فضيحة أكاديمية نوبل..التحرّش جريمة مسكوت عنها منذ عقود
هيلدا فان دن آينده
كانت الصحافية السّويدية الشابة ماتيلدا غوستافسون (1987) أوّل من نشر سلسلة تحقيقات تسبّبت في الكشف عن الفضيحة الجنسية، التي دفعت الأكاديمية السويدية في ستوكهولم لاحقاً إلى إلغاء منح جائزة نوبل في الآداب عام 2018، واليوم يصدر كتابها الأول “Klubben” أو “المنتدى”، حاملاً بين طيّاته تفاصيل الفضيحة، والتي تبدو واضحة من العنوان الفرعي الذي حمله الغلاف “السلطة وسوء المعاملة وراء الأبواب المغلقة للأكاديمية السويدية”، وهو الكتاب الذي صدرت ترجمته إلى الهولندية مؤخّراً تحت عنوان “المعقل”، وفيه تفضح غوستافسون شخصية المغتصب المتسلسل في ستوكهولم، المصوّر الفرنسي جان كلود أرنو، والمقرّب من الأكاديمية السّويدية، وتضمّن الكتاب شهادات 18 امرأة تعرّضن لتحرّشات أرنو وجرائمه الجنسية، وهي الفضيحة التي هزّت عرش الأكاديمية السّويدية والأوساط الثّقافية في العالم.
“كم تبدو شابة”، فكّرت وأنا أصافحها في بهو استقبال الضّيوف التّابع لدار النّشر التي أصدرت كتابها المثير في ستوكهولم. دخلت ماتيلدا غوستافسون (32 عاماً) قادمة في البهو مرتدية اللون الأسود من رأسها حتى قدميها، مع حقيبة يد تتلاءم وثيابها الحديثة، فيما طُليت أظافرها بعناية باللون الأرجواني. تساءلت بيني وبين نفسي: هل هذه الشّابة الرقيقة هي التي قلبت المشهد الثّقافي السويدي والعالمي رأساً على عقب بعد سلسلة مقالاتها الجريئة، والتي نشرتها صحيفة “Dagens Nyheter” السويدية في 2017، كاشفة من خلالها عن أسرار “بابا الثّقافة في ستوكهولم” الفرنسي جان كلود أرنو، والذي ظلّ يستغل النّساء ويتحرّش بهنّ لعقود، بل واغتصب بعضهنّ مستمرّاً في الاعتداء عليهنّ وإرهابهنّ لسنوات، من خلال منصبه المقرّب من الأكاديمية السّويدية المانحة لجائزة نوبل العالمية.
منذ اللحظة الأولى قالت غوستافسون إنّها “غير مرتاحة”، وأوضحت: “ستكون هذه من أولى المقابلات التي أجريها عن الكتاب”. من الجدير القول هنا إن كتاب غوستافسون المثير حقّق نجاحاً فائقاً في البلدان الاسكندنافية، وتمّت ترجمته حتّى الآن إلى سبع لغات من بينها النرويجية والدنماركية والفنلندية، وأعقبتها الهولندية قبل عدّة فترة وجيزة. لم تتوقّع غوستافسون أن يجد كتابها هذا الرّواج خارج القطاع الثّقافي السويدي، أو كما تقول: “فجأة أراد الجميع قراءته، حتى أقاربي”، تضحك: “لم يكن الأمر سيّئاً، لقد ظنّوا أنّي كتبت قصّة جريمة، والكتاب بالفعل قصّة جريمة، بل جريمة حقيقيّة مسكوت عنها منذ عقود”.
