الخناق يضيق على أهالي السويداء، فهل يتهدّد وجودهم في جبل العرب أو سوريا؟/ مروان كيالي
تشهد محافظة السويداء ريفاً ومدينةً، توتّراً غير مسبوق، بعد أن بدأت تتّضح معالم المرحلة المقبلة يوماً بعد يوم. فبعدما أعدم تنظيم “داعش” الشاب مهند ذوقان أبو عمار ذبحاً، لعدم وصول المفاوضات مع روسيا إلى نتيجة، وبعدما أُعلن في 9 آب/ أغسطس عن وفاة امرأة من بين الرهائن تبلغ 65 عاماً من العمر، بدأ أهالي السويداء يعدّون أنفسهم لخيارات أصعب مقبلة.
فعلى رغم الضربات العسكرية التي يوجّهها النظام إلى منطقة البادية شرق السويداء، لم يثنِ ذلك تنظيم “داعش” عن المضي باحتجاز الرهائن نساءً وأطفالاً. لكن التساؤل الكبير أحدثه ما حصل مؤخراً، بعد هجوم عناصر من “داعش” على حاجز تديره ميليشيات “الحزب القومي السوري الاجتماعي” شرق قرية دوما، إحدى القرى التي استُهدفت في مجزرة 25/07/2018، وأدى إلى مقتل أربعة من عناصر الميليشيات؛ إذ تلاه مباشرة إعلان هذه الميليشيات توقيف أحد أمراء التنظيم وقامت بقتله وتعليقه في ساحة دوّار المشنقة داخل مدينة السويداء. في المقابل، تداول ناشطون مقطع فيديو يظهر عناصر الفرقة الرابعة التي كانت اعتقلت سابقاً الأمير الداعشي ذاته داخل سيارة تابعة لها، وهو بصحّة جيدة كما كانت عليه لحظة إلقاء القبض عليه من ميليشيات “الحزب السوري القومي الاجتماعي” كما أظهرت صورته؛ إذ وجّه الناشطون اتّهاماً مباشراً للنظام بأنه هو من سلّم الأمير الداعشي للحزب ليصار إلى قتله والتنكيل به حتى تفشل المفاوضات المرتبطة بالأسرى، وهي على الأغلب فشلت من جديد.
ويبدو أن الرهان على التفاوض هو خارج الجغرافيا السورية، إذ أكّد عدد من أهالي السويداء والمعنيّون بما يحدث من وقائع، أن لدروز فلسطين أثراً كبيراً في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للحديث مع روسيا بشأن المخطوفين نساءً وأطفالاً.
وما كانت التظاهرة “الدرزية” التي حصلت في إسرائيل ضد قانون “الدولة القومية” الإسرائيلي إلا لتحمل في طيّاتها رسالة من دروز الداخل الفلسطيني حول الأثر الذي من الممكن أن يحدثوه إذا لم يتجاوب معهم نتانياهو.
ضغوط يبدو أنها وصلت إلى روسيا ولم تعجبها والنظام، إذ إن النظام يريد “تأديب” أهالي محافظة السويداء، بحسب ما يتم تداوله داخل المحافظة، ويريد بشدّة أن يسلّم المطلوبون للخدمة العسكرية أنفسهم. فهم بمثابة ثقل كبير يحتاجه النظام على صعيد العدد العسكري، ويُقدرّون بحوالى 40 ألف مطلوب، إضافة إلى تعنّت النظام بعدم رغبته في أن “تُكسر كلمته” في أي منطقة يسيطر عليها. أمر تسليم المطلوبين مستبعد بشكل كبير من قبل أهل السويداء، ويعقّد أمر خروج الأسرى بشكل كبير.
وممّا يجري تداوله بين متابعين للوضع في السويداء ما قالته إحدى الشخصيّات العليمة التي رفضت الكشف عن اسمها، “لقد أصبحنا على يقين يوماً بعد يوم بأن موضوع المخطوفين لا يعني النظام وروسيا أبداً، ونعتقد بشكل جازم أنه في حال قام شباب السويداء بتسليم أنفسهم لجيش النظام سوف يتم الافراج عن المخطوفين فوراً”.
إن حال اللّاجدوى التي تعيشها محافظة السويداء حول موضوع المخطوفين من جهة وحول موضوع المطلوبين لجيش النظام من جهة أخرى، جعلت اللّجوء إلى خيارات أخرى أمراً صعباً، حيث لا توجد مرجعيّات لها قيمتها، وثقلها في المحافظة يمكن الاعتماد عليها، وإن تحدّثنا عن مشيخة العقل لطائفة الموحّدين الدروز، فإننا نتحدّث عن “إحدى مؤسسات النظام المرهونة والمتواطئة معه” هذا ما يؤكّده أحد أبناء المحافظة.
إذاً يدفع النظام أهل السويداء إلى خيارات صعبة، ولكن لا يوجد أصعب من الصمت في مثل هكذا موقف، وهنا سوف يحتكم “الدروز” خصوصاً، إلى تاريخهم الذي يتفاخرون به دائماً، وهم أمام تجربة جديدة صعبة قد تكلّفهم وجودهم في جبل العرب أو في سوريا كلها.
صحافي سوري
درج