة السورية تركز جل اهتمام هؤلاء علی مواجهة الأعداء في الداخل. ولم تَلُحْ بوادر انفراج بالنسبة للنظام السوري وحلفائه الإقليميين حتی نهایات 2015. فقد أدی التطور الحاصل في سبتمبر/أيلول 2015 (الدخول الروسي) إلی تراجع المعارضة شيئًا فشيئًا حتی باتت محصورة في محافظة إدلب وبعض الجيوب المعزولة. وأطلق ذلك يد جزء مهم من القوات السورية وحلفائها للتركيز علی التهديدات الإقليمية ومنها الهجمات الإسرائيلية.
بدأت ردود “محور المقاومة” علی الهجمات الإسرائيلية في 2018 حيث تلقت إسرائيل ضربتين غير مسبوقتين منذ احتلال لبنان عام 1982. نزلت الضربة الأولی في فبراير/شباط 2018 عندما تصدت الدفاعات الجوية السورية لمقاتلة إسرائيلية من طراز إف-16 وأسقطتها. ورغم أن الحادث لا يبدو منعزلًا عن الضربات الجوية الإسرائيلية وتصدي الدفاعات السورية لها، إلا أن الفارق ظهر في التخطيط؛ فقد دخلت طائرة استطلاع إيرانية من دون طيار الأراضي المحتلة، حسب مصادر إسرائيلية. وبعد إسقاطها من قبل الدفاعات الإسرائيلية، أقدمت القوات الجوية الإسرائيلية علی استهداف مواقع إيرانية وسورية وعندها كانت الدفاعات الجوية السورية بانتظارها وقامت بإسقاط المقاتلة الإسرائيلية(2). وردت إسرائيل بموجة من الضربات الانتقامية علی مواقع مختلفة في الأراضي السورية ادعت أنها مواقع/قوات إيرانية(3). إلا أن إسقاط المقاتلة، كتطور غير مسبوق منذ 1982، رسم مرحلة جديدة علَّق عليها الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، بالقول: إن “ما قبل إسقاط الطائرة الإسرائيلية بسوريا ليس كبعده”(4).
وجاء التطور الثاني ليؤكد أن ثمة قرارًا علی مستوى حلف “محور المقاومة” بالتصدي لإسرائيل واعتداءاتها علی الأراضي السورية. فبعد أن استهدفت إسرائيل قاعدة T-4 في التاسع من أبريل/نيسان وقتلت 14 منهم سبعة إيرانيون، حسب التقارير، وقامت بضربة أخرى في الثامن من مايو/أيار 2018 استهدفت الكسوة جنوب العاصمة، دمشق، وقتلت 15 قيل: إن ثمانية منهم إيرانيون، قام محور المقاومة بإطلاق 55 صاروخًا علی المواقع الإسرائيلية في الجولان ووقعت حرب الساعات الأربعة بين إسرائيل ومحور المقاومة. وأكد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ذلك القرار بالقول: إننا “أمام مرحلة جديدة في سوريا، وما حصل كسر الهيبة الإسرائيلية، والتهديد بقطع اليد التي تمتد للجولان انتهى، فلا سوريا ولا حلفاؤها يسمحون أن تبقى سوريا مستباحة”(5).
بذلك، دخلت المعادلة السورية مرحلة جديدة. وبينما أعلنت إسرائيل أن عدد الصواريخ لم يتعد العشرين وأنها لم توقع إصابات ولم تصل أهدافها، كشفت التفاصيل الصادرة عن مصادر من حزب الله وأخرى إيرانية وسورية عن هجوم غير مسبوق وتستر إسرائيلي عليه. وأهم من ذلك كله، قيل: إن إسرائيل طلبت من أطراف ثالثة التوسط لإيقاف الحرب. هذا ما أكده السيد نصر الله ومصدر إيراني مهم(6). ونُشرت بعدها تقارير عن وساطة روسية للحد من التوتر لم تؤيدها إيران أو أي من حلفائها حتى الآن. ولم تتوقف المناوشات بعد ذلك؛ إذ يضع تباين الأهداف الجانبين أمام خيارات محدودة.
