الناس

على أي قانون استندت محكمة الباب لإدانة محمود السايح؟

 

 

صدر عن محكمة مدينة الباب في منطقة “درع الفرات” بريف حلب، في 14 آب/أغسطس، حكم بالسجن لـ6 شهور ودفع غرامة مالية بحق الطبيب محمود مصطفى السايح، لارتكابه “جرم الإساءة وتحقير رئيس دولة أجنبية” يقصد به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ولم يعلم السايح بالحكم إلا يوم وقفة عيد الأضحى، بعدما تسربت صور القرار إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

وبحسب قرار المحكمة؛ فقد ادعى قائد القوات التركية في مدينة الباب، على الطبيب السايح، بسبب تغريداته في “تويتر” وفي صفحات التواصل الاجتماعي، تحدث فيها بعبارات تسيء لشخص الرئيس التركي. وذكر القرار العبارات التي اعتبرت جرماً: “سيف أردوغان خشبي وتهديداته خلبية، باباي بعد تناوله وجبة سبانخ ملأت الجو غباراً وجعجعة بدون طحين. أردوغان رعد وبرق بدون مطر. انتهى زمن وصاية أردوغان وحلفائه. مرتزقة أردوغان نفاق سلوكي مقرف. أردوغان أبو لطفي يشعل ويطفي. ظهر الدور التركي في الصفقة الأخرى دعم الفصائل لكي تسقط حلب والغوطة. وتذوقت بلادنا السقوط بنكهة خامنئي كما تذوقته بطعم أردوغان، يسقط الخونة”.

وورد في قرار المحكمة أنه تبين من الوقائع التي تم سردها وأدلتها المساقة وذلك بمآل الاضبارة التحقيقية المنتهية من قاضي التحقيق بالباب برقم 76 لعام 2018 وقرار 198 لعام 2018 أقدم المدعي عليه على ارتكاب الجرم المسند إليه، الجرم المنصوص عنه والمعاقب عليه في أحكام المادة 282. بجرم التحقير بالكلام الموجه لرئيس دولة أجنبية بكتابته في صفحات التواصل الاجتماعي. وأضاف القرار: “تقرر حبس المتهم مدة ستة أشهر ودفع غرامة مالية، وتم تخفيض العقوبة إلى السجن نصف المدة بعد حساب فترة التوقيف، لتصبح ثلاثة أشهر، التخفيف يشمل الغرامة المالية، كما تقرر بأن يدفع السايح مبلغاً وقدره خمسة آلاف ليرة تركية للجهة المدعية على سبيل التعويض لقاء أضرارها المادية والمعنوية، والاجتماعية، القرار بمثابة الوجاهي قابل للاستئناف وصدر في 14 آب 2018”.

وورد في قرار المحكمة “وحيث أن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في تقدير التعويض ولا معقب عليها تبعاً لجسامة الجريمة بما لحق بالجهة المدعية من أضرار مادية ومعنوية فإنها ترى بأن مبلغ خمسة آلاف ليرة تركية كان لجبر العطل والضرر على أقل تقدير، وإن الملايين لا تكفي لتعويض هكذا رئيس الأمة الإسلامية والتركية العظيم”.

مصدر مقرب من السايح قال لـ”المدن”، أوضح أن السايح علم بصدور القرار، يوم وقفة عيد الأضحى، ليقوم مباشرة بتقديم طلب استئناف في محكمة الباب. وفي الغالب سيتم تحويل قضيته إلى محكمة إعزاز لاحقاً لمتابعة الاستئناف.

وأوضح المصدر أن السايح كان قد خرج من السجن بسند كفالة قبل شهرين، بعد مدة اعتقال دامت لأكثر من 45 يوماً، قضى جزءا منها في معتقل لدى “فرقة الحمزة”، والبقية في سجن قوات الشرطة والأمن العام في مدينة الباب، بعد تسلمه رسمياً من “فرقة الحمزة”. وخلال هذه المدة تمكن السايح من تعيين محامٍ خاص به، للدفاع في قضيته أمام محكمة الباب.

