هكذا كانت الوحدة وقصائد أخرى لشعراء كولومبيين
*****
هكذا كانت الوحدة
داريو خاراميو أجوديلو
أولًا تكون الوحدة
في الأحشاء وفي مركز الروح:
هذا هو جوهر الأمر، والمعلومة الأساسية، واليقين الوحيد:
أن لا غير أنفاسك تصاحبك،
وأنك دائما سترقص مع ظلك،
أن هذا الظلام هو أنت.
لا ينبغي لقلبك، هذه الثمرة الحائرة، أن يتفتح على مصيرك الوحيد
دعه ينتظر بلا أمل
فالحب هدية ستأتي يومًا وحدها
لكن أولا تكون الوحدة
وتكون وحدك
وحدك مع خطيئتك الأولى، مع ذاتك.
وربما ليلة ما في التاسعة
يظهر الحب فينفجر كل شيء
ويضيء شيء ما في داخلك
فتصبح آخر، أسعد وأقل مرارة.
لكن لا تنس
خاصة وقتها
حين يأتي الحب ويحرق كل شيء
أنه أولا ودائما تكون الوحدة
ومن ثم لا شيء.
وبعد ذلك،
إن كان سيأتي،
يكون الحب.
*****
رؤى منتصف الليل
خوسيه أسونسيون سيلبا
الليلة الماضية، وأنا وحدي، نصف نائم
تبدّت لي أحلامي في أزمان أخرى
أحلام الأمنيات، والأمجاد والأفراح
والسعادة التي لم تكن قطّ لي.
بدأت تقترب في مسيرات بطيئة
وتسكن زوايا الحجرة المظلمة
خيّم صمتٌ هائل على كل أنحاء الغرفة
وأمسك بندول الساعة بتلك اللحظة
تقدّم عطرٌ متردّدٌ لرائحة منسية
شبحا، وتحدّث إليّ من الماضي
رأيت وجوها أخفتها القبور منذ زمن
وسمعت أصواتًا سمعتها من قبل، لا أعلم أين
اقتربت الأحلام ورأتني نائما
فمضت مبتعدة، دون أن تثير ضجيجًا
ودون أن تطأ خيوط السجادة الحريرية،
ومضت تتلاشى، غارقة في الظلال.
*****
نشيد للحب
ماريّا ميرسيدس كاررانسا (1945- 2003)
مساء ما لن تنساه أبدًا
سيأتي إلى بيتك ويجلس على المائدة
شيئا فشيئا سيكون له مكان في كل غرفة
ستنطبع بصماته على الحوائط والأثاث
سيبعثر سريرك ويحفر حفرة في وسادتك
الكتب في مكتبتك، نسيج السنوات الجميل،
ستتشكل حسب ذوقه وستشبهه
ستغيّر الصور أماكنها
ستراقب عينان أخريان عاداتك
وذهابك ومجيئك بين الحوائط والأحضان
ستختلف كل ضوضاء وكل رائحة
في مساء من المساءات لن تنساه أبدًا
ذلك الذي قلب بيتك رأسا على عقبٍ وسكن أشياءك
سيخرج من الباب دون أن يقول وداعًا.
عليك أن ترتب بيتك من جديد،
أن تعيد وضع قطع الأثاث مكانها، أن تنظّف الحوائط،
أن تغيّر الأقفال، وتكسر البراويز،
أن تكنس كل شيء وتستمر في الحياة.
ترجمة: أحمد موسى (مترجم وكاتب مصري مقيم في كولومبيا)
المترجم: أحمد موسى
ضفة ثالثة