أهداف متجابهة
أعلنت إسرائيل مرارًا أنها محايدة في الأزمة السورية وأن لا علاقة لها بالحرب الأهلية هناك(7) إلا أنها اتخذت أهدافًا وسياسة بعيدة عن الحياد تطورت مع تطور الأزمة السورية. فقد هدفت في البدء إلی إضعاف سوريا دفعًا لها للابتعاد عن “محور المقاومة” أو لحملها وحلفائها علی الانكفاء للداخل السوري. وظل ذلك الهدف يوجه الاستراتيجية الإسرائيلية لسنوات. ومع تطور الأحداث وتزايد حضور حلفاء سوريا وتقدمها أمام قوات المعارضة، تطورت الأهداف الإسرائيلية. ورغم بقاء طاقم الحكم في إسرائيل منقسمًا حول استراتيجيتها تجاه سوريا، أعلن وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، عن ضرورة إسقاط النظام السوري في 2012. وركزت في مرحلة تزايد حضور حلفاء سوريا علی منع إقامة قاعدة للمقاومة علی الأراضي السورية علی طراز حزب الله في لبنان. وبعد أن أبرزت تطورات سوريا واقعًا جديدًا تمثل بازدياد تلاحم “محور المقاومة” وزيادة قوته العملياتية بدل انعزال سوريا عنه، ركزت إسرائيل علی وقف النفوذ الإيراني والقول بضرورة خروج إيران من سوريا. ويشكل ذلك اليوم هدف إسرائيل المحوري في سوريا.
وتواجه إسرائيل بأهدافها معضلة في المرحلة الجديدة؛ فمن جهة يؤدي إيلاؤها مواجهة الحضور الإيراني الأولوية إلی سياسة تهدف لإخراج إيران وحزب الله من سوريا، ومن جهة أخری لا يبدو ساستها علی استعداد للقبول بالبديل -استعادة الدولة السورية سلطتها علی كامل التراب السوري. وتُعبِّر السياسة الإسرائيلية عن ذلك التناقض إذ تؤدي ضرباتها الجوية والصاروخية إلی عدم استقرار يفتح الباب أمام حلفاء سوريا لمواجهة تلك الضربات وملء الفراغ الحادث بالتالي. والواقع أنه ليس بمقدور إسرائيل التعايش مع أي من البديلين إذ لا ترى فيهما اختلافًا جوهريًّا. فمع استعادة الدولة سلطتها وعودة الاستقرار إلی سوريا في ظل حضور جبهة المقاومة علی ترابها وولاء سوريا لتلك المقاومة سيبقی حضور جبهة المقاومة محسوسًا بشكل مباشر أو غير مباشر. وبذلك، تظهر إشكالية الانتقال من الهدف الإسرائيلي الأول (إضعاف سوريا والمقاومة) إلی الثاني (إخراج إيران والميليشيات من سوريا). إذ أدی هدف إضعاف سوريا ومحور المقاومة إلی زيادة تلاحم الحلفاء بدل افتراقهم وبذلك أصبح خروج إيران وحزب الله من سوريا، رغم القول به إسرائيليًّا، لا يؤمِّن المصلحة الإسرائيلية بإحداث شرخ داخل محور المقاومة. لذلك، تبدو المعضلة الإسرائيلية عصية علی الحل حتی في الداخل الإسرائيلي إذ تُبرز خطابات مختلفة نتيجة تباين الأهداف الأولية والجديدة.
أما إيرانيًّا، وبعد تذبذب أولي استمر عدة أشهر، ومع إغلاق السفارة السعودية في دمشق، في أغسطس/آب 2011(8)، وإعلان تركيا مقاطعتها دمشق، وإعلان الرئيس أوباما أنه علی الرئيس الأسد الرحيل(9)، برز الهدف الإيراني الذي بقي محوريًّا طيلة الأزمة السورية: الحفاظ علی سوريا ضمن “محور المقاومة” عبر دعم دمشق. يتجذر هدف طهران الرئيسي من رؤيتها لسوريا التي عبَّر عنها المرشد الأعلی لدی لقائه الرئيس السوري في طهران: “إيران وسوريا عمق استراتيجي لبعضهما وترتبط هوية وقوة حركة المقاومة بهذه العلاقة المستمرة والاستراتيجية”(10). فاعتُبرت الأزمة السورية أزمة إيران في الإقليم وخطرًا متناميًا ضد طهران وحلفائها. ولذلك، تمحورت الاستراتيجية الإيرانية حول هدف الحفاظ علی سوريا ضمن محور المقاومة ونُسجت بناءً عليه باقي الأهداف المرحلية لإيران.