“الكتيبة الأمنية” التابعة لـ”فرقة الحمزة”، كانت قد اعتقلت السايح من منزله في مدينة الباب بريف حلب، في 27 نيسان/أبريل، بعد فترة قصيرة من عودته من إدلب التي أقام فيها بعد سيطرة “الدولة الإسلامية” على مدينته الباب. وانتشرت حينها شائعات بأن اعتقال السايح جاء بسبب قربه من “جبهة النصرة” والفصائل الإسلامية المتشددة، وانتقاده المستمر لفصائل الجيش الحر.

السايح، طبيب متخصص بالجراحة العظمية، من مواليد مدينة الباب في ريف حلب، وكان من أوائل المشاركين في الحراك السلمي ضد النظام في العام 2011. وبسبب الملاحقة هرب السايح من الباب ومعه مجموعة من ناشطي الحراك السلمي إلى مدن وبلدات ريف حلب الشمالي التي كانت قد خرجت عن سيطرة النظام. وبعد أشهر قليلة شارك السايح مع مقاتلي الجيش الحر في تحرير مدينته الباب.

وإلى جانب عمله الطبي، عمل السايح في تصنيع الذخائر والأسلحة محلية الصنع، وعرف عنه ابتعاده عن الانتماء لأي فصيل من فصائل المعارضة المسلحة في المنطقة خلال الفترة الماضية برغم العروض التي قدمت له. وبعد سيطرة “داعش” على مدينة الباب ومناطق واسعة من ريف حلب انتقل السايح إلى الضواحي الشمالية لحلب، عندان والمدن القريبة منها، وعمل في مشافي المنطقة. مطلع العام 2017 خسر السايح 7 من أطفاله وزوجته، في قصف جوي استهدف مبنى سكني في حي القصور في ادلب. والسايح متزوج من ثلاث نساء، ولديه 15 طفلاً.

قسم كبير من المحاكم في منطقة “درع الفرات” في ريف حلب، كانت قد بدأت العمل بالقانون السوري، بما لا يخالف أحكام الدستور السوري للعام 1950. وأثار القرار حينها جدلاً واسعاً بين الأهالي والناشطين في المنطقة، وبرر عدد من القضاة والمحامين العمل بالقانون بأنه الأفضل بعدما تم تنقيحه وتصفيته من المواد التي وضعها النظام وتضر بالحريات العامة.

والقرار الصادر بحق السايح استند إلى القانون السوري المعمول به في محكمة الباب، ويمكن الاستدلال على ذلك من نص القرار الذي اعتمد على المادة 282 من قانون العقوبات.

مصدر قضائي خاص أكد لـ”المدن” أن قرار المحكمة استناداً للمواد التي عمل بها، غير صحيح، إذ أن هناك مواداً وبنوداً لاحقة تبطل القرار ولا تجعله سارياً في حالة السايح. فالحكم بالإدانة الصادر بجريمة تحقير رئيس الدولة، يجب أن يشتمل على ألفاظ التحقير، وهي الركن المادي للجريمة، ولا يكفي مجرد القول أنه شتم رئيس الدولة. المادة 282 من قانون العقوبات العام تقول إنه يعاقب بالعقوبات نفسها بناء على شكوى الفريق المتضرر من أجل الجرائم التالية: “تحقير دولة أجنبية أو جيشها أو عملها أو شعارها الوطني علانية، تحقير رئيس دولة أجنبية أو وزرائها أو ممثلها السياسي في سوريا، القدح أو الذم الواقع علانية على رئيس دولة أجنبية أو وزرائها أو ممثلها السياسي في سوريا”.

وأوضح المصدر أن هناك بنداً لاحقاً أكد بأنه لا يتوجب لوقوع الجرم تطبيق هذا النص وإنما يجب العودة إلى المادة 284 من قانون العقوبات، التي نصت علي ما يلي: “لا تطبق أحكام المواد 279 إلى 283 إلا إذا كان في قوانين الدولة ذات الشأن أو في الاتفاق المعقود معها، أحكام مماثلة، لذلك يجب توفر أحكام مماثلة لهذا النص في تشريعات الدولة الأجنبية ذات الشأن التي وقع عليها الفعل لكي نستطيع تطبيق نص المادة 282 عقوبات، وفي حالة تركيا، وفي الغالب، ليس هناك في القانون التركي من بند مماثل”.

المدن

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى