“أرشيف الشر”: الأسد أمر بقتل وتعذيب الثوار
أفادت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية في تقرير الأحد بعنوان “أرشيف الشر”، بأن رئيس النظام السوري بشار الأسد مسؤول شخصيا عن عمليات التعذيب وقتل الثوار، مضيفةً أنها حصلت بأوامر شخصية منه.
وكشفت الصحيفة عن 265 صندوقا كرتونيا بمحتويات “تقشعر لها الأبدان” موضوعة على أرفف معدنية داخل قبو مراقب بالكاميرات الأمنية في مكان سري بمدينة أوروبية. وبداخل تلك الصناديق مليون صفحة من الوثائق عن جلسات عالية السرية تفصّل التعذيب المنهجي وقتل الخصوم، ومعظمها ممهورة بشعار الدولة السورية ويحمل بعضها توقيع بشار. وتقول الصحيفة إنها “أكبر مخبأ للوثائق تم جمعها من أي حرب ما زالت جارية”.
ومع اقتراب الأسد من استعادة السيطرة الكاملة تقريبا على البلاد، تقول الصحيفة إن هذا الأرشيف المذهل يظهر كيف حقق رئيس النظام الروسي انتصاره، وتشير إلى أنه مع اقتراب الحرب تثار مسألة ما إذا كانت المحاكمات ستليها.
ويظهر الأرشيف نظاماً يطلق البراميل المتفجرة والغارات الجوية على المناطق السكنية وحتى المستشفيات، في حرب شهدت مقتل ما يقرب من نصف مليون سوري وهروب خمسة ملايين.
والمشروع السري لجمع الأدلة على جرائم الحرب التي اقترفها الأسد من بنات أفكار بيل وايلي، وهو جندي كندي سابق ومحقق بجرائم الحرب. ويقول المحقق الكندي إن ما جمعه يثبت “مئات المرات على أن الأسد يسيطر تماما على كل ما يحدث في النظام، وهو مسؤول عن القتل أكثر بكثير من تنظيم الدولة”. ويضيف: “هناك أدلة دامغة ضده”.
وبحسب الصحيفة، جرى جمع الوثائق وتهريبها من قبل السوريين داخل البلاد. وقد دفع البعض حياتهم مع بقاء اثنين منهم في الحجز عند النظام. وقالت إنه “في المقر الرئيسي المجهول لويلي، مع عدم وجود لوحة على الباب أو الهواتف على المكتب، تم إنشاء نسخة إلكترونية عن كل صفحة أخرجت لإنشاء أرشيف رقمي، وتعيين رمز رقمي لها، وتخزينها في المربعات”.
وبدأ المشروع عام 2011 بتمويل بريطاني وبالتعاون مع الجيش السوري الحر، حيث قام ويلي بتدريب 60 متطوعا، ويوضح “الشيء الكبير الذي أردنا أن نركز عليه هو الوثائق التي أصدرها النظام، لأن ما نحتاجه هو المسؤولية”.
وبحسب ويلي فإن نظام الأسد مثل النازيين يوثق جهوده بدقة، وعادة ما يوقع كبار المسؤولين على كل وثيقة تعبر مكاتبهم، وغالبا ما تحمل طوابع تحدد هوية الموقع. وقال: “هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها أي شخص بتجميع سلسلة القيادة التي تظهر كيف سارت بشكل صحيح إلى القمة”، وأضاف “الآن لدينا صورة جيدة للغاية عن كيفية عمل النظام السوري”.
وكشفت الوثائق أنه في الأيام الأولى للاحتجاجات في آذار/مارس 2011، أسس الأسد خلية مركزية لإدارة الأزمات كنوع من مجلس حرب مصغر. اجتمعت هذه اللجنة كل ليلة تقريباً في مكتب في الطابق الأول من القيادة الإقليمية لحزب “البعث” في وسط دمشق، وناقشت استراتيجيات لسحق المعارضة.
وتشير الوثائق إلى أن اللجنة، للقيام بعملها، طلبت تقارير من لجان الأمن ووكلاء الاستخبارات في كل محافظة. وتظهر المستندات الموجودة تقارير اللجنة وتقارير الأمن، ثم ترد التقارير حول نجاح قمعهم. وقال وايلي: “السؤال هو من يتحكم في هذه اللجنة. والأدلة ساحقة على أنه الأسد”. حتى لو لم يجلس في الاجتماعات ، فإننا نعرف أنه خصص لها دقائق ووقع على التوصيات”.
وعلى النقيض من التقارير المبكرة التي تفيد بأن السلطة الحقيقية تكمن في يد شقيقه ماهر الأسد، قائد الحرس الجمهوري، كشفت الأوراق عن أن “بشار الأسد ليس صورياً، لديه سلطة بحكم الواقع وبحكم القانون ويمارسها”. وبحسب وايلي: “الكل يتحدث عن ماهر لكننا لم نعثر على أي شيء ضده على الإطلاق. على النقيض، لدينا الكثير على بشار”.
وقد تم توثيق هذه المستندات بحوالي 55000 صورة تم تهريبها من سوريا على يد ضابط في الشرطة العسكرية معروف باسمه المستعار “قيصر”. وقام هو وفريقه بتصوير جثث المعتقلين، أحياناً ما يصل إلى 50 في اليوم، في المستشفيات العسكرية. وكان لكل جثة رقم فريد من أربعة أرقام مرسوم على شريط أو جبهته بعلامة سميكة. رقم آخر يدل على فرع الاستخبارات الذي قتل فيه بعض الأفرد. وقد تعرض الكثير منهم للضرب والتشويه والحرق والطلقات، وفي بعض الحالات تمت إذابتهم. وبحسب الصحيفة، فإن “مثل هذه الأعمال وصفها ناجون من سوريا من قبل، لكنهم لم يحصلوا أبداً على الأوامر الموقعة التي وافق عليها الأسد”.
وبدلاً من بعض الملاحقات القضائية لشخصيات بارزة في نظام الأسد، سيتم استخدام المعلومات في قضايا قضائية جديدة في جميع أنحاء أوروبا لإدانة أشخاص من المستوى الأدنى من النظام الذين فروا. وقال ويلي إنه على مدار العام الماضي، تلقى 60 طلباً تشمل أكثر من 550 مشتبهاً في المحاكمات القادمة. ولدى اللجنة وحدة تتبع خاصة بها، وقد حددت عدداً من “الجناة الجديين جداً، خارجين من أجهزة الاستخبارات الأمنية”، الذين دخلوا أوروبا.
وقال ويلي إن هؤلاء الذين ستجري ملاحقتهم هم في المرتبة الثالثة ضمن الترتيب الحكومي في نظام الأسد. وأضاف “المفارقة هي أننا سنحصل على مستوى متوسط من الملاحقة القضائية في أوروبا، في حين أن كبار اللاعبين في دمشق ربما سينجون”.
المدن