الناس

استطلاع لسكان الحسكة والرقة: “داعش” ولا عودة النظام!

كشف استطلاع للرأي لمنظمة “غالوب إنترناشيونال” أن غالبية سكان الحسكة والرقة، يُفضلون التدخل العسكري التركي، مؤكدين أنه يبقى أهون الخيارات مقارنة بعودة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أو العودة إلى الوقوع تحت سيطرة تنظيم “داعش”.

ودأبت مؤسسة “غالوب انترناشيونال” على استطلاع الرأي العام في سوريا منذ إندلاع الحرب الأهلية عام 2012.

وفي استطلاعها الأخير، قام ممثلو المؤسسة بمقابلة عينة مكونة من 600 شخص في الحسكة والرقة، و100 كرديّ فروا بعد التدخل العسكري التركي، في محاولة لتسليط الضوء على رد فعل سكان منطقتي الحسكة والرقة على التدخل التركي فيهما.

وكانت النتائج التي توصلت لها المؤسسة البحثية، متفاوتة بين الأكراد والعرب بشكل عام، إذ أشارت البيانات إلى أنه في الأوساط العربية التي تشكّل غالبية السكان، فإن ثلاثة من بين كل خمسة أشخاص، أي 58%، يؤيدون قرار الرئيس الأميركي ترامب بالانسحاب.

أما الأكراد فقد كانوا أقل حماساً لهذه الخطوة، إذ عارضها ما يقارب من 67%، فيما أيدها نحو 33%. ويعود ذلك بشكل أساس إلى الخشية من عودة “داعش” للسيطرة على هذه المناطق بعد أن قام الأكراد بدور كبير في محاربتهم بمنطقتي الحسكة والرقة.

وفي حين سلطت عملية “نبع السلام” التركية مرة أخرى الضوء على الصراع التركي-الكردي، فإن نتائج الاستطلاع أظهرت تأييداً للتدخل التركي، فما يقارب 57% من شملهم الاستطلاع دعموا الوجود التركي هناك.

وبينما كان 64% من العرب يؤيدون هذا التدخل، فإن 23% من الأكراد فقط يوافقونهم الرأي.

ووجدت المؤسسة أن الاختلاف الكردي حول التدخل التركي يعود إلى الانقسام العميق بين الأكراد، وذلك استناداً إلى الاختلاف الأيديولوجي مع حزب “الاتحاد الديموقراطي”، الفرع السوري من حزب “العمال الكردستاني”. ويعيش العديد من الأكراد المؤيدين للعملية التركية، حالياً حياة التشرد، وينتظرون نجاح العملية التركية ليتمكنوا من العودة إلى ديارهم بسلام.

الجزء الآخر يتعلق بعدد من الشباب الكرد، ممن هربوا إلى تركيا، بعدما رفضوا التجنيد لمصلحة “قوات سوريا الديموقراطية” وحزب “الاتحاد الديموقراطي”. إذ يرون أن العملية التركية مصممة للقضاء على هذين الحزبين. وفي الوقت ذاته لا يوافقون على عودة المنطقة لسيطرة النظام السوري خوفاً من قيامه بإعادة تجنيدهم، وبهذا فهم يرون أن التدخل التركي هو أفضل الطرق وأكثرها سلمية لتجنب المشاركة بأعمال العنف.

فيما أوردت الدراسة أن العديد من الأكراد ممن انضموا لحركة الاحتجاجات في سوريا منذ بدايتها ينظرون إلى حزب “الاتحاد الديموقراطي” على أنه متعاون مع الأسد، لكونه – بناء على اتهاماتهم- قد سلّم العديد من الناشطين للنظام، وعليه فهم يجدون أن الحزب أقرب للنظام السوري من تركيا.

وأظهر الاستطلاع أن 55% من المشاركين فيه، يعتقدون أن تركيا تتمتع بنفوذ إيجابي في المنطقة مقارنة بالتحالف الدولي لمحاربة “داعش” الذي حصل على 24%، فيما حصلت روسيا على 14%والولايات المتحدة على 10% وإيران على 6% فقط.

وخلال السنوات الأخيرة أظهر الرأي العام في سوريا توجهاً يعتبر تركيا الدولة الوحيدة ذات التأثير الإيجابي على الشؤون الداخلية السورية، باعتبارها “القوة الوحيدة” التي تستطيع الوقوف في وجه الأسد.

نتائج المسح لم تشر إلى التأييد الذي حصلت عليه تركيا فقط، بل إلى تخوفات من فوز الأسد، إذ قال ثلاثة من بين كل أربعة أشخاص 69%، إنهم يؤيدون “استخدام العنف للدفاع” عن حقوقهم، إن تمكن الأسد من فرض سيطرته على مناطق أكبر في المحافظتين.

لكن البيانات الأكثر أهمية، كما يشير الباحثون، فهو اتفاق 57% من السكان على أنهم يفضلون “العيش تحت سيطرة داعش بدلاً من سيطرة الأسد”، فيما رأى 62% أنه “من المحتمل جداً” أن تزيد “داعش” من سيطرتها على المنطقة مرة أخرى في الأشهر المقبلة، ما يعني أن “هزيمة” داعش كانت عسكرية أكثر مما هي أيدولوجية، كما يرجح التقرير.

لن ننسى ولن نسامح: السوريون يطالبون بالعدالة/ كريستيان بندكت

يكتب كرستيان بنديكت من منظمة العفو الدولية عن شجاعة الناشطين السوريين وألمهم، وسط استمرارهم في النضال في سبيل إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين. حيث لا يزال آلاف الأشخاص مفقودين في السجون السورية، ولا تعرف عائلاتهم مكان وجودهم ومصيرهم. مع وصول الحرب في سوريا إلى نهايتها، يحاول هؤلاء الناشطون اللجوء إلى نظام العدالة الأوروبي لمحاسبة الجناة، كما يتابعون بمثابرة حملتهم لإطلاق سراح جميع الأسرى كشرط لأي تسوية سياسية في المستقبل.

ريثما كنّا ننتظر البدء باللقاء، بدا جليًا على وجوههم الأسى وعدم حصولهم على أجوبة نهائية عن مصير أحبّائهم. فدوى ومريَم وأحمد ومهى وخالد ودياب ورياض وبيان وعلاء من السوريين الناجين من التعذيب أو الإخفاء القسري أو الذين اختفى أحبّاؤهم أو عُذّبوا بسبب نشاطهم في مجال حقوق الإنسان.

لا يمكنني تصوّر العذاب الذي عاشوه وتعايشوا معه يوميًا. سواء كنت تجهل مكان وجود ابنك أو زوجك أو أسلوب معاملتهم، أو كنت عاجزًا عن استعادة السنوات الضائعة في زنزانات بشار الأسد ومخيّمات الموت، حالة اليأس هي هي.

لم أستطع التوقّف عن التحديق في مريَم خلال اللقاء. أحيانًا، كنت أشعر أنّها غير حاضرة بما فيه الكفاية بينما كنّا نناقش إستراتيجيات وتكتيكات للعام القادم. ربّما كانت تتذكّر إطعام ابنها أو وضعه في فراشه أو توديعه قبل ذهابه إلى المدرسة أو إلى مظاهرة.

على الرغم من مشاعر الاكتئاب والحزن البادية على وجوههم، الملفت في الناس الجالسين حول هذه الطاولة في أعماق الريف الهولندي هي رغبتهم الملحّة في التوصّل إلى حلّ ملموس لتحقيق العدالة ولمعرفة مصير أحبّائهم. يشكّلون شبكة تُعتبر في جزء منها شبكة عناية ذاتية، وفي جزئها الآخر مجموعة قوية مؤيّدة لإطلاق سراح السجناء السياسيين السوريين ولتحقيق العدالة لجميع السوريين.

يمثّل كلّ مشارك منظمة مختلفة تجتمع في سبيل غاية مشتركة. في الاجتماع ممثّلون عن منظمات عائلات من أجل الحرية، ورابطة عائلات قيصر، وجمعية تعافي، ورابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا. كما أنّهم يطوّرون ميثاقًا لدعم الضحايا وخلق استراتيجيات لمناصرة العدالة الحقيقية. يريدون العقاب المناسب للأشخاص العاملين مع نظام الأسد وممكّنيه الذين تسبّبوا بمآسي السوريين من خلال سياسات الإخفاء والتعذيب والإعدام المتعمّدة.

(صورة تجمع عددا من المعتقلين والمختفين والمغيبين قسرا، منهم من هو معتقل لدى النظام السوري ومنهم من خطفته المجموعات الإسلامية المسلحة)

لن تُنسى هذه الفظائع الجماعية ولن تُسامَح، ويحرص الناشطون السوريون المدافعون عن حقوق الإنسان مثل الموجودين هنا اليوم على ذلك. إنّها معركة طويلة لا يُسمح للأسد أن يربحها. سيعني “النصر” من خلال التطبيع أنّ هجوم الأسد الممنهج والمنظّم ضدّ المدنيين سيُطبّع أيضًا. لا أحد هنا مستعدّ للسماح بذلك.

لا تتعلّق هذه المبادرة فقط بكشف الحقيقة أو معاقبة المعذّبين وممكنّيهم، وإنّما ترمي إلى معرفة أشخاص مثل مَريم وفدوى وأحمد والباقين مصير أحبّائهم لبلسمة عذابهم اليومي، حتى ولو قليلًا.

صحيح أنّ بعض الأشخاص فقط موجودون هنا، لكنّهم يمثّلون مئات الآلاف من السوريين، ويحملون جراحهم ومطالبهم وصدماتهم.

من الخطأ الفادح، لا بل من الوهم، الاعتقاد بأنّ إرساء “الاستقرار” أو السلام في سوريا ممكن في غياب تطرّق مجدٍ للمظالم المتجذّرة ولجهل هؤلاء النشطاء الشجعاء ومئات آلاف السوريين مصير أحبّائهم.

على مدى عقود، شكّل الإفلات من العقاب لجرائم حقوق الإنسان أحد الأسباب الرئيسية للأزمة المتفاقمة منذ 2011. بعد كلّ هذه السنين، لا تزال هذه القضية تغذّي الأزمة السورية.

على حدّ قول مَريم وغيرها، المعادلة بسيطة جدًا على مستوى ما: لا تتوقّعوا السلام أو “الاستقرار” في سوريا في غياب العدالة لهم وللآلاف. تشهد سنوات على ذلك.

مدير الحملات لدى منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، قسم الاستجابة للأزمات والتكتيكات. يهتمّ خصوصًا بالشأن السوري كما يعمل في منطقة الشرق الأوسط/شمال أفريقيا. تويتر: KreaseChan

حكاية ما انحكت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى