تجربة علمية مبهرة للقضاء على كل أنواع الحزن/ سامي خليفة
غالباً ما نواجه كبشر صعوبات في تخطي الشعور بالحزن، بعد تعرضنا لصدمات في الحياة. لكن هذه المعضلة التي نعيشها باستمرار، وجد لها العلماء مؤخراً حلاً جذرياً، في تجربة مبهرة توصف بأنها من أهم التجارب العلمية في التاريخ الحديث، لإدخال السعادة في أدمغتنا، ما سيؤدي إلى علاج الحزن والقلق والاكتئاب.
سعادة غامرة
أراد علماء جامعة “إيموري”، وهي إحدى أشهر وأرقى الجامعات البحثية في الولايات المتحدة، اختبار التخلص من الشعور بالحزن والقلق، وقد أجروا تجاربهم على عدد من الأشخاص، عبر تحفيز دفقات صغيرة من الكهرباء إلى منطقة “الحزام” Cingulum، وهي منطقة في الدماغ ترتبط بالعواطف، والتقييم الذاتي، والتفاعل الاجتماعي والدوافع، وأيضاً تنظيم الحزن والقلق والاكتئاب.
كانت أولى التجارب التي أجراها العلماء على إحدى الشابات، التي تعاني من مرض الصرع غير مسبوقة، إذ تقول كيلي بيجانكي، عالمة الأعصاب في جامعة “إيموري”، بأن الأمر كان مثيراً حقاً، فقد رصد العلماء بعد قيامهم بالتحفيز الكهربائي لها، سعادة حقيقية في صوتها، حتى أنها كادت أن تجهش بالبكاء من الفرح، ثم بدأت تضحك وتتكلم بإيجابية مع العلماء.
تقدم هذه التجربة فرصة غير مسبوقة للباحثين، لاختبار عمل مناطق الدماغ المختلفة، مع خصوصية لا مثيل لها. فمن خلال التحفيز الكهربائي، يمكنهم مشاهدة ما يحدث عند تنشيط دوائر عصبية معينة. وبالفعل، تمكنوا بعد التجارب التي أجروها، من السيطرة على موجات الغضب، وتحويلها إلى حالة من الاسترخاء السعيد، بعد ثوانٍ معدودة.
الذكريات
على الرغم من أن المرضى لم يواجهوا مشكلة في تذكر الذكريات الحزينة أثناء التجربة، إلا أن الذكريات كانت عاجزة كلياً عن جعلهم يشعرون بالحزن. فقد شرحت الشابة للعلماء شعورها بعد التجربة قائلةً: “أتذكر موت كلبي، وأتذكر أنها كانت ذكرى حزينة جداً، لكنني لا أشعر بالحزن حياله الآن”. من ناحية ثانية، كان مريضٌ آخر خضع للتجربة، قادر على تذكر حادثة مأساوية وهو يبتسم. بالتالي وفرت التجربة درعاً من نوعٍ ما للتغلب على الصدمات، وأحدثت قدرة على التعامل مع الذكريات المؤلمة.
وسائل جديدة
وفي جهودٍ مشتركة، وجد علماء أعصاب في كلية “بايلور” للطب الأميركية، منطقة أخرى في الدماغ تخلق السعادة عند تحفيزها، تُسمى “النواة المخططية” ventral striatum، وهي منطقة متصلة بإحكام بالحزام الدماغي، الذي أجرى علماء جامعة “إيموري” تجاربهم عليها.
قد لا نحتاج في المستقبل، كما يشير العلماء، إلى أسلاكٍ كهربائية لإشعال مثل هذه المشاعر السعيدة. فهم يقومون حالياً بتطوير وسائل لتنشيط مناطق الدماغ بنبضات ضوئية، أو باستخدام الموجات فوق الصوتية. كما يمكن للومضات والاهتزازات، في يوم من الأيام، أن تُسهل الأمر على الذين يعانون من الحزن والإكتئاب المزمن.
ومن خلال الحيلولة دون استخدام المهدئات، ستؤدي هذه التجربة إلى إعطاء الأطباء الجراحين خيارات جديدة، فالسماح للمرضى بإظهار المزيد من ردود الفعل، يمكن أن يجعل جراحات الدماغ أكثر سهولة، ويمكنها أيضاً توسيع نطاق جراحة المخ والأعصاب.
نتائجٌ فعالة قريباً
هناك أدوية اليوم تسيطر بعض الشيء على الحزن والاكتئاب، لكنها تخلق أعراضاً لها آثار جانبية، وهي ليست دائماً فعالة. لذلك يوفر تحفيز الدماغ مساراً أفضل. وبينما تعمل بيجانكي على مواصلة استكشاف الخريطة العصبية لمشاعرنا، ستبدأ قريباً بالعمل مع كلية “بايلور” للطب، لمتابعة تتبع الدائرة العاطفية لأدمغتنا، بهدف ترجمة نتائجهم إلى علاجات فعلية.
المدن