هنا سورية: الثورة لم تمت -مقالات مختارة -متجدد
========================
—————————–
الثورة تستعيد نبضها..درعا والسويداء تهتفان “يلا إرحل يا بشار“
————————————-
اليأس كخلاص للسوري/ عمر قدور
السبت الفائت خرجت ثلاث مظاهرات في سوريا، اثنتان في السويداء وريف درعا طالبتا برحيل الأسد، وثالثة في إدلب ضد جبهة النصرة وحكومتها، نال فيها الجولاني “زعيم الجبهة” نصيباً لا يقل عن نصيب بشار الأسد من الشتائم. خرج المتظاهرون في الأماكن الثلاثة مدفوعين بالتدهور المعيشي الحاد؛ هذا صحيح لكنه لا يفسر سقف الهتافات الحاد، ولا يفسر وحده عدم انتظار تحقيق مطالبهم من سلطات الأمر الواقع. المشترك بين أولئك المتظاهرين هو اليأس من تلك السلطات، والربط بين خلاصهم الاقتصادي وخلاصهم منها.
علينا مرة جديدة ألا نفرط في التفاؤل، لا بسبب العدد المحدود للمتظاهرين الشجعان، وإنما بسبب ما تملكه سلطات الأمر الواقع من فائض قوة إزاء محكوميها. التجربة المريرة لقرابة عقد لا تبشّر بمآل إيجابي، ما لم تقترن الرغبة السورية في التغيير بنوايا دولية جادة وحاسمة، وتكرار شعارات الثورة الأولى في مظاهرات هنا أو هناك بقدر ما يحيي الأمل فإنه ينكأ الجراح والمخاوف من مصير بائس يقع السوريون جميعاً في القلب منه.
لكن ليس إفراطاً في التفاؤل القول أن هذه المظاهرات تعكس مشاعر عامة متزايدة من الغضب إزاء ما وصل إليه الحال، ولولا المخاوف المستمرة والمتجددة من سحق المتظاهرين لرأينا الحشود تملأ الساحات، ومن ضمنها أو ربما في طليعتها سوريون كان لهم موقف متحفظ أو معادٍ لثورة 2011. بل لا يُستبعد أن يسترجع من تحفظوا سابقاً على الثورة بعض هتافاتها في احتجاجاتهم، ومن دون حرج معلن “أو حتى مضمر” إزاء مواقفهم السابقة، ولن يكون في قائمة أولوياتهم الاعتذار من “قدامى الثائرين” الذين يرون أنهم ذاقوا الخذلان أولاً من صمت سوريين آخرين أو من موافقتهم أو تشجيعهم على قتل “أشقائهم”.
من دون الدخول في مقاربات أخلاقية لا يعوزها الصواب، بانت في الأشهر الأخيرة نتائج النصر الذي حققته موسكو وطهران للأسد، وتجلى شعار “الأسد أو نحرق البلد” الذي رفعه الشبيحة والموالون ضد الثورة بأسطع حالاته. بلد يفتقر إلى أدنى مقومات العيش، الشريحة الناجية من الفقر “وربما من المجاعة المقبلة” لا تتجاوز نسبتها الحالية 10% من السكان، يتربع في قمتها أفراد قلائل جداً من العصابة الحاكمة. الثمن الباهظ يتشارك في دفعه “في مناطق سيطرة الأسد” موالون ورماديون، والذين كانوا يفضلون الاستقرار كيفما كان على التغيير، وطائفيون جمعوا بين الاستفادة من فتات السلطة والتخوف من البديل، وبالتأكيد هناك شريحة واسعة من الصامتين بحكم إرهاب الأسد الذي يعرفونه. نتيجة الحرب لم تخالف فقط أفضل توقعات الموالين، بل دلت مجرياتها ونتيجتها على أن من يقودها يفتقر إلى أدنى كفاءة مطلوبة، فلا هو كشف عن كفاءة في إدارة المعارك، ولا عن كفاءة في إدارة الاقتصاد أثناءها، ولا عن أدنى حرص على مؤيديه وحيواتهم، ثم على معيشتهم.
في الجانب المقابل، مرة أخرى بصرف النظر عن المقاربات الأخلاقية، طوال السنوات الأخيرة كانت صورة المعارضة تتدهور بالنسبة للثائرين على الأسد. المعارضة السياسية تشرذمت بين القوى الإقليمية وفقدت مصداقيتها كلياً، والفصائل العسكرية التي بدأت بظاهرة الجيش الحر انتهت إما إلى إمارات إسلامية، أو إلى إمارات حرب، وفي أماكن سيطرتها جميعاً لم يسلم الأهالي من تعدياتها على حرياتهم الشخصية أو على أملاكهم. الميزة الوحيدة للمستويين السياسي والعسكري، إذا كان يمكن عدها كذلك، أن الواقعين تحت سيطرتها لا يريدون العودة إلى سيطرة الأسد، أما التيار السائد فهو اليأس من المستويين، واليأس من التعويل على إصلاحهما.
على المقلب الكردي، بخصوصيته التي لا يجب إنكارها، لو أتاحت الظروف قدْراً أفضل من الاستقرار لشهدنا حركة انتقاد أوسع لسياسات النسخة السورية من حزب العمال الكردستاني. لكن، رغم تفضيل الإدارة الذاتية التابعة له على العودة إلى الأسد أو الوقوع تحت سيطرة المعارضة، ثمة يأس من سياسات التنظيم الذي وعد الأكراد بأوهام تفوق إمكانياته وما تسمح بها المصالح الدولية والإقليمية، خاصة بعد انصياعه لتلك المصالح في عفرين وشرق الفرات. في وسعنا القول أن التنظيم بات يحظى بميزة شبه وحيدة، هي تعاطي الأسد والمعارضة مع المسألة الكردية على أرضية الإنكار، التعاطي الذي لا يزال يغطي على شكاوى الأكراد في مناطق سيطرته من انتهاكات تبدأ بالتجنيد القسري “بما فيه تجنيد القاصرين والقاصرات”، ولا تنتهي عند قمع الخصوم السياسيين وفرض قرارات اقتصادية جائرة على المزارعين.
ما يجمع السوريين، اليوم أكثر من أي وقت مضى، يأسُهم. وهو ليس يأساً مشتركاً، فكل طرف يائس من القوى التي يُفترض بها أن تمثله وتمثل تطلعاته ومصالحه. لقد امتحن كل طرف على حدة، وبما يكفي، القوى التي يُفترض بها تمثيله، وخبر فشلها وعجزها فضلاً عن تبعيتها. أبعد من ذلك، انكشف يوماً بعد يوم بؤس الخيارات التي ارتضاها كل طرف، فالأسدية لم تفشل فقط بسبب نقص كفاءة قادتها، فشلت بسبب خياراتها التي قبل بها من قبل مناصروها. كذلك هو الحال مع خيارات المعارضة، فالعلة كانت طوال الوقت بوجود أشخاص يمثّلون خيارات بائسة وصلت إلى منتهاها الذي نشهده اليوم. جرب السوريون أيضاً انقسام الخريطة السياسية، بعد انقسامهم مجتمعياً وسياسياً، ولم يبرهن أي من الكيانات بمفرده على نجاعة اقتصادية كافية، بصرف النظر عن الموقف من وحدة سوريا، وإن برهن بعضها على أحقية الحاجة إلى دولة لامركزية.
لعلنا لا نغامر بالقول أن اليأس قد يكون المدخل الواقعي المتاح لخلاص السوريين، حيث يأس كل طرف يجعله أكثر انتباهاً إلى العلة في خياراته، بدل التصويب المستمر على سوريين آخرين خصوم بوصفهم مصدر مأساته، أو الوكيل الحصري لها. بهذا اليأس تنتصر، على نحو مأساوي، اللغة الواقعية بعد رهان فاشل على وطنية سورية موجودة تلقائياً، أو تعويل أكثر فشلاً على توافر مُثُل أخلاقية مشتركة. يمكن لليأس غير المشترك أن يفعل ما لم يكن ممكناً للآمال والطموحات المتضاربة فعله. الوعي المرافق لليأس، أو تحويله إلى قوة مشتركة بين السوريين، لن يكونا على الإطلاق بسهولة الوصول إليه، فلا هم مهيؤون لذلك الآن، ولا القوى التي تتقاسم الوصاية عليهم تسمح لهم به.
المدني
————————-
ماذا تقول تظاهرات السويداء…/ راشد عيسى
أروع ما في فيديوهات المظاهرات الآتية هذه الأيام من مدينة السويداء (جنوب سوريا) أنها تأتي طبق الأصل لهتافات 2011، عند انطلاقة الثورة السورية.
وإن زادت عليها شيئاً فهتافها بالتحية لذكرى عبدالباسط الساروت، أحد أبرز أبطالها. لكن لا يمكن لحدث سوري أن يمرّ من دون جدل ونقاش محتدم، إذ إن هناك من سخر من كونها متأخرة تسع سنوات، أو أنها ثورة جوع لا ثورة كرامة! وهو نقاش يغفل نضالات وتظاهرات موثقة بالصوت والصورة لجبل العرب، ويتجاهل شهداء سقطوا تحت التعذيب، ومعتقلين يقبع بعضهم حتى الآن في أقبية النظام، من دون أي خبر عنهم. كما يتجاهل شغل النظام الرهيب والمخصص لمدينة السويداء، وبلدة جرمانا (على أطراف دمشق)، ترهيباً وترغيباً ومؤامرات.
تظاهرات السويداء جزء أصيل من ثورة السوريين، من يؤمن بهذه الثورة يعرف جيداً أنها ستظل تتجدد وتبني على شرارة الـ 2011 ربما إلى المئتي عام المقبلة.
السويداء «تنطق»، والسوريون يبحثون عن إشارات إضافية تدل على أن الثورة، التي ماتت في مكان هي ذاتها التي تولد فيها، في السويداء، من جديد.
—————————-
السويداء أمل على شعبنا/ غسان المفلح
منذ انطلاق الثورة السورية آذار 2011 لم يتراجع رهاني لحظة عن كل مناطق سورية. خاصة السويداء.
انطلقت حناجر شبابنا في السويداء في مظاهرات عدة في الايام الماضية، تصدح بشعارات الثورة وعلى رأسها” عاشت سورية ويسقط بشار الاسد”. واستجابت لها درعا وبعض غوطة دمشق وادلب. في لوحة لم يبخل شعبنا السوري على رسمها منذ انطلاق ثورته. رغم انهم مزقونا شر تمزيق. اسدية سورية واقليمية ودولية. احتلوا ثورتنا وبلدنا لأجل ان يقولوا لنا لا للحرية.
السويداء المحاصرة من احتلال اسدي وايراني وحزب الله وروسي. اهلنا في السويداء الذين رفض شبابهم ان يؤدوا خدمتهم العسكرية كي لا يقتلوا ابناء وطنهم في حرب الاسدية على الثورة السورية. لم تكن الثورة خالية من نبض السويداء لحظة واحدة منذ مظاهرات شهبا والقريا في بدايات الثورة. هذا لا يعني مطلقا ان الاسدية ليس لها ركائزها الامنية والعسكرية والتشبيحية في السويداء. ككل مناطق سورية. تظاهرات السويداء في هذا الاسبوع احيت الامل بشعبنا من جديد عند قطاع واسع منه. أنه رغم الاجرام والابادة الاسدية والاحتلالات الدولية، لاتزال عروق شبابنا تنبض بالحرية من هذا النظام الغاشم. لاتزال تقول رغم كل مظاهر الهزيمة والتعفن في ثورتنا جراء هذه الاسدية المحلية والدولية.
ان الحرية هي اطلالتنا على المستقبل في سورية. هذه التظاهرات تشكل علامة فارقة لسبب بسيط جدا، انه بعد كل هذا الدمار والمقتلة الاسدية المستمرة ودمار المدن الاخرى، لم تثنى شبابنا في السويداء عن ترك بصمتهم الواضحة في الثورة ومطلب الحرية للشعب السوري. السويداء وتظاهراتها تقتضي منا ان نكون واضحين كالشمس:
ان الشعب السوري لم يعد قادرا على التعايش مع هذه الاسدية.
ان الثورة والحرية هي رصيد شعبنا كله.
أن الاصوات التي تحاول تطييف الثورة من كل الاطراف باءت وتبوء بالفشل. كما تبوء وباءت بالفشل محاولات الاسدية تطييف البلد.
احييت الامل في استمرار حلم الحرية لدى بقية ابناء شعبنا في مناطق تواجد مسيحييه وعلوييه.
كما احييت اماله في ان تعيد هذه الاسدية الدولية المحتلة لسورية حساباتها في التعاطي مع حلمنا بالحرية كسوريين. كي يتجلى البعد الوطني لشعارات الثورة وحريتنا بأنقى صوره.
التظاهرات هذه واستجابة بقية المدن وهي مدمرة وتحت التهديد سواء بتظاهرات او بدعم وامل. يؤكد ان معركة الحرية لن تنتهي.
توضح الصورة في هذه الفترة من عمر شعبنا ان هذه الاسدية لا عمقا شعبيا لها. لأنها بنت قاعدتها على القتل والتدمير والقمع والتخويف والافساد.
كسر الخوف في تظاهرات السويداء. له ميزة اخرى هنا. بعد كل الصورة التي قدمتها الاسديات بمختلف انواعها لفرض خيار القمع والدمار والابادة على شعبنا، اتت تظاهرات السويداء لتقول لا لهذا الخيار.
الثورة مرة اخرى ملك لكل شعبنا. وارثه الذي ستكتب عنه الاجيال السورية اللاحقة بكل سلبياتها وايجابياتها. انها تاريخه.
انها روح شبابنا في السويداء وسورية. وهي تخاطب العالم بالقول:
عاشت سورية ويسقط بشار الاسد.
ايلاف
——————————
السويداء التي ردّت لكل السوريين الروح وأرسلت رسالة إلى النظام والعالم/ ريما فليحان
لليوم الثاني على التوالي، مظاهرات عارمة تمتدّ في السويداء تنادي بتغيير النظام ورحيل بشار الأسد، وكما إنّها تندّد بالأوضاع المعيشيّة التي وصلت إليها الحال في سوريا، يشعر السوريون اليوم بالإذلال ويتحسسون بشكل يومي فساد النظام الحاكم وقمعه للسوريين في كل شيء حتّى في لقمة الخبز التي بات كثير من السوريين يشترونه بالدين لأنّهم لا يملكون ثمنه.
المظاهرات الأخيرة بالسويداء تعبّر عن خدش بالكرامة التي يتمتع بها السوريون وأبناء السويداء، فهم لا يقبلون بالضيم ولم يعد لديهم قدرة على احتمال ضريبة بقاء هذا النظام بكل ما يرتبط به من قمع وقتل وفساد، وتغلغله في حياتهم اليومية، أبناء السويداء صرخوا عالياً (الموت ولا المذلة)، وهم من يحبّون الحياة، لقد ضاقوا ذرعاً بكل هذا الظلم، ضاقوا ذرعاً بالفساد وتردّي الأوضاع المعيشية والقمع الذي عاشوه ويعيشونه، كما أنّهم ضاقوا ذرعاً بالتغلغل الإيراني في بلدهم، وهتفوا عالياً (البلد أصبحت لإيران)، فالإيرانيون يستحوذون على الأراضي بالسويداء، وترتبط مجموعاتهم والأجهزة الأمنية التابعة للنظام بعصابات الخطف والسلب التي تعيث فساداً بالسويداء، وبتجارة المخدرات وبالقمع، كدأب النظام السوري منذ استولى على الحكم، ومنذ استولى بشار الأسد على حكم سوريا من بعد حافظ الأسد أبيه.
يتميّز حراك السويداء بأنّه حراك سلمي مدني وطني، فالمتظاهرون خلال اليومين الماضين، ومع كل هتاف نادوا فيه لإسقاط النظام ورحيل بشار الأسد، هتفوا لسوريا كلها ولدرعا ولإدلب ولكل السوريين.
هي ليست المرة الأولى التي يتظاهر بها أبناء السويداء ضد النظام، فهم تظاهروا منذ العام الأول للثورة، وخرجت في كل عام من الأعوام التسعة التي تلتها مظاهرات أيضاً، كما أنّهم رفضوا إرسال أبنائهم للخدمة في جيش النظام حتّى لا يتورّطوا بدماء السوريين والمقتلة العبثية في سوريا، لكن ما يميّز مظاهرات اليومين الماضين، العدد الكبير المشارك بها، وجرأة الشعارات والتوقيت، لماذا التوقيت؟، لأنّه وحين ظنّ النظام، وربما العالم، أنّ الأمر استتبّ للنظام السوري، وأنّه استطاع قمع الشعب السوري؛ خرجت السويداء لتلقّن الجميع درساً في التاريخ والتحليل وفهم الحدث حيث يبدو أنّ هناك خلطاً دائماً بين مفهوم الثورة التي نعنيها، وهي الحراك السلمي المدني، وثورة العام الأول والمسارات والعسكرة التي طرأت على الحالة السورية بفعل التدخلات والأجندات الدخيلة، والفرق شاسع بين الاثنتين، وهي ما لا تعنينا ولا ترتبط لا بثورة العام الأول، عام 2011، ولا بحراك السويداء اليوم.
حراك السويداء اليوم، ونتيجة أثر تراكمي لكل ما حصل في الأعوام الماضية من قمع، ولسلوك النظام الأرعن، وهو بنفس الوقت لا يشبه أبداً كل ما حصل من أفعال دخيلة تمخضت عنها الحرب، ودخول أطراف مستفيدة من الفوضى على الخارطة في سوريا، حراكهم هو ثورة جديدة لكنها توأم للثورة السلمية في عام 2011، وليس ما بعده وهو ما شعر به السوريون وجعلهم يتنفسون من جديد بعد أن كدنا نموت اختناقاً.
خطاب السويداء اليوم، خطاب وطني مدني سلمي، وهو أمر لا يمكن لأحد أن يشكّك فيه أو يختلسه لصالح أجندات دخيلة، وهو ما يميز هذه الانتفاضة اليوم، لا بد أنّ النظام مضطرب إثر هذه المظاهرات، فهؤلاء المتظاهرون سلميون بالكامل، وهم من أبناء الأقليات، حيث لا يمكن له أن يتهمهم بالتسلّح أو بالإرهاب، كما ادّعى ودلّس وكذب في أيام مظاهرات عام 2011، كما أنّ المحافظة تحت سيطرة النظام بالكامل. يجب أن يدرك النظام أن لامكان اليوم للعبة خلط الأوراق، زمن التدليس والقذارة انتهى، وكل ألعابهم وأكاذيبهم باتت مكشوفة، وحدهم المتشددون من أنصار النظام أو الطائفيون على الطرف المقابل، هم من يهاجمون هذا الحراك ويخوّنونه، وحدهم عملاء هذا النظام من يحاولون تقزيمه وربطه بأجندات خارجيّة.
حراك السويداء هو رسالة واضحة لكل من فكر أو يفكر بتعويم هذا النظام، مفادها كلمات بسيطة “لقد انتهت صلاحية هذا النظام وقد حان وقت الرحيل” وعلى النظام ممثلاً برئيسه أن يفكر ملياً بضرورة الانسحاب من المشهد الآن، عليه أن يدرك أنّ الحال لا يمكن أن يعود كما كان بالسابق، وربما رحيله الآن أقلّ ضرراً على الشعب وعلى النظام نفسه من أن ينتظر أكثر من ذلك، مع ثقتي بأنّه غير معني بالشعب.
سوريا تحتاج أن تتنفس، وهذا يعني الدخول بمرحلة انتقالية يقودها الشرفاء، تعدّ لدستور وانتخابات وإعادة إعمار وإحياء الاقتصاد السوري، يحقّ للسوريين أن يحصلوا على هذا وهو ليس صعباً إن توفرت الإرادة.
السوريون يحتاجون بلداً ديموقراطياً حراً يعيشون به بكرامة ويتمكنون من خلاله من تحقيق أحلامهم وأن يشعروا فيه بالأمان والاستقرار، حينها ستحلّ مشكلة اللاجئين أيضاً، سيعود الجميع لبناء وطنهم وستستقر المنطقة وتكون سوريا القادمة دولة سلام تحترم الاتفاقات الدولية وحقوق الإنسان وتحقّق الأمن في المنطقة.
ليس من مصلحة أحد استمرار الحال بهذه الطريقة في سوريا، فالشعب متعب، يقرصه الجوع والتعب، ويريد الخلاص من هذه المرحلة البشعة الممثّلة بالنظام ومن يشبهه على الطرف الآخر، كما يمكن أن يقود المرحلة فريق من التكنوقراط المستقلين ليعدّوا للقادم، المهم أن تنتهي المرحلة الحالية لإنقاذ ما تبقى من سوريا والسوريين.
ليفانت – ريما فليحان
—————————–
برهان غليون متحدثاً حول قضايا الساعة: “سيزر”، السويداء، الأكراد وخيارات نظام الأسد
شهدت الساحة السورية في الأسابيع والأيام الماضية، تحريكا للعديد من الملفات بعد أشهر من الجمود، وسط توقعات بتغيرات، وربما اختراقات، قد تشهدها عدة المسائل مرتبطة بالقضية السورية. صحيفة “جسر” حاورت المفكر السوري، الدكتور برهان غليون، واستطلعت رأيه وتصوراته بخصوص هذه الملفات التي تشغل بال غالبية المهتمين والمتابعين للشأن السوري.
شهدت الساحة السورية في الأسابيع والأيام الماضية، تحريكاً للعديد من الملفات بعد أشهر من الجمود، وسط توقعات بتغيرات، وربما اختراقات، قد تشهدها عدة مسائل مرتبطة بالقضية السورية. صحيفة “جسر” حاورت المفكر السوري، الدكتور برهان غليون، واستطلعت رأيه وتصوراته بخصوص هذه الملفات التي تشغل بال غالبية المهتمين والمتابعين للشأن السوري.
المفكر السوري برهان غليون
ـ نبدأ بالوضع الأكثر إلحاحاً، وهو الانهيار الاقتصادي في مجمل سوريا، خاصة المناطق الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد، وذلك على الرغم من عدم البدء بتنفيذ قانون قيصر، ما هو السياق التاريخي لهذا الانهيار، وما هو أفقه السياسي وعقابيله الاجتماعية المحتملة؟
من الواضح ان قانون قيصر جاء بعد تسع سنوات من محاولات المجتمع الدولي اليائسة لوضع حد للمأساة السورية وبدء مرحلة جديدة تنهي الحكم الدموي لبشار الأسد وبطانته المافيوية. والهدف منه وضع الأسد، الرافض دائما للخروج من السلطة، بعد أن دمر فرص أي حل وسط، أمام خيارين: البدء بترتيب رحيله مع الممثل الشخصي لبوتين، الذي عين في منصب ما يشبه الوصاية على قاصر، أو التردد والإنتظار حتى يسقط تحت ضربات أقدام وأحذية الجائعين والمشردين، في بلد جفت فيه كلّ منابع الحياة والأمل. وما نشهده اليوم هو جزء تمهيدي من مفاعيل أو تفاعلات قانون قيصر، أي هو من آثار الاعلان عن بداية تطبيقه القريبة. وربما ينهار الوضع الاقتصادي تماما وتخرج الناس إلى الشوارع مطالبة برحيل “بطل” هذه المأساة الدموية، غير المسبوقة في التاريخ قبل أن يصار إلى تطبيقه عمليا. وكل ذلك، أي ما نعيشه ونشهده الآن، يقع في إطار انهاء اسطورة الأسد السوداوية، ونظامه الكابوسي.
ـ انطلقت في السويداء مؤخراً حركة احتجاجية، عالية السقف، كيف تنظر إلى الظاهرة في سياقها السوري، وفي سياق ما سعى إليه النظام من خلال اصطناع “حلف الأقليات”، وما توقعاتك المستقبلية حيال هذا الحراك، وتحركات أخرى قد تنشأ على خلفية تدهور الوضع الداخلي في سوريا؟
قلت في أحاديث سابقة إن الثورة قد انتصرت في الوقت ذاته الذي نجحت فيه في الاستمرار وتحدي نظام القهر الأسدي، لأن نزول الشعب إلى الساحات والشوارع كان لوحده، بصرف النظر عما حصل فيما بعد وما يمكن أن يحصل، تجسيدا لإنكسار سيف الترويع والإرهاب، الذي اقام عليه الأسد سلطته، من خارج السياسة وبدفنها. بمعنى آخر كانت الثورة وتظاهرات المخاض الذي اعلن عن ولادة الشعب كقوة مستقلة وحرة وقادرة على الفعل. ومنذ ذلك الوقت، ولدت السياسة المغتالة من جديد، وتغيرت معادلة القوة، ولم تعد هناك سلطة مطلقة واحدة، تفرض إرادتها بقوة السلاح وأجهزة القمع، وإنما برزت في مواجهتها قوة جديدة ثانية غيرت قواعد اللعبة السياسية الى الأبد. منذ الآن تشكل الاحتجاجات الشعبية والتظاهرات والمسيرات لغة الشعب السياسية الأولى والأساسية في مواجهة اي سلطة، وللتعبير عن إرادته الحرة التي قامت الديكتاتورية الدموية على إلغائها. وهذه هي في الواقع، حتى الآن على الأقل، هي الثمرة الوحيدة الناضجة للربيع العربي بأكمله. دخول الشعب إلى المسرح واكتشافه لغة السياسية، الابسط والأوضح والاقوى معا، أي التظاهرات الحاشدة، للتعبير عن إرادته الطالعة من تحت الارض. ومنذ الآن ولفترة طويلة قادمة ستكون هذه التظاهرات الجماعية والمسيرات الحاشدة، مصطلحات السياسة الأقوى تعبيراً عن التغيير الذي احدثته الثورة، وبشكل ما عن استمرارها أيضا، عبر قنوات النضالات السياسية المدوية. وعلى جميع من يتطلع إلى العمل السياسي في سورية المستقبل، وفي بلاد العرب جميعا، بعد اليوم، أن يتعلم الإنصات إلى أنغام هذه التظاهرات والحشود ووقع اقدام صناعها. فهنا تكمن السياسة، ومن هنا سيولد المستقبل. ستظل الشعوب تقاتل بأقدامها، حتى تحقيق جل مطالبها، بصرف النظر عن طبيعتها، أكانت مطالب سياسية، أو اجتماعية أو اقتصادية.
ـ وقعت مؤخراً على بيان يرفض انفراد قوات سوريا الديمقراطية بتقرير مصير ومستقبل الجزيرة السورية، من خلال اقتسام السلطة والثروات بين أحزاب كردية مختلفة، ووضع مبادئ دائمة لعملية صنع القرار، تستثنى بقية مكونات الشعب السوري، ما هي برأيك الطريقة الأفضل للتعامل مع المسألة الكردية في سوريا؟
ـ الكرد جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، وضمهم الى مسيرة التغيير الثوري المنشود، والقادم، لا محالة مهمة رئيسية أيضا، تقع على عاتقنا وعاتق أي وطني سوري، بصرف النظر عن الخلافات التي برزت أو يمكن أن تبرز مع بعض التشكيلات السياسية الحزبية أو الحركات أو التيارات القومية المتشددة هنا وهناك. وكما أن علينا أن نتفهم تطلعات الكرد القومية عموما، أعني في سورية وغيرها من بلدان الجوار، علينا أيضا أن نصارح الكرد فيما يمكن للسوريين أن يقدموه من مساعدة لهم، وما لا يمكنهم فعله. وكما قلت في محادثاتي مع بعض ممثلي أحزابهم، إن الحل العادل للقضية الكردية العامة هو اقامة دولتهم القومية الواحدة، التي تعبر عن هويتهم وإرادتهم الجماعية.
لكن ليس بإمكان سورية والسوريين أن يجعلوا من تحقيق هذا الهدف أجندة سياسة وطنية سورية، أو أن يشاركوا فيها في الوقت الذي تتعرض سورية نفسها لانتهاك صارخ لسيادتها وتقاوم، كالعين في مواجهة المخرز، قوى الاحتلال المتعدد، وتكافح من أجل وحدتها واستقلالها وحرية شعبها. كما أنني لا أعتقد أن كرد سورية قادرين أن يحملوا عبء القضية القومية الكردية بأكملها، كما يحاول بعضهم أن يفعل الآن، لأن ذلك سيكبدهم خسائر لا طاقة لهم بها، من دون أن يكون هناك في المقابل أي أمل بتحقيق تقدم مهما كان. ما تستطيع أن تقدمه سورية الحرة، القادمة لا محالة، هو حل عادل للقضية الكردية السورية، أي لمواطنيها الكرد السوريين، سواء برفع الغبن الذي كان واقعا عليهم، كما كان عليه الحال، في الواقع، على كل سكان المحافظات الشرقية، أو بتحقيق أمانيهم في أن يكون لهم حكم محلي ذاتي في المناطق التي يشكل فيها الناطقون بالكردية أكثرية بين السكان، بحيث يمكنهم إدارة شؤونهم وتعليم لغتهم والتفاعل مع ابناء جلدتهم. وترجمة هذا الحل في سياق العمل المشترك بين جميع السوريين للخروج من المحرقة واعادة بناء سورية ديمقراطية تعددية هو أن يميز الكرد بين القضية الكردية، التي تعنى بمصير كرد سورية، وقضية الإدارة الذاتية الحالية التي تغطي مناطق واسعة، ليس ولا يمكن للكرد السوريين أن يكون لهم طموحات لضمها الى مناطقهم الذاتية. فالحل العادل الذي يضمن حقوق الكرد هو نفسه الذي ينبغي أن يضمن ايضا حقوق القوميات والجماعات الوطنية الأخرى.
بمعنى آخر مثلما يتوجب على السوريين الاعتراف بحقوق الكرد كمجموعة قومية متميزة في سورية، على الكرد السوريين أن يعترفوا أيضا بحقوق المجموعات الأخرى. وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار الوضع الراهن الناجم عن أزمة الدولة السورية حلا نهائيا، ينبغي تكريسه وانما هو تعبير عن سلطة امر واقع، ينتهي مفعولها حالما تستعيد سورية سيادتها، ويقرر الشعب السوري كشعب واحد مصيره، عبر مؤسساتها الشرعية التي يقرها باجتماع كلمة أطيافه القومية والدينية والمذهبية والمناطقية كافة، ويحدد شكل الدولة التي يريد انشاءها، مركزية أو شبه مركزية، أو اتحادية أو فدرالية. هذا حقه وهو صاحب قراره، ولا يمكن لأحد، جماعة او دولة أجنبية، أن ينتزعه منه، أو يتخذه مسبقا بدله. وبعبارة واحدة: مستقبل الكرد يقرره الكرد أنفسهم، أما مستقبل سورية والسوريين فحسمه من حق السوريين جميعهم.
ـ قال جيمس جيفري، المبعوث الأميركي إلى سوريا، قبل يومين من الآن، إن بلاده قدمت عرضاً لبشار الأسد للخروج من الأزمة الحالية، ماهو بتقديرك هذا العرض؟ وهل سيقبل النظام به لتخفيف عقابيل الضغط الأميركي على الشعب السوري؟
ليس لدي أي فكرة عن هذا العرض، لكنني أتوقع أنه يحمل تطمينات للأسد إذا قبل بالتخلي عن الحكم والرحيل الارادي. لكنني لا أعتقد أن الأسد يمكن أن يثق بأحد، بعد ما ارتكبه من جرائم لم يسبق لحاكم أن ارتكبها من قبل، في التاريخ. حصل أن دمرت جيوش الغزاة بلادا أجنبية لضمها إليها، لكن لم يحصل أن دمر حاكم بلاده على رؤوس سكانها. حتى المحتلين.
أعتقد أننا مقبلون على أحداث جسام، وأن ما بدأ بكارثة، أعني الحرب على الشعب للإبقاء على النظام، لن ينتهي إلا بكارثة ثانية، هذه المرة بخصوص النظام نفسه.
سيدرك العالم الذي تعامل مع بشار الأسد حسب فرضية الضغط عليه من أجل الإصلاح، ثم من أجل تعديل سياساته، أنه ليس أمام شخص قادر على المحاكمة العقلانية، والأخذ والرد وتبادل المصالح، وإنما أمام كتلة صلدة من الغرائز والأهواء، لا تترك لصاحبها إلا منطق رد الفعل والعناد والإنكار، ومع ذلك ادعو واتمنى وارجو، أن أكون مخطئا، وأن ينجح بشار في التغلب على مخاوفه وأوهامه واحقاده، ويقبل بعرض من يشاء، من الروس أو الامريكيين ويقرر أن يكتب فصل الختام بأقل ما يمكن من الدماء.
الجسر
————————-
عن السويداء والفراغ الثوري/ عقيل حسين
مع إخراجنا من دائرة الفعل، إما لصالح العسكر والمتنفذين في مناطق حكم الفصائل، أو بسبب الهجرة الجماعية داخلياً وخارجياً، بتنا نعاني كناشطين ثوريين ومنذ وقت طويل بالعطالة والفراغ، إلى جانب انحسار الأضواء عن كثير منا، ما يجعل أي حدث أو قضية مثار اهتمام واسع.
ربما يكون من باب حرية التعبير أن يدلي كل شخص برأيه في أي مسألة، بغض النظر هنا عن حوامل هذا الرأي المعرفية والمعلوماتية، لكن الضجيج الذي يحدث في كل مرة يناقش فيها أي موضوع وبما يعمق من الخلاف ويثير المزيد من الحساسيات في أوساط المعارضة، يخرج الأمر عن سياق الحق في التعبير إلى سياقات أخرى، ربما أحدها البحث عن استعادة الأضواء والرغبة في إثبات الذات من جديد.
آخر الأحداث التي دار حولها جدل واسع هي المظاهرات التي بدأت تخرج في مناطق سيطرة النظام مؤخراً، والتي كان أهمها بالطبع مظاهرات مدينة السويداء.
أولاً لا بد من التأكيد على أن نسبة محدودة جداً من الثوار والمعارضين عبروا عن موقف سلبي من هذه المظاهرات، حتى أنهم بالكاد يشكلون نسبة يمكن الحديث عنها، لكن مع ذلك حدث اهتمام كبير بهذا العدد المحدود جداً من قبل الغالبية الساحقة التي احتفت بالحراك الشعبي الأخير، إلى حد استدعاء أمثلة تاريخية (من تاريخ الثورة) وجغرافية (مناطقية) لا تنطبق على ما نحن بصدده، من أجل إثبات دعم مظاهرات السويداء والتأكيد على أنها فعل ينتمي للثورة.
والحق أنه لمن المدهش أن تصبح قضية خروج مظاهرات تهتف من أجل سقوط النظام ورحيل الأسد وخروج المحتلين الروس والإيرانيين محلاً للنقاش، والحق أنه لمن الصادم أن نقبل مجرد قبول بوضع أصحاب هذا الحراك تحت مبضع التشريح لكي نقرر هل يستحقون الدخول في دائرة الثورة أم لا ؟!
لست هنا بوارد نقاش آراء وأسباب ودوافع من يعترضون على هذه المظاهرات من المحسوبين على الثورة، فهي من التهافت والتناقض والقصور إلى حد أنها تتضمن الرد عليها بذاتها، بل ما يثير استغرابي هو السهولة التي يجري بها سحبنا إلى الملعب الذي يستدرجنا إليه خصومنا الفكريون أو السياسيون في كل مرة، والسلاسة التي يستطيعون من خلالها التأثير علينا !
هل الثورة انطلقت في الخامس عشر أم في الثامن عشر من آذار 2011؟..هل هي ثورة ريف أم ثورة مدن؟..هل شارك أهل دمشق وحلب في الثورة بما يكفي أم لا؟..وهل أصلاً كانت مشاركة أبناء المحافظات الأخرى جيدة وحقيقية حقاً؟..هل الثورة تهدف لإقامة دولة دينية أم مدنية؟..هل نحن مع المحور التركي أم السعودي؟..هل اللاجئ السوري في الخارج يتصرف بشكل جيد أم لا؟..إلخ من هذه الأسئلة الساذجة والجدل البيزنطي المؤسف الذي لا يؤدي إلا إلى معارك لا تنحصر فقط في وسائل التواصل الاجتماعي، بل تمتد آثارها إلى الواقع، وتترجم حساسيات وعداوات وإضاعة للجهد والوقت، الذي يفترض بنا كثوار ومعارضين أننا نرسخه لخدمة معركتنا من أجل إسقاط النظام وإقامة دولة العدالة والقانون.
في عشرينيات القرن الماضي، ثار الجزائريون ضد الاحتلال الفرنسي، وكانت هذه ثورتهم الشاملة الثانية بعد الثورة التي قادها الأمير عبد القادر الجزائري، وعلى خلاف الأولى والثالثة التي ستؤدي للاستقلال، كانت الثورة الجزائرية الثانية ثورة سلمية، التحقت بها جماهير الشعب من كل الفئات والمناطق، ومن خلال المظاهرات والإضرابات والعصيانات المدنية، أجبر الفرنسيون على الاستجابة لمطالب الثوار الذين منحوا حق تشكيل مجلس نيابي يمثل الجزائريين، الذي يتذكرون بمرارة كيف تفجرت الخلافات وقتها بينهم على الأساسات نفسها التي تفجرت خلافات الثوار السوريين (أيديولوجية ومناطقية وطبقية وقومية)، بينما جلس المحتل الفرنسي يشاهد بمتعة هذه المعركة البينية التي انتهت بعجز الجميع عن الاتفاق على عشرة أسماء تمثلهم، وانتهت الثورة تلك إلى لا شيء.
هل هو قدر الثورات الشعبية أن تخوض المسارات المتعبة والمهلكة نفسها؟
ليس بالضرورة طبعاً، فرغم كل السوداوية التي طبعت السنوات والأشهر الأخيرة من عمر الحدث السوري، فإن انتفاضة الجيل الجديد تعطي الأمل بتجاوز انسداد الأفق الثوري خاصة عندما يشمل الانتفاضة ضد كل سلطات الأمر الواقع في مختلف أنحاء البلاد.
—————————————
من درعا إلى سورية/ راتب شعبو
على خلاف الحال في شمال غرب سورية، الواقع تحت نفوذ تركي مباشر، أو شمال شرق سورية الواقع تحت نفوذ أميركي، تبدو درعا اليوم المحافظة الأكثر عصاميةً في معارضتها نظام الأسد. ينشط المعارضون لنظام الأسد هناك، من دون وجود سندٍ يحميهم سوى التضامن الأهلي الذي تهالك أيضاً بتأثير تعدد التشكيلات المسلحة المعارضة وتباينها، كما بتأثير تطاول الصراع وثقل وطأته على الأهالي. إلى هذا، لم تكن درعا مكاناً مناسباً للتنظيمات الجهادية التي أثبتت دائماً أنها تمتلك قنوات خفية لدعم وفير لا ينقطع. وعلى الرغم من أن هذه التنظيمات حضرت في درعا، إلا أنها لم تستطع أن تسود الساحة، كما فعلت في غير مكان من سورية.
في مايو/ أيار 2017، اعتبرت درعا من ضمن مناطق خفض التصعيد الأربع التي اتفق عليها في أستانة، وكانت الفصائل العسكرية المعارضة تسيطر على حوالي 70% من المحافظة. في صيف 2018، مع ميل أميركا إلى الخروج من سورية، انحصر الاهتمام الأميركي في الجنوب السوري بالقلق الإسرائيلي من الوجود الإيراني قريباً منها شمالاً، وبضمان عدم وقوع مجزرة بحق الفصائل التي كانت تحت مظلة أميركية. على هذا، تولت روسيا تشكيل الفيلق الخامس من القسم الذي يقبل من هذه الفصائل، مع السماح بخروج من لا يقبل منهم إلى إدلب.
كما تولت روسيا (عقب زيارة قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي إلى روسيا في مايو/ أيار 2018، وافقت خلالها إسرائيل على عودة الجيش السوري إلى جنوب سورية حتى الحدود، شرط عدم مشاركة المليشيات التابعة لإيران في العملية) إعادة قوات النظام إلى الجنوب السوري، مع الالتزام بشرط إبعاد المليشيات التابعة لإيران عن الحدود. انطلقت عملية درعا العسكرية بدعم روسي في 26 يونيو/ حزيران 2018، وانتهت بعد حوالي الشهر (31 يوليو/ تموز) بسيطرة النظام على المحافظة، بناء على توقيع اتفاقية حميميم بين الفصائل المعارضة والنظام بضمانةٍ روسية. في تكرارٍ لما جرى مع منطقة خفض التصعيد الأخرى في الغوطة الشرقية بين فبراير/ شباط وإبريل/ نيسان من العام نفسه.
وصلت المرحلة العسكرية من الصراع في درعا إلى نهايةٍ ميتة، غير أنها نهايةٌ لم تعن موت إرادة الأهالي الذين ما زالوا يقاومون. ما تشهده درعا اليوم يجمع بين كونه امتداداً لثورة آذار 2011 وكونه موجة جديدة. هو امتداد لأن مقاومة استبداد النظام في المنطقة لم تتوقف منذ اندلاع الثورة، وهو موجةٌ جديدةٌ لأن المظاهرات التي تخرج اليوم تحمل خبرة جديدةً لم تكن متوفرة في بداية انطلاق الثورة، وهي الخبرة الملموسة بعدم ملاءمة الخيار العسكري، وعدم جدواه. نحن اليوم أمام مظاهراتٍ ترفع لافتات تقول “لا للحرب”، وهي في هذا شبيهةٌ بشعارات السلمية التي ردّدتها المظاهرات في عام 2011، ولكن مظاهرات درعا اليوم ترفع لافتاتٍ لم نشهدها من قبل، لافتاتٍ تدين عملية القتل الانتقامية لتسعة من عناصر الشرطة في ناحية مزيريب، وتسميها جريمة. في هذا استيعابٌ لدرس مهم يقول إن على الحراك أن ينظف نفسه باستمرار من الجرائم التي يمكن أن تُرتكب باسمه.
من ناحية ثانية، تكشف مظاهرات درعا بروز طابع محلي لم يكن في مظاهرات الموجة الأولى من الثورة، بدلاً من “جنّة يا وطنا” يتردّد اليوم “حوران جنة”، كما ترفع لافتاتٍ تؤكد أن “حوران جسد واحد”، بدلاً من “الشعب السوري واحد”، يعكس هذا جانباً من تضعضع الوطنية السورية، لا يخفيه ترديد شعارات الموجة الأولى، مثل “إدلب نحنا معاكي للموت”. لا يغيب عن البال أن في إدلب امتداداً ديموغرافياً لدرعا، ذلك أن الأولى تحتضن اليوم أيضاً عائلات مقاتلي الثانية الذين رفضوا التسوية مع النظام، وخرجوا إلى إدلب في 2018.
بعد سنوات الصراع التسع السابقة، نجد في درعا أشكالاً مختلفة من العمل ضد نظام الأسد. بقايا مقاومة مسلحة يشكلها القسم من الفصائل العسكرية التي رفضت المصالحة، وبقيت بسلاحها الخفيف في البلدات التي يُمنع على النظام دخولها بموجب اتفاقية التسوية المضمونة من روسيا، والتي تضمن للبلدات “سلطة محلية شبه مستقلة”. إلى جانب هذا، تنبثق مقاومةٌ سلميةٌ جديدةٌ يرجح أنها من الجيل الشاب الجديد الذي يدخل الميدان بوعي كفاحي جديد، غير أن هذا التجاور بين الشكلين سوف يهدّد الفعل المقاوم نفسه وفق آلية يجيدها النظام، وهي الاستفزاز وتوليد رد فعل عسكري مضادّ يستثمره ضد المقاومين السلميين، كما حصل في مارس/ آذار الماضي في بلدة الصنمين، والذي يتكرّر شبيهه اليوم في بلدة طفس.
يبقى السؤال اليوم، كما كان في الأمس، هل يمكن الحفاظ على سلمية ثورةٍ ضد نظام لا يتوانى عن إطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين؟ هل تغيرت الشروط التي دفعت الثورة في 2011 إلى السلاح؟ تقول الخبرة السورية إن السلاح فشل في نصر ثورة السوريين، ليس لأنه فشل في إسقاط النظام، بل لأنه أفشل إمكانية إيجاد مركز استقطاب سياسي ثوري، يجمع السوريين على أساس وطني وديموقراطي وأخلاقي. بدلاً من ذلك، أوجد السلاح مراكز متعدّدة متنافسة، وتنافس نظام الأسد في الفساد والاستبداد وانعدام الوطنية والأخلاق. وعلى ضوء حاجة السلاح إلى المال والرعاية الخارجية، وميله العام إلى إسكات الأخلاق، ورفع صوت العصبيات غير الوطنية، ليس من السهل الإجابة بنعم عن السؤال: هل كان يمكن للسلاح أن يسير في طريق آخر؟
يبقى إذن الخيار السلمي الذي تظهر براعمه من جديد في درعا، والذي يرفض العسكرة، ويتبرأ من الأعمال الجرمية. قد يكون في حضور الضامن الروسي بعض الحماية للمتظاهرين، في ظل التعارضات السياسية التي تبرز بين نظام الأسد الرافض أي تسوية وروسيا التي تدفع باتجاه تسوية سياسية ما في سورية تخرجها من المأزق الحالي. ولكن حتى لو أخمدت المظاهرات تحت الرصاص الحي، تبقى النتيجة في الميزان البعيد أفضل من نتيجة الخيار العسكري الذي خبرناه في سورية دماراً على المستويات كافة.
العربي الجديد
—————————
أهالي السويداء طفح كيلهم: النظام يستنسخ أساليب 2011
السويداء ــ ريان محمد، عماد كركص
يبدو أن احتجاجات محافظة السويداء في الجنوب السوري، المستمرة منذ 7 يونيو/ حزيران الحالي، ستتخذ منعطفاً جديداً نحو التطور، بعد لجوء النظام السوري، الذي يشعر بقلق عميق من جرائها، لأساليب قديمة استخدمها في باقي المحافظات مع بداية الثورة السورية عام 2011، بإخراج مسيرات مؤيدة له مكوّنة من موظفي الدولة والطلاب والحزبيين البعثيين كخط مواجهة أول أمام المتظاهرين، بهدف خلق حالة انقسام داخلية بين أبناء المنطقة أو المحافظة الواحدة. وهو ما فعله النظام في السويداء بإخراج مسيرة مؤيدة لرأسه بشار الأسد، أمس الأربعاء، في المكان نفسه الذي يتجمّع فيه المتظاهرون، أي أمام مبنى المحافظة في مركز مدينة السويداء، وذلك رداً على التظاهرات المناهضة للأسد والنظام المنددة بتردّي الأوضاع المعيشية في البلاد، في استعادة لشعارات الثورة الأولى.
ودفعت التظاهرات إلى استنفار الأفرع الأمنية، وفرع السويداء لـ”حزب البعث العربي الاشتراكي”، إضافة إلى الإدارات المحلية ومؤسسات الدولة وحتى الجامعات والمعاهد، ملزمة جميع من فيها بالمشاركة أمام مبنى المحافظة والهتاف لرئيس النظام، الأمر الذي دفع المتظاهرين المناهضين للنظام إلى نقل مكان التظاهرة إلى ساحة أخرى (ساحة الفخار)، التي تبعد مئات الأمتار عن ساحة المحافظة، تفادياً للصدام.
وبدأت دعوات تحشيد الموالين للأسد مساء أول من أمس، الثلاثاء، مع انتشار تسريب صوتي لرئيسة فرع “الاتحاد الوطني لطلاب سورية” في السويداء وفاء العفلق، على مواقع التواصل الاجتماعي، أفادت فيه بأن هناك تعميماً لجميع الهيئات الطلابية والإدارات في الكليات والمعاهد بالمشاركة في “الوقفة التضامنية” وللوقوف مع “رمز الوطن”، في إشارة إلى رئيس النظام بشار الأسد. وهددت كل من لا يشارك أو يتهرّب بـ”المحاسبة الشديدة”، داعية الجميع للاستنفار وحشد أكبر عدد ممكن من الأشخاص. وبررت العفلق الوقوف بوجه المتظاهرين، بأن مطالبهم لم تبقَ في إطار الواقع المعيشي والغلاء والجوع، بل تطاولوا على “رمز الوطن”.
وبالفعل أخرج النظام المسيرة أمام مبنى المحافظة والتي شارك فيها عشرات من الموظفين والحزبيين وطلاب المعاهد والجامعات، وانفضت المسيرة التي كانت مقررة بين الساعة التاسعة صباحاً والواحدة ظهراً، قرابة الساعة الحادية عشرة، بعد إطلاق نار من قبل أحد المسلحين المؤيدين للنظام على أحد النشطاء المشاركين في التظاهرة المعارضة القريبة، وذلك أثناء مرور الأخيرة من أمام تجمع المسيرة المؤيدة للأسد. وأطلق المسلح رصاصتين في الهواء، قبل أن يوجه الثالثة نحو الناشط، إلا أنها أصابت الأرض، ما دفع بعض الموجودين في مكان الحادثة من سائقين وعمال في السوق للتضامن مع المتظاهر ومحاولة الإمساك بالمسلح الذي أطلق الرصاص، إلا أن مسلحاً آخر أطلق النار في الهواء لتخويف المتضامنين وتمكين زميله من الفرار.
مع ذلك استمرت التظاهرات المعارضة في السويداء في يومها الرابع، أمس، رافعة الشعارات نفسها التي أطلقتها في 7 يونيو بإسقاط النظام والمطالبة بالحرية، فضلاً عن شعارات خاصة بتردّي الأوضاع المعيشية في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي تجتاح البلاد. وكان لافتاً رفع المتظاهرين علم الثورة السورية، أول من أمس الثلاثاء، في تحدٍ كبير للنظام داخل مناطق سيطرته، الذي لجأ إلى اعتقال أحد المتظاهرين من منظمي الاحتجاجات، في أول تعامل أمني مع الاحتجاجات. وكثر يتوقعون استمرار التظاهرات وربما توسّعها لتشمل باقي أرجاء المحافظة الجنوبية.
وكشفت مصادر لـ”العربي الجديد”، أن النظام وضع عدداً من النشطاء المشاركين في التظاهرات على قوائم المطلوبين ليبدأ بملاحقتهم واحداً تلو الآخر، كي لا يسبّب اعتقالهم دفعة واحدة موجة غضب عارمة من شأنها أن تخرج الأوضاع عن سيطرته. كما عزّز النظام الفروع الأمنية في السويداء، فاستقدم مزيداً من العناصر إلى مراكزها ومراكز قيادة الشرطة، كما تمّ وضع العديد من الحواجز في محيط المراكز الأمنية.
وينقسم الشارع في السويداء تجاه التظاهرات الأخيرة، بين مؤيد لها وخائف من عنف السلطة، بسبب استحضار السيناريوهات والتجارب المدمّرة وحالة النزوح والتجويع التي عاشتها غالبية المحافظات السورية، التي تعامل معها النظام بقبضة عسكرية وأمنية مفرطة لخروجها عن سيطرته.
من جهته، يسأل حمزة أبو غانم، وهو أحد أبناء السويداء، في حديث مع “العربي الجديد”: “ماذا يريد النظام من الناس أن تفعل وهي تعجز عن تأمين قوت يومها؟ ففي وقت يتحدث فيه النظام عن انتصاره وهزيمة العالم المتآمر عليه، ترتفع الأسعار يوماً بعد آخر في ظلّ انعدام فرص العمل، كما أن الرواتب لم تعد تكفي مصروف بضعة أيام”. ويعتبر أن “النظام يجب أن يعلم أن الناس موجوعة، وعندما سكتت طيلة الفترة الماضية كان بسبب التلويح بورقة وجود الإرهاب والفصائل المتشددة، واليوم النظام يحمّل فشله للعقوبات الاقتصادية، لكن لا يأتي على ذكر واقع الفساد وأمراء الحرب والنهب”، معرباً عن اعتقاده بأن “حل الأزمة الاقتصادية في سورية أصبح مرتبطاً برحيل هذا النظام”.
من جانبها، تقول لبنى، التي طلبت عدم ذكر كنيتها لأسباب أمنية: “قد أكون غير متفقة مع المتظاهرين في كثير من الشعارات التي رددوها، خصوصاً تلك التي تحتوي على الشتم، وكذلك قد تكون مسألة العلم الأخضر ذي الثلاثة نجوم أمراً غير متفق عليه، لكن الأمر المرفوض تماماً هو مسألة الاعتقالات، وكيل الاتهامات التي مللنا سماعها”. وتضيف في حديثٍ لـ”العربي الجديد”: “أشعر اليوم أن من واجبي الوقوف مع المتظاهرين لإطلاق سراح هذا الشاب، الذي عبّر عن رأيه وموقفه بشكل سلمي، من دون أن يحمل سلاحاً أو يخرب أو يعتدي على مؤسسة عامة أو مصباح إنارة في الشارع”. وترى أن “النظام ما زال يحمل العقلية ذاتها، ولا يتحمل أي رأي معارض له، وقائمة الاتهامات جاهزة، تبدأ من التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي وتركيا وغيرها من الدول، وتصل إلى (وهن عزيمة الدولة) والنيل من هيبتها. طبعاً إن أحكام التعامل قد تصل إلى الإعدام إذ لم يمت الشخص في أقبية المخابرات قبل أن يعرض على القضاء، وحتى أنه يُمكن أن يُسجن على الأقل لمدة خمس سنوات بتهمٍ باتت مستهلكة ومعروفة، فالقوانين السورية سيف مسلط على رقاب المعارضين للنظام”.
مع العلم أن التظاهرات الأخيرة في السويداء ليست الأولى من نوعها، إذ كان للمحافظة حضور في الأيام الأولى للاحتجاجات ضد النظام مع بدء الثورة السورية عام 2011، رغم أن مشاركتها كانت محدودة. وقد أدت ظروف وحسابات طائفية وسياسية إلى الدفع نحو تخفيف دور السويداء (ذات الغالبية من طائفة الموحدين الدروز)، في الثورة. وقد دفع عدد كبير من رجال الدين فيها، ممن يشكّلون ثقلاً اجتماعياً كبيراً داخل المجتمع ذي التركيبة المذهبية – العائلية، إلى تحييد المحافظة عن الثورة.
وتبدي شريحة واسعة من المجتمع في السويداء مخاوفها من تداعيات استخدام النظام سياسة القمع والعنف وإجبار الناس على النزول إلى الشارع لتأييده، الأمر الذي قد يجرّ المحافظة إلى العنف، بحسب رأي الناشط جهاد معروف (اسم مستعار لأسباب أمنية). ويوضح أن “أجهزة الأمن في السويداء متشنجة، وقد وضعت قائمة اعتقال بأسماء الناشطين المشاركين في التظاهرات، وأصبحت تجبر الموظفين على النزول إلى الشارع، لتقسم المجتمع وتضع أفراده وجهاً لوجه”. ويكشف معروف في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “الأفرع الأمنية تعمل على التصعيد في السويداء، بهدف استدراج الفصائل المسلحة المحلية للتدخل، وبالتالي إعطاء مبررات لها باستخدام العنف، والتخلص من بعض المجموعات التي تحدّ من سطوة الأفرع، ومنعتها من سوق عشرات آلاف الشبان إلى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، خصوصاً الذين استنكفوا عن الالتحاق منذ عام 2012 رغم التضييق والفصل من الوظائف”.
وقد حاول النظام التدخل أمنياً لإنهاء العصيان مراراً وتكرراً بملاحقة الشبان وزيادة الوجود الأمني على الحواجز لإيقافهم وجرّهم إجبارياً إلى الخدمة. غير أنه في مقابل ذلك تطورت حالة السخط تجاه النظام على المستويين الديني والاجتماعي في السويداء، فشُكّلت مجموعات عسكرية محلية لحماية المحافظة، إلى أن قام الشيخ وحيد البلعوس، الذي عُرف بـ”شيخ الكرامة”، بمحاولة توحيد جهود هذه المجموعات تحت راية “تجمّع رجال الكرامة” عام 2014، الذي دعا إلى عدم سوق الشبان للخدمة وحماية من يريد النظام سوقهم عنوةً، في تحد واضح من قبل البلعوس للنظام. وشكّل الشيخ حالة معارضة داخل السويداء للنظام، وساهم حضوره وخطابه بالتفاف شعبي ديني واجتماعي حوله، إلى أن اغتيل في 4 سبتمبر/ أيلول 2015 في تفجير هز السويداء. واتُهم النظام بالوقوف وراءه بهدف تصفية حركة البلعوس سياسياً، وقمع أي معارضة ضده في السويداء.
إلا أن الحركة استمرت ورتّبت أوراقها، وشهد ربيع عام 2018 تشكيل “قوات شيخ الكرامة” التي أخذت على عاتقها “الأخذ بالثأر من قتلة الشيخ البلعوس و50 مدنياً قضوا في تفجيرات شهر سبتمبر 2015″، وذكر بيان “قوات شيخ الكرامة” في حينه، أن “الحركة قد انطلقت لتحصيل كرامة أهلنا في الجبل ونصرة المظلوم والدفاع عن أرضنا وعرضنا، وعدم السماح بتغيير تاريخ وعادات الطائفة المعروفية (الدرزية) العريقة”.
في ظل ذلك لعب النظام على وتر تخويف أهالي السويداء بالتلويح بورقة الفصائل المتشددة، ولا سيما تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”. وحمل هجوم “داعش” الدامي على المحافظة في يوليو/ تموز 2018، الذي أودى بحياة أكثر من 250 شخصاً من أبناء السويداء، أبلغ الرسائل التي أراد النظام إرسالها لأهالي المحافظة، في لعبة كانت مكشوفة للأهالي، إذ سبق الهجوم نقل النظام لعناصر من “داعش” من جنوب دمشق إلى محيط السويداء، ليفسح لهم المجال لتنفيذ هجومهم الدموي.
هذا الهجوم، كان نقطة مفصلية في زيادة السخط على النظام داخل المحافظة، فعمدت حركة “قوات شيخ الكرامة” إلى تشكيل فصيل جديد حمل مسمى “درع شيخ الكرامة” في فبراير/شباط 2019، لزيادة الاحتياط في مواجهة تغلغل النظام في المحافظة وحمايتها من أي هجمات أخرى. وهنا لجأ النظام إلى اللعب على وتر الفتنة المذهبية الدرزية – السنية، لزرع بذور الفتنة بين فصائل السويداء ونظيراتها في الجارة درعا، إلا أن محاولاته المتكررة في هذا الجانب، لا سيما في الأشهر القلية الماضية، لم تنفع إلى الحدّ الذي كان يتمناه. فالسويداء كان لها دور كبير بالتعاطف مع أبناء المحافظات الثائرة والمهجرين منها، فاستقبلت أكثر من 18 ألف عائلة من محافظات سورية مختلفة، كما ساهمت بإمداد درعا بالمواد الغذائية والتموينية والمستلزمات طيلة السنوات السابقة حين كان النظام يحاول حصارها وإخضاعها، وشاركت السويداء أيضاً بحملات إغاثية لجيرانها في البادية، انطلاقاً من الريف الشرقي للمحافظة المتصل بالبادية.
—————————–
تجدد التظاهرات المطالبة برحيل الأسد
تجددت الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء للتنديد بالأوضاع الاقتصادية المتردية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العامة، محملة النظام السوري مسؤولية الواقع المعاشي المتردي بسبب الكلفة الاقتصادية للحرب التي يشنها منذ ما يقارب عقد على مناطق المعارضة السورية، في الوقت الذي نظمت جهات رسمية تتبع لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم مسيرة مؤيدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، متوعدين المتخلفين عن حضور المسيرة بـ”المحاسبة الشديدة”.
وقالت شبكة السويداء 24 المحلية إن الاحتجاجات الشعبية في المحافظة تجددت لليوم الرابع على التوالي، حيث تجمع العشرات من المحتجين في ساحة الفخار وسط المدينة، مطالبين بإسقاط النظام السوري، ورحيل الأسد عن السلطة، في استعادة لمشاهد المظاهرات السلمية التي انطلقت في آذار/مارس من عام 2011، وأضافت الشبكة بأن المعتصمين رفعوا شعارات سياسية تطالب بالإفراج عن معتقلي الرأي في السجون السورية، إلى جانب الإفراج عن رائد الخطيب الذي اعتقلته قوات الأمن مؤخرًا.
كما كانت قوات الأمن قد اقتحمت إحدى المكتبات العامة في منطقة برج إنجي في السويداء بعد انتهاء المظاهرة التي نظمت الثلاثاء، وقامت باعتقال الخطيب تحت تهديد السلاح بحسب ما أشارت وسائل إعلام محلية، وجاء اعتقال الخطيب بعد أقل من ساعة على انتهاء المظاهرة التي كان يشارك بها إلى جانب مجموعة من النشطاء.
وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء، انتشر تسجيل صوتي منسوب لرئيسة فرع السويدء لاتحاد الطلبة وفاء عفلق دعت خلاله طلاب وأساتذة الجامعات، وجميع الموظفين في المؤسسات التعليمية في السويداء للخروج صباح الأربعاء بمسيرة حاشدة دعمًا للأسد، وتوعدت المسؤولة الحزبية في تسجيلها الصوتي بأن هناك “محاسبة شديدة وجادة” لكل من لا يخرج في المسيرة ردًا على المظاهرات التي تطالب الأسد بالرحيل.
تأتي التطورات الأخيرة التي تشهدها محافظة السويداء، فيما تشهد مناطق سيطرة النظام السوري واقعًا اقتصاديًا مترديًا مع تخطي سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية أعلى مستوياته مما أثر على القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة، في وقت قالت أحدث إحصائية عالمية إن 80 بالمائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، لتتصدر سوريا بذلك قائمة الدول الأكثر فقرًا على المستوى العالمي.
بينما نقل موقع مصادر صحفية أن الأفرع الأمنية في السويداء عززت من قواتها، وجلبت مزيدًا من العناصر إلى مراكز حفظ النظام وقيادة الشرطة، وقامت بوضع العديد من الحواجز في محيط المراكز الأمنية، وأضافت المصادر موضحة أن النظام السوري يهدف من وراء الدعوة لمسيرة مؤيدة للأسد لإحداث صدام بين الأهالي عن طريق حشد المؤيدين له بالقوة، في ذات الساعة التي تتم الدعوة فيها للتظاهر من قبل المطالبين بإسقاط النظام.
وفيما أعربت أطراف عن خوفها من قيام النظام بافتعال خلل أمني في المدينة، بغية لصق التهمة بالمتظاهرين ضده، قالت شبكة السويداء 24 إن مسلحًا مجهولًا أطلق النيران على المارة أمام ساحة سلطان باشا مقابل مبنى المحافظة ولاذ بالفرار على دراجة نارية، وجاء إطلاق النار بعد وقت قصير من انتهاء المسيرة المؤيدة للأسد، وأشارت الشبكة إلى أن حادثة إطلاق النار لم تسجل وقوع إصابات.
روسيا تعرض على واشنطن الحوار بشأن الأزمة السورية
يأتي الغليان الشعبي في مناطق سيطرة النظام السوري قبل أقل من أسبوع على دخول قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين حيز التنفيذ، والذي يفرض عقوبات اقتصادية مشددة على النظام السوري وحلفائه، ومن المتوقع أن يؤدي قانون قيصر لحظة دخوله حيز التنفيذ إلى شل مفاصل اقتصاد النظام السوري باستهدافه البنية المالية، بدءًا من مصرف سوريا المركزي الشريان الاقتصادي للكيانات المرتبطة بالنظام السوري، إضافة إلى وضع قيود على حركة التبادل الاقتصادي بين النظام وحلفائه، لجهة إمداده بالمواد والأموال وكل ما يساعده على استمرار حربه ضد السوريين.
كما كان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قد أكد في وقت سابق استعداد بلاده للحوار مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، والاستفادة من خبرة منع الحوادث بين العسكريين الروس والأمريكيين في هذا البلد، وقال المسؤول الروسي في هذا الصدد: “نحن على تواصل مع الزملاء الأمريكيين حول القسم السياسي من هذه المسألة (الأزمة السورية) نعتزم مواصلة هذه الاتصالات”، مضيفًا أنه إذا أرادت واشنطن توسيع الحوار فإن موسكو مستعدة لذلك.
في حين يظهر أن انفتاح موسكو على واشنطن فيما يخص الأزمة السورية، يأتي كرد غير مباشر على تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا جيمس جيفري عندما أشار إلى أن بلاده قدمت عرضًا للأسد للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مناطق سيطرته، وأضاف موضحًا أنه “إذا كان (الأسد) مهتمًا بشعبه فسيقبل العرض”.
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أن واشنطن تريد رؤية عملية سياسية، لكن من الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، فهي تطالب بتغيير النظام السوري لسلوكه، وعدم تأمينه مأوى “للمنظمات الإرهابية”، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة، مشددًا على أن العقوبات المشمولة بقانون قيصر ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي، وكذلك أي تعامل مع النظام الإيراني.