التّوقيت ساعدني
(*) في أقل من شهرين فقط عثرت على 18 امرأة في السّويد وحدها على استعداد للإدلاء بشهاداتهنّ ضد السّلوكيات المشينة للفرنسي جان كلود أرنو، الذي أساء إليهنّ واستغلهنّ جنسياً على مدار عشرين عاماً. لماذا في رأيك لم يجرؤ أحد قبلك على فضح هذه الجريمة؟
– ربّما لأنّ التّوقيت ساعدني، كانت فضيحة المنتج والمخرج السينمائي الأميركي هارفي وينشتاين قد اندلعت للتوّ في الولايات المتّحدة. وكانت القصّة ذاتها حرفياً تتكرّر مع جان كلود أرنو لدينا في ستوكهولم؛ رجلان قويان في منصبين بارزين يرتكبان العديد من جرائم التحرّش واستغلال نفوذهما في السّيطرة على النّساء وتهديدهنّ إذا تجرّأن على التّحدث عن أفعالهما. ثم بدأت حملة #MeToo وأصبح الانتهاك الجنسي من قبل هؤلاء فجأة أخباراً منشورة على الصفحات الأولى لكبريات الصحف العالمية، بينما كانت هذه الانتهاكات تحدث من قبل في الخفاء، وإذا حدث وتجرّأ أحدهم على توجيه اتهامات واضحة من هذا النّوع الفضائحي ضد المشاهير من الرّجال، كان الأمر ينتهي عادة ببعض الأخبار والثرثرة في صفحات مجلّات الفضائح والإثارة الرّخيصة.
(*) ذكرت في كتابك أنّ جان كلود أرنو كان يتعمّد التّحرش بالنّساء في الفعاليّات الثّقافية التي تنظّمها الأكاديمية السّويدية أو “المنتدى الثّقافي”، الذي أسسه وأدراه لسنوات هو وزوجته في ستوكهولم، بلمسهنّ أو إمساكهنّ والتّحرش بهنّ في الممرّات. وتؤكّدين أن الجميع كانوا يرون هذه السّلوكيات ويصمتون عنها، غريب أن يحدث هذا في بلد مثل السويد تتصدّر فيه حقوق المرأة جدول الأعمال. هل شاركت النّساء أيضاً بصمتهنّ في استفحال ظاهرة أرنو المشينة؟
– بالطّبع. النّخبة الثّقافية في ستوكهولم كانت بأكملها على علم بسلوك أرنو المشين، والذي تخطّى كل الحدود، لكن الجميع كانوا صامتين. النّساء أيضاً. وليس آخرهنّ زوجة أرنو نفسها الشاعرة كاترينا فروستنسون، وهي أيضاً عضو بارز في الأكاديمية السويدية. رأت كل شيء يحدث، لكنها ظلّت صامتة.
قصص بشعة
(*) تصفين حوادث الاغتصاب التي قام بها أرنو في كتابك على لسان ضحاياه بطريقة واقعية وقويّة. إلى الدرجة التي دفعتني أحياناً إلى وضع الكتاب جانباً.
– أنا مدينة بذلك للنّساء اللاتي تجرّأن على التّحدث. كانت قصصهنّ بشعة لدرجة أنّها أطارت النوم من عيني لأيّام، كنت اتّصل بهنّ دائماً من غرف عازلة للصوت، لأني كنت أبكي عدة مرّات أثناء تسجيل شهاداتهنّ. عندما أخبرتني المرأة الأولى قصّة اغتصاب أرنو لها بالتفصيل (كاد أن يقتلها خنقاً) كنت أرتجف بكامل جسدي. الآن وبعد عامين من هذه القضية ما زلت أستيقظ بانتظام على السؤال التالي: كيف يمكن أن يستمرّ هذا الاعتداء السّافر لعقود تحت سمع وبصر الجميع؟!
(*) ومع ذلك ذكرت أنك حذفت حكايات أخرى من الكتاب لبعض ضحايا أرنو بعد اغتصابه لهنّ، لأنّهن أبقين على العلاقة به، ما الذي دفعك إلى تجاهل هذه القصص؟
– لأني خشيت أن تضعف قصصهنّ المتواطئة مع جريمة أرنو مصداقية الضّحايا الحقيقيّات من النّساء اللاتي اغتصبهنّ أرنو عنوة وطاردهنّ لسنوات. فمن هذه المرأة التي تعطي رقم هاتفها لشخص قام باغتصابها للتوّ؟ لذلك لم أهتم بقصص هذه الفئة من العلاقات، لأن أصحابها من النّساء قبلن بجريمة أرنو وأبقين على تواصلهنّ معه.
(*) وهل أقدمت على أي نوع من الرّقابة في سردك لقصص الضحايا في كتابك؟
– لا، لأنّي سردت الشّهادات التي حصلت عليها من 18 امرأة كما وصلتني من الضّحايا أنفسهنّ، وهنّ لم يكن ليسمحن لي بالقص واللصق في حكاياتهنّ لجعلها أكثر مصداقية ممّا هي عليه فعلاً، بل أردن أن تكون شهاداتهنّ صحيحة من البداية إلى النهاية. وهذا كان له ما يبرّره بالطّبع، وأيضاً يوضّح أن العنف الجنسي يمكن أن يكون بنفس درجة التّعقيد والفوضى والتّناقض داخل النّفس البشرية.
(*) يقال إن أرنو سرّب أسماء العديد من الفائزين بجائزة نوبل قبل الإعلان رسميّاً عنها، كما أن هناك الدّور المريب الذي لعبته زوجته الكاتبة والعضو في الأكاديمية السويدية كاترينا فروستنسون في ترجيح بعض هذه الأسماء دون غيرها، فهل هذا صحيح؟
– لا نملك إلا تخمين حصّة فساد كاترينا فروستنسون زوجة أرنو داخل الأكاديمية السويدية، فمنذ اندلاع الفضيحة الجنسية حول زوجها وهي صامتة، لم ترغب أبداً في التحدث عن الفضيحة علناً والتزمت الصمت، ما جعل من الصعب الكتابة عنها أو عن مدى دورها في فساد زوجها، لكنّي لست من نوعية الصحافيين الذين يريدون الحصول على الحقيقة كاملة على الطاولة، بل أحاول الاقتراب قدر الإمكان من هذه الحقيقة.
في كتابي أظهرت أن الزوجين خدعا الجميع لاستعادة أعمال فنية كانا قد استعاراها من عدد من الأشخاص والمتاحف لبعض المعارض التي ينظمانها في المنتدى الثقافي الذي أسساه منذ سنوات طويلة، كما تجاهلا تعويض الموظفين لديهما عن أجورهم. في الحقيقة لم أستطع الاقتراب في كتابي من كاترينا فروستنسون أكثر من ذلك.
(*) حُكم على أرنو بالسجن لمدّة عامين ونصف العام، فهل ذهب إلى السّجن بالفعل، أم أنه تخلّص منه بسوار إلكتروني في الكاحل؟
– لا، بل أودع سجناً خاصّاً بمرتكبي الجرائم الجنسية في مدينة غوتنبرغ السويدية. لكنّه عاد إلى منزله في ستوكهولم قبل بضعة أسابيع فقط مع هذا السوار في الكاحل. ومن المتوقّع أن يتمّ إطلاق سراحه في أيار/مايو المقبل
لست خائفة
(*) وهل أنت خائفة من لحظة إطلاق سراحه أو من إقدامه على عمل انتقامي ضدك؟
– لا، بل أشعر أنه سيكون من غير الواقعي أن أقابله مرّة أخرى في الشّارع، لكنّي لست خائفة، كنت خائفة حين كنت أقوم بإجراء بحثي حول هذه القضية قبل عامين ونصف العام، أخبرتني النّساء اللاتي تحدّثت إليهنّ حينها عن الكثير من التّهديدات التي كنّ يسمعنها من أرنو باستمرار لو فكّرن في فضح سلوكياته المشينة معهنّ، كانت تهديدات بشعة جسديّاً ونفسيّاً، لدرجة أنّي حينها كنت أتلفّت حولي وأنا أسير في الشّوارع. لكن اليوم لم يعد أرنو أو سلطته أو من حوله يمثّلون تهديداً لي أو حتى لضحاياه السّابقات، لقد صار عجوزاً، تم تفكيك شبكته وكُسرت قوته.
(*) هل من قبيل المصادفة أن يتمّ كشف فضيحة أرنو المزلزلة هذه على يد امرأة شابة مثلك؟
– ربّما لا. لأنّ النّساء يتحدّثن إلى بعضهنّ البعض بسهولة عن التّحرش الجنسي أكثر مما سيفعلن مع رجل، كذلك تفجّرت فضيحة هارفي وينشتاين أيضاً في الولايات المتحدة على يد امرأة، وأعتقد أن الاستثناء الوحيد كان الصحافي رونان فارو من صحيفة النيويوركر، هو الاستثناء ربما. لكن كانت لديه أيضاً صلة تقارب بالموضوع، حيث اتهمت أخته المخرج الأميركي وودي آلان والدهم بالتبني بالاعتداء الجنسي عليها.