أتت الأهداف الإيرانية وتطوراتها مجابهة للأولويات الإسرائيلية؛ فأمام دأب إسرائيل على إضعاف سوريا ومحور المقاومة، هدفت إيران إلی الدعم العسكري لسوريا وتقويتها عسكريًّا عبر نشر نموذج الحشد ومأسسته هناك. وتطورت أهداف طهران المرحلية مع تطور الأزمة. فقد انتقلت من الردع ومحاولة الحفاظ علی المناطق المسيطر عليها من قبل دمشق إلی إعادة سلطة الدولة علی باقي التراب السوري. كما انتقلت في المرحلة الجديدة إلی هدف أكثر اتساعًا هو موازنة القوات الأجنبية المتواجدة علی الأرض السورية. وبناءً علی هدف الموازنة لا تبدو طهران في عجالة للخروج من سوريا ما دام وجود القوات التركية والأميركية مستمرًّا. وثمة نقاش يأخذ شكل اتهام لطهران حول رغباتها التوسعية من البقاء في سوريا، وتفند ذلك طهران. وثمة ثلاثة أسباب لذلك التفنيد:
– الأول: أن التقليد الاستراتيجي الإيراني في المنطقة يقول بتقوية شوكة الحلفاء بدل الحضور المباشر لمواجهة الأعداء. ولذلك التقليد أمثلة كثيرة منها سياسة إيران في كل من لبنان والعراق بينما لا تجد نقيضًا له.
– الثاني: أن حضور القوات الإيرانية في سوريا جاء تلبية لحاجة سورية أمام خطر داهم. وستفقد طهران أي حاجة للبقاء بانتهاء ذلك الخطر كما حدث في العراق بعد هزيمة تنظيم الدولة حيث انسحبت إيران بالكامل.
– الثالث: أن تزايد الضغوط والحصار الاقتصادي المتمثل بسياسة الضغط الأقسی للولايات المتحدة لا يُشجع طهران علی تغيير التقليد السائد في سياستها الإقليمية بل يدفعها للتمسك به لتقليص الأعباء.
لذلك، تقول طهران بأنها باقية ما دامت ثمة حاجة سورية تدعوها للبقاء. وبشكل عام، تأتي المواجهات الإسرائيلية-الإيرانية نتيجة تعارض أهدافهما في سوريا. وتبدو الأهداف الإسرائيلية أقل تماسكًا لتذبذبها بين الإضعاف من جهة والقول بضرورة خروج إيران من جهة أخری. ولذلك، فإنها توجه استراتيجية لا تأتي بالضرورة بالنتائج المطلوبة إسرائيليًّا. أما إيرانيًّا، وبعد تحقيق هدف إبقاء سوريا ضمن محور المقاومة، انتقلت الأهداف المرحلية إلی موازنة باقي اللاعبين المؤثرين في سوريا وأهمهم تركيا والولايات المتحدة.
استراتيجيات متجابهة
تطورت الاستراتيجية الإسرائيلية مع تطور الأزمة السورية. ففي المرحلة الأولی وتماشيًا مع هدف إضعاف دمشق ومحور المقاومة، قامت تل أبيب بمجموعة من الإجراءات تضمنت دعم المعارضة عبر استضافة جرحی من التنظيمات المناوئة لدمشق والقيام بتسليح بعض تلك الجماعات، وفق تقارير نُشرت مؤخرًا(11). وعلی خلاف الدول العربية الباحثة عن إسقاط دمشق، ركزت الاستراتيجية الإسرائيلية علی الإضعاف بدل الإسقاط. ولذلك سبب رئيسي. فبينما يبقی البديل لسقوط دمشق سؤالًا مطروحًا يأتي بسيناريوهات متعددة، تؤثِّر دمشق الضعيفة سلبًا علی قوة الجبهة المعادية لإسرائيل عملياتيًّا.
ودخلت الاستراتيجية الإسرائيلية المرحلة الثانية بعد تراجع الجماعات المعارضة وهزيمة تنظيم الدولة وتراجع جبهة فتح الشام “جفش” إلی إدلب. بدأت تل أبيب في هذه المرحلة بالتركيز علی الحضور الإيراني وضرورة إنهائه وقامت بمجموعة إجراءات بغية تحقيق ذلك الهدف. فأولًا، وبعد إعلانها عدم تهاونها مع الحضور الإيراني في سوريا، قامت بتجييش إعلامي وسياسي واسع ضد هذا الحضور باعتبار نفسها المستهدفة. كما رحبت بالضربات الأميركية ضد قواعد سورية داعية إلی المزيد. وقامت ثانيًا باستهداف القوات الإيرانية علی الأرض السورية وأوقعت عددًا منها بين قتيل وجريح رشح بعضها للعلن كالهجوم الذي استهدف قاعدة T4 في أبريل/نيسان 2018 أو الكسوة في مايو/أيار 2018. وازدادت ضرباتها كثرة مع اقتراب سوريا من نهاية الأزمة. وبينما تتزايد الروايات الإسرائيلية عن أهدافها، يزداد التركيز في تجييشها الإعلامي والسياسي وضرباتها الجوية علی منع إقامة نموذج وقاعدة للمقاومة علی شاكلة حزب الله اللبناني علی الأرض السورية.
وتتصاعد احتمالات المواجهة باستمرار الضربات الإسرائيلية والردود المحتملة من قبل إيران وحلفائها. وثمة افتراضان يخرجان من الخطاب الإسرائيلي إزاء الحضور الإيراني في سوريا يتسمان بشيء من التناقض؛ ففي الافتراض الأول، تُعتبر إيران قوة صاعدة تبني نفوذًا يترامی من حدودها إلی البحر الأبيض يُغطي سوريا ولا يواجَه بقوة توازنه وتردعه. أما في الافتراض الثاني، تبدو إيران قوة منفعلة لا تمتلك مقومات تمكنها من الرد إن تلقت ضربات إسرائيلية في سوريا(12). ويمكن بناء سياستين مختلفتين تمامًا علی أي من الافتراضين. وثمة أخطار واضحة في القول بأيهما خاصة إن استخفت بقوة إيران وحلفائها في الرد علی الهجمات الإسرائيلية.
أما إيرانيًّا، فقد تطورت الاستراتيجية علی مدى سنوات الأزمة السورية. بدأت إيران دعمها النظام السوري منذ نهايات 2011 بناءً علی هدفها المحوري “إبقاء سوريا موحدة كجزء رئيسي من محور المقاومة”، وفسرت الأزمة السورية علی أنها مؤامرة ضد طهران وحلفائها(13). ومرت الاستراتيجية الإيرانية المنسوجة لتحقيق هدفها الرئيسي في سوريا بمراحل أربعة منذ أغسطس/آب 2011:
• مرحلة الحشد أولًا: أمام تصاعد قوة الميليشيات المدعومة من أعدائها، قامت إيران بدعم القوات السورية في تشكيل ميليشيات مبنية علی الحشد علی قرار قوات البسيج الإيرانية بغية ردع القوة المتصاعدة والتقدم الملحوظ للميليشيات المعارضة. وتأسست تلك القوات في مناطق عدة وظهر تأثيرها في إيقاف زخم تقدم القوات المناوئة لدمشق منذ 2012. ولذلك أسباب أهمها أنها بُنيت علی عقلية حشدية وكانت مؤثرة في حرب الشوارع أمام تكتيكات مشابهة استخدمت من قبل الميليشيات المعارضة.
• مرحلة أقلمة الحشد ثانيًا: مع اتضاح أن الميليشيات الداخلية لن تُحدث تغيرًا استراتيجيًّا في مسار الأزمة أبعد من تأثيرها الردعي في الحد من تقدم المعارضة، لجأت كل من سوريا وحلفائها إلی أقلمة الحشد بإدخال ميليشيات غير سورية إلی ساحة الصراع أو إحداثها علی غرار الحادث علی مستوی المعارضة من دولنة للقوات واستقطابها مقاتلين من أقصی بقاع الأرض. وقد دخل حزب الله اللبناني في نهايات 2012 وأحدث تغييرًا مهمًّا في مسار الأزمة بعد أول انتصار حققه علی قوات المعارضة في القصير واعتبر أول انتصار استراتيجي غيَّر مسار الأزمة إلی حين. وجری استحداث ميليشيات أخری كـ”الفاطميون” و”الزينبيون”، ودخلت في مراحل لاحقة أجزاء من الحشد الشعبي العراقي.
• مرحلة الدولنة ثالثًا: مع تزايد الدعم الخارجي للمعارضة وزيادة تقدمها وطأة علی سوريا وحلفائها خاصة بعد صعود الملك سلمان في المملكة السعودية، لجأت طهران للدولنة محاولة إدخال طرف دولي (روسيا)(14) أمام تزايد الانخراط والدعم الدولي والإقليمي للمعارضة عبر البوابة الكردية وباقي مناطق سيطرة المعارضة. هدفت الدولنة للإتيان بغطاء جوي يوازن الغطاء الأميركي والتركي للمعارضة ولإحداث توازن علی المستوی الدولي في الأزمة السورية. وبالفعل أتت تلك الاستراتيجية بتغييرات مهمة أنهت إلی غير رجعة تقدم المعارضة في أغلب المناطق السورية.
• مرحلة الموازنة رابعًا: مع إعلان إنتهاء الحرب علی تنظيم الدولة علی لسان الجنرال قاسم سليماني(15)، دخلت إيران المرحلة الأخيرة من الأزمة السورية. تعنی هذه المرحلة بموازنة القوات الخارجية، الأميركية والإسرائيلية والتركية ذات الحضور والتأثير في المرحلة الجديدة؛ فقد أجاب المرشد الأعلی للثورة الإسلامية علی رسالة الجنرال، سليماني، التي أعلن من خلالها نهاية داعش، علی ضرورة التركيز علی أخطار المرحلة الجديدة(16). وهو أمر كرَّره لدی لقائه الرئيس، بشار الأسد، في طهران بالقول: إن “غضب الولايات المتحدة من انتصار المقاومة سيأتي بمؤامرات جديدة مشيرًا إلی دأب واشنطن إحداث منطقة عازلة كنموذج لتلك المؤامرات التي يجب رفضها والوقوف أمامها”(17). بذلك، يمكن توقع استمرار الحضور الإيراني في سوريا بغية الموازنة حتی إزالة تهديد الحضور الأميركي والتركي في الشمال السوري.
جابهت إيران في كل المراحل السابقة الأولويات الإسرائيلية في سوريا ووصلت في المرحلة الرابعة إلی مواجهات مستمرة ومباشرة معها. وتفتح تلك المواجهة باب التكهنات حول مستقبلها إذ تأتي الخيارات الإيرانية بمجموعة من السيناريوهات إلی الواجهة لكل منها تأثيرات إقليمية وتداعيات علی مستقبل المواجهة. فما تلك السيناريوهات؟ وأيها الأرجح؟
حقائق جديدة وسيناريوهات مستقبلية
استحدثت الأزمة السورية حقائق جديدة يمكن اعتبارها نقاطًا محورية تؤثر علی مستقبل الصراع الإيراني-الإسرائيلي في سوريا وما وراءها، كما تؤثر في رسم ملامح المرحلة المقبلة وسيناريوهاتها في سوريا والمنطقة بشكل عام. لذلك، وجب رصدها قبل الخوض في السيناريوهات المستقبلية:
النقطة الأولى: هي انتقال إيران ومحور المقاومة المتدرج إلی مواجهات إقليمية جديدة في مرحلة تزايد الضغوط الخارجية علی سوريا وحلفائها بعد اقتراب الحرب إلی نهاياتها. فبانتهاء تنظيم الدولة وتضاؤل قوة جبهة فتح الشام “جفش”، تزداد موازنة اللاعب الخارجي أهمية. وبذلك يحل التركيز علی اللاعب الإقليمي مكان اللاعب الداخلي لدی محور المقاومة. أي إن اللاعب الداخلي (المدعوم خارجيًّا) يخرج من اللعبة ليدخل الخارج الداعم له مباشرة إلی المعادلة السورية والتخطيط الاستراتيجي لمحور المقاومة.
النقطة الثانية: هي تحرك محور المقاومة وفق أولوياتٍ تتحدد بين أعضائه ولا تُفرض عليه من الخارج. فعلی خلاف الرائج إعلاميًّا، اتضح أن التعاون الاستراتيجي القائم بين روسيا وإيران لا يمنع الأخيرة وحلفاءها من التحرك وفق أولوياتهم أمام التصعيد الإسرائيلي. ويعني ذلك أن للتنسيق الروسي-الإسرائيلي سقفًا لا يغطي أولويات محور المقاومة أمام الهجمات الإسرائيلية في ترسيخ موازنة التهديد بغية الردع.
النقطة الثالثة: هي أن ذلك لا يعني بالضرورة اصطدام إيران وحلفائها بأولويات روسيا في المدی المنظور. بل من الواضح أن القيادة الإيرانية تری في التعاون القائم بينها وبين موسكو فرصة مهمة تضيف لمحور المقاومة في موازنة الضغوط الغربية والأميركية علی وجه الخصوص. ورغم صعوبة المهمة، يجري العمل علی جعل استقلال القرار النهائي لمحور المقاومة غير متعارض مع العلاقات المتصاعدة مع روسيا. فإنْ تقاطَعَ استقلال القرار بالتعاون مع روسيا رغم ذلك، يبدو أن الاستقلال سيكون الخيار الأمثل والأرجح لدی محور المقاومة.
النقطة الرابعة: هي أن القوات الإيرانية المنضوية ضمن محور المقاومة ستبقی في سوريا حتی استعادة دمشق سيادتها علی كامل التراب السوري. فمع ازدياد الضربات الإسرائيلية وبدل الانسحاب، تعلن طهران أنها باقية وأن بقاءها منسق مع دمشق باعتبارها صاحبة القرار(18). ويبدو القرار منسقًا مع روسيا أيضًا إذ أعلن رئيس جمهوريتها مخاطبًا رئيس الوزراء الإسرائيلي أن إيران ستبقی في سوريا(19). ويمكن اعتبار موازنة الحضور التركي والأميركي علی التراب السوري هي الحاجة الداعية لاستمرار الحضور الإيراني والتأييد السوري والروسي له.
وبناءً علی هذه المستجدات وفي ظل الظرف الراهن من الأزمة السورية، ثمة عنصران يمكن بناء السيناريوهات المستقبلية علي اتجاههما صعودًا أو نزولًا: أولًا: زيادة أو انحدار شدة الضربات الإسرائيلية علی الأهداف السورية والإيرانية. وثانيًا: تصاعد أو تراجع دور اللاعب الدولي (روسيا والولايات المتحدة) في الحد من اتساع المواجهات المحتملة. ويمكن رسم أربعة سيناريوهات بناءً علی تلك الاتجاهات نردفها من الأكثر إلی الأقل رجحانًا وفق المعطيات المتوفرة.
أولًا: تزايد الضربات الإسرائيلية شدة: مع تصاعد دور الأطراف الدولية للحدِّ من اتساع المواجهة. ويمكن اعتبار هذا السيناريو استمرارًا للواقع الحالي للصراع. وأمام تزايد الضربات الإسرائيلية، تزداد احتمالات رد محور المقاومة بطرق مختلفة. فقد ازدادت الهجمات الجوية والصاروخية لإسرائيل ضد مواقع القوات السورية والإيرانية وحزب الله ورد محور المقاومة علی تلك الهجمات بعمليات قل نظيرها في السابق. وفي الحالتين كان للتدخل والوساطة الروسيتين دور حال دون تفاقم المواجهات. ويمكن توقع مواجهات حادة في مثل هذا السيناريو كإسقاط المقاتلة الإسرائيلية والمناوشات التي تلتها والهجمة الصاروخية علی المواقع الإسرائيلية في الجولان.
ثانيًا: تقلص شدة الضربات الإسرائيلية وتصاعد دور واهتمام الأطراف الدولية للحد من اتساع المواجهة. وينحدر في هذا السيناريو مستوی عدم اليقين ويزداد فيه دور اللاعب الدولي لصالح إيقاف الهرولة غير المدروسة نحو الحرب. فمع تراجع الهجمات الإسرائيلية، يتراجع محور المقاومة عن استهداف إسرائيل -حتی الإنتهاء من الأولويات الرئيسية في سوريا علی الأقل. أي إن هذا السيناريو سيزيد من تركيز إيران وحلفائها علی موازنة القوات الأميركية والتركية وحلفائهما علی الأرض في الشمال السوري بدل فتح جبهة جديدة مع إسرائيل. وتنسجم التقارير المنشورة حول الوساطة الروسية لتهدئة جبهة الجولان مع هذا السيناريو إذ تزيد من دور روسيا كلاعب دولي وسيط وتُقلِّص من احتمالات المواجهة.
ثالثًا: تزايد شدة الضربات الإسرائيلية مع تقلص دور واهتمام الأطراف الدولية في الحد من اتساع المواجهة. يزداد هذا السيناريو احتمالًا مع تزايد الضربات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة والتراجع الملحوظ في التنسيق بين محور المقاومة وروسيا فيما يخص الرد علی إسرائيل. كما أن واقع نزوع الولايات المتحدة للانسحاب من سوريا -رغم عدم تأكيده حتی الآن- قد يدفع جانبي الصراع في اتجاه التصعيد. فتزيد إسرائيل الباحثة عن الانسحاب الإيراني من هجماتها لحمل واشنطن علی البقاء منعًا لاحتمالات الحرب الشاملة ودفاعًا عن إسرائيل أمام الخطر المتنامي لمحور المقاومة، وترد إيران وحلفاؤها علی التصعيد الإسرائيلي بغية الردع وموازنة التهديد. وبذلك، قد تنتقل أية مواجهة محدودة في هذا السيناريو إلی حرب شاملة.
رابعًا: تقلص شدة الضربات الإسرائيلية وتقلص اهتمام الأطراف الدولية بالحد من اتساع المواجهات المحتملة. تتراجع في هذا السيناريو احتمالات الحرب بين طرفي الصراع لتراجع المناوشات العسكرية بينهما. إلا أن عنصر عدم اليقين يبقی قائمًا ومؤثرًا خاصة في ظل غياب دور اللاعب الدولي للحد من اتساع الصراعات التي قد تنشب بشكل غير مقصود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*د. حسن أحمديان، باحث وأستاذ جامعي إيراني.
مراجع
1- “إسرائيل: 200 حمله با 800 موشك به اهداف إيراني در سوريه در دو سال گذشته” (إسرائيل: 200 هجمة بـ 800 صاروخ علي الأهداف الإيرانية في سوريا في غضون العامين الماضيين)، موقع عصر إيران، 14 شهريور 1397، (تاريخ الدخول 18 أبريل/نيسان 2019):https://www.asriran.com/fa/news/630076/اسراييل-200-حمله-با-800-موشك-به-اهداف-ايراني-در-سوريه-در-2-سال-گذشته
2- “Israeli F-16 jet shot down by Syria fire, says military,” AlJazeera, February 10, 2018.https://www.aljazeera.com/news/2018/02/israel-shot-iranian-drone-syria-180210053946323.html
3- “Israel Strikes Iran in Syria and Loses a Jet,” The New York Times, February 10, 2018. https://www.nytimes.com/2018/02/10/world/middleeast/israel-iran-syria.html
4- “نصر الله: ما قبل إسقاط الطائرة الإسرائيلية بسوريا ليس كبعده”، سي إن إن العربية، 16 فبراير/شباط 2018، (تاريخ الدخول: 24 ا(بريل/نيسان 2019):https://arabic.cnn.com/middle-east/2018/02/16/hassan-nasrullah-israel-jet-down
5- “حسن نصر الله يكشف عدد الصواريخ التي قصفت إسرائيل من سوريا”، سبوتنيك عربية، 14 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 24 ابريل/ نيسان 2019):https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201805141032344795-نصر-الله-يكشف-عدد-الصواريخ-إسرائيل/
6- “عمليات مقاومت در جولان واكنش محدودي به جنايات رژيم صهيونيستي بود” (عملية المقاومة في الجولان ردة فعل محدودة علي جرائم الكيان الصهيوني) موقع مشرق نيوز، 21 أرديبهشت 1397، (تاريخ الدخول 24 أبريل/نيسان 2019):https://www.mashreghnews.ir/news/854278/عمليات-مقاومت-درجولان-واكنش-محدودي-به-جنايات-رژيم-صهيونيستي-بود
7- “Under the Microscope: Israel’s Role in the Syrian Conflict,” Sputnik, July 17, 2017. https://sputniknews.com/analysis/201709171057461266-syria-israel-policy-russia-iran/
8- أسماء الشريف، “السعودية تسحب سفيرها من سوريا وتندد بالعنف” رويترز، 8 أغسطس/آب 2011، (تاريخ الدخول 24نيسان/ ابريل 2019):https://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE77700E20110808
9- Macon Phillips, “The future of Syria must be determined by its people, but President Bashar al-Assad is standing in their way,” The White House, August 18, 2011. https://obamawhitehouse.archives.gov/blog/2011/08/18/president-obama-future-syria-must-be-determined-its-people-president-bashar-al-assad
10- “ديدار رئيس جمهور سوريه با رهبر انقلاب” (لقاء رئيس جمهورية سوريا بقائد الثورة) موقع Khamenei.ir، 6 اسفند 1397، (تاريخ الدخول 22 أبريل/نيسان 2018):http://farsi.khamenei.ir/news-content?id=41796
11- “إسرائيل تسلح وتمول معارضين سوريين” موقع الجزيرة، 7 سبتمبر/أيلول 2018، (تاريخ الدخول:22 ابريل/ نيسان 2018):https://www.aljazeera.net/news/presstour/2018/9/7/فورين-بوليسي-إسرائيل-تسلح-وتمول-معارضين-سوريين
12- Payam Mohseni and Hassan Ahmadian “What Iran Really Wants in Syria,” Foreign Policy, May 10, 2018. https://foreignpolicy.com/2018/05/10/what-iran-really-wants-in-syria/
13- “پيروزي محور مقاومت، خنثيكننده توطئه بزرگ عليه جهان اسلام” (نصر محور المقاومة هو إبطال لمفعول المؤامرة الكبري ضد العالم الإسلامي) وكالة أنباء صدا وسيما، 17 آبان 1396، (تاريخ الدخول: 18 أبريل/نيسان 2019): اضغط هنا
– “رييس جمهوري در ديدار نخست وزير سوريه: تهران از گسترش همكاري هاي اقتصادي با دمشق استقبال مي كند” (رئيس الجمهورية عند لقاء رئيس الوزراء السوري: طهران ترحب بتوسيع التعاون الاقتصادي مع دمشق) موقع رئاسة الجمهورية، 25 آذر 1393، (تاريخ الدخول: 21 أبريل/نيسان 2019):http://president.ir/fa/83124/printable
14- “ديدار سه ساعته پوتين و سردار سليماني در مسكو؛ كليد حمله روسيه به سوريه” (لقاء الثلاثة ساعات بين بوتين وسليماني في موسكو؛ مفتاح دخول روسيا إلي سوريا)، وكالة أنباء باشگاه خبرنگاران جوان، 16 مهر 1394، (تاريخ الدخول: 21 أبريل/نيسان 2019):https://www.yjc.ir/fa/news/5350142/ديدار-سه-ساعته-پوتين-و-سردار-سليماني-در-مسكو-كليد-حمله-روسيه-به-سوريه
15- “سردار سليماني در پيامي به امام خامنهاي پايان داعش را رسمًا اعلام كرد” (في رسالة إلي الإمام خامنئي أعلن الجنرال سليماني رسميًّا انتهاء داعش)، وكالة أنباء تسنيم، 30 آبان 1396، (تاريخ الدخول: 21 أبريل/نيسان 2019):https://www.tasnimnews.com/fa/news/1396/08/30/1579491/سردار-سليماني-در-پيامي-به-امام-خامنه-اي-پايان-داعش-را-رسمًا-اعلام-كرد
16- “پاسخ رهبر انقلاب به نامه سرلشكر قاسم سليماني درباره پايان سيطره داعش” (رد قائد الثورة علي رسالة اللواء قاسم سليماني حول انتهاء سيطرة داعش)، موقعKhamenei.ir، 20 آبان 1396، (تاريخ الدخول: 22 أبريل/نيسان 2019):http://farsi.khamenei.ir/message-content?id=38249
17- “ديدار رئيس جمهور سوريه با رهبر انقلاب” (لقاء رئيس جمهورية سوريا بقائد الثورة)، موقع Khamenei.ir، 6 اسفند 1397، (تاريخ الدخول: 22 أبريل/نيسان 2019):http://farsi.khamenei.ir/news-content?id=41796
18- “پاسخ دندان شكن سرلشكر جعفري به تهديدات نتانياهو” (رد اللواء جعفري المزلزل علي تهديدات نتنياهو)، صحيفة دنياي اقتصاد، 26 دي 1397، (تاريخ الدخول: 23 أبريل/نيسان 2019):https://donya-e-eqtesad.com/بخش-سايت-خوان-62/3486890-پاسخ-دندان-شكن-سرلشكر-جعفري-به-تهديدات-نتانياهو
“ايران تا زماني كه حكومت سوريه بخواهد در سوريه ميماند” (ستبقي إيران في سوريا ما دامت الحكومة السورية تريد ذلك)، موقع ParsToday، 20 خرداد 1397، (تاريخ الدخول: 26 أبريل/نيسان 2019): http://parstoday.com/dari/news/middle_east-i76886
19- “پوتين خطاب به نتنياهو: ايران تا آزادسازي كامل در سوريه مي ماند”(بوتين مخاطبًا نتنياهو: إيران ستبقى في سوريا حتى تحريرها بالكامل”، ديپلماسي إيراني، 6 مرداد 1397، (تاريخ الدخول: 29 أبريل/نيسان 2019):http://irdiplomacy.ir/fa/news/1977963/ايران-تا-آزادسازي-كامل-در-سوريه-مي-ماند