—————————-
لليوم الخامس على التوالي.. مظاهرات في السويداء للمطالبة برحيل الأسد احتجاجاً على انهيار الليرة
خرج مئات من السوريين، الأربعاء 10 يونيو/حزيران 2020 في مدينة السويداء، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية وللمطالبة بإسقاط رئيس النظام بشار الأسد، وذلك لليوم الخامس على التوالي، فيما دعا المتظاهرون الذين تجمعوا قرب ساحة رئيسية في مدينة السويداء الواقعة جنوب غرب سوريا إلى الإطاحة بالأسد، مكررين هتافات ترددت في بداية الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية عام 2011.
الاحتجاجات المندلعة منذ الأحد الماضي طالبت كذلك بنهاية الفساد المتفشي وانسحاب الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية، التي تدعم نظام الأسد.
ناشطة سورية مقيمة بالسويداء تدعى نورا الباشا قالت: “المحتجون يطالبون بالحرية وإسقاط النظام نتيجة الغضب الشعبي من تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني والسياسي”.
يٌشار إلى أنها المرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات، التي ينظم فيها عشرات من أنصار النظام مظاهرة مضادة أمام مقر مجلس المدينة، حيث انتقدوا موجة جديدة من العقوبات الأمريكية الجديدة الأكثر صرامة، والمعروفة باسم قانون قيصر، والتي تدخل حيز التنفيذ هذا الشهر.
ويلقي النظام السوري باللائمة على العقوبات الغربية في المصاعب الواسعة النطاق التي يعاني منها السكان العاديون، إذ قاد انهيار العملة المحلية إلى ارتفاع الأسعار، مما جعل الناس يجدون صعوبة متزايدة في توفير كلفة إمدادات الغذاء وغيرها من السلع الأساسية.
فيما لم تأت وسائل الإعلام الرسمية على ذكر احتجاج المعارضة.
يأتي هذا في وقت تمر فيه سوريا بأزمة اقتصادية خانقة أدت إلى انخفاض عملتها لرقم قياسي أمام العملة الأمريكية بلغ 3 آلاف ليرة للدولار هذا الأسبوع في انخفاض متسارع. وكان الدولار يساوي 47 ليرة في بداية الصراع.
أما السويداء فلم تشهد الاضطرابات التي تقع في مناطق أخرى بسوريا منذ بداية الحرب ولا تزال المدينة تحت سيطرة النظام.
——————————-
خرج مئات من المواطنين في مدينة السويداء السورية -التي يغلب الدروز على سكانها- إلى الشوارع، وذلك لليوم الرابع على التوالي احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية وللمطالبة بإسقاط الرئيس بشار الأسد.
وقال شهود عيان إن المتظاهرين -الذين تجمعوا قرب ساحة رئيسية في المدينة الواقعة جنوب غرب البلاد- دعوا إلى الإطاحة بالأسد، مكررين هتافات ترددت بداية الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية عام 2011.
وتمر سوريا بأزمة اقتصادية خانقة دفعت عملتها لانخفاض قياسي أمام العملة الأميركية، بلغ ثلاثة آلاف ليرة للدولار هذا الأسبوع في انخفاض متسارع، وكان الدولار يساوي 47 ليرة بداية الصراع.
وتطالب الاحتجاجات المندلعة منذ الأحد الماضي بنهاية الفساد المتفشي وانسحاب المليشيات الإيرانية والقوات الروسية التي ساعد دعمها الأسد على استعادته معظم الأراضي من أيدي معارضيه الساعين لإنهاء حكمه.
وللمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات، نظم عشرات من أنصار الحكومة مظاهرة مضادة أمام مقر مجلس المدينة، وانتقدوا موجة جديدة من العقوبات الأميركية الأكثر صرامة والمعروفة باسم قانون قيصر، والتي تدخل حيز التنفيذ هذا الشهر.
وتنحي السلطات السورية باللائمة على العقوبات الغربية في المصاعب الواسعة النطاق التي يعاني منها السكان العاديون، إذ قاد انهيار العملة المحلية إلى ارتفاع الأسعار، مما جعل الناس يجدون صعوبة متزايدة في توفير كلفة إمدادات الغذاء وغيرها من السلع الأساسية.
المصدر : رويترز
—————————
كيف تفاعل الفنانون السوريون مع انتفاضة السويداء؟/ نور عويتي
حدثت انقسامات جديدة في صفوف الفنانين السوريين الموالين لنظام بشار الأسد بعد انتفاضة السويداء الجديدة التي طالبت برحيل الأسد، وإسقاط النظام.
هناك العديد من الفنانين الذين دعموا الحراك المدني، ووقفوا بجانب الشعب، ونشروا العديد من المنشورات والفيديوهات التي تنتقد حكومة النظام، وحمّلوها مسؤولية معاناة الشعب السوري الناجمة عن غلاء الأسعار الفاحش، والنقص الكبير في المواد الرئيسية، الغذائية منها والدوائية.
ومن أبرز الفنانين الذين تحولوا لينتقدوا النظام علناً، الممثل بشار إسماعيل، الذي نشر فيديو من احتجاجات السويداء على صفحته الشخصية، ليعلن وقوفه مع الشعب، وصوّر فيديوهات ينتقد فيها النظام ويدينه علناً، ويلمّح إلى مسؤولية بشار الأسد عمّا يحدث بشكل ضمني.
ففي اليوم الأول للانتفاضة، نشر إسماعيل عبر قناته الرسمية على يوتيوب فيديو بعنوان “الوجه الحقيقي للحكومة”، تحدث فيه عن فقدان ثقته بالحكومة السورية التي لا تهتم بمعاناة الشعب، وأنهى الفيديو بمشهد يصور الحاكمين شياطين يتحكمون بأحوال الناس.
وعاد أمس لينشر فيديو جديداً بعنوان “قررت بيع أعضائي”، تحدث فيه عن التعليقات التي تلقاها والتي خونته من الطرفين، المعارضين والمؤيدين للنظام، وتمنى توحيد صفوف السوريين مع استمراره بنقد حكومة النظام.
أما المفاجأة الكبرى، فتمثلت بما نشره الممثل السوري وائل رمضان، المعروف بدعمه لنظام الأسد، وحمل صيغة رسالة مباشرة لبشار الأسد، يخاطبه بعيداً عن البروتوكولات الرسمية، فيسقط عنه صفة الرئيس، ويطلب منه أن يشعر بالشعب المذلول المهان، ليبدو واضحاً أنه يحمّل رأس النظام مسؤولية معاناة الشعب.
وهناك بعض الفنانين الموالين الذين تعاطفوا مع الشعب أيضاً، لكن منشوراتهم بدت أقل جرأة، فعادوا فيها إلى شعارات احتجاجات “بدنا نعيش” التي انطلقت في السويداء أيضاً في بداية العام، مثل الفنانة هيا مرعشلي.
وهناك من نشر منشورات تؤكد معاناة الشعب بالتزامن مع الحراك، دون أن تحمل منشوراتهم مضموناً سياسياً واضحاً، مثل الفنان أيمن رضا، الذي نشر صورة له ذكر بها بأن الحياة في سورية تشبه الحياة في الصومال، أي إنهم يعيشون في مجاعة.
في المقابل، انتهز بعض الفنانين الموالين ما يحدث ليتابعوا مسلسل المزايدات الوطنية على حساب أوجاع الناس وآلامهم. ومن أبرزهم الممثل معتصم النهار، الذي نشر قصة شخصية على “فيسبوك” لعلم النظام السوري، وأرفقها بعبارة: “أنت القوي، أنت الغني، أنت الدنيا يا وطني”.
أما الفنانون السوريون المعارضون، فوقفت غالبيتهم إلى جانب احتجاجات السويداء، وشارك العديد منهم، أمثال فارس الحلو ومحمد آل رشي، صوراً وفيديوهات من مظاهرات السويداء، أرفقوها بالأمنيات والدعم.
ونشرت الفنانة سوسن أرشيد في حسابها على فيسبوك واحداً من أدق التوصيفات للحركة الثورية الجديدة، قالت فيه: “بالمناسبة، إنك تطلع بعد كل هالسنين لتقول لا للمستبد وسورية لينا ما هي لبيت الأسد، هي قمة الشجاعة، وأنت بتعرف تمام المعرفة أنو ما حدا حيوقف معك ويسندك لا مجتمع دولي ولا غير دولي. أنت لحالك بصدر عاري بوجه القتلة السفلة الوحوش، فكفى تنظير وكلام عالبارد المستريح، ويلي رجليه بالمي مو متل يلي رجليه بالنار.. قلبي معكن أهلنا بالسويداء”.
وكذلك نشرت الممثلة السورية يارا صبري صورة الناشط المعتقل رائد الخطيب (أول ناشط اعتقله النظام في احتجاجات السويداء)، وكتبت: “بدنا ياه، بدنا الكل”.
——————————-
مظاهرات في درعا والنظام السوري يسعى لابتزاز أهالي السويداء
عدنان أحمد
شارك عشرات الأشخاص في مظاهرة ضد النظام السوري بمحافظة درعا، جنوبي سورية، فيما أجلت الفعاليات الأهلية في محافظة السويداء مظاهرة مناوئة للنظام إلى يوم السبت المقبل، بعد اعتقال سلطات النظام أحد الناشطين وسعيها للمساومة على الإفراج عنه مقابل تغيير هتافات المحتجين ضد النظام.
وقالت شبكة “تجمع أحرار حوران” إن عشرات الشبان شاركوا في مظاهرة الليلة الماضية بمدينة جاسم شمالي درعا ضد النظام السوري، وهتفوا للمدن السورية، رافعين علم الثورة السورية.
كما وجه المشاركون التحية لأهالي السويداء ومظاهراتهم ضد النظام، الذي حمّلوه مسؤولية الانهيار الاقتصادي في البلاد.
ومنذ أيام تشهد محافظتا السويداء ودرعا مظاهرات مناهضة للنظام السوري وتطالب برحيلة، وهي الأولى من نوعها في السويداء منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.
وشهدت مدينة السويداء أمس مظاهرة مناوئة للنظام، وأخرى مؤيدة له.
وحسب شبكة “السويداء 24″، فقد تجمع العشرات في ساحة الفخار بمدينة السويداء، ورددوا هتافات تطالب برحيل رئيس النظام الذي حملوه مسؤولية تدهور الأوضاع بالبلاد، كما طالبوا بإطلاق سراح المعقتلين.
وحسب الصفحة، فقد كانت أعداد المشاركين أقل من الأيام الثلاثة التي سبقت، مشيرة إلى أن أحد الشباب المشاركين فيها تعرض لاعتداء بالضرب ومحاولة خطف من مجموعة أشخاص تابعين للأجهزة الأمنية، قرب شارع الشعراني، إلا أن بعض أصحاب المحلات والمارة أنقذوا الشاب، ثم أطلق أحد أفراد المجموعة النار بالهواء، بعد تجمع المواطنين حولهم، وانسحبوا من الشارع.
وفي التوقيت نفسه، شهدت ساحة المحافظة مسيرة دعت لها فعاليات تابعة لحزب البعث، وسط تهديدات بالمحاسبة لمن لا يشارك، حيث تجمع مئات الموظفين والطلاب والمواطنين من أبناء المحافظة، ورددوا شعارات مؤيدة للنظام، ونددوا بالعقوبات الأميركية المفروضة عليه.
وتضيف الشبكة أن حالة الاستنفار في المراكز الأمنية بمدينة السويداء لا تزال قائمة، على أثر الاحتجاجات الأخيرة، وسط أنباء عن تعميم أسماء العديد من المشاركين بالاحتجاجات المناوئة للنظام، بغية ملاحقتهم، مقابل رغبة من المتظاهرين باستمرار احتجاجاتهم السلمية.
وكانت سلطات النظام اعتقلت قبل يومين الناشط رائد الخطيب، وذلك عقب انتهاء المظاهرة الاحتجاجية الثلاثاء.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” إن منظمي المظاهرات ضد النظام قرروا تأجيل خروج المظاهرة التي كانت مقررة اليوم الخميس إلى يوم السبت بعد اعتقال الخطيب، وذلك وسط مطالب من أجهزة النظام الأمنية للمتظاهرين بضرورة تغيير الشعارات والهتافات التي يتم ترديدها في المظاهرات، والتي تستهدف رئيس النظام بشار الأسد وزوجته وجيش النظام، على أن تركز بدلا من ذلك على القضايا المطلبية والمعيشية، مقابل إطلاق سراح الناشط الخطيب.
وأضافت المصادر أن الناشطين الذين ينظمون عمليات التظاهر يعملون على إعداد رد على مطالب النظام، مع التمسك بالمظاهرات حتى تحقيق أهدافها.
—————————
قصة ليرتين..ونظامين يسقطان معاً/ ساطع نور الدين
لن يسمح التقارب الراهن بين سعر الليرتين اللبنانية والسورية بإستعادة تاريخهما المشترك، بإعتبارهما منشقتين من أصل فرنسي واحد، ورث العملة العثمانية، وظل نحو 44 عاماً مطبوعاً على ورقة نقدية موحدة مزقت في العام 1963 الى نصفين متساويين، سلكا منذ ذلك الحين طريقين متباعدين الى حد التضارب.
لكن ثمة ما يسمح بالتكهن بأن ذلك التقارب بين سعري العملتين، يعكس قدراً من التماثل بين حال النظامين اللبناني والسوري اللذين يتشابهان اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويدخلان معاً في نفق مظلم واحد، لن يخرجا منه إلا معاً.. بغض النظر عن ظروف حالة الثورة الشعبية التي يواجهها كل منهما، وعن الأدوار الخارجية المؤثرة في إدارة شؤون لبنان وشجون سوريا.
“الربط” الراهن بين العملتين ليس وليد الصدفة أبداً. فهذا أمر يعرفه أصغر مهرب للعملة على الحدود بين البلدين، مثلما يدركه ويسلم به مختلف الصرافين والمصرفيين. العقوبات الاميركية التي كانت ولا تزال تستهدف قطع ذلك الشريان المالي الحيوي بين الدولتين وبين الشعبين، هي بلا أدنى شك السبب الرئيسي للإنهيار المزدوج للورقتين النقديتين، وقدرتهما الشرائية. ويخطىء من يظن أن واشنطن تأبه لمصير الإقتصاد اللبناني وإمكان إفلاس الدولة اللبنانية، في مسعاها الحثيث لتغيير النظام السوري، والذي سيكتسب زخماً إضافياً بدءا من الاسبوع المقبل عندما يبدأ صدور المراسيم التطبيقية لقانون قيصر. ففي إدارة الرئيس دونالد ترامب فريق معروف ومعلن ينشد خراب لبنان، طالما أنه فناء خلفي لنظام بشار الاسد وقاعدة رئيسية لإيران وحزبها الغالي. وفي القيادة الروسية والقيادة الايرانية فريق معروف ومعلن أيضا، يعتبر أن بشار الذي أثرى في السلطة وأفسدها وأفرغها من مضامينها، لا يستحق أي تضحية إضافية، مثلما لا يستدعي موت أي مواطن سوري من الفقر والجوع أي عطف أو إهتمام.
ثمة تفصيل مهم في هذا السياق، وهو أن إنهيار العملة السورية لم يكن فقط نتيجة ذلك الحصار الاميركي المتجدد أو ذاك السباق المحموم مع الليرة اللبنانية المنهارة. فالنظام السوري الذي يدفع ثمن تسع سنوات من حربه الجنونية، مطالبٌ اليوم بتسديد ديون مستحقة لحليفتيه الاخيرتين روسيا وإيران، اللتين تواجهان أزمات مالية حرجة أيضا. وهو مدعوٌ أيضاً الى التسديد من ثروة العائلة التي كان (ولا يزال) يديرها إبن خاله رامي مخلوف، ومن ودائعه وإستثماراته وشراكاته اللبنانية التي لا حصر لها.
والحال ان الانهيار اللبناني الاقتصادي والسياسي، مجرد هامش من هوامش الحرب السورية ومآلاتها الاخيرة، وصدى لما يتردد في دمشق وفي كل من موسكو وطهران من إسئلة حول مستقبل النظام وقدرته على البقاء. ومثلما يتعرض ذلك النظام للضغط من قبل حلفائه الروس والايرانيين،الذين لا يكترثون أو على الاقل لا يمتلكون القدرة على مساعدته في مواجهة أسوأ تحدٍ داخلي يواجهه، كذلك يتعرض لبنان ونظامه الاقتصادي والسياسي طبعا لضغط مشابه من قبل حلفائه المفترضين في واشنطن وبعض الخليج العربي.
الحصيلة المنطقية واحدة، او ربما متقاربة: تغيير النظامين معاً. تعديل السلوك لم يعد ممكناً ، كما لم يعد كافياً. وهو ما تنبىء به الوقائع والحقائق والارقام المتشابهة في البلدين. فات الآوان على الخلاص بإستخدام الادوات والاساليب التقليدية التي لم تعد متاحة أصلاً..لا سيما في الشهور ال12 المقبلة التي تشهد إختبار أكثر من وسيلة لتغيير النظام في دمشق، قبل موعد إنتخاباته الرئيسية، وفي بيروت بعد موعد الهروب الكبير للسوريين واللبنانيين وأموالهم الى الخارج.
هي قصة ليرتين، تختزل سيرة نظامين، وتحدد مصير بلدين فرقتهما الاقدار، قبل ان تجمعهما اليوم من جديد، بشكل عبثي، مؤلم جداً للشعبين معاً..لكنه مبشرٌ بمستقبل زاهر، حسب نبؤة الصديق الشهيد سمير قصير.
المدن
————————
“صمود وإصرار وتعاضد”..شعارات نظام الأسد لمواجهة التدهور الاقتصادي
استنفر نظام الأسد، خلال الأيام الماضية، عبر إعلامه ومسؤوليه لمواجهة التدهور الاقتصادي، لكن لم يكن عبر خطوات وإجراءات تحد من زيادة التدهور، وإنما عبر شعارات اعتاد على إطلاقها في كل مناسبة تتمثل بألفاظ “الصمود والإصرار والتعاضد” بين السوريين.
وفي كل أزمة تعصف بالنظام وحكومته، إن كانت سياسية أم اقتصادية، ينبري الإعلام والمسؤولين لربطها بنظيرة “المؤامرة” التي تهدف لإضعاف الدولة وإسقاطها، في وقت وصلت نسبة الفقر في سورية إلى أكثر من 80% بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وخلال الأيام الماضية، شهدت الليرة السورية تراجعاً في قيمتها بشكل غير مسبوق، إذ وصل سعر صرفها أمام الدولار إلى 3000 ليرة، قبيل أيام من بدء تطبيق قانون “قيصر”.
وترافق ذلك مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية والغذائيات، في حين أغلقت المحلات التجارية أبوابها وامتنعت عن عمليات البيع والشراء، لكون حكومة النظام حددت أسعار للبيع وهددت بفرض عقوبات على من يتجاوزها، وهي أسعار يقول بعض التجار وأصحاب المحال التجارية أنها دون سعر التكلفة، لذلك فضّل بعضهم الامتناع عن البيع.
وبالتزامن مع ذلك، كانت طالبت، بثينة شعبان، المستشارة الإعلامية والسياسية لرئيس النظام، بشار الأسد، المواطنين بالـ”الصمود”، في مواجهة التدهور الاقتصادي الحاد، وهو ما أثار سخرية واسعة من حكومة النظام، التي لم تطرح أي خططٍ لمواجهة التدهو، واكتفت بإطلاق الشعارات.
واعتبرت شعبان، في تصريح لموقع “الوطن أونلاين”، أن “قانون قيصر يستهدف سورية، لكونها تشكل الركيزة الأساسية في محور المقاومة، وحلقة مهمة جداً في الشرق الأوسط وفي التوازن الإقليمي والدولي”.
وقالت إنه “يجب أن تكون العزيمة نفسها والصبر نفسه الذي مارسناه طيلة سنوات الحرب على سورية، وهذا ليس بالأمر السهل، ولكن لا خيار لنا سوى الصبر والصمود وهذا الصمود سيؤتي أكله قريباً”.
واتهم نظام الأسد الولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف وراء التدهور الاقتصادي، مستنداً إلى تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري جيمس جيفري، بأن الإجراءات الأمريكية أسهمت في انهيار العملة السورية.
وفي رده على جيفري، اعتبر النظام في بيان نشرته وكالة “سانا” أن “السياسة الأمريكية، التي تشكل انتهاكاً سافراً لأبسط حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، سوف تفشل مجدداً أمام اصرار السوريين على التمسك بسيادة وطنهم واستقلالية خياراتهم السياسية والاقتصادية”.
وأضاف أن “الدفاع عن الاقتصاد الوطني سيشكل هزيمة جديدة للمحاولات اليائسة للإدارة الأمريكية في التدخل في الشأن السوري”.
ودعا وزير الأوقاف في حكومة الأسد، محمد عبد الستار السيد، إلى “تعزيز حالة التعاضد والتعاون بين أبناء الشعب السوري، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية نتيجة الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على سورية”.
وقال السيد، خلال لقائه الفعاليات الدينية في حمص اليوم الثلاثاء، إن “سورية بصمود شعبها وحكمة قيادتها، ستحقق الانتصار بالحرب الاقتصادية، كما انتصرت بالحرب العسكرية وستفشل كل المؤامرات التي تستهدف صمود الشعب السوري”.
أما مدير أوقاف حمص، عصام المصري، فقد طالب خطباء المساجد، أن يركزوا في خطب يوم الجمعة على الحالة المعيشية للمواطنين، وأن يطالبوا التجار بعدم رفع الأسعار والاحتكار والتحلي بالصبر.
————————–
واشنطن تحدد شرطها لإخراج الأسد من أزمته.. وتهدد بعقوبات جديدة
حددت الولايات المتحدة الشرط الذي سيتم بموجبه رفع العقوبات عن نظام الأسد، وخروجه من الأزمة الاقتصادية، متحدثةً عن قرار مجلس الأمن رقم “2254”.
ونشر حساب “السفارة الأمريكية في سورية” عبر “تويتر”، اليوم الأربعاء، تغريدة جاء فيها أن “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام السوري”، مطالباً الأسد باتخاذ خطوات “لا رجعة فيها” نحو حل سياسي.
وأضاف أن أي حل سياسي في سورية يجب أن “يحترم حقوق الشعب السوري ورغبته”، مهدداً بفرض المزيد من العقوبات على الأسد، في حال لم يستجب لتك المطالب.
وتابع “ستواصل الولايات المتحدة فرض العقوبات الهادفة والضغط الاقتصادي المتزايد على نظام الأسد إلى حين تحقيق تقدم لا رجعة فيه في المسار السياسي، بما في ذلك من خلال وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد بحسب ما يدعو إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام السوري. وينبغي أن يتخذ النظام خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل سياسي للصراع السوري يحترم حقوق الشعب السوري ورغبته أو سيواجه المزيد من العقوبات الهادفة والعزلة.
— U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) June 10, 2020
وحمّل حساب “السفارة الأمريكية في سورية” نظام الأسد مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تمر بها سورية، بقوله: “يتحمل بشار الأسد ونظامه مسؤولية الانهيار الاقتصادي السوري بشكل مباشر، إذ يبذرون عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لتمويل حرب غير ضرورية ضد الشعب السوري بدل توفير احتياجاته الأساسية”.
مضمون التغريدة جاء مشابهاً لتصريحات صادرة عن المبعوث الأمريكي إلى سورية، جيمس جيفري، قبل أيام، والذي قال إن بلاده ستواصل الضغط على نظام الأسد اقتصادياً، وستستمر بعزله دبلوماسياً، وبفرض العقوبات عليه وعلى داعميه، حتى التوصل إلى حل سياسي في سورية بناء على قرار الأمم المتحدة رقم 2254 الذي يدعو إلى إجراء انتخابات في البلاد، والبدء بعملية دستورية جديدة.
وتحدث جيفري عن عرضٍ قدمته واشنطن للأسد، من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية، بقول “نحن قدمنا للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة (…) إذا كان الأسد مهتماً بشعبه سيقبل العرض، ونحن على تواصل مستمر مع الروس ومع اللاعبين البارزين والآخرين ومع المعارضة السورية التي يجب أن تبقى موحدة”.
وينص قرار مجلس الأمن رقم “2254”، الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة، على البدء بمسار سياسي جديد في سورية، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وصياغة دستور جديد للبلاد في غضون ستة أشهر.
ويدعم القرار أيضاً إجراء انتخابات رئاسية “حرة ونزيهة” على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف أممي.
وتشهد سورية أزمة اقتصادية هي الأسوأ التي مرت عليها منذ مطلع أحداث الثورة السورية، حيث يستمر انهيار سعر صرف الليرة السورية في سوق العملات الأجنبية، الأمر الذي أثّر على أسعار المواد الغذائية والاحتياجات التي يحتاجها المواطنون بشكل يومي.
ويأتي الانهيار في سعر صرف الليرة قبل أيام من دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يفرض عقوبات على الأسد وكبار المسؤولين في نظامه، وجميع الداعمين له اقتصادياً، خاصة فيما يتعلق بمسألة إعادة الإعمار.
———————————–
الشعب السوري يرفع الوسطى للأسد مجدداً/ أمل النسيم
“معاً ننقذ المركب من الغرق… ثورة من الشمال إلى الجنوب”… هذه كلمات الجدارية الأخيرة في إدلب الخضراء، إدلب التي شارك أهلها في أولى مظاهرات ثورة الكرامة التي انطلقت في سوريا عام 2011، وخاض أهلها كل أنواع الصراعات التي لا يستوعبها عقل بشري، حتى أصبحوا آخر المطاف محاصرين، يحاولون بعد كل حادثة يُهان فيها إنسان ما أن يُخبروا العالم بتضامنهم معه، يحاولون أن يثبتوا للبشرية جمعاء أنهم أناس من لحم ودم، بشريون يتعاطفون، يحزنون ويبكون ويشعرون بمصائب المهدورة حقوقهم، لعلهم ينالون استحقاق الحياة، ربما لأنهم بلعوا الحزن كلّه وحملوا على عاتقهم كل ثورات المنطقة، لا بل تضامنوا مع كل القضايا العربية والعالمية، وكأنهم يحاولون في كل مرة أن يقولوا للعالم: نحن معك، نحن المنسيين الذين ننتظر أولادنا ليكبروا، آملين ألّا تظهر على أجسادهم آثار استخدام النظام للسلاح الكيماوي، ننتظرهم ليكبروا ونتمنى أن يموتوا بحادث سير أو سكتة قلبية، أن يموتوا موتاً مباغتاً لا احتضار فيه ولا دموية، نحن الذين تشمئز من صورنا تحت الأنقاض، وتغيّر محطة الأخبار إذما رأيت لعابنا والزبد يفور من شفاهنا وأعناقنا، نحن الذين ندفعك للتقيؤ بسبب أجسادنا التي لطالما نقصها عضو ما بعد غارات النظام، نحن، بما تبقى منّا، معك أيها العالم بكل جراحك.
“الشعب يريد إسقاط النظام”
لم يكن مفاجئاً ربما استمرار إدلب في المظاهرات، مرة ضد النظام السوري ومرات عديدة ضد الفصائل المسلحة المتشددة، والتي كان الفضل الأكبر للنظام السوري في انتشار قادتها. المفاجأة الوحيدة كانت خروج المظاهرات من الجنوب السوري مرة أخرى، الجنوب الذي انتفض منذ تسع سنوات، وانطلقت مظاهراته من درعا، اليوم تنتفض جارتها التي كما نحبّ أن نسميها: سويداء القلب.
ليكون الجنوب السوري مرة منبت الثورة، ومرة غرفة إنعاشها.
الجنوب السوري نفسه الذي حاول تجّار ومافيات النظام نشر الحشيش والحبوب المخدرة فيه بطريقة جنونية، للانتقام من شبابه أو لتخديرهم، لكن إجابتهم كانت واضحة، فعلى بعد ساعتين من مركز العاصمة، يهتف السوريون والسوريات لإسقاط النظام، بوجوه مكشوفة، بأصوات عالية، يهتفون للبلاد المنكوبة ولبثّ الروح في الثورة السورية، ليقولوا للشعب: حيّ على الثورة.
على بعد ساعتين من القصر الرئاسي، الشعب السوري يرفع الوسطى للأسد مجدداً.
“على هذه الأرض ما يستحق الحياة”
مع انتشار فيروس كورونا، ومع الخطة الحكومية التي كانت تحوم للتسلق على مرض الشعب للتخلص من العقوبات الاقتصادية، كنا قد وصلنا تماماً لمرحلة الموت البطيء، مجرد جثث بليدة تهيم على وجهها في البلاد.
التضخم المالي أصبح واضحاً لابن السابعة، أطفالنا يتحدثون عن سعر الصرف اليوم، راتب الموظف السوري يكفي عائلته ليوم واحد فقط، حيث أصبح الراتب الشهري وسطياً يعادل أقل من 25 دولار.
لنصبح شعباً يملك كلّ مؤهلات الثورة، يملك قلوباً قتلت الخوف، جيوباً خالية تماماً، وأولاداً جائعين.
كل بيت سوري يملك سجلاً كاملاً لشهداء من عائلته، وتاريخاً كاملاً من الذكريات الحزينة التي تنهمر على شكل دموع، إذ ما شغّل أحدهم مظاهرة يغني فيها الساروت من أحد أحياء حمص القديمة:
“حانن للحرية حانن… هالشعب ببيتو مش آمن
كبار صغار بنعرف إنه… يلي بيقتل شعبه خاين”
نحن غير الآمنين، الذين تحيط بنا صور بشار الأسد وحافظ الأسد وقادة روس وإيرانيون، نحن الذين نذكر أنفسنا بثورتنا، ونردد كل يوم، أن الذي يقتل شعبه خائن ومجرم، كنا بأمس الحاجة لتذكّرنا السويدا أنه “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.
فمع تحوّل الشعب السوري الثائر لمجرد أرقام على شاشات الأخبار، على صفحات الفيسبوك، أرقام من أسقطهم الرصاص الحي في المظاهرات ومن بلعهم البحر، ومجرد عدّاد يتزايد لشبان وشابات في سجون النظام، أصبح تذكر السنوات التسع الماضية أشبه بشريط دموي طويل يقبض القلب، نتذكر الخوف، الغضب والحقد الذي أخذنا نربيه في قلوبنا.
حين نجتمع في بيت أحد الأصدقاء، نغلق الشبابيك والأبواب جيداً لنصنع ثورتنا الصغيرة، نردد الهتافات، وكلنا ثقة أننا سنعود يوماً للساحات، نحن في الداخل الذين توقفنا الحواجز التابعة للنظام كل يوم، لم نتصالح معها، لم نتقبّلها، بل أخذت تحفر في رؤوسنا كل يوم صورُ من كفناهم بدمائهم ودمائنا.
“ما بدنا نعيش… بدنا نموت بكرامة”
يحذرني الأصدقاء والصديقات من حماسي المبالغ فيه، نطلب من أنفسنا ألّا نكرر الأخطاء السابقة، نحضّر أنفسنا للثورة بأدرينالين مرتفع وبقلوب ترتجف من النشوة.
يخاف البعض من خذلان جديد لن نقوى على تحمله هذه المرة، لكنني أعرف تماماً أن عدم خروجناً اليوم أو غداً في دمشق، لا يعني الهزيمة قطعاً، فالساحة تنتظرنا لا محالة.
نحن اليوم أحياء في دمشق، تذكّرنا سويداء القلب أننا لا زلنا نملك ما نعيش لأجله، تذكّرنا أن الثورة ليست من أجل أن نعيش، بل نحن نعيش للثورة، وتقول لنا إدلب: “معاً ننقذ المركب من الغرق”.
في دمشق، نحن الذين لم نسافر لأسباب عاطفية، مادية أو حتى منطقية، رغم خلو هذه البقعة الجغرافية من المنطق تماماً، إلّا أننا هنا كلنا نقف خلف أبواب بيوتنا، ملتصقين بها، ننتظر سماع هتاف ما، أي هتاف، لنركض إلى الشارع ونصرخ: “ما بدنا نعيش… بدنا نموت بكرامة”
رصيف 22
—————————
أثر الرغيف: ثورة سورية بلا رَدّاحين/ عدنان نعوف
هل هي “ثورة كرامة” أم “ثورة جوع”؟ اقتصاد أم سياسة؟ إذا كان هذا التساؤل والجّدَل يَنمُّ عن شيء، فهو يَنمّ بالتأكيد عن “طفولة” فكرية وسياسية توهّمت النضج السريع، مع أن أقصى طموحاتها (مرحلة المراهَقة) تبقى بعيدة، طالما أن أصحابها ما زالوا عالِقين في العام 2011.
يُمكن لِجَولةٍ على ردود الأفعال المواكبة للحركة الاحتجاجية الجديدة في سوريا، أن تبعثَ على التفاؤل بأنّ السوريين “قد تعلّموا الدَّرس” أو أنهم في طريقهم. لكنّ ما يَخرُق هذا التصوّر مَشاهد كاريكاتورية مستهلكة لمسيرات يائسة مؤيّدة “للسيد الرئيس”. وفي المقلب الآخر – وهو موضوع الحديث – بعض الأصوات الثوريّة الطفولية في تعاطيها مع الموقف المستجد، و”المُؤيّدة لأولويّة الكرامة على الخبز”.
لا حاجة هنا للتوقف طويلاً عند مفردة “كرامة”، وتفكيكها على مستوى اللغة والمقاصد والتأويلات، ذلك أن المشهد العام للمنطقة برمّتها كفيلٌ بالإجابة من خلال نماذج مختلفة جُوبهت فيها حَرَكات التغيير وعُرقِلت، بِسَدِّ أفواه الجماهير المقموعة والمُفقَرة بـ”هواء” الكرامة، وتقزيم حاجات الإنسان الأساسية عبر استمرار “الرّدح ضدّ العدوّ” وترداد الشِعَارات.
صحيحٌ أنّ عذابات الكثير من السوريين “المعارضين” الشخصية والجماعية لا تزال جراحاً مفتوحة بانتظار العدالة القانونية والانتقالية، ومَفهومٌ أنّ مَن كان سَبّاقاً في مُقارعة نظام الأسد قد دَفعَ الثّمن غالياً في وقتٍ كان الكثير من أقرانه صامتين لأسباب عديدة؛ أكانت مبررة أم غير مبررة. لكنّ الصحيح أيضاً أنّ إحباط وعرقلة تراكُم الحراك السوري مجدداً سيعني إضاعة فرصة لتكوين نواة وطن جامع، ولو بعد خراب طويل. كما سيعني إطالة عُمر نظام يُفترض أن السوريين قاموا لإسقاطه، وليس لإثبات مقولات ما. أو سيؤدي إلى تغيير شكلي على طريقة استبدال شخص بشخص.
هذه الحقائق لا يُفترض أن تستدعي وَضْعَ مَن يستخفّون بالاحتجاجات الحاليّة – ممّن يتذرعون بالوفاء للبدايات وامتلاك الأفضيلة- في “الحَجْر الفكري”، بل هناك ما هو أهمّ، وهو الاستغناء عموماً عن فَرضِ الكثير من المفردات والحالات الرمزية والسلوكية، والتي قد تستحضر “عدّة الشغل الثوري” كسلّةٍ متكاملة.
وعليه، ينبغي على من آمنوا بـ”الثورة” طَمأنة المُحتجّين والمتحفزين للمشاركة بالمظاهرات، بأنّ مشروعهم هو طموح تغييريٌّ لصالح الجميع، وأنّ سقف الطموحات أعلى مِن مجرّد توجيه شتيمة عبر الهاتف لشخص موالي للنظام، واعتبار ذلك إنجازاً. وأكبر مِن تشكيل كيانات سياسية وعسكرية لا تقدّم للناس سوى تصريحات “الربع ساعة الأخيرة”، والفقاعات الخبريّة التي لا تخجل من تكرار الكذب وتخدير العقول بالأمل. وأنّ الانتقال إلى “سوريا المستقبل” لن يقتصر على استبدال لصّ يَضع على طاولته علماً بنجمتين، بلصٍّ آخر يَضعُ علماً بثلاث نجوم!.
من دون خطواتٍ كهذه تُلاقي المتظاهرين في منتصف الطريق، لن يَعود منطقياً لَومُ مَن يتردّدُ في الانضمام للحِراك، طالما سيفُرَضُ عليه قبول كلّ ما أفرزته السنوات الماضية باعتبارها “مُنتجات ثوريّة” تُؤخذ جملةً لا تفصيلاً! حتى وإن كان بينها مثلاً مُهرِّجٌ سابق امتطى الثورة، وكلّما شَعرَ باحتمال تدني شعبيّته ترَاهُ يشتُم “العَلويّة” لحشد الضحايا، ثمّ يخفي إفلاسه الفكري خلف عبارة موسيقية مثل :”الله أكبر ومنهُ المدد..عاشت سوريا ويسقط الأسد”!؟.
من هذا المنطلق يصبح الاحتفاء بفعل التظاهر في سوريا اليوم مع الاحتفاظ بمكانة التطبيقات العملية الكارثية من جِهات وشخصيات والتي جرّت الويلات على السوريين، مُحاولةً لذرّ الرماد في العيون، أو نوعاً من “التسلية الثورية” لعشاق المظاهرات ومُشّجعي أشكال الاحتجاج من خلف شاشة الكمبيوتر أو الموبايل، والذين يتوهمون أنهم مُقرِّرون، لمُجرَّد خَوض أحدهم تجربة (اعتقال، تعذيب..الخ).
في حين أن الواقع يقول أن من يعيشون في سوريا 2020 بمعطياتها المستجدة – في مناطق النظام أو المعارضة- هم الفاعلون المؤثرون والمتأثرون، وما عداهم من سوريي الخارج الذين تحولوا إلى طبقة وسطى فما فوق – مهما بلغت تجاربهم التي تستحق الاحترام- هُم في الحقيقة مُراقِبون، وفي أحسن الأحوال يمكن أن يكونوا داعمين لقضية إخوتهم بأكثر من طريقة.
ها هي أسواقٌ في إدلب خاوية، كما في دمشق ومناطق أخرى، وأزمة الخبز تدقّ ناقوس الخطر وتَعبُرُ فوق انتماءات سوريي الداخل، وبين بيوتهم وخيامِهم. فهل يكفي ذلك لكي يتوقف نشطاء ونُخَب وقيادات ثورية عما أسماه الكاتب الفلسطيني السوري الراحل سلامة كيلة، يوماً بـ”الرّدح ضد الاستبداد”؟ ذلك المُفكّر الذي كتبَ ما يشبه الوصية في آخر مقالاته في العام 2018، حين طالبَ بتلمُّس وضع الشعب “الجديد”. مُتهماً النُّخَب بأنها “اكتفت بالردح ضد الاستبداد”، وأصرّت على “عدم رؤية وضع الشعب”، “ربما لأنها تعرف أن انحيازه للنظام هو الذي همّشها، من دون أن تفهم سبب ذلك” حسب تعبيره.
بعد كل هذا، كم سنحتاج إلى دلائل لكي نتأكد أنّ “الشبَع والكرامة” متلازمان؟ وأنّ التقليل من شأن حراك مطلبي اقتصادي، كحملة “بدنا نعيش” أو غيرها، لا يمنعه من النمو لاحقاً ليُصبح مظاهراتٍ تهتف “هيه ويلله..بشار يطلع برا”؟
كثيرةٌ هي العوائق أمام تَوسّع رقعة المظاهرات السورية. وبينها أوراق أمنية وطائفية لم يستخدمها النظام بعد. لكن بين العوائق كذلك بقايا “نرجسيّة ثورية” مُصرّة على تحويل “القضية السورية” إلى حالة مُتحَفيّة تكتفي بتقديس المناضلين “الشهداء والأحياء” على حساب العمل للمستقبل، وتحنيط الثورة مثلما سَبَق وحنّطَ نظام الأسد وأشباهه القضية الفلسطينية، وحوّلوها من فعل وقوّة تأثير إلى أيقونة صمّاء بكماء يَنتظرُ المؤمنون بها أن يرشح منها الزيت، من حينٍ إلى حين.
المدن
—————————
السويداء: تظاهرات تطالب بالخبز وبإسقاط الأسد/ منال الحسن
“من وفي أعلى درجات الخيال كان يتوقع أن يمتد الحريق السوري تسع سنوات ويلتهم ما التهم؟ أرجو أن يعالج الأمر بحكمة وأن يستفيد البعض من فلسفة النار، لا أحد يشتهي النار إلا من تخدمه النار”.
بصوت واحد ولحن بات يعرفه معظم السوريين غنى مئات المدنيين أمام مبنى المحافظة وسط مدينة السويداء جنوب سوريا: “سوريا لينا ما هي لبيت الأسد”، لتنتقل بعدها التظاهرة إلى شوارع رئيسة في المدينة، وتطالب بسقوط النظام ورحيل حليفيه روسيا وإيران.
هذه التظاهرات تأتي بعدما فقد أهل السويداء وغيرهم الأمل، بسبب تدهور الوضع المعيشي والأمني، والفوضى المرافقة لانخفاض قيمة الليرة السورية.
ردد المتظاهرون خلال احتجاجاتهم، الشعارات ذاتها التي حملها السوريون عام 2011، عام انطلاقة الثورة السورية. وقال أحد المحتجين، إن المشاركة تزداد يومياً، والنظام إلى الآن لم يواجه المتظاهرين بالقمع، ما قد يزيد من نسبة المشاركة في حال استمرار التحركات.
كسر حاجز الصمت؟
رفع المتظاهرون شعارات من قبيل “الشعب يريد إسقاط النظام”، “سوريا حرة حرة إيران تطلع برا”، “هي سوريا والأسد جرثومة فيا”، منددين أيضاً بالواقع الاقتصادي والأمني المتردي، كما رفعوا شعارات تطالب النظام بالإفراج عن المعتقلين في سجونه.
وحمّل المتظاهرون النظام السوري مسؤولية تدهور الواقع الأمني والاقتصادي في البلاد، كما هتفوا تضامناً مع إدلب وبقية المناطق السورية ضد النظام. وطالبوا القوات الروسية والإيرانية بالخروج من سوريا.
وتأتي التظاهرات في السويداء بعد دعوة من نشطاء تزامناً مع استمرار انهيار قيمة الليرة السورية، وتداعيات ذلك الانهيار على السوريين في ظل العقوبات المفروضة على النظام، واقتراب تطبيق قانون قيصر ضده وضد حلفائه.
كما أُغلقت معظم المتاجر وبخاصة متاجر المواد الغذائية وملحقاتها، تضامناً مع المحتجين، الذين قلقوا أيضاً من أن يكون ذلك فاتحة على الاحتكار.
وقالت تاجرة رفضت ذكر اسمها: “الناس أصبحوا يقبلون بشكل كبير على المتاجر المفتوحة لتأمين حاجاتهم الأساسية، وعلى رغم ارتفاع الأسعار كل يوم وبشكل مخيف إلا أن المواطنين يخزنون للأيام المقبلة خائفين من المستقبل، ومن لا يستطيع التموين يشتري قوت يومه. أتت امرأة واشترت كأس زيت لتطبخ لأطفالها. وهناك فئة ثالثة لا تستطيع شراء إلا الخبز وأحياناً تعيش من دونه”.
منذ بداية العام الحالي حتى وقتنا الحاضر الأسعار بارتفاع مستمر، وبخاصة أسعار المواد الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها من أرز وسكر وزيت ومحارم، هذا ما أوضحه أحد التجار مقدماً لنا قائمة بأسعار المواد الأساسية حالياً مقارناً إياها مع أسعارها في بداية العام:
سعر المادة في بداية العام الحالي سعر المادة حالياً
أرز 1 كيلو 500 ليرة سورية 1300 ل.س.
سكر 1 كيلو 450 ل.س 1600 ل.س
برغل 1 كيلو 300 ل.س 1300 ل.س
عدس 1 كيلو 450 ل.س 1000 ل.س
زيت 1 ليتر 500 ل.س 3000 ل.س
سمن 1 كيلو 800 ل.س 4000 ل.س
محارم ورقية /علبة 250 ل.س 1900 ل.س
إذا أراد الموظف العادي شراء القائمة السابقة من راتبه، فلن يستطيع ذلك أكثر من مرتين في الشهر، هذا إضافة إلى المصاريف الأساسية المختلفة من دواء وتعليم ونقل وغيرها. ولا ننسى أن هناك نسبة كبيرة من غير الموظفين العامين في المحافظة، منهم من يعيش بفضل تحويلات مغترب من أفراد الأسرة، وهؤلاء ساءت أحوالهم بعد تفشي مرض كوفيد 19. وهناك من يعيش من دون راتب شهري، على أمل أن يجد عملاً يؤمن له مصروف يومه.
وبحسب مصادر محلية وشهود عيان فإنّ النظام أرسل تعزيزات أمنية إلى المدينة لحماية مبنى المحافظة الذي تجمّع حوله المتظاهرون، فيما توافد عدد من مسؤولي النظام إلى السويداء واجتمعوا داخل المبنى، ليجروا بعد ذلك اتصالات مع وجهاء ورجال دين من طائفة الموحدين الدروز وناشطين، في محاولة لوأد الحراك في بدايته بطرائق سلمية، مع التلويح بخيارات أخرى.
همّ الدواء في السوداء لا يقلّ ثقلاً عن الغذاء وبخاصة للذين يعانون من أمراض مزمنة. قالت صيدلانية من المحافظة فضلت عدم ذكر اسمها: “بعد منشورات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تتنبأ بغلاء الدواء وانقطاعه، شهدنا هجوماً من الناس على الصيدليات لشراء كميات كبيرة من أدويتهم وبخاصة من لديهم أطفال وكبار سن يحتاجون إلى أدوية ضغط أو سكري… رأينا أفراد العائلة الواحدة يذهبون بالتناوب إلى الصيدلية لإحضار كميات من الدواء ذاته لمريضهم”.
وأضافت: “الصيدليات في السويداء لم تحتكر الدواء أو تقطعه ولكن خوف الناس من انقطاعه تسبب بالأزمة الحالية، الصيدليات الكبيرة والتي كانت تمتلك دواء يكفي زبائنها 6 أشهر أصبحت خالية في غضون أسبوع، وهذا لم نشهده خلال السنوات الـ10 الماضية. وعقب صدور نشرة الأسعار الجديدة التي تخص الأدوية من وزارة الصحة، بدأت الصيدليات شراء الدواء من المستودعات، ولكن الكميات تتوافق مع رأسمال الصيدلية أي الصيدليات الصغيرة صاحبة رأس المال المتواضع قلت الكميات لديها، وهذا ينذر بقلة كميات الأدوية مستقبلاً”.
لا حسيب ولا رقيب
الاستغلال هو ما يخنق المحافظة، كل شخص يستغل الموضوع بحسب مصلحته، ففي القرى الصغيرة والبعيدة من المدينة، والتي يعرف تجارها أن السكان يحتاجونهم، يرفعون الأسعار كما يرغبون من غير حسيب ورقيب.
تضاف إلى هذه الأزمات كلها، أزمة الغاز إذ أصبحت العائلة تستلم اسطوانة الغاز المخصصة لها كل 60 يوماً، ما أدى إلى انقطاع الكثير من الناس من مادة الغاز، واعتمادهم على الكهرباء وزيت الكاز بدلاً منه، ولا أحد يعلم إذا كانت هذه البدائل ستبقى متوفرة أم لا.
اليوم المحافظة تقع في أزمة اقتصادية واجتماعية، على رغم أن أهلها لم ينزحوا، ولم يعيشوا في الحصار وتحت القصف. لكن المشكلات الاقتصادية والأمنية تفاقمت، وتأثيرات الحرب لم تفارق الناس منذ بداية الحرب السورية.
وزادت الطين بلة أزمة “كورونا” وفقدان الأهالي مصدر رزقهم بسبب توقف الكثير من الأعمال في دول الاغتراب وضعف التحويلات المالية في هذه الفترة، وعدم توفر المواد الأساسية مثل المحروقات وتقنين الكهرباء وتوقف المشاريع الكبيرة والصغيرة، فزادت أعداد العاطلين من العمل. كما شهدت المنطقة مشكلات أخرى مثل تجارة السلاح والمواد الغذائية وتهريبها، تبعتها أحداث أمنية من سرقة بيوت وسيارات وخطف ناس مقابل فدية.
وعلى رغم أن محافظة السويداء تمتاز بالأراضي الزراعية إلا أنها تواجه أزمة غذائية مستشرية، على رغم الأراضي الشاسعة المزروعة بالقمح وغيره. كما أن الحرائق طاولت هذه السنة الكثير من الأراضي الزراعية في المحافظة، وأحرقت محاصيل منها القمح والحمص والأشجار المثمرة، ولم يُعرَف سبب هذه الحرائق. وفي الآونة الأخيرة شهدت السويداء إقبالاً شديداً على شراء الخبز أكثر من السابق، بسبب اعتماد الكثير من العائلات على الخبز الحاف في طعامها اليومي.
بدأ الناس زراعة المحاصيل التي يمكن أن يوفروها، بخاصة بعد إغلاق الحدود والاستيراد، بسبب وباء “كوفيد19″، وتهريب البعض الخضار والفواكه إلى لبنان وبيعها بأسعار مرتفعة، ما رفع الأسعار بشكل خيالي في السويداء، مقابل انخفاض قيمة الليرة السورية السريع والكبير، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، الأمر الذي دب الرعب في الناس، والقلق على المستقبل.
إلى أين يمتد الحريق؟
“حين تشتعل النار، لا أحد يستطيع التنبؤ إلى أين يمتد الحريق، وكم سيحرق من المساحات المزروعة، ومن سيتطوع لمعالجته وإطفائه، ومن سيندفع لسكب البنزين عليه وتوجيه الحريق نحو الجهة التي يريدها. من وفي أعلى درجات الخيال كان يتوقع أن يمتد الحريق السوري تسع سنوات ويلتهم ما التهم؟ أرجو أن يعالج الأمر بحكمة وأن يستفيد البعض من فلسفة النار، لا أحد يشتهي النار إلا من تخدمه النار”. هذا ما قاله فواز خيو وهو من سكان السويداء، موضحاً أن سبب التظاهرات ضيق الناس وذعرهم من الأوضاع المعيشية والأمنية المتدهورة، في غياب أي جهود حقيقية من أجهزة الدولة لمعالجتها.
وأضاف خيو: “سبب وصولنا إلى هذه النقطة هو الفساد الذي استشرى وإمكانات البلد المعدومة. أصبح حلم الشاب ليس تأمين وضع يليق به في البلد، إنما صار حلمه الرحيل والهجرة. خسرنا أجمل شبابنا خلال 9 سنوات على امتداد المساحة السورية قتلاً وسجناً وهجرة. ولم يبقَ سوى العاجزين عن الهجرة والزعران”.
في ظل هذا الحاضر الفوضوي والمخيف والمستقبل الغامض لم تُعلن قرارات من جانب الحكومة والمحافظة، ولم تحدد الحكومة موقفها ولا قراراتها حيال ما يعيشه المواطنون، على رغم اجتماع المحافظ مع مسؤولين وضباط، الذي توقع المواطنون عقبه حلاً ما.
ولكن محافظ السويداء همام الدبيات اكتفى بتصريح لإذاعة المدينة “أف أم”: “يتم التواصل مع المحتجين، للاستماع إلى المطالب المنطقية وهناك من يخرج عن الإطار العام ويتم التواصل مع الجهات المعنية لمتابعة هذا الأمر”.
من جهة أخرى، أصدرت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين دعوة إلى أبناء الطائفة “لضبط النفس وعدم التمثل ببعض الأشخاص الخارجين عن طاعة الأهل والدين”، الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة متدينين في التظاهرات.
من صرخة “بدنا نعيش” التي رافقت الاحتجاجات في بداية عام 2020، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي مع انخفاض قيمة الليرة السورية وضيق أحوال فصل الشتاء على مواطني السويداء، إلى المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية وإسقاط النظام وحلفائه. من يتحمل مسؤولية ما يحدث؟ وهل ستكون محافظة السويداء مثل غيرها من المحافظات التي ثارت، أم ستكون شعلة نحو التغيير إلى الأفضل؟
درج
——————————
الثورة تستعيد نبضها..درعا والسويداء تهتفان “يلا إرحل يا بشار“
الثورة تستعيد نبضها..درعا والسويداء تهتفان “يلا إرحل يا بشار” النظام استقدم تعزيزات إلى السويداء على خلفية التظاهرات
شهد الجنوب السوري حراكاً شعبياً لافتاً ضد النظام، في خطوة مشجعة تستعيد نبض الأيام الأولى من الثورة السورية. وخرجت مظاهرات في مدينة السويداء ومناطق من ريف درعا، حملت السلطات المسؤولية عن تردي الأوضاع المعيشية، وطالبت برحيل النظام وخروج القوات الأجنبية من البلاد.
وللمرة الأولى منذ سنوات، تصعّد مدينة السويداء من لهجتها الاحتجاجية، وتعود مجدداً الأصوات المطالبة برحيل النظام، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي المتدهور.
وخرج العشرات من أبناء المدينة، الأحد، في مظاهرة أمام مبنى المحافظة، احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية، قبل أن يتوجه المحتجون إلى دوار المشنقة، مروراً بسوق المدينة، لينضم متظاهرون آخرون إليهم هناك.
وقالت شبكة “السويداء-24” إن المتظاهرين نادوا بشعارات غابت عن المحافظة لزمن طويل، مثل “الشعب يريد إسقاط النظام”، “سوريا لينا.. وماهي لبيت الأسد”، :قاتل قاتل قاتل.. بشار الأسد قاتل”، “يلّا ارحل يا بشار”.
كما هتف المحتجون بشعارات ضد التواجد الروسي والإيراني في سوريا، مثل “سوريا حرة حرة.. إيران وروسيا برا”، و”يرحم روحك يا سلطان.. البلد صارت لإيران”، بالإضافة إلى هتافات تندد بالنظام، وتحمله مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
عاجل| المحتجون يعودون إلى ساحة محافظة #السويداء، ويهتفون “سوريا حرة إيران وروسيا برا”، و”يرحم روحك يا سلطان البلد صارت…
Posted by السويداء 24 on Sunday, June 7, 2020
رزان يونس، وهي ناشطة معارضة من السويداء، أبلغت “المدن” أن سلطات النظام لم تقم بالتصدي للمتظاهرين الذين تجاوز عددهم المئة، وهو رقم معقول بالنسبة لمدينة صغيرة مثل السويداء، خاضعة لسيطرة النظام من جهة، وكذلك لجهة الهتافات والمطالب التي رددتها المظاهرة.
وأشارت يونس إلى أن عودة الأصوات المطالبة بسقوط النظام ورحيل بشار الأسد، يعتبر تطوراً لافتاً في منطقة عُرفت بتحفظها الكبير خلال السنوات الماضية، بسبب التوترات الأمنية وانقسام المجتمع في الموقف السياسي، بالإضافة إلى تعرض العديد من القرى الدرزية لهجمات من الجماعات المتطرفة كتنظيم “داعش”، ما أدى لانحسار الصوت الثوري، الذي توقعت “يونس” أن يعود بقوة ويتصاعد بشكل أكبر خلال الأيام القادمة نتيجة النقمة التي بلغت ذروتها ضد النظام في المحافظة وعموم أنحاء البلاد.
عاجل| انتقل المحتجون من أمام مبنى محافظة #السويداء، باتجاه دوار المشنقة مروراً بسوق المدينة، وسط هتافات غاضبة من تردي…
Posted by السويداء 24 on Sunday, June 7, 2020
وقالت “السويداء-24” إن الجهات الأمنية في المدينة استقدمت تعزيزات إلى محيط مبنى محافظة السويداء، من وحدات الامن الداخلي وحفظ النظام، بعد خروج التظاهرة. وأضافت أن استقدام التعزيزات، جاء تزامناً مع وصول وفد من الضباط والمسؤولين، ودخولهم إلى مبنى المحافظة، بغية عقد اجتماع على خلفية التطورات الأخيرة، لافتة إلى أن المتظاهرين انصرفوا قبل حوالي الساعة.
وفي درعا المجاورة، أغلقت عشرات المحال التجارية أبوابها أمام الزبائن في معظم قرى وبلدات ريفي درعا الشرقي والغربي، يوم السبت، احتجاجاً على الانهيار المستمر لليرة السورية أمام الدولار الأميركي، ما أدى لارتفاع كبير في الاسعار وفقدان الكثير من المواد الاساسية.
كما خرج العشرات من الأهالي في مدينة طفس، غرب درعا، بمظاهرة ليلية نددت بفساد النظام وعجزه عن تلبية احتياجات المواطنين، وطالبت برحيله.
ورفع المتظاهرون لافتات حمّلت النظام المسؤولية عن تفاقم الأوضاع الاقتصادية، مثل: “نظام لا يستطيع ضبط الأسعار.. فليرحل من هذه الديار”، بينما قالت أخرى: “في كل دول العالم يفنى شخص من أجل الشعب.. وفي سوريا يفنى الشعب من أجل شخص”، بينما كُتب على ثالثة: “نموت ولا نجوع”.
وشهدت مناطق ريف درعا الخاضعة لاتفاقية التسوية مع النظام احتجاجات كبيرة في أيار/مايو تنديداً بتدهور الأوضاع الأمنية واستقدام قوات النظام تعزيزات عسكرية هددت باقتحام هذه المناطق، قبل أن يتم التوصل لاتفاق بين النظام وممثلين عن السكان وفصائل المعارضة قضى بانتشار قوات الجيش في محيط بعض المدن والبلدات وعلى الطرقات الرئيسية.
——————
السويداء ترد التحية لإدلب وحوران..غزل ثوري ضد الأسد
يوم آخر من الحراك الشعبي في سوريا، واصلت فيه مدينة السويداء، جنوب البلاد، تصدر المشهد، مع خروج مظاهرة جديدة فيها طالبت بسقوط النظام ورحيل بشار الأسد، وخروج روسيا وإيران من البلاد.
المظاهرة التي انطلقت ظهر الاثنين من أمام مبنى المحافظة (السراي) سلكت المسار ذاته الذي سارت فيه مظاهرة الأحد، حيث توجه المتظاهرون إلى ساحة المشنقة مروراً بسوق المدينة، وهم يهتفون بشعارات الثورة السورية الأولى، مثل: “الله سوريا حرية وبس”، “يلا إرحل يا بشار”، “الشعب يريد اسقاط النظام”.
المتظاهرون رددوا كذلك هتافات تحيي القائد الثوري عبد الباسط الساروت، الذي تزامنت ذكرى رحيله السنوية الأولى مع مظاهرة اليوم، كما كان لافتاً تركيز المشاركين فيها على توجيه التحية للمدن السورية وتأكيد التضامن مع إدلب وحوران على وجه التحديد.
شاهد| المتظاهرون يجوبون شوارع مدينة #السويداء وساحاتها الرئيسية، حيث انتقلوا إلى ساحة السير ثم الشارع المحوري، ودوار المشنقة، في ظل مشاركة من فئات عمرية مختلفة، بين رجال ونساء. تفاصيل أكثر حال ورودها ..
Posted by السويداء 24 on Monday, June 8, 2020
وكانت مظاهرات قد خرجت مساء الأحد في مدينة إدلب ومدينة طفس في ريف درعا، وفي بلدة زاكية بريف دمشق، احتفت بالحراك في مدينة السويداء، ووجهت التحية للمشاركين فيه، الأمر الذي وصفه ناشطون بتجدد الغزل الثوري بين المدن والمحافظات السورية.
الكاتبة والمعارضة السورية ريما فليحان، وهي من مدينة السويداء، أكدت أن كل من خرج في السويداء ومن يتظاهر من أجل التضامن معهم في باقي المحافظات، يعانون من الوجع نفسه ويرتبطون ببوصلة الحراك السلمي الأصيل وثورة العام الأول، وهو المسار الوحيد الذي لم يتشوه، وهؤلاء انتماؤهم وطني من دون أجندات. وأضافت “هؤلاء هم الثورة الأصيلة، وكل ما عدا ذلك هو تشويش وتشويه”.
وقالت ل”المدن”: “الحراك في السويداء هو نتيجة تراكمية للقمع والقهر الممارس على الشعب السوري، والذي يعاني منه كل السوريين، وضمنهم أبناء السويداء التي يوجد فيها تيار معارض كباقي المحافظات، يريد وطناً حراً كريماً ديموقراطياً”.
وكشفت عن وجود “تململ من الظروف والقهر وسياسة التجويع والاذلال والفساد والتدخل الإيراني الجائر في المحافظة”. وقالت إن “السويداء تعرضت لتلك الظروف وتشعر بالقهر، وقد تُركت لوحدها فريسة عصابات الخطف التابعة لأجهزة الأمن أو التي تنشط بعلم هذه الأجهزة ورضاها، وهي محافظة فقيرة وتعاني الآن بشكل مضاعف”. وأضافت “حتى المحاصيل الزراعية تم حرقها لزيادة معاناة الناس الذين ردوا باستئناف الحراك السلمي المدني الوطني ضد النظام الذي يأكل فساده البلاد”.
وأكد ناشطون من منظمي الحراك الشعبي في السويداء ل”المدن”، أن “هناك عملاً مستمراً من أجل تنظيم المزيد من المظاهرات في المحافظة، وأن التنسيق بين مختلف المناطق فيها سيثمر توسيع رقعة التظاهر ليشمل مدناً وبلدات في ريف السويداء، على الرغم من التعزيزات الأمنية التي أستقدمها النظام”.
ريف ديرالزور، الخاضع لسيطرة قوات سورية الديمقراطية “قسد”، شهد ظهر الاثنين، عمليات احتجاج واسعة، للمطالبة بتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي للسكان.
وحسب شبكة “نهر” المحلية، فإن المظاهرات تركزت في بلدات الكسرة والصعوة ومحيميدة والحصان في الريف الغربي، ومدينة البصيرة وجديد عكيدات والعزبة في الريف الشرقي.
وطالب المحتجون الإدارة الذاتية بالعمل على وضع حد للفساد المستشري والمحسوبيات، ومعالجة الواقع الاقتصادي المتردي، خاصة بعد انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، وارتفاع الأسعار بشكل كبير، في ظل انعدام فرص العمل.
من ناحيتها، قامت قوات “قسد” باعتقال عدد من الشباب، في قرية الحصين بريف ديرالزور، على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات.
المدن
——————————-
معارضة وموالاة: ثورة الجياع في السويداء.. لا تستحق التعاطف؟!
في كانون الثاني/يناير الماضي، كانت وكالة “سانا” الرسمية أول من نقل صور المظاهرة، النادرة حينها، في محافظة السويداء، والتي طالب فيها المحتجون بتحسين الواقع المعيشي مع شعارات “بدنا نعيش”، لكن صوت الإعلام الرسمي، المنشغل منذ نحو أسبوع بتغطية الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في الولايات المتحدة، غاب تماماً عن التظاهرات الجديدة التي خرجت في السويداء ومدن سورية أخرى، الأحد والاثنين، ارتفعت فيها شعارات مماثلة لشعارات ثورة العام 2011.
ووصفت وسائل إعلام شبه رسمية، التظاهرات التي خرجت الاثنين، بأنها مظاهرات محدودة، بسبب الخلط الذي حصل في اليوم السابق بين الاحتجاج لأسباب معيشية والاحتجاج لأسباب سياسية، مع القول أن “الدعوات الأولى للتظاهر كانت لأسباب اقتصادية ومعيشية، إلا أن المظاهرة شهدت استعارة لشعارات احتجاجات المعارضة بعد 2011”.
مرتزقة جنبلاط قي السويداء لم يوفروا يوماً للتمرد على الدولة السورية !
حتى مصير الباصات الخضر لن نقبله لكم
وسيكون الحساب عسيراً .
— الشيخ أحمد شلاش (@shlash58) June 7, 2020
وبهذه المقاربة المضللة، يروج الإعلام الموالي للنظام، لفكرة المندسين مثلما كان عليه الحال قبل تسع سنوات. فالمتظاهرون وفق هذه الرؤية، موالون للنظام لكنهم يريدون الإصلاح ومكافحة الفساد، وهو ما تقوم به “الدولة السورية” أصلاً، لكن المندسين يقومون بخداعهم وتحويل مطالبهم إلى مطالب سياسية “دنيئة”.
وبالطبع، تضم هذه النوعية من الخطاب، عنصراً خارجياً يقوم بإملاء الأوامر، حيث وصفت صفحات موالية للنظام وشخصيات من الإعلام الرسمي، في مواقع التواصل، المتظاهرين في السويداء بأنهم “زعران وليد جنبلاط”، في إشارة للسياسي اللبناني المنتمي للطائفة الدرزية التي تشكل الأغلبية في محافظة السويداء. كما تمت الإشارة للصحافية البارزة إليزابيث تسوركوف، التي تغطي شؤون الشرق الأوسط لعدد من أكبر وسائل الإعلام المرموقة مثل مجلة “فورين بوليسي”، على أنها “ناشطة إسرائيلية” تملي الأوامر على المتظاهرين!
بموازاة ذلك، يمكن ملاحظة وجود نوع من الاختلاف بين المعارضين للنظام في نظرتهم للمظاهرات في السويداء، وإن كانت ثورة جياع لا تستحق التعاطف معها أو ثورة تشكل امتداداً لثورة الكرامة الأولى، علماً أن هذا الجدل العقيم كان حاضراً بشكل أقوى في التظاهرات التي شهدتها المحافظة مطلع العام، مقارنة به اليوم، وربما يعود ذلك للشعارات السياسية التي رفعها المتظاهرون، وتحيتهم للثورة السورية ورموزها، مثل عبد الباسط الساروت.
وكانت هنالك محاولات في السوشيال ميديا لتفسير التظاهرات في هذا التوقيت، وربطها بقانون قيصر الذي يفرض عقوبات جديدة على نظام الأسد، رغم أن القانون لم يدخل بعد حيز التنفيذ. وكان لافتاً إصرار بعض المعارضين للنظام تحديداً، على رفض القانون وتحميله مسؤولية جوع الشعب السوري، تماماً كخطاب الإعلام الرسمي بهذا الخصوص، وتفسير هذا الموقف بأن العقوبات لا تسهم في تغيير الأنظمة بل تزيد من تعنتها كما يثبت التاريخ في كل من إيران وكوبا وفنزويلا على سبيل المثال.
ورأى آخرون أنه من المبكر الجزم بفعالية قانون قيصر في هذا التوقيت، خصوصاً أن الجوع والفقر ينتشران في سوريا منذ فترة ليست بقصيرة، حيث تشير إحصائيات نشرتها صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، مطلع العام، إلى أن الحرب المستمرة قضت على الطبقة المتوسطة، وتوسعت الثغرة القائمة أصلاً، بين الفقير والغني داخل سوريا، وباتت نسبة 80% من السكان، على الأقل، تعيش تحت خط الفقر، بموازاة تركز الثروة في أيدي عدد من الشخصيات التي تملك الثروة في البلاد، وتقدم الدعم المالي للنظام، وتسهم في بقائه في الحكم، بأساليب أسهمت في انهيار ما تبقى من اقتصاد البلاد، والذي لم يعد سوى هيكل عظمي عما كان قبل الحرب.
قانون قيصر لا علاقة له بالإنهيار الحاصل في سوريا من فقدان الأدوية في الصيدليات وانهيار العملة السورية.
هذا الأمر يجب توضيحه لكل الناس، اقرؤوا القانون، ببساطة هو يستهدف الشركات التي ستساعد الأسد في إصلاح معداته وطائراته العسكرية. والدول التي ستحاول تطبيع علاقاتها الدبلوماسية معه..
— عوداي (@Odayovisky) June 7, 2020
عارف دليلة وكم حدن بيحطوا الإنهيار الحالي على ظهر صانعي قانون قيصر، السوريين دماغهم عجيبة، مش شايفين اللي آخذ أهاليهم رهينة أبدا. انفقدت الأدوية من الصيدليات، قبل تطبيق القانون مع إشاعات ان المعامل توقفت بسبب العقوبات كل هاد تمهيد لرفع سعر الأدوية .
— Meymuna (@Meymuna0) June 8, 2020
احرار السويداء يهتفون:
يحرق روحك يا #حافظ
و يرحم روحك يا #ساروت pic.twitter.com/yLKcYoCWeL
— Abdulaziz Ajini (@koreen1969) June 8, 2020
(سوريا لينا و ماهي لبيت الأسد) (الموت و المذلّة)..شعارات لها ملكية فكرية، دُفِع ثمنها دماً غالياً.
مَن يرغب بإشعال (ثورة)، عليه استحداث شعاراته الخاصة، و عدم السطو على ممتلكات الآخرين، إلّا بثمنها.#هبّة_السويداء
— M.Alanizan (@AlanizanM) June 8, 2020
#ثورة_الجياع#ثورة_الكرامة#السويداء#السويداء_تنتفض
الأحرار الحقيقيون هم الذين خرجوا نصرة للمظلوم وصدحت حناجرهم بالحرية وكسروا قيود الاستعباد وقاوموا بكل ما أوتوا من قوة نيران الجلاد وهم من صنع ثورة الكرامة وهم من طعنت ظهورهم بخناجر الخيانة
— HALİT (@Halit_uruk) June 8, 2020
———————————-
المظاهرات تتسع وتجمع بين مناطق النظام والمعارضة
تتسع رقعة الموجة الجديدة من المظاهرات في سوريا، والتي تدمج هذه المرة بين الاقتصادي والسياسي، بالتزامن مع التدهور المستمر في سعر صرف الليرة وعجز النظام عن احتواء الأزمة، من دون أن يقتصر الحراك المتجدد على مناطق سيطرة النظام.
تظاهرات إدلب
فقد خرجت مظاهرة في مدينة إدلب مساء الأحد، احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الاسعار في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الانقاذ، التابعة ل”جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام)، كما ردد المتظاهرون هتافات داعمة للمتظاهرين في مناطق سيطرة النظام، وخاصة مدينة السويداء.
وفي بلدة زاكية في ريف دمشق الغربي، خرج العشرات في مظاهرة الليلة الماضية، جابت شوارع البلدة وهتفت ضد النظام وطالبت برحيله، كما حيّا المشاركون فيها المتظاهرين ضد النظام في السويداء وحوران.
مظاهرة مسائية أخرى شهدتها مدينة طفس في ريف درعا الغربي، لليلة الثانية على التوالي، نددت بفشل النظام في التعامل مع الأزمة الاقتصادية وطالبت برحيله، كما هتف المتظاهرون ضد الوجود الروسي والإيراني في سوريا.
تظاهرات حوران
في السياق، أبلغ ناشطون من مدينة السويداء “المدن”، عن تدفق المزيد من التعزيزات الأمنية من قبل النظام إلى المدينة، تحسباً لاتساع الاحتجاجات هناك، حيث تجددت الدعوة للتظاهر في المدينة، الاثنين.
وكان العشرات من المتظاهرين قد تجمعوا أمام مبنى المحافظة (السرايا) في مدينة السويداء ظهر الأحد، احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية والفساد، ثم جاب المشاركون سوق المدينة حيث انضم آخرون إلى المظاهرة التي هتفت ضد النظام، وطالبت برحيل بشار الأسد وخروج روسيا وإيران من البلاد.
——————————
سوريا : “ثورة السويداء” بين الاحتفاء باشتعالها وإدانة تأخرها…/ إيلي عبدو
بحث وضعية الدروز في شكل أي نظام حكم مستقبلي هو المدخل لتوسيع مظاهرات السويداء وجعلها ذات مردود سياسي
تنفي المبالغة المسبغة على تظاهرات السويداء وجعلها استئنافاً وتجديداً وانعاشاً للثورة السورية، طبيعة الاجتماع الذي يتشكل في المدينة ذات الغالبية الدرزية، وتحيله إلى لحظة 15 آذار للعام 2011، حيث الاحتجاج المدني العابر للطوائف، مصاغ كصورة ذهبية، تؤجل أسئلة التفكك السوري وما سيترتب عليه من انهيارات.
والإحالة تستبطن إنكاراً لكل ما حلّ بالبلاد من خراب، سببه المباشر الاستبداد، وغير المباشر انتفاء المشتركات لدى سكان وطن حصل على استقلاله على وقع “قلق كياني”، على حدّ وصف أحد أبرز الكتاب المعارضين.
وربط التظاهرات الحاصلة في السويداء حالياً، والتي طالبت برحيل النظام وانسحاب روسيا وإيران مع لحظة الثورة الأولىوربط التظاهرات الحاصلة في السويداء مع لحظة الثورة الأولى، يغفل ربطاً آخر أشد تماسكاً وتاريخية، يتمثل في زمن السلطة التي حكمت دمشق بعد رحيل الانتداب، فالسويداء لم تستقم علاقتها مع “الدولة الوطنية” وغالباً ما شُنت حملات عسكرية لتأديب أهل جبل العرب عقب كل أزمة سياسية. وتجذر التأرجح في الوعي الدرزي، بين الحنين إلى الحكم الذاتي السابق، وتدهور العلاقات مع السلطة المركزية، التي شجعت، متمثلة بالرئيس شكري القوتلي، التمرد على عائلة الأطرش، واحتلت، متمثلة بالرئيس أديب الشيشكلي جبل الدروز وطردت القادة المحليين منه. والحال، فإن عوامل شتى تتداخل مع بعضها، تفسيراً وتعليلاً، لخلل العلاقة بين الدروز ودمشق، بينها الميل للهاشمين والمشاركة في انقلابات عسكرية لصالح طرف دون آخر، لكن العوامل تلك، تطفو على سطح، عمقه وأساسه، العلاقة السيئة بين حكم المركز والأقليات.
وتفضيل ربط التظاهرات مع التاريخ البعيد (خلل العلاقة مع المركز) وليس التاريخ القريب (بداية الثورة السورية) مردّه، جذرية الأول وتأصله، مقابل سرعة الثاني وعبوره الخاطف، حيث الصورة الذهبية لانطلاقة الثورة تلونت سريعاً بتناقضات المكونات السورية، وما ترتب على هذا التلون من صراعات وحروب، عادت بالفائدة على النظام المستبد، وانتجت التطرف والإرهاب، الذي أصاب جبل العرب، ضمن لعبة التوظيف الأسدية. استناداً على ذلك، فإن حدث الثورة، بالنسبة لعموم الدروز، إضافة جديدة للتوتر التاريخي السابق الذي قطعته الأسدية بتجميدها مسار التطور السوري. فهؤلاء، لهم في حقبة ما بعد الاستقلال، مساراً شاقاً، شكّل سيرتهم مع الوطن المنوي تأسيسه، ولم يجد في الثورة المقموعة بالحديد والنار، اقتراحات لإصلاح العطب وتداركه، في وقت عاشوا فيه في ظل الأسدية مقموعين كبقية السوريين.
ما جرى هو تعميم التبسيط، على وقع تمسك معظم المعارضين بتصور متخيل لعلاقة السوريين مع بعضهم، وعلاقة كل طرف مع المركز، يحيل إلى الوحدة وهامشية التناقضات، ويسقط كل الشرور على النظام موضوع الثورة. والنظام إن كان مسؤولاً عن صراعاتنا الأهلية، عبر الاستفادة من الشروخ والشقوق التي تشوب جسم المجتمع للحصول على الشرعية، فهو جزء من لعبة الجماعات، معطوف على عائلية ومناطقية تحصد حلفاء عبر الزبائنية والمصالح.
والاحتفاء بمظاهرات الأيام الأخيرة في السويداء ليس سوى استكمال لهذا التعميم، الهادف إلى إدخال الدروز في متخيل الثورة الماحي للتناقضات، دون تقديم اقترحات أو مقاربات، تفصلهم عن مسار تاريخي شديد الصلابة يتعلق بعلاقتهم بالمركز.
وليس انقلاب الاحتفاء إلى إدانة لدى سوريين آخرين انتقدوا تأخر التظاهرات في السويداء وسخروا منها، سوى تأكيد للوقوع في فخ معيارية الثورة ولحظتها الأولى، وإغفال لطبيعة المواقع التي تشغلها الأقليات في الكيان السوري، تاريخاً ووجداناً. فالساخرون هم الوجه الآخر للمحتفين، الطرفان يضعان الدروز ضمن متخيل الثورة. ومتخيل الثورة هو انتزاع حقبة مشرقة في البدايات، وتعميمها على حقبات لاحقة متعرجة وشديدة التعقيد. مع فارق أن طرفاً يقبل الدروز في متخيله ولو بعد حين، فيما آخر يرفضهم ويدين تأخرهم.
والاحتفاء والإدانة، إذ يتلابسان، انطلاقاً من متخيل واحد، يغفلان كل ما تجاوز هذا المتخيل من واقع تمثل بحروب أهلية وتطرف وتدخل خارجي وتغيير ديمغرافي و مصالحات وتوسع رقعة الرماديين. ثمة، إذا محو للزمن الفاصل بين بداية الثورة وما تلاها، معطوف على محو سابق، بين الاستقلال وما تلاه، وكأننا حيال إنتاج دروز غير تاريخيين، لا يتفاعلون مع المراحل والحقب، ولا يشكلون اتجاهات في ظلالها. دروز ثابتون عند ما جلبته الثورة من خير، لا خلل في علاقتهم مع المركز في السابق، ولا قلق في علاقتهم مع الثورة في الحاضر.
والأرجح أن علاج القلق يبدأ بعلاج الخلل، عبر طرح يضمن للدروز كيانيتهم وخصوصيتهم، ويزيل الالتباس بينهم وبين المركز، طرح يستمد شرعيته، من نقد متخيل الثورة، وإنزاله من تصورات متوهمة حول “الوحدة الوطنية” إلى العلاقات بين الجماعات، ومواقف الأخيرة من صيغ الحكم التي هي مفاتيح المشاركة في الثورة، وليست نقاشات مؤجلة إلى ما بعد انتصارها.
بحث وضعية الدروز في شكل أي نظام حكم مستقبلي هو المدخل لتوسيع مظاهرات السويداء وجعلها ذات مردود سياسي، أما التناوب على الاحتفاء والإدانة فهو ليس سوى تكرار كسول لمنطق ساد مع إنطلاق الثورة، مؤداه أن النظام ساقط لا محالة، ولا داعي للتفاهم مع الجماعات التي تشكل الاجتماع السوري، حول ما بعد سقوطه.
وإن كان من الممكن تدارك هذا المنطق مع الدروز حاليا، وفتح نقاش حول دورهم في سوريا الجديدة، فالأفضل أن يحصل ذلك دون شروط مسبقة، لاسيما الشرط القمعي، وحدة سوريا.
درج
———————–
درعا والخيار بين التنكيل والمقاومة/ غازي دحمان
يصرّ نظام بشار الأسد على تسريع عجلة التوتر في درعا، ودفع الأمور فيها إلى حافة الهاوية، مراهناً على اختلال ميزان القوّة لصالحه، وإمكانية تحسين وضعه الإقليمي، عبر تشكيل ضغط على إسرائيل والأردن، لذا يعمل حثيثاً على إعادة إخضاع درعا لسلطته المطلقة، مدفوعاً بدعمٍ من إيران التي تسعى إلى تقوية أوراقها التفاوضية في جنوب سورية.
وليست مفهومةً الأسباب التي دفعت روسيا، الضامن لاتفاق المصالحة في درعا، إلى النكوص عن تعهداتها، وترك الفصائل تحت ضغط النظام وحزب الله، وفرْض اتفاق جديد ينص على نشر قوات الفرقة الرابعة، بقيادة ماهر الأسد، على كامل المنطقة الغربية من درعا، والتي تتجاور فيها المناطق السكنية والعمرانية بين سورية والأردن، ولا يفصلهما عن بعضهما في تل شهاب سوى أمتار، وفي حوض اليرموك كيلومتر واحد، وكذا الأمر بالنسبة للجولان المحتل. وكانت روسيا قد تعهدت للأردن وإسرائيل بإبعاد المليشيات الإيرانية مسافة 80 كيلومترا عن حدودهما!
لم يكن أمام اللجان المركزية الممثلة عن القوى المحلية، وفصائل المعارضة الموقعة على اتفاق التسوية في درعا، سوى قبول هذا الاتفاق، تحت ضغط حشود النظام والمليشيات الإيرانية المتواصلة منذ أكثر من شهر، فقد زج نظام الأسد جزءا كبيرا من ماكينته الحربية، وأعدادا كبيرة من عناصره، بل عناصر النخبة العسكرية لديه، بالإضافة إلى فرقة الرضوان (نخبة حزب الله)، ومليشيات إيرانية متنكرة بالزي العسكري لجيش النظام.
وكان من نتيجة اتفاق التسوية الذي رعته روسيا في يونيو/ حزيران 2018 أن الفصائل المقاتلة في حوران سلمت أسلحتها الثقيلة واحتفظت بالأسلحة الخفيفة، على أن تمنع روسيا دخول قوات النظام إلى أجزاء كبيرة من ريف درعا الغربي، وأن يكون الريف الشرقي تحت سيطرة الفيلق الخامس، وتحديداً القوات التي يقودها أحمد العودة، وكانت هذه أهم أسس التسوية التي لولاها لواجه النظام صعوبة بالغة في السيطرة على أجزاء كبيرة من درعا، وخصوصا الجزء الغربي الذي يتصف بتضاريس وعرة. وكانت القوى المدنية والعسكرية في درعا تريد من هذا الاتفاق تحقيق قدر من المشاركة في إدارة الشؤون المدنية، بعيداً عن تسلط الأجهزة التي تسببت أصلاً في حدوث الثورة، وبالتالي لم يكن من السهل، بالنسبة لأهل درعا وشبابها، نسيان الأحداث الأليمة التي جرت لمنطقتهم، وتنكيل النظام بهم سنوات طويلة. وقد عاشت درعا سنوات طويلة بعيداً عن حكم الأجهزة، ما يجعل عودة قبضة نظام الأسد الخانقة أمراً غير مستساغ، خصوصا بعد أن فقد النظام هياكله الأمنية ودعائمه الاجتماعية في المنطقة، وأصبحت العلاقة بينه وبين السكان المحليين متوترة، ويسودها عدم الثقة والشك، كما أن المليشيات الإيرانية الرديفة لقوات الأسد لا تخفي وجودها ضمن هيكلية القوات التي ستسيطر على المنطقة، وهو أمرٌ لن يكون مقبولاً من هذه المجتمعات.
مؤكّدٌ أنه لا الفصائل المعارضة، ولا أفراد المجتمع الأهلي في درعا، يرغبون بعودة الحرب مع النظام، فالمنطقة استنزفت، ودُمِرت البنى التحتية فيها بشكل كبير، وتوقفت عجلة الاقتصاد، ولا تتوفر فيها الخدمات الضرورية، وكثيرون من أبنائها إما لاجئون أو معتقلون، حتى إن بعض قرى حوض اليرموك تكاد تكون خالية من الشباب، بعد أن قتلت الحرب أعدادا كبيرة منهم، ولجأ من نجا من الموت إلى الأردن، أو شق طريقه باتجاه تركيا وأوروبا.
ما يرغب به المجتمع الأهلي في درعا وضع يشبه الموجود في السويداء المجاورة، أي قوى محلية للحماية الذاتية، ومنع أخذ أبنائهم للقتال في جبهات النظام في إدلب وغيرها، وإبعاد إيران عن المجتمع المحلي خارج السويداء، إذ من غير المعقول بعد كل هذه التضحيات العودة إلى منطق ما قبل الثورة، ثم طالما أن نظام الأسد تعايش مع هذا الواقع في السويداء، فلماذا لا يقبله في درعا، أليس في ذلك مصلحة للطرفين؟
ولكن من الصعب قبول نظام الأسد هذه المعادلة في درعا، بالنظر للاختلافات بين درعا والسويداء، دع عنك أن السويداء تقع في صلب أكاذيبه عن حماية الأقليات، بل لأن جغرافية درعا أكثر أهميةً لتلاصقها مع الأردن و”إسرائيل”، ووجود عامل إيراني ودفع من حزب الله لاستعادة السيطرة على هذه المناطق التي تشكل جبهةً واسعةً تمتد من القنيطرة إلى حوض اليرموك قبالة الجولان، وترتبط، من جهة القنيطرة، بالبقاع الغربي عبر طرقٍ وممرّاتٍ كثيرة، وترغب إيران بتقوية وجودها في هذه المنطقة لتشكل ورقة ضغط على إسرائيل وأميركا، من خلال تشكيل مليشيات تابعة لها من بعض شباب المنطقة، عبر إغرائهم بالمال، وضمان أن لا يعتقلهم نظام الأسد.
والأرجح أن الهدف من تخلي روسيا عن تعهداتها في درعا، وفسح المجال لقوات الأسد وحلفائه الإيرانيين للتمدد في المنطقة، استنزاف القوات الإيرانية عبر القصف الإسرائيلي الذي وصل إلى قرى حوض اليرموك بداية يونيو/ حزيران الجاري، نتيجة وصول قوات من حزب الله إلى معسكرات النظام في هذه المنطقة، ما يعني أن المنطقة ستعيش تحت القصف الإسرائيلي من الجو، وتنكيل المليشيات الإيرانية وأجهزة الأسد على الأرض بالسكان المحليين.
ولكن في درعا، وتحديداً في جزئها الغربي، ينتشر السلاح بكثافة، وهناك عناصر كثيرة مدرّبة وخاضت معارك عديدة، وقد لا تحصل حرب كلاسيكية ومواجهات مباشرة بين الطرفين، نظراً إلى اختلال ميزان القوى. ولكن في المقابل، يوجد في هذه المناطق مطلوبون كثر لأجهزة النظام، ويعرفون أن مصيرهم الموت إذا سلموا أنفسهم، لذا سيجدون أنفسهم أمام خيار وحيد، تشكيل خلايا مقاومة لضرب النظام وإضعافه للدفاع عن وجودهم.
العربي الجديد
———————————–
حراك السويداء يناشد مشايخها: لا تقفوا في وجوهنا/ أمين العاصي
ناشد شباب الحراك السلمي بمحافظة السويداء، مساء الجمعة، في رسالة موجهة للرأي العام، مشايخ المحافظة بعدم الوقوف في وجه التظاهرات التي سينظمونها ضد النظام السوري، ودعوا لتظاهرة جديدة يوم السبت.
وقالوا في بيان نشره موقع “السويداء 24”: “حضرات المشايخ الأجلاء نعرف أننا وضعناكم في موقف حرج، نعرف أنكم تمشون على حد السيف، بين مطرقة ضغوط قوى الأمر الواقع وسندان الوقوف بوجه أبنائكم، لقد عشتم سنين طويلة بخياراتكم، وأفكاركم، التي نهلنا منها وقبلناها واحترمناها وما نزال، لن نعلو عليكم، وسنقبل منكم كعادتنا، إلا شيئاً واحداً، أن تمنعونا من حقنا أن يكون لنا خيار هذه المرّة”.
وأضاف البيان “لقد اتخذنا قرارنا، ولا نطلب منكم أن تناصروه، ولكن نستحلفكم بدماء أحبتكم، وغربة أبناء وطننا، وكتبكم المقدسة ألا تطعنوه، هذا زمان آخر ومكان آخر، هذا زماننا ومكاننا وقد طال القهر، لا تقفوا مع الظالم وتناصروه وتنصروه علينا وأنتم أهل الحق، قولوا إننا أبناؤكم أبناء هذا البلد، وأنه يحق لنا أن نخوض تجربة غير مكرورة”.
وأشار إلى أن “التاريخ سيسجل هذا الموقف، وأنكم حميتم حرية شبابكم، وحقوقهم المشروعة دستورياً وقانونياً وإنسانياً قبل كل شيء نحن لم ولن نعتدي على أحد، ونطلب منكم ألا تسمحوا لمعتد أن يستخدمكم حجة لهدر دمنا، تعلمون جيداً أننا عندما خرجنا بمطالب معيشية منذ أشهر تم تخويننا، وكثرت الاستدعاءات الأمنية، ولم تكن شعاراتنا مثل اليوم، هم لا يريدون حجة ليقفوا في وجه الحق”.
كما أكد أن “الضغوطات ستزداد وسيحتار النظام في طريقة تعامله مع الحراك فلا يجد غير طريقة واحدة، وهي الضغط على الزعامات التقليدية ورجال الدين، وذم الحراك وشيطنته والتضييق عليه”.
ودعا البيان في الختام إلى تظاهرة جديدة يوم السبت في ساحة الكرامة وسط المدينة تأكيداً على المطالب التي خرجوا بها في الأيام القليلة الماضية.
وشهدت الأيام الأخيرة تظاهرات مناوئة للنظام، واعتقلت الأجهزة الأمنية المحسوبة على النظام في السويداء شخصين، في حادثتين منفصلتين، وأطلقت سراحهما، بعد ضغوط من فصائل محلية مسلحة. وقالت شبكة “السويداء 24″، إنه “جرى اعتقال شخص على حاجز مؤقت نصبته قوات النظام عند دوار العنقود في مدينة السويداء، أثناء تنقله على دراجة نارية، بسبب تخلفه عن الخدمة العسكرية، لكنها ما لبثت أن أطلقت سراحه، بعد ساعات إثر وساطة من وجهاء محليين وتدخل فصيل “بيرق الحدود”، وهو أحد التشكيلات التابعة لحركة “رجال الكرامة”، الذي طالب بإطلاق سراحه”.
وأوقفت الجهات الأمنية التابعة للنظام شخصاً آخر من بلدة عتيل، أثناء مروره على دوار العنقود على خلفية وجود مذكرات بحث بحقه تتعلق بقضايا جنائية على خلفية انتمائه لأحد الفصائل المحلية، وقد تم اقتياده إلى فرع الأمن الجنائي. وجراء ذلك قام عناصر يتبعون لفصيل “قوات الفهد”، ومجموعات محلية من بلدتي عتيل وشهبا، بقطع طريق دمشق السويداء، جنوب المدينة، من عدة محاور، كما أشعلوا إطارات على أحد الطرقات، وهددوا باحتجاز عناصر وضباط من أجهزة الأمن، مطالبين بالإفراج عن الموقوف، وهو ما أجبر الأمن الجنائي على إطلاق سراحه.
العربي الجديد
———————————-
بالسوري الفصيح/ بسام يوسف
عادت التظاهرات إلى محافظتي درعا والسويداء خلال الأيام القليلة الماضية، وعادت معها نمنمة الحياة وآمالها إلى السوريين عامة، وأعادت إليهم ما كاد يغطيه الدم المهروق ودمار المدن وطرق اللجوء، لقد أعادت إليهم سيرة ثورتهم الأولى ورائحتها، وأعادت إليهم أملاً أوشك ينطفئ: بأن لدى السوريين الكثير ليقولوه، وأن الأيام القادمة لابد أن تكون لهم.
بعيداً عن تفاصيل هذه التظاهرات، وبعيداً عن اتساعها ومدى استمرارها، وبعيداً عما يتمخض عنها، فإنها في حالاتها كلها، وفي احتمالاتها كلها، قد استطاعت أن توصل إلى السوريين رسائلها بالغة الأهمية.
وهي ثلاث رسائل مكتوبة بالسوري الفصيح، ومنطوقة به، من درعا والسويداء إلى السوريين جميعاً دون تصنيفات ودون تخطيطات ودون غمغمة:
الرسالة الأولى موجهة باستقامة، وبالإصبع الوسطى، إلى رأس النظام وعصابته:
لقد انهارت مملكة الصمت التي أنشأها والدك، والتي ابتلعت سوريا على مدى عقود. انهارت منذ أول صرخة أطلقها السوريون في آذار 2011، والتي لاتزال مستمرة، ولن تتوقف حتى تصل إلى ما تريد.
وهي الصرخة التي تستطيع – أنت وأجهزتك الأمنية ومرتزقتك وحلفاؤك- أن تضغطها في أصواتنا وتضعفها، وأن تكتم تدفقها قليلاً، لكنك لن تستطيع أبداً أن تخرسها.
فلا تراهن كثيراً على أدواتك التي انكشفت؛ إذ لا مقولة الإرهاب ستجدي، ولا مقولة المؤامرة، ولا شق صف السوريين بين هذه الطائفة وتلك، ولا بين مؤيد ومعارض؛ فلم يعد في صفك إلا من ترعبهم أو تشتري ضمائرهم بفتات مائدتك، وبالتالي: ما من سوري يحلم بسوريا وطناً ثرياً بمواطنيه وقوياً بهم يمكنه أن يقف معك.
وعبثاً تحاول إعادة السوريين إلى قمقم الطاعة؛ فالسلطة التي تملكها قد نُخرت نخراً لم يوفر حتى عظامها، إن سلطتك منخورة بالفساد وبالطائفية وبالمجرمين، ومنخورة بوصايات الدول التي تتنافس وتتكالب على ضحيتك، وهي منخورة بمئات المجازر والجرائم والفظائع التي ارتكبتها أنت وعصابتك، وهي منخورة بما هو ألعن وأخطر؛ أي إنها منخورة بعقلك القاصر الذي لا يريد أن يرى ولا أن يتعلم، هذه سلطتك المنخورة التي لا بد أن تبتلعك أولاً، قبل أن تأكل نفسها بنفسها.
هل سمعت يوماً عن قائد قد انتصر في معركة، وهو يشك دائما أن جنوده خونة يتربصون به ويكرهونه؛ إذ لو كنت واثقاً ممن يؤيدونك، لما هددتهم بلقمة خبزهم إن غابوا، وإن توانوا، عن مسيرات تأييدك. ولما أمرت أجهزتك أن تعاقب من لا يحضر ومن يتمارض ومن يتأخر، ولما قررت ألّا عذر لأحد.
إذاً، ما أشد فاجعة مصيرك، وفاجعتك بنفسك، ما دامت سنوات المحنة السورية العشر لم تعلمك حرفاً واحداً، ولم تعلمك: أن الشعوب كالقدر تمهل ولا تهمل، وأن القادم سيطويك كما طوى طغاة كثيرين من قبلك.
أما الرسالة الثانية فهي موجهة إلى المؤيدين كلهم، أينما وجدوا.
لقد اخترتم الرئيس حين كان الخيار بين الوطن والرئيس! واخترتم الذل حين كان الخيار بين الكرامة والذل، واخترتم العبودية حين كان الخيار بين المواطنة والعبودية… فما بالكم الآن لا تنهضون من صمتكم إلى وطنكم وكرامتكم وحريتكم! ولماذا لا تغادرون متاريس خوفكم؟ فنحن طلاب وطن وحرية وكرامة وخبز، ولسنا طوائف حاقدة نخاف بعضنا بعضاً، ولسنا قتلة نخاف قصاصاً وثأراً، ولسنا عبيداً لكي نلبس رغماً عنا ما يريدون لنا أن نلبس.
وما نحن غير شعب قهره الطغيان طويلاً؛ فخرج صارخاً قهره، وحالماً بوطن يعيش فيه حراً كريماً غير جائع، ورافضاً من لا يراه إلا عبيداً له، من أجل هذا أشعل نار تفرقتنا، وصنفنا ألف تصنيف وتصنيف؛ لكي نبقى عبيداً في مملكته، واستقدم المرتزقة من شتى أصقاع الأرض؛ ليقتلنا، ويقتل سوريتنا، ويقتل حلمنا.
واليوم، نحن جميعاً نشهد مخاض سوريا الممتد والمتجدد الذي يستدعي قول: أن العار هو في ألا نقف بجانبها، وألا نساعدها في محنتها ونسندها، وألا ننقذها من احتمال نحرها. فلقد صمتنا طويلاً، وطويلاً أدرنا ظهورنا لأنينها وخرابها، واليوم لم يبق عذر لأحد منا؛ فقد اتضحت الرواية من ألفها إلى يائها. ولم يبق أحد يحاول طمس الحقيقة سوى من يرون في دوام ذلنا وضعفنا مصلحتهم.
وعندما نتلاقى بعد كل هذا الخراب انحيازاً لكرامتنا وحريتنا وسوريتنا وانتصاراً لها؛ سندرك أي كارثة ألحقناها بأنفسنا وبوطننا، وسنعرف حينها كيف نعيد إلى سوريا عافيتها، ما دام لم يعد هناك ما يمكن أن ننتظره من أي أحد؛ لأن وحدنا ووجعنا وقهرنا هو ما تبقى كي نعود شعباً مثل كل شعوب الأرض.
والرسالة الثالثة هي الرسالة الموجهة إلى المعارضين الذين يتوهمون أنهم أصحاب قول وملاك ثورة.
فالثورة ثورة؛ لأنها أولاً ليست ملك أحد، ولا يمكن أن تكون، حالها حال الوطن، فهما لنا جميعاً، فلماذا إذن تحاولوا سرقتهما.
عشر سنوات من زمن الثورة، وأربعون قبلها، ولم نتعلم: أن الوطن لا يقوم على تصنيف مواطنيه. ولم نتعلم أيضاً: أن الظلم يجب ألّا نسكت عنه؛ فإن سكتّ عنه لأنه ليس واقعاً عليّ، سيصلني حتماً في يوم ما، ولأن الوطن مهما عظم شأنه لا يمكن أن يكون وطناً، وفي نفس الوقت يبيح ظلم أي فرد فيه.
وليس لأحد الحق في أن يسلب أحد آخر حقه، مهما يكن رأيه ورايته، وليس لأحد الحق في فرض رأيه على آخر، وليس لأحد أن ينصب نفسه وصياً على أحد إلا بما يجيزه القانون.
عشر سنوات ونحن ننشج، عشر سنوات ونحن ندفع من دمنا وتعبنا ومستقبل أولادنا؛ لأن بعضنا قد توهم أنه الوصي على الثورة، ولأن بعضنا الآخر قد توهم أنه الوصي على السوريين…إلخ.
ألا يكفينا ماحل بنا لنعلم ونتعلم؟!
ما بين الأرض وحقائقها والفيس بوك وأخواته وأوهامهم مسافة لا تردمها التمنيات. ومن يواجه الموت والسجن والجوع هو من يحدد كيف يواجه، وهو من يرتب أولوياته.
لم تعد تفيدنا تصنيفاتكم، ولا تهمنا، ما بين داخل وخارج، وما بين طائفة وأخرى، وما بين رجل وامرأة، وما بين قومية وأخرى، وما بين جديد على الثورة وآخر مخضرم… كل معارككم على شاشات وهمكم الزرقاء لم تعد تعنينا.
ما يعنينا هو أمر واحد الآن، هو: أن نرتب أولوياتنا جميعاً، وأن يكون أول أولوياتنا أن تعود سوريا إلينا، وأن نحررها من عصابة اختطفتها طوال نصف قرن، وبعدها سيكون لنا أولويات أخرى، وحماقات أخرى، ودروس أخرى.
فالأوطان لا تنتصر بالأوهام، إنها تنتصر بحقائق الحياة.
تلفزيون سوريا
————————-
انتفاضة السويداء.. حفر في الواقع لا قفز بالهواء/ نزار السهلي
كان أجدادنا عندما يتخطى أمر أو حدث ما الواقع المألوف، ويتعدى القدرة على الاحتمال يطلقون قولهم المأثور “لقد بلغ السيل الزبى”، مع ما يحمله من نفاذ صبر وغضب وتهيؤ لرد فعل يناسب المقام، وبقي هذا المأثور الشعبي بمثابة المعيار الذي يحكم العلاقة بين الفعل ورد الفعل، إلى أن جاء أداء النظام السوري، الذي وسم سلوكه ضد السوريين من الجنوب إلى الشمال ومن شرق البلاد إلى غربها، حيث اجتاح سيل الحطام والقتل والانهيار الاقتصادي والاجتماعي الزبى السورية وأغرقها وحول السوريين الى أكياس لتلقي لكمات ما بعد الحطام.
الأعذار والتبريرات التي ساقها النظام لإحداث الشروخ العميقة في الجسد السوري لم تفلح بإنهاكه وإظهاره بلا روح، وبلا فعل. الأرواح السورية في كل البلاد تنعش بعضها البعض وحبل السرة الممتد من السويداء ودرعا جنوبًا الى إدلب والرقة شمالًا، ومن دير الزور شرقًا إلى الحفة واللاذقية لم ينقطع يومًا.
تنتفض السويداء على الأسد اليوم وتعيد لحبل السرة تدفق الكرامة مجددًا، ومن يحاول تصوير ثورة مدينة السويداء على أنها قفز بالهواء لا حفر في الواقع، هو ذاته الذي وجد في ثورة السوريين كلها خارج المألوف، والمألوف هنا نظرة استكانية وقدرية في ظل حكم الأسد، والاتهام في موقع الدفاع والعجز عن انتزاع المبادرة بالمعنى السياسي والجماهيري لم يغب. هذه الحقيقة من الخطأ التغافل عنها أو تمويه النقاش بصددها من خلال رفع الصوت واقتصار الحديث عن مأزق المعارضة أو الأقليات التي لعب على وترها النظام، وفشل بعد تسعة أعوام من تسويق رتابة الانهيار الشامل بسيطرة وحشية ونصر على السوريين، يفضي بأحسن أحواله للعودة مجددًا للثورة والمطالبة بإسقاط النظام
قبل العام 2011، كانت أسباب الثورة البديهية المعروفة ضد نظام الاستبداد والقمع والقهر ونظام الفساد والوظيفة تقود لبداهة اندلاع ثورة ضد نظام متشعب في سطوته الأمنية والاقتصادية. بعد تسعة أعوام من الثورة ونصف قرن من الأسباب التي أضافت لها الثورة السورية ملايين الأسباب، القاضي أبسطها بمحاكمة النظام وأركالنه كمجرمي حرب، وبجرائم الإبادة الجماعية ضد الإنسانية، فما بالنا اليوم مع التردي الشامل للانهيار على مستويات عميقة، لن ينفع معها الترقيع والتقطيب لحلة النظام المهترئة، ولم تعد تنفع الشعارات والبرامج والخطط التي باتت محل تندر واستهزاء في صفوف حاضنته “الشعبية”، ولا سياسة تبديل القبعات والوجوه التي يحركها نظام مستبد يمكنها حل أبسط المشكلات التي تواجه المجتمع السوري، بالاعتماد على منظومة قاتلة وفاسدة وفاشلة في التجريب منذ أكثر من خمسة عقود لنظام ذي نزعة أمنية وعسكرية صرفة، بالتعامل مع تحديات المجتمع وتطوره الطبيعي.
في ثقافة النظام السوري يظهر ترادف بين التصريحات والأفعال فقط حين يتعلق الأمر بقمع السوريين، وتظهر الحيرة والارتباك بين الفعل ورد الفعل على ما يدعيه من مواجهة للعدو أو المؤامرة “الكونية”. هذه الحيرة ليست ضريبة كلامية وشعاراتية بقدر ما كانت قاسمًا مشتركًا للمهمة الهامة الموكلة لوظيفة النظام الأساسية نحو ترسيخ هزيمة المجتمع السوري أمام مطالبه في الحرية والعدالة والمواطنة و الكرامة الإنسانية. وفي ثقافة المجتمع السوري الذي نستطيع القول إنه ناجٍ اليوم من هاوية الفتنة والتذابح التي رسم خطها النظام، يعيد السوريون بلورة التناقضات مع الأسد، وقد تكثفت عيانيًا أمامهم بجملة التفريط بحياة ملايين السوريين وبمقدراتهم الاقتصادية والاجتماعية وبالسيادة الوطنية.
انتفاضة السويداء أو ثورة أبنائها، صورة للبدايات والنهايات الحتمية في الحفر العميق بواقع السوريين للخلاص من حكم الأسد، وتعرٍ للحقائق الدامغة بأن سيطرة الأسد ودعمه من قوى الاحتلال المختلفة على الأرض السورية لن يحمي أبدًا الطاغية المتزعزع والمهزوز أصلًا قبل قانون قيصر. كل سوري بات قيصرًا في حكمه على نظام الأسد وقوانين البقاء والولوج إلى سوريا المستقبل، تقبل عصرها دون الأسد، وتلك ضرورة الحرية والمواطنة والكرامة، وهي بديهيات مغادرة الأسد وحلفائه لأساطير البقاء فوق صدور السوريين، والسيل والزبى لن يوقفان مجرى التاريخ.
الترا صوت
————————–
“هذا زمان آخر”.. احتجاجات السويداء تتوسع رغم التعزيزات الأمنية
ألترا صوت – فريق التحرير
طالب نشطاء من محافظة السويداء في رسالة موجهة لمشايخ المحافظة والرأي العام في آن واحد، بعدم الدعوة على مستوى المحافظة لمنع خروج المظاهرات المطالبة برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، محملين النظام السوري مسؤولية الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ بداية العام الجاري، الأمر الذي أدى لتخطي سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية حاجز الـ3.500 ليرة مسجلة، أدنى مستوى لها منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس من العام 2011.
وقال النشطاء في بيانهم الذي نقلته شبكة السويداء 24 المحلية موجهين رسالتهم لمشايخ المحافظة: “لقد عشتم سنين طويلة بخياراتكم وأفكاركم التي نهلنا منها وقبلناها واحترمناها وما نزال، لن نعلوا عليكم، وسنقبل منكم كعادتنا، إلا شيئًا واحدًا، أن تمنعوننا من حقنا أن يكون لنا خيار هذه المرة”، ومضى النشطاء في بيانهم مضيفين: “هذا زمان آخر ومكان آخر.. هذا زماننا ومكاننا وقد طال القهر.. لا تقفوا مع الظالم وتناصروه وتنصروه علينا وأنتم أهل الحق، قولوا إننا أبناؤكم.. أبناء هذه البلد.. وأنه يحق لنا أن نخوض تجربة غير مكرورة”.
تابع النشطاء في بيانهم مذكرين بأن “حقوقهم المشروعة” التي ينادون بها في هتافات المظاهرات لم تخرج عن الأطر الدستورية والقانونية وحقوق الإنسان، مؤكدين على ذلك بقولهم: “نحن لم ولن نعتد على أحد، ونطلب منكم أن لا تسمحوا لمعتدٍ أن يستخدمكم حجة لهدر دمنا، تعلمون جيدًا أننا عندما خرجنا بمطالب معيشية منذ أشهر تم تخويننا، وكثرت الاستدعاءات الأمنية، ولم تكن شعاراتنا مثل اليوم”.
وفي إشارة لانتشار صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تدل على الحياة الباذخة التي يحظى بها أبناء السياسيين والقادة العسكرين المقربين من الأسد، وعقود إيجار الموانئ السورية التي وقعها النظام السوري مع موسكو وطهران، قال النشطاء: “إنهم (النظام السوري) يريدون جيلًا يرى أرضه ومنشآته العامة تباع، ومقدرات وطنه تنهب ومصيره يرمى للمجهول، ومع ذلك يصمت! أنتم ونحن نعلم أن أبناءهم لايعانون معناتنا، ولايخافون على مستقبلهم، في حين يطلبون من الناس أن تصمد”، وأضافوا متسائلين: “أليس هذا دليلًا كافيًا أنهم يستخدمون الوطن وثرواته وشعبه من أجل راحت أبنائهم؟”.
فيما أشار النشطاء في بيانهم إلى أن “حماسة” المظاهرات دفعتهم “لاستخدام هتافات أربكت الشارع وبعثت الخوف في قلوب البعض”، موضحين بأنهم يعملون في الوقت الراهن “على تنظيم شعاراتنا أكثر متمسكين بالخطاب المتمثل بعدم إضاعة البوصلة وعدم الخوف من تحميل المسؤولية لمن يجب أن يحملها”.
وختم النشطاء بيانهم بالتأكيد على عدم الانسياق “لأخطاء الماضي”، وأنهم سيعملون على تنظيم شعاراتهم “بما يرضي الوطن والديمقراطية والمدنية والحق”، مجددين دعوتهم لمشايخ المحافظة بالقول: “أنتم بكل تأكيد لستم أعداء حرية، ولستم أعداء كرامة، لذلك نحتاج دعاءكم وعدم نصرة الظالم علينا، لأننا نعرف أنكم تعرفون أين الحق، وكلنا ثقة أن الحق غالب وغلاّب وأنتم أهله”.
وكانت قوات النظام السوري قد اعتقلت قبل يومين شخصين من أبناء المحافظة في حادثتين منفصلتين، قبل أن تشرع بإطلاق سراحهم تحت الضغط من فصيلين محليين ضمن تشكيلات حركة رجال الكرامة في المحافظة، بعدما هددوا باعتقال عناصر وضباط قوات النظام المنتشرة على الحواجز الأمنية في المحافظة في حال لم يتم الإفراج عن الموقوفيّن، في وقت لا يزال مصير رائد الخطيب مجهولًا، والذي اعتقل يوم الثلاثاء الماضي على خلفية خروج المظاهرات المناوئة للنظام السوري.
كما تداولت صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا يظهر تنظيم نشطاء المحافظة لمظاهرة جديدة صباح السبت، لليوم السابع على التوالي، فيما أشارت وسائل إعلام محلية لخروج مظاهرات في بلدات درعا وريف دمشق، فضلًا عن مظاهرات في الشمال السوري، تدعم المطالب التي تنادي بها مظاهرات السويداء، ومؤكدين على ضرورة رحيل الأسد عن السلطة، بعد مضي قرابة عقد على الصراع السوري.
وأفادت السويداء 24 نقلًا عن مصادر محلية أن قوات النظام السوري كثفت من تحركاتها في مدينة السويداء خلال الأسبوع الماضي، على خلفية خروج الاحتجاجات المناوئة للنظام السوري، مشيرةً لاستنفار المراكز الأمنية في المحافظة، وأنها قامت بتسيير دوريات أمنية في أحياء المحافظة، ونصب عديد الحواجز المؤقتة للبحث عن المشاركين في المظاهرات، في ظل توارد أنباء عن تعميم فرع أمن الدولة لعشرات الأسماء المشاركة في المظاهرات.
تأتي المظاهرات التي تشهدها مناطق سيطرة النظام السوري، قبل أقل من أربعة أيام على بدء تنفيذ قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين، ومن المتوقع أن يدخل قانون العقوبات الأمريكية المشدد يوم الثلاثاء القادم حيز التنفيذ، ويشمل القانون في مرحلته الأولى سلسلة عقوبات اقتصادية تستهدف البنية المالية للنظام السوري، بما فيها المصرف المركزي، وتفرض قيودًا على حركة التبادل الاقتصادي بين النظام وحلفائه، لجهة إمداده بالمواد والأموال وكل ما يساعده على استمرار حربه ضد السوريين.
وأشار موقع ميدل إيست إي البريطاني إلى تسبب انهيار الليرة السورية بارتفاع بالأسعار، وزيادة معاناة الطبقات السورية، فضلًا عن الآثار السلبية التي خلفها فيروس كورونا الجديد، والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي على أكثر من 250 شخصية وكيان مقربين من النظام السوري.
في السياق، نقل الموقع البريطاني عن أحد المشاركين في مظاهرات السويداء تحميل النظام السوري في المقام الأول مسؤولية المشاكل الاقتصادية، وأوضح الشخص الذي عرف عن نفسه باسم ريان أن الأساليب والإجراءات التي انتهجها النظام السوري خلال السنوات الماضية أدت “لانهيار اقتصادي كامل وزيادة مجنونة في الأسعار” مما أدى “لتجويع المدنيين”.
في حين أكدت صفاء إحدى المشاركات في مظاهرات المحافظة على حاجة السوريين “لثورة جديدة ضد فساد المعارضة والحكومة السورية”، وتابعت مضيفةً أن “العديد من المجرمين استغلوا معاناة المدنيين باسم الثورة، وفي النهاية، بعدما دمروا البلاد تصالحوا مع النظام”، في إشارة لقادة فصائل المعارضة الذي أبرموا اتفاقيات تسوية مع النظام السوري، قبل أن تختم حديثها بالقول: “على مدى السنوات الماضية، كان المدنيون أكبر الخاسرين.. هذا يكفي.. من حقنا أن نعيش بكرامة”.
وسجل موقع الليرة اليوم الإلكتروني سعر 2.300 ليرة مقابل الدولار صباح السبت، مسجلًا معدل انخفاض بنسبة 2.06 بالمائة عن الأسبوع الماضي، فيما لا يزال أصحاب المحال التجارية في مناطق سيطرة النظام السوري يعزفون عن البيع للمستهلكين أو يغلقون محالهم لعدم استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، واختفاء النقد الأجنبي من الأسواق مما يمنعهم من استيراد المواد والبضائع من الخارج، لعدم قبول المصدّرين بيع بضائعهم بالعملة المحلية.
في حين تناقلت وسائل إعلام محلية بيانات مشتركة للمجالس المحلية التابعة للحكومة السورية المؤقتة في ريف حلب، بشأن استبدال التعاملات النقدية بالليرة التركية بدلًا من الليرة السورية.
وكان الأسد قد أقال الخميس رئيس الحكومة عماد خميس من منصبه، وأصدر مرسومًا تشريعيًا يقضي بتكليف وزير الموارد المائية حسين عرنوس بمهام رئاسة الوزراء إضافة لمهامه كوزير للموارد المائية، في خطوةٍ وصفها محللون بأنها محاولة من الأسد لتحميل خميس الذي استلم منصبه منذ عام 2016، مسؤولية الانهيار الاقتصادي المتسارع في مناطق سيطرة النظام، والذي قد يؤدي لكارثة إنسانية خلال الأسابيع القليلة القادمة.
——————————-
تجدد المظاهرات المعارضة للنظام السوري في السويداء
وجهاء دروز يدعون إلى «بتر رعونة» بعض الشباب… وقادة الحراك يتعهدون «السير على حد السيف»
تجددت أمس التظاهرات المعارضة للنظام السوري في مدينة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، جنوب البلاد، بعد توقف لمدة يومين تخللته تظاهرات مؤيدة للنظام في السويداء وفي دمشق، وقرار الرئيس بشار الأسد إقالة رئيس الوزراء عماد خميس وتكليفه حسين عرنوس، وزير المياه، لرئاسة الحكومة إلى حين إجراء انتخابات برلمانية في 19 الشهر المقبل. وكان لافتا أن هتافات أمس، كانت مشابهة لما نادى به متظاهرون في درعا المجاورة قبل تسع سنوات.
وأفادت شبكة «السويداء 24» أمس بـ«تجدد الاحتجاجات للمطالبة بالتغيير السياسي، ورحيل الرئيس السوري، الذي يراه المحتجون بداية الحلول، لجميع الأزمات التي تعيشها البلاد، اقتصادياً وأمنياً وسياسياً». وأضافت أن المتظاهرين انتقلوا إلى الشارع المحوري ثم دوار المشنقة، قبل أن يصلوا إلى ساحة المحافظة.
وهتف متظاهرون، بحسب فيديو وزعته «السويداء 24»، شعارات تتضمن المطالبة بإطلاق المعتقلينَ والتغيير السياسي، كان بينها: «الشعب يريد إسقاط النظام» و «سوريا لنا وليست لآل الأسد» و «الجيش لنا وليس لآل الأسد» و«الشعب يريد إسقاط النظام».
– بتر الرعونة
جاءت هذه التظاهرات بعد بيان من رؤساء الطائفة الدرزية، جاء فيه: «يطيب لنا في الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين أن نتكلم بأشجان شعبنا التي تكررت البيانات حول بعضها، وربما كانت هناك آذان صاغية وأياد فاعلة صححت المسير، وعادت إلى نهج الضمير، وربما نظر البعض إلى الكلام أنه لا ينفع، فنأى بنفسه عن التوجيهات السديدة». وأضاف: «نفخر بشعبنا، بروحه العالية، بوفائه وشجاعته وكرمه بكل شيء، شعبنا كريم حتى بطول صبره وجلده على مرارة الظروف، يستحق التقدير ورفع آيات الاحترام، فكلما رفعنا سلاما لجيشنا الباسل المغوار المقاتل الشجاع، نرفع مثله لشعب يستحق الحماية والثناء، شعب كهذا يستحق حكومة تذود عن حماه، تخفف عنه الأسى، تردع سارقيه وتسن من القوانينَ ما يخدمه لا ما يستنزفه وينهبه».
وتابع البيان أن الشعب السوري «يستحق العطاء لا الانتقاص، تتوجب حمايته من الداخل قبل الخارج، لا أن يكون العدوان الخارجي ستارا للبعض لسلب حقوق الجماهير، وألا يكون الحصار الاقتصادي الجائر ستارا وقميصا يرتديه العابثون». وتساءل البيان: «أين هي الحكومة من حماية شعبها من تدني قيمة العملة وإفلاس الشعب ماديا ومعنويا؟».
لكن البيان قال: «ما نشهده منذ مدة عن خروج بعض الأبناء عن طاعة أهلهم لأنهم وجدوا من يرعاهم بالسوء، وهي تصرفات فردية رعناء معيبة، يجب بترها بكل السبل، لأن هذه العيوب التي يمارسها بعض السيئين بعيدة كل البعد عن عادات وطباع وتربيه الأهل والأجداد، وغريبة عن تربية وأصالة التوحيد، ونحن بريئون من هؤلاء المارقين ومن رعونتهم، ونهيب بالمعنيينَ جميعا ألا يشكلوا غطاء ولا حماية ولا تشجيعا لهؤلاء. إن ابتعدت الجهات المختصة عن أخذ دورها، فلن تبتعد الأخلاق والأصول الدينية والاجتماعية».
– حد السيف
في المقابل، رد «شباب الحراك السلمي» على البيان بالقول: «حضرات المشايخ الأجلاء: نعرف أننا وضعناكم في موقف حرج، نعرف أنكم تمشون على حد السيف، بين مطرقة ضغوط قوى الأمر الواقع وسندان الوقوف بوجه أبنائكم. لقد عشتم سنينَ طويلة بخياراتكم، وأفكاركم، التي نهلنا منها وقبلناها واحترمناها وما نزال، لن نعلوا عليكم، وسنقبل منكم كعادتنا، إلا شيئا واحدا، أن تمنعونا من حقنا أن يكون لنا خيار هذه المرّة»، مضيفين «اتخذنا قرارنا، ولا نطلب منكم أن تناصروه، لكن نستحلفكم بدماء أحبتكم، وغربة أبناء وطننا، وكتبكم المقدسة أن لا تطعنوه، هذا زمان آخر ومكان آخر. هذا زماننا ومكاننا وقد طال القهر، لا تقفوا مع الظالم وتناصروه وتنصروه علينَا وأنتم أهل الحق، قولوا أننا أبناؤكم أبناء هذا البلد، وأنه يحق لنا أن نخوض تجربة غير مكرورة».
وحض الشباب وجهاء الطائفة على حمايتهم، قائلينَ: «سيسجل التاريخ لكم هذا الموقف أنكم حميتم حرية شبابكم، وحقوقهم المشروعة دستوريا وقانونيا وإنسانيا قبل كل شيء نحن لم ولن نعتدي على أحد، ونطلب منكم أن لا تسمحوا لمعتدٍ أن يستخدمكم حجة لهدر دمنا، تعلمون جيداً أننا عندما خرجنا بمطالب معيشية منذ أشهر تم تخويننا، وكثرت الاستدعاءات الأمنية، ولم تكن شعاراتنا مثل اليوم، هم لا يريدون حجة ليقفوا في وجه الحق»، مشيرين إلى «إنهم يريدون جيلاً يرى أرضه ومنشآته العامة تباع، ومقدرات وطنه تنهب ومصيره يرمى للمجهول، ومع ذلك يصمت! أنتم ونحن نعلم أن أبناءهم لا يعانون معاناتنا، ولا يخافون على مستقبلهم، في حين يطلبون من الناس أن تصمد، أليس هذا دليلاً كافياً أنهم يستخدمون الوطن وثرواته وشعبه من أجل راحت أبنائهم».
واتخذت السويداء منذ 2011 موقفا محايدا من الثورة ضد النظام، لكن شبابها رفضوا المشاركة في العمليات العسكرية إلى جانب قوات النظام. وكان لافتا أن بعض هتافات السويداء أمس، كانت مشابهة لهتافات أهالي درعا المجاورة قبل تسع سنوات.
وقال بيان «شباب الحراك السلمي» أمس: «لن ننساق لأخطاء الماضي، وسنمشي كذلك على حد السيف وسنرتب أوراقنا بما يرضي الوطن والديمقراطية والمدنية والحق، تدفعنا كرامتنا للصراخ، وحريتنا لعدم الاختباء خلف أصبعنا». وخاطب وجهاء الطائفة: «أنتم بكل تأكيد لستم أعداء حرية ولستم أعداء كرامة، لذلك نحتاج دعاءكم، وعدم نصرة الظالم علينَا، لأننا نعرف أنكم تعرفون أين الحق وكلنا ثقة أن الحق غالب وغلاّب وأنتم أهله».
——————————-
سميح شقير: السويداء قامت.. حقاً قامت
أطلق الفنان السوري سميح شقير أغنية جديدة، تحت عنوان “قامت” بالتزامن مع الاحتجاجات التي تشهدها محافظة السويداء السورية، وباتت تطالب بتغيير النظام إلى جانب المطالب المعيشية والخدمية التي بدأت بها.
وأعلن شقير الذي يتحدر من محافظة السويداء، السبت، عن إطلاق الأغنية الجديدة التي كتب كلماتها ولحنها وغناها، وقال عبر صفحته الشخصية في “فايسبوك”: ” صباح الخير يا سويدا. وهي الغنيي إلك”.
وباتت الأغنية متوافرة عبر قناة شقير في منصة “ساوند كاود”، وتحمل ألحاناً قريبة من تلك النغمات التقليدية المعروفة في المنطقة مع عزف شقير الشهير على العود، وتكرر كلماتها: “قامت قامت قامت. قامت حقاً قامت. قامت تحمي الكرامات. السويدا حقاً قامت”.
والحال أن مواقف شقير (63 عاماً) من الربيع العربي عموماً كانت بارزة وداعمة للشعوب العربية في ثوراتها ضد الديكتاتوريات المحلية. وقدم العديد من الأغاني للثورة السورية تحديداً من أبرزها أغنية “يا حيف” بداية الثورة السورية، إضافة إلى أغان عديدة اشتهر بها سابقاً كأغنية “يا الجولان يلي ما تهون علينا”، وأغان متعلقة بالثورات العربية الأخرى مثل الثورة السودانية التي غنى لها “الفرح السوداني” في نيسان/أبريل 2019.
وتشهد محافظة السويداء مظاهرات معارضة للنظام رفعت فيها شعارات وأعلام الثورة السورية ووجه فيها المتظاهرون التحية لبقية المناطق الثائرة مثل إدلب. علماً أن المحافظة شهدت احتجاجات مطلع العام حملت حينها شعار “بدنا نعيش”، وأخذت طابعاً بعيداً من المطالبة بإسقاط النظام، بالتركيز على الجانب الاقتصادي والمعيشي.
————————–
هذه هي الشركة التي تقف خلف حذف فيديوهات السويداء/ عمار الحلبي
قال ناشطون سوريون إن موقع “فيسبوك” للتواصل الاجتماعي، حذف عدداً من الفيديوهات التي توثق احتجاجات محافظة السويداء جنوبي سورية، بسبب التبليغ عنها من قبل شركة إعلامية تدّعى حق الملكية ومقرها لندن.
ونشر الصحافي غسان المفلح على صفحته على “فيسبوك”، لقطة لشاشة حاسوبه تظهر قيام الموقع بحذف أحد الفيديوهات التي شاركها على صفحته من تظاهرات السويداء. وعلّق قائلاً “الفيديو تم حظره نهائياً وحذفه مع البوست.. وهددني فيسبوك، واسم الجهة التي قدمت البلاغ هي Yala Media Network مدعية أن لها حقوق الملكية”.
فيما قال الكاتب والصحافي حافظ قرقوط، إن الشركة المذكورة هي “مؤسسة لها دور مخابراتي، ربما هي في لندن بحسب بعض الأصدقاء وتدار دولياً من النظام السوري لمتابعة الناشطين خارج سورية وللأسف نخشى أن إدارة فيسبوك تيسر لها الأمر، وقد بدأت بحذف فيديوهات ما يحصل في السويداء. إلى الجهات الحقوقية الدولية نتمنى الالتفات إليها مع انطلاق المحاكمات لمجرمي الحرب في سورية في بعض الدول الأوروبية. قد يكون أيضاً لها دور بتبييض الأموال لصالح النظام… وأتمنى على السوريين وأصدقائهم التفاعل في فضحها إعلامياً كشريك للقتلة”.
ونبه الكاتب ماهر شرف الدين إلى ضرورة تتبع الشركة بالقول: “أصدقائي، هناك مؤسسة تتبع نظام الأسد اسمها Yala Media Network. وهذه المؤسسة تقوم بالتبليغ على فيديوهات #مظاهرات_السويداء بحجة أنها حقوق ملكية، وفيسبوك يقوم بحذفها فوراً! لذلك أرجو المساعدة في التعرّف أكثر على هذه المؤسسة وأسماء القائمين عليها، خصوصاً أن مقرّها كما قرأتُ في لندن. يجب التواصل مع إدارة فيسبوك من أجل إفهامها بأن هذه المؤسسة تابعة للأسد”.
وعاد شرف الدين مرة أخرى ليكشف عن هوية الشخص الذي يدير الشركة، مدرجاً رابط صفحته قائلاً: “صاحب هذا الحساب (أحمد مؤمنة) هو الذي قام بشراء شركة تملك الحقّ في حذف الفيديوهات على فيسبوك، بدعوى حقوق الملكية، والتي تسبَّبت بموجة الحذف الأخيرة والواسعة لفيديوهات سورية كثيرة. اسم الشركة Yala Media Network”.
وعند الدخول إلى حساب أحمد مؤمنة الذي اتهمه شرف الدين بشراء حقوق الملكية لفيديوهات السويداء، تبيّن من خانة التوصيف الوظيفي الذي أدرجه لنفسه على صفحته، أنه مدير لدى Yala Group. وعند البحث أكثر عن الشركة وعن علاقات مؤمنة يتبيّن أنه على ارتباط كذلك بشركة Yala Media Network وهي شركة سوريّة للإنتاج الفني تشير على صفحتها على “فيسبوك” أن مقرها لندن، وهي جزء من Yala Group التي يديرها مؤمنة. ويبدو كذلك أنها لم تنتج سوى بعض “السكيتشات” الدرامية، آخرها كان بعنوان “لو مثلاً” من بطولة الممثلين أندريه سكاف، وزهير عبد الكريم، والأخير معروف بتأييده للنظام السوري.
العربي الجديد
———————-
فايسبوك يحذف فيديوهات السويداء..بإيعاز من شركة إنتاج أسدية!
اشتكى عشرات الناشطين السوريين من أن موقع “فايسبوك” بات يحذف مقاطع الفيديو المتعلقة بالمظاهرات المستمرة في محافظة السويداء، والتي تطالب بالتغيير السياسي وإسقاط النظام السوري.
ونشر الناشطون صوراً تظهر الرسالة التي تصلهم من “فايسبوك” ويشتكي فيها الموقع الأزرق من أن الفيديو ينتهك حقوق الملكية الفكرية، قبل حذف الفيديو نهائياً. واللافت أن الجهة التي تدعي امتلاك حقوق النشر هي شركة إنتاج فني ناشئة تتبع لنظام الأسد تدعى “Yala Media Network”، وأنتجت حتى الآن عملاً فنياً واحداً هو مشروع “لو مثلاً” للممثلين زهير عبد الكريم وأندريه سكاف.
وكتب الناشط والصحافي أحمد بريمو، مدير منصة “تأكد” المتخصصة في كشف الأخبار الكاذبة، عبر حسابه في “فايسبوك”: “توضيح لم أكن أرغب بنشره قبل حل المشكلة ولضمان عدم الالتفاف والهروب من المساءلة، إلا أنه من الواضح أن الكثير منكم لاحظ كيف يحظر فايسبوك نشر فيديوهات معينة من حراك السويداء”.
وأوضح بريمو أن “فايسبوك” بات يحظر منذ حوالي أسبوع مقاطع الفيديو الخاصة بمظاهرات السويداء بحجة انتهاك حقوق الملكية، لصالح شركة “Yala media Network” وهي شركة مرخصة في دمشق. وأكمل: “نعتقد أن هذه الشركة تابعة للنظام السوري مباشرة، وبطريقة غير شرعية تقوم بتزوير شهادات ملكية للفيديوهات التي يتم تصويرها من قبل نشطاء السويداء وإرفاقها مع الفيديوهات بعد رفعها على لوحة تمنحها فايسبوك لشركات الانتاج الفني وتطلب من فايسبوك حظر نشر المحتوى الذي تدعي ملكيته، أينما نشر باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي”.
وأكمل بريمو: “تهدف هذه الشركة لمنع انتشار الفيديوهات التي توثق الحراك السلمي في السويداء ضد نظام الأسد، ولا يمكن لاحد ادعاء ملكية حقوق نشر الفيديوهات لانها حق عام”. مضيفأً أنه تم إبلاغ “فايسبوك” منذ 3 أيام بهذه الثغرة بانتظار رد من طرف عملاق مواقع التواصل الاجتماعي.
واستغرب المعلقون في “فايسبوك” و”تويتر” من تعاون “فايسبوك” مع الشركة المذكورة، خصوصاً أن “خروج المئات والالاف من أبناء السويداء وبث هذا المحتوى في فايسبوك لا يمكن أن يكون انتهاكاً لحقوق ملكية شركة غير معروفة!”، فيما لمح آخرون إلى وجود اختراق لشركة “فايسبوك” من طرف الجيش الإلكتروني التابع لنظام الأسد.
وربما لا يكون ذلك ضرباً من الخيال، ففي مطلع الشهر الجاري، حذف “فايسبوك” مشاركات وحسابات السوريين المعارضين، بما في ذلك المنشورات التي كتبت في رثاء المعارض البارز عبد الباسط الساروت، بحجة “مخالفة قوانين النشر” و”الإساءة لمعايير المجتمع” في المنصة الاجتماعية. ما استدعى حملة واسعة تحت هاشتاغ #فيسبوك_يحارب_الثورة_السورية.
وقال الناشط المعارض محمد عساكره، الذي يساعد ناشطي الثورة السورية منذ سنوات في الجانب التقني، حينها، أن إدارة “فايسبوك” قامت بتعطيل حسابات لناشطي ومواقع الثورة بشكل تعسفي رغم أنها لم تنتهك حقوق وسياسة الموقع، مشيراً إلى وجود شخص يعمل في شركة “فايسبوك” يدعى فارس عقاد، وصفه بأنه أحد موالي النظام السوري، مرجحاً أن يكون الأخير متورطاً في عملية تعطيل حسابات ناشطي الحراك الثوري السوري، حسب تعبيره.
من جهته قال الكاتب والسيناريست السوري حافظ قرقوط عن شركة “Yala media Network”: “هذه مؤسسة لها دور مخابراتي ربما هي في لندن بحسب بعض الأصدقاء وتدار دولياً من النظام السوري لمتابعة الناشطين خارج سوريا وللأسف نخشى أن إدارة الفيسبوك تيسر لها الأمر وبدأوا بحذف فيديوهات ما يحصل بالسويداء”.
وأكمل: “إلى الجهات الحقوقية الدولية نتمنى الالتفات إليها مع انطلاق المحاكمات لمجرمي الحرب في سوريا ببعض الدول الأوروبية. قد يكون أيضاً لها دور بتبييض الأموال لصالح النظام. وأتمنى على السوريين وأصدقائهم التفاعل في فضحها إعلامياً كشريك قتلة”.
————————————
احتجاجات السويداء… سوريون قلقون من تفاقم الأوضاع/ ريان محمد
لا يخفي أهالي السويداء السورية مخاوفهم من تفاقم الأوضاع فيها، لا سيّما بعد الاحتجاجات الأخيرة التي قامت قبل أسبوع واحد في وجه النظام السوري الذي عمد إلى استنهاض شارع في وجه آخر في محاولة لإبقاء سيطرته على المنطقة.
غير اعتيادية تبدو الحركة في سوق الشعراني، وسط مدينة السويداء في جنوب سورية، والذي يصل امتداده إلى ساحة سلطان باشا الأطرش حيث يقع مقرّا محافظة السويداء وقيادة الشرطة. عند أبواب المحال التجارية، يقف أصحابها والعاملون فيها ويراقبون المارة القلائل في الشارع فيما تدور النقاشات بينهم حول التظاهرات الأخيرة التي انطلقت يوم الأحد الماضي في السابع من شهر يونيو/ حزيران الجاري وحول توقّعاتهم لردود فعل النظام السوري، وذلك فيما أثار إجبار النظام الموظفين والطلاب على الخروج في مسيرة مؤيّدة له يوم الأربعاء الماضي في العاشر من الشهر نفسه تخوّفاً كبيراً. فالأمر يُفسّر على أنّه توجّه من قبل النظام إلى خلق حالة صدام بين المتظاهرين المعارضين وهؤلاء الموالين من أبناء المحافظة الواحدة، علماً أنّ تلك مسيرة انتهت بإطلاق عنصر أمني النار على أحد الناشطين المشاركين في التظاهرات من دون إصابته عقب محاولة اعتقال فاشلة.
ينادي سامر معروف (اسم مستعار) وهو شاب عشريني، على بضاعته المكدّسة على بسطة لبيع الملابس في شارع الشعراني. وسامر خسر دراسته الجامعية، علماً أنّه استنكف عن الخدمة العسكرية الإلزامية في القوات النظامية. يقول لـ”العربي الجديد”: “يريدون أن يذبح بعضنا بعضاً. النظام يريد أن يخلق اقتتالاً داخلياً بين الدروز أنفسهم”. وهذه المخاوف يتشاركها دروز السويداء بمعظمهم، نظراً إلى ما يتميّز به هذا المجتمع من روابط عائلية متشابكة مستندة إلى العقيدة الدينية، الأمر الذي حمى أبناءه من الاعتقال ومن هجمات المجموعات المتشددة في خلال السنوات الأخيرة. يضيف معروف أنّ “النظام يجبر الموظفين وطلاب الجامعات على النزول إلى الشارع بالتهديد والوعيد، إن بالفصل أو الملاحقة، وقائمة الاتهامات جاهزة لكلّ شخص. وهو يجبرهم على الهتافات المؤيّدة له ويدفعهم إلى التصادم مع المتظاهرين، ليأتي في النهاية ويفرض سيطرته الأمنية على المحافظة”. ويلفت إلى أنّ “المجتمع في السويداء محكوم بعلاقات عائلية ومناطقية، وأيّ صدام بين أبناء العائلات أو المناطق يشكّل خطراً في ما يتعلق بوقوع انقسامات، على الرغم من أنّ العقلاء والوجهاء المحليين ما زالوا قادرين حتى اليوم على احتواء مثل هذه النزاعات”.
من جهته، يشعر أبو إبراهيم (63 عاماً)، وهو صاحب محل تجاري في سوق الشعراني، بالقلق من أن تعيش السويداء تجارب سبق أن عاشتها المحافظات السورية بمعظمها في خلال السنوات الأخيرة. ويقول لـ”العربي الجديد”: “كأنّني أرى اليوم أحداث عام 2011 تُستعاد. مجموعة شباب تتظاهر فيردّ النظام بالاعتقالات والترهيب، ثمّ تقام مسيرات تأييد لإظهار جماهيرية النظام، وبعدها يبدأ العنف فيُقتل شخص من هنا وآخر من هناك. عندها تتسارع الأحداث لتتحوّل إلى معارك”. يضيف أبو إبراهيم أنّ “وضع الناس والبلد لا يحتمل حرباً جديدة ودماراً جديداً، ويقع الجوع والعوز إلى جانب الحرب والنزوح، وفي النهاية يغدرنا المجتمع الدولي. ونحن في السويداء، خيار النزوح ليس مطروحاً أمامنا، بالتالي نصير جميعاً في مواجهة السلطة”.
أمّا أبو فارس الخمسيني فيرى أنّ “النظام يترقّب الفرصة لينتقم من السويداء التي حجّمت سطوته الأمنية، وقد منعته حركة رجال الكرامة وبعض الفصائل المحلية من اعتقال المعارضين السياسيين والمستنكفين عن الخدمة العسكرية، وأشعرته بعجزه”. ويقول لـ”العربي الجديد” إنّ “النظام يحاول دائماً تهديد السويداء عبر أزلامه وما ينشرونه بين الناس، من قبيل أنّه إذا خرج من المحافظة وقطع طريق الشام فسيموت أهالي السويداء من الجوع. يُضاف إلى ذلك التهديد بقطع رواتب الموظفين وفصلهم من العمل، في حين تُعَدّ شريحة الموظفين الكبرى بين العاملين في المحافظة”.
بالنسبة إلى المهندس جلال الثلاثيني الذي تحفّظ عن ذكر اسم عائلته، وهو موظف في إحدى مؤسسات الدولة، فإنّه “تخشى شريحة واسعة من أهالي السويداء أن يعمد النظام إلى معاقبة السويداء على خلفيّة التظاهرات الأخيرة، عبر تهديد موظفيها بالفصل أو فرض حصار غير معلن عليها للضغط على المجتمع لقمع المتظاهرين”. ويقول لـ”العربي الجديد” إنّ “النظام يحاول الضغط على الموظفين للنزول إلى الشارع ووضعنا أمام المتظاهرين. المشكلة تكمن في أنّ الوضع الاقتصادي سيئ جداً، والراتب هو مصدر الدخل الوحيد لموظفين كثيرين، على الرغم من أنّه مبلغ زهيد بالمطلق وقيمته الشرائية باتت شبه معدومة، لكنّه يسمح للفقير أن يشتري الخبز على أقلّ تقدير”. وعن الإجراءات التعسفية بحقّ الموظفين أخيراً، يشير إلى أنّ “النظام فصل في خلال الأيام الماضية موظفيَن اثنَين، الأوّل لمشاركته في الوقفات الاحتجاجية التي قامت قبل أشهر عدّة والثاني لأنّه كتب منشوراً ينتقد فيه مسؤولي النظام على صفحته الشخصية على موقع فيسبوك، علماً أنّه سبق أن فصل مئات الأشخاص في خلال السنوات الماضية بسبب آرائهم”.
وتكثر المخاوف بين أهل المحافظة وفق ما يؤكد خالد العشريني الذي تحفّظ عن ذكر اسم عائلته، وهو ناشط من أبناء مدينة السويداء. ويشير لـ”العربي الجديد” إلى أنّ “المخاوف لا تتلخّص بتوفير المأكل والمشرب، إنّما الخشية هي من افتعال النظام مشكلة أمنية كبيرة تهزّ المحافظة، كأن يفتح الطريق أمام تنظيم داعش الإرهابي في الريف الشرقي مثلاً، وهو سبق أن أوصل دواعش جنوب دمشق إلى ريف السويداء الشرقي بعد أن خفّف من وجوده العسكري في المنطقة حتى سمح لهم بارتكاب مجزرة راح ضحيتها أكثر من 250 شخصاً، استشهدوا بمعظمهم وهم يدافعون عن الجبل بأسلحة خفيفة وسط غياب القوات النظامية. وقد تسبّب ذلك باشتباك ما بين عناصر الفيلق الخامس في بصرى الشام بريف درعا الشرقي وأهالي قرية القريا، وحتى اليوم لم يحرّك ساكناً لإرجاع الأراضي التي سيطر عليها الفيلق إلى الفلاحين”.
وتشهد السويداء منذ أيام عدّة حالة من القلق والتوتّر من جرّاء خروج تظاهرات مناهضة للنظام استحضرت شعارات الثورة السورية في بداياتها، فطالبت بإسقاط النظام ورحيل رئيسه بشار الأسد وخروج إيران وروسيا من سورية. وعلى الرغم من عدم وقوع صدامات مع الأجهزة الأمنية، فإنّ دورية مشتركة من الأمن الجنائي والأمن السياسي قامت باعتقال الناشط رائد الخطيب؛ أحد المشاركين في التظاهرات، يوم الثلاثاء الماضي، فيما دعا النظام إلى وقفة تضامنية مع رأس النظام بعدها بيوم واحد، في حين كان عشرات المتظاهرين يهتفون ضدّ النظام على بعد عشرات الأمتار. يُذكر أنّ السويداء شهدت في خلال الأشهر الماضية وقفات احتجاجية عدّة بعد تدهور في الأوضاع المعيشية بسبب ارتفاع الأسعار بشكل جنوني بالتزامن مع انهيار قيمة الليرة السورية، وآخرها قبل أسابيع، إلا أنّ مخاطر تفشّي فيروس كورونا الجديد دفعت المنظمين إلى تعليق النشاط.
جميع حقوق النشر محفوظة 2020
————————————–
الحراك ضد الأسد يمتد إلى الجولان.. “حرية للأبد“
تظاهر عشرات المدنيين السبت، ضد النظام السوري في الجولان السوري المحتل، وردّدوا شعارات تضامن مع متظاهري السويداء وكافة المحافظات السورية.
وطالب المتظاهرون الذين تجمّعوا في ساحة “بيت التل” (مقبرة الشهداء) في قرية مجدل شمس، برحيل النظام ورئيسه بشار الأسد، كما ردّدوا شعارات تضامن مع المتظاهرين في محافظة السويداء، التي شهدت تظاهرات طالبت بإسقاط النظام أيضاً.
وهتف المتظاهرون بشعارات مثل “ثورتنا مش ثورة جوع.. ثورتنا ضد الركوع” و”سورية ثوري ثوري.. هزي القصر الجمهوري” و”حرية للأبد.. غصباً عنك يا أسد”.
#مجدل_شمس اليوم من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب #لترجع_البلد_مالنا_غير_بعض #يسقط_الأسد #سوريون #هات_ايدك_ياسندي #كلن_قشة_لفة
Posted by سوريون on Saturday, June 13, 2020
وشدد المتظاهرون على وحدة الشعب السوري من الجولان إلى إدلب وعفرين بريف حلب ودير الزور والحسكة، مجددين رفض قوى التطرف التي ترتكب انتهاكات بحق المدنيين.
وأطلق ناشطون في الجولان السوري المحتل، قبل يومين دعوة للتظاهر في ساحة مقبرة الشهداء، دعماً ل”الحراك الثوري” المناهض للنظام السوري. وكانت الدعوات تأكيداً على أن أهالي الجولان يساندون أهلهم في جميع الأراضي السورية.
ونتيجة روابط ناشطي الجولان بجبل العرب (السويداء) داخل الأراضي السورية، والتواصل الذي دار بين الطرفين خلال الأيام الأخيرة، قرر ناشطو الجولان دعمهم، ودعم السوريين في درعا وإدلب وحلب وغيرها من المحافظات السورية.
———————————–
بعد مظاهرات السويداء..خطف وانتقام من المدنيين
يبدو أن النظام السوري ماضٍ في التصعيد بما يتعلّق بالمظاهرات الاحتجاجية في السويداء، سيما بعد انتقال نقاط التظاهر إلى الجارة درعا، ومجدل شمس الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.
حيث أفادت اشبكة محلية في السويداء باختطاف ثلاثة مدنيين، بالإضافة إلى عرقلة استلام ما تبقى من محصول القمح، بعد نجاته من الحرائق قبيل حصاده.
بهذا الخصوص، قالت شبكة السويداء 24، أن مسلحين مجهولين، أقدموا على اختطاف ثلاثة مواطنين خلال 24 ساعة، كما شهد طريق دمشق السويداء، اعتداء عصابات سلب على شخصين من أبناء المحافظة، في ظل تكرر الحوادث الأمنية.
ونقلت شبكة السويداء 24 عن مصدر مطّلع قوله أن مسلحين مجهولين اقتحموا محلاً غرب الشرطة العسكرية في مدينة السويداء، وخطفوا أحد المواطنين، مضيفاً أن المواطن يبلغ من العمر نحو 70 عام، وينحدر من دمشق ويقطن في السويداء، وذلك يوم السبت 13/6/2020.
كما اختطفت عصابة مسلحة، شابين من محافظة حلب على أوتوستراد دمشق_السويداء، يوم الجمعة الفائت، حيث كانا يستقلّان سيارة سوداء اللون، واعترض طريقهما مسلحون يستقلون سيارتين “كيا ريو” سوداء اللون “مفيّمة” وسيارة “تويوتا هايلكس” دبل كابين، وأمامهما تسير دراجة نارية كان يقودها ملثم.
وفي التفاصيل أنّ مصدراً مطلعاً، أشار إلى أن سائق الدراجة النارية اعترض طريق الضحيتين، وعند توقفهما، ترجل خمسة مسلحين من السيارتين، وقاموا بخطف الشابين تحت تهديد السلاح وسرقوا السيارة أيضاً.
من جهة أخرى، اشتكى مزارع من السويداء من ارتفاع أسعار الأكياس المخصصة لتعبئة القمح وعدم توفيرها من قبل الجهات الحكومة، فضلاً عن الغش بأسعار شراء القمح.
وأوضح، أن الجهات الحكومية لم توفر أكياس “الخيش” لتعبئة القمح بالرغم من بداية موسم الحصاد، وسط حديث عن رفع سعر الكيس في حال تواجد من 700 ل.س إلى 2100 ل.س في العام الماضي، أما في العام الحالي فهو غير متوفر على الإطلاق.
كما أوضح أن النظام السورية سعّر كيلو القمح بمبلغ 400 ل.س إعلامياً، لكن عندما يتم تسليم القمح من قبل المزارع للجهات المختصة يتم فزر القمح بحسب الدرجات، حتى الدرجة الرابعة 340 ليرة، مع العلم أنه لايتم تصنيف القمح درجة أولى إلا ماندر وبالمحسوبيات، حسب وصف المصدر.
وأوضح المصدر أنّه في حال كان المحصول من النوعية الممتازة، يتحجج المستلم بوجود نسبة شعير بين حبات القمح، ولكن المفارقة تكمن بأن البذار المخلوطة بالشعير يتسلمها المزارعون من نفس المصدر الذي يشتكي وجودها في المحصول.
الجدير بالذكر أن حكومة النظام السوري قامت باستيراد القمح 200 ألف طن من القمح من روسيا عام 2019 بسعر وسطي 270 دولاراً للطن الواحد، فيما تعجز عن دعم المزارع السوري وتمكينه من إنتاج القمح وحصاده، فتعمل باستمرار على زيادة تكاليف الإنتاج ليبقى المزارع السوري هو الحلقة الأضعف، وفق وصف المصدر.
———————————-
صاندي تايمز: الأسد يواجه أخطر تحد في رئاسته.. وموسكو متعبة منه
نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا أعدته مراسلة الشرق الأوسط لويز كالاغاهان، قالت فيه إن رئيس النظام السوري بشار الأسد، يواجه أكبر تحد له منذ بداية الحرب الأهلية قبل تسعة أعوام.
وقالت إن سكان العاصمة دمشق ظلوا ولسنوات بعيدين عن الحرب الأهلية التي كانت تجري في مكان ناء عنهم، ففي الوقت الذي كانت تتعرض فيه عدة مدن في البلاد للقصف المدفعي والجوي ويشرد أهلها، كان سكان العاصمة يتجولون في السوق القديم ويصلّون في المسجد الأموي العريق.
وفي الوقت الذي تعرض فيه الاقتصاد للعقوبات والخوف من انتقاد الرئيس ونظامه، إلا أن الناس في دمشق كانوا يعيشون حياة عادية وإن بدرجة نسبية، حتى تغير كل هذا بسبب قانون قيصر الذي سيسري مفعوله في هذا الأسبوع ووصول فيروس كورونا.
ويعاني الناس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة مثل بقية البلاد، ولكن معاناتهم مختلفة من ناحية ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، في تحد خطير لرئاسة الأسد.
وقال كريم شعار المحلل الإقتصادي والباحث في معهد الشرق الأوسط: “ما فعله الوضع الاقتصادي من ناحية انخفاض شعبية الأسد في ستة أشهر لم يتم تحقيقه طوال فترة الحرب” و”هذا أمر مدهش”. وتشير الصحيفة إلى مزيج من الأزمات التي عجلت بالانهيار الاقتصادي من العقوبات الأمريكية إلى كوفيد-19 والانهيار الاقتصادي في لبنان مما أثر على قيمة العملة السورية وأفقدها نسبة 60% من قيمتها.
وبدأت المحلات التجارية في دمشق الأسبوع الماضي بإغلاق أبوابها والاحتفاظ بالبضائع لحين تحسن سعر الليرة. واصطف الناس لشراء المواد الغذائية، ليكتشفوا بعد انتظار طويل أن الكميات محددة مثل كيلو واحد فقط من الأرز.
وحاول أحد المواطنين شراء مضاد حيوي من صيدلية، للقال له إنه غير متوفر. وقال طبيب سوري يعيش في الخارج، إنه علم عن عدم توفر حتى الأدوية الأساسية. وقال أحد سكان دمشق: “لم يحدث هذا أبدا من قبل” و”الناس خائفون”.
وأعادت المحال فتح أبوابها يوم الجمعة مع أنها كانت خالية من البضائع المستوردة، فيما استقر سعر العملة. ويقول السكان إن سعر كيلو الأرز تضاعف منذ عدة أشهر. ففي بلد يعتبر فيه 83% من السكان فقراء، فإن زيادة أسعار المواد الغذائية مثل الخبز وزيت الطعام والمواد الطبية يعتبر مشكلة للكثير منهم.
وبدأ الناس الذين يعيشون في مناطق النظام يشعرون بأثر زيادة الأسعار. وقال أحد السكان: “لا أدري إن كان الوضع سيزداد سوءا” و”لا أعرف كم سيكون سعر الأرز غدا، وبالطبع فالناس خائفون”.
ومع انخفاض سعر العملة، انتشرت تظاهرات في مدن مثل السويداء التي يعيش فيها أبناء الطائفة الدرزية وظلت بعيدة عن الحرب. وظهرت لقطات فيديو لمتظاهرين يهتفون بشعارات معادية للأسد. وترى الصحيفة أن الصدع بين الأسد وابن خاله الملياردير رامي مخلوف فاقم من الأوضاع وكذا كوفيد-19 الذي دفع السلطات لإغلاق المحلات وحجر الناس بالبيوت.
وفي الأسبوع الماضي، قام بشار الأسد وبطريقة مفاجئة بعزل رئيس الوزراء عماد خميس بعد أربعة أعوام من تعيينه. ويقول المراقبون إن التحرك جاء ردا على الأوضاع الاقتصادية المتردية والاحتجاجات.
وعادة ما يوجه سكان المناطق التابعة للنظام نقدهم نحو رئيس الوزراء بدلا من الرئيس الذي يعتبر نقده محرما. وتعلق الصحيفة أن عائلة الأسد لم تكن تأمل بسوريا ما بعد حرب كهذه. وكانت رسالة الأسد واضحة منذ بداية الحرب، إما الأمن والاستقرار في ظل نظامه، أو الحرب والراديكالية في ظل المعارضة.
ونجت عدة مدن مثل دمشق واللاذقية من أسوأ آثار الحرب التي ضربت مدنا أخرى وشردت الملايين. ولكنه وبعد استعادته السيطرة على المناطق التي خسرها، يواجه الأسد نكسات كبيرة. فقد أخافت العقوبات الأمريكية التي ستطبق هذا الشهر رجال الأعمال. فقانون قيصر لا يعاقب المسؤولين السوريين والشركات التي تدعمه، بل والشركات ورجال الأعمال في الخارج ممن يعقدون صفقات تجارية مع شركات سورية.
وعانى حلفاء الأسد مثل إيران التي قدمت للأسد 6 مليارات في العام من آثار العقوبات الأمريكية وتداعيات كوفيد-19. ويواجه لبنان الذي كان الشريان بالنسبة لرؤوس الأموال السورية من أزمة مالية ومصرفية واقتصادية حادة.
وتبلغ أرصدة سوريا في المصارف اللبنانية 45 مليار دولار. ويقول الشعار: “يرتبط النظامان المصرفي السوري واللبناني” و”تركت الأزمة المالية في لبنان آثارا خطيرة على سوريا”.
ولم يعد لدى النظام أيٌ من الحلفاء لطلب مساعدتهم، فروسيا الني ساعدت في دعم النظام ليس مهتمة بتقويته، مما زاد من الشائعات حول سماح فلاديمير بوتين باستبداله. وقال دبلوماسي يعمل في سوريا: “أعتقد أنهم تعبوا منه” و”لا أعتقد أنهم يمانعون باستبداله بدمية أخرى طالما ظل النظام متماسكا”.
القدس العربي
——————————–
مظاهرات مؤازرة لأبناء السويداء تهتف ضد النظام السوري والوجود الإيراني شمالاً وجنوباً/ إبراهيم درويش وهبة محمد
لندن ـ «القدس العربي»: تواصلت الاحتجاجات أمس في مدن سورية عدة ضد النظام السوري، وحملته مسؤولية الأوضاع المزرية التي وصل إليها المواطنون.
وخرجت مظاهرة في منطقة العزبة في ريف دير الزور الشمالي، تحت مسمى «جمعة لا بديل عن التغيير»، وطالبت بإسقاط النظام وطرد الميليشيات الإيرانية من قراهم ومحاربة الفساد، في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة، حسب مصادر محلية لـ«القدس العربي».
وهتف المتظاهرون دعماً لأبناء مدينة السويداء جنوبي سوريا الذين يتظاهرون لليوم الخامس على التوالي ضد النظام، واحتجاجاً على انهيار أوضاعهم الاقتصادية، كما رفع المتظاهرون في دير الزور شعار «ربيع السويداء قادم بأزهار الحرية» .
كما رصد المرصد السوري خروج عشرات المواطنين بمظاهرتين، الأولى في مدينة درعا، والثانية في بلدة الجيزة في ريفها، حيث طالب المتظاهرون بـ«إخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا وإسقاط النظام السوري والإفراج عن المعتقلين الذين يقبعون في أقبيته»، بالإضافة لهتافهم بشعارات أكدوا من خلالها وقوفهم إلى جانب الاحتجاجات الأخيرة المناوئة للنظام ورأسه في محافظة السويداء.
كما خرجت مظاهرة في الجولان المحتل دعماً لأبناء السويداء وهتفت ضد النظام السوري. وقالت مصادر محلية إن الدعوة التي وجهها أبناء الجولان المحتل جاءت تحت عنوان «أنتم الصوت ونحن صداه» كنوع من التأكيد على مساندتهم لأهلهم في جميع الأراضي السورية، وخاصة ما تشهده مدينة السويداء من حراك جماهيري ضد نظام الأسد.
الائتلاف السوري المعارض قال إن الدعوات التي وجهت للمشاركة في التظاهرات والتي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، ستكون تحت اسم «لا بديل عن التغيير لتحقيق مطالب شعبنا»، وذلك للمطالبة بإسقاط النظام وطرد الميليشيات الإيرانية من المنطقة.
وكان لافتاً مقال كتبه تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا ومواجهة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط، تحت عنوان «هل اقترب نظام الأسد من نهايته؟» ونشرته مجلة «بوليتيكو»، وذكر فيه أن بشار الأسد بات في أضعف حالاته، في وقت تقترب فيه سوريا من حالة الانهيار، وسط احتجاجات وأوضاع اقتصادية.
بينما قالت صحيفة «الغارديان» في تقرير لمراسلها مارتن شولوف إن قانون «قيصر» الأمريكي الخاص بمحاسبة النظام قد يدمر الاقتصاد السوري المنهار أصلاً.
وأضافت أن النقاد يرون في «قانون قيصر» استراتيجية أمريكية قد تزيد من مشاكل البلاد والمنطقة بشكل عام.
وأشار التقرير إلى خسارة العملة السورية 70٪ من قيمتها، فيما يعاني أكثر من نصف السكان نقصاً في المواد الغذائية وتتراجع الآمال في إعادة بناء البلاد.
تزامناً أفاد موقع «روسيا اليوم»، أن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، أجرى مباحثات هاتفية مع المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري جيمس جيفري حول مسألة الحل السياسي في سوريا.
وذكر الموقع الروسي أن فيرشينين وجيفري تباحثا عبر مكالمة هاتفية سبل التوصل إلى تسوية سياسية للقضية السورية قبل تفعيل قانون «قيصر» منتصف الشهر الحالي، وهذا ما أكده المرصد السوري.
كما قالت مجلة «بوليتيكو»: «إن الخارجية الأمريكية تقوم بجهود مع موسكو ولكن بعيداً عن الأضواء للتشاور حول عملية دبلوماسية جادة، وهذا هو الوقت المناسب للنقاش».
————————————
بعد غياب يومين..السويداء تخرج بحشود أكبر “لإسقاط النظام“
خرج أهالي السويداء مرة جديدة، السبت، في تظاهرة حاشدة جالت شوارع المدينة، وأطلقت هتافات الثورة وعلى رأسها “الشعب يريد إسقاط النظام”.
وبعد غياب يومين، خرج الأهالي في التظاهرة الخامسة من 31 أيار/مايو، حيث تجمع المئات من المواطنين، في ساحة السير، مقابل مبنى البلدية بمدينة السويداء، قبل أن ينتقلوا إلى الشارع المحوري ثم دوار المشنقة، ثم إلى ساحة المحافظة، رافعين شعارات سياسية، ومطالبين بالإفراج عن المعتقلين. كما هتف المتظاهرون للمدن السورية الآخرى التي تضامنت معهم في إدلب ودرعا.
شاهد| جانب من هتافات المحتجين في مدينة #السويداء اليوم السبت 13/6/2020. وقد أفاد مراسل السويداء 24 أن المتظاهرين انتقلوا…
Posted by السويداء 24 on Saturday, June 13, 2020
كما شملت المظاهرة شعارات “حيّ على الثورة”، “الشارع لينا وماهو لبيت الأسد”، عقب تنظيم حزب “البعث” لمسيرة مؤيدة للنظام قبل يومين، مع تهديدات بمعاقبة من يرفض الخروج فيها، بحسب تسجيلات صوتية متداولة لمسؤولين في الحزب.
Posted by بدنا نعيش on Saturday, June 13, 2020
وكان شباب الحراك السلمي بمحافظة السويداء، ناشد مساء الجمعة، في رسالة موجهة للرأي العام، مشايخ المحافظة بعدم الوقوف في وجه تظاهرات السبت.
وقالوا في بيان نشره موقع “السويداء 24”: “حضرات المشايخ الأجلاء نعرف أننا وضعناكم في موقف حرج، نعرف أنكم تمشون على حد السيف، بين مطرقة ضغوط قوى الأمر الواقع وسندان الوقوف بوجه أبنائكم، لقد عشتم سنين طويلة بخياراتكم، وأفكاركم، التي نهلنا منها وقبلناها واحترمناها وما نزال، لن نعلو عليكم، وسنقبل منكم كعادتنا، إلا شيئاً واحداً، أن تمنعونا من حقنا أن يكون لنا خيار هذه المرّة”.
وشدد شبان الثورة على أنهم اتخذوا قرارهم بالتظاهر. وقال البيان: “لا نطلب منكم أن تناصروه (القرار)، ولكن نستحلفكم بدماء أحبتكم، وغربة أبناء وطننا، وكتبكم المقدسة ألا تطعنوه، هذا زمان آخر ومكان آخر، هذا زماننا ومكاننا وقد طال القهر”.
وتشهد الأسواق في مناطق سيطرة النظام السوري إغلاقات لمحال تجارية رداً على تدهور قيمة العملة السورية أمام الدولار، إضافة إلى فقدان العديد من أصناف الدواء في الصيدليات التي بادر عدد كبير منها للإغلاق، إلى جانب ارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية.
وبحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات الأجنبية، بلغ سعر الصرف، اليوم، للمبيع 2400 ليرة سورية لكل دولار أميركي، وللشراء 2300 ليرة.
—————————————
أين بشار الأسد؟/ د. فيصل القاسم
لم تمر سوريا في تاريخها بهذا الوضع الكارثي المأساوي حتى في أعتى أيام الثورة والصراع بين النظام وقوى المعارضة والشعب السوري. لا عجب إذاً أن النظام كان يحاول على الدوام أن يؤخر نهاية الأحداث أقصى المستطاع، لأن الحرب تناسبه أكثر بكثير من السلم ولأنها تطيل في عمره. وقد قلناها مرات ومرات أن الوضع السوري الذي سيواجهه النظام أو غيره بعد أن يبرد الحدث السوري سيكون أصعب وأخطر بعشرات المرات من وقت الحرب. لماذا؟ لأن الجرح لا يؤلم صاحبه كثيراً وهو ساخن، لكنه يكون في غاية الوجع والإيلام بعد أن يبرد. وهذا ما يلاحظه السوريون الآن وفي مقدمتهم العصابة الحاكمة. سوريا الآن في وضع جهنمي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وخاصة بالنسبة للمؤيدين الذي دعموا النظام وساعدوه على مدى التسع سنوات الماضية في تدمير سوريا وتشريد شركائهم في الوطن، ويبلغ عددهم أكثر من نصف الشعب السوري.
لقد ضحك بشار الأسد وزبانيته على مؤيديه قبل سنوات ووعدهم بعد انتهاء الحرب بتطهير سوريا من العملاء والخونة وهم في الغالب أكثر من ثلاثة أرباع الشعب السوري، وبأنه سيصنع بعد ذلك مجتمعاً متجانسا خالياً مما أسماهم طاغية الشام في أحد خطاباته بالجراثيم والبكتريا، ويقصد طبعاً كل من يعارضه أو لا يقبل به من السوريين حتى لو كانوا يشكلون تسعة وتسعين بالمائة من الشعب السوري. لكن العتمة، كما يقول المثل الشعبي لم تأت على قد يد الحرامي، فها هي الحرب قد وضعت أوزارها تقريباً بفضل الدعم العسكري الروسي والإيراني المدفوع إسرائيلياً وأمريكياً، لكم عصابة الأسد تشعر الآن بغصة كبرى لأنها لم تعد قادرة على التسويف وتأجيل مطالب واستحقاقات المؤيدين إلى وقت أطول، فها هم المؤيدون وأبناء الأقليات الذين إما وقفوا مع النظام أو على الأقل وقفوا على الحياد، ها هم الآن يرفعون أصواتهم ويرددون نفس الشعارات التي أطلقها الثوار قبل تسع سنوات. ولو نظرت إلى شعارات انتفاضة السويداء الآن لوجدت أنها أكثر حدة من شعارات الثورة الماضية، لا بل إن المحتجين تحدوا الأسد بشكل شخصي في إحدى المظاهرات قبل أيام ورفعوا له الأصبع الوسطى، وهددوه باستخدام الرصاص إذا اقتضى الأمر لأول مرة بعد أن كان الأسد يعتبرهم من حلفه، خاصة وأنه يرفع منذ سنوات شعار حماية الأقليات، لكن الأقليات الآن باتت أكبر خطر يهدد النظام، فالوضع المعيشي الكارثي في ظل انهيار الليرة السورية، بات أكبر خازوق يواجه النظام ويهز أركانه. وكما يقول المعلق السوري الشهير فراس الأسد ابن رفعت، وهو من الأصوات الثورية الصادقة والنظيفة رغم انتمائه لعائلة الأسد، يقول في آخر منشور له على صفحته في مواقع التواصل: «هل المنتفضون في السويداء داعشيون؟ هل خرجوا من الجوامع؟ هل يحملون فكر العرعور؟ هل يؤمنون بفتوى ابن تيمية؟ هل ينشدون «بالذبح جيناكم»؟ هل يريدون قيام دولة إسلامية؟» بالطبع لا، ولهذا من الصعب جداً الانقضاض عليهم وتبرير البراميل المتفجرة بأنها تستهدف الدواعش والمتطرفين. النظام يواجه الآن الأقليات التي ادعى أنه حاميها من الدواعش والإسلامجيين التكفيريين.
ولا يختلف وضع الأقليات في الساحل السوري معقل النظام عن وضعهم في السويداء، فالجوع كافر، وبدل أن يحقق بشار الأسد المجتمع المتجانس لمؤيديه، ها هو اليوم يواجه أخطر قانون أمريكي يهدد سوريا في تاريخها، ألا وهو قانون قيصر الذي بدأ يخنق النظام اقتصادياً قبل أن يبدأ تنفيذه بعد أيام. لقد بات الوضع في سوريا على كف عفريت فعلاً، لا بل إن المعارضين الذي فشلوا في تغيير النظام يشعرون الآن وكأنهم قد حققوا من خلال قانون قيصر الأمريكي أكبر نصر على الأسد في تاريخه. لهذا تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالشماتة مما وصل إليه وضع النظام ومؤيديه داخل سوريا، حيث بات أقرب المقربين يستهدف رأس النظام شخصياً بالشتائم بعد أن طفح بهم الكيل ولم يعودوا قادرين على شراء رأس بصل، وبعد أن صارت سندويشة الفلافل طعام الفقراء في سوريا حلماً بعيد المنال بسبب انهيار الليرة السورية أمام الدولار ليصل سعرها قبل أيام أربعة آلاف ليرة للدولار الواحد علماً أن أفضل راتب في سوريا لا يتجاوز الخمسين ألف ليرة، أي ما يعادل أربعة عشر دولاراً فقط لا غير.
وبالرغم من أن سوريا تواجه كارثة معيشية لم تشهدها منذ تأسيسها، إلا أن بشار الأسد لم يكلف نفسه للحظة واحدة بتطمين السوريين أو على الأقل شرح الكارثة أو حتى تبريرها، فقد ترك المهمة للشمطاء الشهيرة مستشارته بثينة شعبان لتطلب من السوريين أن يصمدوا في وجه المؤامرة الكونية، مما أثار غضب واستهجان المؤيدين قبل المعارضين. وقد وصل الأمر بالسفير السوري السابق في بريطانيا سامي الخيمي المحسوب على النظام إلى السخرية من النظام وشعاراته البالية في مواجهة أخطر أزمة تهدد البلاد. وقال الخيمي في منشوره: «بس يخبرك ابنك أنه جوعان ومشتهي اللحمة أو الموز، احكيلو عن المؤامرة الكونية، احكيلو عن الصمود والتصدي، احكيلو عن تحــرير القدس ومحاربة الرأسمالية والإمبريالية، واذا ما اقتنع بيكون ابنك منــدس عميل للصــهيونية، اقتــلوا وريح الوطن منه».
واضح تماماً أن الثورة الآن تشتعل في صفوف المؤيدين للنظام، بينما بشار وزوجته منشغلان هذه الأيام فقط في الاستحواذ على مليارات رامي مخلوف والتكويش على ثروات الحيتان الكبار.
وقبل أسابيع قليلة دفع بشار ثلاثين مليون دولار حسب صحيفة روسية ثمن لوحة فنية قدمها هدية لأسماء الأسد «ماري انطوانيت الشام»، بينما مؤيدوه في الساحل السوري يأكلون من الزبالة بعد أن قدموا له مئات الألوف من شبابهم كي يبقى على عرشه الذليل. لا أحد يسمع صوت الرئيس المزعوم في أخطر مرحلة تمر بها سوريا ومؤيدوه كي لا نقول معارضيه. أين بشار الأسد؟ ألا يستحق مؤيدوه الجائعون الآن كلمة مواساة على الأقل عبر سكايب؟
البعض يزعم أن بشار يمضي معظم وقته وهو يلعب البلي ستيشن. وكثيرون من السوريين لا يستبعدون ذلك.
القدس العربي
—————————–
نذر “ثورة جياع” تهدد نظام الأسد
مناطق سيطرة المعارضة تستعيض عن الليرة السورية بالتركية، بعد تخطيها عتبة 2300 مقابل الدولار.
تتفاقم الأزمتان الاقتصادية والمالية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، وسط مخاوف من انفجار ثورة جياع بدأت نذرها في التحركات الاحتجاجية التي تشهدها عدة مناطق في الجنوب لاسيما في محافظة السويداء.
ويقول خبراء اقتصاد إن الوضع في مناطق السيطرة الحكومية يتدحرج بسرعة نحو الانهيار مع قرب إعلان الإدارة الأميركية عن حزمة عقوبات أقرها الكونغرس ضمن قانون سيزر الذي دخل رسميا حيز التنفيذ مع بداية الشهر الجاري.
وتسجل الليرة السورية تدهورا قياسيا في قيمتها في السوق الموازية حيث تخطت عتبة 2300 مقابل الدولار، وفق ما قال تجار ومحللون، في انخفاض يسبق تطبيق العقوبات المنتظر أن تشمل مصرف سوريا المركزي.
حسن عبدالعظيم: العقوبات الأميركية ستؤثر على شريحة واسعة من السوريينحسن عبدالعظيم: العقوبات الأميركية ستؤثر على شريحة واسعة من السوريين
وبينما سعر الصرف الرسمي يعادل 700 ليرة مقابل الدولار، شهدت الليرة منذ أيام انخفاضا غير مسبوق. وأكّد ثلاثة تجار في دمشق أن سعر صرف الدولار في السوق الموازي تجاوز 2300 ليرة السبت “لأول مرة في تاريخه”.
وتشهد سوريا بعد تسع سنوات من الحرب أزمة اقتصادية خانقة فاقمها تفشي الفساد والصراع الدائر داخل عائلة بشار الأسد. كما زاد الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر أموالهم، الوضع سوءا في سوريا. وأوضح محللان أنّ المخاوف من تداعيات بدء تطبيق قانون قيصر في 17 يونيو الجاري، والذي يفرض عقوبات على المتعاونين مع دمشق، تعدّ سببا إضافيا في تراجع قيمة الليرة.
وقال الخبير الاقتصادي والباحث لدى “شاثام هاوس” زكي محشي إنّ الشركات الأجنبية، بينها الروسية، اختارت أساسا عدم المخاطرة. ولفت إلى أنّ تحويل الأموال يحتاج أسبوعين إلى ثلاثة، “ما يعني أنّ التحويلات التي تحصل اليوم ستُدفع بعد 17 يونيو”.
وتوقّع مدير برنامج سوريا في مجموعة الأزمات الدولية هايكو ويمن أنّه مع دخول العقوبات حيّز التنفيذ، “سيصبح التعامل مع سوريا أكثر صعوبة ومحفوفا بالمخاطر”.
ويفرض قانون قيصر، الذي ندّدت دمشق به الأربعاء، قيودا مالية على سوريا، بما في ذلك وقف مساعدات إعادة الإعمار. ويفرض عقوبات على الحكومات والشركات التي تتعامل مع دمشق.
ويقول المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية حسن عبدالعظيم لـ”العرب” إن الأطراف المستهدفة من قانون سيزر هي الحلقة الضيقة للنظام السوري من عسكريين ومدنيين، وكل المتعاونين معها من تجار وأثرياء.
وتشمل العقوبات وفق عبدالعظيم، الداعمين الإقليميين خصوصا إيران والميليشيات الموالية لها، وحتى حلفاء دوليين للإدارة الأميركية من الاتحاد الأوروبي والدول العربية.
ويهدف قانون قيصر إلى إجبار نظام الرئيس بشار الأسد على السير في التسوية السياسية بناء على المقررات الدولية، ويعتبر كثيرون أن الإشارة التي تضمنها القانون بشأن إمكانية إيقاف العمل به، هي رسالة للنظام وداعميه بأن نافذة السلام مفتوحة.
ويحذر رئيس هيئة التنسيق من أن العقوبات التي ستفرضها الإدارة الأميركية ستؤثر مما لا شك فيه على شريحة واسعة من الفقراء والعاطلين عن العمل الذين تتجاوز نسبتهم 80 في المئة من مجمل الشعب السوري ما يهدد بثورة جياع.
وتشهد محافظات سورية في الفترة الأخيرة تحركات احتجاجية آخرها في السويداء جنوب البلاد، حيث خرج المئات الأحد للتنديد بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي.
وتداول نشطاء مقاطع فيديو لمسيرات رفع خلالها المشاركون شعارات من بينها “سوريا لنا وما هي لبيت الأسد”، إلى جانب شعارات أخرى حمّلوا فيها النظام المسؤولية عن الأوضاع المتدهورة في مناطقهم.
وكانت مدينة السويداء شهدت اعتصاما الأسبوع الماضي، شاركت فيه أطياف سياسية مختلفة، للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
والسويداء من المحافظات القليلة التي نأت بنفسها عن الصراع الذي تفجر في العام 2011، وذلك يعود إلى وجود غالبية درزية تباينت مواقفها بين السير في الحياد والدعم السياسي للنظام.
ويقول متابعون إن خروج أهالي السويداء مؤشر قوي على أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، وأن الموالين للنظام فقدوا الثقة به وبأركانه لاسيما مع بلوغ الفساد مستويات خطيرة، زد على ذلك الحرب الدائرة داخل العائلة وتحديدا بين زوجة الرئيس أسماء الأسد وابن خال بشار رامي مخلوف والتي أثرت بشكل كبير على صورة النظام.
ويشير المتابعون إلى أن كل المؤشرات توحي بأن مناطق سيطرة الأسد على أعتاب ثورة جديدة، قد يعجز النظام هذه المرة عن فرملتها أو احتوائها بالقوة العسكرية مثلما فعل حينما تحركت الجموع في العام 2011 رافعة شعارات تطالب بالديمقراطية والحرية، ذلك أن المنتفضين هذه المرة من بيئته ومواليه وهم لم يعد لديهم ما يفقدونه.
ويعيش أغلب السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما تضاعفت أسعار السلع في أنحاء البلاد خلال العام الأخير. وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي جيسيكا لاوسون إنّ أي انخفاض إضافي في قيمة الليرة سينعكس ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية الرئيسية التي يتمّ استيرادها كالأرز والباستا والعدس. ونبّهت إلى أنّ ارتفاع الأسعار “يهدّد بدفع المزيد من السوريين إلى الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائي فيما القدرة الشرائية تتآكل باستمرار”.
وحذّر مصرف سوريا المركزي الشهر الماضي في بيان من أنّه “لن يتوانى عن اتخاذ أي إجراء بحق أي متلاعب بالليرة السورية سواء من المؤسسات أو الشركات أو الأفراد”، مؤكدا عزمه اتخاذ “كافة الإجراءات الكفيلة باستعادة ضبط أسعار الصرف”.
وتتجه المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة والإسلامية لتجنب خطر الانهيار المالي الذي يحيق بمناطق السيطرة الحكومية، بالاستعاضة عن الليرة السورية بالليرة التركية.
وأصدر المجلس المحلي في مدينة مارع بريف حلب الشمالي الأحد، بيانا يتعلّق بالتراجع الأخير لليرة السورية وانهيارها مقابل العملات الأجنبية، وما نجم عنه من ارتفاع في الأسعار وخلل في المعاملات المالية، وصعوبة عمليات تداول السلع والخدمات بين المدنيين.
ودعا المجلس إلى تثبيت أسعار البضائع بالليرة التركية بدلا من الليرة السورية، بالإضافة إلى تثبيت الاتفاقات الصغيرة والمتوسطة بالليرة التركية، أما الاتفاقات الكبرى فبالدولار الأميركي. وأكد على تثبيت رواتب عمّال اليومية والمهن والبناء بالليرة التركية، كما دعا إلى تثبيت أسعار المحاصيل الزراعية ورواتب المزارعين بالليرة التركية. وحث المجلس في البيان الجميع على تثبيت سعر صرف الليرة السورية أو اعتماد الليرة التركية بشكل دائم كعملة بديلة.
وتشهد سوريا نزاعا داميا منذ العام 2011، تسبّب في مقتل أكثر من 380 ألف شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد الملايين من السكان داخل البلاد وخارجها.
العرب
——————————-
قانون قيصر لم يطبق بعد.. لماذا انهارت الليرة السورية؟
قال الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض خالد خوجة إن انهيار الليرة السورية بدأ مع شن النظام السوري الحرب على الشعب، أما الانهيار الاقتصادي فقد بدأ منذ العام 2005 حيث كان نصف الشعب تحت خط الفقر.
وأضاف خوجة في تصريحات لحلقة الاثنين (2020/6/8) من برنامج “ما وراء الخبر”، أن النظام عمل على حصر الأموال في مجموعة من المقربين منه، والخلاف الذي حدث مؤخرا مع رامي مخلوف -أحد أبرز رجال الأعمال وابن خال الرئيس بشار الأسد- إنما هو بسبب اقتسام هذه الأموال، معتبرا أن الأزمة الاقتصادية في لبنان أثرت بقوة على الليرة السورية.
وتابع أن قانون “قيصر” الأميركي يقضي بفرض عقوبات على الأنشطة التي يقوم بها النظام السوري لا على النظام نفسه، معتبرا أنه بمثابة ذر للرماد في العيون، وأنه مجرد تبرير من الإدارة الأميركية لخذلانها الشعب السوري وعدم محاسبتها النظام السوري بعد أن قصف السوريين بالسلاح الكيميائي، وارتكب العديد من المجازر بحقهم.
في المقابل، يرى الكاتب الصحفي يونس عودة أن انهيار الليرة السورية يعود بالدرجة الأولى إلى الحرب التي تشن على سوريا منذ عشر سنوات، واعتبر أن استخدام الورقة الاقتصادية محاولة لتركيع النظام من أجل خدمة الكيان الصهيوني في المنطقة، وأن فرض أميركا قانون “قيصر” هو من باب التدخل في شؤون الغير، مشددا على أنه ليس من حقها فرض هذه الإجراءات.
وأضاف عودة أن القانون يهدف إلى محاربة الشعب السوري والمواقف السورية من كل القضايا في المنطقة، واستبعد فرض أي حل في سوريا دون أخذ رأي الشعب لأنه جزء من البلاد، “كما أن الشعب قاوم كل مشاريع التدمير التي تحاك ضد سوريا منذ العام 2011”.
من جهته، قال مدير مركز الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس إن هدف واشنطن هو تغيير النظام السوري، وترى الإدارة الأميركية أن الضغط الاقتصادي سيحفز الشعب على الانتفاضة ضد النظام والتعجيل بانتخابات تزيحه من السلطة.
وأضاف لانديس أن العقوبات الاقتصادية ستؤذي النظام، لكن المتضرر الأكبر منها هو الشعب السوري، مستدعيا ما حدث في العراق في تسعينيات القرن الماضي حين مات العديد من العراقيين بسبب الجوع الناجم عن الحصار.
وتابع بأن الاتحاد الأوروبي طالب بوقف العقوبات بسبب جائحة كورونا، إلا أن الإدارة الأميركية رفضت هذه الطلبات، وترى أن الضغط الأقصى سيؤدي إلى انهيار النظام.
وينص قانون “قيصر” على فرض عقوبات جديدة على كل من يدعم الحكومة السورية ماليا أو عينيا أو تكنولوجيا، كما يفرض عقوبات على بشار الأسد ومن يقدمون الدعم لأفراد نظام.
——————————
نزيف الليرة.. تجدد الاحتجاجات جنوبي سوريا قبيل أيام من تطبيق قانون قيصر
تجددت اليوم الاثنين المظاهرات في السويداء جنوبي سوريا احتجاجا على تردي الوضع المعيشي جراء الانهيار الكبير لسعر صرف الليرة (العملة المحلية) وغلاء الأسعار، وذلك قبيل أيام من بدء تطبيق “قانون قيصر” الذي سيضم عقوبات أميركية قاسية قد تشل الاقتصاد السوري المتهالك.
ولليوم الثاني على التوالي، شهدت مدينة السويداء مظاهرات مناهضة لنظام بشار الأسد، احتجاجا على تدهور الوضع المعيشي وغلاء الأسعار في مناطق سيطرة النظام، وعدم قدرة السكان على تأمين احتياجاتهم.
وفي مدينة طَفَس بريف درعا قرب الحدود مع الأردن، خرجت أمس مظاهرات احتجاجا على النظام الذي حملوه مسؤولية ارتفاع الأسعار، والأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها.
وأطلق ناشطون في السويداء ودرعا حملة باسم “بدنا نعيش”، وعبروا من خلالها عن غضبهم، سواء في الشوارع أو وسائل التواصل الاجتماعي.
#متداول || مظاهرات غاضبة تجوب مدينة #السويداء تطالب نظام الأسد بالرحيل على إثر تدهور #الليرة_السورية وغلاء المعيشة#الأمل_ميديا #السويداء_تنتفض #Syria pic.twitter.com/sKmr6fTrPv
— الأمل ميديا-Alamal Media (@alamlmediatv) June 7, 2020
هبوط تاريخي
وتأتي الاحتجاجات في وقت تواصل فيه الليرة هبوطها الكبير أمام الدولار، مسجلة أدنى مستوى لها في تاريخها، بعد أن تجاوز سعر صرف الدولار 3200 ليرة بالسوق السوداء، وبهذا يرتفع سعر صرف الدولار بأكثر من مئتين في المئة مقابل الليرة منذ مطلع العام الجاري.
وكان الدولار يساوي 45 ليرة عام 2011، والذي انطلقت فيه الثورة ضد نظام الأسد.
وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء عماد خميس إن سعر الصرف تأثر بفعل تشديد العقوبات الخارجية والأوضاع في بعض الدول المجاورة. وأضاف أن حكومته تتابع إجراءات لضبط سعر الصرف، من بينها فتح ملفات فساد كبيرة، ومنع التعامل بغير الليرة، واعتبر أن العقوبات الأميركية “تستهدف لقمة عيش المواطن، وعمل مؤسسات دولته”.
رئيس حكومة الأسد عماد خميس:ما يحدث اليوم ضد الليرة جزء من الحرب الكونية الكبرى.#تعليق: من يسأل هذا المعتوه كيف ستصمد الليرة بدون إمدادات للخزينة؟
غاز ما في, نفط مافي,قطن ما في,قمح ما في,مصانع ما في, الموانئ بعتوها, الفوسفات بعتوه, المعابر الحدودية بعتوها.
كيف بدك تثبت الليرة؟
— العميد ركن أحمد رحال (@rahhalahmad06) June 8, 2020
قانون قيصر
بالمقابل، قال المبعوث الأميركي لسوريا جيمس جيفري أمس إن بلاده قدمت للأسد طريقة للخروج من أزمة الليرة، وإنه إذا كان مهتما بشعبه فسيقبل العرض. وأضاف جيفري أن واشنطن تريد أن ترى عملية سياسية، ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، فهي تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى “للمنظمات الإرهابية” أو قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة.
واعتبر المبعوث الأميركي، في لقاء عبر الإنترنت، أن العقوبات المشمولة بقانون “حماية المدنيين السوريين” -المعروف بقانون قيصر- ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي، وكذلك أي تعامل مع النظام الإيراني.
وأرجع جيفري انهيار الليرة لقيود أميركية منعت النظامَ من غسل أمواله بمصارف لبنان، ولرد الولايات المتحدة المفترض في حال قيام دول أوروبية أو الصين أو الإمارات بتقويض تطبيق قانون قيصر الذي يفرض عقوبات على أي جهة في العالم تتعامل مع حكومة دمشق أو توفر لها التمويل، بما في ذلك البنك المركزي أو أجهزة الاستخبارات والأمن السورية.
—————————–
عشية مظاهرات السويداء جنوبا.. استنفار أمني في حمص وسط البلاد
سيّرت الأفرع الأمنية مجموعة من الدوريات الليلية في مناطق سيطرتها في محافظة حمص وريفها، عشية انطلاقة تظاهرات شعبية في درعا والسويداء جنوب البلاد أمس الأحد،
وبحسب مراسل بروكار برس في حمص، فإن قوات من الأمن العسكري، وأمن الدولة سيّروا دوريات مشتركة في أحياء الملعب، والخالدية، والقصور في مدينة حمص على غير المعتاد، وتزامنت مع دوريات مشابهة في ريف حمص الشمالي ضمن مدن الرستن وتلبيسة.
حيث تشهد معظم مدن وأحياء محافظة حمص استياء شعبيا على خلفية الارتفاع الكبير في أسعار السلع، وإغلاق معظم المحلات التجارية أبوابها أمام المدنيين بعدما وصل سعر صرف الدولار لـ 3000 ل.س.
وكانت مدينة تلبيسة إحدى أكبر مدن الريف الشمالي لحمص، التي حاربت النظام لنحو سبعة أعوام قد شهدت تحركاً ثورياً بعد خضوع المنطقة للمصالحة عام 2018، تمثلت بالكتابة على الجدران بعبارات مناهضة للنظام، ورفع علم الثورة.
ووسم ناشطون سوريون مدينة حمص بـ “عاصمة الثورة”، في إشارة إلى وقوفها ضدّ النظام السوري منذ عام 2011.
في سياق متصل دعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أبناء محافظة اللاذقية للخروج بمظاهرة يوم الخميس القادم بالقرب من ساحة الشيخ ضاهر بعد تردي المستوى المعيشي للمدنيين.
إلى ذلك اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي حملة من السخرية التي طالت المستشارة الإعلامية للقصر الجمهوري بثينة شعبان بعد التصريح التي أدلت به لجريدة الوطن حول تطبيق قانون العقوبات الأمريكية (قيصر) والذي طالبت من خلاله المواطنين بالصمود في وجه العقوبات، في حين أن راتب الموظف الحكومي لا يمكنه من شراء نصف غرام من الذهب.
وتعيش الليرة السورية انهيارا تاريخياً متسارعا على مدار الساعة، حيث سجّلت صباح اليوم الإثنين سعر 3200 أمام الدولار الأمريكي الواحد.
——————–
السويداء تنتفض.. “سوريا لينا وما هي لبيت الأسد“
تظاهر عشرات المدنيين في مدينة السويداء، اليوم الأحد، للتنديد بالوضع الاقتصادي السيء الذي تشهده عموم مناطق سوريا.
وحمّل المتظاهرون بحسب مراسل بروكار برس، النظام السوري المسؤولية كاملةً عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
كما نشرت صفحة السويداء 24، شرائط مصورة لمظاهرات متفرقة في شوارع عدة من مدينة السويداء.
وهتف المتظاهرون لدرعا، ورددوا شعارات مثل: الموت ولا المذلة، وشعارات ضدّ التدخل الروسي والإيراني في شؤون سوريا، وشعار “سوريا لينا ومهي لبيت الأسد”.
مراسل بروكار برس في السويداء أكّد أنّ حالة من الغليان تسود المحافظة الخاضعة لسيطرة النظام السوري، مؤكداً أنّ الأيام القادمة قد تشهد مظاهرات أكبر ومطالب ذات سقف أعلى.
ورحب مئات السوريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما وصفوه “انتفاضة السويداء” ضدّ النظام السوري، مطالبين بقية المحافظات بالخروج في مظاهرات مشابهة.
ومنذ أيام تشهد الليرة السورية تدهوراً كبيراً، تسبب بجمود عام في الحركة التجارية وانعدام القوة الشرائية لدى ملايين السوريين.
وفي آخر نشرة أسعار صرف الليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” فإن سعر صرف الدولار الأمريكي يعادل 2700 ليرة سورية في دمشق.
——————————–
تظاهرات في السويداء تطالب الأسد بالرحيل.. ما علاقة قانون قيصر بذلك؟
خرجت احتجاجات شعبية لليوم الثاني على التوالي في محافظة السويداء جنوب سوريا، ردًا على تردي الأوضاع الاقتصادية مع اقتراب دخول المرحلة الأولى من قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين حيز التنفيذ، وهو القانون الذي يفرض عقوبات تعتبر الأشد في تاريخ العقوبات الأمريكية على النظام السوري، وكل من يدعمه ماليًا أو عينيًا أو تكنولوجيًا، إضافةً للكيانات والشركات المحلية التي اعتمد عليها خلال الأعوام الماضية لتمويل عملياته العسكرية التي مكنته من السيطرة على أكثر من 75 بالمائة من المناطق الخارجة عن سيطرته.
وكانت السويداء قد شهدت خلال الأسابيع الماضية تنفيذ نشطاء للعديد من الاعتصامات والتظاهرات الاحتجاجية حملت عنوان “بدنا نعيش”، غير أن التظاهرات التي بدأت منذ يوم السبت الماضي بمشاركة عشرات النشطاء توسعت مطالبها لتنادي برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، وخروج القوات الأجنبية من سوريا على رأسها روسيا وإيران.\
بينما أظهرت مقاطع مصورة انتشرت على نطاق واسع بين السوريين ترديد المتظاهرين لهتافات: “يا إدلب السويداء معاكي للموت” و”الشعب يريد إسقاط النظام” و”و”يرحم روحك يا سلطان البلد صارت لإيران”، في إشارة للزعيم السوري سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي في ثلاثينيات القرن الماضي، الذي ينحدر من جبل العرب.
كما قالت شبكة السويداء 24 المحلية إن النظام السوري استقدم إلى محيط مبنى المحافظة تعزيزات أمنية من وحدات الأمن الداخلي وحفظ النظام على خلفية التظاهرة الغاضبة التي خرجت الأحد، وأضافت أن استقدام التعزيزات الأمنية جاء بالتزامن مع وصول وفد من الضباط والمسؤولين، ودخولهم إلى مبنى المحافظة بغية عقد اجتماع على خلفية التطورات الأخيرة، دون أن تضيف المزيد من التفاصيل.
وتأتي التظاهرات التي تشهدها السويداء قبل أقل من 10 أيام على دخول قانون قيصر الأمريكي حيز التنفيذ، بعد موافقة النواب والمشرعين الأمريكيين على تفاصيل بنوده، قبل أن يصادق عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من العام الماضي، على أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 17 حزيران/يونيو الجاري، وذلك بعد ثلاث سنوات من الشد والجذب بين الجمهوريين والديمقراطيين للموافقة على بنوده التفصيلية.
ما هو قانون قيصر؟
تأتي تسمية القانون الأمريكي بـ”قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” من اسم المصور العسكري السوري السابق الملقب بقيصر، وهو شخص لا يزال مجهول الهوية حفاظًا على سلامته الشخصية، وقام بعد إعلان انشقاقه عن النظام السوري بتسريب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قتلوا تحت التعذيب في معتقلات النظام السوري.
وأثارت صوره التي أظهرت جثثًا لأشخاص ملقين على الأرض ماتوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري ردود فعل غاضبة في أوروبا وواشنطن، حيث تم عرضها في مبنى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وفي مبنى الكابيتول هيل الأمريكي، فضلًا عن حضوره شخصيًا إلى مبنى الكابيتول أكثر من مرة للحديث عن معاناة المعتقلين في سجون النظام السوري.
يشمل القانون في مرحلته الأولى سلسلة من العقوبات الاقتصادية المشددة ضد النظام السوري وحلفائه، والشركات والأفراد المرتبطين به، وحلفاء النظام السوري الرئيسيين روسيا وإيران، وكل شخص أو جهة، أو دولة تتعامل معه، وتعتبر هذه العقوبات حال تطبيقها، الحد الأعلى ما دون التدخل العسكري المباشر الذي يمكن أن يتعرض له النظام السوري.
تشير وكالة الأناضول في معرض تعليقها على القانون الأمريكي إلى أنه ينسجم إلى حد كبير مع قراري مجلس الأمن 2118 و2254 الخاصين بسوريا، ويلقي بمسؤولية التنفيذ والالتزام على النظام وكل من روسيا وإيران، وبالتالي فهو يجعل من الروس “شركاء تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة”، كما يعزز من مدى العقوبات المفروضة على إيران لتشمل المؤسسات والهيئات ذات الصلة “غير المعلنة”، وتتحرك عبر يافطات مختلفة في لبنان وقبرص ودول أخرى.
ومن المتوقع أن يؤدي قانون قيصر لحظة دخوله حيز التنفيذ إلى شل مفاصل اقتصاد النظام السوري باستهدافه البنية المالية، بدءًا من مصرف سوريا المركزي الشريان الاقتصادي للكيانات المرتبطة بالنظام السوري، إضافة إلى وضع قيود على حركة التبادل الاقتصادي بين النظام وحلفائه، لجهة إمداده بالمواد والأموال وكل ما يساعده على استمرار حربه ضد السوريين.
الليرة السورية في أسوأ معدلاتها منذ سنوات
سجلت الليرة السورية أسوأ معدل لها منذ عام 2011، ووفقًا لموقع الليرة اليوم فإن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي وصل حتى لحظة إعداد التقرير إلى 3.100 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، في حين سجلت الليرة سعر 3.491 ليرة مقابل اليورو الواحد، علمًا أن متوسط الأجور الشهرية للعاملين في مؤسسات النظام السوري لا يتجاوز 38 ألف ليرة سورية شهريًا، أي ما يعادل 13 دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أسرة مكونة من ثلاثة أشخاص تحتاج إلى ما لا يقل عن مائتي ألف شهريًا لتأمين أبسط مستلزمات المعيشة اليومية، في وقت وصل فيه متوسط الإيجار الشهري لمنزل في المناطق العشوائية 50 ألف ليرة شهريًا.
فيما أكدت مصادر محلية من دمشق في حديث لـ”ألترا صوت” إغلاق غالبية المحال في الأسواق الشعبية بسبب ارتفاع الأسعار “بشكل هيستيري” على حد تعبيرها، مشيرة لإغلاق الصيدليات بعد توقف المعامل الطبية عن العمل بسبب منعهم من قبل النظام السوري من التعامل بالدولار الأمريكي، وتهديدهم بالملاحقة قضائيًا في تهم تصل عقوبتها للحبس سبعة سنوات.
وكان الأسد قد أصدر مرسومًا تشريعيًا مطلع العام الجاري ينص على معاقبة كل من يتعامل داخل مناطق سيطرته بالدولار الأمريكي، وأشار المرسوم في مضمونه إلى أنه “يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات والغرامة المالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة” بغير الليرة السورية، وقالت تقارير صحفية محلية إن غالبية المحال التجارية في مناطق سيطرة النظام السوري أغلقت أبوابها بسبب تدهور الحالة الاقتصادية، وعدم توفر القدرة الشرائية عند معظم السوريين.
فيماتداولت صفحات موالية للنظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي رسالة لأصحاب المطاعم في محافظة حمص أعلنوا فيها إغلاق مطاعمهم حتى استقرار السوق على سعر صرف الليرة، ووفقًا لمصادر محلية تحدثت لـ”ألترا صوت” فإن غالبية التجار لا يمكنهم استيراد المواد الأولية التي لا تشملها العقوبات الأمريكية، بسبب تشديد النظام السوري عبر مصرف سوريا المركزي على إجراء جميع تعاملاتهم المالية مع الخارج بالعملة المحلية.
بينما كانت مناطق الإدارة الذاتية التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدعم أمريكي، قد أصدرت قرارًا يمنع خروج مادة القمح من مناطق سيطرتها إلى مناطق النظام السوري، محذرةً من أن أي مخالفة ستحيل صاحبها للمساءلة القانونية، وأشار الصحفي أيمن عبد النور إلى أن القرار جاء ردًا على عرض النظام شراء الكيلو الواحد بـ400 ليرة من مزارعي المنطقة.
يضيف عبد النور أن قرار منع بيع القمح للنظام السوري سيؤدي لما وصفه “بأزمة قاتلة” في تأمين مادة الخبز، التي تعتبر مكونًا غذائيًا أساسيًا للسوريين، وتابع موضحًا أن كمية القمح المتواجدة في مستودعات النظام السوري لا تكفي لأكثر من شهر، في ظل مواجهته صعوبة في استيراد القمح من الخارج، نظرًا لاقتراب قانون قيصر الدخول حيز التنفيذ، وعدم توفر قطع النقد الأجنبي لشراء القمح من الشركات الروسية.
الترا صوت
————————-
تجدد التظاهر في مدينة السويداء ضد النظام السوري/ عمار الحلبي، جلال بكور
خرجت، اليوم الثلاثاء، مظاهرة في مدينة السويداء، جنوب شرقي سورية، وذلك لليوم الثالث على التوالي، احتجاجا على الواقع الاجتماعي والأمني المتردي في المدينة، كما طالب المتظاهرون بإسقاط النظام السوري.
وقالت مصادر من المدينة، لـ”العربي الجديد”، إن المئات من الناشطين والأهالي خرجوا في مظاهرة أمام مبنى المحافظة في مدينة السويداء، لليوم الثالث على التوالي، مطالبين رأس النظام السوري بالرحيل.
ورفع المتظاهرون شعارات من قبيل “الشعب يريد إسقاط النظام”، “سورية حرة حرة إيران تطلع برا”، “هي سورية والأسد جرثومة فيا”، منددين أيضا بالواقع الاقتصادي والأمني المتردي، كما رفعوا شعارات تطالب النظام بالإفراج عن المعتقلين في سجونه.
وقال أحد المشاركين في المظاهرات، إن المشاركة تزداد في المظاهرة، والنظام إلى الآن لم يواجه المتظاهرين بالقمع، وذلك قد يزيد من نسبة المشاركة في حال استمرار المظاهرات.
وتحدث لـ”العربي الجديد” عن وجود محاولات من النظام لاحتواء المظاهرات عن طريق الالتقاء بوجهاء محليين، إلا أن الشارع لم يعد يكترث لذلك حاليا، فالناس تعاني الفقر والجوع وتحارب في لقمة عيشها منذ سنوات، وبقيت الناس صامتة إلى اليوم.
وأضاف أن هذه المظاهرات ليست بدافع اقتصادي فقط، فالتضييق يتم على شباب المدينة بالملاحقة بهدف التجنيد الإجباري وإجبار أبناء المدينة على القتال إلى جانب النظام، وهذا الأمر ليس جديدا؛ فمعظم الشباب الذين غادروا المدينة والمحافظة غادروا هربا من التجنيد الإجباري، وهذا بحد ذاته يعد وقوفا في وجه النظام ورفضا للقتال ضد بقية أبناء الوطن.
وأشار إلى أن الهتافات التي يطلقها الأهالي المشاركون في المظاهرات تعزز هذه الفكرة، وتؤكد على أن الثورة موجودة في المدينة والمحافظة، لكن الظروف كانت حائلة دون خروجها، متوقعا أن تزداد كرة الثلج اتساعا مع قدوم الأيام وعدم قدرة النظام على تصحيح الأوضاع.
يأتي ذلك في وقت اعتقل فيه النظام السوري، اليوم، الناشط رائد عبدي الخطيب في مدينة السويداء، بعد دعوة الأخير لخروج مظاهرات ضد النظام السوري في المدينة والمشاركة فيها.
وقالت مصادر من المدينة، لـ”العربي الجديد”، إن فرع الأمن السياسي التابع للنظام في السويداء اعتقل الناشط رائد عبدي الخطيب وهو أحد قيادي المظاهرات المناهضة للنظام.
وذكرت المصادر أن دورية مشتركة من الأمن السياسي والأمن الجنائي قامت بتعقب رائد الخطيب وخطيبته عقب انفضاض المظاهرة واعتقلته في مكتبه بالقرب من مبنى محافظة السويداء.
وذكرت المصادر أن هناك قائمة تضم نحو عشرين اسما لناشطين يقوم الأمن السياسي التابع للنظام بالبحث عنهم في المدينة بهدف اعتقالهم.
وبحسب المصادر فإن الأجواء متوترة في السويداء بعد اعتقال الناشط رائد، مشيرة إلى أن وجهاء تدخلوا في الأمر وذهبوا إلى فرع الأمن للاطلاع على الموضوع.
وتعاني السويداء منذ سنوات من النظام السوري، خاصة في ملاحقة الرافضين للتجنيد الإجباري، إذ قام النظام بفصل الكثير من الموظفين وطلاب الجامعات لعدم التحاقهم بقواته، فضلا عن عدم إجرائه أي حل للحد من عبث العصابات المسلحة التي تمارس الخطف والقتل والسرقة، ويتهمها الأهالي بالتعاون أيضا مع فروع أمن النظام وضباطه.
وكان المتظاهرون قد خرجوا يوم أمس، وحمّلوا النظام السوري مسؤولية تدهور الواقع الأمني والاقتصادي في البلاد، كما هتفوا تضامنا مع إدلب وبقية المناطق السورية ضد النظام. كما وطالب المتظاهرون القوات الروسية والإيرانية بالخروج من سورية.
وردد المتظاهرون هتافات لعبد الباسط الساروت، “حارس الثورة السورية”، ورددوا هتافات تذكر بأن أبرز الثائرين السوريين ضد الاحتلال الفرنسي كانوا منها.
وتأتي المظاهرات في السويداء بعد دعوة من ناشطين جاءت تزامنا مع استمرار انهيار قيمة الليرة السورية، وتداعيات ذلك الانهيار على السوريين في ظل العقوبات المفروضة على النظام، واقتراب تطبيق قانون قيصر ضده وضد حلفائه.
l
—————————
مظاهرات تحمّل النظام مسؤولية تجويع السوريين… و41 قتيلا في مواجهات سهل الغاب/ هبة محمد
دمشق ـ «القدس العربي» ووكالات: سجلت الليرة السورية أمس هبوطاً مدوياً، الأمر الذي شكل خطراً على معظم شرائح المجتمع، فقد وصل سعر صرفها مستويات متدنية لم تشهدها في تاريخها مقابل الدولار الذي صرف بـ3500 ليرة أمس، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ودفع هذا التراجع الحاد بالعملة وانهيار الوضع الاقتصادي الذي يهدد النظام السوري بشكل جدي بأهالي محافظة السويداء جنوب سوريا، لتجديد التظاهرات السلمية المطالبة بإسقاط النظام وخروج القوات الإيرانية والروسية من البلاد الذين جميعهم أوصلوا السوريين إلى حافة الجوع، وجرى ذلك وسط إضراب وإغلاق واسع لمعظم المحال والمتاجر ومحطات الوقود، في عموم المحافظات السورية بسبب انهيار العملة المحلية.
وقال مسؤول شبكة أخبار «السويداء 24» لـ«القدس العربي» إن عشرات المتظاهرين جابوا ساحات وشوارع مدينة السويداء، أمس، مطالبين برحيل رأس النظام السوري، وخروج القوات الأجنبية من سوريا على رأسها روسيا وإيران. وأضاف ريان المعروفي أن المتظاهرين هتفوا بوحدة الشعب السوري، كما خرجت مظاهرات في محافظات عدة وعلى رأسها إدلب ودرعا وطرطوس، حمّلت السلطات السورية والدول الداعمة لها مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد، وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين.
ولفت المعروفي إلى أن النظام السوري أرسل تعزيزات من قوات الشرطة إلى مناطق عدة لمواجهة المتظاهرين.
وفي هذ السياق قال المبعوث الأمريكي الخاص المعني بشؤون سوريا جيمس جيفري، إن انهيار قيمة العملة السورية كان إلى حد ما نتيجة الإجراءات التي اتخذتها حكومة بلاده، معتبراً أنها دليل على أن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تعويم النظام، وأن النظام نفسه لم يعد قادراً على إدارة سياسة اقتصادية فاعلة، لافتاً إلى أن النظام السوري لم يعد قادراً على تبييض الأموال في المصارف اللبنانية التي تعاني بدورها من أزمة.
وكشف جيفري أن الولايات المتحدة قدمت «للأسد طريقاً للخروج من هذه الأزمة، وإذا كان الأسد مهتماً بشعبه سيقبل العرض»، مؤكداً أن قانون «قيصر» «يعطينا صلاحية يمكن استخدامها وفقاً لما نراه مناسبا لتحقيق سياستنا وسنتخذ إجراءات ضد الأنشطة التي نرى أنها تبقي الأسد قادراً على معارضة العملية السياسية».
وطالب المبعوث الأمريكي بتغيير سلوك النظام وعدم تأمينه مأوى للمنظمات الإرهابية وخاصة التابعة لإيران، وعدم استعماله السلاح الكيميائي ضد شعبه وجيرانه.
وأشار إلى حرص الولايات المتحدة على «تطبيق العقوبات الاقتصادية على النظام وداعميه وعلى الأنشطة التي تساعده على قمع شعبه، وعلى ألا يكون هناك تمويل لإعادة الإعمار، وعلى ألا تتم إعادة الإعمار في ظل نظام الأسد وروسيا وإيران، والنظام السوري لا يوفر وسيلة لدفعنا إلى تمويل إعادة الإعمار لكننا لن نفعل ذلك». كما قال «نحرص على ألا تقدم أي جهة دولية على تمويل الإعمار في ظل هذا النظام».
ميدانياً، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام تمكنت من استعادة السيطرة على قريتي الفطاطرة والمنارة في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.
عملية الاستعادة جاءت بعد انسحاب المجموعات الجهادية من القريتين في أعقاب القصف الجوي الروسي، بالإضافة للقصف البري المكثف.
ووثق المرصد السوري مزيداً من الخسائر البشرية جراء القصف الجوي والبري والاشتباكات، حيث ارتفع عدد قتلى المجموعات الجهادية ضمن غرفة عمليات «وحرض المؤمنين» إلى 22 قتيلاً، بينهم قيادي سوري، فيما قتل 19 عنصراً من قوات النظام في هجوم الجهاديين.
وأشار المرصد السوري إلى اتساع رقعة القصف الجوي الروسي على منطقة «بوتين – أردوغان»، حيث استهدفت الطائرات الحربية الروسية مناطق عدة في سهل الغاب وجبل الزاوية في ريفي إدلب وحماة، ولقي 3 مدنيين على الأقل، حتفهم في الغارات التي نفذتها مقاتلات روسية على مناطق عدة في إدلب.
وذكر مركز رصد الطيران التابع للمعارضة السورية، أن مقاتلات روسية شنت أكثر من 20 غارة على قرى عدة في مناطق بجبل الزاوية التابعة لمحافظة إدلب، وأخرى شمال غربي محافظة حماة.
وأفاد مصطفى حاج يوسف، مدير الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في إدلب، بمقتل مدنيين اثنين في جبل الزاوية، إلى جانب مصرع آخر في قرية دير سنبل، شمال غربي حماة، نتيجة الغارات الروسية.
وأشار إلى إصابة 3 مدنيين آخرين، نقلوا إلى المراكز الصحية التابعة للخوذ البيضاء، وسط استمرار عمليات البحث والإنقاذ في النقاط التي استهدفتها الغارات
—————————-
النظام يحشد مسيرات الردّ على السويداء
تتناقل صفحات موالية للنظام السوري، مقاطع فيديو لما وصفتها بـ”مسيرات عفوية” خرجت تأييداً للرئيس بشار الأسد، في الساحل السوري.
وأظهرت المقاطع العديد من السيارات التي تجوب الشوارع في اللاذقية وطرطوس وجبلة رافعة أعلام النظام السوري، وصور الأسد، فيما ردد المشاركون شعاراتهم التقليدية: “بالروح بالدم نفديك يا بشار”، ويتم الترويج لمسيرة مليونية خلال الأيام المقبلة.
وبالطبع فإن هذه التظاهرات ليست عفوية، بل حشدت لها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وروجت لها الصفحات الموالية في “فايسبوك” و”تويتر”، كردّ على التظاهرات في السويداء ودرعا ومدن أخرى والتي هتفت ضد النظام مطالبة بالتغيير السياسي، وحيّت رموز الثورة السورية منذ 2011.
ورغم أن مدن الساحل السوري شهدت بالفعل مسيرات مؤيدة، إلا أن الصفحات عمدت إلى نشر مقاطع فيديو قديمة تعود للعام 2018، حسبما اشتكى معلقون موالون. وربما يعود ذلك إلى المشاركة المحدودة في المسيرات الجديدة، في حين تشهد البلاد استياء واسعاً من النظام بسبب تردي الوضع الاقتصادي قبيل تطبيق قانون قيصر الذي يستخدمه النظام كشمّاعة لكافة المشاكل التي يعانيها السوريون.
والحال أن سياسات النظام القائمة على امتصاص دماء السوريين خلال سنوات الحرب السورية، هي التي أسهمت بشكل أساس في الانهيار الحالي للاقتصاد السوري. وبشكل خاص، طبقة رجال الأعمال الجدد الذين باتوا يمتلكون الثروة في سوريا ويقدمون الدعم المالي للنظام من أجل بقائه في الحكم، بأساليب السوق السوداء التي أسهمت في انهيار ما تبقى من اقتصاد البلاد، وأدت إلى تقسيم البلاد إلى أغنياء ومسحوقين واختفاء الطبقة الوسطى، مع الإشارة إلى أن التقديرات كانت تشير مطلع العام إلى أن نحو 80% من السوريين باتوا تحت خط الفقر.
——————————-
لليوم الثالث… تظاهرات مناوئة للنظام في جنوب سوريا
أ. ف. ب.
تظاهر عشرات من سكان مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا الثلاثاء، مطلقين هتافات مناوئة للنظام في محافظة بقيت بمنأى نسبياً عن النزاع الدائر في البلاد، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وشبكة أنباء محلية.
وتشهد المدينة منذ الأحد تظاهرات مطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية تزامنت مع انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق الموازية بين يومي السبت والإثنين من 2300 ليرة ليتخطى عتبة ثلاثة آلاف، ما أدى الى ارتفاع قياسي في أسعار السلع والمواد الغذائية.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “بدأت التظاهرات بشعارات مطالبة بتحسين الوضع المعيشي قبل أن تتحول إلى احتجاجات سياسية”.
وتظاهر عشرات لليوم الثالث على التوالي أمام مبنى المحافظة قبل أن يجوبوا شوارع المدينة.
والحكومة السورية موجودة في محافظة السويداء عبر المؤسسات الرسمية والمراكز الأمنية، فيما ينتشر الجيش في محيط المحافظة.
وأظهرت مقاطع فيديو بثتها شبكة السويداء 24 المحلية للأنباء الثلاثاء عشرات المتظاهرين يجوبون شوارع المدينة ويهتفون مطالبين بإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين. ورددوا شعارات عدة بينها “الشعب يريد إسقاط النظام”.
وبثت الشبكة ذاتها الاحد مقطعاً مصوراً أظهر عشرات الشبان يهتفون “ثورة، حرية، عدالة اجتماعية”، و”سوريا بدها حرية”، في تذكير بشعارات رفعها السوريون خلال احتجاجات العام 2011 والتي انطلقت من محافظة درعا المجاورة قبل أن تتحول نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص.
وطوال سنوات النزاع، تمكن دروز سوريا، الذين يشكلون ثلاثة في المئة من السكان، إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا اجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. وتخلف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الاجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعاً عن مناطقهم فقط، بينما غضّت دمشق النظر عنهم.
وبقيت محافظة السويداء بمنأى نسبياً من الحرب باستثناء هجمات محدودة بين 2013 و2015 شنتها فصائل معارضة بعضها إسلامية متطرفة وتصدت لها مجموعات محلية، إضافة الى هجوم واسع لتنظيم الدولة الإسلامية عام 2018 تسبّب بمقتل أكثر من 280 شخصاً.
———————————-
سوريا.. مظاهرات لليوم الثالث في السويداء تهتف برحيل الأسد احتجاجا على انهيار الليرة
خرجت مظاهرات في مدينة السويداء جنوبي سوريا لليوم الثالث على التوالي احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتدهور العملة، حيث طالب المحتجون برحيل رئيس النظام بشار الأسد.
وشهد اليوم الثلاثاء تحسنا نسبيا لسعر الليرة، حيث وصل في السوق السوداء إلى 2800 مقابل الدولار، بعدما لامس أمس عتبة 3200 ليرة لأول مرة في تاريخه، لكن ذلك لم يحل دون ارتفاع أسعار المواد الأساسية.
ولليوم الثالث، خرجت مظاهرات غاضبة في مدينة السويداء، ولم يمنعها التشديد الأمني من ترديد هتافات تطالب برحيل بشار الأسد ومحاسبة الفاسدين.
وكانت محافظة السويداء -التي ينتمي معظم سكانها لطائفة الدروز- في منأى عن معظم مجريات الثورة التي تحولت إلى حرب طاحنة، حيث تميل المحافظة إلى المهادنة وتأييد النظام، لكن التدهور الاقتصادي دفع سكانها إلى التململ ورفع شعار “بدنا نعيش”.
وفي مدينة طفس بريف درعا قرب الحدود مع الأردن خرجت قبل ثلاثة أيام مظاهرات احتجاجا على النظام الذي حمّله المتظاهرون مسؤولية ارتفاع الأسعار، ورفعوا شعارات الثورة، بما فيها مطلب الإفراج عن المعتقلين.
وقال متعاملون إن العقوبات الأميركية الأشد المتوقعة في وقت لاحق من هذا الشهر (قانون قيصر) هزت المستثمرين ورجال الأعمال، إذ يخشون أن تؤدي إلى تفاقم المحنة الاقتصادية الرهيبة، مما دفعهم إلى وقف المعاملات التجارية وإغلاق المحلات.
وعلاوة على كل ما سبق، تضررت معنويات رجال الأعمال بعدما صادر النظام أصول عدة شركات عملاقة، بما فيها إمبراطورية أغنى أغنياء سوريا، وهو رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد.
——————————
النظام يعتقل أحد المشاركين بمظاهرات السويداء بعد تجددها اليوم
اعتقل النظام أحد الشبان الذين شاركوا في مظاهرات مدينة السويداء والتي تجددت لليوم الثالث على التوالي، للمطالبة بإسقاط النظام ورحيل رأسه بشار الأسد.
وأفادت مصادر لتلفزيون سوريا بوجود انتشار أمني كبير في السوق الرئيسي لمدينة السويداء على خلفية خروج المظاهرات لليوم الثالث على التوالي، وتعيش المدينة حالة ترقّب وتخوّف من اتساع حملة الاعتقالات.
وقالت شبكة السويداء 24 إن عناصر من الأجهزة الأمنية، دهموا مكتبة في برج إنجي بمدينة السويداء، واعتقلوا المواطن رائد عبدي الخطيب، أحد الشباب المشاركين باحتجاجات السويداء، وذلك بعد مرور ساعة على انتهاء مظاهرة اليوم.
وتجمّع العشرات اليوم أمام مبنى محافظة السويداء، للمطالبة برحيل الأسد وإسقاط نظامه، وهتفوا “حرية للأبد غصباً عنك يا أسد”، “سوريا لينا وما هي لبيت الأسد”.
وخرجت المظاهرة الأكبر في مدينة السويداء يوم أمس الإثنين والتي شارك فيها المئات، طالبوا بالحرية والعدالة الاجتماعية وتنحّي الأسد وإطلاق سراح المعتقلين.
وقال أحد المشاركين بالمظاهرة لشبكة السويداء 24، “بدنا سوريا الحرة بلا عسكر واحتلالات، بدنا نعيش بكرامة، بدنا حقوق المواطنة، بدنا دولة القانون، بدنا عمرنا اللي ضيعوه بحروبهم ليبقوا وينهبوا هالبلد ويتسلطوا على شعبها ومقدراتها، وكل هذا وأكثر ما لن يتحقق إلا بالتغيير السياسي واستعادة الشعب لقراره”.
——————————————–
النظام السوري ينتقم من رفات “شهداء القريّا”
استفاق أهالي “شهداء القريّا” على خبر نقل رفات أبنائهم من المدافن، إلى مقابر جديدة، دون الرجوع إلى الأهالي وإخطارهم بإجراءات نقل الرفات.
وأفادت صفحة القريّا الآن على فيسبوك أنّ كلاً من أمين شعبة الحزب ورئيس البلدية، وبعض مشايخ البلدة ولجنة مدافن الشهداء، وبعض عناصر الدفاع المدني بالسويداء، ومجموعة من عناصر الهلال، إضافة إلى فئة محدودة من ذوي الشهداء، قد شاركوا في العملية.
إلى ذلك، قالت الشبكة أنّها التقت بأسرة “أحد الشهداء”، الذين عبّروا عن استيائهم الكبير لعدم معرفتهم بنقل جثمان “شهيدهم” إلّا بعد زيارتهم للمدفن، للتأكد من حديث الشارع أن هناك من نقل الجثامين، واكتشفوا أنّه ثمة من قام بتكسير شاهدة المدفن ووجدوه مفتوحاً ولا أثر للرفات.
توجّه بعدها “شقيق الشهيد” إلى مخفر البلدة غاضباً، بغية الادعاء على من عبث بمدفن أخيه “الشهيد”، وكسر شاهدة الرخام، حيث أنه لايعرف من نبش القبر ولا إلى أين نقلوه ولا بأي مدفن من المدافن الجديدة وضعوه !
وتشير القريا الآن إلى أنّه “تم نقل رفات (34) شهيداً من شهداء القريا إلى مدافن جديدة تم تجهيزها وتخصيصها للشهداء، شمال المدافن العامة مباشرةً، دون الرجوع لكل ذوي الشهداء ودون دعوة عامة للأهالي، إضافةً للقيام بتكسير بعض الشواهد التي كانت موضوعة على المدافن بسبب عدم الدقة بالعمل” .
وحصلت الشبكة المحلية على تصريح من مصدر مطلع، لم تذكر اسمه، واعتبر فيه أن مثل هذه الخطوة يجب أن يُعلن عنها عبر مكرفون البلدة، ومواقع التواصل وأن تكون الدعوة عامة، ويجب أن يكون المحافظ والقيادات السياسية والعسكرية والمسؤولين في المحافظة حاضرين جميعاً، وأن يكون “عرساً وطنياً “كما وصفه، ليتم نقل الرفات بطريقة تليق بهم وبتضحياتهم، و ألّا نكتفي بالدعوات على الهاتف للأشخاص الذين يهمون أصحاب الدعوة فقط .
وتتزامن هذه الخطوة مع تصاعد الاحتجاجات في السويداء عامة، على خلفية الظروف الأمنية والاقتصادية والمعيشية التي تعيشها المحافظة، أسوة بباقي المناطق السورية، يضاف إليها عمليات حرق المحاصيل، والخطف، والاعتداءات المتبادلة بين مكوّنات الجنوب السوري، والتي يلقي الأهالي اللوم فيها على عملاء النظام والميليشيات الموالية له.
ليفانت- وكالات
——————————
لليوم الثاني.. مظاهرات السويداء تتجدد ضد نظام الأسد
تجددت المظاهرات المناهضة لنظام الأسد في محافظة السويداء، لليوم الثاني على التوالي، وذلك احتجاجاً على الواقع المعيشي السيء الذي يعيشه المدنيون في ظل الانهيار المتسارع لليرة السورية.
ونشرت شبكة “السويداء 24″، اليوم الاثنين تسجيلات مصورة أظهرت مظاهرة لعشرات المدنيين أمام مبنى المحافظة في السويداء.
وقالت الشبكة إن “عشرات المواطنين نظموا مظاهرة سلمية مناوئة للسلطة أمام مبنى المحافظة، حيث بدأ المحتجون بهتافات تطالب برحيل الرئيس السوري، وتندد بتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في سورية”.
وأضافت الشبكة أن المتظاهرين انتقلوا من أمام مبنى المحافظة باتجاه سوق المدينة، في ظل انضمام العشرات للمظاهرات.
شاهد| هتافات المحتجين أمام مبنى محافظة #السويداء، وقد أفاد مراسل السويداء 24، أن المتظاهرين انتقلوا من أمام مبنى المحافظة باتجاه سوق المدينة، في ظل انضمام العشرات للتظاهرة.يتبع ..
Gepostet von السويداء 24 am Montag, 8. Juni 2020
وبدأت مظاهرات السويداء، يوم أمس الأحد، انطلاقاً من أمام مبنى المحافظة، حيث ندد المتظاهرون بنظام الأسد وبالواقع المعيشي، وهتفوا بإسقاط نظام الأسد ورأسه بشار الأسد.
ويتزامن ما سبق مع استمرار تدهور غير مسبوق لسعر صرف الليرة السورية، إذ وصل، اليوم، إلى 3200 ليرة سورية للدولار الواحد، ما أدى إلى ارتفاع حاد بأسعار المواد الغذائية، وإيقاف تجار الجملة والمحلات التجارية أعمالهم جراء ذلك.
ويأتي تدهور الليرة مع السريان المرتقب لقانون “قيصر” هذا الشهر، والذي من المتوقع أن يزيد الخناق الاقتصادي على النظام، وسيؤدي كذلك إلى تدهور جديد في الوضع المعيشي للمواطنين.
وينص “قانون قيصر” على فرض عقوبات على كبار المسؤولين والقادة العسكريين في نظام الأسد وعائلته، بالإضافة إلى توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية على سورية، لتشمل قطاعات رئيسية عامة يقودها أشخاص في حكومة الأسد، أو أي شركات خاصة تدعمه في مسألة إعادة الإعمار.
كما ينص القانون على تقويض داعمي الأسد، وبالتحديد روسيا وإيران، عبر فرض عقوبات مباشرة عليهما، تشمل مسؤولين حكوميين وشركات الطاقة التابعة لهما، بالإضافة إلى أي جهات تساعد الأسد في مسألة إعادة الإعمار.
ويأتي ذلك في ظل صمت من قبل حكومة النظام ، ومصرف سورية المركزي، وعدم اتخاذ أي إجراءات للحد من تدهور الليرة السورية، باستثناء ما أخذه من إجراءات مشددة تمنع نقل الأموال بكميات كبيرة بين المحافظات.
—————————–
قوات النظام تلوح بالحل الأمني ..اعتقالات أعقبت مظاهرة جديدة بالسويداء
اقتحمت عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للأسد برج “إنجي” في مدينة السويداء، واعتقلت شاباً شارك في المظاهرات الشعبية ضد نظام الأسد، خلال يومها الثالث.
وذكرت شبكة “السويداء 24″، أن عناصر من الأجهزة الأمنية اعتقلت المواطن رائد عبدي الخطيب، اليوم الثلاثاء، بعد مرور ساعة على مشاركته بالاحتجاجات ضد النظام، مشيرة إلى أن الاعتقال تم داخل المكتبة التي يعمل فيها في برج “إنجي” وسط المدينة.
عاجل| أفاد مراسل السويداء 24، باقتحام عناصر من الأجهزة الامنية، مكتبة في برج إنجي بمدينة السويداء، واعتقالهم المواطن…
Gepostet von السويداء 24 am Dienstag, 9. Juni 2020
وتستمر المظاهرات الشعبية في السويداء لليوم الثالث على التوالي، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية المتزامنة مع انهيار الليرة السورية وغلاء الأسعار في الأسواق، حيث تجمع العشرات، اليوم الثلاثاء، أمام مبنى محافظة السويداء، للمطالبة برحيل بشار الأسد، رافعين شعارات سياسية واقتصادية، حسب شبكة “السويداء 24”.
وبدأت مظاهرات السويداء، أول أمس الأحد، انطلاقاً من أمام مبنى المحافظة، واستمرت حتى اليوم، حيث ندد المتظاهرون بنظام الأسد وبالواقع المعيشي، وهتفوا بشعارات عدة، ومنها “الموت ولا المذلة”، و”سوريا لينا وما هي لبيت الأسد”، كما هتفوا “سوريا حرة حرة إيران وروسيا برا”، و”يرحم روحك يا سلطان البلد صارت لإيران”.
يُشار إلى أن عشرات الأهالي خرجوا أيضاً في مدينة طفس بريف درعا، الأحد الماضي، احتجاجاً على ارتفاع الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة، محملين نظام الأسد المسؤولية.
ويأتي تدهور الليرة مع السريان المرتقب لقانون “قيصر” هذا الشهر، والذي من المتوقع أن يزيد الخناق الاقتصادي على النظام، وسيؤدي كذلك إلى تدهور جديد في الوضع المعيشي للمواطنين، حيث وصل سعر الصرف اليوم إلى 3100 ليرة أمام الدولار الواحد.
وينص “قانون قيصر” على فرض عقوبات على كبار المسؤولين والقادة العسكريين في نظام الأسد وعائلته، بالإضافة إلى توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية على سورية، لتشمل قطاعات رئيسية عامة يقودها أشخاص في حكومة الأسد، أو أي شركات خاصة تدعمه في مسألة إعادة الإعمار.
ويأتي ذلك في ظل صمت من قبل حكومة النظام ، ومصرف سورية المركزي، وعدم اتخاذ أي إجراءات للحد من تدهور الليرة السورية، باستثناء ما أخذه من إجراءات مشددة تمنع نقل الأموال بكميات كبيرة بين المحافظات.
————————————
من قلب السويداء: يرحم روحك يا ساروت
“يرحم روحك يا ساروت”، ثلاث كلمات هتف بها سوريون في السويداء (على بعد 100 كم متر جنوب العاصمة دمشق) على وقع تظاهرات حب عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الذكرى الأولى لرحيل بلبل الثورة السورية وحارسها عبد الباسط ساروت.
صودف حلول ذكرى رحيل ساروت، أو باسط، الاسم الذي يعرفه به أصدقاؤه، مع خروج احتجاجات شعبية غاضبة في السويداء تطالب برحيل الرئيس بشار الأسد للمرة الأولى منذ عام 2011 على خلفية تسجيل هبوط قياسي جديد لليرة السورية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية معها إلى حد لم يعد الكثيرون يحتملونه.
وتخطى سعر الدولار عتبة الـ2400 ليرة في السوق الموازية، بعدما كان يساوي 47 ليرة عند اندلاع الثورة السورية قبل تسعة أعوام.
لكن الهتاف لساروت في ذكراه من أحد معاقل النظام مثّل للعديد من السوريين المعارضين للنظام أهمية بالغة ورسالة دعم وأمل بأن “الثورة مستمرة وستنتصر”.
وفي ذكرى رحيلك الاولى، السويداء هتفت باسمك يا اجملنا #عبد_الباسط_الساروت
pic.twitter.com/FDRpQukZ58
— alia (@aliamansour) June 8, 2020
وكتبت إحدى المغردات: “كل شيء بكفة وأنه أسمع اسم الساروت بهتافات السويداء بكفة… الثورة تعرف أبناءها دائماً”.
تظاهرة حب إلكترونية
وعمّت مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تعبّر عن الامتنان لحارس مرمى نادي “الكرامة الحمصي” السابق، الذي تخلى عن طموحه الرياضي وانحاز إلى الثورة ووهبها حياته وصوته الذي تحول إلى أيقونة بعدما صدح في التظاهرات والفعاليات المناهضة للنظام.
ومما قيل في رثاء الساروت في ذكراه الأولى:
“الساروت هو أغنيتنا الأولى، وصوت ثورتنا الأول. هو البدايات النقية، هو الشهداء والمعتقلون. هو ما تبقى من اليقين بحتمية انتصار هذه الثورة ولو بعد حين…”.
“كان الساروت صوتاً للمظلومين والثكالى واليتامى والشهداء، وللحق والثورة. بكت على فراقه أمة كان قد أحيا بها هِمّةً قبل استشهاده، وها هي اليوم تعيش على تلك الهمة وتتمسك بها كي لا تضيع البوصلة! وكي تكمل مسير الساروت وتحقق نصراً مشهوداً”.
“مرّت سنة على رحيل سلطتنا الشرعيّة الوحيدة. الثائر السّوريّ الملحميّ الأخير. المتقشّف في مماته. الزّاهد عن المناصب. المنصرف الى حريّتنا… أسْقَى الله بلاداً ضمّنَت قَبْرَه وذهبت في طريق إنصاف دمه”.
———————————
النظام السوري يهدّد أهالي السويداء… ومظاهرات في المحافظات ضده/ جلال بكور
تجدّدت المظاهرات ضد النظام السوري في محافظات السويداء ودرعا وحلب، مساء أمس الثلاثاء، تنديداً بالواقع الاقتصادي المتردي، متضامنة مع بعضها البعض، في وقت يحضّر النظام لإخراج الأهالي عنوة في مسيرة مؤيدة له بمدينة السويداء.
وقالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، اليوم الأربعاء، إن المتظاهرين جدّدوا خروجهم في مدينة السويداء جنوبي سورية، مساء أمس الثلاثاء، وذلك عقب قيام النظام السوري باعتقال ناشط مشارك في المظاهرات، وملاحقة آخرين من قبل فروع الأمن التابعة للنظام في المدينة. وأضافت أن الناشطين هتفوا لـ”الحرية”، وردّدوا شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، كما رفعوا علم الثورة السورية، وذلك تزامناً مع قيام النظام السوري بتعزيز قواته في المدينة.
وبيّنت المصادر أن الفروع الأمنية في السويداء عززت من قواتها، وجلبت مزيداً من العناصر إلى مراكز حفظ النظام وقيادة الشرطة، وقامت بوضع العديد من الحواجز في محيط المراكز الأمنية.
وذكرت المصادر أن النظام عمّم على كلّ المؤسسات والمدارس الخروج، اليوم الأربعاء، في مسيرة مؤيدة له، مهدداً بمحاسبة من يتخلف عن الخروج.
وتحدثت المصادر عن انتشار مقطع صوتي في المدينة لمسؤولة في مديرية التربية التابعة للنظام، تهدد فيه بـ”المحاسبة الشديدة” لمن لن يشارك في المسيرة التي من المزمع إقامتها أمام مبنى المحافظة. وطالبت فيه المديرين والمدرسين بجلب الطلاب، ومن يتخلف عن ذلك سيتلقى “محاسبة شديدة”. ونشر ناشطون على مواقع التواصل، التسجيل الذي جاء فيه التهديد بالمحاسبة لمن لا يخرج في المسيرة المؤيدة للنظام.
وذكرت المصادر أن النظام يهدف من ذلك إلى إحداث صدام بين الأهالي عن طريق حشد المؤيدين له بعنوة، في ذات الساعة التي تتم الدعوة فيها للتظاهر من قبل المطالبين بإسقاط النظام.
وأبدت المصادر تخوفها من قيام النظام بافتعال خلل أمني في المدينة، بغية لصق التهمة بالمتظاهرين ضده. ويأتي حشد النظام على الرغم من مخاطر انتشار فيروس كورونا أيضاً.
وكانت السويداء قد شهدت، خلال الأيام الثلاثة الماضية، خروج مظاهرات على خلفية الواقع الاقتصادي والأمني المتردي، وردّد المتظاهرون شعارات طالبت بإسقاط النظام، وتضامنت مع المناطق الثائرة ضده، وطالبت برحيل القوات الروسية والإيرانية عن سورية.
إلى ذلك، خرجت مظاهرة في مدينة طفس بريف درعا الغربي جنوبي البلاد، وذلك تضامناً مع المتظاهرين في مدينة السويداء، ورفعت شعارات تطالب بإسقاط النظام، مؤكدة أن السويداء ودرعا في طريق واحد. وتزامن ذلك أيضاً مع خروج مظاهرة ضد النظام في مدينة شهبا، بريف السويداء الغربي.
ولم تقتصر المظاهرات على الجنوب، فقد خرجت مظاهرة في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي شمالي سورية، طالبت بإسقاط النظام، وردد المشاركون فيها شعارات الثورة السورية، مطالبين بالإفراج عن المعتقلين، كما رددوا شعارات التضامن مع مظاهرات السويداء.
ويشار إلى أن المظاهرات في سورية توقفت في الكثير من المناطق بفعل العمليات العسكرية التي شنها النظام السوري بدعم من روسيا وإيران، إلا أن وتيرتها ارتفعت في الآونة الأخيرة، وخصوصاً مع اقتراب موعد تطبيق “قانون قيصر” الذي ينصّ على فرض عقوبات اقتصادية صارمة على النظام وداعميه.
كما تأتي تلك المظاهرات في ظل انخفاض تاريخي في قيمة الليرة السورية، حيث تجاوز سعرها أخيراً حاجز 3 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد.
———————————————–
السويداء: تسجيل صوتي يفضح “المسيرات العفوية“
تداول ناشطون سوريون، تسجيلاً صوتياً مسرباً لرئيسة فرع اتحاد الطلبة في محافظة السويداء، وفاء عفلق، تهدد فيه الطلاب والموظفين بالعقاب في حال عدم خروجهم في مسيرة مؤيدة لنظام اﻷسد، في وجه التظاهرات التي عادت تسير في شوارع المحافظة وباتت تنادي بإسقاط النظام.
وأكدت عفلق في التسجيل، وجود أوامر على درجة من الأهمية بهذا الخصوص في إشارة إلى تعليمات وردت من مخابرات النظام السوري، كما هي العادة، متوجهة بخطابها إلى “الرّفاق”، وهي التسمية التي تطلق في سوريا الأسد على أعضاء حزب البعث وعملاء المخابرات. وحددت مكاناً لتنظيم وقفة أمام مبنى المحافظة من الساعة التاسعة، صباح الأربعاء، حتى الواحدة ظهراً، محذرةً من المغادرة قبل الموعد حتى في حال وجود امتحانات.
وحذّرت عفلق من أن الشعارات المناوئة للنظام السوري في المحافظة تطاول “رمز الوطن”، أي بشار الأسد، حيث ستكون الوقفة رداً مباشراً على ذلك، حسب تعبيرها.
وذكرت صفحة “السويداء 24” في “فايسبوك”، أن مئات الموظفين والطلاب توافدوا إلى ساحة المحافظة، في مسيرة مؤيدة لرئيس النظام بشار الأسد، التي دعت لها فعاليات تابعة لحزب البعث. وفيما تم تجاهل التظاهرات المعارضة في المحافظة من قبل وسائل الإعلام الموالية، وصفت المسيرة الأخيرة بأنها “تظاهرة ضد العقوبات الغربية على الشعب السوري”، كما تم تضخيم حجم المشاركة فيها بالقول أن آلاف السوريين شاركوا فيها.
وكانت مدن الساحل السوري، التي توصف عادة بأنها البيئة الحاضنة للنظام، شهدت مسيرات محدودة موالية للنظام، مطلع الأسبوع، علماً أن أسلوب المسيرات الموالية يعتبر طريقة النظام القديمة لخلق الوهم بوجود تأييد شعبي له. ويتم عادة إجبار الموظفين والطلاب على الخروج في هذه المسيرات.
وفيما يشكل التسجيل الصوتي دليلاً لكل من يشكك في أن المسيرات الموالية ليست عفوية مثلما يروج النظام، فإن الحديث الدائم عن العقوبات الغربية وبالتحديد قانون قيصر الذي لم يتم تطبيقه بعد، كسبب لمشاكل الشعب السوري، ليس دقيقاً، بل يجب القول أن سياسات النظام القائمة على امتصاص دماء السوريين خلال سنوات الحرب السورية، هي التي أسهمت بشكل أساس في الانهيار الحالي للاقتصاد السوري.
وتبرز هنا طبقة رجال الأعمال الجدد الذين باتوا يمتلكون الثروة في سوريا ويقدمون الدعم المالي للنظام من أجل بقائه في الحكم، بأساليب السوق السوداء التي أسهمت في انهيار ما تبقى من اقتصاد البلاد، وأدت إلى تقسيم البلاد إلى أغنياء ومسحوقين واختفاء الطبقة الوسطى، مع الإشارة إلى أن التقديرات كانت تشير مطلع العام إلى أن نحو 80% من السوريين باتوا تحت خط الفقر.
———————————————–
سوريا: نواب أمريكيون يطالبون بتطبيق «صارم» لقانون قيصر… و«ثورة السويداء» تتسع/ هبة محمد
دمشق ـ «القدس العربي»: اتسعت الاحتجاجات وامتدت لليوم الثالث على التوالي في مدينة السويداء جنوب سوريا، على وقع التخبط الذي يشهده سعر صرف الليرة السورية التي انهارت مقابل الدولار الأمريكي، حيث لا تزال الأسواق السورية تشهد حركة شبه معدومة للبيع والشراء، بالإضافة إلى إغلاق عدد كبير من المحال التجارية، لعدم قدرتهم على معرفة كيفية بيع المواد الأساسية في مدن وبلدات سوريا كافة من أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها. وتجمع الأهالي أمام مبنى المحافظة، وسط السويداء، مطالبين برحيل رئيس النظام السوري، كما رفعوا شعارات منددة بتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، وسط تزايد أعداد المشاركين، ودعوات لاستمرار التظاهر.
وتزامن ذلك مع عودة الطيران الحربي الروسي إلى أجواء مدينة إدلب شمال غربي سوريا، لأول مرة منذ تطبيق اتفاق التهدئة، حيث استهدفت المنطقة بغارات عدة خلال الـ24 ساعة الماضية، ساهمت بها الطائرات الحربية الروسية، فيما انفجر لغم بمدرعة عسكرية تابعة للقوات الروسية، أثناء عبورها في قرية قرب عين عرب (كوباني) عند الحدود السورية – التركية، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وألقى تخبط سعر صرف الليرة السورية وانهيارها المتواصل بظلالهما على أسعار بيع الأدوية، حالها كحال الكثير من المنتجات والسلع، حيث شهدت المحافظات السورية ارتفاعاً كبيراً بأسعارها، وعلى وجه التحديد ضمن العاصمة دمشق، حيث رصد المرصد السوري فقدان بعض الأدوية من الصيدليات.
وقالت مصادر محلية لـ«القدس العربي» إن المتظاهرين هتفوا من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، وطالبوا بشار الأسد بالتنحي، وحملوه مسؤولية تدهور أوضاع المعيشية في البلاد، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين، حيث انطلقت المظاهرة من أمام مبنى محافظة السويداء، باتجاه شارع الشعراني، ثم ساحة السير ومنها إلى الشارع المحوري، ودوار المشنقة، ليعودوا مجدداً إلى ساحة المحافظة، مؤكدين عودتهم ومواصلة المظاهرات في اليوم التالي.
ونقل مدير شبكة «السويداء 24» لـ«القدس العربي» مطالب المتظاهرين، قائلاً «نريد سوريا الحرة بلا عسكر واحتلالات، لنعيش بكرامة، ضمن حقوق المواطنة، ودولة القانون، وهذا لن يتحقق إلا بالتغيير السياسي واستعادة الشعب لقراره».
وأضاف «مطالبنا تتجلى بتغيير السلطة الحاكمة، وتنحي بشار الأسد عن الحكم، وتتعداها للمطالبة بإجلاء القوات الأجنبية كافة عن أرض سوريا، وإعادة ما استولت عليه روسيا وإيران من الثروات والمنشآت السورية إلى السوريين، ونحن خرجنا إلى الشوارع للمطالبة بحقوق من تبقوا من الشعب السوري من مهجرين ومقهورين وجياع، ومن أجل الدماء التي سُفكت ولنعيد الحق إلى أهله، ولا يهمنا أي اعتبارات أخرى وليس لدينا أهداف غير المذكورة في الساحات».
ووفقاً للمتحدث فإن عناصر من الأجهزة الأمنية اقتحمت مكتبة في «برج إنجي» في مدينة السويداء، واعتقلت الناشط رائد عبدي الخطيب، وهو أحد الشباب المشاركين في احتجاجات السويداء، وذلك بعد مرور ساعة على انتهاء المظاهرة.
ميدانياً وإلى الشمال السوري، شنت المقاتلات الحربية الروسية 15 غارة أمس، مستهدفة مناطق عدة في جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، ما أدى لمقتل مدني في بليون وإصابة آخرين بجراح متفاوتة.
فريق «منسقو استجابة سوريا» وثق أمس الثلاثاء، أكثر من 38 استهدافاً جوياً وأرضياً خلال الـ24 ساعة الماضية، ساهمت بها الطائرات الحربية الروسية بشكل واضح. وقال الفريق في بيانه، إن مناطق ريف إدلب وحماة تشهد موجة نزوح جديدة، مؤكداً نزوح 6000 نسمة من تلك المناطق باتجاه المدن والبلدات الآمنة نسبياً.
وكان لافتاً دعوة نواب أمريكيين جمهوريين وديمقراطيين إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى تطبيق «صارم» للعقوبات المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر».
وينص القانون على تجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه ما لم يحاكم مرتكبو الانتهاكات.
ويستهدف القانون أيضاً كيانات روسية وإيرانية تعمل مع نظام الرئيس بشار الأسد.
وقال رئيسا لجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ ونائباهما في بيان مشترك إن «الشعب السوري عانى كثيراً ولمدة طويلة في ظل الأسد وعرابيه».
وأضاف الجمهوريان جيمس ريش ومايكل مكول، والديمقراطيان إليوت إنغل وبوب مينينديز، في بيانهم أنه «يجب على الإدارة تطبيق قانون قيصر بشكل صارم وفي موعده، حتى تصل إلى النظام ومن يحافظون على وجوده رسالة مفادها أن الأسد لا يزال منبوذاً».
وشدد السيناتوران والنائبان على أن الأسد «لن يكون أبداً مسؤولاً شرعياً»، وقالوا إنه يجب على النظام وعرابيه وضع حد لقتل الأبرياء ومنح السوريين طريقاً للمصالحة والاستقرار والحرية.
القدس العربي
——————————–
السويداء تتحدى الموالين..وحلب تنضم الى الحراك
لليوم الرابع على التوالي، واصلت مدينة السويداء، جنوب سوريا، تظاهراتها ضد النظام الذي نظم مسيرة مؤيدة، بعد أن اعتقلت أجهزته الأمنية أحد الناشطين المعارضين، في الوقت الذي اتسعت فيه دائرة التفاعل مع حراك السويداء، حيث خرجت مظاهرة في مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام ظهر الأربعاء.
المظاهرة الرابعة على التوالي في السويداء شهدت اقبالاً متزايداً من المشاركين، حيث اعتصم المتظاهرون في ساحة الفخار بدلاً من التجمع المعتاد أمام مبنى المحافظة، التي تجمع فيها العشرات من المشاركين في المسيرة المؤيدة التي أجبر المشاركون فيها على الحضور تحت التهديد.
وردد المتظاهرون في ساحة الفخار الهتافات المطالبة بالحرية وسقوط النظام، كما طالبوا بإطلاق سراح معتقلي الرأي، وفي مقدمتهم حمود عقيل المعتقل منذ 25 آذار/مارس 2013 ولا يزال مجهول المصير، والمواطن ناصر بندق المعتقل منذ 17 شباط/فبراير 2014، ورائد الخطيب الذي اعتقل على خلفية تظاهرات الثلاثاء.
“بدنا المعتقلين.. ليش خايفين الله معنا”
رددوا “قسم سوريا الحرة”.. انتفاضة #السويداء في يومها الرابع#تلفزيون_سوريا @syriastream pic.twitter.com/WQi3FQIQ5d
— تلفزيون سوريا (@syr_television) June 10, 2020
وتداول ناشطون سوريون تسجيلاً صوتياً على مواقع التواصل الاجتماعي هددت فيه رئيسة فرع السويداء لاتحاد الطلبة التابع لحزب “البعث” الطلاب الذين يرفضون المشاركة في المسيرة “بمحاسبة شديدة” قائلة: “مجبورين نجي بالصرماية.. غصبن عنكن بدكن تروحوا”.
“مجبورين نجي بالصرماية” “غصب العنكن بدكن تروحوا” تهديدات بالفصل والمحاسبة.. بالصوت.. مسؤولة بعثية تجبر الطلاب والمدرسين على حضور مسيرة تأييد للأسد في #السويداء #تلفزيون_سوريا
Posted by Syria TV تلفزيون سوريا on Wednesday, June 10, 2020
وبحسب شبكة “السويداء 24” فقد شهدت ساحة المحافظة اطلاق نار بعد انتهاء المسيرة المؤيدة، نفذه مسلح مجهول الهوية لاذ بالفرار، واعتبره ناشطو المدينة أنه عمل مقصود تقف خلفه أجهزة النظام الأمنية لتبرير ما يمكن أن تقدم عليه من تصعيد ضد الحراك المعارض لاحقاً.
وبالتزامن مع حراك السويداء، شهدت مدينة حلب خروج مظاهرة حملت النظام المسؤولية عن الوضع الاقتصادي المتدهور وطالبت بالتحرك لمعالجته.
ورغم القبضة الأمنية المشددة، فإن المظاهرة جابت حي الجميلية وصولاً لساحة سعد الله الجابري وسط مدينة حلب، مرددة شعارات تطالب بحل الأزمة الاقتصادية وعدم تجويع المواطن.
وكان أحد مساجد حي الجميلية ذاته قد شهد لغطاً كبيراً ومغادرة الحاضرين المسجد قبل انتهاء صلاة الجمعة هذا الأسبوع بعد اعتراض أحد المصلين على دعاء خطيب المسجد لرئيس النظام بشار الأسد، حيث وصفه المحتج بالقاتل.
والثلاثاء خرجت مظاهرات في مناطق مختلفة من سوريا، تضامناً مع الحراك الشعبي المعارض للنظام في مدينة السويداء، حيث شهدت مدينة شهبا بريف السويداء مظاهرة طالبت بسقوط النظام ورحيل بشار الأسد.
وفي درعا المجاورة، واصلت مدينة طفس بالريف الغربي مظاهراتها المسائية المتضامنة مع السويداء، حيث ردد المشاركون فيه الشعارات التي تؤكد على الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب السوري.
وفي ريف حلب الشمالي، نظم ناشطون مظاهرة الثلاثاء، دعت إلى إسقاط النظام، وردد المشاركون فيها شعارات الثورة السورية، مطالبين بالإفراج عن المعتقلين، كما عبروا عن التضامن مع مظاهرات السويداء.
————————-
الثورة المستعادة..تكسر الحدود المصطنعة بين السوريين
لم ينسَ السوريون في مناطق المعارضة أو في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، أنهم شعب واحد وأبناء بلد واحد، فرددوا في ثورتهم التي عادت الدماء لتجري إلى عروقها، هتافات واحدة، تعيد إلى الذاكرة بدايات الثورة في عام 2011.
شاهد| المتظاهرون يجوبون شوارع مدينة #السويداء وساحاتها الرئيسية، حيث انتقلوا إلى ساحة السير ثم الشارع المحوري، ودوار المشنقة، في ظل مشاركة من فئات عمرية مختلفة، بين رجال ونساء. تفاصيل أكثر حال ورودها ..
Posted by السويداء 24 on Monday, June 8, 2020
ولأن المعابر المصطنعة بين المناطق والتي فرقت بين السوريين على مدى 9 أعوام، لم تفرق بين السوريين أنفسهم، هتفت الشمال للجنوب، والجنوب للشمال.
شاهد| جانب من هتافات المحتجين في مدينة #السويداء، اليوم الثلاثاء 9/7/2020، بعد خروج مظاهرة سلمية، لليوم الثالث على…
Posted by السويداء 24 on Tuesday, June 9, 2020
اسمع النغم والطرب من وسط مدينة إدلب
Posted by يمان السيد on Monday, June 8, 2020
كانت الأيام الثلاثة الماضية مبشرة استعادت الشعارات الثورية التي ما ملً منها السوريون ولا تخلوا عنها، مثل: “الله سوريا حرية وبس”، “يلا إرحل يا بشار”، “الشعب يريد اسقاط النظام”، “هي سوريا.. والأسد جرثومة فيا”، “سوريا لينا.. وماهي لبيت الأسد”، :قاتل قاتل قاتل.. بشار الأسد قاتل”.
ليس طلعوا أهل السويداء بالاحتجاجات ؟ … بده الأمن يجي ياخذني … يتفضل يجي الامن ياخذني… أنا مواطن سوري وبيحقلي إحكي…
Posted by السويداء A N S on Monday, June 8, 2020
اسمع النغم والطرب من وسط مدينة إدلب
Posted by يمان السيد on Monday, June 8, 2020
المتظاهرون رددوا كذلك هتافات تحيي القائد الثوري عبد الباسط الساروت، الذي تزامنت ذكرى رحيله السنوية الأولى مع مظاهرة اليوم، كما كان لافتاً تركيز المشاركين فيها على توجيه التحية للمدن السورية وتأكيد التضامن مع إدلب وحوران على وجه التحديد.
————————–
السويداء تتظاهر لليوم الثالث..والائتلاف يشيد بتحررها من الاستبداد
تجددت الاحتجاجات لليوم الثالث على التوالي في مدينة السويداء، حيث تجمع المئات أمام مبنى محافظة السويداء، الثلاثاء، للمطالبة برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، رافعين شعارات سياسية واقتصادية.
ورفع المتظاهرون شعارات من قبيل “الشعب يريد إسقاط النظام”، “سوريا حرة حرة.. إيران تطلع برا”، “هي سوريا.. والأسد جرثومة فيا”، منددين أيضا بالواقع الاقتصادي والأمني المتردي، كما رفعوا شعارات تطالب النظام بالإفراج عن المعتقلين في سجونه.
*السويداء*
خروج مظاهرة شعبية في مدينة *#السويداء* لليوم الثالث على التوالي تطالب باسقاط النظام وتندد بتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية. pic.twitter.com/CKtfHWcLVy
— يامن احمد (@QeHx7NDU6CYGTrc) June 9, 2020
وقالت صفحة “السويداء 24” على “فايسبوك”، إن عناصر من الأجهزة الامنية اقتحموا مكتبة في برج “إنجي” في مدينة السويداء، واعتقلوا المواطن رائد عبدي الخطيب، أحد الشباب المشاركين باحتجاجات السويداء، وذلك بعد مرور ساعة على انتهاء مظاهرة الثلاثاء.
وكان المتظاهرون قد خرجوا الأحد والاثنين، وحمّلوا النظام السوري مسؤولية تدهور الواقع الأمني والاقتصادي في البلاد، كما هتفوا تضامناً مع إدلب وبقية المناطق السورية ضد النظام. كما وطالب المتظاهرون القوات الروسية والإيرانية بالخروج من سوريا.
وردد المتظاهرون هتافات لعبد الباسط الساروت، “حارس الثورة السورية”، ورددوا هتافات تذكر بأن أبرز الثائرين السوريين ضد الاحتلال الفرنسي بقيادة الزعيم سلطان باشا الاطرش كانوا منها.
الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة قال في بيان، إن “المظاهرات التي تخرج في السويداء وتجوب شوارعها تكشف حقيقة شعب قد تحرر من قبضة الاستبداد الأمنية، وتمرد على حكم الطغيان”.
وأرسل الائتلاف “التحية لأحفاد سلطان باشا الأطرش ولوطنيتهم وحراكهم وصمودهم المستمر”، مشدداً على أن “ألاعيب نظام الأسد ورعاته لم تعد تنطلي على أهلنا في السويداء، ولا في غيرها، لاسيما نشر هذا النظام لميليشيات مرتبطة به تسعى دوماً لنشر الذعر بين الأهالي من خلال الخطف والسرقة واصطناع المشاكل بين العوائل والمرجعيات المختلفة داخل السويداء وخارجها”.
وقال إن السوريين سئموا “هذه الحيل البالية كما ضجروا من التسلط العسكري واستمرار الضغط الأمني والاجتماعي، ما ولّد الانفجار الشعبي الأخير مطالباً بإسقاط هذا النظام المجرم”.
وأضاف “تهتف اليوم السويداء (يا درعا سويدا معاك للموت)، مدمرة بهذا الهتاف كل مكائد النظام ورعاته في خلق فتنة بين الجبل والسهل، وتهتف (يا إدلب سويدا معاك للموت)، معربة عن الانتماء الحقيقي للسويداء وأهلها لسوريا العظيمة وثورتها وليس لسوريا الأسد وغزاتها”.
——————————-
سوريا أمام ثلاثة خيارات:كوريا الشمالية،الصومال أو رحيل الأسد
“لقد وعدنا بالحفاظ على الأمور سلمية.. ولكن إذا كنت تريد الرصاص، فستحصل عليه”. تلك كانت صياغة الرسالة التي وجهتها الطائفة الدرزية في السويداء إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات المكثفة.
ومنذ ذلك الحين، اشتدت معارضتها لنظام الأسد، على الرغم من احتجاج مضاد مؤيد للنظام الأربعاء، حيث تم تهديد موظفي الدولة المحليين من قبل الشرطة السرية إذا لم يشاركوا. نزل المتظاهرون إلى الشوارع ضد الأسد مرة أخرى يومي الأربعاء والخميس، بعضهم يحمل أعلام الثورة السورية.
وتقول مجلة “بوليتكو” الأميركية في مقال بعنوان “هل الأسد على وشك السقوط”، إنه “على الرغم من أنها رائعة، فإن الاحتجاجات التي تتكشف في السويداء هي مجرد عرض لأزمة أكبر بكثير تضرب قلب نظام الأسد وآفاقه في البقاء. كان قرار الأسد بإقالة رئيس وزرائه عماد خميس مؤشراً واضحاً على أن الانهيار الاقتصادي الجديد يشكل تحدياً حقيقياً لشرعيته”.
لبعض الوقت، كان من الشائع إعلان “انتصار” الأسد في سوريا، لكن هذه لم تكن أبداً طريقة دقيقة لرؤية سوريا، بحسب “بوليتكو”. ربما يكون الأسد قد سحق معارضة حكمه الديكتاتوري في 60 في المئة من البلاد، ولكن في عام 2020، كل الأسباب الجذرية لانتفاضة 2011 ليست قائمة فحسب، بل تفاقمت.
لا تزال التحديات التي تواجه ازدهار النظام ومصداقيته وبقاءه قائمة في كل ركن من أركان البلاد. وللمرة الأولى منذ ما يقرب من عقد من الزمان، بدأ ملايين السوريين الذين يدعمون الأسد ظاهرياً أو الذين ظلّوا موالين بهدوء لحكمه في تبادل همسات بشأن سخطهم. بالنسبة لمعظم الناس، فإن الحياة في عام 2020 أسوأ بكثير من الحياة في ذروة النزاع المسلح على الصعيد الوطني في 2014-2015. بسبب التمسك بالسلطة، دمّر الأسد -بشكل فعال وهادف- بلاده واقتصادها.
تقدم هذه اللحظة الجديدة وغير المسبوقة تقريباً فرصة للولايات المتحدة. على الرغم من أنه قد يبدو أن إدارة ترامب، وخاصة البيت الأبيض، لم تولِ اهتماماً كبيراً لسوريا، إلا أن لديها فرصة الآن. وتقول بوليتكو: “إذا استخدمت أوراقها المتبقية لاستغلال موقف الأسد الضعيف حديثاً في إطار جهد دبلوماسي نشط، بالتنسيق مع العديد من حلفائنا في أوروبا والشرق الأوسط وأماكن أخرى، فإن لدى واشنطن فرصة للدخول في تغييرات حقيقية طال انتظارها”.
وترى المجلة أنه في الوقت الحالي، مع الأخذ في الاعتبار جميع الظروف الحالية، يبدو أن هناك ثلاثة سيناريوهات تلوح في الأفق. من ناحية، يمكن للأسد أن يأخذ سوريا على طريق كوريا الشمالية، ويعزل البلاد عن الاقتصاد العالمي، ويعزز مكانتها كدولة منبوذة عالمية، ويحاول توحيد شعبه الموالي عبر تحفيزهم للتضامن مع “الضحية”. من نواحٍ عديدة، أعدّ الأسد قاعدته الموالية، ولا سيما الأقليات العديدة في سوريا، لهذا السيناريو على مدى السنوات التسع الماضية من الصراع، على الرغم من أن مدى بناء عبادة شخصية حقيقية لا تتزعزع حول حكمه، مفتوح أمام أسئلة عديدة.
يمكن لسوريا أيضاً أن تأخذ منعطفاً غير مسبوق نحو الأسوأ، حيث تصطدم بأزمة موهنة تمزق كل أنسجة البلاد، تاركة مستويات أكبر من العوز والمجاعة وتفاقم الإجرام و سلوك مفترس. في هذا السيناريو، ستذوب الوحدة الموالية تماماً، تاركةً في أعقابها دولة فاشلة من نوع الصومال تمثل كارثة لحقوق الإنسان وأرضاً خصبة للمتطرفين الخطرين.
أو يمكن لهذه الأزمة الداخلية غير العادية أن تؤدي إلى تغيير في القمة. في نظر بعض الموالين، قد تمثل هذه اللحظة بالفعل أكبر تهديد لبقاء الأسد في السلطة من التهديد الذي فرضته المعارضة في ذروتها في السنوات الماضية.
إذا أرادت الولايات المتحدة التدخل فيمكن لها مع حلفائها، أن تعزل سوريا اقتصادياً بشكل يحفز، إذا لم يكن قد حفّز بالفعل، شعوراً عميقاً بعدم الارتياح في روسيا وإيران، مما يجعلهم عرضة للخطر ومن المحتمل حينها أن يكونوا منفتحين على النظر في شكل من أشكال التسوية الدولية. النفوذ الأميركي في سوريا ربما عانى من قرارات الرئيس دونالد ترامب غير العقلانية، لكن الولايات المتحدة لا تزال مهمة في المنطقة والعالم، ولديها فرصة لصياغة النتيجة. في الواقع، يوفر ضعف الأسد الحالي فرصاً ذات مغزى أكثر مما رأيناه لبعض الوقت.
وفيما فقدت العملة السورية أكثر من 70 في المئة أمام الدولار من قيمتها منذ نيسان/أبريل، ولا تزال تتدهور بمعدل يومي، يبدو أن النظام السوري بالكاد قادر على استيعاب الصدمات الجديدة، لكن العقوبات الأميركية الجديدة التي تدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، يمكن أن تدمر ما تبقى من اقتصاده.
وترى صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير بعنوان “قانون قيصر قد يدمر الاقتصاد السوري المتهاوي”، إن القانون هو محور الجهود التي تبذلها المعارضة المناهضة للأسد لتحقيق العدالة لمرتكبي جرائم الحرب التي ارتُكبت طوال فترة الصراع. ولكن عشية تطبيقه، يتم تفسير القانون الجديد على أنه قاعدة شاملة لحملة أوسع تهدف إلى سحق اثنين من الداعمين الرئيسيين للنظام، إيران و”حزب الله”.
ويقول إبراهيم العلبي، وهو محام بريطاني أسس برنامج التطوير القانوني السوري، إنه حتى بين بعض مؤيدي القانون هناك مخاوف متزايدة من أن مقاربة “كل ما يتطلبه الأمر” يمكن أن تطغى على نية القانون. ويضيف أن “عقوبات قيصر لديها بالتأكيد إمكانية أن تكون صفقة أكبر لأن الولايات المتحدة تستخدمها لردع الدول عن التعامل مع سوريا. أدركت الولايات المتحدة أن سوريا هي ميدان بالوكالة لجميع العناصر التي تستهدفها”.
ويرى مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز داسي إن “الأسد هو المحرك الرئيسي للانهيار المستمر لسوريا. لكن يبدو أن موقف الولايات المتحدة مدفوعاً بشكل أساسي بسياسات القوى العظمى، وهدف ضمان ألا تتمكن روسيا وإيران من تحقيق الفوز”.
ويتخوف من أن “قيصر سيحقق عكس أهدافه المعلنة بالضبط، ويذكي أسوأ اندفاعات النظام السوري والصراع. تهدف حملة الضغط الأقصى التي أعلنتها الولايات المتحدة إلى دفع النظام إلى الركوع وإجبار مؤيديه على التنازل والهزيمة، لكن النظام يعرف كيف يتمسك بالسلطة بوحشية ومن الواضح أن مؤيديه الرئيسيين ليسوا بوارد الاستسلام”.
ويتابع: “لقد تعرض الشعب السوري للوحشية منذ عقد من الزمان والبلد دمرته الصراعات ولكن يبدو أننا نقف على شفا مرحلة جديدة خطيرة من الصراع… والتي تخاطر بانهيار جديد مدمر”.
———————————–
استعادة الألق الثوري..المحافظات السورية تتضامن مع بعضها
استعادت أيام الجمع ألقها الثوري في سوريا، مع تجدد انتشار المظاهرات في العديد من المدن، حيث ركّز المشاركون في حراك يوم الجمعة على التضامن مع مظاهرات مدينة السويداء.
تظاهرات إدلب
الفعالية الأكبر كانت في مدينة إدلب التي شهدت ساحتها الرئيسية تجمع المئات تحت شعار “ثورة لكل السوريين”، حيث رفع المشاركون أعلام الثورة وهتفوا للحرية واسقاط النظام وحكومة الانقاذ التابعة ل”جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام)، كما وجهوا التحية للمتظاهرين في السويداء الذين كسروا الخوف مجدداً، وخرجوا في تظاهرات على مدى الأيام الماضي، طالبوا فيها برحيل الأسد، واستعادوا شعارات وأهازيج الثورة التي انطلقت عام 2011.
وفي بلدة حزانو في ريف إدلب خرج أبناء البلدة والنازحين فيها بمظاهرة جددت التأكيد على أهداف الثورة والوحدة الوطنية بين أبناء الشعب السوري، مطالبين الفصائل بالعمل على إطلاق سراح المعتقلين لدى النظام من خلال عمليات تبادل الأسرى. ورفعوا شعارات تطالب برحيل الأسد.
وكان الأهالي في مدينة درعا البلد قد نظموا وقفة احتجاجية ظهر الجمعة، نددوا خلالها بتدهور قيمة الليرة وارتفاع الأسعار، وطالبوا بالافراج عن المعتقلين وخروج القوات الأجنبية من سوريا، كما حيوا بهتافاتهم الحراك الثوري في مدينة السويداء.
وفي ريف درعا الشرقي، تظاهر أهالي بلدة الجيزة للتأكيد على المطالبة برحيل النظام وإخراج الميليشيات الأجنبية من سوريا، كما هتف المشاركون للسويداء وإدلب وطالبوا بالكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين.
وفي مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية في محافظة دير الزور شمال شرق البلاد، خرجت مظاهرات في بلدات عديدة استجابة لدعوة وجهها ناشطون من أجل المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية وتحقيق المساواة ووضع حد للفساد والمحسوبيات في توزيع الوظائف وعائدات البترول.
وفي إطار أجواء التوتر التي تعيشها محافظة السويداء، اعتقلت الأجهزة الأمنية المحسوبة على النظام في السويداء شخصين، في حادثتين منفصلتين، وأطلقت سراحهما، بعد ضغوط من فصائل محلية مسلحة. وقالت شبكة “السويداء 24″، إنه جرى اعتقال شخص على حاجز مؤقت نصبته قوات النظام عند دوار العنقود في مدينة السويداء، أثناء تنقله على دراجة نارية، بسبب تخلفه عن الخدمة العسكرية، لكنها ما لبثت أن أطلقت سراحه، بعد ساعات إثر وساطة من وجهاء محليين وتدخل فصيل “بيرق الحدود”، وهو أحد التشكيلات التابعة لحركة “رجال الكرامة”، الذي طالب بإطلاق سراحه.
وأوقفت الجهات الأمنية التابعة للنظام شخصاً آخر من بلدة عتيل، أثناء مروره على دوار العنقود على خلفية وجود مذكرات بحث بحقه تتعلق بقضايا جنائية على خلفية انتمائه لأحد الفصائل المحلية، وقد تم اقتياده إلى فرع الأمن الجنائي. وجراء ذلك قام عناصر يتبعون لفصيل “قوات الفهد”، ومجموعات محلية من بلدتي عتيل وشهبا، بقطع طريق دمشق السويداء، جنوب المدينة، من محاور عديدة ، كما أشعلوا إطارات على أحد الطرقات، وهددوا باحتجاز عناصر وضباط من أجهزة الأمن، مطالبين بالإفراج عن الموقوف، وهو ما أجبر الأمن الجنائي على إطلاق سراحه.
——————————–
تظاهرات ضدّ نظام الأسد في إدلب ودرعا وديرالزور
عبد الرحمن خضر
خرج آلاف المدنيين اليوم الجمعة في محافظات إدلب ودرعا ودير الزور بتظاهرات تحت اسم “ثورة لكل السوريين” للتأكيد على مطلب إسقاط النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وتضامناً مع متظاهري محافظة السويداء.
وتجمع المتظاهرون قرب دوار الساعة في مدينة إدلب، وبلدة حزانو في الريف الشمالي، وأكدوا على مطلب إسقاط النظام وكافة رموزه، والاستمرار بالثورة حتى تحقيق كافة مبادئها. كما رفعوا لافتات كتبت عليها عبارات تضامن مع المتظاهرين في محافظة السويداء، وأرسلوا رسائل تضامن للسوريين في كل المحافظات.
وفي محافظة درعا خرجت تظاهرتان في درعا البلد وبلدة الجيزة شرقي المحافظة، نادى فيهما المتظاهرون بإسقاط النظام، وإخراج المليشيات الإيرانية من سورية، كما طالبوا بالإفراج عن المعتقلين في سجون النظام وكشف مصيرهم. وفي منطقة العزبة بريف دير الزور الشمالي، تجمّع العشرات في تظاهرة تحت اسم “لا بديل عن التغيير”، وطالبوا بإسقاط النظام وطرد المليشيات الإيرانية من قراهم ومحاربة الفساد.
وتخضع المنطقة التي خرجت في التظاهرة لسيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) التي شهدت تظاهرات عديدة تنديداً بالفساد الإداري، وعدم توزيع عائدات النفط على أبناء المنطقة.
وفي إطار أجواء التوتر التي تعيشها محافظة السويداء، وقد شهدت، خلال الأيام الأخيرة، مظاهرات مناوئة للنظام، اعتقلت الأجهزة الأمنية المحسوبة على النظام في السويداء شخصين، في حادثتين منفصلتين، وأطلقت سراحهما، بعد ضغوط من فصائل محلية مسلحة. وقالت شبكة “السويداء 24″، إنه جرى اعتقال شخص على حاجز مؤقت نصبته قوات النظام عند دوار العنقود في مدينة السويداء، أثناء تنقله على دراجة نارية، بسبب تخلفه عن الخدمة العسكرية، لكنها ما لبثت أن أطلقت سراحه، بعد ساعات إثر وساطة من وجهاء محليين وتدخل فصيل “بيرق الحدود”، وهو أحد التشكيلات التابعة لحركة “رجال الكرامة”، الذي طالب بإطلاق سراحه.
وأوقفت الجهات الأمنية التابعة للنظام شخصاً آخر من بلدة عتيل، أثناء مروره على دوار العنقود على خلفية وجود مذكرات بحث بحقه تتعلق بقضايا جنائية على خلفية انتمائه لأحد الفصائل المحلية، وقد تم اقتياده إلى فرع الأمن الجنائي. وجراء ذلك قام عناصر يتبعون لفصيل “قوات الفهد”، ومجموعات محلية من بلدتي عتيل وشهبا، بقطع طريق دمشق السويداء، جنوب المدينة، من عدة محاور، كما أشعلوا إطارات على أحد الطرقات، وهددوا باحتجاز عناصر وضباط من أجهزة الأمن، مطالبين بالإفراج عن الموقوف، وهو ما أجبر الأمن الجنائي على إطلاق سراحه.
جميع حقوق النشر محفوظة 2020
————————————-
====================
تحديث 15 حزيران 2020
——————————-
ربيع سورية من درعا إلى السويداء/ سميرة المسالمة
أعادت هتافات المتظاهرين في محافظة السويداء خلال الأيام المتواصلة الماضية إحياء الذاكرة المرعبة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، حيث أيقظت في داخله من جديد مخاوفه من السقوط السريع، كما كان حاله مع بداية الحراك السلمي الشعبي في درعا، والتحاق المحافظات السورية بذلك الحراك، ما جعله يسارع في تحويل الثورة إلى صراع مسلح ينتزع منها التعاطف الدولي، ويحوّلها إلى مجرد ملفٍّ على طاولة المفاوضات الدولية، ولكنه اليوم يعود إلى نقطة البداية مع ثورةٍ شعبية بما أنجزته من شعاراتٍ سياسيةٍ مرفوعةٍ في ساحات التظاهر، وإبداعات غنائية وطنية جامعة، وطرق بصرية وتعبيرية جديدة لمواجهته مباشرة ورفض حكم الأسد الأب والابن معاً، وبما يجعلها منيعةً على تزوير محتواها، كما فعل مراسلون من المحسوبين على أجهزة الأمن لمحطات تلفزيونية محلية ودولية، أن “المظاهرات هي تنديد بقانون قيصر والعقوبات الأميركية”.
وفي الآن نفسه، أعادت الثورة المتجدّدة في السويداء الثقة إلى السوريين بأن مفاتيح الحل لا تزال وطنية، على الرغم من كل التلاعبات الدولية، وهيمنة الحرب الشرسة على واقع السوريين، وتمزّق كيانات المعارضة بين أجندات الدول والارتهان لمصالحها، وإحلال مصالح تبادل السلطة مع النظام مكان شعارات الثورة بتغيير النظام وبناء دولة المواطنة المتساوية التي عبرت عنها هتافات 2011 “واحد واحد واحد الشعب السوري واحد”، وتلاقت معها هتافات 2020 في السويداء ودرعا وإدلب ودير الزور وأنحاء عديدة من سورية، ما أفشل خطط الطائفية والمناطقية التي انتهجها النظام على مدار السنوات التسع الماضية، وجرّدها من مضمونها الذي اعتمد في تعامله مع المحافظات والطوائف السورية السياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة “فرّق تسد”.
ودعت صرخات الثورة المتجدّدة، في التوقيت ذاته، حلفاء النظام إلى إعادة ترتيب جدول أولوياتهم، ووضعت روسيا على وجه التحديد في مأزق تصريحاتها المتكرّرة بشأن دعمها سورية الدولة، وليس شخص الأسد وعائلته، ما يسمح من جديد للثورة السورية بأن تستعيد أحقيتها في طرح مشروعها الوطني، وبناء دولةٍ سوريةٍ على أسس ديمقراطية تتيح لكل السوريين فرص المشاركة بالتساوي في مواطنتهم، ووقف هدر مواردهم ومحاسبة الطبقة الفاسدة سياسياً واقتصادياً وجنائياً، وهو ما يفرض على روسيا البحث عن حلولٍ بعيداً عن سلاحها الجوي المساند للنظام منذ عام 2015، والتوجّه إلى مشاركة المجتمع الدولي سيناريو حل جديد يوقف الغضب الشعبي، ويمهد لانتزاع سورية من تفرد عائلة الأسد بحكمها.
يمكن لقانون قيصر (وهو نسبة إلى ضابط سوري منشق قدّم الصور التوثيقية لجرائم النظام ضد المعتقلين أمام الكونغرس الأميركي)، والعقوبات التي يفرضها على النظام وأزلامه والمتعاونين معه، أن يمثل نقطة انعطافة في مواقف مساندي النظام، لكنه في مضمونه هو بداية انطلاقة الحل السياسي الذي يجب أن تنتهجه روسيا الدولة التي عينت نفسها وكيلا عن النظام أمام المجتمع الدولي، واستبقته بتعيين ما سمته مبعوثاً خاصاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دمشق، يتولى مهمة سد الفراغ القراراتي، وتوحيد قرار النظام داخلياً بشأن التسوية السياسية، وهو ما يفسّر اللقاءات والاتصالات الأميركية – الروسية التي تجري لصياغة “مقاربة تدريجية”، أي تسوية سياسية تعيد سورية إلى المجتمع الدولي، حسب تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، تبدأ نقطة الصفر فيها من انطلاق أعمال اللجنة الدستورية المشتركة (معارضة – نظام) في جنيف، مرورا بتسوياتٍ جزئيةٍ في درعا وإدلب. وبناء عليها، تمت أيضاً معالجة واقع هيئة التفاوض في الرياض بحلول ترقيعية لخلافاتها.
وبينما يستمر النظام في سياسة الإنكار التي اتبعها منذ تسعة أعوام، فإن واقع تدهور الليرة السورية فرض عليه إجراءات داخلية، منها إقالة رئيس الحكومة عماد خميس، وتعيين حسين عرنوس (المعاقب أميركياً) بديلا منه، في محاولةٍ لتخفيف الضغط الشعبي، وتحميل المظاهرات صفة المطلبية، بدلاً من الصفة السياسية التي تجلت بوضوح في هتافاتها الأيام الماضية. وعلى أهمية ما يحمله التغيير للسوريين، إلا أنه لن ينتج أي حلول في واقعٍ يزداد سوءاً، حيث يحتاج وقف التدهور السعري لليرة إلى تمتين الاقتصاد في حالاتٍ طبيعية، وهو ما يمكن أن يعالج بالالتفات إلى محاربة الفساد، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، ووقف هدر المال العام، وتمكين الصناعيين من أدوات عملهم، ومنها النقد الأجنبي والمحلي. ولكن هذه المطالبات تكون، في غضون حربٍ عسكرية وثورة سياسية ضد النظام الفاسد من داخله، مع أهمية تحقيقها، “فائض سطحية” ليس أكثر.
وما يستطيع فعله عرنوس في رئاسته الحكومة السورية وبقية التعيينات لشخصيات معاقبة دولياً (من الولايات المتحدة وأوروبا، لارتكابها أو الاشتباه بضلوعها في جرائم حرب) توجيه رسالة إلى مؤيدي النظام، وتحديداً لمريدي ابن خال الرئيس الأسد، رامي مخلوف، أن النظام حريصٌ على مؤيديه وشركائه الداخليين، خلافاً لما حاول مخلوف، في تسجيلاته وبياناته المكتوبة، أن يوحي به: في بدء النظام التخلي عن المقرّبين منه، اصطفافاً مع زوجته أسماء الأخرس، في صراعها على السلطة المالية والاقتصادية التي كانت تديرها عائلة مخلوف بالنيابة عن الأسد، من خلال شركات الاتصالات والشركات القابضة، وحتى الخدمية الاجتماعية، كما يدّعي.
سابقاً طالبت الإدارة الأميركية النظام وروسيا باتخاذ قراراتٍ صعبةٍ لتحقيق التسوية الدولية بشأن سورية، متجاهلة أي قوة للسوريين في الحل، لأنها ترى النظام من نافذة روسيا، وترى الثورة من واقع ترامي الاتهامات بين كيانات المعارضة المنقسمة والمتهالكة والمتراكضة على تقاسم السلطة، إلا أن ما حدث في السويداء ودرعا وإدلب وأماكن متفرّقة من مظاهرات، بعد طول قمع النظام لها، وشدّته عليها في السنوات الماضية، كان هو القرار الصعب الشعبي الحقيقي، الذي من شأنه أن يغير من معادلات التفاوض: من تسويةٍ بين أطراف مسلحة متحاربة، إلى حل سياسي يفرض سورية جديدة شكلاً ونظاماً.
ومع كل هتاف يعيد الثورة السلمية إلى ساحات مدن سورية وأحيائها، يستعيد السوريون ليس فقط قدرتهم على تحقيق أهداف ثورتهم في حريتهم وحفظ كرامتهم من التشرّد والجوع والموت تحت أنقاض بيوتهم، بل تمكّنهم من حياكة ما تمزّق من وحدتهم الوطنية التي عملت كل أطراف النزاع المسلح المأجور (نظاماً ومعارضة) على الإمعان في تفجير خلافاتها على قاعدة تحقيق التباعد الطائفي والمناطقي والإيديولوجي بين السوريين.
يُزهر ربيع سورية اليوم في السويداء، على الرغم من كل ما يقوله الأسد، وإجراءاته التي تبقى قفزاً في المكان، ما لم يقرأ قرار مجلس الأمن الدولي 2254 بعناية، ويسقط فلسفته على قانون قيصر ومضامينه، ويتوقف عن شرح المشروح في خطاباته.
العربي الجديد
———————————–
ملاحظات على هامش مظاهرات السويداء/ حسام جزماتي
بخلاف الاحتجاجات التي سبقتها تحت عنوان «بدنا نعيش»، مطلع هذا العام، في عاصمة جبل العرب (الدروز)؛ رفعت حناجر المتظاهرين هذه المرّة شعار «ما بدنا نعيش، بدنا نموت بكرامة» في حراكهم المستمر منذ أسبوع. مما زاد حماس قطاع كبير من جمهور الثورة، داخل البلاد وخارجها، لمؤازرة المظاهرات ودعمها.
لكن ما يجدر أن تثيره هذه الاحتجاجات أوسع من مجرد بث روح متفائلة جديدة في نفوس محبطة نتيجة الحصيلة المؤلمة المعروفة للسنوات السابقة. ولعلها فرصة للتأمل من جديد في عدد من الزوايا التي جللها الغبار ذاته الذي أطبق على كثير من الصدور.
فأولاً ها هي «الثورة السنّية»، وهو وصف لم يأتِ من فراغ في الحقيقة، تسارع إلى تحية ثوار السويداء من قلب إدلب، الواقعة تحت سيطرة مركزية لهيئة تحرير الشام. شبكة إباء الإخبارية، الذراع الإعلامي للهيئة، اكتفت بإيراد الموضوع على صيغة خبر، بطريقة شبه محايدة. فالفصيل الإسلامي الأبرز، والذي وجد نفسه في السنوات الأخيرة يتنقل بين مصطلحي «الجهاد» و«الثورة»، يستبدل أحدهما بالآخر ويتناوب بخطابه بينهما، سيصعب عليه فعل ذلك تجاه منطقة مختلفة طائفياً عن الشمال الذي أتاح له سيولة زلقة بين علم الثورة والراية السوداء. تنتظر الهيئة والفصائل الإسلامية الأخرى ما ستنتهي إليه الأمور كي تعلن موقفها. أما الذين لم يُظهروا حماساً كبيراً للاحتجاجات، المتأخرة جداً برأيهم، فلم ينطلقوا من مصدر طائفي صافٍ كما جرى اتهامهم بسهولة، وإنما من مزيج من العصبوية العربية السنّية بالفعل، مع شعور عميق بخذلان استمر سنوات وهم يعانون أسوأ أنواع التنكيل والقتل والتهجير.
على الضفة الأخرى لا تصعب ملاحظة أن الأشد حماساً للحراك لاجئون في المهاجر الأوروبية، أبناء أقليات على الغالب، شابات وشبان حديثون من رعيل الثورة الأول أو الثاني، أبعدتهم الدورة النابذة لواقع لم يخططوا له أو يتصوروا حدوثه عندما خرجوا في مظاهراتهم البكر قبل ما يقترب من أن يصير عقداً من السنين العاصفة. وفي قلب هؤلاء يأتي ناشطون من المحافظة نفسها، يشاركون الفيديوهات بشغف وينافحون عن المحتجين. هل هذا طبيعي؟ ربما، ولكنه مؤسف بدلالاته العصبوية المحلية ذات الملمح الطائفي تجاه الفاترين أو المشككين أو القائلين بأن السويداء لن تخرج عن «حلف الأقليات» في نهاية المطاف، وهو قول مجحف يتجاهل خصوصية المحافظة وحراكها المتقطّع؛ يدافع أبناؤها عن متظاهري اليوم بأنهم معارضون تاريخيون وجدوا فرصة للتحرك مجدداً، أو من الذين كانوا يافعين، وربما أطفالاً، عند اندلاع الثورة وموجتها المؤسِّسة. يتجاهل هؤلاء، أبناءُ بني معروف المنفعلون في دول اللجوء الباردة، أن أحداً لا يلوم المتظاهرين أو يشكك في شجاعتهم ونزاهتهم. محاججة الحذرين تنصب على غير المتظاهرين، على مدى تعبير الحراك عن السويداء وانتشاره فيها بشكل ينسجم مع الأغنية الأخيرة لسميح شقير، ابن المحافظة نفسها، مجدداً، حين غنى «قامت» منذ أيام. فهل، حقاً، قامت؟
المدينة التي نأت بنفسها واختطت مساراً مستقلاً، قدّمت الغطاء الأهلي لأبنائها المتظاهرين هذه المرّة، بأن حمتهم رمزياً من شبيحتها المحليين الذين طالما تولوا قمعهم، ولكن دون أن تنضم إليهم. إن كانت هناك من زيادة في أعدادهم فهي طفيفة، وبعد أسبوع لم يتجاوزوا بضع مئات تعدّ على اليد الواحدة. وفي حين تطير قلوب الثوار خارج السويداء فرحاً حين يسمعون أهازيجهم وشعاراتهم نفسها، المبكرة والمستجدة، تتردد على ألسنة المتظاهرين الدروز؛ فإنه من غير المؤكد أن المدينة نفسها متحمسة لهذا. على الأقل لقد بدا أن تفاعلها مع حركة «رجال الكرامة» كان أوسع بكثير وأشد حمية، وتماهيها مع نموذج البطل المحلي بالجوفيات واللباس التقليدي الأسود والانطلاق من الحساسية الأقلوية الخاصة، والتجهم، والسلاح!
ويثير هذا الأخير تساؤلاته الخاصة المتكررة، حين يحتفي ناشطون مدنيون باستعادة الثورة السلمية. مرة أخرى هذا صحيح وخاطئ! فحتى في أعتى قلاع المعارضة المسلحة اللاحقة بدأت الأمور هكذا. ولا يبدو أن السلمية المحض ممكنة، مع ما تردد من تنسيق المتظاهرين مع فصائل محلية للتدخل إذا تحركت قوات الأمن. وفي الوقت نفسه الذي ما يزال فيه الشاب رائد الخطيب، وهو من منسقي الحراك، معتقلاً، سارع أكثر من فصيل محلي إلى إجبار النظام على الإفراج عن هذا أو ذاك ممن جرى توقيفهم من المحسوبين عليه، بسبب تجاوزات أو لتخلفه عن أداء الخدمة الإلزامية.
في محافظة ومدينة كالسويداء، ذات وشيجة أهلية متينة بالأصل، وزادت السنوات الأخيرة من تصلب درعها الذاتي، لم تنعدم الاحتجاجات على النظام ولم تصبح خياراً جماعياً معتمداً. وها هي المظاهرات المستجدة لم تتوقف ولم تتوسع، وكأنها حزب محدود ينظم احتجاجاته بحرية نسبية، يقطع بها الأسواق، ثم تتلاشى.
في هذه البلاد التي تسخن، ومن المرجح أن تغلي، تحت وطأة الانهيار الاقتصادي وخراب البنية التحتية واهتراء الخدمات والاستنزاف البشري متعدد الأشكال؛ من المتوقع أن يتفتق جسد سوريا الأسد في مواضع كثيرة ربما كان حراك السويداء الحالي من بوادرها. لكن استمراره وانتشاره يبدوان مرهونين بمدى استجابته لمطالب وحساسيات محلية وتعبيره عنها. يسرّنا أن ثوار السويداء يشبهوننا إلى درجة الالتباس بين مظاهراتهم واعتصام جرى في إدلب منذ أيام، ولكن هل هذا مفيد؟ لقد أدوا قسطاً كافياً لإعلان انتمائهم إلى الثورة، بترديد كافة شعاراتها المتتالية ورفع سقف المطالب إلى حد «رأس الأسد» مقابل دم وحيد البلعوس، المؤسس الكاريزمي لحركة رجال الكرامة الذي قتله النظام. وربما آن الأوان كي يخففوا من تحية الساروت وينشغلوا بخلدون زين الدين.
تلفزيون سوريا
——————————————
عصابات النظام السوري تستهدف تظاهرات السويداء بالعصي والسكاكين والخطف/ جلال بكور
هاجمت قوات النظام السوري، لأول مرة، المظاهرات في مدينة السويداء منذ اندلاعها ضده خلال الأسابيع الأخيرة في المدينة، على خلفية الواقع الاقتصادي المتردي المتزامن مع هبوط قيمة الليرة السورية واقتراب قانون العقوبات الأميركية “قيصر” من التطبيق، كما اعتدى المؤيدون له على المتظاهرين بالعصي والسكاكين والحجارة.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن قوات أمن النظام هاجمت المتظاهرين في ساحة السير وسط مدينة السويداء بعد دفعها بمظاهرة مؤيدة للنظام إلى المنطقة، مضيفة أن قوات الأمن اعتدت بالضرب على المتظاهرين واعتقلت ثلاثة من الناشطين وقادتهم إلى جهة مجهولة.
وذكرت المصادر أن من بين المعتقلين ثلاثة من الناشطين في المظاهرات والدعوة لها، وهم رواد صادق، وبشار طرابية، واسماعيل الممساني.
وكانت المظاهرة قد خرجت اليوم تلبية للدعوات التي أطلقها ناشطون في المدينة، وذلك استمرارا للتظاهر.
وخرج مئات الناشطين في مدينة السويداء اليوم مجددا في مظاهرة ضد النظام السوري وضد الواقع الاقتصادي المتردي، وطالبوا خلالها بإسقاط النظام وخروج القوات الإيرانية والروسية من سورية.
وجاءت المظاهرة، بحسب مصادر “العربي الجديد”، في ظل انتشار أمني مكثف من قبل قوات النظام في منطقة ساحة المحافظة وعموم شوارع المدينة، حيث بدأت المظاهرة بالسير من جهة ساحة السير وسط المدينة نحو منطقة ساحة المحافظة.
وذكرت المصادر أن النظام قام بإخراج مسيرة مؤيدة له بالتزامن مع خروج المظاهرة، وقام بتوجيهها نحو مكان سير المظاهرة، حيث قام المؤيدون بمهاجمة المظاهرة بالعصي والسكاكين والحجارة، مضيفة أن عراكا واشتباكا بالأيدي وقع بين المظاهرة والمسيرة.
وبحسب المصادر، فإن النظام يحاول زرع الفتنة بين أهالي السويداء، حيث عمد، في وقت سابق، إلى إخراج مسيرة مؤيدة له في المدينة، وذلك بتهديد الموظفين وطلاب المدارس والجامعات والمعاهد بـ”المحاسبة الشديدة” في حال عدم خروجهم في تلك المسيرة المؤيدة.
عودة الخطف
إلى ذلك، شهدت محافظة السويداء، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، عودة لعمليات الخطف والسرقة من قبل مسلحين مجهولين، في ظل ارتفاع وتيرة التظاهرات في المحافظة ضد النظام السوري، والواقع الأمني والاقتصادي المتردي في المحافظة وعموم البلاد.
وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” أن المحافظة شهدت، منذ يوم الجمعة الماضي، عدة هجمات وعمليات خطف طاولت مواطنين من السويداء ومن خارجها، مضيفة أن ذلك وقع في وقت ترتفع فيه وتيرة المظاهرات في مدينة السويداء مطالبة بإسقاط النظام السوري.
وذكرت المصادر أن الأهالي في المنطقة سجلوا عدة عمليات خطف، من أبرزها عمليتا خطف، الأولى وقعت يوم السبت بالقرب من مركز الشرطة العسكرية في المدينة، واستهدفت مواطنا يقطن المدينة وينحدر من مدينة دمشق، كما سجلوا قيام مجهولين باختطاف شخصين على طريق السويداء دمشق ينحدران من محافظة حلب.
وبحسب المصادر، فإن عمليتي الخطف تمتا من قبل ملثمين مجهولين وبقوة السلاح، وتم نقل المخطوفين إلى جهة مجهولة، مشيرة إلى أن اللافت في الأمر هذه المرة أن المخطوفين ليسوا من أبناء السويداء.
وذكرت المصادر أن الأهالي يشكّون في وجود يد للنظام في عمليات الخطف هذه بهدف إذكاء نار الفتنة وإظهار أهالي السويداء بمظهر “طائفي” مغاير للحقيقة التي توضحها الشعارات التي يهتف بها المتظاهرون، والتي تتضامن مع بقية المناطق السورية ضد النظام.
وكان النظام السوري قد اعتقل، يوم الثلاثاء الماضي، الناشط رائد عبدي الخطيب في مدينة السويداء، بعد دعوة الأخير لخروج مظاهرات ضد النظام السوري في المدينة والمشاركة فيها.
وقالت مصادر من المدينة في وقتها لـ”العربي الجديد” إن فرع الأمن السياسي التابع للنظام في السويداء اعتقل الناشط رائد عبدي الخطيب، وهو أحد قياديي المظاهرات المناهضة للنظام.
وذكرت المصادر أن دورية مشتركة من الأمن السياسي والأمن الجنائي قامت بتعقب رائد الخطيب وخطيبته عقب انفضاض المظاهرة واعتقلته في مكتبه بالقرب من مبنى محافظة السويداء.
وذكرت المصادر أن هناك قائمة تضم نحو عشرين اسما لناشطين يقوم الأمن السياسي التابع للنظام بالبحث عنهم في المدينة بهدف اعتقالهم.
وتأتي المظاهرات في السويداء بعد دعوة من ناشطين جاءت تزامنا مع استمرار انهيار قيمة الليرة السورية وتداعيات ذلك الانهيار على السوريين في ظل العقوبات المفروضة على النظام واقتراب تطبيق قانون قيصر ضده وضد حلفائه.
وينصّ القانون، الذي تعود تسميته إلى ضابط سوري انشق عن النظام وسرب قرابة 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية وتأكدت صحتها من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، على فرض عقوبات هي الأقسى من نوعها على نظام الرئيس السوري بشار الأسد وداعميه ومموليه.
المطالبة بإسقاط النظام
إلى ذلك، تحدث الناشط محمد الحوراني عن قيام ناشطين في بلدة الحراك بريف درعا الشرقي بكتابة عبارات مناوئة للنظام السوري وحلفائه، على جدران المدارس وبعض المنازل في البلدة.
وتضمنت العبارات مطالب بإسقاط النظام السوري ورحيل الأسد عن حكم سورية، كما طالبت برحيل المليشيات الإيرانية عن البلاد.
وكتب ناشطون على جدران إحدى المدارس “لا للاحتلال الإيراني، إيران تطلع برا”، و”إما المعتقلون وإما الحرب”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”، و”سورية حرة إيران تطلع برا”.
وكانت محافظة درعا، التي تسيطر عليها قوات النظام بشكل كامل، قد شهدت مؤخرا عدة مظاهرات تضامنا مع المظاهرات في مدينة السويداء ضد النظام السوري، كما طالبت النظام بالإفراج عن المعتقلين في سجونه، وإخراج القوات الإيرانية من سورية.
——————————————-
عودة الشبيحة..عصي وسكاكين تستهدف محتجي السويداء
هاجم “الشبيحة” من الموالين لنظام الأسد، الاثنين، المتظاهرين السلميين في مدينة السويداء، الذين يتظاهرون للمرة السادسة احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصادية وللمطالبة برحيل بشار الأسد.
وجاءت المظاهرة في ظل انتشار أمني من قبل قوات النظام في منطقة ساحة المحافظة وعموم شوارع المدينة، حيث بدأت المظاهرة بالسير من جهة ساحة السير وسط المدينة نحو منطقة ساحة المحافظة.
وقام النظام السوري بإخراج مسيرة مؤيدة له بالتزامن مع خروج المظاهرة المعارضة، وتوجهت نحو مكان سير المظاهرة الأولى، حيث قام المؤيدون بمهاجمة المظاهرة بالعصي والسكاكين والحجارة أمام أعين رجال الأمن والشرطة الذين بقوا متفرجين دون حراك، ما أدى إلى عراك واشتباكات بالأيدي.
شاهد| فيديو يوثق لحظة تهجم مؤيدين للسلطة يتبعون لحزب البعث، على المتظاهرين المطالبين بالتغيير السياسي، في ساحة السير وسط…
Posted by السويداء 24 on Monday, June 15, 2020
وشهدت السويداء الإثنين استنفاراً كثيفاً لعناصر الأمن، وانتشاراً في الشوارع والساحة، خصوصا الرئيسية، التي تسير عبرها تظاهرات المعارضين المستمرة، كساحة “المحافظة” و”السير”.
وكان محتجو السويداء يرفعون شعارات “سلمية” و”يلا إرحل يا بشار” و”الله سوريا حرية وبس”، عندما هاجمهم شبيحة الأسد. وتحدثت مصادر محلية عن اعتقال الأجهزة الأمنية، عددا من المواطنين، من الذين كانوا في مظاهرة المعارضة، عرف منهم رواد صادق، وبشار طرابية، واسماعيل الممساني، بحسب شبكة “السويداء 24”.
وشهدت محافظة السويداء، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، عودة لعمليات الخطف والسرقة من قبل مسلحين مجهولين. ونقل موقع “العربي الجديد” عن مصادر محلية أن المحافظة شهدت، منذ الجمعة، عمليات خطف طاولت مواطنين من السويداء ومن خارجها.
وذكرت المصادر أن الأهالي في المنطقة سجلوا عمليتي خطف، وقعت إحداها السبت بالقرب من مركز الشرطة العسكرية في المدينة، واستهدفت مواطناً يقطن المدينة وينحدر من مدينة دمشق، كما سجلوا قيام مجهولين باختطاف شخصين على طريق السويداء دمشق ينحدران من محافظة حلب.
وبحسب المصادر، فإن عمليتي الخطف تمتا من قبل ملثمين مجهولين وبقوة السلاح، وتم نقل المخطوفين إلى جهة مجهولة، مشيرة إلى أن اللافت في الأمر هذه المرة أن المخطوفين ليسوا من أبناء السويداء.
—————————————
احتجاجات السويداء.. أمن النظام السوري يعتدي على متظاهرين وينفذ اعتقالات
هاجمت قوات الأمن التابعة للنظام السوري متظاهرين في مدينة السويداء (جنوبي سوريا) خرجوا في إطار احتجاجات متواصلة للمطالبة بالتغيير والتنديد بتدهور الوضع الاقتصادي، واعتقلوا عددا منهم.
فقد قالت مصادر للجزيرة إن أفراد أمن تابعين للنظام اعتدوا -اليوم الاثنين- على المتظاهرين المعارضين الذي خرجوا في مسيرة جديدة، في حين ذكر ناشطون أنه تم اعتقال أربعة من المحتجين.
وأفاد الناشطون بخروج مظاهرة معارضة للنظام السوري في السويداء اليوم، وأكدوا تعرض المتظاهرين لهجوم من قبل أفراد موالين للنظام، مما أسفر عن حصول مناوشات واشتباكات بالأيدي، مشيرين إلى أن المظاهرة المنددة بسياسات النظام قابلتها مظاهرة مؤيدة له.
ووفق المصدر نفسه، فإن الموالين للنظام والتابعين لحزب البعث تهجّموا على المتظاهرين المطالبين بالتغيير السياسي في ساحة السير، حيث حصلت مناوشات واشتباكات بالأيادي، في ظل تواجد مكثف للأجهزة الأمنية في المكان، كما استخدم الموالون عصيا وأسلحة بيضاء لقمع المحتجين.
ونشرت وسائل إعلام محلية وناشطون سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو للحظة التقاء المظاهرة المعارضة للنظام السوري والمؤيدة له في إحدى ساحة السير بالمدينة، كما بثّ ناشطون فيديو يوثق لحظة تهجّم مؤيدين للنظام على المتظاهرين المطالبين بالتغيير.
وتخرُج في الآونة الأخيرة في مدينة السويداء مظاهرات سلمية تطالب بالحرية ورحيل رأس النظام السوري بشار الأسد، وتأتي المظاهرات بالتزامن مع انهيار سعر صرف الليرة السورية، وسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد. وكانت عناصر أمن النظام السوري اعتقلت شابا خلال مظاهرة سابقة في المدينة.
———————-
سوريا: النظام يقمع متظاهري السويداء السلميين بالسلاح الأبيض وقائد عسكري معارض: روسيا تستعد لمعركة تعوّض خسارتها في ليبيا/ م هبة محمد
دمشق ـ «القدس العربي»: في مشهد ذكّر الثوار السوريين بانطلاق ثورتهم في الجنوب، اعتقلت أجهزة أمن النظام امس، عدداً من المتظاهرين من مدينة السويداء، جنوب سوريا، وذلك بعد مهاجمة عناصر الأمن والشرطة المظاهرات السلمية للمرة الأولى منذ اندلاعها في المدينة، بعدما تبنت سقف مطالب سياسية مرتفعاً، تمثل بالمطالبة برحيل النظام وإسقاط بشار الأسد، الأمر الذي أثار حفيظة السلطات التي أوعزت للجهات الأمنية باعتقال قادة التظاهر والناشطين والاعتداء عليهم بالسلاح الأبيض، بمساعدة ميليشيات محلية نظمت بدورها مسيرة سرية في المكان ذاته، بحسب مدير شبكة أخبار «السويداء 24» ريان المعروفي.
وقالت مصادر محلية لـ«القدس العربي» إن قوات الأمن هاجمت المتظاهرين بالعصي والسكاكين والحجارة، وذلك في ساحة السير وسط مدينة السويداء واعتقلت أكثر من 7 متظاهرين ونشطاء مدنيين، أحدهم مدرس فصل من دوامه بحجة الاعتصام.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مشهد القمع والاعتقالات التي «وصلت إلى 10 مشاركين في التظاهر».
وقال المعروفي إنه رصد عبر أشرطة مصورة «لحظة تنفيذ أجهزة الأمن وعناصر حفظ النظام اعتقالات في صفوف المتظاهرين السلميين، المطالبين بالتغيير السياسي، في ساحة السير وسط مدينة السويداء، وذلك بعد تهجم مؤيدي السلطة والتابعين لحزب البعث على المظاهرة السلمية، حيث حصلت اشتباكات بالأيدي».
ميدانياً، كشف قائد عسكري في الجيش السوري الحر المعارض عن أن روسيا تستعد لمعركة في محافظة إدلب بعد خسارة حلفائها في ليبيا.
وقال القائد العسكري في الجيش السوري الحر العميد فاتح حسون، لوكالة (د. ب. أ) الألمانية، إن القوات الحكومية السورية دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة مدعومة من قبل روسيا لفتح محور آخر من المعركة «الروسية – التركية» غير المباشرة بعد تقدم تركيا على حساب روسيا في طرابلس الغرب الليبية.
وأشار إلى أن الملفين السوري والليبي باتا مرتبطين ببعضهما.
من جانبه، كشف مصدر مقرب من القوات الحكومية السورية عن أن الجيش السوري أرسل تعزيزات عسكرية إلى منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب.
وفي إدلب أيضاً، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عملية اغتيال طالت قائد «جيش الصقور» التابع لـ«لجبهة الوطنية للتحرير». وجرت عملية الاغتيال عبر إطلاق النار عليه من قِبل مسلحين مجهولين في قرية سرجة في ريف إدلب الجنوبي، كما أصيب شخص آخر كان برفقته.
وأشار المرصد السوري أمس، إلى أن القتيلين اللذين استهدفتهما طائرة بدون طيار في مدينة إدلب، هما المسؤول العسكري العام لتنظيم «حراس الدين» (أردني الجنسية)، والآخر يمني الجنسية ويعمل مسؤولاً في جيش البادية التابع للتنظيم، حيث قتلا جراء استهداف سيارة من نوع «سنتافيه» قرب مسجد شعيب في مدينة إدلب.
وأفادت مصادر المرصد السوري أن طائرة تابعة لـ«التحالف الدولي» بقيادة واشنطن، حلقت في أجواء المدينة، تزامناً مع الاستهداف.
————————
اعتقال 9 متظاهرين في السويداء: ضرب مبرح ومصير مجهول
اعتقلت قوات النظام السوري 9 متظاهرين أمس الإثنين، بعد أن هاجمت مع الأفرع الأمنية وبعثيين وميليشيات محلّية مظاهرة شعبية طالبت بالحرية في ساحة السير وسط السويداء .
ووثّقت شبكة السويداء 24 المحلية 9 حالات اعتقال، فيما أظهر تسجيل مصوّر تداوله ناشطون على منصّات التواصل الاجتماعي هجوم عناصر حفظ النظام على أحد المتظاهرين السلميين وطرحه أرضاً والانهيال عليه بالضرب من قبل 4 أشخاص على الأقل.
وهاجم عناصر النظام المتظاهرين بالعصي والأسلحة البيضاء، وشنّوا اعتقالات عشوائية حسبما أفادت مصادر محلّية.
ولا تتوفّر أي معلومات بشأن المعتقلين الـ 9 الذين تعرّضوا للضرب المبرح خلال اعتقالهم.
ونقلت الشبكة المحلية عن مصدر مطلع قوله إنّ “قادة الفروع الأمنية بالسويداء، وأعضاء قيادة فرع حزب البعث، قرروا قمع المظاهرات السلمية التي تشهدها مدينة السويداء منذ الأسبوع الماضي، خلال اجتماعات حصلت يوم الأحد 14/6/2020”.
ولفتت الصفحة إلى أن قمع مظاهرة ساحة السير كان محضّرا له، حيث أن المنطقة كانت معززة بقوات النظام الأمنية والحزبية قبل خروج المظاهرة.
وبينما بدأ النظام بقمع المظاهرات السلمية، يواصل الحشد لتسيير مسيرات قسرية موالية له في السويداء، حسبما كشفت تسجيلات صوتية لمسؤولين بعثيين، هدّدوا بمحاسبة كل من يتخلّف عن المسيرات بوصفها “واجبا وطنيا”.
السويداء.. قوات النظام السوري تطرح أحد المتظاهرين السلميين أرضا وتنهال عليه بالضرب
Gepostet von بروكار برس Brocar Press am Montag, 15. Juni 2020
——————————————-
=====================
=========================
تحديث 17 حزيران 2020
——————————-
الحراك المدني السوري/ بشير البكر
شهدت عدة مناطق سورية في الآونة الأخيرة تحركات مدنية بدأت في الجنوب في محافظتي السويداء ودرعا، وتلتها محافظتا دير الزور والحسكة، ومن ثم محافظتا حلب وإدلب. وذلك بعد أن تدهورت الأوضاع الاقتصادية إلى حد لم يعد محمولا من طرف القطاع الأكبر من السوريين الذين بات 80 في المائة منهم تحت خط الفقر، وغير قادر على تأمين متطلباته اليومية المعاشية من خبز ومواد أولية. وتحرك الشارع بعد أن تدهورت الليرة وخسرت بين يوم وليلة 40 في المائة من قيمتها، الأمر الذي دفع بعض المناطق الخارجة عن سيطرة حكم الأسد في الشمال إلى التحول للتعامل بالليرة التركية مؤقتا كإجراء للحفاظ على القدرة الشرائية.
وما يميز الحراك في المناطق كافة في الجنوب والشمال والشرق أولا هو أنه مدني. وبدأ يتدرّج، ويكبر في الجنوب، ولكنه تلقّى قمعا في المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية في دير الزور والحسكة. وترشح التقديرات الوضع في المناطق الثلاث على أنه قابل للتطور أكثر فأكثر خلال الفترة المقبلة، تبعا لما يترتب على تطبيق قانون قيصر الذي من المقرر أن يستهدف النظام، ومن يتعاون معه.
الأمر الثاني هو أن الأسباب المباشرة للحراك اقتصادية، ولكن طبيعته وشعاراته وردود الفعل تجاهه سياسية. وهذا يعني أن السوريين الذين بلغ وضعهم الاقتصادي مستويات غير مسبوقة من السوء، ما عادوا يخافون من رفع الصوت عاليا، والقول لا مسموعة لأجهزة الأسد في الجنوب ولهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب والإدارة الكردية في الشرق. ومن هنا يمكن البناء على الحراك من أجل الخلاص من الواقع المزري الذي وصله السوريون في كافة مناطقهم. ورغم بعض الفروقات الطفيفة بين منطقة وأخرى، فإن ما يوحّد السوريين اليوم هو أنهم باتوا يواجهون سلطات أمر واقع ترعاها روسيا كما هو حال الأسد، وأميركا كما هو حال الإدارة الذاتية، أو جهات إرهابية قمعية كما هو الحال مع هيئة تحرير الشام.
القاسم المشترك بين الجهات الثلاث هو أنها ضد أي حراك مدني سلمي، ولن تتوانى في تخريب السلمية، وهذا الأسلوب سبق وأن جربه الأسد منذ بداية الثورة، ونجح فيه عندما أبعدها عن طابعها السلمي، وجرها إلى مربع المواجهة العسكرية، ولا يزال يلعب هذه الورقة حتى الآن، ولذلك ركز إعلامه على وصم حراك السويداء بأنه مدبّر من الخارج. أما الإدارة الذاتية الكردية فهي تسارع إلى رفع شماعة داعش، كلما أحست بأن وضعها مهدد، ولذلك تلجأ بين حين وآخر إلى التلويح بورقة معتقلي داعش لديها، أو عودة الدواعش إلى العمل في البادية السورية وريف دير الزور. وقد يكون الأمر صحيحا، ولكن ليس هناك إمكانية لفرز الصحيح من التوظيف السياسي، خصوصا وأن أساليب الإدارة الذاتية لا تختلف عن طريقة عمل أجهزة الأسد، فهي قائمة على التمييز والفساد والتصرف بثروات الجزيرة، وتنسق الكثير من خطواتها مع دمشق والروس.
وحتى يتمكن الحراك من التحول إلى تيار واسع يحتاج إلى تنظيم نفسه بالاستفادة من أخطاء الماضي، وأهمها الإصرار على الطابع السلمي، واستبعاد كل ما يمكن أن يقود إلى السلاح. والأمر الثاني هو الاعتماد على الذات وخصوصا في ما يتصل بالتمويل والإعلام. والأمر الثالث هو التنسيق بين مناطق الحراك الحالية والعمل على كسب رأي عام محلي وخارجي يساعد في دعم الحراك.
وربما تلقّى الحراك الحالي ضربة من أجل القضاء عليه. إلا أن هذا مؤقت طالما أن سلطات الأمر الواقع الثلاث مؤقتة، ودورها مرهون بتفاهم الأطراف الدولية التي تتحكم بسوريا، روسيا، أميركا، تركيا. في حين إن الحراك السلمي يبقى مستقبل سوريا، ولن يتمكن أحد من توظيفه إذا استفاد من أخطاء الثورة المغدورة.
تلفزيون سوريا
——————————————
ماذا عن المظاهرات الأخيرة في السويداء؟ / راتب شعبو
على خلفية تفاقم التدهور الاقتصادي والمعيشي في سورية، بدأت في محافظة السويداء، منذ السادس من شهر حزيران/يونيو الجاري، مظاهرات ترفع شعارات سياسية قصوى “إسقاط النظام”، وتستعيد نبرة المظاهرات التي انطلقت من درعا لتشمل كل سورية في العام 2011. تميزت المظاهرات بالتنظيم الجيد، غير أنها بقيت محدودة ضمن المحافظة من حيث اتساع المشاركة الشعبية، بقيت تقاس بالعشرات أو بالمئات القليلة، كما أن شرارتها لم تنتقل، بشكل مؤثر، إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة نظام الأسد، رغم تردد أخبار عن مظاهرات لم تستمر في دمشق وحلب. أما المظاهرات في إدلب ودير الزور فلا يمكن اعتبارها هنا، لأنها باتت تخضع لشروط سياسية وأمنية مختلفة.
اكتفى نظام الأسد المهترئ على كل المستويات، والذي أصبح بوابة مشرعة لانتهاك الكرامة الوطنية السورية وتجويع السوريين وتوازع البلاد إلى مناطق نفوذ بين دول العالم، نقول اكتفى بمراقبة الظاهرة في البداية دون تدخل فظ، وأمر، بعد ذلك، بتنظيم مسيرة تهتف للنظام، قوامها جمهور من الطلاب والموظفين، خرجوا تحت تهديد علني بتبعات عدم المشاركة، فضلاً عن جيش الشبيحة والمرتزقة المحليين. الغاية هي خلق شارع ضد شارع، فتبدو أجهزة القمع كأنها حكم بين شارعين. ثم أقدم النظام، بعد يومين، في أول فعل أمني مباشر ضد الحراك الجديد في السويداء، على اعتقال أحد الناشطين المهمين في المظاهرة. والبارحة (15 حزيران/يونيو)، بادر إلى الخطوة الأخطر وهي تنفيذ سياسة ضرب الشارعين ببعضهم البعض، بأن أخرج مسيرة مجاورة لمكان التظاهر، ودفع شبيحته وزعرانه لاقتحام المظاهرة بالعصي، وسحب من تمكنوا من سحبه من المتظاهرين (حوالي عشرة) إلى سيارات الأمن التي كانت بالانتظار.
يعود حذر النظام تجاه مظاهرات السويداء، إلى خصوصية المحافظة أولاً من حيث تميزها بمستوى جيد من التضامن الأهلي الذي لا يسمح بانتهاكات جسيمة (كالتي حدثت مثلاً في الجامع العمري في درعا في مستهل الثورة السورية) دون أن تتوحد غالبية المحافظة ضده. وثانياً، لأنه لا يمكن تصدير الحراك في السويداء للعالم أو للسوريين على أنه “إرهاب إسلامي”، هذه الخانة الجاهزة والمخصصة لابتلاع كل حراك سني. على هذا تقوم خطة النظام فيما يخص هذه المحافظة على ضرب أهلها ببعضهم البعض، كما فعل البارحة، وعلى تعزيز خط الانقسام الطائفي لها من خلال تدبير عمليات خطف في المحافظة لأشخاص من خارجها، وشحن الحساسية المزمنة بين سهل وجبل حوران.
كان شباب المحافظة، قبل حوالي خمسة أشهر، وأيضاً بدافع تراجع كبير في مستوى المعيشة، قد خرجوا في نشاط مطلبي لافت تحت عنوان “بدنا نعيش”، وقد شرح أحد الفاعلين حينها نشاطهم بالقول إنه “حملة غير دينية وغير سياسية ولا تقبل تحييدها عن مطلبها الأساسي بالعيش الكريم، وتحسين الوضع المعيشي والأمني وتشمل جميع الموجوعين من السوريين من دون النظر لدين أو انتماء، سلمية ترفض العنف، مع الحفاظ على كافة ممتلكات الدولة، بعيداً عن التحزبات السياسية والقومية والطائفية”.
ما هو تفسير النقلة الواسعة اليوم إلى مطالب سياسية قصوى، في حين يصل التراجع المعيشي حدوداً غير مسبوقة ويبرز المطلب الاقتصادي على السطح؟ أجاب عن السؤال بيان شباب السويداء في 12 حزيران بالقول: “عندما خرجنا بمطالب معيشية منذ أشهر تم تخويننا، وكثرت الاستدعاءات الأمنية، ولم تكن شعاراتنا مثل اليوم، هم لايريدون حجة ليقفوا في وجه الحق”. هذا كلام صحيح، لكنه ينظر إلى الأمر من زاوية واحدة هي رد فعل النظام، دون النظر إلى رد فعل الفئات الشعبية التي، وإن كانت تتوزع على ولاءات وتيارات سياسية مختلفة، فإنها تتوحد على حاجاتها المعيشية التي تسحب منها يوماً بعد يوم إلى حدود المجاعة، على يد سلطة الأسد المأزومة والتي لا تزال تهرب من مصيرها الطبيعي بأن تبيع المزيد من البلاد وبأن تفرغ أزمتها المتفاقمة أكثر فأكثر في المجتمع.
مفهوم أن يكون لشعارات الثورة الأولى صدى جذاباً لدى رافضي سلطة الأسد، رغم تبدل الشروط، وأن ينتعش الكلام عن تجدد الثورة واستمراريتها ..الخ. لكن يوجد ما يبرر الاعتقاد بأن الحفاظ على مطلبية الشعارات يمكنه أن يلامس عصباً شعبياً مشتركاً نحن في حاجة ماسة له وسط الانقسام السياسي الذي ينخر الوطنية السورية. ويمكن للمطلبية، بالتالي، أن تساهم أكثر في عزل النظام العاجز عن تلبية المطالب الاقتصادية، بسبب تكوينه الفاسد وارتهانه لخيار الحل العسكري. سيجد كثير من السوريين الذين تكون وعيهم السياسي العام في بيئة استبداد، أن ارتداد النظام بالقمع على من يطالبون بإسقاطه، أمر طبيعي، وكأنه “دفاع عن النفس”، غير أن التصور نفسه لا ينطبق على قمع مظاهرة تحتج على سوء المعيشة. من السذاجة الاعتقاد أن النظام سيسكت عن مظاهرة مستقلة عن ترتيبات أجهزته الأمنية والحزبية مهما كانت شعاراتها، ولكن الرهان ينعقد على أثر الشعارات في الوعي العام وعلى انعكاس قمع المظاهرات المطلبية في هذا الوعي.
تفاقم الأزمة الاقتصادية للنظام، مع هبوط أكثر من 85% من السوريين تحت خط الفقر، هي فرصة مناسبة لعزله حتى عن الفئات الفقيرة الأكثر التفافاً حوله، الفئات التي سيجري صدها عن التعاطف، أو ربما المشاركة، إذا رفعت المظاهرات شعارات قصوى.
من الصعب الفصل بين السياسي والاقتصادي، المطالب الاقتصادية سوف ترتطم بحاجز سياسي، كما أن العمق الحقيقي للسياسة هو الاقتصاد. يكمن الفارق في المقاربة، الخيار الأمني الذي انتهجه النظام لمواجهة المطالب السياسية التي خرج بها السوريون في 2011، كان يسرق، على طول الخط، قوت السوريين ليحوله إلى مجهود قمعي، بصرف النظر عن التقييم السياسي لهذا الخيار. واليوم، أكثر من أي يوم سابق، يبدو الإصرار على الحل العسكري، والعناد في تجاهل الإرادة السياسية لقطاع واسع من السوريين، هو إصرار على المضي في سرقة ما تبقى للسوريين من قدرات اقتصادية سعياً وراء إطالة عمر نظام سياسي في عداد الموتى. المطالب الاقتصادية اليوم هي المدخل الأكثر إيلاماً للنظام، والأكثر فاعلية في إسقاطه من المطالبة بإسقاطه.
————————————-
من السويداء إلى سوريا/ خضر الآغا
أن يفاجأ السوريون بالمظاهرات التي خرجت في مدينة السويداء (الجنوب السوري) وطالبت بإسقاط النظام ورددت الشعارات الأولى للثورة السورية (2011) بما تنطوي عليها من رفض جذري لبقاء النظام، مضيفة عليها بعض الشعارات المتعلقة بأحداث لاحقة كبيع أجزاء من البلد لروسيا وإيران، فذلك ليس عائدًا لما حاول بعضهم -مخطئًا أو مغرضًا- إشاعته عن تأخر المدينة بالالتحاق بالثورة، بل لأسباب أخرى جوهرية، منها أن السويداء خرجت بعد أن أصاب السوريين شعور عام بالإحباط وبأن مصيرهم يقرره ويرسمه غيرهم بمعزل عنهم، فكانت تلك المظاهرات نوعًا من عودة السوريين للإمساك بزمام المبادرة وعدم ترك سوريا كرة يتقاذفها الآخرون، أو أقله أملًا بهذه العودة، أو خلق إمكانية لذلك.
وما يعزز من القيمة الكبرى للمظاهرات أنها خرجت بعد أن حل بالبلد ما حل من موت وتدمير وتهجير واعتقال وقتل تحت التعذيب وغيرها من شناعات قام بها النظام لأن السوريين خرجوا ضده، خاصة أن السويداء مدينة غير مدمرة وخاضعة لسلطته، الأمر الذي يعني أن المتظاهرين ومن يقف إلى جانبهم وينصرهم ويؤيدهم من أهل المدينة وصلوا إلى المستوى صفر من التحمل ولم يعد يخيفهم ما فعله النظام بالسوريين الذين ثاروا ضده وبمدنهم وقراهم وبيوتهم، ولم يعد لديهم ما يخسرونه سوى قيودهم، وبذلك يكونون كطائر الفينيق الذي يخرج من موته ورماده في كل مرة.
ما يضفي رمزية عالية على المظاهرات هو أنها لم تكن مجرد مظاهرات محلية (سويدائية) تتعلق بمطالب تخص، فقط، المدينة، فلم يظهر أي شعار خاص، ولم تظهر أية راية خاصة، ولا أية إشارة تدل على طابع محلي، بل هي تنتمي بقوة وحزم إلى سوريا كلها وإلى الثورة. الأمر الذي جعل الكثيرين يعودون لإطلاق مقولتهم المفضلة “الثورة مستمرة” بثقة محمولة على برهان عظيم. وبهذا أيضًا تشكل أمل في إحياء الصوت الحقيقي للسوريين والذي أخفاه الدمار والموت والتشرد والطائرات والكيماوي، الصوت الوطني لا الطائفي ولا المذهبي ولا غيره من الأصوات ما قبل -الوطنية التي تم الترويج لها وإظهارها على أنها صوت السوريين. لطالما حاول النظام وغيره من المستفيدين من قوى محلية وإقليمية خلق بؤرة للصراع بين الجارتين؛ درعا والسويداء وتأجيجها كلما لزم الأمر عازفًا على وتر رجعي ومتهتك ومكشوف هو الاختلاف المذهبي بينهما ضمن سياسة عامة انتهجها النظام لخلق بؤر كتلك على امتداد الساحة السورية لحرف اتجاه الصراع وتمويهه بصراعات أهلية محلية. في المظاهرات الأخيرة كما في المظاهرات الأولى (2011) انكشف كم هو هزيل العزف على ذلك الوتر، فقد خرجت مظاهرات في السويداء بعد أيام من اندلاع الثورة في درعا في العام 2011، كما خرجت درعا في اليوم الأول لمظاهرات السويداء في العام 2020 محيية وداعمة لها ومساندة. وإنه لأمر ذو دلالة أيضًا انطلاق مظاهرات داعمة لها في إدلب التي لطالما تم الترويج لها على أنها بؤرة للإرهاب بوجود جبهة النصرة، وذلك بشعارات مساندة للسويداء وضد النظام والجولاني وجبهة النصرة في الوقت ذاته، ما يوقظ أملًا كبيرًا بإحياء وعودة الصوت السوري بوصفه سوريًا فقط.
ما تقدم وغيره الكثير يفسر ذلك الشعور الغامر الذي حل بالسوريين المناصرين للثورة جراء مظاهرات السويداء. فقد كانت التعبيرات العامة تتمحور حول “عودة الروح” لهم بعد موات أو إحباط عام. عودة الروح هنا لا تعني مجرد شعور فردي بعودتها على أهمية ذلك، إلا أنها تعني أيضًا عودة الروح السورية بما هي روح وطنية متجاوزة كل حالات الحقن التي تلقتها والتي تشيع، وأشاعت فعلًا، تعابير ما قبل -وطنية، انقسامية، عدائية…
لا تنطلق هذه المقالة من نتائج محتملة مباشرة للمظاهرات، وليست معنية بكونها تسقط النظام فعليًا وتُخرج إيران وباقي المتدخلين والمحتلين من سوريا، فهذا رهن بعوامل أخرى، المظاهرات من بينها لكن ليست كلها، إلا أنها تنطلق من أمل أشاعته ومن روح وطنية أحيتها أو تأمل بإحيائها، وهذا بحد ذاته – ولادة الأمل من جديد والقدرة على العودة إلى البدايات رغم إدراك تبعاتها- عمل عظيم لشعب عانى ما عاناه لأجل تطلعاته في سوريا ديمقراطية، تعددية، مزدهرة، لجميع أبنائها.
الترا صوت
————————————–
تجدّد الثورة السورية وإشكالية المعارضة في احتضانها/ طلال المصطفى
الفعل الوطني السوري ليس شعارات سياسية في مواجهة النظام الاستبدادي فحسب، بل يشمل إمكانية التقاط الفرص الثورية والوطنية المتاحة أيضًا، فالتظاهرات والاحتجاجات الجديدة في مدينة السويداء ودرعا وجرمانا في دمشق، وفي حلب وإدلب وغيرها من المدن السورية في الأيام المقبلة، كما يبدو من شعاراتها السياسية، هي حلقة جديدة في سلسلة الثورة السورية 2011، ويجب على المعارضة السورية، وخاصة الفاعلة في تلك المدن، احتضان تلك التظاهرات وتوجيه بوصلتها الاحتجاجية، لا التنظير السياسي عليها وتقييمها عن بعد.
إن من يخرج من السوريين اليوم متظاهرًا محتجًا ضد النظام الاستبدادي، تحت شعار الرغبة في العيش “احتجاجات الجوع”، أو مطالبًا بالحرية و برحيل النظام، إنما يقوم بفعل نبيل، وهو ليس أقلّ شجاعة من المتظاهرين السوريين عام 2011، بل يمكن وصفه بأنه أكثر شجاعة، في ظل الحالة الأمنية الشرسة للنظام الاستبدادي، والحالة السياسية التائهة للمعارضة السورية، إضافة إلى الحالة الإقليمية والدولية غير الداعمة للثورة السورية، فعلى الرغم من كل ذلك خرج هؤلاء الشجعان وعبّروا عن موقف سوري وطني بامتياز، بصوت عالٍ، ووقفوا أمام الكاميرا غير خائفين من ظهور صورهم التي قد توصلهم إلى أقبية الأجهزة الأمنية، حيث احتمال الموت وارد.
حال السوريين هذه توجب على قوى المعارضة السورية الفاعلة العملَ استنادًا إلى الأولويات الوطنية السورية، والاستفادة من أخطائها التي ارتكبتها بحق ثورة 2011، والبحث عن الطرق والوسائل المناسبة لاحتضان الثورة، والوقوف ضدّ كل ما يمثل تهديدًا لها في الإساءة إليها، من قبل بعض ممثلي بعض التنظيمات الراديكالية، أو محاولة إخمادها من قبل أجهزة النظام الأمنية.
بالعودة إلى ظروف ثورة 2011؛ يتبين أن معظم أطياف المعارضة السورية لم تتوصل -حتى الآن- إلى تشخيص ما آلت إليه الثورة السورية 2011، من إخفاقات وانقسامات، أو يبدو أنها غير قادرة على ذلك، حيث ثمة عقبات معرفية تتمثل في آلية تفكيرها في العمل السياسي والتنظيمي الساعي للوصول إلى منظومة سياسية موحدة، الأمر الذي جعل تفكيرها السياسي حتى الآن ما يزال مشتتًا ومتناثرًا، في ما يخص توجيه مسارات الثورة السورية.
ما ضاعف هذا الانقسام والتشتت في آليات التفكير والعمل أن معظم فواعل المعارضة السورية (ائتلافات، أحزاب، تيارات، جماعات، أفراد) ما زالت تعتقد أن آلية تفكيرها السياسي تصلح للسوريين كافة، وأنها تمثل الجميع، وأن بإمكانها أن تنوب عن الجميع، في قرارتها وائتلافاتها التنظيمية والسياسية، بل إن الطامّة الكبرى هي اعتقاد كل فاعل سياسي في المعارضة بأنه الوحيد الفاعل في الواقع السوري، وأنه الوحيد على صواب، وأن الآخرين على خطأ! وهذه من الإشكالات الرئيسة التي تنطوي على قدر كبير من الألغام المفخخة التي تمنع الفعل السياسي من الممارسة الوطنية السورية الجامعة.
حال معظم المعارضة السورية هذي تجعل من الصعب عليها تقدير الأولويات والاحتياجات والبدائل التفاوضية السياسية مع بعضها البعض، أو مع الأطراف الإقليمية والدولية، ومن ضمنها النظام السوري…. إلخ، حيث كل فاعل سياسي في المعارضة مختلف عن الآخر، بل ثمة واقع يعبّر عن عدم انسجام الفاعل السياسي الواحد مع نفسه، والحديث هنا عن معظم المعارضة السورية (ائتلافات، أحزاب، جماعات، أفراد).
هذه البيئة السياسية، لدى المعارضة المتشظية، هي ظاهرة تاريخية عميقة الجذور، تعود إلى ما قبل ثورة 2011، بل يمكن القول إن جذورها الاجتماعية والسياسية تعود إلى تاريخ استقلال سورية، وهذا يعني أن ظاهرة تشظي المعارضة السورية هي تاريخية وليست آنية.
إن هذا التفكير السياسي الصادر عن فواعل سياسية متشظية هو من يقف وراء ضعف الاستجابة للمتظاهرين والمحتجين السوريين، من عام 2001 إلى الآن، خاصة في ظروف التراجع الحاد في الموارد المعيشية لمعظم السوريين، التي وصلت إلى حد الجوع “احتجاجات الجوع” 2020.
وهذا يستوجب من فواعل المعارضة السورية إيجاد آليات سياسية، لتوظيف الحالات الثورية الجديدة -احتجاجات الجوع والحرية- عند السوريين، والالتحام معها، وقيادتها وتوجيه المسارات والاتجاهات الممكن إنجازها، لا الوقوف على الرصيف والتنظير السياسي عن بعد. وهذا ليس من منظور الرغبة في الاستجابة لها، إنما من باب الواجب عليها أيضًا، وإلا ماتت المعارضة السورية سريريًا، على الصعيد السياسي، في الضمير السوري الوطني.
إذا كان الواجب قيادة الثورة -التظاهرات الجديدة- وتوجيه مساراتها بالاتجاه السوري الوطني الديمقراطي؛ فإن الواجب أيضًا الانتماء إليها من خلال وعي مصادرها، إمكاناتها، نقاط قوتها وضعفها، دوافعها، ومحدداتها المتنوعة جغرافيًا، سياسيًا، اجتماعيًا… إلخ. وإذا كانت أزمة المعارضة هي عدم توفر آليات الاستجابة المناسبة للمحتجين/ المتظاهرين، حتى الآن؛ فهذا يعني أن مهمة كل فاعل سياسي في المعارضة السورية بالغةُ الأهمية والخطورة، وتتعلق في تحديد مصير مستقبله السياسي في سورية، وبالطبع مستقبل سورية ككل، وإلا فستبقى هذي المعارضة تعيد إنتاج خطابها السياسي التقليدي الذي يُعدّ إشكالية بحد ذاته، ثم إنتاج المعارضة نفسها، وإنتاج الإشكالات الوطنية السورية نفسها.
ولا يقتصر الأمر على الفواعل السياسية المعارضة في سورية، فهناك إشكالية أيضًا في الفواعل الاجتماعية -مكونات المجتمع السوري- التي تعدّ الفاعل الأصلي، حيث الشعور بالتهديد المتبادل من الفواعل الاجتماعية الأخرى، التي تستدعي من الفواعل السياسية تبديدها وإزاحتها من الفعل السياسي، بل إن من واجب فواعل المعارضة -بغض النظر عن الظروف الراهنة- أن يُعِدّوا أنفسهم لتمثيل السوريين كافة، بعيدًا عن المناطقية، الطائفية، المذهبية والدينية.
على المعارضة السورية تمثّل الخوف الحقيقي على وحدة سورية -مجتمعًا ودولة- من خلال تنمية عوامل التوحد وتقويتها، ومن خلال الانتماء إلى سورية، الذي يُعدّ شرط الفعل السياسي الوطني، الذي بدوره يرتكز إلى وعي حقيقي للواقع السوري، والانتماء والوعي فعلان متلازمان في الممارسة السياسية، وهذه هي مهمة السوريين كافة، وفي المقدمة المعارضة السورية.
المطلوب من كل فواعل المعارضة السورية الانزياحُ من متارسها السياسية، وإزاحة الأسلاك الشائكة من حولها، باتجاه الفواعل السورية الأخرى -السياسية والاجتماعية- وأن تكون جزءًا من الكلّ السوريّة، وأن تتفاعل معها في معادلة توازنية كلية لا صفرية.
التفكير في وحدة سورية المستقبل ليس رغبة، إنه واجب على الفواعل السورية كافة، يفرض إعادة التفكير في ما آلت عليه الثورة 2011، نتيجة الممارسات السياسية السابقة التي يمكن وصفها بالمريضة سياسيًا، لكونها وجّهت الثورة -وما زالت- باتجاه الموت السريري، كما هو واقعها الآن. المطلوب من المعارضة اليوم إبداعُ آليات سياسية جديدة، تكون جامعة للسوريين كافة، وتناسب الظروف السياسية الراهنة، وتحتضن الثورة من جديد (احتجاجات 2020) بالاتجاه الوطني الديمقراطي، وهي مهام واجبة وضخمة، على الفواعل السياسية السورية كافة إنجازها، وهذا هو السبيل إلى تبديد الغيوم السياسية الداكنة التي تخيّم على السوريين كافة في الوقت الراهن.
——————————–
===============================
=========================
تحديث 21 حزيران 2020
——————-
حراك السويداء: الثورة لا تزال حية (تقدير موقف)
مقدمة
شهدت محافظة السويداء، ابتداءً من يوم الأحد 7 حزيران/ يونيو الجاري، احتجاجات وتظاهرات شعبية، استمرت أيامًا عدة، متحدية سطوة النظام وأجهزته وشبيحته، نددت بالأوضاع المعيشية الصعبة وبالفساد، وطالبت برحيل النظام السوري وبخروج المحتلّين الروسي والإيراني من سورية، كما رفعت شعارات حيّت فيها الشهيد عبد الباسط الساروت، في الذكرى الأولى لاستشهاده.
وأتت هذه التظاهرات امتدادًا لحملة سابقة، أطلق عليها الناشطون “بدنا نعيش“، وهي تتزامن مع حالة تردٍ غير مسبوق في الواقع الاقتصادي والمعيشي والخدمي، تشهدها المحافظة وجميع مناطق سورية الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، مع ارتفاع جنوني في أسعار المواد الأساسية، من جراء فشل حكومة نظام الأسد وفقدانها القدرة على مواجهة تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، حيث وصلت قيمة الليرة إلى 3200 ليرة سورية لكل دولار أميركي واحد، وذلك قبل أيام قليلة من سريان مفاعيل قانون قيصر، الذي دخل عمليًا حيّز التنفيذ في 17 حزيران/ يونيو 2020، في ظل انهيار اقتصادي ومالي يعانيه نظام الأسد، دفعه إلى إقالة رئيس حكومته عماد خميس في 11 حزيران/ يونيو الجاري.
المتظاهرون حمّلوا النظام السوري وفساد مؤسساته وسياسته القمعية مسؤوليةَ ما آلت إليه الأوضاع في سورية، من انهيار اقتصادي لم تشهده البلاد عبر التاريخ، إضافة إلى الدمار الواسع الذي لحق بالبنى التحتية نتيجة إصرار نظام الأسد على الحل الأمني والعسكري، منذ بداية الثورة السورية في آذار/ مارس 2011.
ومع تكرار خروج التظاهرات لأيام متوالية، وانضمام ناشطين من الجولان السوري المحتل إلى التظاهر، في قرية مجدل شمس؛ استشعر نظام الأسد خطورة هذا الحراك، فتصدى للمتظاهرين في يوم الاثنين 15 حزيران/ يونيو، بالقمع واعتقل عددًا منهم.
نقاط توصيفية لوضع السويداء قبل الحراك
– تشهد السويداء تململًا مجتمعيًا، كردة فعل على الأحوال المعيشية الصعبة التي تمرّ بها المحافظة وعموم المناطق الخاضعة لسيطرة لنظام الأسد، بسبب تفشي الفساد وسوء إدارة النظام للبلاد.
– يستشعر السوريون عامة مخاطر جدية من تداعيات معيشية أقسى، على إثر موجة جديدة محتملة من انخفاض قيمة العملة السورية في مقابل الدولار الأميركي، بعد دخول العقوبات المفروضة على نظام الأسد وحلفائه بموجب قانون قيصر، ورسوخ قناعة تتسع لدى السوريين تربط بين بقاء النظام واستمرار تردي الأوضاع المعيشية ووصولها إلى حد الجوع، في ظل عجز روسيا وإيران عن إنقاذ النظام اقتصادياً جراء وقوعهما تحت طائلة العقوبات، والصعوبات الاقتصادية التي يعانيها البلدان داخليا.
– شكلت مأساة مقتل 15 شابًا من السويداء، معظمهم من ميليشيا “الدفاع الوطني” المؤيدة للأسد، في صدام مسلح في قرية “القريا” مع قوات فصيل “أحمد العودة” التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، في 27 آذار/ مارس الماضي، حالة صدمة في صفوف أهالي السويداء، لما يحمله الحادث من دلالات على أن النظام هو الراعي الرئيس لهذا الموت وسببه.
– يحمّل أهالي السويداء الأجهزة الأمنيّة التابعة لنظام الأسد وميليشيا “حزب الله” اللبناني مسؤوليةَ تفشي نشاط عصابات الخطف والاتجار بالمخدرات في محافظة السويداء، وما نتج عنه من حوادث أمنية، كادت أن تتحول إلى صدامات مسلحة أهلية واسعة في مرات عديدة، خاصة في ظل تغوّل ما يعرف بالشبيحة في الحياة العامة والخاصة، وازداد الانفلات الأمني، والأخلاقي، مع ازدياد حاملي السلاح من فئة الشبيحة المنضويين تحت تشكيلات متنوعة، تشترك جميعها في إثارة البلبلة والخطف والقتل وتهديد حياة الناس.
– ازدياد الغضب الشعبي في السويداء من نشوب حرائق ضخمة أتت على محاصيل زراعية في مساحات واسعة أكبرها في محمية الضمنة، حيث احترقت آلاف الأشجار المثمرة، وتداول الأهالي أنها حرائق مفتعلة، بقصد تجويع المحافظة ودفع أهلها إلى تغيير مواقفهم الرافضة تجنيد أبنائهم في جيش الأسد بمواجهة المعارضة. وما زالت هذه الحرائق تمتد لتصل إلى المحاصيل الموسمية وقوت الفقراء.
– يستشعر أهالي المحافظة مخاطر ضغوط أمنية قادمة من قبل نظام الأسد وحلفائه، لإجبار شبان السويداء المتخلفين عن الخدمة العسكرية على الالتحاق بصفوف جيش الأسد، بعد سنين من رفضهم قتال أبناء شعبهم في المدن الثائرة.
ثورية الحراك في السويداء
لا يمكن النظر إلى حراك معظم المحتجين في السويداء، بمعزل عن الأثر التراكمي للثورة السورية ومطالبها وأهدافها، فالحراك الثوري في السويداء يبدو محمولًا على مطالب معيشية، لكنه متسق مع حراك السوريين الثوري عامة، ولا سيّما من حيث خطابه الوطني وهتافاته وشعارات ناشطيه وعامل المفاجأه فيه، ومطالبهم برحيل النظام السوري وأركان حكمه، وهذا ما تؤكده الشعارات التي رُفعت في تظاهرات السويداء، إضافة إلى أن جُلّ من كان حاضرًا في التظاهرات هم معارضون سياسيون للنظام السوري، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الناشطين الشباب، وعلى الرغم من أن التظاهرات قد تبدو لكثيرين أنها اقتصادية ومعيشية المنشأ، فإنها في العمق تحمل مطالب سياسية متسقة مع الخيار السياسي للشعب السوري، في إسقاط النظام، ولكنها اتخذت من هذه المشروعية المطلبية ما يشبه حصان طروادة للوصول إلى الساحات.
وبالنظر إلى الأثر الكبير الذي تركته ظاهرة “رجال الكرامة”، ونهج قائدها ومؤسسها الراحل الشيخ وحيد البلعوس، في الوعي الوطني لدى أهالي السويداء، وما نتج عن موقف الحركة الصلب من وقف محاولات مؤيدي نظام الأسد في المحافظة لسوقها إلى مواجهة أبناء شعبهم، فإن الحراك الاحتجاجي الأخير يبدو منسجمًا مع الوعي الجمعي الذي يحمّل نظام الأسد مسؤولية كارثة مواجهة الثورة السورية بالقمع والقتل، ودمار البلاد وتجويع أهلها.
رسالة الحراك في السويداء وموقف النظام السوري
وجّهت محافظة السويداء (ذات الأغلبية الدرزية)، من خلال التظاهرات الأخيرة المطالبة برحيل النظام السوري وحلفائه، الإيرانيين والروس، رسالةً واضحةً ومباشرةً للنظام السوري ومناصريه أولًا، وإلى المجتمع الدولي أيضًا، مفادها أن النظام السوري الذي طالما ادّعى حماية الأقليات، أصبح خطرًا عليها، وبات رحيله شرطًا للحياة، فالحملة التي حملت شعار “بدنا نعيش” تنطوي على معنى واضح بأن هذا النظام يقود البلاد إلى الموت.
هذه الرسالة يفهمها نظام الأسد جيدًا، ويخاف من تداعياتها، ولطالما تعامل مع التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي حدثت في السويداء بمستوى عنف أقلّ، قياسًا بالعنف الذي مارسه ولا يزال تجاه المحافظات السورية الأخرى، بفعل حذره الشديد من تداعيات أي عمل عنفي شديد الأثر ضد أهالي وناشطي السويداء التي تُعرف بمستوى عال من الترابط العائلي، وبخصوصية واقعها، اجتماعيًا ودينيًا، المربك لأي تحرك أمني غير مدروس.
وإذا كان النظام السوري لا يستطيع أن يُطلق على متظاهري السويداء اتهامات بالتطرف وبأنهم (إخوان) و(سلفيون جهاديون)، أو دواعش، ولا يستطيع القول إن تظاهراتهم قد خرجت من المساجد، كما دأب أنصاره على تكرار هذه “التهمة” بحق ثوار المحافظات السورية الأخرى؛ فإن نظام الأسد لن يتردد في استعمال أدوات أمنية أخرى، بمواجهة المحتجين في السويداء، مخاطرًا بصدام أهلي لطالما سعى أهالي السويداء لتجنب تداعياته، وهو ما لجأ إليه فعليًا، في تظاهرة يوم 15 حزيران/ يونيو الجاري، حيث حشد جمعًا من مؤيديه، ليعتدوا -بمشاركة قوات أجهزته الأمنية- على المتظاهرين، ووصفهم بالخونة والعملاء لـ “إسرائيل”، واعتقل 9 ناشطين منهم، بحسب ناشطي محافظة السويداء .
وكما فعل في مدن عدة، تتميز بوجود أقليات بين سكانها، عمد النظام السوري، عبر أجهزته الأمنية والنقابات التابعة له، إلى تهديد الموظفين من أجل القيام بمسيرات مؤيدة له، وإلى إنذار كل من يتخلف عن الحضور بالفصل والعقوبات، وهذا ما أكده كلام وفاء عفلق (رئيسة فرع الاتحاد الوطني لطلبة سورية في السويداء)، في تسجيل صوتي لها تطالب فيه الموظفين والمدرسين والطلبة بالخروج بشكل إجباري بمسيرات مؤيدة لنظام الأسد، بل وصل الأمر إلى تهديدها الطلبة بالفصل النهائي من الجامعة، في حال التخلف، وعلى الرغم من كل هذه التهديدات التي قام بها شبيحة الأسد في محافظة السويداء، فإن زخم المسيرات المؤيدة له لم يكن كبيرًا.
وفي السياق ذاته، برزت أصوات من مؤيدي نظام الأسد تحاول تأليب الأهالي في السويداء ضد المتظاهرين، وتحذر من أنهم سيجلبون الفوضى والدمار للسويداء، كما حدث في بقية المحافظات، إضافة إلى أنه أشاع بين الأهالي أن هناك حالات كثيرة وصلت إلى مشافي السويداء لمصابين بمرض كورونا Covid19 بالتزامن مع إطلاقه إشاعات تُفيد بأن الدواء بدأ ينفد من الصيدليات الموجودة في المحافظة.
وكذلك عاودت أصوات مؤيدة لنظام الأسد التحذير والتهديد بورقة تنظيم (داعش)، في محاولة لقمع أي نشاط ثوري معارض، والتلويح بذكريات مؤلمة لعمليات الخطف والقتل التي قام بها تنظيم (داعش) الإرهابي ضد المدنيين، خصوصًا في ظل استمرار مرابطة خلايا نائمة للتنظيم على تخوم محافظة السويداء، بعد نقل النظام السوري مجموعات كبيرة من مقاتلي التنظيم إلى المناطق القريبة من بادية السويداء، خلال السنوات الماضية، من مناطق وجودها سابقًا في ريف دمشق.
وتداول بعض أنصار نظام الأسد، على مواقع التواصل الاجتماعي، روايات عمليات حرق المحاصيل المنسوبة إلى (جهات مجهولة)، في محاولة لتخويف الأهالي من العقاب القاسي الذي سيستهدف قُوت المدنيين ومصدر دخلهم. وعاود مقربون من نظام الأسد في المحافظة التحذير من أن استمرار الاحتجاجات قد يؤدي إلى انفلات أمني واسع وصدام أهلي مجتمعي، في ظل وجود مجموعات مسلحة في السويداء، تحت مسمى “الدفاع الوطني”، وغيرها من العصابات المسلحة المدعومة من الأجهزة الأمنية وجيش الأسد والميليشيات الإيرانية، مارست سابقًا عمليات خطف وسلب وسرقة وقتل، وخلق توترات أمنية، قد تعود لتؤجج الأوضاع الأمنية ضمن محافظة السويداء أولًا، ومع عصابات وفصائل وأهالي محافظة درعا المجاورة للسويداء ثانيًا.
وهكذا أثبت النظام السوري مجددًا أنه غير قابل للتعلّم والتغير، وأن طريقة تعامله مع الاحتجاجات الشعبية السلمية لم تتغير، على الرغم من كل الويلات والمآسي والدمار الذي شهدته سورية خلال السنوات الماضية التي تلت انطلاق الثورة السورية.
وربما يضاف إلى ذلك رسالة، هي غاية من الأهمية، مفادها أن طريقة النظام في التفريق المناطقي والتفاوض والتعامل مع كل منطقة بشكلٍ مستقل، هي طريقةٌ هشة أمام إرادة السوريين المشتركة. فالاحتضان الوطني الذي استقبل به السوريون حراك السويداء يؤكد أن الكلمة الفصل في وحدة سورية لإرادة السوريين وخياراتهم الحرة، وأنها على رأس أولويات الشارع السوري الممتد ما إن يمنح فرصةً للتعبير عن وعيه الجمعي.
موقف “رجال الدين”.. غموض غير بنّاء
كان الموقف المُجمع عليه، ضمن رجال الدين الدروز في محافظة السويداء، هو حماية شباب الطائفة الدرزية من القتل والاعتقال، إضافة إلى موقفهم الواضح الرافض لالتحاق شباب المحافظة بجيش النظام السوري، في الفترة التي تلت انطلاقة الثورة السورية. وبقي هذ الموقف موحدًا إلى درجة كبيرة حتى العام 2015، حيث أودى تفجير استهدف موكب مؤسس حركة “رجال الكرامة” بحياة الشيخ وحيد البلعوس، وتوجهت أصابع الاتهام بالتفجير إلى أجهزة المخابرات التابعة للنظام السوري، بسبب رفض البلعوس تجنيد شباب الطائفة الدرزية في جيش النظام السوري.
بعد حادثة القتل هذه؛ فضّل بعض رجال الكرامة ومشايخ العقل الوقوف على الحياد، وهو ما تسبب بانقسام في المواقف، لكن تشكيل فصيل قوات “شيخ الكرامة” أتى ليعزز موقف أبناء المحافظة الرافض للتجنيد، فضلًا عن الوقوف بوجه عمليات الخطف والقتل التي تشهدها المحافظة، من حين إلى آخر، على الرغم من النكسات والانشقاقات والاختراقات الأمنية التي تعرضت لها الحركة.
وقوف رجال الكرامة على الحياد، ورفضهم الانخراط في الصراع الدائر في سورية، إضافة إلى رفضهم مؤازرة قوات النظام السوري في حملته العسكرية ضد قوات المعارضة السورية في محافظة درعا في العام 2018، أثار غضب روسيا التي سارعت إلى اتهام “قوات شيخ الكرامة” بأنه تنظيم “إرهابي”؛ الأمر الذي رفضه أغلب رجال الكرامة في محافظة السويداء، من خلال بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، عبّروا فيه عن رفضهم رفع السلاح في وجه أي سوري، وبأنه ليس من حق دولة محتلة وراعية للإرهاب أن تصف من حمل السلاح دفاعًا عن أرضه وعرضه بالإرهاب، كما أكدوا ثباتهم على موقفهم “الحياد الإيجابي” رافضين الانخراط في الصراعات الداخلية بين أبناء البلد الواحد، متمسكين بالشعار الذي كان يردده الشيخ وحيد البلعوس: “دم السوري على السوري حرام”.
في الوقت الحالي، إلى الآن، لم يصدر عن رجال الدين أي موقف رسمي حول الحراك الأخير، خصوصًا في ظل إصرار الناشطين في السويداء على مواصلة التظاهرات المطالبة برحيل الأسد وخروج الاحتلالين الروسي والإيراني، ويثير هذا الموقف الغامض والسلبي قلق ناشطي السويداء، ويفتح المجال واسعًا أمام تحرك عنفي مدروس ومحدود لمؤيدي الأسد بمواجهة المحتجين، وهو ما حصل بالفعل حتى الآن.
الحراك السوري في الجولان المحتل
في أكثر من مناسبة، أكد أهالي الجولان المحتل أنهم جزء أصيل من المجتمع السوري، وشهدت الأشهر الأولى من الثورة السورية تحركًا محدودًا في الجولان مؤيدًا للثورة، ولكن هذه المرة يبدو أن عددًا أكبر من ناشطي الجولان المحتل قرّر التعبير العلني الواضح عن دعمهم للحراك الثوري في وطنهم الأم، وتميزت الشعارات التي رفعها ناشطو الجولان في قرية مجدل شمس، في 13 حزيران/ يونيو الجاري، بشعارات طالبت نظام الأسد بالرحيل، وأخرى سخرت من ادعاءاته مقاومة الاحتلال الصهيوني، كما هتفوا تضامنًا مع المحافظات السورية الأخرى، كالسويداء ودرعا وإدلب، مؤكدين أن الشعب السوري واحد، وأن انتماءهم إلى سورية أمرٌ لا جدال فيه، مؤكدين في الوقت نفسه أن نظام الأسد والاحتلال الإسرائيلي وجهان لعملة واحدة.
وعبّر ناشطون من الجولان السوري المحتل عن قناعتهم بأن لا إمكانية لتحرير الجولان، من دون تحرير الوطن الأم من نظام الاستبداد. وبرزت شعارات لافتة في تظاهرة الجولان تطالب بإخراج المعتقلين السوريين من سجون المخابرات السورية، وبالإفراج عن معتقلي الجولان من سجون الاحتلال الإسرائيلي، في إشارة إلى تساوي الدكتاتور والمحتل في الإجرام.
موقف قوى الثورة والمعارضة السورية
شهد حراك السويداء دعمًا واضحًا من قبل قوى الثورة والمعارضة السورية، وتفاعل ناشطو الثورة السورية ووسائل إعلامها بشكل إيجابي مع تظاهرات السويداء، حيث خرجت عشرات التظاهرات في مناطق متفرقة، في حلب وإدلب ودرعا ودير الزور، دعمًا للاحتجاجات الأخيرة المناوئة لنظام الأسد وحلفائه في محافظة السويداء، كما صدرت عن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة دعوات للتظاهر دعمًا لحراك السويداء، تحت شعار (لا بديل عن التغيير لتحقيق مطالب شعبنا)، في حين وجه الشيخ أحمد الصياصنة، أحد قادة ورموز الحراك الثوري في درعا، كلمةً حيّا فيها حراك شبان السويداء الثوري، وشكر فيها مواقف أهالي السويداء الأصيلة، مؤكدًا أن “موقف أحرار السويداء ليس بجديد على أهالي السويداء، وهم أحفاد سلطان باشا الأطرش”، كما شكر لهم رفضهم الانضمام إلى جيش النظام السوري الذي شارك في عمليات القتل والتدمير ضد أبناء الشعب السوري، بعد انطلاق الثورة السورية في العام 2011.
وعلى الرغم من ظهور أصوات بين ناشطي السويداء تتخوف من ربط حراكهم بالثورة وقوى المعارضة السورية، فإن احتضان قوى الثورة ودعمها لحراك السويداء يعكس وعيًا وطنيًا ناضجًا بوحدة المصير السوري، ويعزز الآمال بقدرة السوريين على إعادة البناء المجتمعي، حال رحيل نظام الاستبداد والفساد وزوال مسببات الشقاق والمخاوف التي خلفتها ممارساته القمعية والتمييزية، والتخلص من القوى الظلامية والعنصرية والميليشيات الطائفية التي ما كانت لتظهر في سورية لولا وجوده.
خيارات شباب الحراك الثوري
في أعقاب قمع تظاهرة يوم الاثنين 15 حزيران/ يونيو الجاري، يقف حراك السويداء أمام مفترق طرق، ويحبس الناشطون والأهالي أنفاسهم، بانتظار ما ستفضي عنه محاولات محلية للإفراج عن معتقلي السويداء، حيث جمّد ناشطو السويداء حراكهم وعلقوا تظاهراتهم، بناء على طلب وجهاء المحافظة، إفساحًا في المجال لمفاوضات تهدف إلى إطلاق سراح معتقلي التظاهرات، فيما تبدو أجهزة نظام الأسد الأمنية ذاهبة نحو مزيد من التعنت في هذه القضية.
وتبدو احتمالات مصير الحراك مفتوحة، في ضوء الحديث عن محادثات واجتماعات عسكرية وأمنية متواصلة، بين وجهاء المحافظة وممثلين عن نظام الأسد وروسيا، تتخللها ضغوط ومساومات من أجهزة أمن نظام الأسد، للحصول على تعهدات بوقف التظاهرات، مقابل الإفراج عن المعتقلين، كما ظهرت أنباء عن مساومات أخرى، طالبت من خلالها أجهزة الأمن بعدم رفع علم الثورة وعدم التعرض لرأس النظام، مقابل التغاضي عن تظاهرات ذات طابع مطلبي، وفي كل الأحوال، لم تفضِ جولات اللقاءات عن شيء حتى الآن، ويبرز من هذه الاحتمالات ما يلي:
تعنّت أجهزة أمن نظام الأسد، ورفضها الإفراج عن المعتقلين، مع ما يحمله هذا الاحتمال من فرص لعودة التظاهرات بزخم شعبي أكبر، نتيجة استياء مجتمعي من ممارسات نظام الأسد ومؤيديه.
ترتيب تسوية يضغط بموجبها وجهاء السويداء على شباب الحراك لوقف تظاهراتهم وعودة المحافظة إلى وضعها السابق للاحتجاجات، مع وعود بتحسين الخدمات والحد من الملاحقات الأمنية.
دخول روسيا على خط الوساطة للجم اندفاع نظام الأسد في ضغوطه على أهالي السويداء أمنيًا، وربما نتج عن هذا الاحتمال شكل من أشكال تسوية أوضاع المطلوبين للخدمة العسكرية، ومنحهم فترة تأجيل محدودة، على غرار التسويات التي رعتها روسيا في مناطق “خفض التصعيد”، وهو احتمال يعي أهالي السويداء مخاطره، بعد نتائج سيئة أفضت إليها معظم المصالحات التي رعتها روسيا.
أخيرًا:
إن ما شهدته سورية، خلال السنوات الماضية من عمر الثورة السورية، وخاصة خلال الأشهر الأخيرة، وتصاعد نقمة المجتمع السوري في مناطق سيطرة نظام الأسد، على الرغم من كل العنف والقتل والتدمير والتهجير، من قبل النظام وحلفائه وميليشياته تجاه الشعب السوري، يؤكد أن الثورة أحدثت أثرًا عميقًا في الوعي العام، وكشفت للمؤيدين بعد المعارضين أن هذا النظام هو سبب مأساتهم، وأنه غير قابل للإصلاح والاستمرار، وأن بقاءه يعني استمرار موتهم بالقصف والاعتقال والترهيب والتجويع، وأن الحياة الآمنة المستقرة مشروطة برحيله، وبناء دولة لكل السوريين، تساوي بينهم، وتقيم العدالة وتحاسب الجناة، وتضمن حقوقهم وتصون كرامتهم.
مركز حرمون
———————————————-
من السويداء إلى سوريا/ خضر الآغا
أن يفاجأ السوريون بالمظاهرات التي خرجت في مدينة السويداء (الجنوب السوري) وطالبت بإسقاط النظام ورددت الشعارات الأولى للثورة السورية (2011) بما تنطوي عليها من رفض جذري لبقاء النظام، مضيفة عليها بعض الشعارات المتعلقة بأحداث لاحقة كبيع أجزاء من البلد لروسيا وإيران، فذلك ليس عائدًا لما حاول بعضهم -مخطئًا أو مغرضًا- إشاعته عن تأخر المدينة بالالتحاق بالثورة، بل لأسباب أخرى جوهرية، منها أن السويداء خرجت بعد أن أصاب السوريين شعور عام بالإحباط وبأن مصيرهم يقرره ويرسمه غيرهم بمعزل عنهم، فكانت تلك المظاهرات نوعًا من عودة السوريين للإمساك بزمام المبادرة وعدم ترك سوريا كرة يتقاذفها الآخرون، أو أقله أملًا بهذه العودة، أو خلق إمكانية لذلك.
وما يعزز من القيمة الكبرى للمظاهرات أنها خرجت بعد أن حل بالبلد ما حل من موت وتدمير وتهجير واعتقال وقتل تحت التعذيب وغيرها من شناعات قام بها النظام لأن السوريين خرجوا ضده، خاصة أن السويداء مدينة غير مدمرة وخاضعة لسلطته، الأمر الذي يعني أن المتظاهرين ومن يقف إلى جانبهم وينصرهم ويؤيدهم من أهل المدينة وصلوا إلى المستوى صفر من التحمل ولم يعد يخيفهم ما فعله النظام بالسوريين الذين ثاروا ضده وبمدنهم وقراهم وبيوتهم، ولم يعد لديهم ما يخسرونه سوى قيودهم، وبذلك يكونون كطائر الفينيق الذي يخرج من موته ورماده في كل مرة.
ما يضفي رمزية عالية على المظاهرات هو أنها لم تكن مجرد مظاهرات محلية (سويدائية) تتعلق بمطالب تخص، فقط، المدينة، فلم يظهر أي شعار خاص، ولم تظهر أية راية خاصة، ولا أية إشارة تدل على طابع محلي، بل هي تنتمي بقوة وحزم إلى سوريا كلها وإلى الثورة. الأمر الذي جعل الكثيرين يعودون لإطلاق مقولتهم المفضلة “الثورة مستمرة” بثقة محمولة على برهان عظيم. وبهذا أيضًا تشكل أمل في إحياء الصوت الحقيقي للسوريين والذي أخفاه الدمار والموت والتشرد والطائرات والكيماوي، الصوت الوطني لا الطائفي ولا المذهبي ولا غيره من الأصوات ما قبل -الوطنية التي تم الترويج لها وإظهارها على أنها صوت السوريين. لطالما حاول النظام وغيره من المستفيدين من قوى محلية وإقليمية خلق بؤرة للصراع بين الجارتين؛ درعا والسويداء وتأجيجها كلما لزم الأمر عازفًا على وتر رجعي ومتهتك ومكشوف هو الاختلاف المذهبي بينهما ضمن سياسة عامة انتهجها النظام لخلق بؤر كتلك على امتداد الساحة السورية لحرف اتجاه الصراع وتمويهه بصراعات أهلية محلية. في المظاهرات الأخيرة كما في المظاهرات الأولى (2011) انكشف كم هو هزيل العزف على ذلك الوتر، فقد خرجت مظاهرات في السويداء بعد أيام من اندلاع الثورة في درعا في العام 2011، كما خرجت درعا في اليوم الأول لمظاهرات السويداء في العام 2020 محيية وداعمة لها ومساندة. وإنه لأمر ذو دلالة أيضًا انطلاق مظاهرات داعمة لها في إدلب التي لطالما تم الترويج لها على أنها بؤرة للإرهاب بوجود جبهة النصرة، وذلك بشعارات مساندة للسويداء وضد النظام والجولاني وجبهة النصرة في الوقت ذاته، ما يوقظ أملًا كبيرًا بإحياء وعودة الصوت السوري بوصفه سوريًا فقط.
ما تقدم وغيره الكثير يفسر ذلك الشعور الغامر الذي حل بالسوريين المناصرين للثورة جراء مظاهرات السويداء. فقد كانت التعبيرات العامة تتمحور حول “عودة الروح” لهم بعد موات أو إحباط عام. عودة الروح هنا لا تعني مجرد شعور فردي بعودتها على أهمية ذلك، إلا أنها تعني أيضًا عودة الروح السورية بما هي روح وطنية متجاوزة كل حالات الحقن التي تلقتها والتي تشيع، وأشاعت فعلًا، تعابير ما قبل -وطنية، انقسامية، عدائية…
لا تنطلق هذه المقالة من نتائج محتملة مباشرة للمظاهرات، وليست معنية بكونها تسقط النظام فعليًا وتُخرج إيران وباقي المتدخلين والمحتلين من سوريا، فهذا رهن بعوامل أخرى، المظاهرات من بينها لكن ليست كلها، إلا أنها تنطلق من أمل أشاعته ومن روح وطنية أحيتها أو تأمل بإحيائها، وهذا بحد ذاته – ولادة الأمل من جديد والقدرة على العودة إلى البدايات رغم إدراك تبعاتها- عمل عظيم لشعب عانى ما عاناه لأجل تطلعاته في سوريا ديمقراطية، تعددية، مزدهرة، لجميع أبنائها.
الترا صوت
————————————-
ترقّب وقلق في السويداء بعد تحويل معتقلي الحراك الثوري إلى دمشق
أفادت مصادر محلية بحصول تطورات خطيرة اليوم، فيما يتعلق بقضية معتقلي الحراك الثوري في السويداء، حيث يجري الحديث عن تحويلهم إلى دمشق، بعد أن كانت وساطات من قبل وجهاء ورجال دين اتجهت نحو الحديث عن الإفراج عنهم، شريطة توقف المظاهرات.
وأثار الخبر الكثير من التساؤلات، حيث اعتبر الكاتب والصحفي فؤاد عزام أن نقل معتقلي الحراك السلمي الى دمشق يعني فشل الوساطات، إلا باتجاه واحد، وهو وقف المظاهرات، ما يعني أن رجال الدين والوجهاء ضغطوا على المشاركين في الحراك الثوري وحدهم؛ الأمر الذي فسره البعض على أنّهم وضعوا انفسهم بصف النظام.
من جهة أخرى، يرى عزام أن نقل المعتقلين إلى دمشق، يعني أن مصيراً مجهولاً ينتظر قضيتهم، وأنّ قضيتهم قد تمّ تشتيتها في أماكن مختلفة من محافظة السويداء، بحيث تتجه الأوضاع الى مزيد من التأزم بين أهالي المعتقلين وشباب الحراك الثوري، وشبيحة السويداء، مايعني انقساماً يرجح ان يكون شديداً بين الجانبين .
كما رأى البعض أن نقل المعتقلين يكذب رواية النظام بأنه يحمي الأقليات، وأنّه من الضرورة إثارة قضية المعتقلين دولياً وعبر منظمات غير حكومية، لا سيما في ضوء صدور قانون قيصر المبني اساساً على قضية المعتقلين.
وفي السياق ذاته، أفادت شبكة السويداء 24 بأن شرطة السجن المدني في السويداء قامت بتحويل ملف الشاب “كريم الخطيب” إضافة لشابين أحدهما من “آل الحسين” والآخر من “آل الصالح” إلى قاضي التحقيق صباح اليوم الأحد 21\6\2020، إلا أن القاضي “نظراً لانشغاله” حسب ادعائه، أجّل التحقيق معهم واستجوابهم إلى يوم غد.
كما لفت المصدر إلى أن الوعود التي قدمتها السلطات الأمنية، إلى وجهاء ومشايخ من السويداء، بتحويل باقي المعتقلين إلى القضاء في المحافظة، ذهبت أدراج الرياح، بعد صدور أمر بتحويلهم إلى دمشق بناء على قرار من اللجنة الأمنية في المحافظة، ولفتت إلى إمكانية تحويل المعتقلين إلى محكمة الإرهاب عن طريق إدارة الأمن الجنائي بدمشق، وقد يتم تحويلهم إلى أقبية الأفرع الأمنية.
وكانت مصادر محلية قد أحصت اعتقال 12 شخصاً، منذ بدء الاحتجاجات السلمية في السويداء في السابع من شهر حزيران الجاري، 10 منهم اعتقلوا بسبب مشاركتهم بالحراك، واثنان بطريقة عشوائية.
ليفانت- وكالات
—————————
هل يستخدم النظام السوري “ورقة داعش” في وجه سلمية والسويداء؟/ منهل باريش
من غير المستبعد أن يلجأ النظام إلى سياسة فتح الباب لتنظيم “الدولة” في سلمية وتسهيل ارتكاب مجزرة في قراها الشرقية، على مبدأ اضرب الصغير يخاف الكبير.
العودة إلى “حضن الوطن أو داعش بانتظاركم”. عادت هذه العبارة إلى التداول من قبل شبيحة النظام وبعثييه في السويداء خلال المشادات الحاصلة هنا وهناك، المترافقة مع المظاهرات اليومية في مركز المحافظة الدرزية جنوب سوريا. وتكررت العبارة في مدينة سلمية شرقي حماة.
وتعرضت المنطقتان إلى اختبار بالسكاكين والرصاص الحي في هجوم سابق لتنظيم “الدولة الإسلامية”على أريافهما الشرقية، ما يجعل ذلك التخويف ليس مجرد كلام في الهواء، وإنما حقيقة قابلة للتنفيذ مع ازدياد نشاط التنظيم في البادية السورية المفتوحة على المنطقتين. ويؤكد ذلك النشاط إصدار التنظيم لشريط مصور لعملياته في نيسان (ابريل) في مناطق عدة في البادية السورية، حيث تنشط الخلايا الأمنية، وإعادة ضخ إعلامي كبير لمقاطع وصور متنوعة من إصدار “غزوة الاستنزاف” الذي بثه التنظيم في حزيران (يونيو) 2019.
ويسعى النظام إلى تكريس الفصل بين جمهور الثورة السورية والسويداء الدرزية وسلمية الإسماعيلية، وهو ما عمل عليه منذ اليوم الأول بالصاق صفة “الإخوانية” على الثورة و “العراعير” على نشطائها، ولاحقا إرهابيين وجبهة نصرة و”دواعش”.
بالطبع فإن المنطقتين أمام تحدٍ كبير للغاية، مرة أخرى، وخصوصا منطقة سلمية على اعتبار أنها منطقة صغيرة ومحاصرة، ولا إمكانية للمقاومة فيها والسلاح فيها محصور بيد ميليشيات مقربة من المخابرات الجوية، أسسها نائب مدير إدارة المخابرات الجوية، اللواء أديب سلامة، عندما كان رئيس فرع المخابرات الجوية في المنطقة الشمالية. وأشرف عليها أخوه مصيب سلامة، إضافة لميليشيا عضو مجلس الشعب فاضل وردة ابن رئيس المجلس الشيعي الإسماعيلي الأعلى في سوريا السابق.
سهل النظام عملية الهجوم على قرية المبعوجة في ريف حماة الشرقي في 31 آذار (مارس) 2015 وقتل داعش 46 شخصا بينهم أطفال دون سن الثالثة مع العمر، فيما قتل 6 عناصر من الدفاع الشعبي المحلي من أبناء القرية المختلطة التي يقطنها إسماعيليون وسنة.
خلال الأسابيع الأخيرة، شهدت منطقة شرقي سلمية تحركا كبيرا لعناصر “الدولة” في مثلث طهماز، والعلباوي، والشيخ هلال، شمل إعادة تجمع وهجمات متفرقة في منطقة طهماز.
وهاجم التنظيم قرية الروضة، وقتل ثلاثة عناصر من ميليشيا محلية في طهماز، يتزعمها طلال المدري، وجيه عشيرة الفنير وهي إحدى أفخاذ قبيلة الموالي. وسحب النظام الميليشيات المحلية من هذه القرى إلى الغرب باتجاه سلمية، حسب ما أفادت مصادر محلية في المنطقة لـ “القدس العربي”.
ومع انسحابات النظام الحالية أصبح تنظيم “الدولة” أكثر قدرة على الوصول إلى القرى المختلطة التي يسكنها البدو والإسماعيليون، خصوصا بعد سحب عناصر الميليشيات من القرى البدوية إلى الشرق التي طالما شكلت جدار حماية لريف سلمية الشرقي. إن عملية الانسحاب بحجة إعادة الانتشار هي السيناريو نفسه الذي كرره النظام سابقا في محيط المبعوجة عندما سحب حواجز اللجان الشعبية من شرق المبعوجة وسهل الطريق لدخول عناصر التنظيم إليها، وقام بالمذبحة الشهيرة في السويداء بعد انهيار منطقة درعا وفرض المصالحة باتفاق أمريكي روسي، حاول النظام إعادة فرض سيطرته على المحافظة المتروكة من خلال إعادة تجنيد أبنائها الدروز في جيش النظام. وأجرى النظام مفاوضات برعاية روسية مع رجال الكرامة، لكنها فشلت ولم يتم التوصل إلى اتفاق، وأصدرت حركة رجال الكرامة بيانا حذرت فيه من “أي اعتداء على أي شاب من شباب الجبل هو إعلان للحرب، التي كنا وما زلنا أهلاً لها”.
مع رفض خضوع المحافظة لسلطة النظام كما كانت قبل 2011 حاول النظام اخضاعها بالقوة من خلال فتح الباب أمام تنظيم “الدولة”. وتكرر مشهد سحب الحواجز الذي حصل في سلمية قبل سنوات، فشن التنظيم هجوما مزدوجا على مدينة السويداء وعلى ريفها من عدة محاور في تموز (يوليو) نتج عنها وقوع مذبحة في قرية الشبكي وخطف 30 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال والرجال. وبعد أسبوع على الهجوم، أخرج النظام سراً 500 مقاتل من جيش “خالد بن الوليد” المبايع لتنظيم “الدولة” الإسلامية إلى بادية السويداء.
وتوصل النظام برعاية روسية إلى اتفاق على إجلاء تنظيم “الدولة” من مخيم اليرموك، ونقل النظام 1600 من مقاتلي التنظيم وعوائلهم إلى البادية في أيار (مايو) قبل ثلاثة أشهر من الهجوم على السويداء أيضا.
وشكلت العملية حجة للنظام لتعزيز وجوده العسكري في المحافظة، إذ دفع بقوات من الفرقة الأولى المدرعة والفرقة العاشرة والفرقة الحادية عشرة، وعدد من الميليشيات الرديفة بهدف طرد التنظيم من الريف الشرقي. وأدت العملية إلى إعاقة المفاوضات مع التنظيم، ومع رفض الدروز الانصياع للنظام لم يتوان التنظيم عن قتل شابا عمره 19عاما من المختطفين ذبحاً. في النهاية أعلن النظام تحرير مختطفي السويداء بعملية نوعية من دون الإفصاح عن تفاصيلها، واحتفى النظام رسميا بتحرير المختطفين.
اليوم، ومع اشتعال جذوة الاحتجاجات في السويداء، تعتبر “ورقة داعش” من أكثر الأوراق استحضاراً في حال فشل النظام بقمع الحركة بالطرق القمعية المعتادة من اعتقال وملاحقة للنشطاء ومضايقات الشبيحة. وتدعم الحركة الاحتجاجية الصغيرة في حلب ودمشق مع اختلاف حجمها ومطالبها، الحراك في السويداء.
وينظر النظام بحذر شديد إلى انتفاضة السويداء ويخشى من التواصل بينها وبين مدن درعا التي تعيش حالة غليان دائمة رغم مرور عامين على المصالحة. ولإخماد نار الاحتجاجات، يفضل النظام استخدام “ورقة داعش” على القمع الأمني الواسع، كون الحل الأمني سيزيد من ضراوة المواجهة وسيكون مكلفا لأنه سيحرض على استعادة العلاقة بين المحافظتين درعا والسويداء.
ومن غير المستبعد أن يلجأ النظام إلى سياسة فتح الباب لتنظيم “الدولة” في سلمية وتسهيل ارتكاب مجزرة في قراها الشرقية، على “مبدأ اضرب الصغير يخاف الكبير” ويكسب النظام من هذا الهجوم على عدة جهات، فيقطع الطريق على حركة احتجاجية محتملة الوصول إلى سلمية كونها من تمردت باكرا في 2011 ضد النظام. وهي من أكثر المدن السورية فقرا بسبب إهمال النظام المتعمد لها، وجعل سلمية عبرة لكل الأقليات حتى لا تفكر بإعلاء صوتها حول المسألة الاقتصادية وتداعيات انهيار الليرة السورية.
ومع فرض قانون قيصر والعقوبات الأمريكية على النظام، فمن المفيد له التذكير بـ “خطر داعش” والتذكير بأنه نظام يحمي الأقليات المهددة في الشرق الأوسط.
كل ذلك، يرجح اننا سنشهد إعادة استخدام النظام لـ “ورقة داعش” قريبا، في سلمية أو السويداء.
القدس العربي
——————————–
=======================
=======================
تحديث 24 حزيران 2020
——————————
متظاهرو السويداء وتحديات الاستمرار/ مصعب النميري
أصدر «شباب الحراك السلمي» في السويداء بياناً يوم أمس الأحد، أعلنوا فيه أنهم سيعودون إلى المظاهرات، وذلك بعد أيام من توافقهم على التهدئة إثر اعتقال النظام السوري عدداً من المتظاهرين، وتقديمه وعوداً بالإفراج عنهم شريطة توقف المظاهرات، وهي الوعود التي أخلّت بها «اللجنة الأمنية» التابعة للنظام، بعد أن قررت إحالة سبعة من المتظاهرين المعتقلين إلى العاصمة دمشق، وإحالة ثلاثة آخرين إلى القضاء في السويداء نفسها.
وكانت مظاهرات متتالية قد خرجت في المدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية، طالب فيها المتظاهرون بالحرية وإسقاط النظام وإيقاف الفساد والنهب، ما دفع نقاشات ساخنة إلى الواجهة، في أوساط السوريين عموماً حول دور المدينة في الثورة وموقف أهلها من النظام، وبين أهالي السويداء بشكل خاص حول صبغة هذا الحراك ومطالبه.
مظاهرة في مدينة السويداء تطالب بإسقاط النظام
ويشير من تحدثنا إليهم من النشطاء إلى أن التهدئة كانت ضرورية لإعادة تقييم الموقف، وذلك بعد اللحظات العاصفة التي مرت في المدينة إثر الحراك المفاجئ وتداعياته، على خلفية المطالب والشعارات الجذرية المرفوعة فيه، التي استعادت هتافات الثورة السورية، وعلى رأسها الشعارات المطالبة برحيل الأسد ونظامه.
في حديث لها مع الجمهورية، قالت ناشطة في الحراك من المدينة، رفضت ذكر اسمها لأسباب أمنية، إن «أكبر شريحة في المظاهرات التي خرجت في السويداء هي شريحة الشباب، وهي التي نادت في الغالب بمطالب جذرية تصل إلى إسقاط النظام، خلافاً للشرائح الأكبر سناً، التي تطالب بتحسين الظروف المعيشية، ولا تتبنى في الغالب لهجة صدامية. وقد خلق هذا شرخاً أو اختلافاً في الآراء في حراك السويداء اليوم». مضيفة أن «الحراك كان يتوسع قبل التهدئة التي كان الهدف منها إخراج المعتقلين، وكان عنف النظام يتوسع معه، إلى جانب مساعي احتواء التظاهرات من جانب رجال الدين، الذين يحذرون من أن المظاهرات قد تؤدي إلى إطلاق يد أجهزة النظام الأمنية في المدنية، ما قد يعني سوق آلاف الشبان إلى الخدمة العسكرية منها بعد أن كانت تتمتع بنوع من الحصانة يقيها من حضور أجهزة النظام الأمنية الكثيف والمباشر فيها».
وأوضحت الناشطة أن «مظاهرات السويداء كانت عفوية وغاضبة، ولا تحمل رؤية واضحة وليس لها حاملٌ سياسي بعد، إلا أن هناك حديثاً عن ضرورة توحيد المطالب، فيما لا يزال الحراك متعدد الرؤى والآراء حتى الآن، ولا نعرف إن كان هذا سيتغير لاحقاً».
وكانت محافظة السويداء قد شهدت موجات مستمرة من الحراك على مدار السنوات التسع السابقة، وعن هذا تقول الناشطة والأكاديمية سوسن أبو زين الدين إنه «لم يمر عام على السويداء دون أن تشهد حراكاً لأسباب مختلفة. في 2011 و2012 خرجت مظاهرات فيها ضمن سياق الثورة العام، ثم حين انقسمت الخريطة السورية إلى مناطق نظام ومعارضة بدأ حراك السويداء يأخذ طابعاً خاصاً. وقد تجلّى ذلك مع حركة رجال الكرامة، ثم الحراك الذي حصل مع اغتيال عدد من رجال الكرامة وعلى رأسهم وحيد البلعوس، وإسقاط تمثال حافظ الأسد في 2015. حتى الحراك المحلي، الذي حصل على خلفية المواجهات مع داعش واتهام النظام بعدم حماية المدينة، وهو الحراك الذي لم يحمل شعارات الثورة بشكل مباشر، لكنه كان جزءاً من صراع المدينة الخاص مع النظام. ثم جاءت مؤخراً مظاهرات حركة بدنا نعيش مطلع العام الجاري، التي رفعت مطالب معيشية اقتصادية دون أن ترفع شعارات مناوئة لنظام الأسد بشكل مباشر، والتي يبدو واضحاً أن القائمين عليها فاعلون أيضاً في حراك اليوم. ذلك فضلاً عن الأعمال الاحتجاجية المتفرقة الدورية خلال هذه الأعوام كلّها، التي تجلّت في وقفات احتجاجية متنوعة وأعمال غرافيتي وما إلى هنالك».
تضيف أبو زين الدين أن «حراك اليوم يُعدّ استثنائياً لأنه رفع سقف المطالب إلى الحد الأقصى، وأغلب محركيه من الشبان والجيل الجديد، وانتقلت فيه المطالب الجذرية من الهامش إلى المتن ليدور النقاش حولها»، لافتة إلى أنه «رغم وجود كل هذه المعطيات في مظاهرات السويداء اليوم، إلا أن هناك شعوراً بالقلق من تحميلها ما يفوق طاقتها. لا شك في أن ما حدث كان باعثاً للأمل، وأعاد تدفق الأدرينالين في أجساد معارضي النظام، إلا أن هذا الحماس قد يكون حائلاً دون التفكير في ما لا يستطيع حراك العشرات أو المئات فعله في المشهد السياسي السوري اليوم، خصوصاً مع وجود جدال داخل الحراك أصلاً حول هويته، وفي أي اتجاه يجب أن يسير».
من جهته، يقول الناشط المدني سامر المصفي من أبناء السويداء، إن الحراك «كان مفاجئاً بسقف مطالبه المرتفع، واحتاج النظام وقتاً لامتصاص الصدمة التي سبّبها. فالأيام الأولى لم تشهد مواجهات تُذكر، ثم بدأ النظام بتحريك مؤيديه واعتدت قواته على المتظاهرين واعتقلت بعضهم، وسعى لاستفزاز المتظاهرين لتبرير العنف ضدهم».
وأوضح مصفي أن «هناك تبايناً في الآراء ووجهات النظر لدى جميع الفاعلين في السويداء اليوم. فالنظام مرتبك في طريقة تعامله مع المحتجين، وظهر ذلك في طريقة التعامل مع المظاهرات، ثم في سوقه المعتقلين بدايةً إلى سجن مدني في السويداء، وهو الأمر الذي اعتُبر محاولة منه لامتصاص الغضب، ثم في إعلانه أمس تحويلهم إلى دمشق ما فُسِّرَ على أنه موقف تصعيدي منه»، مضيفاً أن «الفاعلين في الحراك أيضاً يمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات، الشابة التي تمتلك مطالب جذرية، والمعارضة التقليدية الخائفة من العواقب، وفئة ثالثة هي التي تطالب بتحسين الوضع المعيشي لا أكثر».
يتابع المصفي القول إن المؤسسة الدينية، التي يعول عليها النظام في السيطرة على الشارع، ويعول عليها جزءٌ من الشارع في حمايته وإخراج معتقليه «منقسمة بدورها إلى ثلاثة تيارات، الأول يمثله حكمت الهجري الذي يُعتبر أكبر المشايخ نفوذاً وهو رجل النظام بشكل واضح، والثاني الذي يمثله يوسف الجربوع الذي يُعتبر براغماتياً إلى حد ما، والثالث الذي يعتبره البعض متعاطفاً إلى حد ما مع الحراك ويمثله حمود الحناوي. هذه التقسيمة لا تغير موقف المؤسسة العام المقرب من النظام بالطبع، ولكن يجب الإضاءة عليها لفهم الديناميكية التي تحركها». مشيراً إلى أن «الفاعل الديني الرابع هو حركة رجال الكرامة التي لم تتخذ موقفاً واضحاً حتى الآن من الحراك، والتي لا يرغب الحراك السلمي في تدخلها، إلا أن ثمة شكوكاً في أن النظام يسعى إلى استدراجها للمواجهة المسلحة معه، بهدف فرض واقع يكون فيه هو الأقوى».
يقول المصفي في ختام حديثه: «وسط كل هذه التباينات والملامح المختلفة، يجب في رأيي العمل على ما يستقطب أكبر عدد من الناس في الحراك، لا على ما ينفرهم أو ما يؤدي إلى انفضاضهم. فاقتصار المظاهرات على العشرات أو المئات يقلل من فاعلية الحراك وقوته، وربما كان سقف الشعارات المرتفع سبباً في تردد الكثيرين بالمشاركة. علينا الاستفادة مما حصل في سوريا خلال الأعوام السابقة، واستغلال نقاط القوة الموجودة في مشهد اليوم لصالح الشارع، ومنها التغطية الإعلامية الكثيفة، ووجود مزاج عام غاضب من النظام، يبدو الشارع فيه أكثر قابلية لفكرة الاحتجاج خلافاً للأعوام السابقة، وذلك بسبب الأوضاع المتردية التي وصلت إليها البلاد اليوم».
موقع الجمهورية
——————————
السويداء: بعد التظاهر… ترقب بانتظار مصير المعتقلين: الأسباب، التحولات والمصائر/ مجد الخطيب (اسم مستعار)
“خلال السنوات الماضية كنت أشارك في العديد من المسيرات المؤيدة، لم أكن أرى أن البلاد تمشي بالطريقة الصحيحة، كنت متأثراً بالكلام أن هنالك مؤامرة تريد تخريب البلد، الآن أصبحت أنا ورفاقي على قناعة أنه لا يمكن العيش بحياة جيدة ما لم يتغيّر نظام الحكم هنا”. هذا ما يقوله لحكاية ما انحكت أحد نشطاء السويداء المشاركين في المظاهرات، فكيف حدثت هذه التحولات ولماذا؟
على “الشارع المحوري” الشريان الرئيس في السويداء يدخل ناصر إلى إحدى الصيدليات، يشتري كمامة ويضعها في حقيبة الظهر التي يرتديها. ناصر غير مكترث بالإجراءات الوقائية لكورونا، وحين يقترب من ساحة السير وسط المدينة يغطي فمه ووجهه، إضافة إلى نظارات شمسية تخفي عينيه.
يقف على الرصيف ناظراً إلى ساعته التي تشير إلى الحادية عشر إلا ثمانية دقائق، منتظراً وصول عقارب الدقائق إلى الرقم 12 وهو يراقب حركة المارة بقلق وخوف من وجود السيارات الأمنية.
على رأس الساعة ينطلق في الساحة هتاف “مامنحبك، مامنحبك، ارحل عنا أنت وحزبك”.
الشعار الذي كان بمثابة صرخة أعلن ولادة المظاهرة فبدأ الشباب المتفرقون عن بعضهم بالتجمع، أخرج بعضهم لافتات وشعارات كانوا أخفوها في حقائب الظهر، أو تحت ملابسهم التي يرتدونها، في حين يقف خلف الجموع شبان يخرجون هواتفهم من جيوبهم ويقومون بتصوير المتظاهرين من الخلف كي لا يتم التعرّف على وجوههم.
تتوحد الصرخات وتتلاصق الأجساد لتتحول إلى كتلة صارخة في أرجاء الساحة بشعارات سياسية تداولها السوريون في مختلف المناطق على مدار تسع سنوات مضت: “الشعب يريد إسقاط النظام”، “ما منحبك ما منحبك ارحل انتا وحزبك”…
البداية من “خنقتونا” و”حطمتونا”
المظاهرات التي أخذت شكل المطالب الخدماتية، بدأت منذ عام 2015 عندما أطلق مجموعة من الناشطين حملة على الفيس بوك بعنوان “خنقتونا” بهدف تحسين الواقع المعيشي في المحافظة، وحاولت الابتعاد عن أي شعارات تستهدف النظام، حين نفذت العديد من الاعتصامات، كان أكبرها في الثالث من أيلول قبل يوم من التفجيرات التي استهدفت حركة رجال الكرامة وقضى فيها مؤسس الحركة الشيخ وحيد البلعوس.
تلا هذه الاعتصامات حملة حطمتونا التي انطلقت في نيسان من عام 2016 استمرت إلى أيار من العام نفسه.
مع بداية العام الحالي، انهارت قيمة الليرة، وتردت الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق، مترافقاً مع ملاحقة الأجهزة الأمنية لشركات التحويل التي لا تلتزم بسعر صرف المصرف المركزي، ما أثر على قيمة المساعدات والتحويلات التي يرسلها أبناء السويداء المغتربين في الخليج وأوروبا، وأدى هذا بالمجمل إلى تراجع المستوى الاقتصادي لشرائح سكانية واسعة في المحافظة، وعجز شبكات التضامن المحلية في المحافظة القائمة على أساس ديني وعائلي عن تقديم يد العون للناس.
هذه العوامل أدت إلى عودة حملة “بدنا نعيش” إلى الاحتجاج في شوارع المدينة التي يشكل الشباب ما دون الثلاثين من العمر النسبة الكبرى منهم، وهم غير محصورين فقط بأبناء مدينة السويداء، بل يشهد حضوراً فعالاً من أبناء الأرياف في المحافظة.
طلاب الجامعات الذين يشكلون عصب المظاهرات في السويداء الآن، لم يكن لهم أي نشاط سياسي منذ بداية 2011. وفي استطلاع أراءهم حول مواقفهم السياسية خلال السنوات الماضية، تبيّن أن معظمهم لم يكن لهم مواقف سياسية، وكان لبعضهم آراء داعمة للنظام، لكن الوضع الاقتصادي والأمني المتردّي دفعهم لتغير مواقفهم.
ناصر البالغ من العمر 21 عاماً، لم يستطع إكمال دراسته في كلية الاقتصاد لعجزه عن تسديد نفقاتها، يقول لحكاية ما انحكت: “خلال السنوات الماضية كنت أشارك في العديد من المسيرات المؤيدة، لم أكن أرى أن البلاد تمشي بالطريقة الصحيحة، كنت متأثراً بالكلام أن هنالك مؤامرة تريد تخريب البلد، الآن أصبحت أنا ورفاقي على قناعة أنه لا يمكن العيش بحياة جيدة ما لم يتغيّر نظام الحكم هنا”.
الحاضنة الشعبية مع التظاهر
الأكثر أهمية من تركيبة المتظاهرين، هو مستوى القبول الشعبي الذي أحيطت به، رغم سقفها السياسي الذي بدأ بالارتفاع بداية العام الحالي، في محافظة كانت تسعى القوى المحلية فيها إلى إبقاءها على الحياد طيلة السنوات الماضية، إذ لم يتعرّض المتظاهرون، لمضايقات من الأهالي، رغم عبورهم في مركز المدينة التجاري أكثر من مرة. وقد شهد هذا المركز، محاولات متعددة للتجمع والتظاهر، ما بين العامين ٢٠١١-٢٠١٣، غالباً ما تعرّضت لمواجهات مع التجار والبائعين، ولتهجم من المارة.
عمر الذي خاض تجربة الاعتقال عدة مرات خلال السنوات التسعة الماضية وشارك في المظاهرات الحالية، يقول لحكاية ما انحكت: “من الواجب المشاركة في هذه المظاهرات السلمية ضد النظام، عندما كنا نخرج في السنوات الأولى للثورة، كان معظم الحاضنة الاجتماعية ضدنا في المحافظة، كانوا ينظرون إلينا على أننا دعاة تخريب واضطراب أو عملاء، الآن تغيرت أراء معظم الناس، أجزم القول أن معظم الناس هنا قد لا يؤيدون هذه المظاهرات لكنهم حتماً ليسوا الآن مع النظام ولا يريدون الدفاع عنه.”
موقف الفصائل المحلية
الفصائل المحلية في السويداء عزفت عن المشاركة أو التدخل في هذه المظاهرات. مصادر مقربة من حركة رجال الكرامة قالت لموقع حكاية سورية ما انحكت، أن هنالك ضغوطاً روسية مورست خلال الأيام الماضية لضمان عدم تدخل الحركة في هذه الأحداث، بينما تنشغل باقي الفصائل بمهام حماية حدود المحافظة التي تتوزع على جبهتي الشرقية خوفاً من أي هجوم مباغت لتنظيم داعش المنتشر في البادية، ومن الجهة الغربية حيث يحتل الفيلق الخامس 300 دونم من أراضي مدينة القريا بعد هجومه عليها نهاية شهر آذار الماضي راح ضحيتها 10 أشخاص مدنيين.
النظام والأهالي والمتظاهرين
مظاهرات “بدنا نعيش” التي خرجت في السويداء منذ عام 2015، لم تعترضها قوات النظام. وذكرت مصادر من داخل المحافظة، بأن خروج المظاهرات التي كانت تطالب بمطالب اقتصادية، لم تثير انتباه السلطات في دمشق، ولكن ازدياد أعداد المتظاهرين مع بداية العام الحالي ورفع شعارات سياسية كإسقاط النظام والضجة الإعلامية التي حدثت، دفعت النظام إلى اعتقال الناشط رائد الخطيب بعد مشاركته في إحدى المظاهرات، تلاها محاولة النظام اعتقال رواد صادق من قبل الجهات الأمنية بعيد انتهاء المظاهرة، لكن استطاع الفرار بمساعدة الأهالي.
تغير المزاج العام في السويداء، ووقوف الناس بوجه الاعتقالات التي يقوم بها النظام، دفع الأخير إلى إجبار المنتسبين لحزب البعث بتنسيق مع أحد الزعامات التقليدية في السويداء، الأمير حسن الأطرش، إلى إخراج مسيرة مؤيدة للنظام مدعومة بعشرات من قوات حفظ النظام والأمن.
أحد الذين كانوا متواجدين في المظاهرة، والذي رفض الكشف عن اسمه قال لنا: “في العاشر من الشهر الماضي تم الاتفاق على الخروج بمظاهرة في ساحة السير رفضاً للوضع المعيشي والحلول الأمنية التي يقوم بها النظام، على إثرها قام حزب البعث بالدعوة إلى مسيرة مؤيدة للنظام في نفس المكان، قمنا بتغيير المكان خوفاً من الصدام، وهو ما يريده النظام”.
تغيير مكان التظاهرة خوفاً من الصدام لم يمنع النظام من تنفيذ حملات اعتقال. ففي 15 الشهر الجاري، خرجت مسيرة مدججة بالأمن وقوات حفظ النظام، قامت بالاعتداء على المتظاهرين واعتقال 10 من المشاركين في المظاهرة.
بانتظار المعتقلين
داخل أروقة القصر العدلي في السويداء، يقف أهل وأصدقاء المعتقل بشار طربيه في بهو القصر على أمل تحويل المعتقلين إلى القضاء. يقول ربيع لحكاية ما انحكت، وهو بانتظار وصول حافلة الموقوفين على أمل أن يكون صديقه بشار بينهم: “لم يقترف المعتقلون أي ذنب، جميعنا شاهدناهم على شاشات الموبايل، لم يعتدوا على أحد. فقط طالبوا بحقوقهم بصوت عال، فتم سحلهم وضربهم واعتقالهم”.
يتابع ربيع : “منذ أسبوع، ونحن كل يوم نأتي إلى القصر العدلي على أمل تحويلهم إلى القضاء، دائماً يتم تهديدنا بأنه سوف يتم أخذهم إلى الأفرع الأمنية في دمشق، لو تم ذلك يعني أن هنالك 10 شبان سيفقدون حياتهم فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم بالعيش”. ولكن تم تحويلهم إلى دمشق، فكيف يرد المتظاهرون والأهالي؟
صحفي سوري مقيم في دمشق، يكتب في عدد من الصحف والمواقع العربية، مختص بكتابة التحقيقات.
حكاية ما انحكت
———————————————
————————————–
ثورة شباب السويداء/ جديع دواره
تصدر حراك السويداء المشهد السوري، في مظاهرات شبه يومية -منذ 7 حزيران الجاري تندد بالفساد وتطالب بإسقاط نظام الاسد وترفض المصير الذي آلت اليه البلاد، بسبب تعنت الطغمة الحاكمة واصرارها على التمسك بكرسي الحكم بأي ثمن، عبر الشعار الذي رفعته قولا وطبقته فعلا لأكثر من تسع سنوات “الاسد او نحرق البلد”.
طيلة اربع أيام، تدفق المئات من شباب وصبايا السويداء، الى ساحات وشوارع المدينة مستلهمين شعارات ثورة اذار 2011، ومضيفين اليها ابداعاتهم وصورهم واصواتهم وشعاراتهم، خرجوا بوجوههم المكشوفة وصدورهم العارية غير ابهين بالنظام وادواته الاجرامية، معيدين الامل للشارع في امكانية المقاومة والفعل.
حراك شبابي في طابعه العام، مع التفاف واحتضان وقبول شعبي -خلافا للمرحلة السابقة- يأتي كرد فعل مباشر على محاولات النظام تحميل الشعب السوري بكل شرائحه النتائج الكارثية لخياره العسكري-الامني، ولإفلاسه وازماته الاقتصادية بعد عقود من الفساد ونهب الثروات، مدركاً العلة الاساسية في “الكارثة السورية” المتمثلة في شخص الديكتاتور ونظامه الديكتاتوري-المافوي، ومطالبين برحيله ورحيل القوات والمليشيات الاجنبية التي استقدمها لحماية عرشه.
صوت شباب السويداء، يمثل اليوم ضمير السوريين في كل المناطق والمحافظات السورية، يعيد الامل بإرادة التغيير والفعل من الداخل، وتحت سمع وبصر ومرمى اسلحة الاسد (العين مقابل المخرز)، متحلين بالجرأة والشجاعة، متمسكين بالسلمية والتظاهر الحضاري، معبرين بحناجرهم عن رفضهم للاستنقاع والفوضى وامتهان الكرامات والاذلال بلقمة العيش، انها انتفاضة الامل تنطلق من قعر اليأس والمرارة، لتقول لهذا الحاكم كفى ارحل.
اهمية حراك شباب السويداء، لا يأتي ليسقط فقط ادعاء النظام بأنه حامي الاقليات، في سوريا هناك اقلية واحدة هي نظام الاسد وفلوله مقابل اكثرية الشعب السوري بكل الوانه واطيافه، بل لأنه حراك ثوري “جديد-قديم” يوصل رسالة بأن الحقوق لا تموت، و الثورة التي بدأت في اذار 2011 لم تنقرض بفعل الرصاص والبراميل والكيماوي والتهجير والتغيب والسجون، بل هي ثورة مستمرة تتوالد وتنبت من جديد، يقودها شباب وصبايا -كثير منهم- كانوا اطفالا قبل تسع سنوات، انتفضوا اليوم ليشاركوا بدورهم وبطريقتهم لنيل حقوق سالت لأجلها انهار من الدماء ولم تتحقق، وتتعلق بالشرط الاول لحياة البشر “الحرية والكرامة” التي طالب به الشعب السوري منذ اليوم الاول لثورته.
ويأتي في سياق من تضييق الخناق على الاسد، وحاجة المجتمع الدولي، الاتحاد الاوربي –الولايات المتحدة الامريكية وحتى الروس، وبدرجات متفاوتة الى ما يحفظ ماء الوجه، مطالبين النظام -بأشكال مختلفة- بتقديم تنازلات اعلى سقف لها لدى الامريكان، الامتثال لمقتضيات مسار جنيف وتطبيق قرار مجلس الامن 2254، معولين على العقوبات التي سيفرضها قانون قيصر، وادناها لدى الروس، الضغط على رأس النظام باستخدام القوى الناعمة -غير صدامية- لتغيير الدستور والدعوة لانتخابات بمراقبة دولية، معولين بأفضل الحالات على اعادة انتاج النظام بحلة جديدة، كأن يتخلى الاسد عن جزء صلاحياته.
وفي سياق داخلي حيث يعاني نظام الاسد اليوم ازمات متراكبة، سياسية- اقتصادية –سيادية- تحالفية، وصلت الى ازمة ثقة داخل بيته ودائرته المقربة، مؤشر جاد-وإن كان غير كاف- على بداية تفكك هيمنته على الدوائر التي تحيط به، والتي تعكس اساسا عمق ازمته كنظام مارق، يسيطر بطرق غير شرعي قائمة على العنف والبطش منذ عشرات السنوات.
نظام يجد نفسه اليوم لا يسيطر سوى على سجونه ومخابراته وعساكره وبقية من فلوله، وتدعمه ثلة من تجار الحرب -تهديدا او طوعا- وتشهد علاقاته مع أهم حفائه الدوليين توترا -الروس بشكل خاص- الذين بدأوا يضيقون ذرعا به، مطالبين إياه بالاستحقاقات المالية والمزيد من الحصص، والمزيد من الخضوع لإراداتهم، نظام افلس على كل المستويات، فقد كل انواع الشرعيات القائمة على الارض، لم يتبق سوى المشهد الاخير لدفنه.
لكن ورغم كل هذا الضعف والهزال، لم يواجه خطر جدي لاقتلاعه بقوى خارجية، فالأطراف الدولية الفاعلة ليست في عجلة من أمرها، ولم تتبن أساساً “شرف” القيام بالنقلة الاخيرة(كش مات) رغم انها غذت الاوهام بفعل هذا وصدقتها المعارضة السياسية وبنت استراتيجياتها على هذا الاساس –الوهم.
وما زال كثر في المعارضة السورية، يعتقدون بأن نظام الاسد لن يسقط إلا من خلال تفاهمات وارادات دولية، ويبدو هذا التحليل منسجما مع بداهة تخامد الفعل الثوري الداخلي، بفعل الحصار وضربات الالة العسكرية للنظام وحلفائه، وضعف وهزالة المعارضة السياسية، وتذرر وارتهان المعارضة المسلحة وتأسلمها وفشلها في حمل مشروع وطني، وحضور الفعل الاجنبي كمصالح وقوى.
لكن انتفاضة شباب الجبل اليوم تطرح اسئلة جديدة على المشهد السياسي ربما نستعجل- بحكم العاطفة والامل-أن قلنا، ماذا إن عاد اللاعب والفاعل والحامل الاساسي للثورة؟ ماذا إن عاد السوريون الى الساحات والفعل والنشاط السياسي السلمي، متسلحين بتجربة نحو عشر سنوات، متضامنين متحدين، مصرين على الحراك والمواجهة بصدور عارية، هل في هذا مخاطرة بأن يعود الاسد الى احراق البلاد مرة اخرى..! وهل يستطيع النظام اليوم ماديا وعسكريا فعل هذا..! هل سيتمكن من اقناع حلفاء الامس بحرب جديدة ضد شعبة وهل سيتمكن من حشد المليشيات والقوى العسكرية والمادية لخوض هكذا حرب..!!
لا أجوبة شافية، لكن الارجح ان بقى حراك السويداء، مجرد صرخة لا صدى لها في باقي المناطق، ليس غريبا ان يفكر نظام اعتاد واستسهل الاجرام في عملية ربما امنية او عسكرية، -فعلها سابقا برجال الكرامة 2015 – معتقدا أنه بهذا يستطيع اخمادهم واسكاتهم. لغاية اليوم، لم يبادر لحسابات عسيرة ولحظة غير مواتية، بل ربما القول انها مفاجئة في المكان والزمان، لهذا دفع فلوله للمواجهة شارع بشارع، مع حفظ الفوارق بين شارع يخاطر ربما بحياته وينزل تعبيرا عن ارادة حرة وشارع يساق كما القطيع تحت تهديد عصى غليظة.
من هنا تأتي الاهمية القصوى لمشاركة كل المناطق والمحافظات السورية بالانتفاضة ضد نظام الاسد، اهمية مشاركة درعا وريف دمشق وباقي المناطق ليس بمجرد ارسال الرسائل ورفع اللافتات التضامنية مع شباب السويداء على اهمية هذا، بل في تكثيف الحراك والتظاهر وخلق حراك وديناميكية ثورية بكل الوسائل السلمية الممكنة، وبكل المناطق في ذات الوقت، بحيث يدرك النظام بأنه يواجه ساحات تتجاوز امكاناته وليس من السهل مواجهتها والسيطرة عليها، في ظروف العجز والازمات التي يعيشها.
السويداء اليوم في المقدمة لكن كل السوريين يدركون بأن المركب واحد والمصير واحد، وعودتهم الى التظاهر والتعبير بكل الوسائل السلمية الممكنة، تعبيرا عن رفضهم لنظام الاسد وسياساته سيفتح الآمال العريضة بإمكانية اعادة الكرة الى الملعب والساحات السورية، لتغدو هي الاساس وتفرض نفسها بوصفها اللاعب الحقيقي صاحب المصلحة، وبالتالي تقلب الطاولة على كل الاحداثيات السابقة، وتصبح حتى القوى الدولية هي من يسعى لأخذ مواقعه بالتنسيق والتفاهم مع الحامل الفعلي لقوى الثورة ولقوى التغيير المنشود، هل نذهب بعيدا في التحليل والاستنتاج.
هل نذهب بعيداً في الافراط بالتفاؤل والامل، الجواب لدى ارادة شباب السويداء وارادة النهوض من تحت الانقاض لدى كل الساحات والمناطق بسوريا، الامل يتجدد وبحسب تعبير المتظاهرين- من السويداء الى عفرين ومن طرطوس الى الميادين.
———————————-
النظام السوري يستنفر عناصر أمنه بالسويداء وترقّب لمصير المعتقلين/ ريان محمد
رغم أن الحركة في شوارع مدينة السويداء جنوب سورية تبدو طبيعية، فالأسواق تفتح أبوابها وكذلك الدوائر والمؤسسات العامة، إلا أن جولة صغيرة في وسط المدينة تبيّن أن حالة الاستنفار الأمني ما زالت مستمرة، بالرغم من توقّف المظاهرات المناهضة للنظام منذ عدة أيام.
وكانت السويداء ذات الغالبية الدرزية، قد شهدت احتجاجات في السابع من الشهر الحالي، على خلفية تردّي الأوضاع المعيشية وغلاء أسعار المواد الغذائية والتموينية التي تشهدها البلاد. ورفع المتظاهرون خلالها شعارات مناهضة للنظام، وطالبوا بإسقاط رأسه بشار الأسد، قبل أن يلجأ أمن النظام إلى اعتقال عدد منهم، الأمر الذي أوقف المظاهرات إلى حد الآن على الأقل.
بجانب مبنى محافظة السويداء وسط المدينة، تقف سيارتان مصفحتان، ويتجمع في الساحة الخلفية لمبنى قيادة الشرطة الملاصق لمبنى المحافظة عدد من عناصر مكافحة الشغب. وعلى بعد عشرات الأمتار شرق مبنى المحافظة، تصطف نحو أربع سيارات دفع رباعي عليها رشاشات متوسطة، إضافة إلى مجموعة من العناصر المستنفرين دائماً. أما في الشارع الخلفي، شمال مبنى المحافظة أمام قسم شرطة المدينة، فتقف سيارتان مثبت عليهما سلاح متوسط، إضافة إلى مجموعة من العناصر يراقبون الحركة في الشارع. كل ذلك يدل على توجّس أمني من قبل النظام من عودة التحركات الاحتجاجية.
مصادر محلية مطلعة من السويداء، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، أكدت لـ”العربي الجديد”، أن “المظاهرات المناهضة للنظام، والتي طالبت بإسقاطه ورحيل رئيسه بشار الأسد، توقفت عقب اعتقال 10 متظاهرين في الـ15 من الشهر الجاري، على خلفية وعود أمنية نقلها وسطاء محليون، بأنه سيتم إطلاق سراح المعتقلين في حال تم إيقاف المظاهرات”.
وتابعت المصادر: “كانت الوعود الأمنية تفيد بأنه ستتم إحالة المعتقلين إلى القضاء، حيث سيتم إطلاق سراحهم من قبل القاضي، بحجة أن تتم العملية بشكل قانوني، إلا أن ذلك لم يحصل”، موضحة أنه “في الموعد الذي كان مقرراً لعرض المعتقلين على قاضي التحقيق في القصر العدلي في السويداء تم تحويلهم إلى دمشق، وذلك يوم الأحد الماضي، وهناك أخبار غير مؤكدة تفيد بأن اللجنة الأمنية في السويداء وراء تحويلهم غالباً إلى محكمة الإرهاب”.
وأثارت المظاهرات التي شارك فيها عشرات الأشخاص، واستمرت عدة أيام، سجالاً واسعاً بين القوى السياسية والفصائل المحلية والمرجعيات الدينية. وتعتقد غالبية الفصائل المحلية المسلحة، أن هناك مخططا من النظام لخلق صدام مسلح داخل المحافظة على خلفية سياسية، الأمر الذي يسمح للنظام بتبرير ضرب بعض الفصائل تحت تهم الارتباط والخيانة، بحسب ما أوضح أبو سلمان معروف (اسم مستعار لضرورات أمنية)، وهو مقرب من عدة فصائل محلية مسلحة.
وأضاف معروف، لـ”العربي الجديد”، أن “الفصائل المسلحة المحلية، حالها كحال المرجعيات الدينية والاجتماعية، أخذت منذ بداية الصراع المسلح في سورية مبدأ الحياد الإيجابي”، ليتابع قائلا: “هناك رفض شعبي للدخول في حرب بين أبناء الوطن، وقالوا إن دم السوري على السوري حرام. وأعلنوا منذ عام 2014 عبر حركة (رجال الكرامة) حيث عبرت الحركة أكثر من مرة أنها لن تسمح بسوق أبناء السويداء إلى الخدمة العسكرية بالقوة”.
وشدد على أن “هذا هو موقف المجتمع في السويداء، كما أنها أخذت على عاتقها صد أي هجوم على المحافظة من قبل الفصائل المتشددة، إن كانت تلك المتواجدة في محافظة درعا على حدودها الغربية أو عبر البادية شرقاً، حيث يتواجد تنظيم داعش الإرهابي، والذي تسبب في مقتل أكثر من 260 شخصا في عام 2018، جراء هجوم على عدة قرى في الريف الشرقي”.
ونوه معروف إلى أن “مختلف القوى العسكرية والدينية والاجتماعية، وإن كانت متفقة على سوء النظام وفشله في إدارة البلاد، وسوء تعاطيه مع السويداء، إلا أن تلك القوى في المقابل ليست لديها رؤية واضحة لمستقبل سورية، في وقت حيّد المجتمع الدولي السوريين عن الفعل ومزّقهم ضمن التحالفات، بل وتخلت عن غالبيتهم بعدما دفعوا ضريبة كبيرة من دماء وتهجير، لذلك لا يمكن أن نثق في أي طرف”.
وأوضح أن أوجه سوء التعاطي تتمثل في حرمان السويداء من التنمية وعدم دعم الزراعة فيها، خاصة مسألة تصدير التفاح، وغيرها من المسائل الخدمية، وكذلك إبعاد أبناء السويداء عن المفاصل المهمة في الدولة، كأن يكون من بينهم وزراء بحقائب أو مدراء عامون في مفاصل مهمة أو حتى ضباط برتب عالية في الأمن أو الجيش، مؤكدا أنه حتى القلة القليلة التي وصلت إلى مراكز مهمة كان بسبب ولائهم المطلق للسلطة وليس لأهلهم”.
من جانبها، أصدرت “حركة رجال الكرامة”، اليوم الخميس، بيانا حصل “العربي الجديد” على نسخة منه، قالت فيه إنها “تنظر بعين الريبة إلى السياسات الخاطئة التي أدت إلى انقسام وشرخ جديد في الشارع بين موالين للنظام ومعارضين له، وما ترافق معه من حملات تحريض وتحريض مضاد”، معبرة عن خشيتها من أن “يصل هذا الشرخ الحاد بين الطرفين إلى ما لا تحمد عقباه عبر زج المحافظة في صراع لا يستفيد منه إلا المتربصون بنا والذين لا يضمرون لنا سوى الشر”.
وأضافت: “ثابتون في السعي لحفظ استقرار الجبل والدفاع عن كرامة أبنائه بعيدا عن الاصطفافات والانقسامات السياسية، فنحن سوريون ونؤمن بأن دفاعنا عن الجبل هو دفاع عن كل سورية”، ولفتت الحركة إلى أنها “مع مبدأ حرية التعبير، ورفض كافة أشكال الاعتقال التعسفي”.
كما دعت الحركة “جميع أبناء الجبل إلى وحدة الصف وتجنب الاصطفافات السلبية”، معتبرةً أن “ما نمر به اليوم من سوء في الأحوال الاقتصادية وتغول للفساد مع غياب مطلق لمبدأ المحاسبة يثبت حالة التخلي وعدم المسؤولية ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم وواجباتهم في تأمين مقومات الحياة الإنسانية الكريمة”.
وقبل اندلاع الاحتجاجات الأخيرة، كانت السويداء تحتفظ بوضع خاص رغم خضوعها لسيطرة قوات النظام، فتشكلت فيها فصائل محلية تحت غطاء عائلي وشبه مذهبي، لحماية المحافظة، سواء من النظام أو هجمات الفصائل المتشددة. وامتنع الكثير من الشبان عن الخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام، وهذا ما دافعت عنه الفصائل المحلية، ولا سيما “رجال الكرامة”.
ويستخدم النظام الكثير من الأساليب لكسر حالة العصيان، المتمثلة في اللجوء إلى تهمة التخلف عن أداء الخدمة العسكرية وانتشار فصائل خارجة عن قراره في المحافظة، ولا سيما بالتلويح دائماً بورقة الهجمات الإرهابية على المحافظة، أو محاولة خلق الفتنة المذهبية مع فصائل درعا، وهو ما لم ينجح فيه النظام إلى الآن.
العربي الجديد
————————————————-
“آمنستي” للحكومة السورية: أفرجوا عن معتقلي السويداء
دعت “منظمة العفو الدولية”، الخميس، الحكومة السورية للإفراج فوراً، ومن دون قيد أو شرط، عن 11 رجلاً تم اعتقالهم إثر احتجاجات سلمية في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية.
واندلعت احتجاجات معارضة للحكومة في 7 يونيو/حزيران الجاري، بسبب المخاوف المتعلقة بانهيار الاقتصاد السوري قبل أن تتصاعد لتشمل دعوات “لتغيير النظام”، وانسحاب القوات الروسية والإيرانية من سوريا، والإفراج عن المحتجزين.
وفي الأيام التي تلت ذلك، اعتقلت قوات الأمن السورية ناشطاً بارزاً ساعد في تنظيم الاحتجاجات. ولم يُسمع عنه منذ ذلك الحين، ولا يزال مصيره ومكان وجوده مجهولين.
ثم ألقي القبض على تسعة رجال إضافيين أثناء احتجاج سلمي في 15 يونيو/حزيران، كما ألقي القبض على طالب عند إحدى نقاط التفتيش في اليوم التالي.
وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “إن السلطات السورية تشن حملة ترهيب – تتضمن مرة أخرى حالات اختفاء قسري واحتجاز تعسفي – لمحاولة منع المحتجين السلميين من الإعراب عن مخاوفهم”.
وإذ أكدت الحكومة أنها “لا تنوي تغيير ممارساتها الوحشية والقمعية بعد مرور تسع سنوات”، أوضحت ان هؤلاء الرجال “لم يرتكبوا أي جرم جنائي، ولا سبب لوجودهم وراء القضبان. ويجب الإفراج عن جميع المعتقلين تعسفياً فوراً ومن دون قيد أو شرط “.
وأخبر سكان من السويداء منظمة العفو الدولية إن المعتقلين محتجزون حالياً في سجن السويداء المدني، وثلاثة رجال سيحالون إلى محكمة الجنايات في السويداء. وكانت الحكومة السورية قد هددت بإحالة الرجال الثمانية الآخرين إلى محكمة مكافحة الإرهاب في دمشق، إذا استمرت الاحتجاجات.
————————————
—————————–
هنا سورية: الثورة لم تمت/ ميساء شقير
لم تكد المظاهرات تندلع في مدينة السويداء السورية قبل أيام، حتى استجاب لها سوريون كثيرون بكل مشاربهم وأطيافهم، ومن كل مواقعهم الممتدة على مساحة العالم، بكل ما اختزنوه من أمل مخبأ في ثنايا أرواحهم، وبكل ما أجلوه من فرح لم يعرفوا طعمه منذ سنوات، لأنهم كانوا قد بدأوا الوصول إلى مرحلة اليأس نتيجة الانتشار الكبير لفكرة “موت الثورة” أو “فشلها”، والتي كان متبنوها يبرّرونها بتوقف كل مظاهر الثورة (بما فيها العسكرية)، وغياب الشعارات التي رفعها الثوار في السنة الأولى، والتي يحصر هؤلاء تسمية الثورة فيها. إحساس اليأس هذا قاد معظم السوريين إلى الإقرار بـ”هزيمة الثورة”، وبالتالي “انتصار الأسد”، ليدخلوا بذلك، عن قصد أو من دونه، ضمن ثنائية المنتصر والمهزوم.
ربما كان حراك السويداء اليوم، بكل شعاراته التي تعيد شعارات 2011 إلى الواجهة، كما تغيب عنها كل الشعارات الطائفية أو المناطقية، محاولة أخرى للحياة، تضاف إلى كل محاولات السوريين خلال تسع سنوات، محاولة تنفي توقف النبض السوري، وتمنعنا جميعا من نشر أوراق نعوته. وفي هذا تقول الكاتبة المصرية رضوى عاشور: “هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قرّرنا أننا لن نموت، قبل أن نحاول أن نحيا”.
قبل تسع سنوات، تجمعت في سورية كل أسباب الثورة ودوافعها، وانفجرت دفعة واحدة. ومع كل يوم جديد كانت تلك الأسباب تتضاعف، لتثبت أن لا أحد ممن انتفض كان على خطأ. اليوم، وبعد تسع سنوات من الدم والدمار والإبادة، صار لكل سوري في هذا العالم دافع جديد للثورة على النظام المسعور الذي يحكمه؛ مئات آلاف العائلات فقدت أحد أبنائها أو أقاربها أو جيرانها أو معارفها، ملايين السوريين فقدوا بيوتهم وقراهم ومدنهم، وذاقوا مرارة النزوح أو اللجوء أو التشرّد ثم الجوع والعوز. إذا كان للثورة في 2011 بضعة أسباب واضحة، فلها اليوم ملايين الأسباب المجبولة بالدم والخوف والمعاناة وصعوبة تحصيل لقمة العيش، والتي لا تحتمل النقاش حول مصداقيتها.
كتب عبد الرحمن منيف “الذاكرة بالنسبة للإنسان هي التجربة.. وهي التي تمنع الهزيمة”، فكيف إذا كانت ذاكرة قاسية، لكنها حية وطازجة وممهورة بالدم، كذاكرة السوريين! أسوأ ما كان يمكن أن نفعله، نحن السوريين، أن نيأس أو ننسى، فلم يحن وقت النسيان بعد. وها هي اليوم شوارع السويداء ودرعا وإدلب تشعل الذاكرة بجمال التفاصيل وقسوتها في آن، لتؤكد أننا لم نكن مذنبين لأننا ثرنا، ولا مخطئين لأننا تجرأنا على تحدّي العالم الأخرق الذي شحذ سكاكينه عند أول كبوة، وأننا لم ولن نستمرئ دور الضحية، ونستسهل الاعتراف بالهزيمة لنستجرّ عطف العالم المعطوب، فيرمي لنا بالفتات.
لا يملك أحدٌ منا حق التفريط بكل الأثمان التي دفعها ويدفعها ملايين السوريين، كما أننا لا نملك حق التفريط بالدم السوري المسفوح والإذعان لما تمليه بروباغندا النظام وإعلام العالم الأخرس الأعمى بالإقرار بالهزيمة. إن حراكاً كحراك السويداء اليوم يُعلي صوت المطالبة بحقوق السوريين، كل السوريين، بمحاكمة من ظلمهم، كما أنه قادر على إرباك النظام وداعميه بنفيه كل مبرّرات الإجرام والبطش في بقية مناطق سورية، وبنسفه التام ادّعاء نظام الأسد أنه حامي الأقليات الذين يصفهم موالين له.
الأمل المختبئ في شقوق أرواحنا المهشمة، والذي توثب فينا اليوم بعد عودة الصوت إلى الشارع، على الرغم من كل الانكسارات، هو بحد ذاته دليل على أننا لم نُهزم. الخيبة التي أصابتنا مراراً كلما تكشفت إحدى أكاذيب العالم الكثيرة دليل آخر على أننا لا نزال نقاوم. الغضب الذي يعترينا تجاه خيانة الدول والحكومات والمنظمات يبشّر بأننا لا نزال أحياء، وعلى قيد الأمل. الشباب الذي هتف اليوم بأصوات تهزّ السماء في السويداء، وتتردد لتُسقطها فوق رأس الأسد، يقول بوضوح من هو المهزوم فعلاً.
مخطئ من كان يظن تحت ضغط اليأس والتشظّي أن سورية قد تعود يوما إلى ما كانت عليه قبل الثورة. الشعوب إن تحرّك بركانها لا يمكن لأحد أو لقوى في العالم أن يخمده قبل أن يحرق ما أثارها ومن أثارها. الشعوب الثائرة لا تعرف معنى الهزيمة، هي تنتفض من جديد كل مرة، هي تنتصر فقط، ولو بعد حين. حتما لم يستطع كل هذا الرماد الأسود الذي ألقته سنوات الثورة التسع أن يطفئ الجمر الذي اتقد منذ 2011، بل ستذروه الريح مرارا وتكرارا مع كل حنجرةٍ تصدح في أي شارع من شوارع سورية، لتعود الجذوة الأولى إلى الاشتعال.
الأمل هو ما دفعنا بدايةً إلى مواجهة ما كنا ندرك أنه أبشع نظام في العالم. والأمل ذاته، اليوم، يدفع شباب السويداء وشيبها الأحرار ليعيدوا المواجهة، على الرغم من كل تلك التجربة القاسية المستمرة منذ سنوات، كما يدفع درعا وإدلب الجريحتين إلى إعادة رفع الصوت وتقديم الدعم والمساندة. هذا الأمل الذي يحرّك ملايين السوريين اليوم في كل بقاع الأرض هو تماما ما ينفي وقع “الهزيمة”.
العربي الجديد
———————————-
في سورية… غضب الأقليات ضد الأسد/ جان بيير فيليو
ترجمة بدر الدين عرودكي
الغضب الذي رافق المظاهرات ضد الأسد في منطقة الدروز صار ملموسًا أكثر فأكثر لدى الطائفة العلوية التي ينحدر منها مع ذلك الديكتاتور السوري
كان بشار الأسد يأمل أن يحتفل بمرور عشرين عامًا على وصوله إلى السلطة، بعد ثلاثين عامًا من ديكتاتورية أبيه حافظ الأسد. والذي يقدم نفسه بوصفه “حامي” الأقليات في مواجهة الأكثرية السنية من السكان صار الآن في الواقع هدفَ الاحتجاجات غير المسبوقة في وسط الأقليات نفسها التي كانت تعتبر حيادية، بل وموالية. فمنذ بداية هذا الشهر، تتحدى المظاهرات النظام، ملوِّحة بإلإصبع الأوسط، في السويداء، جنوب شرقي دمشق، أي في قلب المنطقة التي يتركز فيها القسم الأعظم من دروز البلد. لكن الغضب الملموس للطائفة العلوية التي تنحدر منها أسرة الأسد، والملموس أكثر فأكثر، هو أكثر ما يؤرق حاكم دمشق.
النقد العلوي
سهرت دكتاتورية الأسد على الدوام، في عهد حافظ ثم بشار، على خنق أقل اعتراض في أوساط الأقلية العلوية التي تمثل عشر السكان السوريين. على أن دعم النظام كان أبعد من أن يكون غير مشروط، إذ انخرط العديد من الشخصيات العلوية في العملية الثورية عام 2011. لوحق المعارضون العلويون بلا رحمة باسم “الخيانة” المزدوجة المزعومة للنظام وللطائفة في آن واحد. لكن التصعيد العسكري وتطييف الصراع، مع تصاعد قوة الجماعات الإسلامية، ثم الجهادية، أقنع معظم العلويين بالوقوف كتلة واحدة من حول النظام. استُنفِرَ البعض منهم من أجل تعويض انشقاق العسكريين الكثيف في الجيش الحكومي وانخرط البعض الآخر في المليشيا الموالية للأسد. كانوا على هذا النحو قد دفعوا ثمنًا باهظًا للحرب الأهلية، تاركين طائفة علوية محرومة على نطاق واسع من شبابها.
على الرغم من “ضريبة الدم” الباهظة على هذا النحو، رأت الأكثرية الساحقة من العلويين مستوى حياتها ينهار، في حين كان الانتهازيون المرتبطون برئيس الدولة يراكمون الثروات المريبة. وفي هذا الظرف المشحون أصلًا إنما قام رامي مخلوف، إبن خال بشار الأسد ومموله الكبير، بتحديه ثلاث مرات بصورة علنية. جُرِّدَ مخلوف، الذي كان حتى ذلك الحين رمز فساد مستشر، من ثروته الهائلة بصورة جزئية. والذي صرف بصورة شديدة الكرم على قاعدته الطائفية توصَّل إلى تقديم نفسه بوصفه الناطق باسم العلويين الذين يشعرون بأنفسهم مهجورين، إن لم يكونوا خائفين من النظام. لقد فاقمت غطرسة إيران وميليشياتها التابعة لها، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني من استياء العلويين الذين يعتبرهم المناضلون من الشيعة في أفضل الأحوال مسلمين متواضعين. وقد ازدهرت الشعارات المضادة للأسد على جدران مدينتي اللاذقية وطرطوس، وهما المدينتان الساحليتان اللتان تملك فيهما روسيا قاعدتيْن، جوية وبحرية. ومن هنا اهتمام موسكو في مواجهة هذا الاحتجاج غير المسبوق.
المظاهرات الدرزية
لا يمثل الدروز سوى أكثر بقليل من 2 بالمائة من السكان السوريين، لكن القسم الأكبر منهم يقيم في السويداء وفي المنطقة الاستراتيجية لجبل الدروز ، جنوب العاصمة. لقد حاولوا المحافظة على حيادهم منذ عام 2011، وهو ما لم يحمهم من انتهاكات الجهاديين. لكن الدمار الاقتصادي وضروب التهريب التي يقوم بها النظام في هذه المنطقة الواقعة على حدود الأردن، أدت مؤخرًا إلى سلسلة من المظاهرات التي رددت شعار “ثورة، حرية، عدالة اجتماعية” و شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”. كما صارت “إصبع الشرف”، ممثلة بالإصبع الوسطى، علامة التحشيد. وقد تجرأ المحتجون في العاشر من حزيران/يونيو، أي في الذكرى العشرين لموت حافظ الأسد، على أن يغنوا “يلعن روحك يا حافظ”. صحيح أن المظاهرات شديدة البعثرة، بفعل المخاطر الكبيرة التي يواجها المتظاهرون عند كل نقد علني لأسرة الأسد. يضاف إلى ذلك، أنه بعد قمع المواكب واعتقال النشطاء، نظم النظام مسيرة مضادة، أدينت فيها العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بوصفها مصدر الشرور كلها في سورية.
لا يقل غضب الدروز ونقد العلويين عن هذه العقوبات أهمية في إطلاقه إنذارات جادّة للديكتاتور السوري. إذ بعد أن برر نظامه التسلطي برفض كل تنازل لأكثرية شُوِّهَت في صورة “إسلاموية”، بل و “إرهابية”، ها هو يشهد تفتت قاعدته الأقلياتية. فالمسيحيون الذي لا يعيشون في منطقة خاصة بهم يميلون أكثر فأكثر للهجرة، وجزء من الروم الأرثوذكس ينعطفون نحو حماية الروس، حين يمجدونهم بوصفهم “روما الجديدة” في نظرهم. أما بالنسبة إلى الأكراد، فهم يجهدون في المواجهة بجبهة متحدة في مطالبها من الأسد، من أجل المحفاظة على جزء من الاستقلال الذاتي في الشمال الشرقي، وهي جبهة باتت ممكنة أخيرًا بفعل المفاوضات بين الجناح السوري من حزب العمال الكردستاني والتشكيلات الكردية الأخرى في البلد. حتى الطائفة الشيعية الصغيرة في سورية باتت لا تقسم اليوم إلا بإيران وحزب الله، على قاع من الخصومة بين العلويين والشيعة.
هذه التشكيلات الطائفية المتجددة تعيد مرة أخرى إلى معادلة الأزمة السورية الأساس، حيث تستمر فيها البلاد كلها بأن تكون أسيرة الأسد، بأكثريتها وبأقلياتها معًا.
عنوان المادة: En Syrie, la colère des minorités contre Assad
الكاتب: جان بيير فيليو Jean-Pierre Filiu
المترجم: بدرالدين عرودكي
مكان النشر: صحيفة اللوموند ، 21 حزيران/يونيو 2020
رابط المقال: https://www.lemonde.fr/blog/filiu/2020/06/21/en-syrie-la-colere-des-minorites-contre-assad/
مركز حرمون
——————————————–
——————————–
السويداء قوّة الاتجاه المحايد وشراسة الموالاة وضعف قوى الثورة/ سحر حويجة
إنّ ما قيل حول موقف الأقليات الداعم للنظام، هذا القول فيه الكثير من الإجحاف والتسرّع، ومبني على تصورات مسبقة، لها بعد طائفي، ويختلف الوضع من أقلية إلى أخرى، على الرغم من محاولة النظام اللعب بورقة الأقليات، هذا ليس موضوعنا، لكن واقع الحال، بالنسبة لمدينة السويداء، التي عانت التهميش من قبل السلطات في الخدمات، وتولّي المناصب، وخاصة على صعيد الجيش، ومنذ الستينات تعرّض شبابها للتصفيات والملاحقة والاعتقال، دفعت أبناء السويداء للهجرة والاغتراب.
شاركت مدينة السويداء، على مستوى النخبة المعارضة، في الحراك الثوري السلمي، عام 2011، داعية الى تغيير النظام، بعد عسكرة الحراك، الذي خلّف انقساماً حاداً في المجتمع السوري، بين معارض ومؤيد، كل طرف سعى الى التعبئة والحشد، باتجاه حسم المعركة لمصلحته، والقضاء على الطرف الأخر، رفعت مدينة السويداء شعار الحياد في الصراع الدائر في سوريا، من خلال رفض أبنائها الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزاميّة، وتحوّلت المدينة ملاذاً إلى مئات آلاف النازحين من مختلف المناطق السورية.
انسحب الجيش السوري من السويداء، منذ عام 2011، تاركاً وراءه حالة من الانقسام المجتمعي، بين موالاة تمثّلهم فئة من الزعماء الجدد المرتبطين بأجهزة الأمن، تم تكليفهم إدارة المدينة بعد انسحاب الجيش، ومعارضة تفتقر إلى القيادة على الأرض، خسرت الكثير من كوادرها بالاعتقال واللجوء والهجرة، خوفاً من بطش النظام، حالة الحياد التي سيطرت على المشهد العام في المدينة أثناء الحرب، ما زالت قائمة تخضع للتدخل الخارجي، والتشتت الداخلي.
الانقسام المجتمعي في المدينة، عبّر عن نفسه على المستوى المذهبي، وعلى المستوى العسكري، وعلى صعيد المجتمع المدني.
على المستوى المذهبي: المرجعية الدينية التقليدية، شيوخ عقل انقسمت على نفسها وتباينت مواقف رموزها ما بين، “حكمت الهجري”، الذي تؤكد مواقفه اصطفافه مع النظام، حيث كان قد طالب النظام بتسليح الطائفة الدرزية عام 2015، ودعا الشباب للالتحاق بالخدمة العسكرية عام 2018، بعد اختطاف 18 امرأة من قبل تنظيم داعش، وأشرف على تشكيل فصيل محلي لحماية منطقة تواجده، في دار القنوات، بالتنسيق مع فرع الأمن العسكري.
الشيخان “يوسف جربوع” و”الحناوي”، استقرا في مقام عين الزمان، دار العبادة الأول للطائفة، ركزا على تحقيق مصالح الطائفة، لعبا دور الوسيط بين النظام والفصائل المحلية. أخذت عين الزمان تمارس مهام الفضاء وتحكم بالخلافات بين السكان المحليين والعائلات والعشائر، ولعبت دوراً خدمياً بالاستفادة من أموال الوقف، والتبرعات والهبات الأهلية والمساعدات التي تصلها من الأمم المتحدة ،وأشرفت على توزيعها.
الشيخ “وحيد البلعوس”، أسس لحركة تحدّت المرجعية الدينية التقليدية، المتمثّلة بشيوخ العقل الثلاثة، لمس شيوخ العقل تمرّد الشيخ وحيد البلعوس عليهم، كمرجعية دينية، إذ يتفوّق عليهم ويتزعم تنظيماً مسلحاً مؤثراً، على إثرها، أصدروا فتوى الحرم الديني، ضد الشيخ وحيد البلعوس، أدى لغضب شعبي، استمر لحين المصالحة، التي أجراها جربوع والحناوي، مع حركة رجال الكرامة، يمكن القول، إنّ حركة البلعوس مثّلت اتجاهاً ثورياً، كسبت إلى جانبها الشباب، وتميّزت باتجاه سياسي يتجاوز المصالح الخاصة، التي سار عليها الزعماء التقليديون.
على المستوى العسكري: انقسمت الفصائل العسكرية، بين فصائل لها موقف حيادي من الصراع الدائر في سوريا، وفصائل موالية للنظام.
فصائل حيادية: ركّزت جهودها على حماية السكان المحليين من هجمات داعش، ومن حملات اعتقال النظام، وحماية الشباب الممتنعين عن الخدمة الإلزامية، وعملت على ضبط الأمن الداخلي، أشهر هذه الفصائل وأكثرها نفوذاً، حركة رجال الكرامة. تأسست على يد الشيخ وحيد البلعوس 2012، التي وقفت ضد انحراف المرجعيات التقليدية الدينية عن الحياد، مرجعيتها الدينية، الشيخ راكان الأطرش، والشيخ يحيى الحجار، تدخلت الحركة مرات عدة وضغطت على قوات النظام، للإفراج عن المعتقلين، قتل مؤسس الحركة، البلعوس، في عام 2015، بعد أسابيع من قول جملته الشهيرة “كرامتنا أغلى من بشار الأسد”.
قوات شيخ الكرامة: أسسها أبناء البلعوس بعد مقتل والدهما، بسبب خلافهما على أهداف الحركة، مع الشيخ يحيى الحجار، الذي قاد حركة رجال الكرامة، بعد مقتل وحيد البلعوس، حيث إنّهما لم يكتفيا بحماية الممتنعين عن الخدمة الإلزامية، بل طالبا بملاحقة قطّاع الطرق وتجار المخدرات، رفعت شعار الثأر من قتلة البلعوس، تعتبر منطقة صلخد المعقل الأبرز لقوات شيخ الكرامة.
قوات الفهد: أسسها “سليم الحميد”، تنتشر في قرى قنوات وعتيل ومفعلة، تضم في صفوفها منشقّين عن حركة رجال الكرامة.
كتائب المقداد: تنشط في قريتي المزرعة وعرمان يقودها زعيم محلي، ثائر الفياض، واجهت داعش عند اقتحامه القرى الشرقية.
فصائل ترتبط بالنظام وأجهزته الأمنية، وتعمل بالتنسيق معها: تتركز في السويداء، فروع أجهزة المخابرات الجوية والأمن السياسي، والأمن العسكري، وهو الحاكم الفعلي.
فصيل حكمت الهاجري: يقود الفصيل مساعد الهاجري، أبو فخر، أشرف على تشكيله بالتنسيق مع عميد في مخابرات النظام، وفيق ناصر، يتلقى رواتبه من النظام مباشرة.
قوات الدفاع الوطني، صاحب الجهد الأكبر بتأسيس الدفاع الوطني، يعود لأحد تجار المدينة، بالتنسيق مع رجال المخابرات، ينشط الدفاع الوطني في مركز محافظة السويداء، تقوم فكرته على تطويع الشباب في صفوفه، كبديل عن الخدمة الإلزامية.
بالإضافة إلى نسور الزوبعة، الجناح العسكري للحزب القومي السوري، وكتائب البعث.
حاول النظام وروسيا التدخل في السويداء، بذريعة محاربة داعش، عبر تسهيل انتقال مقاتلي جيش خالد بن الوليد، المبايع لداعش، من حوض اليرموك، باتجاه بادية السويداء، في تموز 2018، وتسلل داعش من البادية الشرقية إلى مدنية السويداء. تعتبر الفوضى الأمنية خدمة للنظام لاستعادة السيطرة على السويداء، إلا أنّ النظام عاجز عن تامين بدائل حلول اقتصادية.
تعمل روسيا إلى أن تكون فاعلاً رئيساً في ملف السويداء، لإدراكها صعوبة الحسم العسكري من قبل النظام، أجرت لقاءات مع وجهاء الدروز، وتدخلت في قضية الإفراج عن المختطفين، وتعمل على تأسيس تشكيلات موالية لها تغريهم بالمال، وجندت الشباب في الفيلق الخامس عشر على أن تكون خدمتهم في السويداء.
عملت ايران على زيادة نفوذها في السويداء، عبر تجنيد الشباب في صفوف ميليشياتها، في مساعيها للنفوذ في الجنوب السوري.
مصادر تمويل المليشيات المسلحة:
تسيطر اليوم على المشهد في السويداء مجموعات عائلية مسلحة ومليشيات مناطقية، تعتاش هذه الجماعات على التمويل الخارجي أو على التمويل الداخلي من اقتصاد الحرب، وتحوّلت إلى أدوات تنفيذيّة لرغبات القوى الإقليمية، في الصراعات المحلية، كما توجد مجموعات أمنية متعاقدة مع فروع أجهزة الأمن، وقوات نظامية من الفرقة الأولى، والفرقة الرابعة، وخلايا تابعة لحزب الله وحزب التوحيد اللبناني. تحوّلت السويداء إلى أحد الخطوط لتهريب المخدرات إلى الأردن، حيث يعمل حزب الله على السيطرة عليها، في حين تمثّل عمليات الخطف لطلب فدية، أحد أهم مصادر دخل المليشيات والعصابات، وأحد أشكال التدخلات الإقليمية، نتيجة الانقسام بين دروز لبنان ودروز الجولان، لاستقطاب دروز السويداء، وتقديم الدعم لهم، وفق الولاءات السياسية، تراجعت الأوضاع الاقتصادية بالمدينة خاصة قطاع العقارات، بعد مغادرة أغلب النازحين للمدينة، بسبب عمليات الخطف، وتهديد داعش.
المجتمع المدني: تمتع المجتمع المدني في السويداء باستقلال نسبي عن الضغوط الأمنية والقانونية من النظام، فحظيت منظمات المجتمع المدني بحضور قوي، برز من خلال نشاط الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني في السويداء، عبر تقديم خدمات وحلّ الخلافات، من مشاجرات وسرقات بجمع الخصوم، ضمن مايسمى بقعدة حق.
كما تتمتع لجان المواطنة والسلم الأهلي، في مدينة شهبا، بحضور فعال، تحولت لقوة امر واقع، ضمت إليها ممثلين من كل الأطياف المجتمعية، وأثبتت قدرتها على تلبية احتياجات ضرورية من مساعدات ووساطات أهلية.
نتيجة هامش الاستقلال النسبي للسويداء عن النظام، وتحت ضغط الظروف الاقتصادية الصعبة، في كانون الثاني 2020، عادت الأنشطة المعارضة ضد النظام، وامتدت الاحتجاجات الشعبية في كل من شهبا وصلخد ومركز محافظة السويداء، تحت شعار “بدنا نعيش”.
داهمت جائحة كورونا المجتمع السوري، وتم حجر الناس في بيوتهم، وتوقفت الاحتجاجات، إلا أنّ أحداثاً استجدّت على الساحة السورية، نتيجة الخلاف بين أجنحة السلطة، مخلوف والأسد، ترافقت مع ارتفاع أسعار جنوني للأسعار، وانخفاض سعر العملة السورية، وتدهور اقتصادي شامل، لامس وهدّد المجتمع برمّته، ترك ذلك أثره على الشارع، وأزاح غشاوة عن جزء من الموالين، وأحدثت تململاً، وصار التطاول على شخص بموقع الرئاسة وزوجته، ممكناً بل واقعاً، على وسائل التواصل الاجتماعي.
خرجت الناس من قوقعتها بعد الإعلان عن انتهاء جائحة كورونا، وفتحت المدارس والمصالح الاقتصادية القابلة للاستمرار، وعادت انتفاضة السويداء بحلّتها الجديدة، رافعة سقف شعاراتها حتى إسقاط النظام، حاول النظام احتواء التطوّر، بمقابلة الشارع المعارض بشارع موالي، كرد على المتظاهرين، بهدف إظهار تفوقه والتفاف الجماهير حوله، لكن فشل في حشد مسيرة تأييد هزيلة، تحت تهديد الموظفين، بعد أن عجز النظام عن تعبئة الطلاب المستعدين للتضحية بسنة دراسية، على خلفية إحساس عام، أنّ النظام فقد الإمكانية والقدرة على الاستمرار، على الأقل، بالنهج القديم، استخدم النظام وسائل ضرب المجتمع ببعضه البعض، بعد أن أوعز لشبيحته الاعتداء على المتظاهرين، وانتشرت فيديوهات يوجّه أصحابها اتهامات بالعمالة للمتظاهرين، تفوح منها رائحة الحقد والتهديد.
كل ذلك كان مقدمة لاعتقال عشرة من الناشطين البارزين في الحراك السلمي، توقف على إثرها الحراك، على أمل الإفراج عن المعتقلين، تحت ضغط الوسطاء ذات النفوذ بالمجتمع، الساعين للإفراج عن المعتقلين. على مايبدو أنّ شرط وقف الحراك، هو شرط مسبق للطرفين الوسيطين، وإن كان بنية حسنة، وعلى الرغم من توقف المظاهرات، لم يتم الإفراج بعد عن المعتقلين، بل الأخبار تؤكد نقلهم إلى دمشق لمحاكمتهم. فشل دور الوسطاء، لحدّ الآن، أمام تعنّت النظام، الذي كسب الجولة، وأوقف المظاهرات بقوة القمع، والسؤال، هل اعتقد المتظاهرون، حقاً، بأنّهم بمنأى عن الاعتقال، رغم جسارتهم وتحدّيهم للنظام والتظاهر أمام المحافظة ومركز المدينة، حيث تنتشر قوات الدفاع الوطني والميليشات المسلحة المدعومة من النظام وحزب الله وإ يران، وتتواجد المراكز الأمنية بالمحافظة.
ما تمّ ملاحظته، أنّ الحراك كان مقتصراً على نواة من الشباب المتحمس، على الرغم من حضورها، لم تلقَ زخماً ودعماً شعبياً كبيراً، فخيار الحياد الذي اتخذته المدينة، مبدئياً، فرضته على المولاة والمعارضة، مثّل هذا الاتجاه، قوى رجال الكرامة، التي ضمت عدداً كبيراً من شباب السويداء، وانقسمت بين المناطق والريف، تحت وصاية زعماء مختلفين، نلمس ضعفها وحذرها، بسبب تشتّت قواها وطابعها المناطقي المحلي، تحاول الحفاظ على مواقعها، وتنزع إلى نوع من الإدارة الذاتية للمناطق التي تسيطر عليها، لذلك شعار إسقاط النظام ليس من أهدافها، ما يهمها أن لا يقترب منهم النظام، أما الاتجاه الوطني ذو السمات الثورية التي تميزت بها حركة شيوخ الكرامة، ينحصر وجودها بمدينة صلخد، وجّهت موسكو للحركة تهمة وصمتها بالإرهاب، حاولت بعدها الحركة كسب ودّ موسكو، وليست مستعدة لفتح معركة مع النظام، تكون نتيجتها نزع سلاحها، صحيح أنّ النظام عاجز عن دخول معركة واسعة مترامية الأطراف في المدينة، لكنه ليس عاجزاً عن استهداف منطقة بعينها.
الحراك الموجّه ضد النظام مباشرة، اصطدم بمصالح متعددة، تقف ضد الحراك، تمثّل قوى متحالفة مع النظام وإيران، وقوى قريبة من النظام، تمثّل القوى التقليدية الدينية والعشائرية، التي تحاول الحفاظ على سيطرتها، وتجد في الحراك تهديداً لزعامتها، وبالتالي تعمل على المساومة للحفاظ على مصالحها الخاصة.
إنّ قوى المجتمع المدني، رغم قوتها وهامش الاستقلال التي تتمتع به عن النظام، إلا أنّها تقع تحت رحمة الفصائل المسلحة، قوى الأمر الواقع، المسؤولة عن الأمن والنظام في أماكن سيطرتها، حيث لا مصلحة للفصائل المسلحة بدخول معركة مع النظام، تنتهي بنزع سلاحهم، بل قد تعمل فئات منهم على لجم الحراك تحت هذه الذريعة، من جهة أخرى، المجتمع المدني، بغالبيته، يرفع شعار الحراك السلمي، وهو يعمل ويتحرّك بمنأى عن دعم الفصائل، بل رفض تدخلها لحمايتهم، حتى لا يعطوا ذريعة للقوى الموالية لاستخدام العنف.
إنّ القوى الثورية، بمشروعها الوطني الجامع، مع أهداف الشعب السوري، في الحرية والكرامة، تصطدم بعقبات منها، الانقسامات الأهلية والمناطقية والفصائلية، وغياب القيادة الموجهة للحراك، والأهم عدم ترافق الحراك في المدينة مع حراك أشمل على مستوى مختلف المدن السورية، بل إنّ سعي النظام لخنق الحراك في مهده، حتى لا يمتدّ تأثيره إلى مدن أخرى.
ليفانت – سحر حويجة
———————————-
النظام يطلق 3 من ناشطي السويداء..مراهناً على انقسام الدروز
أطلقت سلطات النظام سراح ثلاثة من معتقلي الحراك الأخير في مدينة السويداء، بعد مفاوضات مع وجهاء من الطائفة الدرزية، في مقدمتهم “حركة رجال الكرامة”.
ونقلت شبكة “السويداء 24” عن مصدر في الحراك أن “الأجهزة الأمنية سلّمت الحركة 3 من معتقلي مظاهرات السويداء الأخيرة، بعد إطلاق سراحهم من دمشق، على خلفية ضغوط من الحركة ومفاوضات بدأت منذ أيام، على أن يتم الافراج عن بقية المعتقلين لاحقاً”.
وكانت قوات النظام قد اعتقلت 11 من المشاركين في المظاهرات التي انطلقت في مدينة السويداء ضد النظام في شهر حزيران/تموز الماضي، وأحالتهم إلى دمشق.
وبينما طالب أعضاء في نقابة المحامين في المدينة بعدم نقل المعتقلين إلى العاصمة، وعرضهم على القضاء في السويداء، طالب ذوو المعتقلين “تيار الكرامة” بالتدخل من أجل الافراج عن أبنائهم، بعد القمع الذي واجه به النظام المظاهرات.
وكان “تيار الكرامة” قد أصدر بياناً في 22 أيار/مايو، استنكر فيه اعتقال أجهزة الأمن الشباب المشاركين بالمظاهرات السلمية، محذراً من الانقسامات الداخلية في المدينة وبين الطائفة.
وقال إنه مع مبدأ حرية التعبير، “على ألا تتجاوز هذه الحرية مبادئنا وأخلاقنا المعروفة”، كما رفض كل أشكال الاعتقال التعسفي، وهو موقف أثار انتقادات المؤيدين للحراك الذين وصفوا موقف “رجال الكرامة” بالضعيف، وطالبوه بحماية المظاهرات طالما أنها سلمية وتأتي في سياق حرية التعبير عن الرأي.
ووقع توتر جديد بين النظام و”تيار الكرامة” نهاية الشهر الماضي، انتهى بتبادل أسرى بين الطرفين، لكن الحدث لم يكن على صلة بالمظاهرات وما نجم عنها من تطورات.
وأفرجت سلطات النظام عن أحد شباب بلدة عريقة في ريف السويداء الشمالي الغربي، بعد اعتقال “تيار الكرامة” أحد ضباط النظام، رداً على اعتقال إياد سعيد، أحد عناصر “حركة رجال الكرامة”، التي ردت بقطع طريق عريقة-السويداء، واعتقلت ضابطاً في الجيش.
ويرى أحد الناشطين من منظمي مظاهرات السويداء الأخيرة أن “قرار الافراج عن ثلاثة فقط من معتقلي الحراك السلمي في المدينة يهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي أولاً، وإلى إبقاء الضغط على المعارضين للنظام ثانياً.
وأضاف الناشط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، ل”المدن”، أن “النظام أعاد فرض حالة الخوف في السويداء بعد أن لجأ إلى ضرب الحراك الذي انطلق ضده مؤخراً بالموالين له من أبناء المدينة، الأمر الذي أحدث خشية من وقوع اقتتال محلي يرفضه جميع أهالي المحافظة، وهو الآن يعتقد أنه استطاع احتواء حركة الاحتجاج ضده لكن ليس بشكل كامل، لذلك عمد إلى الافراج عن المعتقلين على دفعات بهدف اطالة عمر الهدوء”.
وحول امكانية العودة إلى ساحات التظاهر ضد النظام في السويداء لاحقاً، اعتبر الناشط أن “هذا يتوقف على المزاج العام في المدينة، الذي رغم موقفه السلبي تجاه النظام إلا أنه يواجه التخوف من تفجر الأوضاع فيها باتجاهات الفتنة الداخلية التي يعمل عليها النظام ويغذيها بشكل مستمر”.
المدن
—————————————-
—————————————-
دروز السويداء: الدين لمشايخ العقل والوطن للنظام/ آيلا جمال
اتسمت كلّ محافظة خلال الحرب السورية بطبيعة مختلفة وظروف مغايرة. فبينما كانت بعض المدن مشتعلة، كانت أخرى هادئة تماماً، نتيجة عوامل اجتماعية ودينية واقتصادية وسياسية. والسويداء كانت واحدة من تلك المدن.
يبدو أن السويداء هي الحلم الذي لا يتحقق في الثورة السورية. فكلما نهضت مرة جاء ما يجعلها تستكين عنوة وليس كخيار، لكن هذا لا ينفي النار التي تغلي بداخلها. هل يجب أن تكون الثورات على شكل أشخاص يهتفون ويرفعون أيديهم إلى السماء؟ داخل البيوت، هناك ثورات وشتائم بحق النظام وأحلام غير مكتملة. لكن إن كانت الكثير من البيوت في السويداء تحوي هذا الغضب، فلماذا اكتفت المظاهرات بأعداد لم تتجاوز ثلاثمئة شخص في أحسن الأحوال، ولماذا لم تعد الناس تخرج غاضبة؟
اتسمت كلّ محافظة خلال الحرب السوريّة بطبيعة مختلفة وظروف مغايرة. فبينما كانت بعض المدن مشتعلة، كانت أخرى هادئة تماماً، نتيجة عوامل اجتماعية ودينية واقتصادية وسياسية. والسويداء كانت واحدة من تلك المدن.
العشرات يحكمون السويداء
في الحقيقة، لم تكن السويداء تحت حكم النظام في السنوات السابقة، إنما بدت كما لو أنّها تحت حكمِ مزيج من الأنظمة، منها الذاتي الديني، ومنها حكم الميليشيات المسلحة، بالإضافة إلى وجود النظام. فكانت النتيجة حكماً من هؤلاء جميعاً، باتت السويداء صورة مركبة للخراب السوري لكن بلا براميل ولا قصف. ففي الوقت الذي رفضت فيه العائلات إرسال شبابها إلى جبهات القتال في الجيش، انفصلت السويداء عن باقي المحافظات السورية وانتشرت فيها فصائل مسلحة بشكل علني، يعود بعضها إلى صلات له بالنظام، ك”كتائب الدفاع الوطني”بينما يتصل البعض مباشرة بالشخصيات الدينية في المدينة، ك”حركة رجال الكرامة”التي أعلنت حياديتها من الأحداث الدائرة، وأن واجبها هو حماية سكان السويداء من أي اعتداء. وقد قُتِلَ زعيمها،”وحيد البلعوس”، في تفجير استهدف موكبه عام 2015، وتعرضت لاحقاً لانقسامٍ في صفوفها.
كان النظام في حركة كرّ وفرّ مستمر مع المدينة، فلم يكن خيار اقتحامها مطروحاً نظراً لخصوصية المدينة التاريخية، إذ يؤكد العديدون أنها قادرة على تغيير موازين الحكم في سوريا، وهذا ربما ما يخشاه النظام. لكن سويداء البارحة ليست كاليوم، وأطراف الصراع باتت أكثر حذراً بوجود روسيا من جهة، التي دخلت في وساطات مباشرة مع القيادات الروحية في الكثير من القضايا،كقضية المختطفين لدى تنظيم الدولة داعش. أمّا إسرائيل، والتي على الرغم من عدم التصريح العلني بنواياها، إلّا أن اسمها طُرِح في كثير من الأوقات كحامٍ للمدينة أو طامع في ضمّها إليها في المستقبل، النظرية التي عززها وصول الكثير من الشخصيات الدرزية إلى مراكز قيادية في الجيش الإسرائيلي.
هذه المناورات كان لها أثرها على سكان المدينة، كما حدث في اليوم الأسود في 25 تموز/يوليو 2018، حيث هجمت داعش على بعض القرى الشرقية بعد سلسلة تفجيرات وقعت في المدينة، راح ضحيتها 250 شخصاً على الأقل، وهي أكبر هجمة حصلت في المدينة، والتي يُرجَّح دخول يد النظام فيها لتلقين سكان المدينة درساً، وإجبارهم على الالتحاق بالخدمة العسكرية.. فعلى الرغم من استغاثة المدينة بالجيش، فهو لم يتدخل حتى اليوم الثالث! كما رافق الهجوم قطع للكهرباء في جميع أنحاء المحافظة، ما عزز النظرية السابقة.
لكن الوضع الأمني بات أسوء في المدينة لجهةِ تشكّل عصابات الخطف والسرقة من أبناء المحافظة، أكبرها يعود لمدينة شهبا وبلدتي عريقة وصلخد. تدخّل الجيش منذ أيام، وتمركز في بلدة عريقة في محاولة لالتقاط أسماء متورطة في عمليات السرقة والقتل. لكن ما فعله بدا مضحكاً وأثار سخط السكان. فقد عقد مصالحة مع بعض أفراد العصابة التي خطفت وسرقت، بحضور شخصيات سياسية، وعادت العصابة إلى حضن الوطن كأنّ شيئاً لم يكن وانتهت سنوات من الخطف والسلب ب”جوفية”، وهي نوع من الرقص والغناء الشعبي في السويداء، رقص فيها أعضاء العصابة رافعين الأعلام الوطنية!
نتائج ذلك كانت كارثية على المحافظة، فعمليات الخطف تتم في وضح النهار، ويقتل العديد من الأهالي بشكل مجاني. ففي شهر نيسان/ابريل الفائت وحده وُثق موت حوالي 13 شخصاً في السويداء على أيدي عصابات الخطف، أما في شهر حزيران/ يونيه الماضي، فقد وثقت 28 حالة تغييب قسري. ومن الواضح أنه لا يوجد تدخل فعلي للدولة أو حتى للشرطة، فحين يتمّ الاستعانة بالشرطة ترفض التدخل إلى حين انتهاء المشكلة، فتتوجه إلى المكان بعد وقوع جريمة القتل أو سرقة سيارة ما!
قمع النظام والنفي خارج الطائفة
صدرت في عدد من المناسبات أو خلال بعض القضايا الجوهرية، بيانات من القيادة الروحية في السويداء تحرّم على أبنائها الفتنة أو الإنجرار خلف الإقتلال، سواء بين أبناء المحافظة أنفسهم أو مع السلطة. تهدد هذه البيانات في الغالب بنفي وإبعاد المخالفين عن الطائفة، وهو في الحقيقة أمر ينصاع إليه الكثير من الدروز ويخشونه، وهذا كان بشكل ما سبباً في الضغط على الأهالي الذين يضغطون كذلك على ابنائهم للابتعاد عن أي شكل من أشكال العصيان الذي سيقودهم إلى النفي الديني. من جهة أخرى، فالقيادة الروحية قادرة على التدخل في الكثير من تفاصيل الحياة الشخصية لرعاياها. ففي أحد بياناتها حرّمت ومنعت أشكال البذخ في الأفراح، ودعت إلى تسهيل الزواج بين أبناء الطائفة بعدم طلب مهور كبيرة، كما حرّمت تناول الخمور والمخدرات ودعت إلى التخفيف من الأفراح تماشياً مع حزن الوطن!
وعلى الرغم من أن العديد من أبناء السويداء يسخرون من هكذا بيانات، إلّا أنهم ينصاعون، أو أقلّه لا يستطيعون المجابهة، إمّا بسبب ضغط العائلة أو الخوف من الإقصاء المجتمعي. ويبدو أن إنغلاق الطائفة على نفسها وتكوينها مجتمعاً مستقلاً جعل الأمر أصعب على أولئك الذين يرغبون بالتغيير.
من جهة أخرى عمل النظام منذ استلام حزب البعث الحكم على إضعاف البنى السياسية والإقتصادية والإجتماعية للمحافظة، فبادر إلى إقصاء الأعضاء الدروز من القيادات في حزب البعث، مثلما فعل مع مزيد هنيدي وحمد عبيد من اللجنة العسكرية، كما نفى شبلي العيسمي وحمود الشوفي وغيرهم، ولم يكتفِ بذلك فقامت المخابرات السورية باختطاف شبلي العيسمي من لبنان وإخفائه وهو في آواخر الثمانين من العمر.
هذا النهج استمر خلال الثورة السورية. فالعميد عصام زهر الدين المتحدر من قرية الصورة في السويداء، كان واحداً من أهم الضباط الفاعلين في الجيش السوري والذي ساهم في تحرير دير الزور من تنظيم الدولة “داعش”. لكنه قُتِلَ بطريقة غامضة في العام 2017، وانتشرت بعض الشائعات عن تصفية لزهر الدين على أثر الخوف من موقعه السياسي في محافظة السويداء والسمعة العسكرية الحسنة التي يتمتع بها في الأوساط السورية، فكان يبدو للكثيرين كقائد بطل.
من الصعب على النظام فرض القبضة العسكرية على السويداء. فالنظام الذي قدّم نفسه على أنّه حامي الأقليات، لن يخطو خطوة تضعف إيمان داعميه، وسيخسر حينها نقطة قوته الأساسية. لذلك يستخدم الطرق الملتوية ويرسل “داعش” مرّة إلى حدود السويداء لتبقى المدينة خائفة، أو يبيح انتشار السلاح والإقتتال الداخلي.. وكلّها طرق لتبقى المدينة في قبضته.
فقر السكان وغنى القيادات الروحية
يعتبر مقام “عين الزمان” أكثر المراكز الدينية أهمية لدى الدروز في السويداء وهو يتلقى الكثير من التبرعات المادية، سواء من المغتربين في الخارج أو من دروز فلسطين والجولان، كدعم لأهلهم في السويداء وخاصة في السنوات الماضية. لكن العديد من أهل السويداء يشتكون من عدم حصولهم على أيّ مساعدة على الرغم من الأموال الطائلة التي يظهر أثرها المباشر على القيادات الروحية فيمتلك بعض ابنائها سيارات باهضة الثمن كما يمتلكون حراسة تحمل أسلحة ثقيلة. يتذكر أهل المدينة الشاب الذي أتخذ من بسطة أمام باب مقام عين الزمان مصدراً لرزقه بعد أن فقد قدميه في حادث، وقامت الدولة باستملاك أرضه لحفر بئر ماء، ومنح تعويضاً لا يزيد عن 2 مليون ليرة سورية بينما أرضه تستحق حوالي 22 مليون ليرة سورية. الشاب الذي انقطعت به السبل ظنَّ أن اختيار مكانٍ كمقام عين الزمان سيساعده في الحصول على رزقه، إلّا أن القائمين على المقام، وبعد فترة قاموا بطرده قائلين له أن يذهب هو وبسطته إلى مكان آخر.
وعلى هذا النحو تتوجه العائلات الأكثر عوزاً إلى المنظمات الإنسانية والجمعيات الأهلية المنتشرة في المحافظة وتشتكي من أنها لم تحصل على أي مساعدة من المقام.
وتقدر التبرعات التي وصلت إلى السويداء منذ بداية الأزمة السورية بمليوني دولار، نصفها أرسل بداية الحرب لشراء السلاح بسبب خوف دروز فلسطين ولبنان على أهلهم من التهجير أو التصفية، وخصص نصفها الآخر ليوزع على القرى. مؤخراً بادر المعنيون إلى إنشاء مكتبة في مقام عين الزمان، ما يجده كثيرون تستراً على نهب التبرعات، مرددين “هل سنطعم أطفالنا كتباً؟”. واعترض البعض على أن هذا المبلغ كان يمكن أن يشغّل على أرض الواقع بإنشاء مشاريع زراعية وغيرها، ستعود بفائدة ملحوظة على المحافظة وتشغّل العديد من العائلات المحتاجة.
ولو كان السكان لا يرون البذخ الذي ينعم به مشايخ العقل، لكان الأمر أكثر سهولة، لكن الفارق الشاسع بين ما يعيشه الأخيرون وسكان المحافظة يعزز الاعتقادات بشأن نهب التبرعات.
الحلقة المفرغة لقمع النظام
بدت المظاهرات التي بدأت يوم7 حزيران/يونيو 2020 في السويداء كما لو أنّها الأمل الذي انطفأ للثورة السورية. ويوماً بعد يوم راح سقف المطالب يعلو، ولقيت تأييداً محلياً ودولياً كبيراً على الرغم من قلّة عدد المتظاهرين الذي يرجع إلى خوف وتردد الأهالي خشية القبضة الأمنية القاسية. وهذا الخوف كان محقّاً، فسرعان ما قام حزب البعث بالإعلان عن مسيرة مؤيدة، في حركة استفزازية واضحة للمطالبين بحقوقهم المعيشية، وعمد إلى إخراج الناس عنوة، عبر تهديدهم بالفصل من وظائفهم وجامعاتهم، وتمّ فصل عدد من الطلاب بالفعل في جامعة السويداء. هذا الأمر ليس جديداً فأغلب المسيرات التي خرجت خلال الثورة كانت تحت تهديد الحزب واتحاد الطلبة. وفي تسجيل صوتي انتشر لرئيسة اتحاد الطلبة في السويداء تدعو فيه الزملاء والطلاب للخروج بدت كما لو أنها مجبرة على الخروج حتى قالت في تسجيل ثانٍ “بالصرماية بنا نطلع”، “بدنا بكرا حشود كبيرة تطلع”، “أعيد انه مسؤولية كبيرة على المقصرين”. وفي يوم المسيرة بدت الوجوه باهتة وقد بان عليها عدم رغبتها المشاركة وأن وجودها لا خيار لها فيه.
واستمرت القوات الأمنية والمؤيدون بالتصعيد. وبعد أسبوع،في يوم15 حزيران/يونيه 2020، حاول المؤيدون إثارة غيض المتظاهرين عبر التجمع في “ساحة السير”، موقع تجمع المظاهرة الاحتجاجية، والاقتراب منها حتى تطورت الأمور وهجم المؤيدون على المتظاهرين وتدخل الأمن وعناصر حفظ النظام وكتائب البعث وقاموا بضرب المتظاهرين، وتمّ اعتقال 11 شخصاً، تمكنت “حركة رجال الكرامة” من الإفراج عن 3 منهم من خلال وساطات مع الحكومة. وبعد هذه الواقعة بات المتظاهرون أكثر حذراً.
كأيّ مدينة سوريّة، السويداء اليوم هي ضحية النظام والقبضة الدينية وطمع بعض ابنائها. لطالما كانت أعماقها تغلي، وفي كل يوم خوف من انفجار صبرها. المدينة التي تحوي اليوم مهجرين من ريف دشق والقنيطرة ومدن أخرى، تبدو غير آمنة تماماً، فإذا ما انفجر صبر هذه المدينة وعمّ الخراب فيها كما عمّ في كثير من المدن السورية الغاضبة، فإلى اين سيهرب المهجرون هذه المرة؟
————————————–
========================