الظلام لوحة ساكنة وقصائد أخرى قصيرة جداً/ بينغ شين
كيف بوسعك أن تسمع،
حديث النجوم الكثيرة المتلألئة،
في رحاب سماء ذات زرقة داكنة؟
فهم يتبادلون المديح والثناء،
وسط الصمت،
والضوء الخافت.
***
على مرمى مساحة شاسعة متماوجة،
بجوار جزيرة معتمة،
صعد القمر،
فهنا، بداية ميلاده،
ومكان فنائه.
***
كم يبدو الظلام
لوحة ساكنة؟،
فهو كامن في أعماق الروح،
وأغوار الكون،
وأماكن سكينة النور الساطع.
***
المرآة،
تعكس ما أمامها،
لكن لو شعرت بعدم الارتياح،
فمن الأفضل أن تديرها وتمضي.
***
على الأغصان الكثيفة أزهار ناضبة،
انطلق عصفور ضارباً بجناحيه،
فتناثر لونها الأحمر وغمر الأرض،
أليست الحياة أيضاً لمحة خاطفة مماثلة لذلك المشهد؟
***
الأحلام هي الأصدق على الإطلاق
بوضوح وجلاء،
تخبرك،
عما كمن بروحك من أفكار وهموم مبهمة.
***
يا بشر!
تبادلوا المحبة،
فكلنا مسافرو رحلة طويلة،
متجهين صوب نهاية واحدة.
***
كلنا أبناء الطبيعة،
مستلقين في مهد الكون.
***
أيها الشباب!
اجتهدوا في رسم لوحة حاضركم بعناية،
من أجل ذكريات المستقبل.
***
نور الروح،
يلمع في السكون،
ويخمد في الصخب.
***
الموت،
هو منتهى الصمت،
وكذلك راحة أبدية.
***
أشواك الورد،
كراهية لقاطفها،
ومصدر طمأنينة لذاتها.
***
ما يخلق أرضاً جديدة،
ليست تلك الأمواج المتلاحقة،
ولكن حبيبات الرمال الراكدة تحتها.
***
أيتها العشبة الهشة!
فلتشعري بقدر من الفخر،
فوحده انتشارك واسع المدى قد زين العالم.
***
الشُهب،
تتدفق في الفضاء،
قد تكون لحظة تأملها قصيرة،
ولكن نورها الخاطف يستقر،
مطولاً في أعماق قلب المرء.
***
القلب الساكن،
بوسعه دائماً خلق عالم أعمق وأدق،
تحت أي ظروف.
***
أيتها الرياح!
لا تطفئي الشمعة التي أمسك بها،
فلا يزال بيتي في نهاية ذلك الطريق المعتم القصي.
***
أيها الشاعر!
فلتبق صامتاً.
إن افتقارك للوحي
في حد ذاته جمال مطلق.
***
العيش في فراق،
أيام ضبابية…
أما الوداع الأبدي،
أزهار شاحبة متساقطة.
بينغ شين (1900- 1999) واحدة من أهم الكاتبات الصينيات في العصر الحديث، روائية، وشاعرة ومترجمة. بدأت قراءة الأدب الصيني والعالمي وهي في السابعة من عمرها. عام 1923 تخرجت في جامعة يان بالصين، ثم أكملت دراستها في أميركا بكلية ويليسلي، وتخصصت في دراسة الأدب الإنكليزي، لتعود بعد ذلك وتعمل بالتدريس في الصين. توجهت بينغ شين فيما بعد إلى أدب الطفل. لها إنتاج غزير من الأعمال بين رواية وشعر ونثر وترجمات… إلخ. ولا يمكن إغفال ذكر أنها قامت بترجمة كتاب “النبي” لجبران.
ترجمتها عن الصينية: مي عاشور