هل تريد أن تكون روائيا ناجحا؟ إليك نصائح وخبرات في كتابة الرواية/ عمران عبد الله
مع ظهور منصات النشر الذاتي عبر الإنترنت، شهد مجال كتابة الرواية تحولات كبيرة، إذ على الرغم من أن الكتاب لا يزالون ينشرون أعمالهم عبر الناشرين، فقد أصبح هناك بديل النشر الذاتي والإلكتروني بدون وكلاء.
وينصح المؤلفون بخطوات معينة للذين يريدون أن يصبحوا روائيين ناجحين، فإلى جانب المهارات اللغوية والموهبة الفنية والخيال ومهارات التخطيط المطلوبة ليصبح المرء كاتبا، يقدم مؤلفو الروايات الأكثر مبيعا نصائح عملية للكتاب والروائيين الجدد الذين يفكرون في كتابة عمل إبداعي.
ابحث عن القصة الأكثر ملاءمة لك
يقول الروائيون والنقاد إن عليك اختيار وسرد القصة التي تعتبر حيوية بالنسبة لك، فما تكتبه يجب أن يكون شعورا وتعبيرا عن شيء عميق داخلك قبل أن يكون رغبة في الكتابة، والموضوعات التي تستحق الكتابة هي غالبا من هذا النوع الذي يسمى “الكتابة الضرورية للكاتب”.
ويرى الروائي الأميركي ستيفن كينغ أن كونك روائيا يدور حول إثراء حياة أولئك الذين سيقرؤون عملك، وإثراء حياتك الخاصة كذلك، ولهذا السبب يجب أن تحب ما تفعله حتى لو كان عليك ضغوط لإنجازه في وقت محدد.
وعلى الرغم من أن التفكير في تسويق روايتك أمر مهم إذا كنت ترغب في بيع أعمالك (من ذا الذي لا يريد بيع كتبه؟)، فإن العثور على القصص التي تعبر عن عواطفك وهواجسك سيساعدك على التواصل مع القراء، حتى بغض النظر عن أنواع كتبهم المعتادة واهتماماتهم.
ابحث عن تجارب شخصية لاستلهامها وكتابتها
هل لاحظت من قبل أن كثيرا من الروائيين مثل نجيب محفوظ كانوا يعملون في وظائف حكومية أو كانوا أطباء ورجال قانون؟! هذا ليس صدفة، فلقد كانوا قادرين على تحقيق الأصالة في رواياتهم وحبكاتهم من خلال خبراتهم الشخصية. ولتصبح روائيا، عليك أن تتعلم “كيف تصبح أشخاصا آخرين”، لأنه سيكون عليك أن تَدخل عقول شخصياتك وحياتهم وقلوبهم أيضا، ووجود تجارب متنوعة في حياتك سيساعدك كثيرا.
كما ستحتاج حقا إلى تكديس أكبر قدر من الخبرة، وينصحك الروائيون بالانغماس في تجارب جديدة والاحتفاظ بدفتر ملاحظات لتدوين تجاربك والتأمل فيها واستدعائها لاحقا.
ابذل جهدا كبيرا
يجب أن تكون لديك موهبة فطرية في رواية الحكاية والصياغة وتطوير الحبكة الدرامية واستحضار المشاعر، لكن عليك أن تكون صبورا، إذ يستغرق الأمر سنوات طويلة قبل أن تكون كتابة الرواية عملا يدر عليك دخلا.
وتتطلب كتابة رواية من قائمة الأكثر مبيعا الكثير من العصف الذهني، والإعداد والتمهيد، وبناء الشخصيات، والدراسة الدقيقة، فإذا كنت ستكتب رواية تاريخية عن الهجرة الفلسطينية مثلا فستحتاج إلى دراسة تلك المرحلة جيدا لتتمكن من تناولها بذكاء.
وعلى الرغم من أن الروائي يكتب خيالا، فإن أفضل الروايات هي ما تشعر معها بالواقع، وتبدو معقولة حتى لو كانت خيالية.
ولتعزيز قدراتهم، يدرس العديد من الروائيين برنامجا أكاديميا للحصول على درجة علمية في الآداب أو تقنيات الكتابة الإبداعية.
ولأن كتابة الرواية تعد عملا احترافيا، فيلزمك أن تراعي معايير النشر وتتحدى عقبات الملل والتصميم والتشتت لتنجز الرواية بالمزيد من العمل والصبر والتصميم على الاستمرار حتى عندما تصطدم بالعقبات.
