شعر

من كتاب “ايروتيكا الشعر الصيني” – مختارات-

ترجمة: عابد إسماعيل

غسل القماشِ في السّاقية

البابُ المزخرفُ يتلألأُ على ضوءِ المصباحِ

وأنوارِ الزّهورِ

فيما يفيضُ الحبّ عميقاً خلف ستائر العقيق.

بالكادِ تستطيعُ أن تتمالكَ نفسَها …

زهرةُ خوخِها مبلّلةٌ

بقطراتِ المطر.

وقلبُها اشتعلَ لحظةَ رمقَتْهُ بنظرةٍ.

هي تخجلُ أن تطلبَ منه

أن يفعلَ ما يفعلُهُ بلطفٍ،

تكزّ على أسنانِها بين الحين والحين

وتهدلُ كالقبّرة.

مجهول (سلالةُ يوان)

نصفٌ مقابل نصف

خدّاي متورّدان كمثل زهور التفّاح الغضّة الرّطبة

وحين أرقصُ يلتوي خصري الصغير كالموجة،

أضحكُ، وأتّكِئُ على وصيفتي الجميلة،

كأنّ الوقتَ قد حانَ للنّوم،

وحين يقتربُ عشيقي

نصفٌ منّي يتجمّدُ

والنصفُ الآخرُ يذوبُ.

تشين كي مينغ (1300- مابعد 1375)

إهداءٌ محفور على صورة

اللّيلةَ الماضيةَ تفّاحةُ الكرز

افتُضّت بكارتُها

مع أوّل قَطَراتِ المطر.

بتلاتُها المتساقطةُ خفيفةٌ وهشّةٌ

وجمالُها ناطقٌ تقريباً.

مومستي تنهضُ باكراً

وتغادرُ غرفةَ نومِها،

في يدها مرآةٌ

للنظرِ إلى مكياجِ خدّيها.

تسألني: “أيّهُما أجملُ

البَتَلاتُ أم وجنتاي؟”

عن سؤالِها أجيبُ:

“البتلاتُ لأنّها بريئة”.

لدى سماعِها هذا

تُبدي مومستي غضباً ساحراً

رافضةً أن تصدّق أن البَتَلات الميتة

تضاهي جمالَ شخصٍ حيّ.

تمسكُ باقةً من البراعم

وترميها في وجهي-

“هذه اللّيلة، ياعزيزي” تقولُ،

“اذهبْ ونَمْ مع الزّهرَةِ”.

تانغ ين (1470-1523)

سقوط أوزّة برّية صغيرة

في يومٍ من الأيّامِ

كنتُ جميلةً ومغريةً،

أتمايلُ جيئةً وذهاباً

في غرفةِ نومِنا المعطّرة.

أنتَ وأنا اشتبكنا معاً

داخل ستائر السّرير النّاصعة.

بدأتُ أرتعشُ

وأنا بين يديكَ. حملتني

في قلبكَ حيثما ذهبتَ. فجأةً

رصاصةٌ أصابتْ طائري الأنثوي.

موسيقى آلة القانون الفاتنة

صارت نهباً للنسيان.

وافترقَ طائرا الفينيق.

أجلسُ وحيدةً في غرفتي

مملوءةً بالرّبيع، وأنتَ لا أثرَ لكَ،

تمارسُ الحبّ مع امرأةٍ أخرى،

سعيداً معها مثل سمكة في الماء.

يا للعاهرة البليدة

وأحابيلها الباردة!

من الأفضل لها أن لا تنسى-

هل ما زال باستطاعة هذه السّاحرة العجوز

أن تصنع مشهداً فاجراً!

هوانغ إي (1498-1569)

غيوم طائرة

حَمَلْتَ بُرعمي اللّوتس

بين شفتيكَ وصرتَ

تلعبُ بالمدقّ الأنثوي.

أمسكنا بقطعةٍ من القِرن السّاحر

ولم نستطعْ أن نخلدَ للنّوم طوال اللّيل.

طوال اللّيل ظلّ تويجُ القضيبِ الفاتنِ

منتصباً، وظلّت النحلةُ عالقةً ترتعشُ

فوق المآبر الذّكورية. آهٍ يا لؤلؤتي الحلوة المعطّرة

سوف أسمحُ فقط

لسيّدي أن يمتلكَ بحيرتي المقدّسة من اللّوتس ..

كلّ ليلةٍ تستطيعُ أن تجعلَ البراعمَ فيّ

زهوراً من نار.

هوانغ إي (1498-1569)

سحابة عائمة تعبرُ جبلاً مسحوراً

كلّ صباحٍ أستيقظُ

جميلةً كربّةِ الحبّ

في جبلٍ مسحورٍ.

كلّ ليلة أذهبُ إلى الفراش

أنضحُ إغواءً مثل يانغ “كوي-في”،

تلك المحظية الامبراطورية.

خصري النحيلُ، وأردافي

منهكةٌ ومرهقةٌ،

بسبب ليلةٍ من رقصةِ الغيمِ.

لكنّ عينايّ ما زالتا فاسقتين

وخدّاي متورّدين.

خادمتي العجوز الرّطبة تمشّطُ

شعري الشبيه بالغيوم.

حبيبي العَطِرُ كالبخور،

يصفّفُ لي دبابيس شعري الجميلة

ويسحبُ جوربي الحرير

فوق قدميّ وساقيّ

المعطّرتين بالأريج.

مرّةً أخرى نسقطُ معاً

غارِقَين بالشّهوة.

هوانغ إي (1498-1569)

وداعٌ للحنٍ جنوبي

سيأتي يومٌ أتقاسمُ فيه معكَ

مرّةً أخرى اللّحافَ والوسائدَ

التي أرجعُها إلى مخازنِها الآن.

 مرّةً أخرى سأدعكَ، على استحياءٍ،

تعريّني من ملابسي

وبلطفٍ متناهٍ تفتحُ قفلَ

جوهرتي الممهورة.

لا أستطيعُ أن أصفَ

تلك العشرة آلافٍ من الوضعيات

الشّهوانية الجميلة

التي سنمارسُ فيها الحبّ.

هوانغ إي (1498-1569)

عقعق على غصن

ربطةُ شعرِها مرفوعةٌ عالياً ومندّاةٌ بالأريج

لكنّ قدماهُ قصيرتان لا تصلان إليها،

ما يجعلُهُ يستخدمُ طاولةً صغيرةً

مثل رجلٍ يتسلّقُ سلّمَ الغيمِ

أو عجوزٍ يقرعُ طبلَ المعبد.

عاطفتُهُ الموّارةُ والدفاّقةُ معاً

تشبهُ المدّ والجزرَ

تترنّحُ، علوّاً وانخفاضاً، في الباحة

حتى ينداحَ الفيضُ على الحوافّ.

حين تهوي الشجرةُ أرضاً

تتوزّعُ القرودُ في كلّ مكان.

توقيع “سيّدُ وادي الزّهور الكثيرة”

مجهول (سلالة مينغ)

رجل الذّهب حاملاً صحناً لالتقاط الندى

النهارات تصبحُ أطول

والرّيحُ تزدادُ دفئاً.

إنه الوقتُ الملائمُ للّعبِ الطّبيعي.

فُكّ أزرارَ ثوبِها الحرير

وأظهِرْ عاطفةَ الزّهور،

أمسِكْ بقدميها البضّين كبراعم اللّوتس،

فيما السويقةُ تخزُ برفقٍ زهرةَ الفاوانيا الدّاخلية

مع قطرات النّدى التي تقطرُ،

حيث الفِراشُ المزهرُ يبتلّ.

يبدو كأنّه يدفعُ بَعَربةٍ صعوداً

بينما تبسطُ جسدَها مثل جذورِ شجرةٍ متشابكةٍ.

العاشقان يحدّقان إلى بعضهِما

والعيون ُتطفحُ شهوةً-

خصراهما يتحرّكان بانسجام.

ستارةُ الحريرِ تخفقُ كأنّها على وشك أن تسقطَ.

عاطفتُهما معاً تقتربُ من الذّروةِ المطلقة،

مشبِعةً قلبَ رغبتِها.

توقيع “موظّف رومانطيقي”

مجهول (سلالة مينغ)

دفتر حساب

ابتكرتُ دفترَ حِسابٍ عن شوقي لحبيبي:

شوقٌ قديمٌ،

شوقٌ جديدٌ،

أبداً أدوّنُ ليلَ نهارٍ،

سطراً، سطراً،

وحرفاً، وحرفاً،

كلّ شيءٍ مدوّنٌ بوضوحٍ.

وقبل أن أحسبَ شوقي القديمَ إليكَ

أسجّلُ عجزاً جديداً في الحساب.

أحملُ دفترَ حسابي لأصفّي حساباً معكَ.

كم سدّدتُ لكَ؟

وكم تبقّى لكَ في ذمّتي؟

مجهول

———————————–

صدر كتاب “ايروتيكا الشعر الصيني” عن دار التكوين – دمشق 2019، وهو من تحرير تشاو بينغ وتوني بارنستون وترجمة عابد إسماعيل.

*****

خاص بأوكسجين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى