الأرض التي التفتت وراءها/ جين هيرشفيلد
خَلْ وزيت
العزلة الخطأ تُخلّل الروح،
العزلة الصحيحة تُزيّتها.
يا لهشاشتنا، بين بضع لحظات هنيّة.
القَدر كدّرَ
القدوم والذهاب الناقصين،
كنصف إغاثة محفورة
لحمارٍ ساقطٍ، فوق باب كنيسة في فنلندا.
■ ■ ■
يقول اللسان عزلة
يقول اللسان عزلة، غضب، أسى،
لكن لا يشعر بها.
مثلما الإثنين لا يحسّ بالثلاثاء،
ولا الخميس
بقادرٍ على العودة إلى الأربعاء
مثلما أمّ تمدّ يديها إلى طفلها الذي وُجد بعد فقدٍ.
لأنّ هذه الحياة ليست بوّابة، لكنّها حصان يخبّ عبرها.
ليست جرساً،
لكنها صوتُ الجرس في شكلِ جرسٍ،
يضربُ بقوّة قرعته الأولى من داخل الحديد.
■ ■ ■
الوعد
ابقي، قلتُ
للأزهار المقطوعة.
التي أحنتْ رؤوسها.
ابقي، قلتُ للعنكبوت،
التي هربت.
ابقي، يا ورقة.
التي احمرّت حياءً منّي ومن نفسها.
ابقَ، قلتُ لجسدي.
الذي جلس كما يفعل الكلب،
خانعاً للحظة،
ثمّ بدأ يرتجف.
ابقي، لأرض المروج،
لأرض الأحفوريات،
لأرض الحجر الجيري والحجر الرملي.
الأرض التي التفتت وراءها
بتعبير مختلف، في صمت.
ابقوا، قلت لأحبابي.
كلّ واحدٍ منهم أجاب،
دائماً.
■ ■ ■
برقوق برّي
سنجاب رمادي يتحسّس كلّ برقوقة بأنفه،
متنقّلاً من واحدةٍ إلى أخرى
إلى أن يبدأ المأدبة.
هذا شبيه بمراقبة الأنا،
تنتقل من قصّة إلى قصّة.
رجلٌ فخورٌ بأسنانه البنّية القوية،
رغم أن كلّ أبنائه قد ماتوا.
هذه الشجرة التي أعطيت له،
ثمارها الصغيرة، بعضها خضراء، بعضها صفراء.
المعطوبة تسقط على الأرض،
بللٌ قليلٌ يتبقّى في الثلمات.
الأغصان المتروكة
تشدُّ نفسها إلى أعلى في صمت،
كأنّها تحرّرتْ من فكرة عميقة.
لا بدّ أنّها أوراق
جين هيرشفيلد
بطيئة جدّاً لتكون مطراً،
كبيرة جدّاً لتكون دموعاً،
والحزن لا يمكن رؤيته.
لا بدّ أنهّا أوراق.
لكنها مكسورة،
بنيّة وليست خضراء.
■ ■ ■
كرسي في الثلج
كرسي في الثلج
عليه أنْ
يكون مثل أيّ شيءٍ آخر
أبيض ومستديراً
مع ذلك كرسيّ في الثلج
أشدُّ حزناً من سريرٍ
من قبّعة أو منزل
شُكّل الكرسيّ من أجل شيء واحدٍ فقط
ليحمل روحاً ساعاتها السريعة القابلة للطيّ
ربّما ملكاً
لا ليحمل ثلجاً
لا ليحمل أزهاراً.
■ ■ ■
في مديح أن تكون من الأطراف
بلا فلسفة،
بلا تراجيديا،
بلا تاريخ،
سنجاب رماديّ
يبدو مشغولاً جدّاً.
خفيفاً كروحٍ
تحرّرتْ من
لوحة لـ Bosch،
ألوانه الخضراء والقرمزية نُزعتْ عنه.
أنْ يتسلّق شجرة
أمرٌ لا علاقة له بالتاريخ.
قلبه ينبض قويّاً.
■ ■ ■
بعوضة
أنا أقولُ أنا
و
بعوضة صغيرة تشرب من لساني
لكن عديدين يقولون نحن ويسمعون أنا
قل أنتَ أو هو
واسمع أنا
ماذا نفعل بهذه المسألة
صحن محمول باليدين
لا يمكن ملؤه بحامله
X يقول الحوت الأزرق
X يقول قرديس البحر
يحلّ لـ Y، يقول المحيط، ثم اضرب هذا في الوجود
أقدام نملة تصنع أصواتها على التراب
الجليد مندهشٌ من الماء
شخصٌ يخطئ في قراءة
delirium as delphinium
ويسقطُ في داخل
زرقة ناعسة كشيء جميل عند العطس
يغفو الضمير.
■ ■ ■
عيناي
ساعة ليست منزلاً،
حياة ليست منزلاً،
لا تمرُّ منها كأنها أبواب لشيء آخر.
مع ذلك يمكن لساعة أن يكون لها شكلٌ وأبعاد،
أربعة جدران، سقف.
يمكن بساعة أن تُرمى مثل زجاج.
البعض يريد هدوءاً بينما آخرون يريدون خبزاً.
البعض يريد النوم.
عيناي ذهبتا إلى النافذة،
كما يفعل قطّ أو كلبُ تُرك وحيداً.
■ ■ ■
ذاكرتي
أنتِ يا ذاكرة
مثل قطع صابون صغيرة وعبوّات شامبو
يجلبها مسافرٌ إلى البيت
ثمّ لا يستعملها،
كأنك بلا وزن
في داخلي هذا الصباح.
■ ■ ■
طقسي
يقظان، نعسان، جوعان، مضطرب،
قلقٌ، مندهشٌ، مسترخٍ.
هل الشجرة أيضاً؟
الجبل؟
القدح يحمل
السكّر، الدقيق، ثلاث رشفات أرنب كبير من الهواء.
أنا أحمل هذه.
* Jane Hirshfield شاعرة وكاتبة أميركية من مواليد نيويورك 1953، لها العديد من الكتب الشعرية والنثرية، وحازت عدّة جوائز. درّست في جامعات كاليفورنيا وبيركلي وسان فرانسيسكو. من مجموعاتها: “عن الجاذبية والملائكة” (1988)، “قصر أكتوبر” (1994)، “حيوات القلب” (1997)، و”تعال أيها اللص: قصائد” (2013)، وكتب نقدية، منها: “عشر نوافذ” (الصورة/ 2015). انتخبت عضواً في “الأكاديمية الأميركية للعلوم والفنون” عام 2019.
** ترجمة عاشور الطويبي
العربي الجديد