لا تجرِ وراء الربح السريع
لا تأمل أن تحقق روايتك مبيعات عالية وتجلب لك دخلا كبيرا، إذ لا ينبغي أن يكون هذا هدفَك لئلا تصاب بخيبة أمل.
يجب عليك أن تتبنى فكرة أنك لا تكتب من أجل الربح أو المكافأة المادية، واجعل بناء الشخصيات وإحكام السرد والحبكة والحوار هدفَك الأساسي، وتدرب بما فيه الكفاية، وسوف يأتي الربح لاحقا حينما تقدم أدبا قويا ذا قيمة إنسانية عالية.
وقد تستغرق عملية النشر سنوات، وينصح بعض خبراء كتابة الروايات أن تكون الكتابة وظيفة جانبية إلى أن تتمكّن من تحقيق دخل يسمح لك بالحفاظ على لقمة العيش.
يجب أن تقرأ الكثير
لا يهم نوع الروايات التي تقرؤها، سواء أكانت أدبا عربيا أو عالميا أو روايات لأدباء شباب أو ديستوفيسكي، فهذا مفيد لك كثيرا، لكن عليك أن تقرأ الكتب التي تحبها فعلا، وتقرأ الكثير منها.
ولا يهم إذا كنت تتخلى عن القراءة وأنت تكتب روايتك، لأن العديد من الكتاب يفعلون ذلك. وتنصح الروائية أليس هوفمان بعدم قراءة عمل آخر أثناء كتابة الرواية حتى لا تتداخل لغتك الخاصة مع لغة روائي آخر، ولهذا عليك أن تقرأ الكثير قبل أن تنقطع عن القراءة وتشرع في الكتابة.
وتذكّر أن الروائيين أيضا يحتاجون إلى الإجازات، فعليك أن تقرأ وتنمي لغتك وحسك الأدبي عبر القراءة للآخرين، فقراءة الروايات تعلمك الكثير، خاصة الآن بعد أن قررتَ أن تصبح روائيا بنفسك، وبالتالي ستقرأ الخيال بعيون أكثر تحليلية.
ستكسبك القراءة حرفة الكتابة الروائية وتضبط إيقاعك على فن الرواية، وتكسبك الكثير من الخبرة عن قواعد النوع الأدبي الذي اخترته، بالإضافة إلى ذلك فإن حب الخيال يعني أنك ستكون متحمسا لكتابته.
ابنِ علامتك الخاصة
الشيء المهم في الكتابة هو أنه فن لا علم، ولا توجد خطوات حتمية لا جدال فيها عليك اتباعها لتصبح روائيا عظيما، ومع ذلك فإن هناك أمورا أساسية -مثل تجنب الأخطاء الإملائية والنحوية- ستضع روايتك في مكانة جديرة باكتساب ثقة القراء والناشرين وموزعي الكتب.
سيكون أمامك أيضا فرصة لتطوير أسلوبك المميز الذي يعتمد على خيال وحكاية وسرد ولغة أدبية خاصة تحمل بصماتك وتحدد من أنت، فكتابة الرواية تعد نوعا من انعكاس موهبتك وشخصيتك على الورق.
ويجب أن يكون لديك اتصال مع القراء عبر أسلوبك الذي يعطيهم وعدا ضمنيا بأنك ستقدم دائما قطعة من العمل الجيد. والخبر الجيد أن وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات واجتماعات روابط الكتاب وأنديتهم توفر لك الاتصال بالجمهور وبمجتمع الروائيين الذي يمكن أن يساهم في التقاط كتابك.
اكتب مسودة واعتبرها تدريبا
إذا كنت تريد أن تكتب روايتك الأولى فلتبدأ بمسودة تجرب فيها نفسك، واقضِ وقتا كافيا لبناء القصة والشخصيات واختيار ما تريد أن تقوله وكيف تعبر عنه، قبل أن تبدأ الكتابة للنشر.
وابحث عن وقت مثمر للكتابة، مثل البدء في الصباح الباكر، أو طوّر عاداتك الخاصة للكتابة بما يتناسب مع شخصيتك، وتجنب الإلهاء.
وتذكر أن عليك المثابرة وإقناع نفسك بجدوى ما تكتبه، واحرص على إنشاء مساحة يمكن أن يعمل فيها خيالك بحرية.
وإذا شعرت بالملل، فكّر بتغيير البيئة المحيطة، وينصح المؤلف التركي أورهان باموك الحائز على جائزة نوبل في الآداب بأن يكون المكان الذي تعيش فيه منفصلا عن المكان الذي تكتب فيه.
المصدر : الجزيرة