هادي البحرة:”اللجنة الدستورية” جزء من عملية تفاوضية وليست اختزالاً للقرار ٢٢٥٤.. نعمل بمسؤولية لإنجاز دستور يستحقه الشعب السوري
ماهر أقرع
تشهد أروقة مبنى الأمم المتحدة في جنيف، يوم الأربعاء القادم، انعقاد الاجتماع الأول للجنة الدستورية، التي تم التوافق على تشكيلها مؤخرا، برعاية أممية، من ثلاثة أطراف، النظام والمعارضة والمجتمع المدني.
يذكر أن هذا الاجتماع يفتتح مرحلة جديدة في مسار الصراع السوري، بالأساليب السياسية والقانونية، بعد أن توقف، أو انحسر، الصراع بالوسائل المسلحة، وبعد أن باتت الدول الكبرى هي التي تتحكم بوتائر هذا الصراع وبالأطراف المشاركة فيه.
في هذا الإطار التقت بروكار برس في جنيف بالأستاذ هادي البحرة الرئيس المشترك للجنة الدستورية (عن المعارضة)، ووجهت إليه عديد من الأسئلة، عن جدوى تلك اللجنة، ومدى إمكانية نفاذ مخرجاتها، وعن أهم ما يفترض أن يتضمنه الدستور من وجهة نظر المعارضة، والإشكاليات التي تعترض هذا المسار، ومدى استعداد المجتمع الدولي لفرض ما يتم الاتفاق عليه.
إلى أي مدى تراهنون على اللجنة الدستورية في حين فشلت كل مسارات المفاوضات في جنيف أو آستانة؟
موضوع اللجنة الدستورية جزء من العملية السياسية وليس العملية السياسية كلها، وهي جزء من قرار مجلس الأمن 2254، ما حدث هو وجود توافق دولي حاليا داعم لتفعيل اللجنة الدستورية، بوصفها بوابة لتفعيل العملية السياسية، بشكل كامل، وهي جزء من عملية تفاوضية، وليست اختزالا لقرار مجلس الأمن ولا للعملية التفاوضية.
عمل اللجنة هو تفاوض بين سوريين للوصول إلى الإصلاحات الدستورية المطلوبة لصياغة دستور جديد يستحقه الشعب السوري بعد معاناة سنوات طويلة وآلام مرت به.
إذا كان النظام، وبدعم وتغطية من روسيا، لم يتنازل للقرارات الدولية من بيان جنيف واحد إلى بيان فيينا إلى القرار 2254 فهل برأيكم سيتنازل لمقررات اللجنة الدستورية؟ وعلى أي أساس؟
اللجنة الدستورية استحقاق على السوريين كلهم، بالنسبة لنا نحن المعارضة هي مشاركة إيجابية في العملية السياسة التي تقودها الأمم المتّحدة في جنيف ونأمل أن يتعاطى السوريون كلهم؛ والحاضرون منهم أعمال اللجنة الدستورية والأعضاء فيها، بوصفها استحقاقا وطنيا شاملا، ومخرجا ومفتاحا لتفعيل العملية السياسية بشكل كامل، وإيجاد حل يفضي إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن 2254.
من وجهة نظركم هل تشكيل اللجنة الدستورية، أي تركيبتها الثلاثية، ستمكنها من التوصل إلى توافقات بخصوص دستور جديد لسوريا؟
يفترض أن تشكيل اللجنة الدستورية جاء بتوافق الأطراف السورية والقبول بقواعدها الإجرائية وهذه القواعد معلنة للجميع ويفترض أن يتعاطى معها الجميع بروح المسؤولية الوطنية وبإيجابية،
لا شيء مضمون، بما يتعلق بالتوافقات، ولكن نحن نستطيع أن نضمن ممثلينا ضمن اللجنة، ونأمل في أن يكون ممثلو باقي الأطراف على القدر نفسه من المسؤولية لمحاولة إنجاز عمل اللجنة الدستورية في أقصر وقت ممكن.
اعتدنا على عرقلة النظام للكثير من القرارات، فكيف الآن بالنسبة للقواعد الاجرائية التي تم الاعلان عنها من الامم المتحدة ومن غير بيدرسن الميسر للعملية التفاوضية، حول التصويت بنسبة 75% فكيف سيتم التعامل مع هذا الموضوع؟
القواعد الإجرائية واضحة، نحن نتحدث عن موضوعات أساسية لكل مواطن سوري بغض النظر عن الجهة التي يتبع لها، أو التي يؤيدها، أو التي يعارضها، فلا أظن أن أيا من السوريين لا يقبل بالحقوق المتساوية مع باقي المواطنين، أو أن هناك من يرفض أن يكون له حق إبداء الرأي، وحق التعبير، لا يوجد أي سوري يقبل بوجود خلط بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، هذه الأمور كلها تطال حياة كل مواطن سوري، لذلك فإنّ كل مشارك في هذه اللجنة أمام مسؤوليات تجاه نفسه وعائلته وأبنائه والأجيال السورية المقبلة. بالنسبة لنا نحن نخوض هذه المرحلة بكل إيجابية وبكل انفتاح لمحاولة الخروج بإنجاز يستحقه هذا الشعب.
هل أعدت المعارضة وجهة نظر واحدة إزاء الدستور القادم، مع علمنا بغياب وجهة نظر واحدة أو واضحة للمعارضة؟
هيئة التفاوض عملت منذ عامين على موضوع السلال الأربعة بما فيها الدستورية، وخاضت عمليات حوار مطولة ضمن هيئة التفاوض، ووصلت إلى أوراق عدة جرى التوافق عليها، ومواقف مشتركة.
لكن علينا أن نعلم أن الدستور يتعاطى مع أمور سياسية واقتصادية واجتماعية، هو (عقد اجتماعي جديد)، ويوجد فيه أيضا نواح شخصية تطال الفرد.
لن تصادر الهيئة القرار الشخصي لأعضاء اللجنة لكنها مختصة بالتعاطي مع الأمور السياسية: فصل السلطات، نظام الحكم المقبل، الحقوق الاجتماعية والسياسية للمواطنين، أما الأمور الفردية فسيكون هناك حيز للتعاطي الشخصي والفردي.
أما الأمور السياسية الأساسية فهناك حالة “توافق عالية المستوى بين مكونات هيئة التفاوض كافة”.
برأيكم ماهي القضايا الأساسية التي يفترض أن يركز عليها وفد المعارضة في الدستور القادم لإنهاء نظام الاستبداد، والتحول إلى نظام ديمقراطي حقيقي؟
كل ما في الدستور مهم وأساسي، لكن من الناحية السياسية الأساسيات تبدأ من تحقيق الفصل التام والكامل بين السلطات، تحقيق آليات للمحاسبة، تحقيق القضاء النزيه والعادل والمستقل، تحقيق مبدأ لا سلطة على القضاء إلا القانون نفسه، هذه الأمور كلها قضايا مهمة، وتعطي أملا بانتقال سياسي نحو نظام ديمقراطي عادل يرقى إلى مستوى طموحات أبناء شعبنا.
هل ثمة قيم فوق دستورية تودون في وفد المعارضة طرحها للتوافق عليها في الدستور الجديد، مثلا قيم المواطنة والحرية والمساواة لكل السوريين؟
أكيد، نحن نطمح لدولة المواطنة والحرية، يجب أن يصون الدستور كرامة السوريين ويكفل حرياتهم الفردية والجمعية، ويمنحهم فرصا متساوية، فهذه الموضوعات كلها مهمة، المساواة العدل التداول السلمي للسلطة، ضمان عدم الاستفراد بالسلطة، ضمان عدم إنتاج أنظمة استبدادية أو دكتاتورية، كل هذه الأمور هي قضايا تهم السوريين.
هل يمكن ان تطرح المعارضة في الدستور التحول إلى نظام برلماني للتخلص من معضلة الرئاسة، وتجنب عودة الاستبداد؟
ستطرح القضايا كلها على السوريين للحوار ، كافة الأنظمة السياسية تدرس، ولكل نظام سياسي سيئاته وإيجابياته، ومن ثم يجب دراسة هذه الإيجابيات والسلبيات والخروج بنظام حكم يضمن المستقبل الرغيد لسوريا وطنا وللسوريين جميعا.
بروكار برس وجهت سؤالا لبيدرسون، بفرض جرى التوافق على الدستور، ما هي الآليات التي يمكن أن يلجأ إليها المجتمع الدولي لضمان تطبيق الدستور؟.. وكانت إجابته أن الموضوع سيكون سوريا سوريا، وسيجري الاستفتاء عليه من الشعب السوري، ما هو رأيك بالجواب؟
بيدرسن أجاب وفق الصلاحيات والمهمات الموكلة إليه، وإجابته سليمة، هذا القرار سيكون جزءا من النقاشات الدستورية، بما فيها أيضاً القواعد الإجرائية لعمل اللجنة الدستورية، هي من سيقرر طريقة الموافقة الشعبية على هذا الدستور وطريقة تضمينه ضمن المنظومة السورية القانونية.
هل تشرح لنا أكثر عن القواعد الإجرائية بعد اجتماعاتكم مؤخرا ونقاشكم؟
القواعد الإجرائية لإدارة الاجتماعات هي لحسن سير العمل، وما أستطيع قوله الآن، أنّ التوافق على معظم النقاط قد حصل، نضع اللمسات الأخيرة بين مساء اليوم وصباح الغد على هذه القواعد ونتطلع لإنهائها يوم الغد ظهراً.
كيف ترى تصريحات الروس والأتراك (رعاة آستانة) بأن “الدستورية” نتاج لمسار آستانة؟
الدستورية جزء من قرار مجلس الامن 2254 لكن جرى تفعيلها ضمن مسار آستانة الذي ارتأوا أنه أحد الطرق الرئيسية لتفعيل العملية السياسية بتفعيل العملية الدستورية، بدءا بتشكيل اللجنة الدستورية التي لاقت أيضاً توافقات دولية حولها، سواء من المجموعه الدولية المصغرة التي تضم كل من (الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية ومصر والأردن) وكذلك من معظم الدول.
ما هو دور “قسد” في اللجنة الدستورية؟
موضوع الدستور يخص كل مواطن سوري، والتمثيل في الدستورية ليس في إطار حزبي، وإنما إطار تمثيلي لمكونات الشعب السوري، وإذا نظرنا إلى تشكيلة اللجنة الدستورية، نلاحظ فيها تمثيلا لكافة مكونات الشعب السوري عرقيا أو طائفيا، ومن ثم هم سيساهمون في وضع الدستور، وسنجد آليات لإدماج الرأي العام الشعبي السوري في تطور آلية عمل الدستور.
بروكار برس