نقطة نقطة عبر الشقوق/ أوليفيا إلياس
يعبران الحريق
ولدتُ
في الزمن البركاني
عندما كان اسم بلادي يُغيَّرُ
ولدتُ في انخساف الزمن
الذي محق حتى اسم
والدي
ووالدِ والدي
لا تزال الأرض ترتجّ
لكن ظلال المعتقلات
تتمدّد
كبرتُ في فوّهةِ بركانِ
أرضٍ تتطهّر
اختارها إله انبعث
من شجيرة متقدة
نوافير دمائها الساخنة
تضيء الليل المتوحش
إلى متى سنظلُّ
جسداً وروحاً
يعبران الحريق.
■ ■ ■
مثل زهرة الجمال
1.
حان موعد الاحتفال بالنصر
توشيح القراصنة بالميداليات
والأوسمة
إنهم في حاجة دائمة للمزيد من الذهب
في قصورهم والمزيد من التنانين
لحراستهم.
2.
جميع الاتفاقيات
القرارات، وجميع المعاهدات
انتهت في مفرمة
مصنع الأكاذيب
كلمات، جبال من الكلمات
تحولت إلى “جدار” إسمنتي،
يغصّ في حلق
القدس التي تشتعل.
3.
انظروا إلى الجرافات الصفراء
المنهمكة، إنها نهمةٌ
كنهم المسؤولين عنها ومسهّلي أمورهم
إنه جوع النهب والسلب
يوماً في إثر يوم يحفرون
– أعمقَ فأعمق
أوسعَ فأوسع –
فضاءَ اختفائنا.
4.
BZZ BZZ BZZ
هكذا تفعل طيور المناقير الفولاذية:
BZZ BZZ BZZ
5.
حياة تستظل بذاتها
في مرمى القناصة
وفتية في العشرين
يقتادهم الموت
فيما يترنّم الرهبان بشرائط ضفائرهم
والمؤمنون بانبعاث
عيسى ابن مريم المصلوب
على جبل الزيتون.
6.
لماذا يتحتّم عليّ أن أدفع ثمن
التضحية، يتساءل
ابن شعب الفلاحين
والفدائيين والتجّار
الطفل الذي لم يحلم قطّ
بالنوم في مكان آخر
عدا منزله، متجاهلاً
نداء عرض البحر.
7.
مثلما زهرة الجمال
التي لا تُقطَفُ
أسقط وأعاود الوقوف
يرفعني الأمل
الأمل الجميل
الأمل المجنون
رغم كل شيء صعب
رغم التشريد والجرائم البشعة
رغم الخيانات والوعود الزائفة
رغماً عن ذوي الكلام المعسول
والكلام الممطوط
أبحر من جزيرة إلى جزيرة
بين الأمواج المتكسرة والعواصف
منتصبة
أنبض بالإنسانية
وأنبض بالحياة
أنبض بالإنسانية
وأنبض بالحياة.
■ ■ ■
توسّع استعماري (قصيدة مستمرة)
1.
طريق القدس
فلسطين المحتلة
حاجز رام الله – قلنديا
2.5 كم/ 1 ساعة ونصف
بين دونم ودونم
وبين طريق التفافي
وطريق التفافي آخر
مستوطنة…
(عبارات الإهانة التي نسارع لنسيانها)
التسونامي الناشئ
عن هزات أوروبا
يدمّر في طريقه
كل شيء.
2.
“تمّلك، يمتلك ويسعى إلى الامتلاك بتطرف”،
من “تبديد الروح في مضيعة العار- السوناتا 129” – شكسبير
جشع الاحتلال/ المناقير المعدنية
يجوب سماء فلسطين
الزرقاء تماما
الشاهد: السنونو
3.
أمام الأنظار والأسماع
توسيع منطقة
الحظر
التحلّي بصبرٍ يضاهي
الأبدية
على طريق القدس
فلسطين المحتلة
الغضب أيضاً
4.
أمام الأنظار والأسماع
أمام الأنظار والأسماع
أمام الأنظار والأسماع
كررتها سبع مرات في وجه الكون
أنا شاهدة فلسطين المحتلة والعالم، في السنة التاسعة عشرة من القرن الواحد والعشرين بعد الميلاد، الموافق سنة 1441 للهجرة.
■ ■ ■
رقة
لنكن لطفاء
لنكن رقيقين
مثل صدر حمامة
طفلُ غزة
بين ذراعيّ
العذوبة، نقطة نقطة عبر الشقوق،
ستارة الرصاص أكثر عناداً من الصخرة،
نقطة نقطة
القسوة تنتشر.
■ ■ ■
مهرجان، امرأة، فستان (فظاعة شكسبيرية)
قصر المهرجان
الديكور زرقة البحر الأبيض المتوسط
على السجادة الحمراء
تتقدم منتصبة على الكعب العالي
ممتلئة بسخطها
تبتسم ابتسامة عريضة
سعيدة بالدوران
حول كاميرات العالم
على فستانها الملوّن
القدس، القدس
تشتعل
ولا تكفّ عن الاشتعال
رقصة فالس مجنونة
نيرونة مستمتعة
حتى الانتشاء
ملفوفة في أوشحةِ
القدس
المشتعلة.
■ ■ ■
تحت أيّ ضغط
تحت أيّ ضغط لن أتكلم
فليكن
ولتسطع الشمس الخالدة
على سلالة يورك إلى الأبد!
كنت أود التأرجح
بهدوء على الشرفة
لكنني تابعت فرك اللغة حصاة بحصاةِ
لإبقاء نار المخيم مشتعلة
أردتموني منبوذة
هل ترونني أعيش في هذه التلال
فيما أنشودتي تغرِق لياليكم
هل بوسعكم النوم ملء جفونكم
في فراش الهذيان؟
لا يمكن النطق أبداً
وليكن!
* وُلدت أوليفيا إلياس في حيفا قبل احتلالها واضطرارِ أسرتها إلى اللجوء إلى لبنان. انتقلت إلى كندا لدراسة العلوم الاقتصادية، ثمّ درّستها هناك حتى بداية الثمانينيات، قبل أن تستقر في فرنسا. في 2013، أصدرت باكورتها الشعرية “أنا من شريط الرمال هذا” (الصورة). لاحقاً صدر لها: “الأمل كحماية وحيدة” (2015)، و”اسمك من فلسطين” (2017)، و”الفوضى، عبور” (2019).
** ترجمة عن الفرنسية ميشرافي عبد الودود
العربي الجديد