(*) هل يعني هذا أنّنا لن نرى صحافياً رجلاً يدافع عن ضحايا نساء في قضايا تحرّش؟
– لا أعرف، عندما تم الكشف عن فضيحة وينشتاين في أميركا، تم عقد اجتماع شامل في الصحيفة التي أعمل بها، وطرحنا السؤال التالي: هل لدينا رجال في السويد من نوعية وينشتاين في أميركا؟ لم يكن لدى أي زميل ذكر لأي اقتراحات. وفي نهاية الاجتماع لم يتبقّ حاضراً سواي مع اثنتين من زميلاتي، وبدأنا في تسمية الشخصيات العامة التي عرفنا أن النساء حذرن بعضهن البعض من تحرشاتهم الجنسية، وكان جان كلود أرنو أحد الذين تم طرح أسمائهم، في حين كان جميع زملائنا من الذّكور يجهلون تماماً هذه الشّائعات. بالنّسبة لهم كان الإيذاء الجنسيّ شيئاً نظرياً، وليس شيئاً يمكن أن يقع في الحقيقة!
(*) كيف كان العمل على ملفّك ضد رجل قوي مثل جان كلود أرنو بالتوازي مع اندلاع حملة وينشتاين في أميركا؟
– كانت تجربة تعلّمت منها الكثير. دعمني الزّملاء الأميركيون بالشّهادات التي قدمتها الضحايا من النساء ضد هيرفي وينشتاين، مع الكثير من الوثائق مثل الملاحظات واليوميات وتذاكر الطيران، وغيرها من هذه المستندات التي يمكن الاعتماد عليها في القضية، لذا ذهبت إلى باريس لمقابلة إحدى الضحايا التي ادعت أن أرنو اغتصبها في شقة تابعة للأكاديمية السويدية في باريس، واستعنت بكل ما من شأنه أن يثبت وجودهما في التوقيت ذاته في العاصمة الفرنسية، من تذاكر طيران وبيانات مصرفية وغيرها، وفي حالة وجود شهود كنت أجري مقابلات معهم.
انهيار الأكاديمية السويدية
(*) بمجرد ذكر اسم جان كلود أرنو في حملتك الصحافية في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 باعتباره مجرما ومغتصبا، انهارت الأكاديمية السويدية رأساً على عقب، هل كنت تتوقّعين هذا الانهيار السريع؟
– لا أحد كان يتوقّع ذلك، بمن فيهم أنا أيضاً، اعتقدت أن لا أحد سيهتم بتغطيتي لجرائم أرنو وتصوّرت أنه سيتم تجاهلها لأنّ الأكاديميين في السويد، وخاصّة داخل أروقة الأكاديمية السويدية، ليسوا بشراً بل نوع من أنصاف الآلهة، فعندما يتمّ اختيار شخص ما لمنصب أو جائزة أو كعضو بالأكاديمية، لا يطرح الصحافيون السويديون أبداً أية أسئلة نقدية، مثل: كيف حصلت على هذا المنصب؟ بل يتعامل الصحافيون مع هؤلاء النجوم باعتبارهم أبطالاً رياضيين فازوا ببطولة ما، وتكون التهنئة: “مبروك! ما هو إحساسك الآن؟” في حين سيقضي مثل هذا العضو بقية حياته في منصب مؤثر ثقافياً داخل الأكاديمية الأبرز عالمياً، ويجب أن يكون السؤال: “ماذا تريد أن تفعل بالسلطة التي تم تخصيصها لك؟ وما هي المسؤوليات المرتبطة بهذا الاختيار”؟
(*) ورغم هذا استجابت سارة دانيوس، أوّل سكرتيرة دائمة للأكاديمية السويدية، بشكل سريع مع حملتك الصحافية وأعلنت أن أرنو قد أساء استخدام علاقاته مع الأكاديمية.
– نعم، قرّرت دانيوس تنظيف السفينة على الفور. وعيّنت مكتب محاماة للتحقيق بدقة في المسألة. واعتذرت عن سماعها الشائعات المشينة التي تتردد حول جان كلود أرنو المقرّب من الأكاديمية، وهنا يجب أن أضيف أيضاً أن العديد من نساء وبنات أعضاء الأكاديمية السويدية أنفسهنّ كنّ قد تعرضن لتحرّشات أرنو أو تلقّين اقتراحات غير لائقة منه، وهو ما أعلنته دانيوس بنفسها.
(*) ذكرت في كتابك أن بعض الأعضاء الرّجال في الأكاديمية السويدية حاولوا منع سارة دانيوس من إعلان موقفها من الفضيحة، أليس كذلك؟
– بل وأجبروها على الاستقالة، وبعد ذلك حاولوا نفي التهم الموجهة إلى أرنو باستماتة، إلى أن انفجرت الفضيحة في وجوههم جميعاً.
(*) ومع ذلك، فإن قواعد السّرية المعمول بها في الأكاديمية السويدية لم تجعل من السهل عليك العثور على دليل يثبت تورّط المؤسسة ذاتها في جرائم أرنو.
– كان من المستحيل تقريباً الحصول على مثل هذه الأدلة، بعض الضحايا أخبرنني أنّهنّ تعرّضن للاغتصاب على يد أرنو في شقّة تابعة للأكاديمية السويدية في باريس، وتأكّدنا أن هذه الشقة موجودة بالفعل، ولكن لم أستطع الوصول إلى من يديرها ولأيّ غرض، وذلك لأن الأكاديمية السويدية لا تعلن عن ممتلكاتها في الخارج، إضافة إلى أن جميع الأمور المالية والتمويلات الخاصة بالأكاديمية السويدية سرّية وغير مسموح بها للصحافيين.
(*) استقال عدد من أعضاء الأكاديمية بعد الفضيحة، واكتمل الإفلاس عندما لم يتم منح جائزة نوبل في الآداب عام 2018. هل ستتغلّب الأكاديمية السويدية على هذه الفضيحة قريباً؟
– لا أعتقد ذلك، لقد فقدت الأكاديمية ثقة الجمهور والأوساط الثقافية العالمية المرموقة، وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت لإعادة بناء هذه الثقة مجدداً، وبالرغم من هذا الحذر، إلا أن الأعضاء الذين تم اختيارهم بديلاً عن الذين استقالوا قبلوا هذا الشرف على الفور، وشكروا الأكاديمية على اختيارهم، يبدو أننا في السويد لا نقول “لا” أبداً للأكاديمية!
(*) هل حضرت جلسات محاكمة جان كلود أرنو بنفسك؟
– نعم. وقد شعرت بالارتياح التام عندما أدين. كنت أتوقّع أن تتمّ تبرئته، وأغلب ضحاياه من النساء اللاتي تجرأن بالإعلان عن انتهاكاته ضدهنّ كنّ مثلي يتوقّعن ألا تطوله أيّة عقوبة، واعتقدت حينها أن قضايا الاغتصاب من هذه النوعية من المستحيل الفوز بها إذا لم تتمكّن من تقديم أكوام من الأدلّة والوثائق القانونية.
ولم أكن أملك مثل هذه الأدلّة في قضية أرنو: لم يكن لدينا أيّ دليل طبي لدعم عمليات الاغتصاب أو مكان وقوع الجريمة، وهكذا كان حكم المحكمة بسجنه عامين ونصف العام عادلاً بشكل ما، لأنّنا جميعاً نعرف أنه من الصعب أن تفوز بشيء في محاكمات من هذا النوع دون أدلة، شخصياً لم أبلغ عن التحرش الجنسي أو أشجّع الأصدقاء على فعل ذلك للسبب ذاته.
(*) وما هي العواقب التي كانت ستترتّب على تبرئة أرنو في رأيك؟
– كانت ستكون صدمة كبيرة للنّساء اللاتي امتلكن الشّجاعة للإدلاء بشهاداتهنّ ضد أرنو. وبفضل إدانته عادت شوارع ستوكهولم شوارعهنّ من جديد، يمكنهنّ التّحرك أينما أردن، لكن مع وجود هذا الوحش طليقاً، كنّ مجبرات على تجنّب العديد من الأماكن التي يرتادها.
ترجمه عن الهولندية: عماد فؤاد.
ضفة ثالثة